أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| موضوع: رد: ضرب الإسكندرية الثلاثاء 09 يوليو 2024, 8:50 am | |
| مأساة الضرب في الساعة السابعة من صبيحة يوم الثلاثاء ١١ يوليو سنة ١٨٨٢م، أعطى الأميرال سيمور إشارة الضرب… فأطلقت البارجة «ألكسندرا» أول قنبلة على طابية الإسبتالية، وتلتها البوارج الأخرى، فأخذت تطلق قنابلها المدمرة على حصون المدينة وعلى المدينة ذاتها، أما القلاع فلم تُجِب على الضرب إلَّا بعد الطلقة الثالثة، بعد خمس دقائق، وكان الضرب من جانب الأسطول الإنجليزي شديدًا مروعًا، فكانت قنابله محكمة المرمى شديدة الفتك، أما القلاع فكانت ضعيفة متراخية وسقط كثير منها في البحر دون أن تصل إلى البوارج الإنجليزية.
وكانت البوارج أثناء الضرب تتحرك في سيرها، يحجبها عن الأعين دخان كثيف فلا يستطيع الرماة المصريون إحكام المرمى وإصابة الهدف منها، وكل بارجة بها شبكة من الفولاذ، إذا أصابتها قنبلة من قنابل الحصون صدَّت قوتها بحيث تضعف إذا نفذت إلى البارجة ذاتها، وقد ساعد على إحكام المرمى من جانب الأسطول أن الاستعداد الحربي من ناحية الإنجليز أقوى وأعظم منه من جانب القلاع المصرية، إذ كانوا مطَّلعين على دقائق الاستحكامات، ومبلغ ما بها من المدافع والميرة والذخيرة ومخازن القنابل فيها، بخلاف العرابيين فإن معلوماتهم عن قوات الإنجليز كانت مشوشة ضئيلة، وكانوا يظنون أن البوارج الإنجليزية لا تقوى على هدم القلاع ولا تقف أمام مرمى قنابلها، وقد اتضح عكس ما يظنون، فإن البوارج قد دكَّت الحصون وعطلت مدافعها، في حين أن الأسطول الإنجليزي لم يُصب بضرر يُذكر.
استمر الضرب من الساعة السابعة إلى الساعة الحادية عشرة على أقصى ما يكون من الهول والشدة، وقنابل الأسطول تقذف الخراب وتحصد الأرواح… ثم سكتت قليلًا واستؤنف الضرب بعد هنيهة حتى الساعة الثانية بعد الظهر، ثم وقف هنيهة أخرى، ثم استؤنف بعد ذلك إلى منتصف الساعة السادسة مساءً قبل الغروب بساعة.
وقد تهدمت حصون الفنار ورأس التين والإسبتالية في منتصف الساعة الواحدة بعد الظهر، حيث اجتمعت عليها المدرعات ألكسندرا وسلطان وسوبرب، ولما أسكتتها صوبت قنابلها إلى قلعة «الأطة» وعاونتها في ضربها المدرعتان إنفلكسيبل وتمرير، فقذفت المدرعات الخمس نيرانها على تلك القلعة، فدمرتها بعد أن نسفت مستودع البارود فيها، ثم تحوَّلت إلى قلعة «قايتباي» وظلَّت تقذفها بقنابلها إلى الساعة الخامسة مساءً فخربتها.
وفي المنطقة الجنوبية من الساحل ضربت المدرعات إنفنسبل وبنلوب ومونارك وإنفلكسيبل وتمرير حصون المكس وأم قبيبة والدخيلة، فأسكتتها في منتصف الساعة الثانية عشرة، واتجهت السفينة كوندور إلى قلعة العجمي فضربتها بالقنابل حتى أسكتتها.
وفي نحو الساعة الأولى بعد الظهر شاهد الأميرال سيمور أن هذه الحصون قد أخلاها الجنود، فأرسل عشرين بحَّارًا إلى البر دخلوا قلعة «المكس» وأتلفوا مدافعها، ثم عادوا إلى سفنهم آمنين.
وفي منتصف الساعة الرابعة شوهدت مدافع طابية «القمرية» تتأهب للضرب… وعاد الجنود إلى قلعة «المكس»، فصوبت البارجتان «بنلوب» و«مونارك» مدافعهما إلى الحصن المذكور، وأخذتا في ضربه حتى منتصف الساعة السادسة مساءً، حيث أمر الأميرال سيمور بالكف عن القتال، فوقف الضرب بعد أن استمر عشر ساعات متوالية.
وقد دافعت الحاميات عن الحصون دفاع المستميت، وقام رجالها بواجبهم قدر ما استطاعوا… ولكن قوة الأسطول ومدافعه كانت لها الغلبة في هذا اليوم المشئوم، فتهدَّم معظم الحصون، وأصابت قنابل الأسطول كثيرًا من مساكن الأهلين فدمرتها وأحرقتها، كما أحرقت جناح الحرم بسراي رأس التين.
وتفانى الأهلون في الدفاع عن المدينة، على رغم أن الحرب كانت حرب مدافع وحصون وبوارج، فبذلوا كل ما في استطاعتهم من تضحية وإقدام.
وقُتل من المصريين خلال هذه الفظائع نحو ألفين، ولم تزد خسائر الإنجليز على خمسة من القتلى وتسعة عشر جريحًا…
وقد استيقن العرابيون يوم ١٢ يوليو أن الإنجليز لا بدَّ محتلون الإسكندرية بعد أن دكُّوا حصونها، فاستقر عزمهم على الانسحاب من المدينة؛ ليستعدوا للمقاومة في الداخل، وكان الأحكم أن يقاوموا نزول الجنود الإنجليزية إلى البر بأن يوزعوا جزءًا من قواتهم للمرابطة على الشواطئ، ومنع رسو القوارب المقلة للجنود الإنجليزية… فإنهم بذلك يعطلون نزولها مدة طويلة، وبخاصة لأن الأسطول الإنجليزي لم يكن قد تلقَّى المدد من جنود البر، وكانت قوته مقصورة إلى ذلك الحين على جنود البحارة، ولم يكن عددهم يزيد على ٥٧٠٠ مقاتل، وهؤلاء لم يكن في استطاعتهم أن يتغلبوا على حامية الإسكندرية.
حريق الإسكندرية وكان في مقدور الحامية أن تصدهم عن النزول إلى البر وتدافعهم لو حاولوا النزول… ولكن العرابيين لم يفعلوا شيئًا من ذلك؛ لأنهم لم تكن لديهم قيادة صالحة تدبِّر الخطط المحكمة للقتال، فآثروا الانسحاب من الإسكندرية، ورأوا أن يتذرَّعوا بكل وسيلة لتعطيل احتلال الإنجليز للمدينة واستقرارهم فيها، فأمر سليمان سامي داود قائد الآلاي السادس جنوده بإضرام النار في المدينة، لكي يحُول الحريق دون نزول الإنجليز بها واتخاذها قاعدة حربية لزحفهم، فشبَّت الحرائق الهائلة يوم الأربعاء ١٢ يوليو سنة ١٨٨٢م، وبدأ إضرام النار في نحو الساعة الثانية بعد الظهر، وأخذ يمتد حتى صارت الإسكندرية شعلة من النار مساء ذلك اليوم، واستمرت النار تضطرم فيها إلى اليوم التالي.
كان هذا الحريق من الوجهة العسكرية عملًا عقيمًا؛ لأنه لم يعطل نزول الجنود الإنجليزية إلى البر فقد نزلوا في صبيحة اليوم التالي، واشترك في الحريق بعض الأوروبيين، وبخاصة من الأروام والمالطيين الذين بقوا في المدينة بعد هجرة معظمهم، وكانوا يقصدون من ذلك المطالبة بالتعويضات بعد انتهاء الحرب، كما اشتركوا أيضًا في النهب.
ويقول جون نينيه عميد الجالية السويسرية —وكان شاهد عيان لهذه الحوادث: إن الحرائق الأولى شبَّت في الأحياء الأهلية من قنابل الأسطول الإنجليزي يوم الضرب، وكان الحريق الذي أمر به سليمان سامي داود على غير رأي عرابي والوزراء، فانفرد بإحداثه سليمان داود قائد الآلاي السادس، الذي كان مشهورًا بالتهور والحمق، وكان يعتبر نفسه عرابي آخر بالإسكندرية، وقد صمَّم على ألَّا ينسحب الجيش من الإسكندرية إلا بعد أن يجعلها خرابًا، وهذا يدلُّك على تشعب آراء العرابيين وعدم وجود وحدة في قيادتهم؛ لأن عملًا خطيرًا كحريق الإسكندرية ما كان يجب أن يحدث إلَّا إذا صدرت به الأوامر مجمعة من قيادة الجيش، ولكن الواقع أن عرابي لم يكن له دخْل فيه، ولما وقع لم يستطع أن يمنعه.
واستقر رأي عرابي وصحبه على الانسحاب من الإسكندرية ثاني يوم الضرب، فأخذ الجيش يخليها يوم الأربعاء ١٢ يوليو، وفي مساء ذلك اليوم غادرها عرابي ووصل إلى «حجر النواتية» على ترعة المحمودية بعد الغروب وقضى الليلة هناك، وفي الصباح ركب رفاصًا سار به في الترعة حتى وصل إلى «عزبة خورشيد» ومنها إلى «كنج عثمان» بالقرب من كفر الدوار، وهناك أمر بإنشاء الاستحكامات وهي التي اتخذها الجيش المصري معسكرًا له، وعُرفت بمعسكر كفر الدوار، واتخذ عرابي عزبة «كنج عثمان» مقرًّا لقيادة الجيش… وفي صباح يوم ١٣ يوليو تحقق الأميرال سيمور من انسحاب العرابيين، وأنه لم يبقَ منهم أحد في المدينة، فأنزل كتيبة من جنوده البحارة واحتلوا سراي رأس التين وشبه جزيرة رأس التين.
أوروبا وضرب الإسكندرية انسحبت فرنسا من الميدان، وأمرت أميرال أسطولها بمغادرة الإسكندرية قبل الضرب… فبارحها مساء ١٠ يوليو سنة ١٨٨٢م، ومعنى ذلك أن الحكومة الفرنسية تركت إنجلترا تفعل ما تشاء، وتعتدي ذلك الاعتداء الغشوم على المدينة، فتدك حصونها وتهدم مبانيها وتحصد أرواح أهلها، دون أن تُبدي حراكًا… قابلت فرنسا هذا الاعتداء الوحشي بالجمود، ولو أرادت منعه لكان لها من مركزها الممتاز في المسألة المصرية ما يحُول دون وقوعه… وكذلك فعلت دول أوروبا العظمى، فإنها ظلت جامدة لا تحرك ساكنًا أمام هذه المأساة… ولو وقع مثل هذا الاعتداء على أُمة أوروبية كاليونان أو الجبل الأسود أو بلغاريا، لاهتزت الحكومات الأوروبية، وتوعدت وأنذرت المعتدي بالضرب على يده…
ولعلك تذكر موقفها حيال مصر ذاتها حين لبَّت نداء تركيا في محاربة الثوار اليونانيين، وما فعلته أوروبا إذ ائتمرت بأسطولها فأحرقته غدرًا وخيانةً في «نافارين» سنة ١٨٢٧م… ولا تنسَ ما فعلته مع مصر فقد حرمتها ثمرة انتصاراتها على التُّرك في عهد محمد علي، وائتمرت بها وانقضت المزايا التي نالتها بحد السيف، أمَّا في سنة ١٨٨٢م، فقد تركتها لبطش الإنجليز دون أن تحرك ساكنًا!
وليس من العسير علينا أن نفهم سبب هذا التباين في المعاملة… فأوروبا لا تنظر إلى مصر بالعين التي تنظر بها إلى الأمم الغربية، ولا تراها جديرة بالعطف الذي حبت به اليونان وبلغاريا، ومما يدلك على مشاركة أوروبا لإنجلترا في مسئولية حوادث سنة ١٨٨٢م، أنه لم يكد الجيش الإنجليزي ينتصر على العرابيين في واقعة التل الكبير، حتى بادر المسيو تيسو سفير فرنسا بلندن إلى مقابلة اللورد جرانفيل وزير خارجية إنجلترا، وهنأه باسم الحكومة الفرنسية على هذا الانتصار، وكان جواب جرانفيل على تهنئته: «إن واقعة التل الكبير هي انتصار أوروبي، ولو انهزم الجيش الإنجليزي لكان ذلك كارثة على كل الدول التي تحسب حسابًا للتعصب الإسلامي».
وقد هنأ المسيو دكلرك رئيس وزارة فرنسا السفير البريطاني في باريس بهذه الواقعة قائلًا: «إن انتصار الإنجليز على العرب في مصر، يُنتج ثمرة طيبة لفرنسا في تونس والجزائر».
وقوبل نبأ الضرب في «مؤتمر الآستانة» بالفتور والجمود، ولم يكن المؤتمر قد انفض بعد… ولو كانت الدول الأوروبية حريصة على الدفاع عن حقوق مصر بل عن الحقوق عامة، لكان لضرب الإسكندرية صدى عاجل في المؤتمر يحفزه إلى وضع حد لهذا الاعتداء، ولكنه على العكس قابله بالصمت والبرود، ولم يبدِ أي اعتراض على إنجلترا في نقضها عهودها، وخاصةً عهودها في ذلك المؤتمر بالذات… لم يكن لهذا الاعتداء أي أثر فعلي في نفوس المؤتمرين، وهم سفراء الدول الأوروبية الكبرى في الآستانة، وكل ما فعله مندوب روسيا أن نفض يده من المؤتمر، وامتنع مؤقتًا عن حضور جلساته، وهو عمل سلبي لا يمنع الاعتداء ولا يحُول دون استمراره.
وفي ١٥ يوليو سنة ١٨٨٢م، اجتمع المؤتمر لأول مرة عقب ضرب الإسكندرية، وتحرك إلى دعوة تركيا لإرسال جيش عثماني إلى مصر تنفيذًا لقراره الذي أصدره في جلسته السابقة —٦ يوليو— ولم يكن قد أبلغه إليها من قبل، ورضي السلطان —أخيرًا أيضًا— بالاشتراك في المؤتمر للمباحثة في إقرار الوسائل الكفيلة بإعادة الأمور إلى نِصابها… بدأت إذن تركيا تشترك في المؤتمر بعد أن أصبح لا عمل له، وأرسلت وزارة الخارجية العثمانية في ١٩ يوليو، تبلغه أنها تقبل الاشتراك فيه، وعينت مندوبيها به، وهما سعيد باشا وزير الخارجية وعاصم باشا وزير الأوقاف، فحضرا جلسة ٢٤ يوليو —الجلسة العاشرة— وتولى سعيد باشا رياسة المؤتمر بصفته وزير خارجية الدولة التي انعقد المؤتمر في عاصمتها، وصرَّح بأن الحكومة العثمانية قبلت مبدأ إرسال جنود إلى مصر، وبجلسة ٧ أغسطس أعلن أن حكومته قبلت شروط التدخل التي قررها المؤتمر في ١٥ يوليو… وكانت هذه الأقوال مهزلة أخرى — إذ لم تكن تركيا قد أعدت جيشًا ما… وأبطأت في إنفاذ عزمها حتى انتهت الحرب بهزيمة العرابيين، ودخول الإنجليز القاهرة قبل أن يتحرك الجيش العثماني إلى مصر!
(٢) قناة السويس وكل ما عُني به المؤتمر أنه بحث بجلسته التاسعة يوم ١٩ يوليو سنة ١٨٨٢م، في حماية قناة السويس من أن تصيبها الحرب بسوء؛ وذلك بناءً على ما تظاهرت به إنجلترا من الخوف على القناة أن يسدَّها العرابيون بعد ضرب الإسكندرية، وكان هذا الخوف مع الأسف لا محل له؛ لأن عرابي لم يفكر جديًّا في سد القناة إلَّا بعد احتلال الإنجليز الإسماعيلية؛ أي في ٢٠ أغسطس، ولكن إنجلترا بادرت بمبادلة الدول تخوُّفها من هذه الناحية لكي تنتحل لنفسها حق حماية القناة، إذا لم تتفق الدول على حمايتها دوليًّا…
وقد عرض سفيرا إنجلترا وفرنسا في المؤتمر بجلسة ١٩ يوليو رأي حكومتيهما في أن يَكِل المؤتمر إلى من يختار من الدول حماية القناة إذا أصابها اعتداء، ولم يلقَ هذا الاقتراح قبولًا من المؤتمر، فاتفقت إنجلترا وفرنسا على أن يصرح سفيراهما في المؤتمر بأنهما مستعدتان عند الحاجة إلى حماية القناة، وقد صرَّح السفيران بذلك في جلسة المؤتمر الحادية عشرة التي انعقدت يوم ٢٦ يوليو، فلم يعترض المؤتمر ولم يبدِ احتجاجًا.
وأبلغ الباب العالي أعضاء المؤتمر في ٢٤ يوليو ثم في ٢٧ منه أن جنوده على أهبة السفر إلى مصر وأنه مستعد للتدخل فيها، ولكن بلاغه لم يقترن بأي عمل، وعرضت وزارة المسيو دي فريسينيه على البرلمان الفرنسي فتح اعتماد، لإعداد القوات الكفيلة بجعل القناة في مأمن من كل اعتداء وحماية السفن المارة فيها، ولكن البرلمان قرَّر في ٢٩ يوليو رفض الاعتماد المطلوب… مما أدى إلى استقالة وزارة فريسينيه واضطرار الوزارة التي خلفتها —وزارة دكلرك— إلى أن تنفض يدها من المسألة المصرية نزولًا على قرار البرلمان… فكان هذا القرار من فرنسا إعلانًا بنفض يدها بل بإفلاس سياستها في المسألة المصرية، والسبب الذي حدا بالبرلمان الفرنسي إلى رفض الاعتماد هو الخوف من توزيع قوات فرنسا، في وقت كانت تخشى فيه على كيانها في القارة الأوروبية من تحفز ألمانيا، فهو نفس السبب الذي حدا بالوزارة الفرنسية إلى الإحجام عن مشاركة بريطانيا في تدخُّلها الحربي، حين عرضت عليها ذلك في يوليو ١٨٨٢م، قبل ضرب الإسكندرية.
وفي الوقت الذي أصدر البرلمان الفرنسي هذا القرار، قرر البرلمان البريطاني في ٢٧ يوليو الاعتماد المطلوب من الحكومة الإنجليزية للحملة على مصر، وذلك بأغلبية ٢٧٧ ضد ٢١ صوتًا؛ أي بأغلبية تشبه الإجماع، وبلغ الاعتماد الذي قرره ٢٣٠٠٠٠٠ جنيه.
يتضح مما تقدَّم أن المؤتمر لم يكن يعنيه رد الاعتداء عن مصر؛ بل كل ما هَمَّهُ وشغل باله أمر قناة السويس… وقد انتهى من مباحثاته العقيمة إلى ترك الإنجليز يتصرَّفون كما تهوى أطماعهم الاستعمارية.
اجتمع المؤتمر للمرة الأخيرة يوم ١٤ أغسطس سنة ١٨٨٢م، وكانت الجنود البريطانية قد زحفت في داخل البلاد، وظهرت بوادر انتصارها على العرابيين… فلم يجد المؤتمر عملًا يشغله سوى تأجيل انعقاده إلى أجل غير مسمًّى، ولم يجتمع بعدها إذ كانت قوات الإنجليز قد تغلَّبت على العرابيين، وبذلك انطوت صفحة المؤتمر بدون أن يعمل عملًا ما في صون حقوق مصر، ورد عادية الإنجليز عنها، وأخفق إخفاقًا جعله مضرب الأمثال في المهازل السياسية، الخالية من روح النزاهة والصراحة والإخلاص. |
|