منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers

(إسلامي.. ثقافي.. اجتماعي.. إعلامي.. علمي.. تاريخي.. دعوي.. تربوي.. طبي.. رياضي.. أدبي..)
 
الرئيسيةالأحداثأحدث الصورالتسجيل
(جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي المنتدى)
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه)

(فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

IZHAR UL-HAQ

(Truth Revealed) By: Rahmatullah Kairanvi
قال الفيلسوف توماس كارليل في كتابه الأبطال عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لقد أصبح من أكبر العار على أي فرد مُتمدين من أبناء هذا العصر؛ أن يُصْغِي إلى ما يظن من أنَّ دِينَ الإسلام كَذِبٌ، وأنَّ مُحَمَّداً -صلى الله عليه وسلم- خَدَّاعٌ مُزُوِّرٌ، وآنَ لنا أنْ نُحارب ما يُشَاعُ من مثل هذه الأقوال السَّخيفة المُخْجِلَةِ؛ فإنَّ الرِّسَالة التي أدَّاهَا ذلك الرَّسُولُ ما زالت السِّراج المُنير مُدَّةَ اثني عشر قرناً، لنحو مائتي مليون من الناس أمثالنا، خلقهم اللهُ الذي خلقنا، (وقت كتابة الفيلسوف توماس كارليل لهذا الكتاب)، إقرأ بقية كتاب الفيلسوف توماس كارليل عن سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-، على هذا الرابط: محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم-.

يقول المستشرق الإسباني جان ليك في كتاب (العرب): "لا يمكن أن توصف حياة محمد بأحسن مما وصفها الله بقوله: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِين) فكان محمدٌ رحمة حقيقية، وإني أصلي عليه بلهفة وشوق".
فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ على سائر البُلدان، كما فَضَّلَ بعض الناس على بعض والأيام والليالي بعضها على بعض، والفضلُ على ضربين: في دِينٍ أو دُنْيَا، أو فيهما جميعاً، وقد فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ وشَهِدَ لها في كتابهِ بالكَرَمِ وعِظَم المَنزلة وذَكَرَهَا باسمها وخَصَّهَا دُونَ غيرها، وكَرَّرَ ذِكْرَهَا، وأبَانَ فضلها في آياتٍ تُتْلَى من القرآن العظيم.
المهندس حسن فتحي فيلسوف العمارة ومهندس الفقراء: هو معماري مصري بارز، من مواليد مدينة الأسكندرية، وتخرَّجَ من المُهندس خانة بجامعة فؤاد الأول، اشْتُهِرَ بطرازهِ المعماري الفريد الذي استمَدَّ مَصَادِرَهُ مِنَ العِمَارَةِ الريفية النوبية المَبنية بالطوب اللبن، ومن البيوت والقصور بالقاهرة القديمة في العصرين المملوكي والعُثماني.
رُبَّ ضَارَّةٍ نَافِعَةٍ.. فوائدُ فيروس كورونا غير المتوقعة للبشرية أنَّه لم يكن يَخطرُ على بال أحَدِنَا منذ أن ظهر وباء فيروس كورونا المُستجد، أنْ يكونَ لهذه الجائحة فوائدُ وإيجابيات ملموسة أفادَت كوكب الأرض.. فكيف حدث ذلك؟!...
تخليص الإبريز في تلخيص باريز: هو الكتاب الذي ألّفَهُ الشيخ "رفاعة رافع الطهطاوي" رائد التنوير في العصر الحديث كما يُلَقَّب، ويُمَثِّلُ هذا الكتاب علامة بارزة من علامات التاريخ الثقافي المصري والعربي الحديث.
الشيخ علي الجرجاوي (رحمه الله) قَامَ برحلةٍ إلى اليابان العام 1906م لحُضُورِ مؤتمر الأديان بطوكيو، الذي دعا إليه الإمبراطور الياباني عُلَمَاءَ الأديان لعرض عقائد دينهم على الشعب الياباني، وقد أنفق على رحلته الشَّاقَّةِ من مَالِهِ الخاص، وكان رُكُوبُ البحر وسيلته؛ مِمَّا أتَاحَ لَهُ مُشَاهَدَةَ العَدِيدِ مِنَ المُدُنِ السَّاحِلِيَّةِ في أنحاء العالم، ويُعَدُّ أوَّلَ دَاعِيَةٍ للإسلام في بلاد اليابان في العصر الحديث.

أحْـلامٌ مِـنْ أبِـي (باراك أوباما) ***

 

 العلاج بالقرآن الكريم ضوابط ومحاذير

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52861
العمر : 72

العلاج بالقرآن الكريم ضوابط ومحاذير Empty
مُساهمةموضوع: العلاج بالقرآن الكريم ضوابط ومحاذير   العلاج بالقرآن الكريم ضوابط ومحاذير Emptyالإثنين 21 مارس 2011, 7:51 am

العلاج بالقرآن الكريم

ضوابط ومحاذير

كتبه: أبوعبدالرحمن

محمود بن محمد الملاح

غفر الله له ولوالديه ولذريته وللمسلمين


بسم الله الرحمن الرحيم

مقدمة

الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.


أمَّا بعد:

فهذه أوراق تتعلق بموضوع هام ألا وهو العلاج بالقرآن الكريم وما يتعلق به من أحكام وآداب وما وقع فيه من مخالفات وبدع أخذتها من كتابي فتح الرحمن في بيان هجر القرآن بالاشتراك مع الشيخ الفاضل/ محمد بن فتحي آل عبد العزيز -حفظه الله- أحببت أن أفردها بالذكر لأهميتها ورجاء الاستفادة منها.


وهي على النحو التالي:

الفصل الأول: المرض

وفيه سبعة مباحث

أولاً: تعريف المرض.

ثانياً: أنواع المرض.

ثالثاً: ماذا يعني المرض عند المسلم؟

رابعاً: الأمر بالتداوي وحكمه.

خامساً: الدعاء من أنفع الأدوية.

سادساً: القرآن علاج وشفاء.

سابعاً: أحاديث ضعيفة في التداوي للتحذير منها.


الفصل الثاني

الصـــرع:

وفيه خمسة مباحث:

1- تعريف الصرع.

2- الأدلة على إثبات الصرع.

3- أنواع الصرع.

4- أسباب الصرع الجني والطبي.

5- أسباب انتشار ظاهرة الصرع.


الفصل الثالث

الرقية الشرعية:

وفيه خمسة مباحث:

1- تعريف الرقية.

2- حكم الرقية وشروطها.

3- أقسام الرقي.

4- بعض الرقي من القرآن والسنة.

5- بدع ومخالفات المعالجين.


الفصل الرابع

صور من هجر التداوي والاستشفاء بالقرآن:

وفيه خمسة مباحث:

أولاً: إتيان السحرة والعرافين.

ثانياً: تعليق التمائم.

ثالثاً: الاستشفاء بالقبور والأضرحة.

رابعاً: إتيان الكنائس.

خامساً: حرز أبي دجانة.

أسأل الله أن ينفع به ويوفقنا لما يحب ويرضى.

محمود الملاح


الفصل الأول

المرض

وفيه سبعة مباحث:

أولاً: تعريف المرض.

ثانياً: أنواع المرض.

ثالثاً: ماذا يعني المرض عند المسلم؟

رابعاً: الأمر بالتداوي وحكمه.

خامساً: الدعاء من أنفع الأدوية.

سادساً: القرآن علاج وشفاء.

سابعاً: أحاديث ضعيفة في التداوي للتحذير منها.


أولاً: تعريف المرض

(المرض) هو ما خرج بالكائن الحي عن حد الصحة والاعتدال.

(المريض): مَنْ به مرض أو نقص أو انحراف.

ويُقَالُ: قلب مريض: ناقص الدِّين، ورأي مريض: ضعيف أو فيه انحراف عن الصواب.

جمع المريض، والمريضة: مَرْضَى أو مِرَاض.(1)


ثانياً: أنواع المرض: (2)

قال العلامة ابن القيم -رحمه الله-:

المرض نوعان:

1- مرض القلوب.

2- مرض الأبدان.


ومرض القلوب نوعان:

أ- مرض شبهة وشك.

ب- مرض شهوة وغي.


قال تعالى في مرض الشبهة:

(فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَهُمُ اللّهُ مَرَضاً) (10) سورة البقرة.


وقال تعالى في حق مَنْ دُعِيَ إلى تحكيم القرآن والسنة، فأبى وأعرض: (وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِّنْهُم مُّعْرِضُونَ * وَإِن يَكُن لَّهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ) (49) سورة النــور.

فهذا مرض الشبهات والشكوك.


وأما مرض الشهوات:

قال تعالى: (يَا نِسَاء النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ النِّسَاء إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَّعْرُوفًا) (32) سورة الأحزاب.

فهذا مرض شهوة الزنا، والله أعلم.


وأمَّا مرض الأبدان:

قال تعالى: (لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ) (61) سورة النــور.


وذكر مرض البدن في الحج (3) والصوم (4) والوضوء (5) لسر بديع يبين لك عظمة القرآن والاستغناء به لمن فهمه وعقله عن سواه.


وذلك أن قواعد طب الأبدان ثلاثة:

1- ضبط الصحة.

2- الحمية عن المؤذي.

3- استفراغ المواد الفاسدة.


فذكر سبحانه هذه الأصول الثلاثة في هذه المواضع الثلاثة.


ثالثاً: ماذا يعني المرض عند المسلم؟

إن الناظر في الشريعة الإسلامية يجد أن المرض عند المسلم يعني أموراً عدة منها:

1ـ المرض عقوبة:

إن الله لا يظلم الناس شيئاً ولكن الناس أنفسهم يظلمون… فإذا رأيت البلاء في الأجساد، فإنك إنما ترى أثر بعض الذنوب التي قدمتها أيدي الناس… فما من خدش عود، ولا اختلاج عرق، ولا عثرة قدم، إلا بذنب، وما يعفو الله عنه أكثر، قال تعالى: (وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ) (30) سورة الشورى.


قال الحافظ ابن كثير -رحمه الله-:

(أي مهما أصابكم أيها الناس من المصائب فإنما من سيئات تقدمت لكم، (وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ)، أي من السيئات فلا يجازيكم عليها بل يعفو عنها، (وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللّهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِم مَّا تَرَكَ عَلَيْهَا مِن دَآبَّةٍ) (61) سورة النحل (6).


وتعجيل العقوبة في الدنيا من فضل الله ورحمته بعباده المؤمنين، فهذا خير من أن تجتمع على العبد الذنوب فتطرحه في النار… ولا يعني ذلك تَمنَّي المرض، بل نسأل الله العافية، فإن أُصِبْتَ شكرت؛ لعلمك أنها رحمة وعدل … رحمة إذ عُجِلَ لك ذلك في الدنيا، وعدل إذ أنه ما أصابك إلا بذنب مما كسبت يداك.


2ـ المرض كفارة:

عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "ما من مصيبة تصيب المسلم -وفي رواية: ما من وجع أو مرض يصيب المؤمن- إلا كَفَّرَ الله بها عنه حتى الشوكة يُشاكُهَا"(7).


وعن أبي سعيد وأبي هريرة -رضي الله عنهما- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "ما يصيب المسلم من نصبٍ (تعب) ولا وَصَبٍ (مرض) ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم حتى الشوكة يشاكها إلا كَفَّر الله بها خطاياه ".(8)


ومن حديث ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "ما من مسلم يصيبه أذى إلا حاتَّ الله عنه خطاياه كما تحاتَّ ورَقُ الشجر"(9).


وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "ما يزال البلاء بالمؤمن والمؤمنة في نفسه وولده وماله حتى يَلْقَى الله وما عليه خطيئة" (10)، وعن عائشة -رضي الله عنها- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "إذا اشتكى المؤمن أخلصه الله كما يخلص الكير خبث الحديد" (11).


قال الحافظ ابن حجر -رحمه الله-:

(وفي هذه الأحاديث بشارة عظيمة لكل مؤمن؛ لأن الآدمي لا ينفك غالباً من ألم بسبب مرض أو هم أو نحو ذلك مما ذكر، وإن الأمراض والأوجاع والآلام -بدنية كانت أو قلبية- تكفر ذنوب مَنْ تقع له… وظاهره تعميم جميع الذنوب، لكن الجمهور خصُّوا ذلك بالصغائر لقولـه -صلى الله عليه وسلم- في الحديث: "… ما اجتنبت الكبائر" فحملوا المطلقات الواردة في تكفير السيئات على هذا المقيد… ويحتمل أن يكون معنى هذه الأحاديث التي ظاهرها التعميم أن المذكورات صالحة لتكفير الذنوب، فيكفر الله بها ما شاء من الذنوب، ويكون كثرة التكفير وقلته باعتبار شدة المرض وخفته… ثم المراد بتكفير الذنب ستره، أو محو أثره المترتب عليه من استحقاق العقوبة)(12).


3ـ المرض منزلة ودرجة:

عن أنس -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "إن الله يقول: إذا ابتليت عبدي بحبيبتيه (عينيه) فصبر عوضته منهما الجنة "(13).


وقال -صلى الله عليه وسلم-: "مَنْ أُعْطِيَ فشكر، وابْتُلِيَ فصبر، وظَلَم فاستغفر، وظُلِمَ فغفر، أولئك لهم الأمن وهم مهتدون"(14).


وقال -صلى الله عليه وسلم-: "المبطون شهيد، والمطعون شهيد" (15).


وقال -صلى الله عليه وسلم-: "مَنْ يرد الله به خيراً يُصب منه "(16).


فَعُلِمَ من مجموع هذه الأحاديث أن المرض منزلة من الله -عز وجل- وخير أراده لعبده، قد ينال العبد به عند الله درجة، وقد ينال به شهادة، وقد يحصل له به الأمن والهداية، بل وقد يبلغه إلى الجنة… فيا عبدالله!، يا مَنْ ابتلاك الله بألم أو مرض، اعلم أن مولاك إنما ابتلاك ليكفر سيئاتك، ابتلاك ليختبر صبرك، ليضاعف أجرك..، ابتلاك ليرفع درجتك.. فهلاَّ صبرت واحتسبت؟ فقد جاء في الحديث "وإن كان أحدهم ليفرح بالبلاء كما يفرح أحدكم بالرخاء"  (17).


رابعاً: الأمر بالتداوي:

عن جابر - رضي الله عنهما - عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: " لكل داء دواء، فإذا أصيب دواء الداء برأ بإذن الله -عز وجل-"(18).


عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "ما أنزل الله من داءٍ إلا أنزل له شفاءً"(19).


عن أسامة بن شريك، قال: كنت عند النبي -صلى الله عليه وسلم-، وجاءت الأعراب، فقالوا: يارسول الله! أنتداوى؟. قال: "نعم يا عباد الله تداووا، فإن الله -عز وجل- لم يضع داءً إلا وضع له شفاءً غير داءٍ واحد"، قالوا: وما هو؟ قال: "الهَرَمُ". (20)


قال -صلى الله عليه وسلم-: "إن الله لم ينزل داء إلا أنزل له شفاء، علمه مَنْ علمه، وجهله مَنْ جهله"(21).


ويُستفاد من الأحاديث ما يلي:(22)

1- إثبات الأسباب والمسببات، وإبطال مَنْ أنكرها، وأن ذلك لا ينافي التوكل على الله لمن اعتقد أنها بإذن الله وتقديره، وأنها لا تنجح بذواتها بل بما قدره الله فيها.


2- قوله: "لكل داء دواء" على عمومه حتى يتناول الأدوية القاتلة، والتي اعترف حذاق الأطباء بأنه لا دواء لها، وأقروا بالعجز عن مداواتها…، وكما فيها أيضاً تقوية لنفس المريض والطبيب، وحث على طلب الدواء والتفتيش عنه، وفي ذلك فتح لباب الرجاء.


3- الأمر بالتداوي لا ينافي التوكل، كما لا ينافيه دفع داء الجوع، والعطش، والحر، والبرد بأضدادها.


بل لا تتم حقيقة التوحيد إلا بمباشرة الأسباب التي نصبها الله مقتضيات لمسبباتها قدراً وشرعاً، وأن تعطيلها يقدح في نفس التوكل، كما يقدح في الأمر والحكمة، ويضعفه من حيث يظن معطِّلُها أن تركها أقوى في التوكل، فإن تركها عجزاً ينافي التوكل الذي حقيقته اعتمادُ القلب على الله في حصول ما ينفع العبد في دينه ودنياه، ودفع ما يضره في دينه ودنياه، ولابد مع هذا الاعتماد من مباشرة الأسباب، وإلا كان معطلاً للحكمة والشرع، فلا يجعل العبد عجزه توكلاً، وتوكله عجزاً.


أنواع الطب:

قال الحافظ ابن حجر -رحمه الله-:

والطب نوعان:

1- طب القلوب ومعالجته:

وهذه خاصة ومسلمة بما جاء به الرسول -صلى الله عليه وسلم- عن ربه سبحانه وتعالى.


2- طب الجسد:

أ- منه ما جاء في المنقول عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- مثل الرقية والدعاء.

ب- ومنه ما جاء عن غيره -صلى الله عليه وسلم-، وغالبه راجع إلى التجربة.


ثم هو نوعان:

1- نوع لا يحتاج إلى فكر ونظر بل فطر الله على معرفته الحيوانات، مثل ما يدفع الجوع والعطش.

2- نوع يحتاج إلى فكر ونظر كدفع ما يحدث في البدن مما يخرج عن الاعتدال، وهو إما حرارة أو برودة. وغالب معرفته بتحقيق الأسباب والعلامة) (23).


حكم التداوي:

اختلف العلماء في التداوي:

هل مباح وتركه أفضل، أم مستحب أم واجب؟


فالمشهور عن أحمد: الأول، والمشهور عند الشافعية: الثاني، حتى ذكر النووي في شرح مسلم: أنه مذهبهم، ومذهب جمهور السلف وعامة الخلف، واختاره الوزير أبوالمظفر، قال: (ومذهب أبي حنيفة: أنه مؤكد حتى يداني به الوجوب). قال: ومذهب مالك: أنه يستوي فعله وتركه، فإنه قال لا بأس بالتداوي ولا بأس بتركه. (24)


قال شيخ الإسلام:

(ليس بواجب عند جماهير الأئمة، وإنما أوجبه طائفة قليلة من أصحاب الشافعي وأحمد). (25)


والذي يظهر -والله أعلم- أن التداوي من الأمراض يعتريه الأحكام التكليفية الخمسة:

1- الوجوب: عند تحقق الشفاء التام وخوف الهلاك والتلف.

2- الندب: عند غلبة الظن في تحقق الشفاء ودفع المرض.

3- الإباحة: مثل كثير من الأمراض التي لا تسبب هلاكاً ولا يتوقع منها تلف.

4- الكراهة: مثل الكي.

5- التحريم: مثل التداوي بالمحرم كالتداوي بالخمر والسحر ونحو ذلك.


خامساً: الدعاء من أنفع الأدوية:

قال الله تعالى:

(أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاء الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَّا تَذَكَّرُونَ) (62) سورة النمل.


وقال أيضاً: (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ) (60) سورة غافر.


وقال أيضاً: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ) (186) سورة البقرة.


قال الإمام ابن القيم -رحمه الله -

(والدعاء من أنفع الأدوية، وهو عدو البلاء، ويدفعه ويعالجه، ويمنع نزولـه، ويرفعه، أو يخففه إذا نزل، وهو سلاح المؤمن كما روى الحاكم من حديث علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- مرفوعاً: "إن الدعاء سلاح المؤمن، وعماد الدِّين، ونور السموات والأرض" (26).


وله مع البلاء ثلاث مقامات:

أحدها: أن يكون أقوى من البلاء فيدفعه.

الثاني: أن يكون أضعف من البلاء فيقوى عليه البلاء، فيصاب به العبد، ولكن قد يخففه وإن كان ضعيفاً.

الثالث: أن يتقاوما ويمنع كل واحد منهما صاحبه.


وقد روى الحاكم في صحيحه من حديث عائشة -رضي الله عنها- قالت: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:" لا يغني حذر من قدر، والدعاء ينفع مما نزل ومما ينزل، وإن البلاء لينزل فيلقاه الدعاء فيعتل.


وفيه أيضاً من حديث ثوبان عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: "لا يرد القدر إلا جان إلى يوم القيامة".(27) الدعاء، ولا يزيد في العمر إلا البر، وإن الرجل ليُحرم الرزق بالذنب يُصيبه". (28)


قال الحافظ ابن حجر -رحمه الله-:

(فمن ينكر التداوي بالدعاء يلزمه أن ينكر التداوي بالعقاقير ولم يقل بذلك إلا شذوذ، والأحاديث الصحيحة ترد عليهم، وفي الالتجاء إلى الدعاء مزيد فائدة ليست في التداوي بغيره، لما فيه من الخضوع والتذلل للرب سبحانه، بل منع الدعاء من جنس ترك الأعمال الصالحة اتكالاً على ما قدر، فيلزم ترك العمل جملة، ورَدُّ البلاء بالدعاء كرد السهم بالقوس، وليس من شروط الإيمان بالقدر أن لا يتترس من رمي بالسهم، والله أعلم).


سادساً: القرآن علاج وشفاء:

قال الإمام ابن القيم - رحمه الله:

(قال تعالى: (وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاء وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ) (82) سورة الإسراء، والصحيح: أن (من) هاهنا، لبيان الجنس لا للتبعيض، وقال تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَاء لِّمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ) (57) سورة يونس.


فالقرآن هو الشفاء التام من جميع الأدواء القلبية والبدنية، وما كل أحد يُؤهَّل يوفق للاستشفاء به، وإذا أحسن العليل التداوي به، ووضعه على دائه بصدق وإيمان، وقبول تام، واعتقاد جازم، واستيفاء شروطه، لم يقاومه الداءُ أبداً.


وكيف تقاوم الدواء كلام رب الأرض والسماء الذي لو نزل على الجبال، لَصدَعَهَا، أو على الأرض لقطعها، فما من مرض من أمراض القلوب والأبدان إلا في القرآن سبيل الدلالة على دوائه وسببه، والحمية منه لمن رزقه الله فهماً في كتابه).(29)


وقال ابن القيم في تعليقه على الفاتحة:

(وحق لسورة تشمل على هذين الشفاءين: الأبدان والأرواح أن يستشفي بها من كل مرض. ولقد جربت ذلك في نفسي وفي غيري أموراً عجيبة، ولاسيما في مدة المقام بمكة فإنه كان يعرض لي آلامٌ مزعجة بحيث تكاد تقطع الحركة مني في الطواف فأبادر إلى قراءة الفاتحة، وأمسح بها على محل الألم، فكأنه حصاة تسقط، ولقد جربت ذلك مرات عديدة).(30)


أحاديث ضعيفة وردت في فضل التداوي بالقرآن

هذه بعض الأحاديث التي اشتهرت على الألسنة وسطرت في الكتب وتناقلها الخطباء نذكرها هنا للتحذير منها وبيان حالها؛ لأن في الأحاديث الصحيحة الواردة غنية عن الضعيف وحتى لا نقع تحت قوله -صلى الله عليه وسلم-: "مَنْ يقل عليَّ ما لم أقل فهو أحد الكاذبين".


1- عن علي مرفوعاً: "خير الدواء القرآن".

(ضعيف)، ضعيف ابن ماجه (774، 767)، ضعيف الجامع (2885).


2- حديث "خذوا من القرآن ما شئتم لِمَا شئتم".

(لا أصل له) السلسلة الضعيفة (557).


3- عن عبدالله بن مسعود مرفوعاً: "عليكم بالشفاءين: العسل والقرآن".

(ضعيف مرفوعاً، صحيح موقوفاً) السلسلة الضعيفة (1514)، ضعيف الجامع (3765).


4- عن عبدالرحمن بن أبي ليلى عن رجل عن أبيه، قال: جاء رجل إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: إن أخي وجع.

فقال: "ما وجع أخيك؟".

قال: به لمم (اللمم: طرق من الجنون يلم بالإنسان ويعتريه).

قال: "فابعث به إليَّ".

فجاء، فجلس بين يديه، فقرأ عليه النبي -صلى الله عليه وسلم-: فاتحة الكتاب، وأربع آيات من أول سورة البقرة، وآيتين من وسطها (وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لاَّ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ * إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنزَلَ اللّهُ مِنَ السَّمَاء مِن مَّاء فَأَحْيَا بِهِ الأرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَآبَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخِّرِ بَيْنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) (163ـ 164) سورة البقرة. حتى فرغ من آخر سورة البقرة. وآية من أول سورة آل عمران (شَهِدَ اللّهُ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ...) (18) سورة آل عمران. وآية من سورة الأعراف (إِنَّ رَبَّكُمُ اللّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ...) (فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ) (116) سورة المؤمنون. وآية من سورة الجن: (وَأَنَّهُ تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا مَا اتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلَا وَلَدًا) (3) سورة الجن. وعشر آيات من سورة الصافات من أولها، وثلاثاً من سورة الحشر، وقل هو الله أحد، والمعوذتين.


(إسناده ضعيف جداً) أخرجه ابن السني في عمل اليوم والليلة (632)، والطبراني في الدعاء (1080)، من طريق أبي جناب يحيى بن أبي حية عن عبدالرحمن بن أبي ليلى عن رجل عن أبيه وهذا (إسناد ضعيف جداً).


فيه عِلَّتان:

الأولى: جهالة الرجل وأبيه.

الثانية: يحيى بن أبي حية، ضعفوه لكثرة تدليسه.


راجع كتاب (صحيح الأذكار وضعيفه) للنووي، بقلم سليم عيد الهلالي، المجلد الأول ص (354-355) طبعة مكتبة الغرباء الأثرية - المدينة المنورة.


والحديث ضعفه الألباني في ضعيف ابن ماجه (778) طبعة المكتب الإسلامي.


الهوامش:

(1) المعجم الوجيز ص (578)، طبعة خاصة بوزارة التربية والتعليم بمصر، سنة 1410هـ.

(2) () انظر الكتب الآتية: زاد المعاد (4/5-12) طبعة الرسالة، فتح الباري (10/108، 140) طبعة الريان، إغاثة اللهفان (19-21) طبعة دار الحديث.

(3) () قولـه تعالى:(فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضاً أَوْ بِهِ أَذًى مِّن رَّأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِّن صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ) (196) البقرة.

(4) () قوله تعالى: (أَيَّامًا مَّعْدُودَاتٍ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ وَأَن تَصُومُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ) (184) سورة البقرة.

(5) () قوله تعالى: (وَإِن كُنتُم مَّرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاء أَحَدٌ مِّنكُم مِّن الْغَآئِطِ أَوْ لاَمَسْتُمُ النِّسَاء فَلَمْ تَجِدُواْ مَاء فَتَيَمَّمُواْ صَعِيدًا طَيِّبًا ) (43) سورة النساء.

(6) () تفسير ابن كثير (4/116) طبعة المكتبة القيمة.

(7) () رواه البخاري (5640).

(8) () رواه البخاري (5641، 5642).

(9) () رواه البخاري (5647). ومعنى (تحات): سقوط الورق عن الغصن. (لسان العرب:2/22)

(10) () (صحيح) رواه الترمذي، وصححه الألباني في صحيح الجامع (5815).

(11) () (صحيح) أخرجه البخاري في الأدب المفرد، وابن أبي الدنيا في (المرض والكفارات). وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة ح 1257 طبعة المكتب الإسلامي..

(12) () فتح الباري (10/113) بتصرف، طبعة الريان.

(13) () رواه البخاري (5653).

(14) () (سنده حسن) أخرجه الطبراني بإسناد حسن، الفتح (10/114).

(15) () (صحيح) رواه مالك، وأبوداود والنسائي وابن ماجه، وصححه الألباني في أحكام الجنائز ص

(39، 40) طبعة المكتب الإسلامي.

(16) () رواه البخاري (5645)، انظر صحيح الجامع (6610). طبعة المكتب الإسلامي.

(17) () (صحيح) أخرجه ابن ماجه، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (144)، صحيح ابن ماجه (3250).

(18) () أخرجه مسلم (2204) في السلام: باب لكل داء دواء واستحباب التداوي.

(19) () أخرجه البخاري (5678)، وابن ماجه (3439).

(20) () (إسناده صحيح) أخرجه أحمد (4/278)، وابن ماجه (3436)، وأبوداود (3855)، والترمذي (1395) وصححه الأرناؤط في زاد المعاد (4/13)، وصححه الألباني في غاية المرام (179).

(21) () (حديث صحيح) أخرجه أحمد (278)، وابن ماجه (3438)، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (451).

(22) () انظر زاد المعاد (4/14-17)، فتح الباري (10/141-142).

(23)) فتح الباري (10/140) بتصرف يسير

(24)) صحيح مسلم بشرح النووي (3/90، 91) بنحوه

(25)) مجموع فتاوى شيخ الإسلام (24/269).

(26)) الداء والدواء ص (10-11-12) تحقيق محمد عبدالملك الزغبي، طبعة مكتبة فياض بالمنصورة.

(27)) (الحديث موضوع) انظر السلسلة الضعيفة للألباني (179).

(28)) (حسن) رواه الطبراني في الأوسط، والحاكم في مستدركه عن عائشة وحسنه الألباني في صحيح الجامع (7739).

(29)) (حسن) إلا الجملة الأخيرة " إن الرجل ليحرم الرزق بالذنب يصيبه " ضعيف، راجع السلسلة الصحيحة (154).

(30)) زاد المعاد (4/352) بتصرف. طبعة الرسالة.



العلاج بالقرآن الكريم ضوابط ومحاذير 2013_110


عدل سابقا من قبل أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn في الأحد 06 يونيو 2021, 4:20 pm عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52861
العمر : 72

العلاج بالقرآن الكريم ضوابط ومحاذير Empty
مُساهمةموضوع: رد: العلاج بالقرآن الكريم ضوابط ومحاذير   العلاج بالقرآن الكريم ضوابط ومحاذير Emptyالإثنين 21 مارس 2011, 8:05 am

الفصل الثاني

تمهيد:

إن الصرع، والمس، والسحر من الأمور التي انتشرت في هذا الزمان بصورة كبيرة، حتى اختلط على كثير من الناس التفريق بين الصرع الجني والصرع الطبي، وبينهما وبين الوهم الذي يدَّعيه الكثير من المرضى للهرب من مشكلاتهم الخاصة.


وفي هذا الفصل تفصيل لهذه المسألة في ضوء الكتاب والسنة.

أولاً: تعريف الصرع:

قال الحافظ ابن حجر -رحمه الله-:

(هي علة تمنع الأعضاء الرئيسية عن انفعالها منعاً غير تام، وسببه ريح غليظة تنحبس في منافذ الدماغ، أو بخار رديء يرتفع إليه من بعض الأعضاء، وقد يتبعه تشنج في الأعضاء فلا يبقى الشخص معه منتصباً بل يسقط ويقذف بالزبد لغلظ الرطوبة، وقد يكون الصرع من الجن، ولا يقع إلا من النفوس الخبيثة منهم، إما لاستحسان بعض الصور الإنسية وإما لإيقاع الأذية به، والأول هو الذي يثبته جميع الأطباء ويذكرون علاجه، والثاني يجحده كثير منهم، وبعضهم يثبته ولا يعرف له علاجاً إلا بمقاومة الأرواح الخيرة العلوية لتندفع آثار الأرواح الشريرة السفلية وتبطل أفعالها). (31)


ثانياً: الأدلة على إثبات الصرع:

لقد وردت الأدلة من القرآن الكريم على أن الصرع أمر واقع وحقيقي، ولا ينكره إلا مكابر ومعاند.


أولاً: الأدلة من القرآن:

قال تعالى: (الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لاَ يَقُومُونَ إِلاَّ كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ) (275) سورة البقرة.


قال الإمام القرطبي -رحمه الله-:

(في هذه الآية دليل على فساد مَنْ أنكر الصرع من جهة الجن وزعم أنه من فعل الطبائع، وأن الشيطان لا يسلك في الإنسان ولا يكون منه مس).(32)


قال الحافظ ابن كثير -رحمه الله-: (الَّذِينَ يَأْكُلُونَ) الآية، أي لا يقومون من قبورهم يوم القيامة إلا كما يقوم المصروع حال صرعه وتخبط الشياطين له، وذلك أنه يقوم قياماً منكراً). (33).


ثانياً: الأدلة من السُّنَّة:

1- عن عطاء بن أبي رباح قال: قال لي ابن عباس: ألا أريك امرأة من أهل الجنة؟ قلت: بلى. قال: هذه المرأة السوداء أتت النبي -صلى الله عليه وسلم- فقالت: إني أصرع وإني أتكشف، فأدع الله لي. قال: "إن شئت صبرت ولك الجنة، وإن شئت دعوت الله أن يعافيك". فقالت: أصبر. فقالت إني أتكشف، فادع الله لي أن لا أتكشف، فدعا لها. عن ابن جريج أخبرني عطاء أنه رأى أم زفر، تلك المرأة الطويلة السوداء، على ستر الكعبة (34).


قال الحافظ ابن حجر:

(وفي الحديث فضل مَنْ يُصْرع، وأن الصبر على بلايا الدنيا يورث الجنة، وأن الأخذ بالشدة أفضل من الأخذ بالرخصة لمن علم من نفسه الطاقة ولم يضعف عن التزام الشدة، وفيه دليل على جواز ترك التداوي، وفيه أن علاج الأمراض كلها بالدعاء والالتجاء إلى الله أنجح وأنفع من العلاج بالعقاقير) (35).


2- عن عثمان بن أبي العاص -رضي الله عنه- قال: لما استعملني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على الطائف جعل يعرض لي شيء في صلاتي حتى ما أدري ما أصلي فلما رأيت ذلك رحلت إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-. فقال: "ابن أبي العاص" قلت: نعم يا رسول الله!. قال: "ما جاء بك؟" قلت: يا رسول الله! عرض لي شيء في صلاتي حتى ما أدري ما أصلي. قال: "ذاك الشيطان. ادنه" فدنوت منه فجلست على صدور قدمي قال: فضرب صدري بيده وتفل في فمي وقال: "اخرج عدو الله" فعل ذلك ثلاث مرات ثم قال: "الحق بعملك" قال: فقال عثمان: فلعمري ما أحسبه خالطني بعد. (36)


قال العلامة الألباني -رحمه الله-:

(وفي الحديث دلالة صريحة على أن الشيطان قد يتلبس الإنسان ويدخل فيه ولو كان مؤمناً صالحاً) (37).


3- عن يَعْلَى بن مُرَّة -رضي الله عنه- قال: لقد رأيت من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ثلاثاً ما رآها أحد قبلي، ولا يراها أحد بعدي: لقد خرجت معه في سفر، حتى إذا كنا ببعض الطريق، مررنا بامرأة جالسة، معها صبي لها، فقالت: يا رسول الله!، هذا صبي أصابه بلاء، وأصابنا منه بلاء، يؤخذ في اليوم ما أدري كم مرة، قال:"ناولنيه"، فرفعته إليه، فجعلته بينه وبين واسطة الرحل، ثم فغر فاه، فنفث فيه ثلاثاً، ثم قال: "بسم الله أنا عبدالله، اخسأ عدو الله" ثم ناولها إياه، فقال: "ألفينا في الرجعة في هذا المكان، فأخبرينا ما فعل" قال: فذهبنا، ورجعنا فوجدناها في ذلك المكان معها شياه ثلاث. فقال -صلى الله عليه وسلم-: "ما فعل صبيك؟" فقالت: والذي بعثك بالحق، ما حسسنا منه شيئاً حتى الساعة، فاجتزر هذه الغنم، قال: "انزل فخذ منها واحدة ورد البقية." (38).


ثالثاً: أنواع الصرع

قال الإمام ابن القيم -رحمه الله-: (الصرع صرعان):

الأول: صرع من الأرواح الخبيثة الأرضية.

الثاني: صرع من الأخلاط الرديئة، وهو الذي يتكلم الأطباء في سببه وعلاجه.


أمَّا صرع الأرواح:

فأئمتهم وعقلاؤهم يعترفون به، ولا يدفعونه، ويعترفون بأن علاجه بمقابلة الأرواح الشريفة الخيرة العلوية لتلك الأرواح الشريرة الخبيثة، فتدافع آثارها، وتعارض أفعالها وتبطلها، وقد نص على ذلك أبقراط في بعض كتبه، فذكر بعض علاج الصرع، وقال: هذا إنما ينفع من الصرع الذي سببه الأخلاط والمادة.


وأمَّا الصرع الذي يكون من الأرواح، فلا ينفع هذا العلاج.


وأمَّا صرع الأخلاط:

فهو علة تمنع الأعضاء النفسية عن الأفعال والحركة والانتصاب منعاً غير تام.


رابعاً: أسباب الصرع

عرفنا أن الصرع قسمان:

صرع من قبل الجن، وآخر من قبل المرض، ولكل واحد منهما أسبابه التي تختلف عن الآخر.


أولاً: أسباب الصرع الجني:

ويمكن تلخيص أسباب مس الجن للإنس فيما يلي:

1- عشق الجني للإنسية، أو عشق الجنية للإنسي.

2- ظلم الإنسي للجني، بصب ماء ساخن عليه، أو بالوقوع عليه من مكان عالٍ، وغير ذلك.

3- ظلم الجني للإنسي، كأنه يمسه دون سبب..


ولا يتسنَّى له ذلك، إلا في حالة من هذه الحالات الأربع:

أ- الغضب الشديد.

ب- الخوف الشديد.

جـ- الإنكباب على الشهوات.

د- الغفلة الشديدة.(39)


4- قلنا: ويمكن أن يمس الجني الإنسي بدون سبب ويكون الإنسي مؤمناً صالحاً، مثل: عثمان بن أبي العاص -رضي الله عنه-، والمرأة السوداء وأنه يقع كنوع من الإبتلاء والاختبار؛ إما لتكفير الذنوب أو لرفع المنزلة والدرجة في الآخرة. والله أعلم.


ثانياً: أسباب الصرع الطبي:

الصرع من أقدم الأمراض المعروفة، ومع تقدم الطب تبين أن السبب هو وجود بؤرة في مكان ما في المخ تصدر شحنة كهربائية زائدة، ويتمثل المرض في نوبة هياج عصبي تبدأ تلقائياً، وتنتشر في أجزاء الجسم، ثم تنتهي دون أي تدخل خارجي، وليس بالضرورة أن يغيب الشخص عن الوعي.


وتظهر آثاره بشكل معين في رسَّام المُخ الكهربائي.


أسباب المرض في الطفولة:

1- التشنجات المصاحبة للحميات، وهي من أهم الأسباب ما بين (2-5) سنوات.

2- إصابات الرأس قبل الولادة.

3- الالتهاب السحائي أو وجود خراج بالمخ.

4- نزيف داخلي.

5- أمراض التمثيل الغذائي مثل نقص الكالسيوم في الدم.

6- التسمم بالرصاص.

7- بعض حالات التخلف العقلي.


الأسباب في البالغين:

1- الأورام المختلفة داخل المخ.

2- أمراض الأوعية الدموية بالمخ الناتجة من ضغط الدم المرتفع، أو نزيف داخلي، أو جلطة. وكلها من أهم الأسباب لمن هم فوق سن الخمسين.

3- إصابات الدماغ.

4- الالتهابات المختلفة للمخ وأغشيته.

5- بعض أنواع السموم خصوصاً إدمان الكحولات).(40)


أسباب انتشار ظاهر الصرع:

إن الناظر في أحوال الناس في الآونة الأخيرة يسمع كلاماً كثيراً عن حالات الصرع الذي انتشر انتشاراً واسعاً في جميع المستويات والطبقات، حتى أصبحت من جملة الظواهر التي يعاني منها المسلمون.


والواضح أن هناك أسباباً كثيرة أدت إلى هذه الظاهرة، منها:

1- الوهم:

الوهم مرض نفسي خبيث، وقد كان لخوف الناس من الجن والشيطان دور كبير في حصول هذا الوهم، وبدأ كثير من الناس يربط بين مرض معين أصابه، أو مشكلة في حياته، أو خلافات زوجية عادية أو حادثة معينة حدثت له، وبين أمور أخرى، فأخذ يقلب في ذاكرته عن سبب هذه المشكلة، أو تلك الخلافات، فاعتقد أن فلاناً من الناس قد أصابه بعين،أو أنه وقع يوماً ما فأصابه الجن بالمس، ثم يحكي أعراضاً يُحس بها.


وفي الحقيقة:

إن مرض الوهم إذا أصاب الإنسان، كان أخطر من المرض الحقيقي، لأن مس الجن يزول بفضل الله أمام الرقية بالقرآن الكريم، أمَّا مرض الوهم فهو في دَوَّامة لا تنتهي، والحقيقة أن المترددين على المعالجين بالقرآن الكريم نسبة كبيرة منهم مرضى بالوهم والقلة القليلة مَنْ به مس من الجن) (41).


2- الفراغ:

قال الحسن البصري:

نفسك إن لم تشغلها بالحق شغلتك بالباطل.


إن الفراغ والخواء قد ملأ القلوب، فوجد الشيطان فيها أرضاً خصبة، فصال وجال، وبذر وزرع وحصد.


إن الشباب والفراغ والجدة

مفسدة للمرء أي مفسدة


3- كثرة كتب الجن والشياطين:

إن الناظر في المكتبات الإسلامية يجد العشرات، بل المئات من الكتب التي تتحدث عن الجن والشيطان، وحالات المس والصرع، والحسد، والربط...، وغيرها من القضايا المختلفة، فضلاً عن انتشار أشرطة المعالجين بين الناس، وكذلك الإعلان عن مراكز العلاج الروحاني أو العلاج بالقرآن الكريم في كثير من الصحف والمجلات، وتبني بعض الأحزاب السياسية لهذا الموضوع؛ لرفع رصيدها الشعبي بين الناس.


4- حب الاستطلاع:

إن حب الاستطلاع والتشوق إلى معرفة الأخبار الغريبة، والحكايات العجيبة، وبخاصة مما يتعلق بالغيب، ومن الأمور التي يقبل عليها الناس؛ ولذلك أشبع القرآن الكريم هذه الناحية بالحديث عن الغيبيات كالملائكة والجن والجنة والنار... وغيرها.(42)


5- جهل كثير من المعالجين:

إن جهل كثير من المعالجين بحقيقة الجن والشياطين والأمراض العضوية أدى إلى عدم التفريق بينها مما زاد من حجم المشكلة وأدى إلى تفاقمها وسنعرض لشيء من أخطائهم في المباحث القادمة -إن شاء الله-.


الهوامش:

(31) راجع كتاب الداء والدواء ص (9) طبعة دار المنار

(32) فتح الباري (10/119) طبعة الريان.

(33) تفسير القرطبي (2/223) طبعة دار الفكر.

(34) تفسير ابن كثير (1/326) طبعة المكتبة القيمة

(35) متفق عليه، واللفظ للبخاري،

(36) الفتح (10/120).

(37) (حديث صحيح) أخرجه ابن ماجة (3548) وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (2918).

(38)  السلسلة الصحيحة (6/1002) طبعة مكتبة المعارف بالرياض.

(39) (إسناده جيد) رواه أحمد والحاكم وصصحه، ووافقه الذهبي، وقال الألباني بعد أن ساق طرق الحديث: (وبالجملة فالحديث بهذه المتابعات جيد) السلسلة الصحيحة، (1/797).

(40)  وقاية الإنسان من الجن والشيطان (74-75) لوحيد عبدالسلام بالي. طبعة مكتبة الصحابة. الطبعة العاشرة.

(41) الصرع الأسباب وطرق التشخيص والعلاج مقال بمجلة التوحيد للدكتور عادل راشد ص (41-34)

العدد (9) السنة (21)

(42) الصرع أسبابه وعلاجه للدكتور / سعيد عبدالعظيم (49-52) بتصرف طبعة دار الإيمان الأسكندرية.



العلاج بالقرآن الكريم ضوابط ومحاذير 2013_110


عدل سابقا من قبل أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn في الأحد 06 يونيو 2021, 4:44 pm عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52861
العمر : 72

العلاج بالقرآن الكريم ضوابط ومحاذير Empty
مُساهمةموضوع: رد: العلاج بالقرآن الكريم ضوابط ومحاذير   العلاج بالقرآن الكريم ضوابط ومحاذير Emptyالإثنين 21 مارس 2011, 8:21 am

الفصل الثالث

الرقية الشرعية


وفيه خمسة مباحث:

1- تعريف الرقية.

2- حكم الرقية وشروطها.

3- أقسام الرقي.

4- بعض الرقي من القرآن والسنة.

5- بدع ومخالفات المعالجين.


أولاً: تعريف الرقية:

 الرقية: العوذة، معروفة


قال رؤبة:

فما تركا من عوذة يعرفانها

ولا رقية إلا بها رقياني


والعوذة والمعاذات والتعويذ:

الرقية ما يُرْقَى به الإنسان من فزع أو جنون، لأنه يُعَاذ بها وقد عوَّذه، يُقَالُ:عوذت فلاناً بالله، وبأسمائه، وبالمعوذتين، إذا قلت: أعيذك بالله، وبأسمائه من كل ذي شر (43).


ثانياً: حكم الرقية وشروطها:

الرقية مشروعة، وجائزة، دل على ذلك أحاديث كثيرة منها:

1- عن أم سلمة -رضي الله عنها- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- رأى في بيتها جارية في وجهها سفعة (44) فقال: " استرقوا لها فإن بها النظرة "(45).

2- عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا أوى إلى فراشه نفث في كفيه بـ (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) وبالمعوذتين جميعاً، ثم يمسح بهما وجهه، وما بلغت يداه من جسده) (46).


قال العلامة الألباني -رحمه الله-: عن عائشة: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- دخل عليها وامرأة تعالجها أو ترقيها فقال: " عالجيها بكتاب الله "(47).


(وفي الحديث مشروعية الترقية بكتاب الله تعالى، ونحوه مما ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- من الرقي... وأما غير ذلك من الرقى فلا تشرع، لاسيما ما كان منها مكتوباً بالحروف المقطعة، والرموز المغلقة، التي ليس لها معنى سليم ظاهر، كما ترى أنواعاً كثيرة منها في الكتاب المسمى بـ (شمس المعارف الكبرى) ونحوه) (48).


شروط الرقية الجائزة:

قال الحافظ ابن حجر -رحمه الله-:

(وقد أجمع العلماء على جواز الرقى عند اجتماع ثلاثة شروط:

1- أن يكون بكلام الله تعالى أو بأسمائه وصفاته.

2- وباللسان العربي أو بما يعرف معناه من غيره.

3- وأن يعتقد أن الرقية لا تؤثر بذاتها بل بذات الله تعالى.


واختلفوا في كونها شرطاً، والراجح أنه لابد من اعتبار الشروط المذكورة، ففي صحيح مسلم من حديث عوف بن مالك قال: كنا نرقي في الجاهلية، فقلنا: يا رسول الله كيف ترى ذلك؟ قال: "اعرضوا عليَّ رقاكم، لا بأس بالرقى ما لم يكن فيه شرك" وله من حديث جابر نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن الرقى، فجاء آل عمرو ابن حزم فقالوا: يا رسول الله! إنه كانت عندنا رقية نرقي بها من العقرب، قال: فَعَرضُوا عليه فقال: "ما أرى بأساً، من استطاع أن ينفع أخاه فلينفعه" (49).


قال العلامة الألباني -رحمه الله-:

(وفي الحديث استحباب رقية المسلم بما لا بأس به من الرقى وذلك ما كان معناه مفهوماً مشروعاً، وأما الرقى بما لا يعقل معناه من الألفاظ فغير جائز، قال المناوي: وقد تمسك ناس بهذا العموم، فأجازوا كل رقية جربت منفعتها، وإن لم يعقل معناها، لكن دل حديث عوف الماضي أن ما يؤدي إلى شرك يمنع، وما لا يعرف معناه لا يؤمن أن يؤدي إليه، فيمنع احتياطاً) (50).


ثالثاً: أقسام الرقى

تنقسم الرقى إلى قسمين بهذه الاعتبارات:

أولاً: باعتبار الراقي.

ثانياً: باعتبار الزمن.


ويتضح هذا التقسيم من خلال العرض الآتي:

أولاً: باعتبار الراقي وتنقسم إلى ثلاثة أقسام:

1ـ أن يرقي الإنسان نفسه، وتعتبر هذه من أفضل المنازل، وأقربها للقبول، وذلك لأن المريض هو المضطر والله سبحانه وتعالى يقول: (أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاء الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَّا تَذَكَّرُونَ) (62) سورة النمل.


والرقية كالدعاء تماماً، لكنها دعاء خاص بطلب الشفاء، فالأولى أن يدعو الإنسان لنفسه، وأن يرقي نفسه، قال تعالى: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ) (186) سورة البقرة.


وقال تعالى: (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ) (60) سورة غافر.


وفي رقية الإنسان لنفسه فوائد منها:

1- كمال الإتباع للنبي -صلى الله عليه وسلم- فقد كان إذا اشتكى هو أو أحد من أهل بيته نفث عليه بالمعوذات.

2- أكمل للتوكل وتعلق القلب بالله.

3- أقرب إلى إجابة الدعاء لأن العبد الداعي هو المضطر.

4- أدعى للسلامة من الانخداع ببعض الدجالين.

5- أحفظ للنساء وأدعى لصيانتهن من التعرض للرجال الأجانب (51).

6- رجاء أن يكون الشخص من السبعين ألفاً الذين يدخلون الجنة بغير حساب.


2ـ أن يرقي الإنسان غيره:

وذلك أن يرى الإنسان شخصاً تظهر عليه علامات المرض، فيرقيه من قبل نفسه، بدون أن يطلب المريض منه ذلك لقوله -صلى الله عليه وسلم-: " مَنْ استطاع منكم أن ينفع أخاه فليفعل" (52).


ومثلما فعل جبريل عليه السلام مع النبي -صلى الله عليه وسلم- حينما اشتكى فرقاه جبريل من غير طلب من الرسول - عليه الصلاة السلام - عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- أن جبريل أتى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: يا محمد! اشتكيت. قال: " نعم ". قال بسم الله أرقيك، من كل شيء يؤذيك، من شر كل نفس أو عين حاسد الله يشفيك (53).


ولقد رخص النبي -صلى الله عليه وسلم- لأهل المريض أن يطلبوا الرقية له، عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: أمرني النبي -صلى الله عليه وسلم- أو -أمر- أن يسترقي من العين(54).


وقال أيضاً:

لما رأى في بيت أم سلمة جارية في وجهها سفعة: "استرقوا لها فإن بها النظرة" (55).


قال العلامة الألباني في بيان معنى "استرقوا":

(أي أطلبوا الرقية لها لا لكم) (56).


3ـ أن يطلب المريض من غيره أن يرقيه:

لقد مدح النبي -صلى الله عليه وسلم- مَنْ لا يطلب الرقية من غيره، لكمال توكله على الله -عز وجل- فقال في وصف السبعين ألف الذين يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب: "أنهم لا يسترقون ولا يكتوون وعلى ربهم يتوكلون" (57) والإسترقاء هو طلب الرقية من الغير، والفرق بين الراقي والمسترقي أن المسترقي سائل مستعط ملتفت إلى غير الله بقلبه، والراقي محسن(58).


عن المغيرة بن شعبة -رضي الله عنه- قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:" مَنْ اكتوى أو استرقى؛ فقد برئ من التوكل" (59).


قال العلامة الألباني -رحمه الله-:

(وفيه كراهة الأكتواء والإسترقاء: أمَّا الأول؛ فلما فيه من التعذيب بالنار، وأما الآخر؛ فلما فيه من الاحتياج إلى الغير فيما الفائدة فيه مظنونة غير راجحة، ولذلك كان من صفات الذين يدخلون الجنة بغير حساب أنهم لا يسترقون ولا يكتوون ولا يتطيرون وعلى ربهم يتوكلون. كما ثبت في حديث ابن عباس -رضي الله عنه- عند الشيخين) (60).


وقال أيضاً: (قال أهل العلم: لأن طلبك الرقية من غيرك علاج غير ناجح غالباً، أو قد ينجح، إذن في هذه الحالة يحسن بالمسلم أن يتوكل على الله، ولذلك أنهى الحديث بقوله: "وعلى ربهم يتوكلون" (61).


ثانياً: أقسام الرقي باعتبار الزمن:

تنقسم الرقي باعتبار الزمن إلى قسمين:

أ- رقية لدفع البلاء قبل وقوعه، ومن أدلتها:

1- عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يُعَوِّذُ الحسن والحسين، ويقول: "إن أباكما يُعَوِّذُ بها إسماعيل وإسحق، أعوذ بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة، ومن كل عين لامة" (62).


2- عن عثمان بن عفان -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: " مَنْ قال في أول يومه أو في أول ليلته بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء، وهو السميع العليم، ثلاث مرات، لم يضره شيء في ذلك اليوم أو في تلك الليلة (63).


ب- رقية لدفع البلاء بعد وقوعه ومن أدلتها:

1- عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا مرض أحد من أهله نفث عليه بالمعوذتين، فلما مرض مرضه الذي مات فيه جعلت أنفث عليه وأمسحه بيد نفسه لأنها كانت أعظم بركة من يدي(64).


2- عن عثمان بن أبي العاص الثقفي -رضي الله عنه- أنه شكا إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- " ضع يدك على الذي تألم من جسدك، وقل: بسم الله، ثلاثاً، وقل سبع مرات أعوذ بالله وقدرته من شر ما أجد وأحاذر (65).


رابعاً: بعض الرقى لعلاج الصرع والسحر والحسد وسائر الأمراض:

1ـ الرقي من القرآن الكريم:

1- القرآن كله شفاء لقوله تعالى: (وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاء وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ وَلاَ يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إَلاَّ خَسَارًا) (82) سورة الإسراء.

2- سورة الفاتحة.

3- سورة الإخلاص.

4- المعوذتان.

5- آية الكرسي.


ومن الأدلة على ذلك:

قال البخاري -رحمه الله-: باب الرقى بالقرآن الكريم والمعوذات:

وذكر حديث أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها-: (أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان ينفث على نفسه - في المرض الذي مات فيه - بالمعوذات، فلما ثقل كنت أنفث عليه بهن، وأمسح بيده نفسه لبركتها) (66).

وعن ابن عابس قال: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: " يا ابن عابس ألا أخبرك بأفضل ما تعوذ به المتعوذون؟ " قلت: بلى يا رسول الله، قال:" قل أعوذ برب الفلق) و (قل أعوذ برب الناس) "(67).


  2ـ الرقى النبوية:

1- عن عبدالعزيز قال: (دخلت أنا وثابت على أنس بن مالك، فقال ثابت: يا حمزة اشتكيت. فقال أنس: ألا أرقيك برقية رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟ قال: بلى. قال: اللهم رب الناس، مذهب الباس اشف أنت الشافي لا شافي إلا أنت، شفاءً لا يغادر سقماً) (68).


2- عن عائشة -رضي الله عنها- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يقول للمريض: "بسم الله، تربة أرضنا، بريقة بعضنا، يشفي سقيمنا، بإذن ربنا (69).


3- عن عثمان بن أبي العاص الثقفي، أنه شكا إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وجعاً يجده في جسده منذ أسلم. فقال له رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "ضع يدك على الذي تألم من جسدك. وقل: بسم الله، ثلاثاً. وقل: سبع مرات: أعوذ بالله وقدرته من شر ما أجد وأحاذر" (70).


4- عن محمد بن المنكدر قال جاء رجل إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فشكا إليه أهاويل يراها في المنام. فقال: " إذا أويت إلى فراشك فقل: أعوذ بكلمات الله التامة، من غضبه وعقابة، ومن شر عباده، ومن همزات الشياطين، وأن يحضرون" (71).


5- عن أبي سعيد، أن جبريل أتى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: يا محمد! اشتكيت؟ فقال: "نعم" قال: باسم الله أرقيك من كل شيء يؤذيك. من شر كل نفسِ أو عين حاسد الله يشفيك. باسم الله أرقيك (72).


خامساً: بدع وأخطاء المعالجين:

(دخل أمر العلاج بعض الشباب الذين لم تستو سوقهم في الاستقامة، ولم ينضج علمهم في الفقه، وأخذوا يعالجون بالقرآن بزعمهم متشبهين بأحمد بن حنبل وابن تيمية ـ رحمهما الله ـ وهم لم يتموا حفظ القرآن بعد، بل وقد لا يعرفون نواقض الوضوء، أو أركان الصلاة أو شروط صحتها فضلاً عن غيرها من أمور دينهم، فغاية أمر أحدهم أنه حفظ الرقية أو قرأ كتاباً أو كتابين ثم بدأ يعالج، فإذا بهم يقعون في المحظورات وهم لا يدرون -لجهلهم- فانتشرت البدع في علاجهم، وكثرت الخرافات.


وسبب ذلك أمران:

الأول: جهل المعالج بأمور الدِّين.

الثاني: تصديق الجني في كل ما يخبر به؛ لأنه أحياناً يقدم الجني نصائح للمعالج فيقول مثلاً: إن حالة كذا اقرأ لها آيات كذا، أو اكتب القرآن بطريقة معينة ثم افعل به كذا وكذا مثلاً، فيأخذ المعالج بنصيحة الجن، مما حدا بكثير منهم أن يقعوا في المحظورات) (73).


ومن هذه المخالفات والمحظورات:

أولاً: الحوار مع الجن وتصديقهم:

لقد كثر الحوار مع الجن وسؤالهم عن الكثير من الأشياء مثل: اسمه وسنه وديانته وتصديق الناس لذلك؛ مما أدى إلى كثير من المفاسد والمخالفات، متناسين أن الجن ليس مصدراً لتلقي العلم، لأن الغالب في كثير من الجن الكذب لقولـه -صلى الله عليه وسلم- لأبي هريرة -رضي الله عنه- "صدقك وهو كذوب"، بالإضافة لمخالفته هدي النبي -صلى الله عليه وسلم- في مثل هذه الحالات.


قال العلامة الألباني -رحمه الله-:

(لقد كان الذين يتولون القراءة على المصروعين أفراداً قليلين، صالحين فيما مضى، فصاروا اليوم بالمئات، وفيهم بعض النسوة المتبرجات فخرج الأمر عن كونه وسيلة شرعية -لا يقوم به إلا الأطباء عادة- إلى أمور ووسائل أخرى لا يعرفها الشرع ولا الطب معاً، فهي -عندي- نوع من الدجل والوساوس يوحي به الشيطان إلى عدوه الإنسان (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نِبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاء رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ ) (112) سورة الأنعام. وهو نوع من الاستعاذة بالجن التي كان عليها المشركون في الجاهلية المذكورة في قوله تعالى: (وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِّنَ الْإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِّنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا) (6) سورة الجن. فمن استعان بهم على فك السحر -زعموا- أو معرفة هوية الجني المتلبس بالإنسي أذكر هو أم أنثى؟ مسلم أو كافر؟ وصدقه المستعين به ثم صدقه الحاضرون عنده، فقد شملهم جميعاً وعيد قوله -صلى الله عليه وسلم-: "مَنْ أتى عرافاً أو كاهناً فصدقه بما يقول، فقد كفر بما أنزل على محمد" وفي حديث آخر: "لم تُقْبَلْ له صلاة أربعين ليلة" رواه مسلم وغيره وهو مخرج في غاية المرام رقم (284) والحديث الذي قبله صحيح انظر الإرواء (2006) فينبغي الانتباه لهذا، فقد علمت أن كثيراً ممن ابتلوا بهذه المهنة هم من الغافلين عن هذه الحقيقة، فأنصحهم -إن استمروا في مهنتهم- أن لا يزيدوا في مخاطبتهم على قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "اخرج عدو الله" مذكراً لهم بقوله تعالى: (فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) (63) سورة النــور. والله المستعان، ولا حول ولا قوة إلا بالله) (74).


وقد ترتَّب على هذه الحوارات مع الجان الكثير من المفاسد منها:

1- الفتنة والوقيعة بين الناس، عندما يزعم الجن أن فلاناً هو الذي صنع السحر وذلك أمام الحاضرين مما يؤدي إلى إلقاء العداوة والبغضاء بين المسلمين، فكم من أرحام قُطِّعَتْ، وبيوت خُرِّبت، وأُسَر هُدِّمت، بسبب ذلك، وإلى الله المشتكى.

2- تمكين الجني المتلبس ببدن الإنسي بالبقاء أطول مدة ممكنة لترك قراءة القرآن والأذكار النبوية.


ثانياً: الاستعانة بالجن في العلاج

قال الشيخ صالح بن عبد العزيز آل الشيخ -حفظه الله -:

(الاستعانة بالجن سواءً أكانوا مسلمين أم غير مسلمين وسيلةً من وسائل الشرك، والاستعانة معناها: طلب الإعانة؛ ولهذا فمن المتقرر عند أهل العلم أنه لايجوز طلب الإعانة من مسلمي الجن؛ لأن الصحابة -رضوان الله عليهم- لم يطلبوا ذلك منهم، وهم أولى أن تخدمهم الجن، وأن تعينهم.


وأصل الاستعانة بالجن:

من أسباب إغراء الإنسي بالتوسل إلى الجني، وبرفعة مقامه، وبالاستمتاع به، وقد قال -جل وعلا-: (وَيَوْمَ يِحْشُرُهُمْ جَمِيعًا يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُم مِّنَ الإِنسِ وَقَالَ أَوْلِيَآؤُهُم مِّنَ الإِنسِ رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ وَبَلَغْنَا أَجَلَنَا الَّذِيَ أَجَّلْتَ لَنَا) (128) سورة الأنعام.


فحصل الاستمتاع -كما قال المفسرون- من الجني بالإنسي:

بأن الإنسي يتقرَّب إليه، ويخضع له، ويذل، ويكون في حاجته، ويحصل الاستمتاع من الإنسي بالجني بأن يخدمه الجني، وقد يكون مع ذلك الاستمتاع ذبحٌ من الإنسي للجني، وتقربٌ بأنواع العبادات، أو بالكفر بالله -جل وعلا- والعياذ بالله، بإهانة المصحف، أوبامتهانه أو نحو ذلك؛ ولهذا نقول إن تلك الاستعانة بجميع أنواعها لا تجوز، فمنها ماهو شرك -كالاستعانة بشياطين الجن- يعني: الكفار - ومنها ماهو وسيلةٌ إلى الشرك، كالاستعانة بمسلمي الجن.


وبعض أهل العلم كشيخ الإسلام ابن تيمية يقول:

إن الجن قد تخدم الإنسي.


وهذا المقام فيه نظر وتفصيل؛ ذلك أنه -رحمه الله- ذكر في آخر كتاب النبوات: أن أولياء الله لا يستخدمون الجن إلا بما فعله معهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بأن أمرهم، ونهاهم، أي: بالأوامر، والنواهي الشرعية، أمَّا طلب خدمتهم وطلب إعانتهم: فإنه ليس من سجايا أولياء الله، ولا من أفعالهم قال: مع أنه قد تنفع الجن الإنس، وقد تقدم له بعض الخدمة ونحو ذلك، وهذا صحيح من حيث الواقع.


فالحاصل أن المقام فيه تفصيل:

فإذا كان الاستخدام بطلب الخدمة من الجني المسلم، فهذا وسيلة إلى الشرك، ولا يجوز أن يعالج عند أحد يعرف منه أنه يستخدم الجن المسلمين. وإذا كانت الجن تخدم بعض الناس بدون طلبه، فإن هذا قد يحصل، لكن لم يكن هذا من خلق أولياء الله، ولا مما سخَّرهُ الله -جل وعلا- لخاصة عباده، فلا يسلم من هذا حاله من نوع خلل جعلت الجن تكثر من خدمته، وإخباره بالأمور، ونحو ذلك.


فالحاصل:

أن هذه الخدمة إذا كانت بطلب منه، فإنها لا تجوز، وهي نوع من أنواع المحرمات؛ لأنها نوع استمتاع، وإذا كانت بغير طلبٍ منه فينبغي له أن يستعيذ بالله من الشياطين ويستعيذ بالله من شر مردة الجن؛ لأنه قد يؤدي قبول خبرهم، واعتماده، إلى حصول الأنس بهم، وقد يقوده ذلك الاستخدام إلى التوسل بهم والتوجه إليهم -والعياذ بالله - فإذا تبين ذلك: فإن خبر الجن عند أهل العلم ضعيف، لا يجوز الاحتجاج به عند أهل الحديث، وذكر ذلك أيضاً الفقهاء. وهذا صحيح؛ لأن البناء على الخبر وقبوله: هو فرعٌ عن تعديل المخبر، والجني غائب، وعدالته غير معروفة، وغير معلومة عند السامع، فإذا بنى الخبر عمَّن جاءه به من الجن وهو لم يرهم، ولم يتحقق عدالتهم إلا بما سمع من خطابهم -وهي لا تكفي- فإنه يكون قد قبل خبر من يحتمل أنه فاسق؛ ولهذا قال الله -جل وعلا-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ) (6) سورة الحجرات.


والذين يقبلون إخبار الجن، وإعلام الجن لهم ببعض الحوادث، تحصل منهم مفاسد متنوعة كثيرة.... فهذه المسألة يجب على طلاب العلم أن يسعوا في إنكارها وبذل الجهد في إقامة الحجة على من يستخدم الجن، ويتذرع بأن بعض العلماء أباح ذلك، والواقع أن هذا العمل وسيلة من وسائل الشرك بالله -جل وعلا- واقرؤوا أول كتاب ((تاريخ نجد)) لابن بشر، حيث قال إن سبب دخول الشرك إلى قرى نجد أنه كان بعض البادية إذا أتى وقت الحصاد أو أتى وقت خرف النخيل، فإنهم يقطنون بجانب تلك القرى ومعهم بعض الأدوية والأعشاب فإذا كانوا كذلك فربما سألهم بعض جهلة تلك القرى حتى حببوا إليهم بعض تلك الأفعال المحرمة من جراء سؤالهم وحببوا إليهم بعض الشركيات أوبعض البدع حتى فشا ذلك بينهم فبسب هؤلاء المتطببين الجهلة، والقراء المشعوذين انتشر الشرك - قديماً- في الديار النجدية وما حولها، كما ذكر ابن غنَّام.


وقد حصل أن بعض مستخدمي الجن، كثر عنده الناس، فلما رأى من ذلك، صار يعالج علاجاً نافعاً، فزاد تسخر الجن له، حتى ضعف تأثيره، فلما ضعف تأثيره ولم يستطع مع الحالات التي تأتيه للقراءة أوللعلاج شيئاً: صار تعلقه بالجن أكثر، ولا زال ينحدر مافي قلبه من قوة اليقين، وعدم الاعتماد بقلبه على الجن، حتى اعتمد عليهم شيئاً فشيئاً، ثم حرَّفُوه -والعياذ بالله- عن السُّنَّة، وعمَّا يجب أن يكون في القلب من توحيد الله، وإعظامه، وعدم استخدام الجن في الأغراض الشركية، فجعلوه يستخدم الجن في أغراض شركية وأغراض لا تجوز بالاتفاق (75).


ثالثاً: استرضاء الجن والذبح له

وفي هذه الطريقة يقوم المعالج باسترضاء الجني الصارع، فيلبي له جميع طلباته، فأحياناً يطلب منه ذبح حيوان أو لبس ذهب أو شرب دخان أو غيرها من الأمور المحرمة.


وسبب حرمة هذه الطريقة -والله أعلم- عدة أمور:

1- أن الذبح للجن شرك بالله، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:" لعن الله مَنْ ذبح لغير الله" (76) والتداوي بالشرك والكفر لا خلاف بين العلماء في تحريمه، ولا يجوز التداوي به باتفاق.


2- لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، حيث يطيع الجنيَّ ويلبس الذهب -إن كان رجلاً- أو يشرب الدخان، وهي من الأمور المحرمة شرعاً.


3- تلبية هذه الرغبات تزيد الجني طغياناً وكفراً وعتواً وتمرداً؛ لقوله تعالى: (وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِّنَ الْإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِّنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا) (6) سورة الجن (77).


رابعاً: الاعتماد على التجربة

وَسَّع المعالجون الباب في علاج الصرع الجني، ويستخدمون طرقاً تختلف من شخص لآخر، بزعم أنها مجربة، ونافعة أيضاً، ولذلك كثيراً ما تسمع عن هذه الوسائل المجربة:

1- القراءة على الماء والوضوء منه، والاغتسال به، والتوسع في ذلك.

2- الدهن بالزيت في مواضع معينة.

3- استعمال البخور والخرز وتعليقه.

4- إخافة الجني وإيذائه وسجنه وحرقه وقتله!!

فتارة يستعملون الضرب والخنق، وتارة يحرقون بدن المصروع في أجزاء معينة، وإظلام المكان..، وبعضهم يدخلون المريض على بعض الحيوانات كالذئب مثلاً لإخافة الجني -زعموا- وغيرها كثير.

5- القراءة على الجماعات من الناس في وقت واحد لكسب الوقت، وذلك باستخدام مكبرات الصوت في المساجد، مع التركيز على آيات معينة ومحدودة بزعم أنها آيات الرقية.


قال العلامة الألباني -رحمه الله-:

ليس كل تجربة نافعة يدل على شرعية هذه الوسيلة وإلا فتح لنا هذا باباً واسعاً من الدجل والبدعة والخرافة، بل من الشرك أحياناً.


الذين يتوسلون بالأنبياء والأولياء الصالحين، ويتضرعون عند قبورهم ويطلبون منهم قضاء حوائجهم يقولون جربنا مراراً وتكراراً حتى إنه سُطِّر في الكتب قبر (معروف) الترياق المجرب، وهذا هو المسجل تاريخياً، والمعروف عند الناس عملياً (78)... أنا أقول نجاح التجربة لا يكفي في الدلالة على شرعيتها، لابد أن يكون هناك دليل يؤيد الشرعية، وإلا فلا.


قال سائل:

التوسل عبادة محضة تحتاج إلى دليل، أما التداوي الأصل فيه المشروعية والجواز، والأصل فيه عدم التقيد، فما جوابكم على هذا التفريق؟


قال العلامة الألباني:

(هذا الكلام أراه صحيحاً لو كان الأمر متعلقاً بمعالجة أمور لا تتعلق بالغيب، لا تتعلق بما يُقَالُ اليوم بما وراء المادة، والجن من هذا القبيل، فلا أرى هذا من هذا حتى نقول بالموافقة (79).


قال الشيخ محمد صفوت نور الدِّين -رحمه الله-:

(ما يفعله كثير من الناس من ضرب أو خنق أو كي، وإسراف في استخدام ذلك، يخرجون بذلك عن الشرع الذي جاء، ويستدلون بما لا يصلح لذلك دليلاً، كقول منسوب للإمام أحمد بن حنبل -رحمه الله- أو شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- وهم يعلمون أن الضرب، أو الخنق ليس المؤثر، إنما المؤثر هو ذكر الله -سبحانه وتعالى- والدعاء، فما لهم ينتقلون من الأعلى إلى الأدنى، وينتقلون مما يعلم بالشرع نفعه إلى ما يخشى وقوع ضره، فيتأثر المريض بذلك الضرب والخنق، ولو كان الضرب هو المؤثر لكان النبي -صلى الله عليه وسلم- يأمر مَنْ يجلد المصروع لا مَنْ يرقيه) (80).


خامساً: التفرغ للرقية:

(لقد تفرَّغ كثير من المُعالجين للرقية، وقصروا أوقاتهم على القراءة على المرضى، ووسَّعوا دورهم واستعدوا للزائرين، ورتَّبُوا لهم مواعيد كما تفعل المستشفيات المتخصصة تماماً، واتخذوا هذا العمل حرفة لهم، وذلك لكثرة ما يدره عليهم من دخل مادي كبير.

هوامش الكتاب
(43) وقفة مع الجن للدكتور / محمد أحمد إسماعيل المقدم محاضرة مسجلة على (4) أشرطة تسجيلات دار بلال الأسكندرية.
(44) لسان العرب لابن منظور (13/332) طبعة دار صادر بيروت.
(45) المرجع السابق (3/499) نقلاً عن الرقي على ضوء الكتاب والسنة. د. علي العلياني ص (7).
(46) السفعة: سواد في الوجه، وقيل لون يخالف لون الوجه. الفتح (10/212).
(47) رواه البخاري (5739) والمراد بالنظرة: أنها أصيبت بالعين سواء من الجن أو الإنس، الفتح(10/213).
(48) رواه مسلم (2199).
(49) (إسناده صحيح) ابن حبان (14119)، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (1931).
(50)  السلسلة الصحيحة (4/566).
(51) فتح الباري (10/206).
(52)  السلسلة الصحيحة للألباني (1/844). الطبعة الجديدة مكتبة المعارف.
(53) رسالة السحر والعين والرقية منها لفهد بن سليمان القاضي ص (13، 14).
(54)  مسلم (2199).
(55) رواه مسلم ح (2186).
(56) رواه البخاري (5738)
(57) رواه البخاري (5739)
(58)  كيف يعالج المصروع محاضره للألباني. تسجيلات القدس. جدة.
(59) متفق عليه،. رواه البخاري (5739). ومسلم (2197).ولفظة (لا يرقون) شاذة. راجع السلسلة الصحيحة للألباني ح (244). رواه البخاري (5739). ومسلم (2197).
(60) فتح المجيد ص (84) طبعة مؤسسة قرطبة.
(61)  (صحيح) رواه الترمذي وابن حبان في صحيحه وابن ماجة والحاكم. وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (244).
(62)  السلسلة الصحيحة (1/490).
(63)  كيف يعالج المصروع.
(64)  رواه البخاري (3371).
(65) (صحيح) رواه أحمد وابن ماجه، وصححه الألباني في صحيح ابن ماجة (3120).
(66) رواه مسلم (2192).
(67) رواه مسلم (2202).
(68) صحيح البخاري (5735).
(69) (صحيح) رواه أحمد والنسائي. وصححه الألباني في السلة الصحيحة ح (11044) طبعة المكتب الإسلامي.
(70) صحيح البخاري (5742).
(71) صحيح البخاري (5745).
(72)  صحيح مسلم (2202).
(73)  (صحيح) السلسلة الصحيحة للعلامة الألباني - رحمه الله - ح (11044) طبعة المكتب الإسلامي.
(74) صحيح مسلم (2186).
(75)  وقاية الإنسان من الجن والشيطان ص (9) طبعة. مكتبة الصحابة ـ الطبعة العاشرة.
(76) السلسلة الصحيحة للألباني (6/1009-1010) طبعة مكتبة المعارف بالرياض.
(77) التمهيد لشرح كتاب التوحيد صـ (615ـ 619). للشيخ / صالح بن عبد العزيز آل الشيخ. ط دار التوحيد، الطبعة الأولى.
(78) رواه مسلم (1978) عن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه-.
(79)  انظر عالم الجن والشياطين لعمر سليمان الأشقر ص (143-144) وقاية الإنسان ص (107).
(80) مثل ما كتبه الشيخ / محمد بن عبدالوهاب -رحمه الله- في (الكلمات النافعة في شأن الحيوان يحبس فيه البول، أو الغائط، فيطاف به قبور المشركين فيبرأ، ولا يصلح ذلك دليلاً على صلاح صاحب القبر، إنما يفسره أهل العلم بأنهم يعذبون في قبورهم، فيسمع الحيوان صراخاً إذا اقترب من القبر فيرتاع لذلك، فتهتز أمعاؤه وأحشاؤه، فتطرد ما فيها، فيبرأ، لا دليل في ذلك على صلاح، بل هو دليل كفر وشرك وفساد) مجلة التوحيد ص (19).



العلاج بالقرآن الكريم ضوابط ومحاذير 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52861
العمر : 72

العلاج بالقرآن الكريم ضوابط ومحاذير Empty
مُساهمةموضوع: رد: العلاج بالقرآن الكريم ضوابط ومحاذير   العلاج بالقرآن الكريم ضوابط ومحاذير Emptyالأحد 06 يونيو 2021, 6:08 pm

وهذه الصورة يترتب عليها مفاسد كثيرة منها:
1- يظن الناس أن لهذا القارئ بعينه خصوصية، بدليل كثرة زحام الناس عليه، وتطغى حينئذ أهمية القارئ على أهمية المقروء وهو كلام الله، وكل ذريعة تضعف ثقة الناس بالقرآن ينبغي أن تسد ولا تفتح.

2- قد يتوهم القارئ نفسه أن الشياطين تخاف منه، وتخرج من المصروعين فيظن أنه من الأولياء الأبرار ويصيبه العجب والكبر ونحو ذلك.

3- لقد اشتهر كثير من الصحابة بإجابة الدعاء كسعد بن أبي وقاص -رضي الله عنه-، وبعض التابعين كأويس القرني -رحمه الله- ومع هذا لم يؤثر أن المسلمين تزاحموا على أبوابهم أفواجاً إثر أفواج لطلب الدعاء مع حاجة المسلمين إلى إجابة دعائهم في صلاح دينهم ودنياهم.

4- إن المتفرغ للرقية على الناس فيه مشابهة بالذي يتفرغ للدعاء للناس، فالرقية والدعاء من جنس واحد، فهل يليق بطالب علم أن يقول للناس تعالوا إليّ ادع لكم!! فضلاً عن تعطيلها سنة رقية المريض لنفسه، وطلبه الشفاء من الله) (81).

سادساً: التوسع في أخذ الأجر على الرقية:
توسَّع القائمون على العلاج في أخذ الأجر على الرقية، مما أدَّى إلى ظهور صور مرفوضة:
1- المطالبة بمبالغ كبيرة أحياناً.
2- يرفض أن يرقي إلا بعد أن يدفع أهل المريض الأجر.
3- التعمد في تكرار الجلسات، وإطالتها، حتى يأخذ أجراً عن كل جلسة.
4- ادعاء بعضهم أنه لا يأخذ أجراً، ولكنه في المقابل يبيع للمريض الماء المقروء عليه المخلوط ببعض الأعشاب!! بمبالغ طائلة، كل هذه الأمور على الرغم من عدم تحقق الشفاء في غالب الحالات، مما أدى إلى ظهور المعالجين بصورة سيئة، وأنهم (ماديون) أو (انتهازيون).
ويستدل أصحاب هذا الرأي بما ورد في السنة الصحيحة مثل حديث أبي سعيد الخدري، وحديث عم خارجة بن الصلت، وغيرهما مما يفيد جواز أخذ الأجرة على الرقية، ولكن الناظر إلى هذه الأحاديث يجد أن الصحابة لم يأخذوا أجراً على الرقية إلا بعد تحقق الشفاء التام ففي حديث أبي سعيد: (فقرأ عليه أم الكتاب، حتى برأ كأنما نُشِّطَ من عقال، قال: فأوفوهم جُعْلَهم الذي صالحوهم عليه) (82)، وفي الحديث الآخر: (فرقيته بفاتحة الكتاب، فبرأ، فأعطوني مئة شاة) (83) ولذلك نرى -والله أعلم- أن يقيد الأجر على الرقية بتحقق الشفاء التام.

سابعاً: علاج النساء:
قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء" (84) لقد استطاع الشيطان عن طريق النساء أن يوقع المعالجين في الكثير من المخالفات الشرعية بحجة أنهم معالجون كالأطباء -زعموا!- أنهم مضطرون لذلك!

ومن هذه المخالفات ما يلي:
1- النظر للنساء أثناء العلاج ليعرف نوع الجن -بزعمه- أو ما يُسَمَّى (بالكشف بالنظر) (85).
2- وضع يده على جسم المريضة، وأحياناً يقوم بدهن بعض جسمها بالزيت!.
3- القراءة على المريضة بدون وجود محرم معها؛ مما أدى إلى الخلوة المحرمة.
4- كشف العورات، وانتهاك الأعراض والحرمات.

وذلك كله بسبب جهلهم أن (الاضطرار إنما يقع في الأسباب المادية، فقد يضطر الطبيب فيجرح المريض، أو يستأصل منه عضواً، أو يشق له جلداً، أو يصف له الدواء المر، أو يكشف له عورة، أو يلمس له موضعاً لا يحل له لمسه، أو ينظر إلى امرأة لا تحل له؛ لأنه لا سبيل لتشخيص المرض، أو وصف الدواء، أو العلاج إلا بذلك، فهو مضطر، فيرتكب الضرر الأدنى دفعاً للضرر الأكبر، أما الأسباب الشرعية: فهي دعاء لله، وطلب منه سبحانه، وذلك لا يسبب اضطراراً، فلا تجوز فيه معصية - وإن صغرت -، بل يحرص فيه على الطاعة التي تعين على رفع الدعاء، فلا تجوز خلوة بغير محرم، ولا نظر إليها، ولا لمس لها، ولا غير ذلك من المخالفات الشرعية) (86).

ثامناً: الابتداع في الأذكار
(كثير من كتب العلاج بالقرآن قيدت الأذكار التي أطلقها الشرع بعدد محدود، أو أطلقت المقيد من هذه الأذكار، فنجد في بعض هذه الكتب أن الذكر أو الآية مثلاً تقال (20) مرة أو (100) مرة (87).

ولم يثبت ذلك في نصوص الشريعة، وقد يحد المؤلف حداً من عنده كما في كتاب: (إثبات علاج جميع الأمراض بالقرآن الكريم) فبعد ما ذكر المؤلف آيات الشفاء في القرآن قال: تكتب في طبق صيني أبيض بدون نقوش بالزعفران وماء ورد ثم تمحى بماء ويسقى للمريض فإنه يشفى في وقته بإذن الله تعالى!!.

ولا ندري من أين أتى بهذه التقيدات؛ فكتابة الآيات على مثل هذا النحو مختلف فيه بين العلماء، ومن قال بجواز ذلك، فما هو دليله على أن الطبق لابد وأن يكون من الصيني الأبيض غير المنقوش؟!.

ماذا لو تأخر الشفاء، ولم يشف المريض في وقته؟.

هذا مثل من أمثلة عديدة لو نقلناها من مصادرها لطال بنا الحديث، ثم بعض هذه الكتب، وبعض من يعالج أيضاً يذكر آيات وسور تقرأ بعدد معين محدد لأمراض معينة مثل: السرطان والروماتيزم والأمراض الجلدية وأمراض الصدر (88) فمن أين أتى بهذا التحديد؟.

هل قرأ هذا التوصيف في كتاب الله أو سُنَّةِ رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟) (89).

وأخيراً:
هذه صيحة تحذير وصرخة نذير للمعالجين بالقرآن أن يتقوا الله -سبحانه وتعالى- في السر والعلن وأن يتقيدوا بما جاء في القرآن والسُّنَّة الصحيحة وألا يستخفنهم الشيطان فيُلقي بهم في مهاوي الضلالة والبدعة والشرك.

قال تعالى: (فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) (63) سورة النــور.

صور من هجر التداوي والاستشفاء بالقرآن الكريم:
لَمَّا هجر الناس كتاب الله -جل وعلا- في باب التداوي والاستشفاء ضلوا ضلالاً بعيداً، ولجأوا إلى غير الله رب العالمين يلتمسون منهم الشفاء والدواء لأمراضهم، فخاب ظنهم، وضل سعيهم في الدنيا والآخرة، وهذه بعض الصور من هجر التداوي والاستشفاء التي تدل على الجهل وسوء المعتقد نذكرها تحذيراً لأمة القرآن منها.

أولاً: إتيان السحرة والعرافين:
لجأ كثير من الناس إلى السحرة والعرافين يطلبون منهم الشفاء لأمراضهم، وفك أعمالهم من السحر، وعلاج مصروعهم...

ومما لا شك فيه أن هذه الطريقة مخالفة لهدي النبي -صلى الله عليه وسلم- للأمور الآتية:
1- عن جابر بن عبدالله -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سُئِلَ عن النُّشرة؟ فقال: "هي من عمل الشيطان" (90).

قال الإمام ابن القيم -رحمه الله-:
النشرة حل السحر عن المسحور، وهي نوعان:
أحدهما:
قيل بسحر مثله، هو الذي من عمل الشيطان. وعليه يحمل قول الحسن (لا يحل السحر إلا ساحر).

فيتقرب الناشر والمنتشر إلى الشيطان بما يحب، فيبطل عمله في المسحور.

والثاني:
النشرة بالرقية والتعوذات والأدوية والدعوات المباحة. فهذا جائز (91).
2- قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "مَنْ أتى عَرَّافاً فسأله عن شيء، لم تُقْبَلْ له صلاة أربعين ليلة" (92).

وقال أيضاً:
"مَنْ أتى كاهناً فَصَدِّقه بما يقول، فقد كفر بما أُنْزَل على محمد -صلى الله عليه وسلم-" (93).

لقد ترتَّب على إتيان العرافين أمران هما:
1-) الكفر بما أنزل على محمد -صلى الله عليه وسلم- وهما الكتاب والسُّنَّة).
2-) لا تقبل للمرء صلاة أربعين ليلة).
3- قال تعالى: (... وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنفَعُهُمْ...) (102) سورة البقرة.

وقال أيضاً:
(... وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى) (69) سورة طـه.

فبيَّنَ اللهُ تعالى أن طريق السحرة إلى الضلال والإفساد والضر وعدم الفلاح.

4- ورد عن الصحابة -رضي الله عنهم- بيان حكم الساحر في الشريعة الإسلامية، وهو القتل، فلو كان للساحر منفعة، لم يأمر بقتله.

عن جندب بن كعب -رضي الله عنه- قال: (حد الساحر: ضربه بالسيف) (94).

عن بجالة بن عبده قال: (كتب عمر بن الخطاب: أن اقتلوا كل ساحر وساحرة) (95).

علامات يُعرَفُ بها السَّاحر:
إذا وجدت علامة واحدة من هذه العلامات في أحد المعالجين فهو ساحر بلا أدنى ريب، وهذه العلامات هي:
1- يسأل المريض عن اسمه واسم أمه.
2- يأخذ أثراً من آثار المريض: (ثوب - قلنسوة - منديل - فانيلة...) وما يُعرف: (بالثمل).
3- أحياناً يطلب حيواناً بصفات معينة ليذبحه ولا يذكر اسم الله عليه وربما لطخ بدمه أماكن الألم من المريض، أو يرمي به في مكان خرب.
4- كتابة الطلاسم، وتلاوة العزائم غير المفهومة.
5- إعطاء المريض (حجاباً) يحتوي على مربعات بداخلها حروف أو أرقام.
6- يأمر المريض أن يعتزل الناس مدة معينة في غرفة لا تدخلها الشمس ويسميها العامة (الحجبة).
7- أحياناً يطلب من المريض ألا يمس ماء مدة معينة غالباً تكون أربعين يوماً، وهذه العلامة تدل على أن الجني الذي يخدم هذا الساحر نصراني.
8- يعطي المريض أشياء يدفنها في الأرض.
9- يعطي المريض أوراقاً يحرقها ويتبخر بها.
10- أحياناً يخبر الساحر المريض باسمه واسم بلدته ومشكلته التي جاء من أجلها.
11- يكتب للمريض حروفاً مقطعة في ورقة (حجاب) أو في طبق من الخزف الأبيض ويأمر المريض بإذابته وشربه.

فإن علمت أن الرجل ساحر فإياك والذهاب إليه وإلا انطبق عليك قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "مَنْ أتى كاهناً فصدَّقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد -صلى الله عليه وسلم- "(96).

ثانياً: تعليق التمائم
التمائم:
جمع تميمة، وهي ما يعلق بأعناق الصبيان من خرزات وعظام ونحوه، خوفاً من العين، وكانت التمائم منتشرة في الجاهلية فلما جاء الإسلام أبطلها ونهى عنها.

عن عبدالله بن مسعود -صلى الله عليه وسلم- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "إن الرُّقى والتمائم والتوله شرك" (97) وذلك عندما دخل على امرأته فرأى عليها حرزاً من الحمرة، فقطعه قطعاً عنيفاً، ثم قال: إن آل عبدالله عن الشرك أغنياء، ثم ذكر الحديث.

عن عقبة بن عامر الجهني: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أقبل إليه رهط، فبايع تسعة، وأمسك عن واحد، فقالوا: يا رسول الله!؛ بايعت تسعة وتركت هذا؟ قال: "إن عليه تميمة، فأدخل يده، فقطعها، فبايعه وقال: مَنْ علق تميمة؛ فقد أشرك "(98).

قال العلامة الألباني -رحمه الله-:
(ولا تزال هذه الضلالة فاشية بين البدو والفلاحين وبعض المدنيين ومثلها الخرزات التي يضعها بعض السائقين أمامهم في السيارات يعلقونها على المرآة! وبعضهم يعلق نعلاً في مقدمة السيارة أو في مؤخرتها وغيرهم يعلقون نعل فرس في واجهة الدار والدكان؛ كل ذلك لدفع العين -زعموا-، وغير ذلك مما عمّ وطم بسبب الجهل بالتوحيد وما ينافيه من الشركيات والوثنيات التي ما بُعِثَتْ الرسل وأُنْزِلَت الكتب إلا من أجل إبطالها والقضاء عليها، فإلى الله المشتكى، من جهل المسلمين اليوم، وبعدهم عن الدِّين) (99).

أما إذا كانت التميمة من القرآن، والأدعية النبوية، فقد اختلف العلماء فيها بين الجواز والمنع، والصحيح أن يُمْنَع أن يعلق شيئاً من القرآن لوجوه ثلاثة:
الأول: عموم النهي ولا مخصص للعموم.
الثاني: سدَ الذريعة؛ فإنه يفضي إلى تعليق ما ليس كذلك.
الثالث: أنه إذا عُلِّق فلابد أن يمتهنه المُعَلِّق بحمله معه في حال قضاء الحاجة والاستنجاء ونحو ذلك (100).

ثالثاً: الاستشفاء بتربة القبور
(ويقع ذلك من الجاهلين على أنواع مثل أخذها، ومسح الجلد بها، أو التمرغ على القبور أو الاغتسال بها مع الماء أو شربها... إلخ.

وهذا كله ناشئ عن اعتقادهم في صاحب القبر أنه ينفع ويضر حتى عدوا ذلك إلى تربته التي دفن فيها وبعضهم يعديه إلى التربة التي وضعت عليها جنازته) (101).

ووصل الأمر بهم إلى أن جعلوا لكل قبر خاصية، فهذا القبر لإخراج الجن، والآخر لقضاء الحوائج، وغيره لشفاء الأمراض... وكذلك الاستشفاء بالأحجار والأشجار والآبار والعيون يطلبون منها الشفاء لأمراضهم.

رابعاً: إتيان الكنائس
(انتشرت مصيبة كبرى في بعض الدول العربية لاسيما مصر، وهي الذهاب إلى القساوسة في الكنائس لعلاج المس والسحر؛ فيأمرهم القساوسة بلبس الصليب، فيفعلون ذلك ابتغاء الشفاء بزعمهم، ثم يقرءون عليهم ترانيم معينة، ويعطونهم أوراقاً فيها شرك عظيم) (102).

(ومن قبيح جهال النساء أنهن يذهبن إلى القسيس بماري جرجس أو بدير العريان بمعصرة حلوان أو غيرهما يطلبن منه حجاباً للنظرة أو حجاباً لوقاية ابنها من الحسد والنكد، وأن هذا البلاء المبين، وإنما كان يكفي هذه الجاهلة المسكينة أن تقرأ المعوذتين أو الفاتحة على ولدها وتستريح من هم وعناء السفر والمصاريف) (103).

خامساً: حرز أبي دجانة
يقول الصحابي الجليل أبودجانة -رضي الله عنه- "شكوت إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقلت: يا رسول الله بينما أنا مضطجع في فراشي إذ سمعت في داري صريراً كصرير الرَّحى ودوياً كدوي النَّحل، ولمعاً كلمع البرق فرفعتُ رأسي فزعاً مرعوباً، فإذا أنا بظل أسود تدلَّى، يعلو ويطول في صحن داري، فأهويت إليه، فمسستُ جلده فإذا جلدهُ كجلد القنفذ، فرمى في وجهي مثل شرر النار، فظننتُ أنه قد أحرقني وأحرق داري، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:" عامر دارك سوء يا أبا دجانة، ورب الكعبة مثلك يؤذي يا أبا دجانة، ثم قال: "ائتوني بداوة وقرطاس (ورقة)" فأتى بهما فناوله علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- وقال: "اكتب أبا الحسن"، قال: وما أكتب؟ قال: "اكتب بسم الله الرحمن الرحيم: هذا كتاب من محمد رسول الله رب العالمين إلى مَنْ طرق الباب من العُمار والزوار..." إلخ.

لقد حكم علماء الحديث وأئمة الإسلام على هذا الحديث بأنه (موضوع).

قال ابن الجوزي في الموضوعات (3/169):
(هذا حديث موضوع بلا شك، وإسناده مقطوع (يعني: منقطعاً) وليس في الصحابة من اسمه موسى أصلاً، وأكثر رجاله مجاهيل لا يعرفون).

وكذا نقله ابن عراق في تنزيه الشريعة (2/324، 325)، والسيوطي في اللآلئ المصنوعة في الأحاديث الموضوعة (2/348)، والفتنى الهندي في تذكرة الموضوعات (212).

وقال الصنعاني: حرز أبي دجانة: موضوع.
وقال الذهبي في السنن (1/245): (وحرز أبي دجانة شيء لم يصح ما أدري مَنْ وضعه).

وقال البيهقي: وقد رُوي في حرز أبي دجانة حديث طويل، وهو موضوع لا تحل روايته) (104).

وإنما ذكرنا حرز أبي دجانة للتحذير منه، وبيان درجته، والذي دفعنا إلى ذلك أننا قرأنا في بعض الكتب التي تتناول علاج المس الشيطاني، ويوصي مؤلف هذا الكتاب باستعماله بخاصة بعد نجاح تجربته!!.

قال: (هذه الرسالة (حرز أبي دجانة) تحتوي على خطاب يوضع خلف باب المنزل الذي يرى فيه بعض التخيلات، وقد أفادت التجربة نجاحها مع قراءتها جهراً في المكان بعد آية الكرسي ثلاث ليال متوالية؟!!.

وقال أيضاً (ونوجه ذهن المعالج أن يصف رسالة أبي دجانة مع معظم حالات السحر؟! لأنها مكملة للأذكار!! حتى يتكامل البرنامج العلاجي للمسحور والممسوس!! أو مَنْ يجدون في منازلهم أصواتاً غريبة أو تحركات مريبة) (105).

ويلحق بحرز أبي دجانة ما تشتهر بين الناس بالعهود السليمانية وهي عبارة عن أذكار مخترعة وأوراد غريبة ورسومات وأشكال غير واضحة يزعمون أنها تدفع العين والمس والصرع وأنها عهود أخذها سليمان عليه السلام على الجن، فكن -أخي الحبيب- على حذر من هذه الخرافات وابتعد عن الدجل والمشعوذة والجأ إلى كتاب الله فإن فيه الشفاء التام لجميع الأمراض والأسقام إذا توكلت على الملك العلام.

الفهرس
مقدمة
الفصل الأول: المرض
- تعريف المرض
- أنواع المرض
- ماذا يعني المرض عند المسلم
- الأمر بالتداوي
- أنواع الطب
- حكم التداوي
- الدعاء من أنفع الأدوية
- القرآن علاج وشفاء
- أحاديث ضعيفة في فضل التداوي بالقرآن
الفصل الثاني: الصرع
ـ تعريف الصرع
- الأدلة على إثبات الصرع
- أنواع الصرع
- أسباب الصرع
- أسباب انتشار ظاهرة الصرع
الفصل الثالث: الرقية الشرعية
- تعريف الرقية
- حكم الرقية وشروطها
- أقسام الرقى
- أولاً: باعتبار الراقي
- ثانياً: باعتبار زمن الرقية
- بعض الرقى لعلاج الصرع والسحر
- الرقى من القرآن
- الرقى النبوية
- بدع وأخطاء المعالجين
- الحوار مع الجن وتصديقهم
ـ الاستعانة بالجن في العلاج
- استرضاء الجن بالذبح له
- الاعتماد على التجربة
- التفرغ للرقية
- التوسع في أخذ الأجر على الرقية
- علاج النساء
- الابتداع في الأذكار
الفصل الرابع: صور من هجر التداوي
- إتيان السحرة والعرافين
- علامات يعرف بها الساحر
- تعليق التمائم
- الاستشفاء بتربة القبور
- إتيان الكنائس
- حرز أبي دجانة
تم بحمد الله وتوفيقه.

هوامش الكتاب
(81)  كيف يعالج المصروع للألباني.
(82) مجلة التوحيد ص (20-21) العدد (8) السنة (24).
(83)  راجع كتاب الرقى على ضوء الكتاب والسنة ص (75 ـ 89) فإنه قد أفاض وأجاد طبعة دار الوطن.
(84) (متفق عليه) البخاري (2276)، مسلم (2201)، انظر شرح الحديث في فتح الباري (4/529) طبعة الريان.
(85)  (حديث صحيح) رواه أبوداود (3896، 3901) وصححه الألباني في صحيح أبي داود (3901).
(86)  (متفق عليه) البخاري (5096)، ومسلم (2740).
(87)  زعم صاحب المنهج القرآني ص (51-55) أن طريقة الكشف بالنظر فريدة في بابها!! وأنها من فضل الله عليه!! وجاءت بنتائج عجيبة!! وأثناء علاجه لامرأة أمرهاأن تنظر إليه بعينيها... وأخذ ينظر إليها.!!.
(88) حول الجن وتلبيسه مقال لفضيلة الشيخ محمد صفوت نور الدِّين - حفظه الله - مجلة التوحيد ص (20) العدد (8) السنة (24).
(89) انظر المنهج القرآني ص (80، 100، 101، 127، 128،...).
(90) مثل كتاب دليل المعالجين بالقرآن الكريم لرياض محمد سماحة - سامحه الله -، فكن على حذر منه.
(91) الرقية النافعة للأمراض الشائعة د. سعيد عبدالعظيم ص (23-24) طبعة دار الإيمان الأسكندرية.
(92) (حديث صحيح) رواه أحمد وأبوداود وصححه الألباني في صحيح أبي داود (4/733).
(93) فتح المجيد ص (397) طبعة مؤسسة قرطبة.
(94)  رواه مسلم (2230).
(95)  (حديث صحيح) رواه أبوداود والترمذي وابن ماجه، وصححه الألباني في الإرواء (2006).
(96)  (ضعيف مرفوعاً، صحيح موقوفاً) رواه الترمذي (1460) وقال: (هذا حديث لا نعرفه إلا من هذا الوجه، إسماعيل بن مسلم المكي يضعف في الحديث من قبل حفظه، والصحيح عن جندب موقوفاً)، راجع ضعيف الترمذي للألباني (244)، والسلسلة الضعيفة (1446).
(97)  رواه البخاري (3156).
(98) الصارم البتار في التصدي للسحرة الأشرار لوحيد بالي ص (46-47) طبعة مكتبة التابعين. الطبعة العاشرة.
(99) (حديث صحيح) رواه أحمد وأبوداود وابن ماجة وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (2972) وبين أن قصة اختلاف زينب امرأة عبدالله بن مسعود إلى اليهودي كي يرقيها منكرة، راجع السلسلة الصحيحة (6/1166).
(100) (حديث صحيح) رواه أحمد والحاكم وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (492).
(101) السلسلة الصحيحة (1/890) الطبعة الجديدة.
(102) فتح المجيد ص (156) طبعة مؤسسة قرطبة.
(103) مختصر معارج القبول - هشام بن عبدالقادر آل عقدة ص (143-144) الطبعة الثالثة.
(104) وقاية الإنسان من الجن والشيطان ص (7) الطبعة العاشرة.
(105) السنن والمبتدعات ص (297) طبعة دار الريان.
تم بحمد الله.



العلاج بالقرآن الكريم ضوابط ومحاذير 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
 
العلاج بالقرآن الكريم ضوابط ومحاذير
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» قوة العلاج بالقرآن: بين العلم والإيمان
» العلاج المعرفى بالقرآن يدعم الكفاءة الذاتية لمريض الإدمان
» فن التغني بالقرآن الكريم عند الشيخ الحصري
» • أـ حلقات متعلقة بالقرآن الكريم: 1ـ فضل قراءة القرآن
» ضوابط خروج المرأة للعمل

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers :: (العربي) :: كتابات في القرآن-
انتقل الى: