منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers

(إسلامي.. ثقافي.. اجتماعي.. إعلامي.. علمي.. تاريخي.. دعوي.. تربوي.. طبي.. رياضي.. أدبي..)
 
الرئيسيةالأحداثأحدث الصورالتسجيل
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

الحــواس فـي القـــرآن الكـــريــم أحكـام صـلاة المـريض وطهـارته إلــــــــى كــــــــــل زوجـيــــــــــن مـــن أقـــــوال شيـــــخ الإســــلام لا عـلـيـك مـا فـاتـك مـن الـدنـيا رؤية الخاطب مخطوبته قبل العقد أحْلامٌ مِنْ أبِي باراك أوباما كُــــتُـبٌ غَــــــيُّـرَتْ الـعَـالَــــــمْ مــصـــــر التي فـي خــاطـــــري الزعيـم الثــائر أحـمـــد عـــرابي مـحـاسـن العقيـــدة الإسـلامـيـــة الرَّحَّـالة: أبي الحسن المسعـودي رضـــي الله عـنـهـــم أجـمـعـــين الأسئلة والأجــوبــة في العقيــدة النـهـضــة اليـابـانـيــة الـحـديثــة الحجاج بـن يــوســف الـثـقـفــي قـصــة حـيـاة ألـبرت أيـنـشـتــاين الأمثـــال الإسـلام بيـن الـعـلـم والـمــدنـيــة

IZHAR UL-HAQ

(Truth Revealed) By: Rahmatullah Kairanvi
قال الفيلسوف توماس كارليل في كتابه الأبطال عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لقد أصبح من أكبر العار على أي فرد مُتمدين من أبناء هذا العصر؛ أن يُصْغِي إلى ما يظن من أنَّ دِينَ الإسلام كَذِبٌ، وأنَّ مُحَمَّداً -صلى الله عليه وسلم- خَدَّاعٌ مُزُوِّرٌ، وآنَ لنا أنْ نُحارب ما يُشَاعُ من مثل هذه الأقوال السَّخيفة المُخْجِلَةِ؛ فإنَّ الرِّسَالة التي أدَّاهَا ذلك الرَّسُولُ ما زالت السِّراج المُنير مُدَّةَ اثني عشر قرناً، لنحو مائتي مليون من الناس أمثالنا، خلقهم اللهُ الذي خلقنا، (وقت كتابة الفيلسوف توماس كارليل لهذا الكتاب)، إقرأ بقية كتاب الفيلسوف توماس كارليل عن سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-، على هذا الرابط: محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم-.

يقول المستشرق الإسباني جان ليك في كتاب (العرب): "لا يمكن أن توصف حياة محمد بأحسن مما وصفها الله بقوله: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِين) فكان محمدٌ رحمة حقيقية، وإني أصلي عليه بلهفة وشوق".
فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ على سائر البُلدان، كما فَضَّلَ بعض الناس على بعض والأيام والليالي بعضها على بعض، والفضلُ على ضربين: في دِينٍ أو دُنْيَا، أو فيهما جميعاً، وقد فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ وشَهِدَ لها في كتابهِ بالكَرَمِ وعِظَم المَنزلة وذَكَرَهَا باسمها وخَصَّهَا دُونَ غيرها، وكَرَّرَ ذِكْرَهَا، وأبَانَ فضلها في آياتٍ تُتْلَى من القرآن العظيم.
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

المهندس حسن فتحي فيلسوف العمارة ومهندس الفقراء: هو معماري مصري بارز، من مواليد مدينة الأسكندرية، وتخرَّجَ من المُهندس خانة بجامعة فؤاد الأول، اشْتُهِرَ بطرازهِ المعماري الفريد الذي استمَدَّ مَصَادِرَهُ مِنَ العِمَارَةِ الريفية النوبية المَبنية بالطوب اللبن، ومن البيوت والقصور بالقاهرة القديمة في العصرين المملوكي والعُثماني.
رُبَّ ضَارَّةٍ نَافِعَةٍ.. فوائدُ فيروس كورونا غير المتوقعة للبشرية أنَّه لم يكن يَخطرُ على بال أحَدِنَا منذ أن ظهر وباء فيروس كورونا المُستجد، أنْ يكونَ لهذه الجائحة فوائدُ وإيجابيات ملموسة أفادَت كوكب الأرض.. فكيف حدث ذلك؟!...
تخليص الإبريز في تلخيص باريز: هو الكتاب الذي ألّفَهُ الشيخ "رفاعة رافع الطهطاوي" رائد التنوير في العصر الحديث كما يُلَقَّب، ويُمَثِّلُ هذا الكتاب علامة بارزة من علامات التاريخ الثقافي المصري والعربي الحديث.
الشيخ علي الجرجاوي (رحمه الله) قَامَ برحلةٍ إلى اليابان العام 1906م لحُضُورِ مؤتمر الأديان بطوكيو، الذي دعا إليه الإمبراطور الياباني عُلَمَاءَ الأديان لعرض عقائد دينهم على الشعب الياباني، وقد أنفق على رحلته الشَّاقَّةِ من مَالِهِ الخاص، وكان رُكُوبُ البحر وسيلته؛ مِمَّا أتَاحَ لَهُ مُشَاهَدَةَ العَدِيدِ مِنَ المُدُنِ السَّاحِلِيَّةِ في أنحاء العالم، ويُعَدُّ أوَّلَ دَاعِيَةٍ للإسلام في بلاد اليابان في العصر الحديث.


 

 فصول في الثقافة والأدب

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 51866
العمر : 72

فصول في الثقافة والأدب Empty
مُساهمةموضوع: فصول في الثقافة والأدب   فصول في الثقافة والأدب Emptyالسبت 21 سبتمبر 2024, 9:58 pm

فصول في الثقافة والأدب
بقلم الأديب: علي الطنطاوي رحمه الله تعالى
فصول في الثقافة والأدب 1389
(1) المطالعة
الكتب مثل الأطعمة، فيها النافع وفيها الضار، ومنها المُغذِّي المُفيد، وما هو كثير الدَّسَم عظيم النفع، ولكن لا تشتهيه النفس، وما هو مُشَهٍ لذيذ ولكن لا ينفع، ومنها السُّمُّ القاتل، ومنها ما هو سُمٌّ ولكنه ملفوف بغشاءٍ من السُّكَّر، فمَنْ انخدع بحلاوة الغِشَاء قتله السُّمُّ.
 
لقد جرَّبت اللذائذ كلَّها، فما وجدتُ أمتع من الخلوة بكتاب، وإذا كان للناس ميول، وكانت لهم رغبات، فإن الميل إلى المطالعة والرغبة فيها هي أفضلها.

وهذا الكلام... للطالب، وللمدرس، وللطبيب، وللمرأة في بيتها، وللمسافر، وللمقيم.

الطالب إذا اقتصر على دروس المدرسة ولم يطالع لا يصير عالماً.

وما دروس المدرسة؟

إن مثال ما يقرؤه الطالب في الثانوية مثال من يُريد أن يعمل وليمة، فهو يدخل المطعم ليختار طعام الوليمة، فيذوق لقمة من هذا، ولقمة من ذاك، فإذا أعجبه لون اشترى منه، والطالب يذوق في الثانوية لقمة من لون التاريخ، ولقمة من الحساب، ولقمة من النحو، ولقمة من الكيمياء... ليرى ما ترغب فيه نفسه ويميل إليه طبعه فيقبل عليه، فإذا اكتفى بما درسه في المدرسة لم يُحصِّل شيئاً؛ لأن اللقمة لا تُشبع الجائع!

فليتعوَّد الطلاب المطالعة، وليبدؤوا بالكتب الخفيفة السهلة.

لي أخ أحببت أن أُعوِّده على المطالعة وهو صغير، فأتيته بـ(قصة عنترة) في ثمانِ مجلدات.

و(قصة عنترة) مكتوبة بأسلوب فصيح، وفيها فروسية وفيها أدب، وفيها كثير من أخبار العرب، وإن كان مخلوطاً فيها الحقُّ بالباطل، والواقع بالخيال، وليست كقصص هذه الأيام فقرأها كلها، المجلدات الثمانية، وحفظ أكثر ما فيها.

ثم أتيته بـ(فتوح الشام) المنسوب للواقدي، وهو كتاب مزيج من التاريخ ومن القصة، فقرأه، ثم تدرَّج في المطالعة حتى صار يقرأ الكتب الكبار.

فليبدأ الطلاب ولو بالقصص، على أن يختاروا منها القصص البليغة الأسلوب، العالية الهدف، العميقة المغزى.

ولقد تُرجمت أكثر القصص الأدبية العالمية، كالتي ترجمها المنفلوطي أو تُرجمت له فكتبها بأسلوبه أو ترجمها الزيات، وغيرها من كتب التراجم التي هي أجمل من القصص....

ثم ينتقلون من القصص إلى كتب الأدب، فيقرؤون- مثلاً- (البخلاء) للجاحظ، و(كليلة ودمنة) لابن المقفع. 


ثم يقرؤون كتباً أنفع، ككتاب (صيد الخاطر) لابن الجوزي، وكتاب الحارث المحاسبي (الرعاية لحقوق الله)، ثم يقرؤون كتب العلم.

وخير ما يقرؤون القرآن، بشرط أن يفهموا ما يقرؤون، وقراءة سورة قصيرة مع الفهم والتدبر خير من ختمة بلا فهم ولا تدبر.

القرآن أساس البلاغة في القول، فضلاً عن كونه أساس الهداية للقلب، وكونه دستور الحياتين وسبب السعادتين.

والذين تسمعون عنهم من بلغاء النصارى في هذا القرن ما بلغوا هذه المنزلة إلا بدراسة القرآن، كالشيخ ناصيف اليازجي وابنه إبراهيم اليازجي، وفارس الخوري، هذا وهم نصارى، ونحن أوْلَى بهذا الكتاب.

فليتعوَّد الطلاب المطالعة بأن يقرؤوا كل يوم خمس صفحات لا يتركونها أبداً.

أنا من نصف قرن أقرأ ما لا يقلُّ معدله اليومي عن عشرين صفحة، بل لا يكاد يقلُّ عن خمسين، فاحسبوا كم يبلغ مجموع عشرين صفحة في اليوم في خمسين سنة؟

أكثر من ثلاثة مليون.

لا تعجبوا، فكثير من الناس قرؤوا أكثر من ذلك، العقَّاد مثلاً أعرف أنه قرأ أكثر منها.

أما العلماء المتقدمون فمنهم من بلغت مؤلفاته، لا مطالعته، خمسين ألف صفحة.

ومن كان من الطلاب يملك مالًا -من راتب من الدولة، أو نفقة له من أبيه- فليخصِّص منه كلَّ شهر خمسة ريالات أو عشرة لشراء الكتب، على أن يحسن اختيار ما يشتري، يجد أنه لم يكمل دراسته حتى صارت عنده مكتبة صغيرة.

ومن لم يجد مالاً فإن المكتبات العامة موجودة، والمطالعة فيها مجانية، فليذهب إليها.

المهمُّ حسن اختيار الكتب؛ فالكتب مثل الأطعمة، فيها النافع وفيها الضار، ومنها المغذِّي المفيد، وما هو كثير الدَّسَم عظيم النفع، ولكن لا تشتهيه النفس، وما هو مُشَهٍ لذيذ ولكن لا ينفع، ومنها السمُّ القاتل، ومنها ما هو سمٌّ ولكنه ملفوف بغشاء من السكر، فمن انخدع بحلاوة الغشاء قتله السمُّ! ومن أكل كلَّ ما يجده –يخلط به الحلو والحامض والحار والبارد– أصابته التخمة وسوء الهضم، ومن قرأ كلَّ شيء صار معه سوء هضم عقلي!

ومن الكتب ما يُدخل الجنة، ومنها ما يُدخل النار، فلينتبه الطالب، وليسأل من يثق به من المدرسين والعلماء، وإلا كان ترك المطالعة خيراً منها.

لما كنا صغاراً لم يكن في أيامنا هذا الرائي (التلفزيون) ولا الرادُّ (الراديو)، ولا كانت هذه الأشياء قد اختُرعت، ولم تكن السينما الناطقة قد وجدت، فما كان عندنا من التسليات إلا المطالعة.

ولم يكن شيء من أمثال هذه المجلات المصورة، فكنَّا إذا أردنا أن نقرأ الأشياء الخفيفة لإضاعة الوقت لا نجد إلا قصص الفروسية، كـ(قصة عنترة) و(حمزة البهلوان) و(الملكة ذات الهمة) و(سيرة بني هلال)، وأمثال ذلك.

ثم أخذنا نقرأ كتب الأدب.

ولقد قرأت (الأغاني) كله (وهو في بضعة وعشرين مجلداً) في عطلتين صيفيتين متواليتين، وأنا في أول الدراسة الإعدادية.

لم أفهم كلَّ ما فيه، ولا نصفه، ولكن قرأته، وعلَق في ذهني من أخباره شيء كثير، لا أزال أذكره إلى اليوم رغم قدم العهد، وضعف الذاكرة. يتبع.....

__________________
اسم الكاتب: كتاب: فصول في الثقافة والأدب للشيخ علي الطنطاوي

 
علي الطنطاوي
الأديب المشهور المعروف رحمه الله تعالى

•    المصدر:
فريق عمل طريق الإسلام



فصول في الثقافة والأدب 2013_110


عدل سابقا من قبل أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn في السبت 21 سبتمبر 2024, 10:03 pm عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 51866
العمر : 72

فصول في الثقافة والأدب Empty
مُساهمةموضوع: رد: فصول في الثقافة والأدب   فصول في الثقافة والأدب Emptyالسبت 21 سبتمبر 2024, 10:00 pm

فصول في الثقافة والأدب - (2) الحفظ
فصول في الثقافة والأدب 1389
ليس بعلم ما حوى القِمَطْرُ     ما العلم إلا ما حواه الصَّدْرُ

المطالعة ضرورية للطالب وضرورية للمدرس؛ فالمدرس الذي يقتصر على ما تعلَّمه في المدرسة، ولا يطالع ليوسع أفقه ويزيد علمه، يتخلَّف عن القافلة، ويصبح بين الطلاب كأنه طالب حافظ لدرسه!

وهي ضرورية للطبيب، ليطلع على ما كُشف من أمراض، وما استُحدث من طرق العلاج وما جدَّ من أدوية.

وضرورية لعالم الدين، ليرى ما حدث في الدنيا، فيعرف كيف يبيِّن حكم الله فيه.

وضرورية لعلماء الدين ليعرفوا أحكام دينهم وأسراره ومزاياه.

ولو أردنا أن نعرف مقدار رقي بلد فلننظر إلى عدد الكتب التي تباع فيه.

جاءني مرة طالب يشكو مرَّ الشكوى من كثرة ما كُلِّف بحفظه من الشعر العربي.

قلت: وما الذي كُلِّفت به؟ قال: كُلِّفت بحفظ مائتي بيت في السنة.

ولما قال: (مائتي بيت).

ضخَّم صوته، ورفع حاجبيه، وفتح عينيه، وضغط على الحروف، كأنه يأتي بإحدى المدهشات.

فقلت له: إن حماد الراوية كان يحفظ أكثر.

قال: ومن حماد الراوية؟

قلت: وجهلك به أعجب.

حماد كان في العراق، فأبلغه والي الكوفة أن الخليفة هشام بن عبد الملك يدعوه لأمر مهمٍّ، وأعطاه خمسة آلاف درهم لينفق منها على عياله في غيبته ثم سفره على نفقة الخليفة إلى دمشق.

أمَّا الأمر المهم الذي استدعاه الخليفة من أجله، فهو أن الخليفة كان يتوضأ والخادم يصبُّ على يديه من الإبريق، فتذكر أن كلمة (إبريق) قد وردت في بيت شعر، ولم يقدر أن يذكر البيت، فدعاه ليسأله عنه. 


فخبَّره أن البيت هو:
وَدَعَوْا بِالصَبُوحِ يوماً فجاءَت ... قَينَةٌ في يَمِينِهَا إِبْرِيقُ

ثم سأله (وهنا الشاهد): كم تحفظ يا حماد من الشعر؟

قال: لا أدري يا أمير المؤمنين، ولكن أنشدك على كل حرف من حروف المعجم مائة قصيدة لمائة شاعر معروف.

قال: هات فأنشده حتى ملَّ الخليفة، فوكل به من يسمع منه، فأنشده مِن حفظه ألفين ومئتي قصيدة.

فإذا كان في كل منها عشرون بيتاً على الأقل فهذه أربعة وأربعون ألف بيت.

وأنت تستكثر حفظ مائتي بيت!

إن الحفظ هو الميزة الأولى للذهن العربي، أو الإسلامي إن شئت؛ لأن العلوم كلها قد نقلت حفظاً، ورُويت رواية، ولم يبدأ التدوين والتأليف إلا في أواخر القرن الثاني.

وحفظ المحدثين أعجوبة، ومنهم -كالدارقطني- من كان يحفظ مئة ألف حديث بسندها.

هل تعرف ما هو السند؟

هو طريق رواية الحديث، أي قولهم: حدثنا فلان عن فلان... هذا هو السند.

ومنهم من يحفظ من أسماء الرواة عشرات الآلاف وأكثر من ذلك، ومنهم من كان يسمع عشرات الأحاديث فيحفظها من مرة.

لما جاء الشافعي إلى مالك، وقعد في حلقته، كان مالك يُملي والطلاب يكتبون، ولم يكن مع الشافعي قلم ولا ورق، فجعل يبلُّ إصبعه بريقه، ويكتب على ذراعه.

الكتابة لم تكن لتظهر بالطبع، ولكنه يصنع ذلك ليُثبِّت الأحاديث في ذاكرته.

ورآه مالك فحسبه يهزأ به، فقال له: إنما أكتب ما أسمع لأحفظه، وإن شئت أعدته عليك.

قال: أعده.

فأعاد الدرس كله.

وقصة البخاري في بغداد أعجب...

لَمَّا جاء البخاري بغداد وقعد للدرس، وكان شابًّا، أراد بعض المحدثين أن يختبروا حفظه، فجاؤوا بمائة حديث، فخلطوا متونها بأسانيدها، أي أنهم جعلوا سند هذا المتن لذاك، وسند ذاك لهذا، ثم جاؤوا بعشرة أشخاص، فحفَّظوا كل واحد عشرة من الأحاديث المخلوطة.

فلَمَّا قعد البخاري للدرس قام أولهم فسأله:
ما تقول في حديث كذا؟

وسرد عليه أحد الأحاديث المخلوطة، فقال: لا أعرفه.

فسأله عن الثاني، والثالث، إلى العاشر، وهو يقول: لا أعرفه.

فلَمَّا فرغ قعد، وقام الرجل الثاني فصنع مثله، والثالث والرابع... حتى عرضت عليه الأحاديث المائة، وهو يقول: لا أعرفها.

وتعجَّب الناس، وظنَّ العامَّة أنه رجل جاهل؛ لأنَّه يُسأل عن مائة حديث فلا يعرف منها شيئًا.

فلما فرغوا قال البخاري للرجل الأول: قم.

فقام، فقال له: الحديث الأول الذي سألتني عنه رويتَه كذا، وجوابه كذا، والحديث الثاني رويتَه كذا وجوابه كذا... حتى أعاد الأحاديث المائة بخطئها وصوابها.

وليس العجيب حفظه الصواب، بل العجيب حفظه الغلط.

وأغرب من هذه القصة قصة أبي العلاء المعري، ومن رواها مؤرخ ثقة هو ابن العديم.

قال: كان المعرِّي في مسجده، وكان إلى جنب المسجد رُوميَّان يتكلَّمان بلسان الروم (وهو لا يعرفه)، ثم اختلفا على شيء، ورفعا الأمر إلى القاضي، فطالب أحدهما بالبينة.

فقال له: ما كان معنا أحَدٌ، ولكن كان في المسجد شيخ يسمع كلامنا فادع به، فدعا القاضي بالمعرِّي وسأله. فقال المعري: أنا لا أعرف ما قالا، ولكن أعيد عليك ألفاظهما.

وأعادها بالرومية!

وهذه القصة -إن صَحَّتْ- كانت من أعجب العجب.

وقصة المتنبي لَمَّا وقف يشتري كتاباً صغيراً، فجعل ينظر فيه، فقال له البائع: إن كنت تريد أن تشتريه فهات الثمن، وإن كنت تريد حفظه، فإنك لا تستطيع أن تحفظه في وقفة.

قال: ماذا يكون منك إن كنت قد حفظته؟

قال البائع: إن حفظته فهو لك.

قال: خذ فانظر.

وقرأه عليه، وإذا به قد حفظه!

والغزالي... يقول الغزالي: مِن أساتذتي الذين استفدت منهم قاطع طريق، خرج علينا مرة فأخذ كلَّ ما في القافلة، وأخذ (تعليقتي) (وهي دفتر المذكرات التي كان يكتب فيها ما يسمعه من العلماء).

قال: فجعلت أتوسل إليه وأقول: أنا لا آسف على مال ولا متاع، ولكن تعليقاتي.

قال له: وما تعليقاتك؟

قال الغزالي: دفتر فيه علمي كلُّه.

فضحك قاطع الطريق وقال: ما هذا العلم الذي يذهب منك إن ذهب دفتر؟

قال الغزالي: فانتبهت لهذا الدرس، وجعلت أحفظ كل شيء أسمعه؛ لئلا يذهب إن ذهب الكتاب.

ومن هنا قالوا:
ليس بعلم ما حوى القِمَطْرُ     ما العلم إلا ما حواه الصَّدْرُ
 
علي الطنطاوي
الأديب المشهور المعروف رحمه الله تعالى



فصول في الثقافة والأدب 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
 
فصول في الثقافة والأدب
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» العزلة في العلم والأدب
»  حُسن العِشرة والأدب وبسط الخُلُق
» الباب الرابع في العلم والأدب وفضل العالم والمتعلم
» هل تعلم دلالات الالوان في الثقافة العربية
» موسوعة الألف سؤال في الثقافة الإسلامية (300-600)

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers :: (العربي) :: الـثـقــافـــــــــة والإعـــــــــلام :: الكتابات الإسلامية والعامة-
انتقل الى: