|
| سلسلة الخداع.. والمرأة المسلمة | |
| | كاتب الموضوع | رسالة |
---|
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| موضوع: سلسلة الخداع.. والمرأة المسلمة الخميس 27 أكتوبر 2011, 7:16 am | |
| بسم الله الرحمن الرحيم سلسلة الخداع.. والمرأة المسلمة الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد؛ فما من شك أن الفتاة المسلمة تتعرض منذ عقود لعملية خداع مستمر، تهدف إلى أن تتنكر للقيم والمبادئ الإسلامية، وأن تتقبل أسلوب الحياة الغربية حُلوِها ومُرِّها، بل وتعتقد أن ذلك هو طريقها للحرية والتقدم، ونيل الحقوق، والمشاركة في نهضة الأمة. وقد فُتنت كثير من فتياتنا بهذا الخداع، وأُشربت قلوبهن خيوط المؤامرة، فأصبحت أرضًا خصبة لتلقِّي كل ألوان الخداع والمكر، بل وأخذت تجادل عن ذلك الباطل بكل ما أوتيت من قوة. خدعوها فقالوا: إن البيت هو سجن يحيط بالمرأة، وعلى المرأة العصرية –إن أرادت الحرية– أن تحطم هذا السجن وتتحرر منه، وتنفك من قيوده، لتستقبل شمس الحرية!! وصدقت المسكينة هذا الخداع. خدعوها فقالوا: إن المرأة لابد أن تكشف وجهها حتى تشارك في الحياة العملية، وتكون لها شخصيتها المستقلة في المجتمع. خدعوها فقالوا: لا ُبَّد أن تنزل المرأة إلى الشارع, وأن تُشارك الرجل في ميدان عمله، وتكون بجانبه في المكتب والمصنع والمعمل والمتجر، إذ إن المساواة مع الرجل لن تتحقق إلا بهذه المشاركة. فصدَّقت هذا الخداع. خدعوها فقالوا: إن المرأة القابعة في بيتها المتفرغة لزوجها وتربية أبنائها هي امرأة ناقصة رضيت بأن تكون خادمة للرجل وأداة للإنجاب. فصدَّقت هذا الخداع. خدعوها فقالوا: إن الفتاة العصرية لا بُدَّ أن تتعرَّى وتتكشف وتظهر زينتها ومفاتنها؛ حتى تواكب عصرها، وتصبح فتاة بمعنى الكلمة. فصدَّقت هذا الخداع. خدعوها فقالوا: إن الفتاة إذا أرادت أن تتزوج، فينبغي لها أن تتعرَّى، حتى تعجب الخُطَّاب. فصدَّقت هذا الخداع. خدعوها فقالوا: إن الفتيات المحجبات حجابًا شرعيًا إنما فعلن ذلك لإخفاء عيوبهن ودمامتهن وقبح صورهن!! فصدَّقت هذا الخداع. لقد دمَّر هؤلاء في وجدان الفتيات حياة الحياء والحشمة والالتزام بالعفاف والفضيلة، وجعلوهن يتطلَّعن إلى حياة العُري والاختلاط والخلاعة والشهوات. لقد حطَّم هؤلاء الحواجز بين الرجل والمرأة، فبعد أن كانت المرأة بعيدة المنال، ورقمًا صعبًا لا يستطيع الرجل إحرازه إلا في حدود ما شرعه الله تعالى، أصبحت فيما بعد أقرب إلى الرجل من شراك نعله! إلا أن هؤلاء كانوا في غاية المكر والدَّهاء، فلم يُصرِّحوا في بداية الأمر بمهاجمة الحجاب والدعوة إلى التَّعرِّي الفاضح، بل غلَّفوا تلك الدعوة بالنصائح الماكرة، والمقاصد النبيلة في ظاهرها، الخبيثة في مضمونها وباطنها، حتى تجد لها قبولاً في المجتمع. فكانت مجلات الأزياء والموضة تتحدث في بداية الأمر عن العلاقات الزوجية: "كيف تحافظين على محبة زوجك؟ وهل يكره الإسلام أن تتحبب المرأة إلى زوجها، وتتجمل له وتتزيَّن؟ نحن فقط نقِّدم النصيحة مُصوَّرةً؛ لأننا في زمن الصحافة المُصوَّرة التي توضح كل شيء بالرسم!! وحين تستقر هذه الخطوة، نتقدم خطوة أخرى إلى الأمام، تمهيدًا لتحرير المرأة من قيد آخر من قيود الدين والأخلاق والتقاليد! لقد كان الزوج في المرحلة الأولى هو المحلل. وانتهت مهمته، فلنكن الآن صُرَحَاء! كيف تجذبين انتباه الرجل؟! نعم! وماذا فيها؟! ألا تتزيَّن ليقع في شباكها ابنُ الحلال؟ فإن لم يقع ابنُ الحلال فمزيدًا من التزيُّن. هذا فستان يكشف مفاتن الصدر, وهذا يكشف مفاتن الظهر, وهذا يكشف مفاتن الساقين. وتتطور الموضة العالمية وتتطور، حتى تكشف مفاتن الجسم كله بجميع أجزائه". ثم بعد ذلك بدأت الدعوة الصريحة لنبذ الدين والأخلاق والعادات الكريمة، فكان من وحي شياطينهم: "حذارِ أيتها الفتاة أن تنهزمي في المعركة، فالمجتمع كله ينظر إليك، ويرقب نتيجة المعركة. * حذارِ أن تغُضِّي بصرك! فغضُّ البصر معناه: عدم الثقة بالنفس، وهو من مخلَّفات القرون الوسطي المظلمة، التي كانت تنظر إلى المرأة، على أنها دون الرجل، فتغضَّ بصرها. أمَّا أنت يا حاملة الرَّاية، فارفعي رأسك عاليًا؛ لتُثبتي أنك مساوية للرجل في كل شيء، وأنك نِدٌّ له في كل شيء. شيئان ينبغي أن تحرر منهما الفتاة الجامعية: غضُّ البصر والحياء!! وفتاة الجامعة ينبغي كذلك أن تكون رشيقة خفيفة الحركة! فإليك الأزياء, انتقي منها ما يناسبك, وما يظهر رشاقتك, وأظهري من زينتك بقدر طاقتك! لا حرج عليك, ماذا تخشين؟! أتخشين الدين؟ والأخلاق؟ والتقاليد؟ تعالي معًا نُحطِّم الدين والأخلاق والتقاليد التي تريد أن تكبِّلك في حركتك، فلا تكوني رشيقة كما ينبغي لك! وينبغي كذلك أن تكوني جذَّابة! فهكذا المرأة المتحررة, من صفاتها أن تكون جذَّابة في مشيتها, في حركتها, في حديثها! ألا ترغبين أن ينجذب إليك فتى الأحلام, شريك المستقبل؟! إن لم ينجذب هذا، فلينجذب غيره, المهم أن يكون هناك دائمًا من يتطلَّع إليك, ويُعجب بك, ويرغب فيك. وبدأت الفتاة تتخلع في مشيتها وتتكسَّر, وتتخلع في حديثها وتتكسَّر, وأصبح هذا عنوان المرأة الحديثة والمرأة المتحررة التي تملأ الشارع، فيعجَّ الشارع بالفتنة الهائجة التي لا تهدأ ولا تستقر, وهو المطلوب. أما البيت, فآخر ما تُفكِّر فيه الفتاة الجامعية. لقد نُعت لها بكل نعتٍ مُقَزّز مُنَفّر, حتى أصبح البقاء فيه هو المعرَّة التي لا تُطيق فتاة جامعية أن تلصق بها. البيت هو السجن, هو الضيق, هو الظلام, هو الرجعية, هو عصر الحريم, هو التقاليد البالية, هو القرون الوسطى المظلمة, هو دكتاتورية الرجل, هو شلُّ المجتمع عن الحركة, ودفعه إلى الوراء!". هذا هو مسلسل الخداع، وهذه بعض خيوط المؤامرة على المرأة المسلمة, فهل تعي المرأة حجم الخطر الذي يتهددها، وحجم الضياع الذي ينتظرها إن هي سارت في ركاب هذا المُخطط وكانت من الداعمين له؟.. أم أن فتاة الإسلام ستكون حصنًا منيعًا تفشل أمامه كل المُخططات، وتتبدَّد لقوَّته وصلابته كل المُؤامرات؟! هذا هو المأمول والمُنتظر. * * * ماذا يريدون من المرأة؟ أُختي المسلمة: إنك لن تبلغي الكمال المنشود وتُعيدي مجدك المفقود وتحققي مكانتك السامية إلا باتباع تعاليم الإسلام والوقوف عند حدود الشريعة، فذلك كفيل أن يطبع في قلبك محبة الفضائل والتنزُّه عن الرَّذائل. فمكانك والله تُحمَدي... وبيتك تسعدي... وحجابك تُصلِحي... وعفافك تُريحي وتستريحي. " وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى " [الأحزاب: 33]. "يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ " [الأحزاب: 59]. فأنتِ بالإسلام دُرَّة مصونة وجوهرة مكنونة، وبغيره دمية في يد كلِّ فاجر وأُلعوبة وسلعة يُتاجر بها -بل يُلعب بها- ذئاب البشر, فيهدرون عفتها وكرامتها ثم يُلفظونها لفظ النواة، فمتى خالفت المرأة آداب الإسلام وتساهلت بالحجاب وبرزت للرجال مُزاحِمة ومُتعطِرة، غاض ماؤها وقلَّ حياؤها وذهب بهاؤها فعظمت بها الفتنة وحلَّت بها الشرور، فيا أيتها المسلمة المعتزَّة بشرف الإسلام، ويا أيتها الحرَّة العفيفة المُصانة، أنت خير خلف لخير سلف. تمسَّكي بكتاب الله وسُنَّة رسوله -صلى الله عليه وسلم-، وكوني على حذر وفطنة من الأيدي الماكرة والعيون الحاسدة، والأنفس الشرِّيرة التي تريد إنزالك من علياء كرامتك، وتهبطك من سماء مجدك، وتخرجك من دائرة سعادتك؛ وإيَّاك والخديعة والانهزام أمام هذه الحرب السافرة بين الحجاب والسفور، والعفاف الإباحية!. إن أعداء الإسلام من اليهود وأتباعهم قد ساءهم وأقضَّ مضجعهم ما تتمتع به المرأة المسلمة من حصانة وكرامة، فسلَّطوا عليها الأضواء ونصبوا لها الشِّباك ورموها بنبلهم وسهامهم. ومن الغريب أن يُحقق مقاصدهم ويسير في ركابهم، ويسعي في نشر أفكارهم أناسٌ من بني جلدتنا ويتكلمون بلغتنا، فيشنُّون الحرب الفكرية الشعواء على أخواتنا المسلمات عبر العناوين المُشوِّقة والمقالات الساحرة هنا وهناك، فينادون زورًا وخديعة بتحرير المرأة ويطالبون بعمل المرأة وخروجها من المنزل، ويُشيعون الشائعات المغرضة والشُّبَه الداحضة عن المرأة المسلمة. فيقولون عن المجتمع المسلم المحافظ: إن نصفه معطل ولا يتنفس إلا برئة واحدة، وكيف تُترك المرأة حبيسة البيت بين أربعة جُدران، وما إلى ذلك من الأقوال الأفَّاكة والعبارات المضللة، فماذا يريد هؤلاء؟! وإلى أي شيء يهدفون؟! نعم إنهم يهدفون إلى تحرير المرأة من أخلاقها وآدابها وانسلاخها من خُلُقها ومُثُلها، وقِيَمها ومبادئها وإيقاعها في الشر والفساد، يريدونها عُرضة للأزياء وسلعة للسذج والبسطاء، فمن لصلاح البيت وسعادة الأهل وتربية الأجيال؟ خبروني بربكم. أي فتاة تقع؟! وأي بلاء يحدث؟! إذا هُتك الحجاب ووُضع الجلباب وافترس المرأة الذئاب، نتيجة السفور والاختلاط في الدوائر والمدارس والأسواق! أمَا يكفي زاجراً ويشفي واعظًاً ما وقعت فيه المجتمعات المخالفة لتعاليم الإسلام من الهبوط من مستنقعات الرذيلة ومهاوي الشرور وبؤر الفساد حين أهملت أمر المرأة وانطلقت الصيحات والنداءات المتكررة مطالبة بعودة المرأة إلى حصنها وقرارها. هل يرضى من فيه أدنى غيرة ورجولة؟! أن تصير امرأته مرتعًا لأنظار الفَسَقَة وعُرضة لأعين الخونة، ومائدة مكشوفة وبسمة تائهة أمام عديمي المروءة وضعاف النفوس، ولقد أفادت الأوضاع السائدة أن خروج المرأة من بيتها هو أمارة الخراب والدَّمار، وعلامة الضياع والفساد، وعنوان انقطاع وسائل الأُلفة والمحبة وانتشار غوائل الرذيلة والفساد بين المجتمع. فإلى أخواتنا المسلمات في عالمنا الإسلامي شرقيِّه وغربيِّه، أُوجِّه النداء من هذه البُقعة الطاهرة بالتمسك الشديد بكتاب الله والعضِّ على سُنَّة رسوله بالنَّواجذ واتباع تعاليم الإسلام وآدابه وإلى الجمعيات النسائية في كل مكان أُحَذِّر من مغبة مخالفة المرأة لهدي الإسلام وأدعو إلى الحذر الشديد من الانسياق وراء الشعارات البرَّاقة والدعايات المسمومة المضللة ضد أخلاق المرأة وقيمها ومثلها. وإلى المسئولين عن الفتاة المسلمة تعليمًا ورعايةً قوامةً وعنايةً, أن يتقوا الله عزّ وجلَّ ويقومون بواجبهم تجاهها مع العناية بالجوانب الإيمانية والتربوية والأخلاقية، لابد من وضع حدٍّ فاصل وسدِّ منيع أمام السيول المتدفقة من المظاهر الفاضحة والمناظر الماجنة والأفلام الخليعة والصور العارية وشبه العارية التي تقضي على الغيرة والأخلاق وتُورث الدياثة والرذيلة. أمَّا أولياء النساء من أزواج وآباء فإننا نُذكِّرهم بواجب القوامة على المرأة امتثالاً لقوله سبحانه: " الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ " [النساء: 34]. فعليهم أن يتقوا الله عزَّ وجلَّ وأن يقوا أنفسهم وأبناءهم عذاب الله سبحانه وذلك بالقيام بتربيتهم، وأطرهم على تعاليم الإسلام، وليحذروا من الاسترسال من ترك الحبل على الغارب فإننا نناشدهم غيرتهم على نسائهم ونخاطب فيهم شهامتهم ذبًّا عن أعراضهم وصونًا لمحارمهم فضلاً عن قيمهم وأخلاقهم. فيا أيها العقلاء: اعتبروا واحذروا ولا تنخدعوا، فالسعيد من وُعظ بغيره، واعلموا أن نكبة الأُمة اليوم في مجتمعاتها وإخفاقها في أخلاقها لم تكن إلا بعدما نكبت في نظامها وفساد تربيتها لنسائها، وقد قال الصادق المصدوق -صلى الله عليه وسلم-: «ما تركت بعدي فتنة هي أضر على الرجال من النساء» [متفق عليه]. وسطية الإسلام: الإسلام – يا فتاة – دين الوسطية والقصد في كل الأمور، فهو لم يمنع البسمة، ولم يحرم المزحة، ولم يحظر التجمل والتزيُّن، بل جعل الإسلام ابتسامتك في وجوه أخواتك صدقة، كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «وتبسمك في وجه أخيك صدقة»، والمزحة إذا كانت بحق لا محذور فيها، وإنما المحذور هو الكذب ولو كان بهدف إضحاك الآخرين، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «ويلٌ للذي يُحدِّث فيكذب ليُضحك به القوم، ويلٌ له، ويلٌ له» [رواه أحمد وأبو داود والترمذي وحسَّنه الألباني]. ولكن على الفتاة الرشيدة ألا تكثر من المزاح؛ لئلا يُستخَف بها، ويحمل حديثها كله على وجه المزاح. وعرف الإسلام حبَّ المرأة للزينة والجمال، فأباح لها أن تتزيَّن وتتجمل بما أحلَّه الله عزَّ وجلَّ بعيدًا عن الإسراف والمخيلة، والتشبُّه بالكافرات، أو بغير جنسها من الرجال، وبعيدًا كذلك عن إظهار زينتها للرجال الأجانب حتى يسلم قلبها وقلوب غيرها، ولا تكون سببًا في الفتنة والفساد. الإسلام والغريزة الجنسية: ولم يحرم الإسلام الشهوات مطلقًا كما فعلت الرهبانية بأتباعها، ولم يطلق العِنان للشهوات بدون حدود أو قيود كما فعلت المادية الحديثة، وإنما نظَّم الغريزة الجنسية ودعا إلى تهذيبها، ولم يكبتها، بل أوجد لها طريقًا نظيفًا حلالاً وهو طريق الزواج. فالفتاة إذا تزوَّجت نالت مُرادها من اللذَّة المباحة والمتعة الطيبة، ولم يُلحقها ذمٌّ ولا أذىً ولا لومٌ، بل إن الناس جميعًا بدءًا من والدها وإخوانها يعلمون أنها زوجة فلان بن فلان، وأنه يحدث بينهما ما يحدث بين الأزواج، ومع ذلك يحترمونها غاية الاحترام، ويقدرونها غاية التقدير؛ لأنها أطاعت ربَّها، وحصَّنت فرجها، وصبرت وصابرت، وجاهدت نفسها، والتزمت طريق الإسلام حتى أتمَّ الله عليها نعمة الزواج والإحصان. لا تكوني من هؤلاء: وهناك صنف آخر من الفتيات يَتَّصفن بالعجلة والاندفاع والطيش، وقد تحكمت بهن غرائزهن، وقيدتهن شهواتهن، فأَبَيْن إلا سلوك طريق الخطأ والخطيئة، وفرَّطن في أحكام الإسلام وتعاليم الشريعة، وسِرنَ كالأسيرات نحو المستقبل المظلم والغد الأسود، فتجد الواحدة من هؤلاء تتبرج في ملابسها وفي مشيتها وفي كلامها وفي نظراتها لتستمع إلى كلمات الغزل والمداعبة والمعاكسة. ثم إنها -بعد ذلك- تنتظر أي ذئب خبيث يلقي إليها برقم هاتفه لتبدأ معه رحلة الآلام والأحزان التي تبدأ بنظرة خائنة، وتنتهي بمحنة قاتلة، فإذا ما حصلت الفاجعة، ووقعت الكارثة، عضَّت أنامل الندم، وذرفت دموع الحسرة، ولكن الندم حينئذ لا يفيد، والحسرة يومذاك لا تنفع، فقد ضاع الشرف، وترحَّل العفاف، وذهبت الكرامة بلا رجعة لذَّة لم تدم إلا دقائق بل لحظات، فقدت على إثرها تلك الفتاة أعزَّ ما تملك؛ فقدت دينها وخُلُقها وعفافها، وأصبحت عارًا على نفسها وأهلها ومجتمعها، فإذا ما كتب لها العيش عاشت ذليلة حقيرة، لا حقوق لها، ولا قيمة لحياتها. وإذا قُدِّر عليها الموت لم يترحَّم عليها أحد، وذهبت تُلاحقها اللعنات والشتائم حتى في قبرها. ويا ليت الأمر ينتهي عند ذلك، بل إن الموت هو بداية الرِّحلة وليس نهايتها، فالقبر إمَّا روضة من رياض الجنة للطائعين المخبتين، وإمَّا حفرة من حفر النار للعصاة المذنبين، ثم يكون بعد ذلك الحساب على كل صغيرة وكبيرة قال الله تعالى: " وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا " [الكهف: 49]. ماذا استفادت هذه الفتاة من الخطيئة؟! وماذا أصابت من اللذَّة والمتعة؟ وماذا لو صبرت كما صبر غيرها من العفيفات المؤمنات؟ لقد حُرِمت من الحياة النظيفة، حيث الزوج والأسرة والبيت والأولاد، ورضيت لنفسها أن تكون لعبة رخيصة في أيدي ذئاب البشر ولصوص الأعراض، والله الموعد. * * * جمالُك أختاه: إن نظرة الإسلام إلى جمال المرأة ليست محصورة بزاوية منها ولا بجانب من حياتها، ولا طرف من كيانها، بل تشمل جميع كيان المرأة ظاهرًا وباطنًا، جسمًا وروحًا، عملاً وإيمانًا، فكرًا وعقلاً، أخلاقًا وسلوكًا... إلخ. وما أولئك الذين يجدون جمال المرأة بتهتُّكها وتبرُّجها، وخلاعتها وميوعتها، وتبذُّلها وتكشُّفها، واختلاطها ووقاحتها، إلا مرضى يحتاجون إلى علاج، أو جهلة يحتاجون إلى توعية، أو مشبوقون تحت مطارق شهواتهم العارمة، ومقارع غرائزهم الهائمة، أو غرقى يحتاجون إلى إنقاذ وٍإسعاف. ومن الحُمق والغباء والسفاهة والجنون، أن يُلجأ إلى المريض أو الجاهل أو الغريق ليؤخذ منه الحكم السليم على الأشياء. إن جمال المرأة المسلمة: * بإيمانها العميق يعمر قلبها ويشرح صدرها ويحرِّك مشاعرها. * بفهمها الدقيق للرسالة التي تحملها وتدعو إليها وتبلِّغها. * بعقلها الحصيف وفكرها النيِّر واطِّلاعها الواسع. * بروحها الصافية ونفسها الطيبة وقلبها المطمئن. * بخُلُقها الكريم وسلوكها المستقيم وعملها الصالح. * بقولها الصادق، وحديثها الطيِّب، وتوجيهها الحكيم. * بشرفها الرفيع، وعفافها الطاهر، وحيائها الفطري. * بحبها لله وذكرها إياه وخشوعها له وبكائها بين يديه. * بطاعتها وتقواها ودعائها ونجواها وعبادتها لربِّ العالمين. * بإخلاصها لزوجها وإكرامها إياه وتجملها من أجله. * بقرارها في بيتها وحُسن تدبيره والإشراف عليه. * بحضن أبنائها وحُسن تربيتهم وجميل توجيههم. * بلُطفها، برقَّتها، بعطفها، بحنانها، برحمتها، بشفقتها. * بنعومتها وليونتها وأناقتها وظرافتها ونظافتها ونضارتها. قال تعالى: " إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا " [الأحزاب: 35]. فالإسلام والإيمان والقنوت إلى آخر الصفات الواردة في الآية كلها صفات جمالية للمرأة المسلمة، فإذا سقطت صفة منها كان ذلك عيبًا في كمالها وجمالها؛ لأن الجمال إنما هو تناسق لأعضاء كاملة متكاملة. وقال -صلى الله عليه وسلم-: «الدنيا متاع وخير متاعها المرأة الصالحة» [مسلم]. هذا وينبغي شرعًا للمرأة أن تتزيَّن وتتجمَّل وتتحسَّن وتتطيَّب في بيتها لزوجها، وأُبيح لها أن تستعمل ما شاءت من أدوات الزينة والتجميل من ثياب وحُلي وحلل وطيب وخضاب وكحل وأصبغة مؤقتة، وغير ذلك مما ليس فيه تغيير أصلي أو تشويه فطري في خلق الله، كتفليج الأسنان -أي التفريج بينها- أو تقصيرها، وكالوشم وغير ذلك من إسراف في التزيين وإمعان في التجميل وإفراط في التحسُّن وهو غير جائز؛ لقوله تعالى على لسان إبليس اللعين: "وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلَآَمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آَذَانَ الْأَنْعَامِ وَلَآَمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ وَمَنْ يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُبِينًا" [النساء: 119]. وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: «لعن الله الواشمات والمستوشمات والمتنمصات، والمتفلجات للحسن المغيرات خلق الله...» [البخاري ومسلم]. وبالتالي يشغل المرأة عن مهامها تجاه ربِّها وزوجها وأولادها ويجعلها أسيرة بدنها وثيابها وزينتها. والمهم في الأمر مراعاة القاعدة الفقهية العامة -لا إفراط ولا تفريط- وينبغي أيضًا للرجل أن يتزيَّن لزوجته بالجسم النظيف، والثوب الجميل والرِّداء الأنيق والبسمة اللطيفة، مما يزيد في الحسن والجمال ولا يتنافي مع رجولة الرجال. والتزيُّن من قِبَل الزوجين كل في حدوده وخصائصه حق مشروع لكل منهما على صاحبه، لأنه من أسباب السعادة الزوجية، ودليل الحبِّ والإكرام والرغبة والميل بينهما. وهو كذلك من أسباب الاستغناء بالحلال عن الحرام، ومن أسباب تعفف كل منهما فلا يتطلع إلى الغير. ويجوز للمرأة أيضًا إبداء زينتها لغير زوجها من المحارم المذكورين في الآية: " وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آَبَائِهِنَّ أَوْ آَبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ " [النور: 31]. وقد نبَّه الله تعالى عباده للزينة التي خلقها من أجلهم وخصَّ ذكر بعضها أيضًا؛ ليلفت النظر إليه ليتعاطاه العباد ويستمتعوا به ويشكروا الله على نعمه وفضله، قال الله تعالى: " قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ " [الأعراف: 32]. وقال -صلى الله عليه وسلم-: «إن الله طيب يحب الطيب، ونظيف يحب النظافة، وكريم يحب الكرم، جواد يحب الجود، فنظفوا أفنيتكم ولا تشبهوا باليهود» [الترمذي]. وقال القرطبي: قال ابن عباس رضي الله عنهما: إني لأتزيَّن لامرأتي كما تتزيَّن لي، وما أحب أن أستنظف -أي آخذ- كل حقي الذي لي عليها، فتستوجب حقَّها الذي لها عليَّ، لأن الله تعالى قال: " وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ " [البقرة: 228]. وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «كلوا واشربوا والبسوا في غير إسراف ولا مخيلة» [أحمد والنسائي وابن ماجة والحاكم]. فالجمال بهذا المعنى، والتجمل بهذه الحدود، وإظهار الجمال بهذه الضوابط هو الذي يقرره الإسلام وهو الذي تتصف به المرأة المسلمة، وهنا تجدر الإشارة إلى التقيد والالتزام بعدم الخروج بالإفراط والتفريط وذلك عند ذكر المخيلة في الحديث الآنف وهي الكبر والعجب اللذان يخرجان بالإنسان عن حدِّه متجاوزًا كونه مخلوقًا أولاً ومتجاوزًا لحقِّ الاحترام المتبادل بين الناس. أمَّا اتصاف المرأة بالكفر والإلحاد، والتحلل والإباحية، والسفاهة والوقاحة، والخلاعة والميوعة، وخروجها للشوارع والأحياء والحدائق والمتنزِّهات العامة مبتذلة عارية متمايلة مستهترة تلفت إليها الأنظار وتحرك نوازع الشهوة في الرجال، وتغشيها المراقص والمنتديات ودور الخمر والميسر، ومشاركتها حفلات الرقص واللهو، تخاصر وتفاخذ وتضم وتعانق وتقبل وتداعب من شاءت من الرجال. إن اتصاف المرأة بهذه الصفات حطٌّ من شأنها، وهدرٌ لكرامتها، وإسقاط لجمالها، وضياع لحسنها ونضارتها... مع العلم أن قيامها بكل ذلك هي عوامل هتك وتحطيم وتقريب إلى الهرم والعجز بالمرأة التي يجب أن تستبقي نظارة الجمال ورشاقة الحركة وحيوية النشاط ببقائها بعيدة عن تلك الأجواء الموبوءة بكل عوامل المرض والعلة والبشاعة وأرذل العمر، وليس إلا البيت ملعبًا لها تبقى فيه ملاكًا يُشرق بالابتسامة ويُضيئ بنظرات العطف واللُّطف، فيحفظ لها جمالها بإشراقه ووضاءته فتيًّا حيًّا ناضرًا على الزمن. إليك أختاه إليك أيتها الأخت المسلمة: إذا كنت آمنت بالله ربًّا، وبمحمد نبيًا، وبالإسلام دينًا. إذا كنت قد رضيت بالقرآن دستورًا وشريعة ومنهاجًا. إذا كنت قد جعلت الرسول قدوة لك وإمامًا. وأقصد بالإيمان -أيتها الأخت المسلمة- الإيمان الحق بصدق وإخلاص، لا إيمان المجاملة والمسايرة، ولا إيمان الرأي المستحسن، والهوى المتبع، ولا إيمان النية الحسنة، والعمل المخالف للآيات المحكمة والنصوص القاطعة. فالإيمان كما حدده رسول الإسلام -صلى الله عليه وسلم- ليس بالتمني، إنما الإيمان ما وقر في القلب وصدقه العمل. أفرأيت هذا الإيمان الذي ملأ قلبك إن كنت مؤمنة حقًا، لقد شارك في نقله إليك نساء خالدات عرفن حقيقة الإيمان، فالتزمن بأمر الإله عن رضىً وطواعية، ثم آلَـيْنَ على أنفسهن أن يؤدين لهذا الدين ما له عليهن من حق في نشره وتبليغه قولاً وعملاً، سلوكًا ومنهاجًا، فكان منهن المقاتلة، وكان منهن المجاهدة، وكان منهن العالمة، وكان منهن المربية، وكان منهن العابدة، وكان منهن من حملن السيف وقاتلن، ومنهن من حفظن القرآن، ودرسن السُّنَّة، فتصدَّرن مجالس العلم فعلمن وحدثن، وتتلمذ على أيديهن أشياخ كبار. ومنهن من قدَّمن أبناءهن إلى معارك الشرف والبطولة، والجهاد والتضحية، فقرَّت باستشهادهم أعينهن. كذلك كان منهن الصَّوَّامات القوَّامات اللائي خرجن الأبطال والفاتحين. وإذا كان تاريخُنا حافلاً بأخبار الأبطال والشهداء والفاتحين، فإن تاريخَنا يذكر بالفضل الأمهات اللائي ربَّيْن هؤلاء الرجال. وما من عصر من العصور امتُحن فيه الإسلام، وكان هدف الكثير من الحاقدين الناقمين إلا نَبَغ فيه مسلمات عاقلات راشدات، أدَّين دورًا فعالاً في الذَّب عن هذا الدين وردِّ كيد الحاقدين والناقمين. والآن أيتها الأخت المسلمة: يتعرض الإسلام لتيارات تريد أن تستأصل شأفته، وتستبيح حُرْمته، تيارات تتماوج في الدعوة إلى الكفر والإلحاد، والإباحية والانحلال. ألا ترين في وسط هذه التيارات التي تعيشينها، أن مسؤولية كبيرة ملقاة على عاتقك لا تقل عن مسؤولية الرجل، في ميادين أهليَّتك وقدراتك. إن الإسلام يطلب منك أن تلتزمي به قولاً وفعلاً، وسلوكًا ومنهاجًا في غدوك ورواحك وفي جميع تصرفاتك، بأن ترتدي جلباب الحياء والفضيلة والحشمة والستر، لباسًا سابغًا ساترًا، فإنك إن فعلت ذلك أدَّيت للإسلام دورًا تستحقين عليه كل شكر وثناء. وما الذي يمنعك -أيتها الأخت- من ارتدائه؟ وفيه شموخك وكبرياؤك وعنوان استقامتك ونزاهتك. إن لم يكن فيه إلا ما يُميز المسلمات عن الفاجرات لكفى. إن لم يكن فيه سوى أنه يغيظ دعاة الكفر والإلحاد، أنصار الإباحية والانحلال لكان فيه كفاية. فكيف -أيتها الأخت- وفيه رضاء الرَّب، وسلامة العِرْض والشرف أعيدي النظر -أيتها الأخت- فورًا. فالإسلام إذ قيدَّ حركتك بقيود، وحدَّ نشاطك بحدود، أعفاك من مسؤوليات جسام، فقد ضمن لك الإسلام الجنة التي هي أمل كل مسلم، بل يطمح إليها كل مخلوق على وجه الأرض، عندما تحق الحقيقة وتصدق المصدوقة، ويأتي أمر الله، ويساق الناس إلى الجنة والنار، ضمن لك الجنة إذا أنت أدَّيت فرضك، وعففت، وأطعت، والنصوص الواردة في هذا معروفة مشهورة. وما أراد الإسلام -بهذه الحدود والقيود- إلا صونك من الأعين النهمة والأجساد الشهوانية، وعن النفوس الدَّنيئة التي رأت فيك جمالاً نظرت إليه نظرة عبث والتهام وافتراس، لا نظرة إجلال وإكبار، وأسمعتك فاحش الكلام وبذيئه. يتبع إن شاء الله... |
| | | أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| موضوع: رد: سلسلة الخداع.. والمرأة المسلمة الخميس 27 أكتوبر 2011, 7:38 am | |
| وفي هذا يقول فون هومر: " الحجاب في نظر الإسلام، وتحريم اختلاط النساء بالأجنبي عنهنَّ، ليس معناه انتزاع الثقة بهن، وإنما هو وسيلة إلى الاحتفاظ بما يجب لهن من الإكبار وعدم التبذل، فالحق أن مكانة المرأة في الإسلام قَمينة بأن تُغبط عليها ". وأرادك الإسلام -بهذه القيود- أن تكوني جميلة تسترين جمالك ومفاتنك إلا من راغب شريف، جاء يطلبك على الطريقة التي أقرَّها الدين الحنيف، وتعارف عليها المسلمون، لا جميلة جمالاً معروضًا في كل طريق وشارع، وفي كل نادٍ وسوق، يدعو ويثير كل رائح وغاد. وليس الجمال -أيتها الأخت- في أن تظهري أمام الغريب والبعيد، والأجنبي ما لا يحل لك أن تظهريه أمام أبيك وأخيك. إن أحلى ما تتحلَّى به الفتاة من جمال هو حياؤها وأدبها، واستقامتها ونزاهتها، وعفَّتها وطهارتها. يقول فيكتور هيجو: إن أجمل فتاة هي لا تدري بجمالها. أتدرين -أيتها الأخت- ماذا أراد هذا الأديب بقوله؟ أراد أن يقول إن أقبح فتاة هي الفتاة المغرورة بجمالها، المخدوعة بمفاتنها، ولكنه لما كان شاعر فرنسا وأديبها الأكبر صاغ عبارته صياغة أدبية فقال: إن أجمل فتاة هي التي لا تدري بجمالها. فلا تكوني أيتها الأخت مخدوعة ولا تكوني مغرورة. أيتها الأخت المسلمة: إن الإسلام إذا أراد صونك بهذا الحجاب الذي فرضه عليك، كذلك أراد وقاية المجتمع وحفظ أفراده وشبابه، فلقد قرَّر زعماء العالم الإصلاحيون والأخلاقيون أنَّ تَهتُّك المرأة وتبذُّلها وسفورها، يهوي بالمجتمعات ويُودي بالأُمم، وهذا ما أَودى بحضارة اليونان والرُّومان والفرس والفراعنة، وما مأساة انهيار الوجود الإسلامي في الأندلس منَّا ببعيدة. " لمَّا زار غُليوم -إمبراطور ألمانيا- تركيا جاء لاستقباله ضمن من حضر لاستقباله عشرات الآنسات المتعلمات وقد أسدلن شعورهن، وكشفن عن سواعدهن، وقيل له: إنهن أكبر التلميذات المتعلمات تعلمًا عصريًا، ولمَّا استعرض غُليوم جماعة الوزراء، وقدم إلى شيخ الإسلام التفت غُليوم إليه وقال له: اعلم يا حضرة الأستاذ -الفاضل- أن هذا المقام يُسمَّى مقام الخلافة وإن تعليم البنات والشباب على النسق الأوربي لا يتفق مع المبادئ الإسلامية التي هي مفاخر دينكم، وإننا نحن في أوربا نئنُّ من هذه التربية على أن ما يجوز للأوربيين إباحته لا يجوز للمسلمين". الضوابط الشرعية لوسائل التجميل: يُباح للمرأة أن تتزيَّن لزوجها بما ظهر في هذه العصر من وسائل التجميل من الأصباغ والمساحيق، هذا هو الأصل؛ لعموم الأدلة الدالة على أن المرأة تتزيَّن لزوجها بما ليس فيه محذور شرعي كالحناء والخضاب ونحوهما. لكن من الملاحظ أن هذه الوسائل تعددت إلى حد جعل المرأة المسلمة ألعوبة بأيدي مُصمِّمي الأزياء وأدوات التجميل، أضف إلى هذا ما يحويه أكثرها من مواد ضارَّة بالجسم أو بالأعضاء -كما سيأتي إن شاء الله- وصاحب ذلك كلُّه دعاية خبيثة لهذه الوسائل من جهة، وإرشاد لكيفية التجميل من جهة أخرى لأجل أن تحوز المرأة إعجاب الآخرين، وكأنها صارت سلعة تعرض أمام الناس في اصطناع جمال مزوَّر، بل تشويه يزيد الدميمة دمامة، والعجوز شيخوخة!! وإني لأعجب ويعجب غيري مما يُقال عمَّا تفعله أعداد النساء بأجسامهن من شتى الأصباغ والألوان، ومختلف الأشكال والرُّسوم في رؤوسهن وعيونهن وحواجبهن وخدودهن وشفاههن مما يجعلهن يبدون في صورة بشعة منفرة مستهجنة!! مما يقطع العاقل مع هذا الصنيع بغياب العقل الذي فضَّل به الإنسان وميَّزه الله به على سائر الحيوان، وأهم من ذلك غياب القيم الأٍساسية التي جاء بها الإسلام. ولا أكون مبالغًا إذا قلت: إن هذا السيل الجارف من هذه الوسائل مسخ لفطرة المرأة وذوقها، وتعطيل لتصوُّرها وتفكيرها، إنها جناية على المرأة المسلمة متى زادت عن حدِّها المعقول، وإشاعة للفساد والانحلال النفسي والخلقي، يقف وراء ذلك كله مفسدوا الأخلاق ومدمروا العالم، من الصليبية الحاقدة واليهودية الماكرة. ومن المؤسف -حقَّا- أن تظل المرأة المسلمة تلاحق الموضة، وتراقب تغير أدوات التجميل، مهما كلَّف ذلك من مال، ومهما أضاع من وقت، ومهما دلَّ على عقلية فاسدة واتجاه منحرف، في سبيل إشباع رغبة جامحة، وجمال مصطنع، وما على المرأة إلا أن تطيع كارهة، وتنساق وراء هذه الموضات وإلا فهي متأخرة رجعية!! لا تُساير ما يستجد على ساحة الأزياء، وفي بيوت التجميل! وأنا أدعو المرأة المسلمة إلى تأمل الأمور التالية في موضوع أدوات التجميل: 1- أن نصوص الشرع تدلُّ على أن هذه الأصباغ والمساحيق لا يجوز استعمالها إلا بالشروط الآتية: الأول: ألا تكون بقصد التشبه بالكافرات، إذ لا يجوز للمرأة المسلمة أن تتشبه بالكافرة فيما يختص بها من أمور الزينة. الثاني: ألا يكون هناك ضرر من استعمالها على الجسم، لأن جسم الإنسان ليس ملكًا له. الثالث: ألا يكون فيها تغيير الخلقة الأصلية كالرموش الصناعية، أو الحواجب ونحوهما. الرابع: ألا يكون فيها تشويه لجمال الخلقة الأصلية المعهودة. الخامس: ألا تصل إلى حدِّ المبالغة؛ لأن الإكثار فيها يضر بالبشرة. السادس: ألا تكون مانعة من وصول الماء إلى البشرة عند الوضوء أو الغُسل، وهذا الشرط مفقود في المناكير. 2- إن هذه الوسائل كما هي لعب بعقل المرأة المسلمة، فهي ابتزاز لمال المسلمين، حيث تظل المرأة تلاحق الموضة، وتنفق الأموال الطائلة دون أن تشعر مع طول المدى، ومن مكر القوم أنهم يقولون: إن الأصباغ لا تؤثر على بشرة المرأة هي ذات القيمة العالية!! إن القائمين على بيوت الأزياء ومصانع أدوات التجميل أرادوا أن يكسبوا كسبين في آن واحد: الكسب المادي الفاحش. والكسب الآخر إفساد المسلمين بإفساد المرأة، وإخراجها إلى الطريق فتنة هائجة مائجة، تفتن الرجل وتفتن نفسها معه، غيرت شعرها، عبثت بحواجبها، أطالت أظافرها، نبذت تعاليم الإسلام وراء ظهرها!! 3- إن هذه الأصباغ والمساحيق لها تأثير بعيد المدى على بشرة المرأة، ولاسيما الوجه بما في ذلك العينان والحاجبان. جاء في مجلة "الوعي الإسلامي" مقال للدكتور: وجيه زين العابدين. يتعلق بهذا الموضوع يقول فيه: "فزينة الشعر أن تضع الفتاة عليه مادة لزجة ليقف يسمونها سبراي، وهذا قد يسبب تكسر الشعر وسقوطه، أو قد يسبب أذى في قرنية العين إذا أصابها مباشرة، أو بصورة غير مباشرة كحساسية. وربما استمر علاج هذه الإصابة بضعة أشهر، وقد يسبب صبغ الشعر حساسية للمريض لمادة البروكاتين، كما أن المصابات بحساسية البنسلين أو مادة السلفا يتأثرون جدًّا من أصباغ الشعر فيصبن بتورم حول قاعدة الشعرة، وربما سقط الشعر كله. وأِشَّد هذه المواد خطرًا ما يستعمل لتمويج الشعر بالطريقة الباردة، حيث تستعمل مواد تذيب طبقة الكيراتين فتسبب لها تكسرًا عند تحول الشعر المجعد إلى مسرح. أما المساحيق والدهون التي توضع في الوجه فإنها تعرضه للإصابة بالبثور والالتهابات في الجلد، فيضعف ويصاب بالتجعد الشيخوخي قبل الأوان، وقد يترك التجعد خطًّا بارزًا تحت العين، ولمَّا تبلغ الفتاة بعد العشرين عامًا، وكم من مرة سبَّبت الرموش الصناعية التهابًا بالجفن، أو جاءت الحساسية للجفن من الصبغ الذي يوضع فوقه. وقد يعرض الأحمر الشفاه للتورم أو تيبس جلدها الرقيق وتشققه لأنه يزيل الطبقة الحافظة للشفة. ويُسبِّب أحيانًا صبغ الأظافر تشققًا وتكسُّرًا في الأظافر ويعرضها للالتهابات المتكررة والتشوُّه أو المرض المزمن. إن الإنسان بطبيعته لا بُدَّ أن يجد له الحماية من المؤثرات الخارجية التي تصيبه بحكم حياته في هذه الأرض، والجلد هو خطُّ الدفاع الأول، فبقدر ما تكون عنايتنا بالجلد نستفيد من قواه الدفاعية، ومن المؤسف أن المدينة الحديثة تتعرض لهذه القوى الدفاعية بالأذى عن طريق الإسراف في استعمال أدوات التجميل ومواده". ويقول الدكتور وهبة أحمد حسن -كلية طب جامعة الإسكندرية: "إن إزالة شعر الحواجب بالوسائل المختلفة ثم استخدام أقلام الحواجب وغيرها من مكياج الجلد, لها تأثيرها أيضًا, فهي مصنوعة من مركبات معادن ثقيلة، مثل الرصاص والزئبق تذاب في مركبات دهنية مثل زيت الكاكاو، كما أن كل المواد الملونة تدخل فيها بعض المُشتقَّات البترولية. وكلها أكسيدات مختلفة تضر بالجلد، وإن امتصاص المسام الجلدية لهذه المواد يحدث التهابات وحساسية، أمَّا لو استمر استخدام هذه الماكياجات فإن له تأثيرًا ضارًّا على الأنسجة المكونة للدم والكبد والكُلى، فهذه المواد الداخلة في تركيب الماكياجات لها خاصية الترسُّب المتكامل فلا يتخلص منها الجسم بسرعة. إن إزالة شعر الحواجب بالوسائل المختلفة ينشط الحلمات الجلدية فتتكاثر خلايا الجلد، وفي حالة توقف الإزالة ينمو شعر الحواجب بكثافة ملحوظة، وإن كنا نلاحظ أن الحواجب الأصلية تلائم الشعر والجبهة واستدارة الوج". هذه كلمة الطب الحديث عن أضرار وآثار الإسراف في استعمال أدوات يستعمل في الوجه أو تمويج الشعر بجميع أشكالها وأنواعها مما يصعب حصره، مما يُبيِّن أن المرأة المسلمة مخدوعة أشد الخداع إزاء هذا التيار الجارف من هذه الوسائل التي تهدف إلى إفساد المرأة بتدمير خلقها وشخصيتها، وإفساد الفطرة البشرية، فهل تتأمل المرأة المسلمة في واقعها، وتعرف ما تأخذ وما تذر من وسائل التجميل، وتكون على بصيرة من أمرها؟ 4- جاء في كتاب "الدخيل في اللغة العربية الحديثة ولهجاتها" ما يلي: ماكياج: التجميل، خصوصًا تجميل وجوه الممثلين والممثلات في المسرح والسينما قبل القيام بأدوارهم، وهي كلمة فرنسية الأصل (MAQUILLAGE) وتعني (ماكيلاج) فصارت (ماكياج) مع قليل من التحريف. مانيكير: معالجة أظافر السيدات بالتسوية والصبغ. ويطلق أيضًا على من يتولى هذه العملية. وهي كلمة فرنسية (MANUCURE). هاتان الكلمتان مما دخل في اللغة العربية في عصرنا الحاضر من لغات أوربا وما أكثرها، حتى استقر بعض هذه الألفاظ الدخيلة في لغة الكتابة وبعضها في لغة التخاطب فقط، وإنما أوردت هاتين الكلمتين في هذا الموضوع لتعلم المرأة المسلمة أن الأولى مربوطة بالممثلين والممثلات، والثانية بإطالة الأظافر وتسويتها وصبغها، فهل ترضى مسلمة أن يكون أهل المجون والخلاعة من كفار أوربا قدوة لها؟ 5- إن القيام بعملية التجميل بهذه الأصباغ والمساحيق إضاعة للوقت، إضاعة للحياة فإن الوقت هو الحياة، والمرأة المسلمة يشملها قول الرسول -صلى الله عليه وسلم-: «لا تزول قدما عبد حتى يُسْأَل عن عمره فيم أفناه؟ وعن علمه فيم فعل؟ وعن ماله من أين اكتسبه؟ وفيم أنفقه؟ وعن جسمه فيم أبلاه؟» وفي حديث آخر: «وعن شبابه فيم أبلاه؟». ولا ريب أن المرأة التي تمضي ساعة للعناية بالبشرة، وساعة للأهداب المستعارة والحواجب الصناعية، والعدسات الملونة اللاصقة حسب نوع الثوب، وكذا من الوقت للأظفار، ووقتًا للعناية بالكفين والقدمين، ووقتًا لتسريحة الشعر وتمويجه!! هذه المرأة أضاعت حياتها وقتلت وقتها، وصيرت نفسها دمية أنيقة! لا روح فيها، فهي مُسخَّرة للآخرين، وملهاة للأطفال والمتفرجين من النساء اللاتي مَنَّ الله عليهن بالعقل، والحمد لله على العافية. تظن هذه المرأة أن تبرجها شيء عادي لا يمس عقلها، ولا يؤثر على دينها وخلقها وهذا تصور خاطئ، فإن كل عمل يقوم به الإنسان لا بُدَّ أن يكون له آثار على فكره وعقله ولو بعد حين. فهل نطمع من امرأة مسلمة شرَّفها الله تعالى بدين حفظ لها كرامتها وأنوثتها، وحمى عفتها وجمالها من عبث العابثين، وكيد الكائدين، هل نطمع منها أن تثوب إلى رشدها، وتراجع عقلها، وتعمل بشرع ربِّها وأحكام دينها، وألا تكون معول هدم تُعين القوى الكبرى التي تعمل على ابتزاز أحوال المسلمين، وهدم المجتمعات وتقويض بُنيان الأسرة؟ لا شك أن المرأة بفعلها هذا تؤيد الذين يقفون وراء بيوت الأزياء وأدوات التجميل بإسرافها ومتابعتها، فهي تحثهم على اختراع زي جديد كل يوم، وموضة جديدة! ولو كان على حساب الدين، والعفة والفضيلة، وهذا إفساد للفطرة، وعبث بالخلق، يقضي على حياة الأسرة، ويُزلزل ميزانية البيت ويُشغل المرأة بالتافه من الأمور عما خُلقت له، وكُلِّفت به! خداع الشهرة: وهذا أيضًا نوع من الخداع مورس على المرأة، حيث أوهموها أن الشهرة والوصول إلى الأضواء كفيل بجلب السعادة ودفع القلق والملل والحزن والاكتئاب. فأرادت المرأة أن تصل إلى عتبات الشهرة والمجد والأضواء لتحصل على السعادة. فقالوا لها: إن للشهرة والأضواء ثمنًا ينبغي عليك أن تدفعيه لتحصلي على ما تُريدين. قالت: وما هو الثمن؟ قالوا: أن يكون جسدك ليس ملكًا لك، بل هو ملك الجماهير الذين سيعشقونك ويقدمون لك كل وسائل الدعم التي ستجعل منك امرأة مشهورة يتحدث عنها الناس، وتنتشر صُوَرها في كل مكان. فصدَّقت المسكينة هذا الخداع، وارتدت كل ما هو فاتن مثير. وكشفت عن أدقِّ تفاصيل جسدها، كل ذلك بحثًا عن السعادة والمال الذي هو صانع السعادة عند هؤلاء. وبالفعل وصلت المرأة إلى الشُّهرة والأضواء، وحصلت على الأموال، وأصبحت نجمة في سماء الفن، وتعرفت على أهم الشخصيات. ومع ذلك لم تجد السعادة التي كانت تأمل، بل اكتشفت أنها كانت ضحية عملية خداع مُنظَّم، فأفاقت على هول المأساة، فمنهن من وفَّقها الله للانسحاب من هذا الوسط الموبوء، فابتعدت عن الشهرة، وفارقت الأضواء، وانزوت في بيتها متفرغة لأبنائها وزوجها، مستغفرة لذنوبها، سائلة ربها العفو والمغفرة. ومنهن من لم تتحمل الصدمة فقررت أن تتخلص من هذه الخدعة بأي ثمن ولو بالانتحار. ومنهن من لم تستطع فراق هذا الواقع بعد أن انغمست فيه بكليتها، فاستمرت في المشاركة في مسرحية الخداع، فهذا أفضل عندها من الاعتراف بالفشل والضعف والخطيئة. فمن الصنف الأول: الفنانات والمطربات التائبات، اللاتي تركن حياة الأضواء والأموال والشهرة واعتزلن ما يسمى بالفن نهائيًا إلى غير رجعة، وهؤلاء قصصهن معروفة وقد كتب عنهن الكثير من الكتب والمقالات. أما الصنف الثاني والثالث: فهن الفنانات الغربيات، اللاتي أفقن من سباتهن، وأدركن الوهم الذي كُنَّ يعشن فيه، ولكنهن لم يعرفن الطريق الصحيح للسعادة، وهو طريق الإسلام والعفة والفضيلة، فتباينت ردود أفعالهن، واختلفت طرق معالجتهن للمأساة، إلا أن هذه الطرق جميعها تُنبئ عن تلك الحياة البائسة التي فرضت عليهن. ومن نماذج هؤلاء: داليدا: مغنية مشهورة، أنهت حياتها بالانتحار. لماذا؟ تقول داليدا: "كم أنا نادمة على أنني لم أعش حياة أسرية مستقرَّة. لماذا لم أُفكِّر جديًّا في الزواج بعد طلاقي؟ إنني كنت أريد إنجاب الأطفال، لقد انهمكت انهماكًا كليًا وذبت في حياتي الفنية... لقد خُدعت بهذه الحياة... مللت الشهرة، وأريد أن ارتاح". "الحياة عندي باتت غير محتملة فاعذروني". "الحرية الحقيقية تنبع من داخل الإنسان، فالحرية لا تعني الاستقلالية فحسب؛ إنما التصرف الصحيح، وهذا ما يفتقده الكثيرون الذين يتصرفون بصورة خاطئة تحت بند الحرية". "لقد دمَّرت صحف الإثارة حياتي". "كيف تصف الحقيقة والواقع بأنهما تشاؤم؟ هل تستطيع أن تقول لي عن فائدة دائرة الضوء التي نعيشها؟ أنا لا أجد أي فائدة من الشهرة والأضواء وفلاشات الكاميرات، وأفضل من ذلك أن أحيا الحياة العادية التي أشعر فيها بشخصيتي وكياني، زوجة وربَّة بيت، بعد أن حُرمت نعمة الأمومة, ويمكن أن تعتبر هذا إعادة نظر في حياتي الشخصية". "منذ مدة وأنا أبحث عن السعادة، ولكنها تذهب عني وتهرب مني, لست أدري لماذا". "أرجو أن تصدقني إذا قلت: إنني أفكر جديًا في اعتزال الغناء والسينما والأضواء". "حياتي الخاصة محاصرة بالوحدة. الوحدة الموحشة التي تدفع الإنسان إلى العزلة والاكتئاب، حياة لا تُطاق, لا تطاق". "لن أعيش وحيدة, فالوحدة أمرٌ قاسٍ, سامحوني". من يجرؤ أن يقول إنَّ من قالت الكلمات السابقة امرأة سعيدة؟ وهل سيعجب من يعلم أن قائلة تلك الكلمات قد انتحرت؟! إنها المغنية والممثلة داليدا، انتحرت وهي في الرابعة والخمسين، وكانت قد حاولت الانتحار قبل ذلك، لكنها لم تَمُت إلا في محاولتها الثانية التي شربت فيها علبة كاملة من الحبوب المنومة. هل فقدت سعادتها لأنها أخفقت في حياتها الفنية؟ لقد فازت بخمس جوائز أوسكار، وعشرين ميدالية من بلدان مختلفة، و35 أسطوانة ذهبية، ومُنِحت وسام العلوم والفنون الفرنسي من الدرجة الأولى، وفي العام نفسه (1968م) أهداها الرئيس الفرنسي شارل ديغول ميدالية رئاسة فرنسا، وهي الميدالية التي لم يحصل عليها أحد غيرها. سجَّلت أكثر من (600) أغنية في ثمان لغات، وبيع من أسطواناتها أكثر من (85) مليون أسطوانة. إذن فقد فقدت سعادتها، كما جاء في كلماتها، لأنها لم تعش حياة أُسرية مستقرة، لم تُرزق بالأطفال، لم تجد فطرتها في الشهرة التي سئمتها، والأضواء التي كرهتها، والسينما التي ضجرت منها. لا تخدعنَّكم صور ملونة, وابتسامات! الإعلام يعرض حياة الممثلات الشهيرات، وما وصلن إليه، وما حقَّقنه، وما جمعنه من مال، لكنه قَلَّما يعرض حياة اللواتي حاولن وأخفقن، وجرَّبن وفشلن، وهؤلاء الأخيرات أكثر من الأوليات، لكن المجلات والصحف، ومحطات الإذاعة والتليفزيون، تنصرف عنهن، ولا تعرض فشلهن، ولا تنقل معاناتهن. صاحبات الفضائح: تقول إحدى المجلات الغربية: "النساء اللَّواتي اشتهرن من خلال الفضائح، مثل: جيسياهان، وفون هول، ودونا رايس، لا يحقُّ لهن أن يعلِّقن آمالاً على هذه الشهرة المؤقتة؛ لأنها لن تستطيع أن تقدم لهن ما يحلمن به، فلن يستطعن أن يصبحن ممثلات شهيرات في هوليوود، ولن تستمرَّ وسائل الإعلام في متابعتهن، ولن تكون هذه الشهرة الزائدة وسيلتهن إلى العمل المثمر". ويقول بيتر براون خبير الحياة في هوليوود، وصاحب كتاب "أفضل الحائزين على الأوسكار": أن أحدًا لن يستطيع أن يرى جيسيكا أو فون أو دونا في التلفزيون بعد عشر سنوات، إلا إذا كان ذلك في برنامج من نوع: ما الذي حدث لـ...؟ ويضيف: إن التورط في فضيحة قد يُعطي صاحبتها فرصة المشاركة في مقابلة، أو دورًا صغيرًا في عمل، وبعد ذلك. أين الأموال؟: بل حتى الممثلات اللَّواتي اشتهرن وجمعن المال فإنهن فقدن المال، وربما فقدن معه صحَّتهن وشهرتهن وأزواجهن؛ مثل "آفا غاردنر" التي تزوَّجت كثيرًا من المشاهير إلا أنها لم تستطع الاحتفاظ بأي زوج وبأيِّ مالٍ. بل هي أعلنت في حديث صحفي أنها لم تحب التمثيل يومًا في حياتها، وأنها تقبل العمل بالسينما أو التلفزيون كلما احتاجت للمال ليس إلا. ولعلَّ أحزانها جعلتها تحتسي الخمر حتى تحوَّلت إلى مدمنةٍ وقبضت عليها الشرطة بتهمة قيادة سيارتها وهي مخمورة. وهذه "هيدي لامار" لم تجد من يعطف عليها في محنتها حين فقدت بصرها عامًا كاملاً، ثم أجريت عملية جراحية أعيد إليها بها شيء من بصرها، فهي تستعين بنظارة سميكة العدسات، وتتلمس طريقها بعصا العميان البيضاء، ويقودها كلبها إذا ما نزلت إلى الشارع. ومع أنها كسبت الملايين الدولارات من عملها بالتمثيل، فإنها لم تعد تملك شيئًا، حتى إنها صارت تبيع ملابسها الثمينة قطعة وراء قطعة, كلما احتاجت للنقود, إضافة إلى هذا فقد أُصيبت بمرض نفسي أفقدها القدرة على التركيز. أبناء على طريق الضياع: وأولاد الممثلين والممثلات وبناتهم ليسوا ببعيدين عن أجواء القلق التي يعيش فيها آباؤهم وأمَّهاتهم، وذلك إلى حدٍّ يدفع ببعضهم إلى الانتحار: ماري، ابنة الممثلة جنيفر جونز، التي كانت في العشرين من عمرها عندما قفزت بنفسها من عمارة شاهقة لتلقي حتفها بشكل بشع. وجوناثان ابن الممثل الشهير غريغوري بيك, فقد أطلق على نفسه الرصاص وهو في الثلاثين، وكان يعمل لدى محطة تلفزيون محلية. وابن الممثل الكوميدي دان ديلي, قتل نفسه وكان في السابعة والعشرين. وجينس ابنة الممثل جيس أرنس، تناولت جرعات زائدة من العقاقير، وكانت تعيش في حالة يائسة فوق أحد الكراجات، كما ذكرت أمُّها. لا تخدعنَّكم الصُّور الملونة التي تنشر للممثلين والممثلات، على صفحات الجرائد والمجلات، ووجوههم تعلوها الابتسامات، فخلف هذه الابتسامات قلق وتوتر ومعاناة، وحزن وبكاء وآهات. غريتا غاربو: من المحزن أن يكون المرء وحيدًا. غريتا غاربو ممثلة اعتزلت التمثيل، واعتزلت الناس أيضًا، ليس لإخفاقها في التمثيل، وانفضاض المنتجين والمخرجين عنها؛ فقد كانت أفلامها تحطم أرقامًا قياسية، وكان معجبوها بالملايين. كانت في قمَّة شبابها ومجدها حين اعتزلت، ولم تستطع شركة متروجولدن ماير بسطوتها ومالها ونفوذها أن تعيد الدَّجاجة التي تبيض لها كل يوم ذهبًا إلى حظيرتها. لاموها لأنها تركت الشهرة والمال، دون أن يلجئها أحد إلى ذلك، لكنهم لم يدركوا أنها تركت ذلك كله لأنها لم تجد فيه السعادة. تقول غريتا غاربو: " ظللت طوال عمري هاربة من شخص ما، أو شيء ما، لم يكتب لي أن أنال حياة سعيدة حقيقية ". تضيف غريتا غاربو: "كنت أتمنى أن يكون لي بيت في الريف، فيه ركن للمدفأة، أجلس إليه وأطلق العنان لأحلامي، وطعام بسيط أتناوله كل يوم، وزوج لا يسألني كثيرًا عما أفكر فيه". وعندما نزحت إلى سويسرا لتقيم فيها، سألوها: هل أنت سعيدة بعودتك إلى أوربا؟ ردَّت مستنكرة: سعيدة؟! إنني لم أعرف طعمًا للسعادة. لقد أبدت امتعاضها، بل وغيظها، من أكثر أدوراها التي قدمتها على الشاشة، وتكره المشاعر العاطفية في كل أشكالها, وعبارتها التي تعلق بها على كل شيء: "كل شيء في هذه الحياة تافه!". إنها تهرب من الحياة، الحياة لم تجد فيها السعادة. لهذا كانت قَلَّما تخرج من بيتها بعد اعتزالها وعزلتها. تقول غريتا غاربو: ماذا تكون أهمية نيويورك بالنسبة إلىَّ؟ إنني لم أكن مرتاحة في أي مكان, ولن أكون. من هي الممثلة التي اعتزلت التمثيل وهي في السادسة والثلاثين من عمرها، وعاشت بعد اعتزالها أكثر من خمسين عامًا؟ إنها "غريتا غاربو" السويدية التي نزحت إلى الولايات المتحدة في التاسعة عشر من عمرها، لتغزو هوليوود وتصبح -كما وصفوها- أسطورة بجمالها الأخَّاذ، وجرأتها في أداء الأدوار، وتقمص الشخصيات، وفي غموضها الذي أحاطت به نفسها وحياتها الشخصية. كانت الأولى في السينما الصامتة، وبقيت الأولى في السينما الناطقة، لكنها مع ذلك تركت هذا كلَّه فجأة؛ لأنها كما أوضحت هي, لم تجد السعادة في كل الشهرة التي كانت فيها، ولا مع الجمال الذي تميزت به، ولا في المال الوافر الذي كان يأتيها من التمثيل. لقد افتقدت غريتا غاربو سعادتها؛ لأنها لم تجد فطرتها في هذا كلِّه، ولستُ مغاليًا إذا قلت أنها كانت ستجد فطرتها، ومن ثم سعادتها، في الإسلام، لو كان هناك من يعرض عليها حقيقته. قالت في رسالة كتبتها إلى صديقة: "من المحزن أن يكون المرء وحيدًا، ولكن في بعض الأحيان يكون الاختلاط أصعب". توفيت في عام (1990م) عن عمر يناهز 84 عامًا. يتبع إن شاء الله... |
| | | أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| موضوع: رد: سلسلة الخداع.. والمرأة المسلمة الخميس 27 أكتوبر 2011, 8:30 am | |
| احذري المجد! وهذه ممثلة أمريكية كتبت رسالة تبيِّن فيها التَّعاسة التي لحقتها عندما التحقت بالتمثيل، وتحذر منه، فتقول موجهة تلك الرسالة إلى فتاة أرسلت إليها تطلب نصيحتها عن الطريق إلى التمثيل، تقول: "احذري المجد. احذري كل ما يخدعك بالأضواء، إني أتعس امرأة على هذه الأرض، لم أستطع أن أكون أُمًّا، إني امرأة أُفَضِّل البيت والحياة العائلية على كل شيء، إن سعادة المرأة في الحياة الشريفة الطاهرة، بل إن هذه الحياة لهي رمز سعادة المرأة، بل الإنسانية!". التمثيل جنون: * وممثلة غربية أخرى تصف حياة التمثيل بأنها جنون، تقول: لقد عشت عشر سنوات مجنونة، اتَّسمت بالتجاوزات والإفراط، وفي تلك الفترة زالت كل أوهامي، والشهرة التي حققتها كانت مجرد صدفة وسوء فهم، أمَّا الصفة التي ألصقها بي الجمهور وأجهزة الإعلام، فلم أكن أرغب فيها، لكن كل هذا حدث لي رغمًا عني. لقد سئمتهم -تعني الرجال- فلم أعد أنتظر منهم شيئًا، ولديَّ الانطباع بأنني فقدت أنوثتي تمامًا. العالم يُصرُّ أن أكون عارية، وأنا أفضل الاحتفاظ بملابسي، حتى لو انصرف عني رجال الإنتاج فلن أتراجع عن القرار الذي اتخذته!! ممثلة فرنسية تنتفض أمام الكاميرا: * وتروي الأخبار لنا كيف انتفضت ممثلة فرنسية أمام الممثل والمخرج كالأسد المفترس، فوصفتهم بأنهم كلاب لا يريدون إلا جسدها، ثم تنفجر بالبكاء، تقول الرواية: "بينما كانت ممثلة فرنسية تمثل مشهدًا عاريًا أمام الكاميرا ثارت ثورة عارمة تُنبئ برجوعها عن هذا الفساد، لقد صاحت في وجه الممثل والمخرج قائلة: أيها الكلاب، أنتم الرجال، لا تريدون منا نحن النساء إلا أجسادنا حتى تصبحوا من أصحاب الملايين على حسابنا، ثم انفجرت باكية!". التمثيل مأساة: * وممثلة فرنسية أخرى تصف حياتها السابقة في التمثيل بأنها مأساة وأنها هي نفسها كانت سافلة، قد ظهرت في التلفاز الفرنسي تروي أخبارها بصوت حزين والدموع تملأ عينيها وهي تقول: "إن العمر يمضي بالإنسان ليصبح عجوزًا وحيدًا، ويموت في هدوء بعيدًا عن الأضواء والشهرة، إنها مأساة وحدتي، ولك أن تتصورني وحيدة في الليل أتمدد على سريري وأبكي وصدقني، إن ألف رسالة إعجاب وتأييد لا تساوي ذراع رجل -زوج- تحيطني وتشجعني على مجابهة الأيام, إنها حياة قاسية, ولك أن تتصور كيف تمضي أيامي وليالي وأنا أبكي. كنت غارقة في الفساد الذي أصبحت في وقته رمزًا له، لكن المفارقة أن الناس أحبوني عارية، ورجموني عندما تُبت، عندما أشاهد الآن أحد أفلامي السابقة فإني أبصق على نفسي، وأقفل الجهاز فورًا, كم كنت سافلة!!". خداع التشبُّه: وخدعوها أيضًا حينما زيَّنوا لها مسألة التشبُّه بالرجال، فأوهموها أن ذلك التشبُّه يزيدها جمالاً وجاذبية، ويجعلها مثارًا للإعجاب، وصدَّقت المسكينة هذه الفرية فتشبهت بالرجال في لباسه ومشيته وقصة شعره وطريقة كلامه، وجهلت أو لم تجهل أن ذلك محرم، بل من الكبائر التي تستحق من تفعله اللعن والطرد من رحمة الله إن ماتت على ذلك. قال الشيخ خالد الشايع: "أما نهي المرأة عن تشبهها بالرجال فقد تضافرت النصوص في النهي عنه، وفي ذلك قوله -صلى الله عليه وسلم-: «ثلاثة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة: العاق لوالديه، والمرأة المترجلة المتشبهة بالرجال، والديوث» [رواه النسائي وصححه الألباني]. وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: «لعن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-المتشبهين من الرجال بالنساء، والمتشبهات من النساء بالرجال» [رواه البخاري]. وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: «لعن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الرجل يلبس لبسة المرأة، والمرأة تلبس لبسة الرجل» [رواه أبو داود وصححه الألباني]. فهذه الأحاديث واضحة الدلالة في تحريم تشبه النساء بالرجال -وكذا العكس- سواء كان ذلك التشبه في لبس أو حركات أو كلام أو نحو ذلك. ولذا فإن من فعل شيئًا من هذه الأمور فقد ارتكب كبيرة من كبائر الذنوب. والعياذ بالله. والمرأة المتشبهة بالرجال تكتسب من أخلاقهم حتى يصير فيها من التبرج والبروز ومشابهة الرجال ما قد يفضي ببعضهن إلى أن تأتي من الأفعال ما ينافي الحياء والاستتار المشروع للنساء. وإن المرء ليتملكه العجب حين يسمع عن بعض النساء اللاتي يسلكن هذا المسلك، ويسترجلن في لبسهن وهيئاتهن وحركاتهن وغير ذلك، فهذا من تنكس الفطرة وعلامات الضلال والشقاء والانحراف العظيم. والأعجب من ذلك أن من النساء من تفرح بمخالطة هذا الصنف من النساء المنحرفات أو لا تمانع في مخالطته، وهذا فيه من الخطر الشيء الكبير على أخلاق أولئك الفتيات وسلوكهن وتوجهاتهن. والواجب على الجميع الحذر من مثل هذه الفتن والتوبة إلى الله مما سبق الوقوع فيه مع لزوم البعد عن مواطن تلك الفتن والاحتراس منها ومن أهلها. ومن مظاهر وصور التشبه – تشبه النساء بالرجال: قصَّات الشعر المشابهة للذكور وإن استمرأتها النساء وتساهلن بها، وكذلك مشابهة النساء للرجال في اللبس، ومن أخطر ذلك أن بعض النساء يلبسن "البنطلون" عند خروجهن من البيت إلى مناسبة أو إلى السوق، وهذا أمر لا يجوز لوجود المشابهة بالرجال وكذلك لأنه من أنواع التبرج والسفور والفتنة وإن تحجج بعض النساء أنهن يلبسنه واسعًا فضفاضًا، ومن فوقه العباءة عند المرور بالرجال، فإن ذلك لا يبرر لبس "البنطلون" لما في لبسه من إيذان بفتح باب فتنة لا يُغْلق -إلا أن يشاء الله- علاوة على ما فيه من تشبه بالرجال والكافرات والفاسقات. فالواجب على المرأة المسلمة العفيفة أن تتجنب هذا النوع من اللباس خشية لله تعالى وبعدًا عن أسباب الفتن، وتجنبًا للإثم الذي تكسبه بسبب هذا اللبس المتبرج، حتى ولو كان لبسها "البنطلون" أمام النساء, فعِلَّة النهي باقية، فهو ممنوع أيضًا ومنهي عنه، بخلاف لبسها "البنطلون" أمام زوجها فحسب فلا حرج فيه، بشرط ألا يكون القصد من لبسه تقليد الفاسقات أو الكافرات أو الرجال، فإن الأعمال بالنيات. أما ما يعمد إليه بعض النساء من التشبُّه بالكافرات أو الفاسقات والمنحلَّات من الممثلات والمغنيات وأضرابهن؛ فلا ريب أنه مما يُنافي الحشمة والعفاف، وهو دليل على نقص الإيمان والخواء الفكري، إذ أن التشبه بذلك الصنف من النساء إنما هو تقليد لنخالة المجتمعات وأسافلها، حيث أن أولئك النسوة من رموز الانحطاط والانحراف، علاوة على الرذائل والفواحش. ثم إن التشبه بالكافرات والفاسقات إنما صدر بسبب الميل إليهن ومحبة أخلاقهن، وهذا يُؤذن بأن يُجْعَلَ من اتَّصف بهذا الوصف مشاركًا لهم في المآل في الدار الآخرة، وقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «لا يحب رجل قومًا إلا جاء معهم يوم القيامة» [رواه أحمد وصححه الألباني]. وهذا عامٌّ في الرجال والنساء، وعامٌّ في محبة أهل الخير وأهل الشر. وفي التشبه بأولئك النساء خطر على العقيدة علاوة على خطره على الآداب والسلوك، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: «من تشبه بقوم فهو منهم» [رواه أبو داود وصححه الألباني]، فظاهر هذا الحديث أن يكون المتشبه أو المتشبهة مستحقًا لأن يوصف بالكفر أو الفسق بحسب حال من تشبَّه به، وأقلُّ أحواله أنه من كبائر الذنوب. والواجب -بكل حال- على كل مسلمة أن تكون معتزة بدينها وأخلاقها، وأن تعد الكافرات والفاسقات المنحلات مصدر أذى المسلمين وخاصة اليهود أن يغزو المرأة المسلمة بالتقليد والتشبُّه بالكافرات والفاسقات ليفسدوا دينها وأخلاقها". دمعة غدير: كم بكيت لأن فستاني لا يعجب الحاضرات..!! كم بكيت لأن فريقي المفضل خسر المباراة..!! كم بكيت لضياع النسخ الأصلية لأشرطة غناء فناني المفضل..!! كم بكيت لأن تجعيد شعري لم يعجب الحاضرات..!! كم بكيت.. وبكيت.. كدت أنتهي.. وبكائي لا ينتهي.. كنت أبحث بحثًا عن السعادة.. وبينما أنا في دياجير الظلام.. وصحاري التيه.. هداني ربي إلى بصيص من النور.. ساقه إلىَّ عبرَ شريط إسلامي.. كان بالنسبة لي نقطة تحول.. أسأل الله أن يُحَرِّم اليدَ التي قدمته لي على النار. * بفضل الله عدت.. وما أجملها من عودة.. وبفضل الله حييت.. وما أجملها من حياة.. وبفضل الله بكيت.. وما أجمله من بكاء.. بكيت حسرة وندمًا على الماضي.. على أيام الغفلة والضياع.. * دمعة الماضي دمعة.. ودمعة الحاضر دمعة.. لكن شتان بينهما.. دمعة الماضي عذاب.. وإحباط.. أخشى أن تكون حسرة علىَّ يوم القيامة.. ودمعة الحاضر خشية.. وسعادة.. وسمُوّ.. وأُنس.. أرجو أن تكون سببًا في أن يظلني الله في ظله يوم لا ظلَّ إلا ظلُّه. خطر الأزياء والموضة: هل ما تلبسه كثير من بناتنا ونسائنا هو اللباس الشرعي الذي ارتضاه الله ورسوله لنا؟ أبدًا وعزَّة ربنا. إنه يخرج من دور الأزياء -وإن شئت فارفع الهمزات وأبدل الياء نونًا- أتلك الدور في بلاد المسلمين؟ إنها الدور الباريسية الخالعة والبيوت اللندنية المنحلة. والمدهش المحزن أن بعض نسائنا في بعض بلاد المسلمين قد تُفصِّل الأزياء قبل أن تُفصَّل في فرنسا وبريطانيا وغيرها. إن الأزياء مظهر من مظاهر التغريب ووسيلة من وسائله. ولذلك جاء شاعرنا ليقول متحدثًا عن الأزياء وعن اللباس الذي يُرى على نساء المسلمين، وأصبح أمرًا غير مستنكر حتى لدى بعض الموسومين بالخير، فتراه يُلبس بنته إلى حد الركبتين ويقول إنها صغيرة: إن الرماح إذا عدَّلْتَها اعتدلت ولا تلينُ إذا كانت من الخشب ويقول غيره: وينشأ ناشئ الفتيان فينا على ما كان عوَّده أبوه وها هو شاعرنا يقول: لحد الرُّكبتين تُشمِّرينا بربك أي نهر تعبرينا كأن الثوب ظل في صباح يزيد تقلُّصًا حينًا فحينا تظُنِّين الرجال بلا شعور لأنك ربما لا تشعرينا إن هذه الأزياء لا تخلو من أمور تجعلها في زاوية الحظر الشرعي. فمثلاً: * التعري الفاضح في بعض هذه الأزياء، ومن أراد التحقق من هذا اللون من ألوان الانحلال فليكاشف مجلات الحياكة ومشاغل الخياطة. * محبة النساء الكافرات والإعجاب بهن وهذا قادح في كمال عقيدة المسلم والمسلمة. * التشبه باليهود والنصارى وغيرهم وهذا باب أوسع من أن يُبسط. * التشبه بالرجال في اللباس ولا نزال نسمع بالأزياء الولاّدية. هذا فضلاً عن انتهاب ثروات الأمة وجعل بعض نسائها تلهث وراء هذه الأزياء وتنسى مهمتها الأساس. هذه القضية يكفي أن أقرأ هذا النص عليكم، يقول فورد اليهودي: "إن اليهود من أجل تحقيق غاياتهم قد سيطروا على ثلاثة أمور منها الأزياء". الأزياء يعترف اليهود أنها واحدة من ثلاث وسائل لتغريب فتياتنا. قضية اللباس كما قالت شاعرة غيورة: يا بنت عمِّي التي جادت بملبسها عن المقاييس آذيت المقاييس آذيت بالملبس المبتور فاطمة بنت النبي كما آذيت بلقيس إبليس راضٍ وحزب الله في غضب على التي فاخرت في حبِّ إبليس هذه هي الأزياء، وكثير من الأحباب الطيبين لا يتصور أن امرأته أو بنته حين تقف أمام الخياط يبذل لها مادة غربية، يغرب فيها أخلاقها، يقول: ثوب ماذا فيه؟ نعم قد لا يكون قصيرًا ولكنه أسوأ من القصير، ثوب عجيب ضيق مشقق مفتوح الصدر قصير الكمين، ماذا تريدون أكثر من ذلك، "كاسيات عاريات" العنوهن فإنهن ملعونات؟ لا يدخلن الجنة ولا يرحن ريحها. وأما عن التشبُّه فحدِّث عن البحر ولا حرج، ويكفي في هذا: «من تشبه بقوم فهو منهم». أما العطور فكلُّ يوم تأتينا صرعة من صرعات العطور تبتذل المرأة فيها أيما ابتذال وتنهب جيوب بناتنا ونسائنا لتنقل إلى خزائن الناهبين. إن من تمعن في وسائل الإعلام فسيجد من الدعاية للعطور ما يحيره ويجعله يتساءل: لماذا تفجَّرت الدعاية للعطور فجأة؟ هل هذا يعني أن وسائل التغريب الأخرى قد سبقته فهو يحاول اللحاق بها أم ماذا؟ أما محلات الكوافير والتجميل: فهذه الأماكن من المواضع الغريبة على المجتمع المسلم، فعن القصات لا تسأل, وسل عن أي العاهرات التي تنعت بها هذه القصة؛ لتعلم إلى أين وصل الحال ببعض -وأقوال بعض- فتياتنا. إن تلك المآسي المنعوتة بالكوافيرات لتوحي لنا إلى أي مدى وصلت حفيدات الفاتحين وسليلات المجد من الصين إلى الأندلس. يحق لنا أن نبكي بدل الدموع دمًا إذا رأينا الفرق بين امرأة تقص ضفائرها لتكون لجامًا لخيل الله المسرجة وامرأة تقص ضفائرها لتكون أشبه بالغانية. فنانة تكشف عملية الخداع: هناء ثروت ممثلة مشهورة عاشت في "العفن الفني" فترة من الزمان، ولكنها عرفت الطريق بعد ذلك فلزمته، فأصبحت تبكي على ماضيها المؤلم، بعد أن تكشفت أمامها خيوط مؤامرة الخداع والأكاذيب التي وقعت تحت تأثيرها فترة من الزمن. تروي قصتها فتقول: أنهيت أعمالي المنزلية عصر ذاك اليوم، وبعد أن اطمأننت على أولادي، وقد بدأوا في استذكار دروسهم، جلست في الصالة، وهممت بمتابعة مجلة إسلامية حبيبة إلى نفسي، ولكن شيئًا ما شد انتباهي، أرهفت سمعي لصوت ينبعث من إحدى الغرف، وبالذات من حجرة ابنتي الكبرى، الصوت يعلو تارة ويغيب بعيدًا تارة أخرى. نهضت بتعجل لأستبين الأمر، ثم عدت إلى مكاني باسمة عندما رأيت صغيرتي ممسكة بيدها مجلدًا أنيقًا تدور به الغرفة فرحة، وهي تلحن ما تقرأ، لقد أهدتها إدارة المدرسة ديوان "أحمد شوقي" لتفوقها في دراستها، وفي لهجة طفولية مرحة كانت تردد: خدعوها بقولهم حسناء والغواني يَغُرُّهنَّ الثَّناءُ لا أدري لماذا أخذت ابنتي في تكرار هذا البيت، لعله أعجبها, وأخذت أردده معها، وقد انفجرت مدامعي تأثرًا وانفعالاً. أناملي الراعشة تضغط بالمنديل الورقي على دموعي المتهطِّلة كي لا تفسد صفحات اعتدت تدوين خواطري وذكرياتي في ثناياها، وصوت ابنتي لا يزال يردد بيت شوقي: "خدعوها"؟! نعم، لقد مُورست علي عمليات خداع، نصبتها أكثر من جهة. تعود جذور المأساة إلى سنوات كنت فيها الطفلة البريئة لأبوين مسلمين، كان من المفروض عليهما استشعار المسؤولية تجاه وديعة الله لديهما -التي هي أنا- بتعهدي بالتربية وحسن التوجيه وسلامة التنشئة، لأغدو بحق مسلمة كما المطلوب، ولكن أسأل الله أن يعفو عنهما. كانا منصرفين، كل واحد منهما لعمله، فأبي -بطبيعة الحال- دائمًا خارج البيت في كدح متواصل تاركًا عبء الأسرة لأُمِّي التي كانت بدورها موزعة الاهتمامات ما بين عملها الوظيفي خارج المنزل وداخله، إلى جانب تلبية احتياجاتها الشخصية والخاصة، وبالطبع لم أجد الرعاية والاعتناء اللازمين حتى تلقفتني دور الحضانة، ولما أبلغ الثالثة من عمري. كنت أعيش في قلق وتوتر وخوف من كل شيء، فانعكس ذلك على تصرُّفاتي الفوضوية الثائرة في المرحلة الابتدائية في محاولة لجذب الانتباه إلي شخصي المهمل "أُسريًّا" بيد أن شيئًا ما أخذ يلفت الأنظار إليَّ بشكل متزايد. أجل، فقد حباني الله جمالاً، ورشاقة، وحنجرة غريدة، جعلت معلمة الموسيقي تلازمني بصفة شبه دائمة، وتجعلني أقوم بالأدوار الغنائية -الراقصة منها والاستعراضية- التي أشاهدها في التلفاز، حتى غدوت أفضل من تقوم بها في الحفلات المدرسية، ولا أزال أحتفظ في ذاكرتي بأحداث يوم كُرِّمت فيه لتفوقي في الغناء والرقص والتمثيل على مستوى المدارس الابتدائية في بلدي، احتضنتني "الأُم ليليان" مديرة مدرستي ذات الهوية الأجنبية، وغمرتني بقبلاتها قائلة لزميلة لها: لقد نجحنا في مهمتنا، إنها -وأشارت إليَّ- من نتاجنا، وسنعرف كيف نحافظ عليها لتكمل رسالتنا!! لقد صور لي خيالي الساذج آنذاك أني سأبقى دائمًا مع تلك المعلمة وهذه المديرة، وأٍسعدني أن أجد بعضًا من حنان افتقدته، وإن كنت قد لاحظت أن عطفهما من نوع غريب، تكشفت لي أبعاده ومراميه بعدئذ، وأفقت على حقيقة هذا الاهتمام المستورد!! صراحة، لا أستطيع نكران مدى غبطتي في تلك السنين الفائتة، وأنا أدرج من مرحلة لأخرى، خاصة بعد أن تبنَّاني أحد مخرجي الأفلام السينمائية كفنانة (!!) دائمة وسط اهتمام إعلامي كبير بي! كما أخذت أُمِّي تفخر بابنتها الموهوبة (!!) أمام معارفها، وصويحباتها، وتكاد تتقافز سرورًا وهي تتملَّى صُوَري على شاشة التلفاز، جليسها الدائم. كانت تمتلكني نشوة مسكرة، وأنا أرفل في الأزياء الفاخرة والمجوهرات النفيسة والسيارات الفارهة، كانت تطربني المقابلات، والتعليقات الصحفية، ورؤية صُوَري الملونة، وهي تحتل أغلفة المجلات، وواجهات المحلات، حتى وصل بي الأمر إلى أن تعاقد معي متعهدوا الإعلانات والدعايات، لاستخدام اسمي -اسمي فقط- لترويج مستحضراتهم وبضائعهم! كانت حياتي بعمومها موضع الإعجاب والتقليد في أوساط المراهقات، وغير المراهقات على السواء، وبالمقابل كان تألقي هذا موطن الحسد والغيرة التي شبَّ أوارها في نفوس زميلات المهنة –إن صح التعبير- وبصورة أكثر عند مَن وصل بهن قطار العمر إلى محطات الترهُّل، والانطفاء، وقد أخفقت عمليات التجميل في إعادة نضارة شبابهن، فانصرفن إلى تعاطي المخدرات، ولم يتبقَ من دنياهن سوى التشبث بهذه الأجواء العفنة، وقد لُفِظْنَ كبقايا هياكل ميتة في طريقها إلى الزوال. قد تتساءل صغيرتي: وهل كنت سعيدة حقًّا يا أُمِّي؟!! ابنتي الحبيبة لا تدري بأني كنت قطعة من الشقاء والألم، فقد عرفت وعشت كل ما يحمل قاموس البؤس والمعاناة من معانٍ وأحداث! إنسانة واحدة عايشت أحزاني، وترفقت بعذاباتي في رحلة الشقاء "المبهرجة" وعلى الرغم من أنها شقيقة والدتي إلا أنها تختلف عنها في كل شيء، ويكفيها أنها امرأة فاضلة، وزوجة مؤمنة، وأم صالحة. كنت ألجأ إليها بين الحين والآخر، أتزود من نصائحها وأخضع لتحذيراتها، وأرتضي وسائلها لتقويم اعوجاجي، وهي تحاول فتح مغاليق قلبي ومسارب روحي بكلماتها القوية ومشاعرها الحانية، ولكن -والحق يقال- كان شيطاني يتغلب على الجانب الطيب الضئيل في نفسي لقلة إيماني، وضعف إرادتي، وتعلقي بالمظاهر، وعلى الرغم من هذا لم يكن بالمستطاع إسكات الصوت الفطري الصاهل، المنبعث في صحراء قلبي المقرور. بات مألوفًا رؤيتي ساهمة واجمة، وقد أصبحت دمية يلهو بها أصحاب المدارس الفكرية -على اختلاف انتماءاتها العقائدية- لترويج أغراضهم ومراميهم عن طريق أمثالي من المخدوعين والمخدوعات، واستبدالنا بمن هم أكثر إخلاصًا، أو إذا شئت "عمالة". في هذا الوسط الخطر، والمسؤول عن الكثير من توجهات الناس الفكرية وجدت نفسي شيئًا فشيئًا أسقط في عزلة نفسية، زاد عليها نفوري من أجواء الوسط الفني -كما يُدعي!!- معرضة عن جلساته، وسهراته الصاخبة التي يرتكب فيها الكثير من التفاهات والحماقات باسم الفن أو الزمالة!! لم يحدث أن أبطلت التعامل مع عقلي في ساعات خُلوتي لنفسي، وأنا أحاول تحديد الجهة المسؤولة عن ضياعي وشقائي، أهي التربية الأُسرية الخاطئة، أم التوجيه المدرسي المنحرف؟ أم هي جناية وسائل الإعلام؟ أم كل ذلك معًا؟!! لقد توصَّلتُ -أيامها- إلى تصميم وعزم يقتضي تجنيب أولادي -مستقبلاً- ما ألقاه من تعاسة مهما كان الثمن غاليًا، إذ يكفي المجتمع أني قُدِّمت ضحية على مذبح الإهمال والتآمر والشهوات، أو كما تقول خالتي: على دين الشيطان. وفجأة، التقينا على غير ميعاد. كان مثلي، دفعته نزوات الشباب -كما علمت بعدئذ- إلى هذا الوسط ليصبح نجمًا -وعذرًا فهذه اصطلاحاتنا آنذاك- ومع ذلك كان يفضل تأدية الأدوار الجادة -ولو كانت ثانوية- نافرًا من التعامل مع الأدوار النسائية. ومرَّة احتفلت الأوساط الفنية والإعلامية بزيارة أحد مشاهير "هوليوود" لها، واضطررت يومها لتقديم الكثير من المجاملات التي تُحَتِّمها مناسبة كهذه!! وانتهزت فرصة تبادل الأدوار وتسللت إلى مكان هادئ لالتقاط أنفاسي، لمحته جالسًا في مكان قريب مني، شجَّعني صمتُه الشارد أن أقتحم عليه عزلته. سألته -بدون مقدمات- عن رأيه في المرأة لأعرف كيف أبدأ حديثي معه. أجابني باقتضاب أن الرجل رجل، والمرأة امرأة، ولكل مكانه الخاص، وفق طبيعته التي خلق عليها. استرسلت في التحادث معه، وقد أدهشني وجود إنسان عاقل في هذا الوسط! فهمت من كلامه أن سيضحي -غير آسف- بالثراء والشهرة المتحصلين له من التمثيل، وسيبحث عن عمل شريف نافع، ويستعيد فيه رجولته وكرامته. لحظتها قفز إلى خاطري سؤال عرفت الحياء الحقيقي وأنا أطرحه عليه. لم يشأ أن يحرجني يومها، ولكن مما وعيت من حديثه قوله "إذا تزوجت فستكون زوجتي أمًّا وزوجًا بكل معنى الكلمة، فاهمة مسؤولياتها وواجباتها، وستكون لنا رسالة نؤديها نحو أولادنا لينشئوا على الفضيلة والاستقامة، كما أمر الله، بعيدًا عن المزالق والمنعطفات، وقد عرفت مرارة السقوط وخبرت تعاريج الطريق". وقال كلامًا أكثر من ذلك: أيقظ فيَّ الصوت الفطري الرائق، يدعوني إلى معراج طاهر من قحط القاع الزائف إلى نور الحق الخصيب، وأحسست أني أمام رجل يصلح لأن يكون أبًا لأولادي، على خلاف الكثير ممن التقيت، ورفضت الاقتران بهم. وبعد فترة، شاء الله وتزوجنا. وكالعادة كان زواجنا قصة الموسم في أجهزة الإعلام المتعددة، حيث تتعيش دائمًا على مثل هذه الأخبار. ولكن المفاجأة التي أذهلت الجميع كانت بإعلاننا -بعد زيارتنا للأراضي المقدسة- عن تطليق حياة الفراغ والضياع والسوء، وأني سألتزم بالحجاب، وسائر السلوكيات الإسلامية المطلوبة إلى جانب تكريس اهتمامي لمملكتي الطاهرة -بيتي المؤمن- لرعاية زوجي وأولادي طبقًا لتعاليم الله ورسوله. أمَّا زوجي فقد أكرمه الله بحسن التفقه في دينه، وتعليم الناس في المسجد. أولادي الأحباء لم يعرفوا بعد أن أباهم في عمامته، وأمهم في جلبابها، كانا ضالين فهداهما الله، وأذاقهما حلاوة التوبة والإيمان. خالتي المؤمنة ذرفت دموعها فرحة، وهي ترى ثمرة اهتمامها بي في الأيام الخوالي، ولا تزال الآن تحتضنني كما لو كنت صغيرة، وتسأل الله لي الصبر والثبات أمام حملات التشهير والنكاية التي استهدفت إغاظتي بعرض أفلامي السافرة التي اقترفتها أيام جاهليتي، على أن أعاود الارتكاس في ذاك الحمأ اللاهب وقد نجَّاني الله منه. ومن المضحك أن أحد المنتجين، عرض على زوجي أن أقوم بتمثيل أفلام، وغناء أشعار يلصقون بها مسمى "دينية"!!! ولا يعلم هؤلاء المساكين أن إسلامي يربأ بي عن مزاولة ما يخدش كرامتي أو ينافي عقيدتي. نعم، لقد كانت هجرتي لله، وإلى الله، وعندما تكبر براعمي المؤمنة، سيدركون إن شاء الله لِمَ وكيف كنت؟! وتندفع صغيرتي إلى حجري بعد الاستئذان، وأراها تضع بين يدي الديوان، تسألني بلهجة الواثق من نفسه أن أتابع ما حفظت من القصيدة، وقبل أن أثبت بصري على الصفحة المطلوبة، اندفعت في تسميعها: خدعوها بقولهم حسناء والغواني يَغُرُّهُنَّ الثَّناءُ * * * لبست ثوب الرجا والناس قد رقدوا وبتُّ أشكو إلى مولاي ما أجدُ وقلت يا أملي في كل نائبة ومن عليه لكشف الضر أعتمدُ أشكو إليك أمورًا أنت تعلمها ما لي على حملها صبر ولا جلدُ وقد مددت يدي بالذل مُبتهلاً إليك يا خير من مُدَّت إليه يدُ فلا ترُدَّنَّها يا ربِّ خائبة فبحر جود يروي كل من يردُ يتبع إن شاء الله... |
| | | أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| موضوع: رد: سلسلة الخداع.. والمرأة المسلمة الخميس 27 أكتوبر 2011, 9:18 am | |
| صديقتي والشيطانة: تعرفت في فترة دراستي على أحدى الفتيات، كانت مثالاً في الأخلاق والجمال والاجتهاد، بالإضافة لتمسكها بدينها لدرجة أني أعتبرها مثلاً أعلى للفتاة المسلمة. وفي يوم من الأيام أثناء جلوسنا في مطعم الجامعة، جاءنا الشيطان في صورة فتاة لا تعجبنا من حيث الهيئة أو حتى كلامها، وأخذت تماطل في الحديث وقالت: "لِمَ أنتما وكأنكما نائمتان في هذا العالم؟! فلم أر منكما واحدة صبغت شعرها أو لبست عدسة لتصبح أجمل! وأخذت تسترسل ولم أستطع أن أجلس معها, وحاولت أن آخذ صديقتي ولكنها جلست معها ورفضت الذهاب معي لقاعة المحاضرات، وفي اليوم التالي سألت عن صديقتي التي نادرًا ما تغيب عن الجامعة فلم أجدها، واستمر الحال أكثر من أسبوع... وأثناء توجُّهي لقاعة المحاضرات اندهشت عندما رأيت صديقتي مع هذه الفتاة الشريرة، وعندما نظرت إليها فإذا شعرها قد قص وصبغ بلون أصفر فبدت وكأنها واحدة لا أعرفها بتاتًا... أهذه صديقتي العاقلة التي كان يضرب بها المثل؟! نعم, لقد انقلب حالها وأصبحت تضع سماعة المسجل في أذنيها، وتضع كل أنواع وألوان المساحيق في وجهها، وتلبس بلوزة عليها رسومات خليعة يخجل الإنسان من مشاهدتها ولم تكن تألف هذه الأشياء التافهة من قبل... وقالت: لقد كنت خلال الأسبوع الماضي في إحدى الدول الأوروبية لأني وجدت أن صديقتي "الشريرة" معها كل الحق فيما قالته لنا من قبل، فلن أكون متأخرة العقلية جاهلة! لقد أصبحت مواكبة لعصري متقدمة! أتعرفين أن هذه البلوزة آخر صيحة لهذا العام وتسريحتي أحدث قصة في أوروبا؟! وقلت لها: ما الذي غيرك؟ وأين عقلك؟ وأخلاقك وعلمك أتجاهلت كل هذا من أجل الموضة؟ إن منظرك مضحك جدًّا... مهرج؟ فاحمرَّ وجهها وبدا عليها الغضب, نعم لقد تغير جلدها وتكاد ملابسها تتمزق من شدة الضيق والقصر؟ ألهذه الدرجة تلعب الموضة بأفكارنا؟ ألهذه الدرجة نكون ضعفاء...؟ ولم تسمع لكلامي ولنصحي، وبشتى الطرق حاولت إقناعها بالعودة إلى رشدها وخلقها وحيائها ولكن كلامي ذهب أدراج الرياح، إلى أن جاء يوم وجدتها تبكي بحرقة شديدة وقد وضعت على رأسها منديلاً أبيض على غير العادة... واقتربت منها لأعرف السبب فكشفت لي رأسها، فبدا لي وكأنه قد حُرِق؟ فسألتها ما الذي فعل بك هذا؟ فأجابتني والدمع ينهمر قائلة: لقد أعارتني صديقتي الشريرة الكثير من مجلات الأزياء, وجعلتني أُفصِّل الكثير من الملابس الضيقة والقصيرة... ثم باعتني زجاجة بها سائل أحمر وقالت لي: هذه هي وصفة آخر التسريحات وأنها من أوروبا... وما إن وضعت السائل على رأسي حتى تساقط شعري بفظاعة... فندمت على كل ما فعلته... لقد خسرت كل شيء، خسرت ديني, وخلقي وحيائي, وصديقاتي... نعم, لقد عادت من رحلة اللهو والضياع إلى نور الحق والحياء والعقل قبل أن تسقط في براثن الرذيلة... إلى متى الغفلة؟!... حياتي كلها كانت مختلطة متبرجة، عشتها كما أردتها لنفسي، وكنت أصرف دخلي الشهري على الملابس الضيقة والقصيرة وأصباغ المكياج التي ألطخ بها وجهي كلما أردت الخروج، ولا أشتري إلا أغلي العطور حتى أن الجميع يشم رائحتي من على بعد مسافة... وكنت مغرمة باتباع ما تجلبه الموضة من قصات الشعر وتسريحاته ولا أرضي بديلاً... وكنت أرتاد الرحلات ونقضيها في الغناء المحرم والمزاح والاختلاط وهذا -والله- ما يريده أعداء الإسلام بشباب المسلمين، يريدون منهم أن يكونوا كالبهائم العجماوات لا هم لهم إلا البحث عن الشهوات، وأذكر مرة أثناء إحدى الرحلات كنا نغنى ونطلق أنواع النكت والأهازيج مما جعل سائق الحافلة يتضجر وينزعج وينظر إلينا بسخرية. وسألنا هل تجيدون جميع الأغاني، فأجبنا بثقة نعم، ماذا تريد أن نغني لك؟ فلم يجب؟ ثم قال: هل تعرفون كل شيء؟ قلنا: نعم نعرف كل شيء. فقال: كم عدد أولاد النبي -صلى الله عليه وسلم-؟ فتلعثمنا جميعًا ولم يستطع أحد منا الإجابة لجهلنا بها. لقد كنت أسخر واستهزئ بالملتزمات والمحجبات ولملابسهن المحتشمة ثم التحقت بالعمل، فإذا بإحدى زميلاتي الملتزمات تأمرني بالحجاب الشرعي فكنت أسخر منها ولا أطيق كلامها ولا الجلوس معها، ولكنها لم تيأس من نصحي وتذكيري وإهدائي بعض الأشرطة والكتيبات النافعة حتى بدأت أميل لكلامها بعض الشيء. ورزقني الله بزوج صالح، أخذ يرغبني في الله ويأمرني بالصلاة، فتأثرت بكلامه, واستطاع بأسلوبه الطيب أن يجذبني إلى طريق الإيمان ويحببه إليَّ, وإن كنت لم ألتزم التزامًا كاملاً, إلى أن هزَّ مشاعري غرق إحدى البواخر ومات من مات ونجا من نجا, فاستيقظت من غفلتي, وسألت نفسي سؤالاً صريحًا, إلى متى الغفلة؟ إلى متى أظل أسيرة الهوى والشيطان والنفس الأمَّارة بالسوء... ودارت في مخيلتي أسئلة كثيرة. وبعد لحظات من التفكير ومحاسبة النفس نهضت مسرعة إلى تلك الأخت الفاضلة التي كنت أكره الجلوس معها وبحوزتي جميع الأشرطة الغنائية التافهة، فأعطيتها إياها للتسجيل عليها محاضرات وندوات دينية، وأعلنت توبتي وعاهدت ربي أن يكون هدفي هو إرضاء الله، وحمدت الله على هدايتي قبل حلول أجلي. توبة فتاة عن الفتنة بالموضة: عشت بداية حياتي في ضلال وضياع، وبين سهر على معاصي الله وتأخير الصلاة عن وقتها وخروج للحدائق والأسواق, ومع ذلك كنت أُصلِّي وأصوم، وأحاول أن ألتزم بأوامر الله الشرعية التي تعلمتها منذ نعومة أظفاري حتى المرحلة المتوسطة، كنت أُعدُّ ملتزمة أكثر من غيري من الفتيات، ولكن حب المرأة للزينة وللجمال والشهرة كان أكبر مداخل الشيطان، فقد كنت مفتونة بالأناقة وابتكار الموديلات التي شغلت كل وقتي حتى أثناء الطعام والشراب وأثناء الدراسة كنت أفكر فيها, حتى في الصلاة كانت تشغل تفكيري, حتى إذا انتهيت من الصلاة بدأت الموديل الذي أفكر فيه وأنا أُصلِّي ورغم ذلك كنت متفوقة... وأثناء حضوري أحد الأفراح حُزت على الكثير من الإعجاب والمديح على طريقة لبسي وأناقتي، مما زاد غروري وأصبحت أتفنن لمزيد من الإطراء والمديح... وهذا كله بسبب الصديقات المعقدات فكنت بالنسبة لهن ملتزمة... وفي نهاية المرحلة الثانوية أثناء الاختبارات كنت أذهب لمصلي المدرسة لأذاكر وأستمع لبعض حلقات العلم، مما جعلني بعد التخرج ألتحق بقسم الدراسات الإسلامية، وفي الجامعة تعرفت على أخوات صالحات وبفضل الله -أولاً- ثم أخواتي وحلقات الذكر والإلحاح في الدعاء أعانني الله في استبدال البحث عن العلم بالدنيا، حتى أنني نسيت نفسي وحاجتي للطعام والشراب مع طلب العلم الشرعي، وأحسست بعد الالتزام بسعادة تغمر قلبي حتى شعرت أنه مستحيل أن يكون هناك من هو أسعد مني وهو أقل مني التزامًا, حتى ولو كانت الدنيا كلها ملء عينيه... ولو كان من أغني الناس... وهكذا تمَّت رحلتي من السهر على الفيديو والأفلام الماجنة إلى كتب العقيدة والفقه وسيرة المصطفي -صلى الله عليه وسلم-، وأصبحت أحافظ على الوقت بما يصلح سواء للعلم أو الذكر أو إلقاء الدروس, بالإضافة إلى قراءتي عن الجنة؛ لأن فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر... من اللباس... والجمال... والأناقة والزينة... والأسواق، وكنت كلما أردت شراء ملابس جميلة وغالية التمست أذكر نفسي متمنية من الله أن ألبسها في الآخرة. الفارس المزعوم: رن الهاتف.. ألو.. ألو.. احذري يا قريبةَ الدَّمع من المحاجر.. احذري فلست رخيصة يا جوهرة من الجواهر.. كم -والله- آلمني وآلم كل شهم حال تلك الفتاة التي عاشت مع "الفارس المزعوم". هذا الفارس الذي ألقاها في الألم مجروحة، وجعلها تعيش في أحلامها أرجوحة، لقد أتقن دور العاشقين، وكان معها في الخطاب مبين, أَسَرَها بجميل الكلمات، وقيَّدها بلطيف العبارات، كساها من الثناء حُلَّة، وأهداها من بين الشوك فُلَّة. فبنت بآمالها القصور، وسكنت بأحلامها الدُّور والقصور، وشيدت في عالمها الأبراج، وصارعت مع فارسها الأمواج. لقد ظلت هذه الجريحة أَشْهُرًا طويلة وهي تبني على رمل، وتلهث خلف سراب، بذلت له مشاعرها، وتوسلت إليه بآهاتها، وأعطته ما ليس يُعطى من حياتها. لقد أعطته كل شيء. كم تخيَّلت الفساتين التي سيشتريها.. والعطور التي سيهديها.. والرسائل التي سيعطيها.. كم اخترعت مكاتيبًا ستُرسلها.. وأسعدتني ورود سوف تهديها.. وكم ذهبت لوعد لا وجود له.. وكم حَلُمت بأثواب سأشتريها.. ما ظنَّت يومًا من الأيام، أن يُغْلظ لها في الكلام، فهي نُورُه الذي يلمع، وشمسه التي تسطع. غرَّها الثناء، فحلَّقت في السماء، ولكن! ما لبثت أن هوت بها الريح في مكان سحيق, لقد قتل أحلامها، وذبح آمالها، وشتَّت خيالها. لقد انتهي كل شيء في لحظة واحدة. نعم, في لحظة واحدة عندما استسلمت له في لحظة ضعف، وساعة غفلة. صَرختْ: يا من وقفتُ دمي عليك عندما فضضتَ بكارتي وأزهقت أنوثتي. بعدها رفضتني وأذللتني.. وأهنتني.. من بعد ما كنت الضياء بناظريك.. صوتًا هو أرقُّ عذوبة، وأكثر في الخيال خصوبة. سيلعب معها الدور نفسه، ويعيد اليوم أمسه.. يردد لها القصص نفسها، ويعطيها من الثناء حصصًا.. حتى إذا سئم منها، أطبق في وجهها سماعة الهاتف وهو يُردِّد قائلاً: تقولين الهوى شيءٌ جميل ألم تقرئي قديمًا شعر قيس * فهل يا أختاه بعد ذلك سيبقى لهذا -المخادع- مكانًا في سمعك، وحظًّا من مشاعرك، ونصيبًا من خيالك، "أخيتي" إن السعيد من اتَّعظ بغيره، والشقي من اتَّعظ بنفسه. أذكر مرة أنني سألت أحدهم -وكان جاءني مستفتيًا تائبًا من الفاحشة: هل هذه هي المرة الأولى التي تتعرف فيها على فتاة؟ فقال لي: لا، إن هذه الفتاة هي الرقم (25). أختاه: أختاه يا أَمَةَ الإله تحشَّمي لا ترفعي عنك الخمار فتندمي صُوني جمالك إن أردت كرامةً كيلا يصول عليك أدني ضَيْغم لا تُعرضي عن هدي ربِّك ساعةً عَضِّي عليه مدى الحياة لتغنمي ما كان ربُّك جائرًا في شرعه فاستمسكي بِهُداه حتى تسلمي ودعي هُرَاء القائلين سفاهةً إن التقدُّم في السفور الأعجمي إياكِ إياكِ الخداعَ بقولهم سمراءُ يا ذات الجمال تقدَّمي إن الذين تبرَّؤوا عن دينهم فهم يبيعون العفافَ بدرهم حُلل التبرُّجِ إن أردتِ رخيصةٌ أمَّا العفافُ فدونَهُ سفكُ الدَّم * * * بنتَ الفضيلةِ ما أرى لك شيمةً هذا التبرُّج يا فتاةُ تكلمي حسناءُ يا ذات الدلال فإنني أخشي عليك من الخبيث المجُرم لا تعرضي هذا الجمال على الوَرَى إلاَّ لزوج أو قريب مَحرم لا تُرسلي الشعر الحرير مُرجَّلاً فالناسُ حولك كالذئاب الحُوَّم لا تمنحي المستشرقين تبسُّمًا إلا ابتسامةَ كاشرٍ متهجِّم أنا لا أحبذُ أن أراك طليقةً شرقًا وغربًا في الجنوب ومشأم أنا لا أريد بأن أراك جهولةً إن الجهالةَ مُرَّةٌ كالعلقم فتعلَّمي وتثقَّفي وتنوَّري والحقُّ يا أختاه أن تتعلمي لكنني أُمسي وأُصبح قائلاً أختاه يا أَمَةَ الإله تحشَّمي صرخات مخلصة: هذه الصرخات أطلقتها نساء عاقلات رأين بأعينهن في مجتمعات النساء ما لم يره كثير من الرجال، أَنقلها كما هي للرجال والنساء على حدٍّ سواء: الصرخة الأولى: لمارية العايد من الرس تقول فيها: "ذهبت إلى إحدى الكليات، ووطئت قدماي أُولى خطواتها، وافتتحت الأسوار وتجاوزت الغرف، وجلست يومًا كاملاً أتنقَّل من غرفة إلي غرفة ومن درس إلى آخر، وخرجت من الكلية وقد كسر لي كل مجداف؛ قد يتملككم الاستغراب في سرِّ ضجري بعد خروجي من الكلية، فالسرُّ ليس مما سيجول في خواطركم، إنما عدة أسباب منها: المنظر المذهل لبنات حوَّاء، بل لرؤوس وشعور بنات حوَّاء، فلقد سادت قصَّات شعر غريبة تُدرك معها أن التقليد كان أعمى، وأعمى جدًّا؛ لأن التقليد أحيانًا قد يكون حسنًا، إلا أن ما رأيته تقليد غبي, فهل رأيتم امرأة تمشي بنصف شعر، جهة حليقة وأخري مسدلة، وهي ما تسمي بالبرج المائل... أم هل رأيتم امرأة لا تدع من شعرها سوى خصلات طويلة على عينيها وقد صبغتها بلون أصفر، ثم تقف في الشمس وتضع يدًا على الجدار وتطأطئ رأسها إلى الأرض ليقال: إن هناك قضية كبرى تشغلها؟! ناهيك عن ذاك الشعر الذي يشبه الليف، فإن أردت ليفة فاذهب إلى كلية البنات لتحصل على ليفة سوداء، وأخرى بيضاء، والثالثة متعددة الألوان.. لقد ظللت اليوم كله أبحث عن امرأة تحمل ضفيرتها خلفها أو حتى أنعم برؤية انسياب شعرها وأراها أمامي تتعثر خجلاً وحياءً.. فلم أجد. قد أكون رأيت نموذجًا واحدًا من ذاك الصنف الأعمى لكنه أوجد لديَّ شعورًا أننا فعلاً قوم نستقبل كل شيء دون أن نفكر"؟. الصرخة الثانية: لأم فيصل من جدة تقول: "لم أكن أتوقع أن أرى ما رأيته في الجامعة، فعندما دخلت إلى قسم البنات، كدت أصعق من هول ما رأيت، فالطالبات يحضرن إلى الجامعة وهن في كامل زينتهن، بدءًا من المكياج الكامل وأحدث التسريحات، وانتهاء بأحدث ما تقدمه بيوت الأزياء، وتبدو الطالبة وكأنها حاضرة لحفل للتباهي لا إلى الدراسة وتحصيل العلم، وليت الأمر اقتصر على ذلك ولكن المدهش والغريب ذلك التفكير السطحي الخارج من أفواه يكللها "الروج" فالحديث يدور حول اهتمامات تافهة، ولا يبتعد عن الموضة والأزياء بدلاً من قضايا المجتمع". الصرخة الثالثة: لمها الخالدي من الرياض تقول: "بدأت أكره الذهاب إلى حفلات الزفاف لشيء يُزلزل كياني، يجعلني أعانق القلق وأعبث بدموعي فوق صفحة خدي، أُحِسُّ ساعتها أن صدري تحول إلى لغم على وشك الانفجار، فلا أجد حيزًا أستنشق منه الأكسجين عدا قلمًا وورقة أبثها همومي وهموم جيل قادم.. إلى متى هذه الحفلات التنكُّرية التي تحاصرنا قُيودُها؟! إلى متى تظل فتياتنا شمَّاعة يعلق عليها أباطرة مصممي الأزياء سخافاتهم تحت مظلة الموضة، التقدم، التطور؟! لك عزيزي القارئ أن تتخيل فتاة بلدك بثوب أشبه بالعاري, أو ثوب ضيق يكشف ما أمر الله بستره.. أشياء يشيب لها الرأس تمرُّ أما أعين الكثيرين كشيء عابر ليس ذا أهمية، والجميع في سباق مع الزمن، وكأن الفستان هو من يسجل حضورك في حفلة.. عجبي من هذا الحال.. ألوان متنافرة وغير متناسقة حتى إني لأغمض عيني خجلاً مما أرى وخوفًا على حاسة البصر مما ِأشاهد، بالإضافة إلى وجوه باتت مثقلة بوسائل التزوير العالمية، حتى أصبحت وجوه فتياتنا مساحة فارغة يمارس عليها أنواع متعددة من التجارب، ونحن نظهر في نهاية المطاف كمهرج زُيِّن له سوء عمله.. كل هذا يستهلك منا الكثير من الوقت والجهد والمال، ويُحرمنا من أن نبتسم في أفراحنا بصدق وراحة وصفاء، يُحرمنا من أن نثقَ بأنفسنا... ويجعلنا دمية يحركها الغير..". هذه بعض الصرخات المخلصة من نساء عاقلات، وهي غيض من فيض، فهناك توجد الكثيرات ممن يمتلكن الغيرة على محارم الله ولديهن الكثير مما يمكنهن قوله عن هذه الحفلات والمناسبات والتجمعات النسائية، بل حتى عن دور العلم وللأسف الشديد، مما يزري بالمرأة، ويحط من قيمتها وقدرها، وإن كان الخير موجودًا ولله الحمد، والنساء العاقلات كثيرات، ولكننا نطمع في المزيد من الوعي والتعقُّل والاعتدال، لا سيما ممن يُقتدى بهنَّ من الأُمِّهات والمُوجِّهات ومُربِّيات الأجيال. وإن من العجيب أن بعض المعلمات قد تنهى طالباتها عن أمور هي تفعلها فتكون ممن يقول ولا يفعل، والله سبحانه وتعالى يقول: " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ * كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ " [الصف: 2، 3]. والأدهى من ذلك والأمَرُّ أن تنتقد الطالبة معلمتها حين تراها تكثر من الأصباغ ولبس الضيق والمفتوح!! فهل يليق هذا بمعلمة الأجيال؟. اعترافات ضحية: إليكم أبعث قصَّتي هذه والتي أكتبها بمداد من أدمعي وآهات من قلبي الجريح، أكتبها لتأخذوا منها العبرة والعظة ولتكون صرخة مِنّي توقظكم من غفلتكم، حتى لا تدفع بنات جنسي غالي الثمن كما دفعته وسأظل أدفعه إلى أن يُفرِّج الله عني ويرحمني... كنت في أوج جمالي وجاذبيتي وأنوثتي وكأن الله لم يخلق غيري، أمرح وأفرح وتتعالى ضحكاتي، ويزداد غروري وإعجابي بنفسي كلما لمحت نظرات الإعجاب ممن حولي. أصبح كل اهتمامي منصبًّا على جمالي وأناقتي وحرصي على أن أفوز بأكبر قدر من الإعجاب والثناء. أهملت في صلاتي وتهاونت بها، كنت أحرص كل الحرص على متابعة وشراء كل ما ينزل إلى الأسواق من أشرطة الأغاني التي تأسرني كلماتها وبراعة تصويرها فيما يُسمى بالفيديو كليب الذي تتنافس القنوات في عرضه، فأُحلِّق بعيدًا... بعيدًا عن أرض الواقع... أُحلِّق في سماء الأوهام والسعادة الزائفة -نعم زائفة- عندما تكون بعيدة عن طاعة الله ومرضاته، أُحلِّق وأرتفع بأفكاري وأحلامي مع كل كلمة من كلمات الأغاني وكأنها تخاطبني، وتخاطب ما وهبني الله من سحر وجمال، لم أكن أتوقع أن يأتي ذلك اليوم الذي أدفع فيه ثمن ذلك الجمال حسرات وآهات... غرفتي مليئة بصور المُغَنّين والمغنيات فكانوا للأسف مثلي الأعلى، تهتز أركانها بأصواتهم فلا أهتم لنداء المؤذن للصلاة، فهل من المعقول أن أصبر عنهم وأُضيِّع دقائق من وقتي للأذان؟ مستحيل. زاد حرصي على إظهار جمالي ومفاتني وأنوثتي فأتمادى، يشجعني تدليل والدي المفرط، وأسابق صديقاتي في شراء أحدث الموديلات للعباءة، ولا أنتقي إلا ما هو جذاب وملفت للأنظار، أما عن الملابس فبالطبع لم يَفُتْني أن يكون لي قدم السبق في التفنُّن في اختيار كل ما يقع عليه بصري، أراقب عروض الأزياء في الفضائيات وتبهرني منها موديلاتها العارية، فهذا فستان عارٍ من الصدر.. وآخر قصير إلى الركبة.. وآخر عار من الظهر.. وهكذا تتنوع الموديلات, فأحضر الأفراح التي كانت تُحييها المغنِّيات بمصاحبة الفرق الموسيقى، فأرقص مع أنغامها في زهو وفرح، وكنت كلما لمحت نظرات الإعجاب في أعين النساء أتمادى في التعرِّي واقتناء وخياطة الملابس بأشكال وألوان من الملابس العارية، زين لي الشيطان أنني في القمة مع أنني أوشك على الهاوية.. ما أكثر الأيام التي قضيتها في لجج المعاصي والآثام رسخت في ذهني ومثيلاتي من الفتيات أنه لا يمكن أن يظهر جمالي وأنوثتي إلا بالعُرْي، حتى سقطت في الهاوية.. نعم سقطت وأصابتني نظرات الإعجاب الخالية من ذكر الله، أصابتني كسهام اخترقت جسدي الأعزل من حصن الأذكار والطاعات لجبَّار الأرض والسماوات، مزَّقت أشلاء قلبي الخالي من شرايين وأوردة تنبض بالقرآن نظرات إعجاب وحسد وغيرة كنت أقابلها بتحد.. وقوة مستمدة من غرو.. وعزة بالإثم.. وكبرياء حتى أُصِبْتُ فخارت قواي وسقطت كزهرة ذابلة أسيرة المرض والأحزان أتنقل من شيخ إلى آخر يُعالجونني بالقرآن، هذا يُشَخِّصُ حالتي بأنها عينٌ.. وآخر حسدٌ.. وآخر مسٌّ من جني عاشق، عافاكم الله أصبحت أكتوي بنيران الحسرة وتعذيب الضمير. قالت لي نفسي اللَّوَّامة: الآن تبحثين عن العلاج بالرُّقية الشرعية بآيات القرآن؟ الذي كنت معرضة عنه وهاجرة له؟ فأجبتها والألم الكامن تفضحه أنَّاتي وزفراتي: نعم الآن وقد وقعت أسيرة المرض عرفت خطئي وإسرافي على نفسي، فكنت كما قال الشاعر: ولكم عرضتُ مفاتني كي يُقتل القلبُ الصحيحُ سامرتُ ألحان الغناء فسامرت قلبي الجروحُ أبغي السعادةَ فانجلت عنِّي وضاق بي الفسيحُ تلفتُّ يمنة ويسرة فلم أجد صديقاتي اللاتي كُنَّ يشجعنني على ما أنا عليه من تخبُّط، تغيرت نظرات الإعجاب والانبهار إلى نظرات شفقة وعطف، وفي بعض الأحيان شماتة على من كنت أتكبر وأتفاخر عليهم.. في اليوم الذي كانت كل امرأة تراني تتمنَّاني عروسًا لابنها أو أخيها أو قريبها، أمَّا اليوم فلا أجد ولا واحدة منهن ولا من أولئك الشباب الذين كانوا يتهافتون على والدي يخطبونني منه، فمن يريد أن يتزوج بمريضة مثلي.. ما عادت لدنياي قيمة ولا بهجة، ذرفت دموعًا علَّها تُطفئ نيرانَ قلبي الموجوع بألم الندم على ما ارتكبته من معاصي وتفريط.. أمتار من قماش لفستان عارٍ يُظهر مفاتني كلفني ثمنًا باهظًا ومرضًا منهكًا ذاب به جمالي، واسودَّت الدنيا في عيني، فما عُدت أرغب في الحياة؛ أسمع آيات الله أُرقَّى بها ترتعش مفاصلي وألهج بالدعاء لربي أن يرحمني ويغفر لي: ربَّاه هذا القلب أمسى في رُبوعكمو طريحُ ربَّاه إن لم تعفُ عن ذنبي فكيف سأستريحُ ويلوح لي أمل جديد حين بشَّرني أحد المعالجين بالقرآن.. شيخ يُضيء وجهه بنور الإيمان، أن شفائي قريب بإذن الله، فيالرحمة ربي، أليس هو القائل: " وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ " [البقرة: 186]. عزمتُ على التوبة وحمدتُ ربِّي أن أصابني حتى يكون تكفيرًا لذنوبي، فهذا أهون من عذاب الآخرة.. وفي الختام: هذه قصتي بين أيديكم, ونداءٌ أبعث به إلى كل فتاة سمعت الأغاني وارتدت الفستان العاري والعباءة المزركشة والمخنصرة والشفَّافة أقول لها: اتقي الله ولا تغُرَّنك الحياة الفانية فما عند الله خير وأبقى وسارعي للتوبة. لن أُخْدَع بعد اليوم! تقول هذه الفتاة: تسع بنات وخمس ذكور هم عدد أفراد أسرتي بالإضافة إلى الوالدين.. كان هم الوالدة الأكبر هو تزويج البنات التسع، وقد شاع في مجتمعنا الفاسد أن البنت لكي تجد عريسًا لابد أن تتعرى باللبس القصير! وتتجمل بالماكياج! وتصفِّف شعرها على أحدث خطوط الموضة!!. عشنا الفساد بأكمله.. تزيَّنا.. وخرجنا بأحدث زينتنا، وكُنَّا فرائس لذئاب بشرية.. هذا بنظرة، وذاك بكلمة.. وكل على شاكلته.. في ذلك الوقت، لم نكن نعرف من الإسلام سوى الأركان الخمسة فقط، وليتنا عملنا بها.. إلا أن ظاهرة بدأت تظهر بين الفتيات آنذاك، الواحدة تلو الأخرى، إنها ظاهرة لبس الحجاب.. كنت أرى تلك الفتيات وأنا جِدُّ محتارة إلى أن قررت إحدى أخواتي الثمان لبسه فلبسته.. في بادئ الأمر رحَّبت به العائلة، ثم لم تمضِ أيام حتى بدأت مضايقة الأم لها! وذلك لما تسمعه من الجيران وخالاتي بأن من تتحجب لن تتزوج! وكلهم يقول: إنها ربما ارتدت الحجاب لعاهة تريد إخفاءها! فجَنَّ جنون أمي، وبدأت في مشاكستها بكل ما تملك، حتى أصبحت تناديها بـ "المسلمة" استهزاءً بها، حتى وصل الأمر إلى الضرب في كثير من الأحيان، أمَّا أنا فأرجو الله المغفرة، فقد كنت من أجل أن أفوز برضى أُمِّي أُبالغ في التجمُّل والتبرُّج، فكانت تُعيِّرها بي، وكنت دائمًا محل تقدير وثناء... يتبع إن شاء الله... |
| | | أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| موضوع: رد: سلسلة الخداع.. والمرأة المسلمة الخميس 27 أكتوبر 2011, 9:29 am | |
| ومرت سنتان أو ثلاث وأنا على هذه الحال، وفي أحد الأيام خرجت مع بعض زميلاتي في نزهة! وفي الطريق مررنا بكنيسة، وبعد مُشاورات قررنا الدخول.. فوجدنا العديد من النصارى يُصلُّون صلاتهم -هداهم الله جميعاً- خرجت وأنا أحسُّ بشيء ما يعتلج صدري، لم يعجبني حالي.. وهالني تمسكهم بدينهم المحرف، وخشوعهم في صلاتهم.. أشياء عِدَّة لا أستطيع حتى التعبير عنها، وفي أحد أيام الجمعة -وهذا اليوم لا أنساه أبدًا- كنت منهمكة في غُسل الأواني، فإذا بي أسمع حديث كان يدور بين أخواتي، حيث ذكرت إحداهن أنها رأت البارحة في منامها أن القيامة قد قامت، ثم بدأت تصف ما رأته من أهوال وشدائد.. ارتجف قلبي بشدة.. تركت ما في يدي ودخلت عليهن الغرفة، وحلفت يمينًا إن هي أعطتني حجابًا أن ألبسه غدًا، وأواظب على الصلاة ولا أتركها أبدًا.. والله شهيد على ما أقول، فأحضرت لي أختي حجابًا، فعقدتُّ العزم على لبسه وأنا على مائدة العشاء.. قلت لأبي: أَودُّ يا أبي أن ألبس الحجاب غدًا أن شاء الله! صمت قليلاً، ثم قال: موافق، لكن بشرط. قلت: ما هو؟ قال: ألاَّ تنزعيه أبدًا.. فقلت: موافقة. نظرت أمي إليَّ نظرة طويلة ولم تقل شيئًا؛ لأن الكلمة الأولى والأخيرة في البيت كانت لوالدي. لِمَ أنم تلك الليلة، لا أقول من شدة الفرح، وإنما خوفًا من الغد.. حامت حولي وساوس الشيطان.. أسئلة كثيرة كانت تدور في مُخيِّلتي: لم تدفنين نفسك بهذا الثوب، وأنت دائمًا تحبين الانطلاق، وتعشقين الجمال.. ثيابك.. شعرك .. قدك.. لِمَ تخفين كل هذا؟ نهضتُ باكرًا، وارتديت الحجاب.. كانت خطواتي متثاقلة، واحدة للأمام، والأخرى للخلف.. الأولى تقول لي: تقدمي والله معك. والثانية تقول: لِمَ تفعلين هذا؟ وزينتك، وجمالك! استعذت بالله من الشيطان، وخرجت.. الجميع جاؤوا يهنئونني على هذا القرار.. لن أنسي أبدًا ذلك اليوم، جُلُّ زميلاتي جئن في أحلي لباس، وآخر موضة تسريحة شعر، فبقيت أنظر حائرة في أمري، لكن الله عزَّ وجلَّ لم يتركني، بل هيأ لي مجموعة من الأخوات الصالحات انتشلنني من بحر النَّدم والضياع إلى عالم لا حدود له.. عالم آخر ملائكي، فاخضرَّت الحياة في وجهي وأزهرت، ثُمَّ أنعم الله عليَّ فحملت المصحف وحفظت ما تيسر منه، ودخلت المسجد.. فتحت الكتب أمامي في العقيدة والفقه والحديث والسيرة، وحتى الأناشيد الإسلامية.. كلام طيب... علمت بتحريم الغناء، ومصافحة الأجنبي، وإظهار الزينة، فإذا الحلال بيِّن، والحرام بيِّن، وحتى الوالدة الكريمة بعد أن تحجَّب بناتها التسع، وبدأنا نسمعها من كلام الله وكلام رسوله -صلى الله عليه وسلم- الشيء الكثير، تغيرت كثيرًا، وأصبحت الصدر الحنون لنا ولزميلاتنا في المسجد ولله الحمد والمنَّة، أمَّا موضوع الزواج، فقد كان الأمر على عكس ما كانت تعتقد، فقد تزوج سبع بنات من التسع من إخوة صالحين، وبقي اثنتان، وهما على وشك الزَّواج إن شاء الله. أمَّا أنا فقد أخذت مكاني في المسجد عوضًا عن الشوارع والأسواق، والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، والحمد لله الذي هدانا لهذا وما كُنَّا لنهتدي لولا أن هدانا الله. وأخيرًا.. عاد الدِّفء إلى قلبي: تقول هذه الفتاة: تجوَّلت مع أُسرتي في أكثر من دولة عربية، كانت بلاد الحرمين هي آخرها، والدي خريج أزهري مُتديِّن ومُدرِّس للدراسات الإسلامية، أمَّا والدتي فثقافتها الإسلامية قليلة جدًّا، لذا فهي دائمة الخلاف معي حول مسائل دينية في الحياة. أثناء سفراتي المتعددة لاحظت أن بعض نساء الرِّيف يلبسن ملابس طويلة ساترة، ولا يظهرن أمام الرجال الأجانب -غير المحارم- ولكني اعتقدت أنهن يلبسن هذا اللباس اتِّباعًا لعادات وتقاليد تمسَّكن بها، ولم أعرف أنها إسلامية.. لم أعرف في حياتي شيئًا اسمه الحجاب رغم سفري المتعدد، رغم أن والدتي تلبس ملابس طويلة، وتغطي شعرها بـ"إيشارب" ولما استقررنا في مصر لأول مرة، وانتقلت إلى المرحلة الثانوية، جلست بجواري فتاة مُحجَّبة، سألتني من أول يوم: لماذا أنت لست مُحجَّبة يا...؟ ولكني لم أرد عليها، وإنما اكتفيت بالنظر إليها باستغراب، ثم تركتها وانصرفت، لكنها لم تتركني فأخذت تُعلِّمني طوال العام تعاليم الدين، وأشياء لم أتصور في يوم من الأيام أنها محرمة, ومما ساعدني على تقبل نصائحها أنني كنت أُحبُّها لأدبها وحيائها، واجتهادها في الدراسة. وانتهى العام الدراسي، وأحسست بالوحشة لابتعادي عنها، وابتعدت رويدًا رويدًا عن الاهتمام بالحجاب، وكنت أنظر إلى الفتيات المحجبات وأتمنى أن أكون مثلهن وأن أغطي وجهي، كما كنت في الوقت نفسه أنظر إلى الفتيات السافرات فأطمح أن أكون مثلهن في اهتمامهن بأنفسهن وحركتهن؛ أصبحت هكذا في دوَّامة إلى أن سافرنا مع والدي إلى السعودية وهي البلد الوحيد -حسب علمي- الذي ليس فيها مدارس مختلطة في جميع المراحل الدراسية. كنت آنذاك قد نجحت إلى الصف الثالث الثانوي، فالتحقت بإحدى المدارس الثانوية للبنات... فرأيت الفتيات وجمالهن في المدرسة ومدى الحرية التي يتمتعن بها، حيث يتعلمن ويسرحن ويمرحن دون أن ينظر إليهن رجل، ثم يخرجن من المدرسة وهُنَّ يرتدين الحجاب ويغطين وجوههن. تأثرت كثيرًا بهذا المنظر الرائع. وعندما خرجت من المدرسة وأنا أُغطِّي وجهي كنت في غاية السعادة وكأني ملكة قد لبست أفخر الثياب. بريق الخداع: وفي العطلة الصيفية كنا نخرج أنا وأسرتي إلى السوق لشراء بعض الحاجات، فيبهرني ما فيه من الحياة الناعمة، والسيارات الفاخرة، و"الإكسسوارات" والذهب والملابس، وسائر المتع والملذات الدنيوية الزائفة، فقد كان لها في عيني بريق خاص. فقلت لنفسي: لابد أن أحقق أُمنيَّاتي، وهي أن أكون "فنانة" ممثلة، أو مغنية، أو ملحنة، أو مضيفة في طائرة... هذا ما كانت تحدثني به نفسي الأمَّارة بالسوء... وحينما أعود إلى البيت أتخيل نفسي وقد أصبحت ثريَّة، وتأخذني الأماني الكاذبة، والدنيا بزخرفها الزائل. وبعد انتهاء الإجازة الصيفية، عُدنا إلى المدرسة، وكنت قد أعدت السَّنة بسبب بعض الظروف المتعلقة بانتقالنا من مصر، وفي المدرسة بدأت أُكوِّن صداقات كثيرة مختلفة، وأثناء الفُسحة المدرسية أجلس في مصلى المدرسة لأستمع إلى الدروس والندوات التي تُلقى، فأخرج منها في كثير من الأحيان وأنا باكية وفي داخلي عزم أكيد على أن أكون صالحة مستقيمة، وميزتي أنني لا أكره النصيحة، بل هي شيء مُحبَّب إلى نفسي، وخاصة إذا صدرت من أهل الدين والصلاح أو كبار السنِّ المتدينين، فتظل عالقة في ذهني أتذكرها دائمًا، وأعمل بها بكل صدق وأمانة قدر طاقتي ووسعي. هذه الحياة المدرسية القصيرة التي لم تتجاوز الأشهر جعلتني أُفكِّر كثيرًا، وأعرف الكثير عن ديني، حلاله وحرامه؛ كنت -مثلاً- أعتقد وأنا في مصر أن غطاء الوجه فضيلة وليس بواجب، ولكن عندما قدمت إلى هذه البلاد، وبسماعي للأشرطة وقراءتي للكتب، عرفت أنه واجب. الصراع الداخلي: ولكنِّي بعد هذا التغير الذي طرأ على حياتي سألت نفسي مرَّة: كيف أغطي وجهي وألبس العباءة وأنا أريد أن أكون فنانة ومضيفة...؟! فقلت لنفسي: إني أُحِبُّ التدين، وإذا تزوجت أُحِبُّ أن يكون زوجي صالحًا، وأن يكون أولادي كذلك، مثل أولاد المسلمين الأوائل؛ فإذا أصبحت فنانة، فلابد أن ينحرف أولادي، وكذلك زوجي .. لا، بل سيتعدَّى ذلك إلى إخواني البنين الذين هم في سن المراهقة، وسيندمجون مع أولاد الأسر الفاسدة التي لا تعرف إلا طريق الفساد والانحراف، وأُختي، من المؤكد أنها ستنزع الحجاب، وكذلك أُمِّي. وإذا أصبحت مضيفة فمن يضمن لي ألا أحترق في الطائرة فأكون قد خسرت الدنيا والآخرة؟ تساؤلات كثيرة ومُثيرة كادت تحطم رأسي، فأحسّ به يكاد ينفجر. لقد تواردت عليَّ تلك التساؤلات دفعة واحدة، فسيطرت على كياني وكأنها شبح يخنقني، ولا يفارقني حتى وأنا أقوم ببعض أعمال البيت، فأترك ما في يدي، وأضرب رأسي بكفي، وأقول: كفى... كفى... لن أتخلى عن الفن مهما كانت العواقب. أحسست أنَّ هناك صراعًا داخليًا في نفسي بين شخصيَّتين: الأولى تقول لي: إياك أن تبتعدي عن الفن، إنه حلم حياتك، إنه المجد والشهرة والغنى والسعادة! والثانية: تأمرني بأن أبتعد عن الفن، وتقول لي: إياك إياك.. فإنه الخسران المبين، وسوف تندمين. واحتدم الصراع في داخلي، حتى انتهيت إلى قرار يُريحُني ويرضاه عقلي، وقبل ذلك يرضاه ربي وخالقي، فقد رفضت أن أكون فنانة ماجنة، أو دمية متحركة باسم الفن، أو خادمة باسم مضيفة، واستسلمت لله، وقلت: ما أحلي الحياة مع الله والعيش في كنفه، وسُحْقًا لهذه الدنيا الزائلة، وملذاتها وبريقها الخادع. " مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ " [النحل: 97]. وبعد هذا القرار أصبحتُ أكثر اطمئنانًا.. لا أرهب الموت، ولا أقيم للدنيا وزنًا.. أنظر إليها وكأن أَجلي سيكون غدًا أو في أقرب لحظة، وكلما رأيت شيئًا جميلاً أو حديقة غنَّاء أقول لنفسي: الجنة أجمل وأدوم؛ كلما رأيت نفسي تجنح لسوء أو شيء يُغْضب الله عزَّ وجلَّ أتذكر على الفور جنة الخلد ونعيمها السرمدي الأبدي، وأتذكر لسعة النار على يدي فأفيق من غفلتي. هكذا كنت أُدرِّب نفسي بنفسي على تقوى الله عزَّ وجلَّ والخوف منه. وكما كنت في الماضي أتشوق إلى أن أكون فنانة أو مغنية أو مضيفة، أصبحت الآن أشتاق لأن أكون داعية لديني، والحمد لله أني تخلصت من كل ما يغضب الله عزَّ وجلَّ، من مجلات ساقطة، وروايات ماجنة وقصص تافهة؛ أمَّا أشرطة الغناء فقد سجَّلت عليها ما يُرضي الله عزَّ وجلَّ من قرآن وحديث. كل ذلك حدث بعد تأديتي فريضة الحجِّ للمرة الثانية، وقد أَدَّيت عمرتين في رمضان ولله الحمد. أختي الفاضلة: ألا ترين أن الله كان معي حيث أنقذني من الضلال، وجاء بي إلى هذه الأرض المقدسة، ولبست الحجاب الشرعي، وتخلصت من الأفكار الفاسدة التي كانت تجول في خاطري؛ وأيضًا أصبحت حاجَّة ومُعتمرة وأنا في زهرة شبابي. حقيقة.. إنها نعم عظيمة، أجد نفسي عاجزة عن شكرها والثناء على مُسديها سبحانه وتعالى مهما لهج لساني بشكره، وكلَّت جوارحي بالعمل فيما يرضيه. نساء أوربيات يصرخن: لا للجسد العاري... آنيا كارلسون، فتاة سويدية تعيش في مدينة يوتبوري، كانت عائدة من عملها فاستلفت نظرها أربعة إعلانات كبيرة لإحدى شركات الملابس الداخلية تظهر فيها عارضة الأزياء الألمانية كلوديا شيفر بملابس شبه عارية؛ عرجت آنيا على أحد محلات الطلاء واشترت طلاء أسود وطمست به تلك الصور الفاضحة... تقدم أصحاب الشركة بدعوى قضائية ضد كارلسون التي أُدينت بدفع غرامة قدرها (16 ألف كراون) (1400 دولار). تولى دفع الغرامة لجنة شُكِّلت للدفاع عن كارلسون وتأييد ما قامت به. في تسويغها لما قامت به قالت كارلسون: أحاول منذ مدة طويلة أن أُثير نقاشًا حول مشكلة الإعلانات التي تُظهر المرأة كأنها سلعة تستخدم لأغراض تجارية، نشرت المقالات ونظمت الندوات دون جدوى، لكن عندما قمت بتخريب لوحات كلوديا شيفر لم يبق محطة تلفاز أو إذاعة أو صحيفة في السويد إلا أثارت الموضوع، ما قمت به وما تقوم به مجموعات أخرى في دول مختلفة تحذير للشركات الكبرى بأن استخدامها لجسد المرأة في الإعلانات أسلوب خاطئ سيؤدي إلى كارثة اجتماعية. ما قامت به كارلسون أصبح عملاً احتجاجيًا مألوفًا في عدد من البلدان الأوربية التي تشهد جمعيات أهلية متنامية ترفض استخدام المرأة لأغراض التسويق. ففي النرويج انتشرت الجمعيات النسائية المناهضة لتوظيف جسد المرأة لأغراض دعائية في وقف حملة إعلان لملابس داخلية نسائية، تلك الإعلانات تمثل خطرًا على سائقي السيارات وقد تؤدي إلى حوادث مميتة. ريما والقناة الفضائية: وقفت ريما أمام المرآة تضع أحمر الشفاه الصارخ ماركة كريستيان ديور!! كانت تُدندن بأغنية بوب سمعتها البارحة في برنامج Tob10!! لبست ساعة شوبارد في معصمها.. ووضعت مثبت التسريحة بعد أن أنهت تصفيف شعرها على طريقة سيندي كروفورد!! نادت عليها أمها: ريما your drivers is waiting!! ردَّت ريما: Ok mommy! I am coming soon! لبست كعبها العالي من فرساتشي! ثم خرجت.. آه لقد نسيت! عادت لتحمل شنطة يديها ماركة لويس فيتون.. ثم خرجت مرة أخرى.. آه كدت أنسى! عادت مرَّة أخرى.. وضعت ذلك العطر الأخَّاذ.. عطر ألور شانيل! ثم استشرفت!! ركبت مع السائق الذي أخذ به ذلك العطر كل مأخذ! وأجال ببصره فيها بإمعان! كانت سعيدة بهذه النظرة، فهي تذكرها بتلك الدعاية الفضائية لذلك العطر الذي كانت تضعه تلك المرأة التي ما أن تمر على أحد من الرجال إلا وأخذت بعقله! كانت فرحة بتلك النظرة! قال السائق: إلى أين يا سيدتي؟ قالت: إلى مبنى التلفزيون! فسوف يكون هناك حوار فضائي.. وسأكون من ضمن الحضور.. سارت السيارة على الطريق البحري.. أمرت ريما السائق أن يضع شريطها المفضل للمطرب prince وأغنية silly girl على وجه الخصوص! مرَّت السيارة على طريق الشاطئ.. نظرت ريما للبحر.. وتذكرت حين كانت تتمشى على شواطئ المونت كارلو بالبيكيني! في الصيف الماضي!! زفرت المسكينة زفرات.. وصلت السيارة إلى المبني قبل الوقت المحدد بدقائق! دخلت ريما الصالة وبحثت لها عن مقعد! لكنها لم تجد إلا واحدًا بجانب فتاة مُحجَّبة!! اشمأزت أن تظهرها الكاميرا وبجانبها هذه المُحجَّبة! ذات الكيس الأسود! والخيمة الغريبة! لكنها خضعت للأمر الواقع! وجلست! كان عنوان الندوة: الغزو الفكري بين الحقيقة والخيال!! بدأ الحوار.. تكلم الطرف الأول.. وكان شيخًا! ذكر أدلة ثبوت الغزو الفكري من نقولات الغربيين أنفسهم، ومحاولاتهم الكثيرة لدكِّ حصون الهوية الدينية والثقافية والسياسية، وسحق كل الثوابت التي تقف حجر عثرة في سبيل هيمنة الرجل الأبيض!! كانت ريما تنظر إلى الشيخ بقرف! وتتمتم: لا أظن أن هذا الشيخ حصل على تعليم أكثر من الابتدائية!! فهو يمثل قمة التخلف والعنجهية والتزوير.. والكذب!! انتهى الشيخ.. فقالت المذيعة ذات الشعر الأشقر: هل من تعليق من الجمهور؟ كانت ريما فتاة مبادرة جريئة! لم تستطع أن تصد لسانها أن تقول: نعم، أنا عندي تعليق إذا سمحتم.. قالت المذيعة: تفضلي، أمام المايكروفون.. وقفت ريما أمام المايكروفون وقالت بديموقراطية مُفتعَلة: أخي الشيخ المحترم.. أرى أن وجهة نظرك خاطئة! فلا يوجد غزو فكري ولا هم يحزنون.. إنما هو صراع حضارات! والبقاء للأقوى! كما قال تعالى: " فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ " [الرعد: 17]!! ثم لماذا الخوف على الإسلام؟ لماذا الخوف على عاداتنا وتقاليدنا؟ فالدين والعادات والتقاليد ما زالت قوية في القلوب ولها اليد الطولى في المجتمع! ثم لماذا الخوف من الغرب؟ أليس الغرب من أخرج لنا بترولنا؟ أوليس الغرب من صنع القمر الصناعي.. والطائرة.. والسيارة؟ كانت المُحجَّبة لا تنظر إلى ريما لإحساسها بالحرج من لباس ريما الذي كان يكشف أكثر مما يستر!! أنهت ريما تعليقها وذهبت إلى مقعدها مزهوة بنفسها! شامخة بأنفها! نظرت إلى المتنقبة باحتقار فردت المنتقبة بابتسامة عذبة.. جلست ريما بعد أن عدَّلت من الميني جيب الذي تلبسه ليستر بعد جلوسها ما كان يكشفه قبل ذلك! انتقل الحوار إلى الطرف الآخر.. الذي لم يأت بجديد! كان كل ما قاله قد ذكرته ريما تمامًا... حين انتهى.. قالت المذيعة: والآن مع مداخلة الدكتورة أمل!! نظرت ريما حولها بفرح لترى هذه الدكتورة! وهي تقول لنفسها: دكتورة! إذن انتصرنا على هؤلاء المتخلفين الرجعيين! قامت المنتقبة.. فقالت لها ريما بصوت خافت: هكذا أنتنَّ أيتها المتخلفات! إذا وصلت الدكتورات هربتُن! إذا دخل العلم من الباب خرج الجهل من النافذة! لما لا تنتظرين حتى تسمعي الدكتورة أمل.. ثم رمقتها بنظرة استهجان قابلتها المنتقبة بابتسامة عذبة أخرى! مضت المنتقبة إلى جهة المايكروفون! نظرت ريما مشدوهة! أيعقل هذا؟ لا أكاد أصدق عيني! أهي الدكتورة؟ وجمت ريما في مكانها مشدوهة! بدأت الدكتورة.. فأوضحت بأسلوب عقلاني منطقي واضح أن التطور الغربي للأشياء هو تراث إنساني مُباح ينبغي علينا الأخذ به والعمل على مواكبته.. أمَّا الأفكار والتصورات والعقائد فشأنها آخر! فديننا ولله الحمد.. بيِّن.. واضح.. سهل.. جميل.. وفكرنا وثقافتنا إنما تنبعان من ثوابتنا لا ثوابت غيرنا.. ولسنا في ذلك بدعًا من الأُمم.. فهذا شأن الأمم جميعًا! ولا يستطيع أي عاقل كائنًا من كان أن ينكر محاولة الغرب تذويب وطمس الهوية الإسلامية والعربية للشعوب قسرًا.. يستعمل في سبيل ذلك كل وسيلة ممكنة.. ساعة بالطابور الخامس من العلمانيين الخونة.. وأخرى بأصحاب المنافع الدنيوية.. وأخرى بأساليب التهديد والترويض المعروفة.. فيجب أن نعلم ابتداءً أننا محاربون! وأن حصوننا مهددة! كانت الدكتورة أمل رائعة في ذلك اليوم.. كانت تُلقي بزهور المعرفة على الحضور.. وأطايب الكلام على الجمهور.. بحجج راسخة.. وعزيمة قوية.. وثبات أخَّاذ! كانت المذيعة بين الفينة والأخرى لا تملك نفسها من أن تقول: رائع.. رائع.. برافو.. برافو.. وأنهت الدكتورة أمل حديثها بقولها: وتذكروا أن الحروب القادمة هي حرب هويَّة.. فلنبدأ من الهوية.. فلنبدأ من الهوية! صفق الحضور كثيرًا لهذه المداخلة الجميلة وهذا الحضور الذهني الوقَّاد لهذه الدكتورة.. وقف الكُلُّ احترامًا لها.. رفعت الدكتورة أمل رأسها للسماء وقالت: الحمد لله.. الحمد لله.. كانت ريما تنظر ببصرها للأسفل.. كانت ريما الوحيدة التي لم تقف ( )! مشاهد أمام مدرسة البنات الثانوية: في أحد الأيام وقبل خروجي من الدوام، اتصلَّ بي والدي -حفظه الله- بجوالي وأبلغني أنه يريد مني أن أذهب إلى مدرسة أختي الثانوية كي أوصلها للمنزل.. وبعد انتهاء الدوام ذهبت بسيارتي للمدرسة.. وكان الشارع مزدحمًا وكل شخص ينتظر قريبته أن تخرج من المدرسة.. وعند اقترابي من بوابة المدرسة رأيت مشهدًا غريبًا لم أكن أظن أني سأراه، سمعت أصوات وضحكات مرتفعة! التفتُّ تجاه الصوت فوجدت بعض الطالبات يقهقهن ويضحكن بأصوات مرتفعة.. فهذه تدفع تلك اتجاه السيارات من باب المزاح.. وهذه تضرب تلك بداعي الضحك.. وهذه تقول للأخرى: يا دبة.. فترد عليها: يا عصقولة.. وهذه تستهزئ بالمارَّة.. وكل ذلك بوقاحة وكل صفاقة وجه! ثم رأيت مجموعة من الطالبات مُحجَّبات عندما رأيتهن تذكرت حديث النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه أخبر أن صنفين من أهل النار لم يرهما وذكر صنف نساء كاسيات عاريات! لقد كان لباسهن ضيقًا حيث بدت منها أعضاؤهن ومفاتنهن.. وكُنَّ مغطيات الوجه غطاءهن شفاف يبدي أكثر مما يُحجب! ووجدت مجموعة من الفتيات رأيتهن من بعد جالسات.. وكن متحلقات وكانت إحداهن رافعة قلما في يدها.. فلم أهتم فتاة تمسك بالقلم وماذا في ذلك!! ولكن لما أمعنت النظر أحسست أني كنت محسن الظن.. كانت ممسكة بسيجارة تدخنها أمام الناس بلا حياء ولا نكير.. تمسك السيجارة وتكشف غطاء رأسها ثم تأخذ نفسًا عميقًا من الدخان.. ثم تنفثه في الهواء! رباه.. هل أنا في وعيي أم أنه أصابني شيء؟! اسمحوا لي أن أقول أن ما ذكرته لم يكن سوى نماذج سريعة رأيتها وربما كان الخافي أكبر وأعظم.. ولا يظن أحد أنني أحرم الضحك والمزاح ولكن.. أين حياء المرأة الذي تمتاز به؟! أصبحت الفتاة ترقص في الشارع وتغني وتتكسَّر في مشيتها! وتدخن السيجارة أمام الملأ! وتحادث الشباب وتصاحبهم! ويكون العشق والهيام شغل بالها! لقد عشقت وسكرت من العشق! لقد ثملت من كأس الهوى! لكنها لم تكن تظن أن عشقها يقودها للردى.. أين نحن من عفاف نساء رسولنا -صلى الله عليه وسلم- أمهات المؤمنين؟ أين نحن من النساء الصحابيات؟! استبدلت بناتنا بدلاً من قراءة القرآن.. ذكر أبيات الغزل.. وبدلاً من الحياء.. استبدلته بحرية جوفاء.. وبدلاً من الحشمة.. استبدلته بالموضة الفرنسية.. لا حول ولا قوة إلا بالله.. أخواتي.. لست واعظًا ولا شيخًا.. ولكن المسلم يغار على أخته المسلمة.. يخشى على ذهاب عرضها.. يخاف على حيائها وعفافها.. اللهم ارزقهن العفاف والحشمة والستر.. اللهم احفظهن من شياطين الإنس والجن.. اللهم اجعلهن طاهرات مطهرات عفيفات.. والله من وراء القصد. تحقيقات وتقارير: مسلمة أمريكية تُوصي الأُمَّهات بمراقبة بناتهن: بدايةً ذكرت مريم أن اسمها كان"ماريا" ومتزوجة منذ أربعة عشر عامًا من أمريكي مسلم اسمه عبد الرحمن، الآن بعد أن كان "ويليام" ولدى ثلاثة أطفال هم حمزة وسارة وفاطمة، وقد دخلت في الإسلام منذ سبعة عشر عامًا عام 1984م حيث كان عمري حينها 19 سنة، وقد قابلت زوجي بعد إسلامي بأربع سنوات حيث كان مسلمًا منذ 1974م، تقول مريم: عشت في جدة سنة واحدة عُدت إلى أمريكا وأنا الآن في المنطقة الشرقية منذ ثلاثة أشهر فقط. وعن إسلامها تقول مريم: بعد تخرجي في الثانوية ذهبت إلى الجامعة وقابلت بعض الصديقات وأقمت معهن علاقات طيِّبة دون أن أعلم جنسياتهن وعند ذهابنا إلى المطعم كانت لدي عادة تقاسم الأكل معهن ولكنهن كن يرفضن الأكل منه دون أن أعلم السبب, بعد ذلك سألتهن عن بلادهن ومن أين جئن, فهن كن يرفضن الأكل من أكلنا، رغم أنهن لم يكن يرتدين الحجاب مما جعلني أظن أنهن من اليهود ولكنهن أخبرنني بأنهن مسلمات. بعد ذلك أحببت أن أتعرف على هذا الدين (الإسلام) ففتح لي هذا الموقف أبوابًا كثيرة من البحث والتَّحرِّي عن الإسلام من جهتي وجهة صديقاتي (الفلسطينيات) فقد بحثن أيضًا في كثير من المسائل ليتمكن من الإجابة عن أسئلتي الكثيرة. واستمر الحال على ذلك مدة أربعة أشهر. وقد كنت أقوم بعرض الأزياء وأنا طالبة في الثانوية وكان من الصعب عليَّ جدًّا التوقف عن هذا العمل الذي أحبه لذلك أخذت وقتًا طويلاً في التفكير في الإسلام. كان هذا الأمر صعبًا جدًّا عليَّ فأنا أحب الاهتمام بشَعري وجسمي ومظهري ومكياجي وقد أخبرتني صديقاتي بأنني لا أستطيع الاستمرار في الزينة أمام الرجال؛ لأن ذلك لا يصحُّ في الإسلام فكان عليَّ الاختيار بين الذهاب لنيويورك حيث كان هناك عرض للأزياء بفندق هيلتون أو الدخول في الإسلام. والحمد لله تعالى أنني اخترت الإسلام، وقد شعرت بالراحة فعلاً لأنني لم أعد بحاجة إلى الاهتمام بمظهري بعد الآن فعارضات الأزياء يخضعن لنظام معين يجب أن يسرن عليه ولم أكن أعلم حينها أنه يجوز للمرأة في الإسلام وضع الزينة أمام النساء ومحارمها من الرجال فتركت الزينة مطلقًا. وتضيف مريم: كنت من الكاثوليك ولم أسمع عن الإسلام من قبل، وقد مررت بعدة تجارب في الأديان والتقيت بعدة اتجاهات في النصرانية نفسها، ولكن هؤلاء الصديقات كن مختلفات عن غيرهن، فقد تأثرت بطريقة حياتهن وتعاملهن مع الناس، وقد جذبني أنهن لم يكن يخرجن مع الرجال، علمًا بأننا في أمريكا تبدأ البنت في الخروج مع الرجال حتى قبل أن تبلغ، ومن لم تخرج فهي "شاذة" في نظرهم، وهذا أكثر ما جذبني للإسلام حيث أستطيع أن أُعبِّر عن شخصيتي وأصبح المرأة التي أريد. وفي البداية كنت أُصلِّي كل ليلة خفية، وفي إحدى الليالي دعوت الله عزَّ وجلَّ أنه إذا كان هذا الإسلام هو الطريق الصحيح أن يوفقني له. وتوضح مريم موقفها من الهجوم على الإسلام فتقول: أنا مسلمة منذ 18 عامًا ويجرحني كل أمر يوجه للإسلام لأنني مسلمة قبل أن أكون أمريكية، وفي المدارس الكاثوليكية يُعلِّمون الأطفال كره المسلمين، وفي نفس الوقت يتهمون المسلمين بأنهم يُعلِّمون أطفالهم كره النصارى واليهود وعداوتهم، مع أنهم يقومون بنفس الشيء. وتبيَّن: في البداية كنت أشعر بالتوتر لأنني يجب أن أعمل كل شيء بالطريقة الصحيحة ولا أنسى فرضًا من الفروض، وقد كانت صديقاتي يُعلمنني الكثير عن الإسلام ثم دعونني إلى الحلقات والدروس المقامة في المسجد، وكُنَّ يترجمن لي ما يُطرح باللغة العربية. وتنصح مريم أخواتها المسلمات أن ينتبهن لبناتهن وتقول: راقبوا بناتكن وهذا هو المهم لأن الغرب يغذي بناتكن بأفكار تخصّهن من لباس.. ومظهر.. ومكياج.. وموضة.. وطريقة حياة.. وأشياء أخرى. وزوجي يتضايق جدًّا عند رؤية الفتيات بهذه الطريقة في الأسواق، كما أن ولدي حمزة (12 سنة) استغرب مما رأى في أحد المُجمَّعات التجارية وقال: ما هذا؟ (what is this) فالفتيات يرتدين غطاءً خفيفًا مع مكياج كثيف يُبرز مفاتنهن. يتبع إن شاء الله... |
| | | أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| موضوع: رد: سلسلة الخداع.. والمرأة المسلمة الخميس 27 أكتوبر 2011, 9:39 am | |
| قصة عجيبة: مسلمة أمريكية ترفض خلع نقابها من أجل استخراج رخصة قيادة لها: أختي المسلمة: من الأمور الغريبة أن تتمسك كثير من الغربيات بحجابهن الساتر بعد أن دخلن في الإٍسلام مع أنهن قد نشأن على التبرج والعري والإباحية، في حين أن كثيرًا من الشرقيات المسلمات قد ضقن ذرعًا بالحجاب، فخلعنه ودُسنه بأقدامهن، وبعضهن يتحايلن على الحجاب الشرعي، فيلبسن حجاب الموضة، حجاب التبرج، حجاب الفتنة والإغراء، واقرئي أختاه هذه القصة لتعرفي كم هو حجاب المسلمة عزيز عليها وإن كانت غربية شقراء.. فقد ذكرت صحيفة الشرق الأوسط اللندنية عن مراسلة النيويورك تايمز الأمريكية؛ قولها: ستمثل أمام محكمة أمريكية هذا الأسبوع سيدة مسلمة تقول إن ولاية فلوريدا انتهكت حقوقها الدينية بسبب مطالبتها بإزالة النقاب بغرض التقاط صورة لرخصة القيادة. وكانت "إدارة الطرق السريعة والمركبات" بولاية فلوريدا قد سحبت رخصة القيادة الخاصة بـ"سلطانة فريمان" في يناير (كانون الثاني) الماضي بسبب رفضها إبدال صورتها الفوتوغرافية في الرخصة بصورة أخرى يظهر فيها وجهها، بحجة إن ذلك يعتبر انتهاكًا لمعتقداتها الدينية، ورفعت "سلطانة" وهي ربَّة منزل تقيم بمنطقة "وينتربارك" دعوى بهذا الشأن أمام محكمة بولاية فلوريدا مطالبة بإعادة رخصتها. هذا ومن المقرر أن تكون قد عقدت المحكمة جلسة أمس للتوصل إلى ما إذا كان مطلب الولاية مخالفًا للدستور، وقالت وأوضحت أنها لم تعد قادرة على القيام بالحركة اليومية التي تعتمد فيها على السيارة مثل الذهاب إلى مكتب البريد أو المتاجر، كما تقول -كذلك- إنها لم تستطع زيارة الأصدقاء، وأضافت -كذلك- إن الأمر بالنسبة لها لا يتركز فقط في الجانب الخاص بها وإنما "تقاتل من أجل المبدأ وكفالة الحرية الدينية للكل في الولايات المتحدة". وتقول مراسلة الصحيفة الأمريكية: الجدير بالذكر أن "سلطانة فريمان" تضع على وجهها النقاب الذي يغطي وجهها بكامله ما عدا عينيها. وكانت "سلطانة فريمان" قد انتقلت في يناير (كانون الثاني) عام 2001م إلى "وينتر بارك" من إيلينوي حيث كانت تحمل رخصة قيادة عليها صورتها وهي تضع النقاب على وجهها، وفي فبراير (شباط) الماضي تسلمت رخصة قيادة صادرة عن ولاية فلوريدا، بيد أنها تسلمت خطابًا في ديسمبر من "إدارة الطرق السريعة والمركبات" يتضمن تعليمات بإزالة صورتها على الرخصة ووضع صورة جديدة يظهر عليها وجهها بالكامل، لكنها رفضت مما أدى إلى اتخاذ الجهات المعنية قرارًا بسحب رخصتها. وقال محاموا "سلطانة" إن مطالبتها بإزالة صورتها التي يظهر عليها النقاب من رخصة القيادة مسألة غير موضوعية، وتُعدُّ انتهاكًا لحريتها الدينية وحقِّها في التمتع بالخصوصية. ويقول "راندال مارشال" المدير القانوني بمكتب ميامي التابع لـ "الاتحاد الأمريكي للحريات المدنية" الذي يشارك في تمثيل "سلطانة فريمان" في المحكمة، أنه من غير المقبول أن يأمر ضابط شرطة "سلطانة فريمان" بالتوقف ويطالبها بإزالة النقاب فقط بغرض التعرف على وجهها، بيد أن "روبرت سانشيز" مدير المعلومات العامة بـ"إدارة سلامة الطرق السريعة والمركبات" بولاية فلوريدا قال من جانبه إن ما طُلب من السيدة هو -تحديدًا- ما تطالب به الولاية و "إلا فلا فائدة من استخدام الصورة في مثل هذه الوثائق" ولكن "مارشال" أشار إلى أن 12 ولاية أمريكية على الأقل تسمح بالحصول على رخصة القيادة من دون صورة وذلك لأسباب دينية. وقال مكتب المدعي العام بفلوريدا إن قانون الولاية يطالب بوضوح بأن تكون "لسلطانة فريمان" صورة في رخصة القيادة الخاصة بها يظهر عليها وجهها كاملاً، وفيما يعتبر تطاولاً على "سلطانة" وأمثالها من المسلمات المنتقبات قالت مذكرة مكتب النائب العام أمام المحكمة: "إن الشخص العاقل في فلوريدا لا تثير ضيقه عملية الجلوس لالتقاط صورة فوتوغرافية لرخصة القيادة". هذا وأكد محاموا "سلطانة فريمان" من ناحيتهم أن قوانين ولاية فلوريدا لا تحظر استخدام صورة فوتوغرافية يُغطي فيها الوجه بالنقاب في رخص قيادة السيارات، كما قالوا كذلك إن الإجراء الذي اتُّخذ بحق "سلطانة" يُعدُّ انتهاكًا لقانون الحُرِّيَّات الدينية بالولاية؛ وقال "هوارد ماركس" محامي سلطانة، إن ارتداء النقاب من المبادئ الدينية للمُدَّعية، وإن الإجراء الذي اتُخذ ضدَّها يعتبر مخالفًا لدستور الولاية؛ وأضاف إن الحُجَّة التي تقول أن "مخاوف السلامة" تتطلب توفير صورة فوتوغرافية تظهر الوجه بكامله حُجَّة مردودة؛ لأن موكلته عرضت تقديم بصمات أو "دي إن إيه" أو أي معلومات أخرى تُستخدم للتحقق من هويتها. أسأل الله العلي القدير أن يُوفِّق "سلطانة" وتربح قضيتها، وأن يُعين المسلمين في بلاد الغرب وأن يحفظ نساء المسلمين، اللهم آمين. قمَّة الخداع: "فابيان" عارضة الأزياء الفرنسية، فتاة في الثامنة والعشرين من عمرها، جاءتها لحظة الهداية وهي غارقة في عالم الشهرة والإغراء والأضواء.. انسحبت في صمت.. تركت هذا العالم بما فيه، وذهبت إلى أفغانستان! لتعمل في تمريض جرحى المجاهدين الأفغان! وسط ظروف قاسية وحياة صعبة! تقول فابيان: "لولا فضل الله عليَّ ورحمته بي لضاعت حياتي في عالم ينحدر فيه الإنسان ليُصبح مجرد حيوان... كل همه إشباع رغباته وغرائزه بلا قيم ولا مبادئ". ثم تروي قصتها فتقول: "منذ طفولتي كنت أحلم دائمًا بأن أكون ممرضة متطوعة، أعمل على تخفيف الآلام للأطفال المرضى، ومع الأيام كبرت، ولفَتُّ الأنظار بجمالي ورشاقتي، وحرَّضني الجميع -بما فيهم أهلي- على التخلي عن حلم طفولتي، واستغلال جمالي في عمل يدرُّ عليَّ الربح المادي الكثير، والشهرة والأضواء، وكل ما يمكن أن تحلم به أيَّة مُراهقة، وتفعل المستحيل من أجل الوصول إليه. وكان الطريق أمامي سهلاً -أو هكذا بدا لي- فسُرعان ما عرفت طعم الشهرة، وغمرتني الهدايا الثمينة التي لم أكن أحلم باقتنائها.. ولكن كان الثَّمن غاليًا.. فكان يجب عليَّ أولاً أن أتجرَّد من إنسانيتي، وكان شرط النجاح والتألق أن أفقد حساسيتي، وشعوري، وأتخلى عن حيائي الذي تربَّيت عليه، وأفقد ذكائي، ولا أحاول فهم أي شيء غير حركات جسدي، وإيقاعات الموسيقي، كما كان عليّ أن أُحرم من جميع المأكولات اللذيذة، وأعيش على الفيتامينات الكيميائية والمُقوِّيات والمُنَشِّطات، وقبل كل ذلك أن أفقد مشاعري تجاه البشر.. لا أكره.. لا أحب.. لا أرفض أي شيء. إن بيوت الأزياء جعلت مني صنمًا متحركًا مهمته العبث بالقلوب والعقول.. فقد تعلمت كيف أكون باردة قاسية مغرورة فارغة من الداخل، لا أكون سوى إطار يرتدي الملابس، فكنت جمادًا يتحرك ويبتسم ولكنه لا يشعر، ولم أكن وحدي المطالبة بذلك، بل كلما تألَّقت العارضة في تجرُّدها من بشريتها وآدميتها زاد قدرها في هذا العالم البارد.. أمَّا إذا خالفت أيًّا من تعاليم الأزياء فتُعرَّض نفسها لألوان من العقوبات التي يدخل فيها الأذى النفسي، والجُسْمَاني أيضًا! وعشت أتجوَّل في العالم عارضة لأحدث خطوط الموضة بكل ما فيها من تبرج وغرور ومجاراة لرغبات الشيطان في إبراز مفاتن المرأة دون خجل أو حياء". وتواصل "فابيان" حديثها فتقول: "لم أكن أشعر بجمال الأزياء فوق جسدي المفرغ -إلا من الهواء والقسوة- بينما كنت أشعر بمهانة النظرات واحتقارهم لي شخصيًّا واحترامهم لما أرتديه. كما كنت أسير وأتحرك.. وفي كل إيقاعاتي كانت تصاحبني كلمة "لو".. وقد علمت بعد إسلامي أن "لو" تفتح عمل الشيطان.. وقد كان ذلك صحيحًا، فكُنَّا نحيا في عالم الرذيلة بكل أبعادها، والويل لمن تُعرض عليها وتحاول الاكتفاء بعملها فقط". وعن تحوُّلها المفاجئ من حياة لاهية عابثة إلى أخرى تقول: "كان ذلك أثناء رحلة لنا في بيروت المحطمة، حيث رأيت كيف يبني الناس هناك الفنادق والمنازل تحت قسوة المدافع، وشاهدت بعيني مستشفي للأطفال في بيروت، ولم أكن وحدي، بل كان معي زميلاتي من أصنام البشر، وقد اكتفين بالنظر بلا مبالاة كعادتهن. ولم أتمكن من مجاراتهن في ذلك.. فقد انقشعت عن عيني في تلك اللحظة غلالة الشهرة والمجد والحياة الزائفة التي كنت أعيشها، واندفعت نحو أشلاء الأطفال في محاولة لإنقاذ من بقي منهم على قيد الحياة. ولم أعد إلى رفاقي في الفندق حيث تنتظرني الأضواء، وبدأت رحلتي نحو الإنسانية حتى وصلت إلى طريق النور وهو الإسلام. وتركت بيروت وذهبت إلى باكستان، وعند الحدود الأفغانية عشت الحياة الحقيقة، وتعلَّمت كيف أكون إنسانة. وقد مضى على وجودي هنا ثمانية أشهر قمت بالمعاونة في رعاية الأُسَر التي تُعاني من دمار الحروب، وأحببت الحياة معهم، فأحسنوا معاملتي.. وزاد قناعتي في الإسلام دينًا ودستورًا للحياة من خلال مُعايشتي له، وحياتي مع الأُسَر الأفغانية والباكستانية، وأسلوبهم الملتزم في حياتهم اليومية، ثم بدأت في تعلم اللغة العربية، فهي لغة القرآن، وقد أحرزت في ذلك تقدمًا ملموسًا.. وبعد أن كنت أستمد نظام حياتي من صانعي الموضة في العالم.. أصحبت حياتي تسير تبعًا لمبادئ الإسلام وروحانياته.. وتَّصل "فابيان" إلى موقف بيوت الأزياء العالمية منها بعد هدايتها، وتؤكد أنها تتعرض لضغوط دنيوية مكثَّفة، فقد أرسلوا عروضًا بمضاعفة دخلها الشهري إلى ثلاثة أضعاف، فرفضت بإصرار.. فما كان منهم إلا أن أرسلوا هدايا ثمينة لعلها تعود عن موقفها وترتد عن الإسلام.. وتمضي قائلة: "ثم توقفوا عن إغرائي بالرجوع.. ولجؤوا إلى محاولة تشويه صورتي أمام الأسر الأفغانية، فقاموا بنشر أغلفة المجلات التي كانت تتصدرها صوري السابقة أثناء عملي كعارضة أزياء، وعلَّقوها في الطرقات، وكأنهم ينتقمون من توبتي، وحاولوا بذلك الوقيعة بيني وبين أهلي الجُدُد، ولكن خاب ظنهم. والحمد لله". وتنظر "فابيان»" إلى يدها وتقول: "لم أكن أتوقع أن يدي المرفهة التي كنت أقضي وقتًا طويلاً في المحافظة على نعومتها سأقوم بتعريضها لهذه الأعمال الشاقَّة وسط الجبال، ولكن هذه المشقة زادت من نصاعة وطهارة يدي، وسيكون لها حسن الجزاء عند الله سبحانه وتعالى إن شاء الله. مذكرات ذات الخمار: أُمُّ عليٍّ.. كُنيه يبدو لأول وهلة أنها كُنية لامرأة عربية، ولكن هذه المرأة أمريكية الأصل والمنشأ، وُلِدت وترعرعت في الولايات المتحدة الأمريكية، تعرَّفت عليها زوجتي هنا خلال دراستي في أمريكا، مَنَّ الله عليها بالإسلام، فتبدَّل حالُها بشكل عجيب. المرأة الأمريكية، الأصل فيها التعري، وهذا يلحظه كل مَن يزور أمريكا ويمكُث فيها مدَّة يسيرة، وكان هذا الأمر مثار استغراب لي عند أول مقدمي، ليس لأنِّي لم أكن أتوقع ذلك، ولكن لأن المرأة الأمريكية تبدي من جسدها أكثر مما يبديه الرَّجل، بل حتَّى في الأيام الباردة جدًّا يأتي بعضهن للجامعة وقد عرين كثيرًا من أجسادهن. سألت زميلي الأمريكي عن ذلك فقال: تفعل النساء ذلك ليُظهرن جاذبيتهن الجنسية!! فقلت: سبحان الله الذي أكرم المسلمة من أن تستجدي الرجال ليعجبوا بها، وقصر ذلك على زوجها، وجعل إشباع رغبتها في ذلك حقًّا من حقوقها. على أية حال "أُمُّ على" كانت من أولئك الأمريكيات اللاتي ليس لأحد، كائنًا من كان، أن يفرض عليهن لباسًا معينًا، أو أمرًا لا تريده ما دامت لا تخالف القانون. أسلمت هذه المرأة، وتزوجت من أمريكي مسلم، فأنجبت منه أطفالاً أكبرهم عليٌّ، فصارت تُكنى بأُمِّ عليٍّ. من أشد الفروق بين المجتمع المسلم والمجتمع الغربي الأمور المتعلقة بالمرأة، لذا فإن من أكبر العوائق أمام الأمريكيين الذين يريدون الإسلام - طريقة حياة المرأة عندهم، وعلاقة المرأة بالرجل، والرجل بالمرأة. لقد فوجئ المركز الإسلامي عندنا برسالة من أحد الأمريكيين المسلمين يفيد بأنه ترك الإسلام لأنه لا يستطيع أن يمتنع عن العشيقات!! لذا أتعجَّب أشدَّ العُجب ممن يستطيع أن يُخَلِّص نفسه من مسلمات المجتمع الأمريكي، ثم يدخل في الإسلام، و"أُمُّ عليٍّ" حين أسلمت كانت تعرف ذلك كله، وتعرف أن عليها في الإسلام الستر والحشمة، ليس هذا فقط، بل لا بُدَّ من الحجاب. لقد تحوَّلت "أمُّ عليٍّ" إلى امرأة أخرى تمامًا، سبحان الله مُغيِّر القلوب والنفوس والطباع، أصبحت لا تخرج من بيتها إلا مُتحجِّبة بالحجاب الشرعي الكامل، بما في ذلك تغطية الوجه. نعم, أصبحت هذه المرأة لا تخرج إلا منتقبة! أمريكية منتقبة!! ليس هذا فقط، بل اشتهرت هذه المرأة عند النساء -ومعظمهن عربيات- بأنها نادرة الخروج من بيتها، سألت زوجها عن ذلك، فقال: أنها تمتثل قوله تعالى: " وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ " [الأحزاب: 33]، وإن المهمة الأساسية للمسلمة هي القرار في البيت وتربية النشء. عندما عايشت هذه القصة تملكني فرح وسرور من جهة، وأسىً وحرقة من جهة أخرى. نعم, فرحت أشد الفرح، عندما علمت أن هذه المرأة الأمريكية استطاعت بإيمانها بالله سبحانه أن تُغيِّر نمط حياتها كاملة، وأن تتحجَّب الحجاب الكامل مع النقاب؛ أقول الحجاب؛ لأن المرأة الأمريكية إذا أسلمت أصبحت مميزة بحجابها، فإذا غطَّت وجهها صارت لافتة للنظر، وربما مثار استغراب وغمز وهمس، لذا اغتبطتُ "بأُمِّ عليٍّ" حينما استطاعت تجاوز هذه العقبات، والثبات على حجابها كاملاً، في الوقت الذي تستطيع فيه خلعه وليس لأحد أن يجبرها على ذلك! هذا شعور الفرح والسرور، فلِمَ شعور الأسى والحرقة؟! إنها حرقة في القلب تشتعل، وأسىً في النفس يلتهب، عندما ترى بعض نساء الجزيرة العربية وقد تساهلن في الحجاب، فهذه كشفت وجهها، والأخرى بغطاء خفيف يظهر جماله وفتنته ويخفي قبحه وحقيقته، وثالثها تلثَّمت، ورابعة وخامسة... وعاشرة... حتى أصبحنا لا نكاد نرى المسلمة المُتحجِّبة الحجاب الشرعي الذي كان هو السائد قبل سنوات قليلة. سبحان ربي! ألم يتربَّ هؤلاء النسوة على فرضية الحجاب سنوات طويلة، ما الذي حدث؟! لماذا تخلَّت هذه الفئة من النساء غير القليلة عن مبادئها وأصول فطرتها وتربيتها؟ سنوات طويلة وهي تتزيَّن بالستر والحشمة، ثم إذا هي تتحول في سنوات قصيرة إلى مرتع خصب للتبرج والسفور وإظهار الفتنة! سنوات طويلة وهي تتميز بالحياء الكبير الذي يمنعها من كل سوء ونقيصة، ثم إذا هي في سنوات قليلة، يصبح الرجل العفيف أكثر حياءً منها! ألا ترون في الأسواق والشوارع أن هؤلاء النساء يخرجن للسوق متجملات بكل أنواع الزينة؟! هل من حياء بنت الجزيرة أن تُخرج للناس مفاتنها؟! هل من حياء بنت الجزيرة أن تُزين وجهها للناس -بكل ما تستطيع- حتى لو كان ذلك بحجاب التبرج؟! هل من حياء بنت الجزيرة أن تلبس العباءة الضيقة أو الشفافة؟! هل من حياء بنت الجزيرة أن تلبس القصير والمفتوح لتعرض مفاتن جسدها على المارَّة من الشباب؟! وهل من حياء بنت الجزيرة ألا تُبالي بخدش حيائها؟! رسالة إلي "أُمِّ عليٍّ": "أُمُّ عليًّ": أتمنى ألا تري هذا الصنف من بنات الجزيرة، حفيدات الصحابة كما تعتقدين، وأقرب الناس لأمهات المؤمنين كما تظنين. أتمنى لك التيسير لأداء فريضة الحجِّ والعمرة، ولكني أخاف عليك من الصدمة والمفاجأة، فيا ربِّ لُطفك وتثبيتك! بئر الحسرات: قصة واقعية: قالت مُحدِّثتي: "كنت وحيدة مدللة جميلة، ألهو بالذهب كما يلهو الطفل بلعبه. الجميع مُسخر لخدمتي أبي.. أمي.. إخوتي، أوامري منفَّذة، وطلباتي مستجابة. أخرج من بيتي وكأني عروس في أسبوع زفافها قد تجملت وتعطرت وتزيَّنت، أتمتع بالحياة إلى أقصى درجة، والتجمل وإبراز مواطن الزينة همِّي وجلُّ همِّي، كم أجد سعادة ومتعة في لفت الأنظار وكم أشعر بالفخر والاعتزاز كلما سمعت كلمات الإعجاب والإطراء وإن كانت كاذبة. تسابق شباب الحي إلى تحدي بعضهم بعضًا في تكوين علاقة معي فالسلعة معروضة وبأبخس الأثمان.. ظَفَر أحدهم بهذا التحدي وكون علاقة معي. كنت أستقبله في بيتي وفي غرفتي الخاصة بعدما ينام الجميع، أستقبله كما تستقبل الزوجة زوجها، أعطيه كل ما يريد لم أكن أعلم بأن الأمر لا يتجاوز كسب رهان التحدي. استمر الحال بي وأنا في سكرتي، وما أفقت إلا بعدما كُشف أمري وشاعت الفضيحة، وضاقت الدنيا بأهلي وتحوَّل حبُّهم واحترامهم لي بغضًا وكراهية واحتقارًا، ومما ضاعف همِّي تخليه عني وتنكره لي. كيف ضيَّعت نفسي؟ كيف بعتها للشيطان؟ كيف فقدت بكارتي؟ وهذا الجنين الذي يتحرك في أحشائي كيف يخرج إلى العالم، والعالم بكامله يبغضه من أول لحظة تكون فيها؟ حسرات أتجرعها، وزفرات أطلقها، ولكن ماذا عساها أن تنفعني هذه الحسرات؟ وما تفيد تلك الزفرات؟ أدركت وتيقنت أنني كنت أحيا بلا هدف، تسيرني أهوائي، وتقودني شهواتي، كيف خُدعت بهذا الرجل الأناني الذي تخلَّى عنيِّ في لحظة حاجتي إليه أين عواطفه الفياضة؟ أين كلماته المنمقة؟ أين هي؟ تلاشت.. تناثرت عند اصطدامها بمصلحته، لو كان حقًّا ما ادعي لجعل مني زوجة له، يبارك الجميع هذه العلاقة. والآن ليس لي من مُعَزٍّ في بلائي هذا سوى أن أُقدِّم نصحي إليك أختي الحبيبة ولأمثالك لعلَّ هذا يكون شافعًا لي عند ربي. احذرن -أخواتي الحبيبات- من هذا الصنف الذي أغواه الشيطان فغوى، أقول لكُنَّ هذا والحسرة تمزق قلبي، والألم يحطِّمني، ليس لي من سبيل سوى أن يلطف الله عزَّ وجلَّ بي ويُصلح حالي. أسأل الله تعالى ذلك. أختكم في الله؟. نهاية صورة: ذات يوم.. أخبرتني والدتي أن علينا الذهاب لزيارة بيت الجيران الذين انتقلوا بجانبنا الأسبوع الماضي، فأُمِّي تعلم مدى حبِّي لتكوين صداقات جديدة، والتعرف إلى أناس جُدد، فأنا اجتماعية جدًّا، وأحبُّ اكتشاف الحياة من حولي. جاء يوم الزيارة.. ذهبت إلى هناك وبداخلي الكثير من الفضول للتعرف إلى أهل هذا المنزل الكبير الجميل الذي احتلَّ زاوية شارعنا، رحَّبتْ صاحبة المنزل بنا أنا ووالدتي كثيرًا، وأجلستنا في صالة كبيرة حَجب عني جمالها رؤية ابنتهم الكبيرة وهي تدخل لتحيَّتنا، ولم أنتبه لها إلا حين نادتني والدتي لأسلم عليها. كنت حتى هذا الوقت أعتبر نفسي فضولية، ولكن ابنتهم وأسئلتُها التي انهالت بها عليَّ حين جلستْ بجواري، عن عمري، ودراستي، وهواياتي، جعلتني أجزم أنها أكثر فضولاً مني. تبادلنا حوارًا طويلاً.. عباراتها المختلطة بالكثير من الإنجليزية، وٍأسلوبها في الحديث خلال ذلك، جعلاني أشعر أن الحياة بجانبها ذات إيقاع سريع جميل، وانتهت الزيارة على وعد من الفتاة بأن تزورني في منزلنا، وبالفعل ما إن مضت أربعة أيام حتى اتَّصلت بي تخبرني برغبتها في زيارتي في المنزل، وبالطبع رحَّبتُ بها، وتوالت الزيارات المتبادلة فيما بيننا، وازدادت علاقتنا قُوَّة، وأصبحت أذهب لمنزلها، وأقضي وقتًا طويلاً دون أي اعتراض من والدتي، خاصة أن والدهم كان على علاقة جيدة بوالدي. وفي إحدى تلك الجلسات الطويلة مع صديقتي، طلبت مني أن أذهب معها لغرفتها لتريني شيئًا جميلاً جدًّا، بالفعل ذهبت معها، فأخرجت لي ظرفًا كبيرًا به صورة كبيرة أخرجتها منه ووضعتها أمامي وطلبت مني التخمين.. من تكون صاحبة الصورة؟! أخذت أحدِّق في الصورة التي كانت لفتاة شابة تشبه فتيات إعلانات المجلات الأجنبية، ترتدي ملابس قصيرة جدًا تكشف معظم أجزاء جسمها، وقد لفت جزءها الأعلى بإشارب يكشف أكثر مما يستر، وحين تأملت ملامح صاحبة الصورة أكثر.. عرفتها! إنها هي.. نفسها صديقتي.. فأخرجت صرخة إعجاب عالية، وأخذت ألقي عليها وابلاً من الأسئلة حول الصورة، فردَّت على قائلة: لقد أخذت لي هذه الصورة إحدى خبيرات التصوير في أحد الأستوديوهات الخاصة، وهي نفسها التي تولَّت اختيار ملابسي، وتصفيف شعري، وأخذت في مقابل ذلك مبلغًا كبيرًا من المال. أعجبتني الفكرة جدًّا، وتمنيت أن أرى نفسي بمثل هذا الجمال، ولكني لم أعرف كيف، لم تتركني صديقتي للحيرة كثيرًا، بل تولَّت عني كل شيء، فقامت بالاتصال بالأستوديو لحجز موعد لي، ودفعت لي المبلغ على أن أردَّه لها بالتقسيط، ولم يبقَ غير مشكلة! استئذان والدتي يوم الموعد للذهاب للأستوديو، وحتى تلك المشكلة وجدت لها صديقتي الحلَّ، فقالت لوالدتي أننا سنذهب معًا للمكتبة لشراء بعض الكتب، على أن يوصِّلنا سائقهم ويعود بنا سريعًا، وافقت وقتها والدتي سريعًا، ويا ليتها لم تفعل. المهم أننا ذهبنا إلى هناك، وتركت نفسي لتلك الخبيرة ولصديقتي تختاران لي الملابس وموديل الشعر، وتمَّ تصويري، وعُدت للمنزل يملؤني شعور بعدم الارتياح، حتى إنني لم أستطع النوم في تلك الليلة. وبعد يومين دقَّ باب منزلنا، وإذا بصديقتي تحضر وبيدها ظرف كبير عرفت أول ما رأيته أنه يحوي صورتي، فأخذتها سريعًا إلى الغرفة، وأغلقت الباب، وأخذت الصورة التي لم أتخيلها أبدًا بهذا الجمال، وأخفيتها في دولابي، واعتقدت بذلك أن كل شيء قد اختفي، وأن العملية مرَّت بسلام، وكم كنت مغفَّلة، فقد اتصلت بي صديقتي بعد عدة أيام وطلبت حضوري لمنزلهم، وعندما ذهبت كانت هناك فتاة أراها لأول مرة، وبعد حديث قصير بيننا قالت لي: لقد رأى أخي صورتك التي لدى أمل، وأُعجب بها كثيرًا، ويريد أن يتعرف إليك، هل لديك مانع؟! جعلني هول المفاجأة أشعر بدوار شديد وأفقد إحساسي بمن حولي، وأحس كأن بركانًا ثائرًا بداخلي يكاد يُدمِّر كل شيء حولي، هل هذه فعلاً صديقتي؟ كيف تسمح لرجل أن يرى صورتي بهذا الشكل؟! ما الذي يمكنني عمله الآن؟! أسئلة كثيرة ملأت رأسي، ولكن بعد فوات الأوان، أسرعت إلى منزلنا وأغلقت غرفتي ومزقت الصورة.. ولكنني أدركت أن هذا لن يكون أبدًا الحل، لم أجد أمامي إلا الذِّهاب لأُمِّي، والاعتراف لها بذنبي، كنت أريدها أن تصرخ في وجهي، وأن تضربني لأشعر أنني قد نلت جزائي، ولكنها لم تفعل ذلك، بل قامت بكل صمت وارتدت عباءتها وأسرعت لمنزل جيراننا، وبعد نصف ساعة كانت أمامي تُلقي لي نسخة صورتي. ومنذ ذلك اليوم انتهت علاقتي بابنة جيراننا، وانتهت معها حياتي الهادئة، وبدأ طريق طويل من القلق، فأنا لا أعلم من يمكن أن يكون قد رأى صورتي أيضًا، وهل تخفي لي الأيام مفاجأة أخرى؟ الله وحده أعلم. يتبع إن شاء الله... |
| | | أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| موضوع: رد: سلسلة الخداع.. والمرأة المسلمة الخميس 27 أكتوبر 2011, 9:49 am | |
| كنت في غيبوبة عن الإسلام: "سوزي مظهر" لها أكثر من عشرين عامًا في مجال الدعوة إلى الله، ارتبط اسمها بالفنانات التائبات، وكان لها دور دعوي بينهن.. روت قصة توبتها فقالت: تخرجت من مدارس "الماردي دييه" ثم في قسم الصحافة بكلية الآداب، عشت مع جدتي والدة الفنان "أحمد مظهر" فهو عمي.. كنت أجوب طرقات حي الزمالك، وأرتاد النوادي وكأنني أستعرض جمالي أمام العيون الحيوانية، بلا رحمة تحت مسميات التحرر والتمدن، وكانت جدتي العجوز لا تقوى عليَّ، بل حتى أبي وأمي، فأولاد الذوات هكذا يعيشون، كالأنعام، بل أضل سبيلاً، إلا من رحم الله عزَّ وجلَّ.. حقيقة كنت في غيبوبة عن الإسلام سوى حروفه وكلماته، لكنني برغم المال والجاه كنت أخاف من شيء ما.. أخاف من مصادر الغاز والكهرباء؟! وأظن أن الله سيحرقني جزاءَ ما أنا فيه من معصية، وكنت أقول في نفسي: إذا كانت جدتي مريضة وهي تصلي، فكيف أنجو من عذاب الله غدًا؟ فأهرب بسرعة من تأنيب ضميري بالاستغراق في النوم أو الذهاب إلى النادي، وعندما تزوجت، ذهبت مع زوجي إلى فرنسا لقضاء ما يسمي بشهر العسل، وكان مما لفت نظري هناك، أنني عندما ذهبت للفاتيكان في روما وأردت دخول المتحف البابوي أجبروني على ارتداء البالطو أو الجلد الأسود على الباب.. هكذا يحترمون ديانتهم المُحرَّفة.. وهنا تساءلت بصوت خافت: فما بالنا نحن لا نحترم ديننا؟! وفي أوج سعادتي الدنيوية المزيفة، قلت لزوجي: أريد أن أُصلِّي شكرًا لله على نعمته، فأجابني: "أفعلي ما تريدين، فهذه حرية شخصية!!" وأحضرت معي ذات مرة ملابس طويلة وغطاء للرأس ودخلت المسجد الكبير بباريس فأديت الصلاة، وعلى باب المسجد أزحت غطاء الرأس، وخلعت الملابس الطويلة، وهممت أن أضعها في الحقيبة وهنا كانت المفاجأة!! اقتربت مني فتاة فرنسية ذات عيون زرقاء لن أنساها طول عمري كانت ترتدي الحجاب وأمسكت بيدي برفق وربتت على كتفي، وقالت بصوت منخفض: "لماذا تخلعين الحجاب ألا تعلمين أنه أمر الله؟!!" كنت أستمع لها في ذهول، والتمست مني أن أدخل معها المسجد بضع دقائق، حاولت أن أفلت منها لكن أدبها الجمُّ، وحوارها اللطيف أجبراني على الدخول سألتني: "أتشهدين أن لا إله إلا الله؟ أتفهمين معناها؟ إنها ليست كلمات تقال باللسان، بل لابد من التصديق والعمل بها.." لقد علمتني هذه الفتاة أقسى درس في الحياة، اهتز قلبي، وخضعت مشاعري لكلماتها ثم صافحتني قائلة: "انصري يا أختي هذا الدين..". خرجت من المسجد وأنا غارقة في التفكير لا أُحسُّ بمن حولي، ثم صادف في هذا اليوم أن صحبني زوجي في سهرة إلى "كباريه" وهو مكان إباحي يتراقص فيه الرجال مع النساء شبه عَرايا، ويفعلون كالحيوانات، بل إن الحيوانات لتترفع من أن تفعل مثلهم، ويخلعون ملابسهم قطعة قطعة على أنغام الموسيقي.. كرهتهم، وكرهت نفسي الغارقة في الضلال؛ لم أنظر إليهم، ولم أُحسُّ بمن حولي، وطلبت من زوجي أن نخرج حتى أستطيع أن أتنفس.. عدت إلى القاهرة، وبدأت أولى خطواتي للتعرف على الإسلام.. وعلى الرغم مما كنت فيه من زخرف الحياة الدنيا إلا أنني لم أعرف الطمأنينة والسكينة، ولكني أقترب إليها كلما صليت وقرأت القرآن، واعتزلت الحياة الجاهلية من حولي، وعكفت على قراءة القرآن ليلاً ونهارًا، وأحضرت كتب ابن كثير وسيد قطب وغيرهما، كنت أنفق الساعات الطويلة في حجرتي للقراءة بشوق وشغف.. قرأت كثيرًا، وهجرت حياة النوادي وسهرات الضلال، وبدأت أتعرف على أخوات مسلمات، ورفض زوجي في بداية الأمر بشدة حجابي واعتزالي لحياتهم الجاهلية، لم أعد أختلط بالرجال من الأقارب وغيرهم، ولم أعد أصافح الذكور، وكان امتحانًا من الله، لكن أُولى خطوات الإيمان هي الاستسلام لله، وأن يكون الله ورسوله أحبُّ إليًَّ مما سواهما، وحدثت مشاكل كادت تفرق بيني وبين زوجي، ولكن الحمد لله، فرض الإسلام وجوده على بيتنا الصغير، وهدى الله زوجي إلى الإسلام، وأصبح الآن خيرًا مني، داعية مخلصًا لدينه، أحسبه كذلك ولا أزكِّي على الله أحدًا.. وبرغم المرض والحوادث الدنيوية، والابتلاءات التي تعرضنا لها فنحن سعداء ما دامت مصيبتنا في دنيانا وليست في ديننا!! على مقعد الطائرة: قالت: كنت شابة يافعة أحب الحياة وأكره ذكر الموت!! أغادر مجلس رفيقاتي حالما تتحدث إحداهن عن حادث أليم أو موت مفاجئ أو مرض عضال!! وكنت أتابع أخبار الموضة بشغف وشوق.. أركض لأجل أن ألحقها فلا يفوتني منها خبر.. حتى عباءتي تلك السوداء لم تتركها الموضة على حالها، فقد أغراني حُبَّ الجديد بأن أتفنن في طريقة لبسي لها فتراني حينًا أضعها على كتفي لا على رأسي لأجل أن أظهر زينتي وشيئًا من أناقتي.. أمَّا نقابي بل قلَّ نقاب الفتنة فقد بدأت ألبسه تمشيًا مع الموضة وتحججًا واهيًا بعدم الرؤية، عيناي أظهرتهما مكحلتين.. من خلال فتحات نقابي، ومضيت أتابع عيون من حولي وتحملني غفلتي وسذاجتي على أن أشدو فرحًا كلما رأيت عيون المارَّة المتسولين ترمقني بإعجاب أو استغراب! وذات مرَّة سافرت إلى بلد غربي ولم أكتف بتجميل حجابي وحسب ولكنني رميت به في مقعد الطائرة التي أقلَّتني مسافرة! وفي تلك البلاد شدَّ بصري منظر امرأة متحجبة لا يظهر منها شيء، عباءة طويلة فضفاضة، خمار طويل مسدل.. اقتربت منها سمعتها تتكلم بلهجة أجنبية صرفة!! تعجبت وتساءلت أتراها امرأة عربية مقيمة اعتادت لغة القوم وتحدثت بها بهذه الطلاقة والقدرة! فضولي دفعني لأن أطرح عليها سؤالاً! أعربية أنت؟ لا أنا كندية مسلمة دخلت الإسلام منذ سنة ونصف ومن حينها وأنا كما ترين.. أرتدي حجابي وأسير وعزَّتي وفخري بديني الجديد يسيران معي.. وضعت يدي على رأسي بحثت عن حجابي! لم أجده تذكرت أني رميت به على مقعد الطائرة ردَّدت كلمات ساخنة بيني وبين نفسي.. يا الله.. يا رب.. أأجنبية لم تعرفكَ ولم تؤمن بك إلا منذ سنة ونصف وأنا.. أنا جدي مسلم وأبي مسلم وأمي وأخي بل قومي كلهم مسلمون!! نشأت على طاعتك وتربَّيت في جوٍّ يؤمن أهله بك.. فكيف أتخلى بهذه السهولة عن حجابي وتتمسك هي به!!. توبة فتاة عن طريق البريد الإلكتروني: أنا فتاة قطرية أبلغ من العمر (22) عامًا، كنت فتاة لاهية بأمور الدنيا وزينتها ولم أكن أبالي لما أفعل فيما مضى من عمري الذي بدا لي وكأنه مرَّ سريعًا حتى قدَّر الله أن وصلتني رسائل دليل المهتدين على بريدي الإلكتروني، ويا لله كيف أحيت هذه المواعظ مشاعري وأيقظتني من غفلتي حتى أخذ ضميري يؤنِّبني كلما تذكرت ما كنت أفعله مما لا يُرضي الله، ولم أرَ في هذه المتع المادية الزائفة أي راحة أو منفعة في الدنيا، فضلاً عن الآخرة، ولو سألتم كيف كانت حياتي قبل أن يمُنَّ الله عليَّ الهداية لأجبت: كنت أستيقظ صباحًا، وأستعجل في الذهاب إلى الجامعة حتى لا تفوتني المحاضرات، لأكون من المتفوقات دائمًا. وفي بعض الأحيان أُصلي الفجر، أما في غالب الأيام ويا للأسف فلا أُصلي حتى لا تفوت عليَّ المحاضرات. ثم ماذا بعد ذلك؟ أرجع إلى البيت وقد أخذ مني التعب كل مأخذ، فأنام أو أدخل عالم الإنترنت، فأُضيِّع أوقاتي فيما لا يُرضي الله من الأحاديث مع الشباب والفتيات في أمور الدنيا، وعن آخر أغنية وما إلى ذلك، وهكذا يطول الحديث حتى يؤذن لصلاة العصر، وأنا لاهية غافلة عن ذكر الله وعن الصلاة، وفي بعض الأحيان أذهب إلى الأسواق ولا تَسَلْ عن ضياع الأوقات، وكنت عند خروجي ألبس أفضل الملابس، وأتعطر وألبس أحدث الإكسسوارات والذهب، ثم أرجع إلى البيت، ومن ثَمَّ أنام. وهكذا كانت تفوتني الصلوات كثيرًا, غفر الله لي ما سلف من تقصير. ولم يكن ذلك عن سوء نية من جانبي، ولكنها الغفلة الشديدة التي تُعاني منها كثير من الفتيات، وكل هذا بسبب قلَّة النصح والتوجيه. وهنا أوجه لفتة إلى أخواتنا الملتزمات أين دوركن المرجو لإنقاذ أخوات لم يحظين بما يأخذ بأيديهن إلى طريق الهداية، وأذكر ذلك اليوم الذي جاءتني فيه من دليل المهتدين رسالة "أخاطب فيك إيمانك" وكذلك رسالة "إلى عابرة سبيل" وفيهما خطاب موجَّه إلى المرأة المسلمة، وأن الإيمان والحياء شيئان متلازمان وفيهما أيضًا توجيهات قيِّمة حول الحجاب وشروطه، والتحذير مما يُسمَّي عباءة الزينة والتي لا تمُتُّ إلى الحجاب الشرعي بصلة والتي تحتاج إلى عباءة أخرى لتسترها وفعلاً اندمجت في قراءتها، وفعلاً أحسست بشيء من الضيق في قلبي لا أعرف ما هو بالضبط.. المهم أخذت أقرأ جميع ما يصلني من رسائل وتأثرت كثيرًا، فأخذت أفكِّر واسترجع في ذاكرتي ماذا كنت أفعل، أنَّبني ضميري كثيرًا، فقلت لنفسي: هل هذه المحاضرات وهل هذا التفوق سينفعني في الآخرة؟ كيف أترك الصلاة حتى لا تفوتني المحاضرات؟! كيف أقضي العمر في اللهو وفيما لا ينفع؟ ماذا سأستفيد؟ ماذا سيكون مصيري في الدنيا والآخرة؟ عذاب!! فقرَّرت في نفسي أن أترك ما كنت أفعله في الماضي. فعلاً بدأت بترك الأمور الخاطئة وصرت أتجنبها, وبدأت أحافظ على جميع الصلوات في وقتها ولا أتأخر عن أي صلاة حتى ولو فاتتني المحاضرات، أو أي شيء آخر يُلهيني عن الصلاة، ثم عاهدت نفسي بأن أسير في الطريق الصحيح وأن أترك متاع الدنيا وأن أنتبه إلى عمري، والسنوات التي ضاعت بلا فائدة، والآن ولله الحمد أُصلي جميع الصلوات وأُحافظ على قراءة القرآن، وابتعدت عن كل ما يُلهيني، وتركت سماع الأغاني والذهاب إلى الأسواق، وتخليت عن عباءة الزينة إلى الحجاب الساتر، كما أراده الله لا كما يريده أصحاب الأزياء والموضة. حوار مع فتاة: همست في أذن صاحبتها فقالت: أيتها الحبيبة.. خلة صافية.. وصحبة زلالية, ووشيجة قوية.. كل هذا يربطنا أيتها الغالية.. ولكنني أستغرب كل الاستغراب من حالك وسلوكك.. فلا أراك قد أخذت بحظك من الحياة الجديدة.. حياة التمدن.. حياة الفتاة المعاصرة.. كيف وأنت الفتاة الجامعية ما زلت ترتدين الحجاب!! وما زلت تعيشين مع الماضي التليد!! إننا لفي ذهاب وإياب من السوق إلى حيث نشاء.. من زميلة إلى أخرى.. ولنا في كل جديد ينزل في السوق نصيب وغنيمة.. أما أنت.. قاطعتها قائلة: أما أنا فلست في هذا كله، ولكن أتريدين مني أنا المسلمة العفيفة الطاهرة أن أقتدي بأولئك الحُثالة من البشر؟ أم تبتغين مني أن أسابق السخيفات في متابعة الأزياء؟ أم تطلبين مني أن أجعل مَثلي الفذّ وقدوتي هو فنانة ساقطة أو ممثلة هابطة تهدم الأخلاق وتفسد البيوت؟ أختي العزيزة: مع ادِّخاري لك الوُدّ والاحترام الجميلين أقول من أعماق فؤادي: أختي الكريمة مثلك لا ينطلي عليه مثل هذه الخُزعبلات التي قالها أعداؤك في ثوب قشيب، يريدون منك أن تخلعي الحجاب، وأن تسايري الرجل في عمله، وأن يكون همُّك هو الأزياء ومتابعة الفن الرخيص.. بعد ذلك تحققين مطلبهم.. فلا أنت حفظت بيتك، ولا أنت حصلت على زوج يحفظك من السوء ولا أنت التي تمسكت بدينك القويم، الذي هو عزُّك في الدنيا والآخرة، وإنما خرجت من هذه الدنيا بسخط الله ورضا عدوك.. وتعاسة حياتك.. لأن الحياة السعيدة في مرضاة الله، ومن قال غير ذلك فقد ضلَّ الطريق.. " وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى " [طه: 124]. أختي المسلمة: كلمات حارَّة أرسلها لك عبر الأثير: أنت قائدة الجيل.. مربية النشء.. مدرسة يتخرج منها الرجال.. فمن خرَّج أمثال صلاح الدين؟ ومن ربَّى أحمد بن حنبل؟ ومن أوصل ربيعة الرأي إلى مكان مرموق يحسده عليه أترابه؟ وكم أتمني لو قرأت قصة هذا البدر المضيء في تاريخنا؛ لتعرفي أين مكانك يا أختاه.. نعم إنك أنت المدرسة الأولى.. فإذا تخرَّج ولدك على معرفة الإسلام وفهمه وتطبيقه فحسبك شرفًا ورفعة وذكرًا في الدنيا والآخرة.. وإخال أن حافظًاَ قد سبقني إلى هذا المعنى فقال: الأم مدرسة إذا أعددتها أعددت شعبًا طيب الأعراق قاطعتها قائلة: على رسلك يا أختاه.. إنك مسكينة.. ما زلت تعيشين بأفكار قديمة والناس تسير إلى الأمام.. وإلى الحياة الجديدة بلا تعقيد.. وبحرية مطلقة، وإني لأستأذنك فإني على موعد مهم.. خرجتْ وتركتْ صاحبتها فاطمة تفكر في تصرُّفاتها وموقفها الحاد.. وتمرُّ الأيام سريعة ويأتي الخبر كالصاعقة.. أن الفتاة الجريئة على حدود الله المستهزئة بصاحبتها ترقد على السرير الأبيض، فاطمة تراجع نفسها.. وتأخذ عُنوانها لتزورها في المستشفى، سلَّمت عليها، وهشَّت وبشَّت في وجهها.. قالت أمل في نفسها: من هذا الوجه المضيء الذي جاءني في هذه الساعة؟ إنها الصاحبة الوفية.. إنها فاطمة.. ردَّت السلام عليها بأحر وأقوى ما لديها.. سألتها: ما الأمر وما الخطب؟ قالت: كنت مع السائق ذاهبة إلى بعض حاجتي وحصل لنا حادث كان من نتاجه ما ترين.. ساقي وقد انكسرت وآمالي وقد تحطمت، أتدرين يا صاحبتي الوفية ماذا كان يدور في خلدي من ساعة الحادث إلى هذه الساعة؟ قالت: لا أدري. قالت -بأدب جمٍّ ووجه بشوش وهدوء بديع: إنها كلماتك الحارَّة المشرقة، لقد أضاءت كلماتك ظلمة كانت تغشاني وتغطي فؤادي.. وكأني أحس بنور يسعي بين جنبيَّ من سنا كلماتك الصادقة.. نعم.. كلمات ما أظن أني سمعت بأجمل منها منذ عرفت الزميلات، وإنما هي مجاملات ومهاترات، وكأنك بهذا الصنيع قد أنقذتني من بحر لُجِّيٍّ لا ساحل له كدت أغرق فيه. ردَّت فاطمة: بشرى خير ورحمة، وأرجو أن يعجل الله بشفائك لتعودي إلى البيت امرأة أخرى، همُّها.. شغلها.. تفكيرها في طاعة الله عزَّ وجلَّ، وفي هذه اللحظات كان المؤذن قد رطَّب الجو بذكر "الله أكبر.. الله أكبر.." فاستأذنت منها وافترقنا على أمل لقاء آخر.. وتمُرُّ الأيام وتخرج أمل من المستشفى وهي تلهج بذكر الله حمدًا وشكرًا أن لم يأخذ روحها وهي علي المعصية.. وترفع أكُفَّ الضراعة لله أن يحفظ صاحبتها ويوفقها حيثما كانت.. وفي ذات مرَّة تُفاجأ فاطمة وقد رأت وهي داخلة المدرسة إعلانًا عن محاضرة بعنوان: "العودة إلى الله يا فتاة الإسلام" تقام في إحدى مدارس البنات، ولم يكن ذلك غريبًا، وإنَّما الغرابة بدت على وجهها عندما رأت أن اسم المحاضرة "أمل" صاحبتها، عندها دعت لها بالتوفيق والثبات وأن يحفظها الله من السوء والضلال. وكانت مشعلاً آخر يضيء.. ويهدي.. ويعطي الكثير مما استقاه من مشكاة النبوة. أختاه تذكري! * أختاه.. كم ستعيشين في هذه الدنيا؟ ستين سنة.. ثمانين سنة.. مائة سنة.. ألف سنة.. ثم ماذا بعد؟ ثم موت.. ثم بعث إلى جنان النعيم، أو في نار الجحيم. * أختاه.. * تيقني حقَّ اليقين أن ملك الموت كما تعداك إلى غيرك فهو في الطريق إليك. * واعلمي أن الحياة مهما امتدت وطالت فإن مصيرها إلى الزوال وما هي إلا أعوام أو أيام أو لحظات؛ فتصبحين وحيدة فريدة لا حبيبات.. ولا أموال.. ولا صاحبات.. * تخيلي نفسكِ وقد نزل بك الموت، وجاء الملك فجذب روحك من قدميك. * تذكري ظلمة القبر ووحدته، وضيقه ووحشته، وهول مطلعه. * تذكري هيئة الملكين، وهما يُقعدانك ويسألانك.. * تذكري كيف يكون جسمك بعد الموت؟ تقطعت أوصالك وتفتتت عظامك، وبلي جسدك، وأصبحت قوتًا للديدان. * ثم يُنفخ في الصور.. إنها صيحة العرض على الله، فتسمعين الصوت، فيطير فؤادك، ويشيب رأسك، فتخرجين مغبرة حافية عارية، وقد رُجَّت الأرض، وبُسَّت الجبال، وشُخِّصت الأبصار لتلك الأهوال، وطارت الصحائف، وقلق الخائف.. * وشاب الصِّغار، وبان الصَّغار.. * وزفرت النار، وأحاطت الأوزار.. * ونصب الصراط، وآلمت السياط.. * وحضر الحساب، وقوي العذاب.. * وشهد الكتاب، وتقطعت الأسباب.. * فكم من عجوز تقول: واشيبتاه! * وكم من كبيرة تنادي واخيبتاه! * وكم من شابة تصيح: واشباباه. * برزت النار فأحرقت، وزفرت النار غضبًا فمزقت، وتقطعت الأفئدة وتفرقت.. والأحداق قد سالت، والأعناق قد مالت، والألوان قد حالت، والمحن قد توالت.. * تذكري مذلتك في ذلك اليوم، وانفرادك بخوفك وأحزانك، وهمومك وغمومك وذنوبك، وخشعت الأصوات للرحمن فلا تسمعين إلا همسًا، وجئ يومئذ بجهنم يومئذ يتذكر الإنسان وأنَّى له الذكري، قد ملئت القلوب رُعبًا، وذهلت المرضعة عن رضيعها، وأسقطت الحامل حملها.. وتتبرَّئين حينها من بنيكِ، وأُمُّكِ وأبيك، وزوجك وأخيك.. * تذكَّري تلك المواقف والأهوال، يوم ينسي المرء كل عزيز وحبيب.. * تذكَّري يوم توضع الموازين، وتتطاير الصحف، كم في كتابكِ من زلل، وكم في عملكِ من خلل؟ * تذكري يوم يُقال لك: هيا.. اعبري الصراط.. * تذكري يوم يناديكِ باسمك بين الخلائق، يا فلانة بنت فلان: هيَّا إلى العرض على الله، فتقومين أنت، ولا يقوم غيرك لأنك أنت المطلوبة. * تذكري حينئذ ضَعْفُكِ، وشدَّة خوفك، وانهيار أعصابك وخفقان قلبك.. * وقفتِ بين يدي الملك الحق المبين، الذي كنت تهربين منه، ويدعوك فتصُدِّين عنه.. * وقفت وبيدك صحيفة، لا تغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصتها، فتقرئينها بلسان كليل، وقلب كسير، قد عمَّكِ الحياء والخوف من الله.. * فبأي لسان تجيبينه حين يسألكِ عن عمركِ، وشبابكِ، وعلمكِ، ومالكِ.. وبأي قدم تقفين غدًا بين يديه، وبأي عين تنظرين إليه، وبأي قلب تُجيبين عليه. * ماذا تقولين غدًا له، عندما يقول لك: يا أمتي: لماذا لم تُجليني؟ لماذا لم تستحيي مني لماذا لم تراقبيني؟ أمتي: استخففت بنظري إليك؟ ألم أُحسن إليك؟ ألم أُنعم عليك؟ * أختاه.. · أفلا تصبرين على طاعة الله هذه الأيام القليلة، وهذه اللحظات السريعة.. لتفوزي الفوز العظيم، وتتمتعي بالنعيم المقيم؟!. · تم بحمد الله. |
| | | | سلسلة الخداع.. والمرأة المسلمة | |
|
مواضيع مماثلة | |
|
| صلاحيات هذا المنتدى: | لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
| |
| |
| |