أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52561 العمر : 72
| موضوع: العلاج المعرفى بالقرآن يدعم الكفاءة الذاتية لمريض الإدمان السبت 31 ديسمبر 2011, 9:08 pm | |
| العلاج المعرفى بالقرآن يدعم الكفاءة الذاتية لمريض الإدمان
للدكتور أسامة توكل عثمان
أستاذ الطب النفسى والعلوم السلوكية المشارك بكلية الطب- جامعة الإمارات العربية المتحدة – العين
(1) المقدمة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله و الصلاة والسلام على محمد خاتم الأنبياء و على سائر الأنبياء و المرسلين
لقد تطور منظور الطب النفسي في الأونة الأخيرة بالنسبة لرؤيته لأهمية الناحية العقائدية الدينية للمريض. و قد أهمل الطب في العصر الحديث الناحية الدينية في التقييم لحالة المريض في العلاج لدرجة تتنافى مع أسس الممارسة الطبية التي تحتم التقييم الدقيق لكافة جوانب المشكلة واستخدام موارد المريض الذاتية لتفعيل خطة علاجية فردية للمريض تنبع من مدى احتياجاته وتطلعاته الشخصية وحتى تكون أكثر فعالية ونجاحاً.
وحديثا بدأ التوجه العملي لإبراز الناحية الدينية الروحية كجزء هام من التقييم بالإضافه إلى الجوانب الأخرى العضوية والنفسية والاجتماعية. وأيضا تطور منظور الطب النفسي في السنوات الأخيرة بالنسبة لرؤيته للمريض ومشاكله حتى أصبح أكثر واقعية وعملية. وأصبح هناك اهتماماً متزايدا ص بالناحية المعرفية (طريقة التفكير( للمريض. بدلاً من التركيز فقط على الناحية السلوكية ( التصرفات) أو الوجدانية ( المشاعر). وتطورت العلاجات النفسية بهدف تعديل وتقويم طريقة التفكير المرضية. وفي هذه الورقة أقدم عرضا لبعض هذه الأفكار المعرفية المتعارف عليها وأحاول ربطها ببعض الأمثلة من القرآن والسنة للإيضاح وحتى تساعد المعالج والمريض على تفهم هذا النوع من التوجه العلاجي المفيد (العلاج المعرفي) ولكن من منطلق العقيدة الإسلامية. ومع أن هذا العرض ينطبق على كثير من الأمراض النفسية فإنني أحاول أيضاً التركيز على مرض الادمان كلما حانت الفرصة لذلك فهؤلاء المرضى بالذات يتطلعون ويستفيدون من الرعاية الروحيةالمكثفة وعلى المدى الطويل للوقاية من الإنتكاسة. و بالنسبه لمسببات الأمراض النفسية ومنها الإدمان فمن المعروف أن هناك عوامل متعددة من بيئية وإجتماعية ووراثية نفسية تتكالب على الإنسان وتؤدى لظهورها. وتعد الضغوط النفسية و قلة توفر الدعم المعنوي النفسى الإيجابى من العوامل الهامة المؤثرة سلبيا. فقد تعقدت الحياة بشكل مضطرد ولم تعد بنفس البساطة التى كانت عليها من عقود ليست ببعيدة كما سمعنا عنها ممن عاصروها من الأهل أو من الأقربين. وزادت بالتالى الضغوط النفسية مع الزيادة المستمرة فى التوقعات بأداء مثالى للإنسان. وتنامت المنافسات الشرسة على الموارد والتى بدت له محدودة ( بالرغم من حقيقة زيادتها) كلما ذادت قدرته على إستيعابها. وفى خضم هذا المنظور للحضارة الحديثة والمتطورة بشكل غير مسبوق على مر التاريخ فقد الإنسان جزءآ من مشاعر الإستقرار والإحساس بالأمان و التى تعد أساسية لتحقيق الإستقرار النفسى له ولذويه. ومع إضافة الأعباء والمتطلبات المتزايدة لإستمراريته فى البقاء هو ومن يعولهم زاد التهديد تجاه الهدف الرئيسى من وجوده ومن المتطلبات العملية لوظيفته الرئيسية ألا وهى خلافته فى الأرض كمظهر من مظاهر عبوديته للإله الواحد. ولا عجب إذاً من تنامى التداعيات النفسية والبدنية السلبية كنتيجة حتمية لإنحراف الإنسانية عن مسارها الروحى التقدمى والإنشغال عن رسالتها الربانية. فزّادت إضطرابات القلق والتوتر والرهاب والخوف الإجتماعى وأضطراب ما بعد الصدمة وإكتئاب ما قبل الحيض و ما بعد الإنجاب وغيره من العلل النفسية الهامة والمعوقة للأداء ولسلاسة المعيشة ومن أخطرها الإدمان على المخدرات و المسكرات الذي أصبح وباءآ يهدد كثيرآ من المجتمعات و بالذات فئة الشباب فيهم فتمرض أجسادهم و تضيع طاقاتهم التى منحهم أياها الله لصلاح دينهم و بناء مستقبل أسرهم و مجتمعهم.. فما هو الحل؟ وهل من دواء؟. والإجابة هى نعم بالطبع فالكثير على دراية بالتطور المذهل فى مجالات الطب المختلفة وتكنولوجيات علوم الدواء التى أنجبت أجيالاً من الأدوية النفسية الفعالة مما أدى إلى تقدم غير مسبوق فى علم الطب النفسى التشخيصى و العلاجى وبأعراض جانبية أقل مما كان عليه فى السابق. وتقدمت فى نفس الوقت علوم العلاج النفسى غير الدوائى بإستعمال الوسائل النفسية المدعومة بأصول وإثباتات علمية موثقة. ومنها على سبيل المثال العلاج السلوكى المعرفى الذى إنتشر بصورة واسعة وإشتهر بفعالية فى علاج العديد من إضطرابات النفس. نعم إذاً فهناك الدواء الدنيوى فلما العلاج الربانى؟
(2) فعالية القرآن فى الشفاء:
إن الله سبحانه وتعالى وعد بالشفاء أما دورنا نحن كأطباء نفسيون فيكمن في تطلعنا أن تستقر الحالة ويعود المريض إلى مستوى أدائه قبل أن يبتلى بهذا المرض لأن الاتجاهات العلمية على الأدوية تدل على أن فعاليتها لا تتعدى 80-85% في أحسن الأحوال. والمريض معرض للإنتكاسة فى أى وقت بعد توقفه عن استعمال الدواء وحتى مع إستعماله للدواء أحياناً. كما أن هناك من الأمراض مثل معظم أنواع الإدمان و حتى الآن لا يوجد لها علاج دوائي فعال على المدي الطويل.
إن من خصائص القرآن أنه في الدنيا شفاء للناس وفي القبر ونيس وجليس و في يوم القيامه شفيع لأهله.
فعن الشفاء قال الله تعالى: "ونزل من القرآن ما هو شفاء ورحمه" و لم يقل الله تعالى أنه دواء بل وصفه بالشفاء و هي ثمرة الدواء، ولم يحدد نوع الشفاء، بل جعله عاما ليشمل شفاء ، العلل النفسيه و أمراض القلوب "ألا بذكر الله تطمئن القلوب" (الرعد 28). كما أنه شفاء للأمراض الجسديه أو البدنيه الحسيه وقد ثبتت الرقيه بالقرآن الكريم في السنه النبويه فعن عائشه (رضي الله عنها) أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم)" كان ينفث على نفسه في المرض الذي مات فيه بالمعوذات فلما ثقل كنت أنفث عليه بهن و أمسح بيد نفسه بركتها".
وبخصوص الشفاعه يوم القيامه فقد تعدي نفع القرآن الدنيا إلى الآخره و أهوالها ففي الحديث" أقرؤا القرآن فإنه يأتي يوم القيامه شفيعا لأصحابه" رواه مسلم حديث رقم (804). و في الحديث أيضآ "الصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامه" يقول الصيام أي رب منعته الطعام و الشهوات بالنهارفشفعنى فيه، ويقول القرآن منعته النوم بالليل فشفعني فيه قال فيشفعان" رواه أحمد (حديث رقم 6337).
.إذاً فمن المعروف أن فعالية الأدوية فى العلاج كبيرة وعلينا أن نأخذ بالأسباب ونتداوى كما أمرنا الرسول عليه الصلاة والسلام.
ولكن يجب علينا أيضا أن نتذكر أن هذا وحده ليس بنهاية المطاف.
إذاً فما هى قصة الشفاء من العلل النفسية والبدنية فى القرآن؟.
وكيف نتدبر ونستفيد من معانى القرآن الواضحة والجلية فى هذا الشأن؟ ولنتذكر أنه لم يأت ذكر الدواء فى القرآن بل الشفاء الكامل وهو ثمرة الدواء.
(3)أهمية الجانب المعرفى (المعلوماتى) للعقيدة فى الشفاء:
إن الإيمان بالشئ يحتاج لعقيدة قوية و قد أوضح الشيخ العلامه عبدالرحمن حسن جنكه الميداني في كتابة "العقيدة الإسلاميه و أسسها" أن العقيدة القوية تحتاج إلى حواس وخيال و معرفة (معلومات).
أما الحواس من سمع وبصر وشم ومشاعر وجدانية فحدودها معروفة وكذلك الخيال فهو محدود أيضا فى قدرته على التصور بما هو متاح له من خبرة ومن حواس ولذلك جاء فى الحديث فى وصف الجنة "مالا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر".
فماذا إذاً غير الحواس وغير الخيال؟ فإن تكون الناحية المعرفية أو المعلوماتية هى المكون الرئيسى اللامحدود فى تأثيره على الناحية العقائدية للإنسان.
وقد ظهرت أهميتها منذ البداية فى الإسلام فكانت الفكرة الرئيسية فى أول آية أنزلها الله إلى محمد (صلى الله عليه وسلم) بواسطة الملك جبريل عليه السلام "إقرأ بإسم ربك الذى خلق. خلق الإنسان من علق. إقرأ وربك الأكرم الذى لم بالقلم. علم الإنسان ما لم يعلم".
والناحية المعرفية هى التى كرم الله بها الإنسان على كثير من المخلوقات الأخرى ومن خلالها إستطاع الإنسان بقدرة الله أن يكتشف العديد من الأشياء المغيبة عليه حتى أصبحت بإذن الله مشهودة والأمثله كثيرة ولا حصر لها من الفضاء الخارجى ومن أعماق البحار ومن علوم الفيزياء والكيمياء والكهرباء والموجات المغناطيسية والذرة فسبحان الله عالم الغيب والشهادة.
وأستمر نزول الوحى بالآيات التى تعرف الناس بالدين و ليكتمل نزول القرآن ليصبح هذا الكتاب بمثابة المعجزة التى بعث بها هذا الرسول( صلى الله عليه وسلم.) لقد أصبحت هذه المعجزة فى يد كل مسلم على مر العصور وإلى قيام الساعة بينما إندثرت معجزات من سبقوه من الرسل. ولذلك كانت الناحية المعرفية هى الأساس فى هذه العقيدة سواء فى محتواها(المعرفة والمعلومات) أو فى شكلها (الكتاب). فبماذا يدعونا هذا الدين؟ بالإيمان!
-1 الإيمان بالقدر: (إنَّا كلَّ شىء خلقناه بقدر) (سورة القمر آية 49):
الإيمان بوجود الله ووحدانيته هو أول أسس العقيدة فى القرآن في الأثر سئل الأعرابي كيف عرفت الله ؟ فقال" البعره تدل على البعير و الأثر يدل على المسير. سماء ذات أبراج و أرض ذات فجاج أفلا يدل ذلك على الخبير البصير"
وكذلك الإيمان بالله فكل ما يجيئ به القدرهو في حقيقة أمره خيرآ حتى وإن بدي في ظاهره شرآ.
فالله سبحانه و تعالى و هو الحكيم وأفعاله كلها حكيمه و لابد أن يكون قضاؤه و قدره صادرين عن حكمته، و الحكمه هذه تكون دائمآ في جانب الخير المطلق. وقد يلزم من فعل الأمر الحكيم الذي هو خير، لوازم تبدو في ظاهرها و بحسب تصور الناس لها أنها شرآ، و لكن عند التحقق في باطن أمرها يتبين أنها خير، و الحكم عليها بأنها شرآ هو من قصور نظر الإنسان، و وقوفه عند حدود الظواهر التى تخالف ما تمناه وما يشتهيه.
و الشر هو ما يصدر عن المخلوق عندما يخالف تعليمات الخالق ووصاياه. أما أفعال الله تعالى فهي الحقيقه و الخير المطلق. فالله وهب الإنسان الإراده الحره ليختار الخلود في النعيم عن طريق الطاعه و ليشكر فيما يحب و ليتصبر فيما يكره، و ما يكره لابد أن يكون مؤلمآ مما يراه الإنسان سوءآ أو شرآ و لكنه في واقعه نوع من أنواع الإختيار الذي لا بد منه وفق مقتضيات الحكمه لتحقيق النجاح الصحيح لمن أراده و عليه فإن عالم الإبتلاء هو الطريق الحتمى لعالم الجزاء، وكلها في الحقيقه مشموله بقاعدة الخير المطلق. و قد تكون التربيه بتحمل المتاعب المؤلمه، و بالتعرض للمآزق الحرجه و المخاوف و المشاق و أحيانآ أخري يكون التأديب بالعطاء و التحبب والثناء و لكل منها حاله ملائمه فيمن نربية. وكذلك يربي الله عباده و يؤدبهم بالمصائب تاره و بالنعم تاره أخرى.
"ولنبلونكم بالشر والخير فتنة و إلينا ترجعون"(35 سورة الأنبياء21 ) "ولنبلونكم بشئ من الخوف و الجوع و نقص من الأموال و الأنفس و الثمرات و بشر الصابرين ( 155 سورة البقره 2 )
و عندما يستشعر الإنسان هذه الحقائق تستقر نفسه و يطمئن حاله و يزول خوفه في حالتي النعمه أو المصيبه، و في الرخاء أو الشده، ولئن شعر حسه بالألم فإن شعوره الروحي و القلبي في الرضا عند الله و التسليم التام لأمره. "وعسى أن تكرهوا شيئآ وهو خيرآ لكم وعسى أن تحبوا شيئآ و هو شرآ لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون"(216 البقر 2)
و صدق رسول الله (صلى الله عليه وسلم) في رواية مسلم عن صهيب" عجبآ لأمر المؤمن! إن أمره كله خير- وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن-: إن أصابته سراء شكر فكان خيرآ له، و إن أصابته ضراء صبر فكان خيرآ له"
و قد وضحت هذه العقيده في نفس عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) فقد قال: " لا أبالي على أيها أصبح أو أمسي على ما أحب أو على ما أكره، لأنني لا أدري أيهما خيرآ لي"!!
"عن عبدالله ابن سلمه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "يا غلام إني أعلمك كلمات إحفظ الله بحفظك، إحفظ الله تجده تجاهك و إذا سألت فسأل الله و إذا أستعنت فأستعن بالله و أعلم ان ما أصابك لم يكن ليخطئك وما أخطئك لم يكن ليصيبك رفعت الأقلام وجفت الصحف".
وعن أبى هريرة رضى الله عنه قال: لما نزلت: (من يعمل سوءا يجز به )، بلغت من المسلمين مبلغا شديدا، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم :"قاربوا وسددوا، ففى كل ما يصاب به المسلم كفارة حتى النكبة ينكبها أو الشوكة يشاكها" ( رواه مسلم 1799)
وعن أبى سعيد الخدرى وأبى هريرة رضى الله عنهما أنهما سمعا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :"ما يصيب المؤمن من وصب ولا نصب، ولا سقم ولا حزن حتى الهم يُهَمُهُ إلا كُفِّرَ به من سيئاته". (رواه مسلم 1798).
وقد أمرنا بالقوة والبعد عن التخاذل والشعور بالضعف فعن أبى هريرة رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " المؤمن القوى خير وأحب ُّ إلى الله من المؤمن الضعيف، وفى كلٌّ خير، إحرص على ما ينفعك، واستعن بالله ولا تعجز، وإن أصابك شيء فلا تقل : لو أنى فعلت كذا وكذا، ولكن قل: قدر الله وما شاء فعل، فإن (لو) تفتح عمل الشيطان.".( مسلم 1839)
-2 الإيمان بالملائكه جزء من العقيده:
الملائكه هم سفراء التبليغ بين الله ورسله من البشر و لذلك جاء الحديث عنهم في القرآن والسنه مقدمآ على الإيمان بالرسل: " آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه، والمؤمنون كل آمن بالله و ملائكته، وكتبه، ورسله، لا نفرق بين أحد من رسله، و قالوا سمعنا و أطعنا غفرانك ربنا و إليك المصير" (285 البقره 2) و قال تعالى فيمن يكفر بالملائكه: " ومن يكفر بالله و ملائكته وكتبه ، ورسله، و اليوم الآخر فقد ضل ضلالا بعيدآ" (136 النساء 4 )
و من صفات الملائكه أنهم قادرون على التمثل بأمثال الأشياء و التشكل بالأشكال الجسمانيه. وقد ثبت ذلك بالقرآن الكريم و الأحاديث الصحيحه، فجبريل عليه السلام (الروح القدس) كان يأتي إلى مجلس الرسول (صلي الله عليه وسلم) على صورة إنسان مجهول كما في حديث عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) ( بينما نحن جلوس عند رسول الله ، إذ طلع علينا رجل شديد بياض الثياب، شديد سواد الشعر، لا يرى عليه أثر السفر، و لا يعرفه منا أحد) فسأل الرسول عن الإيمان و الإسلام و الإحسان وعن الساعه- وفي تعريفه (صلى الله عليه وسلم) للإيمان قال: ( أن تؤمن بالله و ملائكته و كتبه و رسله واليوم الآخر، و تؤمن بالقدر خيره وشره) قال الرجل المجهول: صدقت و أخيرآ وبعد أن أنصرف قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) لأصحابه: " أتدرون من السائل؟" قالوا: الله ورسول الله أعلم، قال فإنه جبريل أتاكم يعلمكم دينكم".. كما أتى جبريل مجلس الرسول كثيرآ على صورة أحد الصحابه (صورة دحية الكلبي) و كان رجلآ وسيما.
وذكر في القرآن تمثل الملائكة لمريم في مكانها الشرقي و لإبراهيم في ضيفه وللوط في بيته ولداوود في محرابه و بالوحي على رسول الله ( صلى الله عليه وسلم) و لا يراه جلساء الرسول، فعن أبي سلمه أن عائشه قالت: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ( يا عائشه هذا جبريل يقرئك السلام، قالت: وعليه السلام ورحمة الله ، هو يرى ما لا أري) (متفق عليه)
يتبع إن شاء الله...
|
|
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52561 العمر : 72
| موضوع: رد: العلاج المعرفى بالقرآن يدعم الكفاءة الذاتية لمريض الإدمان السبت 31 ديسمبر 2011, 9:17 pm | |
| وقد بين الرسول (صلى الله عليه وسلم) أنه غير الأنبياء- من المؤمنين الأتقياء- يمكن أن يقابلوا الملائكه في أحوال خاصه.
فقد شكا حنظله بن الربيع للنبي (صلى الله عليه وسلم) تغير حالة الإيمان التى تعتريه و هو في مجلس الرسول (صلى الله عليه و سلم) يذكرهم بالنار و الجنه، وذلك حينما أنصرف إلى أهله و ظن أن ذلك نفاقآ فقال له الرسول صلى الله عليه وسلم: ( و الذي نفسي بيده لو تدومون على ما تكونون عندي و في الذكر، لصافحتكم الملائكه على فرشكم و فى طرقاتكم، ولكن يا حنظله ساعه و ساعة ثلاث مرات). (واه مسلم).
و الملائكة قادرون على الصعود والهبوط بين السموات و الأرض "ينزل الملائكة بالروح من أمره أن انذروا أنه لا إله إلا أنا فأتقون" (2 النحل 16)
"تعرج الملائكة والروح إليه في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة" (4 المعارج 70) ومن وظائفهم تبليغ الرسالات للأنبياء"الحمدلله فاطر السموات والأرض جاعل الملائكة رسلآ أولى أجنحة مثنى وثلث و رباع يزيد في الخلق ما يشاء إن الله على كل شي قدير" (1 فاطره 35)..
و أيضآ يسخر الله الملائكه لوظائف أخرى بعضها ما يقومون بها في الناس : كنفخ الروح في الأجنه و قبض أرواحهم و مراقبة أعمال البشر و المحافظه على الناس ففي سورة الرعد يقول الله تعالى: " له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم وإذا أراد الله بقوم سوء فلا مردَّ له وما لهم من دونه من والٍ" (11) والمعقبات هم الملائكة الذين يتناوبون على حراسة الإنسان وحفظه ليلاً ونهاراً من الأشياء التي لا يمكن الاحتراز منها.
وفي الحديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه قال: " يتعاقبون منكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار، ويجمتعون في صلاة الصباح وصلاة العصر، فيصعد إليه الذين باتوا فيكم، فيسألهم -وهو أعلم بكم- كيف تركتم عبادي؟ فيقولون: أتيناهم وهم يصلون وتركناهم وهم يصلون"
الإيمان القوى بالله وبقوى الخير (مثل الملائكة) التى سخرها الله لحفظه يرفع من شعور الانسان بالكفاءة الذاتية التى منحها الله اياها فى مواجهة العقبات والعلل النفسية والعضوية.
ونقدم هذه الأطروحة الجديدة لفكرة التوازن المعرفى بين قوى الخير ممثلة فى الملآئكة والشر الممثل فى الشياطين والتى تبدو واضحة جلية فى القرآن والسنة.
ونقترح التركيز على دعم فكرة الخير الإيجابية فى نفس المريض بحيث يستشعر من خلالها الطمأنينة والأمان فى مواجهة المشاعر السلبية من الخوف والقلق والحزن والضيق والإكتئاب.
ونعتقد فى أن ذلك يركز الإنتباه بعيدا عن فكرة التاثر بقوى الشرالمتمثله فى الشيطان أو الإنصياع إليها.
ونرى أن هذا الطرح العلمى والذى يتماشى مع الأسلوب الحديث فى العلاج السلوكى المعرفى هو أيضا موجود وبشكل واضح فى آيات القرآن الكريم.
ونوصى العلماء والأطباء فى مجال الطب النفسى لمزيد من التركيز والتدبر فى هذه المعانى للقرآن الكريم فى كيفية تحقيق الشفاء للمريض بقدرة الله.
(4) التقييم العقائدى للمريض:
1. كما أن لعقيدة الإنسان دور فى الوقاية من الإضطرابات النفسية و الإدمان فكذلك قد تساهم عقيدة الإنسان أيضا فى تفاقم هذه المشاكل.
وكمثال فإن الأسرة المتدينة تضع ضوابط وحدود واضحة لتصرفات أعضائها فى جو عام من الدعم و الحب والتسامح والرحمة.
ولكن أحيانا تتصف السمات الشخصية للإنسان بدرجة كبيرة من الجمود مما يضفى طابعا سلبيا خاطئا عند الأبناء بأن ذلك الجمود والتعصب وعدم المرونة هو جزء من الدين مما ينفرهم من عقيدة آباءهم وربما يدفعهم للبحث عن بدائل مثل إستعمال المخدرات أوالإنحراف الجنسى أو الإلتفاف حول المجموعات المنحرفة من أصدقاء السوء.
ولذلك فالتقييم الدينى الحريص يحدد للمعالج مدى تأثير عقيدة المريض بالسلب أو بالإيجاب حتى يمكن إدماجها فى الخطة العلاجية.
فمن المهم أن يوضح المعالج لأسرة المريض بالإدمان مثلآ أن الأسلوب الوسطى هو المطلوب و أن الحزم يجب أن يكون فيه رفق.
وفى الحديث عن جرير رضى الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"من يحرم الرفقَ يُحرَم الخير". (رواه مسلم 1783)
وعن عائشة رضى الله عنهاعن النبى صلى الله عليه وسلم قال:" إن الرفق لا يكون فى شىء إلا زانه؛ ولا ينزع من شىء إلا شانه" (رواه مسام 1784)
وعن عائشة أيضا أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال :" يا عائشة إن الله رفيق يحب الرفق، ويعطى على الرفق مالا يعطى على العنف ، وما لا يعطى على ما سواه". (رواه مسلم 1785).
2. و قد تكون المعتقدات الدينية للمريض هى السبب فى رفضه بعض أنواع العلاج النفسي أو الأدوية او التدخلات الطبية الأخرى فيكون لتقييم المريض أهمية لتحديد ما إذا كان ذلك بسبب عقيدة المريض أم بسبب عدم رغبته فى التعاون أو مقاومته للعلاج بصفة عامة.
3. أحيانا تكون مشكلة المريض من المنظور الدينى مثل الشعور بضعف الإيمان او الشك فى وجود الله بعد التعرض لفقدان شخص مقرب إليه أو المرض أو وجود ضائقه ماليه أو لعدم القدرة على الإنجاب أو أى إبتلاء آخر.
وهذا النوع من الصراع النفسى له عواقب نفسية وخيمة.
وهذه المشاعرالسلبية القوية لا يحتمل الإنسان معاناتها لفترة طويلة مما قد تؤدى لمحاولات للتخلص منه إما بتخديرها عن طريق المخدرات فتكون بداية لحلقة مفرغة من الإدمان أو بمحاولة إيذاء النفس والإنتحار.
فى هذه الحالات يكون إهمال البعد الدينى فى علاج المشكلة خطا مهنيا فادحا.
4. المدخل الحقيقي للتقييم الدقيق وهو من خلال فهم المعالج لعقيدة المريض وطريقة رؤيته للعالم من حوله يمكن أن يتعارض مع عقيدة المريض وبالتالي يمكن أن تؤثر على طريقة فهمه لمشاكل المريض وتوجه طرقة ترجمته لمصدر تصرفاته مما قد يؤدي للاستنباطات الخاطئة وبالتاي للتقييم غير الدقيق للحالة التي هي بصدد العلاج.
ولذلك فإن عقيدة المريض تحدد كيفية مثوله للعلاج وكذلك فإن عقيدة المعالج تحدد رد فعله وطريقة تعامله مع المريض ومشاكله (الفروق الفردية).
الجانب المعرفي للتقييم:
و بما أن الجانب المعرفي لعقيدة الإنسان له تأثير بارز على تصرفاته و ردود أفعاله تجاه المواقف المختلفه فبالتالي يكون الخلل في هذا الجانب له عواقب خطيره معوقه للإنسان و تبعده عن فطرته و تؤثر سلبيآ في نظرته لنفسه و على تصرفاته مع الآخرين ومع المجتمع بصفه عامه.
فآليه تشغيل الإنسان معقده و لذلك يجب إتباع إرشادات الخالق و إلا فسدت أجهزته نتيجة سوء التشغيل و الجهل بالإستعمال الأمثل.
و لذلك نرى أن تصحيح هذا الجانب المعرفي للمريض من خلال العلاج النفسي الديني هو الأساس لتغيير السلوك والتصرفات بما يتقارب مع فطرة الإنسان وهذا الإنسجام بين السلوك و بين الفطره يقلل من التوتر والقلق والإكتئاب الناتج عن الصراع وعدم التجانس بينهما (سوء التشغيل).
فكيف إذا يكون إصلاح هذا الخلل للوصول إلى التشغيل الصحيح؟ في بادئ الامر ينبغي أولا التعرف على أبعاد المشكله ما هية هذا الخلل أو طريقه التفكير السلبي للمريض وهي إن كانت في النهايه لها نفس العواقب فهي مختلفه في مسبباتها و أسلوبها.
و كما أوردنا فإن االناحيه المعرفيه لعقيدة الإنسان هي المنظار الذي يترجم من خلاله ما يرى و من ثم يتصرف الإنسان بناء على هذه الرؤيه.
و طرق التفكير السلبي متعدده و منها كمثال و ليس على سبيل الحصر ما يلي:
(1)" الفلتره" الذهنيه:
بمعنى أن الإنسان يختار أن يصل إلى نتيجه ما بناءً على الجزء من المعلومه و لا يأخذ في الإعتبار الكل من المعرفه والمعلومات المتوفره و بذلك يكون الإستنتاج غير مكتمل وربما خاطئ كليآ.
مثلا التركيز على الشيطان و وسوسته و مدي تأثيره عليه أو سيطرته على تصرفاته غير آخذا في الإعتبارالصوره المكتمله في القرآن الذي أوضح لنا أن الإنسان هو الذي بإستطاعته أن ينجح هذه الخاصيه للشيطان إذا استسلم له.
كما أوضح الله تعالى لنا في القرآن القوي الأخرى من الغيبيات كالملائكه التي تحفظنا وتساعدنا و تستغفر لنا و تؤازرنا و تنصرنا بإذن الله و أن للإنسان أيضا قرين من الملائكه.
وإذا استعمل المريض الفلترة الذهنية للتركيز والتهويل من قدرات الشيطان واستبعد باقي المعلومات المتاحة في القرآن وفي السنة عن هذه الظاهرةفيمكن أن تذكره بأنه إذا لم يكن للعبد ثقة كافية في الله وكانت ثقته فيما يوسوس به الشيطان فهذا هو رد الشيطان في يوم الحساب في سورة إبراهيم: " وقال الشيطان لما قضي الأمر إن الله وعدكم وعد الحق ووعدتكم فأخلفتكم وما كان لي عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي فلا تلوموني ولوموا أنفسكم" (14).
وفي سورة ق " قال قرينه ربنا ما أطغيته ولكن كان في ضلال بعيد" (50)
ومن ثقتنا في الله أننا نصغي لما قاله لنا، فقد قال الله عز وجل في سورة الحجر" أن عبادي ليس لك عليهم سلطان" إلا من اتبعك من الغاوين"
والرسالة المختصرة للمريض في هذه الحالات هو أن عمل الشيطان في نفس الانسان ينحصر في الوسوسة الخفية فإذا تخاذل الإنسان واستجاب لها وانساق معهما تسلط عليه الشيطان، ولكن خلق الإنسان ضعيفا ولذلك فإنه يمكن لأي شخص أن يتعرض لذلك فما العلاج؟
" وإما ينزغنك الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه سميع عليم، إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون واخوانهم يمدونهم في الغي ثم لا يقصرون" (الأعراف آية 200)
(2) التفكير المطلق:
بمعنى أن الإنسان يُصّنف نفسه ويُقّيد تجاربه الشخصيه بطريقه فيها نوع من الجمود. أما أن تكون كلها سيئه وفاشله و لا أمل في إصلاحها أو أن تكون كلها إيجابيه و مثاليه و ناجحه ولا يستطيع رؤية الخير و الشر فى نفس الشئ أوالنجاح مع الفشل في نفس التجربه و بالتالي يفقد الثقه بنفسه و كمثال فإنه يرى أنه غير قادر على السيطره على نفسه أمام وسواس الشيطان و أنه فاقد كليته للتحكم في ذاته أمام التأثير اللانهائي للشيطان على كل مفردات إرادته كإنسان، وبالعكس فإنه يرى في المعالج بالقرآن الشخص الوحيد ذو الكفاءه و القدرة الخارقه على إبعاد هذا الشر من خلال رقيته له بدلا من أن يثق في رقيته لنفسه كما علمنا الدين.
وقد ينتاب الإنسان شعور بالعزله والإغتراب عن الآخرين و حتى عن نفسه مما يفاقم الإحساس بفقدان الثقه و كبديل يبدأ في تعزيز ثقته بالمعطيات الأخرى مثل المعالجين بالقرآن كبديل و تعويض للشعور الذاتي بفقدان الكفاءه الشخصيه.
والثقه في الشفاء يجب أن تكون أولا في الله وليس في المعالج "وإذا مرضت فهو يشفين" " وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداعي إذا دعان فليستجيبوا لي و ليؤمنوا بي لعلهم يرشدون.."
وقد جاء في الأثر " إن أعدي أعدائك يا ابن آدم نفسك التى بين جنبيك" " ومن أصبح و الدنيا همه شتت الله شمله وجعل فقره بين عينيه و من أصبح والآخرة همه لم الله شمله و جعل غناه في قلبه" وحديث " من جعل الهموم همآ واحدآ هو رضا الله كفاه الله هم الدنيا و الآخره"
الدفاعات النفسيه والإدمان:
الدفاعات النفسيه هي وسائل نفسيه عفويه للتصرفات و الغرض منها حماية النفس من الأخطار المحدقه به سواء كانت هذه الأخطار هي مشاعر داخليه مثل الغضب والشهوات و السلبيه و الضعف أو أخطار خارجيه مثل الكوارث أوالفناء و الغرض من الدفاعات النفسيه هو التعامل مع مشاعر القلق و التوتر الناتجه عن الإحساس بالأخطار هذه.
و هناك دفاعات نفسيه صحيه تؤدي الغرض منها في التحكم في مشاعر القلق و التوتر كما أن هناك أيضا دفاعات مرضيه يستخدمها الإنسان و تقلل من القلق و التوتر لكنها لا تنجح كليا في التعامل معه و أحتواءه بل و تؤدي إلى مشاكل أخري مثل الإدمان .
و كمثال للدفاعات النفسيه الصحيه:
1. الإستبدالات بمعني عمل شيئ إيجابي عند الإحساس بالتوتر و القلق و التعامل الفعال لإيجاد بدائل عمليه.
2. الدعابه أو الفكاهه في التعبير عن المشاعر.
3. الإيثار: مساعدة الآخرين أو القيام بعمل بناء و مفيد للمجتمع.
و هناك أيضا العديد من التصنيفات للدفاعات النفسيه المرضيه ليس هناك مجال لذكرها كلها و لكن و كمثال للدفاعات النفسيه المرضيه و التى يستخدمها المدمن بكثره:
1. الإنكار
2. إتهام الشخص بصفات الشخص المدمن ذاته
3. التبرير للتصرفات
(5) أهميه دعم الكفاءه الشخصيه للمريض و الاحساس بالإنتماء:
وينبع القنوط واليأس من عدم الثقه بالنفس الناتج من عدم الثقه بالله و الثقه الغير واقعيه في البدائل مثل قوة تأثير المخدرات والمسكرات أو قوة أصدقاء السوء أو قوة الشيطان و مدي فعاليه تأثيره على إرادة الإنسان و التحكم في تصرفاته.
ولذلك فمن المهم دعم ثقة المريض في الله ثم في نفسه من خلال التفكير في مدي ثقة الله به و تمكينه له في الأرض وإختياره للخلافة فيها و تسخير الكثير من المخلوقات لخدمته و من المهم أيضا التركيز في التعامل مع مشاعر القلق والتوتر و إستعمال مختلف أساليب الإسترخاء لتحقيق التوازن النفسي الذي يدعم إحساس المريض بالكفاءه الشخصيه ويبعد عنه التوتر والخوف الناتج عن الإحساس بالتعريه و الفناء.
و يجب وضع هذه المخاوف في الإطار المعرفي الصحي المنطقي.
و حسب النظريه المعرفيه للإدمان فإن الطريقه ذاتها التى يستخدمها الإنسان ليترجم بها المواقف هي التى لها الأثر الأكبر في تحريك المشاعر والدافعيه و التصرفات اللاحقه.
وطريقة الترجمه هذه تنطلق من عقيدة الإنسان و في هذا الموضوع نود أن نذكر إعتقادين هامين:
1. الإعتقاد الأول مرتبط بحب البقاء و الخوف من الفناء و هذا الشعور متأصل في الإنسان منذ خلقه و لذلك فأي موقف أو إشاره تدل على عدم الإستمراريه أو توحي بفنائه يُحرك مشاعر إنسانيه طبيعيه من القلق والتوتر والخوف.
و قد أودت هذه المشاعر التى حركها ابليس في نفس آدم عليه السلام و زوجه بمعيشتها في الجنه و نزولهما إلى الأرض أما التعامل الصحيح مع هذه المشاعر يكون بالرضا بالواقع و بقضاء الله والاستسلام الكامل لله و لعبوديته لان الخلد النهائي للإنسان يكون بإمتثاله لأوامر الله. ويكون الشعور بالكفاءه الشخصيه والعزه للإنسان من خلال عبوديته الكامله لله.فهذه هي إرشادات الخالق و لا يصلح التشغيل على خلاف هذه الارشادات و هذا من كمال الإيمان.
2. الإعتقاد الثاني المتأصل في النفس البشريه هو حب الإرتباط بالجماعه وحرصه على تقبل الآخرين و دعمهم له.
فالإنسان مخلوق إجتماعي خلق من ذكر و أنثى و قبائل و أمم للتعارف والتعامل مع الآخرين، و لذلك فإن أي إعتقاد خاطئ بعدم تقبل الآخرين له بصوره متكامله يحرك في نفسه مشاعر قويه من الإحساس بالنقص و الضعف و عدم الكفاءه الذاتيه في مواجهة المصاعب و المستقبل.
و تتصف مشاعر المريض بالإدمان بحساسيه زائده في التعامل مع المشاعر السلبيه الناتجه من هذين الإعتقادين فالإعتقاد الأول بقرب الفناء نتيجة القلق والخوف سرعان ما يحرك فيه عند المواقف الصعبه مشاعر الإحباط و التشاؤم و ربما اليأس مما يدفعه إلى الإشتياق للتعاطي آملآ في تخدير هذه المشاعر السلبيه.
و الإعتقاد الثاني بعدم قبول الآخرين له يحرك فيه الإحساس بعدم الكمال و النقص مما يهيأ له الشعور بعدم رغبة الآخرين فيه و بالتالي يكون الإشتياق للتعاطي حتى يشعر بالإنتماء و لذلك يجب دعم إحساس المريض بتكريم الله و حبه له و بتجنيده عزوجل لقوي الخير مثل الملائكه لحفظه و لحمايته و لنصرته في صراعه مع قوي الشر.
و هنا يجب التأكيد على اهمية مجموعات الدعم الذاتي في توجيه المتعافين التائبين من الإعتماد على المخدرات إلى الإعتماد على الله ثم على هذه المجموعات العلاجيه لدعم ثقة المريض في تحكمه في المشكله و الوقايه من الإنتكاسه على المدي البعيد.
و هناك في قصة خلق آدم و خروجه من الجنه آيات عظيمه تعلمنا جانب عميق لطبيعة النفس البشريه والمشاعر ذات التأثير الجذري في التصرفات و السلوك.
و هناك مواقع كثيره في القرآن تذكر هذه القصه و لنأخذ كمثال سورة الأعراف بدأ من الآيه رقم (10) " و لقد مكناكم في الأرض و جعلنا لكم فيها معايش قليلاً ما تشكرون" (10)
تظهر ثقة الله في الإنسان و تكريمه له بوضوح فهل يٌمّكن إلا الشخص الموثوق به والذي تتوسم فيه الكفاءه و المقدره؟
و لذلك فعلى الإنسان أن يثق أيضا في قدراته التي منحه الله إياها و أن يعمل على تنمية هذا الإحساس بالكفاءه الشخصيه عند مريض الادمان لأنه من أهم عوامل النجاح في التغلب على مشكلة إحساس المريض الزائف بعدم القدره على المقاومه ( الناتجه من عدم وجود إحساس كافي بالكفاءه الشخصيه ) مما يحسن من شعوره بالكفاءه و القدره على الإنتصار و الفوز في الصراع مع قوة الشر ممثله في الإدمان.
" و لقد خلقناكم ثم صورنكم ثم قلنا للملائكه إسجدوا لآدم فسجدوأ إلا إبليس لم يكن من السجدين"(11)
و في هذه الآيه تأكيد مره أخري على تكريم بني آدم بصوره رمزيه عن طريق سجود الملائكه بعد خلقه في الجنه و إعراض إبليس عن ذلك كإنطلاقه لقوي الشر التي بدأت من تلك النقطه في التأثير على الإنسان بصورة أزليه، و حركت في داخله الإمكانيات و القدرات النفسيه المتميزه له من دون باقي الكائنات و بدأ يستخدمها من تلك النقطه في حل صراعاته بين مشاعر الخير و الشر و بين الطاعه و العصيان و بين التكبر و العزه من خلال الخضوع في العبوديه لله فالمواقف الصعبه والصراعات هي التى تحرك الإمكانيات و تحمس الدافعيه للتجربه بالذات عند الإحساس بالتهديد و بالذات الشعور بالتهديد بالفناء.
و هناك كثير من التأثيرات السلبيه لأصدقاء السوء ووسواس هؤلاء من الناس يضاهي وسواس ابليس.
والشعور بالتهديد بالفناء و بتعرض الإنسان لإمكانية التغيير و ما يرتبط بها من مسؤليات أو من إحتمالية فقدان السيطره على الأمور أحيانا هي المدخل الرئيسي للشيطان في تحريك مشاعر القلق و التوتر الكامنه في النفس الإنسانيه ومن الحرص على الإستمراريه و الخوف من الفناء.
"فوسوس لهما الشيطان ليبدي لهما ما وري عنهما من سواءتهما وقال ما نهاكما عن هذه الشجره إلا أن تكونا ملكين أو تكونا من الخالدين (20) و قاسمهما إنى لكما من الناصحين(21)"
و لكن كل شيئ حول آدم وزوجه في الجنه لا يعطي أي مؤشر يدل على الفناء أو يؤدي إلى التوتر والقلق فالله تعالى يدعمه عند الملائكه و يسخر له الكثيرمن الكائنات لخدمته و يجعل لهما فيها معايش فلا مجال إذآ للتوتر و الخوف و القلق و لكن الخوف من الغيب الغير معلوم يفقد الانسان صوابه و يؤدي إلى تصرفات دفاعيه تجر له مشاكل أكثر تعقيدآ بينما الخضوع لأمر الله و اليقين من رحمة الله بنا و حفظه لنا بالوسائل المختلفه و منها تسخير بعض الملائكه لحفظنا من الأذي و للدعاء لنا هو في الآيه العظيمه "وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعاني" معني قرب الله لنا و بدون وساطه و في أي وقت.
فليتق المريض في الله ثم في نفسه ثم في العلاج الذي هو سبب في الشفاء" و إذا مرضت فهو يشفين" فالشفاء أولآ و أخيرآ ليس فقط في المعالج ذاته
يتبع إن شاء الله |
|
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52561 العمر : 72
| موضوع: رد: العلاج المعرفى بالقرآن يدعم الكفاءة الذاتية لمريض الإدمان السبت 31 ديسمبر 2011, 9:31 pm | |
| التفاعل بين المشاعر والعقل:
التركيزعلى أهمية الوضع الراهن الطارئ و على المشاعر الحاليه يقلل من إحتمالية التفكير الجدي المتأني فى العواقب على المدي البعيد.
فذاكرة الإنسان محدودة بالرغم من قوتها وحتى إسمه (إنسان) مشتقا من النسيان.
و كمثال فإن الإنسان عند الجوع يكون أكثر حساسيه في التركيز على المؤشرات المرتبطه بالطعام و أقل تركيزآ على المؤشرات الأخري فإذا تعرض للخطر فإنه يركز على هذا المؤشر الجديد الأكثر تهديدآ لبقاؤه وعندئذ لا يأبه بالطعام أو الشعور بالجوع..
و أيضآ الحاله النفسيه التى يكون عليها الإنسان فهي التي تحدد نوعية و سرعة إستدعاء الماده المعرفية المخزنه داخله فإذا كان سعيدآ كان أسهل عليه التفاؤل و تذكر الإيجابيات أما إن كان خائفآ و قلقآ متوترآ عندئذ يصعب عليه التفاؤل و يسهل تذكر السلبيات و الإحتمالات الكارثيه المرتبطه بالمصائب و مدي خطورة الموقف الحالي وأهوال العواقب المستقبليه و ربما يكون الأمر كله من صنع خياله و لكنه و مع العجله التى هي من الطبيعه البشريه يبدأ في رد فعل إستباقي لتفادي هذه المخاطر مما يبدأ سلسله مفرغه من المشاكل التى هى في الأصل من صنع تفكيره.
و بذلك يحاصر الإنسان نفسه و أمكانياته على الحل فلا يستعمل حواسه بصوره طبيعيه فمهما قلت له فلا يأبه بها بالدرجه الكافيه لأن عواطفه و مشاعره أثرت على عقلانية قراره.
وفى قول الله تعالى "فذكر إن الذكرى تنفع المؤمنين" فهما عميقا للمخلوق من خالقه ونصيحة وإرشادا ومنهجا أساسيا لنا كبشر.
ونحن أطباء العصر الحديث نتبع مناهج علمية محددة لممارسة المهنة فى مختلف التخصصات حتى نزيد من فرص نجاح العلاج.
أفلم يحن الوقت بعد لنا أن نتبع أيضا منهج الخالق فى علاج مرضانا "وهذا صراطى مستقيما"
وفى تنوع أسماء القرآن ودلالاتها محفزا لنا كمعالجين على التفكير فى هذا المنهج الربانى والبدء فى إستخدامه.
وقد ورد منها :
1- الكتاب: فى قوله تعالى "الم ذلك الكتاب لا ريب فيه هدي للمتقين" . (البقره 201)، و معناه الجامع و الضام.
2- الفرقان: لأنه فرق بين الحق والباطل و الخير و الشر قال تعالى "تبارك الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرا" (الفرقان1).
3- النور: بمعنى أن القرآن يوضح الحقائق ببيانه وبرهانه الساطع . قال تعالى" يأيها الناس قد جاءكم برهان من ربكم و أنزلنا إليكم نورا مبينآ" (النساء 874).
4- الذكر: لإشتماله على العبر والمواعظ قال تعالى" إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون" (الحج:9)
(6) الواقع:
لقد تأثر الطب النفسى الحديث بنظريات العالم الشهير سجموند فرويد الذى تغلغلت أفكاره عن التحليل النفسى بدرجة كبيرة وعلى نطاق واسع منذ القرن التاسع عشر وطوال القرن العشرين.
ولكن للأسف كانت عقيدة فرويد معادية للأديان وقد أعلن ذلك عدة مرات خلال كتاباته. وقد كانت هناك أسباب عدة لإلحاد فرويد.
نشأ هذا العالم فى وسط أوروبا فى عصر إنتشر فيه توجه عام معادى لتسلط الكنيسة الكاثوليكية آنذاك حيث أعلن كثير من العلماء الأوروبيين فى ذلك العصرإنكارهم للدين وأعتبروه مخالفا للقواعد العلمية الأساسية فى البحث العلمى.
وقد تتلمذ فرويد على يد هؤلاء وتأثر بكتاباتهم مثل الفيلسوف الألمانى لودويج فورباخ والذى كانت كتاباته هى أساس عقيدة ماركس الشيوعيه الملحدة وأيضا عقيدة فرويد.
لقد عانى فرويد من صراع داخلى مع نفسه فى تقبل فكرة الإله مع وجود كل هذه المعاناة الإنسانية من حوله.
لقد عانى فرويد شخصيا من شعوره السلبى تجاه والده اليهودى الديانة الذى كان ينظر له فرويد كإنسان ضعيف غير قادر على رد الإهانات الموجهة له من المجتمع الأوروبى المعادى للسامية .
وكذلك بالنسبة لضائقته المالية التى جعلته غير قادرا على إعالة سبعة أطفال و التكفل بنفقات دراسة فرويد الطبية , كذلك فإن تجارب فرويد مع المرض ومعاناته من سرطان الحلق نتيجة تدخينه للغليون وخضوعه للعديد من الجراحات رسخت أفكاره الإلحادية.
فقد كتب انه من الصعب عليه فكرة وجود قوة عادلة تسهر على حفظ الإنسان وحمايته ورعايته.
وكان برهانه على ذلك أن الكوارث الطبيعية من فيضانات وزلازل وتسونامى تهلك الجميع فى طريقها ولا تميز بين الصالح والطالح على حد قوله.
ولذلك لم يرى فى ذلك عدالة الإله أو الحب للإنسانية أو نظام الثواب والعقاب الذى تسوق له الديانات على حد قوله.
ولذلك إختار فرويد اللا ديانه وأعلن أن عقيدته علميه وفسرها بمعنى استبعاد كل النواحي المعلوماتيه الأخرى في الكون بخلاف الملاحظات المحدودة والتي يعتني بدراستها البحث العلمي.
ويتضح من ذلك الأسباب الحقيقية لإهمال الطب النفسي الحديث للديانة في التقييم والعلاج للمريض.
كما يتضح منبع هذا التفكير الإلحادي من عدم القدرة على تفهم فكرة القضاء والقدر وفكرة الابتلاء وفكرة معاناة الإنسان لهدف فيه مصلحة وفائدة له ونابع من حكمة الخالق الرحيم بعبادته والذي لا ينبع قضائه إلا من منطلق الرحمة والحب ولا يكون قدره إلا بدافع حكمه هدفها المصلحة النهائية للإنسان.
وهذه عقيدة المسلم التي تحد من مشاعر السلبية وتحولها إلى مشاعر رضا وإستسلام لعبودية الخالق ولقدره الذي هو بالضرورة ناتج عن حكمته فلا يكون الغرض منه في النهاية إلا خيراً للإنسان.
و بالرغم من أهمية الناحيه الدينيه في الحياه اليوميه للإنسان العادي فنجد أن هذه الناحيه مهمله بصوره كبيره في الممارسات الطبيه.
يستغرب العديد من علماء الصحه العالميين مثل لوكوف ولو وترز (1992) من هذه الظاهره الغريبه فالعديد من كليات الطب تهمل تدريس هذه الجوانب الدينيه الهامه و لا تحتويها مقرراتهم سواء في المرحله الجامعيه أو في الدراسات التخصصيه العليا.
و يؤكد العلماء مثل سانسن و كاتيه و رودنهوزر (1990) أن لذلك تأثير سلبي خطير على المريض و قد فسروه بسببين رئيسيين:
السبب الأول في هذا التجاهل يرجع إلي ان قواعد و آداب المهنه في العصر الحديث تؤكد على الرعايه للمريض بغض النظر عن معتقداتهم الدينيه (سواء للطبيب أو للمريض) و السبب الثاني هو التقدم المضطرد في التقنيات الطبيه و التكنولوجيا المتطوره في التعليم الطبي و الممارسات الطبيه، و بالتالي أدي هذا الإهمال للجوانب الدينيه و الروحيه من قبل التعليم الطبي إلى ضعف المهارات و المعلومات الإجتماعيه والنفسيه و الروحيه مما أدي إلى محاوله للتعويض عن طريق طرح نموذج جديد يسمي النموذج (البيوسيكو سوشيال) البيولوجي النفسي الإجتماعي.
هذا النموذج وجد تجاوبآ بالذات من تخصصات الطب النفسي وطب الأسره و المجتمع ولكنه لم يملئ الفراغ الديني في التعليم و الممارسه و قد أقترح علماء مثل هيات (1986) وكون (1988) التوسع في هذا النموذج ليحتوي أيضا على الجانب الروحي فيصبح النموذج بيولوجي نفسي إجتماعي وروحي و لكن للأسف لا يوجد دليل علمي على أن هذه الإضافه أدت "إلى تغيير يذكر في التعليم أو في الممارسه الطبيه فما زال هناك عدم إهتمام و مقاومه لهذا الجانب الروحي الهام لتكامل علاج المريض.
(7) ممارسة مهنة الطب و العلاج الديني:
لقد اهتمت كل نظم ممارسة الطب بقاعدة هامه الا و هي أن الطبيب يجب أن يعمل الخير للمريض و ليس الأذي، ولكن كيف يكون ذلك إذا كان الطبيب لا يملك فهمآ واضحآ لمعتقدات المريض و طريقة فهمه للحياه و طريقة تفسيره لمجريات الأمور و مسبباتها و بالطبع تكون النتيجه هي قصور من الطبيب و أذي للمريض.
ويكون البلاء أكبر على المريض إذا كان الطبيب يفهم المعتقدات الدينيه للمريض و إحتياجاته من الناحيه الروحيه و لكنه يتجاهلها لأنه إما لا يؤمن بها أو لا يعترف بأهميتها كجزء من العلاج.
ولقد إنتبهت المنظمات الدوليه الطبيه و المؤسسات المهنيه لهذه المشكله و حاولوا تفادي هذا الأذي الذي يلحق بالمريض، و كمثال وضع الإتحاد الأمريكي للطب النفسي (1990) بعض الأسس لممارسة المهنه في هذا الشأن و منها أنه يجب:
1. إحترام عقيدة المريض.
2. تقييم الناحيه الدينيه و العقائديه للمريض حتى يمكن الاهتمام بها خلال فترة العلاج.
3. في حالة وجود إختلاف أو تباين في المعتقدات فيجب التعامل مع الأمور بشكل فيه حساسيه و عنايه لإهتمامات المريض و إحتياجاته.
4. عدم الإكراه في الدين و عدم فرض الأفكار اللادينيه أيضا على المريض خلال فترة العلاج.
(8) علاقة المعالج بالمريض وقواعد العلاج:
تعد العلاقة الايجابية بين المعالج والمريض من أبرز مقومات النجاح في العلاج وبالطبع فإن هناك صعوبات جمة يواجهها المعالجين مع مريض الإدمان.
والنقاط التالية تقوي من فعالية المعالج في التغلب على هذه الصعوبات لتفعيل الجو العلاجي الناجح مما يساهم في استمرارية المريض والحفاظ على دافعيته للتعافي:
1- البعد عن القسوة:
فالنار لا تطفئها نار مثلها بل يطفئها النقيض وكذلك فإن عنف المريض وإنفعالاته القوية تجاه الآخرين بما فيهم المعالج لا يطفئها المثل.
وفي مثل هذه المواقف يجب على المعاج أن يكون حازماً وواثقا من نفسه ومن قراره وأن يبرز هذه الرؤية في اطار فيه إحترام لإنسانية المريض وحرص على مصلحته وبدون قسوة.
"إدع إلى سبيل ربك بالحكمه و الموعظه الحسنه وجادلهم بالتي هي أحسن" (سورة النحل آية 125)
و كل هذه الأمور بديهيه و لكنها تحتاج إلى وعي و تدريب للمعالجين، بمعني أن الطبيب الذي يفتقد إلى الناحيه المعلوماتيه في أهميه العلاج الروحي و المهاره اللازمه لكيفية ممارسته يكون في وضع لا يسمح له بتأدية رسالته ومن ثم فإنه يجب تنظيم دورات تدريبيه توعويه للأطباء في شأن كيفية تقييم الناحيه العقائديه للمريض.
2- الصراحة والوضوح :
يجب أن يتعامل المعالج مع المريض بشجاعة ووضوح ولا يجب للمعالج إختيار اسلوب أسهل الطرق للمقاومة ضاربا بقواعد العلاج وأسس الممارسة العلاجية عرض الحائط لتجنب المواقف الصعبة في التعامل مع المريض فلا يصح ارضاء المريض على حساب تجنب المشاعر السلبية عند المعالج.
3- التركيز على الهدف الأساسي والنتيجة المنشودة:
كثيرا ما يختلف المريض مع المعالج على طبيعة المرض أو مدى حدته أو المشاكل المترتبة عليه أو على الطريقة المناسبة للعلاج.
ولكن من المهم أن يكون هناك تفاهم مشترك بين الاثنين على توضيح الأسباب الداعيه للتغيير و التوقف عن التعاطي للمخدرات والمسكرات، مثلآ تحسين الصحه أو إنقاذ الزواج والأسره من الإنهيار أو إدخار المال و توفيره للإنفاق على دراسة الأبناء أو زواجهم و يكون الهدف أكثروضوحاً وفاعلية إذا ارتبط بالناحية الروحية التي يحددها المريض.
ومثلا فقد كان هدف أحد المرضى هو بلوغ"رضوان الله" وبذلك يكون للعلاج فعالية اكبر إذا أصغينا لتعبيرات المريض عن الهدف النهائي الذي يدفعه للتعافي
4- التركيز على ايجابيات المريض:
وقد يكون من الصعب على المعالج رؤية الجوانب الايجابية في خضم المشاكل والسلبيات الجمة في تصرفات المريض ولكن ينبغي على المعالج البعد عن الصراعات والتركيز على إيجابياته وتشجيع المريض وبث الأمل والثقة للتعافي.
5- التركيز على الوقاية من الانتكاسة:
وذلك من خلال تدريب المريض ليصبح معالجاً لنفسه مستقبلاً وكذلك التركيز على مهارة حل المشكلات وعلى أهمية البعد عن السلبيات من مشاعر وأماكن وأشخاص.
والمبادررة بطلب المساعدة عند استشعار الإنتكاسة.
و يكون لمجموعات الدعم الذاتي دورآ مفيدآ و فعالآ في هذا الدور الوقائي للإنتكاسه على المدى الطويل حيث يساعد المرضى التائبين بعضهم لبعض بالتذكير و الدعم المعنوي و توفير جو عام من التآخي.
6- الرحمة والتواضع والبعد عن التكبر:
حتى يشعر المريض بالألفة والثقة في أن المعالج يود له الخير ويكون المعالج بتصرفاته هذه مثالاً للمريض في البعد عن التكبر والغطرسة، فحتى مواجهة المريض يكون فيها نوع من التواضع والحب في الله.
"ولله يسجد ما في السموات والأرض من دابة والملاءكة وهم لا يستكبرون" (النحل 49).
ويجب التأكيد على أن يكون هذا الحب في إطار الحدود المهنية الواضحة للمريض وللمعالج لأن تخطي هذه الحدود وإن بدى في شكله من منطلق الوازع الديني فنهايته الحتمية تكون كارثية وسلبية على تعافي المريض.
7- الإهتمام بالأنشطه البديله:
ينبغي لمريض الإدمان ممارسة عدد من الأنشطه التى تستحوذ على إهتمامه و تسهل له ممارستها لانه إذا ظل المريض وحيدآ بلا أصدقاء أو إهتمامات أو عمل قسيصعب عليه التفاؤل و الإبتهاج.
و ربما تكون هذه الأنشطه عباره عن المشئ فقط عدة مرات أسبوعيآ أو زيارة الأقربين و تفعيل إمكانيات الإنسان تكون في ديناميكيته و حركته و نشاطه البدني و الذهني والروحي فهكذا إرادة الخالق و لا يصح تشغيله لإمكانياته هذه الا بتلك الديناميكيه و نرى أمثله كثيره في القرآن لتلك تحث على العمل حتى أن مريم أمرت بأن تهز النخله ليسقط منها الرطب و قد كان يمكن لله عزوجل أن يسقط هذا الرطب لها و بدون أي مجهود منها بعد ولادة المسيح عليه السلام مباشره.
(8) الملخص:
تعد تنمية الجانب الديني والروحي للمريض من العوامل الرئيسية المساعدة للتعافي والعلاج من الأمراض النفسية عامة ومرض الإدمان بصورة خاصة.
و قد تزايد إهتمام الهيئات الطبيه المهنيه بهذا الجانب في تقييم و علاج المريض.
وأنه من عقيدة المريض المسلم أن الشفاء هو من الله وأن الانسان يجب أن يأخذ بالأسباب فيطلب العلاج ويتداوى ثم يثق في الله بأن يعجل له الشفاء.
أن تقوية الجانب المعرفي لعقيدة المسلم يكون له أثرآ إيجابيآ في ثقة المريض بنفسه وبإمكانية التغلب على المصاعب بقدرة الله.
و يجب على المعالج أولآ أن يتفهم طبيعة تفكير المريض و الدفاعات النفسيه المختلفه التي يستخدمها في التعامل مع المشكله مثل الإنكار أو تبرير التصرفات أو اتهام الآخرين، و ثانيآ يجب على المعالج التركيز على دعم الشعور عند المريض بالكفاءه الشخصيه و هو من أسس العلاج الناجح ويكون ذلك بتعديل الاعتقادات النفسيه المعرفيه الخاطئه الناتجه عن الخوف الزائد من الفناء أو الشعور بعدم تقبل الآخرين و المجتمع و نبذهم له.
و هناك فائده كبيرة لإرتباط مريض الإدمان التائب بمجموعات الدعم الذاتي التى قد تساعد المريض على الوقايه من الإنتكاسه و بالذات اذا استعمل فيها المنهج الروحي من منطلق إسلامي، و أعتقد أن عدم إهتمام الطب النفسي في السابق بتقييم الجانب الروحي الديني للمريض هو من أسباب لجوء بعض المرضى و ذويهم إلى الممارسات الخاطئه و التى قد تصل إلى حد الشعوذه في محاولات يائسه لإيجاد تفسير لمعاناتهم بصوره مفهومه لهم ومن منطلق معتقداتهم.
وذلك مما يعرض الكثير منهم للأذي نتيجة تفاقم أعراض المرض أو الوقوع في شراك الدجالين و إستغلالهم من قبل هذه الفئه.
أما علاقة المريض بالمعالج المهني كالطبيب فيخضع لقواعد و أصول واضحه و حازمه مما لا يوجد له مرادف في علاقة المريض مع غير المهنيين.
و أخيرآ فإن الأطباء و المعالجين المهنيين يجب أن يخضعوا لدورات تدريبيه من التعليم المستمر للتدريب على أسس تفهم و تقييم هذا الجانب الهام للإنسان ألا و هو الناحيه الروحيه/ الدينيه/العقائديه.
ألم يحن الوقت لتفعيل الممارسات الطبيه العلميه الصحيحه في علاج مرضانا ?.
شكر و عرفان:
و أود أن أشكر زملائي وأخص بالذكر الأستاذ الدكتور عمر الرفاعي على آرائه القيمه و أشكر طلبتي و بالذات الأستاذ عبدالله الرحومي على قرائته و مراجعته للنص و أفكارهالقيمه.
وشكرآ جزيلآ للأستاذه عائشه الشامسي على مجهودها المضني في الطباعه والمراجعه والتنقيح.
وفى النهاية أود أن أشكر المنظمين لهذا المؤتمرالفريد والقائمين عليه من أولى الأمر وأدعو لهم بدوام التوفيق والسداد ولنتذكر حديث الرسول عليه الصلاة والسلام عن جرير بن عبد الله رضى الله عنه " من سنَّ فى الإسلام سنة حسنةً ، فعُمِلَ بها بعدَه كتب له مثل أجر من عمل بها ولا ينقص من أجورهم شىء." ( مسلم 1859)
الخاتمه:
" اللهم إرزقني حبك وحب من يحبك و حب كل عمل يقربني إلى حبك.
اللهم باعد بيني و بين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب ، اللهم نقني من الذنوب والخطايا كما ينقي الثوب الأبيض من الدنس و أغسلني بالماء و الثلج و البرد. و آخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمبن". |
|