أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52683 العمر : 72
| موضوع: سورة الكهف الثلاثاء 18 أكتوبر 2022, 4:40 pm | |
| سورة الكهف (830) وَسَكْتَةُ حَفْصٍ دُونَ قَطْعٍ لَطِيفَةٌ عَلَى أَلِفِ التَّنْوِينِ فِي عِوَجاً بَلاَ قال صاحب التيسير قرأ حفص عوجا يسكت على الألف سكتة لطيفة من غير قطع ولا تنوين ثم يقول قيما وقال مكي كان حفص يقف على عوجا وقفة خفيفة في وصله، قلت فهذا معنى قوله دون قطع أي دون قطع نفس لأنه في وقفه واصل وغرضه من ذلك إيضاح المعنى لئلا يتوهم أن قيما نعت عوجا وإنما قيما حال من الكتاب المنزل أو منصوب بفعل مضمر أي جعله قيما ولما التزم صورة الوقف لأجل ذلك لزمه أن يبدل من التنوين ألفا يقف عليها لأن التنوين لا يوقف عليه فهذا معنى قوله على ألف التنوين أي على الألف المبدلة من التنوين وفي ذلك نظر فإنه لو وقف على التنوين لكان أدل على غرضه وهو أنه واقف بنية الوصل وكثير من المصنفين كالأهوازي وابن غلبون يقولون نقف على عوجا ولا يذكرون إبدال التنوين ألفا وقال الأهوازي ليس هو وقفا مختارا لأن في الكلام تقديما وتأخيرا معناه أنزل على عبده الكتاب قيما ولم يجعل له عوجا ومعنى بلا اختبر وفاعله ضمير عائد إلى حفص ثم قال (831) وَفِي نُونٍ مَنْ رَاق وَمَرْقَدِناَ وَلاَمِ بَلْ رَانَ وَالْبَاقُونَ لاَ سَكْتَ مُوصَلاَ أي وسكت في هذه المواضع الثلاثة أيضا أحدها النون من - من راق - في سورة القيامة لما اندغمت النون في الراء بغير غنة وقف على - من - ليعلم أنهما كلمتان وليست اللفظة على وزن فعال وكذا الكلام في لام (بل ران على قلوبهم) وأما (من بعثنا من مرقدنا) فوقف على مرقدنا لئلا يتوهم أن هذا الذي بعده صفة للمرقد وإنما هو مبتدأ قال مكي ولو اختار متعقب الوقف على عوجا وعلى - مرقدنا - لجميع القراء لكان ذلك حسنا لأنه يفرق بين معنيين فهو تمام مختار الوقف عليه قال وقرأ الباقون ذلك كله بغير وقف مروي عنهم لأنه متصل في الخط والإدغام فرع ولا كراهة فيه ولو لزم الوقف على اللام والنون ليظهر للزم في كل مدغم فهذا معنى قول الناظم والباقون لا سكت وموصلا نعت لسكت أي لا سكت لهم منقولا عنهم موصلا إلينا وقال الشيخ موصلا نصب على الحال أي في حال إيصال المذكور في المواضع المذكورة بما بعده قال المهدوي وكان يلزم حفصا مثل ذلك في ما شاكل هذه المواضع وهو لا يفعله فليس لقراءته وجه من الاحتجاج يعتمد عليه إلا اتباع الرواية قلت أولى من هذه المواضع بمراعاة الوقف عليها - ولا يحزنك قولهم إن العزة لله جميعا - فينبغي الوقف على قولهم لئلا يتوهم أن ما بعده هو المفعول وكذا - أنهم أصحاب النار - الذين يحملون العرش - ينبغي الاعتناء بالوقف على النار ثم يبتدأ بما بعده لئلا يوهم الصفة ولذلك نظائر والله أعلم. (832) وَمِنْ لَدْنِهِ في الضَّمِّ أَسْكِنْ مُشِمَّهُ وَمِنْ بَعْدِهِ كَسْرَانِ عَنْ شُعْبَةَ اعْتَلاَ أي أسكن ضم الدال في حال كونك مشمه فالهاء في مشمه للضم والكسران في النون والهاء وهذا معنى قول صاحب التيسير قرأ أبو بكر - من لدنه - بإسكان الدال وإشمامها شيئا من الضم وبكسر النون والهاء ويصل الهاء بياء وكذا قال صاحب الروضة إشمامها شيئا من الضم وصرح الأهوازي فقال باختلاس ضمة الدال وأما مكي فقال الإشمام في هذا إنما هو بعد الدال لأنها ساكنة فهي بمنزلة دال زيد المرفوع في الوقف وليس بمنزلة الإشمام في - سيئت - وقيل لأن هذا متحرك ولم يذكر الشيخ في شرحه غير هذا القول فقال حقيقة هذا الإشمام أن يشير بالعضو إلى الضمة بعد إسكان الدال ولا يدركه الأعمى لكونه إشارة بالعضو من غير صوت قال أبو علي وهذا الإشمام ليس في حركة خرجت إلى اللفظ وإنما هو تهيئة العضو لإخراج الضمة ليعلم أن الأصل كان في الدال الضمة فأسكنت كما أسكنت الباء في سبع والكسر من النون لالتقاء الساكنين وكسرت الهاء بعدها لأجل كسرة النون نحو به ومن أجله (833) وَضُمَّ وَسَكِّنْ ثُمَّ ضُمَّ لِغَيْرِهِ وَكُلُّهُمْ فِي الْهَا عَلَى أَصْلِهِ تَلاَ أي ضم الدال وسكن النون ثم ضم الهاء لغير شعبة وأما حكم الهاء في الضم والكسر والصلة فعلى ما عرف من أصولهم في باب هاء الكناية فتكسر الهاء وتصلها بياء في قراءة شعبة لأجل كسر ما قبلها وتضم الهاء في قراءة غيره لعدم الكسر قبلها وابن كثير وحده يصلها بواو كما يقرأ - منهو - و - عنهو - والباقون يضمون ولا يصلون كما يقرءون - منه - وعنه (834) وَقُلْ مِرْفَقاً فَتْحٌ مَعَ الْكَسْرِ (عَمَّـ)ـهُ وَتَزْوَرُّ لِلشَّامِي كَتَحْمَرُّ وُصِّلاَ أي عم مرفقا فتح في الميم مع الكسر في الفاء والباقون بعكس ذلك كسروا الميم وفتحوا الفاء وهما لغتان في مرفق اليد وفيما يرتفق به وقيل هما لغتان فيما يرتفق به وأما مرفق اليد فبكسر الميم وفتح الفاء لا غير - وتزور - ظاهر (835) وَتَزَّاوَرُ التَّخْفِيفُ فِي الزَّايِ (ثَـ)ـاِبت (وَحِرْمِيُّـ)ـهُمْ مُلِّئْتَ فِي الَّلامِ ثَقِّلاَ أصله تتزاور فمن شدد أدغم التاء الثانية في الزاي ومن خفف حذفها كما مضى في نحو - تنزل الملائكة - وتذكرون - وهما وقراءة ابن عامر سواء الكل بمعنى العدول والانحراف والتخفيف والتشديد في - ملئت - لغتان ففي التشديد تكثير (836) بَوَرْقِكُمُ الإِسْكَانُ (فِـ)ـي (صَـ)ـفْوِ (حُـ)ـلْوِهِ وَفِيهِ عَنِ الْبَاقِينَ كَسْرٌ تَأَصَّلا يعني أن الأصل كسر التاء والإسكان تخفيف نحو كبد وفخذ - والورق الفضة ويقال له الرقة أيضا (837) وَحَذْفُكَ لِلتَّنْوِينِ مِنْ مِائَةٍ شَفَا وَتُشْرِكْ خِطَابٌ وَهْوَ بِالْجَزْمِ (كُـ)ـمِّلاَ يريد ثلاثمائة سنين من حذف التنوين من مائة أضافها إلى سنين كما يقال ثلاثمائة سنة وإنما أوقع الجمع موقع المفرد كقوله تعالى - (بالأخسرين أعمالا)، وقال الفرزدق، (ثلاث مئين للملوك وفابها داري)، وقال آخر، (وخمس ميء منها قسى وزائف)، ونحو ذلك نحو قول عنترة، (فيها اثنتان وأربعون حلوبة سودا....)، فلفظ الحلوبة يستعمل للواحد والجمع فلما وصفها هنا بالجمع في قوله سود أشعر ذلك بأنه استعملها جمعا فيكون التمييز بالجمع في موضع المفرد وهو الأصل بدليل أن مميز العشرة فما دونها مجموع وإنما أفرد فيما عدا ذلك اختصارا لما كثر المعدود قال الفراء من العرب من يضع سنين في موضع سنة وأما من نون ثلاثمائة فسنين عنده إما تمييز منصوب كقوله إذا عاش الفتى مائتين عاما ووجه جمعها ما سبق وإما أن يكون عطف بيان أو بدلا من ثلاث فهو على هذه الأوجه منصوب وإما أن يكون عطف بيان أو بدلا من مائة فيكون مجرورا وقيل البدل أجود من عطف البيان لأن عطف البيان من النكرة غير سائغ عند البصريين أي ولبثوا في كهفهم سنين ثلاث مائة قال الزجاج سنين عطف على ثلاث عطف البيان والتوكيد قال وجائز أن يكون سنين من نعت المائة وهو راجع في المعنى إلى ثلاث كما قال، (فيها اثنتان وأربعون حلوبة سودا...)، فجعل سودا نعتا لحلوبة وهو في المعنى نعت لجملة العدد وكذا قال أبو جعفر النحاس الخفض رد على مائة لأنها بمعنى مائتين وقال الفراء من نون وهو يريد الإضافة نصب سنين بالتفسير للعدد ونقل الزمخشري في مفصله عن أبي إسحاق أنه قال لو انتصب سنين على التمييز لوجب أن يكونوا قد لبثوا تسع مائة سنة فكأنه قصد بذلك الرد على الفراء وهو غير لازم لأن قراءة الإضافة لا تشعر بذلك وسنقرر ذلك في شرح النظم إن شاء الله وأما - ولا تشرك في حكمه أحدا فقراءة ابن عامر بلفظ النهي وهو ظاهر وقراءة الباقين على الإخبار على لفظ الغيبة أي ولا يشرك الله أحدا في حكمه وقوله خطاب أي ذو خطاب والله أعلم. (838) وَفِي ثُمُر ضَمَّيْهِ يَفْتَحُ عَاصِمٌ بِحَرْفَيْهِ وَاْلإِسْكَانُ فِي الْمِيمِ حُصِّلاِ معنى الكلام في ثمر بضم الثاء والميم وفتحهما في سورة الأنعام وزاد هنا إسكان الميم تخفيفا وكل ذلك لغات وقوله بحرفيه بمعنى موضعيه في هذه السورة وكان له - ثمر وأحيط بثمره - وقد تقدم ذكر الذي في يس في سورة الأنعام فثمر بضمتين جمع ثمار وثمار جمع ثمرة وثمر بفتحتين جمع ثمرة كبقر في جمع بقرة وثمر بسكون الميم جمع ثمرة أيضا كبدنة وبدن ويجوز أن يكون مخففا من مضموم الميم الذي هو جمع ثمار ويجوز أن يكون المضموم الميم مفردا كعنق وطنب وقيل الثمرة بالضم المال وبالفتح المأكول وقيل يقال في المفرد ثمرة بضم الميم كسمرة والله أعلم. (839) وَدَعْ مِيمَ خَيْراً مِنْهُمَا (حُـ)ـكْمُ (ثَـ)ـابِتٍ وَفِي الْوَصْلِ لكِنَّا فَمُدَّ (لَـ)ـهُ (مُـ)ـلاَ يريد خيرا منهما منقلبا أي من الجنتين ومنها على إسقاط الميم رد على قوله - ودخل جنته - والميم ساقطة في الرسم من مصاحف العراق دون غيرها وعلى ذلك قراءة الفريقين وحكم ثابت بالضم على تقدير هو حكم ثابت ويجوز نصبه على أنه مصدر مؤكد نحو - صبغة الله - وصنع الله وأما - لكنا هو الله - فأجمعوا على إثبات ألفه في الوقف واختلفوا في الوصل فأثبتها ابن عامر إجراء للوصل مجرى الوقف وحذفها الباقون لأن هذه الألف هي ألف أنا وقد تقدم في سورة البقرة أنها تحذف في الوصل دون الوقف ونافع أثبتها وصلا وقيل الهمزة خاصة قالوا وأصل هذه الكلمة لكن أنا بإسكان النون من لكن وبعدها ضمير المتكلم منفصلا مرفوعا وهو أنا فألقيت حركة همزة أنا على نون لكن فانفتحت وحذفت الهمزة فاتصلت النونان فأدغمت الأولى في الثانية وحذفت ألف أنا في الوصل على ما عرف من اللغة وثبت في الوقف وخرجوا على هذا التقدير قول الشاعر، (وتقلينني لكن إياك لا أقلي)، أي لكن أنا قال الزجاج إثبات ألف أنا في الوصل شاذ ولكن من أثبت فعلى الوقف كما يثبت الهاء في قوله - ماهيه - و - كتابيه - ، وأجاز أبو علي أن يكون الضمير المتصل بلكن مثل المنفصل الذي هو نحن نحو لم يعننا فأدغمت نون لكن فيها فالألف ثابتة وقفا ووصلا لأن ألف فعلنا لا تحذف قال وعاد الضمير على الضمير الذي دخلت عليه لكن على المعنى ولو عاد على اللفظ لكان لكنا هو الله ربنا قال الزجاج فأما - لكنا هو الله ربي - فهو الجيد بإثبات الألف لأن الهمزة قد حذفت من أنا وصار إثبات الألف عوضا من الهمزة قال وقريء - لكن بإسكان النون ولكنن - بنونين بلا إدغام لأن النونين من كلمتين - ولكننا بنونين وألف قال والجيد البالغ ما في مصحف أبي - لكن أنا هو الله ربي فهذا هو الأصل وجميع ما قريء به جيد بالغ ولا أنكر القراءة بهذا والأجود اتباع القراءة ولزوم الرواية فإن القراءة سنة وكلما كثرت الرواية في الحرف وكثرت به القراءة فهو المتبع وما جاز في العربية ولم يقرأ به قاريء فلا نقر أن به فإن القراءة به بدعة وكل ما قلت به الرواية وضعف عند أهل العربية فهو داخل في الشذوذ فلا ينبغي أن يقرأ به قال أبو عبيد وكتبت - لكنا - يعني بألف قال هكذا ورأيتها في المصحف الذي يقال إنه الإمام مصحف عثمان والفاء في قوله فمد زائدة وملا جمع ملاءة أشار إلى حججه وعلله وقد سبق تفسيره (840) وَذَكِّرْ تَكُنْ (شَـ)ـافٍ وَفِي الْحَقِّ جَرُّهُ عَلَى رَفْعِهِ (حَـ)ـبْرٌ (سَـ)ـعِيد (تَـ)ـأَوَّلاَ يريد - ولم تكن له فئة - تذكير الفعل وتأنيثه ظاهران وأما هنالك الولاية لله الحق - فجر الحق على أنه صفة لله ورفعه على أنه صفة للولاية والحق مصدر فالوصف به على تقدير ذي الحق وذات الحق ويشهد لقراءة الجر قراءة ابن مسعود -رضي الله عنه- هنالك الولاية لله وهو الحق - وقوله تعالى - ثم ردوا إلى الله مولاهم الحق - ويشهد لقراءة الرفع قراءة أبي هنالك الولاية الحق لله وقوله سبحانه - الملك يومئذ الحق للرحمن - قال الفراء والولاية الملك ولو نصب الحق على معنى حقا كان صوابا قال أبو علي ومعنى وصف الولاية بالحق أنه لا يشوبها غيره ولا يخاف فيها ما في سائر الآيات من غير الحق وقول الناظم وفي الحق جره مبتدأ وخبره ثم استأنف على رفعه حبر أي عالم سعيد نعت حبر تأول للرفع ما ذكرناه والله أعلم. (841) وَعُقْباً سُكُونُ الضَّمِّ (نَـ)ـصُّ (فَـ)ـتىً وَيَا نُسَيِّرُ وَالَى فَتْحَهَا (نَفَرٌ) مَلاَ يريد - وخير عقبا ضم القاف وإسكانها لغتان وهي العاقبة والعقبى والعقبة ومعناها الآخرة وأما - ويوم نسير الجبال - فقرأه على البناء للمفعول نفر ملا وهو جمع ملى وهو الثقة ثم ذكر تمام تقييد القراءة فقال (842) وَفِي النُّونِ أَنِّثْ وَالْجِبَالَ بِرَفْعِهِمْ وَيَوْمُ يقُولُ النُّونُ حَمْزَةُ فَضَّلاَ أنث أي اجعل دلالة التأنيث موضع النون وهي التاء وإنما نص على النون لتعلم قراءة الباقين ولو لم يذكر ذلك لأخذ التذكير ضدا للتأنيث ورفع الجبال لأنه مفعول فعل ما لم يسم فاعله وقرأ الباقون بالنون وكسر الياء ونصب الجبال لأنه مفعول فعل مسند للفاعل وقد صرح بمعنى ا لقراءة الأولى في (وسيرت الجبال فكانت سرابا) - (وإذا الجبال سيرت)، وقد نسب السير إلى الجبال في يوم تمور السماء مورا وتسير الجبال سيرا ويقوى النون في نسير قوله تعالى بعده - وحشرناهم فلم نغادر - والضمير في برفعهم عائد على نفر - ويوم يقول نادوا شركائي - الياء فيه لله تعالى والنون للعظمة وفضلها حمزة فقرأ بها (843) لِمَهْلَكِهِمْ ضَمُّوا وَمَهْلِكَ أَهْلِهِ سِوى عَاصِمٍ وَالْكَسْرُ فِي الْلاَّمِ (عُـ)ـوِّلاَ يريد ضم الميم في وجعلنا لمهلكهم موعدا (ما شهدنا مهلك أهله) في سورة النمل وكلهم سوى عاصم ضموا الميم وفتحوا اللام لأنه يعني الإهلاك وفعله أهلك نحو - (ولقد أهلكنا القرون من قبلكم) وعاصم فتح الميم فيكون من الهلاك وفعله هلك والمصدر مضاف إلى الفاعل وعلى قراءة الضم إلى المفعول ويجوز أن يكون المفتوح الميم بمعنى المضموم فقد قيل إن هلك استعمل لازما ومتعديا نحو رجع ورجعته وفتح اللام مع فتح الميم قراءة أبي بكر عن عاصم وهي أشيع اللغتين وكسر اللام رواية حفص عن عاصم ونظيره مرجع ومحيض والفتح هو الباب والقياس ومعنى عول جوز أي عول عليه (844) وَهَا كَسْرِ أَنْسَانِيهِ ضُمَّ لِحَفْصِهِمْ وَمَعْهُ عَلَيْهِ اللهَ فِي الْفَتْحِ وَصَّلاَ أضاف ها إلى الكسر لما كان الكسر فيها وقصرها ضرورة ويجوز أن يكون من باب القلب لأمن الإلباس أراد وكسر هاء - أنسانيه - ضم والضم هو الأصل في هاء الضمير على ما سبق تقريره في باب هاء الكناية وهذا حكم من أحكام ذلك الباب ومثله ما يأتي في أول طه (لأهله امكثوا)، ووجه الكسر فيهما مجاورة الهاء للياء الساكنة والكسرة نحو فيه وبه وقوله في آخر البيت وصلا ذكره الشيخ بفتح الواو والصاد أي وصله حفص بما قبله وبضم الواو وكسر الصاد أي وصل ذلك ونقل له (845) لِتُغْرِق فَتْحُ الضَّمِّ وَالْكَسْرِ غَيْبَةً وَقُلْ أَهْلَهَا بِالرَّفْعِ (رَ)اوِيهِ (فَـ)ـصَّلاَ يعني فتح ضم الياء وكسر الراء وغيبة حال أي ذا غيبة وفتح خبر - لتغرق - أي هو مفتوح الضم والكسر في حال غيبته أي بالياء مكان التاء أسند الفعل إلى الأهل فارتفع الأهل بالفاعلية أي ليغرقوا، وفي القراءة الأخرى أسند الفعل إلى المخاطب فانتصب أهلها على أنه مفعول به واللام في ليغرق لام العاقبة على القراءتين ومعنى فصل بين والله أعلم. |
|
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52683 العمر : 72
| موضوع: رد: سورة الكهف الثلاثاء 18 أكتوبر 2022, 4:40 pm | |
| (846) وَمُدَّ وَخَفِّفْ يَاءَ زَاكِيَةً (سَـ)ـمَا وَنُونَ لَدُنِّي خَفَّ (صَـ)ـاحِبُهُ إِلَى أراد - نفسا زاكية - وكلتا القراءتين ظاهرة الزاكي والزكي واحد ومثل هاتين القراءتين ما سبق في المائدة قاسية - وقسية - وقوله - قد بلغت من لدني عذرا - تشديد نونه من جهة أن نون - لدن - ساكنة الحق بها نون الوقاية لتقي نونها من الكسر الواجب قبل ياء المتكلم في الحروف الصحيحة كما فعل ذلك في من وعن محافظة على سكونها فاجتمع نونان فأدغمت نون لدن في نون الوقاية ونافع لم يلحق نون الوقاية فانكسرت نون لدن وإذا كان قد حذفها من - أتحاجوني - وتبشرون - مع كونها قد اتصلت بنون رفع الفعل فحذفها من هذا أولى وإلى في آخر البيت واحد الآلاء وهي النعم قال الجوهري واحدها ألى بالفتح وقد تكسر وتكتب بالياء مثاله معي وأمعاء وإعراب صاحبة مبتدأ وإلى خبره أي ذو إلى أي ذو نعمة ويجوز أن يكون صاحب فاعل خف وإلى حال أي ذا نعمة ثم بين قراء أبي بكر فقال (847) وَسَكِّنْ وَأَشْمِمْ ضَمَّةَ الدَّالِ (صَـ)ـادِقاً تَخِذْتَ فَخَفِّفْ وَاكْسِرِ الْخَاءَ (دُ)مْ (حُـ)ـلاَ أي سكن الدال تخفيفا كما تسكن عضد وسبع وأهل هذه اللغة يكسرون نون لدن لالتقاء الساكنين فلم يحتج شعبة إلى إلحاق نون الوقاية لأن نون لدن مكسورة فلهذا جاءت قراءته بتخفيف النون وأما إشمامه ضمة الدال فللدلالة على أن أصلها الضم وفي حقيقة هذا الإشمام من الخلاف ما سبق في من لدنه في أول السورة وصرح ابن مجاهد هنا بما صرح به صاحب التيسير ثم فقال يشم الدال شيئا من الضم وقال هناك بإشمام الدال الضمة وفسره أبو علي بأنه تهيئة العضو لإخراج الضمة وصاحب التيسير قال هنا أبو بكر بإسكان الدال وإشمامها الضم وتخفيف النون وقال هناك وإشمامها شيئا في الضم ونقل الشيخ في شرحه عنه أنه قال يجوز أن يكون هنا الإشارة بالضمة إلى الدال فيكون إخفاء لا سكونا ويدرك ذلك بحاسة السمع وقال الشيخ يشمها الضم على ما تقدم في - من لدنه - من الإشارة بالعضو، قلت وجه اختلاس الضمة هنا أظهر منه هناك من جهة أن كسر النون هناك إنما كان لالتقاء الساكنين فلو لم تكن الدال ساكنة سكونا محضا لم يحتج إلى كسر النون وبقيت على سكونها وهنا كسر النون لأجل إيصالها بياء المتكلم كما أن نافعا يكسرها مع إشباعه لضمة الدال غير أن الظاهر أن قراءته في الموضعين واحدة وقد بان أن الصواب ثم الإشارة بالعضو فكذا هنا والله أعلم.، وأما لتخذت عليه أجرا - فخفف التاء وكسر الخاء ابن كثير وأبو عمرو فيكون الفعل تخذ مثل علم قال أبو عبيد هي مكتوبة هكذا وهي لغة هذيل وقرأ الباقون بتشديد التاء وفتح الخاء فيكون الفعل اتخذ نحو - اتخذوا أيمانهم جنة - واتخذوا آياتي ورسلي هزوا - وذلك كثير في القرآن ماضيه ومضارعه نحو - ومن الناس من يتخذ - وتلك اللغة لم يأت مضارعها في القرآن ولا ماضيها في غير هذا الموضع وإعراب قوله دم حلا كإعراب دم يدا أي ذا حلا أو يكون تمييزا نحو طب نفسا والله أعلم. (848) وَمِنْ بَعْدُ بِالتَّخْفِيفِ يُبْدِلَ هَاهُنَا وَفَوْقَ وَتَحْتَ الْمُلْكِ (كَـ)ـافِيهِ (ظَـ)ـلَّلاَ أي من بعد لتخذت - أن يبدلهما ربهما - وفوق الملك وتحتها يعني سورتي التحريم ونون - أن يبدله أزواجا، (عسى ربنا أن يبدلنا)، فحذف الناظم المضاف إليه بعد فوق اكتفاء بذكره له بعد تحت ومثله بين ذراعي وجبهة الأسد قال أبو علي بدل وأبدل يتقاربان في المعنى كما أن نزل وأنزل كذلك إلا أن بدل ينبغي أن يكون أرجح لما جاء في التنزيل من قوله (لا تبديل لكلمات الله)، ولم يجيء فيه الإبدال وقال - وإذا بدلنا آية مكان آية (فبدل الذين ظلموا) - (وبدلناهم بجنتيهم جنتين)، وسيأتي ذكر الخلاف في الذي في سورة النور (وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا)، قال الشيخ والهاء في كافيه عائدة على يبدل بالتخفيف في المواضع الثلاثة وإنما ظلل لأنه بإجماع من أهل للعربية لا مطعن فيه لأنه في المواضع الثلاثة تبديل الجوهرة بأخرى وإنما تكلم النحاة في قراءة التشديد لأنهم زعموا أن التشديد إنما يستعمل في تغير الصفة دون الجوهر، قلت هذا قول بعضهم وليس بمطرد وقد رده أبو علي وقال المبرد يستعمل كل واحد منهما في مكان الآخر والله أعلم. (849) فَأَتْبَعَ خَفِّفْ فِي الثَّلاَثَةِ (ذَ)اكِراً وَحَامِيَةً بِالْمَدِّ (صُحْبَتُـ)ـهُ (كَـ)ـلاَ أي خفف الباء من - فأتبع سببا حتى إذا بلغ مغرب الشمس - ثم أتبع سببا حتى إذا بلغ مطلع الشمس - ثم أتبع سببا حتى إذا بلغ بين السدين - فهذا معنى قوله في الثلاثة والأولى أن يقرأ أول بيت الشاطبي وأتبع خفف بالواو وتكون الواو للعطف أنث للفصل ويقع في كثير من النسخ فأتبع بالفاء وليس جيدا إذ ليس الجميع بلفظ فأتبع بالفاء إنما الأول وحده بالفاء والآخران خاليان منهما ولم ينبه على قطع الهمزة ولا بد منه فليته قال وأتبع كل اقطع هنا خفف ذاكر أي كله وذهب التنوين لالتقاء الساكنين والتخفيف والتشديد لغتان وهما بمعنى تبع كعلم قال الله تعالى (فمن تبع هداي)، في البقرة وقال في طه (فمن اتبع) وقال (فأتبعه شهاب ثاقب) - (فأتبعوهم مشرقين)، وهذه المواضع مجمع عليها واختلف هنا وفي الذي في آخر الأعراف والشعراء وقيل اتبع يتعدى إلى لمفعولين بدليل (وأتبعناهم في هذه الدنيا لعنة)، فالتقدير أتبع أمره سببا وقيل اتبع الحق واتبع بمعنى واختار أبو عبيد قراءة التشديد قال لأنها من المسير إنما هي افتعل من قولك تبعت القوم وأما الأتباع بهمز الألف فإنما معناه اللحاق كقولك (فأتبعوهم مشرقين - فأتبعه شهاب)، ونحوه واختار الفراء قراءة التخفيف فقال أتبع أحسن من اتبع لأن اتبعت الرجل إذا كان يسير وأنت تسير وراءه فإذا قلت اتبعته فكأنك قفوته قال أبو جعفر النحاس وغيره الحق أنهما لغتان بمعنى السير فيجوز أن يكون معه اللحاق وأن لا يكون، قلت ومعنى الآية - وآتيناه من كل شيء أي من أسباب كل شيء أراده من أغراضه ومقاصده في ملكه سببا طريقا موصلا إليه والسبب ما يتوصل به إلى المقصود من علم أو قدرة وآلة فأراد بلوغ المغرب (فأتبع سببا)، يوصله إليه (حتى بلغ)، وكذلك أراد بلوغ المشرق (فأتبع سببا)، وأراد بلوغ السدين (فأتبع سببا)، هذه عبارة الزمخشري في ذلك وقال أبو علي (وآتيناه من كل شيء)، بالخلق إليه حاجة سببا أي علما ومعونة له على ما مكناه فيه فاتجه في كل وجه وجهناه له وأمرناه به للسبب الذي ينال به صلاح ما مكن منه وقوله (في عين حامية)، هذه القراءة بزيادة ألف بعد الحاء وبياء صريحة بعد الميم أي حارة من حميت تحمي فهي حامية قال أبو علي ويجوز أن تكون فاعلة من الحمأ فخففت الهمزة بقلبها ياء محضة قلت لأنها مفتوحة بعد مكسورة فإبدالها ياء وهو قياس تخفيفها على ما سبق في باب وقف حمزة وفي هذا الوجه جمع بين معنى القراءتين كما يأتي ثم تمم الكلام في بيان هذه القراءة في البيت الآتي وأخبر عن لفظ صحبة بقوله كلا أي حفظ كما أخبر عنها فيما تقدم بقوله تلا وفي موضع آخر ولا لأنه مفرد (850) وَفِي الْهَمْزِ يَاءَ عَنْهُمْ وَ(صِحَابُـ)ـهُمْ جَزَاءُ فَنَوِّنْ وَانْصِبِ الرَّفْعَ وَأَقْبَلاَ فالقراءة الأخرى بالقصر والهمز حمئة أي فيها الحمأة وهو الطين الأسود، وروي أن معاوية سأل كعبا أين تجد الشمس تغرب في التوراة، فقال في ماء وطين وفي رواية في حمأة وطين وفي أخرى في طينة سوداء أخرجهن أبو عبيد في كتابه وروى في شعر تبع في ذي القرنين، (فرأى مغيب الشمس عند مائها في غير ذي خلب دثاط حرمد)، أي في عين ماء ذي طين وحمأ أسود قال الزجاج يقال حميت البئر فهي حمئة إذا صار فيها الحمأة، ومن قرأ حامية بغير همز أراد حارة قال وقد تكون حارة ذات حمأة يعني جمعا بين القراءتين، وقرأ مداول صحاب (فله جزاء الحسنى) أي فله الحسنى جزاء فجزاء مصدر منصوب في موضع الحال، المعنى فله الحسنى مجزية أو مجزيا بها، والمراد بالحسنى على هذه القراءة الجنة وقرأ الباقون بإضافة جزاء إلى الحسنى، قال الفراء الحسنى حسناته فله جزاؤها وتكون الحسنى الجنة ويضيف الجزاء إليها وهي هو كما قال دين القيمة ولدار الآخرة، وقال أبو علي له جزاء الخصال الحسنة التي أتاها وعملها واختار أبو عبيد قراءة النصب وقال أبو علي قال أبو الحسن هذا لا تكاد العرب تتكلم مقدما إلا في الشعر وقول الناظم وأقبلا أراد وأقبلن فأبدل من نون التأكيد الخفيفة ألفا (851) (عَلَى حَـ)ـقٍّ السُّدَّيْنِ سُدًّا (صِحَابُ حَقْقٍ الضَّمُّ مَفْتُوحٌ وَيس (شِـ)ـدْ (عُـ)ـلاَ رمز في المواضع الثلاثة لمن فتح السين فيها والفتح والضم لغتان فموضعان منها هنا حتى إذ بلغ بين السدين (على أن تجعل بيننا وبينهم سدا) والذي في يس موضعان (وجعلنا من بين أيديهم سدا ومن خلفهم سدا)، أي الضم مفتوح فيهما وفي يس ولولا أن الخلاف في السين واقع بين الضم والفتح دون الرفع والنصب لكان قوله على حق السدين وهما أنه بالضم لإطلاقه ويكون قوله الضم مفتوح مختصا بسدا ولكن ما ذكره في الخطبة من قوله وفي الرفع والتذكير والغيب مختص بالرفع والرفع غير الضم على ما سبق بيانه هنالك وشد علا من شاد البناء إذا رفعه وطلاه بالشيد وهو الجص وعلا جمع عليا أو مفرد (852) وَيَأْجُوجَ مَأْجُوجَ اهْمِزِ الْكُلَّ (نَـ)ـاصِراً وَفِي يَفْقَهُونَ الضَّمُّ وَالْكَسْرُ (شـ)ـكِّلاَ يعني بالكل هنا وفي الأنبياء وهما اسمان أعجميان لطائفتين عظيمتين قيل لا يموت الواحد منهم حتى يخلف من صلبه ألفا ومصداق هذا من الحديث الصحيح لما ذكر نعت النار، قال إن منكم واحدا ومن يأجوج ومأجوج ألفا، وقيل يأجوج اسم لذكرانهم ومأجوج اسم لأناثهم وهما على أوزان كثير من أعلام العجمة، كطالوت وجالوت وداود وهاروت وماروت فالألف فيهما كالألف في هذه الأسماء وأما همز هذه الألف فلا وجه له عندي إلا اللغة المحكية عن العجاج أنه كان يهمز العالم والخاتم وقد حاول جماعة من أئمة العربية لهما اشتقاقا كما يفعلون ذلك في نحو آدم ومريم وعيسى على وجه الرياضة في علم التصريف وإلا فلا خفاء أنها كلها أعجمية وهذه طريقة الزمخشري وغيره من المحققين، وأقرب ما قيل في اشتقاقها أن يأجوج من الأج وهو الاختلاط وسرعة العدو أو من أجيج النار فوزن يأجوج يفعول ومأجوج مفعول فيكون الهمز فيهما هو الأصل وتركه من باب تخفيف الهمز وقيل مأجوج من ماج يموج إذا اضطرب ويشهد لهذه المعاني ما وصفهم الله تعالى به فإفسادهم في الأرض على وجه القهر والغلبة يشبه تأجج النار والتهابها عاصية على موقدها وكونهم من كل حدب ينسلون يناسب سرعة العدو، وكون بعضهم يموج في بعض هو الاختلاط فالمانع لهما من الصرف هو العجمة مع العلمية وإن قيل هما عربيان فالتأنيث عوض العجمة لأنهما اسمان لقبيلتين ويفقهون بفتح الياء والقاف، أي لا يفقهون لجهلهم بلسان من يخاطبهم وبضم الياء وكسر القاف لا يفهمون غيرهم قولا لعجمة ألسنتهم فالمفعول الأول محذوف نحو (لينذر بأسا شديدا) أو الألف في شكلا للضم والكسر أي جعلا شكلا في يفقهون (853) وَحَرِّكْ بِهاَ وَالمُؤْمِنينَ وَمُدَّهُ خَرَاجاً (شَـ)ـفَا وَاعْكِسْ فَخَرْجُ (لَـ)ـهُ (مُـ)ـلاَ خراجا مفعول حرك أي بهذه السورة وبسورة المؤمنين أراد فتح الراء ومد ذلك الفتح فيصير ألفا والقراءة الأخرى بإسكان الراء لأنه ضد التحريك وإذا بطلت الحركة بطل مدها والخرج والخراج واحد كالنول والنوال، أي جعلا يخرج من الأموال فالذي هنا فهل نجعل لك خرجا والذي في المؤمنين (أم تسألهم خرجا)وقوله واعكس فخرج يعني الثاني في سورة المؤمنين (فخراج ربك خير) أي اقرأه لابن عامر وحده بالإسكان والقصر، أي ما يعطيه الله سبحانه خير مما يعطيه هؤلاء، فقد صار في حرفي المؤمنين ثلاث قراآت مدهما لحمزة والكسائي وقصرهما لابن عامر ومد الأول وقصر الثاني للباقين وأما مد الأول وقصر الثاني فلا والله أعلم. وقد مضى معنى ملا وأنه جمع ملاءة وهي الملحفة ويمكن به الحجة لأنها جبة وسترة (854) وَمَكَّنَنِي أَظْهِرْ (دَ)لِيلاً وَسَكَّنُوا مَعَ الضَّمِّ فِي الصُّدْفَيْنِ عَنْ شُعْبَةَ الْمَلاَ دليلا حال من مكنني أي أظهره دليلا على أن القراءة الأخرى بالإدغام هذا أصلها النون الأولى من أصل الفعل والثانية نون الوقاية فلما اجتمع المثلان ساغ الإدغام والإظهار ورسم في مصحف أهل مكة بنونين وفي غيره بنون واحدة فكل قراءة على موافقة خط مصحف وقال الشيخ دليلا حال من الضمير في أظهر المرفوع أو المنصوب أو على أنه مفعول، وقوله وسكنوا يعني المشايخ والرواة سكنوا الدال وضموا الصاد ناقلين ذلك عن شعبة ووجه الإسكان التخفيف لاجتماع ضمتين كما في قراءة غيره كما يأتي وأضاف شعبة إلى الملا وهم الأشراف فلهذا جره وإلا فشعبة غير منصرف كذا ذكره الشيخ في شرحه ويجوز أن يكون غير منصرف ولم يصفه إلى الملا ويكون الملا فاعل وسكنوا على لغة أكلوني البراغيث فيكون فيه من البحث ما في قوله تعالى (عموا وصموا كثير منهم)، وقوله سبحانه (وأسروا النجوى الذين ظلموا)، والملا ليس برمز مع شعبة لأن الرمز لا يجتمع مع مصرح باسمه ولكنه مشكل من جهة ما بعده فإن قوله كما حقه رمز ولا مانع من أن يكون الملا منضما إلى ذلك رمزا للقراءة الآتية إلا كونه أضاف شعبة إليه وفي ذلك نظر وكان يمكنه أن يقول عن شعبة ولا والله أعلم. (855) (كَمَا حَقُّـ)ـهُ وَاهْمِزْ مُسَكِّناً لَدَى رَدْماً ائْتُونِي وَقَبْلَ اكْسِرِ الْوِلاَ الهاء في حقه وضماه للفظ الصدفين أي إنه يستحق في الأصل ضمين هذا معنى ظاهر اللفظ وباطنه أن ابن عامر وابن كثير وأبا عمرو قرءوا بضم الصاد والدال معا والكاف في كما نحو التي في قوله تعالى (ونقلب أفئدتهم وأبصارهم كما لم يؤمنوا به)، فما بعدها علة لما قبلها في الموضعين والضمان علة الإسكان وقرأ الباقون وهم نافع وحمزة والكسائي وحفص بفتحهما فالفتح فيهما والضم لغتان والإسكان لغة ثالثة والمعنى بالصدفين ناحيتا الجبلين المرتفعين المتقابلين وقوله واهمز مسكنا أي ائت بهمزة ساكنة في لفظ ردما ائتوني وقد لفظ في نظمه بصورة القراءة المقصودة وكسر التنوين قبلها وهو المراد بقوله وقبل اكسر أي وقبل هذا الهمز الساكن اكسر ما وليه ودنا منه وهو التنوين، وإنما كسره لأنه التقى مع الهمز الساكن أي اكسر ذا الولاء يقال وإلى ولاء وفعلته على الولاء أي شيئا بعد شيء وإلى هذا هذا أي اتصل به ويقع في بعض النسخ اكسروا بضمير الجمع ولا حاجة إليه والإفراد أولى لقوله قبله واهمز ويأتي وابدأ وزد في البيتين الباقيين ووجه هذه القراءة أنها من أتى يأتي أي جيئوني بزبر الحديد وحذفت الباء فتعدى الفعل فنصب قال أبو علي ايتوني أشبه بقوله (فأعينوني بقوة)، لأنه كلفهم المعونة على عمل السد ولم يقبل الخراج الذي بذلوه له فقوله ائتوني الذي معناه جيئوني إنما هو معونة على ما كلفهم من قوله فأعينوني بقوة ثم ذكر من له هذه القراءة فقال (856) لِشُعْبَةَ وَالثَّانِي (فَـ)ـشَا (صِـ)ـفْ بِخُلْفِهِ وَلاَ كَسْرَ وَابْدَأْ فِيهِمَا الْيَاءَ مُبْدِلا الثاني قوله، قال (ائتوني أفرغ عليه)، سكن الهمزة حمزة وعن شعبة خلاف فكأنه في أحد الوجهين جمع بين القراءتين في الموضعين وهذا الموضع الثاني ليس قبله تنوين ولا ساكن غيره فلهذا قال ولا كسر إنما قبله فتحة لام قال والمعنى في الموضع الثاني كما سبق في الأول والياء محذوفة من قطرا إن كان مفعوله وإن كان قطرا مفعول أفرغ فالتقدير ائتوني بقطر أفرغه عليه فحذف الأول لدلالة الثاني عليه ولم يحتج قطرا المذكور إلى باء لأنه مفعول أفرغ فهذا بيان هذه القراءة في الموضعين في حال الوصل ثم شرع يبين الابتداء بالكلمتين على تقدير الوقف قبلها فقال وابدأ فيهما أي في الموضعين بإبدال الباء من الهمزتين لأن في كل موضع همزة ساكنة بعد كسر همزة الوصل فوجب قلبها ياء كما يفعل في ائت بقرآن فهذا معنى قوله (857) وَزِدْ قَبْلَ هَمْزِ الْوَصْلِ وَالْغَيْرُ فِيهِمَا بِقَطْعِهِمَا وَلِلْمِدِّ بَدْءاً وَمَوْصِلاَ أي قبل هذه الياء المبدلة من الهمزة الساكنة زد همزة الوصل المكسورة ليمكن النطق بالياء الساكنة قال الفراء قول حمزة صواب من وجهين يكون مثل أخذت الخطام وأخذت بالخطام ويكون على ترك الهمزة الأولى في أتوني فإذا سقطت الأولى همزت الثانية قلت لهذا وجه آخر لأن المقتضى لإبدال الثانية ألفا اجتماعها مع الأولى فإذا حذفت الأولى انهمزت الثانية وهو مثل ما قيل في قراءة قالون عاد الولى في أحد الوجهين وينبغي على هذا الوجه إذا ابتدأت أن تقيد الهمزة المفتوحة التي حذفت فهي أولى من اجتلاب همزة وصل والله أعلم. ثم بين قراءة باقي القراء فقال والغير يعني غير حمزة وشعبة فيهما أي في الموضعين بقطعهما أي بقطع الهمزتين ولم يبين فتحهما لأن فعل الأمر لا يكون فيه همزة قطع إلا مفتوحة ثم قال والمد أي وبالمد بعد همزة القطع وبدأ وموصلا حالان، أي هذه قراءة غيرهما بادئا وواصلا لا يختلف الحال في ذلك، ومعنى هذه القراءة من الإيتاء وهو الإعطاء فمعنى آتوني أعطوني وهو يحتمل المناولة والاتهاب وقام الدليل على أنه لم يرد الاتهاب لامتناعه عن أخذ الخرج فتعينت الإعانة بالمناولة وتحصيل الأدلة والله أعلم. (858) وَطَاءَ فَمَا اسْطَاعُوا لِحَمْزَةَ شَدّدُوا وَأَنْ يَنْفَدَ التَّذْكِيرُ (شَـ)ـافٍ تَأَوَّلاَ يريد (فما اسطاعوا أن يظهروه)، أي طاء هذه اللفظة فقيده بالفاء لأن الذي بعده بالواو وطاء منصوب لأنه مفعول شددوا والأصل استطاعوا فقراءة الجماعة بحذف التاء، وروي عن حمزة إدغامها في الطاء، قال ابن مجاهد هو رديء لأنه جمع بين ساكنين وقال الزجاج من قرأ بإدغام التاء في الطاء فلاحن مخطيء زعم ذلك النحويون الخليل ويونس وسيبويه وجميع من قال بقولهم لأن السين ساكنة فإذا أدغمت التاء صارت طاء ساكنة ولا يجمع بين ساكنين فإن قال اطرح حركة التاء على السين فخطأ أيضا، لأن سين استفعل لم تحرك قط، قلت إنما قال ذلك، لأنه لا يتحقق محض الإدغام إلا بتحريك السين، قال أبو جعفر النحاس حكى أبو عبيد أن حمزة كان يدغم التاء في الطاء ويشدد الطاء، قال أبو جعفر النحاس ولا يقدر أحد أن ينطق به لأن السين ساكنة والتاء المدغمة ساكنة، قال سيبويه هذا محال، وقال الجوهري في باب روم من جمع بين الساكنين في موضع لا يصح فيه اختلاس الحركة فهو مخطيء كقراءة حمزة فما اسطاعوا لأن سين الاستفعال لا يجوز تحريكها بوجه من الوجوه وأما (وما استطاعوا له نقبا)، فلم يختلفوا في إظهار التاء فيها، وأما التذكير في أن تنفد كلمات ربي والتأنيث فظاهران وتأولا تمييز (859) ثَلاَثٌ مَعي دُونِي وَرَبِّي بِأَرْبَعٍ وَمَا قَيِلَ إِنْ شَاءَ الْمُضَافَاتُ تُجْتَلاَ ثلاث مبتدأ وهو مضاف إلى كلمة معي وما بعد ثلاث عطف عليه والمضافات خبر المبتدأ أو هو مبتدأ وثلاث خبره مقدم عليه، أي الياآت المضافة في هذه السورة تجتلي أي تكشف في هذه الكلمات وهي معي ثلاث مواضع يريد معي صبرا فتحهن حفص وحده من دوني أولياء فتحها نافع وأبو عمرو "وربي" في أربع كلمات (قل ربي أعلم بعدتهم) - (فعسى ربي أن يؤتين) - (بربي أحدا ولولا إذ دخلت) - (بربي أحدا ولم تكن له فئة) فتح الأربع الحرميان وأبو عمرو وقوله وما قبل إن شاء أي والذي قبل قوله إن شاء الله وهو (ستجدني إن شاء الله صابرا) فتحها نافع وحده فهذه تسع ياآت إضافة وفيها سبع زوايد المهتد أثبتها في الوصل نافع وأبو عمرو (أن يهدين ربي لأقرب) (فعسى ربي أن يؤتين) على (أن تعلمني) أثبتهن في الوصل أيضا نافع وأبو عمرو وأثبتهن في الحالين ابن كثير (إن ترن أنا أقل) أثبتها في الوصل أبو عمرو وقالون وأثبتها في الحالين ابن كثير (ما كنا نبغ فارتدا) أثبتها في الحالين ابن كثير وفي الوصل نافع وأبو عمرو والكسائي (فلا تسئلن عن شيء) أثبتها الجميع في الحالين واختلف عن ابن ذكوان في حذفها وقلت في ذلك، (زوائدها سبع فلا تسئلن أن تعلمني نبغي وإن ترني تلا)، (ويهدني ربي كذا المهتدي ومن ويؤتيني خيرا فصادفت منهلا). |
|