فيما جرى على الإسلام:

ودَارَتْ عَلىَ الإسْلام أَكْبَرُ فِتْنَةٍ
        وسُلَّتْ سُيُوفُ البَغْيِ مِنْ كُلِّ غَادِرِ

وذَلَّتْ رِقَابُ مِن رِجَالٍ أَعِزَّةٍ
        وكَانُوا على الإسْلامِ أَهْلَ تَنَاصُرِ

وأَضْحَى بَنُو الإسْلامِ فِي كُلِّ مَأْزَقٍ
        تَزُوْرُهُمُو غَرْثَى السِّبَاعِ الضَّوَامِر

وهُتك سترٌ للحرائر جهرةً
        بأيدي غُواة من بَواد وحاضر

وجَاءُوا مِن الفَحْشَاءِ ما لاَ يَعُدُّهُ
        لَبِيْبٌ ولا يُحْصِيْهِ نَظْمٌ لِشَاعِرِ

وبَاتَ الأَيَامَى في الشِّتَاءِ سَوَاغِبًا
        يبكِيْنَ أَزْواجًا وخَيْرَ العَشَائِرِ

وجَاءَتْ غَرَاشٍ يَشْهَدُ النَّصُّ أَنَّهَا
        بمَا كَسَبَتْ أَيْدِي الغُوَاةِ الغَوَادِرِ

وجَرَّ زَعِيْمُ القَومِ لِلتُّرْكِ دَوْلَةً
        عَلَىَ مِلَّةِ الإسلامِ فِعْلَ المُكَابِرِ

وَوَازَرَهُ فِيْ رَأْيِهِ كُلُّ جَاهِل
        يَرُوْحُ ويَغْدُوْ إثِمًا غَيْرَ شَاكِرِ

وآخَرُ يَبْتَاعُ الضَّلاَلةَ بالهُدى
        ويَخْتَالُ في ثَوْبٍ مِن الكِبْرِ وَافِرِ

وثَالِثُهُمْ لاَ يَعْبَؤْ الدَّهْر بالتِي
        تَبِيْدُ مِن الإسلامِ عَزْمَ المَذَاكِرِ

وَلَكِنَّه يَهْوَى وَيَعْمَلُ لِلْهَوَى
        وَيُصْبِحُ في بَحْرٍ من الرَّيْبِ عَامِرِ

وقَدْ جَاءَكُمْ فِيْمَا مَضَى خَيْرُ نَاصِحٍ
        إِمَامُ هُدىً يَبْنِي رَفِيْعَ الْمَفَاخِرِ

ويُنْقِذُهُمْ مِن قَعْر ظَلْمَا مَضِّلِّةٍ
        لِسَالِكِهَا أَوْ مِنْ لَظَى والمَسَاعِرِ

ويُخْبِرُهُمْ أنَّ السَّلامَةَ في التِي
        عَلَيْهَا خِيَارُ الصَّحْبِ مِن كُلِّ شَاكِرِ

فَلَمَّا أَتَاهُمْ نَصْرُ ذِي العَرْشِ واحْتَوَى
        أَكَابِرُهُمْ كَنْزَ اللُّهىَ والذَّخَائِرِ

سَعَوْا جُهْدَهُمْ في هَدْمِ مَا قَدْ بَنَى لَهُمْ
        مَشَائِخُهُمْ واسْتَنْصَرُوْا كُلَّ دَاغر

وَسَارُوا لأَهْلِ الشِّرْكِ واسْتَسْلَمُوْا لَهُمْ
        وَجَاؤُا بِهِمْ مِن كُلِّ إفْكٍ وَسَاحِرٍ

ومُذْ أَرْسَلُوهَا أَرَسَلُوهَا ذَمِيْمَةً
        تُهَدِّمُ مِن رَبْعِ الهُدَى كُلَّ عَامِرِ

وبَاؤُا مِن الخُسْرَانِ بالصَّفَقَةِ التِي
        يَبُوءُ بِهَا مِن دَهْرِهِ كَلُّ خَاسِرِ

وَصَارَ لأَهْلِ الرُّفْضِ والشِّرْكِ صَوْلةٌ
        وقَامَ بِهمْ سُوْقُ الرَّدَى والمَنَاكِرِ

وعَادَ لَدَيْهِمْ لِلِّوَاطِ ولِلْخَنَا
        مَعَاهِدُ يَغْدُوْ نَحْوَهَا كُلَّ فَاجِرِ

وشُتِّتَ شَمْلُ الدِّيْنِ وانْبِتَّ حَبْلُهُ
        وَصَارَ مُضَاعًا بَيْنَ شَرِّ العَسَاكِرِ

وأَذَّنَ بالنَّاقُوسِ والطَّبْلِ أَهْلُهَا
        وَلَمْ يَرْضَ بالتَّوْحِيْدِ حِزْبُ المَزَامِرِ

وأَصْبَحَ أَهْلُ الحَقِّ بَيْنَ مُعَاقَبٍ
        وَبَيْنَ طَرِيْدٍ في القَبَائِلِ صَائِرِ

فَقُلْ لِلْغَوِّي المُسْتَجِيْرِ بظُلمِهِمْ
        سَتُحْشَرُ يَوْمَ الدِّيْن بَيْن الأَصَاغِرِ

ويُكْشَفُ لِلْمُرْتَابِ أَيَّ بِضَاعَةٍ
        أضَاع وَهَلْ يَنْجْو مُجِيْرُ أُمِّ عَامِرِ

ويَعْلَمُ يَوْمَ الجَمْعِ أَيَّ جِنَايَةٍ
        جَنَاها وما يَلْقَاهُ مِن مَكْرِ مَاكِرِ

فَيَا أُمَّةً ضَلَّتْ سَبِيْلَ نَبِيِّهَا
        وآثَارَهُ يَوْمَ اقْتِحَامِ الكَبَائِرِ

يَعِزُّ بِكُمْ دِينُ الصَّلِيْبِ وأَهْلِهِ
        وأَنْتُمْ بِهِم ما بَيْنَ رَاضٍ وآمِرِ

وتُهْجَرُ آيَاتُ الهُدَى ومَصَاحفٌ
        ويُحْكَمُ بالقَانُونِ وَسْطَ الدَّسَاكِرِ

هَوَتْ بِكُمُ نَحْوَ الجِحِيْمِ هَوَادَةٌ
        وَلَذَّاتُ عَيْشٍ نَاعِمٍ غَيْر شاكر

سَيَبْدُو لَكُمْ مِن مَالِكِ المُلْكِ غَيْرُ مَا
        تَظَنُّونَهُ بَعْدَ الثَّوَىَ في المَقَابِرِ

يَقُوْلُ لَكُمْ مَاذَا فَعَلْتُمْ بِأُمَّةٍ
        عَلَى نَاهِجٍ مِثْلَ النُّجُوْمِ الزَّوَاهِرِ

سَلَلْتُمْ سَيُوفَ البَغْيْ فِيْهِمْ وَعُطِّلَتْ
        مَسَاجِدُهُم مِن كُلِّ دَاعٍ وذَاكِرِ

وَوَالَيْتُمُ أَهْلَ الجَحِيْمِ سَفَاهَةً
        وَكُنْتُمْ بِدِيْنِ اللهِ أَوّلَ كَافِرِ

نَسِيْتُمْ لَنَا عَهْدًا أَتَاكُمْ رَسُوْلُنَا
        بِهِ صَارِخًا فَوْقَ الذُّرَى والمَنَابِرِ

فَسَلُ سَاكِنِ الأحْسَاءِ هَلْ أنْتَ مُؤْمِنٌ
        بِهَذَا ومَا يَجْرِيْ صَحِيْحُ الدَّفَاتِرِ

وَهَلْ نَافِعٌ لِلْمُجْرِمِيْنَ اعْتِذارُهُمْ
        إذا دَارَ يَوْمَ الجَمْعِ سُوْءُ الدَّوَائِرِ

وقال الشَّقِيُّ المُفْتَرِيْ كُنْتُ كَارِهًا
        ضَعِيْفًا مُضَاعًا بَيْنَ تِلْكَ العَسَاكِرِ

أمَانِيَّ تَلْقَاهَا لِكُلِّ مُتَبَّرٍ
        حَقِيْقَتُهَا نَبْذُ الهُدَى والشَّعَائِرِ

تَعُودُ سَرَابًا بَعْدَ مَا كَانَ لامِعًا
        لِكُلِّ جَهُولٍ في المَهَامهِ حَائِرِ

فإِنْ شِئْتَ أن تُحَصْى بِكُلِّ فَضِيْلَةٍ
        وتَظْهَرَ في ثَوْبٍ مِنَ المَجْدِ بَاهِرِ

وتَدْنُو مِن الجَبَّارِ جَلَّ جَلاَلُهُ
        إِلى غَايَةٍ فَوْقَ العُلَىَ والمَظَاهِرِ

فَهَاجِرْ إِلىَ رَبِّ البَريَّةِ طَالِبًا
        رِضَاهُ وَرَاغِمْ بالهُدَى كُلَّ جَائِرِ

وَجَانِبِ سَبِيْلَ العَادِلِيْنَ بِرَبِّهِمْ
        ذَوِيْ الشِّرْكِ والتَّعْطِيْلِ مَعَ كُلِّ غَادِرِ

وَبادِرْ إِلى رَفْعِ الشِّكَايَةِ ضَارِعًا
        إِلى كَاشِفِ البَلْوَى عَلِيْمِ السَّرَائِرِ

وكَابِدْ إِلَى أَنْ تَبَلُغَ النَّفْسُ عُذْرَهَا
        وتُرْفَعَ في ثَوْب مِن العَفْوِ سَاتِرِ

وَلاَ تَيْأَسَنْ مِن صُنْع رَبِّكَ إنَّهُ
        مُجِيْبٌ وإِنَّ اللهَ أَقْرَبُ نَاصِرِ

أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ يُبْدِيْ بِلُطْفِهِ
        وَيُعَقِبُ بَعْدَ العُسْرِ يُسْرًا لِصَابِرِ

وأَنَّ الدِّيَارَ الهَامِدَاتِ يَمُدُّهَا
        بِوَبْلٍ مِن الوَسْمِيِ هَامٍ ومَاطِرِ

فَتُصْبِحُ فِي رَغْدٍ مِن العَيْشِ نَاعِمٍ
        وتَهْتَزُ في ثَوْبٍ مِن الحُسْنِ فَاخِرِ

انْتَهَى