منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers

(إسلامي.. ثقافي.. اجتماعي.. إعلامي.. علمي.. تاريخي.. دعوي.. تربوي.. طبي.. رياضي.. أدبي..)
 
الرئيسيةالأحداثأحدث الصورالتسجيل
الحــواس فـي القـــرآن الكـــريــم أحكـام صـلاة المـريض وطهـارته إلــــــــى كــــــــــل زوجـيــــــــــن مـــن أقـــــوال شيـــــخ الإســــلام لا عـلـيـك مـا فـاتـك مـن الـدنـيــا رؤية الخاطب مخطوبته قبل العقد شــاعر العـاميــة بيــرم التـونسي أحْلامٌ مِنْ أبِي باراك أوباما كُــــتُـبٌ غَــــــيُّـرَتْ الـعَـالَــــــمْ مــصـــــر التي فـي خــاطـــــري الزعيـم الثــائر أحـمـــد عـــرابي مـحـاسـن العقيـــدة الإسـلامـيـــة الرحـالة: أبي الحسن المسعـودي رضـــي الله عـنـهـــم أجـمـعـــين الأسئلة والأجــوبــة في العقيــدة النـهـضــة اليـابـانـيــة الـحـديثــة الحجاج بـن يــوســف الـثـقـفــي قـصــة حـيـاة ألـبرت أيـنـشـتــاين الأمثـــال لأبـي عبيــد ابن ســلام الإسـلام بيـن الـعـلـم والـمــدنـيــة
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

soon after IZHAR UL-HAQ (Truth Revealed) By: Rahmatullah Kairanvi
قال الفيلسوف توماس كارليل في كتابه الأبطال عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لقد أصبح من أكبر العار على أي فرد مُتمدين من أبناء هذا العصر؛ أن يُصْغِي إلى ما يظن من أنَّ دِينَ الإسلام كَذِبٌ، وأنَّ مُحَمَّداً -صلى الله عليه وسلم- خَدَّاعٌ مُزُوِّرٌ، وآنَ لنا أنْ نُحارب ما يُشَاعُ من مثل هذه الأقوال السَّخيفة المُخْجِلَةِ؛ فإنَّ الرِّسَالة التي أدَّاهَا ذلك الرَّسُولُ ما زالت السِّراج المُنير مُدَّةَ اثني عشر قرناً، لنحو مائتي مليون من الناس أمثالنا، خلقهم اللهُ الذي خلقنا، (وقت كتابة الفيلسوف توماس كارليل لهذا الكتاب)، إقرأ بقية كتاب الفيلسوف توماس كارليل عن سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-، على هذا الرابط: محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم-.

يقول المستشرق الإسباني جان ليك في كتاب (العرب): "لا يمكن أن توصف حياة محمد بأحسن مما وصفها الله بقوله: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِين) فكان محمدٌ رحمة حقيقية، وإني أصلي عليه بلهفة وشوق".
فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ على سائر البُلدان، كما فَضَّلَ بعض الناس على بعض والأيام والليالي بعضها على بعض، والفضلُ على ضربين: في دِينٍ أو دُنْيَا، أو فيهما جميعاً، وقد فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ وشَهِدَ لها في كتابهِ بالكَرَمِ وعِظَم المَنزلة وذَكَرَهَا باسمها وخَصَّهَا دُونَ غيرها، وكَرَّرَ ذِكْرَهَا، وأبَانَ فضلها في آياتٍ تُتْلَى من القرآن العظيم.
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

المهندس حسن فتحي فيلسوف العمارة ومهندس الفقراء: هو معماري مصري بارز، من مواليد مدينة الأسكندرية، وتخرَّجَ من المُهندس خانة بجامعة فؤاد الأول، اشْتُهِرَ بطرازهِ المعماري الفريد الذي استمَدَّ مَصَادِرَهُ مِنَ العِمَارَةِ الريفية النوبية المَبنية بالطوب اللبن، ومن البيوت والقصور بالقاهرة القديمة في العصرين المملوكي والعُثماني.
رُبَّ ضَارَّةٍ نَافِعَةٍ.. فوائدُ فيروس كورونا غير المتوقعة للبشرية أنَّه لم يكن يَخطرُ على بال أحَدِنَا منذ أن ظهر وباء فيروس كورونا المُستجد، أنْ يكونَ لهذه الجائحة فوائدُ وإيجابيات ملموسة أفادَت كوكب الأرض.. فكيف حدث ذلك؟!...
تخليص الإبريز في تلخيص باريز: هو الكتاب الذي ألّفَهُ الشيخ "رفاعة رافع الطهطاوي" رائد التنوير في العصر الحديث كما يُلَقَّب، ويُمَثِّلُ هذا الكتاب علامة بارزة من علامات التاريخ الثقافي المصري والعربي الحديث.
الشيخ علي الجرجاوي (رحمه الله) قَامَ برحلةٍ إلى اليابان العام 1906م لحُضُورِ مؤتمر الأديان بطوكيو، الذي دعا إليه الإمبراطور الياباني عُلَمَاءَ الأديان لعرض عقائد دينهم على الشعب الياباني، وقد أنفق على رحلته الشَّاقَّةِ من مَالِهِ الخاص، وكان رُكُوبُ البحر وسيلته؛ مِمَّا أتَاحَ لَهُ مُشَاهَدَةَ العَدِيدِ مِنَ المُدُنِ السَّاحِلِيَّةِ في أنحاء العالم، ويُعَدُّ أوَّلَ دَاعِيَةٍ للإسلام في بلاد اليابان في العصر الحديث.


 

 الفصل السادس: كتب أصول الحديث

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 51137
العمر : 72

الفصل السادس: كتب أصول الحديث Empty
مُساهمةموضوع: الفصل السادس: كتب أصول الحديث   الفصل السادس: كتب أصول الحديث Emptyالثلاثاء 28 مايو 2024, 7:11 pm

الفصل السادس: كتب أصول الحديث
تمهيد:
علم أصول الحديث هو العلم الذي يعرف به صفات الحديث من قبول ورد وصحة وضعف وما إلى ذلك، ويسمى علوم الحديث -أي العلوم والمعارف التي يمكن الحكم بها على صفة الحديث كما بَيَّنَّا- كما أنه يسمى علم مصطلح الحديث -أي العلم الذي تعرف به الاصطلاحات التي تبين كل نوع من أنواع الحديث، من صحة وحسن وضعف، وغرابة وعزة وشهرة، وشذوذ ونكارة وما إلى ذلك، وما تتميز به أنواع الحديث بعضها على بعض.

وقد توسع علماء الحديث في هذا العلم حتى نقل عن ابن الملقن أن أنواعه تزيد على المائتين وبلغ ابن حاتم في تقسيم الضعيف منه خمسين قسما إلا واحدا1.

وقد تناوله القاسمي في كتابه قواعد التحديث2 فقال: اعلم أن الأئمة المصطلح سردوا في مؤلفاتهم من أنواعه ما أمكن تقريبه، وجملة ما ذكره النووي والسيوطي في التدريب خمسة وستون نوعًا، وقال: ليس ذلك بآخر الممكن في ذلك، فإنه قابل للتنويع إلى ما لا يحصى.

وقد رجعنا إلى السيوطي في مقدمة كتابه التدريب3، فوجدناه يذكر في الفائدة الرابعة أن علوم الحديث كثيرة لا تعد، قال الحازمي في كتاب العجالة: علم الحديث يشتمل على أنواع كثيرة تبلغ مائة، كل نوع منها علم مستقل، لو أنفق الطالب فيه عمره لما أدرك نهايته وقد ذكر ابن الصلاح منها -وتبعه المصنف- "يريد النووي في التقريب" خمسة وستين، قال: وليس ذلك بآخر الممكن في ذلك، فإنه قابل للتنويع إلى ما لا يحصى.

قال الحازمي: أحوال رواة الحديث وصفاتهم، وأحوال متون الحديث وصفاتها، وما من حالة منها ولا صفة إلا وهي بصدد أن تفرد بالذكر فإذا هي نوع على حياله.

قال شيخ الإسلام "ابن حجر" وقد أخل بأنواع مستعملة عند أهل الحديث، منها القوي والجيد والمعروف والمحفوظ والثابت والصالح، ومنها في صفات الرواة أشياء كثيرة، كمن اتفق اسم شيخه والراوي عنه، وكمن اتفق اسمه واسم شيخه وشيخ شيخه، أو اسمه واسم أبيه وجده... إلى آخر ما نقله السيوطي في هذا المقام مما ليس في جوهر موضوعنا.

----------------------------
1 بتصرف عن مقدمة كتاب التدريب للأستاذ الدكتور عبد الوهاب عبد اللطيف ج1 ص5.
2 قواعد التحديث ص79.
3 تدريب الراوي ج1 ص51.
----------------------------

ومقصودنا بالدراسة في هذا التمهيد بيان أن علم الحديث -منذ دون من عهد الخليفة العادل عمر بن عبد العزيز، ثم اطرد التدوين فيه في جميع البقاع الإسلامية- لم يقتصر المدونون على إيراد الأحاديث مجردة من غمز ما يستحق الغمز منها، وتناول علل بعضها، ونقد بعض رواتها.

وقد وجد في بعض هذه المدونات دراسات طويلة تتعلق بالإسناد ونقد الرواة وبيان الضعفاء كما في صحيح مسلم، فقد تقدم مؤلفه فيه بين يدي روايته للحديث بمقدمة طويلة تتعلق بتقسيم الأخبار النبوية، وبيان أحوال بعض الرواة، وتوجيه الاتهام إلى عدد منهم، مع بيان تفاوتهم في الضعف والنكارة، كما تناول موضوع اللقى والمعاصرة، ومناقشة من يشترطهما في اعتبار الحديث متصلًا، وما إلى ذلك من مسائل المصطلح.

وكذلك صنع الترمذي في جامعه، فقد وضع في آخره بحثًا واسعًا في بيان علل الحديث، وكثير من كتب الجوامع والسنن والمسانيد عرضت لتناول بعض الرواة، وأعلت ببعضهم بعض الأحاديث وكان من ذلك مادة لما وضع بعد من علوم المصطلح.

قال الأستاذ الدكتور عبد الوهاب عبد اللطيف في مقدمته للتدريب وهو يتحدث عما جمع من السُّنَّة النبوية في مختلف البلدان بكيفيات وصور مختلفة1.

ووجد في بعض هذه المصنفات حكم على بعض الأحاديث، وقول في علل المعلول "المعل"2 ونقد لبعض الرواة، وجمع في تلك المصنفات أقوال العلماء في الإسناد، كما جمع ما بها من اصطلاحات المتقدمين فيما يتعلق بالأسانيد والمتون، ولما ظهر من الرواة صفات وأحوال لها مدخل في التعديل والتجريح اتسع النظر فيها وتتابعت الأفكار، وانتحى العلماء الفرز والاختيار، فتعمق البحث، وامتاز الصحيح من السقيم في الحديث، وألفت في أنواع علومه مؤلفات، بعضها في أحوال الإسناد، وبعضها في الرجال، وهو كتب التاريخ، والطبقات والوفيات، ومعرفة الوحدان، وما إلى ذلك.

وابتدأ ذلك التدوين في أبواب وبعض أنواع منه أثناء المائة الثالثة، فلما كانت المائة الرابعة واستقرت الاصطلاحات ألف القاضي أبو محمد الحسن بن عبد الرحمن الرامهرمزي من علماء أهل السُّنَّة، المتوفى عام ستين وثلاثمائة للهجرة، فجمع في ذلك العلم الكثير.

وهنا نستطيع أن نرجع إلى نخبة الفكر في مصطلح أهل الأثر وشرحها للحافظ ابن حجر العسقلاني المتوفى عام اثنين وخمسين وثمانمائة للهجرة إذ يقول في صدر كتابه3:
----------------------------
1 تدريب الراوي ج1 ص4.
2 المعل أصح هنا من المعلل والمعول لما سيجيء في الاعتراض الثالث تحت عنوان التقييد والإيضاح.
3 شرح النخبة ص2.
----------------------------

أما بعد، فإن التصانيف في اصطلاح أهل الحديث قد كثرت في القديم والحديث، فمن أول من ألف في ذلك القاضي أبو محمد الرامهزمزي في كتابه: المحدث الفاصل بين الراوي والواعي، لكنه لم يستوعب، والحاكم أبو عبد الله النيسابوري، المتوفى عام خمس وأربعمائة، لكنه لم يهذب ولم يرتب، وتلاه أبو نعيم1 الأصبهاني فعمل على كتابه مستخرجًا2 وأبقى أشياء للمتعقب، ثم جاء بعدهم الخطيب أبو بكر3 البغددي فصنف في قوانين الرواية كتابًا سماه الكفاية، وفي آدابها كتابًا سماه: الجامع لآداب الشيخ والسامع، وقل فن من فنونه إلا وصنف فيه كتابًا مفردًا، فكان كما قال الحافظ أبو بكر بن نقطة: كل من أنصف علم أن المحدثين بعد الخطيب عيال على كتبه، ثم جاء من بعدهم بعض من تأخر عن الخطيب، فأخذ من هذا العلم بنصيب، فجمع القاضي عياض4 كتابًا لطيفًا سماه الإلماع، وأبو حمض الميانجي5 جزءًا سماه ما لا يسع المحدث جهله.

ثم جاء من بعد هؤلاء الحافظ الفقيه تقي الدين أبو عمرو عثمان بن الصلاح6 عبد الرحمن الشهرزوري نزيل دمشق فجمع كتابه المشهور بمقدمة ابن الصلاح، فهذب فنونه، وأملاه شيئًا بعد شيء، فلهذا لم يحصل ترتيبه على الوضع المتناسب، واعتنى بتصانيف الخطيب المفرقة فجمع شتات مقاصدها، وضم إليها من غيرها نخب فوائدها، فاجتمع في كتابه ما تفرق في غيره، فلهذا عكف الناس عليه وساروا بسيره، فلا يحصى كم ناظم له ومختصر، ومستدرك عليه ومقتصر، ومعارض له ومنتصر. ا. هـ.

وهذا الكتاب "مقدمة ابن الصلاح" هو الذي نقل السيوطي أنه جمع فيه خمسة وستين نوعًا ثم اختصره النووي في كتابيه: التيسير والتقريب.

وقد ذكر الدكتور عبد الوهاب عبد اللطيف في مقدمته للتدريب ما يبين هذا الإنجاز الوارد في عبارة ابن حجر7 فقال: إن للزين العراقي المتوفى عام ست وثمانمائة، والبدر الزركشي المتوفى عام أربع وتسعين وسبعمائة، والحافظ ابن حجر العسقلاني المتوفى عام اثنين وخمسين وثمانمائة عليه نكتًا جيدة، ونكت العراقي تسمى التقييد والإيضاح لما أطلق وأغلق من كتاب ابن الصلاح، ونكت العسقلاني تسمى الإيضاح عن نكت ابن الصلاح.

----------------------------
1 هو إمام الحافظ أبو نعيم الأصبهاني أحمد بن عبد الله بن أحمد الصوفي الأحول الشافعي المتوفى سنة 430هـ.
2 مستخرجًا -بكسر الراء- بمعنى مستدرك.
3 هو الإمام أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب البغدادي المتوفى سنة 463هـ.
4 هو الإمام أبو الفضل عياض بن موسى بن عياض اليحصبي السبتي المالكي صاحب الشفاء المتوفى سنة 544هـ.
5 هو أبو حفص عمر بن عبد المجيد الميانجي المتوفى سنة 580هـ.
6 هو الإمام تقي الدين بن الصلاح الحافظ شيخ الإسلام أبو عمرو عثمان بن عبد الرحمن بن موسى الكردي الشهرزوري الموصلي الشافعي المتوفى سنة 643هـ.
7 ص7 ج1 تدريب الراوي.
----------------------------



الفصل السادس: كتب أصول الحديث 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 51137
العمر : 72

الفصل السادس: كتب أصول الحديث Empty
مُساهمةموضوع: رد: الفصل السادس: كتب أصول الحديث   الفصل السادس: كتب أصول الحديث Emptyالثلاثاء 28 مايو 2024, 7:11 pm

وقد اختصره مع التهذيب والزيادات الحافظ البلقيني المتوفى عام خمس وثمانمائة، وسماه: محاسن الاصطلاح، واختصره النووي في كتابه الإرشاد، ثم اختصره في: التقريب، وهو الذي شرحه السيوطي في كتابنا هذا: تدريب الراوي، كما شرحه الزين العراقي والسخاوي، وشرحه برهان الدين القباقبي الحلبي، ثم المقدسي المتوفى عام واحد وخمسين وثمانمائة.

ثم أورد الدكتور عبد الوهاب أسماء بعض الناظمين والشارحين فقال: إن للزين العراقي منظومة لمقدمة ابن الصلاح، وقد زاد عليه في ألفيته نظم الدرر في علوم الأثر، وشرحها شرحين مطول ومختصر، والمختصر هو المطبوع باسم فتح المغيث بشرح ألفية الحديث، وعلى هذا الشرح حاشية لبرهان الدين مر بن إبراهيم البقاعي المتوفى عام خمس وثمانين وثمانمائة بلغ بها نصفه وتسمى: النكت الوفية بما في شرح الألفية، وحاشية لقاسم بن قطلوبغا المتوفى عام تسع وسبعين وثمانمائة، وشرحها السخاوي المتوفى عام اثنين وتسعمائة في فتح المغيث في شرح ألفية الحديث، والشيخ زكريا الأنصاري المتوفى لعام ثمان وعشرين وتسعمائة في: فتح الباقي في شرح ألفية العراقي، وعلى هذا الشرح حاشية لعلي بن أحمد العدوي.

ثم ذكر كتبًا عديدة شرحت ألفية العراقي، وأورد من الكتب المؤلفة في هذا الفن مختصرًا لتقي الدين محمد بن علي بن دقيق العيد المتوفى عام اثنين وسبعمائة يسمى "الاقتراح"، و"الخلاصة في أصول الحديث" لشرف الدين حسن بن محمد الطيبي المتوفى سنة ست عشرة وثمانمائة، والمختصر المنسوب إلى الشريف الجرجاني، وعليه شرح جيد لمحمد بن عبد الحي اللكنوي المتوفى عام أربع وثلاثائة وألف يسمى: ظفر الأماني، ومن ذلك: خلاصة الفكر في شرح المختصر كلاهما لعبد الله بن محمد الشنشورى الفرضي المتوفى عام تسع وتسعين وتسعمائة.

ومن أنفع الكتب المختصرة نخبة الفكر في مصطلح أهل الأثر للحافظ ابن حجر، وقد شرحها في نزهة النظر، وعلى شرحها حاشية للقاني، ثم أورد لهذا الكتاب شروحًا كثيرة وبعض منظومات عليه، ثم ذكر أن من هذه المؤلفات "القصيدة الغرامية" لأبي العباس شهاب الدين أحمد بن فرح الإشبيلي المتوفى عام تسع وتسعين وستمائة، وشرحها ابن قطلوبغا والبدر بن جماعة في: زوال الترح بشرح منظومة ابن فرح، ومن ذلك: المنظومة البيقونية لعمر بن محمد بن فتوح البيقوني الدمشقي، وذكر لها عدة شروح، ثم قال: إن لجمال الدين القاسمي المتوفى عام اثنين وثلاثين وثلاثمائة والف كتاب: قواعد التحديث، جمع فيه فوائد1، ومن ذلك "التذكرة" لسراج الدين بن الملقن المتوفى عام ثلاث وتسعين وثمانمائة، والروض المكلل والورد المعلل للسيوطي، ومن الكتب الجامعة المحررة كتاب: تنقيح الأنظار لمحمد بن إبراهيم المعروف بابن الوزير الزيدي المتوفى عام أربعين وثمانمائة.

----------------------------
1 يبدو أن هذا الكتاب لم يكن في دراسته يجري على منهج علماء المصطلح وأكثره فوائد حديثية غير متداولة في هذه الكتب استفادها من مطالعته في كتب فحول العلماء ولذلك لم توصف بأكثر من أنها "فوائد".
----------------------------

وشرحه لمحمد بن إسماعيل المعروف بالأمير الصنعاني، صاحب سبل السلام، المتوفى عام اثنين وثمانين ومائة وألف، والمسمى: توضيح الأفكار، ذكر فيه مسائل أصولية ومسائل استطرادية.

ولا يزال العلماء يتابعون المؤلفات والتأليف في هذا الفن اعتناء بشأنه وتقديرًا لمكانته، وقد كان لقسم الحديث بكلية أصول الدين بجامعة الأزهر إسهام كريم بين، بما يؤلفه المتخصصون في مسائل مهمة منه ببحوثهم ورسائلهم التي يتقدمون بها لنيل الدرجات العلمية، وفيها صورة واضحة لما تربى لديهم من ملكة حديثية قوية، استطاعوا بها أن يوغلوا في التحقيق والبحث، وأن يظهروا شخصيات قوية تعتز بها السُّنَّة، ويفاخر بها الأزهر بأنه قام بدوره، وأدى ما عليه حيال السُّنَّة النبوية، فمنها ما هو بيان للحديث والمحدثين، ومنها ما هو دفاع عن السُّنَّة وتطهير لها من أرجاف المرجفين، ومنها ما هو رد على المستشرقين وأذنابهم أولئك الذين يريدون تقويض الدين من أساسه بهدم نقلته عن النبي صلى الله عليه وسلم من الصحابة وذلك مثل كتاب "أبي هريرة في الميزان" و"دفاع عن السُّنَّة" ومنها ما هو في أصحاب الكتب الستة، ومنها ما هو تصوير لواحد من أصحابها مثل "البخاري محدثًا وفقيهًا" وكتاب "أصول الحديث النبوي".

ولا غرو فقد تخرج هؤلاء على يد أساتذة فحول في العلم، وردوا مناهلهم العذبة فأدوا بما استمعوا من تحقيقاتهم وتوجيهاتهم، وانتفعوا بما دونوا لهم في مؤلفاتهم مثل كتاب: "المختصر في الرواة وعلوم الأثر" وكتاب "المنهج الحديث" بقسميه في الرواية والرواة، وكتاب "غيث المستغيث" في علم مصطلح الحديث، وذلك عدا ما يقوم به هؤلاء الأساتذة من إخراج الكتب الحديثية العظيمة، والسهر على تحريرها وتنقيتها وتحقيقها، جزاهم الله عن السُّنَّة والإسلام خيرًا, وأدام النفع بهم مطردًا، إنه سميع مجيب.

التقييد والإيضاح في شرح مقدمة ابن الصلاح:
للحافظ زين الدين العراقي المتوفى سنة 806هـ:
تمهيد:
مقدمة ابن الصلاح هو الكتاب المبارك الذي تدور حوله مجموعة الكتب التي بقيت في هذا الفن، وصرنا نتدارسها ونأخذ عنها معارف علوم الحديث.

ومؤلفه هو الإمام الحافظ شيخ الإسلام تقي الدين أبو عمرو عثمان بن عبد الرحمن بن موسى الكردي المعروف بابن الصلاح، ذكره ابن العماد في شذراته1 فقال: إنه برع في مذهب الشافعي وأصوله، وفي الحديث وعلومه، ونقل عن ابن خلكان أنه كان أحد فضلاء عصره في التفسير والحديث والفقه وأسماء الرجال، وما يتعلق بعلم الحديث واللغة، وذكر أنه سافر إلى خراسان وأقام بها زمنًا، وحصل علم الحديث هناك، ثم رجع إلى الشام وتولى المدرسة النظامية بالقدس الشريف، ثم انتقل إلى دمشق وبقي بها حتى بنى الأشرف دار الحديث، ففوض تدريسها إليه، وكان من العلم والدين على قدم عظيم، ولم يزل جاريًا على السداد والصلاح حتى توفي في الخامس والعشرين من ربيع الآخر سنة ثلاث وأربعين وستمائة للهجرة.

وذكر من تصانيفه مشكل الوسيط، وكتاب الفتاوى، وعلوم الحديث "وهو هذا الكتاب" وغيرها من الكتب.


مقدمة ابن الصلاح:
وكتابه علوم الحديث المعروف بمقدمة ابن الصلاح يعتبر هو الأصل والمرجع لمن جاء بعده، وقد نسق فيه أنواع علوم الحديث وجمعها في خمسة وستين نوعًا أشرنا إليها في غير هذا الموضع.

وقد وضع فهرسًا بهذه الأنواع في مقدمة الكتاب، وقال: إنه ليس بآخر الممكن في ذلك، فإنه قابل للتنويع إلى ما لا يحصى؛ إذ لا تحصى أحوال رواة الحديث وصفاتهم، ولا أحوال متون الحديث وصفاتها.

وهو يذكر في خطبته الباعث له على التأليف فيقول ما خلاصته؛ إن علوم الحديث في عصره انقرضت حتى اكتفى الناس بكتابة الحديث عطلًا، وطرحوا علومه التي بها جل قدره، فحين كان الباحث عن مشكلة لا يلقى له كاشفًا، والسائل عن علمه لا يلقى به عارفًا مَنَّ الله سبحانه يجمع كتاب تعرف به أنواع علم الحديث، وأنه أوضح أصوله، وشرح وقواعده، وجمع شتاته، وقنص شوارده.
----------------------------
1 شذرات الذهب ج5 ص221.
----------------------------

وقد وصف شيخ الإسلام ابن حجر هذا الكتاب في نخبته1 بأنه جاء بعد التآليف العديدة والمصنفات الكثيرة في هذا الفن، فهذب فنونه، وأملاه شيئًا فشيئًا، فلم يحصل ترتيبه على الوضع المناسب، وأنه اعتنى بتصانيف الخطيب المتفرقة، فجمع شتات مقاصدها، وضم إليها من غيرها نخب فوائدها، فاجتمع في كتابه ما تفرق في غيره، فلهذا عكف الناس عليه وساروا بسيره... إلخ.

وهذا وصف إمام درس ونقب، وأحاط معرفة بكنه ما يقول، وإن كان الشيخ ابن الصلاح لم يسمح لنا بهذا التصريح المريح، المفيد فائدة كبرى لمتتبع الفن الذي يحاول معرفة تطوره وكيف كان التأليف فيه.

ومهما يكن فقد فهرس ابن الصلاح أنواعه الخمسة والستين بما نذكره في غير هذا الموضع عند الحديث عن التقريب الذي اختصره النووي فيه مختصرة الإرشاد.

التقييد والإيضاح:
وجاء الإمام العراقي، وهو الحافظ أبو الفضل زين الدين عبد الرحيم بن الحسين الذي تقدمت ترجمته عند دراسة كتابه تقريب الأسانيد وشرحه المسمى بطرح التثريب من بين كتب الأحكام في الحديث.

وهو إمام ضليع في علوم الحديث ضلاعة يعرفها كل من زاول هذا الشان وعرف رجاله، فأراد أن يضع على مقدمة ابن الصلاح نكتًا لم تكن شرحًا كسائر الشروح التي يفرغ فيها المؤلف كل ما في جعبته، ويطرح بها كل ما في حقيبته، وإنما هي مجرد نكت في أمور رأي وجوب التنبيه عليها، وذلك حتى لا يشغل القارئ عن فحص هذا الكتاب القيم، والعكوف على دراسة ما فيه من معارف جليلة.

وقد أورد في مقدمة هذه النكت ما يدل على عظيم تقديره لذلك الكتاب، وعن منهجه اللطيف القيم فيما أسماء تعليقًا عيه إذ يقول: إن أحسن ما صنف أهل الحديث في معرفة الاصطلاح كتاب علوم الحديث لابن الصلاح، جمع فيه غرر الفوائد فأوعى، ودعا له زمر الشوارد فأجابت طوعًا.

وهذه شهادة إمام جليل في الفن تزيد من قيمة الكتاب، وتعلن برفعة المؤلف فوق ما عرف له من مكانة.

----------------------------
1 نخبة الفكر ص2.
----------------------------

ثم قال في سبب تأليفه: إلا أن فيه غير موضع قد خولف فيه، وأماكن أخر تحتاج إلى تقييد وتنبيه، فأردت أن أجمع عليه نكتًا تقيد مطلقه، وتفتح مغلقه، وقد أورد عليه غير واحد من المتأخرين إيرادات ليست صحيحة، فأردت أن أذكرها، وأبين تصويب كلام الشيخ وترجيحه لئلا يتعلق بها من لا يعرف مصطلحات القوم، وينفق من مزجي البضاعات ما لا يصلح للسوم1.

ثم ذكر أن الشيخ الإمام علاء الدين مغلطاي أوقفه على شيء جمعه عليه سماه إصلاح ابن الصلاح، وقرأ من لفظه موضعًا منه، وأنه لم ير الكتاب المذكور بعد ذلك، وفي ذلك من اعتداد المؤلف بنفسه ما يشعر بأنه لم يعتمد في شيء مما كتب على غيره، ولهذا يقول بعد ذلك: إن هناك جماعة قد اختصروا هذا الكتاب وتعقبوه عليه في مواضع منه، ثم أشعرنا بقوة شخصيته فقال أيضًا. فحيث كان الاعتراض غير صحيح ولا مقبول، ذكرته بصيغة اعتراض على البناء للمفعول.

ثم ذكر -بعد ذلك- إجازته لكتاب ابن الصلاح.



الفصل السادس: كتب أصول الحديث 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 51137
العمر : 72

الفصل السادس: كتب أصول الحديث Empty
مُساهمةموضوع: رد: الفصل السادس: كتب أصول الحديث   الفصل السادس: كتب أصول الحديث Emptyالثلاثاء 28 مايو 2024, 7:12 pm

وبعد: فإن هذه الكلمات المحدودة من الإمام الحافظ العراقي أفادت أن نكته تدور في الأعم الأغلب -على ناحيتين:
الناحية الأولى -ويبدو أنها المهمة- بيان ما خولف فيه الشيخ، وما اعترض به عليه، مع تحقيق ما يراه الإمام العراقي حقًّا، سواء أكان للشيخ أو عليه.

الناحية الثانية -إيضاح ما عسى أن يكون في المقدمة من إبهام أو غموض، أو تفصيل بعض ما يحتاج إلى بسط وتفصيل، وإن ذكر غير ذلك فإنما يذكره لا على أنه الباعث الرئيسي له لشرح هذا الكتاب، بل ليسوق فيه فوائد استطرادية تفيد دارس السُّنَّة، وتبرهن على قوة اضطلاعه بمختلف العلوم.

ولنذكر على سبيل المثال بعض ما أورده من اعتراض وما دفعه به:
1- قال ابن الصلاح:
أعلم -علمك الله وإياي- أن الحديث عند أهله ينقسم إلى صحيح وحسن وضعيف2، فقال العراقي: اعترض عليه بأمرين: أحدهما أن في الترمذي مرفوعًا: "إذا دعا أحدكم فليبدأ بنفسه" فكان الأولى أن يقول علمنا الله وإياك، وأجاب عن هذا الاعتراض بأن الحديث ليس هكذا، وهو حديث أبي بن كعب: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا ذكر أحدًا فدعا له بدأ بنفسه" أخرجه الترمذي وقال حسن غريب صحيح ورواه أبو داود بلفظ: كان إذا دعا بدأ بنفسه وقال: "رحمة الله علينا وعلى موسى" الحديث، ورواه النسائي في سننه الكبرى.

----------------------------
1 ص 11 و12 من كتاب التقييد والإيضاح.
2 التقييد والإيضاح ص18.
----------------------------

وهو عند مسلم وليس فيه ما ذكره المعترض من أن كل داع يبدأ بنفسه، وإنما هو من فعله صلى الله عليه وسلم لا من قوله، وإذا كان كذلك فهو مقيد بذكره صلى الله عليه وسلم نبيًّا من الأنبياء كما ثبت في صحيح مسلم في حديث أبي الطويل، وفيه قال: وكان إذا ذكر أحدًا من الأنبياء بدأ بنفسه: "رحمة الله علينا وعلى أخي" فأما دعاؤه لغير الأنبياء فلم ينقل أنه كان يبدأ بنفسه، وذكر حديث ابن عباس: "يرحم الله أم إسماعيل..." إلخ وحديث الصحيحين أنه سمع رجلًا يقرأ في سورة بالليل فقال "يرحمه الله" وشاهدًا آخر، ثم قال: فظهر أن بدءه بنفسه في الدعاء كان فيما إذا ذكر نبيًّا من الأنبياء، على أنه أحيانًا كان لا يذكر نفسه كقوله: "يرحم الله لوطًا" وقوله: "يرحم الله موسى".

وإلى هذا الحد سكت العراقي ولم يذكر النتيجة، وواضح أنها تصويب لابن الصلاح في مسلكه وأنه لم يخالف السُّنَّة.

والاعتراض الثاني:
ما نقله من كون الحديث ينقسم إلى هذه الأقسام الثلاثة ليس بجيد، فإن بعضهم يقسمه إلى قسمين فقط: صحيح وضعيف، وسيأتي للمصنف النص على أن من أهل الحديث من لا يفرد نوع الحسن، وهو الظاهر من كلام الحاكم، فكان ينبغي الاحتراز عن هذا الخلاف هنا، والجواب:1 أن ما نقله المصنف عن أهل الحديث قد نقله عنهم الخطابي صراحة في خطبة معالم السنن -وساق عبارة الخطابي- ثم قال: ولم أر من سبق الخطابي إلى هذا التقسيم، وإن كان في كلام المتقدمين ذكر الحسن، ولكن الخطابي نقل التقسيم عن أهل الحديث وهو إمام ثقة، فتبعه المصنف على ذلك هنا، ثم حكى الخلاف في الموضوع الذي ذكره فلم يهمل حكاية الخلاف.

2- ذكر ابن الصلاح في المرسل صورة قال:
إنه لا خلاف فيها بين العلماء، وهي حديث التابعي الكبير الذي لقي جماعة من الصحابة ... إلخ، ومثل لهذا التابعي بعبيد الله بن عدي بن الخيار، فاعترض عليه بأن عبيد الله بن عدي ذكر في جملة الصحابة فليس من التابعين2.

ورد ذلك الحافظ العراقي بأن الاعتراض ليس بصحيح، وبرهن على ذلك بأنهم إنما ذكروه جريًا على قاعدتهم في ذكر من عاصر النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأن عبيد الله ولد في حياة النبي صلى الله عليه وسلم، ولم ينقل أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم، وضرب لذلك بعض الأمثلة ثم قال: إن عبيد الله بن عدي روى عن عمر وعثمان وعلي في آخرين.

3- قال ابن الصلاح في الحديث المعلل:
ويسميه أهل الحديث المعلول، وذلك منهم ومن الفقهاء، في قولهم في باب القياس: العلة والمعلول مرذول عند أهل العربية واللغة3.

----------------------------
1 التقييد والإيضاح ص19.
2 التقييد والإيضاح ص70 وما بعدها.
3 التقييد والإيضاح ص115 وما بعدها.
----------------------------

فقال العراقي: تبعه على ذلك الشيخ محيي الدين النووي فقال في مختصره: إنه لحن، واعترض عليه بأنه قد حكاه جماعة من أهل اللغة منهم قطرب فيما حكاه الخليلي والجوهري في الصحاح والمطرزي في المغرب. ا. هـ. والجواب عن المصنف: إنه لا شك في أنه ضعيف وإن حكاه بعض من صنف في الأفعال كابن القوطية، وقد أنكره غير واحد من أهل اللغة كابن سيدة والحريري، ثم ذكر عبارة المحكم التي تدل على أن ابن سيدة ليس على ثقة من قولهم: المعلول، وأن المعروف: معل ثم قال: أنكره الحريري أيضًا في درة الغواص، واستحسن أخيرًا أن يقال: معل بلام واحدة لا معلل، فإن الذي بلامين يستعمله أهل اللغة بمعنى ألهاه بالشيء وشغله به من تعليل الصبي بالطعام، وأطال في ذلك ثم قال: إن التعبير بالمعلول موجود في كلام كثير من أهل الحديث وساق لذلك أمثلة.

4- قال ابن الصلاح في المعضل:
وذكر أبو نصر السجزي الحافظ قول الراوي بلغني نحو قول مالك: بلغني عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "للمملوك طعامه وكسوته..." الحديث، وقال السجزي: أصحاب الحديث يسمونه المعضل،1 فقال العراقي: وقد استشكل كون هذا الحديث معضلًا لجواز أن يكون الساقط بين مالك وأبي هريرة واحدًا، فقد سمع مالك عن جماعة من أصحاب أبي هريرة، كسعيد المقبري، ونعيم المحمر ومحمد بن المنكدر، فلم جعله معضلًا.

وأجاب العراقي بأن مالكًا قد وصل هذا الحديث خارج الموطأ، فرواه عن محمد بن عجلان عن أبيه عن أبي هريرة، فقد عرفنا سقوط اثنين منه، فلهذا سموه معضلًا.

5- قال ابن الصلاح في الشاذ:
إن ما حكم عليه الشافعي بالشذوذ -يريد ابن الصلاح النقل عن الشافعي أن الشاذ أن يروي الثقة حديثًا يخالف به غيره؟ - فلا إشكال في أنه شاذ غير مقبول، وأما ما حكيناه عن غيره "أي من أن الشاذ ما ليس له إلا إسناد واحد... إلخ" فيشكل بما ينفرد به العدل الحافظ الضابط كحديث: "إنما الأعمال بالنيات..." إلخ2.

وقال العراقي: وقد اعترض عليه بأمرين: أحدهما: أن الخليلي والحاكم إنما ذكرا تفرد الثقة فلا يرد عليهما تفرد الحافظ لما بينهما من الفرقان، الثاني: أن حديث النية لم ينفرد به عمر بل رواه أبو سعيد الخدري وغيره كما ذكره الدارقطني وغيره.

قال العراقي: والجواب عن الأول أن الحاكم ذكر تفرد مطلق الثقة، والخليلي إنما ذكر مطلق الراوي، فيرد على إطلاقهما تفرد العدل الحافظ، وأطال في ذلك، ثم ذكر ما يفيد
----------------------------
1 التقييد والإيضاح ص82 وما بعدها.
2 التقييد والإيضاح ص100 وما بعدها.
----------------------------

الجواب عن الثاني، وهو أن حديث عمر وإن كان قد ورد في المستخرج من أحاديث الناس لعبد الرحمن بن منده أنه رواه سبعة عشر من الصحابة، وأنه رواه عن عمر غير علقمة، وعن علقمة غير محمد بن إبراهيم. فإن الصحيح ما قاله الحافظ أبو بكر البزار في مسنده بعد تخريجه: لا يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا من حديث عمر، ولا عن عمر إلا من حديث علقمة، ولا عن علقمة إلا من حديث محمد بن إبراهيم، ولا عن محمد إبراهيم إلا من حديث يحيى بن سعيد.

وبهذا يثبت أنه شاذ بالمعنى الثاني، ويصح الاعتراض به على من اعتبر الشذوذ منافيًا للصحة بالمعنى الثاني.



الفصل السادس: كتب أصول الحديث 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 51137
العمر : 72

الفصل السادس: كتب أصول الحديث Empty
مُساهمةموضوع: رد: الفصل السادس: كتب أصول الحديث   الفصل السادس: كتب أصول الحديث Emptyالثلاثاء 28 مايو 2024, 7:13 pm

ونذكر على سبيل المثال بعض ما رده الحافظ العراقي على ابن الصلاح وخطأه فيه:
1- أن ابن الصلاح ذكر في المرسل من الصور المختلف فيها:
إذا انقطع الإسناد قبل الوصول إلى التابعي فكان فيه رواية راو لم يسمع من المذكور فوقه، فالذي قطع به الحاكم الحافظ أبو عبد الله وغيره من أهل الحديث أن ذلك لا يسمى مرسلًا1.

فقال الحافظ العراقي:
إنه قوله قبل الوصول إلى التابعي ليس بجيد، بل الصواب قبل الوصول إلى الصحابي، فإنه لو سقط التابعي أيضًا كان منقطعًا لا مرسلًا عند هؤلاء، ولكن هكذا وقع في عبارة الحاكم فتبعه المصنف.

2- قال ابن الصلاح:
إنه من المختلف فيه في المرسل قول الزهري وابن حازم ويحيى بن سعيد وأتباعهم من صغار التابعين: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم2.

ويقول العراقي:
إن ما ذكر في حق من سمى من صغار التابعين أنهم لم يلقوا من الصحابة إلا الواحد والاثنين ليس بصحيح بالنسبة إلى الزهري، فقد لقي من الصحابة ثلاثة عشر فأكثر وهم عبد الله بن عمر وسهل بن سعد وأنس بن مالك... وساق البقية، ثم ذكر بعض مناقشات في بعض من سمع منهم من الصحابة.

3- قال ابن الصلاح: إذا قيل في الإسناد:
عن رجل أو عن شيخ عن فلان فالذي ذكره الحاكم في معرفة علوم الحديث أنه لا يسمى مرسلًا بل يسمى منقطعًا، وهو في بعض المصنفات المعتبرة في أصول الفقه معدود من المرسل3.

فقال العراقي:
اقتصر ابن الصلاح من الخلاف على هذين القولين، وكل منهما خلاف ما عليه الأكثرون، فإن الأكثرين ذهبوا إلى أن هذا متصل في إسناده مجهول، وقد حكاه عن الأكثرين الحافظ رشيد الدين العطار في الغرر المجموعة، واختاره شيخنا الحافظ العلائي في جامع التحصيل.

----------------------------
1 التقييد والإيضاح ص71.
2 التقييد والإيضاح ص72.
3 التقييد والإيضاح ص73.
----------------------------

ثم قال -استكمالا للبحث: إن ما ذكره عن بعض المصنفات المعتبرة لم يسمه، فالظاهر أنه أراد به البرهان لإمام الحرمين، فإنه قال فيه... إلخ.

4- قال ابن الصلاح:
وفي صدر صحيح مسلم المرسل في أصول قولنا وقول أهل العلم بالأخبار ليس بحجة1.

فقال العراقي:
 الحق أن هذا ليس قول مسلم، وإنما ذكره حاكيًا على لسان خصمه الذي نازعه في اشتراط اللقي، وساق العبارة الدالة على ذلك، وهي تبين أنها سيقت في مناقشة وقعت بين مسلم وخصمه الذي اشترط اللقي في الإسناد المعنعن.

5- ذكر ابن الصلاح في مرسل الصحابي:
أنه ما يرويه ابن عباس وغيره من أحداث الصحابة عن الرسول صلى الله عليه وسلم ولم يسمعوه منه، وعلل قوله بأن روايتهم عن الصحابة، والجهالة بالصحابي غير قادحة2.

فقال العراقي:
إن فيه أمرين: أحدهما أن قوله: لأن روايتهم عن الصحابة ليس بجيد، بل الصواب أن يقال: لأن أكثر رواياتهم عن الصحابة، إذ قد سمع جماعة من الصحابة من بعض التابعين، وذكره ابن الصلاح نفسه في موضعه، ثم ذكر العراقي لذلك أمثلة، واستطرد با يرد به على منكري ذلك من بعض أهل العلم، فأورد ثمانية عشر مثالًا تفيد رواية بعض الصحابة عن بعض التابعين مع تخريج تلك الأحاديث.

6- قال ابن الصلاح في المعنعن:
والصحيح الذي عليه العمل أنه من قبيل الإسناد المتصل ثم قال: وكاد أبو عمرو بن عبد البر الحافظ يدعي إجماع أئمة الحديث على ذلك3.

فقال العراقي:
لا حاجة إلى قوله: كاد، فقد إدعاه فقال في مقدمة التمهيد: أعلم وفقك الله أتى تأملت أقاويل أئمة الحديث... إلى أن قال: فوجدتهم أجمعوا على قبول الإسناد المعنعن، لا خلاف بينهم في ذلك إذا جمع شروطًا ثلاثة -وساقها- ثم قال: وهو قول مالك وعامة أهل العلم.

7- نقل ابن الصلاح عن أحمد بن حنبل:
أنه يفرق بين "عن فلان" و"أن فلانًا"، ومثله عن يعقوب بن شيبة4.

فقال الحافظ العراقي:
وما حكاه المصنف عن أحمد بن حنبل وعن يعقوب بن شيبة من تفرقتهما بين عن وأن ليس الأمر فيه على ما فهمه من كلامهما، ولم يفرق أحمد ويعقوب بين عن وأن لصيغة أن، ولكن لمعنى آخر أذكره... وساق الحديث الذي يدل على ذلك المعنى ولا يدل على التفرقة بين عن وأن كما فهم ابن الصلاح.

----------------------------
1 التقييد والإيضاح ص75.
2 التقييد والإيضاح ص75.
3 التقييد والإيضاح ص83.
4 التقييد والإيضاح ص85.
----------------------------

8- قال ابن الصلاح في معرفة الأكابر من الرواة من الأصاغر:
وقد صح عن عائشة أنها قالت: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ننزل الناس منازلهم1.

فقال العراقي:
جزم المصنف بصحة حديث عائشة، وفيه نظر، فإن مسلمًا رحمه الله ذكره في مقدمة الصحيح بغير إسناد وبصيغة التمريض فقال: ذكر عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت... وذكر الحديث، وقد رواه أبو داود في سننه ثم قال: ميمون بن أبي شبيب "الراوي عن عائشة" لم يدرك عائشة، فلم يسكت عليه أبو داود بل أعله بالانقطاع، ثم قال: ولكن المصنف تبع في تصحيحه الحاكم، وليس فيه حجة للمصنف، فإن المصنف لا يرى ما انفرد الحاكم بتصحيحه صحيحًا.

وطعن فيه أيضًا بأن البزار قال في مسنده بعد أن خرجه: لا يعلم عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا من هذا الوجه.

وأورد عدة مناقشات في هذا المقام ثم قال: ولكن المؤلف لما رأى مسلمًا روى في مقدمة صحيحه حديثه عن المغيرة بن شعبة عن النبي صلى الله عليه وسلم: "من حدث عني بحديث يرى أنه كذب فهو أحد الكذابين" حمله على الاتصال اكتفاء بمذهب مسلم، ومسلم إنما رواه استشهادًا، بعد أن رواه من حديث ابن أبي ليلى عن سمرة، وحكم عليه مسلم بأنه مشهور، والشهرة لا تلازم الصحة، فقد يكون المشهور صحيحًا وقد يكون ضعيفًا. وانتهى إلى أن هذا الحديث لا يصح إسناده تخطئة لابن الصلاح في دعواه.

9- قال ابن الصلاح في المدبج:
اعلم أن رواية القرين عن القرين تنقسم: فمنها المدبج، وهو أن يروي القرينان كل واحد منها عن الآخر، مثاله في الصحابة عائشة وأبو هريرة روى كل منهما عن الآخر2.

فقال العراقي:
إن تقييد المصنف للمدبج بالقرينين إذا روى كل منهما عن الآخر تبع فيه الحاكم في علوم الحديث، ثم قال: إن الأمر ليس على ما ذكراه، إنما المدبج أن يروي كل من الراويين عن الآخر سواء أكانا قرينين أو أحدهما أكبر من الآخر، فتكون رواية أحدهما عن الآخر من رواية الأكبار عن الأصاغر.

ثم ذكر أن صاحب التسمية الأولى للمدبج -وهو الدارقطني- لم يتقيد بكونهما قرينين، بدليل أنه ذكر فيه رواية أبي بكر عن النبي صلى الله عليه وسلم، ورواية النبي صلى الله عليه وسلم عن أبي بكر، ورواية عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم، ورواية النبي صلى الله عليه وسلم عنه

----------------------------
1 التقييد والإيضاح ص328.
2 التقييد والإيضاح ص333.
----------------------------

وذكر مثل ذلك في سعد بن عبادة، وذكر أيضًا رواية الصحابة عن التابعين وبالعكس. وأطال في هذا جدًّا، ثم قال: فهذا يدل على أن المدبج لا يختص بكون الراويين الذين روى كل منهما عن الاخر قرينين، بل الحكم أعم من ذلك.



الفصل السادس: كتب أصول الحديث 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 51137
العمر : 72

الفصل السادس: كتب أصول الحديث Empty
مُساهمةموضوع: رد: الفصل السادس: كتب أصول الحديث   الفصل السادس: كتب أصول الحديث Emptyالثلاثاء 28 مايو 2024, 7:14 pm

10- قال ابن الصلاح في رواية الآباء عن الأبناء:
وآخر ما رويناه من هذا النوع وأقربه عهدًا ما حدثنيه أبو المظفر عبد الرحيم... إلى أن قال: فذكر بإسناده عن أبي أمامة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أحضروا موائدكم البقل فإنه مطردة للشيطان مع التسمية...". ا. هـ1.

قال العراقي:
وقد أبهم المصنف ذكر إسناده، والسمعاني رواه في الذيل من رواية العلاء بن مسلمة الراوسي عن إسماعيل بن مغر الكرماني عن ابن عياش -وهو إسماعيل- عن بردة عن مكحول عن أبي أمامة، وهو حديث موضوع، فأبهم المصنف موقع العلة وسكت عليه، وقد ذكر المصنف في النوع الحادي والعشرين أنه لا يحل رواية الحديث الموضوع لأحد علم حاله في أي معنى إلا مقرونًا ببيان وضعه، وهذا الحديث ذكر غير واحد من الحفاظ أنه موضوع. ثم ساق على ذلك أدلة، ثم ترفق بالمصنف فقال: إنه قد يجاب عن المصنف بأنه لا يرى أنه موضوع وإن كان في إسناده وضاع، فكأنه ما اعترف بوضعه.

وبعد: فهذه أمثلة تدل على مبلغ دقة هذا الإمام الحافظ، فإنه يبدو أنه أنصف ابن الصلاح إنصافًا كريمًا بذكره ما له وما عليه في مواضع المناقشة، فما كتبه على وجازته التي تبدو في متابعة تعليقاته يعتبر من أنفس ما كتب في هذا الفن، كما يبدو أن صاحب التقييد رحمه الله رأى أن كتاب ابن الصلاح كفاية لمن أراد التزود من علوم الحديث، من غير تزيد في متابعة الفضول والمناقشات التي هي مشغلة عن العلم، ومضيعة للكثير من الوقت.

على أن للإمام العراقي استطرادات جمة الفوائد، من بينها ما أشرنا إليه إجمالًا من ذكر الصحابة الذين يروي عنهم الزهري2، فقد عد فيمن روى عنهم الزهري، عبد الله بن عمر، وسهل بن سعد، وأنس بن مالك، وعبد الله بن جعفر، وربيعة بن عِبَاد "بكسر العين وتخفيف الموحدة"3 وسنين أبو جميلة، والسائب بن يزيد، وأبو الطفيل عامر بن واثلة، والمسور بن مخرمة، وعبد الرحمن بن أزهر ... إلخ، ثم ذكر بعض الصحابة الذين اختلف في رواية الزهري عنهم.

ومن ذلك الاستطراد أيضًا ذكره لرواية بعض الصحابة عن بعض التابعين عن بعض الصحابة عن النبي صلى الله عليه وسلم ومهد له بقوله: بلغني عن بعض أهل العلم أنه أنكر أن يكون قد وجد شيء من رواية الصحابة عن التابعين عن الصحابة عن النبي صلى الله عليه وسلم، فرأيت أن أذكر من ذلك ما وقع لي، فذكر عشرين حديثًا مع بيان رواتها وتخريجها.

----------------------------
1 التقييد والإيضاح ص345 وما بعدها.
2 التقييد والإيضاح ص72.
3 ولهذا الضبط للأعلام فائدة استطرادية جميلة، وهي نصيحة طيبة.
----------------------------

ومن هذه الأحاديث: حديث سهل بن سعد عن مروان بن الحكم عن زيد بن ثابت أن النبي صلى الله عليه وسلم أملى عليه: "لا يستوي القاعدون من المؤمنين..." فجاء ابن أم مكتوم. الحديث رواه البخاري والنسائي والترمذي وقال: حسن صحيح.

ومن ذلك: حديث السائب بن يزيد عن عبد الرحمن بن عبد القارئ عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: من نام عن حزبه أو عن شيء منه... فذكره، رواه مسلم وأصحاب السنن الأربعة.

ومن ذلك: حديث جابر بن عبد الله عن أم كلثوم بنت أبي بكر الصديق عن عائشة رضي الله عنها: "أن رجلًا سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الرجل يجامع ثم يكسل..." الحديث. وهكذا.

وعلى أنه لا يخلو من فوائد أخرى يوردها، فقد كتب1 -مع هذه الوجازة الملموسة في كتابه- مناقشة طريفة تدل على قوة يقظته وشدة وعيه، عند قول ابن الصلاح: فالله أسأل أن يجعله مليًا بذلك وأملى، وفيا بكل ذلك وأوفى، يقول: استعمل المصنف هنا مليًا وأملى من غير همز على التخفيف، وكتبه بالياء لمناسبة قوله وفيا وأوفى، وإلا فالأول مهموز من قولهم ملأ الرجل -بضم اللام وبالهمز- أي صار مليئًا أي ثقة، وهو مليء بين الملاء والملاءة ممدودان.

ومن ذلك ما أورده العراقي عند قول ابن الصلاح في دراسة المعضل2 تعليقًا عليه، قال ابن الصلاح: وأصحاب الحديث يقولون أعضله فهو معضل بفتح الضاد، وهو اصطلاح مشكل المأخذ من حيث اللغة، وبحثت فوجدت له قولهم: أمر عضيل أي مستغلق شديد، ولا التفات في ذلك إلى معضل بكسر الضاد وإن كان مثل عضيل في المعنى.

فقال العراقي: أراد المصنف بذلك تخريج قول أهل الحديث معضل بفتح الضاد على مقتضى اللغة، ثم زاده المصنف إيضاحًا فيما أملاه حين قراءة الكتاب عليه فقال: إن فعيلًا يدل على الثلاثي، قال: فعلى هذا يكون لنا عضل قاصرًا، وأعضل متعديًا وقاصرًا، كما قالوا ظلم الليل وأظلم الليل والليل.

ثم قال: اعترض عليه بأن فعيلًا لا يكون من الثلاثي القاصر، والجواب أنه إنما يكون من الثلاثي القاصر إذا كان فعيل بمعنى مفعول، فأما إذا كان بمعنى فاعل فيجيء من الثلاثي القاصر كقولهم حريص من حرص... وأطال في ذلك.

وقد كان يمكن أن تضاف هذه الأمثلة إلى ما ذكرناه في الاعتراضات والإجابة عنها، ولكنا ذكرناها هنا للدلالة على توسعة في اللغة أيضًا.

وبعد فلعلنا بهذه الدراسة الموجزة لكتابي مقدمة ابن الصلاح وشرحها المسمى بالتقييد والإيضاح للحافظ العراقي نكون قد ألقينا ضوءًا مشرقًا ينبه إلى مكانة هذين الكتابين، وأنهما يستحقان مزيد عناية ممن يعنون بدراسة هذه العلوم، للانتفاع بهما فيما هم بصدده من هذه الدراسة.
----------------------------
1 التقييد والإيضاح ص13.
2 التقييد والإيضاح ص81 وما بعدها.
----------------------------

ألفية الحديث:
للعراقي المتوفى سنة 806هـ وشرحها المسمى فتح المغيث شرح ألفية الحديث؛ للسخاوي المتوفى سنة 902هـ:
أما الألفية فإن ناظمها هو الحافظ زين الدين العراقي، المتوفى عام ست وثمانمائة، وقد أوردنا ترجمته عند دراسة كتابه طرح التثريب وأصله في كتب الأحكام.

وقد وصف هذه المنظومة بأنها مقاصد مهمة، توضح من علم مصطلح الحديث رسمه، أي أثره الذي تبنى عليه أصوله، وأنه نظمها تبصرة للمبتدئ وتذكرة للمنتهي، وأنه لخص فيها مقاصد كتاب ابن الصلاح -يريد مقدمته المشهورة- وزاد عليه فوائد أخرى، وشرح فيها بعض اصطلاحاته التي يوردها في أثناء النظم، من أنه إذا جاء بالفعل والضمير لواحد مثل كلمة "قال" أو أطلق لفظ "الشيخ" فإنه يريد بذلك ابن الصلاح، وإن ذكر الفعل مع ضمير التثنية نحو "التزما" أو "ذهبا" فإنه يريد البخاري ومسلمًا.

ثم إنه تناول في هذه المنظومة أقسام الحديث بتعريف كل منها، ثم تناول الخلاف في أصح الأسانيد، وأتبعه بيان الخلاف في أصح كتب الحديث، وأن الصحيحين لم يستوعبا جميع الأحاديث الصحيحة، وعدد ما في البخاري من الأحاديث، ثم تكلم عن الصحيح الزائد على الصحيحين ونطاقه من كتب السُّنَّة، ثم انتقل إلى الكلام عن المستخرجات بتصويرها والإشارة إلى بعض ما ألف فيها، وأتبع ذلك ببيان مراتب الأحاديث الصحيحة وترتيبها بحسب الكتب، ثم الكلام في أن الحديث الصحيح المسند يفيد القطع أو الظن على الخلاف في ذلك، وأما غير المسند وهو ما يسمى معلقًا فإنه تارة يفيد القطع وتارة لا يفيده، ثم انتقل إلى بيان الطريقة في نقل الحديث من الكتب المعتمدة، وتناول بعد ذلك قسم الحسن من الحديث، وأورد الخلاف فيه وتقسيمه وما يتصل بذلك من مظانه وأقسامه، ثم تناول الحديث الضعيف تعريفًا له وإحصاء لأنواعه، وأورد بعد ذلك تقسيمًا للحديث من زاوية الاتصال وعدمه، فذكر كلا من المرفوع والمسند والمتصل والموقوف والمقطوع والمرسل والمنقطع والمعضل والشاذ والمنكر والمعلل والمضطرب والمدرج والموضوع والمقلوب، يتخلل هذه التصويرات بعض فروع تتصل بها، مثل قول الصحابي أمرنا بكذا أو كنا نرى كذا وما أشبه ذلك، أو تنبيهات على أمور ترتبط أيضًا ببعض هذه الأقسام وفي أثناء ذلك تناول الحديث عن الاعتبارات والمتابعات والشواهد والفروق بينها، وأثرها في تقوية الحديث.

ثم تناول كلا من مراتب التعديل ومراتب التخريج، والألفاظ التي تستعمل في كل مرتبة منها.

وانتقل بعد ذلك إلى موضوع تحمل الحديث، والوقت الذي يصح فيه التحمل، وأقسام التحمل العديدة، وما يصح منها وما لا يصح.

وتناول بعد ذلك كتابة الحديث وضبطه، والمقابلة في المكتوب، وما يتصل بذلك كالكشط والمحو والضرب، وبين طريقة العمل في الجمع بين اختلاف الروايات.

وأورد -بعد ذلك- شيئًا يسمى كتابه التسميع، وتناول بعده طريقة الرواية من الأصل، ثم أورد حكم الاقتصار في الرواية على بعض الحديث، وما في ذلك من التفصيل، واختلاف عبارات الأئمة في ذلك، وبين طريقة التسميع من الشيخ، والحث على الأخذ من أفواه الشيوخ، ثم عقد فصلًا لإصلاح اللحن والخطأ، وكيف يروى ما فيه لحن أو خطأ، وفصلًا لاختلاف ألفاظ الشيوخ، وفصلًا للزيادة على الرواية في نسبة الشيخ، وفصلا آخر للرواية من أثناء النسخ التي إسنادها واحد، وآخر لحكم تقديم المتن على السند، وفصلًا لما قال الشيخ مثله أو نحوه، وفصلًا لإبدال الرسول بالنبي وعكس ذلك، وفصلًا أورد فيه مسألتين: السماع على نوع من الوهن، أو بإسناد قرنت فيه الرواية عن رجلين.

ثم تناول الحديث عن آداب الشيخ المحدث، وما ينبغي أن يكون عليه من الصفات، والكلام على آداب طالب الحديث.

ثم أورد تقسيم كل من السند العالي والنازل، وانتقل إلى تقسيم الحديث باعتبار عدد الرواة، ثم غريب ألفاظ الحديث، ثم المسلسل والناسخ والمنسوخ والتصحيف ومختلف الحديث، وخفي الإرسال والمزيد في متصل الإسناد، ومعرفة الصحابة ومعرفة التابعين، والأكابر الذين يروون عن الأصاغر، ورواية الأقران والإخوة والأخوات، ورواية الآباء عن الأبناء وعكسه، والسابق واللاحق، ومن لم يرو عنه من الصحابة أو التابعين فمن بعدهم إلا راو واحد، ومن ذكر من الرواة بنعوت متعددة وأفرد العلم، والأسماء والكنى والألقاب، والمؤتلف والمختلف، والمتفق والمفترق والمتشابه، والمقلوب، ومن نسب إلى غير أبيه، والمنسوبون إلى خلاف الظاهر، والمبهمات وتواريخ الرواة والوفيات، ومعرفة الثقات والضعفاء، ومعرفة من اختلط من الثقات، وطبقات الرواة، والموالي من العلماء والرواة، وأوطان الرواة وبلدانهم، كل هذا على الترتيب الذي أوردناه.

غير أننا في هذا المقام ينبغي أن نصور للقارئ طريقة صاحب الألفية مع صاحب التقريب، وتصرف كل منهما مع الأصل الذي هو مقدمة ابن الصلاح فنقول:
وقد وصف كل منهم كتابه في مقدمته بما يصور منهجه في القدر البارز في مؤلفه.

----------------------------
1 ص13 التقييد والإيضاح على مقدمة ابن الصلاح.
----------------------------



الفصل السادس: كتب أصول الحديث 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 51137
العمر : 72

الفصل السادس: كتب أصول الحديث Empty
مُساهمةموضوع: رد: الفصل السادس: كتب أصول الحديث   الفصل السادس: كتب أصول الحديث Emptyالثلاثاء 28 مايو 2024, 7:14 pm

فأمَّا ابن الصلاح1:
فقد ذكر أن علم الحديث لم يزل في اندراس، وصار أهله شرذمة قليلة لا تحقيق عندها، فمن الله عليه بأن يجمع في كتابه معرفة أنواع علم الحديث الذي أحكم معاقده، وقعد قواعده، وفصل أقسامه، وأوضح أصوله، وجمع شتات علومه، وقنص شوارد نكته.

ثم فهرس أنواع الحديث الخمسة والستين التي تعرض لها وقال: إنها قابلة للتنويع إلا ما لا يحصى.

هو بهذا لم يزد على أنه تدارك علوم الحديث بجمع شتاتها، وأورد المنهج الإجمالي ببيان أقسامها.

وأمَّا النووي في التقريب:
فإنه وصف كتابه بأنه اختصار لكتاب الإرشاد الذي صنفه اختصارًا لعلوم الحديث لابن الصلاح، كما وصفه بأنه بالغ في الاختصار من غير إخلال بالمقصود مع الحرص على إيضاح العبارة.

وأمَّا العراقي:
فإنه وصف كتابه بأنه تلخيص لعلوم الحديث لابن الصلاح مع زيادة بعض الفوائد.

ويمكننا أن نصور منهج كل منهم في إيجاز ببيان النواحي البارزة في تصرف كل منهم في النوع الأول وهو الصحيح، فنجد أن ابن الصلاح قد عرف الصحيح بالتعريف الذي أورده بعده كل من النووي والعراقي، وذكر قيوده الخمسة -اتصال السند والعدالة والضبط وعدم الشذوذ وعدم العلة- ثم قال على سبيل الإجمال: إنها احتراز عن المرسل والمنقطع والمعضل والشاذ، وما فيه علة قادحة، وما في روايته نوع جرح.

أما صاحبا التقريب والألفية، فلم يعرض واحد منهما لشيء من المحترزات.

وعند الكلام على أفضلية صحيح البخاري على صحيح مسلم كان النووي أشد اختصارًا من العراقي، فاقتصر على مجرد ذكر القولين في أفضلية البخاري أو مسلم دون ذكر من قال بهما، وإن كان النووي قد زاد على كل منهما في هذا المقام أن مسلمًا اختص بجمع طرق الحديث، وأما العراقي فقد ذكر أن القول بأفضلية مسلم هو قول بعض المغاربة مع أبي علي النيسابوري تبعًا لابن الصلاح، الذي نقل عبارة النيسابوري في تصحيح مسلم وناقشها.

وعند ذكر عدم استيعاب الصحيحين صرح ابن الصلاح بهذا الحكم، وذكر له دليلين من كلام الشيخين البخاري ومسلم، واشترك كل من النووي والعراقي في نقل القول بأنه لم يفت الصحيحين إلا القليل، وإن كان العراقي قد ذكر اسم القائل بذلك -وهو ابن الأخرم- تبعًا لابن الصلاح، ولم يذكر النووي اسم القائل، وفي هذا المقام أدعى النووي -زيادة على ابن الصلاح- أنه لم يفت الخمسة من الصحيح إلا اليسير، وأورد أسماء الخمسة، وقد نقل ذلك العراقي عنه ورده بما روي عن البخاري، مما يفيد أن البخاري يحفظ مائة ألف حديث صحيح، ثم أول عبارة البخاري بأنه أراد ما يشمل المكرر والموقوف، وذلك لما فيها من المبالغة، ثم اشترك معه -تبعًا لابن الصلاح- في بيان عدد ما في صحيح البخاري مكررًا وغير مكرر، ولكن ابن الصلاح أورد استداركًا في هذا المقام فقال: إلا أن هذه العبارة قد يندرج تحتها عندهم آثار الصحابة والتابعين وربما عد الحديث الواحد المروي بإسنادين حديثين.

وقد زاد النووي على كل من ابن الصلاح والعراقي بيان أن ما في مسلم بإسقاط المكرر نحو أربعة آلاف حديث، ونرى أن النووي قد أحسن في إثبات هذه الزيادة، ولعل عنايته بشرح صحيح مسلم هي التي دفعته إلى إيرادها.

لم يفصل العراقي فيما زاد على الصحيحين ببيان الكتب التي يلزم لاعتبار الحديث صحيحًا أن تنص على صحته، وقد بين هذه الكتب كل من ابن الصلاح والنووي، على أن العراقي اشترك معهما في بيان أن الكتب الملتزمة بإيراد الصحيح لا يشترط فيها نص على الصحة -اكتفاء بالحكم الكلي على ما في كل منها- وقد اشترك الثلاثة في أن الحاكم يدخل في هذه الكتب إلا أنه متساهل، غير أن كلا من ابن الصلاح والنووي قال: إن ما انفرد به الحاكم ولم يوجد الحكم عليه في الكتب الأخرى وليس به علة توجب ضعفه يعتبر حسنًا، وقد نقل العراقي ذلك عن ابن الصلاح، ثم رد عليه بأن الحق أن يحكم على كل حديث منها بما يليق به بحسب إسناده.

انفرد العراقي عن ابن الصلاح والنووي في اعتراضه على الحميدي بأنه لم يميز بعض الأحاديث التي وصفها بأن البخاري اختصرها، فلم يذكر اللفظ الذي اختصر به مما أوجب اللبس على السامع وتمني لو أن الحميدي كان قد استوعب بيان القدر الذي اختصر عليه البخاري.

وفي بيان مراتب الصحيح لم يبين العراقي المعنى الاصطلاحي لكلمة "متفق عليه" وقد ذكرها كل من ابن الصلاح والنووي.

وفي بيان ما علق من الحديث في الصحيحين بدون جزم اتفقت عبارات الثلاثة على أنه، ليس بواه، إلا أن ابن الصلاح نص على أن إيراده في الصحيح يشعر بصحة أصله، ولم يتعرض المختصران لهذه الجزئية.

ومن المفارقات هنا أن كلا من ابن الصلاح والعراقي عرف المعلق في هذا المقام، ولم يذكر النووي تعريفه اكتفاء بالمعنى، ولأن له موضعًا يذكر فيه باسمه من أقسام الحديث.

وقد انفرد العراقي ببيان حكم من أسند لشيخه حديثًا يقال أو زاد أو نحوهما كما في حديث البخاري: "قال هشام بن عمار: حدثنا ... إلخ" وهو عند العراقي في حكم الحديث المعنعن لا يكون متصلًا إلا بالشرطين المعروفين: عدم التدليس واللقي أو المعاصرة، ولم يذكر هذه الجزئية ابن الصلاح ولا النووي.

ومن هذه الدراسة يتبين أن الأصل -وهو مقدمة ابن الصلاح- أكثر بسطًا في الجملة -شأن صناعة التأليف- من هذين المختصرين: التقريب والألفية، وقد يزيد أحدهما على الآخر، وقد يزيد كلاهما أو أحدهما على الأصل في بعض المواضع.

ولولا خشية الإطالة لأوردنا كثيرًا من الأمثلة، ولكن موضوع دارستنا لا يتسع لذلك.



الفصل السادس: كتب أصول الحديث 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 51137
العمر : 72

الفصل السادس: كتب أصول الحديث Empty
مُساهمةموضوع: رد: الفصل السادس: كتب أصول الحديث   الفصل السادس: كتب أصول الحديث Emptyالثلاثاء 28 مايو 2024, 7:15 pm

وهذه نماذج لما ورد في ألفية العراقي في مواضع متفرقة من علوم الحديث، نوردها فيما يلي:
1- في الغريب والعزيز والمشهور قال العراقي في الألفية1:
وما به مطلقًا الراوي انفرد ... فهو الغريب وابن منده فحد
بلا انفراد عن إمام يجمع ... حديثه فإن عليه يتبع
من واحد واثنين فالعزيز أو ... فوق فمشهور وكل قد رأوه
منه الصحيح والضعيف ثم قد ... يغرب أو مطلقًا أو إسناد فقد
كذلك المشهور أيضًا قسموا ... بشهرة مطلقة كالمسلم
من مسلم الحديث والمقصور ... على المحدثين من مشهور
قنوته بعد الرجوع شهرًا ... ومنه ذو تواتر مستقرا
في طبقاته كمتن من كذب ... ففوق ستين رووه والعجب
بأن من رواته للعشرة ... وخص بالأمرين فيما ذكره
الشيخ عن بعضهم قلب تلى ... مسح الخفاف وابن منده إلى
عشرتهم رفع اليدين نسبًا ... وينفوا عن مائة من كذبا

2- وفي خفي الإرسال والمزيد في متصل الأسانيد قال2:
وعدم السماع واللقاء ... يبدو به الإرسال ذو الخفاء
كذا زيادة اسم راو في السند ... إن كان حذفه بعد فيه ورد
وإن بتحديث أتى فالحكم له ... مع احتمال كونه قد حمله
عن كل إلا حيث ما زيد وقع ... وهما في ذين الخطيب قد جمع

3- وفي رواية الأقران قال3:
والقرنا من استووا في السند ... والسن غالبًا وقسمين اعدد
ودبجا وهو إذا كل أخذ ... عن آخر وغيره انفراد فذ

----------------------------
1 فتح المغيث ج3 ص27.
2 فتح المغيث ج3 ص79.
3 فتح المغيث ج3 ص160.
----------------------------

4- وفيمن لم يرو عنه من الصحابة أو التابعين فمن بعدهم إلا راو واحد قال1:
ومسلم صنف في الوحدان ... من عنه راو واحد لا ثاني
كعامر بن شهر أو كوهب ... هو ابن خنبش وعنه الشعبي
وغلط الحاكم حيث زعما ... بأن هذا النوع ليس فيهما
ففي الصحيحين أخرجا المسيبا ... وأخرج الجعفر لابن تغلبا

5- وفي الأسماء والكنى قال2:
وأعن الأسماء والكنى وقد قسـ ... تم الشيخ ذا التسع أو عشر قسم
من اسمه كنيته انفرادًا ... نحو أبي بلال أوقد زادا
نحو أبي بكر بن حزم قد كنى ... أبا محمد بخلف فافطن
والثاني قد يكنى ولا اسما ندري ... نحو أبي شيبة وهو الخدري
ثم كنى الألقاب والتعدد ... نحو أبي الشيخ أبي محمد
وابن جريج بأبي الوليد ... وخالد كنى للتعديد
ثم ذوو الخلف كنى وعلما ... أسماؤهم وعكسه وفيهما
وعكسه وذو اشتهار بسم ... وعكسه أبو الضحى لمسلم

6- وفي تلخيص المتشابه قال3:
ولـــهـم قــســـم مــن الــنـوعيـن ... مــركــب مـتـفــق اللفظين
في الاســـم لكـــن أبـــاه اختلـفـــا ... أو عـكسـه ونحوه وصنفا
فيه الخطيب نحو موسى بن علي ... وابن عـلي وحنان الأسدي

هذه أمثلة لما جاء في ألفية العراقي، أوردناها تصويرًا لبعض ما جاء فيها، وفيما بعد نتبين منهج الإمام السخاوي في توضيح ما احتوته أبياتها من نفائس علوم الحديث.

----------------------------
1 فتح المغيث ج3 ص187.
2 فتح المغيث ج3 ص199.
3 فتح المغيث ج3 ص259.
----------------------------

فتح المغيث بشرح ألفية الحديث:
أما فتح المغيث، فهو ذلك الكتاب الذي ألفه الإمام الشيخ شمس الدين محمد بن عبد الرحمن السخاوي، المتوفى سنة اثنتين وتسعمائة شرحًا لألفية العراقي في الحديث.

ويبدو من كلام صاحب كشف الظنون أن الإمام السخاوي ليس أول شارح لألفية العراقي، فقد شرحها قبله مؤلفها الإمام العراقي بشرحه الذي سماه فتح المغيث1 بشرح ألفية الحديث وفرغ منه في حياته، كما شرحها الشيخ أبو الفداء إسماعيل بن إبراهيم بن جماعة الكتاني، المتوفى سنة إحدى وستين وثمانمائة، وشرحها الشيخ قاسم بن قطلوبغا الحنفي، المتوفى سنة تسع وسبعين وثمانمائة، وشرحها الشيخ برهان الدين بن عمر البقاعي، المتوفى سنة خمس وثمانمائة، وسماه النكت الوفية بما في شرح الألفية، واستأنس فيه بآراء شيخه ابن حجر العسقلاني رحمه الله، وشرحها كذلك الشيخ زين الدين عبد الرحمن بن أبي بكر العيني، المتوفى سنة ثلاث وتسعين وثمانمائة، كما شرحها الشيخ قطب الدين محمد بن الخيضري الدمشقي، المتوفى سنة أربع وتسعين وثمانمائة، وسمى شرحه صعود المراقي، وشرحها بعد السخاوي الإمام جلال الدين السيوطي المتوفى سنة إحدى عشرة وتسعمائة، والقاضي زكريا بن محمد الأنصاري المتوفى سنة ثمان وعشرين وتسعمائة، في شرحه الذي سماه فتح الباقي، والشيخ إبراهيم بن محمد الحلبي المتوفى سنة خمس وخمسين وتسعمائة2.

قال المؤلف في مقدمة كتابه بيانًا لمنهجه فيه:

وبعد: فهذا تنقيح لطيف، وتلقيح للفهم منيف، شرحت فيه ألفية الحديث، وأوضحت فيه ما اشتملت عليه من القديم والحديث، ففتح من كنوزها المحصنة الأقفال كل مرتج، وطرح عن رموزها الإشكال ما بين الحجج، سابكًا لها فيه بحيث لا تتخلص منه إلا بالتمييز؛ لأنه أبلغ في إظهار المعنى، تاركًا لمن لم ير حسن ذلك في خصوص النظم والترجيز، لكونه إن لم يكن متعنتًا لم يذق الذي هو أهنى، مراعيًا فيه الاعتناء بالناظم رجاء بركته، ساعيًا في إفادة ما لا غنى عنه لأئمة الشأن وطلبته، غير طويل ممل، ولا قصير مخل، استغناء عن تطويله بتصنيفي المبسوط له المقرر المضبوط، الذي جعلته كالنكت عليها وعلى شرحها للمؤلف، وعلمًا بنقص همم أماثل الوقت فضلًا عن المتعرف، إجابة لمن سألني فيه من الأئمة ذوي الوجاهة والتوجيه، ممن خاض معي في الشرح وأصله، وارتاض فكره بما يرتقي به عن أقرانه وأهله3.

----------------------------
1 نقل ذلك صاحب كشف الظنون وقد خطأه في ذلك صاحب كتاب النور السافر في أخبار القرن العاشر حيث ذكر أنه اسم كتاب السخاوي شرحًا للألفية، ونقله مخرج هذا الكتاب ج3 ص365 في الفائدة الثانية من فوائد خاتمة الطبع، ويترجح عندي خطأ صاحب الكشف، لاستبعاد أن يستعير السخاوي اسمًا لشرح وضعه صاحب الأصل، واستبعاد أن يكون قد خفي عليه هذا الشرح، ثم يتوافقا في التسمية على هذا النحو.
2 نقلًا عن كشف الظنون وتقديم التحقيق لفتح المغيث "فتح المغيث ص4" وبيان هذه المؤلفات وبعض أسمائها وأراد في كشف الظنون ج1 ص156.
3 فتح المغيث ج1 ص7 و8.
----------------------------

بهذه المقدمة الأنيقية افتتح المؤلف كتابه مبينًا طريقته في تأليفه، وأنه شرح ما اشتملت عليه الألفية من قديم علم المصطلح وحديثه، ومزج بينهما بحيث لا تتخلص منه إلا بالتمييز؛ لأن في ذلك إبرازًا للمعاني وتوضيحًا لها، وتخلصًا من قيود النظم وتكلفاته، وأنه اهتم بناظمها في هذا الشرح أملًا في إدراك بركته، وقدم الضروري من هذا العلم في غير طول يمله الدارس، ولا قصر يخل بأداء الغرض المقصود من هذا الكتاب.



الفصل السادس: كتب أصول الحديث 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 51137
العمر : 72

الفصل السادس: كتب أصول الحديث Empty
مُساهمةموضوع: رد: الفصل السادس: كتب أصول الحديث   الفصل السادس: كتب أصول الحديث Emptyالثلاثاء 28 مايو 2024, 7:15 pm

وفي دراستنا لهذا الكتاب وجدنا من الظواهر العامة ما نبرزه فيما يأتي:
1- يورد المؤلف في أثناء شرحه للألفية أقوال العلماء الذين يخالفهم في الرأي ويرد عليهم: ومن ذلك ما أروده في باب الصحيح الزائد على الصحيحين، عندما ذكر العراقي أن مستدرك الحاكم من بين الكتب التي يرد فيه الصحيح1 قال السخاوي: وقول أبي سعد الماليني إنه طالعه بتمامه فلم ير فيه حديثًا على شرطهما غير مرض، نعم هو معروف عند أهل العلم بالتساهل في التصحيح والمشاهدة تدل عليه.

وفي شرحه للأبيات التي تبين أن قول الصحابي: من السُّنَّة كذا أو أمرنا بكذا من المسند، وأن حكمه الرفع نقل نص الشافعي2 على ذلك في الأم، وجزم البيهقي بنفي الخلاف عن أهل النقل فيه، وكذلك نقل أن ممن حكى الاتفاق على ذلك ابن عبد البر لكن في السُّنَّة، ثم بين وجه الحق في المسألة، وأن الخلاف ثابت فيها، وأن ابن دقيق العيد قيد محل الخلاف بما إذا كان المأمور به يحتمل التردد بين شيئين، أما إذا كان مما لا مجال للاجتهاد فيه كحديث: "أمر بلال أن يشفع الأذان" فهو محمول على الرفع قطعًا، وبعد أن أورد السخاوي كل هذا قال: وممن ذهب إلى خلاف ما حكيناه فيهما من الشافعية أبو بكر الصيرفي صاحب الدلائل، ومن الحنفية أبو الحسن الكرخي، وفي السُّنَّة فقط الشافعي في أحد قوليه من الجديد، ومن الحنفية أبو بكر الرازي، وابن حزم من الظاهرية وبالغ في إنكار الرفع ... وأورد دليله على ذلك، وتعليل الكرخي لأمرنا، وأنه متردد بين كونه مضافًا إلى النبي صلى الله عليه وسلم، أو إلى أمر القرآن، أو الأمة، أو بعض الأئمة، أو القياس أو الاستنباط، ثم فند أدلة الآراء المخالفة ورد عليها، وأيد رأيه بما رواه البخاري في صحيحه عن الزهري عن سالم بن عبد الله بن عمر أن الحجاج عام نزل بابن الزبير سأل عبد الله يعني ابن عمر رضي الله عنهما: كيف تصنع في الموقف يوم عرفة؟ فقال سالم: إن كنت تريد السُّنَّة فهجر بالصلاة يوم عرفة، فقال ابن عمر: صدق إنهم كانوا يجمعون بين الظهر والعصر في السُّنَّة.

قال الزهري: فقلت لسالم: أفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال: وهل يتبعون في ذلك إلا سنته3.

----------------------------
1 فتح المغيث ج1 ص36.
2 فتح المغيث ج1 ص 108.
3 فتح المغيث ج1 ص111.
----------------------------

2- كثيرًا ما ينقل عن العلماء ما يدعم رأيه، ففي باب الصحيح الزائد على الصحيحين؟ سبق أن ذكرناه، وفي أن ابن حبان يقارب الحاكم في التساهل في شروط الصحيح؟؟؟ اصطلاحه1، وأنه لا مشاحة في الاصطلاح، وبين أنه أكثر تمكنًا من الحاكم في رواية الصحيح وأيد رأيه هذا بقوله: قلت ويتأيد بقول الحازمي: ابن حبان أمكن في الحديث من الحاكم، وكما قال العماد ابن كثير: قد التزم ابن خزيمة وابن حبان الصحة، وهما خير من المستدرك بكثير وأنظف أسانيد ومتونًا، وعلى كل حال فلا بد من النظر للتمييز، وكم في كتاب ابن خزيمة من حديث محكوم منه بصحته وهو لا يرتقي عن رتبة الحسن، بل وفيما صححه الترمذي من جملة، مع أنه ممن يفرق بين الصحيح والحسن.

وفي قول الصحابي:
كنا نرى النبي صلى الله عليه وسلم يفعل كذا أو نحوه أنه من قبل المرفوع2 ذكر السخاوي أن الرفع ثابت له بصريح الإضافة، وبما نقل عن العلماء وجمهور المحدثين وغيرهم، وقطع به الخطيب، ومن قبله الحاكم، ومن الأصوليين الإمام فخر الدين وأتباع قال ابن الصلاح: وهو الذي عليه الاعتماد؛ لأن ظاهر ذلك مشعر بأن النبي صلى الله عليه وسلم اطلع عليه وقررهم، وتقريره كقوله وفعله، قال الخطيب: ولو علم الصحابي إنكارًا منه صلى الله عليه وسلم في ذلك لبينه، قال شيخنا: ويدل له احتجاج أبي سعيد الخدري على جواز العزل بفعلها له في زمن نزول الوحي فقال: كنا نعزل والقرآن ينزل، لو كان شيء ينهى عنه لنهى عنه القرآن وهو استدلال واضح؛ لأن الزمان زمن تشريع.

وظل السخاوي -في هذا الموضع- يورد من أقوال العلماء ما يؤيد به ما رآه تبعًا لصاحب الألفية فأورد بذلك قول الحاكم، والإمام فخر الدين الرازي، وابن الصلاح، والنووي في شرح المهذب وغيرهم من علماء السُّنَّة.

3- يضيف إلى الألفية معلومات جديدة يستكمل بها البحث، وذلك يكون منه في أثناء شرحه لأبياتها، أو على هيئة تتمات يوردها في نهاية الشرح يزيد بها -على ما في الألفية- الجدية في العلم:

فمن الأول:
ما ذكره أن من مظان الصحيح المختارة3 مما ليس في الصحيحين أو أحدهما للضياء المقدسي الحافظ قال: وتقع أيضًا في صحيح أبي عوانة الذي عمله مستخرجا على مسلم أحاديث كثيرة زائدة على أصله، وفيها الصحيح والحسن، بل والضعيف أيضًا، فينبغي التحرز في الحكم -عليها أيضًا.

----------------------------
1 فتح المغيث ج1 ص37.
2 فتح المغيث ج1 ص113.
3 فتح المغيث ج1 ص38.
----------------------------

ومن الثاني:
ما أورده ختامًا لبيان الفرع الأول من "فروع" سبعة أوردها العراقي في الألفية، فقد قال السخاوي بعد ذلك، تتمة: قول الصحابي: إني لأشبهكم صلاة بالنبي صلى الله عليه وسلم، وما أشبه كلأقربن لكم صلاة النبي صلى الله عليه وسلم كله مرفوع، وهو يلتحق التابعي بذلك بالصحابي في "من السُّنَّة، أو أمرنا بكذا" سيأتي في خامس الفروع، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: "أمرت بكذا" هو كقوله: أمرني الله، لأنه لا آمر له إلا الله، كما سيأتي نظيره في يرفعه ويرويه، وأمثلته كثيرة.

ومنه أيضًا ما ذكره -بعد الفرع الرافع من "فروع" ذكرها صاحب الألفية حيث قال: تتمة1 وقع في بعض الأحاديث قول الصحابي عن النبي صلى الله عليه وسلم برفعه وهو في حكم قوله عن الله عز وجل، وأمثلته كثيرة: منها حديث حسن: "أن المؤمن عندي بمنزلة كل خير يحمدني وأنا أنزع نفسه من بين جنبيه" وهذا من الأحاديث الإلهية، وقد جمع منها الحافظ ابن المفضل طائفة وأفردها غيره.

4- يفيض في الشرح بما يجلي المعنى ويوضح المراد:
ومن ذلك ما أورده من شرح في مراتب الصحيح عند الكلام على تصحيح الحديث: هل هو ممكن في عصورنا أو غير ممكن؟ 2، فقد نقل -تبعًا للأصل- رأي ابن الصلاح، وأنه غير ممكن في عصرنا بالنسبة لما نص عليه الأئمة في تصانيفهم المعتمدة التي يؤمن فيها من التغيير والتحريف ونقل السخاوي عنه أن ذلك رأيه أيضًا في التحسين، وأن ابن الصلاح يحتج في ذلك بأنه ما من إسناد إلا وفي رواية من اعتمد كتابه عريًا عن الضبط والإتقان.

ثم قال السخاوي: وظاهر كلامه -كما قال شيخنا- القول بذلك في التضعيف أيضًا، ولكن لم يوافق ابن الصلاح على ذلك كله حكمًا ودليلًا.

أما الحكم في تصحيح جماعة من المعاصرين له كأبي الحسن بن القطان مصنف الوهم والإيهام، والضياء المقدسي صاحب المختارة، ومن توفي بعد كالزكي المنذري والدمياطي، وطبقة إلى شيخنا ومن شاء الله بعده، قال الشيخ النووي رحمه الله: الأظهر عندي جوازه، وهو ممكن لمن تمكن وقويت معرفته لتيسر طرقه.

وأما الدليل فالخلل الواقع في الأسانيد المتأخرة إنما هو في بعض الرواة، لعدم الضبط والمعرفة بهاذ العلم، وهو في الضبط منجبر، بالاعتماد على المقيد عنهم، كما أنهم اكتفوا بقول بعض الحافظ فيما عنعنه المدلس: هذا الحديث سمعه هذا المدلس من شيخه.

----------------------------
1 فتح المغيث ج1 ص120.
2 فتح المغيث ج1 ص44.
----------------------------



الفصل السادس: كتب أصول الحديث 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 51137
العمر : 72

الفصل السادس: كتب أصول الحديث Empty
مُساهمةموضوع: رد: الفصل السادس: كتب أصول الحديث   الفصل السادس: كتب أصول الحديث Emptyالثلاثاء 28 مايو 2024, 7:16 pm

ثم ذكر المؤلف أن وراء هذا أن الكتاب المشهور الغني بشهرته عن اعتبار الإسناد منا إلى مصنفه -ككتاب النسائي مثلًا- لا يحتاج في صحة نسبته إلى النسائي إلى اعتبار حال الإسناد منا إليه إذا روى مصنفه فيه حديثًا ولم يعله، وجمع إسناده شروط الصحة، ولم يطلع المحدث فيه على علة، فما المانع من الحكم بصحته ولو لم ينص على ذلك أحد المتقدمين، لا سيما وأكثر ما يوجد من ذلك ما رواته رواة الصحيح، وفيهم الضابطون المتقنون الحفاظ، هذا لا ينازع فيه من له ذوق في هذا الفن، أفاده شيخنا ومن قبله ابن الناظر في ديباجه شرحه لأبي داود. ثم قال: ولعل ابن الصلاح اختار حسم المادة لئلا يتطرق إليه بعض المتشبهين، ممن يزاحم في الوثوب على الكتب التي لا يهتدي للكشف منها، والوظائف التي لا تبرأ ذمته بمباشرتها.

وللحديث رجال يعرفون به ... وللدواوين كتاب وحساب

ولذلك قال بعض أئمة الحديث في هذا المحل للذي يطلق عليه اسم المحدث في عرف المحدثين أن يكون كتب وقرأ وسمع ووعى، ورحل إلى المدائن والقرى، وحصل أصولًا، وعلق فروعًا من كتب المسانيد والعلل، والتواريخ التي تقرب من ألف تصنيف، فإذا كان كذلك فلا ينكر عليه ذلك، وأما إذا كان على رأسه طيلسان وفي رجليه نعلان، وصحب أميرًا من أمراء الزمان، أو من تحلى بلؤلؤ ومرجان، أو بثياب ذات ألوان، فحصل تدريس حديث بالإفك والبهتان، وجعل نفسه لعبة للصبيان، لا يفهم ما يقرأ عليه من جزء ولا ديوان، فهذا لا يطلق عليه اسم محدث بل ولا إنسان، وأنه مع الجهالة آكل حرام، فإن استحله خرج من دين الإسلام.

قال: والظاهر أنها نفثة مصدور، ورمية معذور، وبها يتسلى القائم في هذا الزمان بتحقيق هذا الشان مع قلة الأعوان، وكثرة الحسد والخذلان، والله المستعان، وعليه التكلان.

هذه الصورة لبعض ما أورده المؤلف في هذا الموضع أردت أن أنقله بنصه ليكون أمام القارئ محددًا معالم الصورة لبعض ما تعرض المؤلف له في شرح ألفية العراقي، مخالفًا ما وعد به في المقدمة من الاختصار في هذا الشرح، وقد كان رحمه الله في غنى عن التقيد بتكلفات السجع وقيوده، فكثيرًا ما تكون المعاني ضحية تلك التكلفات، وإن في بيانه الذي أورده بعد هذا، وأضاف به إلى ما سبق تأكيدات لما اختاره، وبما نقله عن العلماء في نحو خمس صفحات من هذا الكتاب أقول: إن في هذا لكفاية تغني الدارس في هذا المقام عن طلب المزيد مما هو إلى علوم الأدب والبيان أقرب منه إلى علوم الحديث.

5- يورد المؤلف في أثناء الشرح تراجم قصيرة لبعض من ورد ذكرهم في الألفية ومن ينقل عنهم من العلماء، تعريفًا بهم، وتوثيقًا لما نقله عنهم.

ومن ذلك ما ذكره ترجمة للإمام فخر الدين1 فقد ذكر أنه الرازي نسبة: بإلحاق الزاي للري المدينة المشهورة من بلاد الديلم بين قومس والخيال، صاحب التفسير والمحصول ومناقب الشافعي وشرح الوجيز للغزالي وغيرها، وأحد الأئمة، وهو أبو عبد الله وأبو الفضائل محمد بن الخطيب بالري، تلميذ محيي السُّنَّة الإمام ضياء الدين عمر بن الحسين بن الحسن، وهكذا إلى أن ذكر سنة وفاته.

----------------------------
1 فتح المغيث ج1 ص114.
----------------------------

هذا بعض ما لاحظناه من ظواهر عند الدراسة لهذا الكتاب في موضوعه من شرح ألفية الزين العراقي في علوم الحديث.

وهناك -أيضًا- ما ينبغي التنبيه إليه، فإن ناشر الكتاب1 لم يعطه من العناية في التصحيح والإخراج ما هو جدير به، فإن فيه أخطاء في الطبع كثيرة، لا يستقيم مع وجودها فهم الكتاب، وإن فيه لسقطات في أبيات الأصل ذاته، لم تذكر في موضعها عند إيراد الأصل، وذكرت في ثنايا الشرح لأبيات الألفية.

ومن ذلك ما سقط من "فروع"2 من أبيات الأصل أوردها الشرح في أثنائه3.

نوردها مفروزة منه كما يأتي:
لكن حديث كان باب المصطفى ... يــقــــرع بالأظـفــار ممـا وقفا
حــكـمــا لدى الحاكم والخطيب ... والرفع عند الشيخ ذو تصويب
وأمــا عــد ما فسره الصحابي ... رفـعــا فمفصــول على الأسباب
وقـولـهـــم يرفـعــه يبلــغ بــه ... روايــة يـنـمـيــه رفــع فــاثــبت
وإن يـقــل عــن تـابع فمرسل ... عـنــه نـقلوا تـصـحـيــح وقـفــه


ويلاحظ أنه لم يورد هذه الأبيات صحيحة كما ينبغي، فإنها وما جاء في أثناء الشرح بعدها من أبيات كثيرة لم تدرج ضمن أبيات الأصل قد مسخت وشوهت في الشرح، ولا يستطيع الدارس أن يتبين منها المعاني إلا بعد عناء كبير يراجع معه كثيرًا من الكتب التي تناولت الموضوع، مما يجعلنا نرجو أن يعاد طبع هذا الكتاب على صورة تليق بجلاله ما ورد فيه من علوم، وأن يعنى بتصحيح عبارته وكلماته وتبيين أصله من شرحه.

وبعد: فإن هذا الكتاب الجليل فتح المغيث شرح ألفية الحديث أعظم كتاب علمناه شرحًا لألفية العراقي، فهو أجلها فائدة وأغزرها مادة، وليس هذا بعجيب، فمؤلفه الإمام السخاوي أحد الأئمة الأفذاذ في علوم الحديث.

رحم الله الإمامين الحافظين العراقي والسخاوي، وأجزل لهما من الأجر كفاء ما قدما للأمة الإسلامية من بر، وما أسديا إليها من معروف.

----------------------------
1 في طبعته الثانية بمطبعة العاصمة بالقاهرة، عام 1388هـ.
2 فتح المغيث ج1 ص107.
3 فتح المغيث ج1 ص116 وما بعدها.
----------------------------

وهكذا سار بهذا المسلك المنطق الدقيق المنضبط الجامع الحاصر لأهم ما يلزم معرفته في هذا العلم.

وتطرق في دراسته إلى بيان حقيقة الصحابي، والفرق بين المرفوع، والموقوف والمقطوع، ثم إلى مباحث أخرى كاتفاق الرواة في الأسماء والأوصاف أو اختلافهم، وما يتصل بذلك، ثم إلى بيان مراتب كل من الجرح والتعديل.

وختم هذا الكتيب ببيان معرفة الكنى -كنى المسمين- وأسماء المكنين، ومن اسمه كنيته، ومن اختلفت كنيته، ومن كثرت كناه أو نعوته، ومن وافقت كنيته اسم أبيه أو بالعكس. وما إلى ذلك مما وضع فيه كثير من المؤلفات، حتى لا يبالغ من قال: إن من حفظ هذا الكتاب واحتفظ بما فيه من المعلومات يمكن أن يستغني به عما وراءه من كتب هذا الفن.

وأما شرحه -وهو للمؤلف نفسه كما قلنا- فقد ذكر في سبب تأليفه أن من سأله تلخيص المهم من فن المصطلح رغب إليه ثانيًا أن يضع عليه شرحًا يحل رموزه، ويفتح كنوزه1، ويوضح ما خفي على المبتدء من ذلك، فشرحه شرحًا بالغ فيه في الإيضاح والتوجيه. ونبه على خفايا زواياه. لأن صاحب البيت أدرى بما فيه، وقال: إنه ظهر له أن إيراده على صورة البسط أليق، ودمجها ضمن توضيحه أفوق، فسلك هذه الطريقة القليلة المسالك.

وهو يريد بذلك أنه قد بسط المتن بالشرح بسطًا يلقي عليه الضوء لإيضاح معلوماته، وهو في الوقت نفسه أدمجه معه فصارا كتابًا واحدًا بفنه التأليفي المتين.

ولقد صدق في أنه بسط الكتاب فهو -مثلًا- عند تقسيم الخبر إلى متواتر وغيره2 أدمج في شرحه تصوير الخبر، والخلاف في أنه مرادف للحديث أو مخالف، وما يترتب على ذلك، وما قيل من أن بينهما عمومًا وخصوصًا مطلقًا، وعند ذكر أن الطرق في المتواتر بلا عدد معين صور أن ذلك يكون بأن تكون العادة أحالت تواطؤهم على الكذب، وحينئذ لا يكون هناك معنى لتعيين العدد، ثم أورد الخلاف في ذلك بأن بعضهم يعين العدد في الأربعة، وقيل: في الخمسة، وقيل: السبعة، وقيل: العشرة، وغيرها إلى السبعين وقيل غير ذلك، وقال: إن كل قارئ تمسك بدليل جاء فيه ذكر العدد فأفاد العلم، ثم استوفى بقية شروط التواتر في إيجاز لطيف.

وإذا انتقلنا إلى حديثه عن المشهور3 نرى أنه على وجازته يبين مرتبته من أقسام الآحاد، وأنه أولها، وأنه محصور بأكثر من اثنين، وأن جماعة من أئمة الفقهاء سموه المستفيض لانتشاره، من فاض يفيض فيضًا، وأن منهم من غاير بين المستفيض والمشهور بأن المستفيض يكون في ابتدائه وانتهائه سواء، والمشهور أعم من ذلك، ثم قال: ومنهم من غابر كيفية أخرى وليس من مباحث.

----------------------------
1 نخبة الفكر ص3.
2 نخبة الفكر ص3.
3 نخبة الفكر ص5.
----------------------------



الفصل السادس: كتب أصول الحديث 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 51137
العمر : 72

الفصل السادس: كتب أصول الحديث Empty
مُساهمةموضوع: رد: الفصل السادس: كتب أصول الحديث   الفصل السادس: كتب أصول الحديث Emptyالثلاثاء 28 مايو 2024, 7:17 pm

نخبة الفكر وشرحها:
لشيخ الإسلام ابن حجر المتوفى سنة 852هـ:
الكتابان للإمام الحافظ شيخ الإسلام أحمد بن علي الشهير بابن حجر العسقلاني، المتوفى عام اثنين وخمسين وثمانمائة للهجرة، وقد سبقت ترجمته عند دراسة كتابه بلوغ المرام من بين كتب الأحكام.

والمتن كما وصفه المؤلف في أول كتابه وشرحه إذ يقول: إن التصانيف في اصطلاح أهل الحديث قد كثرت في القديم والحديث، فسألني بعض الإخوان أن ألخص له المهم من ذلك، فلخصته في أوراق لطيفة سميتها نخبة الفكر في مصطلح أهل الأثر، على ترتيب ابتكرته، وسبيل انتهجته. مع ما ضممته إليه من شوارد الفرائد، وزوائد الفوائد، فأجبته إلى سؤاله، رجال الاندراج في تلك المسالك.

وإنما كان الكتاب على ترتيبه المبتكر؛ لأنه لم يسرد الأنواع سردًا قد يتدخل فيه بعضها مع بعض، ولكنه قسمها تقسيمًا حاضرًا مباينًا دقيقًا كما يصنع المنطقيون بالترديد بين النفي والإثبات، أو بين القسم ومقابله، فإنه بدأ فقال: إن الخبر إما أن يكون له طرق بلا حصر معين، أو مع حصر بما فوق الاثنين، أو بهما، أو بواحد، فالأول: المتواتر المفيد للعلم اليقيني بشروطه، والثاني: المشهور وهو المستفيض على رأي جماعة، والثالث: العزيز، والرابع: الغريب، وكلها سوى الأول آحاد، وفيها المقبول والمردود، لتوقف الاستدلال بها على البحث عن أحوال رواتها دون الأول، وقد يقع فيها ما يفيد العلم النظري بالقرائن على المختار، ثم قسم الغرابة بأنها إما أن تكون في أصل السند أولًا، وذكر اسم كل منهما، ثم انتقل إلى تقسيم خبر الآحاد إلى صحيح وحسن وضعيف، مع بيان وجه الحصر، وبين أن الصحيح تتفاوت مراتبه بتفاوت أوصافه، وربط بهذا ترتيب الكتب الصحاح في الأفضلية، ثم تطرق إلى بيان الحسن بحذف قيد من قيود الصحيح، وأورد أن كثرة الطرق فيه تجعله صحيحًا لغيره، وتطرق إلى بيان حكم ما إذا اجتمع الوصف بالصحة والحسن.

ثم أورد صور التخالف مبينًا الرواية بأقسامها الأربعة التي تشمل المحفوظ والشاذ والمعروف والمنكر، وانتقل إلى بيان ما إذا وجدت موافقة بين حديثين، وما تناوله مما يشمل التابع والشاهد والاعتبار، وانتقل إلى بيان تقسيم في المقبول يتناول السلامة من المعارضة، فأدمج في ذلك المحكم ومختلف الحديث، والناسخ والمنسوخ، وانتقل بعد ذلك إلى تقسيم المردود بحسب موجب الرد، وأورد تحت ذلك ما يسمى المعلق والمرسل والمنقطع والمدلس والمعنعن والموضوع والمتروك والمنكر. وما إلى ذلك.

هذا الفن، وذكر لطيفة، وهي أن المشهور يطلق على ما حرر هنا وعلى ما اشتهر على الألسنة فيشمل ما له إسناد واحد فصاعدًا، بل ما ليس له إسناد أصلًا.

وإذا انتقلنا إلى العزيز1 وجدناه يوضح قوله في المتن "وليس شرطًا للصحيح خلافًا لمن زعمه" فيقول: إن ذلك الزاعم هو أبو علي الجبائي من المعتزلة، وإليه يومئ كلام الحاكم أبي عبد الله في علوم الحديث حيث قال: الصحيح أن يرويه الصحابي الزائل عنه اسم الجهالة، بأن يكون له راويان، ثم يتداوله أهل الحديث إلى وقتنا كالشهادة على الشهادة، وصرح القاضي أبو بكر بن العربي في شرحه على البخاري بأن ذلك شرط البخاري، وأجاب عما أورد عليه من ذلك بجواب فيه نظر، ثم ذكر ما قيل في حديث: "الأعمال بالنيات"، وجواب القاضي الضعيف عن انفراد رواته، ثم نقل عن ابن رشيد قوله: ولقد كان يكفي القاضي في بطلان ما ادعى أنه شرط البخاري أول حديث مذكور فيه، ثم قال: وادعى ابن حبان نقيض دعوى القاضي فقال: إن رواية اثنين عن اثنين إلى النهاية لا توجد أصلًا، ورد ذلك ردًّا مفحمًا، وأورد مثاله من الصحيحين، وهو حديث أنس: "لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه..." الحديث، وهذه من نفائس الفن، وهكذا نجده سلك ذلك المسلك الذي يشحن الأفئدة بالمعارف المتتابعة، ولولا أنه فني بارع لما استطاع أن ينفع قراءه بهذه النفائس القيمة.

ولا بد أن نذكر -على سبيل المثال- ما أورده في المرسل الخفي2 إذا صدر عن معاصر لم يلق من حدث عنه، بل بينه وبينه واسطة، فقد ذكر الفرق بين المدلس والمرسل الخفي فقال: إنه دقيق حصل تحريره بما ذكر هنا، وهو أن التدليس يختص بمن عرف لقاؤه إياه، فأما إن عاصره ولم يعرف أنه لقيه فهو المرسل الخفي، ومن أدخل في تعريف التدليس المعاصرة ولو بغير لقي لزمه دخول المرسل في تعريفه، والصواب التفرقة بينهما، ثم برهن على ذلك، وأطال في برهانه عليه.

ونذكر -على سبيل المثال أيضًا- أنه ذكر الموضوع3 وهو المطعون فيه بكذب راويه في الحديث، فاستطرد بقوله: إن الحكم بالوضع إنما هو بطريق الظن الغالب لا بالقطع، إذ قد يصدق الكذوب، لكن لأهل العلم بالحديث ملكة قوية يميزون بها ذلك، وإنما يقوم بذلك منهم من يكون اطلاعه تامًّا وذهنه ثاقبًا، ومعرفته بالقرائن الدالة على ذلك متمكنة، وقد لا يعرف الوضع بإقرار واضعه، قال ابن دقيق العيد: لكن لا يقطع بذلك لجواز أن يكون كذب في ذلك الإقرار...ا. هـ. وفهم منه بعضهم أنه لا يعمل بذلك الإقرار أصلًا، وليس ذلك مراده، وإنما نفى القطع بذلك، ولا يلزم من نفي القطع نفي الحكم؛ لأن الحكم يقع بالظن الغالب، وهو هنا كذلك، ولولا ذلك لما ساغ قتل المقر بالقتل، ولا رجم المعترف بالزنا، لاحتمال أن يكونا كاذبين.

----------------------------
1 نخبة الفكر ص5.
2 نخبة الفكر ص18.
3 نخبة الفكر ص19.
----------------------------

ثم تطرق إلى بيان القرائن التي يعرف بها الوضع1 فأطال وأفاد، ونذكر على سبيل المثال أنه قال في المتن2: ولا يجوز تعمد تغيير المتن "متن الحديث" مطلقًا، ولا الاختصار منه بالنقض، ولا إبدال اللفظ المرادف باللفظ المرادف إلا لعالم بمدلولات الألفاظ، وبما يحيل المعاني، وقال في الشرح: إن ذلك هو الصحيح في المسألتين -وذكر الخلاف في اختصار الحديث، ووجهة نظر الجمهور في جوازه بما يؤيد مذهبهم- وأما الرواية بالمعنى فقال: إن الخلاف فيها شهير، والأكثر على جوازه، ومن أقوى حججهم الإجماع على جواز شرح الشريعة للعجم بلسانهم للعارف به، فإذا جاز الإبدال بلغة أخرى فجوازه باللغة العربية أولى، ثم أفاض في ذكر الخلاف في ذلك.

ثم ذكر على سبيل المثال أنه تناول الحديث المرفوع في تقسيمه، وبين أنه ما انتهى إلى النبي صلى الله عليه وسلم تصريحًا أو حكمًا من قوله أو فعله أو تقريره، وفي الشرح أورد مثالًا لكل فقال: إن المرفوع من القول تصريحًا أن يقول الصحابي: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول كذا، أو حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بكذا، أو يقول هو أو غيره: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا، أو عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال كذا أو نحو ذلك، وهذا الترديد يفهمه العارفون لفن المصطلح بأنه يشمل المتصل والمرسل والمعلق والمعنعن والمنقطع والمعضل، وغير ذلك.

ثم قال: ومثال المرفوع من الفعل تصريحًا أن يقول الصحابي: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فعل كذا، أو يقول هو أو غيره: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل كذا، وهذا يتناول جميع الأقسام التي أشرنا إليها عند تمثيله للمرفوع من القول تصريحًا، ثم قال: ومثال المرفوع من التقرير تصريحًا أن يقول الصحابي: فعلت بحضرة رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا، أو يقول هو أو غيره: فعل فلان بحضرة رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا، ولا يذكر إنكاره لذلك، ومثال المرفوع من القول حكمًا لا تصريحًا أن يقول الصحابي -الذي لم يأخذ عن الإسرائيليات- ما لا مجال للاجتهاد فيه، ولا له تعلق ببيان لغة أو شرح، كالإخبار عن الأمور الماضية من بدء الخلق وأخبار الأنبياء، أو الآتية كالملاحم والفتن وأحوال القيامة، وكذا الإخبار عما يحصل بفعله ثواب مخصوص أو عقاب مخصوص، ثم بين لم كان ذلك في حكم المرفوع.
----------------------------
1 نخبة الفكر ص20.
2 نخبة الفكر ص22، 23.
----------------------------



الفصل السادس: كتب أصول الحديث 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 51137
العمر : 72

الفصل السادس: كتب أصول الحديث Empty
مُساهمةموضوع: رد: الفصل السادس: كتب أصول الحديث   الفصل السادس: كتب أصول الحديث Emptyالثلاثاء 28 مايو 2024, 7:18 pm

وقال بعد ذلك:
ومثال المرفوع من الفعل حكمًا أن يفعل الصحابي ما لا مجال لاجتهاد فيه. فيدل على أن ذلك عنده عن النبي صلى الله عليه وسلم، كما قال الشافعي رضي الله عنه في صلاة علي في الكسوف في كل ركعة أكثر من ركوعين.

وهكذا ظل يذكر الأمثلة التي تفتق الأذهان على ألوان من هذا الفن العظيم ثم قال: ويلتحق بقولي حكمًا ما ورد بصيغة الكتابة في موضع الصيغ الصريحة بالنسبة إليه صلى الله عليه وسلم، كقول التابعي عن الصحابي يرفع الحديث أو يرويه أو ينميه أو يبلغ به أو رواية أو رواه، وقد يقتصرون على القول مع حذف القائل ويريدون به النبي صلى الله عليه وسلم، كقول ابن سيرين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال: "تقاتلون قومًا..." الحديث، وفي كلام الخطيب أنه اصطلاح خاص بأهل البصرة، ثم قال: ومن الصيغ المحتملة قول الصحابي: من السُّنَّة كذا وأطال في هذا كثيرًا، وسرد أنواعًا من الصيغ المختلفة، وما فيها من كلام العلماء أو اختلافهم، ووجهات نظرهم، مما يدل على أنه يطنب بعلمه في مواضع الإطناب بما تعظيم فائدته وتحلو ثمرته، ويوجز بحكمته في مواضع الإيجاز بما تعجل فائدته، فلله دره.

تدريب الراوي في شرح تقريب النواوي:
للحافظ جلال الدين السيوطي المتوفى سنة 911هـ:
وبعد: فقد كان كتاب الإمام السيوطي "تدريب الراوي في شرح تقريب النواوي" من بين تلك الكتب العظيمة النافعة التي أبرزت شخصية السيوطي الجليلة بما له من تحقيق وسعة أفق، وعمق بحث وكثرة اطلاع، جعلت كتابه هذا مرجعًا لطلاب علوم الحديث، ومن يعشون إلى ضوء السُّنَّة النبوية في دراية علومها، والأخذ بأكبر نصيب منها، عدا ما له من الكتب القيمة في هذا الفن مما سبقت الإشارة إليه في التمهيد لهذا البحث، وفي الترجمة لمؤلفه الإمام السيوطي على الجوامع.

وقد أورد الإمام السيوطي الباعث على تأليفه لهذا الكتاب مع بيان قيمته في تقدمته له فقال: طالما قيدت في هذا الفن فوائد وزوائد، وعلقت فيه نوادر وشوارد، وكان يخطر ببالي جمعها في كتاب ونظمها في عقد لينتفع بها الطلاب، فرأيت كاب التقريب والتيسير لشيخ الإسلام الحافظ ولي الله أبي زكريا النواوي، ثم أطنب في وصف الكتاب ومؤلفه إلى أن قال:" فقوي العزم على كتابة شرح عليه، كافل بإيضاح معانيه، وتحرير ألفاظه ومبانيه، مع ذكر ما بينه وبين أصله من التفاوت في زيادة أو نقص أو إيراد أو اعتراض، مع الجواب عليه إن كان. مضافًا إليه زوائد عملية، وفوائد جلية.

ثم قال: إنه جعله شرحًا لهذا الكتاب خصوصًا، ثم لمختصر ابن الصلاح ولسائر كتب الفن عمومًا ثم أورد بعد ذلك عدة فوائد:
الأولى: في حد علم الحديث وما يتبعه، ثم ذكر الحد بعبارات مختلفة، وتناول الكلام على كل من السند والمتن، وعلى معنى الحديث.

والثانية: خصصها لحد كل من الحافظ والمحدث والمسند، واستطرد فيها إلى عدة بحوث ونقول مختلفة على عادته المعروفة في الاستطراد.

والثالثة: في بيان من ألف في المصطلح ابتداء من القاضي أبي محمد الرامهرمزي إلى مقدمة ابن الصلاح، وساير في ذلك تصوير شيخ الإسلام الحافظ ابن حجر، ولم يزد عليه أكثر من قوله وقد تبعه "يريد ابن الصلاح" على ترتيبه جماعة منهم المصنف "النووي" وابن كثير والعراقي والبلقيني، وغيره جماعة كابن جماعة والتبريزي والطيبي والزركشي.

والرابعة: في أنواع علوم الحديث، وبيان عددها على النحو الذي بيناه في صدر هذا التمهيد.

وطريقته الأساسية في شرح هذا الكتاب أنه يلتزم متابعة الإمام النووي فيما أورده في كتاب التقريب.

وجعل مقصوده الأول أن يشرح عباراته، ويبين المراد بها، ويوضح الغامض منها -إن كان- ثم يتبع ذلك بذكر تنبيهات أو فوائد مما وصل إليه بالتنقيب والبحث، مما يقيم أكبر البرهان على أنه استوعب هذا العلم، ووصل فيه إلى أعلى الدرجات، وكثيرًا ما ينص على ما يخالف فيه المختصر "التقريب" أصله "مقدمة ابن الصلاح ولنبين هذه الطريقة في مثال واحد:
بدأ مصنف التقريب بتعريف الصحيح بأنه: ما اتصل سنده بالعدول الضابطين من غير شذوذ ولا علة.

فكان تعليق السيوطي على هذا التعريف في اثنتي عشرة صفحة من كتابه التدريب، وتناول فيها ما يأتي:
أولًا: لم عدل المصنف عن عبارة أصله: المسند الذي تيصل إسناده؟

ثانيًا: ولماذا جمع العدل الضابط بالعدول الضابطين مع أن ابن الصلاح عبر بالمفرد؟

ثالثًا: ما الذي يخرج بالقيد الأول؟ وما الذي يخرج بالقيد الثاني؟ وما الذي يخرج بالقيد الثالث؟ وكذلك الرابع والخامس؟

رابعًا: أورد تنبيهات:
أ- كيف حد الخطابي الصحيح؟ وما وجه الاختلاف بينه وبين المصنف؟

وما رأي شيخ الإسلام في الأرجح منها؟ وما مسلك العراقي في هذا المقام؟

ب- لماذا ترك المصنف قيد نفي الإنكار في الحديث؟

ج- لم يفصح بمراده من الشذوذ هنا مع أنه مختلف، بعضه ينافي الصحة وبعضه لا ينافيها، وما موقف شيخ الإسلام ابن حجر في ذلك؟

د- لماذا لم يقيد العلة بكونها قادحة؟ وإن اشترك في ذلك مع أصله مقدمة ابن الصلاح.

هـ- ورد على التعريف أنه لا يشمل الصحيح لغيره، وكان ينبغي إدخاله.

و ورد على التعريف المتواتر فإنه لا يشترط فيه هذه الشروط مع كونه صحيحًا، وما رأي شيخ الإسلام في ذلك؟

ز- اعترض ابن حجر على المصنف وابن الصلاح معًا؛ لأنهما جعلا الحسن قسمين: لذاته ولغيره، وهذا التقسيم يجري في الصحيح.

ثم ينتقل إلى ذكر فائدتين:
الأولى: أن كلام ابن الصلاح في شرحه لمسلم يدل على أنه أخذ تعريف الصحيح هنا من كلام مسلم، ولكن شيخ الإسلام اعترض بأن مسلمًا لم يذكر انتفاء الشذوذ.

الثانية: أنه بقيت شروط أخرى -مختلف فيها- لم يذكرها، منها كون الراوي مشهور بالطلب، والخلاف في ذلك، واختيار شيخ الإسلام، ومنها اشتراط ثبوت السماع لكل راو من شيخه، ومنها اشتراط العدد في الرواية كالشهادة وما قيل في ذلك.

وبهذه البحوث، وبذكر وجهات النظر المختلفة فيها -سواء أكانت في التنبيهات أو الفوائد- ينتهي تعليقه على تعريف الإمام النووي للحديث الصحيح.

أما ذلك المسلك الذي سلكه الإمام النووي في عرض تلخيصه لمقدمة ابن الصلاح وسايره السيوطي بالشرح على الوجه الذي أوردناه، فإنه ابتدأ كتابه بخطبة بين فيها فضل علم الحديث إجمالًا، وأنه اختصر كتابه هذا من كتابه الإرشاد، الذي اختصره من كتاب علوم الحديث لابن الصلاح، وأنه بالغ في الاختصار من غير إخلال بالمقصود، وحرص على إيضاح العبارة، ثم قسم الحديث إلى صحيح وحسن وضعيف1 وعرف الصحيح بما أوردناه عند بيان طريقة السيوطي في التدريب، ثم بين المراد بقوله "حديث صحيح"2 ثم بين المختار من أنه لا يجزم في إسناد أنه أصح الأسانيد مطلقًا ثم بين أول مصنف في الصحيح المجرد، والخلاف في الأفضل من الصحيحين3، وكيف أن الصحيحين لم يستوعبا ولم يلتزما ذلك، وبيان الأصول الستة وما فاتها من الأحاديث الصحيحة، وجملة ما في البخاري بالمكرر وبحذفه، ومسلم كذلك، وبم تعرف الزيادة على الصحيحين من الأحاديث الصحيحة4 وما فائدة مستدرك الحاكم، وما قيمته الحديثية، والمفاضلة بينه وبين صحيح ابن حبان، ثم صور الكتب المخرجة على الصحيحين مع بيان منزلتها وقيمتها، والفرق بينها وبين المختصرات5 منها، ثم بيان الحديث المعلق على الصحيحين، وتقسيمه باعتبار الصحة وعدمها، ثم بيان أعلى أقسام الصحيح وما يليه وإذا قالوا: صحيح متفق عليه أو على صحته فما معنى ذلك؟ وهل رواية الشيخين أو أحدهما تفيد القطع بالصحة والخلاف في ذلك، ثم بين حكم من رأى في هذه الأزمان حديثًا صحيح الإسناد في كتب لم ينص على صحته والخلاف في ذلك، ثم بين كيف يسلك من أراد العمل بحديث من كتاب.



الفصل السادس: كتب أصول الحديث 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 51137
العمر : 72

الفصل السادس: كتب أصول الحديث Empty
مُساهمةموضوع: رد: الفصل السادس: كتب أصول الحديث   الفصل السادس: كتب أصول الحديث Emptyالثلاثاء 28 مايو 2024, 7:18 pm

وبعد هذا انتقل إلى تعريف الحديث الحسن، وإلى بيان تقسيم ابن الصلاح له، مع تعريف كل قسم، وحكم الحديث الحسن في الاحتجاج به، والفرق بين قولهم: حسن الإسناد أو صحيحة وقولهم: صحيح فقط، أو حسن فقط، ثم معنى قول الترمذي حسن صحيح، ثم اصطلاح البغوي في تقسيم الأحاديث إلى صحاح وحسان، ثم أورد فروعًا في الحديث الحسن:
الأول: يتعلق ببيان مظان الحديث الحسن من كتب السُّنَّة.
الثاني: أن الحديث الحسن يرتفع إلى درجة الصحيح أحيانًا.
الثالث: أن الحديث الضعيف يرتفع إلى درجة الحسن أحيانًا.

----------------------------
1 ص62 ج1 وما بعدها بأعلى كتاب تدريب الراوي.
2 ص75 ج1 نفس المصدر.
3 ص76 ج1 نفس المصدر.
4 ص104 ج1 نفس المصدر.
5 ص112 ج1 نفس المصدر.
----------------------------

ثم انتقل إلى بيان النوع الثالث وهو الضعيف، فعرفه، وبين وجهات تفاوته وما يدخل فيه من الأقسام. ثم انتقل إلى النوع الرابع، وهو المسند، وذكر الاختلاف في تعريفه، ثم إلى النوع الخامس، وهو المتصل فعرفه، ثم إلى النوع السادس، وهو المرفوع فعرفه، وذكر الخلاف فيه، ثم إلى النوع السابع وهو الموقوف فعرفه أيضًا، ثم أورد فروعًا تتعلق بكل من المرفوع والموقوف مثل قول الصحابي: "كنا نقول كذا" وغير ذلك من عبارات الصحابة أو من الرواة عنهم مثل يرفعه أو ينميه، ثم انتقل إلى الثامن، وهو المقطوع فعرفه، وتكلم في الاحتجاج به، وأنه ضعيف أو غير ضعيف.

ثم انتقل إلى النوع التاسع، وهو المرسل، فبين إطلاقه على المنقطع والمعضل، وتكلم في حجيته، واحتجاج الشافعي به، ووجود المراسيل في مسلم، وعذره في ذلك.

ثم انتقل إلى النوع العاشر، وهو المنقطع، وبين الخلاف في تعريفه، ثم إلى النوع الحادي عشر، وهو المعضل، وذكر صورًا منه، ثم أورد بعد ذلك فروعًا يتعلق بعضها بالإسناد المعنعن والخلاف فيه، وبعضها يتعلق بالإسناد المؤنن والخلاف فيه أيضًا، وبعضها يختص بالتعليق، وما يكون منه في حكم الصحيح وما ليس كذلك، وبعضها يتعلق بما إذا اختلفت رواية الحديث بين الإرسال والاتصال، والوقف والرفع وما إلى ذلك، ثم انتقل إلى الثاني عشر وهو التدليس، وتقسيمه ومذاهب العلماء فيه، ثم إلى الثالث عشر وهو الشاذ مع بيان أقسامه، واختلاف وجهات النظر فيه، وانتقل بعد ذلك إلى النوع الرابع عشر وهو المنكر، وذكر في النوع الخامس عشر معرفة الاعتبار والمتابعات والشواهد والفرق بينها، وفي النوع السادس عشر تكلم على زيادة الثقة، وحكمها وتقسيمها والخلاف فيها، وفي السابع عشر، وهو معرفة الأفراد، وتقسيم الفرد وحكم كل، ثم أورد النوع الثامن عشر وهو المعلل فعرف العلة، وبين الطريق إلى معرفتها واختلاف إطلاقها، ثم انتقل إلى التاسع عشر. وهو المضطرب، وبيان تفصيله وحكمه، ثم تكلم في النوع العشرين عن المدرج وأقسامه وحكمها، وفي الحادي والعشرين تكلم عن الموضوع، ومفهومه، وحكمه شرعًا، وما ألف فيه من الكتب وأقسام الواضعين، والرد على من أجاز الوضع، وفي الثاني والعشرين أورد المقلوب، وما وقع للبخاري من الامتحان فيه، ثم أورد فرعًا يتعلق بالحديث الضعيف وما يوصف به: أهو السند أم المتن.

وفي النوع الثالث والعشرين تكلم على من تقبل روايته، وأورد فيه مسائل: إحداها في شروط قبول الرواية، والثانية فيما يثبت العدالة والثالثة فيما يعرف به الضعف، والرابعة في حكم التعديل من غير سبب وبسبب، والخامسة فيما يثبت به كل من الجرح والتعديل، والسادسة حكم رواية مجهول العدالة، ثم ذكر فرعًا في تعديل العبد والمرأة، والسابعة في حكم رواية من كفر ببدعة ومن لم يكفر بها، والثامنة في رواية التائب من الفسق، والتاسعة فيمن روى حديثًا ثم نفاه، والعاشرة في رواية من أخذ أجرًا على التحديث والحادية عشرة في قبول رواية من عرف بالتساهل في سماعه أو إسماعه، والثانية عشرة في إعراض الناس عن هذه الشروط، والثالثة عشرة في ألفاظ التجريح والتعديل ومراتبها. هذا ما يتصل بما ورد من المتن في الجزء الأول من كتاب التدريب.

وقد تناول السيوطي دراسة الجزء الثاني منه على غرار دراسته للجزء الأول، على ضوء ما بيناه في مسلكه فيه.

واشتمل الجزء الثاني من الكتاب على ما يأتي من بقية الأنواع, وهي: كبقية سماع الحديث وتحمله وضبطه، وكتابة الحديث، وضبطه وصفته، وصفة رواية الحديث، وحجية المروي من الحفظ والكتاب، ومعرفة آداب المحدث، ومعرفة آداب طالب الحديث وما يتعلق بذلك، ومعرفة الإسناد العالي والنازل وما يتعلق بذلك، ومعرفة الحديث المشهور ثم المتواتر، ومعرفة الغريب والعزيز، وغريب ألفاظ الحديث والمؤلف فيه، ومعرفة الناسخ والمنسوخ، ومعرفة المصحف وما يتعلق به، ومعرفة مختلف الحديث، ومعرفة المزيد في متصل الأسانيد، والمراسيل الخفية والصحابة وما صنف فيه، والتابعين ورواية الأكابر عن الأصاغر، والمدبج وما يتعلق به، ومعرفة الإخوة والمصنفات فيه، ورواية الآباء عن الأبناء وعكس ذلك، ومن اشترك في الرواية عنه اثنان تباعد ما بين وفاتيهما، ومن لم يرو عنه إلا واحد، ومن ذكر بأسماء أو صفات مختلفة ومعرفة المفردات من الأسماء والألقاب، ومعرفة الأسماء والكنى، ومعرفة كنى المعروفين بالأسماء، ومعرفة ألقاب المحدثين والرواة، والمؤتلف والمختلف من ذلك كله، والمتفق والمفترق والمتشابه والمشتبه والمقلوب، والمنسوبين إلى غير آبائهم، والنسب التي على خلاف ظاهرها، والمبهمات، وتاريخ المواليد والوفيات، وما يتعلق بذلك، ومعرفة الثقات والضعفاء، ومعرفة من خلط من الثقات، وطبقات العلماء والرواة، ومعرفة الموالي والمنسوبين إلى القبائل، ومعرفة أوطان الرواة وبلدانهم.

هذه هي الأنواع التي ذكرها صاحب التقريب وتناولها السيوطي بالشرح المسهب والمواد الغزيرة، التي تتفق مع ما بينه في خطبة الكتاب، من أنه كان يريد أن يضع كتابًا مستقلا جامعًا محشودًا بالفوائد والزوائد، ولكنه وجد كتاب التقريب كتابًا جليل النفع عالي القدر، كثير الفوائد غزير الموائد، ولم يجد من تصدى لشرحه على الوجه الذي يمكن أن تقيد فيه تلك الفوائد العظيمة, فجاء هذا الشرح على ما أوضحنا من وصفه، مما دل على أنه كأنه جمع فيه كل ما تسنى له من الكتب المؤلفة في هذا الفن، فأخذ زبدتها، وجمع شتى مسائلها، وإنه في الأمانة العلمية بحيث لم يدخر أن يدل القارئ على مراجع كل مسألة يوردها.

غير أنه بعدما ساير به المصنف في الترتيب والتنظيم، وشرحه على ذلك الوجه العظيم, أورد أنواعًا أخرى: وهي معرفة المعلق والمعنعن ومعرفة المتواتر والعزيز، ومعرفة المستفيض والمحفوظ والمعروف والمتروك والمحرف، ومعرفة أتباع التابعين، ورواية الصحابة بعضهم عن بعض والتابعين كذلك، وما رواه الصحابة عن التابعين، ومعرفة من وافقت كنيته اسم أبيه وعكسه، ومعرفة من وافقت كنيته كنية زوجه، ومعرفة من وافق اسم شيخه اسم أبيه.

ومن اتفق اسمه واسم أبيه ومن اتفق اسم شيخه وشيخ شيخه، ومعرفة من اتفق اسم شيخه والراوي عنه، ومعرفة من وافق اسمه نسبه، والأسماء التي يشترك فيها الرجال والنساء، وأسباب الحديث، وتواريخ المتون، ومعرفة من لم يرو إلا حديثًا واحدًا، ومعرفة من أسند عنه من الصحابة الذين ماتوا في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم، ومعرفة الحفاظ.

وهذه الأنواع تنقسم قسمين:
قسمًا لم يسبق أن تناوله التقريب، وهو يبتدئ من معرفة أتباع التابعين إلى نهاية ما أوردناه على أنه من زيادته على متن التقريب، وقسمًا سبق إيراده ضمن الأنواع الخمسة والستين الماضية التي ذكرها صاحب التقريب تبعًا لابن الصلاح، ولكنه أوردها لا على أنها أنواع رئيسية، بل على أنها تدخل في البحث ضمن الأنواع الرئيسية، وهي المذكورة قبل ذلك من الأنواع الزائدة.

فالمعلق والمعنعن ورد ذكرهما في قسم المعضل1؛ لأنه يصدق على كل منهما، ويدخلان في مفهومه في بعض صوره، والمتواتر تقدم ذكره في قسم المشهور2، لأن المتواتر مشهور وزيادة, والعزيز تقدم ذكره في قسم الغريب3 على أنه مرادف له أو منفرد عنه على تفصيل في ذلك، وهذه الأنواع الأربعة وردت في متن التقريب نفسه ضمن الأنواع الرئيسية فيه، والمستفيض4 ورد ذكره في التدريب على أنه مرادف للمشهور أو قسم منه على الخلاف في ذلك، والمحفوظ والمعروف5 ورد ذكرهما في التدريب تصويرًا لتقسيم ورد في النخبة لابن حجر6 فيما وقعت فيه مخالفة الراوي لغيره، والمتروك ورد ذكره في تقسيم أورده ابن حجر في شرح النخبة في قسم المردود، ونقل السيوطي عنه ذلك في التدريب في تنبيه من تنبيهات المنكر7، والمعروف ورد ذكره في التدريب8 عند كلام المصنف في التقريب على معرفة المصحف، أورده السيوطي نقلًا عن شيخ الإسلام في تقسيم له يقول فيه: إن ما غير فيه النقط فهو المصحف، وما غير الشكل مع بقاء الحرف فهو المحرف.

وبالجملة فإن الحافظ السيوطي يجمع في كتاب التدريب -على ما قال الدكتور عبد الوهاب عبد اللطيف-9 ملخصات لكثير من المؤلفات في علم المصطلح، ومنها شرح العراقي على ألفيته ومقدمة ابن الصلاح، وحاشية الزركشي، ونكت العراقي وابن حجر عليها، ومحاسن الاصطلاح والمشتبه للذهبي، وكتب الخطيب المفردة في أنواع علوم الحديث وغيرها، وقد لا ينسب القول لقائله، وقد ينسبه ويتصرف في العبارة، وامتاز كتابه بانفراد في بسط بعض الموضوعات والإسهاب فيها، خصوصًا عن رجال الحديث وتخريج بعضها, وببحوث دينية لم تذكر في غير هذا الكتاب نفع الله بكتاب السيوطي، وجزاه عن تأليفه خير الجزاء.

----------------------------
1 ص214 ج1 التدريب.
2 ص176 ج2 التدريب.
3 ص180 ج2 التدريب.
4 ص 173 ج2 التدريب.
5 ص 241 ج1 التدريب.
6 ص13 شرح النخبة وما بعدها.
7 ص241 ج1 تدريب، وراجع النخبة وشرحها ص21.
8 ص195 ج2 تدريب، ولعل السيوطي رآه في بعض كتب الحافظ ابن حجر غير النخبة وشرحها.
9 تدريب الراوي ج1 ص34.
----------------------------



الفصل السادس: كتب أصول الحديث 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
 
الفصل السادس: كتب أصول الحديث
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» الحديث السادس
» الحديث السادس عشر
» الحديث السادس والعشرون
» الحديث السادس والثلاثون
» الباب السادس عشر: التربية والتعليم عند الجماعات اليهودية في العصر الحديث

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers :: (العربي) :: مـدرسـة الحـديث في مـصـــر-
انتقل الى: