أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52561 العمر : 72
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52561 العمر : 72
| موضوع: رد: أحكام زكاة الفطر.. وهل يجوز إخراجها قيمة؟ الجمعة 26 أغسطس 2011, 6:01 am | |
| حكم إخراج زكاة الفطر مال (قيمة): اختلف أهل العلم علي قولين: الأول: من أجاز إخراج القيمة في الزكاة ( وهو قول مرجوح ولا دليل عليه).
- وبه قال الثوري وأبو حنيفة.
- وقد روي ذلك عن عمر بن عبد العزيز والحسن.
- وعن الحسن قال: لا بأسي أن تعطي الدراهم في صدقة الفطر.
- وعن أبي إسحاق قال أدركتهم وهم يؤدون في صدقة رمضان الدراهم بقيمة الطعام.
- وعن عطاء أنه كان يعطي في صدقة الفطر ورقا (دراهم فضية).
- قال النووي في المجموع قال إسحاق وأبو ثور لا تجوز إلا عند الضرورة.
الثاني: من منع إخراج القيمة في الزكاة (وقال تخرج طعام)
- ذكر ابن قدامة في المغني عن الخرقي أنه قال: ومن أعطي القيمة لم تجزئه .
- وقال ابن قدامه – رحمه الله – قال أبو داود : قيل لأحمد – وأنا أسمع أعطي دراهم – يعني في صدقة الفطر- قال : أخاف ألا يجزئه خلاف سنة رسول الله صلي الله عليه وسلم "مسائل عبد الله بن الإمام أحمد "
- وذكر ابن قدامه أيضا عن أبو طالب قال: قال لي أحمد لا يعطي قيمته قيل له: قوم يقولون عمر بن عبد العزيز كان يأخذ بالقيمة، قال: يدعون قول رسول الله صلي الله عليه وسلم ويقولون قال فلان قال ابن عمر: فرض رسول الله صلي الله عليه وسلم زكاة الفطر صاعا من تمر أو صاعا – شعير: وقال الله تعالي: "وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول "، ثم قال: قوم يردون السنة ويقولون قال فلان وقال فلان، وظاهر مذهبه أنه لا يجزئه إخراج القيمة وبه قال مالك والشافعي وقال مالك ( كما في المدونة لسحنون) " لا يجزئ الرجل أن يعطي مكان زكاة الفطر عرضاً من العروض قال: وليس كذلك أمر النبي صلي الله عليه وسلم.
- وقال مالك أيضا كما في الدين الخاص: يجب عن زكاة الفطر صاع من غالب قوت البلد في السنة .
- وكذلك قال الشافعي (نفس المرجع) : يجب في زكاة الفطر صاع من غالبا قوت البلد في السنة .
- وقال ابن تيمية كما في مجموع الفتاوى: أوجبها الله تعالي طعاما كما أوجب الكفارة طعاما.
- قال الحافظ ابن كثير كما في فتح الباري : وكأن الأشياء التى ثبت ذكرها في حديث أبي سعيد لما كانت متساوية في مقدار ما يخرج منها مع ما يخالفها في القيمة دل علي أن المعتبر والمراد إخراج هذا المقدر من أى جنس.
- قال صاحب كفاية الأخيار (كما في المغني) : وشرط المجزئ من زكاة الفطر أن يكون حبا فلا يجزي القيمة بلا خلاف .
- قال النووي كما في شرح مسلم: " بعدما ذكر أشياء قيمتها مختلفة وأوجب في كل نوع منها صاعا فدل علي أن المعتبر صاع ولا نظرة إلي القيمة وقال: ولم يجز عامة الفقهاء إخراج القيمة "
- وقال النووي كما في المجموع: لا تجزئة القيمة في الفطرة عندنا وبه قال مالك وأحمد وابن المنذر.
- وقال أبو إسحاق الشيرازي الشافعي: ولا يجوز أخذ القيمة في شيء من الزكاة لأن الحق لله وقد علقه علي ما نص عليه فلا يجوز نقل ذلك إلي غيره كالأضحية لما علقها علي الأنعام لم يجز نقلها إلي غيرها ( المجموع ).
- وقد ذهب إلي منع دفع القيمة كذلك ابن حزم في المحلي فقال: ولا تجوز قيمته أصلا ولا يجوز إخراج بعض الصاع شعير وبعضه تمرا ولا تجزا قيمته أصلا لأن كل ذلك غير ما فرضت رسول الله.
• وذهب الشوكاني في السيل الجرار أنها لا تجزي بالقيمة إلا إذا تعذر إخراجها طعاماً ، وهو ظاهر كلامه في الدراري المضية حيث قدرها بصاع من القوت المعتاد عن كل فرد.
• ومن المعاصرين الذين يوجبون إخراجها طعاما: عامة علماء الحجاز ومنهم: ابن باز، وابن عثيمين، والشيخ أبوبكر الجزائري حيث قال في زكاة الفطر: لا تخرج من غير الطعام ولا يعدل عنه إلي النقود إلا لضرورة إذ لم يثبت أن النبي صلي الله عليه وسلم أخرج بدلها نقودا بل لم ينقل عن الصحابة إخراجها نقودا ( منهاج المسلم).
أدلة المانعين علي عدم خروج زكاة الفطر قيمة (مال) وهم جمهور أهل العلم 1- زكاة الفطر قربه وعبادة مفروضة من جنس متعين فلا يجزي إخراجها من غير الجنس المعين كما لا يجزي إخراجها في غير الوقت المعين . قال إمام الحرمين أبو المعالي الجويني – رحمة الله – كما في المغني: الشائع المعتمد في الدليل لأصحابنا أن الزكاة قربة لله تعالي وكل ما كان كذلك فسبيله أن يتبع فيه أمر الله تعالي ولو قال إنسان لوكيله اشتر ثوبا وعلم الوكيل أن غرضه التجارة ووجد سلعة هي أنفع لموكله لم يكن له مخالفته وإن رآه أنفع فما يجب لله تعالي بأمره أولي بالإتباع.
كما لا يجوز في الصلاة إقامة السجود علي الخد والذقن مقام السجود علي الجبهة والأنف والتعليل فيه بمعني الخضوع لأن ذلك مخالفة للنص وخروج علي معني التعبد .
كذلك لا يجوز في الزكاة إخراج قيمة الشاة أو البعير أو الحب أو الثمر المنصوص علي وجوبه لأن ذلك خروج على النص وعلى معني التعبد والزكاة أخت الصلاة.
وبيان ذلك أن الله سبحانه أمر بإيتاء الزكاة في كتابه أمراً مجملاً بمثل قوله تعالي "وآتوا الزكاة" وجاءت السنة ففصلت ما أجمله القرآن وبينت المقادير المطلوبة بمثل قوله صلي الله عليه وسلم في كل أربعين شاة شاة وقوله في كل خمسة من الإبل شاه الخ فصار كأن الله تعالي قال وآتوا الزكاة " من كل أربعين شاةً شاةٌُ " فتكون الزكاة حقا للفقير بهذا النص فلا يجوز الاشتغال بالتعليل الإبطال حقه من العين .
2- إخراج القيمة خلاف ما أمر به رسول الله صلي الله عليه وسلم وفرضه فقد روي أبو داود وابن ماجه أن النبي صلي الله عليه وسلم قال لمعاذ حين بعثه إلي اليمن : " خذ الحب من الحب والشاه من الغنم والبعير من الإبل والبقر من البقر "
وهو نص يجب الوقوف عنده فلا يجوز تجاوزه إلي أخذ القيمة لأن في هذه الحال سيأخذ من الحب شيئاً غير الحب ومن الغنم شيئا غير الشاه الخ وهذا خلاف ما أمر به الحديث .
وقد ثبت عن النبي كما في صحيح مسلم " من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد "
وفي رواية " من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد أي مردود "
1- قال ابن قدامه في الحديث"خذ الحب من الحب " لأن مخرج القيمة قد عدل عن المنصوص فلم يجزئه كما لو أخرج الردئ مكان الجيد ( المغني 3/66 ) .
2- وقال الشوكاني في نيل الأوطار ( 4/71) : وقد استدل بهذا الحديث من قال أنها تجب الزكاة من العين لا يعول عنها إلي القيمة إلا عند عدمها وعدم الجنس .
وقال أيضا فالحق أن الزكاة واجبة من العين لا يعدل عنها إلي القيمة إلا لعذر وقال أيضا كما في السيل الجرار : الثابت في أيام النبوة أن الزكاة كانت تؤخذ من عين المال الذي تجب فيه وذلك معلوم لا شك فيه وفي أقواله صلي الله عليه وسلم ما يرشد إلي ذلك.
ويدل عليه كقوله صلي الله عليه وسلم لمعاذ لما بعثه إلي اليمن " خذ الحب من الحب "
3- ولأن النبي صلي الله عليه وسلم عينها من أجناس مختلفة وأقيامها مختلفة غالبا فلو كانت القيمة معتبرة لكان الواجب صاعاً من جنس ما يقابل قيمته من الأجناس الأخرى .
- قال النووي رحمه الله كما في شرح مسلم : ذكر النبي صلي الله عليه وسلم أشياء قيمتها مختلفة وأوجب في كل نوع فيها صاعاً فدل علي أن المعتبر صاع ولا نظر إلي قيمته"
- وقال الحافظ في الفتح (4/437) : " وكأن الأشياء التي ثبت ذكرها في حديث أبي سعيد لما كانت متساوية في مقدار ما يخرج منها مع ما يخالفها في القيمة دل علي أن المراد إخراج هذا المقدار من أي جنس كان .
4- أن الزكاة وجبت لدفع حاجة الفقير وشكرا لله علي نعمه المال والحاجات متنوعة ينبغي أن يتنوع الواجب ليصل إلي الفقير من كل نوع ما تدفع به حاجته ويحصل شكر النعمة بالمواساة من جنس ما أنعم الله عليه به.
5- قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين : ولأن إخراج القيمة مخالف لعمل الصحابة رضي الله عنهم حيث كانوا يخرجونها صاعا من طعام وقد قال النبي صلي الله عليه وسلم : " عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي" . أ هـ
وقد روي البخاري عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال :" كنا نعطيها في زمان النبي صلي الله عليه وسلم صاعا من طعام أو صاعا من تمر أو صاعا من شعير أو صاعا من زبيب".
قال الحافظ : كنا نعطيها- زكاة الفطر- في زمان النبي هذا حكمه الرفع لإضافته إلي زمنه صلي الله عليه وسلم ففيه إشعار بإطلاعه علي ذلك وتقريره له ولاسيما في هذه الصورة التى كانت توضع عنده وتجمع بأمره وهو الآمر بقبضها وتفريقها وفي حديث أبي هريرة رضي الله عنه وفيه :" وكان رسول الله أمرني بحفظ زكاة رمضان فأتاني آت فجعل يحثو من الطعام فأخذته قلت والله لأرفعنك إلي رسول الله وفي رواية أن كان علي تمر الصدقة" .
6- وفي حديث أنس المشهور: ومن بلغت عنده صدقة الحقة وليست عنده وعنده ابن لبون فأنها تقبل منه ويجعل معها شاتين إن استيسرتا له أو عشرين درهما .
- قال ابن تيمية في المنتقى : والجُبرانات المقدرة في حديث أبي بكر تدل علي أن القيمة لا تشرع وإلا كانت تلك الجبرانات عبثا .
- قال الشوكاني في نيل الأوطار : قوله والجبرانات بضم الجيم جمع جبران وهو ما يجبر به الشيء وهذا الحديث يدل علي أن الزكاة واجبة في العين ولو كانت القيمة هي الواجبة لكان ذكر ذلك عبثا لأنها تختلف باختلاف الأزمنة والأمكنة .
فتقدير الجبران بمقدار معلوم لا يناسب تعلق الوجوب بالقيمة .
- وقال الإمام ابن قدامه في المغني : ففي كتاب أبي بكر الذي كتبه في الصدقات: إن هذه فرائض الصدقة التى فرض رسول الله صلي الله عليه وسلم علي المسلمين التي أمر الله بها رسول صلي الله عليه وسلم فمن سئلها من المسلمين على وجهتها فليعطها . ( الحديث )
- قال الحافظ: علي وجهتها أي علي الكيفية المبينة في هذا الحديث .
7- والقول بالقيمة فيه مخالفة للأصول من جهتين : الجهة الأولي: أن النبي صلي الله عليه وسلم لما ذكر تلك الأصناف لم يذكر معها القيمة ولو كانت جائزة لذكرها مع ما ذكر كما ذكر العوض في زكاة الإبل وهو صلي الله عليه وسلم أشفق وأرحم بالمساكين من كل إنسان .
وهناك قاعدة ينبغي أن يتنبه لها وهي: أن السكوت في مقام البيان يفيد الحصر.
وإلي هذه القاعدة المقررة يشير ابن حزم في كثير من استدلالاته بقوله تعالي " وما كان ربك نسيا "
وذلك لأنه إذا كان الله لا ينسي – سبحانه فهو منزه عن النسيان وعن كل نقص- فسكوته سبحانه أو سكوت رسول الله صلي الله عليه وسلم المبلغ عنه في معرض البيان لشيء من أفعال المكلفين عن شيء أخر يشبهه أو يجانسه لا يكون نسيانا أو ذهولاً – تعالي لله عن ذلك - ولكنه يفيد قصر الحكم عن ذلك الشيء المبين حكمه ويكون ما عداه وهو المسكوت عنه مخالفا له في الحكم .
فإن كان المنصوص عليه بالبيان مأذونا فيه كان السكوت عنه ممنوعا وإن كان العكس فالعكس وهو معني قولهم السكوت في معرض البيان يفيد الحصر وهي قاعدة عظيمة بني عليها العلماء كثيرا من الأحكام .
الجهة الثانية: وهي القاعدة العامة " أنه لا ينتقل إلي البدل إلا عند فقد المبدل عنه " .
وأن الفرع إذا كان يعود علي الأصل بالبطلان هو باطل .
فلو أن كل الناس أخذوا بإخراج القيمة لتعطل العمل بالأجناس المنصوصة فكأن الفرع الذي هو القيمة سيعود علي الأصل الذي هو الطعام بالإبطال فيبطل .
- قال الشوكاني في السيل الجرار( 2/86) : والحق أنه ليس هناك ما يسوغ مخالفة السنة الواردة فى ذلك المفروضة ينص كلام النبي صلي الله عليه وسلم اللهم إلا الضرورة التى تقدر بقدرها والتي لا ينقض الأصل من أجلها . وقد سبق قبل تجويز العلماء ذلك عند الضرورة .
- حيث قال النووي كما في المجموع (6/112) : قال إسحاق وأبو ثور لا تجزئ (أي القيمة) ألا عند الضرورة .
- هذا وقد توسط ابن تيمية في المسألة فاحسن فقال : والأظهر في هذا أن إخراج القيمة لغير حاجة ولا مصلحة راجحة ممنوع منه وإما إخراج القيمة للحاجة أو المصلحة أو العدل فلا بأس به .
مثل أن يبيع ثمر بستان أو زرعه بدراهم فهذا إخراج عُشْر الدراهم يجزيه ولا يكلف أن يشتري ثمرا أو حنطة فأنه قد يساوي الفقير بنفسه وقد نص أحمد علي جواز ذلك .
ومثل أن تجب عليه شاه في خمس من الإبل وليس عنده من يبيعه شاه فإخراج القيمة هنا كاف ولا يكلف السفر إلي مدينة أخرى ليشتري شاه ومثل أن يكون المستحقون للزكاة طلبوا منه إعطاء القيمة لكونها انفع للفقراء مجموع (الفتاوى 25/82 )
ثم مراعاة عدم التوسع في جواز إخراج الزكاة بالقيمة إلا في حدود الضرورة والحاجة والمصلحة الراجحة .
فمن ذلك الفقير الذي يحتاج إلي الدواء دون الطعام أحوج إلي القيمة فلو أن إنسانا أعطاه قيمة زكاة فطره لأجزاه ذلك .
وانظر لكلام ابن تيمية " مثل أن يكون المستحقون للزكاة طلبوا منه إعطاء القيمة لكونها أنفع للفقراء فأنظر إلي قوله المستحقون للزكاة فلو طلب ذلك هؤلاء المتجولة المتسولون فلا يعطيهم القيمة لأنهم إنما يطلبون ما يخف عليهم حملة ليحملوا أقصي ما يمكن حملة من أموال الزكاة فلا تصل بذلك إلي مستحقيها .
- هذا وقد وقال المناوي في فيض القدير في قول النبي صلي الله عنه وسلم: خذ الحب من الحب والشاه من الغنم والبعير من الإبل والبقر من البقر والحديث أخرجه أبو داود وابن ماجه وفيه كلام .
قال المناوى: والمراد أن الزكاة من جنس المأخوذ منه هذا هو الأصل وقد يعدل عنه الواجب .
- وقال الشيخ أبو بكر الجزائري كما في منهاج المسلم: الواجب أن تخرج زكاة الفطر من أنواع الطعام ولا يعدل عنه إلي النقود إلا للضرورة إذ لم يثبت أن النبي صلي الله عليه وسلم اخرج بدلها نقودا بل لم ينقل حتى عن الصحابة إخراجها نقودا.
فإذا قلنا إن من جوز القيمة من العلماء إنما نظر لبعض الحالات التى تقتضي إخراجها بالقيمة فهي مقدرة بقدر الضرورة التى تدعو إليها فلو صح ذلك لم يكن في المسألة خلاف حقيقي أصلا بين العلماء فيها.
لأن الجميع متفقون علي جواز المخالفة عند الضرورة المقتضية لذلك عملا بقاعدة رفع الحرج . إما ما احتج به هذا الفريق علي الجواز على العموم فلا يصح .
8- والقول بإخراج الزكاة قيمة جرء الناس على ما هو أعظم وهو القول بالقيمة في الهدي ولم يقل به أحد من العلماء علما بأن الأحناف أنفسهم لا يجيزون القيمة في الهدي لأن الهدي فيه جانب تعبد وهو النسك .
قال النووي في المجموع (5/359 ) : علي أنه لا تجزي القيمة في الأضحية . أ هـ
فهذا لا خلاف فيه بين العلماء بما فيهم من جوز دفع القيمة ففى العبادات فضلا عن الزكاة لا ينبغي أن نعول على العقل وإنما المرجع فيه إلى الله تعالي .
فإن مالك المال الحقيقي هو الله سبحانه ونحن مستخلفون فيه فالأغنياء وكلاء الله تعالي في ماله والوكيل لا يجوز أن يخالف ما يأمره به موكله فإذا كنت وكيلا لغني في ماله فقال لك اعط الفقير من الطعام فأعطيته من المال لكنت مستحق للومه وعتابه .
- قال النووي المجموع (5/380 ) : أن الزكاة قربه لله تعالي وكل ما كان كذلك فسبيله أن يتبع فيه أمر الله تعالي فلا يجوز أن يتعلل المسلم بأن هذا الحكم غير مناسب للعصر أو أن ينسب القائل بإخراجها طعام بالجمود وعدم الاجتهاد فالعلماء متفقون علي أنه لا اجتهاد في وجود نص فإذا جاء نص من الشارع في أمر من الأمور فيجب إتباع ما ورد في النص وعدم مخالفته امتثالا لقوله تعالي " فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فته أو يصيبهم عذاب أليم " [ النور 63 ]
وليعلم أن ذلك بما يقتضيه الإيمان لقوله تعالي " وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا [الأحزاب : 36]
9- أن زكاة الفطر فيها جانب تعبد طهره الصائم وطعمه للمساكين كما أن عملية شرائها وكيلها وتقديمها فيه إشعار بهذه العبادة أما تقديمها نقداً فلا يكون فيه فرق عن أي صدقه من الصدقات من حيث الإحساس بالواجب والشعور بالإطعام .
فإخراج القيمة يخرج زكاة الفطرة من كونها شعيرة ظاهره إلي كونها صدقة خفية.
فإن إخراجها صاعاً من طعام يجعلها ظاهرة بين المسلمين معلومة للصغير والكبير يشاهدون كيلها وتوزيعها ويتبادلونها بينهم بخلاف ما لو كانت دراهم يخرجها الإنسان خفية بينه وبين الآخذ .
10- أن المسلم إذا عمل بقول جمهور الأئمة الذين أوجبوا إخراج الأعيان المنصوصة فأداها علي سبيل الوجوب برئت ذمته عند جميع الأئمة .
وأما إذا أخرج القيمة بغير عذر فأنه يبقى مطالبا بواجب علي قول جمع كبير من العلماء ، والنبي صلي الله عليه وسلم يقول : " دع ما يريك إلي مالا يريبك " .
ويقول صلي الله عليه وسلم أيضا :" فمن أتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه " فعلي العبد أن يخرج من خلاف العلماء ما أمكن احتياطا وكان الإمام أبوبكر الأعمش رحمه الله يقول : أداء الحنطة أفضل من أداء القيمة لأن أقرب إلي امتثال الأمر وأبعد عن اختلاف العلماء فكان الاحتياط فيه .
بيان الحكمة من وجوب إخراجها طعاما : علي المسلم أن يتبع ما ورد عن النبي صلي الله عليه وسلم سواء علم الحكمة فيما فرض الله تعالي أو لم يعلمها لأن الحكمة تكون اجتهادية قد يعلمها العبد وقد لا يظهرها الله تعالي لعباده كي يختبر مدي طاعتهم واستجابتهم له وهذا هو معني العبودية لله فالعبد لا يسأل سيده إذا أمره بأمر لماذا أفعل هذا الأمر؟
ولم لا أفعل بدلا منه كذا أو كذا؟ ولله المثل الأعلى فهو سبحانه لا يسأل عما يفعل وهم يسألون ولكننا سنحاول أن نكشف بعض الحكمة التي ظهرت من فرض زكاة الفطر طعاما وعدم جواز إخراج القيمة بدلا منها.
أولا: أن زكاة الفطر طعمه للمساكين كما بينه النبي صلي الله عليه وسلم فالمقصود في ذلك اليوم هو إطعام المساكين الذين لا يجدون القوت أو الطعام الضروري الذي لابد للإنسان منه ولا غني عنه وهؤلاء الفقراء المساكين الذين يحتاجون إلي الطعام لأنفسهم وأهليهم هم أصحاب الحق الأول فيها.
فإذا خرجت مالا لسعي لأخذها المسكين وغير المسكين لأن المال يطلبه الناس جميعا الفقير والغني أما الطعام فلن يسعى لطلبه ويتكلف سؤاله إلا المسكين أو الفقير المحتاج إليه وبعض الذين يعملون علي إخراج زكاة الفطر عندما يدفعونها طعاما إلي البعض يرفضونها ويقولون نريد نقودا لا طعاما.
أما المساكين المحتاجون إليها فإنهم يأخذونها ويحملونها وهم فرحون وينقلبون إلي أهلهم وهم بها مسرورون .
وبذلك تعلم أن إخراجها طعاما يجعلها تصل إلي مستحقيها بقدر الإمكان .
ثانيا: كذلك إخراج الزكاة حسب تقدير الشارع يضمن للفقير أن ينال حاجته من جميع الأنواع فمن كانت له حيوانات سيعطي الفقير منها لحما أو حيوانا ومن كان تاجرا سيعطي الفقير منها مالا ومن كان زارعا سيعطي الفقير من الزرع والثمر .
ومن كان صاحب مال سيعطي الفقير من المال هذا كله في غير زكاة الفطر أما فى زكاة الفطر فيعطي الفقير من الطعام فيعطي بذلك من جميع الأنواع .
وقد يعترض البعض على إخراجها طعاما بقوله: إن إخراجها مالا هو أنفع للفقير لأنه قد يحتاج إلي شراء ثياب للعبد أو متاع أو غير ذلك.
(فيجاب عليه): بأن زكاة الفطر لم تشرع لذلك وإنما الذي شرع لذلك هو زكاة المال فيستحب للمسلم أن يخرج زكاة ماله في العيد كذلك لكي يعين الفقير علي شراء ما يحتاج من الطعام.
أما زكاة الفطر فهي لإطعام الجائعين فقط لا لكسوتهم ولا غير ذلك كما أن الأضحية في الأضحى لتغذية الفقراء وإطعامهم اللحم.
رأي د.يوسف القروضاي من المعاصرين بجواز إخراج زكاة الفطر مالا والرد عليه: أيد الدكتور يوسف القرضاوي في كتابه فقه الزكاة رأي المخالفين للجمهور بجواز إخراجها قيمة وقال ومما يدل على ذلك:
1- أن النبي صلي الله عليه وسلم قال:" أغنوهم يعني المساكين في هذا اليوم" . والإغناء يتحقق بالقيمة كما يتحقق بالطعام وربما كانت القيمة أفضل إذ كثرة الطعام عند الفقير تحوجه إلي بيعه والقيمة ممكنه من الشراء ما يلزمه والأطعمة والملابس وسائر الحاجات.
الرد عليه: أن ما احتج به فضيلة الدكتور من حديث" أغنوهم في هذا اليوم " هو حديث ضعيف رواه الدار قطني والبيهقي بإسناد ضعيف وقد ضعفه جمع من المحققين منهم النووي وابن حجر وابن حزم والصنعاني .
وعلى فرض ثبوته فنقول إن الإغناء الذي ورد في الحديث مطلق بلا كيفية معينة قد قيدته السنة ببيان كيفيته حيث فرض رسول الله صلي الله عليه وسلم زكاة الفطر صاعاً من طعام فوجب حمل المطلق علي المقيد والالتزام بالسنة المفسرة للحديث المجمل .
أما قوله أن كثرة الطعام تحوجه إلي بيعه والقيمة تمكنه من شراء ما يلزمه من الأطعمة والملابس وسائر الحاجات فالرد عليه: إن المقصود في هذا اليوم بهذه الزكاة هو الإطعام وسد الجوع في هذه الأيام كما كان المقصود هو إطعام اللحم فى الأضحى فقد اتفق الفقهاء علي عدم جواز إخراج شيء غير اللحم من الأضحى فكذلك ينبغي أن يكون في الفطر .
أما حاجته إلي الملابس وغير ذلك فتتكفل بها زكاة المال علي أن نقول أنه إذا كان عاريا يحتاج إلي ستر عورته وعنده ما يكفيه من الطعام وطلب بدل الطعام مالاً أو كسوه جاز إخراج الزكاة لصاحب هذه الحالة كسوة أو مالا علي النحو الذي يناسبه .
فهذه وغيرها من حالات الأعيان التي لا تنقض الأصل المقرر. فإذا كان هذا هو مقصد الدكتور فلا خلاف.
2- قال فضيلته: كما يدل علي جواز القيمة ما ذكره ابن المنذر من قبل أن الصحابة أجازوا إخراج نصف الصاع من القمح لأنهم رأوه معادلا في القيمة للصاع من التمر أو الشعير ولهذا قال معاوية إني لأرى مدين من سمراء الشام تعدل صاعا من التمر.
الرد عليه: نقول أن ما عمل به الصحابة من إخراج نصف الصاع من القمح لم يكن اجتهادا منهم بل كان لديهم نص صريح صحيح في ذلك: فقد صح عن النبي كما عند الدراقطني وأحمد بسند صحيح صححه الألباني في الصحيحة :" أدوا صاعا من بر أو قمح أو صاعا من تمر أو صاعاً من شعير عن كل حر وعبد صغير وكبير".
3- قال فضيلته: ثم أن هذا هو الأيسر بالنظر لعصرنا وخاصة في المناطق الصناعية التي لا يتعامل الناس فيها إلا بالنقود كما أنه في أكثر البلدان وفي غالب الأحيان وهو أنفع للفقراء والذي يلوح لي أن الرسول إنما فرض زكاة الفطر من الأطعمة لسببين: الأول: لندرة النقود عند العرب في ذلك الحين فكان إعطاء الطعام أيسر على الناس.
والثاني: أن قيمة النقود تختلف وتتغير قوتها الشرائية من عصر إلي عصر بخلاف الصاع من الطعام فأنه يشبع حاجة بشرية محددة كما أن الطعام كان في ذلك العهد أيسر علي المعطي وأنفع للآخذ .
الرد عليه: أما قوله: أن هذا هو الأيسر لعصرنا : فالقول: أن إتباع الأيسر ليس هو الأصل وليس هو الواجب إتباعه إذا لم تؤيده الأدلة أو تصح به النصوص .
وقد اتفق الفقهاء علي أنه لا اجتهاد مع النص، وأنه لا يجوز الخروج علي الحكم الشرعي المقرر إلا لضرورة قوية ولا ضرورة هنا فالطعام ميسر في الأسواق وكما يشترى الواحد من الطعام لنفسه يشتريه للفقير كذلك .
ولم يكن كل الصحابة رضي الله عنهم ممن يدخر الطعام ولا كانوا جميعا أهل زرع بل كانوا يشترون طعامهم من الأسواق فثبت أنهم كانوا يشترون الطعام لإخراج الزكاة منه كذلك ولم ير النبي في ذلك مشقة تجوز لهم إخراج القيمة فينبغي أن يسعنا ما وسعهم .
أما قوله: أن النبي فرض زكاة الفطر طعاما لندرة النقود آنذاك فكان إخراجها طعاما أيسر .
الرد عليه: الطعام الآن ليس نادراً ولا شاحا حتى نعدل عنه إلي إخراج النقود فالأولي والأوجب لزوم السنة إذ لو كان يجوز إخراج القيمة لبينه النبي صلي الله عليه وسلم والحاجة داعية إليه ولا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة.
وأما قوله: إن القيمة النقود تختلف وتتغير قوتها الشرائية من عصر إلي عصر بخلاف الصاع فهذا دليل لنا لا علينا فالتقدير بصاع الطعام وهو ما يشبع حاجة بشرية محددة بأيام العيد هو الأولي ويجب الالتزام طعاما فليس ثمة حاجة تقتضي العدول عنه إلي القيمة اللهم من ضرورة أو مصلحة راجحة تقدر بقدرها ولا ينقض من أجلها الأصل وتترك من أجلها السنة.
نقلا من رسالة: " إعلام الأنام بوجوب إخراج زكاة الفطر من الطعام" للدكتور عبد الحميد هنداوى.
فلهذا ولغيره يتبين لنا أن زكاة الفطر لا يجوز إخراجها مالا ومن يدعي غير ذلك فعليه بدليل من الكتاب أو السنة.
قال تعالي: " يا أيها الذين أمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول و أولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلي الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا" .
والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات .
ندا ( أبو أحمد ) غفر الله له ولوالديه ولجميع المسلمين
|
|