التأثيرات الجانبية الفورية للتدخين السلبي:
إن التعرض للتدخين السلبي عند الكثير من الأشخاص الأصحاء قد يؤدي إلى الإصابة بحساسية في العيون والحلق والبلعوم والصداع والسيلان الأنفي والسعال، وهذه الأعراض أشد ما تكون في الرضع والأطفال والأشخاص الذين يعانون من أمراض في القلب والتنفس والأشخاص الذين يضعون عدسات لاصقة، ويزيد تأثير هذه الحساسية بازدياد كمية الدخان التي يتعرض لها المدخن.
وقد وجد أن الأشخاص الذين يتعرضون للدخان في أعمالهم يعانون من ضعف في قدرة الرئتين على القيام بوظيفتها إذا ما قورنوا بالأشخاص الذين لا يتعرضون للدخان في مكان عملهم يومياً.
وقد وجد الباحثون كذلك أن قدرة المدخن السلبي على الرياضة والمجهود العضلي تضعف وتنخفض مقارنة بغيرة من الأشخاص، وأن التدخين السلبي يؤدي إلى زيادة احتياج القلب للأكسيجين أثناء المجهود العضلي، بل وآلام صدرية في الأشخاص الذين من أمراض في القلب، ويظن أن هذا التأثير هو نتيجة خلل في عمل الأنزيمات داخل خلايا القلب والرئتين من جراء استنشاق دخان السجائر.
لذا فعلى المدخن أن يتجنب التدخين بحضور أبنائه وزوجته حتى لا يصيبهم بالتدخين السلبي وأن يتحاشى الأضرار الصحية التي يمكن أن تلحق بهم نتيجة لأنانيته وإشباع غروره.
فنداء وبأعلى صوت إلى السرطان برجاء منع التدخين في المكاتب الحكومية ونداء خاص إلى أولئك الآباء الذين يحضنون أبنائهم بين جوارحهم وهم يدخنون جاهلين مضار التدخين التي من الممكن أن تأخذ تلك الجوهرة من بين أيديهم وتجعلهم يندمون طيلة حياتهم بترك تلك السجائر القذرة والتي لا يأتي من بين حباتها إلا لوعة الكبد.
وأتمنى من الله تعالى أن يفقه شباب الجيل الصاعد إلى ما ترمي به السجائر من قنابل فتاكة بالبشر تجني الصغير قبل الكبير.
حقوق غير المدخنين:
التدخين يعد خطرا فادحا على صحة المجتمع العامة، وانطلاقا من تعريف منضمة الصحة العالمية (للصحة) هو:
إن الصحة ليست فقط هي الخلوة من الأمراض، واكنه وجود سلامة نفسية، وعقلية واجتماعية فإن التدخين في أماكن كثيرة، كما هو الآن، فخلال مدة اشتعال السيجارة ينتشر جميع الدخان مباشرة إلى الجو المحيط.
حقوق المرضى غير المدخنين:
بعد مناقشات طويلة للمحتوى الضار لدخان التبغ فقد وجد أربع فئات من الناس سوف يتعرضون لأخطار وخيمة من جراء استنشاق ذلك الدخان وهم:
1. مرضى الحساسية والربو:
يتأثر هؤلاء المرضى بدخان التبغ بطريقتين:
أ. أن الدخان لأه تأثير ملهب للجهاز التنفسي بصرة عامة.
ب. أن له تأثير منبه لإفراز نوع خاص من مضانات الجسم هو (LgE).
كما وأن التعرض لناتج حرق التبغ يسبب التهاب الملتحمة، السعال، العطاس، الصداع.
2.الرضع ولأطفال:
كما أسلفنا في بداية هذا البحث فإن آثار التدخين على الرضع تتضمن العديد من الجوانب الخطيرة صحيا، فماذا عن تأثير التدخين السلبي على الرضع؟
أوضحت التقارير الواردة أيضا أن تأثير التبغ على البالغين أقل بكثير من ما يسببه من أضرار على الأطفال منهم.
فالمولود.. الصغير والطفل حساسين جدا لدخان التبغ وبذلك فإن الأضرار تظهر عليهم بصورة جلية ومبكرة جدا.
وقد أثبتت الدراسات الوافية لهذا الموضوع أن المواليد الذين تمارس أمهاتهم عادة التدخين أكثر مراجعة للمستشفى بشكوى الالتهاب الرئوي والتهاب الشعب الهوائية من أولئك الذين لا تمارس أمهاتهم هذه العادة.
وأوضحت دراسات أخرى أن فرص التعرض للالتهاب الرئوي والتهاب الشعب الهوائية تكون الضعف إذا كان كلا من الأب والأم من المدخنين.
ودراسات أخرى توضح أن أعراض الجهاز التنفسي لدى الأطفال تتناسب طردي مع كمية دخان التبغ الموجود في بيئة الأطفال.
كما يصاب الأطفال المتعرضين لدخان التبغ بزيادة في سرعة دقات القلب و ارتفاع في ضغط الدم.
3.مرضى الدم و الرئة:
المجموعة الثالثة من غير المدخنين (مهضومي الحقوق) هم المصابون بأمراض القلب أو الرئة المزمنة.
فاحتراق التبغ ينتج عنه أول أكسيد الكربون الذي يتحد مع الأكسجين، ونتيجة لذلك فإن قلب ورئة المتعرض لدخان السجائر يعمل بصعوبة فائقة للتخلص من تكون (كربوكسيهيموغلوبين)Carboxyhemoglobin وسيكون لذلك تأثير كبير على المريض بالذبحة الصدرية وسوف يساعد ذلك زيادة في معدل التنفس وسرعة القلب لمقاومة ذلك التأثير مما يجهد المريض ويزيد علته سوء.
4.مستخدمي العدسات اللاصقة:
عند تعرض شخص يلبس العدسات اللاصقة لدخان التبغ فإنه يصاب بحرقان شديد وإفراز للدموع.
وقد ثبت ذلك على كثير من هؤلاء الأشخاص مستخدمي العدسات اللاصقة.
نظرة الإســــلام للتدخين:
أفتى عامة الفقهاء المسلمين بأن التدخين حرام لكونه خبيثا ومشتملا على أضرار كثيرة…
والله سبحانه وتعالى إنما أباح لعباده الطيبات من المطاعم والمشارب وحرم عليهم الخبائث.
قال تعالى: [يسألونك ماذا أحل لهم قل أحل لكم الطيبات] (المائدة 4).
وقال جل شأنه في وصف نبيه -صلى الله عليه وسلم-: [يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث] (الأعراف /157)…
ولا ينكر عاقل أن الدخان خبيث والفتوى جاءت بالحرمة لظاهر القرآن والسنة.
أسباب تحريم الدخان؟:
إن للدخان أسباب كثيرة يمكن تلخيصها في النقاط التالية:
1. دخولها تحت نصوص عامة من الكتاب والسنة.
2. قياسه على المسكرات والمفترات بل انطباق وصف المسكر والمفتر عليه.
3. إن الإسلام حريص على أن يكون المسلم نظيفا طاهرا طيب الرائحة، وقد شرع أحكاماً، لنقاء الفم واللثة والأسنان، وسن لذلك السواك، وجعله من سنن الفطرة، والتدخين مناقض لهذه السنة مخالف لهذه الأحكام مخالفة كاملة، وما خالف السنة وناقضها فارتكابه حرام.
4. الإسلام يطالب المسلمين بالاقتصار على الطيبات، ويحرم عليهم الخبائث، ولا بوجد عاقل يزعم أن التدخين طيب، وأن رائحته عطرة، وأن لونه بعد حرقه يكون ناصع البياض.
5. الإسلام يحافظ على سلامة العقل ونقائه، وعلى استقامة السلوك واعتداله، ويأمر بالمحافظة على الآداب العامة، والدخان يؤثر على عقل الرجل وسلوكه في حالة الوجود أو العدم، ومن شك في ذلك فعليه أن يحضر بعض أسواق المسلمين الذين يتعاطون الدخان في أصائل رمضان، ويرى هل يجد في أولئك الصائمين المدخنين رجلاً تنطبق عليه أخلاق المسلمين الكريهة أو رجلاً سليم العقل والفم.
6. الإسلام يحرم الإسراف والتبذير، وشراب الدخان من أقبح أنواع الإسراف والتبذير، دون أن يعود على متعاطيه أي كسب أو مصلحة.
7. الإسلام يأمر بالمحافظة على الصحة، وتعاطي الدخان سبب للأمراض كثيرة وخطيرة.
8. الإسلام يحارب العادات السيئة، وتحكمها في النفوس، وشرب الدخان من أقبح العادات وأشدها تسلطا على نفوس أصحابها.
9. الإسلام يدعو كل مسلم أن تكون أعماله منزه عن العبث مبنية على حكمة، جالبة لمنفعة أو دافعة لمضرة، وليس في تعاطي الدخان جلب لأي منفعة، وليس فيه دفع لأي مضرة، بل ربما يكون جلب لها، ولا يوجد في أعمال الناس كلها ما يشبه العبث تمام الشبه كشرب الدخان.
10. الإسلام يريد من المسلم أن يحيا في واقعه، وأن لا يكون فريسة للأوهام، وليس كمثل شارب الدخان ضحية للأوهام، وفريسة للأحلام.
11. الإسلام يريد من المسلم أن يحل مشاكله بالتفكير فيها لا بالهروب عنها، ومتعاطي الدخان كشارب الخمر يريد أن يهرب من الواقع الذي فيه، وأن يترك المشاكل التي تنهال عليه ملتجئا إلى فقدان العقل والتفكير السليم.
12. الإسلام يحرم السُّكْر، وهو تغير العقل سواء كان بالأخذ أو بالترك، والدخان يؤثر على العقل تماما كبقية الحشائش التي أجمعوا على تحريمها.
13. إن أكثر المساوئ الموجودة في الخمر وفي الحشائش وفي المخدرات، موجودة في الدخان، ولا يمكن مطلقا أن ينفصل الدخان بحكم شرعي غير الحكم المعطى لتلك المخدرات.
هذه الأسباب وغيرها كانت مستند علماء الإسلام من مختلف المذاهب الذي قالوا بتحريم الدخان، ولقد تم ذكر آيات وأحاديث من القرآن والسنة، ومعنى ذلك أن الدخان محرم بالنص، أي محرم بالكتاب والسنة ثم بإجماع المسلمين، ثم بالقياس وعلى ذلك يسارعون إلى الحكم فيزعمون أنه لم يرد نص في كتاب الله لتحريم الدخان أن يعيدوا دراستهم وتفهمهم لنصوص الشرع الحنيف.
التدخين وعوامل التوتر والقلق:
إن وجود النيكوتين في الجسم يؤدي إلى تعود الجسم عليها، ويؤدي على عدم قدرة الإنسان سواء أكان طبيباً أم عاملاً أم مدرساً على ترك التدخين، ويصبح الإنسان بغض النضر عن ثقافته ومهنته ضعيف الإرادة والعزيمة، ويصبح التدخين العامل الأساسي في إعادة توازن الجسم، وكلما زاد توتر المدخن كلما لجأ أكثر إلى التدخين، وبالتالي يدور المدخن في دائرة مفرغة: (التوتر ـ التدخين ـ التوتر ـ التدخين … وهكذا)، والحقيقة أن القلق والتوتر حالات نفسية، يعاني منها الكل دون النظر إلى المهنة.
وقد يتساءل البعض، ما العلاقة بين التدخين والتوتر والمشكلات النفسية بشكل عام؟
كيف ومتى يحصل التوتر والقلق؟
وكيف نتغلب عليه دون الاعتقاد بأن التدخين يخفف من درجة التوتر والقلق؟.
إن هذه التساؤلات تجرنا لتسليط الضوء على العوامل الديناميكية في عملية التكيف فما هي هذه العوامل؟
1.الإحباط:
إن الإحباط هو الشعور بعدم الارتياح والشعور بخيبة الأمل، ويكون هذا الشعور، ويكون هذا الشعور عندما يواجه الفرد عائقاً مادياً أو اجتماعياً أو نفسياً (داخلياً) يحول دون تحقيق هدف معين وكمثال على ذلك: إذا لم يستطع الطلب الحصول على نسبة عالية في الثانوية، فإن النتيجة التي تترتب على ذلك، عدم دخوله الجامعة، وتكون النسبة عائقاً دون استكمال الطالب لدراساته الجامعية، فهنا يحبط ويشعر بخيبة أمل، إن شعور الطالب بالإحباط واستمرار هذا الشعور السلبي يجعله يعيش صراعاً نفسياً.
2.الصداع:
ويعتبر الصداع العامل الثاني من عوامل التكيف، حيث يبدأ الفرد يعيش صراعا في كيفية اختيار هدف آخر، ويحتار في اختيار أهداف قد تكون إيجابية أو سلبية إن استمرار الصداع في الفرد قد يؤدي إلى الشعور بالقلق واضطرابات انفعالية، كما وأن شعوره بالتوتر الزائد بسبب عدم قدرته على تحقيق أهداف محددة، مما يجله يبحث عن أي شئ يخفف درجة التوتر عنده، وفي حالة عجز الرجل عن البحث عن وسائل إيجابية لخفض التوتر فإنه يلجأ إلى عادات سيئه من السهل اكتسابها، ولكن من الصعب تركها كالتدخين والمخدرات والكحول اعتقاداً منه أن التدخين يخفف التوتر، تلك العادة السيئة التي يكتسبها من خلال البيئة وتشجيع أصدقاء السوء، وتوفر الأرض الخصبة لهذه العادة والظروف المناسبة كالتصدع الأسري، أو حب التطلع بسبب تأثر الفرد بالأفلام والمسلسلات التلفزيونية والسينمائية.
الوقاية خير من علاج:
من المنطلقات السابقة نجد أن مشكلة التدخين تظهر في حالة معانات الإنسان من الضغوط النفسية بسبب الإحباطات المتكررة والصراعات النفسية، واستعداده النفسي وضعفه في مواجهة الأزمات البيئية، فيلجأ إلى هذه العادة السيئة والتي هي أسوأ من هذه الضغوط ونتائجها ويصبح التدخين لدية الوسيلة التي يلجأ إليها في كل مرة يشعر بالتوتر والانفعال.
التدخين والعلاقات الزوجية:
الكل يعلم ما للتدخين من مضار على الصحة وعلى صحة الآخرين، وخاصة الأطفال الذين سيلحق بهم الضرر بالرغم منهم، وتكمن حدة الخلاف بين المتزوجين عندما تكون هذه العادة لدى الزوج في غرفة النوم أوفي صالة المنزل التي يوجد فيها الأطفال، وهذا التدخين لابد أنة سيسبب لهم المرض، والتأخير الجسمي والعقلي لوجود كميات من الغازات والهواء الفاسد.
التدخين يفسد الحواس كلها:
إلى جانب أن للتدخين أثر كبير على حواس الإنسان الخمس، فالمدخن يكون أقل قدرة على شم الروائح، وتذوق الأطعمة، وهذا معناه التقليل من قدرات الزوج الحسية، وعدم الإقبال على زوجته وإن تعطره بأحلى الروائح فهو لا يشم ولا يقدر استعداداتها.
ومن هنا فإنه لا طعم للقبلات التي تبادلها الزوجان المدخنان، فالقبلة لا طعم لها، بل لها رائحة كريهة بالإضافة إلى أن الزوجين ينامان في فراش واحد فالنفس والروائح الكريهة تنبعث من الفراش مسببة إزعاجاً كبيراً للزوجة، وكذلك فإن للتدخين أثراً على التهاب اللثة ولأسنان واللسان أيضاً والتهاب سقف الفم، فتسبب هذه الالتهابات روائح مزعجة للطرف الآخر، في حين أن المدخن لا يشعر بحالته إطلاقاً.
وبعض الأزواج لا يكترثون بهذه المصائب الموجودة داخل الفم، فالمدخن له رائحة مميزة ورائحة الدخان تفوح من شعره وجلده وثيابه، بل مع البول والعرق واللعاب، فالخلافات بين الزوجين تكمن هنا، وما يخلفه التدخين من آثار على الحياة الزوجية، فلابد من مراعاة الزوجة في عملية التدخين، أو الكف النهائي عن التدخين حفاظاً على الزوجة والأطفال الصغار.
أما بالنسبة لأثر الخلافات بين الزوجين في دفعهما كليهما أو أحدهما إلى التدخين، فإن الزوج المدخن عندما يتوتر يلجأ إلى السيجارة، اعتقاداً منه بأنها ستقلل أو تخفف من حدة التوتر والقلق الذي انتابه أثناء الخلاف مع زوجته، وهذه تكون عادة يتبعها غالبية الأزواج في هذه المواقف، أما بالنسبة للزوجات فالنسبة تقل طبعاً عنها لدى الرجال.
وأما المرأة في السنوات الأخيرة صارت هي الضحية، وأصبح التدخين يسئ إليها إساءة بالغة، لما فيه من تشويه لجمالها وحيويتها ونضارتها ولون وجهها، وكذلك ينعكس التدخين بآثاره السيئة على أسنانها ورائحة فمها غير المستحبة، ويخشن صوتها وتذوب رقتها، وفيه إساءة لأنوثتها، وقد أثبتت البحوث أن التدخين يسبب اضطرابات مختلفة في الدورة الشهرية للمرأة.
وأخيراً فإن الإنسان العاقل لابد له من أن يحل مشاكله بالحكمة والتفاهم، إذ أنه ليس من المعقول أنه عند كل مشكلة يلجأ أحد الزوجين أو كلاهما للتدخين، فتدخين سيجارة أو عشر سجائر لن يحل أي مشكلة، بل الحوار والنقاش الهادئ.
يتبع إن شاء الله...