قال الفيلسوف توماس كارليل في كتابه الأبطال عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لقد أصبح من أكبر العار على أي فرد مُتمدين من أبناء هذا العصر؛ أن يُصْغِي إلى ما يظن من أنَّ دِينَ الإسلام كَذِبٌ، وأنَّ مُحَمَّداً -صلى الله عليه وسلم- خَدَّاعٌ مُزُوِّرٌ، وآنَ لنا أنْ نُحارب ما يُشَاعُ من مثل هذه الأقوال السَّخيفة المُخْجِلَةِ؛ فإنَّ الرِّسَالة التي أدَّاهَا ذلك الرَّسُولُ ما زالت السِّراج المُنير مُدَّةَ اثني عشر قرناً، لنحو مائتي مليون من الناس أمثالنا، خلقهم اللهُ الذي خلقنا، (وقت كتابة الفيلسوف توماس كارليل لهذا الكتاب)، إقرأ بقية كتاب الفيلسوف توماس كارليل عن سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-، على هذا الرابط: محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم-.
يقول المستشرق الإسباني جان ليك في كتاب (العرب):"لا يمكن أن توصف حياة محمد بأحسن مما وصفها الله بقوله: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِين)فكان محمدٌ رحمة حقيقية، وإني أصلي عليه بلهفة وشوق".
فَضَّلَ اللهُمِصْرَعلى سائر البُلدان، كما فَضَّلَ بعض الناس على بعض والأيام والليالي بعضها على بعض،والفضلُ على ضربين: في دِينٍ أو دُنْيَا، أو فيهما جميعاً، وقد فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ وشَهِدَ لها في كتابهِ بالكَرَمِ وعِظَم المَنزلة وذَكَرَهَا باسمها وخَصَّهَا دُونَ غيرها، وكَرَّرَ ذِكْرَهَا، وأبَانَ فضلها في آياتٍ تُتْلَى من القرآن العظيم.
المهندس حسن فتحيفيلسوف العمارة ومهندس الفقراء:هو معماري مصري بارز، من مواليد مدينة الأسكندرية،وتخرَّجَ من المُهندس خانة بجامعة فؤاد الأول،اشْتُهِرَ بطرازهِ المعماري الفريد الذي استمَدَّ مَصَادِرَهُ مِنَ العِمَارَةِ الريفية النوبية المَبنية بالطوب اللبن،ومن البيوت والقصور بالقاهرة القديمة في العصرين المملوكي والعُثماني.
رُبَّ ضَارَّةٍ نَافِعَةٍ.. فوائدُ فيروس كوروناغير المتوقعة للبشريةأنَّه لم يكن يَخطرُ على بال أحَدِنَا منذ أن ظهر وباءفيروس كورونا المُستجد، أنْ يكونَ لهذه الجائحة فوائدُ وإيجابيات ملموسة أفادَت كوكب الأرض..فكيف حدث ذلك؟!...
تخليص الإبريز في تلخيص باريز: هو الكتاب الذي ألّفَهُ الشيخ "رفاعة رافع الطهطاوي"رائد التنوير في العصر الحديث كما يُلَقَّب، ويُمَثِّلُ هذا الكتاب علامة بارزة من علامات التاريخ الثقافي المصري والعربي الحديث.
الشيخ علي الجرجاوي(رحمه الله)قَامَ برحلةٍ إلى اليابان العام 1906م لحُضُورِ مؤتمر الأديان بطوكيو، الذي دعا إليه الإمبراطور الياباني عُلَمَاءَ الأديان لعرض عقائد دينهم على الشعب الياباني،وقد أنفق على رحلته الشَّاقَّةِ من مَالِهِ الخاص، وكان رُكُوبُ البحر وسيلته؛ مِمَّا أتَاحَ لَهُ مُشَاهَدَةَ العَدِيدِ مِنَ المُدُنِ السَّاحِلِيَّةِ في أنحاء العالم، ويُعَدُّ أوَّلَ دَاعِيَةٍ للإسلام في بلاد اليابان في العصر الحديث.
“رحلة المشتاق: الحج والعمرة” شيخنا محمد عمو في كتابه اللطيف “رحلة المشتاق: الحج والعمرة“، يبحر بنا الدكتور خالد أبو شادي كعادته في عالم التربية الجميل والفكر الأصيل الذي يفوح منه عبق الأصالة وعطر تاريخ السلف الصالح وتفانيهم في العبادات وتسابقهم إلى أعالي الجنات، ليقدم لنا عصارة الرقائق والأحكام والمسائل المتعلقة بالحج والعمرة من خلال أسلوب بديع يأسر القارئ فيُجبره على مواصلة القراءة حتى يجد نفسه عند آخر صفحة من الكتاب الرائع الذي لن يقرأه أحد فيندم على الوقت الذي أمضاه في تقليب صفحاته المليئة بالعلم النافع.
إن قارئ كتاب “رحلة المشتاق: الحج والعمرة” سيجد بين طيَّاته الكثير من الأفكار التي تنفعه سواء كان من الحجاج والمعتمرين أم لا، فقد أورد المؤلف فيه كثيراً من أخبار الصالحين مع الحج والعمرة لكي يقتفي الحجاج والمعتمرون الأثر ويستفيدوا من الدروس والعبر، كما قدم ملخصاً سهلا عن أحكام الحج والعمرة ابتعد فيه عن التعقيد والإطالة والمسائل الخلافية التي لا تعني سوى المتخصصين، ونحن في هذه المقالة سنحاول أن نُطْلِع القارئ الكريم على بعض الأفكار والخطوط العريضة التي تعطيه صورة عن هذا الكتاب المفيد حقاً، على أمل أن يعود هو إليك بنفسه ليقطف منه ما شاء من الثمار ويجني منه ما لذّ له من الفوائد والفرائد.
فضل الحج والعمرة في كتاب “رحلة المشتاق: الحج والعمرة”، الحج والعمرة عبادتان عظيمتان وفرصتان ثمينتان لا يجوز تضيعهما بل يجب على المؤمن اغتنامهما وأداؤهما بالطريقة التي أمرنا الله بها، قال تعالى: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ}، ولهذا فقد كان السلف الصالح يتخذون موسم الحج مناسبة لتعلم المزيد عن الإسلام وتجديد البيعة على الثبات عليه وعلى هذا المنهج ينبغي أن يسير الخلف، وللحج والعمرة لهما فضائل عديدة يمكن تقسيمها إلى ثلاثة أقسام: فضائل خاصة بالعمرة، وفضائل خاصة بالحج، وفضائل تشملهما معاً.
وإن أول فضائل الحج والعمرة أنهما ينفيان الفقر والذنوب، فعن جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “أديموا الحج والعمرة فإنهما ينفيان الفقر والذنوب كما ينفي الكير خبث الحديد”، ومن فضائل الحج والعمرة أن الحاج والمعتمر في رعاية الله، قال صلى الله عليه وسلم: “من خرج حاجاً فمات كتب الله له أجر الحاج إلى يوم القيامة، ومن خرج معتمراً فمات كتب الله له أجر المعتمر إلى يوم القيامة، ومن خرج غازياً في سبيل الله فمات كتب الله له أجر الغازي إلى يوم القيامة”.
ومن فضائل الحج والعمرة أن الحجاج والعمَّار وفد الله لقوله صلى الله عليه وسلم: “الحجاج والعمَّار وفد الله، دعاهم فأجابوه، وسألوه فأعطاهم”، ومن نعم الله تعالى وفضله على وفد الحجاج والعمَّار أن إكرامه لهم يبدأ قبل الوصول، قال صلى الله عليه وسلم: “ما ترفع إبل الحاج رجلاً ولا تضع يداً إلا كتب الله تعالى له بها حسنة أو محا عنه سيئة أو رفعه بها درجة”.
ومن الفضائل الخاصة بالحج أنه يهدم ما كان قبله، فعن عمرو بن العاص رضي الله عنه قال: لما جعل اللهُ الإسلامَ في قلبي أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: ابسط يدك لأبايعك، فبسط فقبضت يدي، قال: مالك يا عمرو؟، قلت: أشترط، قال: تشترط ماذا؟ قلت: أن يغفر لي، قال: “أما علمت أن الإسلام يهدم ما كان قبله، وأن الهجرة تهدم ما كان قبلها، وأن الحج يهدم ما كان قبله”، وجاء في حديث آخر: “من حج لله ولم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه”.
ومن خلال “رحلة المشتاق: الحج والعمرة” يعتبر الحج من أفضل أعمال البر: “الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة”، والحج أعظم جهاد لقوله صلى الله عليه وسلم: “نعم الجهاد الحج”، وقال: “لكن أحسن الجهاد وأجمله حج مبرور“، والحج أبو العبادات لأن مناسك الحج وشعائره تتضمن كل أنواع العبادات من صلاة وصوم وصدقة، قال مفتي البصرة أبو الشعثاء جابر بن زيد الأزدي: “رأيتُ الصلاة تهلك البدن دون المال، والزكاة تهلك المال دون البدن، والحج يهلكهما معاً ولذلك فهو أفضل الأعمال”.
ومن الفضائل الخاصة بالعمرة قوله صلى الله عليه وسلم: “العمرة إلى العمرة كفارة لِمَا بينهما من الذنوب والخطايا”، كما أن من فضائلها أن عمرة واحدة في رمضان تعدل حجة، ومن الأدلة على ذلك أن أم سليم رضي الله عنها جاءت إلى رسول الله صلى عليه وسلم فقالت: حج أبو طلحة وابنه وتركاني، فقال: “يا أم سليم عمرة في رمضان تعدل حجة معي”.
واجبات قبل الحج والعمرة عرفنا الآن فضائل الحج والعمرة، ولكن قبل الذهاب إلى الحج والعمرة ينبغي أن نقول إن خالد أبو شادي في كتابه “رحلة المشتاق: الحج والعمرة” أكد أن هناك عبادات قلبية ينبغي القيام بها قبل بدء رحلة القرب من الله، أولها أن يفهم الحاج والمعتمر شرف البيت الحرام الذي سيذهب إلى زيارته خاصة أنه أشرف بيوت الله تعالى نظراً لاختيار الله له، قال الشعراوي: “وإذا كانت في جميع بقاع الأرض بيوتَ الله وفيها نتقرب إليه بالجماعة والاجتماع على الذكر والاعتكاف مع أنها بيوت الله ولكن باختياره عباده، فكيف يكون التقرب إلى الله في بيته الذي اختاره؟!”.
أمَّا الأمر الثاني الذي ذكره أبو شادي في “رحلة المشتاق: الحج والعمرة” فهو التوبة النصوح، ولذلك في كتابه “رحلة المشتاق: الحج والعمرة” حذّر خالد أبو شادي المؤمن المشتاق من أن ينبني صرح حجه على شفا جرفٍ هارٍ، فيحج بيت الله ولكن لا تزال لديه نية العودة إلى المعصية، قال علي الطنطاوي مشبهاً الأعمال الصالحة بالطائرة التي لا يمكن أن تصعد في الجو إذا أثقلتها الحديد: “إذا أردتم أن يصعد حجكم فخففوا عن عواتقكم أثقال الذنوب، واقطعوا الحبال التي توثقكم بأرض الشهوات أو حُلوّها.
ولا بد للمؤمن أن يكون مشتاقاً إلى بيت الله الحرام، وهذا الشوق كم جاء في “رحلة المشتاق: الحج والعمرة” “يتحقق بأن تستشعر بأنك تطأ قدمك موضعاً وطأته قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم وتراباً مشى عليه الحبيب”، وكتب التراث الإسلامي تقدم لنا الكثير من نماذج الاشتياق إلى البيت الحرام، ومن سادات المشتاقين: سفيان بن عيينة، والإمام أحمد بن حنبل الذي قال ابنه عبد الله: “حجّ أبي خمس حجات ثلاث حجج راكباً واثنتين ماشياً، وأنفق في بعض حجاته عشرين درهماً، وكان من شدة شوقه أنه إذا لم يجد زاد الحج عمل حمَّالاً للقافلة ليغطي تكاليف الرحلة ولا يُحرم.
وقد أشار أبو شادي أيضاً في مؤلفه “رحلة المشتاق: الحج والعمرة” إلى واجبات تنفيذية تبعث في قلب المؤمن إذا تأملها “أن هذه الرحلة هي آخر رحلات حياتك، وأنك لن ترجع بعدها إلى دارك بل إلى قبرك”، ومن هذه الوجبات التنفيذية: قضاء الديون، وردّ المظالم والودائع، وتوديع الأهل، وكتابة الوصية، قال صلى الله عليه وسلم: “ما حق امرئ مسلم له أن شيء يريد أن يوصي فيه يبيت ليلتين إلا ووصيته مكتوبة عنده”.
أسرار الحج والعمرة من المعلوم أن الحج والعمرة يحتويان على الكثير من الأعمال والعبادات والحاج والمعتمر مطالبان بأدائها على أكمل وجه، ولكن لا بد لهما من البحث عن الأسرار الخفية لتحصيل أعظم الفوائد من الحج والعمرة، فبشراء ثوبي الإحرام ولبسه -مثلاً- ينبغي للمؤمن أن يعمل على تبييض قلبه كما بيّضته ثيابه وأن يتذكر الكفن واللَّف فيه وأن الناس سواسية من الملوك إلى الصعاليك، وبالإحرام من الميقات على المؤمن أن يتذكر أنها البداية وأن فساد النهايات من فساد البدايات، وبالاغتسال يمحو المؤمن آثار الذنوب والدنيا الفانية التي كانت عاقلة به.
أمَّا التلبية بصيغتها المعروفة “لبيك اللهم لبيك.. إلخ” التي وصفها ابن عباس بأنها “زينة الحج”، فمن أسرارها أنها نشيد سماوي وإجابة نداء الله عز وجل على الفور ووعدٌ من المؤمن لربه بطاعة بعد طاعة، ولهذا فقد حرص عليها أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أيّما حرص، قال أبو حازم: “كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إذا أحرموا لم يبلغوا الرَّوْحَاء حتى تبحَّ أصواتهم.
وعندما يدخل الحاج مكة ينبغي أن يستشعر عظمتها وأنها مهبط الوحي، أما دخول المسجد الحرام فهو عبارة عن استئذان الله في الدخول عليه والوقوف بين يديه جل جلاله، قال علي الطنطاوي حين دخل المسجد الحرام: “إن ذنوبي سوَّدت صحيفتي وأنا لا أستحق الدخول عليك، ولكن الكريم يقبل من يكون مع الضيف إكراماً للضيف، وأنت أكرم الأكرمين، فهل تطرد من بابِك من جاء مع أضيافك؟”.
وفي الطواف بالبيت، يقوم المؤمن برحلة إلى ماضيه ليقف على أخطائه، ويرتبط بتاريخ النبوة الخالد، ويتشبه بالملائكة المقربين الحافين حول العرش الطائفين حوله، ويتذكر وصية علي بن أبي طالب: “استكثروا من الطواف بهذا البيت قبل أن يُحال بينكم وبينه”، أما عند استلام الحجر الأسود فعلى المؤمن أن يستشعر أنه يبايع الله على طاعته، قال عكرمة: “الحجر الأسود يمين الله عز وجل في الأرض، فمن لم يدرك بيعة رسول الله صلى الله عليه وسلم فمسح الركن فقد بايع الله ورسوله.
ثمرات الحج والعمرة وللحج والعمرة ثمرات عديدة لا بد للحجاج والمعتمرين من قطفها واحدة تلو الأخرى، ومنها أن الحج يوحد الأمة الإسلامية كل عام فيجتمع فيه المسلمون من كل جنس ولون ومن كل حدب صوب في أرض مباركة ليعبدوا الله بطريقة واحدة في مكان واحد، ثم إن الحج عبارة عن التضحية في سبيل الدين لأن الحاج يضحي بماله ليحجّ ويضحي بوقته لينقطع لعبادة الله، ثم إنه يمثل خير مثال على الاستسلام والعبودية المطلقة لله واللجوء إليه، والحج مناسبة عظيمة للافتخار بهذا الدين الخاتم، فالحاجّ يجهر بالتلبية في الحج ليعلن تمسكه بدين الإسلام والتحلّل مما سواه، وفي ختام الحج يردد نشيد الرجوع كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعل إذا رجع من غزو أو حجٍّ أو عمرة: “آيبون تائبون عابدون ساجدون لربنا حامدون”.
ومن ثمرات الحج والعمرة أن الإنسان يتعلم منهما التواضع فيخرج متواضعا أو هكذا ينبغي، ومن هدي النبي محمد صلى الله عليه وسلم أنه “كان إذا قفل من غزو أو حجٍّ أو عمرة يكبر على كل شَرَف من الأرض”، قال الحافظ العراقي معلقاً: “مناسبة التكبير على المرتفع أن الاستعلاء محبوب للنفس وفيه ظهور وغلبة، فينبغي للمتلبس به أن يذكر عنده أن الله أكبر من كل شيء”.
ثم إن الإنسان يتعلم من شعائر الحج والعمرة قيمة الوقت وأهميته في حياة المسلم، فالناظر إلى جدول الأعمال في الحج والعمرة يجد أن كل عبادة لها وقت محدد وقد يكون الوقت أساس قبول العبادة، ولكن هذا الأمر ليس خاصاً بالحج ولا بالعمرة بل نجده -مثلاً- في الصلاة المفروضة: {إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا}.
أحكام الحج والعمرة وللحج والعمرة أحكام تخصهما لا بد لمن يريد أن يحجّ أو يعتمر من معرفتها لكي تكون عبادته صحيحة ومقبولة، وإذا بدأنا بأحكام العمرة بإيجاز فإننا سنجد أن المعتمر عليه أن يبدأ بالاغتسال ويلبس ثياب الإحرام، ثم يقول: “لبيك عمرة.. لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك”، وعندما يصل مكة يطوف بالبيت طواف القدوم (تحية للبيت)، ثم يصلي ركعتين خلفَ المقام إن تيسر، ثم يشرب من ماء زمزم من عند البئر، ثم يذهب إلى الصفا ويقرأ قول الله تعالى: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ}، وعندما ينتهي المعتمر من السعي يقوم بحلق شعر رأسه.
أمَّا إذا نظرنا إلى الحج، فإننا سنجد أن من أبرز أحكامه أن الحاج عليه أن يُحرِم بالحج من مكانه في اليوم الثامن من ذي الحجة (يوم التروية)، ثم يغتسل إن تيسر ويلبس ثوب الإحرام ويقول: “لبيك حجاً.. لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك”، ثم يستمر في التلبية إلى أن يصل منى ويصلي بها الظهر والعصر والعشاء والفجر قصراً من غير جمع.
وعندما طلوع شمس اليوم التاسع من ذي الحجة (يوم عرفة)، يسير الحاج إلى عرفة ويصلي بها الظهر والعصر جمع تقديم ركعتين ركعتين ويمكث فيها، وعند غروب الشمس يسير إلى مزدلفة بهدوء وسكينة ويصلي بها المغرب والعشاء جمعاً وقصراً، ثم يبيت هناك ويصلي الفجر في أول وقتها ويأخذ الحصى.
أمَّا في اليوم العاشر من ذي الحجة (يو النحر أو يوم الحج الأكبر)، فإن الحاج عندما يصل منًى يبدأ برمي جمرة العقبة بسبع حصيات مرات متعاقبات كل واحدة بعد الأخرى، ثم يقوم بذبح هديه ويأكل منه ويوزع على الفقراء، ويحلق رأسه أو يقصره، ويتحلل التحلل الأول فيلبس ثيابه، ثم ينزل إلى مكة فيطوف طواف الإفاضة، ويسعى بين الصفا والمروة، ويتحلل التحلل الثاني فتحل له زوجته.
وفي اليوم الحادي عشر من ذي الحجة (أول أيام التشريق)، يبيت الحاج في معظم الليل بمنى ويرمي الجمرات الثلاث كل واحدة بسبع حصيات، وفي اليوم الثاني عشر (ثاني أيام التشريق) يرمي الحاج الجمرات الثلاث بعد الزوال بسبع حصيات لكل جمرة ويمكنه أن يتعجَّل فيرجع من منى، وفي اليوم الثالث عشر من ذي الحجة (ثالث أيام التشريق) يرمي الحاج الجمرات الثلاث بعد الزوال بسبع حصيات لكل جمرة، وبذلك تكون مناسك الحج قد انتهت، فينفر الحاج إلى مكة ويقيم فيها، وقبل الرجوع إلى البيت على الحاج أن يطوف طواف الوداع امتثالا لقوله صلى الله عليه وسلم: “لا ينفرنّ أحدكم حتى يكون آخر عهده بالطواف بالبيت”، وتُستثنى المرأة الحائض من طواف الوداع.
وقبل أن نختتم هذه المقالة، لا بد أن نقول إن خالد أبو شادي خَصَّصَ وأفرد محوراً رائعاً في كتابه “رحلة المشتاق: الحج والعمرة” للحديث عن مدينة الرسول تحت عنوان (في ضيافة الحبيب)، سرد فيه الكثير من تاريخها ودروسها وعبرها ودعا من خلاله الحجاج والمعتمرين إلى تذكر “فضائلها التي تدهش العقل وتبعث الشوق وتسحر الفؤاد”، قال صلى الله عليه وسلم: “إن الإيمان ليأرز إلى المدينة كما تأرز الحية إلى حجرها”.