القاعدة التاسعة عشر:
إذا فُعل ما هو مطلوب شرعًا على وجه يُوهم خلاف ما هو عليه في الحقيقة فهو ملحق بالبدعة.
توضيح القاعدة والأمثلة عليها:
هذه القاعدة خاصة بالمطلوبات الشرعية من الواجبات والمندوبات، وتتضمن خمس صور:
1- أن يُوهم فُعل النافلة المطلقة أنها سنة راتبة، وذلك مثل إقامة النافلة جماعة في المساجد [1].
2- أن يُوهم فعلُ السنة أنها فريضة، وذلك كالتزام قراءة سورتي السجدة والدهر في صلاة فجر كل يوم جمعة [2].
3- أن يُوهم فعلُ العبادة الموسعة أنها مخصصة بزمان أو مكان أو صفة أو كيفية معينة.
وقد تقدم بيان هذه الصورة في القاعدة التاسعة.
ومما يقرب من هذه الصورة ويلحق بها الصورتان الآتيتان:
4- أن يلتصق بالعمل المشروع عمل زائد حتى يصير وصفًا لهذا العمل أو كالوصف له بحيث يوهم انضمامه إليه.
مثال ذلك:
قول الرجل عند الذبح أو العتق:
اللهم هذا منك وإليك وكقراءة القرآن في الطواف.
ويكون ذلك بأن يُفهم من الإتيان مع العمل المشروع بفعل من الأفعال العادية أو بعبادة أخرى مشروعة؛ انضمامُ ذلك إلى العمل المشروع.
أما إن فَعَل المكلف العبادة المشروعة وأتى بغيرها معها من غير قصد الانضمام، ولا جَعَله ذريعة للانضمام فصارت كل عبادة منفردة عن صاحبتها، فلا حرج عليه حينئذ، كالدعاء بهيئة الاجتماع لقحط أو خوف فهو جائز إذا لم يقع على وجه يُخاف منه مشروعية الانضمام، ولا كونه سنة تقام في الجماعات ويعلن به في المساجد [3].
5- كل اجتماع راتب، يتكرر بتكرر الأسابيع أو الشهور أو الأعوام غير الاجتماعات المشروعة [4].
قال ابن تيمية:
فإن ذلك يضاهي الاجتماع للصلوات الخمس، وللجمعة، وللعيدين، وللحج ، وذلك هو المبتدع المحدث [5].
مثال ذلك:
السفر إلى بيت المقدس للتعريف فيه، فإن هذا أيضًا ضلال بيِّن؛ فإن زيارة بيت المقدس مستحبة، مشروعة للصلاة فيها والاعتكاف، وهو أحد المساجد الثلاثة التي تشد إليها الرحال، لكن قصد إتيانه أيام الحج هو المكروه؛ فإن ذلك تخصيص وقت معين بزيارة بيت المقدس، ولا خصوص لزيارته في هذا الوقت على غيره [6].
-------------------------------------------------------------
[1]) انظر الحوادث والبدع 66)، والاعتصام 1/345، 346).
[2]) انظر الباعث 54).
[3]) انظر الاعتصام 2/22-31).
[4]) انظر اقتضاء الصراط المستقيم 2/630)، والأمر بالإتباع 180).
[5]) اقتضاء الصراط المستقيم 2/630).
[6]) المصدر السابق 2/637)، وانظر الحوادث والبدع 128) والباعث 32، 33).