منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers

(إسلامي.. ثقافي.. اجتماعي.. إعلامي.. علمي.. تاريخي.. دعوي.. تربوي.. طبي.. رياضي.. أدبي..)
 
الرئيسيةالأحداثأحدث الصورالتسجيل
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

IZHAR UL-HAQ

(Truth Revealed) By: Rahmatullah Kairanvi
قال الفيلسوف توماس كارليل في كتابه الأبطال عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لقد أصبح من أكبر العار على أي فرد مُتمدين من أبناء هذا العصر؛ أن يُصْغِي إلى ما يظن من أنَّ دِينَ الإسلام كَذِبٌ، وأنَّ مُحَمَّداً -صلى الله عليه وسلم- خَدَّاعٌ مُزُوِّرٌ، وآنَ لنا أنْ نُحارب ما يُشَاعُ من مثل هذه الأقوال السَّخيفة المُخْجِلَةِ؛ فإنَّ الرِّسَالة التي أدَّاهَا ذلك الرَّسُولُ ما زالت السِّراج المُنير مُدَّةَ اثني عشر قرناً، لنحو مائتي مليون من الناس أمثالنا، خلقهم اللهُ الذي خلقنا، (وقت كتابة الفيلسوف توماس كارليل لهذا الكتاب)، إقرأ بقية كتاب الفيلسوف توماس كارليل عن سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-، على هذا الرابط: محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم-.

يقول المستشرق الإسباني جان ليك في كتاب (العرب): "لا يمكن أن توصف حياة محمد بأحسن مما وصفها الله بقوله: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِين) فكان محمدٌ رحمة حقيقية، وإني أصلي عليه بلهفة وشوق".
فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ على سائر البُلدان، كما فَضَّلَ بعض الناس على بعض والأيام والليالي بعضها على بعض، والفضلُ على ضربين: في دِينٍ أو دُنْيَا، أو فيهما جميعاً، وقد فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ وشَهِدَ لها في كتابهِ بالكَرَمِ وعِظَم المَنزلة وذَكَرَهَا باسمها وخَصَّهَا دُونَ غيرها، وكَرَّرَ ذِكْرَهَا، وأبَانَ فضلها في آياتٍ تُتْلَى من القرآن العظيم.
المهندس حسن فتحي فيلسوف العمارة ومهندس الفقراء: هو معماري مصري بارز، من مواليد مدينة الأسكندرية، وتخرَّجَ من المُهندس خانة بجامعة فؤاد الأول، اشْتُهِرَ بطرازهِ المعماري الفريد الذي استمَدَّ مَصَادِرَهُ مِنَ العِمَارَةِ الريفية النوبية المَبنية بالطوب اللبن، ومن البيوت والقصور بالقاهرة القديمة في العصرين المملوكي والعُثماني.
رُبَّ ضَارَّةٍ نَافِعَةٍ.. فوائدُ فيروس كورونا غير المتوقعة للبشرية أنَّه لم يكن يَخطرُ على بال أحَدِنَا منذ أن ظهر وباء فيروس كورونا المُستجد، أنْ يكونَ لهذه الجائحة فوائدُ وإيجابيات ملموسة أفادَت كوكب الأرض.. فكيف حدث ذلك؟!...
تخليص الإبريز في تلخيص باريز: هو الكتاب الذي ألّفَهُ الشيخ "رفاعة رافع الطهطاوي" رائد التنوير في العصر الحديث كما يُلَقَّب، ويُمَثِّلُ هذا الكتاب علامة بارزة من علامات التاريخ الثقافي المصري والعربي الحديث.
الشيخ علي الجرجاوي (رحمه الله) قَامَ برحلةٍ إلى اليابان العام 1906م لحُضُورِ مؤتمر الأديان بطوكيو، الذي دعا إليه الإمبراطور الياباني عُلَمَاءَ الأديان لعرض عقائد دينهم على الشعب الياباني، وقد أنفق على رحلته الشَّاقَّةِ من مَالِهِ الخاص، وكان رُكُوبُ البحر وسيلته؛ مِمَّا أتَاحَ لَهُ مُشَاهَدَةَ العَدِيدِ مِنَ المُدُنِ السَّاحِلِيَّةِ في أنحاء العالم، ويُعَدُّ أوَّلَ دَاعِيَةٍ للإسلام في بلاد اليابان في العصر الحديث.

أحْـلامٌ مِـنْ أبِـي (باراك أوباما) ***

 

 ذكر سلاطين مصر الذين فوض إليهم خلفاء مصر العباسيون فاستبدوا بالأمر دونهم:

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

ذكر سلاطين مصر الذين فوض إليهم خلفاء مصر العباسيون فاستبدوا بالأمر دونهم: Empty
مُساهمةموضوع: ذكر سلاطين مصر الذين فوض إليهم خلفاء مصر العباسيون فاستبدوا بالأمر دونهم:   ذكر سلاطين مصر الذين فوض إليهم خلفاء مصر العباسيون فاستبدوا بالأمر دونهم: Emptyالأحد 03 ديسمبر 2023, 10:37 pm

ذكر سلاطين مصر الذين فوض إليهم خلفاء مصر العباسيون فاستبدوا بالأمر دونهم:
أولهم الملك الظاهر ركن الدين، أبو الفتح بيبرس البندقداري.
ولما فوض إليه خليفة مصر لقبه قسيم أمير المؤمنين وهو أول من لقب بها، وكان الملوك قديمًا يكتب أحدهم من جهة الخليفة: "مولى أمير المؤمنين" أي عتيقه، ويكتب هو إلى الخليفة "خادم أمير المؤمنين"، فإن زيد في تعظيمه لقب "ولي أمير المؤمنين"، ثم "صاحب أمير المؤمنين"، ثم "خليل أمير المؤمنين"، وهو أعلى ما لقب به ملوك بني أيوب، فلقب الظاهر هذا قسيم أمير المؤمنين؛ وهو أجل من تلك الألقاب، وكان في الظاهر محاسن وغيرها، وظلم أهل الشام غير مرة، وأفتاه جماعة بموافقة هواه، فقام الشيخ محيي الدين النووي في وجهه، وأنكر عليه، وقال: أفتوك بالباطل! وكان بمصر منقمعًا تحت كلمة الشيخ عز الدين بن عبد السلام، لا يستطيع ان يخرج عن أمره، حتى إنه قال لما مات الشيخ: ما استقر ملكي إلا الآن.
ومن محاسنه ما حكاه ابن كثير في تاريخه أنه حضر في يوم الثلاثاء تاسع رجب سنة ستين إلى دار العدل في محاكمة في بئر بين يدي القاضي تاج الدين ابن بنت الأعز، فقام الناس سوى القاضي، فإنه أشار إليه ألا يقوم، فقام هو وغريمه بين يدي القاضي وتداعيا، وكان الحق بيد السلطان، وله بينة عادلة به، فانتزعت البئر من يد الغريم وهو أحد الأمراء.
والظاهر هو الذي أكمل عمارة المسجد النبوي من الحريق، وكان الخليفة المستعصم شرع فيه بعد أن احترق، فقتل قبل أن يتم، فجهز الظاهر في رمضان سنة إحدى وستين صناعًا وأخشابًا وآلات، وطيف بها بالديار المصرية فرحة بها،
(2/95)
_________
وتعظيما لشأنها، ثم ساروا بها إلى المدينة الشريفة، وأرسل منبرًا فنصب هنالك، وحج في سنة سبع وستين، فغسل الكعبة بيده بماء الورد، وزار المدينة الشريفة، فرأى الناس يلتصقون بالقبر النبوي، فقاس ما حوله بيده، وأرسل في العام الذي يليه دارابزيا من خشب، فأدير حول القبر الشريف.
وللظاهر فتوحات كثيرة، وملك الروم، وجلس بقيسارية على تخت آل سلجوق، ولبس التاج، وضرب باسمه الدينار والدرهم، وهو الذي جعل القضاة أربعة من كل مذهب قاض، ولم يعهد ذلك قبله في ملة الإسلام، وهو الذي جدد صلاة الجمعة بالجامع الأزهر وبجامع الحاكم، وكانا مهجورين من زمن العبيديين، فأساء في ذلك كل الإساءة كما سنبينه بعد هذا.
وأمر في أيامه بإراقة الخمور، وإبطال المفسدات والخواطئ وإسقاط المكوس المرتبة عليها، فأحسن في ذلك كل الإحسان.
وفي أيامه طيف بالمحمل وبكسوة الكعبة المشرفة بالقاهرة وذلك في سنة خمس وسبعين، وكان يوما مشهودا، وهو أول من فعل ذلك بالديار المصرية.
وكان له صدقات كثيرة؛ من ذلك كل سنة عشرة آلاف إردب قمح للفقراء والمساكين وأرباب الزوايا، وكان يخرج كل سنة جملة مستكثرة يستفك بها من حبس القاضي من المفلسين، وكان يرتب في أول رمضان مطابخ لأنواع الأطعمة برسم الفقراء والمساكين، ووقف وقفا على تكفين أموات الغرباء، وأجرى على أهل الحرمين وطرق الحجاز ما كان انقطع في أيام غيره من الملوك، وله أنواع من المعروف وأوقاف البر.
نقلت من خط شيخنا الإمام تقي الدين الشمني؛ قال: نقلت من خط الشيخ كمال الدين الدميري، نقل من خط الشيخ جمال الدين بن هشام، قال: من غريب ما رأيت على
(2/96)
_________
كراريس من تسهيل الفوائد بخط الشيخ جمال الدين بن مالك، في أواخرها صورة رفعها الفقير إلى رحمة ربه محمد بن مالك: يقبل الأرض، وينهى إلى السلطان أيد الله جنوده وأيد سعوده، أنه أعرف أهل زمانه بعلوم القراءات والنحو واللغة وفنون الآداب.
وأمله أن يعينه نفوذًا من سيد السلاطين، ومبيد الشياطين، خلد الله ملكه، وجعل المشارق والمغارب ملكه، على ما هو بصدده من إفادة المستفيدين، وإفادة المسترشدين؛ بصدقة تكفيه هم عياله، وتغنيه عن التسبب في صلاح حاله؛ فقد كان في الدولة الناصرية عناية تتيسر بها الكفاية؛ مع أن الدولة، من الدولة الظاهرية كجدول من البحر المحيط، والخلاصة من الوسيط والبسيط؛ وقد نفع الله بهذه الدولة الظاهرية الناصرية خصوصًا وعمومًا، وكشف بها عن الناس أجمعين عمومًا؛ ولم بها من شعث الدين ما لم يكن ملمومًا، فمن العجائب كون المملوك من مزيد خيراتها، وعن يمين عنايتها غائبا محرومًا؛ مع أنه من ألزم المخلصين الدعاء بدوامها، وأقوم الموالين بمراعاة زمانها؛ لأبرحت أنوارها زاهرة، وسيوف أنصارها قاهرة ظاهرة، وأياديها مبذولة موفورة، وأعاديها مخذولة مقهورة، بمحمد وآله!
وكان الشيخ محيي الدين النووي يكثر المكاتبات إليه، ويعظه في أمور المسلمين.
قال الشيخ علاء الدين بن العطار: كتب الشيخ محيي الدين ورقة إلى الظاهر بيبرس، تتضمن العدل في الرعية، وإزاله المكوس.
وكتب فيها معه جماعة، ووضعها في ورقة كتبها إلى الأمير بدر الدين بيليك الخازندار (1) بإيصال ورقة العلماء إلى السلطان، وصورتها:
بسم الله الرحمن الرحيم، من عبد الله يحيى النووي، سلام الله تعالى ورحمته وبركاته
_________
(1) كذا في الأصل والنجوم الزاهرة 7: 98، والسلوك 436، وفي ح، ط: "بليلبك، بالباء الموحدة قبل الكاف، وهو أحد الخارندارية، وموضوعها التحدث في خزائن الأموال السلطانية من نقش وقماش وغير ذلك.وانظر صبح الأعشى 4: 21.
(2/97)
_________
على المولى المحسن، ملك الأمراء بدر الدين.
أدام الله الكريم له الخيرات، وتولاه بالحسنات، وبلغه من أقصى الآخرة، والأولى كل آماله، وبارك له في جميع أحواله؛ آمين وينهي إلى العلوم الشريفة، أن أهل الشام في هذه السنة في ضيق عيش وضعف حال، بسبب قلة الأمطار وغلاء الأسعار، وقلة الغلات والنبات، وهلاك المواشي وغير ذلك؛ وأنتم تعلمون أنه تجب الشفقة على الرعية ونصيحته في مصلحته ومصلحتهم؛ فإن الدين النصيحة.
وقد كتب خدمة الشرع الناصحون للسلطان المحبوبون له كتابا يذكره النظر في أحوال رعيته، والرفق بهم؛ وليس فيه ضرر، بل هو نصيحة محضة، وشفقة وذكرى لأولي الألباب، والمسئول من الأمير أيده الله تعالى تقديمه إلى السلطان، أدام الله له الخيرات.
ويتكلم عنده من الإشارة بالرفق بالرعية بما يجده مدخرًا له عند الله تعالى {يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ} (1).
وهذا الكتاب أرسله العلماء أمانة، ونصيحة للسلطان أعز الله أنصاره، فيجب عليكم إيصاله للسلطان (2) أعز الله أنصاره، وأنتم مسئولون عن هذه الأمانة، ولا عذر لكم في التأخر عنها، ولا حجة لكم في التقصير عنها عند الله تعالى وتسألون عنها يوم القيامة {يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ} (3)، {يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ، وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ، وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ، لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ} (4).
وأنتم بحمد الله تحبون وتحرصون عليه، وتسارعون إليه، وهذا من أهم الخيرات وأفضل الطاعات، وقد أهلتم له، وساقه الله إليكم، وهو فضل من الله ونحن خائفون أن يزداد الأمر شدة، إن لم يحصل النظر في الرفق بهم، قال الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا
_________
(1) سورة آل عمران: 30.
(2) ح، ط: "إلى السلطان".
(3) الشعراء: 88.
(4) عبس: 34-37.
(2/98)
_________
إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ} (1)، وقال الله تعالى: {وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ} (2).
والجماعة الكاتبون منتظرون ثمرة هذا، فإذا فعلتم هذا فأجركم على الله {إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ} (3) ؛ والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
فلما وصلت الورقتان إليه، أوقف عليهما السلطان، فرد جوابهما ردًّا عنيفًا مؤلمًا، فتكدرت خواطر الجماعة الكاتبين، فكتب رضي الله عنه لذلك الجواب وهذه صورته:
بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آل محمد.
من عبد الله يحيى النووي، ينهي أن خدمة الشرع كانوا كتبوا ما بلغ السلطان أعز الله أنصاره، فجاء الجواب بالإنكار والتوبيخ والتهديد، وفهمنا منه أن الجهاد ذكر في الجواب على خلاف حكم الشرع، وقد أوجب الله إيضاح الكلام عند الحكام عند الحاجة إليه، فقال تعالى: {وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ} (4)، فوجب علينا حينئذ بيانه، وحرم علينا السكوت.
وقال تعالى: {لَيْسَ عَلَى الضُّعَفَاءِ وَلَا عَلَى الْمَرْضَى وَلَا عَلَى الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ مَا يُنْفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} (5).
وذكر في الجواب أن الجهاد ليس مختصًّا بالأجناد؛ وهذا أمر لم ندعه، وكان الجهاد فرض كفاية، فإذا قرر السلطان له أجنادًا مخصوصين، ولهم أخباز معلومة من بيت المال كما هو الواقع، تفرغ باقي الرعية لمصالحهم ومصالح السلطان، والأجناد وغيرهم من الزراعة والصنائع وغيرهما، مما يحتاج الناس كلهم إليه، فجهاد الأجناد مقابل بالأخباز المقررة لهم، ولا يحل أن يؤخذ من الرعية شيء ما دام في بيت المال شيء من نقد، أو متاع أو أرض
_________
(1) الأعراف: 201.
(2) البقرة: 215.
(3) النحل: 128.
(4) آل عمران: 187.
(5) التوبة: 90.
(2/99)
_________
أو ضياع تباع أو غير ذلك؛ وهؤلاء علماء المسلمين في بلاد السلطان أعز الله أنصاره.
متفقون على هذا، وبيت المال بحمد الله معمور، زاده الله عمارة وسعة وخيرًا وبركة في حياة السلطان، المقرونة بكمال السعادة والتوفيق والتسديد، والظهور على أعداء الدين، وما النصر إلا من عند الله.
وإنما يستعان في الجهاد وغيره بالافتقار إلى الله تعالى، واتباع آثار النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وما لزمه أحكام الشرع.
وجميع ما كتبناه أولا وثانيا.
هو النصيحة التي نعتقدها، وندين الله بها، ونسأل الله الدوام عليها حتى نلقاه.
والسلطان يعلم أنها نصيحة له وللرعية، وليس فيها ما يلام عليه.
ولم نكتب هذا السلطان إلا لعلمنا أنه يحب الشرع، ومتابعة أخلاق النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في الرفق بالرعية، والشفقة عليهم وإكرامه لآثار النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وكل ناصح للسلطان موافق على هذا الذي كتبناه.
وأما ما ذكر في الجواب من كوننا لم ننكر على الكفار كيف كانوا في البلاد؛ فكيف يقاس ملوك الإسلام، وأهل الإيمان والقرآن بطغاة الكفار! وبأي شيء كنا نذكر طغاة الكفار، وهم لا يعتقدون شيئًا من ديننا!
وأما تهديد الرعية بسبب نصيحتنا وتهديد طائفة العلماء؛ فليس هذا المرجو من عدل السلطان حلمه؛ وأي حيلة لضعفاء المسلمين الناصحين نصيحة للسلطان ولهم، ولا علم لهم به! وكيف يؤاخذون به لو كان فيه ما يلام عليه!
وأما أنا في نفسي فلا يضرني التهديد، ولا أكثر منه، ولا يمنعني ذلك من نصيحة السلطان؛ فإني أعتقد أن هذا واجب علي وعلى غيري، وما ترتب على الواجب، فهو خير وزيادة عند الله تعالى، {إِنَّمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ الْآخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ} (1)، {وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ} (2)، وقد أمرنا رسول الله -
_________
(1) غافر: 39.
(2) غافر: 44.
(2/100)
_________
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أن نقول الحق حيث ما كنا، وألا نخاف في الله لومة لائم، ونحن نحب السلطان في كل الأحوال، وما ينفعه في آخرته ودنياه، ويكون سببًا لدوام الخيرات له، ويبقى ذكره على ممر الأيام، ويخلد به في الجنة، ويجد نفسه {يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا} (1).
وأما ما ذكر من تمهيد السلطان البلاد، وإدامته الجهاد، وفتوح الحصون، وقهر الأعداء؛ فهذا بحمد الله من الأمور الشائعة التي اشترك في العلم بها الخاصة والعامة، وطارت في أقطار الأرض، فلله الحمد، وثواب ذلك مدخر للسلطان إلى يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضرًا، ولا حجة لنا عند الله تعالى إذا تركنا هذه النصيحة الواجبة علينا، وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
وكتب إلى الملك الظاهر لمَّا احتيط على أملاك دمشق:
بسم الله الرحمن الرحيم.
قال الله تعالى: {وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ} (2).
وقال الله تعالى: {وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ} (3)، وقال تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} (4).
وقد أوجب الله على المكلفين نصيحة السلطان أعز الله أنصاره ونصيحة عامة المسلمين، ففي الحديث الصحيح عن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أنه قال: $"الدين النصيحة لله وكتابه وأئمة المسلمين وعامتهم"؛ ومن نصيحة السلطان وفقه الله تعالى لطاعته، وأولاه كرامته، أن ننهى إليه الأحكام إذا جرت على خلاف قواعد الإسلام، وأوجب الله تعالى الشفقة على الرعية، والاهتمام بالضعفة وإزالة الضرر عنهم، قال الله تعالى:
_________
(1) آل عمران: 30.
(2) الذاريات: 55.
(3) آل عمران: 187.
(4) المائدة: 2.
(2/101)
_________
{وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} (1).
وفي الحديث الصحيح: "إنما تنصرون وترزقون بضعفائكم"، وقال -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "من كشف عن مسلم كربة من كرب الدنيا كشف الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه".
وقال -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "من ولي من أمر أمتي شيئًا فرفق بهم، فأرفق اللهم به، ومن عشق عليهم، فأشفق اللهم عليه"، وقال -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته"، وقال -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إن المقسطين على منابر من نور عن يمين الرحمن؛ الذين يعدلون في حكمهم، وأهليهم وما ولوا".
وقد أنعم الله علينا وعلى سائر المسلمين بالسلطان أعز الله أنصاره، فقد أقامه لنصرة الدين، والذب عن المسلمين، وأذل الله الأعداء من جميع الطوائف، وفتح عليهم الفتوحات المشهورة في المدة اليسيرة، وأوقع الرعب منه في قلوب أعداء الدين وسائر الماردين، ومهد له البلاد والعباد، وقمع بسيفه أهل الزيغ والفساد، وأمده بالإعانة، واللطف والسداد، فلله الحمد على هذه النعم المتظاهرة، والخيرات المتكاثرة، ونسأل الله الكريم دوامها لنا وللمسلمين، وزيادتها في خير وعافية، آمين.
وقد أوجب الله شكر نعمه، ووعد الزيادة للشاكرين، فقال تعالى: {لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ} (2).
وقد لحق المسلمين بسبب هذه الحوطة على أملاكهم أنواع من الضرر لا يمكن التعبير عنها، وطلب منهم إثبات ما لا يلزمهم، فهذه الحوطة لا تحل عند أحد من علماء المسلمين، بل من في يده شيء فهو ملكه، لا يحل الاعتراض عليه، ولا يكلف بإثبات، وقد اشتهر من سيرة السلطان أنه يحب العمل بالشرع فيوصي نوابه، فهو أول (3) من عمل به، والمسئول إطلاق الناس من هذه الحوطة، والإفراج عن جميعهم.
_________
(1) الشعراء: 215.
(2) إبراهيم: 7.
(3) ح: "أول".
(2/102)
_________
فأطلقهم أطلقك الله من كل مكروه، فهم ضعفة وفيهم الأيتام والأرامل والمساكين والضعفة والصالحون، وبهم تنصر وتغاث وترزق، وهم سكان الشام المبارك، جيران الأنبياء صلاة الله وسلامه عليهم، وسكان ديارهم، فلهم حرمات
من جهات.
ولو رأى السلطان ما يلحق الناس من الشدائد لاشتد حزنه عليهم، وأطلقهم في الحال، ولم يؤخرهم؛ ولكن لا تنهى إليه الأمور على جهتها.
فبالله أغث المسلمين يغثك الله، وارفق بهم يرفق الله بك، وعجل لهم الإفراج قبل وقوع الأمطار وتلف غلاتهم، فإن غالبهم (1) ورثوا هذه الأملاك عن أسلافهم، ولا يمكنهم تحصيل كتب شراء وقد نهبت كتبهم، وإذا رفق السلطان بهم حصل له دعاء رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لمن رفق بأمته، ونصره على أعدائه، فقد قال الله تعالى: {إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ} (2)، ويتوفر له من رعيته الدعوات، وتظهر في مملكته البركات، ويبارك له في جميع ما يقصده من الخيرات، وفي الحديث عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "من سن سنة حسنة، فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة، ومن سن سنة سيئة، فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة".ونسأل الله الكريم، أن يوفق السلطان للسنن الحسنة التي يذكر بها إلى يوم القيامة، ويحميه من السنن السيئة.
فهذه نصيحتنا الواجبة علينا للسلطان، ونرجو من فضل الله تعالى أن يلهمه فيها القبول.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
وكتب إليه لما رسم بأن الفقيه لا يكون منزلا في أكثر من مدرسة واحدة:
بسم الله الرحمن الرحيم، خدمة الشرع ينهون أن الله تعالى أمر بالتعاون على البر والتقوى، ونصيحة ولاة الأمور وعامة العلماء (3)، وأخذ على العلماء العهد، وتبليغ أحكام الدين ومناصحة المسلمين، وحث على تعظيم حرماته، وإعظام شعائر الدين، وإكرام
_________
(1) ح: "أكثرهم".
(2) محمد: 7.
(3) ط: "المسلمين".
(2/103)
_________
العلماء وأتباعهم.
وقد بلغ الفقهاء أنه رسم في حقهم بأن يغيروا عن وظائفهم، ويقطعوا عن بعض مدارسهم، فتنكدت بذلك أحوالهم، وتضرروا بهذا التضييق عليهم، وهم محتاجون، ولهم عيال، وفيهم الصالحون "والمشتغلون بالعلوم، وإن كان فيهم طائفة لا يلحقون مراتب غيرهم؛ فهم منتسبون إلى العلم" (1) ويشاركون فيه.
ولا يخفى مراتب أهل العلم، وثناء الله تعالى عليهم وبيانه مزيتهم على غيرهم، وأنهم ورثة الأنبياء صلوات الله عليهم؛ فإن الملائكة عليهم السلام تضع أجنحتها لهم، ويستغفر لهم كل شيء حتى الحوت في الماء.
واللائق بالجناب العالي إكرام هذه الطائفة، والإحسان إليهم ومعاضدتهم، ورفع المكروهات عنهم، والنظر بما فيه من الرفق بهم، فقد ثبت في صحيح مسلم عن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أنه قال: "اللهم من ولي من أمور أمتي شيئًا فرفق بهم فارفق به".
وروى أبو عيسى الترمذي بإسناده عن أبي سعيد الخدري رضى الله عنه، أنه كان يقول لطلبة العلم: مرحبًا بوصية رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: "إن رجالًا يأتونكم يتفقهون، فاستوصوا بهم خيرًا".
والمسئول ألا يغير على هذه الطائفة شيء، وتستجاب دعوتهم لهذه الدولة القاهرة، وقد ثبت في صحيح البخاري أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: "هل تنصرون وترزقون إلا بضعفائكم"!.
وقد أحاطت العلوم بما أجاب به الوزير نظام الملك حين أنكر عليه السلطان صرفه الأموال الكثيرة في جهة طلب العلم، فقال: أقمت لك جندًا لا ترد سهامهم بالأسحار؛ فاستصوب فعله، وساعده عليه.
والله الكريم يوفق الجناب دائما لمرضاته، والمسارعة إلى طاعته والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
_________
(1) تكملة من ط.
(2/104)
_________
وقال بعضهم: لما خرج السلطان الظاهر بيبرس إلى قتال التتار بالشام، أخذ فتاوى العلماء بأنه يجور له أخذ مال من الرعية ليستنصر به على قتال العدو، فكتب له فقهاء الشام بذلك، فقال: هل بقي أحد؟ فقيل: نعم، بقي الشيخ محيي الدين النووي، فطلبه فحضر، فقال: اكتب خطك مع الفقهاء، فامتنع.
فقال: ما سبب امتناعك؟ فقال: أنا أعرف أنك كنت في الرق للأمير بندقدار (1)، وليس لك مال.
ثم مَنَّ اللهُ عليك، وجعلك ملكًا.
وسمعت أن عندك ألف مملوك، كل مملوك له حياصة من ذهب، وعندك مائتا جارية، لكل جارية حقٌّ من الحلي، فإذا أنفقت ذلك كله، وبقيت مماليك بالبنود الصوف بدلًا عن الحوائص، وبقيت الجواري بثيابهن دون الحلي، أفتيتك بأخذ المال من الرعية.
فغضب الظاهر من كلامه، وقال: اخرج من بلدي -يعني دمشق- فقال: السمع والطاعة! وخرج إلى نوى، فقال الفقهاء: إن هذا من كبار علمائنا وصلحائنا، وممن يقتدى به، فأعده إلى دمشق، فرسم برجوعه.
فامتنع الشيخ، وقال: لا أدخلها والظاهر بها.
فمات الظاهر بعد شهر.
قال الذهبي: كان الظاهر خليقًا بالمُلك (2)، لولا ما كان فيه من ظُلم.
قال: والله يرحمه ويغفر له؛ فإن له أيامًا بيضاء في الإسلام، ومواقف مشهودة وفتوحات معدودة.
واستمر الملك الظاهر إلى أن مات يوم الخميس سابع عشري المحرم سنة ست وسبعين وستمائة بدمشق.
وقام بعده في الملك ولده الملك السعيد ناصر الدين أبو المعالي محمد، وسنه ثماني عشرة سنة، وكان أبوه عقد له في حياته، ولقبه هذا اللقب، واستنابه على مصر أيام سفره،
_________
(1) في النجوم الزاهرة 8: 42: "البندقداري"، وفي حواشيه: "هو علم الدين سنجر بن عبد الله التركي البندقداري أحد الأمراء الكبار الأكابر بالديار المصرية".
(2) ط: "الملك".
(2/105)
_________
فاستقل بالسلطنة من يوم موته، واستمر إلى سنة ثمان وسبعين، فاختلف عليه الأماء، وقاتلوه، فخلع نفسه من السلطنة، وأشهد على نفسه بذلك، وذلك في يوم سابع عشر ربيع الآخر.
وأقيم مقامه (1) أخوه بدر الدين سلامش؛ ولقب الملك العادل، وعمره سبع سنين، وجعل أتابكه الأمير سيف الدين قلاوون الصالحي الألفي -سمي بذلك؛ لأنه اشتري بألف دينار- وضربت السكة باسمه على وجه، وباسم أتابكه على وجه.
ودعي لهما معا في الخطبة، فأقام إلى يوم الثلاثاء حادي عشر رجب من هذه السنة، فاجتمع الأمراء بالقلعة، وخلعوا العادل.
قال صاحب السكردان: وهو السادس من دولة الأتراك؛ فإن أولهم المعز أيبك، وكل سادس من الخلفاء والملوك لا بد أنه يخلع.
وأقاموا بعده قلاوون الصالحي، ففوض إليه الخليفة، ولقب الملك المنصور، وكتب له تقليد هذه صورته، من إنشاء القاضي محيي الدين عبد الظاهر:
الحمد لله الذي جعل آية السيف ناسخة لكثير من الآيات، وناسخة لعقود أولي الشك والشبهات، الذي رفع بعض الخلق على بعض درجات، وأهل لأمور البلاد والعباد من جاءت خوارق تملكه بالذي إن لم يكن من المعجزات فمن الكرامات.
ثم الحمد لله الذي جعل الخلافة العباسية بعد القطوب حسنة الابتسام، وبعد الشحوب جميلة الاتسام، وبعد التشريد لها دار سلام أعظم من دار السلام.
والحمد لله على أن أشهدها مصارع أعدائها، وأحمد لها عواقب إعادة نصرتها وإبدائها، ورد شبيهتها بعد أن ظن كل أحد أن شعارها الأسود ما بقي منه إلا ما أصابته العيون في جفونها، والقلوب في سويدائها.
ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، شهادة يتلذذ بذكرها اللسان، وتتعطر بنفحاتها الأفواه والآذان، وتتلقاها ملائكة القبول فترفعها إلى أعلى مكان.
_________
(1) ط: "مكانه".
(2/106)
_________
ونشهد أن محمدا عبده ورسوله الذي أكرمنا به وشرف لنا الأنساب، وأعزنا به حتى نزل فينا محكم الكتاب؛ صلى الله عليه وآله الذين انجاب الدين منهم عن أنجاب، ورضي الله عن صحابته الذين هم أعز صحاب؛ صلاة توفي قائلها أجره بغير حساب يوم الحساب.
وبعد حمد الله على أن أحمد عواقب الأمور، وأظهر الإسلام سلطانا اشتدت به من الأمة الظهور، وشفيت الصدور، وأقام الخلافة العباسية في هذا الزمن المنصور، كما أقامها فيما مضى بالمنصور، واختار لإعلان دعوتها من يحيي معالمها بعد العفاء ورسومها بعد الدثور، وجمع لها الآن ما كان جمح عليها فيما قبل من خلاف كل ناجم، ومنحها ما كانت تبشرها به الملاحم، وأنفذ كلمتها في ممالك الدولة العلوية بخير سيف مشحوذ ماضي العزائم، ومازج بين طاعتهما في القلوب وذكرهما في اللسان؛ وكيف لا والمنصور هو الحاكم.
وأخرج لحياطة الأمة المحمدية ملكا تنقسم البركات من يمينه، وتقسم السعادات بنور جبينه، ويقهر الأعداء بفتكاته، وتمهر عقائل العقائل بصفر راياته؛ ذي السعد الذي ما زال سعده يشف حتى ظهر، ومفخره يرف إلى أن بهر، وجوهره ينتقل من جيد إلى جيد حتى يملأ الجين، وسره يكمن في كل قلب حتى علم العلم اليقين.
والحمد لله الذي جعل بنا تمكينه في الأرض بعد حين، فاختاره الله على علم، واصطفاه من بين عباده بما جبله الله عليه من كرم وشجاعة وحلم، وأتى الله به الأمة المحمدية في وقت الاحتياج غوثًا، وفي إبان الاستمطار غيثا (1)، وفي حين عبث الأشبال في غير وقت الافتراش ليثًا، فوجب على كل من له في أعناق الأمة المحمدية بيعة الرضوان، وعند إيمانهم مصافحة الإيمان، ومن حيث وجبت باستحقاقه لميراث
_________
(1) ح: "عيث".
(2/107)
_________



ذكر سلاطين مصر الذين فوض إليهم خلفاء مصر العباسيون فاستبدوا بالأمر دونهم: 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

ذكر سلاطين مصر الذين فوض إليهم خلفاء مصر العباسيون فاستبدوا بالأمر دونهم: Empty
مُساهمةموضوع: رد: ذكر سلاطين مصر الذين فوض إليهم خلفاء مصر العباسيون فاستبدوا بالأمر دونهم:   ذكر سلاطين مصر الذين فوض إليهم خلفاء مصر العباسيون فاستبدوا بالأمر دونهم: Emptyالأحد 03 ديسمبر 2023, 10:37 pm


منصب النبوة، ومن تصح به كل رسمية شرعية يؤخذ كتابها قوة، ومن هو خليفة الزمان والعصر، ومن بدعواته تنزل عليكم معاشر كماة المسلمين ملائكة النصر، ومن نسبه بنسب (1) نبيكم -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- منتسج، وحسبه بحسبه ممتزج -أن يفوض له ما فوض الله إليه من أمر الخلق، ليقوم عنه بفرض الجهاد والعمل بالحق، وأن يوليه ولاية شرعية تصح بها الأحكام، وتنضبط أمور الإسلام، وتأتي هذه العصبة الإسلامية يوم تأتي كل أمة بإمامها من طاعة خليفتها بخير إمام.
وخرج أمر مولانا أمير المؤمنين شرفه الله أن يكون المقر العالي المولوي السلطاني الملكي المنصوري أجله الله ونصره، وأظفره وأقدره وأيده وأبده، كلما فوضه مولانا أمير المؤمنين من حكم في الوجود، وفي التهائم (2) والنجود، وفي الجيوش والجنود، وفي الخزائن والمدائن، وفي الظواهر والبواطن، وفيما فتحه الله تعالى وفيما سيفتحه، وفيما فسد بالكفر والرجا من الله أن سيصلحه، وفي كل جود ومن وكل عطاء، وفي كل هبة وتمليك، وفي كل تفرد بالنظر في أمور المسلمين بغير شريك، وفي كل تعاهد ونبذ، وفي كل عطاء وأخذ، وفي كل عزل وتولية، وفي كل تسليم وتخلية، وفي كل إرفاق وإنفاق، وفي كل إنعام وإطلاق، وفي كل استرقاق وإعتاق، وفي كل تقليل وتكثير، وفي كل تأثيل وتأثير، وفي كل تقليد وتفويض، وفي كل تجديد وتعويض، وفي كل حمد وتقريض، ولاية تامة محكمة، منضدة منظمة، لا يعقبها نسخ من بين يديها ولا من خلفها، ولا يعتريها فسخ يطرأ عليها، يزيدها مر الليالي جدة يعقبها حسن شباب، ولا ينتهي عن الأعوام والأحقاب، ونعم تنتهي إلى ما نصبه الله تعالى للإرشاد، ومن سنة وكتاب؛ وذلك من شرع الله، أقامه للهداية علمًا، وجعله إلى اختيار الثواب سلمًا.
_________
(1) ط: "ببيت".
(2) ط: "البهائم" تحريف.
(2/108)
_________
فالواجب أن يعمل بجزئيات أمره وكلياته، وألا يخرج أحد عن مقدماته.
والعدل، فهو الغرس المثمر، والسحاب الممطر، والروض المزهر، وبه تنزل البركات، وتخلف الهبات، وتربو الصدقات، وبه عمارة الأرض، وبه تؤدى السنة والفرض؛ فمن زرع العدل اجتنى الخير، ومن أحسن كفي الضرر والضير.
والظلم، فعاقبته وخيمة، وما يطول عمر الملك إلا بالمعدلة الرحيمة.
والرعية، هم الوديعة عند أولي الأمر، فلا يختص منهم زيد دون عمرو.
والأموال، فهي ذخائر العاقبة والمآل، فالواجب أن تؤخذ بحقها، وتنفق في مستحقها.
والجهاد برًّا وبحرًا، فمن كنانة الله يفوق سهامه، وتؤرخ أيامه، وينتضى حسامه، وتجري منشآته في البحر كالأعلام وتنشر أعلامه، وفي عقر دار الحرب يحط ركابه، ويخط كتابه، وترسل أرسانه، وتجوس خلالها فرسانه، فيلزم منه دنيا ديدنا، ويستصحب منه فعلا حسنا.
وجيوش الإسلام وكماته، وأمراؤه وحماته، فمنهم من قد علمت قدم هجرته، وعظم نصرته، وشدة بأسه، وقوة مراسه، وما منهم إلا من شهد الفتوحات والحروب، وأحسن في المحاماة عن الدين الدءوب، وهم بقايا الدول، وسجايا الملوك الأول، ولاسيما أولي السعي الناجح، والرأي الراجح، ومن له نسبة صالحية؛ فإذا فخروا بها قيل لهم: نعم السلف الصالح! فأوسعهم برًّا، وكن بهم برًّا، فهم مما يجب من خدمتك أعلم، وأنت بما يجب من حقهم أدرى.
والحصون والثغور، فهي ذخائر الشدة، وخزائن العديد والعدة، ومقاعد القتال، وكنائن الرجا والرجال؛ فأحسن لها التحصين، وفوض أمرها إلى كل قوي أمين، وإلى كل ذي دين متين، وإلى كل ذي عقل رصين.
(2/109)
_________
ونواب الممالك ونواب الأمصار، فأحسن لهم الاختيار، وأجمل لهم الاختبار، وتفقد لهم الأخبار.
وأما ما سوى ذلك فهو داخل في حدود هذه الوصايا، ولولا أن الله تعالى أمر بالتذكير لكان ذلك سجايا المقر الأشرف السلطاني الملكي المنصور مكتفية بأنواره المضيئة الساطعة.
وزمام كل صلاح يجب أن يشغل به جميع أوقاته، هو تقوى الله تعالى، قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ} (1)، فليكن ذلك نصب العين، وشغل القلب والشفتين.
وأعداء الدين من أرمن وتتار، فأذقهم وبال أمرهم في كل إيراد وإصدار، وخذ للخلفاء العباسيين ولجميع المسلمين منهم الثار، واعلم أن الله ينصرك على ظلمهم وما للظالمين من أنصار.
وأما غيرهم من مجاوريهم من المسلمين، فأحسن لهم باستنقاذك من العلاج، وطبهم باستصطلاحك فبالطب المنصوري والملكي ما زال يصلح المزاج، والله الموفق بمنه، وكرمه إن شاء الله تعالى.
واستمر قلاوون في السلطنة، فكان له مشاهد حسنة، وفتوحات، فمنها طرابلس وقد كانت في أيدي الفرنج من سنة ثلاث وخمسمائة وإلى الآن.
وهو الذي أحدث وظيفة كتابة السر، وأحدث اللعب بالرمح أيام إدارة المحمل وكسوة الكعبة، وغير ملابس الدولة عما كانوا عليه في دولة بني أيوب.
قال الصلاح الصفدي: كان الجند يلبسون فيما تقدم كلوتات (2) صفر مضربة
_________
(1) سورة آل عمران: 102.
(2) الكلوتة: غطاء الرأس تلبس وحدها أو بعمامة، وهو مما استحدثه سلاطين الأيوبيين بمصر، انظر حواشي السلوك 493.
(2/110)
_________
بكلبندات (1) بغير شاشات، وشعورهم مضفورة دبابيق في أكياس حرير ملونة، وفي خواصرهم موضع الحوائص بنود ملونة، وأكمام أقبيتهم ضيقة وأخفافهم برغالي، ومن فوق قماشهم بحلق وإبزيم (2) وجلواز كبير، يسع نصف ويبة أو كثر؛ فأبطل المنصور ذلك كله بأحسن منه؛ وأقام في السلطنة إلى أن توفي يوم السبت سادس ذي القعدة سنة تسع وثمانين.
وأقيم بعده ولده الملك الأشرف صلاح الدين خليل، فلما كان يوم الجمعة رابع عشر شوال سنة تسعين، سأل الشرف الخليفة الحاكم بأمر الله، أن يخطب بنفسه الناس، وأن يذكر في خطبته أنه قد ولى السلطنة الأشرف خليل بن المنصور، فلبس الخليفة خلعة سوداء، وخطب الناس بجامع القلعة، ورسم لقاضي القضاة بدر الدين بن جماعة من ثم أن يخطب بالقلعة عند السلطان، فخطب يوم الجمعة التي خطب فيها الخليفة، واستمر يخطب ويستنيب في الجامع الأزهر، ثم أمر الأشرف بقراءة ختمة عند قبر الملك المنصور في ليلة الاثنين رابع ذي القعدة، فحضرها القضاة والأمراء والأعيان، ونزل السلطان ومعه الخليفة إليهم وقت السحر، وخطب الخليفة بعد الختمة خطبة بليغة، حرض الناس فيها على غزو بلاد العراق، واستنقاذها من أيدي التتار، واستمر الأشرف في السلطنة إلى أن قتل بتروجة (3) في ثالث المحرم سنة ثلاث وتسعين، ونقل فدفن في مدرسته التي أنشأها بالقرب من السيدة نفيسة، وقال ابن حبيب يرثيه:
تبا لأقوام لمالك رقهم ... قتلوا وما رقوا لحالة مترف
وافوه غدرا ثم صالوا جملة ... بالمشرفي على المليك الأشرف
_________
(1) الكلبند: جزء من غطاء الرأس؛ وانظر حواشي السلوك 494.
(2) الإبزيم: ما يكون في رأس المنطقة وما أشبهه، وهو ذو لسان يدخل فيه الطرف الآخر.
(3) تروجة: قرية بمصر؛ من كورة البحيرة من أعمال الإسكندرية، ذكرها ياقوت.
(2/111)
_________
وأقيم أخوه ناصر الدين أبو الفتوح محمد، ولقب الملك الناصر، وعمره يومئذ تسع سنين، واستمر إلى حادي عشر المحرم سنة أربع وتسعين، فخلع.
وتسلطن زين الدين كتبغا المنصوري من سبي التتار ولقب الملك العادل، فأقام إلى صفر سنة ست وتسعين، فخلع وتسلطن حسام الدين لاجين المنصوري، وشق القاهرة، وعليه الخلعة الخليفية، والأمراء بين يديه مشاة، وجاء في تلك السنة غيث عظيم، بعد ما كان تأخر، فقال الوادعي في ذلك:
يا أيها العالم بشراكم ... بدولة المنصور رب الفخار
فالله قد بارك فيها لكم ... فأمطر الليل وأضحى النهار
إلى أن قتل ليلة الجمعة حادي عشر ربيع الآخر سنة ثمان وتسعين، وأعيد الملك الناصر محمد بن قلاوون، وكان منفيًّا بالكرك، فأحضر، وقلده الخليفة يوم السبت رابع جمادى الأولى، وشق القاهرة وعليه خلعة الخليفة، والجيش مشاة بين يديه، فأقام إلى سنة ثمان وسبعمائة، فخرج في رمضان قاصدًا الحج، فاجتاز بالكرك، فأقام بها، ثم كتب كتابا إلى الديار المصرية، يتضمن عزل نفسه عن المملكة، فأثبت ذلك على القضاة بمصر، ثم نفذ على قضاة الشام.
وأقيم في السلطنة الأمير ركن الدين بيبرس الجاشنكير المنصوري، وذلك يوم السبت الثالث والعشرين من شوال، ورقب الملك المظفر، وقلده الخليفة، وألبسه الخلعة السوداء والعمامة المدورة، وركب بذلك وشق القاهرة، والدولة بين يديه والصاحب ضياء الدين النشائي حامل التقليد من جهة الخليفة في كيس أطلس أسود وأوله: إنه من سليمان وإنه بسم الله الرحمن الرحيم.
ثم نفذ التقليد إلى الشام، فقرئ هناك، ثم عاد الملك الناصر من الكرك طالبًا عوده إلى ملكه، وبايعه على ذلك جماعة من الأمراء، فبلغ ذلك المظفر بيبرس، فاستدعى بالشيخ زين الدين بن المرحل وبالشيخ شمس الدين بن عدلان، واستشارهما، فأشارا عليه
(2/112)
_________
بتجديد العهد من الخليفة وتخليف الأمراء ففعل ذلك، وكتب له عهد من الخليفة، صورته:
إنه من سليمان وإنه بسم الله الرحمن الرحيم، من عبد الله وخليفة رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أبي الربيع سليمان العباسي لأمراء المسلمين وجيوشها، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} (1).
وإني رضيت لكم بعبد الله تعالى الملك المظفر ركن الدين بيبرس نائبا عني ملك الديار المصرية والبلاد الشامية، وأقمته مقام نفسي لدينه وكفايته وأهليته، ورضيته للمؤمنين، وعزلت من كان قبله، بعد علمي بنزوله عن الملك، ورأيت ذلك متعينًا عليّ، وحكمت بذلك الحكام الأربع.
واعلموا رحمكم الله أن الملك عقيم ليس بالوراثة لأحد خالف عن سالف، ولا كابر عن كابر، وقد استخرت الله تعالى ووليت عليكم الملك المظفر، فمن أطاعه فقد أطاعني، ومن عصاه فقد عصاني، ومن عصاني فقد عصى أبا القاسم ابن عمي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.وبلغني أن الملك الناصر ابن السلطان الملك المنصور شق العصا على المسلمين، وفرق كلمتهم، وأطمع عدوهم فيهم، وعرض البلاد الشامية والمصرية إلى سبي الحريم والأولاد، وسك الدماء، فتلك دماء قد صانها الله تعالى من ذلك، وأنا خارج إليه ومحاربه إن استمر على ذلك، وأدافع عن حريم المسلمين وأنفسهم، وأولادهم بهؤلاء الأمراء والجيش العظيم، وأقاتله حتى يفيء إلى أمر الله.
وقد أوجبت عليكم يا معاشر المسلمين كافة الخروج تحت لوائي، اللواء الشريف، فقد أجمعت الحكام على وجوب دفعه وقتاله عن استمر على ذلك، وأنا أستصحب معي الملك المظفر، فجهزوا أرواحكم.
والسلام.
وقرئ هذا العهد على منابر الجوامع بالقاهرة، وأما الناصر فإنه سار من الكرك بمن معه في أول شعبان سنة ثمان وسبعمائة، فأتى دمشق فانتظم أمره، ثم توجه إلى مصر، فلما بلغ ذلك المظفر بيبرس، أخذ جميع ما في الخزائن من الأموال، وتوجه إلى جهة أسوان،
_________
(1) النساء: 59.
(2/113)
_________
فدخل الناصر إلى مصر يوم عيد الفطر، وصعد القلعة، وجلس على سرير الملك، وحلقت له العساكر، ثم وجه إلى المظفر من أحضره واعتقله، ثم خنقه في خامس عشر شوال.
وقال العلاء الوداعي في عود الناصر إلى ملكه:
الملك الناصر قد أقبلت ... دولته مشرقة الشمس
عاد إلى كرسيه مثل ما ... عاد سليمان إلى الكرسي
وقال الصلاح الصفدي:
تثني عطف مصر حين وافى ... قدوم الناصر الملك الخبير
فذل الجشنكير بلا لقاء ... وأمسى وهو ذو جأش نكير
إذا لم تعضد الأقدار شخصًا ... فأول ما يراع من النصير
وشرع يعاتب الناس في أمره، فقال للخليفة: هل أنا خارجي وبيبرس من سلالة بني العباس!
وقال للقاضي علاء الدين بن عبد الظاهر: وكان هو الذي كتب عهد المظفر عن الخليفة: يا أسود الوجه.وقال للقاضي بدر الدين بن جماعة: كيف تفتي المسلمين بقتالي! فقال: معاذ الله، أن تكون الفتوى كذلك! وإنما الفتوى على مقتضى كلام المستفتي.
ثم عزله عن القضاء، وعزل القاضيين: شمس الدين السروجي الحنفي والحنبلي، وأبقى المالكي، لكونه كان وصيًّا عليه من جهة أبيه قلاوون.
وقال للشيخ صدر الدين بن المرحل: كيف تقول في قصيدتك:
ما للصبي وما للملك يكفله ... شأن الصبي بغير الملك مألوف!
فخلف ابن المرحل ما قال هذا، وإنما الأعداء زادوا هذا البيت في القصيدة، والعفو من شيم الملوك؛ فعفا عنه.
(2/114)
_________
وجاء الشيخ شمس الدين بن عدلان يستأذن، فقال الناصر للدوادار (1): قل له: أنت أفتيت أنه خارجي، وقتاله جائز، ما لك عندي دخول! ولكن عرفه أنه وابن المرحل بكفهما ما قال الشارمساحي في حقهما، وكان الأديب أحمد بن عبد الدائم الشارمساحي الماجن قال:
ولي المظفر لما فاته الظفر ... وناصر الحق وافى وهو منتصر
وقد طوى الله من بين الورى فتنا ... كادت على عصبة الإسلام تنتشر
فقل لبيبرس إن الدهر ألبسه ... أثواب عارية في طولها قصر
لما تولى تولى الخبر عن أمم ... لم يحمدوا أمره فيها ولا شكروا
وكيف تمشي به الأحوال في زمن ... لا النيل أوفى، ولا وافاهم مطر
ومن يقوم ابن عدلان بنصرته ... وابن المرحل قل لي: كيف ينتصر!
وكان النيل لم يوف سنة تولى المظفر، وارتفع السعر.
قلت: الكل مظلمون مع الناصر، فإنهم أفتوا بالحق، ولكن جبروت وظلم وعسف، وشوكة وصبًا وجهل، فمن يخاطب الإنسان!
واستمر الناصر في السلطنة بلا منازع، فحج خفيفا في سنة اثنتي عشرة من طريق الكرك، وعاد إلى دمشق، ثم حج من القاهرة سنة تسع عشرة ومعه قاضي القضاة البدر ابن جماعة، والأمراء وغالب أرباب الدولة، وكان خروجه في سادس ذي القعدة، وأبطل في هذه السنة مكوس الحرمين، وعوض أميري مكة والمدينة عنها إقطاعات بمصر والشام، ومهد ما كان في عقبة إيلياء من الصخور، ووسع طريقها.
واتفق في هذه السنة أن كريم الدين ناظر الخاص حضر إلباس الكعبة الكسوة، فصعد الكعبة، وجلس على العتبة يشرف على الخياطين، فأنكر الناس استعلاءه على
_________
(1) الداودار: وظيفة تعادل السكرتير الخاص للسلطان، وهو الذي يحمل دولته وغيرها؛ مع ما يلحق ذلك من المهمات، حواشي السلوك 1: 141.
(2/115)
_________
الطائفين، فسقط لوقته على رأسه، وصرخ الناس صرخة عظيمة تعجبا من ظهور قدرة الله، وانقطع ظهره، ولولا تداركه من تحته لهلك؛ وعلم بذنبه، فتصدق بمال جزيل.
ثم حج الناصر حجة ثالثة في سنة اثنتين وثلاثين، وهو الذي حفر الخليج الناصري الداخل من قنطرة قديدار (1)، وعزم على أن يجري النيل تحت القلعة، ويشق له من ناحية حلوان، فثبطه عن ذلك فخر الدين ناظر الجيش، وقال: إنه يحتاج إلى ثلاث خزائن من المال، ولا يدري: هل يصح أو لا! فرجع عنه.
واستمر الناصر إلى أن مات يوم الأربعاء عاشر ذي الحجة سنة إحدى وأربعين.
وهو أطول ملوك الترك مدة.
وأقيم بعده ولده سيف الدين أبو بكر، ولقب الملك المنصور، فأقام دون الشهرين، ثم خلع في يوم الأحد العشرين من صفر سنة اثنتين وأربعين، ونفي هو وأخوته إلى قوص، وتهتكت حريم أبيه الناصر، وكثر البكاء والعويل بالقاهرة.
وكان يومًا من أشنع الأيام، ثم قتل بقوص، وأقيم بعده أخوه علاء الدين كحك ولقب الملك الأشرف، وعمره دون ست سنين، فقال بعض الشعراء في ذلك:
سلطاننا اليوم طفل والأكابر في ... خلف وبينهم الشيطان قد نزغا
فكيف يطمع من تغشاه مظلمة ... أن يبلغ السؤل والسلطان ما بلغا
فأقام خمسة أشهر، ثم خلع في أول شعبان، واعتقل بالقلعة إلى أن مات سنة ست وأربعين، قال صاحب السكردان: والله أعلم كيف موته (2).
وأقيم أخوه شهاب الدين أحمد ولقب الملك الناصر، وكان قدم من الكرك، وكان
_________
(1) قنطرة قديدار، كانت على الخليج الناصري، وانظر حواشي النجوم الزاهرة 9: 82.
(2) السكردان: 58.
(2/116)
_________
الذي عقد المبايعة بينه وبين الخليفة الشيخ تقي الدين السبكي، وقد حضر من الشام إلى مصر، قال في السكردان:
فأقام في الملك بمصر أربعين يوما، ثم رجع إلى الكرك، ولم يزل هناك حتى خلع يوم الخميس ثاني عشر المحرم سنة ثلاث وأربعين، ثم قتل في أول (1) سنة خمس وأربعين، وأقيم بعده أخوه عماد الدين إسماعيل، ولقب الملك الصالح، فأقام إلى أن مات في رابع ربيع الآخر سنة ست وأربعين وعمره نحو عشرين سنة (2).
وقال الصلاح الصفدي يرثيه:
مضى الصالح المرجو للباس والندى ... ومن لم يزل يلقى المنى بالمنائح
فيا ملك مصر كيف حالك بعده ... إذا نحن أثنينا عليك بصالح
وأقيم بعده أخوه زين الدين شعبان، ولقب الملك الكامل.
وقال الجمال بن نباته في ذلك:
طلعة سلطاننا تبدت ... بكامل السعد في الطلوع (3)
فاعجب لها منه كيف أبدت ... هلال شعبان في ربيع
وقال أيضًا:
شعبان سلطاننا المرجى ... مبارك الطالع البديع
يا بهجة البدر إذ تبدى ... هلال شعبان في ربيع
فأقام سنة وأياما، ثم خلع في جمادى الأولى سنة سبع وأربعين، وسجن وقتل.
وكان من شرار الملوك ظلمًا وعسفا وفسقا، فقال فيه الصلاح الصفدي:
بيت قلاوون سعاداته ... في عاجل كانت وفي آجل
حل على أملاكه للردى ... دين قد استوفاه بالكامل
_________
(1) السكردان: "في صفر".
(2) السكردان: 58.
(3) السكردان: 59.
(2/117)
_________
وأقيم بعده أخوه زين الدين حاجي، ولقب الملك المظفر؛ فأقام سنة وثلاثة أشهر، ثم خلع في يوم الأحد ثاني عشر رمضان سنة ثمان وأربعين، وذبح من ساعته، وقال فيه الصلاح الصفدي:
أيها العاقل اللبيب تفكر ... في المليك المظفر الضرغام
كم تمادى في البغي والغي حتى ... كان بعث الحمام حد الحمام
وقال أيضا:
حان الردى للمظفر ... وفي التراب تعفر
كم قد أباد أميرًا ... على المعالي توفر
وقاتل النفس ظلمًا ... ذنوبه ما تكفر
وأقيم بعده أخوه ناصر الدين أبو المحاسن حسن؛ ولقب الملك الناصر، وعمره يومئذ إحدى عشرة سنة؛ فأقام إلى أن خلع في جمادى الآخرة سنة اثنتين وخمسين، وسجن بالقلعة، وأقيم بعده أخوه صالح، ولقب الملك الناصح، وجعل شيخو أتابكه (1) فأقام إلى أن خلع في شوال سنة خمس وخمسين، وحبس بالقلعة، وأعيد الناصر حسن، فأقام إلى أن قتل ليلة الأربعاء تاسع جمادى الأولى سنة اثنتين وستين، وأقيم بعده ابن أخيه ناصر الدين أبو المعالي محمد بن المظفر حاجي، ولقب الملك المنصور، فأقام إلى أن خلع في شعبان سنة أربع وستين وسجن بالقلعة إلى ان مات سنة إحدى وثمانين، وأقيم بعده ابن عمه أبو المفاخر شعبان بن الأمير حسين بن الملك الناصر محمد بن قلاوون، ولقب الملك الأشرف وعمره يومئذ عشر سنين، واستقر أتابكه يلبغا العمري.
ثم إن يلبغا قتل بأيدي مماليكه في سنة ثمان وستين، وكان ساكنا بالكبش، فقال فيه بعض الشعراء:
_________
(1) الأتابك: في أيام المماليك مقدم العساكر أو القائد العام.
(2/118)
_________
بدا شقا يلبغا وعدت ... عداه في سفنه إليه
والكبش لم يفده وأضحت ... تنوح غربانه عليه
وأقيم أسندمر الناصر أتابكا، فاتفقت معه مماليك يلبغا، فركبوا على الأشرف فهزموا، ونصر الأشرف، وقال بعض الشعراء في ذلك:
هلال شعبان جهرًا لاح في صفر ... بالنصر حتى أرى عيدا بشعبان
وأهل كبش كأهل الفيل قد أخذوا ... رغما وما انتطحت في الكبش شاتان
ثم أقيم الجائي اليوسفي أتابكا وهو زوج أم الأشرف، فاتفق موت أم الأشرف، فقال شهاب الدين السعدي متفائلا بالجائي:
في مستهل العشر من ذي الحجة ... كانت صبيحة موت أم الأشرف
فالله يرحمها ويعظم أجره ... ويكون في عاشور موت اليوسفي
فأتفق أن وقع الأمر كذلك، ركب الجائي على الأشرف في سابع المحرم، فكسر وطلب يوم الثامن، فساق حتى أرمى نفسه في البحر، فغرق، ثم أخرجه الغواصون ودفن في تاسع المحرم.
ثم إن الأشرف تأهب للحج، وسافر في شوال ثمان وسبعين، وصحبه الخليفة والقضاة والأمراء، فلما وصل إلى العقبة، ركب عليه من معه من الأمراء والجند، فانكسر السلطان، ورجع هاربا إلى مصر، فاختفى بها.
قال الحافظ ابن حجر: أخبر الشيخ بدر الدين السلسولي أحد علماء المالكية وصلحائهم، أنه رأى النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لما تجهز الأشرف للحج، وعمر يقول له: شعبان بن حسين يريد أن يجيء إلينا، فقال: لا ما يأتينا أبدا! فلم يلبث الأشرف أن رجع من العقبة.
قال ابن حجر: وعرض طشتمر على الخليفة أن يتسلطن، فامتنع وقال: بل اختاروا
(2/119)
_________
من شئتم، وأنا أوليه، ورجع هو والقضاة إلى مصر.
ثم إنهم ظفروا بالأشرف، فخنقوه وأقيم بعده ولده علاء الدين علي وهو صبي، ولقب الملك المنصور، فأقام إلى أن مات في صفر سنة ثلاث وثمانين، وعمره يوم مات اثنتا عشرة سنة.
وكان التدبير في أيامه لا ينبك البدري، ثم لقرطاي، ثم لبرقوق.
وأقيم بعده أخوه صلاح الدين حاجي بن الأشرف شعبان، ولقب الملك الصالح، وسنة حينئذ تسع سنين، ثم خلع في رمضان سنة أربع وثمانين، وأقيم في السلطنة سيف الدين أبو سعيد برقوق بن أنص؛ ولقب الملك الظاهر؛ وهو أول السلاطين من الجراكسة، وليس فيهم من تسلطن وأبوه مسلم غيره؛ فإن أباه قدم إلى الديار المصرية، فأسلم ومات قبل سلطنة ولده بشهر.
وكان الذي أشار بتلقيب برقوق بالظاهر شيخ الإسلام سراج الدين البلقيني؛ فإن ولايته كانت وقت الظهر، وخطب الخليفة قبل أن يفوض إليه خطبة بليغة، ثم قلده بحضرة البلقيني والقضاة،
واستمر في السلطنة إلى ثالث جمادى الآخرة سنة إحدى وتسعين، فخلع وسجن بالكرك، وأعيد حاجي إلى السلطنة، ولقب الملك المنصور، فأقام إلى صفر سنة اثنتين وتسعين وخلع، وعاد برقوق إلى السلطنة، فاستمر إلى أن مات في شوال سنة إحدى وثمانمائة، وأقيم بعده ولده زين الدين أبو السعادات فرج، ولقب الملك الناصر، وقال بعض الشعراء في ولايته:
مضى الظاهر السلطان أكرم مالك ... إلى ربه يرقى إلى الخلد في الدرج
وقالوا ستأتي شدة بعد موته ... فأكذبهم ربي وماجا سوى فرج
فأقام إلى سادس ربيع الأول سنة ثمان وثمانمائة، فخلع وأقيم أخوه عبد العزيز، ولقب الملك المنصور، ثم خلع في رابع جمادى الآخرة من السنة، وأعيد الناصر فرج، فأقام إلى أن خرج عليه شيخ المحمودي، وقاتله وحصره، وظفر به وحكم ابن العديم
(2/120)
_________
بسفك دمه وقتل بسيف الشرع؛ وذلك في المحرم سنة خمس عشرة وثمانمائة، وأقيم الخليفة المستعين بالله أبو النصر العباسي سلطانًا مستقلًّا بالأمر، وحلف له الأمراء على الوفاء ولم يتغير لقبه، فأقام يتصرف بالولاية والعزل وغيرهما، ثم سأله شيخ أن يفوض إليه السلطنة على العادة، فأجابه إلى ذلك في شعبان من السنة، وبقيت الخلافة باسمه، واستقر شيخ في السلطنة، ولقب الملك المؤيد، وكان من خيار الملوك.
ترجمه الحافظ ابن حجر في معجمه وأثنى عليه، وقال: أين مثله؟ بل أين أين مثله! وكان معه إجازة بصحيح البخاري من شيخ الإسلام سراج الدين البلقيني، فكانت لا تفارقه سفرًا ولا حضرا، وأقام إلى أن توفي في ثامن محرم سنة أربع وعشرين، وأقيم بعده ولده أحمد، ولقب الملك المظفر، وعمره يومئذ سنتان.
وجعل ططر مدبر المملكة، ولقب نظام الملك، فلما كان سلخ شعبان من السنة خلع من الملك لصغره، وأقيم ططر، ولقب الملك الظاهر، فأقام إلى أن مات في سادس ذي الحجة من السنة.
وأقيم بعد ططر ولده محمد ولقب الملك الصالح، وجعل برسباي نظام الملك، فلمَّا كان في ثامن ربيع الآخر سنة خمس وعشرين وأقيم برسباي، ولقب الملك الأشرف، فأقام إلى أن مات في ذي الحجة سنة إحدى وأربعين.
وأقيم ولده يوسف، ولقب الملك العزيز، وجعل جمقمق نظام الملك، فلما كان في سنة اثنتين وأربعين خلع وأقيم جمقمق، ولقب الملك الظاهر، فأقام إلى أن مات سنة سبع وخمسين.
وأقيم ولده عثمان، ولقب الملك المنصور، فمكث شهرا ونصفا، ثم خلع في ربيع الأول، وأقيم إينال العلائي؛ ولقب الملك الأشرف، فأقام إلى أن مات في جمادى الأولى سنة خمس وستين.
(2/121)
_________
وأقيم ولده أحمد ولقب الملك المؤيد ثم خلع في رمضان من السنة، وأقيم خشقدم الناصري، ولقب الملك الظاهر، فأقام إلى أن مات في ربيع الأول سنة اثنتين وسبعين.
وأقيم قايتباي العلائي، ولقب الملك الظاهر، فأقام نحو شهرين وخلع، وأقيم تمربغا، ولقب الملك الظاهر، فأقيم أيضًا نحو شهرين، وخلع في رجب.
وأقيم سلطان العصر الملك الأشرف قايتباي المحمودي، فأقام إلى أن مات ليلة الاثنين ثاني عشر ذي القعدة سنة إحدى وتسعمائة.
وأقيم ولده محمد، ولقب الملك الناصر أبو السعادات محمد (1).
وقد نظم بعضهم أسماء بعض السلاطين في أرجوزة، وهو حمزة بن علي الحسني مذيلا على أرجوزة الجزار عقب ذكر الملك الظاهر، فقال:
ثم تولى الملك السعيد ... وكل يوم في ذراه عيد
ثم أخوه العادل استقلا ... بالملك أياما بها وولى
_________
(1) ورد في هامش الأصل ما يأتي: "وقتل في يوم الأربعاء منتصف ربيع الأول سنة أربع، فولي بعده خاله قانصوه الغوري يوم الجمعة سابع عشرة، ثم خلع أول ذي الحجة سنة خمس، وولي بعده خاله جان بلاط، ولقب الأشرف، ثم أقام في الملك إلى أن خرج من مصر في منتصف ربيع الآخر سنة اثنتين وعشرين وتسعمائة في جيش كبير إلى البلاد الحلبية لملاقاة السلطان سليم بن عثمان، فوقع المصاف بينهما بمرج دابغ في خامس عشري رجب من السنة المذكورة، فمات في ذلك حتف أنفه، ولم توجد جثته.
ثم في يوم الجمعة رابع عشر شهر رمضان من السنة المذكورة تولى طومان باي الداودار ابن أخي الغوري، ولقب الأشرف، ثم إن السلطان سليم بن عثمان دخل مصر في يوم الخميس سلخ الحجة، وقتل طومان باي يوم الاثنين حادي عشري ربيع الأول سنة ثلاث وعشرين وتسعمائة.
وأقام بمصر إلى أن رحل عنها في رابع عشري شعبان من السنة المذكورة، وخلف عليها خاير بك المحمدي.
ثم إن ابن عثمان مات ببلاد الروم في ليلة السبت تاسع شوال سنة ست وعشرين، وقام بعده في الملك ولده سلطان العصر سليمان نصره الله تعالى.
ثم مات خاير بك في ثالث عشري ذي القعدة سنة ثمان وعشرين وتسعمائة، ثم ولي بعده خاير بك مصطفى أحد وزراء السلطان سليمان.
ثم في شهر رمضان قدم من الروم أمير لنيابة مصر يسمى قاسم، ثم جاء من بعده أحمد باشا، ثم من بعده سليمان باشاه، ثم من بعده سليمان باشاه خسرو، ثم من بعد خسرو أعيد سليمان باشاه، ثم من بعده الزيني داود باشاه متوليها الآن أدامه الله تعالى".
وقد وضع هذا النص خطأ داخل نسختي ح، ط.
(2/122)
_________
ثم تولى الملك المنصور ... ومن جرى بنصره المقدور
ثم تولاها المليك الأشرف ... ومن غدا بكل جود يعرف
ثم تولاها المليك الناصر ... وما له في نصره موازر
ثم الأمير كتبغاء العادل ... وما جرى في وقته فسائل
وبعده لاجين المنصور ... ودولة بلاؤها مشهور
ثم بها الناصر عاد ثانيه ... ولم ينل في ملكه أمانيه
ثم حوى الأمر بها المظفر ... ليقض أمر ربنا المقدر
ثم بها الناصر عاد ثالثه ... ونجله المنصور كان وارثه
وبعده الأشرف وهو يافع ... فلا ممانع ولا مدافع
ثم تولى الناصر بن الناصر ... وبعده الصالح ذو المماكر
أعني أبا الفداء إسماعيلا ... طائره أضحى به جميلا
هذا آخر ما نظمه، وقد ذيلت عليه فقلت:
وبعده شعبان وهو الكامل ... وبعده المظفر المماحل
وبعده الناصر واسمه حسن ... وبعده الصالح في البرج سجن
ثم أعيد حسن وبعده ... محمد المنصور أوهي عهده
وبعده شعبان وهو الأشرف ... وهو ابن عشر أمره مستضعف
وبعده المنصور واسمه علي ... وبعده الصالح حاجي قد ولي
وبعده برقوق وهو الظاهر ... ثم أعيد الصالح المنافر
ولقبوه الملك المنصورا ... ثم أعادوا الظاهر المذكورا
وبعده الناصر واسمه فرج ... وبعده عبد العزيز قد خرج
ولقب المنصور ثم أمسكا ... وأحضر الناصر حتى ملكا
(2/123)
_________
وبعد هذا بويع الخليفه ... ذو الرتبة العالية المنيفه
المستعين الأعظم العباس ... فاستوثق الأمر وسر الناس
وبعد هذا ملك المؤيد ... شيخ وبعده المظفر أحمد
وبعده الظاهر واسمه ططر ... ثم ابنه الصالح لما أن غبر
ثم برسباي وذاك الأشرف ... ثم ابنه الملك العزيز يوسف
وبعده الظاهر وهو جقمق ... ثم ابنه المنصور ثم أطلقوا
وبعده إينال وهو الأشرف ... ثم ابنه المؤيد المنصرف
وبعده خشقدم ليث الوغى ... وبعد يلباي أتى تمربغَا
والكل بالظاهر رسما يوصف ... وبعدهم جاء المليك الأشرف
أقام في الملك ثلاثين سوى ... سبع شهور وحوى ما قد حوى
وسلطنوا ولده محمدا ... ولقب الناصر رغمًا للعدا
(2/124)
_________



ذكر سلاطين مصر الذين فوض إليهم خلفاء مصر العباسيون فاستبدوا بالأمر دونهم: 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
 
ذكر سلاطين مصر الذين فوض إليهم خلفاء مصر العباسيون فاستبدوا بالأمر دونهم:
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» اهتمامه بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
» باب ملاطفة اليتيم والبنات وسائر الضعفة والمساكين والمنكسرين والإحسان إليهم والشفقة عليهم والتواضع معهم وخفض الجناح لهم

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers :: (العربي) :: فـضــــــــــــــائـل مـصـــــــــــــــــر :: تـاريـــخ مـصــــــــر-
انتقل الى: