ثالثا: قيامه صلى الله عليه وسلم في رمضان
عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ -رضي الله عنه-: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- اتَّخَذَ حُجْرَةً -قَالَ: حَسِبْتُ أَنَّهُ قَالَ مِنْ حَصِيرٍ- فِي رَمَضَانَ، فَصَلَّى فِيهَا لَيَالِيَ، فَصَلَّى بِصَلاَتِهِ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِهِ، فَلَمَّا عَلِمَ بِهِمْ جَعَلَ يَقْعُدُ، فَخَرَجَ إِلَيْهِمْ فَقَالَ: «قَدْ عَرَفْتُ الَّذِي رَأَيْتُ مِنْ صَنِيعِكُمْ) رواه البخاري.
فيا أيها العبد:
1- اهتم بقيام رمضان وليكن قيامك إيماناً بمشروعية (سُنية) قيام رمضان وأن تحتسب الأجر والثواب عند الله في قيامه لحديث أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ» رواه البخاري.
2- وأعلم أن قيام الليل في رمضان ليس واجباً وإنما هو سُنة فقط وفيه فضل عظيم جداً لحديث أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُرَغِّبُ فِي قِيَامِ رَمَضَانَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَأْمُرَهُمْ فِيهِ بِعَزِيمَةٍ، فَيَقُولُ: «مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ»، فَتُوُفِّيَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَالْأَمْرُ عَلَى ذَلِكَ ثُمَّ كَانَ الْأَمْرُ عَلَى ذَلِكَ فِي خِلَافَةِ أَبِي بَكْرٍ، وَصَدْرًا مِنْ خِلَافَةِ عُمَرَ عَلَى ذَلِكَ) رواه مسلم.
3- وإذا صليت مع الإمام فلا تنصرف حتى ينصرف الإمام لحديث أبي ذر -رضي الله عنه-: «إِنَّ الرَّجُلَ إِذَا صَلَّى مَعَ الْإِمَامِ حَتَّى يَنْصَرِفَ حُسِبَ لَهُ قِيَامُ لَيْلَةٍ» رواه أبو داود والترمذي والنسائي.
4- وإذا صليت مع الإمام فاستمر معه حتى لو زاد على إحدى عشرة ركعة لأنه ليس لقيام الليل عدد معين محدد وابحث عن الإمام الذي يكون عالماً فقيهاً فيطبق الصلاة كما جاءت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- وإذا كان حسن الصوت فتخشع في صلاتك خلفه فصل وراءه لحديث جَابِرٍ -رضي الله عنه- قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِنَّ مِنْ أَحْسَنِ النَّاسِ صَوْتًا بِالْقُرْآنِ الَّذِي إِذَا سَمِعْتُمُوهُ يَقْرَأُ حَسِبْتُمُوهُ يَخْشَى اللَّهَ) رواه ابن ماجه.
5- وإذا صليت التراويح فأحسن في صلاتك وأطل أو صل خلف الإمام الذي يحسن الصلاة ويطيلها لحديث عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمنِ، أَنَّهُ سَأَلَ عَائِشَةَ، كيْفَ كَانَتْ صَلاَةُ رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- فِي رَمَضَانَ فَقَالَتْ: مَا كَانَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- يَزِيدُ فِي رَمَضَانَ وَلاَ فِي غَيْرِهِ عَلَى إِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً، يُصَلِّي أَرْبَعًا فَلاَ تَسَلْ عَنْ حُسْنِهِنَّ وَطُولِهِنَّ، ثُمَّ يُصَلِّي أَرْبَعًا فَلاَ تَسَلْ عَنْ حُسْنِهِنَّ وَطُولِهِنَّ، ثُمَّ يُصَلِّي ثَلاَثًا قَالَتْ عَائِشَةُ: فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللهِ أَتَنَامُ قَبْلَ أَنْ تُوتِرَ فَقَالَ: يَا عَائِشَةُ إِنَّ عَيْنَيَّ تَنَامَانِ وَلاَ يَنَامُ قَلْبِي) رواه الشيخان.
ولحديث جَابِرٍ -رضي الله عنه- قَالَ سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيُّ الصَّلَاةِ أَفْضَلُ قَالَ طُولُ الْقُنُوتِ) رواه مسلم (طول القنوت: أي طول القيام).
6- إذا صليت التراويح مع الإمام فأطال حتى قرب الفجر فلا تكن من أهل الملل ولكن استمر مع الإمام في صلاته لحديث أَبِي ذَرٍّ قَالَ: (صُمْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رَمَضَانَ فَلَمْ يَقُمْ بِنَا شَيْئًا مِنْ الشَّهْرِ حَتَّى بَقِيَ سَبْعٌ فَقَامَ بِنَا حَتَّى ذَهَبَ ثُلُثُ اللَّيْلِ فَلَمَّا كَانَتْ السَّادِسَةُ لَمْ يَقُمْ بِنَا فَلَمَّا كَانَتْ الْخَامِسَةُ قَامَ بِنَا حَتَّى ذَهَبَ شَطْرُ اللَّيْلِ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَوْ نَفَّلْتَنَا قِيَامَ هَذِهِ اللَّيْلَةِ قَالَ فَقَالَ: "إِنَّ الرَّجُلَ إِذَا صَلَّى مَعَ الْإِمَامِ حَتَّى يَنْصَرِفَ حُسِبَ لَهُ قِيَامُ لَيْلَةٍ" قَالَ: فَلَمَّا كَانَتْ الرَّابِعَةُ لَمْ يَقُمْ فَلَمَّا كَانَتْ الثَّالِثَةُ جَمَعَ أَهْلَهُ وَنِسَاءَهُ وَالنَّاسَ فَقَامَ بِنَا حَتَّى خَشِينَا أَنْ يَفُوتَنَا الْفَلَاحُ قَالَ قُلْتُ وَمَا الْفَلَاحُ قَالَ السُّحُورُ ثُمَّ لَمْ يَقُمْ بِقِيَّةَ الشَّهْرِ) رواه أبو داود.
7- الأفضل في قيام الليل أن يكون ركعتين ركعتين واختم قيام الليل بالوتر لحديث ابْنِ عُمَرَ، -رضي الله عنهما- أَنَّ رَجُلاً سَأَلَ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- عَنْ صَلاَةِ اللَّيْلِ؛ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: صَلاَةُ اللَّيْلِ مَثْنَى مثنى، فَإِذَا خَشِيَ أَحَدُكُمُ الصُّبْحَ، صَلَّى رَكْعَةً وَاحِدَةً تُوتِرُ لَهُ مَا قَدْ صَلَّى) رواه الشيخان ولقوله -صلى الله عليه وسلم-: "اجعلوا اخر صلاتكم بالليل وترًا" رواه الشيخان.