أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| موضوع: سورة محمد الآية رقم 18 الجمعة 13 يناير 2023, 10:07 pm | |
| فَهَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ ٱلسَّاعَةَ أَن تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً فَقَدْ جَآءَ أَشْرَاطُهَا فَأَنَّىٰ لَهُمْ إِذَا جَآءَتْهُمْ ذِكْرَٰهُمْ ١٨ خواطر محمد متولي الشعراوي الحديث هنا عن الكافرين الذين لا يلتفتون إلى أدلة وجود الله في الكون، ولا إلى معجزات الرسل فيؤمنون بهم ويصدقونهم، ولا إلى أحكام الله فيعملون بها، هؤلاء القوم ماذا ينتظرون؟ {فَهَلْ يَنظُرُونَ..} [محمد: 18] أي: ينتظرون {إِلاَّ ٱلسَّاعَةَ..} [محمد: 18] الساعة بالنسبة لهم يعني الموت، لأن الزمن ينتهي بالنسبة للإنسان بالموت، فمَنْ مات قامت قيامته، والمرء لا يعرف أجله ولا متى يموت، لأن الله أخفاه واحتفظ به لنفسه سبحانه، فلا يطلع عليه أحد. إذن: طول العمر وقصره نحن لا دخْلَ لنا به، ولا نتحكم فيه، لأنه متروك لمن بيده الأعمار والآجال، لكن بيدك عرضه بأنْ تشغل عمرك بعمل الخير، وتوسِّع دائرة الخير في حياتك وتنفع الآخرين، كما يمكنك أنْ تضيف لحياتك بُعداً آخر، بأن تفعل من الخير ما يبقى ذكراً لك بعد موتك، وذُخْراً لك عند ربك. فإذا علمتَ أن العمر نفسٌ يدخل ولا يخرج، أو طرفة عين لا تعود كنت على حذر من أنْ تموت على معصية الله، على حذر من أنْ تؤخر التوبة أو تسوِّف فيها، لأنك لا تضمن متى يداهمك الموت. فحين تسمع نداء الصلاة قُمْ ولبِّ النداء، ولا تقل الوقت طويل، وسوف أصلي، معك مال وتقدر أنْ تحج لا تقل أحج العام القادم، لأنك إذا كنتَ لا تضمن عمرك لحظة، فكيف تضمنه بعد عام؟ صحيح ليس في تأخير هذه الأعمال عقوبة لكن يفوتك بالتأخير فضل الصلاة لوقتها وفضل الجماعة. لذلك ورد في الحديث الشريف: "اعمل لدنياك كأنك تعيش أبداً، واعمل لآخرتك كأنك تموت غداً". البعض فهم من الحديث "اعمل لدنياك" أي: ما يكفيك طوال العمر، لكن المراد بالعمل هنا: اعمل للدنيا على رسلك ولا تستغرق فيها، وما فاتك منها اليوم تدركه غداً. يعني على مهل ولا تأخذ المسألة من أول صفقة. والذي يُعاب في السَّعي من أجل الدنيا أنْ تستحوذ الدنيا على كلِّ اهتمامك وتأخذ كل وقتك وتريدها على عجل. والأخطر من ذلك أن نستعين بالنعمة وبالمال على المعصية أو نروج السلعة بشيء محرم شرعاً، فتنقلب النعمة في أيدينا إلى نقمة. لذلك يقول تعالى: { أَلَمْ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ بَدَّلُواْ نِعْمَتَ ٱللَّهِ كُفْراً.. } [إبراهيم: 28] ككثيرات من بناتنا الآن نراهن كايسات عاريات يُظهرنَ ما حباهن الله من جمال، وبدل أنْ تشكر النعمة بصيانتها تَكْفُرها بتبرجها. وياليت الضال يضل في نفسه، أنما الأدهى من ضلاله أنْ يكون مثالاً لغيره فتشيع الفتنة في المجتمع، لذلك يقول تعالى في تتمة الآية: { وَأَحَلُّواْ قَوْمَهُمْ دَارَ ٱلْبَوَارِ } [إبراهيم: 28] ما هي دار البوار؟ { جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا وَبِئْسَ ٱلْقَرَارُ } [إبراهيم: 29]. فهذه الفتن تعصف بالشباب خاصة في مراحل المراهقة وعدم وجود فرصة عمل وهم ما يزالون عالة على أهاليهم، لذلك نقول لبناتنا: أتقين الله فالشباب معذور غلبان كفاه أنْ يدافع سُعار المراهقة، فلا تُهيجنَّ فيه سعاراً جديداً بما تفعلْنَ من التبرج والسُّفور وعدم التحشم. وأذكر مرة أنهم أرادوا أنْ يكرموا أحد رجالهم البارزين فأقاموا له حفلاً وأحضروا فيه الراقصات وما إلى ذلك، فقلت: سبحان الله أهكذا يكون تكريم البارزين عندنا، ثم أمسكت بصاحبنا وقت له (يا سلام الرقص الليلة كان حلواً، فالبنت كانت (تتشخلع) بورع وتتثنَّى بتقوى)!! إيه حكايتكم بالضبط؟ نعم: { { وَأَحَلُّواْ قَوْمَهُمْ دَارَ ٱلْبَوَارِ } [إبراهيم: 28]. وقوله تعالى: {أَن تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً..} [محمد: 18] يعني: فجأة {فَقَدْ جَآءَ أَشْرَاطُهَا..} [محمد: 18] أي: علاماتها وسماتها المميزة لها المنذرة بقربها، وقد ذكر لنا سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم طرفاً من هذه العلامات، فقال: "نساء كاسيات عاريات مميلات مائلات رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها، وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا". صحيح، فالرأس على شكل (مش عارف إيه والشفايف حمَّروها)، والحواجب دقَّقوها..إلخ، يُغيِّرنَ خَلْق الله ويستعنَّ بنعمة الله على معصية الله، وهذه من علامات الساعة. لذلك نسأل الله الهداية لبناتنا، وأنْ تحفظ كُلٌّ منهن جمالها، وأنْ تجعل حمد الله على النعمة طاعةً له سبحانه، وألاَّ تجعل نعمة الله عليها مُسمَّمة بمعصيته وأقول لأولياء الأمور: اتقوا الله في البنات ولا تضطروهن للعمل في الإعلانات الخليعة لأنها محرمة، ومَنْ يأكل منها إنما يأكل سُحْتاً من حرام. كذلك من أشراط الساعة التي أخبر بها سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم "إذا رأيت شُحاً مطاعاً، وهَوى مُتبعاً، وإعجابَ كل ذي رأي برأيه فانتظر الساعة". وقال: "إذا وُسِّد الأمر لغير أهله فانتظر الساعة" وغير ذلك من العلامات. وقوله سبحانه: {فَأَنَّىٰ لَهُمْ إِذَا جَآءَتْهُمْ ذِكْرَٰهُمْ} [محمد: 18] يعني: كيف أو من أين لهم التذكُّر وقد فات أوانه وباغتتهم القيامة، أنّى لهم التذكر، وأنّى لهم أنْ يستأنفوا عملاً صالحاً.
ثم يختمها بقضية القضايا التي إنْ صَلُحَتْ صَلُح للإنسان كلُّ شيْ، فيقول: {فَٱعْلَمْ أَنَّهُ لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ ٱللَّهُ...}.
|
|