المقصود من الصيام
المقصود من الصيام حبس النفس عن الشهوات لتستعد لطلب ما فيه غاية سعادتها، وقبول ما تزكو به مما فيه حياتها الأبدية، ويكسر الجوع والظمأ من حدتها، ويُذَكِّرُها بحال الأكباد الجائعة من المساكين، وتضييق مجاري الشيطان من العبد بتضييق مجاري الطعام والشراب، وهو لرب العالمين من بين سائر الأعمال، فهو ترك المحبوبات لمحبة الله تعالى، وهو سر بين العبد وربه لأن العباد قد يطلعون على ترك المفطرات الظاهرة، وأما كونه ترك ذلك لأجل معبوده فأمر لا يطلع عليه بشر وذلك حقيقة الصوم.
هدي النبي صلى الله عليه وسلم في الصيام:
وكان هديه فيه أكمل هدي، وأعظمه تحصيلاً للمقصود، وأسهله على النفوس.
وكان من هديه صلى الله عليه وسلم في شهر رمضان:
الإكثار من أنواع العبادة، وكان جبريل يدارسه القرآن في رمضان، وكان يكثر فيه من الصدقة والإحسان وتلاوة القرآن والصلاة والذكر والاعتكاف.
وكان يخصه من العبادات بما لا يخص غيره.
وكان يعجل الفطر ويحث عليه، ويتسحر ويحث عليه ويؤخره ويُرَغِّب في تأخيره وكان يحض على الفطر على التمر فإن لم يجده فعلى الماء.
ونهى الصائم عن الرفث والسباب، وأمره أن يقول لمن سابه «إني صائم» وسافر في رمضان فصام وأفطر وخير أصحابه بين الفطر والصيام في السفر.
وكان يدركه الفجر وهو جنب من أهله فيغتسل بعد طلوع الفجر ويصوم.
وكان من هديه صلى الله عليه وسلم إسقاط القضاء عمن أكل أو شرب ناسيًا وأن الله هو الذي أطعمه وسقاه.
وصح عنه صلى الله عليه وسلم أنه يستاك وهو صائم، وذكر أحمد عنه أنه كان يصب على رأسه الماء وهو صائم، وكان يستنشق ويتمضمض وهو صائم، ومنع الصائم من المبالغة في الاستنشاق*1*.
____________________
*1* انظر *زاد المعاج في هدي خير العباد* جزء 1 ص 320 – 338.