القاعدة الثالثة والعشرون:
كل ما يترتب على فعل البدع المحدثة في الدين من الإتيان ببعض الأمور التعبدية أو العادية فهو ملحق بالبدعة؛ لأن ما بُنِىَ على المُحدث مُحدث [1].
ومن الأمثلة على ذلك:
ما يُفعل في ليلة النصف من شعبان، من زيادة الوقيد على المعتاد، وما يترتب على ذلك من شغب في المساجد، والأكل من الحلوى وغيرها، والتوسعة فيها بالإنفاق، كل ذلك بدعة تابع لأصله [2].
ومن الأمثلة على ذلك أيضًا:
ما يحصل في الأعياد والاحتفالات المبتدعة من التوسع في الطعام واللباس واللعب والراحة، فكل ذلك تابع لذلك العيد الديني المبتدع، كما أنه تابع له في دين الإسلام [3].
قال ابن تيمية:
وكذلك حريم العيد، وهو ما قبله وما بعده من الأيام التي يحدثون فيها أشياء لأجله، أو ما حوله من الأمكنة التي يحدث فيها أشياء لأجله، أو ما يحدث بسبب أعماله من الأعمال؛ حكمها حكمه، فلا يُفعل شيء من ذلك.
فإن بعض الناس قد يمتنع من إحداث أشياء في أيام عيدهم، كيوم الخميس والميلاد، ويقول لعياله:
أنا أصنع لكم هذا في الأسبوع أو الشهر الآخر وإنما المحرِّك على إحداث ذلك وجود عيدهم ولولا هو لم يقتضوا ذلك، فهذا أيضًا من مقتضيات المشابهة.
لكن يحال الأهل على عيد الله ورسوله، ويقُضى لهم فيه من الحقوق ما يقطع استشرافهم إلى غيره، فإن لم يرضوا فلا حول ولا قوة إلا بالله، ومن أغضب أهله لله أرضاه الله وأرضاهم [4].
توضيح القاعدة:
هذه القاعدة خاصة بالأمور المترتبة على فعل البدعة، الناتجة عن وجودها، فإن هذه الأمور ملحقة بذرائع البدعة من جهة التكميل.
ذلك أن الشارع إذا شرع حكمًا ألحق به لوازمه ومكملاته، وهي إما أن تكون ممهِّدة لهذا الحكم، وهي الوسائل التي يتوقف وجود الحكم عليها من أسباب وشروط، فهذه هي الذرائع.
وإما أن تكون ملحقة به، وهي توابعه ومكملاته التابعة له المتفرعة عنه [5].
ومن المفاسد المترتبة على عدم اعتبار توابع البدعة:
أن في فعل هذه المكملات تقوية لشعار أهل البدع، وإظهارًا للمنكر وإعانة عليه [6].
----------------------------------------------------
[1]) انظر الاعتصام 2/19).
[2]) انظر مساجلة علمية بين الإمامين 41، 47، 52، 54)، والباعث 96).
[3]) انظر اقتضاء الصراط المستقيم 1/472).
[4]) المصدر السابق 2/512).
[5]) انظر القواعد والأصول الجامعة 10-17).
[6]) انظر الباعث 39).