سورة الحشر 5913
سورة الحشر
عناصر السورة
إجلاء يهود بني النضير
حكم الفيء في الإسلام
تواطؤ المنافقين واليهود
وعظ المؤمنين وتحذيرهم من الفسق
روعة القرآن ومنزَّلة ذي الأسماء الحسنى


بَين يَدَيْ السُّورَة
* سورة الحشر مدنية وهي تعنى بجانب التشريع شأن سائر السور المدنية، والمحورُ الرئيسي الذي تدور عليه السورة الكريمة هو الحديث عن "غزوة بن النضير" وهم اليهود الذين نقضوا العهد مع الرسول صلى الله عليه وسلم فأجلاهم عن المدينة المنورة، ولهذا كان ابن عباس يسمي هذه السورة "سورة بني النضير" وفي هذه السورة الحديث عن المنافقين الذين تحالفوا مع اليهود، وبإِيجاز هي سورة "الغزوات والجهاد" الفيء والغنائم.

* ابتدأت السورة الكريمة بتنزيه الله وتمجيده، فالكون كله بما فيه من إِنسان، وحيوان، ونبات، وجماد، شاهد بوحدانية الله وقدرته وجلاله، ناطق بعظمته وسلطانه: {سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَهُوَ العَزِيزُ الْحَكِيمُ}.

* ثم ذكرت السورة بعض آثار قدرته، ومظاهر عزته، بإِجلاء اليهود من ديارهم وأوطانهم، مع ما كانوا فيه من الحصون والقلاع، وكانوا يعتقدون أنهم في عزة ومنعة لا يستطيع أحد عليهم، فجاءهم بأس الله وعذابه من حيث لم يكن في حسابهم: {هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِن دِيَارِهِمْ لأَوَّلِ الحَشْرِ..} الآيات.

* ثم تناولت السورة موضوع الفيء والغنيمة، فبينت شروطه وأحكامه، ووضحت الحكمة من تخصيص الفيء بالفقراء، لئلا يستأثر به الأغنياء، وليكون هناك بعض التعادل بين طبقات المجتمع، بما فيه خير الفريقين، وبما يحقق المصلحة العامة: {مَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُربَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِنِ...} الآيات.

* وتناولت السورة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بالثناء العاطر، فنوَّهت بفضائل المهاجرين ومآثر الأنصار، فالمهاجرون هجروا الديار والأوطان حباً في الله، والأنصار نصروا دين الله، وآثروا إِخوانهم -المهاجرين- بالأموال والديار على أنفسهم مع فقرهم وحاجتهم: {لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُواْ مِن دِيَارِهِمْ وَأَمْوَلِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً..} الآيات.

* وفي مقابلة ذكر المهاجرين والأنصار، ذكرت السورة المنافقين الأشرار، الذين تحالفوا مع اليهود ضد الإِسلام، وضربت لهم أسوأ الأمثال، فمثلتهم بالشيطان الذي يُغري الإِنسان بالكفر والضلال ثم يتخلى عنه ويخذله، وهكذا كان شأن المنافقين مع إِخوانهم اليهود: {ألَم تَرَ إِلَى الَّذِينَ نَافَقُوا يَقُولُونَ لإِخوَانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن أَهلِ الكِتَابِ لَئِن أُخرِجتُم لَنَخرُجَنَّ مَعَكُم..} الآيات.

* ووعظت السورة المؤمنين بتذكر ذلك اليوم الرهيب، الذي لا ينفع فيه حسب ولا نسب، ولا يفيد فيه جاه ولا مال، وبينت الفارق الهائل بين أهل الجنة وأهل النار، ومصير السعداء ومصير الأشقياء في دار العدل والجزاء: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقَواْ اللَّهَ وَلتَنظُر نَفسُ مَّا قَدَّمَت لِغَدٍ..} الآيات.

* وختمت السورة بذكر أسماء الله الحسنى وصفاته العليا وبتنزيهه عن صفات النقص: {هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلا هُوَ..} الآيات وهكذا يتناسق البدء مع الختام، أبدع تناسقٍ ووئام.