166ـ اذكر بعض الفوائد والحكم المستنبطة من غزوة أحد؟
ذكر ابن القيم عدة حكم وغايات لهذه الغزوة:
منها: تعريفهم سوء عاقبة المعصية والفشل والتنازع، وأن الذي أصابهم إنما هو بشؤم ذلك.
ومنها: أن حكمة الله وسنته في رسله وأتباعهم جرت بأن يدالوا مرة ويدال عليهم أخرى، لكن تكون لهم العاقبة.
ومنها: أن هذا من أعلام الرسل، كما قال هرقل لأبي سفيان: (هل قاتلتموه؟ قال: نعم، قال: كيف الحرب بينكم وبينه؟ قال: سجال، يدال علينا مرة، وندال عليه الأخرى، قال: كذلك الرسل تبتلى ثم تكون لهم العاقبة).
ومنها: أن يتميز المؤمن الصادق من المنافق الكاذب، فإن المسلمين لما أظهرهم الله على أعدائهم يوم بدر، وصار لهم الصيت، دخل معهم في الإسلام ظاهرًا من ليس معهم باطنًا، فاقتضت حكمة الله أن سبب لعباده محنة ميزت بين المؤمن والمنافق.
ومنها: أنه سبحانه لو نصرهم دائمًا وأظفرهم بعدوهم في كل موطن، لطغت نفوسهم وشمخت وارتفعت.
ومنها: أنه سبحانه هيأ لعباده المؤمنين منازل في دار كرامته، لم تبلغها أعمالهم ولم يكونوا بالغيها إلا بالبلاء والمحنة، فقيض لهم الأسباب التي توصلهم إليها من ابتلائه وامتحانه.
ومنها: أن النفوس تكتسب من العاقبة الدائمة والنصر طغيانًا وركونًا إلى العاجلة، وذلك مرض يعوقها عن جدها في سيرها إلى الله والدار الآخرة.
ومنها: أن الشهادة من أعلى مراتب أوليائه، ولا سبيل إلى نيل هذه الدرجة إلا بتقدير الأسباب المفضية إليها من تسلط الأعداء.
ومنها: أن وقعة أحد كانت مقدمة وإرهاصًا بين يدي موت الرسول صلى الله عليه وسلم، فعاتبهم الله على انقلابهم على أعقابهم أن مات الرسول أو قتل، بل الواجب أن له عليهم أن يثبتوا على دينه وتوحيده ويموتوا عليه.
167ـ متى وقعت حادثة الرجيع؟
في صفر سنة أربع للهجرة.
168ـ ما سببها؟
قدم على رسول الله رهط من عضل والقارة، فقالوا: يا رسول الله، إن فينا إسلامًا، فابعث معنا نفرًا من أصحابك يفقهونا ويقرؤونا القرآن.
169ـ كم كان عدد الذين أرسلهم رسول الله صلى الله عليه وسلم؟
بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم معهم عشرة رهط. صحيح البخاري (3989).
170ـ من أمير هذا البعث؟
عاصم بن ثابت. صحيح البخاري (3989).
171ـ ماذا حدث بعد ذلك لهذا الوفد؟
لما وصل هذا البعث بين عسفان ومكة أغار عليهم بنو لحيان (من هذيل) بمائة رام.
172ـ ماذا فعل هذا الوفد لما لحقوا بهم؟
لجأوا إلى مكان مرتفع، وجاء القوم فأحاطوا بهم.
173ـ ماذا قالوا للصحابة ـ رضي الله عنهم ـ بعد أن حاصروهم؟
قالوا: لكم العهد والميثاق إن نزلتم لا نقتل منكم أحدًا.
174ـ ماذا قال أميرهم عاصم بن ثابت لهم؟
قال: أما أنا فلا أنزل على ذمة كافر، اللهم أخبر عنا رسولك، فجاء الخبر إلى الرسول صلى الله عليه وسلم من السماء.
فقاتلهم هو ومرثد بن مرثد، وخالد بن بكير، فقتلوهم.
ونزل خبيب وابن الدثينة وعبد الله بن طارق، فأوثقوهم، فقال عبد الله: هذا أول الغدر، فقتلوه وألحقوه برفيقيه.
175ـ ماذا فعلوا بخبيب وزيد؟
باعوهما بمكة. صحيح البخاري (3989).
176ـ من الذي اشتراهما؟
الذي اشترى خبيب هم بنو الحارث، وكان خبيب هو الذي قتل الحارث يوم بدر، فاشتروه ليقتلوه بالحارث.
وأما زيد بن الدثنة فاشتراه صفوان بن أمية ليقتله بأبيه أمية بن خلف.
177ـ ماذا طلب خبيب عند ما أرادوا قتله؟
قال: (دعوني أصلي ركعتين) ثم قال: (لولا أن تروا أن ما بي جزع لزدت) فكان أول من سن الركعتين عند القتل.
ثم قال: (اللهم أحصهم عددًا، واقتلهم بددًا، ولا تبق منهم أحدًا). صحيح البخاري (3989).
178ـ ماذا تعرف عن سرية بئر معونة؟ وما سببها؟
أن أبا براء عامر بن مالك قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة، فدعاه إلى الإسلام، فلم يسلم ولم يبعد، وقال: يا رسول الله، لو بعثت أصحابك إلى أهل نجد يدعونهم إلى دينك لرجوت أن يجيبوهم.
179ـ ماذا فعل الرسول صلى الله عليه وسلم لما طلب منه ذلك؟
بعث معه سبعين رجلاً (يعرفون بالقراء)
وأمر عليهم المنذر بن عمرو.
فساروا حتى نزلوا ببئر معونة
(وهي أرض بين بني عامر وحرة بني سليم).
180ـ لما نزلوا في هذا المكان ماذا فعلوا؟
بعثوا حرام بن ملحان بكتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عدو الله عامر بن الطفيل.
181ـ ماذا حدث من الطفيل بن عامر؟
لم ينظر في الكتاب، وأمر رجلاً فطعن حرام بن ملحان بالحربة من خلفه.
182. ماذا قال حرام لما رأى الدم؟
قال: (الله أكبر، فزت ورب الكعبة). صحيح مسلم.
183ـ ماذا فعل عدو الله بعد ذلك؟
استنفر بني سليم فأجابته عصية ورعل وذكوان،
فجاؤوا حتى أحاطوا بأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقاتلوا حتى قتلوا عن آخرهم.
184ـ هل نجا منهم أحدٌ رضي الله عنهم؟
نجا كعب بن زيد الذي ترك وبه رمق، فعاش حتى استشهد في غزوة الخندق.
وعمرو بن أمية، والمنذر بن محمد بن عقبة كانا في سرح المسلمين.
فلما رأيا القتل في أصحابهما، قاتلهم المنذر حتى قتلوه، وأخذوا عمرًا أسيرًا ثم تركوه.
185ـ ماذا فعل عمرو بن أمية في أثناء رجوعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم؟
في طريق عودته إلى المدينة، فتك برجلين من بني كلاب، هو يرى أنه قد أصاب ثأر أصحابه، وإذا معهما عهد من رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يعلم به.
186ـ ماذا فعل الرسول صلى الله عليه وسلم بالمقتولين؟
التزم صلى الله عليه وسلم بأداء ديتهما، فأخذ يحصل الدية من المسلمين ومن يهود بني النضير الحلفاء (وكان ذلك سبب غزوة بني النضير كما سيأتي).
الفوائــد:
§ بيان أن الرسول صلى الله عليه وسلم لا يعلم الغيب، إذ لو كان يعلم الغيب ـ بدون إعلام الله تعالى له ـ لما أرسل شهداء بئر معونة.
§ فضيلة المنذر بن محمد بن عقبة، إذ قاتل وحده طلبًا للشهادة ففاز بها.
§ أن الغدر والخيانة وصف لازم في الغالب لأهل الكفر والشرك.
§ مشروعية الصلاة عند القتل، وأن خبيبًا هو الذي سنها.
186ـ متى كانت غزوة بني النضير؟
في ربيع الأول عام (4) للهجرة.
187ـ ما سبب هذه الغزوة؟
محاولتهم لقتل رسول الله صلى الله عليه وسلم.
188ـ ماذا طلب منهم النبي صلى الله عليه وسلم لما علم بذلك؟
طلب منهم الخروج من المدينة خلال عشرة أيام، فمن رآه بعد ذلك ضرب عنقه.
189ـ من الذي حرضهم على العصيان وعدم الخضوع ووعدهم بالوقوف معهم؟
عبد الله بن أبي سلول.
وقد أشار القرآن الكريم على ذلك:
{ألم تر إلى الذين نافقوا يقولون لإخوانهم الذين كفروا من أهل الكتاب لئن أخرجتم لنخرجن معكم ولا نطيع فيكم أحدًا أبدًا وإن قوتلتم لننصرنكم والله يشهد إنهم لكاذبون}
[الحشر: 11ـ12].
190ـ ماذا فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم
لما أعلنوا العصيان؟
سار إليهم وفرض عليهم الحصار والتجأ بنو النضير إلى حصونهم.
191ـ كيف تم استسلامهم؟
اعتزلتهم قريظة وخانهم عبد الله بن أبي سلول، فلم يطل الحصار (قيل: ستين يومًا، وقيل: خمسة عشر يومًا) حتى قذف الله في قلوبهم الرعب واستسلموا ورضوا بالجلاء.
192ـ ماذا قال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم؟
قال لهم: (لكم ما أقلت الإبل إلا السلاح).
فخربوا بيوتهم بأيديهم ليحملوا الأبواب والشبابيك، بل حتى حمل بعضهم الأوتاد وجذوع السقف، ثم حملوا النساء والصبيان، فترحل بعضهم إلى خيبر وبعضهم إلى الشام.
193ـ ماذا كان يقول ابن عباس عن سورة الحشر؟
يقول: سورة النضير.
194ـ اذكر بعض الفوائد؟
§ بيان سجية من سجايا اليهود، وهي نقض المعاهدات.
§ في هذه المعركة نزلت سورة الحشر بأكملها، فوصفت طرد اليهود في صدرها يقول الله تعالى:
{هو الذي أخرج الذين كفروا من أهل الكتاب من ديارهم لأول الحشر. ما ظننتم أن يخرجوا وظنوا أنهم ما نعتهم حصونهم من الله فأتاهم الله من حيث لم يحتسبوا...}.
ثم فضح القرآن مسلك منافقي المدينة الذين حاولوا إعانة يهود في غدرها وحربها على مقاتلة المسلمين.