جهـاد المـرأة
للشيخ: سلمان العودة.
إن المرأة المسلمة لها مكانتها في الإسلام لذلك فقد جعل الإسلام المرأة شقيقة الرجل في التكاليف والواجبات، من ذلك الجهاد في سبيل الله، فكما أن على الرجل أن يجاهد بنفسه وماله، كذلك على المرأة أن تجاهد بمالها، إن كان لها مال، لذلك فقد تحدث الشيخ حفظه الله عن جهاد المرأة، وبين أن عليها أن تنفق في سبيل الله؛ إن كانت تملك مالاً، وذكر الشيخ صوراً من معاناة المسلمين في الهند وفي البوسنة والهرسك حتى تتحمس المرأة المسلمة للإنفاق في سبيل الله.
الدعوة إلى الخير والإنفاق:
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه الذين قضوا بالحق وبه كانوا يعدلون، وسلم تسليماً كثيراً.
هذه الليلة الثانية ضمن حديثي عن بعض الموضوعات التي تمس المرأة من قريب أو من بعيد، وهي في هذه الليلة ليلة الجمعة الخامس من شهر رمضان من عام (1413هـ).
أيها الأحبة...
أستهل حديثي بذكر طرفة وقعت في الأمس، فقد جاءني أحد الإخوة الشباب ومعه طفل له ولم يتجاوز الحادية عشرة من عمره، ومع هذا الطفل ما يزيد على ألف ريال، قال: هذه للمسلمين في البوسنة وبعضها لصالح مشروع تفطير صائم، وقد كان هذا الطفل المبارك -إن شاء الله تعالى- يواصلني بين حين وآخر بمبالغ طيبة من المال، جمعها من المحسنين لصالح إخوانه المسلمين، وقال لي والده وهو يبتسم: إنني أربي ولدي على أن يكون شحاذاً للمسلمين، نعم! شحاذ ولكن للمسلمين، وشتان شتان بين هذا وبين غيره.
النهي عن سؤال الإنسان:
لقد جاءت النصوص النبوية الكثيرة -أيها الإخوة أيتها الأخوات- تنهى عن أن يسأل الإنسان الناس لنفسه، حتى ذكر النبي صلى الله عليه وسلم كما في الصحيح: {أن المسألة تأتي يوم القيامة، وهي خموش أو خدوش في وجه الإنسان الذي يسأل تكثراً} يسأل وعنده ما يكفيه ويغنيه، فتأتي مسألته يوم القيامة خدوشاً أو خموشاً في وجهه، حتى إن منهم من يأتي يوم القيامة وليس على وجهه مزعة لحم، فهؤلاء الذين يسألون تكثراً، ويسألون إلحافاً وإلحاحاً، ويسألون وعندهم ما يغنيهم، إنهم على أحسن الأحوال، يعرضون على الناس همومهم الخاصة، وحاجاتهم الشخصية ومتطلباتهم الذاتية.
سؤال من أجل المسلمين:
شتان بين هؤلاء، وبين من يطلبون من الناس لا لأنفسهم ولا لذواتهم، بل هم عن ذلك كله بمعزل، وإنما يسألون الناس لإخوانهم المسلمين، فهم أدلاء على الخير، دعاة إلى أبوابه، يعملون على هداية الناس إلى ما ينفعهم، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم كما في حديث أبي هريرة وهو في صحيح مسلم: {من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه من غير أن ينقص من أجورهم شيء}.
فهؤلاء الذين يدعون الناس إلى الخير وإلى مشاريع الخير وإلى أعمال البر؛ إن لهم من الأجر مثل أجور أولئك الذين انتفعوا بدعوتهم واستجابوا لندائهم، وشاركوا في أعمال الخير بسببهم، بل إنني أقول: إن الرسول صلى الله عليه وسلم قام بشخصه الكريم بمثل هذا العمل النبيل الجليل.
ففي صحيح مسلم، من حديث جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه: {أن قوماً من مضر جاءوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم متقلدي السيوف والعباءة، مجتابي النمار، فقراء جياع، حتى تمعَّر وجه النبي صلى الله عليه وسلم لما رآهم، وقام على المنبر، فقال عليه الصلاة والسلام: تصدق رجل من ديناره من درهمه، من صاع بره، من صاع تمره، حتى قال صلى الله عليه وسلم: ولو بشق تمرة، فجاء رجل بصرة كادت يده تعجز عنها، بل قد عجزت، وجاء آخر بصاع تمر، وجاء آخر بصاع بر، حتى رأى الصحابي رضي الله عنه أكواماً من الطعام، ورأى خيراً كثيراً من الذهب والفضة، فتهلل وجه النبي صلى الله عليه وسلم، وقال: مَنْ سَنَّ في الإسلام سُنَّةً حسنة، كان له أجرها وأجر مَنْ عمل بها من بعده إلى يوم القيامة، من غير أن ينقص من أجورهم شيء، ومَنْ سَنَّ في الإسلام سُنَّةً سيئة، كان عليه وزرها ووزر مَنْ عمل بها من بعده إلى يوم القيامة، من غير أن ينقص من أوزارهم شيء}.
فطوبى لك أيها الأخ المسلم، ولك أيتها الأخت المسلمة، إذا كنتم مفاتيح للخير، سارعتم إلى الإنفاق، وأعلنتم بالصدقة؛ فامتثل الناس وأسرعوا، وسننتم بذلك سنة حسنة، قال تعالى: "إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ" [البقرة: 271] طوبى لكم إن كنتم دعاة إلى الخير، تفتحون للناس أبوابه، وتحرضونهم عليه، وتحثونهم على فعله، فيفعل الناس؛ فلكم أجركم وأجر من عمل بذلك بسببكم.
وتجارة لن تبور:
أيتها الأخت الآتية إلى بيت من مساجد بيوت الله، الجالسة تستمعين ذكر الله، نحن نعرف ظروفك، فأنت أم لمجموعة من الشباب الموظفين رواتبهم كثيرة طيبة وهم أهل بر وإحسان، فكل واحد منهم يسارع أن يسبق الآخرين إلى تحصيل رضاك، وفي مطلع كل شهر هم يأتونك بمبالغ طيبة من المال، يمسحون بها خاطرك، ويبحثون بها عن مرضاتك، فتأخذين هذا المال وتحتفظين به، ثم إنك ربما سمحت به خواطر بعض الأطفال؛ فتشترين لهم بعض الحلوى، وبعض المبالغ اليسيرة، وبعض أنواع المأكولات، تعطينها لهؤلاء الأطفال، حتى تحظي منهم بابتسامة أو بدعوة، أو بكلمة جزاك الله خيراً، أو برضا أهليهم ولا حرج عليك في ذلك، ولكن ينبغي أن تدركي -أيضاً- أن هناك من هو أحوج إلى أن يسمح خاطره، وتطيب نفسه ويزال ما يعاني من الهم والفقر اللأواء والجوع. ونعرف أن أختكِ التي تجلس إلى جوارك في هذا المسجد المبارك، أنها هي الأخرى أرملة لفلان بن فلان الغني الكبير الذي مات عنها وترك أموالاً طائلة؛ فورثت بعده هذا المال أو جزءاً منه، وهي لا تدري فيما تنفق هذا المال، وربما صرفته في غير وجوهه، أو على أحسن الأحوال، ادخرته لنفسها، فهل تظنين أن لك عمراً آخر سوف تنفقين فيه هذا المال؟ كلا.
إن مالك هو ما قدمت ومال وارثك ما أخرت:
أما أختك الثالثة، تلك التي تقبع وراءً، فنحن -أيضاً- نعرف طرقها فهي مدرسة تستلم في نهاية كل شهر ما يزيد على عشرة آلاف ريال، ونعلم أنها تغير أثاث منـزلها كل سنة، وأنها تخرج أحياناً إلى السوق في شهر رمضان وفي غيره، فتشتري ألواناً من الملابس والفساتين، وبعض متطلبات المنـزل،وبعض الأواني، ثم تُهدي ما كان عندها من الأشياء إلى جيرانها وأقاربها ومعارفها ونعلم أن أهون شيء عليها؛ أن تشتري فستاناً بألف ريال أو ألفي ريال ثم تكتشف بعدما تعود إلى المنـزل؛ أنه طويل أو قصير أو ضيق أو لونه غير مناسب، ثم لا ترجعه إلى صاحب الدكان، وإنما ترمي به وتقول الأمر هين والخطب يسير، وبدله غيره. لماذا؟ لأن عندها هذا المال الكثير، الذي لا تكلف بإنفاق شيء منه، إن زوجها مطالب شرعاً حتى بتأمين الطعام الذي تأكله، واللباس الذي تلبسه، والشراب الذي تحتاجه، والحذاء الذي تنتعله، وكذلك ما يتعلق بأطفالها وأولادها، ولذلك كان هذا المال الكثير الذي تستلمه، كان زيادة لا تدري كيف تصرفه.
وأحسن من هذا تلك الأخت الأخرى، التي تحتفظ بالمال، أو تنفقه في وجوه مباحة، أو تعمل على أن تزيد المال من خلال المضاربات التجارية والمساهمات المباحة، ونقول لهذه الأخت وتلك وللثالثة: أمامكن ذلك المجال الخصب العظيم: للإنفاق في سبيل الله، إن هذا المال مهما ربي، فإنه يكسب (100%) على أحسن الأحوال، ولكن أمام الأخوات جميعاً تلك المساهمة الكبيرة العظيمة الريال بسبعمائة ريال، إنه في سبيل الخير، وإنها المسابقة في الطاعات، إنها المتاجرة مع الله: "مَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ" [البقرة: 261].
إنه الربح العظيم، والتجارة التي لا تبور، وإذا كانت مشاركتكن -أيتها الأخوات- في أعمال الدنيا قد تخسر وقد تربح، فإن المشاركة والمتاجرة مع رب العالمين ربح مضمون، وليس فيه شائبة ربا ولكنه حلال وأجر وبر وذخر، عند من لا يضيع عنده شيء، فأين المتسابقون والمتسابقات؟ وأين المتنافسون والمتنافسات؟ أيتها الأخوات الكريمات، أقلكن من تملك مقداراً من المال، ومن تدَّخرُ شيئاً منه لمقبلات الأيام، فلماذا لا تسرع الأخت بالإنفاق، وتدرك أن رزق اليوم يأتي به الله عز وجل، ورزق غدٍ يأتي معه؟ كل يوم له رزقه الخاص، وعلى العبد ألاَّ يحمل هم غد تقول سكينة بنت الحسين: سهرت أعين ونامت عيون لأمور تكون أو لا تكون إن رباً كفاك ما كان بالأمس سيكفيك ما غداً سيكون.
الأمل في النساء للإنفاق في سبيل الله:
أيتها الأخوات، لقد جربنا حظنا مع أولئك الرجال؛ فوجدنا أن منهم المنفق والقابض يده بالصدقة، ووجدنا أن الواحد منهم كلما زاد ماله، زادت همومه وشئونه، وكثرت مشاريعه، وقال: اليوم أريد أن أبني العمارة، وغداً المزرعة، وبعد غدٍ المضاربة وبعد ذلك عليه ديون، وأخيراً ما عنده سيولة، ثم هو يلتمس المعاذير ويخرج منا يميناً وشمالاً، جربنا حظنا مع أولئك الرجال؛ فاليوم نريد أن نجرب حظنا مع الأخوات الكريمات من النساء، ليس في هذا اليوم فحسب، بل وفي كل يوم، أن يكنَّ من المسارعات في سد الخلة، وإعانة المحتاج، وإغاثة الملهوف، وإطعام الجائع، وكسوة العاري، وتطبيب المريض والعائل، ودفن الميت.
أيتها الأخوات الكريمات:
كل ذلك يحتاج إلى المساهمة والمسارعة، وقد ذكرت لكن بالأمس نماذجاً حرصت على أن تكون من معاناة أخواتكم من النساء سواء في كشمير أو في الهند أو في البوسنة والهرسك، أو في غيرها من البلاد، وذلك حتى تدرك المرأة؛ أن أخواتها وبنات جنسها يعانين مثل هذه الآلام، وأنهن بحاجة إلى الريال قبل العشرة، والعشرة قبل المائة، والمائة قبل الألف مما تملكه الأخت الكريمة.
صور من معاناة المسلمين (مشاركة شعرية):
لقد ذكرت لكم أمس، جزءاً من معاناة المسلمين الصعبة العسيرة، الموجودة في كثير من البلاد، هأنا اليوم أنقل هذه المعاناة بصورة أخرى، عبر كلمات منظومة شعرية، جادت به قريحة أحد الشعراء وهو الدكتور محمد بن ظافر الشهري، تعقيباً على مصاب المسلمات والمسلمين، الذي ذكرت بالأمس طرفاً منه:
يقولان رفقاً بجسمي الرقيق فعيناك تهمي وفي الصدر ضيق
وتحيا أسيراً لِحرِّ الأسى وإن كنت تبدو كحر طليق
وقالا دع الهم أو بعضه ولم يعلما أنني لا أطيق
فكيف السبيل إلى ضحكة وليس يقهقه صدر الخليق
أنضحك والهدم في البابري ومن قبل في القدس شب الحريق
وفي طاجكستان قتل لنا على القتل في سراييفو يفوق.
قتل المسلمون في طاجكستان، أكثر من مائة ألف مسلم قتيل، وعندي صورهم، ولولا حرمة المسجد؛ لأحضرتها لكم، مائة ألف مسلم قتلوا خلال أقل من شهر على يد الشيوعيين الذين تدخلوا في طاجكستان، كما تدخلوا في أفغانستان، وحاربوا المسلمين وألقوا بجثثهم في نهر جيحون، حتى صار النهر ماءً أحمراً من دماء المسلمين، وأما الذين هربوا إلى الأدغال والغابات فقد أنـزلوا عليهم إنـزالا مظلياً، ولاحقوهم وتتبعوهم بالرصاص، حتى قتلوا منهم مقتلة عظيمة، أما الذين هربوا من هذه النيران والحروب، فهم يزيدون على ثلاثمائة ألف مسلم بين الرجال والأطفال والنساء وكثير منهم ذهبوا إلى أفغانستان، المشغولة بهمومها، المنهمكة في مشاكلها الخاصة.
وفي طاجكستان قتل لنا على القتل في سراييفو يفوق
ويذبح راموس إخواننا على أرض مورو وما من شفيق.
في الفلبين هجمات شرسة من جيشهم على المسلمين في المناطق الجنوبية:
وفي مقديشو تسال الدماء ليصنع منها لسان الغبوق
وبث الصليب رجالاته برغم الخلافات عند الرفيق
وفي إرتيريا وجاراتها ليخنقنا سام عند المضيق
وكشمير والهند لا تسألا عن الهتك فيها لشعب عتيق
فكم حرة مزقوا ثوبها ووالدها مثخن والشقيق
ألم تسمعا أهل أبخازيا عشية نادوا نداء الزعيق
أيا عرب اللسان فلتنفروا فإن التواني بكم لا يليق
فما بعث القوم منا سوى غطيط فهم في سبات عميق
وماذا يؤمل من ملأٍ أضلوا وضلوا سواء الطريق
ومنهم مولون شطر الغروب ومنهم مولون شطر الشروق
ويرجم فينا دعاة الهدى ويكرم فينا دعاة الفسوق
ومتهمٌ كل ذي لحية من العرب بل والتقي الخليق
فأي الفريقين أأبخازيا أم العرب أولى بعون المطيق
هما كالغريقين في لجة فكيف يعين الغريق الغريق
خليلي حل بإخواننا من الظلم ما لا يسر الصديق
أذيقوا من الذل ألوانه فهل نتضاحك حتى نذوق
وحتام نسفل في همنا وأعداؤنا همهم في سبوق
ونشرب من قيء أعدائنا وإسلامنا فيه أحلى رحيق
وتبقى هتافات أبنائنا تعيش النجوم يعيش الفريق.
هذه همومنا لا تتجاوز الكرة أو الفن.
وتبقى هتافات أبنائنا تعيش النجوم يعيش الفريق
وتبقى وسائل إعلامنا لنشر الرذيلة والزور بوق
ونغمس في الفن أولادنا لتخرج معشوقة أو عشيق
إذا زرع الفسق في نسلنا فهل نتوقع غير العقوق
ومن كان عبداً لأهوائه ستهوي به في مكان سحيق
عجبت لمن سار نحو الهوى كسير الفراشات نحو البريق
وإسلامنا فيه تمكيننا وفيه ننال جميع الحقوق
فؤادي يخفق من حبه فتسري محبته في العروق
فهيا نحيي به أنفساً وإن لم يشأ كل نذلٍ صفيق
نجادل بالحق كل الورى ولا نرم من أسلموا بالمروق
خليلي سيرًا على منهجي على منهجٍ سلفي عريق
وكفا عن اللوم ولتحملا معي الهم أو فاتركاني أفيق.
أيها الإخوة والأخوات؛ إننا لا نتحدث في مثل هذه القضايا؛ لمجرد أن نثير الهموم والأحزان، ولا أن نـزجي وقت الفراغ، فإن الوقت ثمين وخاصة في هذا الشهر الكريم، ولكنني أشعر أننا وأنكم جميعاً بأمس الحاجة إلى من يحرك ساكن قلوبكم، وقلوبكن -أيتها الأخوات- بشكل خاص؛ لتتعاطفوا مع مصاب إخوانكم المسلمين وأخواتكم المسلمات.
فضل الصدقة:
ومن المعلوم أن النبي صلى الله عليه وسلم خطب النساء كما في الصحيحين، من حديث ابن عباس: فوعظهن وذكرهن وقال: {يا معشر النساء! تصدقن ولو من حليكن؛ فإني رأيتكن أكثر حطب جهنم، فقامت امرأة منهن سفعاء الخدين، فقالت: لِمَ يا رسول الله؟ قال: لأنكن تكثرن الشكاة، وتكفرن العشير، لو أحسنت إلى إحداهن الدهر كله ثم رأت منك شيئاً قالت: ما رأيت منك خيراً قط} ففي هذا الحديث، أمر النبي صلى الله عليه وسلم المسلمات بالصدقة: {تصدقن يا معشر النساء ولو من حليكن} فإذا لم تجد المرأة ما تتصدق به فلتخرج من حليها، من حليها الذي في يدها أو على صدرها، أو قرطها الذي في أذنها، أو خلخالها الذي في رجلها، أو محزمها أو من حليها الذي تحتفظ به في بيتها.
فإن هذه الصدقة من أعظم وأهم أسباب النجاة من عذاب النار، ولهذا قال: {تصدقن فإني رأيتكن أكثر حطب جهنم} فدل على أن الصدقة من أعظم أسباب الوقاية من عذاب النار، ومن أهم أسباب النجاة من السعير، ومن أهم أسباب دخول الجنة، والمرء في ظل صدقته يوم القيامة ذكراً كان أو أنثى. فعلى المرأة المسلمة أن تساهم في الصدقة، وإنني أسأل الله تعالى لكل أخت مسلمة، جادت يدها بما تستطيع، أن يجعل الله تعالى ما جادت به رفعة في درجاتها، وطولاً في عمرها، وصحة في بدنها، وسعادة في قلبها، وصلاحاً في ولدها، وعافية لها، ورفعة في درجاتها عند الله تعالى يوم القيامة، ونجاة لها من عذاب السعير، اللهم آمين اللهم آمين.
دعوة للرجال إلى الإنفاق في سبيل الله:
وإذا كنت أقول هذا للأخوات المؤمنات؛ فإني أقوله لكم أنتم أيها الرجال، يا أصحاب الأموال، يا أصحاب الأرصدة في البنوك، يا أصحاب المرتبات، أقوله لكم: أنتم بالذات، يعرف الواحد منكم كيف يوفر المال، ونحن ندري أن الواحد منا يعطي طفله في المدرسة الابتدائية يومياً، خمسة ريالات -أي في الأسبوع ما يزيد على خمسة وثلاثين ريالاً- فإذا كان عندك أربعة أطفال، فإنك تعطيهم أسبوعياً مائة وخمسين ريالاً، هذا للمقصف المدرسي فقط، أما لملابس المدرسة والملابس الرياضية، والأحذية، والأدوات المدرسية، والحاجيات والترفيه والمناسبات والأعياد والأسفار، فهذا شيء كثير، فلماذا ما تأتي إلى الحسابات إلا إذا طالبناك بالصدقة والإنفاق والبذل؟! لا يا أخي، نحن لا نطالبك بمالك، لكن نطالبك بمال الله عز وجل، قال الله تعالى: "وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ" [النور: 33]، وقال تعالى: "وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ" [الحديد: 7]، نحن نعلم أنك تعبت أنت تعبت في جمعه وفي تحصيله، وبحمد الله هو من حلال ولله الحمد والمنة ولا نلومك على حبه فالله تعالى يقول: "وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ" [العاديات: 8]، "وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبّاً جَمّاً" [الفجر: 20].
لا نلومك على ذلك، لكن إنفاقك لهذا المال هو معيار صدقك وإخلاصك، ودليل إيمانك، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم كما في حديث أبي مالك الأشعري وهو في صحيح مسلم: {والصدقة برهان}، إن إنفاقك للمال دليل على استعلائك عن الدنيا، وعلى حب المال، وعلى أن الإيمان بالله، والرجاء فيما عنده، والأمل في الدار الآخرة؛ أقوى في قلبك من محبة المال، وأقوى في قلبك من وسوسة الشيطان قال تعالى: "الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلاً وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ" [البقرة: 268]، فأنفق يا أخي ولا تخش من ذي العرش إقلالاً.
ما نقص مال من صدقة:
أتريد أن أخبرك، وأنتِ يا أختُ أتريدين أن أخبرك، الله سبحانه وتعال يقول: {يا ابن آدم أنفق، أُنْفِقْ عليك}، والله لا يضيع منك قرش ولا ريال إلا ويعوضك من بيده خزائن السماوات والأرض خيراً مما أنفقت في الدنيا وفي الآخرة، صاحب الحديقة -كما جاء في صحيح مسلم- ملك خاص يبعث إلى السحابة في السماء، ويقول لها: يا سحابة، أمطري على حديقة فلان بن فلان، فإذا توسطت السحابة من هذا البستان؛ أفرغت ما فيها من الماء، والحدائق عن يمينها وشمالها ما أصابتها قطرة، فيأتي رجل إلى فلاح بسيط يسوي الماء بمسحاته، ويقول له: ما اسمك؟ قال: اسمي فلان بالاسم الذي سمعه في السحابة، فيقول: وما شأنك بي؟ قال: إني سمعت صوتاً في السحاب، يقول: أسق حديقة فلان، فماذا تصنع بمالك؟ هل هو يصنع معجزة؟! لا، الأمر يسير قال: هو ما رأيت، أنا أقسم المال إلى ثلاثة: ثلث أتصدق به، وثلث آكله أنا وأولادي وثلث أعيده في هذه الحديقة، فالأمر يسير، لا تضر بدنياك ولا تضر بآخرتك.
الاهتمام بمأساة الأمة أولى من الاهتمام بمأساة فردية:
أيتها الأخت المسلمة، نحن نعلم أنه يأتيك في منـزلك، أو حتى في المسجد، امرأة تقول: إنها محتاجة، وأم أطفال، وأيتام، ومسكينة، وليس لديها مال، وعليها ديون، وليس في بيتها ما تأكل.
والواقع أن مجتمعنا -بحمد الله- مهما وجد فينا من الفقراء، إلا أنه في الجملة -خاصة في المدن- وضعه جيد، هناك مناطق نائية في غاية الفقر وفي غاية الجوع لا يجدون قوت اليوم، لكن في المدن الكبيرة، وخاصة أولئك الذين يطرقون الأبواب، ويأتون إلى البيوت، ويتعرضون للناس، غالبية هؤلاء في خير، وعلى فرض أنهم محتاجون؛ أفنقيس المأساة الفردية بمأساة الأمة؟ مصاب هذه المرأة أو ذلك الرجل، مصاب فرد واحد، أو بيت واحد، أو أسرة واحدة، لكنك الآن وأنتِ أيتها المسلمة، أمام مصيبة أمة بأكملها، برجالها وبنسائها وبأطفالها، أمة لا ينقصها إلا المال.
الأمة لا ينقصها إلا المال:
يوجد في البوسنة، مائة ألف مجند، مستعدون أن يموتوا في سبيل الله، مستعدون أن يقاتلوا حتى آخر قطرة من دمائهم، وهذا العدد الكبير بإمكانه بإذن الله تعالى أن يحرر كل أراضي البوسنة من أيدي أعداء الإسلام، ولكن يمنعهم من ذلك أنهم لا يملكون السلاح، وهذا العدد الكبير -أيضاً- يحتاج -على أقل تقدير- ألف داعية، أي: بمعدل داعية واحد لكل مائة رجل، أو مائة داعية بمعدل داعية واحد لكل ألف رجل، لكن مائة داعية، يتطلبون مرتباً شهرياً قدره -على أقل تقدير- خمسين ألف ريال، فمن هي الجهة وما هي الدولة أو المؤسسة التي تعطيهم السلاح، وتعطيهم الإغاثات الإسلامية وترسل إليهم الدعاة؟!
أهل السنة هم أولى بالبذل والعطاء:
يؤسفني أن أقول بذلت الشيعة والرافضة في ذلك شيئاً كثيراً، أما أهل السنة فما زالوا مترددين، وما زالوا يقبضون أيديهم، وما زالوا إذا أعطوا اليوم لم يعطوا غداً، ويقولون: طالت المسألة، نعم طالت وستطول، وإذا انتهت مأساة المسلمين في البوسنة ومأساتهم في طاجكستان، ومأساتهم في فلسطين، ومأساتهم في مصر، ومأساتهم في الجزائر، ومأساتهم هنا فسوف تقوم مآسٍ ومآسٍ أخرى للمسلمين، وهذه سنة الله: كتب القتل والقتال علينا وعلى الغانيات جر الذيول.
دعوة للإنفاق في سبيل الله:
إنها سنة ماضية، وأهل هذا الدين مبتلون ومختبرون، فعلينا -أيها الإخوة وأيتها الإخوات- أن نفزع مع إخواننا المسلمين، وأن نصدق الله تعالى، وألا نمل ولا نكل ولا نحتقر شيئاً مهما قل؛ فإن الصدقة يربيها الله تعالى للإنسان، كما يربي أحدنا فلوه، حتى تكون كالجبل العظيم، أو تحسد نفسك الخير والمعروف والبر والجود؟ والله تعالى يقول: "وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلِأَنْفُسِكُمْ" [البقرة: 272].
فيا أيتها الأخوات المؤمنات -وأنا إذ أنادي النساء خاصة فإني أريد أن أثير حمية الرجال أيضاً- يا أيتها الأخوات المؤمنات تصدقن ولو من حليكن، كما قال لَكُنَّ الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم الناصح الأمين: {تصدقن ولو من حليكن، فإني رأيتكن أكثر حطب جهنم}، ويا أيها الرجال، إذا بذلت النساء، وتخلت المرأة المسلمة عن ساعتها أو عن قرطها، أو عن شيء من حليها، أفتعجز أنت أن تتخلى عن جزء من مرتبك أو رصيدك، في سبيل الله تعالى، إن المحروم مَنْ حُرِمَ هذا الخير، خاصة في هذه الأيام المباركات، والساعات التي يرجى أن تضاعف فيها الحسنات، وتقال فيها العثرات، وتكفر فيها السيئات.
فأسأل الله تعالى أن يجعلنا وإياكم جميعاً ممن أسرعوا إلى الخيرات، وسابقوا إليها فكانوا لها سابقين، إنه على كل شيء قدير، والحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على عبده ورسوله محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
أهمية الحديث عن المرأة:
حمداً لله تعالى حمداً، وشكراً له شكراً، على ما أنعم ووفق وهدى ويسر، هو أهل التقوى وأهل المغفرة، كنت قد وعدتكم أيها الإخوة والأخوات، أن أتحدث إليكم هذه الليلة والليلة القابلة، عن موضوع المرأة، وقد جرت عادة الناس أن يظنوا أن الحديث عن المرأة لا يعدو الحديث عن ثيابها فإن تجاوز ذلك فإلى شعرها، وقد ظن الظانون أن المرأة لا تعدوا أن تكون ديكوراً أو هنداماً يعتني بتزيينه وتحسينه فحسب، ونسوا الجانب الإيماني في المرأة، الجانب التكليفي الجانب الشرعي الذي جعل المرأة مع الرجل على قدم المساواة في أصل التكليف فما كلف به الرجل كلفت به المرأة، وما حرم عليه حرم عليها، هذا هو الأصل إلا ما استثني قال تعالى: "فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ" [آل عمران: 195].
اهتمام أعداء الدين بإفساد المرأة:
لقد وجد اليوم في مجتمعات المسلمين كلها -وبدون استثناء- جمعيات، ومؤسسات، وشركات، وجامعات، ومدارس، تهتم كيف تُدَرِّب المرأة على الغناء، أو على الرقص، أو على أساليب الإغراء والفتنة والإثارة، وتحويل المرأة إلى مجرد متعة يعبث بها الرجل، ويلهو ويقضي وقت فراغه، أو يزيل السأم والتعب عن نفسه، وبذلك حولوا المرأة إلى دمية ولعبة "وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً" [الكهف: 104].
ويظنون أنهم بذلك يعملون شيئاً، ويزوقون هذا العمل بألفاظ مثل: تحرير المرأة، وإخراج المرأة من تسلط الرجل، والواقع أنهم أخرجوها من عناية الأب الحنون، أو من غيرة الزوج المشفق، إلى عبث الأجنبي البعيد الغريب، الذي لا يهمه من المرأة إلا أن تكون زهرة تقطف أو تشم، ثم يلقي بها بعيداً عن وجهه.
التلفاز والمرأة:
أيها الأحبة: نظرة سريعة إلى الإعلام اليوم، وأنا مضطر إلى تجاوز الكثير لضيق الوقت، لقد كان الإعلام منذ سنوات ليست بالبعيدة، إذا احتاج إلى أن يقدم صورة المرأة على شاشات التلفاز للطبخ -مثلاً- فإنك لا ترى من المرأة إلا كفيها وهي تقوم بعملية الطبخ، كانت هذه هي البداية، لكن ما هي النهاية؟ لا أحد -إلا الله- يدري ما هي النهاية؛ لأن النهاية ما تأت بعد.
ولكننا نستطيع أن نعرف ما هو الواقع الذي نعيشه الآن، البارحة وبالذات ليلة الأربعاء وفي الساعة الواحدة ليلاً وفي القناة الثانية برنامج: الكاميرا الخفية، باللغة الإنجليزية، ماذا يعرض على أولاد وبنات المسلمين؟ شاب إنجليزي وسيم الوجه، يلبس تنورة أسكتلندية واسعة فضفاضة، وليس عليه ملابس داخلية تستر سوأته، وأمامه مجموعة من الفتيات في الثامنة عشرة، وهو يريد أن يعلق إعلاناً على الحائط، فيطلب من هؤلاء البنات أن يمسكن بالسلم حتى يصعد، ويصعد فينظرن إليه من أسفل، ويتضاحكن ويتغامزن، ثم تأتي نساء كبيرات السن، يحركن عيونهن ويرفعن حواجبهن، ويتحركن ويتحادثن بلغة معروفة.
نعم هذا في شهر رمضان المبارك، يا أخي هذا ليس سراً، هذا يعرض على ملايين المشاهدين من المسلمين، وهذه القناة ليست وقفاً على الكفار ولا وقفاً على هؤلاء الغربيين الموجودين في هذه البلاد، ونحن نجد أن أكثر الناس يتابعونها، حتى ولو كانوا لا يجيدون لغتها.
أما الملابس فقد أصبح عادياً أن تظهر المرأة وعليها ثياب إلى ركبتها، بل إلى ما فوق الركبة، وهذه الثياب تنحسر يوماً بعد يوم، وإذا استمر ذلك، ولم تتحرك غيرة الغيورين فما الذي يدريك أن تعرض المرأة على شاشة التلفاز في بلاد الإسلام وهي في ثياب النوم، أو بثياب البحر، أو وهي تراقص الرجال بصورة أو بأخرى.
إن من يرى بداية الطريق يعرف نهايته، إذا لم يتحرك الغيورون، وإذا لم يؤخذ على أيدي القائمين على هذه الأجهزة، ممن لا يراقبون الله تعالى، بل ولا يراعون مشاعر المسلمين.
أما القنوات التي تبث باللغة العربية فقد أصبح معتاداً أن تظهر الفتاة، بل والفتاة من هذه البلاد، وهي تلبس البنطلون، وتجلس أو تقوم مع رجل صور في المسرحية أو التمثيلية على أنه زوجها؛ فهو يحادثها، ويضاحكها، ويدنو منها، ويلمسها، ويتحدث معها حديث الزوج إلى زوجته!!
فإذا عرضت مسرحية كويتية بعدما لقي إخواننا في الكويت الآلام والابتلاءات من الله عز وجل، والاختبار وجدنا أن الأمر لم يزدنا إلا إعراضاً، فالفتاة تظهر بأبهى زينتها، بل وقد لبست اللباس الضيق الذي يشرب الجلد شرباً وهو ما يسمى بالاسترتش وهو عبارة عن ثوب ضيق جداً إذا لبسته الفتاة فإنه يلتصق بجسدها كما يلتصق الشراب بالقدم، ويصفها ويصف حجمها، بل يضاعف من فتنتها وإغرائها، وإلى أمامها شاب في قوة الشباب، وريعان الشباب، وهو يلامسها ويحادثها ويدنو منها ويكاد أن يلتصق جسده بجسدها، ويعرض هذا في شهر رمضان المبارك، بعدما خرج المسلمون من صلاة التراويح، وبعدما بللوا دموعهم بالبكاء، وبعدما سجدوا لله لرب العالمين، وبعدما سمعوا كلام الله تعالى، وإذا بهذه المشاهد والمناظر المؤذية تكدرهم أو تغيرهم، هذا هو ما يقدمه الإعلام للمرأة المسلمة.
المرأة والصحافة:
أما الصحافة فحدث ولا حرج، فالمرأة إنما هي تلك الفتاة التي نجحت في مسابقات الجمال، أو عارضات الأزياء التي تُعطى مبالغ مقابل أن تعرض جمالها، وتُبدي زينتها وإغراءها وفتنتها، حتى إنني قرأت في جريدة تصدر في دولة خليجية، وتوزع في العالم العربي والإسلامي كله، والجريدة عندي، وأقول هذا الكلام مع ما فيه من مرارة ولكنه الواقع الذي يجب أن تعرفوه، لأنه ليس سراً، إنه يباع في البقالات، ويعرض في المكتبات، ويقرؤه الفتيان والفتيات، مقابلات مع بعض اللاعبين، فماذا يقول أولئك اللاعبون؟
يقول أحدهم مثلاً: إذا خرجت من المباراة أجد خمسين فتاة في انتظاري وهن مستعدات لتقديم كل شيء، أنت تدري ماذا يعني كل هذا الكلام! وآخر يقول: زوجتي أحبها ولكنها لا تكفيني وحدها، وهم بطبيعة الحال لا يؤمنون بتعدد الزوجات، فهذا الكلام يعني تعدد الخليلات وتعدد العشيقات، أي أنه يخون ويرتكب ما حرَّم اللهُ عز وجل، ويعلن ذلك وهو كافر، لكن العجب ممن يحمل اسماً إسلامياً، ويتكلم باللغة العربية، بل وفي بلد من بلاد الإسلام ينشر مثل هذا الكلام، وأعجب من هذا، أن يتداول المسلمون مثل هذا الوباء الفاحش البذيء، ثم لا تسمع صوتاً ينكر، ماذا بقي أكثر من هذا؟! ندع هذا الأمر جانباً!
المرأة عندهم تعني المجون والغرام لا غير:
إنها الجاهلية التي لا تعرف من المرأة إلا جسدها، ولا تفهم المرأة إلا لغة الغزل، ولغة الحديث الهامس المغري، بل أقول وبلغة صريحة: إن المرأة عندها هي فقط المرأة في غرفة النوم، لا يعرفون من المرأة دينها ولا خُلُقُهَا ولا حيائها ولا خوفها من ربها، لا يعرفون المرأة الصادقة، المرأة المجاهدة، المرأة المؤمنة، المرأة الغيورة، المرأة المنفقة الباذلة المتصدقة كل ذلك لا يعرفوه.
يتبع إن شاء الله...