4- دور المرأة المسلمة في الهجرة الشريفة:
دور المرأة المؤمنة في تحمل أعباء الدعوة، دور كبير وعظيم فقد كانت خديجة رضي الله عنها الملجأ الدافئ الذي يخفف عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فحينما نزل عليه الوحي في غار حراء وجاءها يرتجف ويقول زملوني زملوني, ولمَّا ذهب عنه الرَّوْع.
قال لخديجة: "قد خشيتِ علي".
فقالت له: كلا أبشر فوالله لا يخزيك الله أبداً؛ إنك لتصل الرحم، وتصدُق الحديث، وتحمل الكَلَّ، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق.
متفق عليه (البخاري: كتاب بدء الوحي،باب بدء الوحي، رقم:4، ومسلم:كتاب الإيمان، باب بدء الوحي إلى رسول الله،رقم: 160).
ويتجلى دور المرأة المسلمة في الهجرة الشريفة من خلال الدور الذي قامت به عائشة وأختها أسماء رضي الله عنهما حيث كانتا نعم الناصر والمعين في أمر الهجرة؛ فلم يخذلا أباهما أبا بكر مع علمهما بخطر المغامرة، ولم يفشيا سرّ الرحلة لأحد، ولم يتوانيا في تجهيز الراحلة تجهيزاً كاملاً، إلى غير ذلك مما قامتا به.
وهناك نساء أخريات كان لهن دور بارز في التمهيد لهذه الهجرة المباركة.
منهن: نسيبة بنت كعب المازنية، وأم منيع أسماء بنت عمرو السلمية, فقد بُعث النبي -صلى الله عليه وسلم- في مكة، وأخذ يدعو قومه، فأسلم منهم قليل، وبسطت قريش أيديها وألسنتها بالسوء، فأخذ النبي -صلى الله عليه وسلم- يعرض نفسه على القبائل عله يجد من بينها ناصراً، فلم يجد منها جميعاً أذناً صاغية ولا قلباً واعياً حى لقي في موسم الحج نفراً من الخزرج فعرض عليهم الإسلام وتلا عليهم القرآن فصدقوه وآمنوا به، وقالوا: إنا تركنا قومنا، ولا قوم بينهم من العدواة والشر ما بينهم، وعسى أن يجمعهم الله بك فسنقدم عليهم وندعوهم إلى أمرك، ونعرض عليهم الذي أجبناك إليه من هذا الدين فإن يجمعهم الله إليه، فلا رجل أعز منك، ثم انصرفوا عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وقد بايعوه.
فلما عاد إلى المدينة المنورة أذاعوا بها الإسلام فأجاب داعيتهم خلق كثير، حتى إذا كان موسم الحج من قابل ذلك العام، خرج من المدينة ثلاثة وسبعون رجلاً وامرأتان إلى رسول الله ليبايعوه ويؤتوه عهدهم وذمامهم أن يمنعوه مما يمنعون منه أنفسهم وأهليهم، فتوافدوا جميعاً إلى العقبة الثانية التي كانت النواة الأولى في لبنة الدولة الإسلامية.
فهذه هي أسماء بنت أبي بكر الصديق بن أبي قحافة القرشية التيمية، وأمها قتيلة بنت عبد العزى بن أسد، وهي شقيقة عبد الرحمن بن أبي بكر، وأم عبد الله ابن الزبير، وأخت عائشة أم المؤمنين لأبيهاا، أسلمت بعد سبعة عشر مسلماً، وأصبحت بطلة ضربت أروع الأمثلة في البطولة والفداء.
تنقلت العظائم من يد طاهرة إلى يد طاهرة، فبعد أن دعمت العجوز -رقيقة بنت صيفي- أثرها أقامت الفتاة الحدثة "أسماء بنت أبي بكر" أثرها أيضاً، لقد أعجل النبي -صلى الله عليه وسلم- وصاحبه عن ابتغاء الزاد، وشغلهما الغرض الأسمى عن الغرض الأدنى، فسارا خفيفين إلى غار الذورة العليا في جبل ثور إخفاء لأمرهما، وإعياء للذاهبين في أثرهما.
قامت الفتاة بحمل أمانة يُشفق على الرجال من حملها، فكانت تقطع ثلاثة أميال إلا قليلاً -وهي الصبية الناشئة- في جوف الليل، ووحشة الطريق، بين أسنة الصخر، ومساحات الرمال، تمشى متخفية حذرة مترقبة حتى تصعد إلى هامته، ثم تنحدر في جوفه فتوافي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وصاحبة كل ليلة بالزاد والماء وبما عسى أن تكون قد سمعته، أو رأته، من حديث القوم وخبرهم.
قامت الصغيرة بدور فدائي وحملت أمانة الإمداد والتمويل للرحلة المباركة، ونقل أخبار الكفار، ولما أراد النبي -صلى الله عليه وسلم- الرحيل من الغار متجهاً إلى يثرب جهزت الزاد والماء، ولم تجد ما تربطهما به، فشقت نطاقها وربطتهما به، وحين فعلت ذلك قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: [أبدلك الله بنطاقك هذا نطاقين في الجنة] فقيل لها ذات النطاقين.
تلك هي الصبية التي تركت الولدان والولائد من لداتهها وأترابها يغدون إلى ملاعبهم ويأوون إلى صدور أمهاتهم، وذهبت إلى حيث يعجز أشداء الرجال وأبطالهم، فأي قوة تلك التي أمدها الله بها، وأي قلب ذلك الذي أودعه الله بين ضلوعها، وأية عزمة تلك التي خفقت في نفسها؟
فلعمري لئن سلمت الفتاة "أسماء" من عثرات الطريق ووعثاء الصحراء تحت جنح الليل البهيم، فلم تسلم من أذى قريش وكفارها، فجاءها نفر واقتحموا عليها وداعتها وهدوءها وأحاط بها رجال القوم وهي فريدة بينهم لا يحمي ظهرها رجل، وسألوها في عصبية: أين أبوك يا بنت أبي بكر؟
فردَّت في صمود وشموخ وثقةٍ وإباءٍ: لا أدري أين أبي!!
فرفع النذل أبو جهل -لعنه الله- يده ولطمها لطمة قاسية طار لها قرطها، ولم يوهن ذلك شيئاً من عزيمتها ولا عبث بمكنون سرها.
وتعد هذه الفتاة الفدائية مثلاً لتلك النفوس التي استخلصها الله لدينه، واصطنعها لدعوته، ونفث فيها من روحه، فكانت مستقراً لفضائل الكمال، ويحدثنا التاريخ بإسهاب لمواقفها البطولية بعد ذلك في مجال الجهاد والدعوة، وليس أعظم من قولتها لابنها عبد الله بن الزبير حين خشي من التمثيل بجثته: يا بني إن الشاه لا يضيرها سلخها بعد ذبحها، فامض واستعن بالله، قالت هذا وهي تحذر مصير ابنها، ولكنها تعلمت أن تضحي منذ الصغر، ولا تبخل في سبيل الله بالجهد بالمال والولد.
وهذه هي هند بنت أبي أمية -واسمه حذيفة وقيل سهل- ابن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم القرشية المخزومية أم المؤمنين أم سلمة..
تقول أم سلمة: لمَّا توفي أبو سلمة، أتيتُ النبي -صلى الله عليه وسلم-، فقلت: كيف أقول؟ قال: قولي: اللهم اغفر لنا وله، وأعقبني منه عُقبى صالحة فقلته، فأعقبني الله محمداً -صلى الله عليه وسلم-.
فلمَّا خطبني النبي -صلى الله عليه وسلم- قلت له: فيَّ خِلالٌ ثلاث، أمَّا أنا فكبيرة السِّن، وأنا امرأة معيل، وأنا امرأة شديدة الغيرة.
فقال: أنا أكبرُ منكِ، وأمَّا العيال فإلى الله، وأمَّا الغيرة فأدعو الله فيُذهبها عنكِ.
فتزوجها، فلمَّا دخل عليها قال: إن شئت سبعت لك، وإن سبعت لك سبعت لنسائي.
فرضيت بالثلاث.
والحديث في الصحيح من طرق.
ـ وعن أم كلثوم، قالت: لما تزوج النبي -صلى الله عليه وسلم- أم سلمة، قال لها: إني قد أهديت إلى النجاشي أواقي من مسك وحلة، وإني أراه قد مات، ولا أرى الهدية إلا سترد، فإن ردت، فهي لك.
قالت: فكان كما قال، فأعطى كل امرأة من نسائه أوقية، وأعطى سائره أم سلمة والحلة.
ـ وكان لها يوم الحديبية رأي صائب يدل على وفور عقلها فعندما عقد الصلح مع مشركي مكة كان كثير من المسلمين غير راضين عن بعض شروطه، فلما أمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالتحلل تأخروا في الاستجابة فشق ذلك على رسول الله صلى الله عليه وسلم ودخل على أم سلمة وذكر لها الأمر فقالت: يا نبي الله اخرج ثم لا تكلم أحداً منهم كلمة حتى تنحر بدنك وتدعو حالقك فيحلقك.
فقام صلى الله عليه وسلم ونحر وحلق فقام أصحابه ينحرون ويحلقون.
ـ وفي بيتها نزل قوله تعالى: " إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا (33) الأحزاب.
فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى علي وفاطمة والحسن والحسين، فقال: هؤلاء أهل بيتي، فقالت: يا رسول الله أنا من أهل البيت؟ قال: بلى إن شاء الله.
وقد حكى ابن هشام قصة هجرتها فقال: " كَانَ أَوّلُ مَنْ هَاجَرَ إلَى الْمَدِينَةِ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ مِنْ قُرَيْشٍ، مِنْ بَنِي مَخْزُومٍ: أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الْأَسَدِ بْنِ هِلَالِ بْنِ عَبْدِ اللّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ مَخْزُومٍ، وَاسْمُهُ عَبْدُ اللّهِ، هَاجَرَ إلَى الْمَدِينَةِ قَبْلَ بَيْعَةِ أَصْحَابِ الْعَقَبَةِ بِسَنَةٍ وَكَانَ قَدِمَ عَلَى رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ مَكّةَ مِنْ أَرْضِ الْحَبَشَةِ، فَلَمّا آذَتْهُ قُرَيْشٌ وَبَلَغَهُ إسْلَامُ مَنْ أَسْلَمَ مِنْ الْأَنْصَارِ، خَرَجَ إلَى الْمَدِينَةِ مُهَاجِرًا.
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: فَحَدّثَنِي أَبِي إسْحَاقُ بْنُ يَسَارٍ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ اللّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ جَدّتِهِ أُمّ سَلَمَةَ زَوْجِ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ، قَالَتْ لَمّا أَجْمَعَ أَبُو سَلَمَةَ الْخُرُوجَ إلَى الْمَدِينَةِ رَحَلَ لِي بَعِيرَهُ ثُمّ حَمَلَنِي عَلَيْهِ وَحَمَلَ مَعِي ابْنِي سَلَمَةَ بْنَ أَبِي سَلَمَةَ فِي حِجْرِي، ثُمّ خَرَجَ بِي يَقُودُ بِي بَعِيرَهُ فَلَمّا رَأَتْهُ رِجَالُ بَنِي الْمُغِيرَةِ بْنِ عَبْدِ اللّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ مَخْزُومٍ قَامُوا إلَيْهِ فَقَالُوا هَذِهِ نَفْسُك غَلَبْتنَا عَلَيْهَا، أَرَأَيْت صَاحِبَتَك هَذِهِ؟ عَلَامَ نَتْرُكُك تَسِيرُ بِهَا فِي الْبِلَادِ؟ قَالَتْ فَنَزَعُوا خِطَامَ الْبَعِيرِ مِنْ يَدِهِ فَأَخَذُونِي مِنْهُ.
قَالَتْ وَغَضِبَ عِنْدَ ذَلِكَ بَنُو عَبْدِ الْأَسَدِ، رَهْطُ أَبِي سَلَمَةَ فَقَالُوا: لَا وَاَللّهِ لَا نَتْرُكُ ابْنَنَا عِنْدَهَا إذْ نَزَعْتُمُوهَا مِنْ صَاحِبِنَا.
قَالَتْ فَتَجَاذَبُوا بَنِي سَلَمَةَ بَيْنَهُمْ حَتّى خَلَعُوا يَدَهُ وَانْطَلَقَ بِهِ بَنُو عَبْدِ الْأَسَدِ، وَحَبَسَنِي بَنُو الْمُغِيرَةِ عِنْدَهُمْ وَانْطَلَقَ زَوْجِي أَبُو سَلَمَةَ إلَى الْمَدِينَةِ.
قَالَتْ فَفَرّقَ بَيْنِي وَبَيْنَ زَوْجِي وَبَيْنَ ابْنِي.
قَالَتْ فَكُنْت أَخْرُجُ كُلّ غَدَاةٍ فَأَجْلِسُ بِالْأَبْطُحِ فَمَا أَزَالُ أَبْكِي، حَتّى أَمْسَى سَنَةً أَوْ قَرِيبًا مِنْهَا حَتّى مَرّ بِي رَجُلٌ مِنْ بَنِي عَمّي، أَحَدُ بَنِي الْمُغِيرَةِ فَرَأَى مَا بِي فَرَحِمَنِي فَقَالَ لِبَنِي الْمُغِيرَةِ أَلَا تُخْرِجُونَ هَذِهِ الْمِسْكِينَةَ فَرّقْتُمْ بَيْنَهَا وَبَيْنَ زَوْجِهَا وَبَيْنَ وَلَدِهَا قَالَتْ فَقَالُوا لِي: الْحَقِي بِزَوْجِك إنْ شِئْت.
قَالَتْ وَرَدّ بَنُو عَبْدِ الْأَسَدِ إلَيّ عِنْدَ ذَلِكَ ابْنِي.
قَالَتْ فَارْتَحَلْت بَعِيرِي ثُمّ أَخَذْت ابْنِي فَوَضَعْته فِي حِجْرِي، ثُمّ خَرَجْت أُرِيدُ زَوْجِي بِالْمَدِينَةِ.
قَالَتْ وَمَا مَعِي أَحَدٌ مِنْ خَلْقِ اللّهِ.
قَالَتْ فَقُلْت: أَتَبَلّغُ بِمَنْ لَقِيتُ حَتّى أَقْدَمَ عَلَيّ زَوْجِي، حَتّى إذَا كُنْت بِالتّنْعِيمِ لَقِيتُ عُثْمَانَ بْنَ طَلْحَةَ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ أَخَا بَنِي عَبْدِ الدّارِ فَقَالَ لِي: إلَى أَيْنَ يَا بِنْتَ أَبِي أُمَيّةَ؟ قَالَتْ فَقُلْت: أُرِيدُ زَوْجِي بِالْمَدِينَةِ.
قَالَ أَوَمَا مَعَك أَحَدٌ؟ قَالَتْ فَقُلْت: لَا وَاَللّهِ إلّا اللّهُ وَبُنَيّ هَذَا.
قَالَ وَاَللّهِ مَا لَك مِنْ مَتْرَكٍ فَأَخَذَ بِخِطَامِ الْبَعِيرِ فَانْطَلَقَ مَعِي يَهْوِي بِي، فَوَاَللّهِ مَا صَحِبْت رَجُلًا مِنْ الْعَرَبِ قَطّ، أَرَى أَنّهُ كَانَ أَكْرَمَ مِنْهُ كَانَ إذَا بَلَغَ الْمَنْزِلَ أَنَاخَ بِي، ثُمّ اسْتَأْخَرَ عَنّي، حَتّى إذَا نَزَلْت اسْتَأْخَرَ بِبَعِيرِي، فَحَطّ عَنْهُ ثُمّ قَيّدَهُ فِي الشّجَرَةِ، ثُمّ تَنَحّى وَقَالَ ارْكَبِي.
فَإِذَا رَكِبْت وَاسْتَوَيْتُ عَلَى بَعِيرِي أَتَى فَأَخَذَ بِخِطَامِهِ فَقَادَهُ حَتّى يَنْزِلَ بِي.
فَلَمْ يَزَلْ يَصْنَعُ ذَلِكَ بِي حَتّى أَقْدَمَنِي الْمَدِينَةَ، فَلَمّا نَظَرَ إلَى قَرْيَةِ بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ بقُباءٍ قَالَ زَوْجُك فِي هَذِهِ الْقَرْيَةِ -وَكَانَ أَبُو سَلَمَةَ بِهَا نَازِلًا- فَادْخُلِيهَا عَلَى بَرَكَةِ اللّهِ ثُمّ انْصَرَفَ رَاجِعًا إلَى مَكّةَ.
قَالَ فَكَانَتْ تَقُولُ وَاَللّهِ مَا أَعْلَمُ أَهْلَ بَيْتٍ فِي الْإِسْلَامِ أَصَابَهُمْ مَا أَصَابَ آلَ أَبِي سَلَمَةَ، وَمَا رَأَيْت صَاحِبًا قَطّ كَانَ أَكْرَمَ مِنْ عُثْمَانَ بْنِ طَلْحَة".
سيرة ابن هشام 1/684, وانظر: السيرة النبوية في ضوء القرآن والسنة، د. محمد أبو شهبة (1/461).
المفصل في أحكام الهجرة: نايف على الشحود 1/32.
قال الشاعر:
هل يستوي من رسول الله قائده *** دوماً وآخر هاديه أبو لهب
وأين ما كانت الزهراء أسوتها *** ممن تقفت خطاً حمالة الحطب