منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers

(إسلامي.. ثقافي.. اجتماعي.. إعلامي.. علمي.. تاريخي.. دعوي.. تربوي.. طبي.. رياضي.. أدبي..)
 
الرئيسيةالأحداثأحدث الصورالتسجيل
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

IZHAR UL-HAQ

(Truth Revealed) By: Rahmatullah Kairanvi
قال الفيلسوف توماس كارليل في كتابه الأبطال عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لقد أصبح من أكبر العار على أي فرد مُتمدين من أبناء هذا العصر؛ أن يُصْغِي إلى ما يظن من أنَّ دِينَ الإسلام كَذِبٌ، وأنَّ مُحَمَّداً -صلى الله عليه وسلم- خَدَّاعٌ مُزُوِّرٌ، وآنَ لنا أنْ نُحارب ما يُشَاعُ من مثل هذه الأقوال السَّخيفة المُخْجِلَةِ؛ فإنَّ الرِّسَالة التي أدَّاهَا ذلك الرَّسُولُ ما زالت السِّراج المُنير مُدَّةَ اثني عشر قرناً، لنحو مائتي مليون من الناس أمثالنا، خلقهم اللهُ الذي خلقنا، (وقت كتابة الفيلسوف توماس كارليل لهذا الكتاب)، إقرأ بقية كتاب الفيلسوف توماس كارليل عن سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-، على هذا الرابط: محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم-.

يقول المستشرق الإسباني جان ليك في كتاب (العرب): "لا يمكن أن توصف حياة محمد بأحسن مما وصفها الله بقوله: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِين) فكان محمدٌ رحمة حقيقية، وإني أصلي عليه بلهفة وشوق".
فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ على سائر البُلدان، كما فَضَّلَ بعض الناس على بعض والأيام والليالي بعضها على بعض، والفضلُ على ضربين: في دِينٍ أو دُنْيَا، أو فيهما جميعاً، وقد فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ وشَهِدَ لها في كتابهِ بالكَرَمِ وعِظَم المَنزلة وذَكَرَهَا باسمها وخَصَّهَا دُونَ غيرها، وكَرَّرَ ذِكْرَهَا، وأبَانَ فضلها في آياتٍ تُتْلَى من القرآن العظيم.
المهندس حسن فتحي فيلسوف العمارة ومهندس الفقراء: هو معماري مصري بارز، من مواليد مدينة الأسكندرية، وتخرَّجَ من المُهندس خانة بجامعة فؤاد الأول، اشْتُهِرَ بطرازهِ المعماري الفريد الذي استمَدَّ مَصَادِرَهُ مِنَ العِمَارَةِ الريفية النوبية المَبنية بالطوب اللبن، ومن البيوت والقصور بالقاهرة القديمة في العصرين المملوكي والعُثماني.
رُبَّ ضَارَّةٍ نَافِعَةٍ.. فوائدُ فيروس كورونا غير المتوقعة للبشرية أنَّه لم يكن يَخطرُ على بال أحَدِنَا منذ أن ظهر وباء فيروس كورونا المُستجد، أنْ يكونَ لهذه الجائحة فوائدُ وإيجابيات ملموسة أفادَت كوكب الأرض.. فكيف حدث ذلك؟!...
تخليص الإبريز في تلخيص باريز: هو الكتاب الذي ألّفَهُ الشيخ "رفاعة رافع الطهطاوي" رائد التنوير في العصر الحديث كما يُلَقَّب، ويُمَثِّلُ هذا الكتاب علامة بارزة من علامات التاريخ الثقافي المصري والعربي الحديث.
الشيخ علي الجرجاوي (رحمه الله) قَامَ برحلةٍ إلى اليابان العام 1906م لحُضُورِ مؤتمر الأديان بطوكيو، الذي دعا إليه الإمبراطور الياباني عُلَمَاءَ الأديان لعرض عقائد دينهم على الشعب الياباني، وقد أنفق على رحلته الشَّاقَّةِ من مَالِهِ الخاص، وكان رُكُوبُ البحر وسيلته؛ مِمَّا أتَاحَ لَهُ مُشَاهَدَةَ العَدِيدِ مِنَ المُدُنِ السَّاحِلِيَّةِ في أنحاء العالم، ويُعَدُّ أوَّلَ دَاعِيَةٍ للإسلام في بلاد اليابان في العصر الحديث.

أحْـلامٌ مِـنْ أبِـي (باراك أوباما) ***

 

 صلاة العيدين: آداب وأحكام

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

صلاة العيدين: آداب وأحكام Empty
مُساهمةموضوع: صلاة العيدين: آداب وأحكام   صلاة العيدين: آداب وأحكام Emptyالإثنين 24 أبريل 2023, 12:42 am

صلاة العيدين: آداب وأحكام
الشيخ/ ندا أبو أحمد
صلاة العيدين: آداب وأحكام Ocia_367
إنَّ الحمدَ لله نحمدُه، ونستعينُه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، مَن يهد الله ُفلا مضل له، ومَن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، وأشهد أنَّ محمدًا عبدهُ ورسولُه.

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ} (آل عمران: 102).

{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} (النساء:1).

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا} (الأحزاب:71،70).

أمَّا بعد....
فإن أصدق الحديث كتاب الله -- تعالى --، وخير الهدي، هدي محمد ﷺ، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.

نبض الرسالة
صلاة العيدين آداب وأحكام
1- الحكمة في مشروعية العيدين.
2- حكم صلاة العيدين.
3- وقت صلاة العيدين.
آخِرُ وقتِ صلاةِ العِيدينِ:
4- متى يخرج من بيته لصلاة العيدين؟
5- حكم صلاة العيد إذا فات وقتها.
6- مكان أداء صلاة العيد.
7- آداب الخروج لصلاة العيد.
الأدب الأول: إخراج صدقة الفطر قبل الخروج إلى المصلى.
الأدب الثاني: الاغتسال قبل الخروج لصلاة العيد.
الأدب الثالث: التجمل ولبس أحسن الثياب.
الأدب الرابع: يُستحَبُّ التَّطيُّبُ يوم العِيدِ.
الأدب الخامس: أكل تمرات قبل الخروج إلى المصلى في عيد الفطر، والأكل بعد الصلاة في عيد الأضحى.
الحكمة من الأكل قبل الخروج لصلاة العيد.
الأدب السادس: استحباب خروج النساء لصلاةِ العيدِ.
الأدب السابع: استحباب خروج الأولاد الصغار لشهود العيد.
الأدب الثامن: التكبير في العيدين من حين الخروج.
وقت التكبير.
صيغ التكبير.
الحكمة من التكبير.
تنبيهات خاصة بالتكبير.
الأدب التاسع: الخروج إلى صلاة العيد ماشيًا.
الأدب العاشر: يستحب التبكير إلى المصلى.
الأدب الحادي عشر: مخالفة الطريق إلى مصلى العيد.
الأدب الثاني عشر: يستحب التهنئة بالعيد.
الأدب الثالث عشر: يشرع التوسعة على الأهل والأولاد في أيام العيد.
الأدب الرابع عشر: استحباب الإكثار من الصدقة يوم العيد.
الأدب الخامس عشر: الذبح بعد صلاة عيد الأضحى.
الأدب السادس عشر: الأكل من الذبيحة بعد الرجوع من صلاة العيد.
الأدب السابع عشر: الاجتهاد في فعل الطاعات، وترك المنكرات خصوصًا في عيد الأضحى.
الأدب الثامن عشر: صلة الأرحام.
الأدب التاسع عشر: أدخال السرور على الفقراء والمساكين والأطفال خصوصًا الأيتام.
الأحكام الخاصة بصلاة العيد
1- صلاة العيد تكون في المُصلَّى.
2- ليس للعيد أذان ولا إقامة.
3- صلاة العيد لا يصلى قبلها ولا بعدها.
4- كيفية صلاة العيد.
الأحكام الخاصة بخطبة العيدين.
1- صَلاةُ العِيدينِ تَكونُ قَبلَ الخُطبةِ.
2- يُستحَبُّ للإمامِ أن يتأخَّر في خروجِه إلى المصلَّى إلى الوقتِ الذي يُصلِّي بهم فيه.
3- السُّنَّة أن يخطب الإمام بعد الصلاة خطبة واحدة لا خطبتين.
4- السُّنَّة أن يخطب الإمام واقفًا على الأرض لا على المنبر.
5- خطبة العيدين يأمر الإمامُ فيهما الناس بتقوى الله، ويحثهم على طاعته.
6- خطبة العيد كسائر الخطب، تفتتح بالحمد والثناء على الله تعالى.
7- الجلوس لاستماع الخطبة على التخيير.

بدع ومنكرات العيد:
1- إحداث وابتداع أعياد ليست من الإسلام كأعياد الميلاد، وعيد مولد النبي ﷺ، وعيد الربيع، وعيد الحب، وعيد الأم، وعيد رأس السُّنَّة وغيرها من الأعياد الوطنية والقومية.
2- إحياء ليلة العيد بالقيام.
3- من المخالفات في صلاة العيد قولهم: "الصلاة جامعة"، أو "صلاة العيد يرحمكم الله"، أو"صلاة العيد أثابكم الله".
4- ترك كثير من الناس الصلاة في المساجد في أيام العيد بغير عذر شرعي.
5- تزيين المساجد في الأعياد بالأنوار والمُلصقات.
6- ومن المخالفات: صوم يومي العيد (الفطر والأضحى)، وأيام التشريق.
7- زيارة القبور صباح يوم العيد.
8- التشبه بغير المسلمين في الملابس واستماع المعازف وغيرها من المنكرات.
9- تبرج النساء وخروجهن إلى أماكن الاختلاط بالمنتزهات وغيرها.
10- خروج النساء متطيبات.
11- الدخول على النساء.
12-  الاختلاط المحرم بين الرجال والنساء.
13- مصافحة النساء الأجنبيات.
14 – الإسراف والتبذير.
15- ترويع المسلمين.
16- عدم العطف على الفقراء والمساكين والصدقة عليهم.



صلاة العيدين: آداب وأحكام 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

صلاة العيدين: آداب وأحكام Empty
مُساهمةموضوع: رد: صلاة العيدين: آداب وأحكام   صلاة العيدين: آداب وأحكام Emptyالإثنين 24 أبريل 2023, 1:06 am


صلاة العيدين: آداب وأحكام

سمي العيد عيدًا من العود، أي أنه يعود ويتكرر كل عام.

والعيد، هو كل يوم فيه جمع، واشتقاقه من: عاد يعود، كأنهم عادوا إليه.

قال ابن الأعرابي -رحمه الله-: "سمي العيد عيدًا لأنه يعود كل سنة بفرح مجدد" (لسان العرب 3/319)

وقال العلامة ابن عابدين -رحمه الله-: "سمي العيد بهذا الاسم، لأن لله تعالى فيه عوائد الإحسان؛ أي أنواع الإحسان العائدة على عباده في كل يوم منها: الفطر بعد المنع من الطعام".


1- الحكمة في مشروعية العيدين:

أن كل قوم لهم يوم يتجملون فيه، ويخرجون من بيوتهم بزينتهم. (حجة الله البالغة للدهلوي: 2/23)، فقد أخرج الإمام أحمد وأبو داود والنسائي من حديث أنس -رضي الله عنه- قال: قدمَ رسولُ اللَّهِ ﷺ المدينةَ ولَهم يومانِ يلعبونَ فيهما فقالَ: "ما هذانِ اليومانِ قالوا كنَّا نلعبُ فيهما في الجاهليَّةِ فقالَ رسولُ اللَّهِ ﷺ إنَّ اللَّهَ قد أبدلَكم بِهما خيرًا منهما يومَ الأضحى ويومَ الفطرِ". (صحيح أبي داود: 1004)


أي: لأن يومي الفطر والنحر بتشريع الله تعالى، واختياره لخلقه، ولأنهما يعقبان أداء ركنين عظيمين من أركان الإسلام، وهما: الحج والصيام: وفيهما يغفر الله للحجيج والصائمين، وينشر رحمته على جميع خلقه الطائعين، وأمَّا النيروز والمرجان، فإنهما باختيار حكماء ذاك الزمان لما فيهما من اعتدال الزمن والهواء ونحو ذلك من المزايا الزائلة، فالفرق بين المزيتين ظاهر لمن تأمل ذلك.

(الفتح الرباني للبنا بترتيب مسند الإمام أحمد: 6/119)


ومن الحِكَم لمَشروعيَّةِ صلاةِ العِيدِ كذلك:

أ- التنويهُ بشعائرِ الإسلام؛ فإنَّ صلاةَ العيدين من أعظمِ شعائره، والناسُ يجتمعون لها أعظمَ من الجُمُعة، وقد شُرِع فيها التكبيرُ. (مجموع الفتاوى لابن تيمية: 23/161).


ب- أنَّ كلَّ أمَّةٍ لا بدَّ لها من عَرضةٍ، يجتمع فيها أهلُها؛ لتظهرَ شوكتُهم، وتُعلَمَ كثرتُهم؛ ولذلك استُحبَّ خروجُ الجميع، حتى الصِّبيانِ والنِّساءِ، وذواتِ الخدورِ، والحُيَّضِ. واستُحبَّ كذلك مخالفةُ الطِّريق ذَهابًا وإيابًا؛ ليطلعَ أهلُ كِلتا الطريقينِ على شوكةِ المسلمين. (حجة الله البالغة للدهلوي: 2/79).


ج-- الشُّكر لله تعالى على ما أَنعم اللهُ به، من أداءِ العبادات المتعلِّقة بهما؛ فعيد الفطر: شُكرًا للهِ تعالى على إتمامِ صومِ شهرِ رمضانِ، وعيد الأضحى: شُكرًا على العباداتِ الواقعاتِ في العشرِ، وأعظمهما: إقامةُ وظيفةِ الحجِّ. (إحكام الأحكام لابن دقيق العيد ص: 229).


وأول صلاة صلاها النبي ﷺ للعيد يوم الفطر من السُّنَّة الثانية من الهجرة وكان هذا العيد له مذاق خاص حيث جاء بعد غزوة بدر، فصيام رمضان فرض في السُّنَّة الثانية من الهجرة وكان بعده العيد. ولم يزل يواظب عليها عليه الصلاة والسلام حتى فارق الدنيا، واستمر عليها المسلمون خلفًا عن سلف.


2- حكم صلاة العيدين:

اختلف أهل العلم في حكم صلاة العيدين على ثلاثة أقوال:

القول الأول: أنها واجبة على الأعيان: وهو مذهب أبي حنيفة وأحد أقوال الشافعي ورواية عن أحمد وبه قال بعض المالكية واختاره شيخ الإسلام: وحجتهم:

1- قوله تعالى: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} (الكوثر: 2)، والأمر يقتضي للوجوب.


2- قوله تعالى: {وَلِتُكَبِّرُواْ اللّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ} (البقرة: 185)، والأمر بالتكبير في العيدين أمر بالصلاة المشتملة على التكبير الراتب والزائد بطريق الأولى والأحرى.


3- ملازمة النبي ﷺ لهذه الصلاة في العيدين، وعدم تركها في عيد من الأعياد، ومداومة خلفائه والمسلمين من بعده عليها.


4- أمر الناس بالخروج إليها حتى النساء وذوات الخدور والحيض -وأمرهن أن يعتزلن المصلى- حتى أمر من لا جلباب لها أن تلبسها صاحبتها، كما جاء في رواية الإمام مسلم من حديث حفصة بنت سيرين عن أم عطية -رضي الله عنها- قالت: أمرنا رسول الله ﷺ أن نخرجهن من الفطر والأضحى العواتق: والحيض وذوات الخدور: فأمَّا الحُيًض فيعتزلن الصلاة ويشهدن الخير ودعوة المسلمين، قلت: يا رسول الله، إحدانا لا يكون لها جلباب؟ قال: لتلبسها أختها من جلبابها".


- وفي رواية: أمر النساء أن يخرجن لصلاة العيد، حتى أمر الحُيًض وذوات الخدور أن يخرجن يشهدن الخير ودعوة المسلمين، وأمر الحُيًض أن يعتزلن المصلى.


قال الشيخ ابنُ عُثَيمين -رحمه الله-في الحديث السابق: "الأمرُ يقتضي الوجوب، وإذا كان النبيُّ ﷺ أمَر النساء، فالرجالُ من باب أَوْلى؛ لأنَّ الأصل في النساء أنهنَّ لسْنَ من أهل الاجتماع؛ ولهذا لا تُشرع لهن صلاة الجماعة في المساجد، فإذا أمَرَهن أن يخرجن إلى مصلَّى العيد؛ ليصلِّين العيدَ ويشهدن الخير ودعوة المسلمين، دلَّ هذا على أنَّها على الرجال أوجبُ، وهو كذلك". (الشرح الممتع:5/114)، (مجموع فتاوى ابن عثيمين:16/273).


5- أنها من أعظم شعائر الإسلام الظاهرة فكانت واجبة كالجمعة ولذلك يجب قتال الممتنعين من أدائها بالكلية. (بدائع الصنائع للكاساني: 1/275)، (المغني لابن قدامة: 2/272)، (مجموع الفتاوى لابن تيمية: 23/161).


6- أنها مسقطة للجمعة إذا اتفقتا في يوم واحد كما تقدم، وما ليس بواجب لا يسقط ما كان واجبًا.


القول الثاني: أنها واجبة على الكفاية: فلو قام بها بعضهم سقطت عن الباقين، وهو مذهب الحنابلة وبعض الشافعية: وحجتهم أدلة الفريق الأول ن لكنهم قالوا: لا تجب على الأعيان لأنه لا يشرع لها الأذان، فلم تجب على الأعيان كصلاة الجنازة ولَوَ جبت خطبتها، ووجب استماعها كالجمعة.


القول الثالث: أنها سنة مؤكدة وليست بواجبة: وهو مذهب مالك والشافعي وأكثر أصحابهما: وحجتهم:

1- ما أخرجه البخاري من حديث طلحة بن عبيد الله -رضي الله عنه- جَاءَ رَجُلٌ إلى رَسولِ اللَّهِ ﷺ مِن أهْلِ نَجْدٍ ثَائِرَ الرَّأْسِ، يُسْمَعُ دَوِيُّ صَوْتِهِ ولَا يُفْقَهُ ما يقولُ، حتَّى دَنَا، فَإِذَا هو يَسْأَلُ عَنِ الإسْلَامِ، فَقالَ رَسولُ اللَّهِ ﷺ: خَمْسُ صَلَوَاتٍ في اليَومِ واللَّيْلَةِ. فَقالَ: هلْ عَلَيَّ غَيْرُهَا؟ قالَ: لَا، إلَّا أنْ تَطَوَّعَ....". الحديث.


2- واستدلوا كذلك بما أخرجه البخاري مسلم عن عبد الله بن عباس-رضي الله عنهما- أنَّ النبيَّ ﷺ بَعَثَ مُعَاذًا -رضي الله عنه- إلى اليَمَنِ، فَقالَ: ادْعُهُمْ إلى شَهَادَةِ أنْ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وأَنِّي رَسولُ اللَّهِ، فإنْ هُمْ أطَاعُوا لذلكَ، فأعْلِمْهُمْ أنَّ اللَّهَ قَدِ افْتَرَضَ عليهم خَمْسَ صَلَوَاتٍ في كُلِّ يَومٍ ولَيْلَةٍ، فإنْ هُمْ أطَاعُوا لذلكَ، فأعْلِمْهُمْ أنَّ اللَّهَ افْتَرَضَ عليهم صَدَقَةً في أمْوَالِهِمْ تُؤْخَذُ مِن أغْنِيَائِهِمْ وتُرَدُّ علَى فُقَرَائِهِمْ".


3-وقولوا: أنَّ صلاةَ العيدينِ صلاةٌ مؤقَّتة، لا تُشرَعُ لها الإقامةُ؛ فلم تجِبِ ابتداءً بالشرعِ كصلاةِ الاستسقاءِ والكسوفِ. (انظر المجموع للنووي: 5/2)، (المغني لابن قدامة: 2/272).


والراجح: أن صلاة العيدين واجبة على الأعيان، لما تقدم من الأدلة.

قال شيخ الإسلام ابنُ تيميَّة -رحمه الله-: "ولهذا رجَّحنا أنَّ صلاةَ العيد واجبةٌ على الأعيان، كقول أبي حنيفة وغيرِه، وهو أحد أقوال الشافعي، وأحد القولين في مذهب أحمد، وقول من قال: لا تجب؛ في غاية البعد، فإنها من أعظم شعائر الإسلام، والناس يجمعون لها أعظم من الجمعة، وقد شرع فيا التكبير، وقول من قال: هي فرض على الكفاية، لا ينضبط". اهـ (مجموع الفتاوى:23/161).


وقال ابنُ القيِّم -رحمه الله-: "صلاة العيدِ واجبةٌ على الأعيان. وهذا هو الصَّحيحُ في الدَّليل". (الصلاة وأحكام تاركها ص: 39).


وقال الشيخ الألباني -رحمه الله- في كتابه تمام المنة ص 344 بعد حديث أم عطية (وفيه أن النبي ﷺ أمر الحيض وذوات الخدور أن يخرجن يشهدن الخير ودعوة المسلمين: "، فالأمر المذكور يدل على الوجوب، وإذا وجب الخروج وجبت الصلاة من باب أولى كما لا يخفى، فالحق وجوبها لا سنيتها فحسب، ومن الأدلة على ذلك: أنها مُسقطة للجمعة إذا اتفقتا في يوم واحد". اهـ


وقال الشيخ ابنُ عُثَيمين -رحمه الله-: "صلاةُ العيدِ فرضُ عينٍ على الرِّجال على القولِ الرَّاجحِ من أقوالِ أهلِ العِلم". (مجموع فتاوى ابن عثيمين:16/223).


وقال الشوكانيُّ -رحمه الله- في كتابه "السيل الجرار: 2/315": "اعلم أنَّ النبيَّ ﷺ لازَمَ هذه الصَّلاة في العيدين، ولم يتركْها في عيد من الأعياد، وأمَر الناس بالخروج إليها، حتى أمَر بخروج النساء العواتقِ وذواتِ الخدورِ والحُيَّض، وأمَر الحُيَّض أن يعتزلن الصلاة، ويشهدن الخير ودعوة المسلمين، حتى أمر مَن لا جلبابَ لها أن تُلبِسَها صاحبتُها من جلبابها، وهذا كله يدلُّ على أنَّ هذه الصلاة واجبةٌ وجوبًا مؤكَّدًا على الأعيان لا على الكفاية، ويَزيد ذلك تأكيدًا: أنه ﷺ أمَرَ الناس بالخروجِ لقضائها في اليومِ الثاني مع اللَّبس كما تقدَّم، وهذا شأنُ الواجبات لا غيرها".


- وقال أيضًا- رحمه الله-: "ومن الأدلة على وجوبها أنها مسقطة للجمعة إذا اتفقتا في يوم واحد: وما ليس بواجب لا يسقط ما كان واجبًا وقد ثبت أنه ﷺ لازمها جماعة منذ شُرعت إلى أن مات، وانضم إلى هذه الملازمة الدائمة أمره للناس بأن يخرجوا إلى الصلاة". اهـ (انظر نيل الاوطار:3/382) (الروضة الندية:1/142)


والقول إنها سنة مؤكدة ضعيف، وأمَّا حديث الأعرابي فلا حجة فيه لأنه خصَّ الصلوات الخمس بالذكر لتأكيدها ووجوبها على الدوام، وتكررها في كل يوم وليلة وغيرها يجب نادرًا كصلاة الجنازة، والنذر وغير ذلك.


وأمَّا القول بأنها فرض كفاية فلا ينضبط، ثم هو إنما يكون فيما تحصل مصلحته بفعل البعض، كدفن الميت وقهر العدو، وليس يوم العيد مصلحة معينة يقوم بها البعض، بل صلاة العيد شرع لها الاجتماع أعظم من الجمعة، فإنه أمر النساء بشهودها ولم يؤمرن بالجمعة وأذن لهن فيها، وقال: صلاتكن في بيوتكن خير لكنَّ.


فعلى هذا لو تركها أهل بلد مع استكمال شروطها فيهم قاتلهم الإمام لأنها من أعلام الدين الظاهرة كالآذان.


3- وقت صلاة العيدين:

يبتدئ وقت صلاة العيد بعد ارتفاع الشمس قيد رمح: وينتهي بزوال الشمس، وهو مذهبُ الجمهورِ: الحَنَفيَّة، والمالِكيَّة، والحَنابِلَة، وهو وجهٌ للشافعيَّة.


فصلاة العيد لا تُصلى في وقت الكراهة؛ وهي ثلاث أوقات أخبر عنها النبي ﷺ:

فقد أخرج الإمام مسلم عن عُقبةَ بنِ عامرٍ -رضي الله عنه- قال: "ثلاثُ ساعاتٍ كان رسولُ الله ﷺ يَنهانا أنْ نُصلِّي فيهنَّ، أو أنْ نَقبُرَ فيهنَّ موتانا: حين تَطلُعُ الشمسُ بازغةً حتى ترتفِعَ، وحين يقومُ قائمُ الظهيرةِ حتى تميلَ الشَّمسُ، وحين تَضيَّفُ الشمسُ للغروبِ حتى تَغرُبَ".


وأخرج البخاري ومسلم عن عبدِ اللهِ بنِ عُمرَ -رضي الله عنهما- قال: قال رسولُ اللهِ ﷺ: "إذا طَلَع حاجبُ الشمسِ فأَخِّروا الصلاةَ حتى ترتفعَ، وإذا غاب حاجبُ الشَّمسِ فأخِّروا الصلاةَ حتى تغيبَ، ولا تَحيَّنوا بصلاتِكم طلوعَ الشمس، ولا غُروبَها؛ فإنَّها تَطلُع بين قَرنَي شيطانٍ".


قال ابن القيم -رحمه الله- في زاد المعاد: 1/442: "وكان ابن عمر-رضي الله عنهما- مع شدة اتباعه للسنة لا يخرج حتى تطلع الشمس". اهـ


والسُّنَّة أن تُصلى صلاة العيد في أول وقتها.

فقد أخرج البخاري معلقًا ووصله أبو داود وابن ماجه من حديث عبد الله بن بسر-صاحب النبي ﷺ- أنه خرج مع الناس يوم مطر أو أضحى، فأنكر إبطاء الإمام، وقال: إنا كنا قد فرغنا ساعتنا هذه "وذلك حين التسبيح". يريد ساعة ارتفاع الشمس، وانقضاء وقت الكراهة ودخول وقت السبحة: وهي النافلة وعلى هذا يستحب التعجيل لصلاة العيد، وكراهة تأخيرها.


ومما يدل على ذلك ما ثبت في الصحيحين عن البراء -رضي الله عنه- قال: خطبنا النبي ﷺ يوم النحر قال: إن أول ما نبدأ به في يومنا هذا أن نصلي ثم ننحر...الحديث".


قال الحافظ -رحمه الله-: وهو دال على أنه لا ينبغي الاشتغال في يوم العيد بشيء غير التأهب للصلاة والخروج إليها، ومن لازمه ألا يفعل قبلها شيء غيرها فاقتضى ذلك التبكير إليها.


فائدة:

يُستحبُّ أن تُقدَّمَ صلاةُ عيد الأضحى في أوَّل وقتِها، وأنْ تُؤخَّر صلاةُ عيد الفطرِ عن أوَّلِ وقتها، وهذا مذهبُ الجمهورِ: الحَنَفيَّة، والشافعيَّة، والحَنابِلَة، وقولٌ للمالكيَّة، وحُكِي الإجماعُ على ذلك؛ وذلك لأنَّ تأخيرَ صلاةِ عيد الفِطرِ مناسبٌ حتى يتَّسعَ الوقتُ لأداء صدقةِ الفطرِ، وتعجيلَ صلاةِ عيدِ الأضحى والتخفيفَ فيها مناسبٌ؛ لشُغلِ الناس في ذبائحِهم.


قال ابنُ قُدامة -رحمه الله-: "ويُسنُّ تقديمُ الأضحى؛ ليتَّسع وقتُ التضحية، وتأخيرُ الفِطر؛ ليتَّسع وقتُ إخراج صدقة الفطر. وهذا مذهبُ الشافعيِّ، ولا أعلم فيه خلافًا (المغني: 2/280).


وقال ابن القيم -رحمه الله- كما في" زاد المعاد: 1/425": فيسن للإمام أن يؤخر الصلاة (صلاة الفطر) قليلًا حتى يعطي الفرصة لمن يخرج زكاة الفطر أن يخرجها". اهـ


وقال ابنُ رجب -رحمه الله-: "وتأخير صلاة عيد الفِطر ليتَّسع وقتُ إخراج الفطرة المستحبِّ إخراجُها فيه، وتعجيل صلاة الأضحى ليتَّسع وقت التضحية، ولا يشقُّ على الناس أن يُمسكوا عن الأكْل حتَّى يأكلوا من ضحاياهم". (فتح الباري:6/105).


وقال الشوكانيُّ -رحمه الله-: أخرج الشافعيُّ مرسلًا: أنَّ النبي ﷺ كتَب إلى عمرو بن حزم وهو بنجران: أن عجِّل الأضحى، وأخِّر الفطر"، وفي إسناده إبراهيم بن محمد، شيخ الشافعي، وهو ضعيف، وقد وقعَ الإجماعُ على ما أفادتْه الأحاديث، وإنْ كانت لا تقوم بمِثلها الحُجَّة". (الدراري المضية:1/118).


وقال ابنُ عُثَيمين -رحمه الله-: "أمَّا النظر: فلأنَّ الناس في صلاة عيد الفطر محتاجون إلى امتدادِ الوقت؛ ليتَّسع وقت إخراج زكاة الفطر؛ لأنَّ أفضلَ وقت تخرج فيه زكاة الفطر صباحُ يوم العيد قبل الصلاة؛ لحديث ابن عُمرَ: "أُمِر أن تُؤدَّى قبل خروج الناس إلى الصَّلاة "، ومعلوم أنَّه إذا تأخَّرت الصلاة، صار هذا أوسعَ للناس، وأمَّا عيد الأضحى، فإنَّ المشروع المبادَرة بالتضحية؛ لأنَّ التضحية من شعائر الإسلام، وقد قرَنَها الله عزَّ وجلَّ في كتابِه بالصلاة، فقال: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} (الكوثر: 2)، وقال تعالى: {قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} (الأنعام: 162) ففِعلها مبادرًا بها في هذا اليوم أفضلُ، وهذا إنما يَحصُل إذا قُدِّمت الصلاة؛ لأنَّه لا يمكن أن تُذبحَ الأضحية قبل الصلاة) (الشرح الممتع:5/122)


- ويرى بعض أهل العلم أنه لا دليل على تعجيل الأضحى وتأخير الفطر، فلا فارق بين العيدين في بداية الوقت، وهذا الكلام خلاف ما عليه الجمهور.



آخِرُ وقتِ صلاةِ العِيدينِ:

يَستمرُّ وقتُ صَلاةِ العِيدينِ إلى الزَّوالِ.

فقد أخرج الإمام أحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجه عن أبي عُميرِ بنِ أنسِ بنِ مالكٍ قال: "حدَّثني عُمومتي، من الأنصارِ من أصحابِ رسولِ اللهِ ﷺ قالوا: أُغْمَي علينا هلالُ شوال، فأصبحنا صيامًا، فجاءَ ركبٌ من آخِر النهار، فشهِدوا عندَ النبيِّ ﷺ أنَّهم رأوُا الهلالَ بالأمس، فأمَرَهم رسولُ اللهِ ﷺ أن يُفطِروا، وأنْ يَخرُجوا إلى عيدِهم من الغدِ".


فلو كان الوقتُ باقيًا لَمَا أخَّرها النبيُّ ﷺ إلى الغدِ، وقد نقَل الإجماعَ على ذلك: ابنُ حزمٍ، وابنُ رُشدٍ، والخطيبُ الشربينيُّ، والشوكانيُّ.


4- متى يخرج من بيته لصلاة العيدين؟

لم يرد حديث صحيح، يبين وقت الخروج لصلاة العيد، ولعل هذا يرجع حسب أحوال الناس، إلا أنه وردت آثار عن بعض الصحابة وغيرهم أنهم كانوا يخرجون إلى الصلاة بعد صلاة الصبح.


فعن يزيد بن أبي عبيد قال: "صليت مع سلمة بن الأكوع في مسجد النبي ﷺ صلاة الصبح ثم خرج فخرجت معه حتى أتينا المصلى فجلس وجلست حتى جاء الإمام". (رواه الفريابي بسند صحيح)


وعن عبد الرحمن بن حرملة أنه كان ينصرف مع سعيد بن المسيب من الصبح حين يسلم الإمام في يوم عيد حتى يأتي المصلى. (رواه ابن أبي شيبة)


ولا يخفى أنه قد مر بك أن عبد الله بن عمر كان يصلي الفجر ثم يذهب إلى بيته فيغتسل ثم يخرج إلى المصلى.


وعند الحاكم والبيهقي عنه: أنه كان يغدو إلى المصلى يوم الفطر إذا طلعت الشمس فيكبر حتى يأتي المصلى، ثم يكبر بالمصلى حتى إذا جلس الإمام ترك التكبير".


فهذا الأثر مع الآثار السابقة يدل على أن الخروج للصلاة يختلف حسب أحوال المصلين، والمهم في ذلك أن يكون بالمصلى قبل أن يصلي الإمام وكلما يكبر كان أفضل لما فيه من المسابقة للخيرات



5- حكم صلاة العيد إذا فات وقتها:

لفوات صلاة العيد عن وقتها ثلاث صور:

الأولى: أن لا يعلموا بالعيد إلا بعد زوال الشمس، فهذا عذر يجوز تأخيرها إلى اليوم الثاني سواء كان العيد عيد الفطر أو الأضحى، وبهذا قال الجمهور: الحنفية، والشافعية، والحنابلة، وبه قال أكثرُ العُلماءِ.


وقد مر بنا الحديث الذي أخرجه أبو داود والنسائي من حديث أبي عُميرِ بنِ أنسٍ عن عُمومةٍ له من أصحابِ النبيِّ ﷺ: "أنَّ ركبًا جاؤوا إلى النبيِّ ﷺ يَشهَدون أنَّهم رأوُا الهلالَ بالأمسِ، فأمَرَهم أن يُفطِروا، وإذا أصبَحوا يُغدُوا إلى مصلَّاهم".


وعند الإمام أحمد بلفظ: "قالوا: غم علينا هلال شوال فأصبحنا صيامًا، فجاء ركب في آخر النهار فشهدوا أنهم رأوا الهلال:  بالأمس، فأمر النبي ﷺ الناس أن يفطروا من يومهم، وأن يخرجوا غدًا لعيدهم.


فلو كانت تؤدى بعد الزوال لما أخرها النبي ﷺ إلى الغد، لان صلاة العيد شرع فيها الاجتماع العام، فلابد أن يسبقها وقت يتمكن الناس من التهيؤ لها.


الثانية: أن يؤخروا -جميعًا- صلاة العيد عن وقتها لغير العذر المتقدم: فإن كان العيد عيد فطر سقطت أصلًا ولم تُقضى، وإن كان عيد أضحى جاز تأخيرها من ارتفاع الشمس إلى أول الزوال سواء كان لعذر أو لغير عذر، لكن تلحقهم الإساءة إن كان لغير عذر.


الثالثة: أن تؤدى في وقتها من اليوم الأول لكنها تفوت بعض الأفراد: اختَلَف أهلُ العلمِ في قضاءِ صلاةِ العيدِ إذا أُقيمتْ وفاتتْ بعضَ الناسِ، وذلك على قولين:

القول الأوّل: لا تُقضَى صلاةُ العيدِ لِمَن فاتتْه مع الجماعةِ، وهذا مذهبُ الحَنَفيَّة، واختارَه داودُ الظاهريُّ، وابنُ تيميَّة، وابنُ عُثيمين؛ وذلك لأنَّها صلاةٌ شُرِعت على وجهِ الاجتماعِ، فلا تُقضَى إذا فاتَتْ كصلاةِ الجُمُعةِ.


قال الشيخ ابنُ عُثَيمين -رحمه الله-: "أمَّا صلاة العيد، فليس لها بدلٌ، فإذا فاتتْ مع الإمام فإنَّه لا يُشرع قضاؤها، وهذا هو اختيارُ شيخ الإسلام ابنِ تيمية رحمه الله، وهو عندي أصوبُ من القول بالقضاء". (مجموع فتاوى ورسائل العثيمين:16/256)


القول الثاني: تُقضَى صلاةُ العيدِ لِمَن فاتتْه مع الجماعةِ، وهذا مذهبُ الجمهور: المالِكيَّة، والشافعيَّة على الصَّحيح، والحَنابِلَة، وبه قالت طائفةٌ من السَّلَف.


ودليلهم ما أخرجه البخاري ومسلم عن أنسِ بنِ مالكٍ -رضي الله عنه- قال: قال نبيُّ الله ﷺ: "مَن نسِي صلاةً، أو نامَ عنها، فكفَّارتها أن يُصلِّيَها إذا ذكَرها".


وصلاة العيد صلاةٌ مؤقَّتة، فلا تَسقُط بفواتِ الوقتِ، كسائرِ الفرائضِ.


ومنع الحنابلة قضاءها لكن قالوا: مخير، إن شاء صلاها أربعًا أمَّا بسلام واحد أو بسلامين. وهذا الأخير ضعيف، أو مبناه على التشبيه بالجمعة لمن فاتته. (صحيح فقه السُّنَّة)


ولعلهم استندوا لقول ابن مسعود -رضي الله عنه- حيث قال: "من فاتته صلاة العيد فليصل أربعًا". (رواه سعيد بن منصور وصححه الحافظ في الفتح: 2/475، والراجح ضعفه)


والراجح أن يقضيها ركعتين. وذلك لما رواه البيهقي عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- أنه كان إذا فاته العيد مع الإمام جمع أهله فصلى بهم مثل صلاة الإمام في العيد.


وفي رواية عند البخاري تعليقًا عن أنس -رضي الله عنه- أنه أمر مولاه ابن أبي عتبة فجمع أهله وبنيه وصلى كصلاة أهل المصر وتكبيرهم".


وذكر البخاري -رحمه الله- في صحيحه: "باب من فاته العيد يصلي ركعتين". وهو قول عطاء ومذهب الشافعي.


قال الحافظ ابن حجر -رحمه الله- في" فتح الباري: 2/ 550" تعقيبًا على الترجمة: وفي هذه الترجمة حكمان: الأولى: مشروعية استدراك صلاة العيد إذا فاتت مع الجماعة، سواء كانت بالاضطرار أو بالاختيار. الثاني: كونها تقضى ركعتين. اهـ


قال عطاء -رحمه الله-: "إذا فاته العيد صلاة ركعتين". (صحيح البخاري:1/134)


وقال العلامة ولي الله الدهلوي -رحمه الله-: "هذا مذهب الشافعي، أن الرجل إذا فاتته الصلاة مع الإمام صلى ركعتين حتى يدرك فضيلة صلاة العيد وأن فاتته فضيلة الجماعة مع الإمام، أمَّا عند الحنفية، فلا قضاء ‏لصلاة العيد عندهم، ولو فاتته مع الإمام فاتته رأسًا". (انظر المجموع:5/27)


قال الإمام مالك -رحمه الله- في الموطأ رقم 592: "وكل من صلى لنفسه العيدين من رجل أو امرأة فإني أرى أن يكبر في الأولى سبعًا، قبل القراءة، وخمسًا في الآخرة قبل القراءة". اهـ


والمتأخر عن صلاة العيد يصلي ما فاته على صفته كسائر الصلوات. (المغني:2/212)


الراجح:

 أن من فاتته صلاة العيد لعذر جاز أداؤها في اليوم التالي، وإن لم يكن لعذر لم يقض.


تنبيه:

آخر وقت صلاة العيد عند زوال الشمس عن كبد السماء: أي قبل وقت الظهر بقليل.


6- مكان أداء صلاة العيد:

يُستحَبُّ الخروجُ لصلاةِ العيدِ إلى المصلَّى في الفضاء خارجَ المسجد، لأنَّ الناسَ يَكثُرونَ في صلاةِ العيد، فيَضيقُ عليهم المسجدُ في العادةِ، ويَحصُلُ الزحامُ، وربَّما اختلَطَ الرِّجالُ بالنِّساءِ، فكان من المناسبِ الخروجُ إلى المصلَّى:  وهذا مذهبُ الجمهورِ: الحَنَفيَّة، والمالِكيَّة، والحَنابِلَة، وهو وجهٌ للشافعيَّة، وحُكي إجماعُ المسلمين على ذلك.


قال ابن قدامة -رحمه الله- في كتابه" المغني: 2/229": "السُّنَّة أن يصلى العيد في المصلى، أمر بذلك عليّ -رضي الله عنه-، واستحسنه الأوزاعي وأصحاب الرأي، وهو قول ابن المنذر.


وقال ابنُ قُدامة أيضًا -رحمه الله-: "أنَّ النبي ﷺ كان يَخرُج إلى المصلَّى ويدَعُ مسجدَه، وكذلك الخلفاء بعده، ولا يترك النبيُّ ﷺ الأفضلَ مع قُربه، ويتكلَّف فِعل الناقص مع بُعده، ولا يُشرع لأمَّته تركُ الفضائل، ولأنَّنا قد أُمرنا باتباع النبيِّ ﷺ والاقتداء به، ولا يجوزُ أن يكون المأمور به هو الناقِص، والمنهيُّ عنه هو الكامل، ولم يُنقَل عن النبي ﷺ أنَّه صلَّى العيد بمسجده إلَّا مِن عُذر، ولأنَّ هذا إجماعُ المسلمين؛ فإنَّ الناس في كل عصر ومصر يَخرجون إلى المصلَّى، فيُصلُّون العيد في المصلى، مع سَعَة المسجد وضِيقه، وكان النبيُّ ﷺ يُصلِّي في المصلَّى مع شرَفِ مسجدِه". (المغني:2/276).


وقد أخرج البخاري ومسلم من حديث أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال: "كان رسول الله ﷺ يخرج يوم الفطر والأضحى إلى المصلى، فأول شيء يبدأ به الصلاة، ثم ينصرف فيقوم مقابل الناس، والناس جلوس على صفوفهم فيعظهم ويوصيهم".


وأخرج البخاري ومسلم عن ابنِ عُمرَ-رضي الله عنهما- قال: كان النبيُّ ﷺ يَغدُو إلى المصلَّى والعَنَزةُ بين يَديه تُحمَل، وتُنصَبُ بالمصلَّى بين يديه، فيُصلِّي إليها".


ويؤخذ من الحديث أن الإمام له أن يتأخر إلى وقت الصلاة، أمَّا المأموم فيستحب له التبكير ليحصل له الدنو من الإمام، وانتظار الصلاة فيكثر ثوابه.


وجاء في كتاب" المدخل لابن الحاج: 2/283": "والسُّنَّة الماضية في صلاة العيدين أن تكون في المصلى (في الصحراء أو في مفازة واسعة) لأن النبي ﷺ قال: "صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام". (رواه البخاري ومسلم)


ثم هو مع هذه الفضيلة العظيمة، خرج ﷺ وتركه.


وليعلم أن الهدف من الصلاة اجتماع المسلمين في مكان واحد، فلا ينبغي تعدد المصليات من غير حاجة في الأماكن المتقاربة كما نراه في بعض المدن الإسلامية " بل قد أصبحت بعض (المصليات) منابر حزبية لتفريق كلمة المسلمين ولا حول ولا قوة إلا بالله". (أحكام العيدين ص 24، للشيخ علي حسن عبد الحميد حفظه الله)


تنبيهان:

1- يجوز صلاة العيد في المسجد لعذر:

إلا أن يكون هناك عذر كمطر ونحوه، أو أن يضعف بعض الناس- لمرض أو كبر سن- عن الخروج فلا حرج حينئذ في الصلاة في المسجد.


قال النوويُّ -رحمه الله-: "فإنْ كان لهم عذرٌ في ترْك الخروج إلى الصحراء والمصلَّى للعيد، فلا خِلافَ أنَّهم مأمورون بالصَّلاة في المسجد، ومن الأعذار: المطر والوحل، والخوف والبرد، ونحوها". (المجموع: 5/5)


2- صلاة العيد بمكة تكون في المسجِدِ الحرامِ:

الأفضلُ لأهلِ مَكَّةَ إقامةُ صلاةِ العيدِ في المسجِدِ الحرامِ، فإن الأئمة ثم يزالوا يصلون العيد بمكة بالمسجد الحرام، وهو أفضل من الخروج إلى المصلى.


وذلك لأمور منها:

أ - إجْماع أهل العلم على ذلك. وقد نقَل الإجماعَ: الشافعيُّ، وابنُ عبد البَرِّ، والنوويُّ.

قال الشافعيُّ -رحمه الله-: "بلَغَنا «أنَّ رسول الله ﷺ كان يخرُج في العيدين إلى المصلَّى بالمدينة، وكذلك مَن كان بعده، وعامَّة أهل البلدان إلَّا أهل مَكَّة؛ فإنه لم يبلغنا أنَّ أحدًا من السلف صلَّى بهم عيدًا إلا في مسجدهم. وأحسب ذلك- والله تعالى أعلم- لأنَّ المسجد الحرام خيرُ بقاع الدُّنيا، فلم يحبوا أن يكون لهم صلاة إلَّا فيه ما أمكنهم.، وإنما قلتُ هذا لأنَّه قد كان، وليست لهم هذه السَّعة في أطراف البيوت بمكَّة سَعَة كبيرة، ولم أَعلمْهم صلَّوا عيدًا قط، ولا استسقاءً إلا فيه". (الأم للشافعي: 1/267).


قال ابنُ عبد البر -رحمه الله-: "وقد اتَّفق مالكٌ وسائر العلماء على أنَّ صلاة العيدين يُبرز لها في كلِّ بلد إلَّا بمكة؛ فإنَّها تُصلَّى في المسجد الحرام". (التمهيد:6/31).


ب - أنَّ الصَّلاةَ في الصَّحراءِ في مكَّةَ صعبةٌ؛ لأنَّها جبالٌ وأودية، فيشقُّ على الناسِ أن يَخرُجوا.


ج- - لخصوصيةِ المسجدِ الحرامِ؛ حيث إنَّ الصلاةَ فيه خيرٌ من مائةِ ألْفِ صلاةٍ في غيرِه.


7- آداب الخروج لصلاة العيد:

والخروج لصلاة العيد فيه إظهار لشعائر الإسلام، فصلاة العيد من أعلام الدين الظاهرة.



صلاة العيدين: آداب وأحكام 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

صلاة العيدين: آداب وأحكام Empty
مُساهمةموضوع: رد: صلاة العيدين: آداب وأحكام   صلاة العيدين: آداب وأحكام Emptyالإثنين 24 أبريل 2023, 1:19 am


وللخروج إليها آدابًا منها:

الأدب الأول: إخراج صدقة الفطر قبل الخروج إلى المصلى:

قال تعالى: {قَدْ أَفْلَحَ مَن تَزَكَّى وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى} (الأعلى: 15،14) والمُراد بقوله تعالى: {قَدْ أَفْلَحَ مَن تَزَكَّى} أي: مَن أدَّى صدقةَ الفِطرِ، ثمَّ غدا ذاكرًا لله إلى المصلَّى فصلَّى. (شرح صحيح البخاري لابن بطَّال: 3/566)، (فتح الباري لابن حجر: 3/375).


وأخرج البخاري ومسلم عنِ ابنِ عُمَرَ -رضي الله عنهما- قال: "أمرَنا رسولُ اللهِ ﷺ بزكاةِ الفِطرِ أن تؤدَّى قبل خُروجِ النَّاسِ إلى الصَّلاةِ".


والإنسان عليه أن يبادر بإخراجها في أول وقتها- وهي ليلة العيد-إبراءً للذمة، وخوفًا من فواتها بالنسيان، وحتى ينتفع بها الفقراء.


ويجوز تعجيلُ زكاةِ الفِطرِ عن وَقتِها بيومٍ أو يومينِ فقط، وهذا مذهَبُ المالكيَّة، والحَنابِلَة، واختاره الشوكانيُّ، وابنُ باز، وابنُ عُثيمين -رحمهم الله-.


يقول الشيخ ابنُ عُثيمِين -رحمه الله-: "يجوز أن تُقدَّمَ قبل العيد بيومٍ أو يومين، ولا يجوز أكثَر من ذلك؛ لأنَّها تسمَّى زكاةَ الفطر، فتضافُ إلى الفِطرِ، ولو قلنا بجوازِ إخراجِها بدخولِ الشَّهرِ كان اسمُها زكاةَ الصِّيامِ، فهي محدَّدةٌ بيومِ العِيدِ قبل الصلاة، ورُخِّصَ في إخراجِها قبل العيدِ بِيَومٍ أو يومين". (مجموع فتاوى ورسائل العُثيمين:18/270).


ودليل ذلك ما رواه البخاري ومسلم عنِ ابنِ عُمَرَ-رَضِيَ اللهُ عنهما-: أنَّه كان يُعطيها الذين يَقبَلونَها، وكانوا يُعطُونَ قبل الفِطرِ بِيَومٍ أو يومينِ".


المقصودَ مِن صَدَقةِ الفِطرِ إغناءُ الفُقَراءِ يومَ العيدِ، ومتى قدَّمها بالزَّمانِ الكثير لم يحصُلْ مَقصودُ إغنائِهم بها يومَ العِيدِ، وتعجيلُها باليومِ واليومينِ لا يُخلُّ بالمقصودِ منها؛ فإنَّ الظَّاهِرَ أنَّها تبقى أو بعضها إلى يومِ العيدِ، فيُستغنى بها عن الطَّوافِ والطَّلَبِ فيه. (المغني لابن قدامة: 3/90)



الأدب الثاني: الاغتسال قبل الخروج لصلاة العيد:

قال ابن قدامة -رحمه الله- في كتابه" المغني: 2/350": "يستحب أن يتطهر بالغسل للعيد، وكان ابن عمر يغتسل يوم الفطر، وروى ذلك عن علي -رضي الله عنه- وبه قال علقمة وعروة، وعطاء، والنخعي، والشعبي، وقتادة، وأبو الزناد ومالك، والشافعي، وابن المنذر". اهـ


وقد ثبت في موطأ الإمام مالك ومصنف عبد رزاق عن نافع أن ابن عمر -رضي الله عنهما- كان يغتسل يوم الفطر قبل أن يغدو إلى المصلى.


وعن عبيد الله بن عمر قال: أخبرني نافع أن ابن عمر -رضي الله عنهما- كان يغتسل للعيدين ويغدو قبل أن يُطعم". (أحكام العيدين للفريابي)


وأخرج البيهقي في سننه والشافعي في مسنده أثرًا عن عليّ -رضي الله عنه- أنه سُئل عن الغسل فقال: "اغتسل كل يوم إن شئت، فقال: لا، الغُسل الذي هو الغسل -يقصد الغسل الشرعي المُستحب-؟ قال: "يوم الجمعة، ويوم عرفة -أي للحجاج قبل الوقوف بعرفة-، ويوم النحر، ويوم الفطر. (قال الألباني في الإرواء: 1/176: سنده صحيح)


وعن الجعد بن عبد الرحمن -رحمه الله- قال: رأيت السائب بن يزيد يغتسل قبل الخروج إلى المصلى. (أحكام العيدين للفريابي)


وقال سعيد بن المسيب -رحمه الله-: "سنة الفطر ثلاث: المشي إلى المصلى، والأكل قبل الخروج، والاغتسال". (أحكام العيدين للفريابي)


قال ابن قدامة -رحمه الله- معلقًا على كلام سعيد بن المسيب: "ما رُوي عن رسول الله ﷺ في الغسل فهو ضعيف، أمَّا قول سعيد بن المسيب: سنة الفطر ثلاث: المشي إلى المصلى، والأكل قبل الخروج، والاغتسال " فلعله يريد سنة الصحابة". اهـ


وقال ابنُ رشد -رحمه الله-: "أجمع العلماءُ على استحسان الغُسل لصلاةِ العِيدين". (بداية المجتهد:1/227).


وقال النوويُّ -رحمه الله-: "ومِن الغُسل المسنون غُسلُ العيدين وهو سُنَّة لكلِّ أحد بالاتِّفاق، سواء الرِّجال والنِّساء والصِّبيان". (المجموع:2/202).


الأدب الثالث: التجمل ولبس أحسن الثياب:

يُستحبُّ أن يَخرُجَ المرءُ متجمِّلًا لصلاةِ العيدِ على أحسنِ هيئةٍ. وذلك لقوله تعالى: {يَابَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ} (الأعراف: 31)


وأخرج البخاري ومسلم من حديث ابن عمر-رضي الله عنهما- قال: "وجد عمر حلة سيراء:  من استبرق:  تباع في السوق فأخذها فأتى بها رسول الله ﷺ فقال: يا رسول الله ابتع هذه، فتجمل بها للعيد، والوفود، فقال: إنما هذه لباس من لا خلاق له:... الحديث".


- وفي رواية: أنَّ عُمرَ بنَ الخَطَّابِ -رضي الله عنه- رأى عُطَاردًا التَّميميَّ يَبيعُ حُلَّةً مِن دِيباجٍ، فأتى رسولَ الله ﷺ، فقال: يا رسولَ الله! إنِّي رأيت عطاردًا يَبيعُ حُلَّةً من دِيباج، فلو اشتريتها فلبستَها للوفودِ وللعيدِ وللجُمُعة؟ فقال: "إنَّما يَلْبَسُ الحريرَ مَن لا خَلاقَ له... الحديث". (أخرجه البخاري ومسلم)


فعُلم من هذا الحديث أن التجمل يوم العيد عادة متقررة بينهم، ولم ينكرها النبي ﷺ فعلم بقاؤها. (فتح الباري لابن رجب: 6/67) (حاشية السندي على النسائي: 3/181)


قال ابن قدامة -رحمه الله-في" المغني: 2/228": "وهذا يدل على أن التجمل عندهم في هذه المواضع كان مشهور".


‏وقال الحافظ ابن حجر -رحمه الله- في فتح الباري:2/439" في شرحه للحديث السابق: "وجه الاستدلال به من جهة تقريره ﷺ لعمر -رضي الله عنه- على أصل التجمل، وقصر الإنكار على من لُبْس مثل تلك الُحلة لكونها كانت حريرًا". اهـ


وأخرج الطبراني في الأوسط عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: "كان النبي ﷺ يلبس يوم العيد بردة حمراء " (الصحيحة: 1279)


قال ابن القيم -رحمه الله- في" زاد العاد:1/441": وكان ﷺ يلبس للخروج إليهما(العيدين) أجمل ثيابه، فكان له حُلّةٌ يلبسها للعيدين والجمعة، ومرة كان يلبس بُردين:  أخضرين، ومرة بردًا أحمر: وليس هو أحمر مصمتًا: كما يظنه بعض الناس، فإنه لو كان كذلك لم يكن بُردًا، وإنما فيه خطوط حُمْرٌ "كالبرود اليمنية". اهـ


وعند ابن أبي الدنيا عن نافعٍ: "أنَّ ابنَ عُمرَ -رضي الله عنهما- كان يَلبَسُ في العيدينِ أحسنَ ثِيابِه". (صحَّح إسنادَه ابنُ رجب في فتح الباري:6/68)


وأخرج ابن أبي شيبة والحارث بن أبي أسامة في مسنده أن ابن عمر كان يشهد الفجر مع الإمام، ثم يرجع إلى بيته فيغتسل غسله من الجنابة، ويلبس أحسن ثيابه ويتطيب بأحسن ما عنده ثم يخرج حتى يأتي المصلى. (إسناده حسن)



صلاة العيدين: آداب وأحكام 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

صلاة العيدين: آداب وأحكام Empty
مُساهمةموضوع: رد: صلاة العيدين: آداب وأحكام   صلاة العيدين: آداب وأحكام Emptyالإثنين 24 أبريل 2023, 1:19 am


الأدب الرابع: يُستحَبُّ التَّطيُّبُ يوم العِيدِ:

النبي ﷺ كان يحب الطيب، ويدل على هذا ما أخرجه الإمام أحمد والنسائي من أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله ﷺ: "حُبِّبَ إليَّ من دُنْياكمُ: النِّساءُ: والطِّيبُ وجُعِلَت قُرَّةُ عَيني في الصَّلاةِ".


فيستحب وضع الطيب اتباعًا لهدي النبي ﷺ ويتأكد هذا الأمر عند حضور المحافل واجتماع الناس.


وهذا باتِّفاقِ المذاهبِ الفقهيَّة الأربعة: الحَنَفيَّة، والمالِكيَّة، والشافعيَّة، والحَنابِلَة. وذلك لأنَّه يومُ اجتماعٍ يَجتمعُ فيه الناسُ، كالجُمُعة؛ ولأنَّه يومُ الزِّينةِ.


قال ابنُ قُدامة -رحمه الله-: قال مالكٌ: سمعتُ أهلَ العلم يستحبُّون الطِّيبَ والزينةَ في كلِّ عيد". (المغني:2/274).



تنبيه:

هذا الأمر خاص بالرجال، أمَّا المرأة فتخرج غير متطيبة، لأن خروج المرأة متعطرة ذريعة من الذرائع التي سدَّها الإسلام؛ منعًا للإثارة وتهييج شهوات الرجال، بل منع الإسلام خروج المرأة متعطرة حتى إلى المسجد.


فقد أخرج الإمام مسلم من حديث زينب الثقفية -زوجة عبد الله بن مسعود -رضي الله عنها- قالت: "قال لنا رسول الله ﷺ: إذا شهدت إحداكن المسجد فلا تمس طيبًا".


- وأخرج الإمام مسلم عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله ﷺ: "أيما امرأة أصابت بخورًا، فلا تشهد معنا العشاء الآخرة".


وإذا كان الإسلام قد نهى المرأة عن التطيب عند إرادة الذهاب إلى المسجد وهو أشرف بقاع الأرض لتؤدي أعظم شعيرة في الإسلام مع مَن طهرت قلوبهم، وزكت نفوسهم، وأشرقت وجوههم بماء الوضوء، ولهجت ألسنتهم بذكر الله، فما القول بمَن خرجت في كامل زينتها، مُتَلَطِّخة بالعطر الفوَّاح الصاخب في غير المسجد. هذه المرأة قال عنها النبي ﷺ: "أيما امرأة استعطرت، فمرَّت على قوم ليجدوا من ريحها؛ فهي زانية". (أخرجه الإمام أحمد والنسائي)


قال المناوي -رحمه الله- كما في "فيض القدير" معللًا لماذا وصفها النبي ﷺ بأنها زانية: "لأنها هيَّجَت شهوة الرجال بعطرها، وحملتهم على النظر إليها، فكل مَن ينظر إليها فقد زنى بعينيه ويحصل لها إثم ذلك؛ لأنها حملته على النظر إليها وشوشت قلبه". اهـ


الأدب الخامس: أكل تمرات قبل الخروج إلى المصلى في عيد الفطر، والأكل بعد الصلاة في عيد الأضحى:

أمَّا بالنسبة ليوم الفطر:

فقد أخرج البخاري من حديث أنس -رضي الله عنه- قال: "كان النبي ﷺ لا يغدو:  يوم الفطر حتى يأكل تمرات".


- وفي رواية: [ويأكلهن وترًا]".


والحديث رواه ابن حبان والحاكم بلفظ: "ما خرج يوم فطر حتى يأكل تمرات ثلاث أو خمسًا أو سبعًا أو أقل من ذلك أو أكثر وترًا".


أمَّا يوم الأضحى:

فقد أخرج الإمام أحمد والترمذي من حديث بريدة -رضي الله عنه- قال: كان رسول الله ﷺ لا يغدو يوم الفطر حتى يأكل، ولا يأكل يوم الأضحى حتى يرجع".


وفي رواية للإمام أحمد: "ولا يأكل يوم الأضحى حتى يأكل من أضحيته".


وفي رواية: كان النبي ﷺ لا يخرج يوم الفطر حتى يَطْعَمَ، ويوم النحر: لا يأكل حتى يرجع فيأكل من نسيكته". (صحيح الجامع: 4845)


- وفي رواية عند الترمذي: "لا يخرج يوم الفطر حتى يَطْعَمَ، ولا يَطْعَمُ يوم الأضحى حتى يصلي". (صحيح الترمذي:477)


قال ابنُ قُدامة -رحمه الله-: "السُّنَّة أن يأكلَ في الفطر قبل الصلاة، ولا يأكُل في الأضحى حتى يصلِّيَ. وهذا قولُ أكثر أهل العلم؛ منهم: عليٌّ، وابن عباس، ومالك، والشافعي، وغيرهم، لا نعلم فيه خلافًا". (المغني:2/275).


وقال ابنُ رشد -رحمه الله-: "أجمَعوا على أنه يُستحبُّ أن يُفطر في عيد الفطر قبل الغُدوِّ إلى المصلَّى، وألَّا يُفطرَ يومَ الأضحى إلَّا بعد الانصرافِ من الصَّلاة". (بداية المجتهد:1/233).


وقال الترمذي -رحمه الله-: وقد استحب قوم من أهل العلم ألا يخرج يوم الفطر حتى يطعم شيئًا، ويستحب له أن يفطر على تمر، ولا يَطْعَمُ يوم الأضحى حتى يرجع".


وقال تقي الدين -رحمه الله-: "لما قدم الله تعالى الصلاة على النحر في قوله تعالى: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} (الكوثر: 2) وقوله تعالى: {قَدْ أَفْلَحَ مَن تَزَكَّى (14) وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى} (الأعلى:15،14) كانت السُّنَّة أن الصدقة قبل الصلاة في عيد الفطر، وأن الذبح بعد الصلاة في عيد النحر". اهـ


وقال ابن القيم -رحمه الله-في" زاد العاد:1/441": "وأمَّا في عيد الأضحى؛ فكان لا يَطْعَمُ حتى يرجع من المصلى، فيأكل من أضحيته". اهـ


وقال الشوكاني -رحمه الله- في" نيل الأوطار": "والحكمة من تأخير الفطر يوم الأضحى أنه يوم تشرع فيه الأضحية والأكل منها، فشرع له أن يكون فطره على شيء منها".


وعلى هذا داوم المسلمون.

فقد أخرج الإمام مالك في موطئه والبيهقي في السنن الكبرى عن سعيد بن المسيب -رحمه الله- أنه قال: "كان المسلمون يأكلون يوم الفطر قبل الصلاة ولا يفعلون ذلك يوم النحر".


- وفي رواية عنه: "لا تغدوا يوم الفطر حتى تأكلوا، ولا تأكلوا يوم النحر حتى تذكوا أو تنحروا". (أحكام العيدين للفريابي)

 

وقال الإمام مالك -رحمه الله-: "وكان الناس يؤمرون أن يأكلوا قبل أن يغدوا يوم الفطر، وعلى ذلك أدركت الناس". اهـ


الحكمة من الأكل قبل الخروج لصلاة العيد:

قال الحافظ ابن حجر -رحمه الله- في" فتح الباري: 2/448": قال الزين بن المنير -رحمه الله-:


وقيل: الحكمة إيقاع الأكل في العيدين في الوقت المشروع لإخراج صدقتهما الخاصة بهما. اهـ


أي بإخراج صدقة الفطر قبل القدوم إلى المصلى، وإخراج صدقة الأضحية بعد ذبحها بعد الصلاة.


وقال ابن حجر -رحمه الله- أيضًا في المصدر السابق: قال المهلب: الحكمة في الأكل قبل الصلاة ألا يظن ظان لزوم الصوم حتى يصلى العيد فكأنه أراد سد هذه الذريعة. اهـ


وقال غيره: "لما وقع وجوب الفطر عقب وجوب الصوم استحب تعديل الفطر مبادرة إلى امتثال أمر الله سبحانه والحكمة في تأخير الفطر يوم الأضحى أنه يوم تشرع فيه الأضحية والأكل منهاه، فشرع له أن يكون فطره على شيء منها". اهـ



صلاة العيدين: آداب وأحكام 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

صلاة العيدين: آداب وأحكام Empty
مُساهمةموضوع: رد: صلاة العيدين: آداب وأحكام   صلاة العيدين: آداب وأحكام Emptyالإثنين 24 أبريل 2023, 1:20 am

الأدب السادس: استحباب خروج النساء لصلاةِ العيدِ:

وهذا مذهبُ المالِكيَّة، والشافعيَّة، وروايةٌ عن أحمدَ وهو اختيارُ ابنِ باز، وابنِ عُثيمين.

1- عن أمِّ عَطيَّةَ نسيبة بنت كعب  -رضي الله عنها- قالت: "أَمرَنا- تعني النبيَّ ﷺ- أنْ نُخرِجَ في العيدينِ، العواتقَ، وذواتِ الخدورِ وأمَرَ الحُيَّضَ أن يعتزِلْنَ مُصلَّى المسلمينِ". (رواه البخاري ومسلم)


- وفي روايةٍ: "كنَّا نُؤمَر أن نَخرُجَ يوم العيدِ، حتى تَخرُجَ البكرُ من خِدرهِا، وحتى يَخرجَ الحُيَّضُ فيكُنَّ خلفَ الناس، فيُكبِّرْنَ بتكبيرِهم، ويَدْعونَ بدعائِهم؛ يرجونَ بركةَ ذلك اليومِ وطُهرتَه".


وفي رواية: قالَتْ: "أَمَرَنَا رَسولُ اللهِ ﷺ، أَنْ نُخْرِجَهُنَّ في الفِطْرِ وَالأضْحَى، العَوَاتِقَ، وَالْحُيَّضَ، وَذَوَاتِ الخُدُورِ، فأمَّا الحُيَّضُ فَيَعْتَزِلْنَ الصَّلَاةَ، وَيَشْهَدْنَ الخَيْرَ، وَدَعْوَةَ المُسْلِمِينَ، قُلتُ: يا رَسولَ اللهِ، إحْدَانَا لا يَكونُ لَهَا جِلْبَابٌ، قالَ: لِتُلْبِسْهَا أُخْتُهَا مِن جِلْبَابِهَا". (رواه مسلم)


وأخرج الإمام أحمد وابن ماجه من حديث عبد الله بن عباس-رضي الله عنهما- قال: "كان رَسولُ اللهِ ﷺ يأمُرُ بناتِهِ ونساءَهُ أنْ يخرُجْنَ في العيدينِ". (صحيح الجامع: 4888)


قال الشيخ ابن باز -رحمه الله-: "يُسنُّ للنساء حضورُها مع العناية بالحجاب والتستُّر، وعدم التطيُّب". (مجموع فتاوى ابن باز:13/8).


وقال الشيخ ابنُ عُثَيمين -رحمه الله-: "الخروج لصلاة العيد للنِّساء سُنَّة".  (الشرح الممتع:4/204).


تنبيهان:

1- انِّساءَ إذا حضَرْنَ صَلاةَ الرِّجالِ ومَجامعَهم، يكُنَّ بمَعزِلٍ عنهم؛ وِقايةً لهُنَّ، وخَوفًا مِن الفِتنةِ بِهنَّ.

2- لا تخرج المرأة في كامل زينتها متطيبة، وعلى هذا يحمل كلام الترمذي -رحمه الله-حيث قال: "وقد ذهب بعض أهل العلم ‏إلى هذا الحديث ورخص للنساء في الخروج إلى العيدين وكرهه بعضهم". اهـ


والكراهة إذا كانت المرأة ستخرج في كامل زينتها متطيبة، وفي هذه الحالة يجوز للولي أن يمنعها.


وقال الترمذي أيضًا: وروى عن عبد الله بن المبارك أنه قال أكره اليوم الخروج للنساء في العيدين، فإن أبت المرأة إلا أن تخرج فليأذن لها زوجها أن تخرج في أطمارها الخلقان: ولا تتزين، فإن أبت أن تخرج كذلك فالزوج أن يمنعها عن الخروج".


ولعل دليله ما أخرجه البخاري ومسلم عن عَمْرةَ بنتَ عبدِ الرَّحمنِ أنها عائشة -رضي الله عنها- تقول: "لَوْ أنَّ رَسولَ اللهِ ﷺ رَأَى ما أحْدَثَ النِّساءُ لَمَنَعَهُنَّ المَسْجِدَ كما مُنِعَتْ نِساءُ بَنِي إسْرائِيلَ. قالَ:  فَقُلتُ لِعَمْرَةَ: أنِساءُ بَنِي إسْرائِيلَ مُنِعْنَ المَسْجِدَ؟ قالَتْ: نَعَمْ".


الأدب السابع: استحباب خروج الأولاد الصغار لشهود العيد:

أخرج البخاري ومسلم من حديث عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- قال: خَرَجْتُ مع النبيِّ ﷺ يَومَ فِطْرٍ أوْ أضْحَى فَصَلَّى، ثُمَّ خَطَبَ، ثُمَّ أتَى النِّسَاءَ، فَوَعَظَهُنَّ، وذَكَّرَهُنَّ، وأَمَرَهُنَّ بالصَّدَقَةِ.


وكان ابن عباس حينئذ صغيرًا ويدل على هذا:

ما أخرجه البخاري ومسلم عن عبد الرحمن بن عابس قال: سمعتُ ابنَ عبَّاس وقيل له: أشهدتَ الخروجَ مع رسولِ الله ﷺ يومَ العيد؟ قال: "نعم، ولولا مكانِي منه ما شهدتُه معه من الصِّغرِ...".


قال ابنُ بطَّال -رحمه الله-: "فائدةُ هذا الحديثِ الرُّخصة في شهودِ النِّساءِ والصِّبيانِ العيدَ". (شرح البخاري:2/568).


وأخرج البيهقي من حديث ابن عمر-رضي الله عنهما- أن رسول الله ﷺ كان يخرج في العيدين مع الفضل بن عباس، وعبد الله والعباس وعليّ وجعفر والحسن والحسين وأسامة بن زيد وزيد بن حارثة وأيمن ابن أم أيمن- رضي الله عنهم- رافعًا صوته بالتهليل والتكبير". (ضعفه البعض وحسنه الألباني في الإرواء: 3/123)


وكان معظم هؤلاء صغار.


الأدب الثامن: التكبير في العيدين من حين الخروج:

بالنسبة لعيد الفطر، قال تعالى: {وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} (البقرة: 185)


أمَّا بالنسبة لعيد الأضحى، قال تعالى: {وَاذْكُرُواْ اللّهَ فِي أَيَّامٍ مَّعْدُودَاتٍ} (البقرة: 203)


قال ابنِ عبَّاس رَضِيَ اللهُ عنهما: "الأيَّام المعدودات: أيَّامُ التشريقِ؛ أربعة أيَّام: يوم النَّحر، وثلاثة أيَّام". (تفسير ابن كثير:1/561).


وقال تعالى: {كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ} (الحج: 37)


وأخرج البخاري ومسلم من حديث أمِّ عطيةَ -رَضِيَ اللهُ عنها- قالت: "كنَّا نُؤمَرُ بالخروجِ في العِيدَينِ، والمُخبَّأةُ، والبِكرُ. قالت: الحُيَّضُ يَخرُجْنَ فيكنَّ خلفَ الناسِ، يُكبِّرْنَ مع الناسِ".


وفي رواية عند البخاري: "كنَّا نُؤمَر أنْ نَخرُجَ يومَ العيدِ، حتى نُخرِجَ البكرَ مِن خِدْرِها، وحتَّى نُخرِجَ الحُيَّضَ، فيكنَّ خلْفَ الناسِ، فيُكبِّرْنَ بتكبيرِهم، ويَدْعون بدُعائِهم، يرجونَ بَركةَ ذلِك اليومِ وطُهرتَه".


قال النوويُّ -رحمه الله-: وقولها: "يُكبِّرن مع النَّاس" دليلٌ على استحبابِ التكبير لكلِّ أحد في العيدين، وهو مَجمَعٌ عليه". (شرح النووي على مسلم:6/179).


- وعن عُمرَ -رضي الله عنه- أنَّه كان يُكبِّرُ في قُبَّتِه بمنًى، فيَسمَعُه أهلُ المسجدِ، فيُكبِّرونَ، فيكبِّرُ أهلُ الأسواقِ، حتى تَرتجَّ مِنًى تكبيرًا".  (رواه البخاريُّ معلَّقًا بصيغة الجزم ورواه موصولًا البيهقي)


- وعن ابنِ عُمرَ -رَضِيَ اللهُ عنهما-" أنَّه كان يُكبِّرُ بمنًى تلك الأيَّامَ، وخَلْفَ الصَّلواتِ، وعلى فِراشِه، وفي فُسطاطِه ومجلسِه، وممشاه تلك الأيَّامَ جميعًا". (رواه البخاري معلقًا بصيغة الجزم ورواه موصولًا ابن المنذر في الأوسط)


- وكانتْ ميمونةُ -رَضِيَ اللهُ عنها- تُكبِّر يومَ النَّحرِ. (رواه البخاريُّ معلقًا بصيغة الجزم)


قال ابنُ تيميَّة -رحمه الله-: "أمَّا التكبيرُ، فإنه مشروعٌ في عيد الأضحى بالاتِّفاق". (مجموع الفتاوى:24/221)


ويستحب للرجال رفع الصوت بالتكبير في الأسواق والدور والطرق والمساجد وأماكن تجمع الناس، إظهارًا لهذه الشعيرة وإحياءً لها، واقتداءً بالنبي ﷺ وسلف الأمة.


فقد مر بنا الحديث الذي أخرجه البيهقي من حديث ابن عمر-رضي الله عنهما-: أنَّ رسولَ اللهِ ﷺ كان يخرجُ في العيدينِ مع الفضلِ بنِ عباسٍ وعبدِ اللهِ والعباسِ وعليٍّ وجعفرٍ والحسنِ والحسينِ وأسامةَ بنِ زيدٍ وزيدِ بنِ حارثةَ وأيمنَ بنِ أمِّ أيمنَ- رضيُ اللهُ عنهم- رافعًا صوتَهُ بالتهليلِ والتكبيرِ". (ضعفه البعض وحسنه الألباني في الإرواء: 3/123)


وأخرج البيهقي عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما-: "أن رسول الله ﷺ كان يخرج في العيدين رافعًا صوته بالتهليل والتكبير". (صحيح الجامع:4934) (انظر الإرواء 3/123)


قال الإمام أحمد -رحمه الله-: "يكبر جهرًا إذا خرج من بيته حتى يأتي المصلى". (المغني: 2/256)


وأخرج البيهقي عن نافع -رحمه الله- قال: كان عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- يغدو إلى العيد ويرفع صوته بالتكبير حتى يأتي المصلى. (صححه الألباني في الإرواء - 650)



صلاة العيدين: آداب وأحكام 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

صلاة العيدين: آداب وأحكام Empty
مُساهمةموضوع: رد: صلاة العيدين: آداب وأحكام   صلاة العيدين: آداب وأحكام Emptyالإثنين 24 أبريل 2023, 1:21 am


وقت التكبير:

- بالنسبة لعيد الفطر يبدأ التكبير بعد صلاة الفجر:  حتى تقضى الصلاة.

ودليل ذلك ما أخرجه ابن أبي شيبة عن الزهري -رحمه الله- أن النبي ﷺ كان يخرج يوم الفطر فيكبر حتى يأتي المصلى، وحتى يقضي الصلاة، فإذا قضى الصلاة قطع التكبير". (الصحيحة: 171) (قال الألباني: إسناده صحيح لولا أنه مرسل، لكن له شاهد موصول يتقوى به).


وأخرج الدارقطني والحاكم عن ابنِ عُمرَ -رضي الله عنهما-: "أنَّه كان إذا غدَا يومَ الفِطرِ ويومَ الأضحى يَجهَر بالتكبيرِ: حتى يأتيَ المصلَّى، ثم يُكبِّرَ حتى يأتيَ الإمامُ" (صحَّحه الألباني في إرواء الغليل: 650)


- وفي رواية: "أنَّه كان يَجهَرُ بالتَّكبيرِ يومَ الفِطرِ: إذا غدا إلى المصلَّى، حتى يخرُجَ الإمامُ".


- وفي رواية: "من حين يخرجُ من بيته حتى يأتيَ المصلَّى". (صحيح الجامع:5004)


التَّكبيرُ في عِيدِ الفِطرِ يَنقضِي بصلاةِ العيدِ؛ نصَّ على ذلك المالِكيَّة، وهو مذهبُ الشافعيَّة على الأصحِّ، وهو روايةٌ عن أحمد، واختارَه ابنُ باز، وابنُ عثيمين.


سُئِل الشيخ ابنُ عُثَيمين -رحمه الله-: متى يَبتدئ التكبيرُ لعيد الفطر؟ وما هي صِفتُه؟ فأجاب فضيلتُه بقوله: التكبيرُ يوم العيد يبتدئ من غروب الشَّمس آخِرَ يوم من رمضان، إلى أن يَحضُر الإمامُ لصلاة العيد". (مجموع فتاوى ورسائل العثيمين:16/259)


- أمَّا بالنسبة لعيد الأضحى:

فقد أخرج ابنُ أبي شَيبةَ في المصنَّف والطبرانيُّ عن الأَسودِ قال: "كانَ عبدُ اللهِ بنُ مَسعودٍ -رضي الله عنه- يُكبِّر من صلاةِ الفَجرِ يومَ عَرفةَ، إلى صلاةِ العصرِ من النَّحرِ؛ يقول: اللهُ أكبرُ اللهُ أكبرُ اللهُ أكبرُ، لا إلهَ إلَّا الله، واللهُ أكبرُ اللهُ أكبرُ، ولله الحمدُ".


وأخرج الحاكم والبيهقي عن ابنِ عبَّاسٍ -رَضِيَ اللهُ عنهما- أنَّه كان يُكبِّرُ من غَداةِ عَرفةَ إلى صَلاةِ العَصرِ من آخِرِ أيَّامِ التَّشريقِ.


وأخرج ابنُ أبي شَيبةَ في المصنَّف عن شقيق: أن عليًا بن أبي طالب -رضي الله عنه- أنه كان يُكبِّر بعد صلاةِ الفَجرِ يومَ عَرفةَ، إلى صلاةِ العصرِ من آخر أيام التشريق".


قال الحافظ ابن حجر -رحمه الله- في" فتح الباري: 2/462": أصح ما ورد فيه عن الصحابة قول عليّ وابن مسعود -رضي الله عنهما-: إنه من صبح يوم عرفة إلى آخر أيام منى". اهـ


يعني عصر ثالث أيام التشريق ورابع يوم العيد (انظر مجموع الفتاوى: 24/220) (إرواء الغليل: 3/125)


صيغ التكبير:

لم يصح عن النبي ﷺ حديث في صيغة التكبير، لكن هناك صيغ واردة عن الصحابة منها:

- الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد". (رواه ابن ابي شيبة والبيهقي عن ابن مسعود -رضي الله عنه-)


ففي هذا الحديث ثبت تشفيع التكبير، لكن ذكر ابن أبي شيبة في موضع آخر بالسند نفسه بتثليث التكبير.

- " الله أكبر كبيرًا، الله أكبر كبيرا، الله أكبر وأجل، الله أكبر ولله الحمد". (موقوف على ابن مسعود - راجع الإرواء: 3/126)


- " الله أكبر الله أكبر الله أكبر كبيرًا". (رواه عبد الرزاق والبيهقي عن سلمان -رضي الله عنه-)


- " الله أكبر الله أكبر، الله أكبر ولله الحمد، الله أكبر وأجلُّ، الله أكبر على ما هدانا". (رواه البيهقي عن ابن عباس -رضي الله عنهما-)


قال ابنُ قُدامة -رحمه الله-: "وصفة التكبير: اللهُ أكبرُ اللهُ أكبر، لا إلهَ إلَّا الله، واللهُ أكبرُ اللهُ أكبرُ، ولله الحمدُ، هذا قولُ عُمرَ، وعليٍّ، وابن مسعود، وبه قال الثوريُّ، وأبو حنيفة، وإسحاق، وابن المبارك، إلَّا أنه زاد: على ما هدانا؛ لقوله: لِتُكَبِّرُوا اللهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ (الحج: 37) (المغني:2/293).


وقال ابنُ المنذر -رحمه الله-: "رُوينا عن عُمرَ بن الخطَّاب وعبدِ الله بنِ مسعود، أنَّهما كانا يُكبِّران مِن صلاة الغداة يومَ عَرفةَ إلى الصلاة من آخِر أيَّام التشريق، يقولان: اللهُ أكبرُ اللهُ أكبرُ، لا إلهَ إلَّا الله، واللهُ أكبرُ اللهُ أكبرُ، ولله الحمد، ورُوي ذلك عن عليِّ بن أبي طالب... أنَّ عليًّا كان يُكبِّر يومَ عرفةَ "مِن" صلاة الفَجرِ إلى العصرِ مِن آخِرِ أيَّام التشريق، يقول: اللهُ أكبرُ اللهُ أكبر، لا إلهَ إلَّا الله، واللهُ أكبرُ اللهُ أكبرُ، ولله الحمدُ"، وبه قال النَّخَعيُّ، والثوريُّ، وأحمدُ، وإسحاقُ، وسفيان، ومحمد". (الأوسط: 4/349)، (المجموع للنووي: 5/40)، (فتح القدير للكمال ابن الهمام: 2/82).


الحكمة من التكبير:

1- المقصود من ذكر الله وتكبيره وحمده هو إحياء عظمة الله وكبريائه في القلوب للتوجه إليه وحده في جميع الأحوال، وتقبل النفوس على طاعته، وتحبه وتتوكل عليه وحده لا شريك له، لأنه الكبير الذي لا أكبر منه، والرازق الذي كل النعم منه، والملك الذي كل ما سواه عبد له، والخالق الذي خلق كل شيء: {ذَلِكُمُ اللّهُ رَبُّكُمْ لا إِلَ-هَ إِلاَّ هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ} (الأنعام: 102)


2- إذا عرف القلب ذلك أقبل على طاعة الله، وامتثال أوامره، واجتناب نواهيه، ولهج لسان العبد بذكر الله وحمده وشكره، وتحركت جوارحه لعبادة الله بالمحبة والتعظيم والانكسار.


وقد أخرج البخاري ومسلم من حديث النعمان بن بشير -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله ﷺ في حديث له: "ألا وإن في الجسد مضغة، إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب". (موسوعة الفقه الإسلامي لمحمد بن إبراهيم بن عبد الله التويجري: 2/694)



صلاة العيدين: آداب وأحكام 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

صلاة العيدين: آداب وأحكام Empty
مُساهمةموضوع: رد: صلاة العيدين: آداب وأحكام   صلاة العيدين: آداب وأحكام Emptyالإثنين 24 أبريل 2023, 1:23 am


تنبيهات خاصة بالتكبير:

أ- يشرع لكل أحد أن يجهر بالتكبير عند الخروج من المنزل إلى مصلى العيد باتفاق الأئمة الأربعة. (مجموع الفتاوى لشيخ الإسلام: 24/220)


وقال الشيخ ابنُ عُثَيمين -رحمه الله-: "إنَّ السُّنَّة أن يجهر به؛ إظهارًا للشعيرة، لكن النِّساء يُكبِّرْنَ سرًّا، إلَّا إذا لم يكُن حولهنَّ رجالٌ، فلا حرجَ في الجهر". (الشرح الممتع: 5/158).


ب- أحدث الناس زيادات على هذا التكبير وهذه كلها بدع لا ينبغي التعبد بها.


قال الحافظ ابن حجر -رحمه الله- في" فتح الباري: 2/536 ": "وقد أحدث في هذا الزمان زيادة في ذلك لا أصل لها". اهـ


ومن تلك الصيغ المنتشرة بين العوام والتي لم تثبت قولهم: الله أكبر كبيرًا، والحمد لله كثيرًا، وسبحان الله بكرة وأصيلًا، لا إله إلا الله وحده صدق وعده، ونصر عبده، وأعز جنده، وهزم الأحزاب وحده، لا إله إلا الله، ولا نعبد إلا إياه، مخلصين له الدين ولو كره الكافرون، اللهم صل على سيدنا محمد، وعلى آل سيدنا محمد وعلى أصحاب سيدنا محمد، وعلى أنصار سيدنا محمد، وعلى أتباع سيدنا محمد، وعلى أزواج سيدنا محمد، وعلى ذرية سيدنا محمد وسلم تسليمًا كثيرًا.


قال الشقيري -رحمه الله-: الزيادة عن الوارد في تكبير العيدين بدعة". (السنن والمبتدعات للشقيري ص 121)


ج-- يرى بعض أهل العلم كالشيخ ابن باز، وابن عثيمين، والألباني -رحمة الله عليهم- أنه لا يشرع في التكبير الاجتماع على صوت واحد كما يفعله الناس اليوم.


قال الشاطبيُّ -رحمه الله-: "إذا ندَب الشرعُ إلى ذكر الله فالْتَزم قومٌ الاجتماع عليه على لسانٍ واحد، وصوت واحد، لم يكن في ندْب الشرعِ ما يدلُّ على هذا التخصيص الملتزَم؛ لأنَّ التزام الأمورِ غيرِ اللازمة يُفهم على أنه تشريع، وخصوصًا مع مَن يُقتدى به في مجامِع الناس كالمساجد، فإذا أُظهرت هذا الإظهار، ووُضِعت في المساجد كسائرِ الشعائرِ كالأذان، وصلاة العيدين والكسوف، فُهِم منها -بلا شكٍّ- أنها سُنَّة إنْ لم تُفهَم منها الفرضيَّة، فلم يتناولها الدليلُ المستدَلُّ به، فصارتْ من هذه الجِهة بِدَعًا مُحدَثة (الاعتصام للشاطبي:1/249).


قال الشيخ ابنُ باز -رحمه الله-: "أمَّا التكبيرُ الجماعيُّ المبتدع، فهو أن يرفع جماعةً- اثنان فأكثر- الصوت بالتكبير جميعًا، يبدؤونه جميعًا، وينهونه جميعًا بصوتٍ واحدٍ، وبصفة خاصَّة. وهذا العمل لا أصلَ له، ولا دليلَ عليه، فهو بدعةٌ في صِفة التكبير ما أنزل الله بها من سُلطان، فمَن أنكر التكبيرَ بهذه الصفة، فهو مُحِقٌّ".  (مجموع فتاوى ابن باز:13/21).


وقال أيضًا -رحمه الله-: "المشروعُ أن يُكبِّر المسلمُ على الصفة المشروعة الثابتة بالأدلَّة الشرعيَّة، وهي التكبير فُرادَى، وقد أنكر التكبيرَ الجماعيَّ ومنَع منه سماحةُ الشيخ محمد بن إبراهيم مفتي الديار السعودية رحمه الله، وأصدر في ذلك فتوى، وصدَر منِّي في مَنْعِه أكثرُ من فتوى، وصدَر في منعه أيضًا فتوى من اللَّجنة الدَّائمة للبحوث العلميَّة والإفتاء، وألَّف فضيلة الشيخ حمود بن عبد الله التويجريُّ رحمه الله رسالةً قيِّمة في إنكاره والمنْع منه، وهي مطبوعةٌ ومتداولة". (مجموع فتاوى ابن باز:13/22).


وقال الشيخ ابنُ عُثَيمين -رحمه الله-: "الذي يَظهرُ أنَّ التكبير الجماعيَّ في الأعياد غيرُ مشروع، والسُّنَّة في ذلك أنَّ الناس يُكبِّرون بصوتٍ مرتفع، كلٌّ يكبِّر وحده". (مجموع فتاوى ورسائل العثيمين:16/268)


وسُئل الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله- عن التكبير الجماعي في العيدين، فقال السائل: عندنا ‏ في بعض المساجد يجهر المؤذن بالتكبير في مكبرات الصوت والناس يرددون وراء ما يقول، فهل هذا يُعد من البدع أم هو جائز؟


فأجاب الشيخ -رحمه الله- فقال: "هذا من البدع، لأن المعروف من هدى النبي ﷺ في الأذكار أن كل واحد من الناس يذكر الله تعالى ‏في نفسه، فلا ينبغي الخروج عن هدي النبي ﷺ وأصحابه". (أسئلة وأجوبة في صلاة العيدين لابن عثيمين ص 31)


ويقول الشيخ الألباني -رحمه الله- في" السلسلة الصحيحة: 1/281": "إن الجهر بالتكبير لا يُشرع فيه الاجتماعُ عليه بصوتٍ واحد كما يفعله البعضُ، وكذلك كلُّ ذِكْر يُشرع فيه رفع الصوت، لا يُشرع فيه الاجتماع المذكور، ولنضع نصب أعيننا دائمًا أن خير الهدي هدي محمد ﷺ". اهـ


فالتكبير الجماعي لم يفعلْه السَّلفُ الصالحُ، لا مِن الصَّحابةِ، ولا مِن التابعين، ولا تابعيهم، وهم القدوةُ، والواجبُ الاتباعُ وعدمُ الابتداعِ في الدِّينِ. (فتاوى اللَّجنة الدَّائمة - المجموعة الأولى:8/311).


د- انقسام الناس إلى فريقين يرد أحدهما على تكبير الآخر هو من البدع المكروهة.


قال الشيخ علي محفوظ -رحمه الله- في كتابه " الإبداع في مصادر الابتداع " ص 139": ومن البدع المكروهة اجتماع الناس يوم العيد بالمساجد، وانقسامهم إلى طائفتين كل واحدة منها ترد على الأخرى بالتكبير المعروف - والسُّنَّة أن يكبر المسلمون في البيوت والطرقات، ومصلاهم كل على انفراده على ما هو معروف في كتب الفروع. اهـ


تنبيه:

هناك رسالة للشيخ العلامة حمود التويجري -رحمه الله- في إنكار هذا التكبير الجماعي وهي مطبوعة.


لكن قال الشيخ أبو مالك كمال سيد سالم في كتابه "صحيح فقه السُّنَّة: 1/63": قد يستدل على مشروعية هذا الاجتماع (أي الاجتماع على التكبير بصوت موحد) بما علقه البخاري بصيغة الجزم عن ابن عمر أنه كان يكبر في قبته بمنى، فيسمعه أهل المسجد فيكبرون ويكبر أهل الأسواق حتى ترتج منى تكبيرًا، وكان ابنُ عُمرَ وأبو هُرَيرَة -رضي الله عنهم- يَخرُجانِ إلى السوقِ في أيَّامِ العشرِ يُكبِّرانِ، ويُكبِّر الناسُ بتكبيرِهما (رواه البخاري معلَّقًا بصيغة الجزم وصحَّحه الألباني في إرواء الغليل: 651) وكانت النساء يكبرن خلف أبان بن عثمان، وعمر بن عبد العزيز ليالي التشريق مع الرجال في المسجد، فالمسألة محل اجتهاد ونظر ولا ينبغي النزاع والشقاق لأجلها". اهـ


هـ- الاجتماع يوم عرفة في المساجد في الأمصار والقرى للدعاء من المحدثات.


قال ابن عثيمين -رحمه الله-: إنه من البدع (الشرح الممتع: 5/227)


و- التكبير عقب الصلوات هو من التكبير المقيد: "كان ابن عمر-رضي الله عنهما- يكبر بمنى تلك الأيام: وخلف الصلوات، وعلى فراشه، وفي فسطاطه، ومجلسه، وممشاه، تلك الأيام جميعًا". (علقه البخاري بصيغة الجزم)


وأجازه شيخ الإسلام واعتبر هذا من التكبير المقيد، فقال -رحمه الله-: أصح الأقوال في التكبير الذي عليه الجمهور من السلف والفقهاء من الصحابة والأئمة أن يكبر من فجر يوم عرفة إلى آخر أيام التشريق عقب كل صلاة لما في السنن: "يوم عرفة ويوم النحر وأيام منى عيدنا أهل الإسلام، وهي أيام أكل وشرب وذكر لله".


وقال ابن الحاج -رحمه الله- في كتابه " المدخل: 2/490": "السُّنَّة أن يكبر الإمام في ايام التشريق دبر كل صلاة تكبيرًا يسمع نفسه ومن يليه، ويكبر الحاضرون بتكبيره، كل واحد يكبر لنفسه ولا يمشي على صوت غيره على ما وصف من أنه يسمع نفسه ومن يليه فهذه هي السُّنَّة، أمَّا ما يفعله بعض الناس اليوم من أنه إذا سلم الإمام من صلاته كبر المؤذنون على صوت واحد، والناس يستمعون إليهم ولا يكبرون في الغالب، وإن كبر أحد منهم فهو يمشي على أصواتهم فذلك كله من البع إذ أنه لم ينقل أن النبي ﷺ فعله ولا أحد من الخلفاء الراشدين بعده". اهـ



صلاة العيدين: آداب وأحكام 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

صلاة العيدين: آداب وأحكام Empty
مُساهمةموضوع: رد: صلاة العيدين: آداب وأحكام   صلاة العيدين: آداب وأحكام Emptyالإثنين 24 أبريل 2023, 1:23 am


الأدب التاسع: الخروج إلى صلاة العيد ماشيًا:

فيستحب المشي إلى مصلى العيد وعدم الركوب إلا لحاجة، وهذا باتِّفاقِ المذاهبِ الفقهيَّة الأربعة: الحَنَفيَّة، والمالِكيَّة، والشافعيَّة، والحَنابِلَة، وعليه العملُ عندَ أكثرِ أهلِ العلمِ.


فقد أخرج ابن ماجه من حديث ابن عمر-رضي الله عنهما- قال: "كان رسول الله ﷺ يخرج إلى العيد ماشيًا، ويرجع ماشيًا". (صحيح الجامع:4932) (صحيح ابن ماجه: 1071)


وأخرج الترمذي عن عليّ -رضي الله عنه- قال: "من السُّنَّة أن يخرج العبد ماشيًا، وأن يأكل شيئًا قبل أن يخرج".


قال الترمذيُّ -رحمه الله-: "العملُ على هذا الحديث عندَ أكثر أهل العِلم: يستحبُّون أن يخرج الرجلُ إلى العيد ماشيًا، وأن يأكل شيئًا قبل أن يخرج لصلاة الفِطر، ويستحب أنْ لا يركب إلَّا من عُذر". (سنن الترمذي: 2/410 - باب ما جاء في المشي يوم العيد)


وقال ابنُ قُدامة -رحمه الله-: "وممَّن استحبَّ المشي لصلاة العيد عمرُ بن عبد العزيز، والنَّخَعيُّ، والثوريُّ، والشافعيُّ، وغيرهم". (المغني:2/277).


وقد استدل العراقي لاستحباب المشي في صلاة العيد بعموم حديث أبي هريرة أن النبي ﷺ قال: "إذا أتيتم الصلاة فأتوها وأنتم تمشون". فهذا عام في كل صلاة فشرع فيها الجماعة.


‏قال زر -رحمه الله-: "خرج عمر ابن الخطاب -رضي الله عنه- في يوم فطر أو في يوم أضحى، خرج في ثوب قطن متلببًا به يمشي".


واخرج ابن أبي شيبة في" كتاب العيدين باب الركوب إلى العيدين والممشى" عن جعفر بن برقان قال: "كتب إلينا عمر بن عبد العزيز -رحمه الله-: من استطاع منكم أن يأتي العيد ماشيا فليفعل".


وقال عبد الله بن العلاء: "سمعت عمر بن عبد العزيز -رحمه الله- على المنبر يوم الجمعة يقول: "الفطر غدًا، فامشوا إلى مصلاكم، فإن ذلك كانا يُفعل، ومن كان من أهل القرى فليركب، فإذا جاء المدينة فليمشي إلى المُصلَّى". (شرح النووي على صحيح صحيح مسلم)


تنبيه:

وهذا إذا كان مصلى العيد قريبًا يستطيع المُصلِّي أن يصل إليه بدون مشقة، أمَّا إذا بَعُد المُصلَّى واحتاج المُصلِّي إلى الركوب فلا حرج.


قال ابن المنذر- رحمه الله- في" الأوسط:6/431": "‏وممن استحب المشي إلى العيدين: سفيان الثوري، والشافعي، وأحمد، وقال الإمام مالك: أمَّا نحن فنمشي، ومكاننا قريب، وأمَّا من بَعُد ذلك عليه فلا بأس أن يركب". اهـ


وقال ابن المنذر -رحمه الله- أيضا: "المشي إلى العيد أحسن وأقرب إلى التواضع، ولا شي على من راكب".


الأدب العاشر: يستحب التبكير إلى المصلى:

يُستحَبُّ تبكيرُ المأمومينَ إلى صلاةِ العيدِ بعدَ الفجرِ، وهذا مذهبُ الجمهورِ: الحَنَفيَّة، والشافعيَّة، والحَنابِلَة.


فقد أخرج البخاري ومسلم من حديث البراء -رضي الله عنه- قال: "خَطَبَنَا النبيُّ ﷺ يَومَ النَّحْرِ، قَالَ: إنَّ أوَّلَ ما نَبْدَأُ به في يَومِنا هذا أنْ نُصَلِّيَ، ثُمَّ نَرْجِعَ، فَنَنْحَرَ، فمَن فَعَلَ ذلكَ فقَدْ أصابَ سُنَّتَنَا، ومَن ذَبَحَ قَبْلَ أنْ يُصَلِّيَ فإنَّما هو لَحْمٌ عَجَّلَهُ لأهْلِه، ليسَ مِنَ النُّسُكِ في شيءٍ...الحديث".


وقد بوب البخاري لهذا الحديث في صحيحه فقال: "باب التبكير إلى العيد".


قال ابن حجر -رحمه الله- في الفتح: "وهو يدل على أنه لا ينبغي الاشتغال في يوم العيد بشيء غير التأهب للصلاة والخروج إليها، ومن لازمه الإ يُفعل قبلها شي غيرها، فاقتضى ذلك التبكير إليها". (فتح الباري:2/530)


وأخرج الدارقطني أن ابن عمر-رضي الله عنهما- إذا غدا يوم الفطر، ويوم الأضحى يجهر بالتكبير حتى يأتي المصلى، ثم يكبر حتى يأتي الإمام". (صححه الألباني في أرواء الغليل: 650)


فيستحب للناس التبكير إلى المصلى بعدما يصلًوا الصبح لأخذ مجالسهم، ويكبرون حتى يخرج الإمام للصلاة. (انظر شرح السُّنَّة للبغوي: 4/302)


قال الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله- في الشرح الممتع:5/126": "والتبكير لصلاة العيد عمَل الصحابةِ رَضِيَ اللهُ عنهم؛ لأنَّ النبيَّ ﷺ كان يخرج إلى المصلَّى إذا طلعتِ الشمس، ويجدُ الناسَ قد حضَروا، وهذا يستلزمُ أن يكونوا قدْ تقدَّموا". اهـ


الأدب الحادي عشر: مخالفة الطريق إلى مصلى العيد:

يُستحبُّ الذَّهابُ لصلاةِ العِيدِ مِن طريقٍ، والرُّجوعُ من طريقٍ آخر، وهذا باتِّفاقِ المذاهبِ الفقهيَّة الأربعة: الحَنَفيَّة، والمالِكيَّة، والشافعيَّة، والحَنابِلَة، وهو قولُ كثيرٍ من أهل العِلمِ، وحُكِيَ الإجماعُ على ذلك.


فقد أخرج البخاري من حديث جابرٍ -رضي الله عنه- قال: "كان النبيُّ ﷺ إذا كان يومُ العيدِ خالَفَ الطريقَ".


وأخرج الإمام أحمد وابن ماجه من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: "كان النبي ﷺ إذا خرج إلى العيد رجع في غير الطريق الذي خرج منه".


‏- وعند الترمذي بلفظ: "كان رسول الله ﷺ إذا خرج يوم العيد في طريق رجع في غيره". (صحيح الترمذي: 446)


قال ابنُ رشد -رحمه الله-: "وأجمَعوا على أنَّه يُستحبُّ أن يرجع على غير الطريق التي مشَى عليها". (بداية المجتهد:1/233)


وفعله ﷺ استظهروا له حِكَمًا عديدة، وقد ذكر الحافظ ابن حجر -رحمه الله- في فتح الباري: 2/589 أكثر من عشرين حكمة منها:

1- إظهار شعائر الإسلام.

2- يشهد له الطريق.

3- لإظهار ذكر الله تعالى.

4- لإغاظة المنافقين والكفار.

5- السلام على أهل الطريقين وتعليمهم.

6- الصدقة وصلة الأرحام.


قال ابن القيم -رحمه الله-: "وقيل ليظهر شعار الإسلام في سائر الفجاج الطرق وقيل ليغيظ المنافقين برؤيتهم عزة الإسلام وأهله، وقيام شعائره وقيل لتكثر شهادة البقاع فإن الذاهب إلى المسجد والمصلى إحدى خطوتيه ترفع درجة والأخرى تحط خطيئة حتى يرجع إلى منزله وقيل: - وهو الأصح- إنه لذلك كله ولغيره من الحكم التي لا يخلو فعله عنها". (زاد المعاد: 1/425)


قال الإمام المناوي -رحمه الله- كما في" فيض القدير: 5/201": "قوله ﷺ "خالف الطريق": أي رجع في غير طريق الذهاب إلى المصلى فيذهب في أطوالها تكثيرًا للأجر في أقصرها، لأن الذهاب أفضل من الرجوع لتشهد له الطريقان أو سكانها من إنس وجن، أو ليسوي بينهما في فضل مروره، أو للتبرك، أو لشم ريحه، أو ليستفتي فيهما، أو لإظهار الشعار فيهما، أو لذكر الله فيهما، أو ليغيظ بهم الكفار، أو يرهبهم بكثرة أتباعه، أو حذرًا من كيدهم، أو ليعم أهلهما بالسرور برؤيته، أو ليقضي حوائجهم، أو ليتصدق، أو يسلم عليهم، أو ليزور قبور أقاربه، أو ليصل رحمه، أو تفاؤلًا بتغير الحال للمغفرة، أو تخفيفًا للزحام، أو لأن الملائكة تقف في الطرق، أو حذرًا من العين، أو لجميع ذلك أو لغير ذلك. اهـ.


وقال النووي -رحمه الله- كما في" روضة الطالبين: 2/77": "وإذا لم يعلم السبب استحب التأسي قطعًا، والله أعلم".


فائدة:

استحب بعض أهل العلم أن مخالفة الطريق خاص بالإمام.


قال الترمذي -رحمه الله-: "أخذ بهذا بعض أهل العلم فاستحبه للإمام". اهـ


ولكن الأمر عام للإمام والمأموم.


وقد جاء في كتاب " الأم " للشافعي -رحمه الله- أنه يستحب للإمام والمأموم.


قال الحافظ ابن حجر -رحمه الله-: "وبالتعميم قال أكثر أهل العلم".



صلاة العيدين: آداب وأحكام 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

صلاة العيدين: آداب وأحكام Empty
مُساهمةموضوع: رد: صلاة العيدين: آداب وأحكام   صلاة العيدين: آداب وأحكام Emptyالإثنين 24 أبريل 2023, 1:24 am

الأدب الثاني عشر: يستحب التهنئة بالعيد:

قال الحافظ ابن حجر -رحمه الله- في" فتح الباري: 2/517": "وروينا في " المحامليات " بإسناد حسن عن جُبَيرِ بنِ نُفيرٍ قال: "كان أصحابُ رسولِ الله ﷺ إذا الْتَقَوْا يومَ العيدِ يقولُ بعضهم لبعضٍ: تَقبَّلَ اللهُ مِنَّا ومِنكم". (ورواه زاهر بن طاهر في تحفة عيد الفطر، وصحَّح إسنادَه الألباني في تمام المنة ص354).


وذكر ابن قدامة في" المغني: 2/389": "أن محمد بن زياد قال: رأيتُ أبا أُمامةَ الباهليَّ -رضي الله عنه- يقول في العيدِ لأصحابِه: تَقبَّلَ اللهُ مِنَّا ومِنكُم".

(رواه البيهقي في السنن الكبرى: 3/319 وحسنه ابن حجر في فتح الباري:/372 وصححه الألباني في تمام المنة ص 355)


وأخرج الطبراني في الكبير عن حبيب بن عمر الأنصاري أخبرني أبي قال: "لقيت واثلة بن الأسقع الليثي يوم عيد فقلت: "تقبل الله منا ومنك، فقال: نعم تقبل الله منا ومنك".


وقال الإمام أحمد -رحمه الله-: "ولا بأس أن يقول الرجل للرجل يوم العيد: تقبل الله منا ومنك". (المغني: 3/94)


وقد سئل شيخ الإسلام ابن تيمية عن التهنئة فأجاب: أمَّا التهنئة يوم العيد يقول بعضهم لبعض إذا لقيه بعد صلاة العيد: "تقبل الله منا ومنكم"، و: "أحال الله عليكم"، ونحو ذلك، فهذا قد روي عن طائفة من الصحابة أنهم كانوا يفعلونه ورخص فيه الأئمة كأحمد وغيره". اهـ


وأمَّا قول عامة الناس بعضهم لبعض: كل عام أنتم بخير وما أشبهه فلا بأس به، والأفضل الإتيان بما ورد عن السلف وعدم تركه، من باب قوله تعالى: (أَتَسْتَبْدِلُونَ الذي هُوَ أدْنَى بالذي هُوَ خَيْرٌ) (البقرة:61)


تنبيه:

قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- في" مجموع الفتاوى: 24/253": "وأمَّا الابتداء بالتهنئة، فليس سنة مأمورًا بها ولا هو أيضًا نهي عنه، فمن فعله فله قدوة، ومن تركه فله قدوة". اهـ.


لكن مما لا شك فيه أن هذه التهنئة من مكارم الأخلاق، ومحاسن المظاهر الاجتماعية بين المسلمين، ولها أثر طيب في تقوية الصلات والوشائج وإشاعة روح المحبة بين المسلمين. (أحكام العيدين لهشام البرغش ص 57)


الأدب الثالث عشر: يشرع التوسعة على الأهل والأولاد في أيام العيد:

يشرع إظهار السرور في العيد والفرح واللعب المباح من غير معصية، وذلك بالضوابط الشرعية التي أشدنا إليها ديننا الحنيف، ومما يدل على ذلك:

ما أخرجه البخاري عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: "وكان يومَ عيدٍ، يَلعَبُ السودانُ بالدَّرقِ والحِراب، فأمَّا سألتُ النبيَّ ﷺ، وأمَّا قال: تَشْتَهينَ تَنظُرينَ؟ فقلت: نعمْ، فأقامني وراءَه، خدِّي على خدِّه، وهو يقولُ: دُونَكم يا بَنِي أَرْفِدَةَ، حتى إذا مَلِلتُ، قال: حسبُكِ؟ قلتُ: نعمْ، قال: فاذْهَبِي".


وأخرج أبو داود من حديث موسى بن علي عن أبيه أنه سمع عقبة بن عامر الجهني -رضي الله عنه- يقول: "قال رسول الله ﷺ: "إن يوم عرفة، ويوم النحر، وأيام التشريق، عيدنا أهل الإسلام وهي أيام أكل وشرب". (صحيح أبي داود: 2419)


وأخرج البخاري ومسلم من حديث عائشةَ -رضي الله عنها- قالت: "دخل عليَّ رسولُ الله ﷺ وعندي جاريتانِ تُغنِّيانِ: بغِناءِ بُعاث، فاضطجعَ على الفِراشِ، وحَوَّلَ وجهَه، ودخَل أبو بكر، فانْتَهَرني، وقال: مِزمارةُ الشيطانِ عندَ النبيِّ ﷺ، فأقبل عليه رسولُ اللهِ ﷺ فقال: دَعْهُما، فلمَّا غفَل غمزتُهما فخرجتَا".


- وفي رواية في الصحيحين أيضًا أنها قالت: دخل علي أبو بكر وعندي جاريتان تغنيان، فقال أبو بكر -رضي الله عنه-: مزامير الشيطان في بيت رسول الله؟ - وذلك في يوم عيد - فقال رسول الله ﷺ: يا أبا بكر، إن لكل قوم عيدًا، وهذا عيدنا".


قال الإمام البغوي -رحمه الله- في" شرح السُّنَّة: 1/322" عند هذا الحديث: وبُعاث: يوم مشهور من أيام العرب، كانت فيه مقتلة عظيمة للأوس على الخزرج وبقيت الحرب بينهما مئة وعشرون سنة، إلى أن قام الإسلام، وكان الشعر الذي تغنيان به في وصف الحرب والشجاعة، وفي ذكره معونة لأمر الدين، فأمَّا الغناء بذكر الفواحش والإنبهار:  بالحُرَمِ والمجاهرة بالمنكر من القول، فهو محظور من الغناء، وحاشاه أن يجري شيء من ذلك بحضرته ﷺ، فيُغفل النكير عنه. وقوله: "هذا عيدنا " يعتذر به عنها أن إظهار السرور في العيدين شعار الدين وليس هو كسائر الأيام". اهـ


وقال الحافظ ابن حجر -رحمه الله-في" فتح الباري:2/443": وفي هذا الحديث من الفوائد: "مشروعية التوسعة على العيال في أيام الأعياد بأنواع ما يُحَصِّل لهم بسط النفس وترويح البدن من كلف العبادة، وأن الأعراض عن ذلك أَوْلى. وفيه أن إظهار السرور في الأعياد من شعائر الدين". اهـ



الأدب الرابع عشر: استحباب الإكثار من الصدقة يوم العيد:

وأخرج البخاري ومسلم من حديث أبي سعيدٍ الخدريِّ -رضي الله عنه-: "أنَّ رسولَ اللهِ ﷺ كان يخرُجُ يومَ الأضحى، ويومَ الفِطرِ، فيَبدأُ بالصَّلاةِ، فإذا صلَّى صلاتَه وسلَّمَ، قام فأَقبلَ على الناسِ، وهم جلوسٌ في مصلَّاهم، فإنْ كان له حاجةٌ بِبَعْث، ذكَره للناسِ، أو كانتْ له حاجةٌ بغير ذلك، أَمَرَهم بها، وكان يقول: تَصدَّقوا، تَصدَّقوا، تَصدَّقوا، وكان أكثرَ مَن يَتصدَّقُ النساءُ...الحديث".


- وفي الصحيحين أيضًا بلفظ: "خَرَجَ رَسولُ اللَّهِ ﷺ في أضْحًى أوْ فِطْرٍ إلى المُصَلَّى، ثُمَّ انْصَرَفَ، فَوَعَظَ النَّاسَ، وأَمَرَهُمْ بالصَّدَقَةِ، فَقَالَ: أيُّها النَّاسُ، تَصَدَّقُوا، فَمَرَّ علَى النِّسَاءِ، فَقَالَ: يا مَعْشَرَ النِّسَاءِ، تَصَدَّقْنَ؛ فإنِّي رَأَيْتُكُنَّ أكْثَرَ أهْلِ النَّارِ. فَقُلْنَ: وبِمَ ذلكَ يا رَسولَ اللَّهِ؟ قَالَ: تُكْثِرْنَ اللَّعْنَ، وتَكْفُرْنَ العَشِيرَ...الحديث".


وأخرج البخاري ومسلم من حديث ابن عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما- قال: "خرجتُ مع النبيِّ ﷺ يومَ فِطرٍ أو أَضْحى- فصلَّى ثم خطَبَ، ثم أتى النِّساءَ، فوَعظهُنَّ وذكَّرهُنَّ، وأمَرَهُنَّ بالصَّدقةِ".



الأدب الخامس عشر: الذبح بعد صلاة عيد الأضحى:

فقد أخرج البخاري ومسلم من حديث البراء -رضي الله عنه- قال: "خَطَبَنَا النبيُّ ﷺ يَومَ النَّحْرِ، قَالَ: إنَّ أوَّلَ ما نَبْدَأُ به في يَومِنا هذا أنْ نُصَلِّيَ، ثُمَّ نَرْجِعَ، فَنَنْحَرَ، فمَن فَعَلَ ذلكَ فقَدْ أصابَ سُنَّتَنَا، ومَن ذَبَحَ قَبْلَ أنْ يُصَلِّيَ فإنَّما هو لَحْمٌ عَجَّلَهُ لأهْلِه، ليسَ مِنَ النُّسُكِ في شيءٍ...الحديث".


الأدب السادس عشر: الأكل من الذبيحة بعد الرجوع من صلاة العيد:

فقد أخرج الإمام أحمد والترمذي من حديث بريدة -رضي الله عنه- قال: كان رسول الله ﷺ لا يغدو يوم الفطر حتى يأكل، ولا يأكل يوم الأضحى حتى يرجع".


- وفي رواية: كان النبي ﷺ لا يخرج يوم الفطر حتى يَطْعَمَ، ويوم النحر لا يأكل حتى يرجع فيأكل من نسيكته". (صحيح الجامع: 4845)


- وفي رواية عند الترمذي: "لا يخرج يوم الفطر حتى يَطْعَمَ، ولا يَطْعَمُ يوم الأضحى حتى يصلي". (صحيح الترمذي:477)


قال ابنُ قُدامة -رحمه الله-: "السُّنَّة أن يأكلَ في الفطر قبل الصلاة، ولا يأكُل في الأضحى حتى يصلِّيَ. وهذا قولُ أكثر أهل العلم؛ منهم: عليٌّ، وابن عباس، ومالك، والشافعي، وغيرهم، لا نعلم فيه خلافًا". (المغني:2/275).



صلاة العيدين: آداب وأحكام 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

صلاة العيدين: آداب وأحكام Empty
مُساهمةموضوع: رد: صلاة العيدين: آداب وأحكام   صلاة العيدين: آداب وأحكام Emptyالإثنين 24 أبريل 2023, 1:25 am


الأدب السابع عشر: الاجتهاد في فعل الطاعات، وترك المنكرات خصوصًا في عيد الأضحى:

كثير من الناس في الأعياد يركبون المعاصي بزعم الترويح عن النفس والترفيه. فتتبرج النساء ويتخنث الشباب، وتُترك الصلوات، وتضيع الأوقات في دور السينما، ومشاهدة الأفلام والمسلسلات، واستماع الموسيقى والأغاني والألحان، واللهو في الشوارع الطرقات، وترويع الناس بالألعاب النارية والمفرقعات. وغير ذلك مما يغضب رب الأرض والسماوات، بل إن وسائل الإعلام في أكثر بلاد المسلمين قد جعلت يوم العيد ‏يوم فجور ومجون، فصارت تعرض الأفلام الهابطة، والمسلسلات الخليعة، والأغاني التي تثير الغرائز، ولا تكاد تتوقف عن كل صور الإفساد طوال أيام العيد، فكم من حرمات تنتهك، وكم من معاصي ترتكب، كل ذلك بحجة أنه يوم عيد؛ ولابد أن نفرح فيه، وهل الفرح يكون بمعصية الله؟ فالواجب البعد عن ذلك كله وخصوصًا في عيد الأضحى؛ فهو أفضل الأيام عند الله عز وجل، كما أخبر الحبيب النبي ﷺ. فقد أخرج الإمام أحمد وأبو داود أن النبي ﷺ قال: "أعظم الأيام عند الله يوم النحر ثم يوم القر:". (صحيح الجامع: 1094)


فبدلًا من أن يكون يوم العيد يوم فجور ومجون، فلنجعله يوم بر وخير وصلة‏، وإدخال السرور على قلب الفقراء والمحتاجين، ولا بأس باللهو المباح في حدود ما شرع الله تعالى.



الأدب الثامن عشر: صلة الأرحام:

كثير من الناس أخذتهم مشاغل الحياة عن التزاور وصلة الأرحام، فهناك تقصير شديد في هذا الجانب، فيأتي العيد لتكون فرصة للتواصل والتزاور وصلة الأرحام، وقد أمرنا رب العالمين في كتابه الكريم بصلة الأرحام: قال تعالى: {وَاتَّقُوا اللَّ-هَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّ-هَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} (النساء:1)، فنجد أن الله تعالى قد قرن الأمر بتقواه بصلة الأرحام ليؤكد هذا الحق، وأنه كما يلزم القيام بحق الله فإنه يجب القيام بحقوق الأقربين من ذوي الأرحام. (انظر تفسير السعدي: 1/340)


وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- يأمرنا بصلة الأرحام:

فقد أخرج البخاري ومسلم من حديث أبي سفيان صخر بن حرب -رضي الله عنه- في حديثه الطويل في قصة هرقل، أن هرقل قال له: فماذا يأمركم - يعني: النبي ﷺ - قال أبو سفيان: قلت: يقول: "اعبدوا الله وحده لا تشركوا به شيئا، واتركوا ما يقول آباؤكم، ويأمرنا بالصلاة، والصدق، والعفاف، والصلة".


وأخرج البيهقي في شعب الإيمان وابن عساكر من حديث ابن مسعود -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله ﷺ: "اتقوا الله وصلوا أرحامكم". (الصحيحة: 869)


•    فمن أراد أن يصله الله تعالى فليصل رحمه:

فقد أخرج البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله ﷺ: "إِنَّ اللَّه تَعَالى خَلَقَ الخَلْقَ حَتَّى إِذَا فَرَغَ مِنْهُمْ: – وفي رواية: حتى إذا فرغ من خلقه - قَامَتِ الرَّحِمُ، فَقَالَتْ: هَذَا مقَامُ الْعَائِذِ بِكَ: مِنَ الْقَطِيعَةِ، قَالَ: نَعَمْ، أمَّا تَرْضَيْنَ أَنْ أَصِلَ مَنْ وَصَلَكِ، وَأَقْطَعَ مَنْ قَطَعَكِ؟ قَالَتْ: بَلَى، قال: فذَلِكَ لَكِ، وفي رواية: فهو لكِ، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّه ﷺ: اقرؤوا إِنْ شِئْتُمْ:  {فَهَلْ عَسَيْتُمْ: إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا: فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ (22) أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ:  وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ}".

(محمد: 22، 23)


قال ابن جريج -رحمه الله- في هذه الآية: "أي هل عسيتم إن توليتم عن الطاعة أن تفسدوا في الأرض بالمعاصي وقطع الأرحام".


فالعيد فرصة عظيمة نستدرك ما قد فاتنا أو قصرنا فيه. عسى الله أن يغفر لنا زلاتنا، ويعفو عن تقصيرنا في حق أرحامنا.


الأدب التاسع عشر: أدخال السرور على الفقراء والمساكين والأطفال خصوصًا الأيتام:

فقد أخرج الطبراني في المعجم الأوسط عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما-قال: قال رسول الله ﷺ: "أَحَبُّ الناسِ إلى اللهِ أنفعُهم للناسِ، وأَحَبُّ الأعمالِ إلى اللهِ عزَّ وجلَّ سرورٌ تُدخِلُه على مسلمٍ، تَكشِفُ عنه كُربةً، أو تقضِي عنه دَيْنًا، أو تَطرُدُ عنه جوعًا، ولأَنْ أمشيَ مع أخٍ في حاجةٍ؛ أَحَبُّ إليَّ من أن اعتكِفَ في هذا المسجدِ يعني مسجدَ المدينةِ شهرًا، ومن كظم غيظَه ولو شاء أن يُمضِيَه أمضاه؛ ملأ اللهُ قلبَه يومَ القيامةِ رِضًا، ومن مشى مع أخيه في حاجةٍ حتى يَقضِيَها له؛ ثبَّتَ اللهُ قدمَيه يومَ تزولُ الأقدامُ". (صحيح الترغيب: 2623) (السلسلة الصحيحة: 906)


وأخرج الإمام أحمد بسند حسن من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- أنَّ رجلًا شَكَى إلى النَّبيِّ ﷺ قَسوةَ قلبِهِ فقالَ: أطعِمِ المِسكينَ وامسَحْ رأسَ اليتيمِ".


فعلينا في هذا اليوم المبارك أن نتعهد الفقراء والمساكين والأرامل والأيتام؛ فنقضي لهم حاجتهم، وندخل السرور عليهم، وهذا من أفضل الأعمال عند الله عز وجل.



صلاة العيدين: آداب وأحكام 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

صلاة العيدين: آداب وأحكام Empty
مُساهمةموضوع: رد: صلاة العيدين: آداب وأحكام   صلاة العيدين: آداب وأحكام Emptyالإثنين 24 أبريل 2023, 1:30 am


الأحكام الخاصة بصلاة العيد

1- صلاة العيد تكون في المُصلَّى:

فقد أخرج البخاري ومسلم عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال: كان رسول الله ﷺ يخرج يوم الفطر والأضحى إلى المصلى".


قال الحافظ -رحمه الله- في فتح الباري: 2/449: "وفيه الخروج إلى المصلى في العيد، وأن صلاتها في المسجد لا تكون إلا عن ضرورة، وقال في موضع أخر: واستدل به على استحباب الخروج إلى الصحراء لصلاة العيد وأن ذلك أفضل من صلاتها في المسجد لمواظبة النبي ﷺ على ذلك في فضل مسجده لكن إن كان هناك عذر كمطر أو نحوه صليت في المسجد بلا كراهة". اهـ


وقال ابن الحاج -رحمه الله- في كتابه"المدخل:2/436": "السُّنَّة الماضية في صلاة العيدين أن تكون في المصلى ‏لأن النبي ﷺ قال: "صَلَاةٌ فِي مَسْجِدِي هَذَا أَفْضَلُ مِنْ أَلْفِ صَلَاةٍ فِيمَا سِوَاهُ إِلَّا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ". (متفق عليه) ثم مع هذه الفضيلة خرج النبي ﷺ إلى المصلى وتركه، فهذا دليل واضح على تأكيد أمر الخروج إلى المصلى لصلاة العيدين فهي السُّنَّة". اهـ


وقال ابن قدامه المقدسي -رحمه الله- في كتابه" المغني:2/229": "السُّنَّة أن يصلي العيد في المصلى". اهـ


وقال الشيخ ابنُ عُثَيمين -رحمه الله-: "يُسنُّ إقامتها في الصحراء خارجَ البلد، ويَنبغي أن تكونَ قريبة؛ لئلَّا يشقَّ على الناس". اهـ (الشرح الممتع:5/121).



تنبيهان:

أ- الأصل أن يجتمع المسلمون في مصلَّى واحد، وهذا الجمع مما يغتاظ منه الشيطان وأعداء الإسلام، لكن الذي نراه الآن كثرة المصليات ولو من غير ضرورة أو حاجة ملحة، وهذا أمر قد نبه العلماء على كراهيته. (انظر نهاية المحتاج للرملي:2/375)


ب- صلاة العيد في المسجد الحرام أفضل بلا خلاف؛ لأنها خير البقاع، ولفعل السلف في الزمن الأوّل، ولوقوعها بين الجبال. (‏انظر المجموع للنووي:5/524) (نيل الأوطار:3/248) (وصلاة العيدين في المصلى هي السُّنَّة للألباني ص 33)



2- ليس للعيد أذان ولا إقامة:

أنَّه لا حاجةَ له؛ فإنَّ يومَ العيد يومٌ معلومٌ، مُجتمَع له، قد أعدُّوا له؛ فأغنى اجتماعُهم له عن النِّداء، ولم يبقَ للنداء فائدةٌ إلَّا الإعلان بنفس الدخولِ في الصلاة، وهذا يحصُلُ بالتكبيرِ والمشاهدةِ.


وقد ثبت في الصحيحين عن ابن عباس وجابر-رضي الله عنهم- قالا: "لم يكن يؤذن يوم الفطر ولا يوم الأضحى".


وفي رواية لمسلم عن عطاء قال: "أخبرني جابرُ بنُ عبدِ اللهِ الأنصاريُّ: أنْ لا أذانَ للصلاةِ يوم الفِطر، حين يخرُج الإمام، ولا بعدَما يخرُجُ، ولا إقامةَ، ولا نِداءَ، ولا شيءَ، لا نِداءَ يومئذٍ، ولا إقامةَ".


وأخرج الإمام مسلم من حديث جابرٍ بن عبد الله -رضي الله عنهما- قال: "شهدتُ مع النبيِّ ﷺ الصلاةَ يومَ العيدِ، فبدأ بالصَّلاةِ قبلَ الخُطبة بغيرِ أذانٍ ولا إقامةٍ".


وأخرج الإمام مسلم من حديث جابر بن سمرة -رضي الله عنه- قال: "شهدتُ مع النبيِّ ﷺ العيدينِ غيرَ مرَّةٍ، ولا مرَّتينِ بغيرِ أذانٍ ولا إقامةٍ".


وأخرج البخاري ومسلم عن عطاءٍ أنَّ ابنَ عبَّاس -رضي الله عنهما- أرسل إلى ابنِ الزُّبيرِ أوَّلَ ما بُويعَ له: "أنَّه لم يكُن يُؤذَّن للصَّلاةِ يومَ الفِطرِ، فلا تُؤذِّنْ لها، قال: فلم يُؤذِّنْ لها ابنُ الزُّبَيرُ يومَه".


قال ابنُ عبد البرّ -رحمه الله-: "رُوي من وجوه شتَّى صِحاح عن النبيِّ ﷺ أنَّه لم يكُن يؤذَّن له ولا يُقام في العيدين، من حديث جابرِ بن عبد الله، وجابرِ بن سَمُرة، وعبد الله بن عبَّاس، وابنِ عُمرَ، وسعد، وهي كلها ثابتةٌ عن النبي ﷺ: أنَّه صلَّى العيد بغير أذان ولا إقامة، وهو أمر لا خلافَ فيه بين علماء المسلمين وفقهاء الأمصار وجماعة أهل الفقه والحديث". (التمهيد:10/243)


وقال الشوكاني -رحمه الله- في" نيل الأوطار: 3/351": وأحاديث الباب تدل على عدم مشروعية الأذان والإقامة في صلاة العيدين، قال العراقي -رحمه الله-: وعليه عمل العلماء كافة، قال ابن قدامة في المغني: لا نعلم في هذا خلافًا ممن يعتد بخلافه". اهـ من كلام الشوكاني.


وفي هذه الأحاديث أيضًا دليل على أنه لا ينادى لصلاة العيد " بشيء " من الكلام " كالصلاة جامعة " ونحو هذه العبارات، لأنه في رواية عطاء عند مسلم: “لا إقامة ولا نداء ولا شيء "


قال ابن القيم -رحمه الله- في كتابه زاد المعاد: 1/442: كان النبي ﷺ إذا انتهى إلى المصلى أخذ في الصلاة من غير أذان ولا إقامة ولا قول: الصلاة جامعة: والسُّنَّة ألا يفعل شيء من ذلك. اهـ


تنبيهان:

1- هناك من يجيز قول: الصلاة جامعة: مستدلًا بقول الزهري -رحمه الله-: وكان النبي ﷺ يأمر في العيدين المؤذن فيقول: "الصلاة جامعة".


لكن الإمام النووي -رحمه الله- رد على هذا فقال: "وهذا الأمر مرسل ضعيف، فلا يحتج به، ثم قال النووي: وفهم من قاس العيد على الكسوف، فقد ثبت قول " الصلاة جامعة " فيها، لكن لا قياس مع النص، فقد صلى النبي ﷺ العيد مرارًا في جمع من الصحابة، ولم ينقل أنه أمر بأذان ولا نداء أخر للعيد، بل قال عطاء -رحمه الله-: "أخبرني جابر -رضي الله عنه- أنه في أذان للصلاة يوم الفطر حتى يخرج الإمام ولا بعد ما يخرج ولا إقامة ولا نداء ولا شيء". (أخرجه مسلم) (شرح النووي على مسلم: 6/176)


وعلى هذا فإن النداء للعيدين بدعة.


قال الصنعاني -رحمه الله- في" سبل السلام:2/67" معلقًا على آثار الباب: "وهذا دليل على عدم شرعيتها- أي الأذان والإقامة- في صلاة العيد، فإنها بدعة". اهـ


2- قياس العيد على الكسوف في النداء، لا يصحُّ؛ وذلك لتكرُّر العيد وشُهرته، وندورِ الكسوف. (انظر شرح عمدة الفقه - كتاب الصلاة لابن تيمية ص: 100)


3- صلاة العيد لا يصلى قبلها ولا بعدها:

فقد أخرج البخاري من حديث ابنِ عبَّاسٍ -رضي الله عنهما-: أنَّ رسولَ اللهِ ﷺ خرَجَ يومَ أضْحَى، أو فِطرٍ، فصلَّى ركعتينِ لم يُصلِّ قبلها ولا بعدَها".


وفي رواية عند مسلم بلفظ: "أن النبي ﷺ صلى يوم أضحى أو فطر ركعتين، لم يصل قبلهما ولا بعدهما".


قال الشوكاني -رحمه الله-: فيه دليل على كراهة الصلاة قبل صلاة العيد وبعدها، وإلى ذلك ذهب الإمام أحمد -رحمه الله-.


وقال ابن قدامة -رحمه الله-: وهو مذهب ابن عباس وابن عمر -رضي الله عنهم-.


وقال الزهري -رحمه الله-: لم أسمع أحدًا من علمائنا يذكر أن أحدًا من سلف هذه الأمة كان يصلي قبل تلك الصلاة ولا بعدها.


وكان ابن مسعود وحذيفة ينهيان الناس عن الصلاة قبلها.


وأخرج الإمام أحمد والترمذي عنِ ابنِ عُمرَ -رضي الله عنهما-: "أنَّه خرَج يوم عيدٍ فلمْ يُصلِّ قَبلَها ولا بعدَها، وذكَر أنَّ النبيَّ ﷺ فَعَلَه". (صححه الألباني في صحيح الترمذي)


قال النوويُّ -رحمه الله-: "أجمَعوا على أنه ليس لها سُنَّة قبلها ولا بعدها". (المجموع:5/13).



صلاة العيدين: آداب وأحكام 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

صلاة العيدين: آداب وأحكام Empty
مُساهمةموضوع: رد: صلاة العيدين: آداب وأحكام   صلاة العيدين: آداب وأحكام Emptyالإثنين 24 أبريل 2023, 1:31 am


تنبيهات:

أ – أجاز بعض أهل العلم التنفل في مصلى العيد.

قال الحافظ -رحمه الله- في" فتح الباري: 2/476": "والحاصل أن صلاة العيد لم تثبت لها سنة قبلها ولا بعدها، خلافًا لمن قاسها على الجمعة". اهـ


وقال الشوكاني -رحمه الله- في نيل الأوطار: 3/373": "وهو كلام صحيح جار على مقتضى الأدلة، فليس في الباب ما يدل على منع مطلق النفل، ولا على منع ما ورد في دليل يخصه كتحية المسجد إذا أقيمت صلاة العيد في المسجد". اهـ


لكن خير الهدي هدي النبي ﷺ، فإنه لم يثبت أن النبي ﷺ فعله ولو مرة، ولم يؤثر عن أحد من الصحابة، فالترك أفضل


يقول ابن العربي -رحمه الله- (وهو من أئمة المالكية): التنفل في المصلى لو فعل لنقل، ومن أجازه رأى أنه وقت مطلق للصلاة، ومن تركه رأى النبي ﷺ لم فعله، ومن اقتدى فقد اهتدى. اهـ


وقال ابن القيم -رحمه الله- كما في زاد المعاد: 1/425": ولم يكن النبي ﷺ ولا أصحابه يصلون إذا انتهوا إلى المصلى قبل الصلاة ولا بعدها. اهـ


ب – ذهب الشيخ ابن عثيمين إلى أن مصلى العيد مسجد، فإذن دخله الإنسان فلا يجلس حتى يصلي ركعتين، واستدل بمنع الرسول الحيض أن يمكثن فيه، وأمرهن باعتزاله.


قال أبو مالك كمال سيد سالم -صاحب كتاب صحيح فقه السُّنَّة-: وهذا الكلام فيه نظر، فأمَّا الاستدلال بمنع الحيض فيرده أن المُراد اعتزالهن الصلاة كما تقدم في أبواب الطهارة، ثم إن الأرض كلها مسجد أفيشرع تحية المسجد عند إرادة الصلاة في أي بقعة منها؟!، وعلى كل لو كان الصحابة يصلون التحية في المصلى لنقل كما تقدم عن ابن العربي، والله أعلم، لكن لو صلوا في المسجد فلا شك في مشروعية التحية". اهـ


ج- – ذهب بعض أهل العلم إلى أنه يشرع ركعتين بعد العيد لكن في المنزل.

وذلك لما رواه الإمام أحمد وابن ماجه والحاكم بسند حسن عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال: "كان رسول الله ﷺ لا يصلي قبل العيد شيء، فإذا رجع إلى منزله صلى ركعتين". (حسنه الحافظ ابن حجر) (وهو في صحيح الجامع:4859)


4- كيفية صلاة العيد:

صلاة العيد ركعتان.

وذلك للحديث الذي أخرجه البخاري ومسلم عن ابنِ عبَّاسٍ -رضي الله عنهما-: "أنَّ رسولَ اللهِ ﷺ خرَج يومَ أضْحى أو فِطر، فصلَّى ركعتينِ، لم يُصلِّ قَبلها ولا بَعدَها".


وأخرج الإمام أحمد والنسائي وابن ماجه من حديث عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- قال: "صلاةُ السَّفرِ رَكعتانِ وصلاةُ الجمعةِ رَكعتانِ والفطرُ والأضحى رَكعتانِ تمامٌ غيرُ قصرٍ على لسانِ محمَّدٍ ﷺ". (صحيح ابن ماجه: 1063)


قال ابنُ حزم -رحمه الله-: "صلاة العيد ركعتانِ... ولا نعلم في هذا خلافًا". (المحلى:5/86)


وقال ابنُ قُدامة -رحمه الله-: "لا خلافَ بين أهلِ العِلم في أنَّ صلاة العيد مع الإمام ركعتانِ، وفيما تواتر عن النبيِّ ﷺ أنه صلَّى العيدَ ركعتين، وفعله الأئمَّة بعده إلى عصرنا، لم نعلم أحدًا فعل غير ذلك، ولا خالَف فيه". (المغني:2/279).


وتصلى على الصورة الآتية:

1- يبدأ الركعة الأولى -كسائر الصلوات- بتكبيرة الإحرام.

2- ثم يكبر بعد تكبيرة الإحرام سبع تكبيرات أخرى: قبل أن يبدأ القراءة.


فقد أخرج الترمذي وابن ماجه عن عمرو بن عوف المزني -رضي الله عنه- أن النبي ﷺ كَبَّرَ في العيدين في الأولى سبعًا قبل القراءة، وفي الثانية خمسًا قبل القراءة. (قال الترمذي: حديث حسن، وهو أحسن شيء روي في هذا الباب عن النبي ﷺ)


وأخرج الإمام أحمد وأبو داود وابن ماجه عن عائشة-رضي الله عنها-: "أن رسول الله ﷺ كان يكبر في الفطر والأضحى في الأولى سبع تكبيرات، وفي الثانية خمسًا، سوى تكبيرتي الركوع".


وأخرج أبو داود وابن ماجه عن عَمرِو بنِ شُعَيبٍ عن أبيه عن جَدِّه: "أنَّ رسولَ اللهِ ﷺ كبَّر في عيدٍ اثنتي عشرةَ تَكبيرةً، سبعًا في الأولى، وخمسًا في الأخرى، ولم يُصلِّ قَبلَها ولا بَعدَها". (صحيح ابن ماجه: 1063)


- وفي رواية: كبر رسول الله ﷺ العيد سبعًا في الأولى، ثم قرأ، ثم كبر فركعوا، ثم سجد، ثم قام فكبر خمسًا، ثم قرأ، ثم كبر فركع، ثم سجد. (صححه الألباني في الإرواء: 3/108)


وقال العراقي -رحمه الله-: "وهو قول أكثر العلماء من الصحابة والتابعين والأئمة".


‏وقال الإمام البغوي -رحمه الله- في شرح السُّنَّة: "هذا قول أكثر أهل العلم من الصحابة ومن بعدهم أنه يكبر في صلاة العيد في الأولى: سبعًا سوى تكبيرة الافتتاح، وفي الثانية: خمسًا سوى تكبيرة القيام قبل القراءة، روي ذلك عن أبي بكر وعمر وعليّ-رضي الله عنهم-.... ونقل أسماء القائلين بذلك". (انظر كذلك مجموع الفتاوى لشيخ الإسلام ابن تيمية:24/220)


وأخرج الإمام مالك عن نافعٍ مولى عبدِ اللهِ بنِ عُمرَ-رضي الله عنهما- أنَّه قال: "شهدتُ الأضحى والفطرَ مع أبي هُرَيرَةَ، فكبَّر في الركعةِ الأولى سبعَ تكبيراتٍ قبل القراءة، وفي الآخرةِ خمسَ تكبيراتٍ قبلَ القِراءة". (صحح إسناده الألباني في إرواء الغليل:3/110).


قال الإمام مالك -رحمه الله-: "وهو الأمرُ عندنا". وقال ابنُ عبد البر -رحمه الله-: "مثل هذا لا يكون رأيًا، ولا يكون إلا توقيفًا؛ لأنَّه لا فَرقَ بين سبع وأقل وأكثر من جِهة الرأي والقياس، والله أعلم". (التمهيد:16/37).


ولم يصح عن النبي ﷺ أنه كان يرفع يديه مع تكبيرات العيد لكن قال ابن القيم في زاد المعاد: 1/441 وكان ابن عمر- مع تحريه للاتباع - يرفع يديه مع كل تكبيرة - (رواه البخاري تعليقًا وجعله في جزء رفع اليدين)


وقد قال الشيخ سيد سابق -رحمه الله- في كتابه فقه السُّنَّة: "ويسن رفع اليدين مع كل تكبيرة -أي في صلاة العيد-". اهـ


وقال الألباني -رحمه الله- في كتابه تمام المنة ص 348 مستدركًا على الشيخ سيد سابق -رحمه الله-: "والصواب أن يقال لا يسن ذلك: لأنه لم يثبت ذلك عنه ﷺ، وكونه روى عن عمر وابنه -رضي الله عنهما- لا يجعله سنة، ولا سيما أن رواية عمر وابنه ههنا لا تصح".


أمَّا عن عمر رواه البيهقي بسند ضعيف، وأمَّا عن ابنه فلم أقف عليها الآن: وقد قال الإمام مالك، لم أسمع فيه شيئًا. (انظر الإرواء: 640)


وقال الشيخ الألباني -رحمه الله- في أحكام الجنائز ص 148عند الحديث عن رفع اليدين في صلاة الجنائز: فمن كان يظن أنه -أي ابن عمر- لا يفعل ذلك إلا بتوقف من النبي ﷺ فله أن يرفع". اهـ


- وكذا قال أبو مالك كمال بن سالم-حفظه الله-في كتابه "صحيح فقه السُّنَّة": "فمن رأى أن ابن عمر -رضي الله عنهما- لا يفعل هذا إلا بتوقيف من النبي ﷺ فله أن يرفع يديه: وإلا فخير الهدي هدي محمد ﷺ".



صلاة العيدين: آداب وأحكام 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

صلاة العيدين: آداب وأحكام Empty
مُساهمةموضوع: رد: صلاة العيدين: آداب وأحكام   صلاة العيدين: آداب وأحكام Emptyالإثنين 24 أبريل 2023, 1:32 am


تنبيهات خاصة بالتكبير في الصلاة:

أ – تكبيرات العيد سنة؛ لا تبطل الصلاة بتركها عمدًا ولا سهوًا، قال ابن قدامة -رحمه الله-: ولا أعلم فيه خلاف". اهـ


لكن تاركها بلا شك مخالف لسنة النبي ﷺ - (انظر المغني: 2/241)


ب- إن تركها سهوًا لا يسجد للسهو خلافًا لأبي حنيفة ومالك قالا يسجد للسهو.


ج – إن شك في عدد التكبيرات بنى على اليقين -وهو الأقل-.


د – إذا نسي تكبير حتى شرع في القراءة سقط، لأنه سنة فات محلها.


قال الشيخ ابنُ عُثَيمين -رحمه الله-: "لو نسِي التكبيرَ في صلاة العيد حتى قرأ، سقَط؛ لأنَّه سنَّةٌ فات محلُّها، كما لو نسِي الاستفتاحَ حتى قرأ، فإنَّه يسقط". (مجموع فتاوى ورسائل العثيمين:16/244).


هـ - لا يَسجُدُ للسهوِ لتَرْكِ التكبيراتِ الزوائدِ في صلاةِ العِيدينِ، سواءٌ ترَكها عمدًا أو سهوًا، وهذا مذهبُ الشافعيَّة، والحَنابِلَة، وقولٌ للمالكيَّة؛ وذلك لأنَّها كالتعوُّذِ ودُعاءِ الاستفتاحِ، ولا يُسجَدُ للسهوِ بتَرْكِها.


و – إن أدرك المأموم الإمام بعدما شرع في القراءة لم يأت بالتكبيرات، أو أدركه راكعًا فإنه يكبر تكبيرة الإمام ثم يركع، ولا يشتغل بقضاء التكبير.


ز- المسبوقُ يُكبِّرُ فيما أَدركَه من التَّكبيراتِ الزوائدِ مع الإمامِ، ويَسقُطُ عنه ما فاتَه ولا يَقضِيه، وهذا مذهبُ الشافعيَّة، والحَنابِلَة، واختارَه ابنُ عُثيمين: وبه أفتتِ اللَّجنة الدَّائمة.


ح- - لم يصح عن النبي ﷺ ذكر معين في سكوته بين هذه التكبيرات. (قاله ابن القيم في زاد المعاد)


لكن ثبت عند البيهقي عن ابن مسعود -رضي الله عنه- أنه قال: "بين كل تكبيرتين حمد لله عز وجل، وثناء على الله". (إسناده حسن)


قال الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله- في" الشرح الممتع: 5/184": ونحن نقول: الأمر في هذا واسع، وإن ذكر الله - بين التكبيرات - فهو على خير، وإن كبر بدون ذكر فهو على خير". اهـ


وخير الهدي هدي النبي ﷺ فلم يُحفَظْ فيه شيءٌ مرفوعٌ إلى النبيِّ ﷺ، ولو كان بَينَه ذِكرٌ مشروعٌ لنُقِل، كما نُقِل التكبيرُ، وعلى هذا يكون التكبير متواليا، كالتسبيح في الركوع والسجود.


قال ابنُ عبد البر -رحمه الله-: "ليس بين التكبير ذِكر ولا دُعاء ولا قول، إلَّا السكوت دون حدٍّ، وذلك بقدْر ما ينقطع تكبيرُ مَن خَلْفَه". (الكافي:1/264)


وقال الصنعانيُّ -رحمه الله-: "وكان ﷺ يسكُت بين كلِّ تكبيرتين سكتةً لطيفة، ولم يُحفظ عنه ذكرٌ معيَّن بين التكبيرتين". (سبل السلام:2/69).


ط - لا يسن رفع الصوت بالتكبير للمأمومين خلف الإمام: قال النووي -رحمه الله-: وأمَّا غير الإمام فالسُّنَّة الإسرار بالتكبير سواء المأموم والمنفرد وأدنى الإسرار أن سمع نفسه إذا كان صحيح السمع، ولا عارض عنده من لفظ ونحوه، وهذا عام في القراءة والتكبير، والتسبيح في الركوع وغيره والتشهد والسلام والدعاء سواء واجبها ونفلها. (المجموع: 3/295)


وقال الشيخ عبد الله بن جبرين -رحمه الله-: "رفع المأموم صوته بالتكبير خلف الإمام في صلاة العيد لا يجوز، بل رفع الصوت يختص بالإمام حتى ينبه المأمومين ليتابعوه أمَّا رفع المأموم صوته بالتكبير فهو بدعة وفيه تشويش على المأموم الآخر". اهـ (البدع والمحدثات ص 511)


3- ثم يبدأ بقراءة الفاتحة -بعد التكبيرات- ثم سورة.

ويستحب أن يقرأ: "ق والقرآن المجيد" على أن يكون في الركعة الثانية: "اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وانشق القمر" كما ثبت عن النبي ﷺ وربما قرأ فيهما "سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى" و "وهَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الغَاشِيَةِ"، فقد أخرج الإمام أحمد عن سَمُرةَ بنِ جُندُبٍ -رضي الله عنه-: "أنَّ رسولَ اللهِ ﷺ كان يقرأُ في العيدينِ {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى}، {وهَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الغَاشِيَةِ}".


وأخرج الإمام مسلم من حديث النُّعمانِ بنِ بَشيرٍ -رَضِيَ اللهُ عنهما- قال: "كان النبيُّ ﷺ يقرأُ في العيدينِ وفي الجُمُعةِ: بـ {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى}، {وهَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الغَاشِيَةِ}، وربَّما اجتمعَا في يومٍ واحدٍ، فيقرأ بهما".


وأخرج الإمام مسلم عن أبي واقدٍ اللَّيثيِّ -رضي الله عنه- قال: "كان رسولُ اللهِ ﷺ يقرأُ في الفِطر والأضحى بـ {ق والقرآن المجيد} و {اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ}.


ويجهر الإمام في الركعتين بالقراءة:

وذلك لما رواه الدارقطني عن ابن عمر-رضي الله عنهما- قال: "كان النبي ﷺ يجهر بالقراءة في العيدين والاستسقاء".


ويدل على هذا أيضًا حِفظَ الصحابةِ- رَضِيَ اللهُ عنهم- لِمَا كان يقرأُ ﷺ في صلاةِ العِيدينِ فهذا يدلُّ على أنَّه كان يَجهَرُ بالقراءةِ فيهما.


قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: "إن قرأ بعدهما جاز كما تجوز في نحوها من الصلوات، وإن قرأ بالمأثور فحسن".


4- وبعد القراءة يأتي بباقي الركعة على هيئتها المعتادة.


5- ويكبر للقيام إلى الركعة الثانية.


6- ثم يكبر بعدها خمس تكبيرات على نحو ما تقدم في الركعة الأولى.


7- ويقرأ الفاتحة والسورة التي تقدم ذكرها.


8- ثم يتم صلاته في باقي هيئاتها كغيرها من الصلوات المعتادة، لا تختلف عنها شيئًا ثم يسلم. وهذا قول أكثر أهل العلم من الصحابة فمن بعدهم في صفة صلاة العيدين.



صلاة العيدين: آداب وأحكام 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

صلاة العيدين: آداب وأحكام Empty
مُساهمةموضوع: رد: صلاة العيدين: آداب وأحكام   صلاة العيدين: آداب وأحكام Emptyالإثنين 24 أبريل 2023, 1:34 am

الأحكام الخاصة بخطبة العيدين:

1- صَلاةُ العِيدينِ تَكونُ قَبلَ الخُطبةِ:

بوب البخاري في صحيحه،" باب الخطبة بعد العيد".

وقد أخرج البخاري ومسلم من حديث ابنِ عبَّاسٍ -رضي الله عنهما- أنَّه قال: "شهدتُ العيدَ مع رسولِ الله ﷺ وأبي بكرٍ، وعُمرَ، وعُثمانَ رَضِيَ اللهُ عنهم، فكلُّهم كانوا يُصلُّونَ قَبلَ الخُطبةِ".


وأخرج البخاري ومسلم من حديث ابنِ عُمرَ -رضي الله عنهما- قال: "كان رسولُ الله ﷺ، وأبو بكرٍ وعُمرُ -رضي الله عنهما-، يُصلُّونَ العِيدَينِ قَبلَ الخُطبةِ".


قال الترمذي -رحمه الله-: "والعمل عليه عند أهل العلم من أصحاب النبي وبعدهم صلاة العيدين قبل الخطبة".


وأخرج البخاري ومسلم عن جابر -رضي الله عنه- قال: "شهدت مع النبي ﷺ يوم عيد فبدأ بالصلاة قبل الخطبة".


وأخرج البخاري ومسلم من حديث أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال: "كان النبي ﷺ يخرج يوم العيد والأضحى إلى المصلى، فأول شيء يبدأ به الصلاة، ثم ينصرف، فيقوم مقابل الناس -والناس جلوس على صفوفهم- فيعظهم ويوصيهم ويأمرهم، فإن كان يريد أن يقطع بعثًا قطعه أو يأمر بشيء أمر به ثم ينصرف، قال أبو سعيد: "فلم يزل الناس على ذلك حتى خرجت مع مروان: -وهو أمير المدينة- في أضحى أو فطر، فلما أتينا المصلى إذا منبر بناه كثير بن الصلت، فإذا مروان يريد أن يرتقيه قبل أن يصلي، فجبذتُ بثوبه فجبذني، فارتفع فخطب قبل الصلاة، فقلت له: غيرتم والله، فقال: يا أبا سعيد! قد ذهب ما تعلم، فقلت: ما أعلم والله خير مما لا أعلم، فقال: إن الناس لم يكونوا يجلسون لنا بعد الصلاة فجعلتها قبل الصلاة".


وعن أبي عبيد مولى عبد الرحمن بن عوف -رضي الله عنه- قال: شهدت عمر في يوم نحر بدأ بالصلاة قبل الخطبة، ثم قال: سمعت رسول الله ﷺ ينهى عن صيام هذين اليومين، أمَّا يوم الفطر ففطركم من صومكم و عيد للمسلمين، وقال: ثم شهدت عثمان في فطر ويوم جمعة بدأ بالصلاة قبل الخطبة فقال: "إن هذين عيدان اجتمعا في يوم ". (أحكام العيدين للفريابي)


قال ابنُ بطَّال -رحمه الله-: "أمَّا الصلاة قبل الخُطبة، فهو إجماعٌ من العلماء قديمًا وحديثًا إلَّا ما كان من بَني أميَّة من تقديم الخطبة". (شرح صحيح البخاري:2/556).


وقال ابنُ عبد البر -رحمه الله-: "أمَّا تقديم الصلاة قبل الخُطبة في العيدين، فعلى ذلك جماعةُ أهل العِلم، ولا خلافَ في ذلك بين فقهاء الأمصار من أهل الرأي والحديث، وهو الثابتُ عن رسول الله ﷺ وأصحابِه والتابعين، وعلى ذلك علماءُ المسلمين، إلَّا ما كان من بَني أُميَّة في ذلك أيضًا". (التمهيد:10/254)


وقال ابنُ قُدامة -رحمه الله-: "وجملتُه: أنَّ خُطبتي العيدين بعد الصلاة، لا نعلم فيه خلافًا بين المسلمين، إلَّا عن بني أمية. ورُوي عن عثمان، وابنِ الزبير أنَّهما فعلاه، ولم يصحَّ ذلك عنهما، ولا يُعتدُّ بخلاف بَني أُميَّة؛ لأنَّه مسبوقٌ بالإجماع الذي كان قبلهم، ومخالفٌ لسُنَّة رسول الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم الصحيحة، وقد أنكر عليهم فِعلَهم، وعُدَّ بِدعةً، ومخالفًا للسُّنة". (المغني:2/285).


2- يُستحَبُّ للإمامِ أن يتأخَّر في خروجِه إلى المصلَّى إلى الوقتِ الذي يُصلِّي بهم فيه:

وذلك باتِّفاقِ المذاهبِ الفقهيَّة الأربعة: الحَنَفيَّة، والمالِكيَّة، والشافعيَّة، والحَنابِلَة.


أخرج البخاري  ومسلم عن أبي سعيدٍ الخُدريِّ -رضي الله عنه- قال: "كان النبيُّ ﷺ يَخرُجُ يومَ الفِطرِ والأضحى إلى المصلَّى، فأولُ شيءٍ يبدأ به الصَّلاةُ".


ففي هذا الحديث دليلٌ على أنَّ الإمام لا يَحضُر فيجلس، بل يَحضُرُ ويَشرَعُ في الصلاةِ مباشرةً.


قال الإمام مالكٌ -رحمه الله-: "مضَتِ السُّنَّة التي لا اختلافَ فيها عندنا في وقت الفطر والأضحى أنَّ الإمام يخرج من منزله قدْرَ ما يبلغ مصلَّاه، وقد حلَّت الصَّلاة". (الموطأ:2/253).


ونقل ابنُ عبد البر عن الشافعيُّ -رحمه الله- أنه قال: "ليس الإمام في ذلك كالناس، أمَّا الناس فأحبُّ أن يَتقدَّموا حين ينصرفوا من الصُّبح، وأمَّا الإمام فيغدو إلى العيد قدْر ما يرى في المصلَّى، وقد برزتُ الشَّمس. قال: ويؤخِّر الفطر ويُعجِّل الأضحى، ومن صلَّى قبل طلوع الشمس أعاد. وهذا كلُّه مرويٌّ معناه عن مالِك، وهو قولُ سائر العلماء". (الاستذكار:2/400).


3- السُّنَّة أن يخطب الإمام بعد الصلاة خطبة واحدة لا خطبتين:

وكل ما ورد في أن الإمام يخطب خطبتين يوم العيد فهي أحاديث وآثار ضعيفة جدًا، ومنها:

- ما أخرجه الشافعي عن عبيد الله بن عبيد الله بن عتبة قال: "السُّنَّة أن يخطب الإمام في العيدين خطبتين يفصل بينهما بجلوس".


- وأخرج ابن ماجه عن جابر -رضي الله عنه- قال: "خرج رسول الله ﷺ يوم فطر أو يوم أضحى فخطب قائمًا ثم قعد قعدة ثم قام".


قال الشيخ الألباني -رحمه الله- معلقًا على حديث جابر-رضي الله عنه-: "هذا الحديث منكر سندًا ومتنًا، والمحفوظ أن ذلك في خطبة الجمعة. (ضعيف ابن ماجه: 1287)


وقال النووي -رحمه الله-: "ما روي عن ابن مسعود -رضي الله عنه- أنه قال: السُّنَّة أن يخطب في العيد بخطبتين يفصل بينهما بجلوس ضعيف غير متصل". (فتح القدير: 1/428)


فالسُّنَّة أن يخطب الإمام خطبة واحدة.


ويدل على هذا ما رواه البخاري ومسلم من حديث جابر -رضي الله عنه- قال: "شهدت مع رسول الله ﷺ الصلاة يوم العيد، فبدأ بالصلاة قبل الخطبة بلا آذان ولا إقامة ثم قام متوكئًا على بلال فأمر بتقوى الله وحث على طاعته، ووعظ الناس وذكرهم، ثم مضى حتى أتى النساء فوعظهن".


4- السُّنَّة أن يخطب الإمام واقفًا على الأرض لا على المنبر:

وهذا كان معروف ومقرر عند الصحابة ومن بعدهم بدليل ما فعله أبو سعيد -رضي الله عنه- مع مروان بن أبي العاص لما أراد أن يمنعه أن يرتقي المنبر.


ومما يدل على ذلك أيضًا ما أخرجه الإمام أحمد وأبو داود عن طارق بن شهاب -رضي الله عنه- قال: أخرجَ مروانُ المنبرَ في يومِ عيدٍ فبدأَ بالخطبةِ قبلَ الصَّلاةِ فقامَ رجلٌ فقالَ يا مروانُ خالفتَ السُّنَّة أخرجتَ المنبرَ في يومِ عيدٍ ولم يَكن يُخرَجُ فيهِ وبدأتَ بالخطبةِ قبلَ الصَّلاةِ فقالَ أبو سعيدٍ الخدريِّ -رضي الله عنه- من هذا قالوا: فلانُ بنُ فلانٍ، فقالَ أمَّا هذا فقد قضى ما عليْهِ، سمعتُ رسولَ اللَّهِ ﷺ يقولُ: من رأى منْكرًا فاستطاعَ أن يغيِّرَهُ بيدِهِ فليغيِّرْهُ بيدِهِ فإن لم يستطع فبلسانِهِ فإن لم يستطع فبقلبِهِ وذلِكَ أضعفُ الإيمانِ". (صحيح أبي داود:1009)


5- خطبة العيدين يأمر الإمامُ فيهما الناس بتقوى الله، ويحثهم على طاعته:

فقد البخاري ومسلم من حديث عن جابرٍ -رضي الله عنه-قال: "شهدتُ مع رسولِ الله ﷺ الصلاةَ يومَ العيدِ، فبدأ بالصَّلاةِ قبلَ الخُطبةِ بلا أذانٍ ولا إقامةٍ، ثم قام متوكئًا على بلالٍ، فأَمَر بتقوى اللهِ، وحثَّ على طاعتِه، ووَعَظَ الناسَ وذَكَّرهم، ثم مضَى حتى أتَى النِّساءَ فوَعظَهُنَّ وذَكَّرهُنَّ".


6- خطبة العيد كسائر الخطب، تفتتح بالحمد والثناء على الله تعالى:

ولم يصح حديث أن افتتاحها بالتكبير.


قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- كما في" مجموع الفتاوى: 22/393": "لم ينقل أحد عن النبي ﷺ أنه افتتح خطبة بغير الحمد، لا خطبة عيد ولا خطبة استسقاء ولا غير ذلك". اهـ


أمَّا الحديث الوارد في أنه كان يفتتح خطبة العيد بالتكبيرات فهو حديث ضعيف منقطع. (رواه ابن أبي شيبة: 2/190)


وكذلك أنه كان يكبر بين أضعاف، رواه ابن ماجه وسنده ضعيف.


وقال ابن القيم -رحمه الله- كما في" زاد المعاد: 1/447": وكان ﷺ يفتتح خطبه كلها بالحمد لله، ولم يحفظ عنه " في حديث واحد أنه كان افتتح خطبتي العيدين بالتكبير، وإنما روى ابن ماجه في سننه بسند ضعيف عن سَعْدٍ القَرَظ مُؤَذِّنِ النبي ﷺ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ ﷺ يُكَبِّرُ بَيْنَ أَضْعَافِ الْخُطْبَةِ يُكْثِرُ التَّكْبِيرَ فِي خُطْبَةِ الْعِيدَيْنِ".


وهذا لا يدل على أنه كان يفتتحها به:  وقد اختلف الناس في افتتاح خطبة العيدين والاستسقاء، فقيل: تفتتح خطبة الاستسقاء بالاستغفار وقيل بالحمد، قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: وهو الصواب". اهـ


وقال ابنُ رجب -رحمه الله-: "ذكَر بعض أئمَّة الشافعية: أن الخُطب كلها تُستفتح بالحمد بغير خلافٍ، وإنما التكبير في العيد يكون قبلَ الخُطبة، وليس منها، فإذا قام الإمام استفتح الخُطبة بالحمد". اهـ (باختصار من فتح الباري:5/485)


7- الجلوس لاستماع الخطبة على التخيير:

قال ابن القيم -رحمه الله- في" زاد العاد:1/448": "ورخص النبي ﷺ لمن شهد العيد أن يجلس للخطبة أو أن يذهب". اهـ (انظر كذلك مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية:24/214)


فقد أخرج أبو داود والنسائي وابن ماجه من حديث عبد الله بن السائب قال: "شهدت العيد مع النبي ﷺ فلما قضى الصلاة قال: إنا نخطب فمن أحب أن يجلس للخطبة فليجلس، ومن أحب أن يذهب فليذهب ". (صحيح أبي داود: 1155)


فدل ذلك على أن الاستماع لخطبة العيد سنة وليست فرضًا، والأوْلى الحضور والانتفاع بالموعظة، وإظهار شعيرة الاجتماع.


‏ قال الشافعي -رحمه الله-: لو ترك استماع خطبة العيد، أو تكلم فيها، أو انصرف وتركها، كرهته، ولا إعادة عليه". (انظر عون المعبود: 4/16) (المجموع:5/29)



صلاة العيدين: آداب وأحكام 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

صلاة العيدين: آداب وأحكام Empty
مُساهمةموضوع: رد: صلاة العيدين: آداب وأحكام   صلاة العيدين: آداب وأحكام Emptyالإثنين 24 أبريل 2023, 1:39 am


بدع ومنكرات العيد:

1- إحداث وابتداع أعياد ليست من الإسلام

كأعياد الميلاد، وعيد مولد النبي ﷺ، وعيد الربيع، وعيد الحب، وعيد الأم، وعيد رأس السُّنَّة وغيرها من الأعياد الوطنية والقومية. والصحيح أنه ليس في الإسلام إلا عيدا الفطر، والأضحى فقط.


2- إحياء ليلة العيد بالقيام:

وهذه من البدع المحدثة، والتي يفعلها البعض اعتمادًا على أحاديث لا تصح ومنها:

- ما رواه الطبراني في الأوسط عن النبي ﷺ قال: "من أحيا ليلة الفطر وليلة الأضحى لم يمت قلبه يوم تموت القلوب". (قال الألباني في ضعيف الجامع: 5358: حديث موضوع)


- وحديث: "من قام ليلي العيدين محتسبًا لله لم يمت قلبه يوم تموت القلوب".  (قال الألباني: موضوع)


- وحديث: "من السُّنَّة اثنتا عشرة ركعة بعد عيد الفطر وست ركعات بعد عيد الأضحى، حديث لا أصل له". (انظر الفوائد المجموعة ص 53)


- وحديث: "من أحيا الليالي الأربع وجبت له الجنة: ليلة التروية، وليلة عرفة وليلة النحر، وليلة الفطر". (رواه ابن عساكر في تاريخ دمشق، وقال الألباني: موضوع)


قال الشقيري -رحمه الله- في كتابه السنن والمبتدعات ص 117: "والأحاديث في فضل الصلاة ليلة الفطر، والنحر، ويوميها، ويوم عرفة، مكذوبة ومفتراه، فلا تلتفت إليها".


تنبيه:

من كان من عادته قيام الليل طوال العام، فلا حرج أن يقوم ليلتي العيد، لأنه لم يخصص هاتين الليلتين بالقيام.


3- من المخالفات في صلاة العيد قولهم: "الصلاة جامعة"، أو "صلاة العيد يرحمكم الله"، أو "صلاة العيد أثابكم الله"، وقد تقدم بيان ذلك.


4- ترك كثير من الناس الصلاة في المساجد في أيام العيد بغير عذر شرعي.


5- تزيين المساجد في الأعياد بالأنوار والملصقات.


وهذا لم يكن من هدي النبي ﷺ، ولا من هدي سلفنا الصالح، وقد سُئِلَ الشيخ عبد الله بن جبرين عضو هيئة كبار العلماء بالسعودية عن ذلك فقال: "تزيين المساجد يوم العيد لا أصل له". (البدع والمحدثات ص 211)


6- ومن المخالفات: صوم يومي العيد (الفطر، والأضحى)، وأيام التشريق:

وصوم يومي العيد محرم بكل حال سواء كانا نذرًا، أو تطوعًا، أو كفارة.


أ- فقد أخرج الإمام مسلم من حديث أبي هُرَيرَةَ -رضي الله عنه-: أنَّ رسولَ اللهِ ﷺ نهَى عن صيامِ يومينِ: يومِ الأضحى، ويومِ الفِطر".


ب- وأخرج البخاري ومسلم عن أبي عُبَيدٍ مولى ابنِ أَزْهرَ أنَّه قال: شهدتُ العيدَ مع عُمرَ بنِ الخَطَّابِ -رضي الله عنه- فجاءَ فصلَّى، ثم انصرَفَ فخَطَب النَّاسَ، فقال: "إنَّ هذَينِ يومانِ، نهَى رسولُ اللهِ ﷺ عن صِيامِهما؛ يومُ فِطرِكم مِن صِيامِكم، والآخَرُ يومُ تأكلونَ فيه مِن نُسُكِكم".


ج-- وأخرج الإمام مسلم من حديث عائشةَ -رضي الله عنها- قالت: "نهى رسولُ اللهِ ﷺ عن صَومَينِ: يومِ الفِطرِ، ويوم الأضحى".


قال ابنُ حزم -رحمه الله-: "أجمعوا أنَّ صيام يومِ الفطر ويومِ النحر لا يجوز". (مراتب الإجماع ص 40)


قال النوويُّ -رحمه الله-: "أجمع العلماءُ على تحريم صوم يومي العيدين: الفِطر، والأضحى". (المجموع:6/440)


•    أمَّا الأدلة التي تدل على عدم صيام أيام التشريق فمنها:

ما رواه أبو داود‏ عن أبي مرة مولى أم هانئ أنه دخل مع عبد الله بن عمرو على أبيه عمرو بن العاص -رضي الله عنه- ‏فقرب إليهما طعامًا، فقال: كُلْ، فقال: إني صائم، فقال عمرو: -رضي الله عنه- كُلْ، فهذه الأيام التي كان رسول الله ﷺ يأمرنا أن نفطرها، وينهانا عن صيامها".


قال الإمام مالك -رحمه الله-: هي أيام التشريق.


فلا يجوز صومها تطوعًا لحديث نبيشة الهذلي قال: قال رسول الله ﷺ: "ايام التشريق أيام أكل وشرب". تنبيه: يرخص للحاج الذي لم يجد الهدي أن يصوم أيام التشريق: وذلك للحديث الذي أخرجه البخاري عن عائشة ‏وابن عمر -رضي الله عنهم- قالا: "لم يُرخَّص في أيام التشريق أن يُصَمنَّ إلا لِمَنْ لم يجد الهدي".


وقال رب العالمين في كتابه الكريم: {فَمَن تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ (البقرة:196)


مسألة:

إذا صام الإنسان هذه الأيام عن قضاء، أو نذر، ففيه خلاف؛ والراجح: أنه لا يصح، لقول عائشة وابن عمر -رضي الله عنهم- في الحديث السابق: "لم يُرخَّص في أيام التشريق أن يُصَمنَّ..".


ولحديث عمرو بن العاص -رضي الله عنهما- السابق: "فهذه الأيام التي كان رسول الله ﷺ يأمرنا أن نفطرها، وينهانا عن صيامها".


7- زيارة القبور صباح يوم العيد:

فالبعض يذهب إلى المقابر بعد صلاة العيد مباشرة، بل ومنهم من لا يصلي العيد ويذهب إلى المقابر مباشرة، وهذه من البدع التي أحدثها الناس، فالعيد يوم فرح وسرور، وليس يوم حزن وآلام. ومما يدل على بدعية زيارة القبور يومي العيد: ما أخرجه الإمام أحمد من حديث أبي هُرَيرَة -رضي الله عنه- قال: قال رسولُ الله ﷺ: "لا تَجْعَلوا بُيوتَكم قُبورًا، ولا تَجْعَلوا قبري عِيدًا".


وَجْهُ الدَّلالَةِ:

 أنَّ اعتيادَ قَصْدِ مكانٍ معيَّن، وفي وقتٍ معيَّن، عائدٍ بعودِ السُّنَّة أو الشَّهرِ أو الأُسبوع، هو بعَينِه معنى العيدِ. (انظر: اقتضاء الصراط المستقيم:2/257-258).

وقال الشيخ ابن باز -رحمه الله-: "فإنَّ البناء على القبور، وتخصيصَ يوم معيَّن لزيارتها، واتِّخاذها أعيادًا أمرٌ منكر". (فتاوى نور على الدرب:2/262)


وقال الشيخ ابنُ عُثَيمين -رحمه الله-: "ليس لتخصيص الجُمُعة والعيدين في زيارة القبور أصلٌ من السُّنَّة، فتخصيصُ زيارة المقابر في يوم العيد، واعتقاد أنَّ ذلك مشروعٌ يُعتبر من البدع؛ لأنَّ ذلك لم يرِدْ عن النبيِّ ﷺ، ولا علمتُ أحدًا من أهل العِلم قال به". (مجموع فتاوى ورسائل العثيمين:17/287).


وقال الألباني -رحمه الله- في أحكام الجنائز ص 219: "ويحرُم عند القبور... اتِّخاذها عيدًا، تُقصَد في أوقات معيَّنة، ومواسم معروفة، للتعبُّد عندها، أو لغيرها".


قال الألبانيُّ أيضًا: "ومن البدع زيارة القبور يوم العيد". اهـ (أحكام الجنائز ص 325).


وقال الشيخ علي محفوظ -رحمه الله- كما في كتابه "الإبداع في مضار الابتداع ص 263": ومن البدع اشتغالهم عقب صلاة العيد بزيارة الأولياء أو القبور قبل الذهاب إلى أهليهم، ولقد كان رسول الله ﷺ يخرج مع الصحابة إلى الصحراء لصلاة العيد، وكان يذهب من طريق ويرجع من أخرى، ولم يثبت أنه زار قبرًا في ذهابه أو إيابه مع وقوع المقابر في طريقه.


بل قال في عيد الأضحى: "أول ما نبدأ به في يومنا هذا أن نصلي ثم نرجع فننحر فمن فعل ذلك فقد أصاب سنتنا". (رواه البخاري ومسلم)


ومن تلبيس الشيطان أنه لا يأمر بترك سُنَّة حتى يعوض لهم عنها شيئًا يخيل إليهم أنه قربة، فعوض لهم عن سرعة الأوبة إلى الأهل وزيارة القبور، وزين لهم أن زيارة القبور في هذا اليوم من البر وزيادة الود لهم".اهـ


وقال الشقيري -رحمه الله- في كتابه" السنن والمبتدعات ص 418": "زيارة الجبانة أو قبور الأولياء بعد صلاة العيد بدعة". اهـ


8- التشبه بغير المسلمين في الملابس واستماع المعازف وغيرها من المنكرات.
والنبي ﷺ يقول: "مَنْ تشبَّه بقوم فهو منهم". (رواه أحمد من حديث ابن عمر -رضي الله عنهما-)


9- تبرج النساء وخروجهن إلى أماكن الاختلاط بالمنتزهات وغيرها.


10- خروج النساء متطيبات: وقد نهى النبي ﷺ عن ذلك.
فقد أخرج الإمام أحمد من حديث أبو موسى الأشعري -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله ﷺ: "أيُّما امرأةٍ اسْتَعْطَرَتْ فمرَّتْ على قومٍ لِيَجِدُوا رِيحَها فهيَ زَانِيَةٌ ، وكلُّ عينٍ زَانِيَةٌ".

(صحيح الجامع:2701) (صحيح الترغيب: 2019)


وأخرج ابن ماجه من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله ﷺ: "أيُّما امرأةٍ تطيَّبَتْ ثُمَّ خَرَجَتْ إلى المسْجِدِ، لم تُقْبَلْ لَها صلاةٌ حتى تغتسلَ". (صحيح الجامع: 2703)


وأخرج الإمام مسلم في "صحيحه" عن زينب زوجة عبد الله بن مسعود t قالت: قال لنا رسول الله ﷺ: "إذا شهدت إحداكن المسجد فلا تمس طيبًا".


وأخرج الإمام أحمد وأبو داود عن أبي هريرة t أن رسول الله ﷺ قال: "لا تمنعوا إماء الله مساجد الله ولكن ليخرجن وهن تفلات".


وقال الخطابي -رحمه الله- في "معالم السنن": التفل: سوء الرائحة، يقال: امرأة تفلة إذا لم تتطيب.


قال ابن دقيق العبد -رحمه الله-: فيه حرمة التطيب على مُريدة الخروج إلى المسجد، لما فيه من تحريك داعية الرجال وشهوتهم، وربما يكون سببًا لتحريك شهوة المرأة أيضًا.


11- الدخول على النساء: وقد نهى النبي ﷺ عن ذلك.
فقد أخرج البخاري ومسلم عن عقبة بن عامر -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله ﷺ: "وإيَّاكُم والدخول على النساء، فقال رجل من الأنصار، يا رسول الله أفرأيت الحمو؟ قال: الحمو الموت".


قال الزمخشري -رحمه الله-: الجمع أحماء: أقرباء الزوج كالأب والأخ والعم.


وقوله: الحمو الموت، معناه أن حماها هو الغاية في الشر والفساد فشبهه بالموت لأنه قصارى كل بلاء وشدة، وذلك أنه شر من الغيب من حيث أنه آمن مُدٍل، والأجنبي متخوف مترقب.


ويحتمل أن يكون دعاء عليها، أي كأن الموت منها بمنزلة الحَمِ الداخل عليها إن رضيت ذلك.


12-  الاختلاط المحرم بين الرجال والنساء:

قال بعض العلماء: "الاختلاط: هو اجتماع الرجال بالنساء غير المحارم في مكان واحد، يمكنهم منه الاتصال فيما بينهم بالنظر أو الإشارة أو الكلام أو البدن من غير حائل أو مانع يدفع الريبة والفساد.


والاختلاط باب من أبواب الزنا يلج الإنسان من خلاله إلى هذه الفاحشة، والعفة حجاب يمزقه الاختلاط والذي هو بمثابة غدة سرطانية تسري في كيان المجتمع فتُوهِنه وتضعفه.


قال تعالى: (... وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ...) (الأحزاب: 53)


قال ابن جرير -رحمه الله- في تفسير هذه الآية: "وإذا سألتم أزواج النبي ﷺ ونساء المؤمنين اللواتي لسن لكم بأزواج متاعًا، فاسألوهن من وراء حجاب، يقول: من وراء ستر بينكم وبينهن". اهـ


فلا يقل أحد إن الاختلاط وإزالة الحجب والترخص في الحديث والنقاش والجلوس والمشاركة بين الجنسين أطهر للقلوب وأعف للضمائر وأعون على تصريف الغريزة المكبوتة، وعلى إشعار الجنسين بالأدب وترقيق المشاعر والسلوك إلى آخر ما يقوله نفر من خلق الله الضعاف الجُهَّال المحجوبين، والله يقول: (وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ) (الأحزاب: 53)


يقول هذا عن نساء النبي ﷺ الطاهرات أمهات المؤمنين، وعن رجال الصدر الأول من صحابة رسول الله ﷺ ممَّن لا تتطاول إليهن وإليهم الأعناق. وحين يقول الله قولًا، ويقول خلقٌ من خلقه قولًا، فالقول لله سبحانه، وكل قول آخر هراء لا يردده إلا مَن يجرؤ على القول بأن العبيد الفانين أعلم بالنفس البشرية من الخالق الباقي الذي خلق هؤلاء العبيد. والواقع العملي الملموس يهتف بصدق الله وكذب المدعين.


حتى أن النبي ﷺ منع اختلاط الرجال والنساء في أبواب المساجد دخولا وخروجا فإذا كان هذا في المسجد ففي غيره من باب أولى.


فقد أخرج أبو داود عن نافع عن ابن عمر -رضي الله عنهما- أن رسول الله ﷺ لمَّا بنى المسجد جعل باب للنساء وقال: "لا يلج من هذا الباب من الرجال أحد".


- وفي رواية هي عند أبي داود أيضًا "باب في اعتزال النساء في المساجد عن الرجال" أن رسول الله ﷺ قال: "لو تركنا هذا الباب للنساء؟!".


قال نافع: فلم يدخل منه ابنُ عمر حتى مات.


ويقول الشيخ الدكتور محمد إسماعيل المقدم -حفظه الله- في "عودة الحجاب": إن الذين يتهاونون في الاختلاط الآثم بين النساء والرجال بدعوى أنهم رُبوا على الاستجابة لنداء الفضيلة ورعاية الخلق، مثل قوم وضعوا كمية من البارود بجانب نار موقدة، ثم ادَّعُوا أن الانفجار لا يكون؛ لأن على البارود تحذيرًا من الاشتغال والاحتراق... إن هذا خيال بعيد عن الواقع ومغالطة للنفس وطبيعة الحياة وأحداثها. إن الذين ابتدعوا الاختلاط يعانون الآن من آثاره الوخيمة مما دعاهم إلى الدعوة لعدم الاختلاط.


13- مصافحة النساء الأجنبيات. والنبي ﷺ لا يصافح النساء الأجنبيات في العيد ولا في غيره.
فقد أخرج الإمام أحمد والترمذي وابن ماجه أن النساء قلنَّ يا رسول الله: ألا تصافحنا؟ فقال ﷺ: "إني لا أصافح النساء". (صحيح الجامع: 2513)


وأخرج البخاري عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: "كان رسول الله ﷺ يبايع النساء كلأمَّا والله ما مست يده يد امرأة قط في المبايعة، وما بايعهن إلا بقوله".


وأخرج الإمام أحمد من حديث أميمة بنت رقيقة -رضي الله عنها- قالت: أتيت رسول الله ﷺ في نسوة نبايعه فقلنا: يا رسول الله نبايعك على ألا نشرك بالله شيئًا ولا نسرق ولا نزني ولا نأتي ببهتان نفتريه بين أيدينا وأرجلنا ولا نعصيك في معروف قال: قال فيما استطعتن وأطعتن قالت فقلت الله ورسوله أرحم بنا منا بأنفسنا هلم نبايعك يا رسول الله قال رسول الله ﷺ: "إني لا أصافح النساء إنما قولي لمائة امرأة كقولي لامرأة واحدة" (صححه الألباني)


•    وجاء الوعيد لكل من يمس أو يصافح امرأة لا تحل له.

فقد أخرج الطبراني عن معقل بن يسار -رضي الله عنه- عن النبي ﷺ قال: "لأن يُطعن في رأس أحدكم بمخيط من حديد خير له من أن يمس امرأة لا تحل له".


14 – الإسراف والتبذير.

قال تعالى: {وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ} (الأنعام: 141)


والنبي ﷺ يقول: "لا تزولُ قدما ابنِ آدمَ يومَ القيامةِ حتَّى يسألَ عن خمسةٍ عن عُمرِه فيمَ أفْناه وعن شبابِه فيما أبلَاه وعن مالِه من أين اكتسبَه وفيما أنفَقه وما عَمِلَ فيما عَلِمَ". (رواه الترمذي من حديث عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه-)


15- ترويع المسلمين.

ففي العيد ترى الأطفال والشباب يلعبون بالمفرقعات "البمب والصواريخ" ويروعون الناس والمارة، والنبي ﷺ نهى عن ترويع الناس.


فقد أخرج الطبراني في الكبير عن النعمان بن بشير -رضي الله عنه- قال: كنا مع رسول الله ﷺ في مسير فخفق رجل على راحلته، فأخذ رجل سهمًا من كنانته، فأنتبه الرجل ففزع، فقال رسول الله ﷺ: لا يحل لرجل أن يروع مسلمًا". (صحيح الترغيب والترهيب: 2806)


وأخرج الإمام أحمد وأبو داود عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: حدثنا أصحاب محمد ﷺ أنهم كانوا يسيرون مع النبي ﷺ فنام رجل منهم، فانطلق بعضهم إلى حبل معه فأخذه، ففزع، فقال رسول الله ﷺ: "لا يحل لمسلم أن يروع مسلمًا".


16- عدم العطف على الفقراء والمساكين والصدقة عليهم.

في رمضان تجد الرجل كثير الإنفاق بل ويعلم أولاده ذلك فيعطهم المال ليعطوه للفقراء والمساكين ليرى فيهم حب البذل والعطاء والعطف على الفقراء والمساكين لكن عندما ينتهي رمضان ويأتي العيد تجد أن كثيرًا من الأغنياء وأبنائهم يظهرون السرور والفرح والإسراف في النفقات ويأكلون المأكولات الشهية أمام الفقراء وأبنائهم دون أدنى شعور بالعطف أو التعاون ومراعاة مشاعر الفقراء مع أن رسولنا الكريم ﷺ يقول: "لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه". (البخاري)


أحبتي في الله:

إن العيد يوم فرح وسرور وبشر وحبور ويتجمل الإنسان فيه بأحسن الثياب مع التمتع بالحلال، والعيد مظهر من مظاهر العبودية لله سبحانه يأتي تتويجًا لعبادة الصوم التي من أبرز مدلولاتها الولادة الجديدة للمسلم بلا آثام ولا خطايا، وليس المقصود من البعيد التلذذ بالمعاصي والخروج على القيم، وليس من العيد كسر الموازين الاجتماعية والعبث الماجن.


إن عيد المسلمين لابد وأن يكون منضبطا بقيم الشرع وأخلاق الإسلام كي لا تتحول الأعياد في مجتمعات المسلمين إلى سهرات محرمة ورقصات ماجنة وتضييع أوقات الصلوات فتمحو الذنوب أثر الصيام والقيام من النفوس


وينبغي للمسلم في هذا اليوم أن يحرص على بر الوالدين وصلة الأرحام وزيارة الجيران وصلة الأحباب والخلان وتخلية قلبه من الهموم، والأحزان، والغل، والحرص على سلامة القلب والتضامن مع إخوانه المسلمين.


اللهم تقبَّل منا صيامنا ورُكُوعنا وسُجُودنا وكل عمل صالح نبتغي به وجهك الكريم.

اللهم آمين يا رب العالمين.



صلاة العيدين: آداب وأحكام 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

صلاة العيدين: آداب وأحكام Empty
مُساهمةموضوع: رد: صلاة العيدين: آداب وأحكام   صلاة العيدين: آداب وأحكام Emptyالإثنين 24 أبريل 2023, 1:46 am

مبحث في حكم الجمعة إذا اجتمعت مع العيد في يوم واحد

إذا وافق يوم الجمعة يوم عيد، فالعلماء اختلفوا في حكم صلاة الجمعة بعد العيد على أقوال:

القول الأول: "أن صلاة الجمعة رخصة يجوز للمسلم أن يصليها أو يتركها لكن يستحب الإمام أن يقيمها ليشهدها مَنْ شاء مَنْ لم يُصَلّ العيد" إلا ألا يجتمع له مَنْ يُصلي به الجمع فإنها تسقط أيضًا عن الإمام".


وهو مذهب عمر وعثمان وعليّ وابن عمر وابن عباس وابن الزبير- رضي الله عنهم-


وهو المشهور من مذهب الإمام أحمد: -رحمه الله- ودليلهم:

1- ما أخرجه الإمام أحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجه بسند فيه مقال عن إياس بن أبي رملة الشامي قال: شهدت معاوية بن أبي سفيان -رضي الله عنه- وهو يسأل زيد بن أرقم قال: أشهدت مع رسول الله ﷺ عيدين اجتمعا في يوم؟ قال: نعم، قال: فكيف صنع؟ قال: صلى العيد ثم رخص في الجمعة، قال: مَنْ شاء أن يُصَلّي فليُصَلّ".

(ضعيف جدًا) (وصححه الألباني في صحيح أبي داود) (وصححه عليّ بن المديني كما في التلخيص الحبير:2/94)


فالنبي ﷺ في هذا الحديث خيّر الصحابة بين فعلها وتركها، فقال: مَنْ شاء أن يصلي فليُصل، والتخيير يدل على عدم الوجوب، إذ الواجب لا تخيير فيه بل هو ما طلب الشارع فعله على وجه الحتم والإلزام بحيث يثاب فاعله ويستحق العقاب تاركه.


2- وأخرج أبو داود وابن ماجه والحاكم بسند فيه مقال عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي ﷺ قال: "قد اجتمع في يومكم هذا عيدان، فمَنْ شاء أجزأه من الجمعة وإنا مُجمعون". (ضعيف) (لكن صححه الألباني في صحيح الجامع: 4365)


3- وأخرج ابن ماجه بسند فيه مقال من حديث ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: اجتمع عيدان على عهد رسول الله ﷺ فصلى بالناس ثم قال: من شاء أن يأتي الجمعة فليأتها، ومن شاء أن يتخلف فليتخلف. (ضعيف)


5- واخرج أبو داود بسند صحيح عن عطاء -رحمه الله- قال: صلى بنا ابن الزبير -رضي الله عنه- في يوم عيد في يوم جمة أول النهار، ثم رحنا إلى الجمعة فلم يخرج فصلينا وحدنا، وكان ابن عباس بالطائف، فلما قدم ذكرنا له ذلك فقال: أصاب السُّنَّة: فبلغ ذلك ابن الزبير فقال: رأيت عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- إذا اجتمع عيدان صنع مثل هذا. (صححه الألباني)


وقول الصحابي: أصاب السُّنَّة، له حكم الرفع على الراجح.


6- وأخرج ابن أبي شيبة في تمام قصة ابن الزبير من طريق هشام بن عروة عن وهب بن كيسان قال هشام: فذكرت ذلك لنافع فقال: ذكر لابن عمر -رضي الله عنه- فلم ينكره. (إسناده حسن)


4- وأخرج البخاري عن أبي عبيد مولى ابن أزهر قال: شهدت العيد مع عثمان بن عفان -رضي الله عنه- وكان ذلك يوم الجمعة، فصلى قبل الخطبة ثم خطب فقال: يا أيها الناس إن هذا يوم قد اجتمع لكم فيه عيدان، فمن أحب أن ينتظر الجمعة من أهل العوالي فلينتظر، ومن أحب أن يرجع فقد أذنت له".


والشاهد قول عثمان -رضي الله عنه-: من أحب أن يرجع فقد أذنت له.


7- وأخرج ابن أبي شيبة وعبد الرزاق عن أبي عبد الرحمن السلمي قال: اجتمع عيدان في عهد علي، فصلى بهم العيد ثم خطب على راحلته، فقال: أيها الناس، من شهد منكم العيد فقد قضى جمعته إن شاء الله".


- وفي رواية: " من أراد أن يجمع فليجمع ومن أراد أن يجلس فليجلس - قال سفيان: يعني يجلس في بيته". (إسناده صحيح)


8- ولأن الجمعة إنما زادت على الظهر بالخطبة وقد حصل سماعها في العيد (لاشتمال صلاة العيد على خطبة)، فأجزأ عن سماعها ثانيا.


9- قالوا: لا يعرف لهؤلاء الصحابة مخالف في هذا الحكم.


قال عبد الله بن أحمد في مسائله المسألة 482: "سألت أبي عن عيدين اجتمعا في يوم يترك أحدهما؟ قال: لا بأس به أرجو أن يجزئه، فأمَّا الإمام فلم تسقط عنه لقول النبي ﷺ: وإنا مجمعون، ولأنه لو تركها لامتنع فعل الجمعة في حق من تجب عليه، ومن يريدها ممن سقطت عنه بخلاف غيره من الناس. اهـ


وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- حيث قال في" الفتاوى: 211/24" بعد أن ساق هذا القول: "وهذا من المأثور عن النبي ﷺ وأصحابه كعمر وعثمان وابن مسعود وابن عباس وابن الزبير وغيرهم، ولا يعرف عن الصحابة في ذلك خلاف، وأصحاب القولين المتقدمين لم يبلغهم ما في ذلك من السُّنَّة عن النبي ﷺ لما اجتمع في يومه عيدان صلى العيد ثم رخص في الجمعة وفي لفظ أنه قال: أيها الناس إنكم قد أصبتم خيرًا فمن شاء أن يشهد الجمعة فليشهد فإنا مجمعون، وأيضًا فإنه إذا شهد العيد حصل مقصود الاجتماع ثم إنه يصلي الظهر إذا لم يشهد الجمعة فتكون الظهر في وقتها، والعيد يحصل مقصود الجمعة وفي إيجابها على الناس تضييق ع ليهم وتكدير لمقصود عيدهم وما سن لهم من السرور فيه والانبساط، فإذا حبسوا عن ذلك عاد العيد على مقصوده بالإبطال، ولأن يوم الجمعة عيد، ويوم الفطر والنحر عيد، ومن شأن الشارع إذا اجتماع عبادتان من جنس واحد أدخل إحداهما في الأخرى كما يدخل الوضوء في الغسل وأحد الغسلين في الآخر والله أعلم". اهـ


واختار هذا الرأي من المعاصرين العلامة ابن عثيمين -رحمه الله- - (فتاوى نور على الدرب) -


القول الثاني: الجمعة واجبة بعد العيد في حق مَنْ تلزمه الجمعة.

وهو قول أكثر الفقهاء: لكن الشافعية أسقطوها عن أهل القرى دون الأمصار وحجة هذا القول:

1- عموم قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِي لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ} (الجمعة: 9)


2- الأدلة الدالة على وجوب صلاة الجمعة ومنها

قوله ﷺ: "الجمعة حق واجب على كل مسلم إلا أربعة: عبد مملوك أو امرأة أو صبي أو مريض ". (رواه أبو داود بسند صحيح)


وقوله: "لينتهين أقوام عن ودعهم الجمعات أو ليختمن الله على قلوبهم ثم ليكونن من الغافلين ". (متفق عليه)


وقال ﷺ: "من ترك ثلاث جمعات تهاونًا طبع الله على قلبه". (أخرجه أبو داود وغيره وقال الألباني: حسن صحيح)


3- ولأنها صلاتان واجبتان فلم تسقط إحداهما بالأخرى كالظهر مع العيد، فكما لا تسقط صلاة الظهر عمن صلى العيد في سائر أيام الأسبوع إذا وافق أحدها يوم العيد فكذلك لا تسقط صلاة الجمعة لمن صلى العيد إذا وافق يوم الجمعة.


وقد ردوا على الفريق الأول لما قال إن الجمعة رخصة من شاء حضرها ومن لم يشأ لم يحضرها فإن ما ذكر من آثار والأحاديث محمولة على أهل البوادي ممن لا تجب عليهم الجمعة.


القول الثالث: سقوط الجمعة عن غير المقيمين في البلد من أهل البوادي وهو قول الشافعي وأبي حنيفة، وأدلة هذا القول:

- الحديث الذي مر بنا عن أبي عبيد مولى ابن أزهر قال: شهدت العيد مع عثمان بن عفان -رضي الله عنه-، وكان ذلك يوم الجمعة، فصلى قبل الخطبة، ثم خطب فقال: يا أيها الناس، إن هذا يوم قد اجتمع لكم فيه عيدان، فمن أحب أن ينتظر الجمعة من أهل العوالي فلينتظر، ومن أحب أن يرجع فقد أذنت له (رواه البخاري)


قال الإمام النووي في" المجموع: 4/359": "قد ذكرنا أن مذهبنا وجوب الجمعة على أهل البلد وسقوطها عن أهل القرى وبه قال عثمان بن عفان وعمر بن عبد العزيز وجمهور العلماء، وقال محمد بن الحسن في رواية الموطأ بعد أثر عثمان، وبهذا نأخذ -يعني بأثر عثمان- وإنما رخص عثمان لأهل العالية، لأنهم ليسوا من أهل المصر، وقال الإمام النووي: واحتج أصحابنا بحديث عثمان وتأولوا الباقي على أهل القرى. اهـ


ورجَّح هذا القول من المعاصرين العلامة ابن جبرين -رحمه الله-. (انظر الرأي السديد ص 3)


واستدل هؤلاء بالأدلة العامة الموجبة لصلاة الجمعة ولا تسقط إلا لمن رخص له، ولم يرخص إلا لأهل العوالي كما تقدم، ورد بأن قول عثمان لا يخصص قوله ﷺ - (نيل الأوطار للشوكاني 3/347)



صلاة العيدين: آداب وأحكام 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

صلاة العيدين: آداب وأحكام Empty
مُساهمةموضوع: رد: صلاة العيدين: آداب وأحكام   صلاة العيدين: آداب وأحكام Emptyالإثنين 24 أبريل 2023, 1:47 am


القول الرابع: سقوط صلاة الجمعة عن الجميع الإمام والمأمومين.

وهو قول عطاء -رحمه الله-، وقال ابن المنذر: "وروينا نحوه عن علي بن أبي طالب وابن الزبير -رضي الله عنهما-". (انظر المجموع: 4/354)


ودليل هذا القول:

1- عموم الأدلة السابق ذكرها ومنها ترك ابن الزبير لصلاة الجمعة وهو إمام القوم فقد صلى بهم صلاة العيد ولم يخرج إليهم لصلاة الجمعة، فدل ذلك على سقوط الجمعة عن الجميع، الإمام والمأمومين.


2- قول عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- مادحًا تركه ن أصاب السُّنَّة، فدل ذلك على أن السُّنَّة سقوط الجمع عن الجميع؛ الإمام والمأمومين.


قال الشوكاني -رحمه الله- في" نيل الأوطار: 3/347": ويدل على عدم الوجوب أن الترخيص عام لكل أحد، ترك ابن الزبير للجمعة وهو الإمام إذ ذاك وقول ابن عباس أصاب السُّنَّة، رجاله رجال الصحيح وعدم الإنكار عليه من أحد من الصحابة، وأيضًا لو كانت الجمعة واجبة على بعض المكلفين لكانت فرض كفاية وهو خلاف معنى الرخصة، وأمَّا حديث عثمان فإنه لا يخصص قوله ﷺ. اهـ


مناقشة الأدلة وبيان الراجح منها

1 – يُرد على دليل القول الثاني (ممن قال إن الجمعة واجبة) بالآتي:

أ- أن أدلتهم الموجبة لصلاة الجمعة أدلة عامة مخصوصة بما ذكر من أحاديث تدل على سقوط الجمعة عمن صلى العيد.


ب- قياسهم عدم سقوط الجمعة عمن صلى العيد على عدم سقوط الظهر عمن صلى العيد منقوص بالظهر مع الجمعة.


2- يُرد على دليل القول الثالث (الذين يقولون: إن الجمعة تسقط عن غير المقيمين في البلد من أهل البوادي) بالآتي:

- أن قول عثمان -رضي الله عنه- لا يخصص قول النبي ﷺ.


3 – يُرد على دليل القول الرابع (الذي يسقطون الجمعة عن الجميع -الإمام والمأمومين-) بالآتي:

- أننا لو أسقطنا الجمعة على الإمام لامتنع فعل الجمعة في حق من تجب عليه ومن يريدها ممن سقطت عنه.


أضف لهذا أن النبي ﷺ قال في الحديث: "وإنا لمجمعون".


والراجح:

هو القول بسقوط الجمعة عمن صلى العيد ما عدا الإمام لقوة أدلتهم وسلامتها عن المعارض، فالجمعة تسقط عمن صلى العيد للآثار المتقدمة عن الصحابة وعدم ورود ما يخالفه عن أحدهم، وهذا لا شك يعضد المرفوع، على أن قول ابن عباس "أصاب السُّنَّة" له حكم الرفع، وأمَّا حمل جميع هذه الآثار على من لا تجب عليه الجمعة، فلا يخفى تكلفه، ولئن سلم في أثر عثمان فلا يسلم في غيره كما هو واضح والله أعلم


ويستحب أن يقيم الإمام الجمعة ليشهدها من شاء ومن لم يصل العيد.

ويستفاد هذا من حديث النعمان بن بشير المتقدم في قراءة النبي ﷺ في العيدين والجمعة بالأعلى والغاشية، قال: وإذا اجتمع العيد والجمعة في يوم واحد، يقرأ فيهما أيضا في الصلاتين. (رواه مسلم والترمذي)


حكم صلاة الظهر في ذلك اليوم

بمعنى أن مَنْ صلّى العيد وتخلّف عن الجمعة -وهو الراجح- فهل يلزمه الظهر؟


اختلف أهل العلم في هذه المسألة على قولين:

القول الأول: سقوط فرض الظهر لمن صلى العيد. وهو مروي عن ابن الزبير وعطاء.

ودليلهم ما أخرجه أبو داود عن بن جريج قال: قال عطاء: اجتمع يوم جمعة ويوم فطر على عهد ابن الزبير، فقال عيدان اجتمعا في يوم واحد فجمعهما جميعًا فصلاهما ركعتين بكرة لم يزد عليهما حتى صلى العصر".


ثم قال عطاء -رحمه الله-: "ولقد أنكرت أنا ذلك عليه وصليت الظهر يومئذ حتى بلغنا أن العيدين كانا إذا اجتمعا كذلك صليا واحدة (صححه الألباني)


قال الشوكاني -رحمه الله- كما في نيل الأوطار: 3/336": وقوله: ولم يزد عليهما حتى صلى العصر


قال الشوكاني -رحمه الله-: ظاهره أنه لم يصل الظهر وفيه أن الجمعة إذا سقطت بوجه من الوجوه المسوغة لم يجب على من سقطت عنه أن يصلي الظهر وإليه ذهب عطاء.


والظاهر أنه يقول بذلك القائلون بأن الجمعة، الأصل، وأنت خبير بأن الذي افترض الله تعالى على عباده في يوم الجمعة هو صلاة الجمعة، فإيجاب الظهر على من تركها لعذر أو لغير عذر محتاج إلى دليل، ولا دليل يصلح للتمسك به على ذلك فيما أعلم. اهـ


فخلاصة:

قول الشوكاني -رحمه الله-: أن الجمعة الأصل في يومها، والظهر بدل عنها، فإذا سقط وجوب الأصل مع إمكان أدائه سقط البدل.


القول الثاني: عدم سقوط صلاة الظهر، بل يجب أن تصلى صلاة الظهر في ذلك اليوم.

وقد جاء في بعض طرق الحديث عن عطاء أنه قال: "اجتمع عيدان في عهد ابن الزبير فصلى بهم العيد، ثم صلى بهم الجمعة صلاة الظهر أربعًا ". (رواه ابن أبي شيبة بسند صحيح)


قال ابن عبد البر -رحمه الله- في التمهيد: 10/376 - بعد أن ساق أثر ابن الزبير-: "وهذا يحتمل أن يكون صلى الظهر ابن الزبير في بيته وأن الرخصة وردت في ترك الاجتماعين لما في ذلك من المشقة لا أن الظهر تسقط". اهـ


وقال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- في" مجموع الفتاوى: 23/211": ثم إنه يصلي الظهر إذا لم يشهد الجمعة، فتكون الظهر في وقتها، والعيد يحصل مقصود الجمعة. اهـ


وقال الإمام الصنعاني في" سبل السلام: 2/107": بعد أن ساق مذهب ابن الزبير المتقدم، قلت ولا يخفى أن عطاء أخبر أنه لم يخرج ابن الزبير لصلاة الجمعة وليس ذلك بنص قاطع أنه لم يصل الظهر في منزله فالجزم بأن مذهب ابن الزبير سقوط صلاة الظهر في يوم الجمعة يكون عيدًا على من صلى صلاة العيد لهذه الرواية غير صحيح لاحتمال أنه صلى الظهر في منزله بل في قول عطاء أنهم صلوا وحدانًا -أي الظهر- ما يشعر بأنه لا قائل بسقوطه ولا يقال إن مراده صلوا الجمعة وحدانًا فإنها لا تصح إلا جماعة إجماعًا.


ثم القول بأن الأصل في يوم الجمعة صلاة الجمعة والظهر بدل عنها قول مرجوح بل الظهر هو الفرض الأصلي المفروض ليلة الإسراء والجمعة متأخر فرضها، ثم إذا فاتت وجب الظهر إجماعًا فهي البدل عنه وقد حققناه في رسالة مستقلة. اهـ


الرد على الرأي الأول:

قال الخطابي -رحمه الله-: "وهذا لا يجوز أن يحمل إلا على قول من يذهب إلى تقديم الجمعة قبل الزوال، فعلى هذا يكون ابن الزبير قد صلى الجمعة فسقط العيد والظهر لأن الجمعة إذا سقطت بالعيد مع تأكدها فالعيد أولى أن يسقط بها، أمَّا إذا قدم العيد فلابد من صلاة الظهر في وقتها إذا لم يصل الجمعة، والله أعلم". اهـ


الرأي الراجح:

هو الرأي الثاني؛ القائل: بعدم سقوط صلاة الظهر.


والأفضل أن يحضر الجمعة خروجًا من الخلاف.


وقفة:

هل الأصل الظهر أم الجمعة؟

اختلف الفقهاء في ذلك على قولين:

القول الأول: يرى بأن الأصل صلاة الجمعة والظهر بدل عنها.
القول الثاني: يرى بأن الأصل صلاة الظهر والجمعة بدل عنها.


قال الصنعاني -رحمه الله- في سبل السلام: ثم القول بأن الأصل في يوم الجمعة صلاة الجمعة والظهر بدل عنها قول مرجوح بل الظهر هو الفرض الأصل المفروض ليلة الإسراء والجمعة متأخرة فرضيتها ثم إذا فاتت وجب الظهر إجماعًا فهي البدل عنه.


الرأي الراجح:

أن كلا الصلاتين أصل في يومها فالجمعة أصل في يومها، والظهر أصل في يومه.


معنى سقوط فرض الجمعة والأثر المترتب عليه:

معنى سقوط فرض الجمعة أو الظهر هو الوارد في قول زيد بن أرقم -رضي الله عنه- ثم رخص في الجمعة فمن شاء أن يصلي فليصل، فلا يجوز لمسلم أن يخطئ آخر ترك صلاة الجمعة، ولا يجوز لمن لم يصل أن يخطئ من صلى، فالأمر فيه سعة والإثم مدفوع عن الفاعل أو التارك وإن كان يستحب للمسلم أن يتبع هديه ﷺ فإن الله يحب أن تؤتى رخصه كما تؤتى عزائمه، والله من وراء القصد.


وبعد...

فهذا آخر ما تيسَّر جمعه في هذه الرسالة.

وأسأل الله -تعالى- أن يكتب لها القبول، وأن يتقبَّلها منّي بقبول حسن، كما أسأله سبحانه وتعالى أن ينفع بها مؤلفها وقارئها، ومَن أعان على إخراجها ونشرها... إنه ولي ذلك والقادر عليه.


هذا وما كان فيها من صواب فمن الله وحده، وما كان من سهو أو خطأ أو نسيان فمنِّي ومن الشيطان، والله ورسوله منه براء، وهذا شأن أي عمل بشري فإنه يعتريه الخطأ والصواب، فإن كان صوابًا فادعُ لي بالقبول والتوفيق، وإن كان ثم خطأ فاستغفر لي:

وإن وجدت العيب فسد الخللا      جلّ من لا عيب فيه وعلا


فاللهم اجعل عملي كله صالحًا ولوجهك خالصًا، ولا تجعل لأحد فيه نصيبًا والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.


وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلّى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.


هذا والله -تعالى- أعلى وأعلم.


سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك.



صلاة العيدين: آداب وأحكام 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
 
صلاة العيدين: آداب وأحكام
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» آداب العيدين
» حكم صلاة العيدين
»  ثلاث مسائل فقهية - في حكم صلاة العيدين
» هديه صلى الله عليه وسلم في صلاة العيدين
» العيد: الفطر والأضحى.. آداب وأحكام

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers :: (العربي) :: فـضــــائل الـشهـــور والأيـــام :: صـــــلاة الـعـيــديـن آداب وأحـكـــــام-
انتقل الى: