*2* 33 - باب ملاطفة اليتيم والبنات وسائر الضعفة والمساكين والمنكسرين والإحسان إليهم والشفقة عليهم والتواضع معهم وخفض الجناح لهم
قال اللَّه تعالى (الحجر 88): {واخفض جناحك للمؤمنين}.
وقال تعالى (الكهف 281): {واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه، ولا تعد عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدنيا}.
وقال تعالى (الضحى 9، 10): {فأما اليتيم فلا تقهر، وأما السائل فلا تنهر}.
وقال تعالى (الماعون 1، 2، 3): {أرأيت الذي يكذب بالدين، فذلك الذي يدع اليتيم، ولا يحض على طعام المسكين}.
260 - وعن سعد بن أبي وقاص رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال: كنا مع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم ستة نفر، فقال: المشركون للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: اطرد هؤلاء لا يجترئون علينا. وكنت أنا وابن مسعود وردل من هذيل وبلال ورجلان لست أسميهما، فوقع في نفس رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم ما شاء اللَّه أن يقع: فحدث نفسه فأنزل اللَّه تعالى: {ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه} (الأنعام 52) رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
261 - وعن أبي هبيرة عائذ بن عمرو المزني، وهو من أهل بيعة الرضوان رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أن أبا سفيان أتى على سلمان وصهيب وبلال في نفر فقالوا: ما أخذت سيوف اللَّه من عدو اللَّه مأخذها. فقال أبو بكر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أتقولون هذا لشيخ قريش وسيدهم؟! فأتى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم فأخبره فقال: <يا أبا بكر لعلك أغضبتهم، لئن كنت أغضبتهم لقد أغضبت ربك> . فأتاهم فقال: يا إخوتاه آغضبتكم؟ قالوا: لا، يغفر اللَّه لك يا أخي. رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
قوله: <مأخذها> أي لم تستوف حقها منه.
وقوله: <يا أخي> روي بفتح الهمزة وكسر الخاء وتخفيف الياء. وروي بضم الهمزة وفتح الخاء وتشديد الياء.
262 - وعن سهل بن سعد رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال، قال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: <أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا> وأشار بالسبابة والوسطى وفرج بينهما. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.
و <كافل اليتيم> : القائم بأموره.
263 - وعن أبي هريرة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال، قال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: <كافل اليتيم له أو لغيره أنا وهو كهاتين في الجنة> وأشار الراوي، وهو مالك بن أنس، بالسبابة والوسطى. رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم <اليتيم له أو لغيره> معناه: قريبه أو الأجنبي منه. فالقريب مثل أن تكفله أمه أو جده أو أخوه أو غيرهم من قرابته، والله أعلم.
264 - وعنه رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال، قال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: <ليس المسكين الذي ترده التمرة والتمرتان ولا اللقمة واللقمتان، إنما المسكين الذي يتعفف> مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وفي رواية في الصحيحين <ليس المسكين الذي يطوف على الناس ترده اللقمة واللقمتان والتمرة والتمرتان، ولكن المسكين الذي لا يجد غنى يغنيه، ولا يفطن به فيتصدق عليه، ولا يقوم فيسأل الناس> .
265 - وعنه رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قال: الساعي على الأرملة والمسكين كالمجاهد في سبيل اللَّه> وأحسبه قال: <وكالقائم لا يفتر، وكالصائم لا يفطر> مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
266 - وعنه رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قال: <شر الطعام طعام الوليمة يمنعها من يأتيها ويدعى إليها من يأباها، ومن لم يجب الدعوة فقد عصى اللَّه ورسوله> رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
وفي رواية في الصحيحين عن أبي هريرة من قوله: بئس الطعام طعام الوليمة يدعى إليها الأغنياء ويترك الفقراء.
267 - وعن أنس رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قال: <من عال جاريتين حتى تبلغا جاء يوم القيامة أنا وهو كهاتين> وضم أصابعه. رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
و <جاريتين> : أي بنتين.
268 - وعن عائشة رَضِيَ اللَّهُ عَنْها قالت: دخلت علي امرأة ومعها ابنتان لها تسأل فلم تجد عندي شيئاً غير تمرة واحدة فأعطيتها إياها، فقسمتها بين ابنتيها ولم تأكل منها ثم قامت فخرجت، فدخل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم علينا فأخبرته. فقال: <من ابتلي من هذه البنات بشيء فأحسن إليهن كن له ستراً من النار> مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
269 - وعن عائشة أيضاً رَضِيَ اللَّهُ عَنْها قالت: جاءتني مسكينة بحمل ابنتين لها فأطعمتها ثلاث تمرات، فأعطت كل واحدة منهما تمرة ورفعت إلى فيها تمرة لتأكلها فاستطعمتها ابنتاها فشقت التمرة التي كانت تريد أن تأكلها بينهما، فأعجبني شأنها فذكرت الذي صنعت لرَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم فقال: <إن اللَّه قد أوجب لها بها الجنة أو أعتقها بها من النار> رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
270 - وعن أبي شريح خويلد بن عمرو الخزاعي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال، قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: <اللهم إني أحرج حق الضعيفين: اليتيم والمرأة> حديث حسن رواه النسائي بإسناد جيد.
ومعنى <أحرج> : ألحق الحرج وهو الإثم بمن ضيع حقهما، وأحذر من ذلك تحذيراً بليغاً، وأزجر عنه زجراً أكيداً.
271 - وعن مصعب بن سعد بن أبي وقاص رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال: رأى سعد أن له فضلاً على من دونه فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: <هل تنصرون وترزقون إلا بضعفائكم> رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ هكذا مرسلاً، فإن مصعب بن سعد تابعي، ورواه الحافظ أبو بكر البرقاني في صحيحه متصلاً عن مصعب عن أبيه رَضِيّ اللّهُ عَنْهُ.
272 - وعن أبي الدرداء عويمر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال سمعت رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم يقول: <ابغوني الضعفاء؛ فإنما تنصرون، وترزقون بضعفائكم> رواه أبو داود بإسناد جيد.