منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers

(إسلامي.. ثقافي.. اجتماعي.. إعلامي.. علمي.. تاريخي.. دعوي.. تربوي.. طبي.. رياضي.. أدبي..)
 
الرئيسيةالأحداثأحدث الصورالتسجيل
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

IZHAR UL-HAQ

(Truth Revealed) By: Rahmatullah Kairanvi
قال الفيلسوف توماس كارليل في كتابه الأبطال عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لقد أصبح من أكبر العار على أي فرد مُتمدين من أبناء هذا العصر؛ أن يُصْغِي إلى ما يظن من أنَّ دِينَ الإسلام كَذِبٌ، وأنَّ مُحَمَّداً -صلى الله عليه وسلم- خَدَّاعٌ مُزُوِّرٌ، وآنَ لنا أنْ نُحارب ما يُشَاعُ من مثل هذه الأقوال السَّخيفة المُخْجِلَةِ؛ فإنَّ الرِّسَالة التي أدَّاهَا ذلك الرَّسُولُ ما زالت السِّراج المُنير مُدَّةَ اثني عشر قرناً، لنحو مائتي مليون من الناس أمثالنا، خلقهم اللهُ الذي خلقنا، (وقت كتابة الفيلسوف توماس كارليل لهذا الكتاب)، إقرأ بقية كتاب الفيلسوف توماس كارليل عن سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-، على هذا الرابط: محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم-.

يقول المستشرق الإسباني جان ليك في كتاب (العرب): "لا يمكن أن توصف حياة محمد بأحسن مما وصفها الله بقوله: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِين) فكان محمدٌ رحمة حقيقية، وإني أصلي عليه بلهفة وشوق".
فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ على سائر البُلدان، كما فَضَّلَ بعض الناس على بعض والأيام والليالي بعضها على بعض، والفضلُ على ضربين: في دِينٍ أو دُنْيَا، أو فيهما جميعاً، وقد فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ وشَهِدَ لها في كتابهِ بالكَرَمِ وعِظَم المَنزلة وذَكَرَهَا باسمها وخَصَّهَا دُونَ غيرها، وكَرَّرَ ذِكْرَهَا، وأبَانَ فضلها في آياتٍ تُتْلَى من القرآن العظيم.
المهندس حسن فتحي فيلسوف العمارة ومهندس الفقراء: هو معماري مصري بارز، من مواليد مدينة الأسكندرية، وتخرَّجَ من المُهندس خانة بجامعة فؤاد الأول، اشْتُهِرَ بطرازهِ المعماري الفريد الذي استمَدَّ مَصَادِرَهُ مِنَ العِمَارَةِ الريفية النوبية المَبنية بالطوب اللبن، ومن البيوت والقصور بالقاهرة القديمة في العصرين المملوكي والعُثماني.
رُبَّ ضَارَّةٍ نَافِعَةٍ.. فوائدُ فيروس كورونا غير المتوقعة للبشرية أنَّه لم يكن يَخطرُ على بال أحَدِنَا منذ أن ظهر وباء فيروس كورونا المُستجد، أنْ يكونَ لهذه الجائحة فوائدُ وإيجابيات ملموسة أفادَت كوكب الأرض.. فكيف حدث ذلك؟!...
تخليص الإبريز في تلخيص باريز: هو الكتاب الذي ألّفَهُ الشيخ "رفاعة رافع الطهطاوي" رائد التنوير في العصر الحديث كما يُلَقَّب، ويُمَثِّلُ هذا الكتاب علامة بارزة من علامات التاريخ الثقافي المصري والعربي الحديث.
الشيخ علي الجرجاوي (رحمه الله) قَامَ برحلةٍ إلى اليابان العام 1906م لحُضُورِ مؤتمر الأديان بطوكيو، الذي دعا إليه الإمبراطور الياباني عُلَمَاءَ الأديان لعرض عقائد دينهم على الشعب الياباني، وقد أنفق على رحلته الشَّاقَّةِ من مَالِهِ الخاص، وكان رُكُوبُ البحر وسيلته؛ مِمَّا أتَاحَ لَهُ مُشَاهَدَةَ العَدِيدِ مِنَ المُدُنِ السَّاحِلِيَّةِ في أنحاء العالم، ويُعَدُّ أوَّلَ دَاعِيَةٍ للإسلام في بلاد اليابان في العصر الحديث.

أحْـلامٌ مِـنْ أبِـي (باراك أوباما) ***

 

 تفسير سورة النمل (27)

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52683
العمر : 72

تفسير سورة النمل (27) Empty
مُساهمةموضوع: تفسير سورة النمل (27)   تفسير سورة النمل (27) Emptyالجمعة 13 سبتمبر 2013, 11:29 pm

تفسير سورة النمل (27)

تفسير سورة النمل (27) Images?q=tbn:ANd9GcQl05yPo-jJX8xQ0zOGpKfvFRqweK3HzoYTEUFBDqt-bQW8Q2eszQ

بسم الله الرحمن الرحيم

{طس تِلْكَ آيَاتُ الْقُرْآنِ وَكِتَابٍ مُّبِينٍ {1} هُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ {2} الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُم بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ {3} إِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ زَيَّنَّا لَهُمْ أَعْمَالَهُمْ فَهُمْ يَعْمَهُونَ {4} أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَهُمْ سُوءُ الْعَذَابِ وَهُمْ فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْأَخْسَرُونَ {5}}

تفسير سورة النمل (27) 377

شرح الكلمات:

{ طس }: هذا أحد الحروف المقطّعة، يقرأ: طا. سين.

{ تلك }: أي الآيات المؤلفة من هذه الحروف آيات القرآن.

{ هدى وبشرى }: أي أعلام هداية للصراط المستقيم، وبشارة للمهتدين.

{ زيّنا لهم أعمالهم }: أي حببناها إليهم حسب سنتنا فيمن لا يؤمن بالبعث والجزاء.

{ فهم يعمهون }: في ضلال بعيد وحيرة لا تنتهى.

{ لهم سوء العذاب }: اي في الدنيا بالأسر والقتل.

معنى الآيات:

قوله تعالى { طس } لقد سبق أن ذكرنا أن السلف كانوا يقولون في مثل هذه الحروف المقطعة: الله أعلم بمراده بذلك، وهذه أسلم، وذكرنا أن هناك فائدة قد تقتنص من الاشارة بتلك أو بذلك، وهي أن القرآن المعجز الذي تحدى به مُنَزله عز وجل الإنس والجن قد تألف من مثل هذه الحروف العربية فألفوا أيها العرب مثله سورة فأكثر فإن عجزتم فآمنوا أنه كلام الله ووحيه واعملوا بما فيه ويدعو إليه.

وقوله { تلك آيات الكتاب } أي المؤلفة من مثل هذه الحروف آيات القرآن { وكتاب مبين } اي مبين لكل ما يحتاج إلى بيانه من الحق والشرع في كل شؤون الحياة.

وقوله: { وهدىً وبشرى للمؤمنين } أي هاديٍ إلى الصراط المستقيم الذي يفضي بسالكه إلى السعادة والكمال في الدارين، { وبشرى } أي بشارة عظمى للمؤمنين أي بالله ولقائه والرسول وما جاء به، { الذين يقيمون الصلاة } بأدائها في أوقاتها في بيوت الله تعالى مستوفاة الشروط والأركان والواجبات والسنن والآداب { ويؤتون الزكاة } عند وجوبها عليهم { وهم بالآخرة } أي بالدار الآخرة { هم يوقنون } بوجودها والمصير إليها، وبما فيها من حساب وجزاء.

وقوله تعالى: { إن الذين لا يؤمنون بالآخرة } أي بالبعث والجزاء { زينا لهم أعمالهم } أي حببناها إليهم حتى يأتوها وهي أعمال شر وفساد، وذلك حسب سنتنا فيمن أنكر البعث واصبح لا يرهب حساباً ولا يخاف عقاباً انغمس في الرذائل والشهوات وأصبح لا يرعوي عن قبيح { فهم } لذلك { يعمهون } في سُلُوكِهم يتخبطون لا يعرفون معروفاً ولا ينكرون منكراً.

وقوله تعالى: { أولئك الذين لهم سوء العذاب } أي في الدنيا بالأسر والقتل، وهم في الآخرة هم الأكثر خساراً من سائر أهل النار أي اشد عذاباً.

هداية الآيات

من هداية الآيات:

1- بيان إعجاز القرآن إذ آياته مؤلفة من مثل طس، وحم وعجز العرب عن تأليف مثله.

2- بيان كَوْن القرآن، هدى وبشرى للمؤمنين الملتزمين بمتطلبات الإِيمان.

3- إِنكار البعث والدار الآخرة يجعل صاحبه شر الخليقة وأسوأ حالاً من الكلاب والخنازير

4- وجوب قتال الملاحدة وأخذهم أسراً وقتلاً حتى يؤمنوا بالله ولقائه لأنهم خطر على أنفسهم وعلى البشرية سواء.

{وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى الْقُرْآنَ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ {6} إِذْ قَالَ مُوسَى لِأَهْلِهِ إِنِّي آنَسْتُ نَاراً سَآتِيكُم مِّنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ آتِيكُم بِشِهَابٍ قَبَسٍ لَّعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ {7} فَلَمَّا جَاءهَا نُودِيَ أَن بُورِكَ مَن فِي النَّارِ وَمَنْ حَوْلَهَا وَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ {8} يَا مُوسَى إِنَّهُ أَنَا اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ {9} وَأَلْقِ عَصَاكَ فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ وَلَّى مُدْبِراً وَلَمْ يُعَقِّبْ يَا مُوسَى لَا تَخَفْ إِنِّي لَا يَخَافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ {10} إِلَّا مَن ظَلَمَ ثُمَّ بَدَّلَ حُسْناً بَعْدَ سُوءٍ فَإِنِّي غَفُورٌ رَّحِيمٌ {11}}

شرح الكلمات:

{ وإنك لتلقى }: أي تلقنه وتحفظه وتعلمه.

{ من لدن حكيم }: اي من عند حكيم عليم وهو الله جل جلاله.

{ آنست ناراً }: أي أبصرت ناراً من بعد حصل لي بها بعض الأنس.

{ سآتيكم منها بخبر }: أي عن الطريق حيث ضلوا طريقهم إلى مصر في الصحراء.

{ بشهاب قبس }: أي بشعلة نار مقبوسة أي مأخوذة من أصلها.

{ لعلكم تصطلون }: أي تستدفئون.

{ أن بورك من في النار }: اي بارك الله جل جلاله من في النار وهو موسى عليه السلام إذ هو في البقعة المباركة التي نادى الله تعالى موسى منها.

{ وسبحان الله رب: أي نزه الرب تعالى نفسه عما لا يليق بجلاله وكماله من العالمين } صفات المحدثين.

{ يا موسى إنه أنا لله }: أي الحال والشأن أنا الله العزيز الحكيم الذي ناداك وباركك.

{ تهتز كأنها جان }: أي تتحرك بسرعة كأنها حية خفيفة السرعة.

{ ولم يعقب }: أي ولم يرجع إليها خوفاً وفزعاً منها.

{ ثم بدل حسناً بعد سوء }: أي تاب فعمل صالحاً بعد الذي حصل منه من السوء.

معنى الآيات:

ما زال السياق في تقرير النبوة المحمدية فقوله تعالى { وإنك لتلقى القرآن من لدن حكيم عليم } يخبر تعالى رسوله بأنّه يلَقّنُ القرآن ويحفظه ويعلمه من لدن حكيم في تدبيره عليم بخلقه وهو الله جل جلاله وعظم سلطانه.

وقوله تعالى { إذ قال موسى } اذكر لمنكري الوحي والمكذبين بنبوتك إذ قال موسى إلى آخر الحديث، هل مثل هذا يكون بغير التلقي من الله تعالى. والجواب: لا إذاً فأنت رسول الله حقاً وصدقاً { إذ قال موسى لأهله } امرأته وأولاده رإني آنست ناراً } أي أبصرتها مستأنساً بها. { سآتيكم منها بخبر أو آتيكم بشهاب قبس لعلكم تصطلون } أي تستدفئون إذ كانوا في ليلة شاتية باردة وقد ضلوا طريقهم.

وقوله تعالى { فلما جاءها } أي النار { نودي } أي ناداه ربه تعالى قائلاً: { أن بورك من في النار ومن حولها } أي تقديس من في النار التي هي نور الله جلا جلاله. وهو موسى عليه السلام ومن حولها من ارض القدس والشام، والله أعلم بمراده من كلامه وإنا لنستغفره ونتوب إليه إن لم نوفق لمعرفة مراده من كلامه وخطابه فاغفر اللهم ذنبنا وارحم عجزنا وضعفنا إنك غفور رحيم، وقوله تعالى { وسبحان الله رب العالمين } نزه تعالى نفسه عما لا يليق بجلاله وكماله وقوله { يا موسى إنه أنا الله العزيز الحكيم } أي الذي يناديك هو الله ذو الألوهية على خلقه العزيز الغالب الذي لا يحال بينه وبين مراده الحكيم في قضائه وتدبير وتصريف ملكه بعد أن عرفه بنفسه وأذهب عنه روع نفسه، أمره أن يلقي العصا تمريناً له على استعمالها فقال { وألق عصاك } فالقاها فاهتزت كأنا جان أي حية خفيفة السرعة { فلما رآها تهتز كأنها جان ولى مدبراً } اي رجع القهقهرى فزعاً وخوفاً { ولم يعقب } أي لم يرجع إليها خوفاً منها فناداه ربه تعالى { يا موسى لا تخف } من حية ولا من غيرها { إني لا يخاف لدي المرسلون } { إلا من ظلم } اي نفسه باقتراف ذنب من الذنوب فهذا يخاف لكن إن هو تاب بعد الذنب ففعل حسنات بعد السيئات فإنه لا يخاف لأني غفور رحيم فأغفر له وارحمه.

وطمأن تعالى نفس موسى بهذا لأن موسى كان شاعراً بأنه أذنب بقتل القبطي قبل نبوته ورسالته، وإن كان القتل خطأ إلا أنَّه تجب فيه الكفارة عتق رقبة أو صيام شهرين متتابعين.

هداية الآيات

من هداية الآيات:

 1- تقرير النبوة المحمدية.

2-  مشروعية السفر بالأهل والولد وجواز خطأ الطريق حتى على الأنبياء والأذكياء.

 3- قيامة الرجل على النساء والأطفال.

4- تجلي الرب تعالى لموسى في البقعة المباركة ومناجاته وتدريبه على العصا والسلاح الذي يقاوم به فرعون وملأه فيما بعد.

5- الظلم بسبب الخوف والعقوبة إلا من تاب منه وأصلح فإن الله غفور رحيم.

{وَأَدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاء مِنْ غَيْرِ سُوءٍ فِي تِسْعِ آيَاتٍ إِلَى فِرْعَوْنَ وَقَوْمِهِ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْماً فَاسِقِينَ {12} فَلَمَّا جَاءتْهُمْ آيَاتُنَا مُبْصِرَةً قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُّبِينٌ {13} وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوّاً فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ {14}}

شرح الكلمات:

{ في جيبك }: أي جيب ثوبك.

{ من غير سوء }: أي برص ونحوه بل هو (البياض) شعاع

{ في تسع آيات }: أي ضمن تسع آيات مرسلاً بها إلى فرعون.

{ مبصرة }: مضيئة واضحة مشرقة.

{ وجحدوا بها }: أي لم يقروا ولم يعترفوا بها.

{ واستيقنتها أنفسهم }: أي أيقنوا أنها من عند الله.

{ ظلماً وعلواً }: أي ردوها لأنهم ظالمون مستكبرون.

معنى الآيات:

ما زال السياق الكريم مع موسى في حضرة ربه عز وجل بجانب الطور إنه لما أمره بإلقاء العصا فألقاها فاهتزت وفزع موسى لذلك فولى مدبراً ولم يعقب خائفاً فطمأنه ربه تعالى بأنه لا يخاف لديه المرسلون أمره أن يدخل يده في جيبه فقال { وأدخل يدك في جيبك } أي في جيب القميص { تخرج بيضاء من غير سوء } أي من غير برص بل هو بياض إشراق يكاد يذهب بالأبصار في تسع آيات أي ضمن تسع آيات مرسلاً بها إلى فرعون وقومه، وبين تعالى علة ذلك الإرسال فقال: رإنهم كانوا قوماً فاسقين } اي خارجين عن الاعتدال إلى الغلو والإسراف في الشر والفساد وقوله تعالى: رفلما جاءتهم آياتنا } يحملها موسى مبصرة مضيئة واضحة دالة على صدق موسى في دعوته، رفضوها فلم يؤمنوا بها، { وقالوا هذا سحر مبين } ، اي الذي جاء به موسى من الآيات هو سحر بين لا شك فيه قال تعالى { وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم } اي جحدوا بالآيات وكذبوا وتيقنتها أنفسهم أنها آيات من عند الله دالة على رسالة موسى وصدق دعوته في المطالبة ببني إسرائيل وقوله ظلماً وعلوا أي حملهم على التكذيب والإِنكار مع العلم هو ظلهمهم واستكبارهم فإنهم ظالمون مستكبرون. وقوله تعالى: { فانظر كيف كان عاقبة المفسدين } أي انظر يا رسولنا محمداً صلى الله عليه وسلم كيف كان عاقبة المفسدين وهي إهلاكهم ودمارهم أجمعين.

هداية الآيات

من هداية الآيات:

 1- آية اليد هي إحدى الآيات التسع التي أوتي موسى عليه السلام دليلاً على وجود الآيات التي كان الله تعالى يؤيد بها رسله فمن أنكرها فقد كفر.

2-  التنديد بالفسق واستحقاق أهله العذاب في الدارين.

 3- الكبر والعلو في الأرض صاحبهما يجحد الحق ولا يقربه وهو يعلم أنه حق.

4-  عاقبة الفساد في الأرض بالمعاصي سوء، والعياذ بالله تعالى.

تفسير سورة النمل (27) 99fcc45970

{وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ عِلْماً وَقَالَا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنَا عَلَى كَثِيرٍ مِّنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ {15} وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ وَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِن كُلِّ شَيْءٍ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ {16} وَحُشِرَ لِسُلَيْمَانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ وَالطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ {17} حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِي النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ {18} فَتَبَسَّمَ ضَاحِكاً مِّن قَوْلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحاً تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ {19}}

شرح الكلمات:

{ علمنا }: هو علم ما لم يكن لغيرهم كمعرفة لغة الطير إلى جانب علم الشرع كالقضاء ونحوه.

{ وقالا الحمد لله }: أي شكراً له.

{ على كثير من عباده المؤمنين }: أي بالنبوة وتسخير الجن والإنس والشياطين.

{ وورث سليمان داوود }: أي ورث أباه بعد موته في النبوة والملك والعلم دون باقي أولاده.

{ علمنا منطف الطير }: أي فهم أصوات الطير وما تقوله إذا صفرت.

{ وأوتينا من كل شيء }: أوتيه غيرنا من الأنبياء والملوك.

{ وحشر لسليمان }: أي جمع له جنوده من الجن والإِنس والطير في مسير له.

{ فهو يوزعون }: أي يساقون ويرد أولهم إلى آخرهم ليسيروا في نظام.

{ لا يحطمنكم سليمان }: أي لا يكسرنكم ويقتلنكم.

{ وهم لا يشعرون }: أي بكم.

{ أوزعني أن اشكر }: أي الهمني لأن أشكر نعمتك التي أنعمت علي.

تفسير سورة النمل (27) 14_s

معنى الآيات:

هذا بداية قصص داوود وسليمان عليهما السلام ذكر بعد أن أخبر تعالى أنه يلقن رسوله محمداً ويعلمه من لدنه وهو العليم الحكيم ودلل على ذلك بموجز قصة موسى عليه السلام ثم ذكر دليلاً آخر وهو قصة داوود وسليمان، فقال تعالى { ولقد آتينا } أي أعطينا داوود وسليمان { علماً } أي الوالد علماً خاصاً كمعرفة منطق الطير وصنع الدروع وإلانة الحديد زيادة على علم الشرع والقضاء، وقوله تعالى { وقالا الحمد لله } أي شكرا ربهما بقولهمات { الحمد لله } أي الشكر لله الذي فضلنا على كثير من عباده المؤمنين بما آتاهما من الخصائص والفواضل. هذا ما دلت عليه الآية الأولى (14) وأما الآية الثانية (15) فقد أخبر تعالى فيها أنّ سليمان ورث أباه داوود وحده دون باقي أولاده وذلك في النبوة والملك، لا في الدرهم والدينار والشاة والبعير، لأن الأنبياء لا يورثون فما يتركونه هو صدقة. كما أخبر أن سليمان قال في الناس { يا أيها الناس علمنا منطق الطير } فما يصفر طير إلا علم ما يقوله في صفيره، وأوتينا من كل شيء أوتيه غيرنا من النبوة والملك والعلم والحكمة { إن هذا لهو الفضل المبين } أي فضل الله تعالى البين الظاهر. وقوله تعالى { وحشر لسليمان جنوده } اي جمع له جنوده { من الجن والإِنس والطير فهم يوزعون] هو إخبار عن مسير كان لسليمان مع جنده { فهم يوزعون } اي جنوده توزع تساق بانتظام. بحيث لا يتقدم بعضها بعضاً فيرد دائماً أولها إلى آخرها محافظة على النظام في السير، وما زالوا سائرين كذلك حتى أتوا على واد النمل بالشام فقالت نملة من النمل { يا أيها النمل ادخلوا مساكنكم لا يحطمنكم سليمان وجنده وهم لا يشعرون } قالت هذا رحمة وشفقة على بنات جنسها تعلم البشر الرحمة والشفقة والنصح لبني جنسهم لو كانوا يعلمون، واعتذرت لسليمان وجنده بقولها وهم لا يشعرون بكم وإلا لما داسوكم ومشوا عليكم حتى لا يحطمونكم.

وما إن سمعها سليمان وفهم كلامها حتى تبسم ضاحكاً من قولها { وقال رب } اي يا رب { أوعني } ألهمني } { أن أشكر نعمتك التي أنعمت علي وعلى والدي، وأن أعمل صالحاً ترضاه } أي ويسر لي عملاً صالحاً ترضاه مني، { وأدخلني برحمتك في عبادك الصالحين } اي في جملتهم في دار السلام.

هداية الآيات

من هداية الآيات:

 1- وجوب الشكر على النعم.

 2-وراثة سليمان لداؤود لم تكن في المال لأن الأنبياء لا يورثون وإنما كانت في النبوة والملك.

 3- آية تعليم الله تعالى سليمان منطق الطير وتسخير الجن والشياطين له.

 4- فضل النمل على كثير من المخلوقات ظهر في نصح لأخواتها وشفقتها عليهن.

5- ذكاء النمل وفطنته مما أضحك سليمان متعجباً منه.

6-  وجوب الشكر عند مشاهدة النعمة ورؤية الفضل من الله عز وجل.

7- تقرير النبوة المحمدية إذ مثل هذا الحديث لا يتأتى له غلا بالوحي الإِلهي.

تفسير سورة النمل (27) Images?q=tbn:ANd9GcRWACCfGN-fJslT_XsSHISfTuJAMXOgY8dwVj_Ufho6KnYnr49K

{وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقَالَ مَا لِيَ لَا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كَانَ مِنَ الْغَائِبِينَ {20} لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذَاباً شَدِيداً أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ {21} فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ فَقَالَ أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِن سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ {22} إِنِّي وَجَدتُّ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِن كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ {23} وَجَدتُّهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِن دُونِ اللَّهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ {24} أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ {25} اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ {26}}

شرح الكلمات:

{ وتفقد الطير }: أي تعهدها ونظر فيها.

{ مالي لا أرى الهدهد }: أعرض لي ما منعني من رؤيته أم كان من الغائبين؟

{ لأعذبنه عذاباً شديداً }: أي بِنَتْفِ ريشه ورميه في الشمس فلا يمتنع من الهوام.

{ بسلطان مبين }: أي بحجة واضحة على عذرة في غيبته.

{ فمكث غير بعيد }: أي قليلاً من الزمن وجاء سليمان متواضعاً.

{ أحطت بما لم تحط به }: أي اطلعت على ما لم تطلع عليه.

{ وجئتك من سبأ }: سبأ قبيلة من قبائل اليمن.

{ إني وجدت امرأة }: هي بلقيس الملكة.

{ ولها عرش عظيم }: أي سرير كبير.

{ فصدهم عن السبيل }: أي طريق الحق والهدى.

{ ألا يسجدوا لله }: أصلها أن يسجدوا أي فهم لا يهتدون ان يسجدوا لله.

وزيدت فيها " لا " وأدغمت فيها النون فصارت ألاَّ نظيرها لئلا يعلم أهل الكتاب من آخر سورة الحديد.

{ يخرج الخبأ في السموات }: أي المخبوء في السموات من الأمطار والأرض من النباتات والأرض.

معنى الآيات:

ما زال السياق الكريم في قصص سليمان عليه السلام قوله تعالى { وتفقد الطير } أي تفقد سليمان جنده من الطير طالباً الهدهد لأمر عنَّ له أي ظهر وهو يتهيأ لرحلة هامة، فلم يجده فقال ما أخبر تعالى به عنه: { مالي لا أرى الهدهد } ألعارضٍ عَرَض لي فلم أره، { أم كان من الغائبين } أي بل كان من الغائبين، { لأعذبنه عذاباً شديداً } بأن ينتف ريشه ويتركه للهوام تاكله فلا يمتنع منها { أو لأذبحنه } بقطع حلقومه، { أو ليأتيني بسلطان مبين } اي بحجة واضحة على سبب غيبته. قوله تعالى الآية (21) { فمكث } أي الهدهد { غير بعيد } اي زمناً قليلاً، وجاء فقال في تواضع رافعاً عنقه مرخياً ذنبه وجناحيه { أحطت بما لم تحط به } أي اطلعت على ما لم تطلع عليه { وجئتك من سبأ بنبأ يقين } وسبأ قبيلة من قبائل اليمن، والنبأ اليقين الخبر الصادق الذي لا شك فيه. وأخذ يبين محتوى الخبر فقال { إني وجدت امرأة } هي بلقيس { تملكهم وأوتِيتْ من كل شيء } من أسباب القوة ومظاهر الملك، { ولها عرش عظيم } أي سرير ملكها الذي تجلس عليه وصفه بالعظمة لأنه مرصع بالجواهر والذهب، وقوله { وجدتها وقومها يسجدون للشمس من دون الله } أخبر أولاً عن أحوالهم الدنيوية وأخبر ثانياً عن أحوالهم الدينية وقوله { وزين لهم الشيطان أعمالهم } أي الباطلة الشركية { فصدهم } بذلك { عن السبيل } أي سبيل الهدى والحق فهم لذلك لا يهتدون لأن يسجدوا لله الذي يخرج الخبء أي المخبوء فهو من إطلاق المصدر وغرادة اسم المفعول في السموات منأمطار والأرض من نباتات، ويعلم سبحانه وتعالى ما يخفون في نفسوهم، وما يعلنون عنه بألسنتهم الله لا إله هو رب العرش العظيم. وصف الرب تعالى بالعرش العظيم ليقابل وصف بلقيس به، وأين عرش مخلوقة وإن كانت ملكة بنت ملك هو شراحيل من عرش الله الخالق لكل شيء والمالك لكل شيء.

هداية الآيات

من هداية الآيات:

1- مشروعية استعراض الجيوش وتفقد أحوال الرعية.

2- مشروعية التعزير لمن خالف أمر السلطان بلا عذر شرعي.

3- مشروعية اتخاذ طائرات الاستكشاف ودراسة جغرافية العالم.

4- تحقيق قول الرسول صلى الله عليه وسلم قوم ولوا اتمرهم امرأة إذ لم يلبثوا أن غلب عليهم سليمان.

5- بيان أن هناك من كانوا يعبدون الشمس إذ سجودهم لها عبادة.

6- بيان أن الأحق بالعبادة الله الذي لا إله إلا هو رب العرش العظيم.

7- مشروعية السجود لمن تلا هذه الآية أو استمع إلى تلاوتها: { الله لا إله إلا هو رب العرش العظيم }.

تفسير سورة النمل (27) D8a7d984d987d8afd987d8af

{قَالَ سَنَنظُرُ أَصَدَقْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ الْكَاذِبِينَ {27} اذْهَب بِّكِتَابِي هَذَا فَأَلْقِهْ إِلَيْهِمْ ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ فَانظُرْ مَاذَا يَرْجِعُونَ {28} قَالَتْ يَا أَيُّهَا المَلَأُ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ {29} إِنَّهُ مِن سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ {30} أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ {31}}

شرح الكلمات:

{ سننظر أصدقت أم كنت من الكاذبين }: أي بعد اختبارنا لك.

{ فألقه غليهم }: أي إلى رجال القصر وهم في مجلس الحكم.

{ ثم تول عنهم }: أي تنح جانباً متوارياً مستتراً عنهم.

{ فانظر ماذا يرجعون }: أي ماذا يقوله بعضهم لبعض في شأن الكتاب.

{ يا أيها الملأ }: أي يا أشراف البلاد وأعيانها وأهل الحل والعقد فيها.

{ ألقي إلي كتاب كريم }: أي ألقاه في حجرها الهدهد.

{ ألا تعلوا علي }: أي لا تتكبروا انقياداً للنفس والهوى.

{ وائتوني مسلمين }: أي منقادين خاضعين.

معنى الآيات:

{ قال سننظر } أي قال سليمان للهدهد بعد أن أدلى الهدهد بحجته على غيبته سننظر باختبارنا لك { أصدقت } فيما ادعيت وقلت { أم كنت من الكاذبين } أي من جملتهم.

وبدأ اختباره فكتب كتاباً وختمه وقال له { اذهب بكتابي هذا فألقه إليهم ثم تول عنهم } أي تنح جانباً مختفياً عنهم { فانظر ماذا يرجعون } من القول في شأن الكتاب أي ما يقول بعضهم لبعض في شأنه، وفعلاً ذهب الهدهد بالكتاب ودخل القصر من كوة فيه وألقى الكتاب في حجر الملكة بلقيس فارتاعت له وقرأته ثم قالت { يا ايها الملأ } مخاطبة أشراف قومها { إني القي إلي كتاب كريم } وصفته بالكرم لما حواه من عبارات كريمة، ولأنه مختوم وختم الكتاب كرمه ونصّ الكتاب كالتالي [من عبد الله سليمان بن داوود إلى بلقيس ملكة سبأ بسم الله الرحمن الرحيم السلام على من اتبع الهدى أما بعد فلا تعلوا علي وائتوني مسلمين].

ومضمونه ما ذكرته الملكة بقولها: { إنه من سليمان وإنه بسم الله الرحمن الرحيم ألا تعلوا علي وائتوني مسلمين } ومعنى إنه من سليمان أي صادر منه وأنه مكتوب ومرسل بسم الله الرحمن الرحيم أي بإذنه وشرعه الا تعلوا علي أي لا تتكبروا على الحق فإني بسم الله أطلبكم وائتوني مسلمين اي خاضعين منقادين.

هداية الآيات

من هداية الآيات:

1- مشروعية الاختبار وإجراء التحقيق مع المتهم.

2- مشروعية استخدام السلطان أفراد رعيته لكفاية المستخدم.

3- مشروعية إرسال العيون للتعرف على أحوال العدو وما يدور عنده.

4- مشروعية كتابة بسم الله الرحمن الرحيم في الرسائل والكتب الهامة ذات البال لدلالتها على توحيد الله تعالى وأنه رحمن رحيم، وأنَّ الكاتب يكتب بإذن الله تعالى له بذلك.

{قَالَتْ يَا أَيُّهَا المَلَأُ أَفْتُونِي فِي أَمْرِي مَا كُنتُ قَاطِعَةً أَمْراً حَتَّى تَشْهَدُونِ {32} قَالُوا نَحْنُ أُوْلُوا قُوَّةٍ وَأُولُوا بَأْسٍ شَدِيدٍ وَالْأَمْرُ إِلَيْكِ فَانظُرِي مَاذَا تَأْمُرِينَ {33} قَالَتْ إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ {34} وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِم بِهَدِيَّةٍ فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ {35}}

شرح الكلمات:

{ افتوني في أمري }: بينوا لي فيه وجه الصواب، وما هو الواجب اتخاذه إزاءه.

{ ما كنت قاطعة أمراً }: أي قاضيته.

{ حتى تشهدون }: اي تحضروني وتبدوا رأيكم فيه.

{ وأولوا باس شديد }: أي اصحاب قوة هائلة مادية وأصحاب باس شديد في الحروب.

{ إذا دخلوا قرية }: أي مدينة وعاصمة ملك.

{ أفسدوها }: اي خربوها إذا دخلوها عنوة بدون مصالحة.

{ وكذلك يفعلون }: أي وكالذي ذكرت لكم يفعل مرسلو هذا الكتاب.

معنى الآيات:

ما زال السياق الكريم عن حديث قصر الملكة بلقيس وها هي ذي تقول لرجال دولتها ما حكاه تعالى عنها بقوله { قالت يا أيها الملأ افتوني في أمري } أي اشيروا علي بما ترونه صالحاً { ما كنت قاطعة أمراً } أي قاضية باتَّةً فيه { حتى تشهدون } أي تحضروني وتبدوا فيه وجهة نظركم. فأجابها رجالها بما أخبر تعالى به عنهم { قالوا نحو أولوا قوة } عسكرية منسلاح وعتاد وخبرة { وأولوا بأس شديد } عند خوضنا المعارك { والأمر إليك فانظري ماذا تأمرين } به فأمري ننفّذْ إنا طوع يديك.

فأجابتهم بما حكاه الله تعالى عنها { قالت إن الملوك إذا دخلوا قرية } اي مدينة عنوة بدون صلح. { أفسدوها } اي خربوا معالمها وبدلوا وغيروا فيها، { وجعلوا أعزة أهلها أذلة } بضربهم وإهانتهم وخلعهم من مناصبهم. { وكذلك } أصحاب هذا الكتاب { يفعلون } { وإني مرسلة إليهم بهدية فناظرة بم يرجع المرسلون } اي الذين نرسلهم من قبول الهدية ورفضها وعلى ضوء ذلك نتصرف فإنهم إن قبلوا الهدية المالية فهم اصحاب دنيا، وإن رفضوها فهم أصحاب دين، وعندها نتخذ ما يلزم حيالهم، ولا شك أن هذه الهدية كانت فاخرة وثمينة.

هداية الآيات

من هداية الآيات:

1- تقرير مبدأ الشورى في الحكم.

2- مشروعية إبداء الراي بصدق ونزاهة ثم ترك الأمر لأهله.

3- مشروعية إعداد العدة وتوفير السلام وتدرب الرجال على حمله واستعماله.

4- دخول العدو المحارب الغالب البلاد عنوة ذو خطورة فلذا يتلافى الأمر بالمصالحة.

5- بيان حسن سياسة الملكة بلقيس وفطنتها وذكائها ولذا ورثت عرش أبيها.

{فَلَمَّا جَاء سُلَيْمَانَ قَالَ أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٍ فَمَا آتَانِيَ اللَّهُ خَيْرٌ مِّمَّا آتَاكُم بَلْ أَنتُم بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ {36} ارْجِعْ إِلَيْهِمْ فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍ لَّا قِبَلَ لَهُم بِهَا وَلَنُخْرِجَنَّهُم مِّنْهَا أَذِلَّةً وَهُمْ صَاغِرُونَ {37} قَالَ يَا أَيُّهَا المَلَأُ أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَن يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ {38} قَالَ عِفْريتٌ مِّنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن تَقُومَ مِن مَّقَامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ {39} قَالَ الَّذِي عِندَهُ عِلْمٌ مِّنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرّاً عِندَهُ قَالَ هَذَا مِن فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَن شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ {40}}

شرح الكلمات:

{ فلما جاء سليمان }: أي رسول الملكة يحمل الهدية ومعه أتباعه.

{ فما آتاني الله خير مما آتاكم }: أي أعطاني النبوة والملك وذلك خير مما أعطاكم من المال فقط.

{ بهديتكم تفرحون }: لحبكم للدنيا ورغبتكم في زخارفها.

{ إرجع إليهم }: أي بما أتيت به من الهدية.

{ بجنود لا قبل لهم بها }: اي لا طاقة لهم بقتالها.

{ ولنخرجنهم منها }: اي من مدينتهم سبأ المسماة باسم رجل يقال له سبأ.

{ أذلة وهم صاغرون }: أي إن لم يأتوني مسلمين أي منقادين خاضعين.

{ قبل أن يأتوي مسلمين }: فإنَّ لي أخذه قبل مجيئهم مسلمين لا بعده.

{ قال عفريت من الجن }: اي جني قوي إذ القوي الشديد من الجن يقال له عفرين.

{ قبل أن تقوم من مقامك }: أي من مجلس قضائك وهو من الصبح إلى الظهر.

{ وإني عليه لقوي أمين }: أي قوي على حمله أمين على ما فيه من الجواهر وغيرها.

{ وقال الذي عنده علم من الكتاب }: أي سليمان عليه السلام.

معنى الآيات:

ما زال السياق الكريم مع سليمان ومكله سبأ إنه لما بعثت بهديتها تختبر بها سليمان هل هو رجل دنيا يقبل المال أو رجل دين، لتتصرف على ضوء ما تعرف من اتجاه سليمان عليه السلام، فلما جاء سليمان، جاءه سفير الملكة ومعه رجال يحملون الهدية قال لهم ما أخبر تعالى به عنهم في قوله: { قال أتمدونني بمال؟ فما آتاني الله خير مما آتاكم } آتاني النبوة والعلم والحكم والملك فهو خير مما آتاكم من المال { بل أنتم بهديتكم تفرحون } وذلك بحبكم الدنيا ورغبتكم في زخارفها. 

وقال رسول الملكة إرجع إليهم } اي بما أتيت به من الهدية، وعلمهم أنهم إن لم يأتوا إلي مسلمين { فلنأتينهم بجنود لا قبل لهم بها } أي لا قدرة لهم على قتالهم، { ولنخرجنهم منها } اي من مدينتهم سبأ { أذلة وهم صاغرون } اي خاضعون منقادون. ثم قال سليمان عليه السلام لأشراف دولته وأعيان بلاده { يا أيها الملأُ أيكم يأتيني بعرشها قبل أن يأتوني مسلمين } فإني لا آخذه إلا قبل مجيئهم مسلمين لا بعده. 

فنطق عفريت من الجن قائلاً بما أخبر تعالى عنه به { أنا آتيك به قبل أن تقوم من مقامك } أي مجلس قضائك والذي ينتهي عادة بنصف النهار، { وإني عليه لقوي أمين } اي قادر على حمله والإِتيان به في هذا الوقت الذي حددت لكم وأمين على ما فيه من جواهر وذهب لا يضيع منه شيء. 

وهنا { قال الذي عنده علم من الكتاب } وهو سليمان عليه السلام { أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك إليك طرفك } فافتح عينيك وانظر فلا يعود إليك طرفك إلا والعرش بين يديك، وسأل ربه باسمه الأعظم الذي ما دعي به إلا أجاب وإذا العرش بين يديه { فلما رآه مستقرا } بين يديه لهج قائلاً { هذا من فضل ربي } أي علي فلم يكن لي به يد أبداً { ليبلوني } بذلك { أأشكر } نعمته علي { أم أكفرها } { ومن شكر } فلنفسه أي عائد الشكر يعود عليه بحفظ النعمة ونمائها ومن كفر اي النعمة { فإن ربي غني } أي عن شكره وليس مفتقراً إليه، كريم قد يكرم الكافر للنعمة فلا يسلبها كلها منه أو يبقيها له على كفره.

هداية الآيات

من هداية الآيات:

1- أهل الآخرة يفرحون بالدنيا، وأهل الدنيا لا يفرحون بالآخرة.

2- استعمال أسلوب الإِرهاب والتخويف مع القدرة على إنفاذه مع العدو أليق.

3- تقرير أن سليمان كان يستخدم الجن وأنهم يخدمونه في اصعب الأمور.

4- استجابة الله تعالى لسليمان فأحضر له العرش من مسافة شهرين أي من اليمن غلى الشام قبل ارتداد طرف الناظر إذا فتح عينه ينظر.

5- وجوب رد الفضل إلى أهله فسليمان قال { هذا من فضل ربي } والجهال يقولون بثورتنا الخلاقة، وأبطالنا البواسل.

6- وجوب الشكر، وعائدته تعود على الشاكر فقط، ولكرم الله تعالى قد لا يسلب النعمة فور عدم شكرها وذلك لحلمه تعالى وكرمه.

{قَالَ نَكِّرُوا لَهَا عَرْشَهَا نَنظُرْ أَتَهْتَدِي أَمْ تَكُونُ مِنَ الَّذِينَ لَا يَهْتَدُونَ {41} فَلَمَّا جَاءتْ قِيلَ أَهَكَذَا عَرْشُكِ قَالَتْ كَأَنَّهُ هُوَ وَأُوتِينَا الْعِلْمَ مِن قَبْلِهَا وَكُنَّا مُسْلِمِينَ {42} وَصَدَّهَا مَا كَانَت تَّعْبُدُ مِن دُونِ اللَّهِ إِنَّهَا كَانَتْ مِن قَوْمٍ كَافِرِينَ {43} قِيلَ لَهَا ادْخُلِي الصَّرْحَ فَلَمَّا رَأَتْهُ حَسِبَتْهُ لُجَّةً وَكَشَفَتْ عَن سَاقَيْهَا قَالَ إِنَّهُ صَرْحٌ مُّمَرَّدٌ مِّن قَوَارِيرَ قَالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ {44}}

شرح الكلمات:

{ قال نكروا لها عرشها }: أي غيروا هيأته وشكله حتى لا يعرف إلا بصعوبة.

{ أتهتدي }: أي إلى معرفته.

{ أهكذا عرشك }: شبهوا عليها إذ لو قالوا هذا عرشها لقالت نعم.

{ قالت كأنه هو }: فشبَّهت عليه فقالت كأنه هو.

{ وصدها ما كانت تعبد: أي صرفها عن عبادة الله مع علمها وذكائها ما كانت تعبد من دون الله } من دون الله.

{ ادخلي الصرح }: أي بهو الصرح إذ الصرح القصر العالي وفي بهوه بكرة ماء كبيرة مغطاة بسقف زجاجي يرى وكأنه ماء.

{ فكشفت عن ساقيها }: ظانة أنها تدخل ماء تمشي عليه فرفعت ثيابها.

{ حسبته لجة }: أي من ماء غمر يجري.

{ صرح ممرد من قوارير }: أي مملّس من زجاج.

معنى الآيات: 

ما زال السياق الكريم فيما دار من أحاديث بين سليمان عليه السلام وبلقيس ملكة سبأ لقد خرجت هي في موكبها الملكي بعد أن احتاطت لعرشها أيّما احتياط. 

إلا أن العرش وصل قبلها بدعوة الذي عنده علم من الكتاب، وقبل وصولها أراد سليمان أن يختبر عقلها من حيث الحصافة أو الضعف فأمر رجاله ان يغيروا عرشها بزيادة ونقصان فيه حتى لا يعرف غلا بصعوبة كما قال عليه السلام { ننظر أتهتدي } إلى معرفته { أم تكون من الذين لا يهتدون } لضعف عقولهم. 

فلما جاءت { قيل لها أهكذا عرشك } فشبهوا عليها في التغيير وفي التعبير، إذ المفروض أن يقال لها هذا عرشك ومن هنا فطنت لتشبيههم { فقالت: كأنه هو } إذ لو قالت: هو لقالوا كيف يكون هو والمسافة مسيرة شهرين ولو قالت ليس هو لقيل لها كيف تجهلين سريرك فكانت ذات ذكاء ودهاء ومن هنا قال سليمان لما أعجب بذكائها { وأوتينا العلم من قبلها وكنا مسلمين } فحمد الله وأثنى عليه ضمن العبارة التي قالها. 

وقوله { وصدها ما كانت تعبد من دون الله } اتباعاً لقومها إذ كانوا يعبدون الشمس من دون الله. { إنها كانت من قوم كافرين } فهذا سبب عدم إيمانها وتوحيدها وهو ما كان عليه قومها، وجلس سليمان في بهو صرحه وكان البهو تحته بركة ماء عظيمة فيها اسماء كثيرة وللماء موج، وسقف البركة مملس من زجاج، ومع سليمان جنوده من الإِنس والجن يحوطون به ويحفونه من كل جانب وأمرت أن تدخل الصرح لأن سليمان الملك يدعوها { فلما رأته حسبته لجة } ماء { فكشفت عن ساقيها } فقال لها سليمان إنه صرح ممرد } اي مملّس { من قوارير } زجاجية وهنا وقد بهرها الموقف وعرفت أنها كانت ضالة وظالمة نطقت قائلة { رب إني ظلمت نفسي وأسلمت مع سليمان لله رب العالمين } وبهذا أصبحت مسلمة صالحة. ولم يذكر القرآن عنها بعد شيئاً فلنسكت عما سكت عنه القرآن.

هداية الآيات

من هداية الآيات:

1- جواز اختبار الفراد إذا أريد إسناد أمر لهم لمعرفة قدرتهم العقلية والبدنية.

2- بيان حصافة عقل بلقيس ولذا أسلمت ظهر ذلك في قولها { كأنه هو }.

3- مضار التقليد وما يترتب عليه من التنكر للعقل والمنطق.

4- حرمة كشف المراة ساقيها حتى ولو كانت كافرة فكيف بها إذا كانت مسلمة.

5- فضيلة الإِئتساء بالصالحين كما ائتست بلقيس بسليمان في قولها { وأسلمت مع سليمان لله رب العالمين }.

يتبع إن شاء الله...



تفسير سورة النمل (27) 2013_110


عدل سابقا من قبل أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn في الأربعاء 09 يونيو 2021, 6:26 am عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52683
العمر : 72

تفسير سورة النمل (27) Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير سورة النمل (27)   تفسير سورة النمل (27) Emptyالجمعة 13 سبتمبر 2013, 11:46 pm

بسم الله الرحمن الرحيم

تفسير سورة النمل (27) Tumblr_moytafq8ER1r52afco1_500

{وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ فَإِذَا هُمْ فَرِيقَانِ يَخْتَصِمُونَ {45} قَالَ يَا قَوْمِ لِمَ تَسْتَعْجِلُونَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ لَوْلَا تَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ {46} قَالُوا اطَّيَّرْنَا بِكَ وَبِمَن مَّعَكَ قَالَ طَائِرُكُمْ عِندَ اللَّهِ بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ تُفْتَنُونَ {47} وَكَانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ {48} قَالُوا تَقَاسَمُوا بِاللَّهِ لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ ثُمَّ لَنَقُولَنَّ لِوَلِيِّهِ مَا شَهِدْنَا مَهْلِكَ أَهْلِهِ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ {49}}

شرح الكلمات:

{ أن اعبدوا }: أي بأن اعبدوا الله.

{ فريقان يختصمون }: أي طائفتان مؤمنة موحدة وكافرة مشركة يختصمون.

{ تستعجلون بالسيئة }: أي تطالبون بالعذاب قبل الرحمة.

{ لولا تستغفرون الله }: اي هلا تطلبون المغفرة من ربكم بتوبتكم إليه.

{ قالوا اطيرنا بك }: أي تشاءمنا بك وبمن معك من المؤمنين.

{ قال طائركم عند الله }: اي ما زجرتم من الطير لما يصيبكم من المكاره عند الله علمه.

{ بل أنتم قوم تفتنون }: أي تختبرون بالخير والشر.

{ تسعة رهط }: أي تسعة رجال ظلمة.

{ تقاسموا بالله }: أي تحالفوا بالله أي طلب كل واحد من الثاني أن يحلف له.

{ لنبيتنه وأهله }: أي لنقتلنه والمؤمنين به ليلاً.

{ ما شهدنا مهلك أهله }: أي ما حضرنا قتله ولا قتل أهله.

معنى الآيات:

قوله تعالى { ولقد أرسلنا } هذا بداية قصص صالح عليه السلام مع قومه ثمود لما ذكر تعالى قصص سليمان مع بلقيس ذكر قصص صالح مع ثمود وذلك تقريراً لنبوة رسوله محمد صلى الله عليه وسلم ووضع المشركين من قريش أمام أحداث تاريخية تمثيل حالهم مع نبيهم لعلهم يذكرون فيؤمنوا قال تعالى { ولقد أرسلنا إلى ثمود } أي قبيلة ثمود { أخاهم } أي في النسب { صالحاً أن اعبدوا } أي قال لهم اعبدوا الله أي وحدوه { فإذا هم فريقان } موحدون ومشركون { يختصمون } فريق يدعو إلى عبادة الله وحده وفريق يدعو إلى عبادة الأوثان مع الله وشأن التعارض أن يحدث التخاصم كل فريق يريد ان يخصم الفريق الآخر. 

وطالبوا صالحاً بالآيات وقالوا ائتنا بما تعدنا }أي من العذاب {إن كنت من الصادقين}

في أنك رسول إلينا مثل الرسل فرد عليهم وقال { يا قوم لم تستعجلون بالسيئة } أي تطالبونني بعذابكم { قبل الحسنة } فالمفروض أن تطالبوا بالحسنة التي هي الرحمة لا السيئة التي هي العذاب. 

إن كفركم ومعاصيكم هي سبيل عذابكم، كما أن إيمانكم وطاعتكم هي سبيل نجاتكم وسعادتكم فبادروا بالإيمان والطاعة طلباً لحسنة الدنيا والآخرة. 

إنكم بكفركم ومعاصيكم تستعجلون عذابكم { لولا } أي هلا { تستغفرون الله } بترككم الشرك والمعاصي { لعلكم ترحمون } اي كن ترحموا بعد هذا الوعظ والإِرشاد. 

كان جواب القوم ما أخبر تعالى به عنهم في قوله { قالوا اطيرنا بك وبمن معك } اي تشاءمنا بك وبأتباعك المؤمنين، فرد عليهم بقوله { طائركم عند الله } أي ما زجرتم من الطير لما يصيبكم من المكاره عند الله علمه وهو كائن لا محالة، وليست القضية تشاؤماً ولا تيامناً { بل أنتم قوم تفتنون } وقوله تعالى { وكان في المدينة تسعة رهط } أي مدينة الحجر حجر ثمود تسعة رجال { يفسدون في الأَرض } بالكفر والمعاصي { ولا يصلحون } وهم الذين تمالؤوا على عقر الناقة ومن بينهم قُدَار بن سالف الذي تولى عقر الناقة. هؤلاء التسعة نقر قالوا لبعضهم بعضاً في اجتماع خاص { تقاسموا بالله } أي ليقسم كل واحد من كم قائلاً والله { لنبيتنه } أي صالحاً { وأهله } اي أتباعه، أي لنأتينهم ليلاً فنقتلهم، ثم في الصباح { نقول لوليه } اي لولي دم صالح من اقربائه، والله { ما شهدنا مهلك أهله } ولا مهلكه { وإنا لصادقون } فيما نقسم عليه من انا لم نشهد مهلك صالح ولا مهلك اصحابه.

هداية الآيات

هداية الايات:

1- تقرير نبوة النبي صلى الله عليه وسلم.

2- تقرير حقيقة أن الصراع بين الحق والباطل لا ينتهي إلا بانتهاء الباطل.

3- حرمة التشاؤم والتيامن كذلك، ولم يجز الشارع إلا التفاؤل لا غير.

4- العمل بمعاصي الله تعالى هو الفساد في الأرض، والعمل بطاعته هو الإصلاح في الأرض.

5- تقرير أن المشركين يؤمنون بالله ولذا يحلفون به، ولم يدخلهم ذلك في الإِسلام لشركهم في عبادة الله تعالى غيره من مخلوقاته.

{وَمَكَرُوا مَكْراً وَمَكَرْنَا مَكْراً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ {50} فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ مَكْرِهِمْ أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ {51} فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً بِمَا ظَلَمُوا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِّقَوْمٍ يَعْلَمُونَ {52} وَأَنجَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ {53}}

شرح الكلمات:

{ ومكروا مكراً }: أي دبروا طريقة خفية لقتل صالح والمؤمنين.

{ ومكرنا مكراً }: أي ودبرنا طريقة خفية لنجاة صالح والمؤمنين وإهلاك الظالمين.

{ وهم لا يشعرون }: بأنا ندبر لهم طريق هلاكهم.

{ بيوتهم خاوية }: أي فارغة ليس فيها أحد.

{ بما ظلموا }: أي بسبب ظلمهم وهو الشرك والمعاصي.

{ لآية }: أي عبرة.

{ وأنجينا الذين آمنوا }: أي صالحاً والمؤمنين.

معنى الآيات:

قوله تعالى { ومكروا مكراً } هذا نهاية قصص صالح مع ثمود تقدم أن تسعة رهط من قوم صالح تقاسموا على تبييت صالح والمؤمنين وقتلهم ليلاً ليحولوا في نظرهم دون وقوع العذاب الذي واعدهم به صالح وأنه نازل بهم بعد ثلاثة ايام، وهذا مكرهم وطريقة تنفيذه أنهم أتوا صالحاً وهو يصلي في مسجد له تحت الجبل فسقطت عليهم صخرة من الجبل فأهلكتهم أجميعن وهكذا مكر الله بهم وهم لا يشعرون به، ثم أهلك الله القوم كلهم بالصيحة فأصبحوا في ديارهم جاثمين. 

وهو معنى قوله { فانظر كيف كان عاقبة مكرهم } أي انظر يا رسولنا كيف كانت نهاية ذلك المكر وعاقبته { أنا دمرناهم وقومهم أجميعن } { فتلك بيوتهم خاوية بما ظلموا } اي بسبب ظلمهم أنفسهم بالشرك وظلمهم صالحاً والمؤمنين. 

وقوله تعالى { إن في ذلك } أي الإهلاك للرهط التسعة ولثمود قاطبة { لآية } أي علامة على قدرة الله وعلمه وحسن تدبيره { لقوم يعلمون } إذ هم الذين يرون الاية ويدركونها.

وقوله تعالى: { وأنجينا الذين آمنوا وكانوا يتقون } يريد صالحاً والمؤمنين الذين آمنوا بالله رباً وإلهاً وبصالح نبياً ورسولاً. وكانوا طوال حياتهم يتقون عقاب الله تعالى بطاعته وطاعة رسوله في الأمر والنهي.

هداية الآيات

من هداية الآيات:

1- تقرير قاعدة:

{ ولا يحيق المكر السيء إِلا بأهله }

2- تقرير أن ديار الظالمين مآلها الخراب فالظلم يذر الديار بلا قع.

3- تقرير أن الإِيمان والتقوى هما سبب النجاة لأن ولاية الله للعبد تتم بهما.

{وَلُوطاً إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ وَأَنتُمْ تُبْصِرُونَ {54} أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِّن دُونِ النِّسَاء بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ {55}}

شرح الكلمات:

{ ولوط }: أي واذكر لقومك لوطاً إذ قال لقومه.

{ لقومه }: هم سكان مدن عمورية وسدوم.

{ الفاحشة }: أي الخصلة القبيحة الشديدة القبح وهي اللواط.

{ وأنتم تبصرون }: إذ كانوا يأتونها في أنديتهم عياناً بلا ستر ولا حجاب.

{ قوم تجهلون }: اي قبح ما تأتون وما يترتب عليه من خزي وعذاب.

معنى الآيتين:

هذا بداية قصص لوط عليه السلام مع قومه اللوطيين فقال تعالى: { ولوطاً } أي واذكر كما ذكرت صالحاً وقومه اذكر لوطاً { إذ قال لقومه } منكراً عليهم موبخاً مؤنباً لهم على فعلتهم الشنعاء { أتأتون الفاحشة وأنتم تبصرون } أي قبحها وشناعتها ببصائركم وبأبصاركم حيث كانوا يأتونها علناً وعياناً وهم ينظرون وقوله: { أئنكم لتأتون الرجال شهوة من دون النساء } أي لا للعفة والإِحصان ولا للولد والإِنجاب بل لقضاء الشهوة البهيمية فشأنكم شأن البهائم لا غير. 

وفي نفس الوقت آذيتم نساءكم حيث تركتم إتيانهن فهضمتم حقوقهن. 

وقوله تعالى: { بل أنتم قوم تجهلون } أي قال لهم لوط عليه السلام أي ما كان ذلك الشر والفساد منكم إلا لأنكم قوم سوء جهلة بما يجب عليكم لربكم من الإِيمان والطاعة وما يترتب على الكفر والعصيان من العقاب والعذاب.

هداية الآيات

من هداية الآيات:

1- بيا ما كان عليه قوم لوط من الفساد والهبوط العقلي والخلقي.

2- تحريم فاحشة اللواط وأنها أقبح شيء وأن فاعلها أحط من البهائم.

3- بيان أن الجهل بالله تعالى وما يجب له من الطاعة، وبما لديه من عذاب وما عنده من نعيم مقيم هو سبب كل شر في الأرض وفساد. ولذا كان الطريق غلى إصلاح البشر هو تعريفهم بالله تعالى حتى إذا عرفوه وآمنوا به أمكنهم أن يستقيموا في الحياة على منهج الإِصلاح المهيء للسعادة والكمال.

{فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَن قَالُوا أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِّن قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ {56} فَأَنجَيْنَاهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ قَدَّرْنَاهَا مِنَ الْغَابِرِينَ {57} وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِم مَّطَراً فَسَاء مَطَرُ الْمُنذَرِينَ {58}}

شرح الكلمات:

{ فما كان جواب قومه }: أي لم يكن لهم من جواب إلا قولهم أخرجوا.

{ آل لوط }: هو لوط عليه السلام وامرأته المؤمنه وابنتاه.

{ من قريتكم }: أي مدينتكم سَدُوم.

{ يتطهرون }: أي يتنزهون عن الأقذار والأساخ.

{ قدرناها من الغابرين }: أي حكمنا عليها أن تكون من الهالكين.

{ فساء مطر المنذرين }: أي قبح مطر المنذرين من أهل الجرائم أنه حجارة من سجيل.

معنى الآيات:

هذه بقية قصص لوط عليه السلام إنه بعد أن أنكر لوط عليه السلام على قومه فاحشة اللواط وأنَّبَهم عليها، وقبَّح فعلهم لها أجابوه مهددين له بالطرد والإِعاد من القرية كما أخبر تعالى عن ذلك بقوله: فما كان جواب قومه أى لم يكن لهم من جواب يردون به على لوط عليه السلام { إلا أن قالوا أخرجوا آل لوط من قريتكم } أي إلا قولهم { أخرجوا آل لوط من قريتكم }. 

وعللوا لقولهم هذا بقولهم { إنهم أناس يتطهرون } أي يتنزهون عن الفواحش. 

قالوا هذا تهكماً، لا إقراراً منهم على أن الفاحشة قذر يجب التنزه عنه. 

ولما بلغ بهم الحد إلى تهديد نبي الله لوط عليه السلام بالطرد والسخرية منه أهلكهم الله تعالى وأنجى لوطاً وأهله إلا إحدى امرأتيه وكانت عجوزاً كافرة وهو معنى قوله تعالى في الاية (57) { فأنجيناه وأهله إلا امرأته قدرناها من الغابرين } حكمنا ببقائها مع الكافرين لتهلك معهم. 

وقوله تعالى في الآية (58) { وأمطرنا عليهم } هو بيان لكيفية إهلاك قوم لوط بأن أمطر عليهم حجارة من سجيل منضود فأهلكهم: { فساء مطر المنذرين } أي قبح هذا المطر من مطر المنذرين الذين كذبوا بما أنذروا به واصروا على الكفر والمعاصي. 

وهذا المطر كان بعد أن جعل الله عالِيَ بلادهم سافلها، أردف خسفها بمطرٍ من حجارة لتصيب من كان بعيداً عن المُدُن.

هداية الايات:

من هداية الآيات:

1- بيان سنة أن الظلمة إذا أعيتهم الحجج والبراهين يفزعون إلى القوة.

2- بيان سنة أن المرء إذا أدْمن على قبح قول أو عمل يصبح غير قبيح عنده.

3- سنة إنجاء الله أولياءه وإهلاكه أعداءه بعد إصرار المنذرين على الكفر والمعاصي.

{قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلَامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى آللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ {59} أَمَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنزَلَ لَكُم مِّنَ السَّمَاءِ مَاء فَأَنبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مَّا كَانَ لَكُمْ أَن تُنبِتُوا شَجَرَهَا أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ {60} أَمَّن جَعَلَ الْأَرْضَ قَرَاراً وَجَعَلَ خِلَالَهَا أَنْهَاراً وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حَاجِزاً أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ {61} أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاء الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ {62} أَمَّن يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَن يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ {63} أَمَّن يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَمَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ {64}}

شرح الكلمات:

{ اصطفى }: أي اختارهم لحمل رسالته وإِبلاغ دعوته.

{ الله خير }: أي لمن يعبده.

{ حدائق ذات بهجة }: أي بساتين ذات منظر حسن لخضرتها وأزهارها.

{ يعدلون }: أي بربهم غيره من الأصنام والأوثان.

{ جعل الأرض قراراً }: أي قارة ثابتة لا تتحرك ولا تضطرب بسكانها.

{ وجعل خلالها أنهاراً }: أي جعل الأنهار العذبة تتخللها للشرب والسقي.

{ وجعل لها رواسي }: أي جبالاً ارساها بها حتى لا تتحرك ولا تميل.

{ بين البحرين حاجزاً }: أي فاصلاً لا يختلط أحدهما بالآخر.

{ ويكشف السوء }: أي الضر، المرض وغيره.

{ قليلاً ما تذكرون }: أي ما تتعظون إلا قليلاً.

{ بشراً بين يدي رحمته }: أي مبشرة بين يدي المطر إذ الرياح تتقدم ثم باقي المطر.

{ أمن يبدأ الخلق ثم يعيده }: أي يبدؤه في الأرحام، ثم يعيده يوم القيامة.

{ هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين }: اي حجتكم إن كنتم صادقين أن مع الله إلهاً آخر فعل ما ذكر.

معنى الآيات:

لما أخبر الله تعالى رسوله بإهلاك المجرمين ونجاة المؤمنين أمر تعالى رسوله أن يحمده على ذلك تعليماً له ولأمته إذا تجددت لهم نعمة أن يحمدوا الله تعالى عليها ليكون ذلك من شكرها قال تعالى: { قل الحمد لله } اي الوصف بالجميل لله استحقاقاً.

{ وسلام على عباده الذين اصطفى } الله لرسالته وإبلاغ دعوته غلى عباده ليعبدوا فيكملوا ويسعدوا على ذلك في الحياتين.

وقوله تعالى: { آ الله خير أمَّا يشركون } أي آ الله الخالق الرازق المدبر القوى المنتقم من أعدائه المكرم لأوليائه؛ عبادته خير لمن يعبده بها أم عبادة من يشركون. 

فقوله: { أمن خلق السموات والأرض وأنزل لكم من السماء ماء } أي لحاجتكم إليه غسلاً وشرباً وسقيا { فأنبتنا به حدائق } أي بساتين محدقة بالجدران والحواجز { ذات بهجة } اي حسن وجمال، رما كان لكم أن تنبتوا شجرها } اي لم يكن في استطاعتكم أن تنبتواشجرها { أ إله مع الله } لا والله { بل هم قوم يعدلون } أي يشركون بربهم اصناماً ويُسَوُّونها به في العبادات. 

وقوله تعالى: { أمن جعل الأرض قراراً } اي قارة ثابتة لا تتحرك بسكانها ولا تضطرب بهم فيهلكوا: { وجعل خلالها أنهاراً } أي فيما بينها. روجعل لها رواسى } اي جبالاً تثبتها، { وجعل بين البحرين } العذب والملح { حاجزاً } حتى لا يختلط الملح بالعذب فيفسده.

{ أ إله مع الله؟ } والجواب: لا والله. ربل أكثرهم لا يعلمون } ولو علموا لما أشركوا بالله مخلوقاته. 

وقوله تعالى: { أمن يجيب المضطر إذا دعاه } اي ليكشف ضره { ويشكف السوء } اي يبعده والسوء هو ما يسوء المرء من مرض وجوع وعطش وقحط وجدب.

{ ويجعلكم خلفاء الأرض } جعل جيلاً يخلف جيلاً وهكذا الموجود خلف لمن سلف وسيكون سلفاً لمن خلف { أإله مع الله والجواب لا إله مع الله } { قليلاً ما تذكرون } اي ما تتعظون إلا قليلاً بما تسمعون وترون من آيات الله.

وقوله تعالى: { أمن يهديكم في ظلمات البر والبحر } في الليل بالنجوم وفي النهار بالعلامات الدالة والهادية إلى مقاصدكم { ومن يرسل الرياح بشراً بين يدى رحمته } أي من يثير الرياح ويرسلها تتقدم المطر وتبشر به؟ لا أحد غير الله إذاً.. أ إله مع الله. والجواب: لا، لا.. الله وحده الإِله الحق وما عداه فباطل.

وقوله تعالى: { تعالى الله عما يشركون } نزه تعالى نفسه عن الشرك المشركين أصناماً لا تبدئ ولا تعيد ولا تخلق ولا ترزق ولا تعطي ولا تمنع. وقوله تعالى: { أمن يبدأ الخلق } اي نطفاً في الأرحام، ثم بعد حياته يميته، ثم يعيده وهو معنى { ثم يعيده }.

{ ومن يرزقكم من السماء } بالمطر { والأرض } بالنبات. والجواب: الله إذاً { أ إله مع الله } والجواب: لا، لا وإن قلتم هناك آلهة مع الله { قل هاتوا برهانكم } أي حججكم { إن كنتم صادقين } أن غير الله يفعل شيئاً مما ذُكر في هذا السياق الكريم.

هداية الآيات:

1- وجوب حمد الله وشكره عند تجدد الشكر، والحمد لله رأس الشكر.

2- مشروعية السلام عند ذكر الأنبياء عليهم السلام فمن ذكر أحدهم قال عليه السلام.

3- التنديد بالشرك والمشركين.

4- تقرير التوحيد بأدلته الباهرة العديدة.

5- تقرير عقيدة البعث الآخر وإثباتها بالاستنباط من الأدلة المذكورة.

6- لا تثبت الأحكام إلا بالأدلة النقلية والعقلية.

{قُل لَّا يَعْلَمُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ {65} بَلِ ادَّارَكَ عِلْمُهُمْ فِي الْآخِرَةِ بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِّنْهَا بَلْ هُم مِّنْهَا عَمِونَ {66} وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَئِذَا كُنَّا تُرَاباً وَآبَاؤُنَا أَئِنَّا لَمُخْرَجُونَ {67} لَقَدْ وُعِدْنَا هَذَا نَحْنُ وَآبَاؤُنَا مِن قَبْلُ إِنْ هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ {68} قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ {69}}

شرح الكلمات:

{ من في السموات والأرض }: الملائكة والناس.

{ الغيب إلا الله }: أي ما غاب عنهم ومن ذلك متى قيام الساعة إلا الله فإنه يعلمه.

{ أيَّان يبعثون }: أي متى يبعثون.

{ بل ادارك علمهم في: أي تلاحق وهو ما منهم أحد إلا يظن فقط فلا علم لهم بالآخرة الآخرة } بالمرة.

{ بل هم منها عمون }: أي في عمى كامل لا يبصرون شيئاً من حقائقها.

{ أئنا لمخرجون }: أي أحياء من قبورنا.

{ لقد وعدنا هذا }: أي البعث أحياء من القبور.

{ أساطير الأولين }: أي أكاذيبهم التي سطروها في كتبهم.

{ كيف كان عاقبة: أي المكذبين بالبعث كانت دماراً وهلاكاً وديارهم الخاوية شاهدة المجرمين } بذلك.

معنى الآيات:

قوله تعالى: { قل لا يعلم من في السموات والأرض الغيب إلا الله } لما سأل المشركون من قريش النبي صلى اللهعليه وسلم عن الساعة أمره تعالى أن يجيبهم بهذا الجواب { قل لا يعلم } الخ.. والساعة من جملة الغيب بل هي أعظمه. { من في السموات } من الملائكة { والأرض } من الناس { إلا الله } أي لكن الله تعالى يعلم غيب السموات والأرض أما غيره فلا يعلم إلا ما علمه الله علام الغيوب.

وقوله تعالى: { وما يشعرون أيَّان يبعثون } أي وما يشعر أهل السموات وأهل الأرض متى يبعث الأموات من قبورهم للحساب والجزاء وهذا كقوله تعالى في سورة الأعراف.

{ يسالونك عن الساعة قل إنما علمها عند ربي لا يجليها لوقتها غلا هو، ثقلت في السموات والأرض لا تاتيكم إلا بغتة }

وقوله تعالى: { بل ادَّارَكَ علمهم في الآخرة } قرئ { بل أَدْرَكَ علمهم في الآخرة } أي بلغ حقيقته يوم القيامة إذ يصبح الإِيمان بها الذي كان غيباً شهادة ولكن لا ينفع صاحبه يومئذ. وقرئ ربل ادارك علمهم } أي علم المشركين بالآخرة. اي تلاحق وأدرك بعضه بعضاً وهو أنه لا علم لهم بها بالمرة.

ويؤيد هذا المعنى قوله تعالى: { بل هم في شك منها بل هم منها عمون } أي لا يرون شيئاً من دلائلها، ولا حقائقها بالمرة ويدل على هذا ما أخبر به تعالى عنهم من أنهم لا يؤمنون بالساعة بالمرة في قوله { وقال الذين كفروا أئذا كنا تراباً وآباؤنا أئنا لمخرجون } أي من قبورنا احياء.

والاستفهام للانكار الشديد ويؤكدون إنكارهم هذا بقولهم.

لقد وعدنا هذا نحن وآباؤنا من قبل أي من قبل أن يعدنا محمد.

{ إن هذا } اي الوعد بالبعث والجزاء { إلا أساطير الأولين } اي أكاذيبهم وحكاياتهم التي يسطرونها في الكتب ويقرأونها على الناس.

وقوله تعالى في آخر آية من هذا السياق (69) رقل سيروا في الأرض } أي قل لهم يا رسولنا سيروا في الأرض جنوباً أو شمالاً أو غرباً { فانظروا كيف كان عاقبة المجرمين } أي أهلكناهم لما كذبوا بالبعث كما كذبتم، فالقادر على خلقهم ثم إماتتهم قادر قطعاً على بعثهم وإِحيائهم لمحاسبتهم وجزائهم بكسبهم.

فالبعث إذاً ضروري لا ينكره ذو عقل راجح أبداً.

هداية الآيات:

من هدية الآيات:

1- حصر علم الغيب في الرب تبارك وتعالى. فمن ادعى أنه يعلم ما في غد فقد كذب.

2- تساوي علم أهل السماء والأرض في الجهل بوقت قيام الساعة.

3- المكذبون بيوم القيامة سيوقنون به في الآخرة ولكن لا ينفعهم ذلك.

4- إهلاك الله الأمم المكذبة بالبعث بعد خلقهم ورزقهم دليل على قدرته تعالى على بعثهم لحسابهم وجزائهم.

{وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلَا تَكُن فِي ضَيْقٍ مِّمَّا يَمْكُرُونَ {70} وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ {71} قُلْ عَسَى أَن يَكُونَ رَدِفَ لَكُم بَعْضُ الَّذِي تَسْتَعْجِلُونَ {72} وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَشْكُرُونَ {73} وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَعْلَمُ مَا تُكِنُّ صُدُورُهُمْ وَمَا يُعْلِنُونَ {74} وَمَا مِنْ غَائِبَةٍ فِي السَّمَاء وَالْأَرْضِ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ {75}}

شرح الكلمات:

{ ولا تحزن عليهم. الآية }: المراد به تسلية الرسول صلى الله عليه وسلم.

{ مما يمكرون }: أي بك إذْ حالوا قتله ولم يفلحوا.

{ متى هذا الوعد }: أي بعذابنا.

{ بعض الذي تستعجلون }: وقد حصل لهم في بدر.

{ إن الله لذو فضل على الناس }: أي في خلقهم ورزقهم وحفظهم وعدم إنزال العذاب بهم.

{ ما تكن صدورهم }: أي ما تخفيه وتستره صدورهم.

{ وما من غائبة }: أي ما من حادثة غائبة في السماء والأرض الا في كتاب مبين هو اللوح المحفوظ مدونة فيه مكتوبة.

معنى الآيات:

ما زال السياق في دعوة المشركين على التوحيد والإِيمان بالنبوة والبعث الآخر ولقد تقدم تقرير كل من عقيدة التوحيد بأدلة لا تُرد، وكذا تقرير عقيدة البعث والجزاء ولكن المشركين ما زالوا يعارضون ويمانعون بل ويمكرون فلذا نهى الله تعالى رسوله عن الحزن على المشركين في عدم إيمانهم كما نهاه عن ضيق صدره مما يمكرون ويكيدون له ولدعوة الحق التي يدعو إليها. هذا ما دلت عليه الاية الأولى (70) وأما الآية الثانية والثالثة فإنه تعالى يخبر رسوله بما يقول أعداؤه ويلقنه الجواب. فقال تعالى: (71) { ويقولون متى هذا الوعد } - أي بالعذاب- { إن كنتم صادقين } -فيما تقولون وتعبدون- { قل عسى أن يكون ردف لكم بعض الذي تستعجلون } اي اقترب منكم ودنا وهو ما حصل لهم في بدر من السر والقتل هذا ما دلت عليه الآيتان (71 و 72).

وقوله تعالى: { وإن ربك لذو فضل على الناس } مؤمنهم وكافرهم إذ خلقهم ورزقهم وعافاهم ولم يهلكهم بذنوبهم { ولكن أكثرهم لا يشكرون } فهاهم أولاء يستعجلون العذاب ويطالبون به ومع هذا يمهلهم لعلهم يتوبون، وهذا أعظم فضل. وقوله تعالى: روإن ربك ليعلم ما تكن صدورهم وما يلعنون } أي لا يخفى عليه من أمرهم شيء وسيحصى لهم أعمالهم ويجزيهم بها وفي هذا تسلية لرسول الله صلى الله عليه وسلم ووعيد لهم وتهديد وقوله تعالى: { وما من غائبة في السماء والرض إلا في كتاب مبين }. وهو اللوح المحفوظ أي إن علم ربك أحاط بكل شيء ولا يعزب عنه شيء وهذا مظهر من مظاهر العلم الإِلهي المستلزم للبعث والجزاء، إذ لو قل علمه بالخلق لكان من الجائز أن يترك بعضاً لا يبعثهم ولا يحاسبهم ولا يجزيهم.

هداية الآيات:

من هداية الآيات:

1- تسلية الرسول صلى الله عليه وسلم لأنه يعانى شدة من ظلم المشركين وإعراضهم.

2- بيان تعنت المشركين وعنادهم.

3- تحقق وعد الله للمشركين حيث نزل بهم بعض العذاب الذي يستعجلون.

4- بيان فضل الله تعالى على الناس مع ترك أكثرهم لشكره سبحانه وتعالى.

5- بيان إِحاطة علم الله بكل شيء.

6- إثبات وتقرير كتاب المقادير، وهو اللوح المحفوظ.

{إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَقُصُّ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَكْثَرَ الَّذِي هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ {76} وَإِنَّهُ لَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ {77} إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُم بِحُكْمِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ {78} فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّكَ عَلَى الْحَقِّ الْمُبِينِ{79} إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى وَلَا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاء إِذَا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ {80} وَمَا أَنتَ بِهَادِي الْعُمْيِ عَن ضَلَالَتِهِمْ إِن تُسْمِعُ إِلَّا مَن يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا فَهُم مُّسْلِمُونَ {81}}

شرح الكلمات:

{ يقص على بنى إسرائيل }: أي بذكر أثناء ىياته كثيراً مما اختلف فيه بنو إسرائيل.

{ لهدى ورحمة للمؤمنين }: أي به تتم هداية المؤمنين ورحمتهم.

{ يقضى بينهم بحكمه }: اي يحكم بين بنى غسرائيل بحكمه العادل.

{ وهو العزيز العليم }: الغالب على أمره، العليم بخلقه.

{ فتوكل على الله }: أي ثق فيه وفوض امرك إيله.

{ إنك لا تسمع الموتى }: أي لو أردت أن تسمعهم لأنهم موتى.

{ ولا تسمع الصم الدعاء }: أي ولا تقدر على إسماع كلامك الصم الذين فقدوا حاسة السمع.

{ إذا ولوا مدبرين }: أي إذا رجعوا مدبرين عنك غير ملتفتين إليك.

{ إن تسمع إلا من يؤمن بآياتنا }: أي ما تسمع إلا من يؤمن بآيات الله.

معنى الآيات:

قوله تعالى: رإن هذا القرآن } الكريم الذي أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم [يقص على بني إسرائيل] المعاصرين لنزوله (أكثر الذي هم فيه يختلفون) كاختلافهم في عيسى عليه السلام ووالدته، إذ غلا فيهما البعض وأفرطوا فألَّهوهما وفرط فيهما البعض فقالوا في عيسى ساحر، وفي مريم عاهرة لعنهم الله، وكاختلافهم في صفات الله تعالى وفي حقيقة المعاد، وكاختلافهم في مسائل شرعية وأخرى تاريخية. 

وقوله تعالى: { وإنه لهدى ورحمة } اي وإن القرآن الكريم لهدى، أي لهادٍ لمن آمن به إلى سبيل السلام ورحمة شاملة { للمؤمنين } به، العاملين بما فيه من الشرائع والآداب والأخلاق. 

وقوله تعالى: { إن ربك } اي أيها الرسول { يقضي بينهم } اي بين الناس من وثنيين وأهل كتاب يوم القيامة بحكمه العادل الرحيم، { وهو العزيز } الغالب الذي ينفذ حكمه فيمن حكم له أو عليه { العليم } بالمحقين من المبطلين من عباده فلذا يكون حكمه أعدل وأرحم ولذا { فتوكل على الله } أيها الرسول بالثقة فيه وتفويض أمرك غليه فإنه كافيك. 

وقوله: { إنك على الحق المبين } أي إنك يا رسولنا على الدين الحق الذي هو الإسلام وخصومك على الباطل فالعاقبة الحسنى لك، لا محالة. 

وقوله تعالى: { إنك لا تسمع الموتى } والكفار موتى بعدم وجود روح الإِيمان في أجسامهم والميت لا يسمع فلذا لا تقدر على إسماع هؤلاء الكافرين الأموات، كما انك { لا تسمع الصم } أي الفاقدين لحاسة السمع { الدعاء } اي دعاءك { إذا ولوا مدبرين } أي إذا رجعوا مدبرين غير ملتفتين غليك: { وما أنت بهادى العمى عن ضلالتهم } التي يعيشون عليها فهوِّن على نفسك ولا تكرب ولا تحزن { إن تسمع إلا من يؤمن بآياتنا } اي ما تسمع إسماع تفهم وقبول إلا المؤمنين بآيات الله، { فهم مسلمون } أي فهم من أجل إيمانهم مسلمون أي منقادون خاضعون لشرع الله وأحكامه.

هداية الآيات:

من هداية الايات:

1- شرف القرآن وفضله.

2- لن ينتهي خلاف اليهود والنصارى إلا بالإسلام فإذا اسلموا اهتدوا للحق وانتهى كل خلاف بينهم.

3- كل خلاف بين الناس اليوم سيحكم الله تعالى بين اهله يوم القيامة بحكمه العادل ويوفى كلا ماله أو عليه وهو العزيز العليم.

4- الكفار أموات لخلو أبدانهم من روح الإيمان فلذا هم لا يسمعون الهدى ولا يبصرون الآيات مهما كانت واضحات.

فعلى داعيهم أن يعرف هذا فيهم وليصبر على دعوتهم ودعاويهم.

يتبع إن شاء الله...



تفسير سورة النمل (27) 2013_110


عدل سابقا من قبل أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn في الأربعاء 09 يونيو 2021, 6:26 am عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52683
العمر : 72

تفسير سورة النمل (27) Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير سورة النمل (27)   تفسير سورة النمل (27) Emptyالجمعة 13 سبتمبر 2013, 11:57 pm

بسم الله الرحمن الرحيم

تفسير سورة النمل (27) Hqdefault

{وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِّنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآيَاتِنَا لَا يُوقِنُونَ {82} وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِن كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً مِّمَّن يُكَذِّبُ بِآيَاتِنَا فَهُمْ يُوزَعُونَ {83} حَتَّى إِذَا جَاؤُوا قَالَ أَكَذَّبْتُم بِآيَاتِي وَلَمْ تُحِيطُوا بِهَا عِلْماً أَمَّاذَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ {84} وَوَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِم بِمَا ظَلَمُوا فَهُمْ لَا يَنطِقُونَ {85} أَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا اللَّيْلَ لِيَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِراً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ {86}}

شرح الكلمات:

{ وقع القول عليهم }: أي حق عليهم العذاب.

{ دابة من الأرض }: حيوان يدب على الأرض لم يرد وَصْفُها في حديث صحيح يعول عليه ويقال به.

{ تكلم الناس }: بلسان يفهمونه لأنها آية من الآيات.

{ أن الناس كانوا بآياتنا لا يوقنون }: أي بسبب أن الناس أصبحوا لا يؤمنون بآيات الله وشرائعه أي كفروا فيبلون بهذه الدابة.

{ ويوم نحشر }: أي اذكر يوم نحشر أي نجمع.

{ من كل أمة فوجاً }: أي طائفة وهم الرؤساء المتبعون في الدنيا.

{ فهم يوزعون }: أي يجمعون برد أولهم على آخرهم.

{ حتى إذا جاءوا }: أي الموقف مكان الحساب.

{ وقع القول عليهم }: أي حق عليهم العذاب.

{ بما ظلموا }: أي بسبب الظلم الذي هو شركهم بالله تعالى.

{ فهم لا ينطقون }: أي لا حجة لهم.

{ والنهار مبصراً }: أي يبصر فيه من أجل التصرف في الأعمال.

معنى الآيات:

قوله تعالى: { وإذا وقع القول عليهم } أي حق العذاب على الكافرين حيث لم يبق في الأرض من يأمر بمعروف ولا من ينهى عن منكر { أخرجنا لهم } لفتنتهم { دابة من الأرض } حيوان أرضى ليس بسماوي { تكلمهم } اي بلسان يفهمونه، { أن الناس كانوا بآياتنا لا يوقنون } هذه علة تكليمهم وهي بأن الناس كفروا وما أصبحوا يوقنون بآيات الله وشرائعه فيخرج الله تعالى هذه الدابة لِحِكَم منها: أن بها يتميز المؤمن من الكافر. 

وقوله تعالى: { ويوم نحشر من كل أمة فوجاً } أي واذكر يا رسولنا { يوم نحشر من كل أمة } من الأمم البشرية { فوجاً } أي جماعة { ممن يكذب بآياتنا فهم يوزعون } بأن يرد أولهم على آخرهم لينتظم سيرهم { حتى إذا جاءوا } الموقف موضع الحساب يقول الله تعالى لهم: { أكذبتم بآياتي } وما اشتملت عليه من أدلة وحجج وشرائع وأحكام { ولم تحيطوا بها علماً } ، وهذا تقريع لهم وتوبيخ إذ كون الإنسان لم يحظ علماً بشيء لا يجوز له أن يكذب به لمجرد أنه ما عرفه. 

وقوله: { أم ماذا كنتم تعملون } أي ما الذي كنتم تعملون في آياتي من تصديق وتكذيب قال تعالى { ووقع القول عليهم } أي وجب العذاب { بِما ظلموا } أي بسبب ظلمهم { فهم لا ينطقون } أي بمعجزهم عن الدفاع عن أنفسهم لأنهم ظَلَمَه مشركون. 

وقوله تعالى: { ألم يروا } أي الم يبصر أولئك المشركون المكذبون بالبعث والجزاء أن الله تعالى جعل { الليل ليسكنوا فيه } وسكونهم هو موتهم على فرشهم بالنوم فيه { والنهار } اي وجعل { النهار مبصراً } اي يبصر فيه ليتصرفوا فيه بالعمل لحياتهم، فنوم الليل شبيه بالموت وانبعاث النهار شبيه بالحياة، فهي عملية موت وحياة متكررة طوال الدهر فكيف ينكر العقلاء البعث الآخر وله صورة متكررة طوال الحياة، ولذا قال تعالى: { إن في ذلك } أي في ذلك العمل المتكرر للموت والحياة كل يوم وليلة { لآيات } أي براهين وحجج قاطعة على وجود بعث وحياة بعد هذا الموت والحياة.

وخص المؤمنون بالذكر وبالحصول على البرهان المطلوب من عملية الليل والنهار لأن المؤمنين أحياء يسمعون ويبصرون ويفكرون والكافرين أموات والميت لا يسمع ولا يبصر ولا يعي ولا يفكر.

هداية الآيات:

من هداية الآيات:

1- تأكيد آية الدابة والتي تخرج من صدع من الصفا وقد وجد الصدع الآن فيما يبدو وهي الأنفاق التي فتحت في جبل الصفا وأصبحت طرقاً عظيمة للحجاج، وعما قريب تخرج، وذلك يوم لا يبقى من يأمر بالمعروف ولا من ينهى عن المنكر فيحق العذاب على الكافرين.

2- تقرير عقيدة البعث والجزاء بذكر وصف لها.

3- ويل لرؤساء الضلالة والشر والشرك والباطل إذ يؤتى بهم ويسألون.

4- في آية الليل والنهار ما يدل بوضوح على عقيدة البعث الآخر والحساب والجزاء.

تفسير سورة النمل (27) Dohaup_582331132

{وَيَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَن شَاء اللَّهُ وَكُلٌّ أَتَوْهُ دَاخِرِينَ {87} وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ {88} مَن جَاء بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِّنْهَا وَهُم مِّن فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ {89} وَمَن جَاء بِالسَّيِّئَةِ فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ هَلْ تُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ {90}}

شرح الكلمات:

{ ويوم ينفخ في الصور }: أي يوم ينفخ إسرافيل في البوق نفخة الفزع والفناء والقيام من القبور.

{ وكل أتوه داخرين }: أي وكل من أهل السماء والأرض أتوا الله عز وجل داخرين أي أذلاء صاغرين.

{ وترى الجبال تحسبها جامدة }: أي تظنها في نظر العين جامدة.

{ وهي تمر مر السحاب }: وذلك لسرعة تسييرها.

{ من جاء بالحسنة }: وهي الإِيمان والتوحيد وسائر الصالحات.

{ فله خير منها }: أي الجنة.

{ ومن جاء بالسيئة }: أي الشرك والمعاصي فله النار يكب وجهه فيها.

{ وهم من فزع يومئذ آمنون }: أي أصحاب حسنات التوحيد والعمل الصالح آمنون من فزع هول يوم القيامة.

{ ومن جاء بالسيئة فكبت }: أي جاء بالسيئة كالشرك وأكل الربا، وقتل النفس، فكبت وجوههم في النار والعياذ بالله أي القوا فيها على وجوههم

{ هل تجزون إلا ما كنتم تعملون }: أي ما تجزون غلا بعملكم، ولا تجزون بعمل غيركم.

معنى الآيات:

ما زال السياق في ذكر أحداث القيامة تقريراً لعقيدة البعث والجزاء التي هي الباعث على الاستقامة في الحياة. فقال تعالى { ويوم ينفخ في الصور } أي ونفخ إسرافيل بإذن ربه في الصور الذي هو القرن أو البوق { ففزع من في السموات ومن في الأرض إلا من شاء الله } وهي نفخة الفزع فتفزع لها الخلائق إلا من استثنى الله تعالى وهم الشهداء فلا يفزعون وهي نفخة الفناء أيضاً إذ بها يفنى كل شيء، وقوله تعالى { وكل أتوه } أي أتوا الله تعالى { داخرين } اي صاغرين ذليلين أتوه إلى المحشر وساحة فصل القضاء وقوله { وترى الجبال تحسبها جامدة } أي لا تتحرك وهي في نفس الواقع تسير سير السحاب { صنع الله الذي أتقن كل شيء } أي أوثق صنعه وأحكمه { إنه خبير بما تفعلون } وسيجزيكم أيها الناس بحسب علمه { من جاء بالحسنة } وهي الإيمان والعمل الصالح { فله خير منها } ألا وهي الجنة { ومن جاء بالسيئة } وهي الشرك والمعاصي { فكبت وجوههم في النار } فذلك جزاء من جاء بالسيئة.

وقوله تعالى: { هل تجزون إلا ما كنتم تعملون } أي لا تجزون غلا ما كنتم تعملونه في الدنيا من خير وشر وقد تم الجزاء بمقتضى ذلك فقوم دخلوا الجنة وآخرون كبت وجوههم في النار.

هداية الآيات:

من هداية الآيات:

1- تقرير عقيدة البعث والجزاء بذكر أحداثها مفصلة.

2- بيان كيفية خراب العوالم وفناء الأكوان.

3- فضل الشهداء حيث لا يحزنهم الفزع الأكبر وهم آمنون.

4- تقرير مبدأ الجزاء وهو الحسنة والسيئة، حسنة التوحيد وسيئة الشرك.

تفسير سورة النمل (27) Thumbnail.php?file=___________781976167

{إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هَذِهِ الْبَلْدَةِ الَّذِي حَرَّمَهَا وَلَهُ كُلُّ شَيْءٍ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ{91} وَأَنْ أَتْلُوَ الْقُرْآنَ فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَن ضَلَّ فَقُلْ إِنَّمَا أَنَا مِنَ الْمُنذِرِينَ {92} وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ سَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ فَتَعْرِفُونَهَا وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ {93}}

شرح الكلمات:

{ هذه البلدة }: أي مكة المكرمة والاضافة للتشريف.

{ الذي حرمها }: اي الله الذي حرم مكة فلا يختلى خلاها ولا ينفَّر صيدها ولا يقاتل فيها.

{ من المسلمين }: المؤمنين المنقادين له ظاهراً وباطناً وهم اشرف الخلق.

{ وأن أتلو القرآن }: أي أمرني أن أقرأ القرآن إنذاراً وتعليماً وتعبداً.

{ سيريكم آياته }: أي مدلول آيات الوعيد فيعرفون ذلك وقد أراهموه في بدر وسيرونه عند الموت.

{ وما ربك بغافل عما يعملون }: أي وما ربك أيها الرسول بغافل عما يعمل الناس وسيجزيهم بعملهم.

معنى الآيات:

إنه بعد ذلك العرض الهائل لأحداث القيامة والذي المفروض فيه أن يؤمن كل من شاهده ولكن القوم ما آمن أكثرهم ومن هنا ناسب بيان موقف الرسول صلى الله عليه وسلم وهو أنه عبد مأمور بعبادة ربه لا يغر ربه الذي هو رب هذه البلدة الذي حرمها فلا يقاتل فيها ولا يصاد صيدها ولا يختلى خلالها ولا تلتقط لقطتهها إلا لمن يعرفها، وله كل شيئ خلقاً وملكاً وتصرفاً فليس لغيره معه شيء في العوالم كلها علويّها وسفلِيّها وقوله: { وأمرت أن أكون من المسلمين } أي وأمرني ربي أن أكون في جملة المسلمين أي المنقادين لله والخاضعين له وهم صالحو عباده من الأنبياء والمرسلين. 

وقوله: { وأن أتلو القرآن } أي وأمرني أن أتلو القرآن تلاوة إنذار وتعليم وتعبداً وتقرباً إليه تعالى وبعد تلاوتي فمن اهتدى عليها فعرف طريق الهدى وسلكه فنتائج الهداتية وعائدها عائد عليه هو الذي ينتفع بها. ونم ضل فلم يقبل الهدى وأقام على ضلالته فليس علي هدايته لأن ربي قال لي قل لمن ضل { إنما أنا من المنذرين } لا من واهبى الإِيمان والهداية إنما يهب الهداية ويمن بها الله الذي بيده كل شيء { وقل الحمد لله } وأمرني أن أحمده على كل ما وهبني من نعم لا تعد ولا تحصى ومن أجلِّها إكرامه لي بالرسالة التي شرفني بها على سائر الناس فالحمد لله والمنة له وقوله { سيريكم آياته فتعرفونها } أي وأعلم هؤلاء المشركين أن الله ربي سيريكم آياته في مستقبل أيامكم وقد اراهم أول آية في بدر وثاني آية في الفتح وآخر آية عند الموت يوم تضرب الملائكة وجوههم وأدبارهم وتقول لهم { ذوقوا عذاب الحريق } وقوله تعالى { وما ربك بغافل عما تعملون } أي وما ربك الذي أكرمك وفضلك أيها الرسول { بغافل عما تعملون } أيها الناس مؤمنين وكافرين وصالحين وفاسدين وسيجزى كلاً بعمله وذلك يوم ترجعون إليه ففي الآية وعد ووعيد.

هداية الآيات:

من هداية الآيات:

- بيان وظيفة الرسول صلى الله عليه وسلم وأنها عبادة الله والإِسلام له، وتلاوة القرآن إنذاراً وإِعذاراً وتعليماً وتَعَبُّداً به وتقراباً إلى منزله عز وجل.

2- بيان وتقرير حرمة مكة المكرمة والحرم.

3- الندب إلى حمد الله تعالى على نعمة الظاهرة والباطنة ولا سيما عند تجدد النعمة وعند ذكرها.

4- بيان أن عوائد الكسب عائدة على الكاسب خيراً كانت أو شراً.

5- بيان معجزة القرآن الكريم إذ ما أعلم به المشركين أنهم سيرونها قد رأوه فعلاً وهو غيب، فظهر كما أخبر.



تفسير سورة النمل (27) 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
 
تفسير سورة النمل (27)
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» سورة النمل
» سورة النمل
» (27) سورة النمل
» سورة النمل
» سورة النمل

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers :: (العربي) :: مجمـــوعــة تفاســـــير :: أيســـر التفاســــير-
انتقل الى: