منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers

(إسلامي.. ثقافي.. اجتماعي.. إعلامي.. علمي.. تاريخي.. دعوي.. تربوي.. طبي.. رياضي.. أدبي..)
 
الرئيسيةالأحداثأحدث الصورالتسجيل
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

IZHAR UL-HAQ

(Truth Revealed) By: Rahmatullah Kairanvi
قال الفيلسوف توماس كارليل في كتابه الأبطال عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لقد أصبح من أكبر العار على أي فرد مُتمدين من أبناء هذا العصر؛ أن يُصْغِي إلى ما يظن من أنَّ دِينَ الإسلام كَذِبٌ، وأنَّ مُحَمَّداً -صلى الله عليه وسلم- خَدَّاعٌ مُزُوِّرٌ، وآنَ لنا أنْ نُحارب ما يُشَاعُ من مثل هذه الأقوال السَّخيفة المُخْجِلَةِ؛ فإنَّ الرِّسَالة التي أدَّاهَا ذلك الرَّسُولُ ما زالت السِّراج المُنير مُدَّةَ اثني عشر قرناً، لنحو مائتي مليون من الناس أمثالنا، خلقهم اللهُ الذي خلقنا، (وقت كتابة الفيلسوف توماس كارليل لهذا الكتاب)، إقرأ بقية كتاب الفيلسوف توماس كارليل عن سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-، على هذا الرابط: محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم-.

يقول المستشرق الإسباني جان ليك في كتاب (العرب): "لا يمكن أن توصف حياة محمد بأحسن مما وصفها الله بقوله: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِين) فكان محمدٌ رحمة حقيقية، وإني أصلي عليه بلهفة وشوق".
فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ على سائر البُلدان، كما فَضَّلَ بعض الناس على بعض والأيام والليالي بعضها على بعض، والفضلُ على ضربين: في دِينٍ أو دُنْيَا، أو فيهما جميعاً، وقد فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ وشَهِدَ لها في كتابهِ بالكَرَمِ وعِظَم المَنزلة وذَكَرَهَا باسمها وخَصَّهَا دُونَ غيرها، وكَرَّرَ ذِكْرَهَا، وأبَانَ فضلها في آياتٍ تُتْلَى من القرآن العظيم.
المهندس حسن فتحي فيلسوف العمارة ومهندس الفقراء: هو معماري مصري بارز، من مواليد مدينة الأسكندرية، وتخرَّجَ من المُهندس خانة بجامعة فؤاد الأول، اشْتُهِرَ بطرازهِ المعماري الفريد الذي استمَدَّ مَصَادِرَهُ مِنَ العِمَارَةِ الريفية النوبية المَبنية بالطوب اللبن، ومن البيوت والقصور بالقاهرة القديمة في العصرين المملوكي والعُثماني.
رُبَّ ضَارَّةٍ نَافِعَةٍ.. فوائدُ فيروس كورونا غير المتوقعة للبشرية أنَّه لم يكن يَخطرُ على بال أحَدِنَا منذ أن ظهر وباء فيروس كورونا المُستجد، أنْ يكونَ لهذه الجائحة فوائدُ وإيجابيات ملموسة أفادَت كوكب الأرض.. فكيف حدث ذلك؟!...
تخليص الإبريز في تلخيص باريز: هو الكتاب الذي ألّفَهُ الشيخ "رفاعة رافع الطهطاوي" رائد التنوير في العصر الحديث كما يُلَقَّب، ويُمَثِّلُ هذا الكتاب علامة بارزة من علامات التاريخ الثقافي المصري والعربي الحديث.
الشيخ علي الجرجاوي (رحمه الله) قَامَ برحلةٍ إلى اليابان العام 1906م لحُضُورِ مؤتمر الأديان بطوكيو، الذي دعا إليه الإمبراطور الياباني عُلَمَاءَ الأديان لعرض عقائد دينهم على الشعب الياباني، وقد أنفق على رحلته الشَّاقَّةِ من مَالِهِ الخاص، وكان رُكُوبُ البحر وسيلته؛ مِمَّا أتَاحَ لَهُ مُشَاهَدَةَ العَدِيدِ مِنَ المُدُنِ السَّاحِلِيَّةِ في أنحاء العالم، ويُعَدُّ أوَّلَ دَاعِيَةٍ للإسلام في بلاد اليابان في العصر الحديث.

أحْـلامٌ مِـنْ أبِـي (باراك أوباما) ***

 

 كتاب المجموع المفيد

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52561
العمر : 72

كتاب المجموع المفيد Empty
مُساهمةموضوع: كتاب المجموع المفيد   كتاب المجموع المفيد Emptyالأحد 11 مارس 2012, 1:01 am

المجموع المفيد

تأليف الفقير إلى الله
الشيخ عبد الله الجار الله
غفر الله له ولوالديه ولجميع المسلمين


بسم الله الرحمن الرحيم

المقدمة

للشيخ/ عبد الله بن سليمان المشعلي

الحمد لله الذي أنعم علينا بنعمة الإسلام، وهدانا إليه، وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله، والصلاة والسلام على نبينا محمد خاتم الأنبياء والمرسلين.

الذي ما أنعم الله على خلقه نعمة أعظم وأجل من نعمته عليهم ببعثة هذا النبي الكريم.

بعثه الله وأهل الأرض عربهم وعجمهم، كتابيهم، وأميهم, قرويهم وبدويهم، جهال ضلال على غير هدى.

فصدع صلى الله عليه وسلم بما أوحي إليه بتبليغه فبلغ رسالة ربه وأنكر ما الناس عليه من ديانات متفرقة وملل متباينة متنوعة.

فهدى الله الخلق به إلى صراط مستقيم ومنهج واضح كريم يصل بسالكه إلى جنات النعيم وجعل الله أمته خير أمة أخرجت للناس يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويجاهدون في الله حق جهاده.

أما بعد:

فقد اطلعت على المؤلف الشريف الذي قام بجمعه واختيار مواضيعه فضيلة الأخ في الله والمحب فيه الشيخ عبد الله الجار الله فوجدت الكتاب يحتوي: على مواضيع قيمة مفيدة، وحقًا أنها مختارات نفيسة.

وجامعها ذو همة عالية قصد بذلك وجه الله في نشر العلم والتوجيه والإرشاد سيرًا على نهج السلف الصالح رضوان الله عليهم.

وقد اشتمل هذا المجموع القيم على المواضيع الآتية:

1 – رسالة في الإسلام.
2 – الإيمان الصادق وآثاره.
3 – الصلاة وفوائدها.
4 – الزكاة وأحكامها.
5 – الصيام.
6 – الحج المبرور.
7 – التقوى.
8 – المختار من الأشعار المفيدة.
9 – مختصر العبودية.
10 – مختصر الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان.
11 – عقيدة المسلم.


هذا وقد استمد مؤلفه جمْعَهُ من كتب أهل السنة والجماعة, وأدلتَهُ من الكتاب والسنة، وإني لأرجو الله العلي القدير بمنه وكرمه وبأسمائه الحسنى وصفاته العليا أن يجعل العمل خالصًا لوجهه الكريم وأن يوفق فضيلة الشيخ في هممه العالية, ومساهماته النبيلة.

وأن ينفع به من قرأه وسمعه وقرئ عليه كما أسأله عز وجل أن يهدينا صراطه المستقيم وجميع المسلمين إنه تعالى على كل شيء قدير وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.

عبد الله بن سليمان المشعلي
17 / 2/ 1393 هـ.


ملاحظة:

من أراد إعادة طبع هذا الكتاب أو غيره من مؤلفاتي فقد أذنت له على أن يصححها قبل الطبع والله يعظم لنا وله الأجر والمثوبة
المؤلف


المحتويات:

1 – كمال الإسلام ومزاياه
2 – الإيمان الصادق وآثاره
3 – الصلاة وفوائدها
4 – الزكاة – أحكامها وحكمتها
5 – الصيام – وحقيقته – وخصائص شهر رمضان
6 – الحج المبرور وأحكامه وآداب الزيارة
7 – تذكرة من اتقى (نصيحة عامة)
8 – المختار من الأشعار
9 – مختصر العبودية في الإسلام
10 – مختصر الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان
11 – عقيدة المسلم شرح لأصول الإيمان الستة


بسم الله الرحمن الرحيم

(كمال الإسلام ومزاياه)


قال الله تعالى: "ِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ" وقال: "وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ" وقال تعالى: :"يأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً" وقال: "الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا".

أخبر الله تعالى في هذه الآيات الكريمات أن الدين المقبول عنده هو الإسلام، وأنه لا يقبل من أحد دينًا سواه، وأن من طلب دينًا غير الإسلام فقد خسر نعيم الآخرة خسرانًا مبينًا وضل ضلالاً بعيدًا، وأوجب سبحانه على المؤمنين الدخول بجميع شرائع الإسلام الظاهرة والباطنة وأخبر أن من حاد عنه فقد سلك طريق الشيطان المضلة، وأخبر تعالى أنه أكمل لنا هذا الدين وأتم علينا به النعمة ورضيه لنا دينًا فلن يسخطه أبدًا.

فالإسلام هو دين الله الذي خلق خلقه لأجله فقال: "وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ" وبه أرسل رسله فقال: "وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ" وبه أنزل كتابه العظيم وهو القرآن الكريم تبيانًا لكل شيء وسماه نورًا لتوقف الهداية عليه فقال: "وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُبِينًا" وسماه روحًا لتوقف الحياة الحقيقية عليه فقال: "وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا".

ومعنى الإسلام:

الاستسلام لله في القول والاعتقاد والعمل والحب والبغض والفعل والترك، فلا يستقيم إيمان بدون عمل، ولا ينفع عمل بدون إيمان وعقيدة صحيحة، كما أن العمل لا يقبل إلا إذا كان صالحًا خالصًا لله جاريًا على سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد بين لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الأسس التي بني عليها هذا الدين بقوله: «بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأنَّ محمدًا رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وحج بيت الله الحرام»

وهذه الأسس متلازمة تشكل وحدة متماسكة وقد تضمنت قول اللسان واعتقاد القلب وعمل الجوارح كما يشير إلى ذلك قوله تعالى: "وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ"

فدلت هذه السورة الكريمة على وجوب تعلم العلم والإيمان والعمل الصالح والتواصي بالحق والتواصي بالصبر عليه والصبر على الطاعات بعدم تركها والصبر على المعاصي بعدم فعلها والصبر على أقدار الله المؤلمة من المرض والفقر والجوع والخوف والمصائب وعدم تسخطها فهذه السورة ميزان للمؤمن يزن بها نفسه فيعرف بها ربحه من خسرانه وسعادته من شقاوته ولهذا قال فيها الإمام الشافعي لو فكر الناس فيها لكفتهم.

فحقيقة الدين الإسلامي أنه إيمان بالله ورسوله وتوحيد وإخلاص لله في القول والعمل، وصلاة وزكاة وصوم وحج، وفعل للواجبات وترك للمحرمات وامتثال للأوامر واجتناب للنواهي ومحبة لله ورسوله وعباده المؤمنين وبغض لما يبغضه الله ورسوله فالحب في الله والبغض في الله أوثق عرى الإيمان وأحب الأعمال إلى الله.

وقد أخبر الله أنه لا يجتمع إيمان بالله ورسوله ومحبة لمن عصى الله ورسوله ولو كان من أقرب الناس كالأب والابن والأخ والعشيرة, قال تعالى: "لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ".

ويمتاز هذا الدين بالكمال والشمول والصلاح لكل زمان ومكان إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، وبأنه يدعو إلى كل رقي وتقدم صحيح، وفيه أحل الله الطيبات النافعة وحرم الخبائث الضارة، وأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى ونهى عن الفحشاء والمنكر والبغي، وأمر بالتعاون على البر والتقوى ونهى عن الإثم والعدوان، وأمر بالصدق والعدل والأمانة ونهى عن الكذب والجور والخيانة، فأمر بكل معروف ونهى عن كل منكر، فلم يترك هذا الدين خيرًا إلا أمر به وحث عليه ولا شرًا إلا نهى عنه وحذر منه، وقد أكمله الله لعباده ورضيه لهم وهو صراطه المستقيم الموصل إلى رضاه وجنته والمنجي من عذابه وسخطه.

ثم إن للإسلام نواقض من أعظمها الشرك بالله شيئًا في القول أو العمل أو الاعتقاد كدعاء غير الله أو الذبح لغيره أو التوكل على غيره في جلب نفع أو دفع ضر أو حصول نصر أو في غير ذلك مما لا يقدر عليه إلا الله سواء كان ذلك نبيًا أو وليًا أو ملكًا أو شمسًا أو قمرًا أو شجرًا أو حجرًا أو قبرًا أو غير ذلك من المخلوقات التي لا تنفع ولا تضر فمالك الضر والنفع هو الله وحده المنفرد بالخلق والرزق والإحياء والإماتة وتدبير الأمور.

ومن ذلك تكذيب الرسول صلى الله عليه وسلم أو بغضه أو بغض شيء مما جاء به أو الاستهزاء بسنته, أو بمن تمسك بها، ومن ذلك موالاة الكفار وتصحيح مذهبهم، ومن ذلك السحر والشعوذة والإعراض عن دين الله لا يعلمه ولا يتعلمه ولا يعمل به.

ومن ذلك ترك الصلاة ومنع الزكاة والحكم بغير ما أنزل الله واستحلال المحرمات فالتمسك بهذا الدين هو الحق وما بعد الحق إلا الضلال، قال تعالى: "وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ" وبالله التوفيق.

يتبع إن شاء الله...

اللهم اجعلنا من عبادك المتقين، اللهم أحينا مسلمين وتوفنا مسلمين، وألحقنا بالصالحين غير خزايا ولا مفتونين، اللهم صل على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.


كتاب المجموع المفيد 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52561
العمر : 72

كتاب المجموع المفيد Empty
مُساهمةموضوع: رد: كتاب المجموع المفيد   كتاب المجموع المفيد Emptyالأحد 11 مارس 2012, 1:10 am

الإيمان الصادق وآثاره

الإيمان الصادق هو الذي ينبعث من القلب وينطق به اللسان وتعمل بموجبه الجوارح، فهو التصديق بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والتصديق بالقدر خيره وشره حلوه ومره، وهو الذي يدعو إلى إقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وحج بيت الله الحرام، ويحمل على فعل الواجبات وترك المحرمات، وامتثال المأمورات وترك المنهيات، ويدعو إلى بر الوالدين وصلة الأرحام، والإحسان إلى الفقراء والأيتام، ويحمل على صدق الحديث وأداء الأمانة، والعدل في الأقوال والأحكام، والنصيحة لله ورسوله وعباده المؤمنين ومحبة الخير لهم.

وهو الذي يدعو إلى كل خلق كريم كالحياء والكرم والصبر والشجاعة والإقدام وإفشاء السلام وطيب الكلام، وقد ضرب الله المثل للكلمة الطيبة –كلمة التوحيد– بالشجرة الطيبة –النخلة– أصلها ثابت وفرعها في السماء من الكلم الطيب والعمل الصالح والأخلاق الفاضلة والآداب السامية والأعمال والأقوال التي تثمرها شجرة الإيمان ما ينتفع به المؤمن وما ينتفع به غيره.

وقال الله تعالى في أوصاف المؤمنين الكمل:

"إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ* الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ* أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ".

هكذا وصفهم الله تعالى بخمسة أوصاف:

الأول:

أنهم إذا ذكر الله وجلت قلوبهم أي خافت فأدوا فرائضه واجتنبوا محارمه.

الثاني:

أنهم إذا تليت عليهم آيات الله ازدادوا إيمانًا بما يحصل لهم عند ذلك من الخوف والرجاء والرغبة والرهبة عند سماع الوعد والوعيد.

الثالث:

أنهم يتوكلون على الله ويعتمدون عليه وحده في قضاء الحوائج وجلب المنافع ودفع المضار.

الرابع:

أنهم يقيمون الصلاة ويأتون بها كاملة بشروطها وأركانها وواجباتها ومستحباتها، ويؤدونها في أوقاتها مع الجماعة في المساجد.

وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا رأيتم الرجل يعتاد المساجد فاشهدوا له بالإيمان» رواه الترمذي وقال حديث حسن، قال الله تعالى: "إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ" الآية.

الخامس:

من أوصاف المؤمنين أنهم ينفقون مما رزقهم الله النفقات الواجبة والمستحبة، فبالقيام بهذه الأعمال الجليلة صاروا مؤمنين حق الإيمان واستحقوا من ربهم الدرجات العالية والمغفرة لذنوبهم والرزق الكريم في جنات النعيم المقيم مما تشتهيه الأنفس وتلذ له الأعين.

وقال تعالى في أوصاف المؤمنين الصادقين في آية أخرى:

"التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الْآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ".

فوصفهم الله بلزوم التوبة في جميع الأوقات من جميع الذنوب والاستمرار في عبادة الله وطاعته، وحمده في السراء والضراء والعسر واليسر، والثناء عليه، ووصفهم بالصيام له أو السفر في طاعته كالحج والعمرة والجهاد والهجرة وطلب العلم النافع والعمل الصالح، ووصفهم بكثرة الصلاة وبالأمر بالمعروف وبالنهي عن المنكر، وحفظ حدود الله وشرائعه وأحكامه وأوامره ونواهيه علمًا وعملاً وبذلك استحقوا البشارة بالفوز العظيم والثواب الجسيم وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم.

ثم إن من واجبات الإيمان متابعة الرسول صلى الله عليه وسلم وتحكيم شريعته والانقياد لحكمه والتسليم لأمره.

وقد نفى الله ورسوله الإيمان عن من لم يكن كذلك قال تعالى:

"فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا" فأقسم تعالى بنفسه الكريمة أنهم لا يؤمنون حتى يحكموا الرسول صلى الله عليه وسلم في كل شيء يحصل فيه تنازع واختلاف، بخلاف مسائل الإجماع فإنه متفق عليها، ثم لا يكفي هذا التحكيم حتى يسلموا لحكمه تسليمًا بانشراح صدر وطمأنينة نفس وانقياد في الباطن والظاهر.

وقال صلى الله عليه وسلم:

«لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعًا لما جئت به» أي لا يكون آتيًا بالإيمان الواجب حتى يكون حبه وبغضه وفعله وتركه وقوله واعتقاده وعمله بحسب أوامر الرسول صلى الله عليه وسلم ونواهيه، كما نفى الإيمان عن من لم يقدم محبة الرسول صلى الله عليه وسلم على محبة النفس والولد والوالد والناس أجمعين ولا ريب أن المحبة تستلزم الانقياد والمتابعة، ولما ادَّعى قوم أنهم يحبون الله جعل لمحبته دليلاً وهو متابعة رسوله فقال تعالى: "قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ" فأوجب اتباع الرسول محبة الله لمن اتبعه ومغفرة ذنوبه وذلك برحمة الله الغفور الرحيم.

اللهم زينا بزينة الإيمان واجعلنا هداة مهتدين، اللهم حبب إلينا الإيمان وزينه في قلوبنا وكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان واجعلنا من الراشدين، آمين يا رب العالمين يا حي يا قيوم يا ذا الجلال والإكرام وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

يتبع إن شاء الله...


كتاب المجموع المفيد 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52561
العمر : 72

كتاب المجموع المفيد Empty
مُساهمةموضوع: رد: كتاب المجموع المفيد   كتاب المجموع المفيد Emptyالأحد 11 مارس 2012, 1:18 am

الصلاة وفوائدها

الصلاة عماد الدين والصلة برب العالمين وسيدة القربات وغرة الطاعات قال الله تعالى: "حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ".

وقال تعالى: "يأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ" وقال تعالى: "وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا" وقال تعالى: "وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ".

وقال صلى الله عليه وسلم: «رأس الأمر الإسلام وعموده الصلاة وذروة سنامه الجهاد في سبيل الله» وكان صلى الله عليه وسلم إذا حزبه أمر فزع إلى الصلاة ويقول يا بلال أرحنا بالصلاة، ويقول: «جعلت قرة عيني في الصلاة» رواه أحمد والنسائي وصححه الحاكم.

وقد فرض الله الصلاة على الأمة الإسلامية وجعلها أحد أركان الإسلام ومبانيه، بل هي أعظم أركانه بعد الشهادتين، فرضها على عباده المؤمنين لكي يرفع بها درجاتهم ويكفر بها سيئاتهم ويدخلهم بها الجنة وينجيهم بها من النار مع أداء بقية الواجبات وترك المحرمات.

فرضها الله على نبيه وعلى أمته ليلة الإسراء خمسين صلاة، ثم خففها إلى خمس صلوات، رحمة منه بعباده وإحسانا إليهم وتيسيرا عليهم، وجعل أجر هذه الخمس خمسين، كرمًا منه وجودًا وإحسانًا وتفضلاً وامتنانًا، فرضها الله على الذكر والأنثى والحر والعبد والغني والفقير والمقيم والمسافر والصحيح والمريض والآمن والخائف، فلا تسقط الصلاة ما دام العقل ثابتًا بل يؤديها المسلم ولو كان مريضًا أو خائفًا على حسب حاله وقدر استطاعته، قال تعالى: "إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا" أي مفروضًا في الأوقات.

والصلاة عماد الدين الذي يقوم عليه فلا يقبل من تاركها زكاة ولا صوم ولا حج ولا جهاد ولا أي عمل ما دام تاركًا لهذا الركن العظيم من أركان الدين الذي يقوم عليه.

وتارك الصلاة أعظم جرمًا من الزاني والسارق وشارب الخمر لأن هؤلاء مسلمون عصاة وتارك الصلاة كافر بنص الحديث الصحيح فمن تركها فقد كفر، وتأخيرها عن وقتها والتخلف عن جماعتها من أعظم المصائب وأقبح المعائب وقد توعد الله فاعل ذلك بالويل والغي والخسران.

وأخبر عن أهل النار أنهم إذا سئلوا: "مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ* قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ" الآية ويحكم على تارك الصلاة متعمدًا بالقتل إذا ضاق وقت الثانية فلا يغسل ولا يكفن ولا يصلى عليه ولا يدفن في مقابر المسلمين ولا يرث أقاربه المسلمين ولا يرثونه ولا يزوجوه المرأة المسلمة.

ومما شرعه الإسلام أداء الصلوات الخمس جماعة في المساجد حيث يؤذن لها لحكم بالغة ومزايا جمة وفوائد جسيمة ففي كل خطوة يمشيها المسلم إلى المسجد رفع درجة وحط خطيئة والملائكة تصلي عليه ما دام في المسجد وتدعوا له بالمغفرة والرحمة وفضلت صلاة الجماعة على صلاة الفرد بسبع وعشرين درجة وفي القيام بها تأليف بين المسلمين وجمع لقلوبهم وفيها تتحقق العدالة والمساواة بينهم حيث يقف الكبير والصغير والغني والفقير والرئيس والمرؤوس جنبًا إلى جنب، أما تخلف المسلم عن صلاة الجماعة فهو من أسباب تأخيرها عن وقتها وتركها بالكلية ومن علامات النفاق قال تعالى: "إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا".

وقال عبد الله بن مسعود: «ولو أنكم صليتم في بيوتكم لتركتم سنة نبيكم ولو تركتم سنة نبيكم لضللتم ولقد رأيتنا وما يتخلف عنها إلا منافق معلوم النفاق أو مريض ولقد كان الرجل يؤتى به يهادى بين الرجلين حتى يقام في الصف» ولقد شرعت الصلاة جماعة في ميدان القتال أمام العدو وهمَّ النبي صلى الله عليه وسلم بتحريق بيوت المتخلفين عنها عليهم ولم يرخص للأعمى الذي ليس له قائد يقوده إلى المسجد في التخلف عنها.

هذا وإن فضل صلاة الجماعة عظيم وشأنها جسيم فهي تنهى عن الفحشاء والمنكر وتكفر الذنوب والآثام وهي نور لصاحبها ونجاة له يوم القيامة.

وقد شبهها رسول الله صلى الله عليه وسلم في محوها للخطايا بالنهر الجاري الذي يغتسل منه الإنسان في اليوم خمس مرات فيذهب بذلك وسخه قال فكذلك الصلوات الخمس يمحو الله بهن الخطايا، فليتق العبد المسلم ربه في أموره عامة وفي صلاته خاصة وليحافظ عليها في أوقاتها مع الجماعة في المسجد حتى يعيش مسلمًا ويموت مسلمًا ويفوز بالأجر العظيم المعد لمن حافظ عليها قال تعالى: "وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ * أُولَئِكَ فِي جَنَّاتٍ مُكْرَمُونَ" وليسلم من الإثم والغي والويل والخسران المعد لمن ضيعها والله ولي التوفيق.

قال الشيخ الإمام محمد بن عبد القوي في منظومة الآداب:

على الصلوات الخمس حافظ فإنها
لآكد مفروض على كل مهتدي


فلا رخصة في تركها لمكلف
وأول ما عنها يحاسب في غد


باهمالها يستوجب المرء قرنه
بفرعون مع هامان في شر مذود


بها مر بني سبع وذا العشر فاضربن
وعنه كذا أوجب عليهم وشدد


وأوجب على من وليهم أمرهم بها
وصحح صلاة الواعي منهم تسدد


وتارك إحدى الخمس وهنا وصومه
وحجًا زكاة ناويًا ترك سرمد


ومرجيه مع ظنه الموت قبله
إذا لم يتب فاقتله كفر بأبعد


وقال بعضهم فأجاد وأفاد:

إن الصلاة علامة الإيمان
وبها تنال محبة الرحمن


فيها التدبر والتذكر والتُّقى
تنهى عن الفحشاء والنكران


فيها بحب الله تسبح مهجتي
فتعود بالتوفيق والغفران


فيها التلاوة للكتاب تجسدت
فيها السعادة يا بني الإنسان


يا مؤمنون تعهدوا لصلاتكم
بالطهر في الأرواح والأبدان


وقفوا أمام الله لا تتحركوا
إذ أنكم في حضرة الرحمن


ودعوا التكحكح والتحرك إنه
عيب أمام مدبر الأكوان


وتدبروا لكتابه وتضرعوا
خلوا الدموع تسيل في الأجفان


وتمثلوا هدي النبي محمد
خير البرية ثابت الأركان


ودعوا التلفت في الصلاة فإنه
نقص وعيب يا ذوي الإحسان


وتعاهدوا صوت الإمام وفعله
لا تسبقوه معاشر الإخوان


إن الإمامة في الصلاة عظيمة
ولذا يقدّم صاحب القرآن


يا إخوتي ربوا البنين على التقى
لا تتركوهم طعمة الأدران


إن الصلاة مع الجماعة واجب
ومزيلة لعوامل الشنآن


الله أكبر إن دين محمد
دين عظيم هادم الأوثان


الدين عز المؤمنين وسعدهم
سعد السعود يلوح في الأكوان


فبغيره لن تستعيدوا عزكم
شهدت بذاك حوادث الأزمان


المرء يسموا بالهداية والتقى
لا بالتناسب والتراث الفاني


صلوا على المختار أحمد إنه
هادي الورى نعم النبي الباني


صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه إلى يوم الدين.

فوائد الصلاة:

للصلاة من الفوائد الدينية والدنيوية والاجتماعية والصحية مالا يعد ولا يحصى فمنها:

1 – أن الصلاة تكفر الذنوب والآثام وفيها رياضة متنوعة نافعة للبدن مقوية للصحة.

2 – تنهى عن الفحشاء والمنكر وأنها أكبر عون للعبد على مصالح دينه ودنياه.

3 – الصلاة نور للمصلي في وجهه وقلبه وقبره ويوم حشره.

4 – الصلاة للبدن والروح بمنزلة حقن صحية ووجبات غذائية.

5 – الصلاة في الدين بمنزلة الرأس من الجسد فكما أنه لا حياة لمن لا رأس له فلا دين لمن لا صلاة له.

6 – الصلاة في المساجد مع الجماعة يكفر الله بها الخطايا ويرفع بها الدرجات.

7 – الصلاة في المساجد مع الجماعة تزيد على صلاة المنفرد بسبع وعشرين درجة.

8 – الصلاة في المساجد مع الجماعة دليل على الإيمان وأمان من النفاق.

9 – الصلاة في المساجد مع الجماعة والمحافظة عليها في أوقاتها سبب الكرامة بجنات النعيم والسلامة من عذاب الجحيم.

10 – المحافظة على الصلوات الخمس في أوقاتها مع الجماعة سبب لسعادة الدنيا والآخرة والسلامة من شقاوة الدنيا والآخرة.

11 – أن الصلاة تطهر النفس وتزكيها وتؤهل العبد لمناجاة ربه في الدنيا وجواره في الآخرة.

وللصلاة خمس فوائد كل واحدة خير من الدنيا وما فيها:

1 – تكميل الإسلام التي هي أعظم أركانه بعد الشهادتين.

2 – تكفير السيئات.

3 – زيادة الحسنات.

4 – رفعة الدرجات.

5 – وزيادة الإيمان في القلب ونوره.

اللهم اجعلنا من المحافظين على الصلوات المكرمين بنعيم الجنات يا حي يا قيوم يا ذا الجلال والإكرام، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

يتبع إن شاء الله...


كتاب المجموع المفيد 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52561
العمر : 72

كتاب المجموع المفيد Empty
مُساهمةموضوع: رد: كتاب المجموع المفيد   كتاب المجموع المفيد Emptyالأحد 11 مارس 2012, 1:26 am

الزكاة في الإسلام ومزاياها

الزكاة هي الركن الثالث من أركان الإسلام ومبانيه العظام.

وهي واجبة على كل مسلم حر ملك نصابًا وحال عليه الحول إلا الخارج من الأرض وما كان تابعًا للأصل كنتاج السائمة وربح التجارة فإن حولهما حول أصلهما.

وتجب الزكاة في أربعة أنواع من المال وهي:

السائمة من بهيمة الأنعام من الإبل والبقر والغنم، والخارج من الأرض من الحبوب والثمار والمعدن والركاز والأثمان سواء أكانت ذهبًا أو فضة أو أوراق نقدية على اختلاف أنواعها ومسمياتها ويجب فيها ربع العشر، وعروض التجارة وهي ما أعد للبيع والشراء من أجل الربح، ويجب فيها ربع عشر قيمتها أيًّا كان نوعها.

وكثير من الناس قد يتساهلون بهذا الركن العظيم من أركان الدين، إما بالبخل بها أو بنقصها أو بخسها أو صرفها إلى غير وجهها المشروع، والزكاة قرينة الصلاة في القرآن.

فمن صلى ولم يزك لم يقبل منه ويجب قتاله ويباح دمه، كما فعل أبو بكر الصديق خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي إخراج الزكاة امتثال أمر الله ورسوله ونماء وبركة في الأموال، وتزكية لنفوس المزكين ومغفرة لذنوبهم، وفيها مواساة ومعونة لإخوانهم الفقراء والمساكين ومن ذكر معهم من أهل الزكاة، وفيها تقوية لأواصر الود والإخاء بين المسلمين.

قال تعالى:

"الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلَانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ".

وقال صلى الله عليه وسلم:

«ما نقصت صدقة من مال» رواه أحمد ومسلم والترمذي وأخبر أن الصدقة تطفئ غضب الرب وتدفع ميتة السوء، وأنها تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار.

فائدة:

البيوت والدكاكين المعدة للأجرة والسيارات المعدة للأجرة وكذلك الأراضي المعدة للأجرة فالزكاة في أجرتها عند تمام الحول أما ما أعد من ذلك للتجارة فالزكاة في قيمته عند تمام الحول.

ومن فوائد الزكاة:

أنها تزكي مخرجها من رذيلة البخل والشح اللذين هما سبب الهلاك، وتزكي المال المخرج منه بالبركة فيه ونمائه وحفظه من الآفات وبقائه، وتزكي المخرج إليه من فقير ومسكين ونحوهما بسد حاجته ودفع فاقته وإزالة ضرورته وتفريج كربته وتيسير عسرته وإعانته.

وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

«من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفَّس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة ومن يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه» رواه مسلم.

ومن فوائد الزكاة ومزاياها:

أنها من أعظم شعائر الدين وأكبر براهين الإيمان فإنه صلى الله عليه وسلم قال: «والصدقة برهان» أي دليل على إيمان صاحبها ودينه ومحبته لله إذا بذل ماله المحبوب للنفوس لله، وأنها تزكي وتنمي المعطي والمعطى والمال الذي أخرجت منه ولهذا كانت الزكاة من أعظم محاسن الإسلام، لما اشتملت عليه من جلب المصالح والمنافع ودفع المضار.

ومن فوائد الصدقة والزكاة ما يلي:

1 – تطهير النفس البشرية من رذيلة البخل والشح وشرور الطمع.

2 – مواساة الفقراء وسد حاجات المعوزين والبؤساء والمحرومين.

3 – إقامة المصالح العامة التي تتوقف عليها حياة الأمة وسعادتها.

4 – تبادل المحبة والعطف والتعاون بين الأغنياء والفقراء وأصحاب الحاجة والمساكين.

5 – إقامة الجهاد في سبيل الله والذود عن حمى هذا الدين.

6 – التأليف على الإسلام والترغيب فيه والتشجيع ببذل الزكاة لمن رجى إسلامه أو تقوية إيمانه أو دفع شره أو إسلام نظيره.

7 – زيادة الحسنات ورفع الدرجات ومحو الخطايا والسيئات والله ولي التوفيق.

فائدة:

تجب الزكاة في حلي النساء ولو كان معدًا للاستعمال لعموم أدلة وجوب الزكاة في الذهب والفضة ولأدلة خاصة في ذلك وللوعيد الشديد على عدمها كما هو اختيار كل من الشيخ عبد العزيز بن باز والشيخ محمد الصالح العثيمين ولهما في ذلك مقالات ومؤلفات والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد.
يتبع إن شاء الله...


كتاب المجموع المفيد 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52561
العمر : 72

كتاب المجموع المفيد Empty
مُساهمةموضوع: رد: كتاب المجموع المفيد   كتاب المجموع المفيد Emptyالأحد 11 مارس 2012, 1:34 am

صوم رمضان وخصائصه

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد:

صوم رمضان هو الركن الرابع من أركان الإسلام ومبانيه ويجب على كل مسلم بالغ عاقل قادر على الصوم.

ويؤمر به الصبي إذا أطاقه ليعتاده قال تعالى: "يأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ" [سورة البقرة: الآية 183]، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «بني الإسلام على خمس شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وحج البيت الحرام»، رواه البخاري ومسلم، وفي الحديث: «من أفطر يومًا من رمضان من غير عذر لم يقضه صيام الدهر وإن صامه» رواه الترمذي وغيره.

والصيام من أعظم وسائل التقوى ومن أعظم الأسباب لتكفير السيئات ومضاعفة الحسنات ورفع الدرجات، وقد اختصه الله لنفسه من بين سائر الأعمال فقال فيما رواه عنه نبيه صلى الله عليه وسلم: «الصوم لي وأنا أجزي به»، وقال صلى الله عليه وسلم: «من صام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه» متفق عليه.

وكان النبي صلى الله عليه وسلم يبشر أصحابه بقدوم رمضان يقول: «قد جاءكم شهر رمضان، شهر مبارك، كتب الله عليكم صيامه، فيه تفتح أبواب الجنة وتغلق فيه أبواب الجحيم وتغل فيه الشياطين، فيه ليلة خير من ألف شهر من حرم خيرها فقد حرم» رواه أحمد والنسائي.

وعن عبادة مرفوعا: «أتاكم رمضان، شهر بركة يغشاكم الله فيه فينزل الرحمة ويحط الخطايا ويستجيب فيه الدعاء ينظر الله إلى تنافسكم فيه ويباهي بكم ملائكته فأروا الله من أنفسكم خيرًا فإن الشقي من حرم فيه رحمة الله» رواه الطبراني ورواته ثقات.

وفي رمضان أنزل القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان، ولذا يستحب الإكثار من قراءته في رمضان بتدبر وخشوع ورغبة ورهبة فإن للمسلم بكل حرف يقرؤه من القرآن عشر حسنات، وقد أنزل القرآن ليقرأ ويفهم معناه ثم يعمل به فيكون حجة لقارئه، وإلا فيكون حجة عليه.

وفي رمضان تسن صلاة التراويح وهي قيام رمضان اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه وخلفائه الراشدين قال صلى الله عليه وسلم: «من قام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه» متفق عليه.

وفي رمضان ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر وهي ثلاث وثمانون سنة وأربعة أشهر وهي ليلة تفتح فيها أبواب السماء ويستجاب فيها الدعاء ويقدَّر فيها ما يكون في السنة من أقدار قال صلى الله عليه وسلم: «من قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه» رواه البخاري ومسلم، وقال: «من حرم خيرها فقد حرم». وتقدم.

وفي رمضان كانت غزوة بدر الكبرى وفتح مكة ودخول الناس في دين الله أفواجًا، وكم في رمضان من البركات والخيرات فيجب أن نغتنم هذه الفرصة لنتوب إلى الله تعالى توبة نصوحًا ونعمل عملاً صالحًا عسى أن نكون من المقبولين الفائزين، ويلاحظ أن بعض الناس هداهم الله قد يصوم ولا يصلي، أو يصلي في رمضان فقط، فمثل هذا لا يفيده صوم ولا حج ولا صدقة، لأن الصلاة عمود الإسلام الذي يقوم عليه، ومن حفظها حفظ دينه، ومن ضيعها فهو لما سواها أضيع، وفي الحديث: «أول ما يحاسب عنه العبد يوم القيامة من عمله صلاته فإن صلحت فقد أفلح وأنجح وإن فسدت فقد خاب وخسر» رواه الترمذي وقال حديث حسن ورواه الطبراني في الأوسط.

فينبغي أن تستغل أوقات رمضان بالأعمال الصالحة من صلاة وصدقة وتلاوة قرآن وذكر لله ودعاء واستغفار وفي الحديث: «ذاكر الله في رمضان مغفور له وسائل الله فيه لا يخيب» رواه الطبراني في الأوسط والبيهقي في شعب الإيمان.

فهو مزرعة للعباد لتطيهر قلوبهم من الفساد، كما يجب حفظ الجوارح عن الآثام من الكلام المحرم والنظر المحرم والسماع المحرم والأكل المحرم والشرب المحرم ليزكو الصوم ويقبل ويستحق الصائم المغفرة والعتق من النار، كما تجب التوبة النصوح من جميع الذنوب في رمضان وغيره بترك المعاصي والندم على ما فات منها والعزم على عدم العودة إليها في المستقبل، وفي فضل رمضان قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «وهو شهر الصبر والصبر ثوابه الجنة» رواه ابن خزيمة في صحيحه، وقال: «أوله رحمة وأوسطه مغفرة وآخره عتق من النار» رواه ابن خزيمة في صحيحه.

وقال: «رأيت رجلاً من أمتي يلهث عطشًا فجاءه صيام شهر رمضان فسقاه وأرواه» رواه أبو موسى المديني والديلمي والطبراني في الكبير. وقال: «الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان مكفرات لما بينهن إذا اجتنبت الكبائر» رواه مسلم. ولو لم يكن فيه من الفضائل إلا أنه كان ظرفًا لنزول القرآن ووقتًا لفريضة من فرائض الإسلام وفيه ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر لكفى، وبالله التوفيق.

حقيقة الصيام وحفظ الجوارح عن الآثام


حقيقة الصيام:

والصائم هو الذي صامت جوارحه عن الآثام، ولسانه عن الكذب والفحش والغيبة والنميمة وقول الزور، وبطنه عن الطعام والشراب، فالصوم الكامل المقبول هو صوم الجوارح عن الآثام وصوم البطن عن الطعام فكما أن الطعام والشراب عمدًا يفسد الصوم فهكذا الآثام تقطع ثوابه وتفسد ثمرته فتصيره بمنزلة من لم يصم، فما من جارحة في بدن الإنسان إلا ويلزمها الصوم عن الحرام في رمضان وغيره فصوم اللسان ترك الكلام إلا في ذكر الله وما والاه، وصوم السمع ترك الإصغاء إلى الباطل وما لا يحل سماعه، وصيام العين ترك النظر والغض عن محارم الله، فهذا هو الصوم اللغوي وأما الصوم الشرعي فهو الإمساك عن الطعام والشراب والجماع بنية خالصة لله من طلوع الفجر الثاني إلى غروب الشمس.

فالجوارح التي أمر الله بصيانتها سبع:

1 – غض البصر عن المحرمات والعورات كالنساء الأجنبيات أي غير ذوات المحارم.

2 – صون السمع عن الإصغاء لكل ما يحرم قوله ويكره كالغيبة والنميمة والأغاني.

3 – حبس اللسان عن النطق بالفحش والبهتان كالغيبة والنميمة والكذب واللعن والسب.

4 – حفظ البطن من أن يدخل فيه حرام من طعام أو شراب فأيما حلم نبت من سحت فالنار أولى به ولا يقبل من آكل الحرام عمل ولا يستجاب له دعاء.

5 – حفظ الفرج عن الحرام كما تقدم وإرسال طرف المرء رائد فرجه وهو مبدأ الشر ونهايته وكل الحوادث مبدؤها من النظر.

6، 7 – حفظ اليد والرجل عن المشي إلى الحرام وبطشه فإذا صان الصائم جوارحه عن الحرام كمل صومه وضوعف أجره وصيانة الجوارح مطلوب في كل وقت إلا أن صيانتها في حق الصائم أوكد وأوجب وبالله التوفيق.

فائدة:

من أسباب المغفرة في رمضان وهي كثيرة صيامه وقيامه وقيام ليلة القدر وقراءة القرآن الكريم والصدقة والعمرة وذكر الله تعالى ودعاؤه واستغفاره وتفطير الصوام والتوبة النصوح والعمل الصالح والخوف من الله ورجاء رحمته.

اللهم تب علينا إنك أنت التواب الرحيم، اللهم إنا نسألك موجبات رحمتك وعزائم مغفرتك، اللهم وفقنا لفواتح الخير وخواتمه وجوامعه وأوله وآخره وعلانيته وسره وظاهره وباطنه، اللهم تقبل منا إنك أنت السميع العليم وصلى الله على نبينا محمد.

ملاحظة:

من فوائد الصيام أنه يعوِّد على الصبر ويربى الإرادة ويعلم ضبط النفس ويساعد عليه ويوجد في النفس ملكة التقوى التي هي الحكمة البارزة من الصوم ويربيها.

وبهذه المناسبة أذكر إخواني الصائمين (المدخنين) أنهم بواسطة الصيام يستطيعون ترك التدخين حيث أنهم يؤمنون بمضرته على النفس والبدن والدين والمجتمع لأنه من الخبائث المحرمة بنص القرآن الكريم فليتقوا الله في أنفسهم وأولادهم ومجتمعهم ودينهم «ومن ترك شيئًا لله عوضه الله خيرًا منه» وأن لا يصوموا عن الحلال ثم يفطروا على الحرام نسأل الله القدير لنا ولهم وللمسلمين العافية والهداية والتوفيق والعصمة وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

قال الإمام الشاعر محمد بن عبد القوي رحمه الله تعالى:

وحافظ على شهر الصيام فإنه
لخامس أركان لدين محمد


تغلق أبواب الجحيم إذا أتى
وتفتح أبواب الجنان لمسعد


ويرفع عن أهل القبور عذابهم
ويصفد فيه كل شيطان معتد


ويبسط فيه الرزق للخلق كلهم
ويسهل فيه فعل كل التعبد


تزخرف جنات النعيم وحورها
لأهل الرضا فيه وأهل التهجد


وقد خصه الله الكريم بليلة
على ألف شهر فضلت فلترصد


فأرغم بأنف القاطع الشهر غفلة
وأعظم بأجر المخلص المتعبد


فقم ليله واقطع نهارك صائمًا
وصن صومه عن كل موه ومفسد


وترك مقال الزور في الناس واجب
ولكنه من صائم ذو تأكد


فإن يشتم أسرع قولك أنا صائم
لتذكير نفس أو لوعظ المعتد


من فوائد الصيام:

1 – أنه من أعظم أسباب التقوى وهي اسم جامع لفعل ما يحبه الله ويرضاه وترك ما يكرهه.

2 – وبالصيام يزداد الإيمان ويتمرن العبد على الصبر والطاعات والبعد عن المخالفات.

3 – ويكون الصائم من الشاكرين لله بمعرفة مقدار نعمة الله عليه بالسعة والغنى وبنعمته الكبرى بتوفيقه للصيام وإعانته عليه.


4 – وبالصيام يعرف العبد نعم الله عليه بإقذاره على ما يتمتع به من مأكل ومشرب ومنكح وتوابعها فيدعوه ذلك إلى رحمة أخيه المحتاج ومواساته.

5 – وبالصيام تغفر الذنوب والآثام الماضية كلها إذا كان عن إيمان واحتساب.

6 – وأن الصيام يحفظ الصحة ويذيب الفضلات المؤذية ويريح القوى وللصيام فوائد روحية واجتماعية وصحية.

7 – فمن فوائده الروحية أن يعود على الصبر ويقوي عليه ويعلم ضبط النفس ويقوي عليه.

8 – ومن فوائد الصوم الاجتماعية أنه يعود الأمة على النظام والاتحاد وحب العدل والمساواة ويكون في المؤمن عاطفة الرحمة وخلق الإحسان كما يصون المجتمع من الشرور.

9 – ومن الفوائد الصحية للصيام أنه يطهر الأمعاء ويصلح المعدة وينظف البدن من الفضلات والرواسب ويخفف من وطأة السمن وثقل البطن بالشحم وفي الحديث: «صوموا تصحوا» فهو جامع لمصالح الدين والدنيا والآخرة. وبالله التوفيق.

يتبع إن شاء الله...


كتاب المجموع المفيد 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52561
العمر : 72

كتاب المجموع المفيد Empty
مُساهمةموضوع: رد: كتاب المجموع المفيد   كتاب المجموع المفيد Emptyالأحد 11 مارس 2012, 1:44 am

الحج المبرور

الحج هو الركن الخامس من أركان الإسلام ومبانيه وبه تتم أركان الإسلام وهو واجب في العمر مرة على المسلم البالغ العاقل الحر المستطيع.

فشروط وجوبه خمسة:

وهي الإسلام والعقل والبلوغ والحرية والاستطاعة.

وتحصل بثلاثة أشياء:

صحة البدن وأمن الطريق ووجود الزاد والراحلة أي النفقة والمركوب وأن يكون ذلك فاضلاً عن قوت عياله وحوائجه الأصلية في ذهابه وإيابه.

وتزيد المرأة شرطًا سادسًا وهو:

وجود محرم لها وهو زوجها أو من تحرم عليه على التأبيد بنسب أو سبب مباح، ويصح حج الصبي ولا يجزيه عن حجة الإسلام فإذا بلغ فعليه أن يحج حجة أخرى، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة».

وفسر بر الحج بإطعام الطعام وطيب الكلام وإفشاء السلام، والحج المبرور هو المقبول الذي لا يرتكب صاحبه فيه معصية بأن يحج كما شرع الله وكما حج رسول الله صلى الله عليه وسلم قاصدًا بحجه وجه الله، قائمًا بالواجبات والمستحبات، تاركًا المحرمات والمكروهات فمغفرة الذنوب بالحج ودخول الجنة مرتب على كون الحج مبرورًا، وقد قال الله تعالى: "الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ"، وفي الحديث: «من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه»، والرفث فسر بالجماع ودواعيه، والفسوق المعاصي، والجدال المنازعة في أحكام الحج بعد أن وضحها الله أو المخاصمة بالباطل.

وفي الحديث: «ما يصنع من يؤم هذا البيت إذا لم يكن فيه ثلاث خصال ورع يحجزه عما حرم الله وحلم يضبط به جهله وحسن صحبة لمن يصحب وإلا فلا حاجة لله بحجه» ومن بر الحج أن تكون النفقة فيه طيبة من مال حلال لأن الله طيب لا يقبل إلا طيبًا وفي الحديث: «إذا خرج الرجل حاجًا بنفقة طيبة فنادى لبيك اللهم لبيك ناداه مناد من السماء لبيك وسعديك زادك حلال ونفقتك حلال وحجك مبرور، وإذا حج بالنفقة الخبيثة فنادى لبيك اللهم لبيك ناداه منادٍ من السماء لا لبيك ولا سعديك زادك حرام ونفقتك حرام وحجك مأزور غير مبرور»

وقال الشاعر:

إذا حججت بمال أصله سحت
فما حججت ولكن حجت العير


ما يقبل الله إلا كل طيبة
ما كل من حج بيت الله مبرور


ومن بر الحج:

كثرة ذكر الله فيه من التلبية والتسبيح والتكبير والتهليل والدعاء والاستغفار قال صلى الله عليه وسلم: «إنما جعل الطواف بالبيت وبالصفا والمروة ورمي الجمار لإقامة ذكر الله» ومما يجب على الحاج وغيره وبه يبر حجه المحافظة على الصلوات الخمس في أوقاتها مع الجماعة فهي عمود الدين وركنه الذي يقوم عليه فمن حج ولم يحافظ على الصلاة كان كمن يسعى في تحصيل ربح درهم ويضيَّع رأس ماله، والصلاة شعار المسلم وهي من الإسلام بمنزلة الرأس من الجسد فكما أنه لا حياة لمن لا رأس له فلا دين لمن لا صلاة له بل هو مرتد عن الإسلام فيجب أن يتوب إلى الله ويصلي باستمرار ويعيد الحج.

قال ابن عبد القوي:

ومن حج بالمال الحرام يعيدها
كذلك مــــــــــــــرتد تاب بأوكد


منافع الحج:

وفي الحج من المنافع الدينية والدنيوية والاجتماعية والصحية مالا يعد ولا يحصى قال تعالى: "لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ" ففيه امتثال لأمر الله وتوحيد وتعظيم له وإظهار لذكره وشكره وخشوع وتذلل لعظمته وفيه مغفرة الذنوب وتكفير السيئات وزيادة الحسنات ورفع الدرجات وفيه تذكير بأحوال الأنبياء والمرسلين والسلف الصالحين فيوجب ذلك محبتهم والاقتداء بهم، وفيه مكاسب دنيوية بالتجارة.

وفيه يلتقي المسلم بإخوانه المسلمين الوافدين إلى هذا البيت من مشارق الأرض ومغاربها فيتعارفون ويتشاورون ويحلون مشاكلهم، ويتبادلون المنافع فيما بينهم، وفي الحج رياضة للأبدان وصحة لها، وفيه يتفكر المسلم في مخلوقات الله في الأرض والأنفس على اختلاف ألوانها وأجناسها ولغاتها "وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِلْعَالِمِينَ" وفي أشهر الحج وأيامه يتجه المسلمون إلى بيت الله الحرام لأداء فريضة الحج تاركين في سبيل ذلك أوطانهم وأولادهم وأموالهم، متجهين إلى مكان واحد، في وقت واحد، قاصدين ربًا واحدًا وهدفًا واحدًا، فإذا وصلوا إلى الميقات خلعوا ثيابهم ولبس كل واحد منهم إزارًا ورداء كأنها أكفان الموتى وكأنهم مسافرون إلى الآخرة لا فرق في ذلك بين الصغير والكبير والغني والفقير والرئيس والمرؤوس، وكذلك يستوي في هذا الشعار المتواضع النجدي والشامي واليمني والمغربي والهندي والعربي والعجمي.

فالكل جاء يقطع البلاد جوًا وبرًا وبحرًا لحضور ذلك الإجماع الإسلامي الكبير استجابة لنداء الله على لسان خليله وشوقًا إلى لقائه فيدخلون إلى حرم الله محرمين خاضعين خاشعين متذللين قد تركوا مألوفاتهم واتجهوا إلى الله بقلوبهم وأبدانهم فيترددون في تلك المشاعر العظيمة من الطواف بالبيت والسعي بين الصفا والمروة والوقوف بعرفة ومزدلفة ورمي الجمار وذبح الهدي على اسم الله والحلق أو التقصير والمبيت بمنى إلى أن يودعوا البيت كل ذلك بقلوب خاشعة وأعين دامعة وألسنة ملبية مكبرة مهللة داعية.

وإذا وقفوا بعرفة اطلع الله عليهم وباهى بهم الملائكة وقال انظروا إلى عبادي أتوني شعثًا غبرًا من كل فج عميق يرجون رحمتي ومغفرتي فلو كانت ذنوبهم عدد الرمل لغفرتها لهم كما في الحديث الذي رواه أبو يعلى والبزار وابن خزيمة وابن حبان في صحيحه والبيهقي (انظر الترغيب والترهيب جـ2 ص 323) وما من يوم أكثر من أن يعتق الله عبيده من النار يوم عرفة وبعد انتهاء الحج وتوديع البيت يرجع الحجاج الأبرار إلى أوطانهم كما ولدتهم أمهاتهم قد غفرت ذنوبهم واستجيب دعاؤهم واستحقوا العتق من النار ودخول الجنة.

فالحج فرصة ثمينة ومناسبة عظيمة لا تحصل لغير المسلمين فحقيق بالمؤمن وخصوصًا من لم يحج أن يبادر إلى الحج وهو قادر عليه ما دام في العمر فسحة وفي الوقت مهلة قبل حلول الأجل وهجوم الموت وفوات الأوان، قال الله تعالى: "فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ"،: "وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ" وفي الحديث: «تعجلوا إلى الحج [يعني الفريضة] فإن أحدكم لا يدري ما يعرض له».

وقال الإمام محمد بن عبد القوي في نظم آداب الحج:

وبادر بفرض العمر قبل انقضائه
بحج إلى البيت العتيق المؤكد


تحن إلى أعلام مكة دائمًا
قلوب إلى الداعي تروح وتغتدي


يطير بهم شوقًا إلى ذلك الحمى
لتحصيل وعد النفع في خير مشهد


على كلهم قد هانت نفس عزيزة
وأهل ومال من طريف ومتلد


وللرفث أهجر والفسوق وهكذا الـ
ــجدال وأقلل من كلامك تحمد


خصائص البيت الحرام:

وقد اختص هذا البيت الحرام بأنه أشرف البقاع وأفضلها، وبأنه قبلة المسلمين أحياء وأمواتًا في مشارق الأرض ومغاربها، وبوجوب الحج إليه وأن قصده مكفر للذنوب والآثام، وليس لقاصده ثواب دون الجنة إذا اتقى الله تعالى وبر وصدق، وبأن الصلاة فيه أفضل من مائة ألف صلاة فيما سواه من المساجد، وبأنه يحرم استقباله واستدباره عند قضاء الحاجة ويؤاخذ فيه على الهم بالسيئات، قال تعالى: "وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ" وبأن من دخله كان آمنًا.

قال الإمام محمد بن إسماعيل الصنعاني في قصيدته في ذكرى الحج وبركاته:

وما زال وفد الله يقصد مكة
إلى أن يرى البيت العتيق وركناه


يطوف به الجاني فيغفر ذنبه
ويسقط عنه جرمه وخطاياه


فمولى الورى للزيارة قد دعا
أنقعد عنها والمزور هو الله


نحج لبيت حجه الرسل قبلنا
لنشهد نفعًا في الكتاب وعدناه


فيامن آسى يامن عصى لو رأيتنا
وأوزارنا ترمى ويرحمنا الله


وبعد تمام الحج والنسك كلها
حللنا وباقي عيسنا ما انخناه


وودعت الحجاج بيت إلهها
وكلهم تجري من الحزن عيناه


ووالله لولا أن نؤمل عودة
إليه لذقنا الموت حين فجعناه


وهكذا يكون المؤمنون الأبرار والمتقون الأخيار يدعوهم الإيمان ويحدوهم الشوق وتقودهم الرغبة إلى تلك المشاعر ويفجعهم فراق بيت محبوبهم الذي وجدوا فيه لذة نفوسهم ومغفرة ذنوبهم وغاية مطلوبهم، وهكذا يكون الحج المبرور الذي وقع كما أراد الله وعلى سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.

تنبيه على أخطاء بعض الحجاج: وكثير من الحجاج يتجشمون المشاق للحج فيتعبون أبدانهم وينفقون أموالهم ومع ذلك لا يؤدون الحج على الوجه المطلوب فبعضهم يقف خارج حدود عرفات وهؤلاء لا حج لهم لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «الحج عرفة» [رواه أحمد وأهل السنن] فيجب التأكد من حدودها.

وبعضهم يخرج منها قبل غروب الشمس وهو غير جائز، وكثير من الحجاج لا يبيتون بمزدلفة وقد بات بها رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى صلى الفجر ووقف بالمشعر الحرام إلى أن أسفر جدًا ودفع منها قبيل طلوع الشمس ولم يرخص في الدفع منها قبل ذلك إلا للضَّعفة من النساء والصبيان بعد نصف الليل، وبعض الناس يرمون الجمرات في أيام التشريق قبل زوال الشمس وهو غير جائز لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يرمها إلا بعد الزوال وقال: «خذوا عنِّي مناسككم».

وبعض الناس يسيء الأدب إلى الحجاج بأقواله وأفعاله خصوصًا في أماكن الزحام وكل ذلك مما ينافي بر الحج ومكارم الأخلاق وإنما الواجب على المسلم أن يمتنع عن الأذى ويصبر على ما يصيبه من الناس لئلا يتعرض لنقصان حجه أو بطلانه وقد قال الله تعالى: "ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ: فالحج المبرور الذي وقع من المؤمنين الأبرار على هدي نبيهم محمد صلى الله عليه وسلم وعلامة الحج المبرور أن يرجع الحاج أحسن مما كان عليه قبل الحج فيرجع مطيعًا لله بعد أن كان عاصيًا وذاكرًا لله بعد أن كان غافلاً عن ذكره وتائبًا إلى الله توبة نصوحًا بترك المعاصي والندم على ما فات منها والعزم على عدم العودة إليها في المستقبل مستغفرًا الله بعد أن كان مصرًا وبذلك يكون الحج مبرورًا والسعي مشكورًا والذنب مغفورًا وبالله التوفيق.

ما يشرع لمريد الحج والعمرة:

1 – أن يتعلم أحكام الحج ليكون على بصيرة من دينه وتكون أقواله وأفعاله على وفق الشرع المحمدي.

2 – أن يتوب إلى الله تعالى توبة نصوحًا من جميع الذنوب بترك المعاصي والندم على ما فات منها والعزم على عدم العودة إليها في المستقبل ويسارع إلى رد مظالم الناس ليتخلص من آثامها ويكون حجه مبرورًا.

3 – أن يكتب وصيته قبل خروجه ويكتب ماله وما عليه من الدين والأمانات والودائع ويشهد على ذلك حرصًا على ضمان حقه وحق الآخرين.

4 – أن يوصي أهله وأولاده وإخوانه وذويه بتقوى الله تعالى وطاعته والمحافظة على الصلوات الخمس والتمسك بتعاليم الإسلام والعمل بالقرآن والسنة.

5 – أن يصحب في سفره الأخيار من أهل الطاعة والفقه في الدين ليضيئوا له الطريق ويرشدوه إلى الحق وينبهوه على الخطأ ويذكروه إذا نسي ويعينوه إذا ذكر.

6 – أن يقصد بحجه وجه الله تعالى والدار الآخرة: «إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى» متفق عليه.

7 – أن ينتخب لحجه وعمرته نفقة طيبة من مال حلال فإن الله طيب لا يقبل إلا طيبًا خالصًا لوجهه الكريم.

8 – أن يصون لسانه وعينه وأذنه عن الكلام المحرم والنظر المحرم والسماع المحرم وعن كل ما يغضب الله: "فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ" [سورة البقرة الآية: 197].

فائدة: من فوائد الحج:

1 – اشتماله على ذكر الله الذي تطمئن به القلوب ويصل به العبد إلى أكمل مطلوب.

2 – أن فيه تذكرة بأحوال الأنبياء والمرسلين والمتذكر لذلك مؤمن بهم متبع لهم مقتد بهم.

3 – أن المسلمين يجتمعون في موضع واحد في وقت واحد على عمل واحد ويتم بذلك التعاون والتعارف والمحبة.

4 – فيه مكاسب عظيمة دنيوية.

5 – فيه مغفرة الذنوب وتفريج الكروب وإجابة الدعوات وإسبال العبرات ورفع الدرجات ومحو السيئات فلله الحمد على ذلك.

يتبع إن شاء الله...


كتاب المجموع المفيد 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52561
العمر : 72

كتاب المجموع المفيد Empty
مُساهمةموضوع: رد: كتاب المجموع المفيد   كتاب المجموع المفيد Emptyالأحد 11 مارس 2012, 1:56 am

يوميات الحج:

ما يفعل الحاج إذا قصد مكة:

1 – إذا وصل إلى الميقات يسن له أن يغتسل ويتنظف ويتطيب ويأخذ من أظفاره وشعر عانته وشاربه ثم يلبس إزارًا ورداء أبيضين نظيفين للرجل، أما المرأة فتحرم في ثياب عادية. ويصلي ركعتين قبل نية الإحرام إذا لم يكن في وقت نهي، أو يحرم بعد صلاة فريضة في وقتها.

2 – إذا أراد الحج والعمرة نواهما معًا وقال لبيك حجًا وعمرة، فيكون قارنًا، أو أراد الحج وحده نواه وقال لبيك حجًا فيكون مفردًا أو نوى التمتع فيقول لبيك عمرة متمتعًا بها إلى الحج.

3 – ينبغي أن يحافظ على التلبية بقدر الإمكان وهي: لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك.

4 – إذا وصل إلى البيت الحرام طاف طواف العمرة إن كان متمتعًا أو طواف القدوم إن كان مفردًا أو قارنًا سبعة أشواط يرمل في الثلاثة الأشواط الأول منها ويمشي في الأربعة الأخيرة ثم يصلي ركعتين خلف مقام إبراهيم. ويضطبع في هذا الطواف بأن يجعل وسط ردائه تحت عاتقه الأيمن وطرفيه على عاتقه الأيسر.

5 – ثم يخرج إلى المسعى فيبدأ بالصفا ويختم بالمروة سبعة أشواط ويسن أن يرقى عليهما ويستقبل الكعبة فيدعو الله تعالى ويهلله ويكبره.

6 – ثم يحلق أو يقصر إن كان متمتعًا أي ناويًا للعمرة وحدها ويلبس ملابسه المعتادة ويباح له حينئذ كل شيء من محظورات الإحرام، أما إن كان مفردًا أو قارنًا أي نوى الحج وحده أو الحج والعمرة جميعًا فلا يحلق ولا يقصر ويستمر على إحرامه حتى ينتهي الحج.

ما يفعل الحاج في اليوم الثامن من ذي الحجة:

يسن أن يغتسل ويتنظف ويتطيب ويلبس ثياب الإحرام ويلبي بالحج ثم يتوجه إلى منى فيبيت بها تلك الليلة فيصلي بها الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر فإذا طلعت الشمس سار إلى عرفات.

ما يفعل في اليوم التاسع:

يسن أن يذهب إلى نمرة ويقيم بها إلى الزوال ويخطب بها الإمام ويصلي بها الظهر والعصر بآذان وإقامتين جمع تقديم قصرًا ثم يتوجه إلى عرفات ويجتهد في الذكر والدعاء والاستغفار والتوبة النصوح من جميع الذنوب فيتركها ويندم على ما فات منها ويعزم أن لا يعود إليها في المستقبل، وخير يوم طلعت عليه الشمس يوم عرفة، فهو يوم عظيم يجود الله فيه على عباده ويباهي بهم ملائكته ويكثر فيه العتقاء من النار فينبغي للمسلمين أن يروا الله من أنفسهم خيرًا، والشقي من حرم فيه رحمة الله، والله تعالى يتوب على من تاب ويغفر لمن استغفر ويجيب من دعاه "وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ" [سورة الشورى:25]

وبعد غروب الشمس يتوجه الحاج من عرفة إلى مزدلفة فيصلي بها المغرب والعشاء جمعًا وقصرًا لصلاة العشاء، ويبيت فيها إلى أن يصلي الفجر ويذكر الله تعالى إلى قبيل طلوع الشمس ثم يتوجه إلى منى.

ما يفعل في اليوم العاشر – يوم العيد:

يكون الحاج في منى وأعمال هذا اليوم أربعة:

1 – رمي جمرة العقبة بعد طلوع الشمس إلى غروبها بسبع حصيات متواليات واحدة بعد الأخرى.

2 – ذبح الهدي إن كان متمتعًا أو قارنًا.

3 – حلق شعر الرأس أو تقصيره والحلق أفضل والمرأة تقصر من كل ظفيرة قدر أنملة وهي رأس الإصبع فقط ثم يلبس ثيابه المعتادة ثم قد حل له كل شيء حرم عليه بالإحرام إلا النساء.

4 – يذهب إلى مكة ذلك اليوم إن تيسر ذلك فيطوف بالبيت طواف الإفاضة ويسعى بين الصفا والمروة إن كان متمتعًا أو مفردًا أو قارنًا ولم يكن سعى بعد طواف القدوم فيكون قد حل له كل شيء من محظورات الإحرام.

ثم يعود إلى منى ليبيت بها والواجب المبيت معظم الليل هذا معنى المبيت وهو واجب على الحاج.

ما يفعل الحاج في اليوم الحادي عشر والثاني عشر:

يرمي الجمرات الثلاث بالترتيب من بعد زوال الشمس إلى غروبها.

1 – الجمرة الأولى: وهي الصغرى وهي البعيدة من مكة ويقف بعدها يدعو مستقبل القبلة.

2 – ثم الوسطى: ثم يسن أن يقف ويدعو إن تيسر ذلك.

3 – ثم جمرة العقبة: ولا يقف عندها يرمي كل واحدة بسبع حصيات متعاقبات.

وله الخروج من منى في اليوم الثاني عشر قبل غروب الشمس فإن غربت ولم يخرج لزمه المبيت بها والرمي بعد الزوال في اليوم الثالث عشر.

ولا يخرج الحاج من مكة حتى يودع البيت وهو واجب على غير المرأة الحائض والنفساء وغير أهل مكة أما هم فلا وداع عليهم.

الأشياء المحرمة على المحرم بحج أو عمرة:

1 – حلق الشعر أو تقصيره أو نتفه.

2 – وتقليم الأظافر.

3 – وتغطية الرأس بملاصق في حق الرجل.

4 – والطيب في البدن والثياب.

5 – ولبس المخيط للرجل.

6 – وعقد النكاح له أو لغيره.

7 – والجماع في الفرج وهو يفسد الحج.

8 – والمباشرة في ما دون الفرج.

9 – وقتل صيد البر واصطياده.

10 – ولا يجوز للمحرم ولا غيره قطع شجر الحرم ونباته الرطب غير المؤذي.

فإن احتاج المحرم إلى تغطيه رأسه أو حلقه أو إلى لبس مخيط فله فعله وعليه الفدية وهو مخير فيها بين ثلاثة أشياء وهي ذبح شاة أو إطعام ستة مساكين أو صيام ثلاثة أيام وإن فعل شيئًا من ذلك ناسيًا فلا شيء عليه.

من سنن الحج:

1 – الغسل للإحرام.

2 – والتلبية.

3 – وطواف القدوم.

4 – والرمل الاضطباع فيه.

5 – والمبيت بمنى ليلة عرفة.

أركان الحج التي لا يصح إلا بها:

1 – الإحرام بالحج، وهو نية الحج وقصده.

2 – والوقوف بعرفة.

3 – وطواف الإفاضة.

4 – والسعي بين الصفا والمروة.

واجبات الحج سبعة:

1 – الإحرام من الميقات.

2 – والوقوف بعرفة إلى الليل إن أتاها نهارًا.

3 – والمبيت بمزدلفة.

4 – والمبيت بمنى.

5 – ورمي الجمرات.

6 – والحلق أو التقصير.

7 – وطواف الوداع.

فمن ترك ركنًا لم يصح حجه إلا به ومن ترك واجبًا جبره بدم وصح حجه فإن لم يقدر على الدم لزمه صيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع إلى أهله.

وأركان العمرة ثلاثة وهي:


الإحرام، والطواف، والسعي.

وواجباتها شيئان:

الإحرام من الميقات إن كان مارًا به أو من أدنى الحل، والحلق أو التقصير والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

فائدة:

من الحكمة في الحج والعمرة تطهير النفس من آثار الذنوب لتصبح أهلاً لكرامة الله تعالى في الدار الآخرة لقوله صلى الله عليه وسلم: «من حج هذا البيت فلم يرفث ولم يفسق رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه». وبالله التوفيق.

فصل في زيارة المسجد النبوي:


تسن زيارة مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم للصلاة فيه فإنها أفضل من ألف صلاة فيما سواه من المساجد إلا المسجد الحرام كما في الحديث الذي رواه مسلم وغيره ثم بعد الصلاة يزور قبر الرسول صلى الله عليه وسلم وقبري صاحبيه أبي بكر وعمر رضي الله عنهما بأدب وخفض صوت، فيقف تجاه القبر ثم يسلم عليه صلى الله عليه وسلم قائلاً السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته أشهد أنك قد بلغت الرسالة وأديت الأمانة ونصحت للأمة وجاهدت في الله حق جهاده اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد فإنه صلى الله عليه وسلم قال: «ما من أحد يسلم علي إلا رد الله علي روحي حتى أرد عليه السلام» رواه أبو داود بإسناد صحيح.

ثم يسلم على أبي بكر الصديق رضي الله عنه قائلاً السلام عليك يا أبا بكر ورحمة الله وبركاته، ثم يسلم على عمر الفاروق رضي الله عنه كذلك، ولا يجوز السفر إلى المدينة لقصد زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم فإنه صلى الله عليه وسلم قال: «لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام ومسجدي هذا والمسجد الأقصى»، رواه البخاري ومسلم، بل ينوي الزائر زيارة المسجد وتكون زيارة القبر تبعًا لها.

ولا يجوز التمسح بالحجرة المبنية على القبر ولا تقبيلها ولا الطواف بها ولا الصلاة إليها ولا قصدها للدعاء فإن ذلك كله بدعة محدثة، كما لا يجوز رفع الأصوات هناك ولا يجوز لأحد أن يسأل النبي صلى الله عليه وسلم قضاء حاجة أو تفريج كربة أو شفاء مريض أو قدوم غائب لأن ذلك كله لا يطلب إلا من الله وحده القادر على كل شيء وطلبه من الأموات شرك بالله وعبادة لغيره.

ولا يجوز للنساء زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم ولا غيره من القبور لأنه صلى الله عليه وسلم لعن زوارات القبور والمتخذين عليها المساجد والسرج.

والصلاة والسلام على النبي صلى الله عليه وسلم تصله من المصلي والمسلم عليه قريبًا أو بعيدًا وفي الحديث: «إن لله ملائكة سياحين يبلغوني عن أمتي السلام» رواه النسائي وابن حبان في صحيحه صلوات الله وسلامه عليه.

وينبغي لزائر المدينة أن يزور مقبرة البقيع وشهداء أحد ويسلم عليهم ويتذكر ما جرى لهم من السبق إلى الإيمان والهجرة والجهاد، وقد علم النبي صلى الله عليه وسلم أمته إذا زاروا المقابر أن يقول أحدهم السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين وإنا إن شاء الله بكم لاحقون يرحم الله المستقدمين منا ومنكم والمستأخرين نسأل الله لنا ولكم العافية اللهم لا تحرمنا أجرهم ولا تفتنا بعدهم واغفر لنا ولهم، وهذا الدعاء مجموع من عدة أحاديث رواها مسلم والنسائي وغيرهما.

وزيارة القبور على نوعين:

شرعية، وبدعية.

فالزيارة الشرعية:

مقصودها السلام على الميت والدعاء له والترحم عليه وتذكرة الدار الآخرة.

والزيارة البدعية:

أن يكون مقصود الزائر التبرك بالأموات والدعاء عندهم لنفسه وسؤال الله بهم أو سؤالهم قضاء الحاجات وتفريج الكربات من شفاء مريض أو جلب نفع أو دفع ضر أو حصول نصر أو غير ذلك مما لا يقدر عليه إلا الله: "وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلَا رَادَّ لِفَضْلِهِ" سورة يونس (الآية: 107).

والعبادات مبناها على أصلين:

ألا يعبد إلا الله وحده، وألا يعبد إلا بما شرع لا بالمحدثات ولا بالبدع، ومن المحرمات رمي النقود على القبور فإنها نفقة لم يأذن بها الله ولا رسوله وإنما هي في سبيل الشيطان وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن رجالا يتخوضون في مال الله بغير حق فلهم النار يوم القيامة» رواه البخاري.

وينبغي لزائر المدينة أن يزور مسجد قباء اقتداءً بالنبي صلى الله عليه وسلم فإنه كان يزوره كل سبت راكبًا وماشيًا وقال: «مَنْ تطهر في بيته ثم أتى مسجد قباء فصلى فيه ركعتين كانتا كأجر عمرة» أخرجه أحمد والنسائي وابن ماجة والحاكم وقال صحيح الإسناد، وقال: (فصلى فيه صلاة) ولم يقيدها بركعتين، وهو المسجد الذي أسس على التقوى من أول يوم قدم فيه النبي صلى الله عليه وسلم المدينة.

وبالله التوفيق وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

فائدة في فضل مكة المكرمة:

قال الشاعر:

أرض بها البيت المحرم قبلة
للعالمين لها المساجد تعدل


حرم حرام أرضها وصيودها
والصيد في كل البلاد محلل


وبها المشاعر والمناسك كلها
وإلى فضيلتها البرية ترحل


وبها المقام وحوض زمزم مشرعًا
والحجر والركن الذي لا يرحل


والمسجد العالي المحرم والصفاء
والمشعران لمن يطوف ويرمل


وبمكة الحسنات ضوعف أجرها
وبها المسيء عنه الخطايا تغسل


يتبع إن شاء الله...


كتاب المجموع المفيد 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52561
العمر : 72

كتاب المجموع المفيد Empty
مُساهمةموضوع: رد: كتاب المجموع المفيد   كتاب المجموع المفيد Emptyالأحد 11 مارس 2012, 2:25 am

تذكرة لمن اتقى

الحمد لله الذي جعل القرآن هدى للمتقين وذكرى للمؤمنين وحجة على المعاندين والصلاة والسلام على عبده ورسوله محمد الذي أرسله رحمة للعالمين وضمن الجنة والهداية لمن أطاعه وجعل الذلة والصغار على من خالف أمره.

أما بعد:

فهذه كلمة وجيزة في التقوى وبيان ثمراتها وحسن عاقبتها دعاني إلى كتابتها الشفقة ومحبة الخير لإخواني المسلمين، والخوف عليهم من سوء عاقبة ما وقع فيه أكثرهم من مخالفة هذا الدين ومعصية رب العالمين، فالإسلام يوجب على المسلم أن يحب لأخيه ما يحب لنفسه ويكره له ما يكره لنفسه، وأن يكون المسلمون كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضًا، وكالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر.

إننا لو وجدنا غريقًا لرأينا من واجبنا إنقاذه، ولو شاهدنا حريقًا لوجب علينا إطفاؤه، إذًا فمعصية الله أعظم وأدهى، وعذاب الله أشد وأبقى، وكيف يرضى المسلم لنفسه أو لولده أو لأخيه بالعذاب الأليم في نار السموم والحميم الذي يشوي الوجوه ويقطع الأمعاء، وسميت هذه الكلمة [تذكرة لمن اتقى] لأن غير المتقي لا يتذكر نعيمًا ولا عذابًا ولا يرجو ثوابًا ولا يخاف عقابًا والله الهادي إلى سواء السبيل.

[التقوى] تقوى الله طاعته بامتثال أوامره واجتناب نواهيه رغبة في ثوابه وخوفًا من عقابه وهي وصية الله للأولين والآخرين، قال تعالى: "وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ"، وقال تعالى: "يأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ"، وذلك بأن يطاع فلا يعصى ويذكر فلا ينسى ويشكر فلا يكفر، والمعنى استمروا على الإسلام والإيمان والتقوى والعمل الصالح حتى تموتوا عليه لأن من شب على شيء شاب عليه ومن شاب على شيء مات عليه في الأغلب.

والتقوى تثمر سعادة الدنيا والآخرة والسلامة من شقاوة الدنيا والآخرة قال الله تعالى: "وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا* وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ* وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا"، "وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْرًا".

وفاقد التقوى قد خسر نفسه ودنياه وآخرته وذلك هو الخسران المبين قال تعالى: "وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ"، وهذه السورة العظيمة على اختصارها جمعت أصول الخيرات، فهي ميزان للمؤمن يزن بها نفسه فيعرف ربحه من خسرانه وسعادته من شقاوته، فقد تضمنت ما يجب من القول والاعتقاد والعمل، ولذا قال فيها الإمام الشافعي لو فكر الناس فيها لكفتهم.

أقسم الله فيها بالدهر المتضمن لأعمال بني آدم إن الإنسان خاسر إلا إذا اتصف بالإيمان بعد العلم به وصدَّقهُ بالعمل الصالح المثمر وأوصى غيره بلزوم الحق علمًا وعملاً واعتقادًا ودعوة، وأوصاه بفعل ما يجب وترك ما يحرم فقد تضمنت هذه السورة منهاج السعادة فيستفاد منها:

1 – وجوب الإيمان والعلم والعمل به والدعوة إليه والصبر على ذلك.

2 – عدم استقامة الإيمان بدون عمل.

3 – عدم فائدة العمل إلا إذا كان صالحًا خالصًا لله موافقًا للسنة.

4 – أن الدين يشمل قول اللسان واعتقاد القلب وعمل الجوارح.

5 – خسر الإنسان الذي لم يتصف بما ذكر في هذه السورة من العلم والعمل والدعوة والصبر على ذلك.

فإن الله تعالى ذم من يعلم ولا يعمل كاليهود حينما كلفهم العمل بالتوراة ثم لم يعملوا بها وضرب لهم المثل بالحمار يحمل أسفار الكتب ولا ينتفع بها وقالوا للرسول صلى الله عليه وسلم سمعنا قولك وعصينا أمرك، فغضب الله عليهم ولعنهم وأعد لهم عذابًا أليمًا.

فإياك أيها المسلم أن تسلك طريقهم فتترك الحق مع علمك به وترتكب الباطل فيصيبك ما أصابهم.

وإن لنا عظة وعبرة بمن سبق من الأمم الطاغية الكافرة كقوم نوح وعاد وثمود وفرعون بما حصل لهم من الهلاك في الدنيا والعذاب في الآخرة حينما كفروا بالله وعصوا رسله قال الله تعالى: "فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ" سورة العنكبوت (الآية:40).

فالمعاصي هي السبب في زوال النعم وحلول العقوبات والنقم وهلاك من سبق من الأمم والسعيد من وعظ بغيره.

ومما دلت عليه سورة العصر وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والصبر على ذلك كما قال تعالى: "وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ" سورة لقمان (الآية: 17).

كما وصف الله بذلك الأمة المحمدية ومدحهم به وبذلك صاروا خير أمة أخرجت للناس قال تعالى: "كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ" سورة آل عمران (الآية: 110) والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من أعظم واجبات الإسلام وأكبر قواعد الأديان وهو من أشق ما يحمله المسلم لأنه مقام الرسل حيث ينقل صاحبه الناس من الطباع وتنفر منه نفوس العصاة.

وهو إحياء للسنن وإماتة للبدع، ولو سكت المحقون وتكلم المبطلون لتعود النشء ما شاهدوا وأنكروا ما لم يشاهدوا فمتى أراد المؤمن إحياء سنة أنكرها الناس عليه فظنوها بدعة فالقائم بها يعد مبتدعًا. ولقد ذم الله الذين كفروا من بني إسرائيل ولعنهم على لسان داود وعيسى ابن مريم قال تعالى: "ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ* كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ" سورة المائدة (الآيتان 78 – 79).

فاتق الله أيها المسلم الراجي رحمة ربه الخائف من عقابه اتق الله بفعل ما أمر وترك ما نهى لتفوز برضاه وجنته وتسلم من عذابه وسخطه، فاحفظ الله يحفظك فإن الجزاء من جنس العمل، واتق الله حيثما كنت فإنه تعالى يراك ويسمعك ويعلم سرك وعلانيتك، فقد أوجب الله عليك واجبات وحرم عليك محرمات.

أوجب عليك إخلاص النية لله في القول والعمل وعلى حسب نيتك تثاب أو تعاقب: «إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى» متفق عليه، وأوجب عليك الصلوات الخمس في أوقاتها مع الجماعة بخشوع وخضوع ورغبة ورهبة وجعلها عماد الدين وآكد أركان الإسلام بعد الشهادتين والفارقة بين الإسلام والكفر، وجعلها مكفرة للذنوب والآثام ناهية عن الفحشاء والمنكر، أوجبها على كل مسلم بالغ عاقل غير المرأة الحائض والنفساء أيام الحيض والنفاس، أوجبها على المسلم في كل حال من الصحة والمرض والإقامة والسفر والأمن والخوف على قدر استطاعته "إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا" سورة النساء: الآية 103.

وتارك الصلاة لا يقبل منه صدقة ولا صيام ولا حج ولا جهاد ولا أي عمل وهو أعظم جرمًا من الزاني والسارق وشارب الخمر وهو كافر بالله العظيم ومأواه جهنم إلا من تاب فإن الله يتوب عليه، قال صلى الله عليه وسلم: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر» رواه أحمد وأبو داود والنسائي والترمذي وقال حسن صحيح، وقال تعالى: "مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ* قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ" سورة المدثر: (الآية: 42 – 43).

كما أوجب الله عليك أيها المسلم الزكاة في مالك ليطهرك بها، وأوجب عليك صوم رمضان وحج بيت الله الحرام مع الاستطاعة ليكونا كفارة لما مضى من ذنوبك والقيام بهذه الفرائض على الوجه الأكمل هو السبب في حفظك في دنياك وآخرتك وفوزك بالجنة ونجاتك من النار، وشرع الله لك إلى جانب هذه الفرائض نوافل مكملة لها وجابرة لما نقص منها والنوافل أيضا وسيلة إلى محبة الله لك وحفظه لك من كل مكروه وإجابة دعائك وزيادة حسناتك ورفع درجاتك ومحو سيئاتك وأوجب الله عليك بر الوالدين والإحسان إليهما بكل أنواع الإحسان وجعل رضاه منوطًا برضاهما وصلة الأقارب وإن قطعوك والإحسان إلى الجيران وعدم أذيتهم.

هذا ولا ينفع الإتيان بالواجبات إلا باجتناب المحرمات وأعظمها الشرك بالله شيئًا في القول أو الاعتقاد أو العمل كدعاء غير الله والذبح لغيره والتوكل على غيره في جلب نفع أو دفع ضر أو حصول نصر أو غير ذلك مما لا يقدر عليه إلا الله قال تعالى: "إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ" سورة المائدة (الآية: 72).
وحرم الله الزنا والسرقة وشرب المسكرات والمخدرات وقذف المحصنات وشهادة الزور، حرم ذلك حفظًا للعقول والأنساب والأموال والأعراض والحقوق، وحرم الله عقوق الوالدين وقطيعة الأرحام والغيبة والنميمة، والغيبة ذكرك أخاك بما يكره.

والنميمة نقل الكلام بين الناس على وجه الإفساد بينهم، والكذب على الله أو على رسوله أو على الناس في البيع والشراء والصناعات، وإخفاء العيب والنجش وهو أن يزيد في السلعة من لا يريد شراءها.

وحرم الله النقص والتطفيف في الكيل والوزن والذرع قال تعالى: "ويل للمطففين" سورة المطففين (الآية:1) وفي الحديث من غشنا فليس منا، وحرم الله ظلم العباد في دمائهم وأموالهم وأعراضهم، وحرم الله أكل الحرام وتناوله على أي وجه كان سواء كان من غصب أو سرقة أو ربا أو غش أو خيانة أو غير ذلك قال تعالى: "وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ"، وفي الحديث الصحيح «إن رجالا يتخوضون في مال الله بغير حق فلهم النار يوم القيامة» وفي الحديث «كل لحم نبت من سحت فالنار أولى به»، وآكل الحرام لا يستجاب له دعاء ولا يقبل منه عمل قال الشاعر:

وطاعة ممن حرامًا يأكل
مثل البنا فوق موج يجعل


ومن المحرمات شرب الدخان الضار بالدين والبدن والصحة والمال، والضار بالجليس من الآدميين والملائكة الكرام لأن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه بنو آدم، فهو ممنوع بيعه وشراؤه وشربه في الشرع والعقل والفطرة السليمة، ولكن النفوس الأمارة بالسوء والهوى المضل والشيطان المغوي والتقليد الأعمى تسيطر على عقل الإنسان فيعمى عن الحق فيضر نفسه ويحرق نفسه بنفسه ويعذب نفسه بنفسه فيفعل بنفسه ما لا يفعله الأعداء كما قيل:

ما يبلغ الأعداء من جاهل
ما يبلغ الجاهل من نفسه


والدخان من الخبائث المحرمة بنص القرآن الكريم قال تعالى في وصف نبينا محمد صلى الله عليه وسلم: "ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث"، وفيه إسراف وتبذير للمال في غير فائدة والله لا يحب المسرفين وأخبر أن المبذرين إخوان الشياطين.

هذا وقد صدر في تحريم الدخان وبيان مضاره عدة فتاوى ومؤلفات كثيرة منها الفتوى التي صدرت عن دار الإفتاء بالرياض بقلم مفتي الديار السعودية الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ رحمه الله، وفتوى للشيخ العلامة عبد الرحمن السعدي رحمه الله، ورسالة للشيخ عبد الله بن سند الزبيري التي سماعها (نصيحة الإنسان عن استعمال الدخان) إلى غير ذلك: "وَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا.

ومن المحرمات الغناء والعزف والاستماع إلى ذلك لأنه يصد عن ذكر الله وعن الصلاة وينبت النفاق في القلب ويصد عن الحق ويجر إلى الضلال، وينقص الحياء ويهدم المروءة ويدعو إلى ارتكاب جريمة الزنا، ويؤثر في القلب والإيمان كتأثير السم في الأبدان، وهو من أعظم مكائد الشيطان لإغواء بني الإنسان وشغلهم به عن القرآن.

ولقد أحسن من قال:

لا خير في صور المعازف كلها
والرقص والإيقاع في القضبان


إن التقي لربه متنـزه
عن صوت ألحان وسمع أغاني


حب الكتاب وحب ألحان الغناء
في قلب عبد ليس يجتمعان


وإذا أردت أن تعرف تحريم الغناء وتبيين مضاره والأدلة على ذلك فارجع إلى كتاب: «إغاثة اللهفان من مصائد الشيطان» للإمام ابن القيم رحمه الله فسوف تجد ما يشفي ويكفي.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: ومذهب الأئمة الأربعة أن آلات اللهو كلها حرام.

وحرم الله حلق اللحى وإطالة الشوارب لأنه تغيير لخلق الله، ومخالفة لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتشبه بالنساء الملعون فاعله، وتشبه بالكفار، وهو شعار مجوسي ممقوت، وفي الحديث: «من تشبه بقوم فهو منهم» وقال الفقهاء: إن من جنى على لحية أخيه فأزالها على وجه لا يعود فعليه الدية كاملة، وهو مع ذلك يجني على نفسه، وإعفاء اللحية من ملة إبراهيم الخليل عليه السلام التي لا يرغب عنها إلا من سفه نفسه واتبع هواه بغير هدى من الله، واللحية اسم لما نبت على الخدين والعارضين والذقن كما هو معروف من كتب اللغة، ونهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن القزع وهو حلق بعض الرأس وترك بعضه كالذي يسمى التواليت فهو تشويه للخلقة ومخالفة للسنة وتقليد أعمى لأعداء الله ورسوله.

وحرم الله تصوير ذوات الأرواح من الآدميين والبهائم والطيور وغيرها، وحرم اقتناء الصور ولعن المصورين وأخبر أنهم أشد الناس عذابًا يوم القيامة.

وهي محرمة بأي وسيلة كانت.

وحرمت لما فيها من الفتن، والمشابهة لخلق الله، ولأنها من وسائل الشرك، وأول شرك حدث في العالم في قوم نوح كان بسبب الافتتان بالصور، ولا فرق في ذلك بين المجسم والمنقوش والمرسوم وغيرها لأن النهي عن ذلك والوعيد عليه عام، وللشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب في كتاب التوحيد «باب ما جاء في المصورين» أي من عظيم عقوبة الله لهم وعذابه وللشيخ عبد العزيز بن باز فتوى في تحريم التصوير مؤيدة بالأدلة الشرعية من السنة الصحيحة وكلام العلماء المحققين سماها «الجواب المفيد في حكم التصوير» وللشيخ حمود بن عبد الله التويجري كتاب «إعلان النكير على المفتونين بالتصوير» فليرجع إليها من أراد الحق.

يتبع إن شاء الله...


كتاب المجموع المفيد 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52561
العمر : 72

كتاب المجموع المفيد Empty
مُساهمةموضوع: رد: كتاب المجموع المفيد   كتاب المجموع المفيد Emptyالأحد 11 مارس 2012, 2:36 am

ومن المحرمات تبرج النساء وسفورهن وخروجهن على هذه الصفة الممقوتة فاتنات مفتونات قال الله تعالى: "وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى".

كما حرم النظر إليهن قال تعالى: "قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ* وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا" سورة النور (الآية: 30)، كالثياب الظاهرة التي لا يمكن إخفاؤها وقال صلى الله عليه وسلم: «ما تركت بعدي فتنة هي أضر على الرجال من النساء»، وفي الحديث: «النظر سهم مسموم من سهام إبليس من تركه لله عوضه الله إيمانًا يجد حلاوته في قلبه»، وكل الحوادث مبدؤها من النظر، وعلى كل حال فالحلال بين والحرام بين ولا يمكن حصر الواجبات والمحرمات في هذه الكلمة الموجزة، ومن أراد الزيادة فعليه الاطلاع على كتب السلف الصالح رحمهم الله فقد أوضحوها أتم الوضوح وأشمله.

وقد خلق الله للإنسان ما في الأرض جميعًا ليستفيد منه وينتفع به، وأحل له كل طيب نافع، وحرم عليه كل خبيث ضار، فلم يترك خيرًا إلا أمر به ولا شرًا إلا نهى عنه وحذر منه رحمة منه بعباده وإحسانا إليهم: "وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ* وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ" عياذًا بوجه الله من ذلك.

ويعظم وزر هذه المحرمات وتشتد العقوبة عليها إذا صدرت ممن يقتدى به من عالم أو رئيس أو مدرس أو كبير أسرة.

وأعظم من فعل هذه المحرمات استحلالها أي اعتقاد أنها حلال فإن بعض الناس يجمع بين جريمتين جريمة فعل المعصية وجريمة استحلالها. ومن استحل محرمًا فقد كفر إذا كان مجمعًا على تحريمه.

وليعلم فاعل المعصية والمجاهر بها أنه يدعو إليها بالفعل أعظم ممن يدعو إليها بالقول وسوف يحمل يوم القيامة وزره ووزر من قلده أو اقتدى به فيه من أولاده أو تلاميذه أو غيرهم، فهل من متذكر؟

قد يقول قائل أن ما ذكرته من المحرمات قد فشا في المجتمع وأصبحت عادات مألوفة والخروج عن حكم العادات عسر جدًا فكيف السبيل إلى الخلاص منها؟

فالجواب:

أن ذلك سهل ويسير على من يسره الله عليه فالعاقل ينظر في العواقب ويفكر في المستقبل فإذا كنت مؤمنًا بالله واليوم الآخر، وقد رضيت بالله ربًا وبالإسلام دينًا وبمحمد -صلى الله عليه وسلم- نبيًا، وأيقنت بالموت والفنا، وصدقت بالبعث والجزاء، لم يبق للتقليد في نفسك مجال طلبًا لراحتك مستقبلاً، والفوز برضا الله والتنعم بدار كرامته والسلامة من سخطه وأليم عقابه، ومن ترك شيئًا لله عوضه الله خيرًا منه، وعلمت أيضًا ما ورد في الحديث من أن المتمسك بدينه في آخر الزمان له أجر خمسين من الصحابة وأجر مئة شهيد وأنه كالقابض على الجمر وذلك لقلة الأعوان وكثرة الأضداد.

وعلمت أيضًا أن هذه الأمة منقسمة إلى ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة وهي من كان على مثل ما كان عليه محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه من العلم النافع والعمل الصالح والإيمان الصادق فأحرص أن تكون في هذه الفرقة الناجية وفقك الله لذلك بمنه وكرمه وإيانا وجميع المسلمين.

واعلم أن الإسلام بدأ غريبًا وسيعود غريبًا كما بدأ فطوبى للغرباء الذين يصلحون إذا فسد الناس ويصلحون ما أفسد الناس.

فتستدل بعلمك وعقلك على ربك وعلى فعل ما ينفعك وترك ما يضرك.

وعليك أن تفكر في نعم الله عليك وإحسانه إليك بكل أنواع الإحسان، حيث خلقك فسواك فعدلك وأنعم عليك بالسمع والبصر والعقل، وأطعمك وسقاك وآواك، وجعلك مسلمًا ورزقك من الطيبات وفضلك على كثير ممن خلق، فاحمد الله وأشكره على نعمه بالقيام بطاعته ظاهرًا وباطنًا بقولك واعتقادك وعملك لتستقر نعمه عليك ويزيدك منها وتعرض لأسباب المغفرة وابتعد عن أسباب العذاب.

وأسباب المغفرة كثيرة تجتمع في أربعة أسباب وهي:

التوبة النصوح، والإيمان الصادق، والعمل الصالح، والثبات على ذلك والاستقامة عليه حتى الموت قال تعالى: "وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى" سورة طه (الآية: 82).

وتنحصر أسباب العذاب في سببين:

أحدهما: التكذيب بالقلب بخبر الله ورسوله وأمره ونهيه.

والثاني: الإعراض بالبدن عن طاعته قال تعالى: "إِنَّا قَدْ أُوحِيَ إِلَيْنَا أَنَّ الْعَذَابَ عَلَى مَنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى" وقال: "فَأَنْذَرْتُكُمْ نَارًا تَلَظَّى* لَا يَصْلَاهَا إِلَّا الْأَشْقَى* الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّى"، فاتق الله يا أخي المسلم في نفسك وأهلك وأولادك ومالك ودينك ودنياك، وجاهد نفسك الأمارة بالسوء، وهواك المضل، وشيطانك المغوي، وحقق إسلامك بقيامك بشعائره وأداء فرائضه، قولاً واعتقادًا وعملاً فعلاً وتركًا حبًا وبغضًا، وأوثق عرى الإيمان وأحب الأعمال إلى الله الحب في الله والبغض في الله، والموالاة في الله والمعاداة في الله، ومعنى ذلك أن تحب من أطاع الله وتواليهم وتبغض من عصى الله وتعاديهم فالمرء مع من أحب يوم القيامة.

واعلم أنك إذا نويت الخير وقصدته وحرصت عليه هديت إليه ووفقت له قال تعالى: "وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ"، "وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا"، أما إذا أعرض الإنسان عن الحق بعد معرفته وارتكب الباطل فإنه قد لا يوفق بعد ذلك لأنه قد أغلق على نفسه باب التوفيق. قال تعالى: ?فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ?( )، ?نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ?( )، ?وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ?( ) فالجزاء من جنس العمل في الخير والشر ?وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ?( )

وعليك بحفظ جوارحك السبع عن المخالفات والوقوع في المحرمات فإنها شاهدة لك أو عليك يوم القيامة وهي: اللسان والسمع والبصر واليدان والرجلان والبطن والفرج فاحفظها عن الكلام الحرام والنظر الحرام والأكل والشراب المحرم والوقاع المحرم والمشي والبطش المحرم، وأمير هذه الجوارح الذي يملك عليها أمرها هو القلب وإذا صلح القلب صلح الجسد كله وإذا فسد القلب فسد الجسد كله، فعليك بصلاح قلبك وسلامته من الشبه والشكوك.

وحاسب نفسك قبل أن تحاسب وخذ من صحتك لمرضك ومن حياتك لموتك وانج بنفسك ولا تترك الحق لقلة أهله ولا ترتكب الباطل لكثرة الهالكين ?وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ?( )، فلا تغتر بهم فإنك سوف تفارقهم ويفارقونك، وسوف تنفرد بعملك فاجعله صالحًا يسعدك ويؤنسك في قبرك ويوم حشرك، واعلم أن أنفاسك معدودة وأوقاتك محدودة فاغتنمها واحتفظ بها.

واعلم أنه ليس بعد الموت من دار إلا الجنة أو النار ولا تدري لعله ينزل بك الموت في صباحك أو مسائك فمبشر بالجنة أو مبشر بالنار فتبوء بالخسران غدًا مع الأشقياء المعذبين، فانتبه لنفسك وخذ حذرك واستعد للقاء ربك بالأعمال الصالحة، وتب إلى الله توبة نصوحًا بترك المعاصي والندم على ما فات منها والعزم على عدم العودة إليها في المستقبل، وتب إلى الله في جميع الأوقات من جميع المخالفات، ما دام في العمر فسحة وما دام في الوقت مهلة، قبل أن يفجأك الموت فتندم حين لا ينفعك الندم وتتحسر على تفريطك وغفلتك عن طاعة ربك وتقول ?يا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي?( )، ?يا حَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ?( )، ?يا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا?( )، وتسأل الرجوع إلى الحياة لكي تتوب وتعمل صالحًا فيقال: (كلا) إن تمني رحمة الله من غير عمل غرور من الشيطان وعجز بالإنسان قال تعالى: ?إِنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ?( ) إنه لا ينفع عند الله ولا ينجي من عذابه إلا الإيمان الصادق والعمل الصالح، فهل قمنا بذلك لننجو!!

أم فينا صبر وجلد على النار، أم نحن ممن يكذب بيوم الدين، وقد ترك فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرين لن نضل ما تمسكنا بهما وهما: كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، واعلم أن فريضة كتاب الله العمل بما فيه من الأمر والنهي والخوف والرجاء لوعده ووعيده والإيمان بمتشابهه والاعتبار بقصصه وأمثاله، فعليك بتلاوة القرآن وفهم معناه والعمل به فإن لك بكل حرف تقرؤه عشر حسنات، وقد تكفل الله لمن قرأ القرآن وعمل بما فيه أن لا يضل في الدنيا ولا يشقى في الآخرة قال تعالى: ?فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى?

وكن متدبرًا له متفكرًا فيه متأملاً في معانيه، لو أتاك خطاب من رئيسك أو صديقك لم تطب نفسك حتى تقرأ الخطاب وتنفذ ما فيه فكيف بكلام ربك ملك الملوك الذي هو مصدر سعادتك وفيه شفاء لصدرك وعلاج لأمراضك ونور لقلبك وفيه تبيان لكل شيء وهدى ورحمة وهو حجة لك أو عليك.

ثم ابحث عن أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الصحيحة وأعمل بما فيها فإنها مفسرة للقرآن ومبينة له وهي كفيلة بالسعادة وهي الوحي الثاني قال تعالى: ?وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى* إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى?( )، ?وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا?( ) وقال صلى الله عليه وسلم: «ألا وأني أوتيت القرآن ومثله معه»( ) (يعني السنة) وقال صلى الله عليه وسلم: «لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعًا لما جئت به»( )، والمعنى لا يكون آتيًا بالإيمان الواجب حتى يكون حبه وبغضه وفعله وتركه وقوله واعتقاده وعمله بحسب أوامر الرسول صلى الله عليه وسلم ونواهيه، وقال صلى الله عليه وسلم: «كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى. قيل: ومن يأبى؟ قال: من أطاعني دخل الجنة ومن عصاني فقد أبى»( )

وعلامة محبة الله طاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم قال تعالى: ?قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ?( ) فمن ادعى محبة الله وهو مقيم على معصيته فإن دعواه كاذبة.

يا أخي المسلم إن لنفسك عليك حقًا ولربك عليك حقًا ولنبيك عليك حقًا ولأهلك وأولادك عليك حقًا ولمجتمعك الذي تعيش فيه عليك حقًا فأعط كل ذي حق حقه.

يا أخي المسلم تذكر عظمة ربك وشدة عقابه لمن عصاه ومغفرته ورحمته لمن آمن به وأطاعه وتاب إليه ?وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ?( )، ?إِنَّ رَبَّكَ لَسَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ?( )، ?إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ* وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ?( ) فتذكر أوامر ربك ونواهيه ووعده ووعيده وثوابه وعقابه وتذكر ما فعل بمن مضى من الأمم الطاغية الكافرة من الهلاك في الدنيا والعذاب في الآخرة، وتذكر الموت والفنا والبعث والجزاء، وتذكر يوم القيامة يوم الحسرة والندامة ?يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ* وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ* وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ?( ) ?يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ* إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ?( )، وتذكر الخلود في النعيم أو في عذاب الجحيم ?إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ? سورة ق (الآية: 37).

هذا وأسأل الله الكريم رب العرش العظيم بأسمائه الحسنى وصفاته العليا أن ينصر هذا الدين وأن ينصر القائمين به والداعين إليه وأن يخذل الكفرة والمشركين والزنادقة والملحدين، وأن ينزل بهم بأسه الذي لا يرد عن القوم المجرمين، وأن يثبتنا وسائر إخوانا المسلمين بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة، وأن لا يزغ قلوبنا بعد إذ هدانا وأن يهب لنا من لدنه رحمة إنه هو الوهاب وصلى الله على عبده ورسوله محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

يتبع إن شاء الله...


كتاب المجموع المفيد 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52561
العمر : 72

كتاب المجموع المفيد Empty
مُساهمةموضوع: رد: كتاب المجموع المفيد   كتاب المجموع المفيد Emptyالأحد 11 مارس 2012, 2:54 am

المختار من الأشعار

تتمة:

وأختم هذه العجالة بأبيات مختارة من أشعار العلماء والحكماء للعظة والاعتبار.

قال الإمام محمد بن القيم رحمه الله:


فيا ساهيًا في سكرة الجهل والهوى
صريع الأماني عن قريب سيندم

أفق قد دنى الوقت الذي ليس بعده
سوى جنة أو حر نار تضرم

وبالسنة الغراء كن متمسكًا
هي العروة الوثقى التي ليس تفصم

تمسك بها مسك البخيل بماله
وعض عليها بالنواجذ تسلم


وقال بعضهم:

كأنك لم تسمع بأخبار من مضى
ولم تر في الباقين ما يصنع الدهر

وهل أبصرت عيناك حيا بمنزل
على الدهر إلا في العراء له قبر

فلا تحسبن الوفر مالا جمعته
ولكن ما قدمت من صالح وفر

مضى جامعوا الأموال لم يتزودوا
سوى الفقر يا بؤس لمن زاده الفقر

فحتام لا نصحو وقد قرب المدى
وحتام لا ينجاب عن قلبك السر

بلى سوف تصحو حين ينكشف الغطا
وتذكر قولي حين لا ينفع الذكر

فصبرا على الأيام حتى تجوزها
فعما قليل بعدها يحمد الصبر


وقال الإمام محمد بن عبد القوي:

ألا من له في العلم والدين رغبة
ليصغ بقلب حاضر مترصد

ألا كل من رام السلامة فليصن
جوارحه عما نهى الله يهتدي

كفى زاجرًا للمرء موت محتم
وقبر وأهوال تشاهد في غد#

عليك بتقوى الله في كل حالة
تحز قصبات السبق في اليوم مع غد

على الصلوات الخمس حافظ فإنها
لآكد مفروض على كل مهتدي

فلا رخصة في تركها لمكلف
وأول ما عنها يحاسب في غد

ولا تطلبن العلم للمال والرياء
فإن ملاك الأمر في حسن مقصد

وكن عاملاً بالعلم فيما استطعته
ليهدى بك المرء الذي بك يقتدي

حريصًا على نفع الورى وهداهم
تنل كل خير في نعيم مؤبد

وفي قمع أهواء النفوس اعتزازها
وفي نيلها ما تشتهي ذل سرمدي

وخير مقام قمت فيه وحلية
تحليتها ذكر الإله بمسجد

وواظب على درس القرآن فإنه
يلين قلبًا قاسيًا مثل جلمد

وحصن عن الفحشاء الجوارح كلها
تكن لك في يوم الجزاء خير شهد


وقال الشيخ عبد الله بن محمد القحطاني المالكي رحمه الله:

يا أيها السني خذ بوصيتي
وإخصص بذلك جملة الإخوان

واحفظ وصية مشفق متودد
واسمع بفهم حاضر يقظان

كن في أمورك كلها متوسطًا
عدلا بلا نقص ولا رجحان

لا تعص ربك قائلاً أو فاعلاً
فكلاهما في الصحف مكتوبان

لا تلق ربك سارقًا أو خائنًا
أو شاربًا أو ظالمًا أو زان

أد الفرائض لا تكن متوانيًا
فتكون عند الله شر مهان

قم بالصلاة الخمس واعرف قدرها
فلهن عند الله أعظم شان

لا تمنعن زكاة مالك ظالمًا
فصلاتنا وزكاتنا أختان

وصيامنا رمضان فرض واجب
وقيامنا المسنون في رمضان

والحج مفترض عليك وشرطه
أمن الطريق وصحة الأبدان

إيماننا بالله بين ثلاثة
عمل وقول واعتقاد جنان

ويزيد بالتقوى وينقص بالردى
وكلاهما في القلب يعتلجان

الدين رأس المال فاستمسك به
فضياعه من أعظم الخسران

وإذا خلوت بريبة في ظلمة
والنفس داعية إلى الطغيان

فاستح من نظر الإله وقل لها
إن الذي خلق الظلام يران

إحذر عقاب الله وارج ثوابه
حتى تكون كمن له قلبان

كن طالبًا للعلم واعمل صالحًا
فهما إلى سبل الهدى سببان

وتحر بر الوالدين فإنه
فرض عليك وطاعة السلطان

واصل ذوي الأرحام وإن هم جفوا
فوصالهم خير من الهجران

واحفظ لجارك حقه وذمامه
ولكل جار مسلم حقان

اشكر على النعماء واصبر للبلاء
فكلاهما خلقان ممدوحان

بالله ثق وله أنب وبه استعن
فإذا فعلت فأنت خير معان

كن محسنًأ فيما استطعت فربما
تجزى عن الإحسان إحسان

واعمل لجنات النعيم وطيبها
فنعيمها باق وليس بفان

وإذا عصيت فتب لربك مسرعًا
حذر الممات ولا تقل لم يان

فلربما تأتي المنية بغتة
فتساق من فرش إلى أكفان

قلت واختم قولي بالصلاة مسلما
على النبي المصطفى العدنان


وقال الإمام حسين بن علي بن حسين بن شيخ الإسلام الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمهم الله تعالى:

وإن أمام الناس حشرًا وموقفًا
ويومًا طويلاً ألف عام أو أطول

فيالك من يوم على كل مبطل
فظيع وأهوال القيامة تعضل

به يسألون الناس ماذا عبدتم
وماذا أجبتم من دعا وهو مرسل

ومن قبل ذا فالموت يأتيك بغتة
وهيهات لا تدري متى الموت ينزل

كؤوس المنايا سوف يشربها الورى
على الرغم شبان وشيب وأكهل

إذا كنت قد أيقنت بالموت والفنا
وبالبعث عما بعده كيف تغفل

أيصلح إهمال المعاد لمنصف
وينسى مقام الحشر من كان يعقل

إذا أنت لم ترحل بزاد من التقى
أين لي ابن يوم الجزاء كيف تفعل؟

أترضى بأن تأتي القيامة مفلسًا
على ظهرك الأوزار في الحشر تحمل

وفي البعث بعد الموت نشر صحائف
وميزان قسط طائش أو مثقل

وحشر يشيب الطفل من عظم هوله
ومنه الجبال الراسيات تزلزل

ونار تلظى في لظاها سلاسل
يغل بها الفجار ثم يسلسل

شراب ذوي الإحرام فيها حميمها
وزقومها مطعومهم حين يأكل

أعوذ بربي من لظى وعذابها
ومن حال من يهوي بها يتجلجل

ومن حال من في زمهرير معذب
ومن هو بالأغلال فيها مكبل

وجنات عدن زخرفت ثم أزلفت
لقوم على التقوى دوامًا تبتل

بها كل ما تهوى النفوس وتشتهي
وقرة عين ليس عنها تحول

بها كل أنواع الفواكه كلها
وسكانها مهما تمنوه يحصل

أعوذ بك اللهم من سوء صنعنا
ومن أن تكن نعماك عنا تحول

إلهي فثبتنا على دينك الذي
رضيت به دينا وإياه تقبل

وهب لنا في الفردوس قصرًا مشيدًا
ومن بخيرات بها نتعجل

ولله حمد دائم بدوامه
مدى الدهر لا يفنى ولا الحمد يكمل

ملأ العرش والكرسي مع الأرض والسماء
وملأ الذي بين الطرائق يفصل

مداد كلام الله عدة خلقه
رضا نفسه ينمو يسمو ويفضل

وأزكى صلا الله ثم سلامه
على من به تم عقد الأنبياء وكملوا


وقال الشيخ جمال الدين يحيى بن يوسف الصرصري الحنبلي رحمه الله تعالى:

أنا العبد الذي كسب الذنوبا
وصدته الأماني أن يتوبا

أنا العبد الذي أضحى حزينا
على زلاته قلقًا كئيبا

أنا العبد المفرِّط ضاع عمري
فلم أرع الشبيبة والمشيبا

فيا أسفى على عمر تقضى
ولم أكسب به إلا الذنوبا

وأحذر أن يعاجلني ممات
يحير هول مصرعه اللبيبا

ويا حزناه من نشري وحشري
بيوم يجعل الولدان شيبا

إذا ما قمت حيرانًا ضميئًا
حسير الطرف عريانًا سليبا

ويا خجلاه من قبح اكتسابي
إذا ما أبدت الصحف العيوبا

وذلة موقف وحساب عدل
أكون به على نفسي حسيبا

ويا حذراه من نار تلظى
إذا زفرت وأقلقت القلوبا

فيامن مدَّ في كسب الخطايا خطاه
أما يأنى لك أن تتوبا

ألا فاقلع وتب وأجهد
فإنا رأينا كل مجتهد مصيبا

وكن للصالحين أخًا وخلاً
وكن في هذه الدنيا غريبا

وكن عن كل فاحشة جبانًا
وكن في الخير مقدامًا نجيبا

ولا تطلق لسانك في كلام
يجر عليك أحقادًا وحوبا

ولا يبرح لسانك كل وقت
بذكر الله ريانًا رطيبا

وصل إذا لليل أرخى سدولاً
ولا تضجر به تكن هيوبا

تجد أنسًا إذا أوعيت قبرًا
وفارقت المعاشر والنسيبا

وصم ما استطعت تجده ريًا
إذا ما قمت ظمآنًا سغيبا

وكن متصدقًا سرًا وجهرًا
ولا تبخل وكن سمحًا وهوبا

تجد ما قدمته يداك ظلا
إذا ما اشتد بالناس الكروبا

وكن حسن السجايا ذا حياء
طليق الوجه لا شكسًا غضوبا

ولا تمزح وكن رجلاً وقورًا
كثير الصمت متقيًا أديبا

ولا تحسد ولا تحقد وطهر
لسانك أن ينم وأن يغيبا

فإنك إن نهضت لفعل هذا
حللت من التقى ربًّا خصيبا

قلت: وصل على المختار في كل وقت
صلاة مطيع له مجيبا

يتبع إن شاء الله...


كتاب المجموع المفيد 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52561
العمر : 72

كتاب المجموع المفيد Empty
مُساهمةموضوع: رد: كتاب المجموع المفيد   كتاب المجموع المفيد Emptyالأحد 11 مارس 2012, 3:05 am

العبودية في الإسلام

من فتاوى شيخ الإسلام

سئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله عن قوله تعالى: ?يأَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ?فما العبادة وما فروعها وهل مجموع الدين داخل فيها أم لا وما حقيقة العبودية وهل هي أعلى المقامات في الدنيا والآخرة أم فوقها شيء من المقامات؟

فأجاب رحمه الله:

العبادة اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الباطنة والظاهرة، فالصلاة والصوم والزكاة والحج وصدق الحديث وأداء الأمانة وبر الوالدين وصلة الأرحام والوفاء بالعهود والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والجهاد للكفار والمنافقين والإحسان للجار واليتيم والمسكين وابن السبيل والمملوك من الآدميين والبهائم، والدعاء والذكر والقراءة وأمثال ذلك -من العبادة.

وكذلك حب الله ورسوله وخشية الله والإنابة إليه وإخلاص الدين له والصبر لحكمه والشكر لنعمه والرضاء بقضائه والتوكل عليه والرجاء لرحمته والخوف من عذابه وأمثال ذلك -هي من العبادة.

وذلك أن العبادة هي الغاية المحبوبة لله والمرضية له وهي التي خلق الخلق لها قال تعالى: ?وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ? وبها أرسل جميع الرسل كما قال نوح لقومه: ?اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ? وكذلك قال هود وصالح وشعيب وغيرهم لقومهم وقال تعالى: ?وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ? وقال تعالى: ?وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ? وجعل ذلك لازمًا لرسوله إلى الموت كما قال: ?وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ? ونعته الله بالعبودية في أكمل أحواله في الإسراء والإيحاء والدعوة، ونعت صفوة خلقه بالعبودية فقال: ?وَاذْكُرْ عِبَادَنَا إبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ? ?وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ? ?فَبَشِّرْ عِبَادِي* الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ? فالدين كله داخل في العبادة.


وقد ثبت في الصحيح أن جبريل عليه السلام لما أتى النبي صلى الله عليه وسلم في صورة أعرابي فسأله عن الإسلام والإيمان والإحسان فأجابه بذلك ثم قال في آخر الحديث: «هذا جبريل أتاكم يعلمكم دينكم» فجعل هذا كله من الدين، والدين يتضمن معنى الخضوع والذل، يقال: دنته فدان أي أذللته فذل، ويقال: ندين الله وندين لله، أي نعبد الله ونطيعه ونخضع له، والعبادة أصل معناها الذل أيضا يقال: طريق معبد أي كان مذللا قد وطئته الأقدام، لكن العبادة المأمور بها تتضمن معنى الذل ومعنى الحب فهي تتضمن غاية الذل لله بغاية المحبة له، ولهذا لا يكفي أحدهما في عبادة الله تعالى بل يجب أن يكون الله أحب إلى العبد من كل شيء، وأن يكون الله أعظم عنده من كل شيء، بل لا يستحق المحبة والخضوع التام إلا الله، وكل ما أحب لغير الله فمحبته فاسدة، وما عظم لغير الله فتعظيمه باطل.

فهو سبحانه رب العالمين وخالقهم ورازقهم ومحييهم ومميتهم ومقلب قلوبهم ومصرف أمورهم لا رب لهم غيره، ولا مالك لهم سواه، ولا خالق لكل شيء ومسخره ومدبره إلا هو، فإذا عرف العبد أن الله ربه وخالقه وأنه مفتقر إليه ومحتاج إليه عرف العبودية المتعلقة بربوبية الله. وهذه العبادة متعلقة بالإلهية لله تعالى ولهذا كان عنوان التوحيد (لا إله إلا الله) بخلاف من يقر بربوبية الله ولا يعبده أو يعبد معه إلها آخر. فالإله هو الله الذي يؤلهه القلب بكمال الحب والتعظيم والإجلال والإكرام والخوف والرجاء ونحو ذلك. وهذه العبادة هي التي يحبها الله ويرضاها وبها وصف المصطفين من عباده وبها بعث رسله وأنزل كتبه.

ومن عبادته وطاعته الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بحسب الإمكان، والجهاد في سبيله لأهل الكفر والنفاق، فيجتهدون في إقامة دينه مستعينين به دافعين مزيلين بذلك ما قدر من السيئات، رافعين بذلك ما قد يخاف من آثار ذلك، كما يزيل الإنسان الجوع الحاضر بالأكل، ويدفع به الجوع المستقبل، وكذلك إذا آن أوان البرد دفعه باللباس، وكذلك كل مطلوب يرفع به مكروهًا فهذا حال المؤمنين بالله ورسوله العابدين لله، وكل ذلك من العبادة وكل ما أمر الله به عباده من الأسباب فهو عبادة، والعبادة والطاعة والاستقامة ولزوم الصراط المستقيم ونحو ذلك من الأسماء مقصودها واحد، ولها أصلان أحدهما أن لا يعبد إلا الله والثاني أن لا يعبده إلا بما شرع وأمر لا يعبده بغير ذلك من الأهواء والظنون والبدع، قال تعالى: ?فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا?.

فالعمل الصالح هو الإحسان وهو فعل الحسنات والحسنات هي ما أحبه الله ورسوله، وهو ما أمر به أمر إيجاب أو استحباب، إذا تبين هذا فكمال المخلوق في تحقيق عبوديته لله وكلما ازداد العبد تحقيقًا للعبودية ازداد كماله وعلت درجته.

وكل رسول من الرسل افتتح دعوته بالدعاء إلى عبادة الله كقول نوح ومن بعده عليهم السلام في سورة الأعراف وغيرها: ?اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ? وبالعبودية نعت كل من اصطفى من خلقه.

إذا تبين ذلك فمعلوم أن الناس يتفاضلون في هذا الباب تفاضلا عظيما وهو تفاوتهم في حقيقة الإيمان وهم ينقسمون فيه إلى خاص وعام.

وقد دلت النصوص على الأمر بمسألة الخالق والنهي عن مسألة المخلوق والعبد لا بد له من رزق وهو محتاج إلى ذلك فإذا طلب رزقه من الله صار عبدا لله فقيرا إليه.

وإذا طلب رزقه من مخلوق صار عبدًا لذلك المخلوق فقيرا إليه ولهذا كانت مسألة المخلوق محرمة في الأصل، وإنما أبيحت للضرورة والإنسان لا بد له من حصول ما يحتاج إليه من الرزق ونحوه ودفع ما يضره وكلا الأمرين شرع له أن يكون دعاؤه لله فلا يسأل رزقه إلا من الله ولا يشتكي إلا إليه، وكلما قوي طمع العبد في فضل الله ورحمته ورجاؤه لقضاء حاجته ودفع ضرورته، قويت عبوديته له وحريته مما سواه، فالحرية حرية القلب والعبودية عبودية القلب كما أن الغنى غنى القلب.

وقد جعل الله لأهل محبته علامتين اتباع الرسول صلى الله عليه وسلم والجهاد في سبيله، وذلك لأن الجهاد حقيقته الاجتهاد في الحصول على ما يحبه الله من الإيمان والعمل الصالح، وفي دفع ما يبغضه الله من الكفر والفسوق والعصيان، فحقيقة المحبة لا تتم إلا بموالاة المحبوب وهي موافقته في حب ما يحب وبغض ما يبغض، والله يحب الإيمان والتقوى ويبغض الكفر والفسوق والعصيان، وإذا تبين هذا فكلما ازداد القلب حبًا لله ازداد له عبودية، وكلما ازداد له عبودية ازداد له حبًّا عما سواه.

والقلب فقير بالذات إلى الله من جهتين:

من جهة العبادة وهي العلة الغائية، ومن جهة الاستعانة والتوكل.

والقلب لا يصلح ولا يفلح ولا ينعم ولا يسر ولا يلتذ ولا يطيب ولا يسكن ولا يطمئن إلا بعبادة ربه وحده وحبه والإنابة إليه، ولو حصل كل ما يلتذ به من المخلوقات لم يطمئن ولم يسكن؛ إذ فيه فقر ذاتي إلى ربه بالفطرة من حيث هو محبوبه ومعبوده ومطلوبه، وبذلك يحصل له الفرح والسرور واللذة والنعمة والسكون والطمأنينة، وهذا لا يحصل إلا بإعانة الله له فإنه لا يقدر على تحصيل ذلك السرور والسكون إلا الله، فهو دائما مفتقر إلى حقيقة ?إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ?

ولن يخلص من آلام الدنيا ونكد عيشها إلا بإخلاص الحب لله بأن يكون الله هو غاية مراده ونهاية مقصوده وهو المحبوب له بالقصد الأول، وكل ما سواه إنما يحبه لأجله لا يحب شيئا لذاته إلا لله فمتى لم يحصل له هذا لم يكن قد حقق حقيقة (لا إله إلا الله) ولا حقق التوحيد والعبودية والمحبة لله.

والعبد مفتقر إلى الله من حيث هو المطلوب المحبوب المراد المعبود ومن حيث هو المسؤول المستعان به المتوكل عليه، فهو الله الذي لا إله غيره وهو ربه الذي لا رب له سواه ولا تتم عبوديته لله إلا بهذين: (العبادة والاستعانة)؛ فأكمل الخلق وأفضلهم وأعلاهم وأقربهم إلى الله وأقواهم وأهداهم أتمهم عبودية لله من هذا الوجه.

وهذا هو حقيقة دين الإسلام الذي أرسل الله به رسله وأنزل به كتبه وهو أن يستسلم العبد لله لا لغيره فالمستسلم لله ولغيره مشرك، والممتنع عن الاستسلام له مستكبر، وكل من استكبر من عبادة الله فلا بد أن يعبد غيره ويذل له؛ فإن الإنسان حساس يتحرك بالإرادة ولن يستغني العبد عن جميع المخلوقات إلا بأن يكون الله هو مولاه الذي لا يعبد إلا إياه ولا يستعين إلا به ولا يتوكل إلا عليه ولا يفرح إلا بما يحبه ويرضاه ولا يكره إلا ما يبغضه ولا يتوكل إلا عليه ولا يفرح إلا بما يحبه ويرضاه ولا يكره إلا ما يبغضه الرب ويكره ولا يوالي إلا من والاه ولا يعادي إلا من عاداه الله ولا يحب إلا لله ولا يبغض شيئا إلا لله ولا يعطي إلا لله ولا يمنع إلا لله؛ فكلما قوي إخلاص حبه ودينه لله كملت عبوديته لله واستغناؤه عن المخلوقات.

وبكمال عبوديته لله تكمل براءته من الشرك والكفر والكبر.

والدين الحق هو تحقيق العبودية لله بكل وجه وتحقيق محبة الله بكل درجة وبقدر تكميل العبودية تكمل محبة العبد لربه وتكمل محبة الرب لعبده، وبقدر نقص هذا يكون نقص هذا، وكلما كان في القلب حب لغير الله كانت فيه عبودية لغيره بحسب ذلك، وكل محبة لا تكون لله فهي باطلة وكل عمل لا يراد به وجه الله فهو باطل، فالدنيا ملعونة معلون ما فيها إلا ما كان لله ولا يكون لله إلا ما أحبه الله ورسوله وهو المشروع، وهذا الأصل هو أصل الدين وبحسب تحقيقه يكون تحقيق الدين وبه أرسل الله الرسل وأنزل الكتب، وإليه دعا الرسول صلى الله عليه وسلم وعليه جاهد وبه أمر وفيه رغب، وهو قطب الدين الذي تدور عليه رحاه، وجماع الدين أصلان أن لا نعبد إلا الله ولا نعبده إلا بما شرع ولا نعبده بالبدع كما قال تعالى: ?فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا?

وذلك تحقيق الشهادتين شهادة أن لا إله إلا الله وشهادة أن محمدا رسول الله ففي الأولى أن لا نعبد إلا إياه وفي الثانية أن محمدا هو رسوله المبلغ عنه فعلينا تصديق خبره وطاعة أمره وقد بين لنا صلى الله عليه وسلم ما نعبد الله به ونهانا عن محدثات الأمور وأخبر أنها ضلالة، فالحلال ما أحله الله ورسوله والحرام ما حرمه الله ورسوله والدين ما شرعه الله ورسوله وقد هدى الله المؤمنين المخلصين لله أهل الصراط المستقيم الذين عرفوا الحق فاتبعوه فأخلصوا دينهم لله وسلموا وجوههم لله وأنابوا إلى ربهم وأحبوه ورجوه وخافوه وسألوه ورغبوا إليه وفوضوا أمورهم إليه وتوكلوا عليه وأطاعوا رسله وعظموهم ووقروهم وأحبوهم ووالوهم واتبعوهم واقتفوا آثارهم واهتدوا بهداهم وذلك هو دين الإسلام الذي بعث الله به الأولين والآخرين من الرسل، وهو الدين الذي لا يقبل الله من أحد دينًا إلا إياه، وهو حقيقة العبادة لله رب العالمين، فنسأل الله العظيم أن يثبتنا عليه ويكلمه لنا ويميتنا عليه وسائر إخواننا المسلمين، والحمد لله وحده وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
يتبع إن شاء الله...


كتاب المجموع المفيد 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52561
العمر : 72

كتاب المجموع المفيد Empty
مُساهمةموضوع: رد: كتاب المجموع المفيد   كتاب المجموع المفيد Emptyالأحد 11 مارس 2012, 3:14 am

أولياء الرحمن وأولياء الشيطان

قال شيخ الإسلام أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام بن تيمية رحمه الله:

الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ونشهد أن محمدًا عبده ورسوله، أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله وكفى بالله شهيدًا، أرسله بين يدي الساعة بشيرًا ونذيرًا وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرًا فهدى به من الضلالة وبصَّر به من العمى وأرشد به من الغي وفتح به أعينًا عميًا وآذانًا صمًا وقلوبًا غلفًا، وفرق به بين الحق والباطل والهدى والضلال والرشاد والغي والمؤمنين والكفار والسعداء أهل الجنة والأشقياء أهل النار، وبين أولياء الله وأعداء الله؛ فمن شهد له محمد صلى الله عليه وسلم بأنه من أولياء الله فهو من أولياء الرحمن ومن شهد له بأنه من أعداء الله فهو من أعداء الله وأولياء الشيطان.

وقد بين سبحانه وتعالى في كتابه وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم أن لله أولياء من الناس وللشيطان أولياء ففرَّق بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان فقال تعالى: ?أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ* الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ? وقال تعالى: ?اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ? وقال تعالى: ?هُنَالِكَ الْوَلَايَةُ لِلَّهِ الْحَقِّ هُوَ خَيْرٌ ثَوَابًا وَخَيْرٌ عُقْبًا?.

وذكر أولياء الشيطان فقال: ?إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ? وقال تعالى: ?وَمَنْ يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُبِينًا* يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا? وقال: ?إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ? وقال: ?إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ?.

وإذا عرف أن الناس فيهم أولياء الرحمن وأولياء الشيطان فيجب أن يفرق بين هؤلاء وهؤلاء كما فرق الله ورسوله بينهما فأولياء الله هم المؤمنون المتقون كما قال تعالى: ?أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ* الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ?.

وفي الحديث الصحيح الذي رواه البخاري وغيره عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: يقول الله تعالى: «من عادى لي وليًا فقد بارزني بالمحاربة – أو فقد آذنته بالحرب...» الحديث.

وهذا أصح حديث يروى في ذكر الأولياء فبين النبي صلى الله عليه وسلم أن من عادى وليًا لله فقد بارز الله بالمحاربة وذلك لأن أولياء الله هم الذين آمنوا به ووالوه فأحبوا ما يحب وأبغضوا ما يبغض، ورضوا بما يرضى، وسخطوا ما يسخط، وأمروا بما يأمر ونهوا عما ينهى، وأعطوا لمن يجب أن يعطى، ومنعوا من يجب أن يمنع، كما في الترمذي وغيره عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أوثق عرى الإيمان الحب في الله والبغض في الله» وفي حديث آخر رواه أبو داود: «من أحب الله وأبغض لله وأعطى لله ومنع لله فقد استكمل الإيمان».

والولاية ضد العداوة، وأصل الولاية المحبة والقرب، وأصل العداوة البغض والبعد، وإذا كان ولي الله هو الموافق لما يحبه ويرضاه ويبغضه ويسخطه ويأمر به وينهى عنه، كان المعادي لوليه معاديًا له فمن عادى وليًا لله فقد عاداه ومن عاداه حاربه؛ ولهذا قال: «من عادى لي وليا فقد بارزني بالمحاربة»

وأفضل أولياء الله هم أنبياؤه وأفضل أنبيائه المرسلون منهم وأفضل المرسلين أولو العزم نوح وإبراهيم وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد صلى الله عليه وسلم وعليهم أجمعين، وأفضل أولو العزم محمد صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين وإمام المتقين وسيد ولد آدم إمام الأنبياء إذا اجتمعوا وخطيبهم إذا وفدوا، صاحب المقام المحمود الذي يغبطه به الأولون والآخرون، وصاحب لواء الوسيلة والفضيلة الذي بعثه الله بأفضل كتبه وشرع له أفضل شرائع دينه وجعل أمته خير أمة أخرجت للناس، وجمع لأمته من الفضائل والمحاسن ما فرقه في من قبلهم، وهم آخر الأمم خلقا وأول الأمم بعثا، كما قال صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: «نحن الآخرون السابقون يوم القيامة»

وفضائله صلى الله عليه وسلم وفضائل أمته كثيرة، ومن حين بعثه الله جعله الفارق بين أوليائه وأعدائه فلا يكون وليًا لله إلا من آمن به وبما جاء به وتبعه باطنًا وظاهرًا ومن ادعى محبة الله وولايته وهو لم يتبع رسوله فليس هو من أولياء الله، بل من خالفه كان من أعداء الله ومن أولياء الشيطان قال تعالى: ?قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ? قال الحسن البصري رحمه الله: ادَّعى قوم أنهم يحبون الله فأنزل الله هذه الآية محنة لهم، وقد بين الله فيها أن من اتَّبع الرسول فإن الله يحبه ومن ادَّعى محبة الله ولم يتبع الرسول فليس من أولياء الله وفي الحديث: «إن أولياء المتقون أيًّا كانوا وحيث كانوا».

والكفرة من اليهود والنصارى والمشركين يدَّعون أنهم أولياء الله وليس كذلك بل هم أعداء الله، وكذلك المنافقون الذين يظهرون الإسلام ويضمرون الكفر، وإنما أولياء الله الذين وصفهم الله تعالى بولايته بقوله: ?أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ* الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ? فكل مؤمن تقي فهو لله ولي، ولابد في الإيمان من أن يؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر ويؤمن بكل رسول أرسله الله وبكل كتاب أنزله الله، كما قال تعالى: ?قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ* فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ مَا آمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ? ولابد في الإيمان أن تؤمن أن محمدًا صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين لا نبي بعده، وأن الله أرسله إلى جميع الثقلين الجن والإنس، فكل من لم يؤمن بما جاء به فليس بمؤمن ، فضلاً عن أن يكون من أولياء الله المتقين، ومن الإيمان به الإيمان بأنه هو الواسطة بين الله وبين خلقه في تبليغ أمره ونهيه ووعده ووعيده وحلاله وحرامه فالحلال ما أحله الله ورسوله والحرام ما حرمه الله ورسوله والدين ما شرعه الله ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم فمن اعتقد أن لأحد من الأولياء طريقًا إلى الله من غير متابعة محمد صلى الله عليه وسلم فهو كافر من أولياء الشيطان.

وأما خلق الله تعالى للخلق ورزقه إياهم وإجابته لدعائهم وهدايته لقلوبهم ونصرهم على أعدائهم وغير ذلك من جلب المنافع ودفع المضار فهذا لله وحده يفعله بما يشاء من الأسباب لا يدخل في مثل هذا وساطة رسل.

ثم لو بلغ الرجل من الزهد والعبادة ما بلغ ولم يؤمن بجميع ما جاء به الرسول محمد صلى الله عليه وسلم فليس بمؤمن ولا ولي لله تعالى كالأحبار والرهبان من علماء اليهود والنصارى وعُبَّادهم وكذلك المنتسبين إلى العلم والعبادة من المشركين ممن له عبادة في دينه وزهد وليس مؤمنًا بجميع ما جاء به الرسول محمد صلى الله عليه وسلم فهو كافر عدو لله، ولهذا نزلت عليهم الشياطين واقترنت بهم فصاروا أولياء الشيطان، لا من أولياء الرحمن قال تعالى: ?وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ?، وذكر الرحمن هو الذكر الذي بعث به رسوله محمدًا صلى الله عليه وسلم مثل القرآن، فمن لم يؤمن بالقرآن ويصدق خبره ويعتقد وجوب أمره فقد أعرض عنه؛ فيقيض له شيطان فيقترن به ويصده عن الطريق السوي، قال تعالى: ?وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى?

فدل ذلك على أن ذكره هو آياته التي أنزلها؛ ولهذا لو ذكر العبد الله تعالى دائمًا ليلاً ونهارًا مع غاية الزهد وعبده مجتهدًا في عبادته، ولم يكن متبعًا لذكره الذي أنزله وهو القرآن كان من أولياء الشيطان ولو طار في الهواء ومشى على الماء فإن الشيطان يحمله في الهواء. وإذا كان أولياء الله هم المؤمنين المتقين فبحسب إيمان العبد وتقواه تكون ولايته لله، فمن كان أكثر إيمانًا وتقوى كان أكمل ولاية لله، والناس متفاضلون في ولاية الله عز وجل بحسب تفاضلهم في الإيمان والتقوى.

وكذلك يتفاضلون في عداوة الله بحسب تفاضلهم في الكفر والنفاق وأولياء الله على طبقتين: سابقون مقربون، وأصحاب يمين مقتصدون، ذكرهم الله في عدة مواضع من كتابه العزيز في أول الواقعة وآخرها وفي سورة الإنسان والمطففين وفي سورة فاطر.

فالأبرار أصحاب اليمين هم المتقربون إلى الله بالفرائض يفعلون ما أوجب الله عليهم، ويتركون ما حرم الله عليهم، ولا يكلفون أنفسهم بالمندوبات، ولا الكف عن فضول المباحات، وأما السابقون المقربون فتقربوا إليه بالنوافل بعد الفرائض ففعلوا الواجبات والمستحبات وتركوا المحرمات والمكروهات، فلما تقربوا إليه بجميع ما يقدرون عليه من محبوباته أحبهم الرب حبًّا تامًّا كما قال تعالى في الحديث القدسي: «ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه»

فهؤلاء المقربون صارت المباحات في حقهم طاعات يتقربون بها إلى الله عز وجل، فكانت أعمالهم كلها عبادات لله فشربوا صرفًا كما عملوا له صرفًا، والمقتصدون كان في أعمالهم ما فعلوا لنفوسهم فلا يعاقبون عليه ولا يثابون، فلم يشربوا صرفًا بل مزج لهم من شراب المقربين بحسب ما مزجوه في الدنيا، فالمقربون السابقون أفضل من الأبرار أصحاب اليمين.

وإذا كان أولياء الله هم المؤمنين المتقين والناس يتفاضلون في الإيمان والتقوى فهم متفاضلون في ولاية الله بحسب ذلك، كما أنهم لما كانوا متفاضلين في الكفر والفسوق والمعاصي والنفاق كانوا متفاضلين في عداوة الله بحسب ذلك.

وأصل الإيمان والتقوى الإيمان برسل الله، وجماع ذلك الإيمان بخاتم الرسل محمد صلى الله عليه وسلم، فالإيمان به يتضمن الإيمان بجميع كتب الله ورسله. وأصل الكفر والنفاق هو الكفر بالرسل وبما جاءوا به فإن هذا هو الكفر الذي يستحق صاحبه العذاب في الآخرة؛ فإن الله تعالى أخبر في كتابه أنه لا يعذب أحدًا إلا بعد بلوغ الرسالة قال تعالى: ?وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا?

وإذا كان العبد لا يكون وليًّا لله حتى يكون مؤمنًا تقيًّا ولا يكون مؤمنًا تقيًّا حتى يتقرب إلى الله بالفرائض فيكون من الأبرار أهل اليمين، ثم بعد ذلك لا يزال يتقرب إلى الله بالنوافل حتى يكون من السابقين المقربين. ومعلوم أن أحدًا من الكفار والمنافقين لا يكون وليًّا لله فمن لم يتقرب إلى الله بفعل الحسنات ولا بترك السيئات لم يكن من أولياء الله.

وليس لأولياء الله شيء يتميزون به عن الناس في الظاهر من الأمور المباحات، فلا يتميزون بلباس دون لباس، إذا كان كلاهما مباحًا ولا بحلق شعر أو تقصيره أو ظفره إذا كان مباحًا، كما قيل كم من صديق في قباء وكم من زنديق في عباء، وقد دل الكتاب والسنة على أن أكرم الناس عند الله أتقاهم.

وليس من شرط ولي الله أن يكون معصومًا لا يغلط ولا يخطئ بل يجوز أن يخفى عليه بعض علم الشريعة، ويجوز أن يشتبه عليه بعض أمور الدين حتى يظن بعض الأمور مما أمر الله به ومما نهى عنه وليس كذلك ولم يخرج بذلك عن ولاية الله تعالى: فإن الله تعالى تجاوز لهذه الأمة عن الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه.

والواجب على الناس اتباع ما بعث الله به رسوله صلى الله عليه وسلم وتقوى الله حق تقاته، بأن يطاع فلا يعصى ويذكر فلا ينسى ويشكر فلا يكفر؛ كما فسر التقوى بذلك عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، والحقيقة حقيقة الدين دين رب العالمين هي ما اتفق عليها الأنبياء والمرسلون وإن كان لكل منهم شرعة ومنهاجًا، فالشرعة هي الشريعة، والمنهاج هو الطريق، والغاية المقصودة هي حقيقة الدين وهي عبادة الله وحده لا شريك له وهي حقيقة دين الإسلام وهي أن يستسلم العبد لله رب العالمين ولا يستسلم لغيره.

فمن استسلم لغيره كان مشركًا ?إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ? ومن لم يستسلم لله بل استكبر عن عبادته كان ممن قال الله فيهم: ?إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ?( ) ودين الإسلام هو دين الأولين والآخرين من النبيين والمرسلين وقوله تعالى: ?وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ? عام في كل زمان ومكان فنوح وإبراهيم ويعقوب والأسباط وموسى وعيسى والحواريون كلهم دينهم الإسلام الذي هو عبادة الله وحده لا شريك له فدين الأنبياء واحد وإن تنوعت شرائعهم.

وأولياء الله المؤمنون المتقون هم الذين فعلوا المأمور وتركوا المحظور وصبروا على المقدور، فأحبهم وأحبوه ورضي عنهم ورضوا عنه، وأعداؤه أولياء الشيطان وإن كانوا تحت قدرته فهو يبغضهم ويغضب عليهم ويلعنهم ويعاديهم. وبسط هذه الأمور له موضوع آخر وإنما كتبت هنا تنبيهًا على مجامع الفرق بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان، فأولياء الله المتقون هم المقتدون بمحمد صلى الله عليه وسلم، فيفعلون ما أمر به وينتهون عما نهى عنه، ويقتدون به فيما بين لهم أن يتبعوه فيه.

ومن أعظم ما يقوي الأحوال الشيطانية سماع الغنا والملاهي وهو سماع المشركين. ومما يجب أن يعلم أن الله بعث محمدًا صلى الله عليه وسلم إلى جميع الإنس والجن فلم يبق أنسي ولا جني إلا وجب عليه الإيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم واتباعه فعليه أن يصدقه فيما أخبر ويطيعه فيما أمر، ومن قامت عليه الحجة برسالته فلم يؤمن به فهو كافر سواء كان إنسيًّا أو جنيًّا والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب وإليه المرجع والمآب، وصلى الله على محمد سيد رسله وأنبيائه وعلى آله وأصحابه وأتباعه وخلفائه صلاة وسلامًا نستوجب بهما شفاعته آمين.

يتبع إن شاء الله...


كتاب المجموع المفيد 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52561
العمر : 72

كتاب المجموع المفيد Empty
مُساهمةموضوع: رد: كتاب المجموع المفيد   كتاب المجموع المفيد Emptyالأحد 11 مارس 2012, 6:23 am

عقيدة المسلم

عقيدة المسلم:

الإيمان بالله وحده لا شريك له وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والإيمان بالقدر خيره وشره من الله تعالى، كما قال تعالى: ?آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ? وقال تعالى: ?وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ?

فالإيمان خير ما أوتيه العبد في الدنيا والآخرة وبه تحصل السعادة في الدنيا والآخرة والسلامة من شقاوة الدنيا والآخرة، وهو قول باللسان واعتقاد بالقلب وعمل بالجوارح، يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية.

وأصول الإيمان ستة:

1 – الإيمان بالله:

بأن يعتقد المسلم أن الله واحد لا شريك له، وهو رب كل شيء ومالك كل شيء ومعبود كل شيء، وأنه هو الخالق الرازق المدبر، المحيي المميت المعز المذل بيده الخير وهو على كل شيء قدير، له الملك كله وله الحمد كله في السموات وفي الأرض وفي الدنيا والآخرة، لا مانع لما أعطى ولا معطي لما منع، فيؤمن بأمره ونهيه ووعده ووعيده وثوابه للمؤمنين المطيعين له وعقابه للمجرمين، وأنه تعالى مطلع على عباده وهو معهم أينما كانوا يرى مكانهم ويسمع كلامهم ويعلم إسرارهم وإعلانهم ?وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ? وأن الإيمان به يستلزم محبته وخوفه ورجاءه ومحبة ما يحبه وبغض ما يبغضه والإخلاص له والصدق في معاملته.

2 – ويؤمن المسلم بملائكة الله الكرام البررة عمومًا وخصوصًا جبريل الموكل بالوحي، وميكائيل الموكل بالمطر والنبات، وإسرافيل الموكل بالنفخ في الصور، وملك الموت الموكل بقبض الأرواح، ومنهم الحفظة لأعمال بني آدم وأقوالهم ?وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ* كِرَامًا كَاتِبِينَ* يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ?, ?مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ? ومنهم الحفظة لأجسام بني آدم في النوم واليقظة كما قال تعالى: ?إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ? , ?لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ?.

فتحصل من ذلك أن مع كل إنسان أربعة ملائكة اثنان عن يمينه وعن شماله يكتبان الحسنات والسيئات، واثنان من أمامه ومن خلفه يحرسانه من الآفات.

فهو محفوظ محروس لم يخلق عبثًا ولم يترك سدى بل خلق لأمر عظيم خلق لمعرفة الله وعبادته:

قد هيئوك لأمر لو فطنت له
فأربأ بنفسك أن ترعى مع الهمل


وبعض الملائكة موكلون بالجنة وإعدادها لأهلها. ومنهم الموكلون بإيقاد النار وتعذيب أهلها ومقدموهم تسعة عشر ?عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ? وفي الحديث «ما في السموات السبع موضع قدم ولا كف ولا شبر إلا وفيه ملك قائم أو ملك ساجد أو ملك راكع» وقال تعالى: ?يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لَا يَفْتُرُونَ?.

3 – ويؤمن المسلم بكتب الله المنزلة من السماء وهي مائة صحيفة وأربعة كتب على ما جاء في حديث أبي ذر – منها خمسون صحيفة نزلت على شيث ابن آدم وثلاثون صحيفة نزلت على النبي إدريس وعشرة صحف نزلت على إبراهيم الخليل، وعشرة نزلت على موسى قبل التوراة كما قال تعالى: ?صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى?.

وأما الكتب الأربعة فهي: التوراة وأنزلت على موسى والإنجيل وأنزل على عيسى والزبور وأنزل على داود والقرآن وأنزل على محمد صلى الله عيه وسلم وهو المتلو بالألسن المحفوظ في الصدور المكتوب في المصاحف المتعبد بتلاوته، وهو أفضل الكتب، وقد اشتمل على ما فيها وزاد عليها ونسخها وفيه تبيان لكل شيء وهدى ورحمة للمؤمنين، وسماه الله روحًا لتوقف الحياة الحقيقية عليه، ونورًا لتوقف الهداية عليه كما قال تعالى: ?وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا?

فهو خير كتاب أنزل على أفضل الرسل محمد صلى الله عليه وسلم – الذي بعث بأفضل الشرائع وأكملها إلى خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمن بالله فلله الحمد على ذلك قال تعالى: ?قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا?.

4 – ويؤمن المسلم بأنبياء الله وعددهم (124000) مائة وأربعة وعشرون ألفًا والرسل منهم – ثلاثمائة وثلاثة عشر (313) – وأولوا العزم منهم خمسة – وهم نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد وأول الرسل نوح وآخرهم محمد صلوات الله عليه وعليهم أجمعين، ومن لازم الإيمان به محبته وتصديقه وطاعته بامتثال أوامره واجتناب نواهيه.

5 – ويؤمن المسلم بقضاء الله وقدره خيره وشره فيعتقد أن ما شاء الله كان وما لم يشأ لا يكون وأن ما أصاب الإنسان لم يكن ليخطئه وما أخطأه لم يكن ليصيبه. وأن الله تعالى علم أعمال عباده ومقادير خلقه قبل أن يخلقهم وكتب ذلك في اللوح المحفوظ قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة كما ثبت في الصحيحين، وشاءها وخلقها وأوجدها في أوقاتها المحددة كما قال تعالى: ?مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ* لِكَيْ لَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ?.

وقال صلى الله عليه وسلم: «واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك»


ومراتب الإيمان بالقضاء والقدر أربع:

1 – علم الله بالأشياء قبل كونها.

2 – كتابته لها في اللوح المحفوظ.

3 – مشيئته لها.

4 – خلقه لها وإيجاده وتكوينه.

علم كتابة مولانا مشيئته
كذاك خلق وإيجاد وتكوين


وأنواع التقادير أربعة:

1 – التقدير اليومي:

وهو المذكور في قوله تعالى: ?كل يوم هو في شأن? جاء في تفسيرها عن ابن عباس قال: (يخلق ويرزق ويعز ويذل ويحيي ويميت ويفعل ما يشاء).

2 – التقدير الحولي:

وهو الذي يكون في ليلة القدر فيقدر فيها ما يكون في السنة من رزق وأجل وحياة وموت وغير ذلك قال تعالى: ?فيها يفرق كل أمر حكيم?.

3 – التقدير العمري:

وهو الذي يرسل به الملك إلى الجنين في بطن أمه فيكتب رزقه وأجله وعمله وشقيًّا أو سعيدًا كما في حديث ابن مسعود المتفق عليه.

4 – التقدير السابق:

في علم الله وكتابة ذلك في اللوح المحفوظ كما تقدم.

6 – ويؤمن المسلم باليوم الآخر:

ويدخل فيه الإيمان بأشراط الساعة وأماراتها التي تكون قبلها كخروج الدجال ودابة الأرض ويأجوج ومأجوج وطلوع الشمس من مغربها، وفتنة القبر ونعيمه وعذابه، وقد استعاذ منه النبي صلى الله عليه وسلم وأمرنا بالتعوذ منه في كل صلاة، وكونه روضة من رياض الجنة أو حفرة من حفر النار، وسؤال الملكين للإنسان: من ربك؟ وما دينك؟ ومن نبيك؟

فأما المؤمن المستقيم في هذه الحياة على دينه فيقول: الله ربي والإسلام ديني ومحمد صلى الله عليه وسلم نبيي.

وأما المجرم فإذا سئل يقول: هاه، هاه، لا أدري سمعت الناس يقولون شيئًا فقلته فيضرب بمرزبة من حديد فيصيح صيحة يسمعها كل من خلق الله إلا الجن والإنس، ثم بعد هذا يبقى في نعيم أو عذاب إلى أن تقوم الساعة فينفخ في الصور ويخرج الناس من القبور لرب العالمين حفاة عراة مثل ما خلقوا أول مرة قال تعالى: ?وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ?.

وقال الشاعر:

جاءوا فرادى مثلما خلقوا
بلا مال ولا أهل ولا إخوان


ما معهم شيء سوى الأعمـ
ـال تقودهم إلى النار أو لجنان


فيؤمن المسلم بما يكون في ذلك اليوم العظيم من البعث والنشور والحساب والجزاء والحوض المورود والمقام المحمود ووزن الأعمال وتطاير الصحف في الشمائل والأيمان، فأما المؤمنون فتبيض وجوههم في ذلك اليوم العظيم وتثقل موازين حسناتهم فيعطون كتب أعمالهم بأيمانهم.

كما يردون حوض نبيهم محمد صلى الله عليه وسلم فيشربون منه شربة هنيئة لا يظمؤون بعدها أبدًا، ثم يمرون على الصراط المنصوب من فوق جهنم على حسب أعمالهم في السرعة وعدمها، ثم يدخلون الجنة بشفاعة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وبرحمة الله، فيخلدون فيها وينعمون بما يشاؤون مما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين، وأعلاه التمتع بالنظر إلى وجه الله الكريم وسماع خطابه والابتهاج برضاه وقربه والسرور بمحبته وذكره فتبارك الله رب العالمين.

وأما المجرمون فتسود وجوههم وتخف موازين حسناتهم ويعطون كتب أعمالهم بشمائلهم ويسحبون إلى النار على وجوههم عميًا وبكمًا وصمًا لا يموتون فيها ولا يحيون كلما نضجت جلودهم بدلوا بجلود غيرها ليذوقوا العذاب، طعامهم الزقوم والضريع والغسلين، وشرابهم الحميم الذي يشوي الوجوه ويقطع الأمعاء وأعظم من ذلك حجابهم عن رؤية الله تعالى: ?وَمَا ظَلَمَهُمُ اللَّهُ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ?

لا يرجون فرجًا ولا مخرجًا قد نسيهم الله في العذاب كما نسوه وانتقم منهم لما آسفوه فقد قامت عليهم الحجة وانقطعت المعذرة بتركيب العقول وإرسال الرسل وإنزال الكتب فاشتروا الضلالة بالهدى والعذاب بالمغفرة فما أصبرهم على النار.

فيا ساهيًا في سكرة الجهل والهوى
صريع الأماني عن قريب سيندم


أفق قد دنا الوقت الذي ليس بعده
سوى جنة أو حر نار تضرم


اللهم إنا نسألك الجنة وما قرب إليها من قول وعمل واعتقاد، ونعوذ بك من النار وما قرب إليها من قول وعمل واعتقاد.

اللهم وفق المسلمين للحفاظ على دينهم وعقيدتهم والعمل بكتاب ربهم وسنة نبيهم آمين.

والحمد لله رب العالمين حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه كما يحب ربنا ويرضى وكما ينبغي لجلاله وعظيم سلطانه وصلوات الله وسلامه على خير خلقه وأنبيائه نبينا محمد وعلى آله وأصحابه وأتباعه إلى يوم الدين.

تقريظ الشيخ/ حمد بن عبد الرحمن المزروع

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله الذي من رحمته ولطفه بعباده أن جعل لهذا الدين الإسلامي أناسًا طيبين مصلحين يدعون إليه بأقوالهم وأفعالهم وأقلامهم في كل وقت وحين، فالأرض لا تخلو ولن تخلو إن شاء الله من دعاة إلى هذا الدين مهما تطورت الأجيال وطال الزمان كما قال عليه الصلاة والسلام: «لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم حتى تقوم الساعة» رواه البخاري ومسلم وغيرهما.

ومن جملة هؤلاء الناس الصالحين المصلحين الداعين إلى دين الإسلام هو الشيخ/ عبد الله بن جار الله الجار الله فقد جمع كتابًا في هذا الشأن وسماه (المجموع المفيد) وسمعته قراءة منه فوجدته اسمًا وافق مسماه لأنه جمع فيه عدة رسائل كل رسالة فيه لها ميزتها الخاصة بها، وذلك لأن جامعه أثابه الله وكثر من أمثاله، قد تحرى فيه الصواب من كلام العلماء الأفاضل فوضع كل جملة وعبارة في المقام الذي يناسبها، مع تصرف له في بعض الجمل والعبارات إذا كان المقام يستدعي ذلك.

وحلَّى كتابه بالأدلة الشرعية من الكتاب والسنة.

فلقد جمعه فأحسن جمعه وترتيبه، وبذل مجهودًا كبيرًا في اختصاره وتقريبه، وضمنه آيات قرآنية وأحاديث شريفة نبوية.

وأشعارًا نظمية ما تجعل الناظر فيه والقارئ له يشتاق إلى قراءته ومطالعته والاستفادة منه والأخذ عنه لأنه كتاب مع صغر حجمه قد حوى جملاً من العلوم والمعارف فأحر بكتاب مثل هذا الكتاب أن يكون بغية كل مسلم فإنه سيجد فيه ما يكفي ويشفي، وأن يبذل كل ما في وسعه لتطبيق ما فيه على نفسه وأهله وأولاده وجيرانه وأهل سوقه وإخوانه المسلمين فإن الحق ضالة المؤمن، والله سبحانه أسأل بأسمائه الحسنى وصفاته العلياء أن يجزي جامعه خير الجزاء وأن يجعل كتابه هذا ذخيرة له يوم العرض والجزاء وأن يجعلنا وإياه والمسلمين ممن نصر هذا الدين بمتابعة وصدق وإخلاص إنه ولي ذلك والقادر عليه وصلى الله على نبيه محمد وآله وصحبه وسلم.

حرر في 11/11/1392هـ
حمد المزروع


بسم الله الرحمن الرحيم


ترجمة المؤلف عبد الله بن جار الله الجار الله

من قبيلة النواصر من بني تميم ولد في المذنب في عام 1354 هـ من مدن القصيم.

حياته العلمية

درس في معهد إمام الدعوة العلمي بالرياض وتخرج منه عام 1379 هـ، ثم درس في كلية الشريعة بالرياض وتخرج منها عام 83/ 1384 هـ، ودرس في المعهد العالي للقضاء ونال منه درجة الماجستير عام 1399 هـ في الفقه المقارن.

مؤلفاته:

1 – رسالة رمضان.
2 – كلمات مختارة.
3 – مصارف الزكاة.
4 – الجامع الفريد للأسئلة والأجوبة في علم التوحيد.
5 – الكواكب النيرات في المنجيات والمهلكات.
6 – فضائل القرآن الكريم.
7 – المجموع المفيد: ويشمل إحدى عشرة رسالة وهو هذا.
8 – مسئولية المرأة المسلمة.
9 – خلاصة الكلام في أحكام الصيام.
10 – بهجة الناظرين فيما يصلح الدنيا والدين.
11 – من أحكام المريض وآدابه.
12 – حكم الاحتفال بالمولد النبوي.
13 – من أضرار المسكرات والمخدرات.
14 – أحكام الحج والعمرة.
15 – الهداية لأسباب السعادة.
16 – زاد المسلم اليومي.
17 – توجيهات إلى أصحاب التسجيلات.
18 – مختصر طبقات المكلفين لابن القيم.
19 – البيان المطلوب لكبائر الذنوب.
20 – حكم التصوير.
21 – مختصر الإيضاح والتبيين لما وقع فيه الأكثرون من مشابهة المشركين.
والله ولي التوفيق،،،
26 / 11/ 1404 هـ


كتاب المجموع المفيد 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
 
كتاب المجموع المفيد
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» السهل المفيد فى أحكام التجويد
» الكويت... لمن لا يعرفها...بالمختصر المفيد
» المختصر المفيد من فضائل شهر شعبان وأحكامه
» كتاب التوحيد (ج 1)
» 16- كتاب صفة الصلاة

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers :: (العربي) :: الـعــقـيــــــــدة الإســــلامـيــــــــــة :: كتابات في العقيدة-
انتقل الى: