أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52683 العمر : 72
| موضوع: سورة النساء الثلاثاء 18 أكتوبر 2022, 6:38 am | |
| سورة النساء (587) وَكُوفِيُّهُمْ تَسَّاءَلُونَ مُخَفَّفًا وَحَمْزَةُ وَالأَرْحَامَ بِالْخَفْضِ جَمَّلاَ نصف هذا البيت هو نصف هذه القصيدة أي الكوفيون قرءوا تساءلون بالتخفيف والأصل تتساءلون فمن خفف حذف التاء الثانية ومن شدد أدغمها في السين وله نظائر مثل - تذكرون - تزكى - تصدى وأما قراءة والأرحام بالنصب فعطف على موضع الجار والمجرور أو على اسم الله تعالى أي واتقوا الأرحام أي اتقوا حق الأرحام فصلوها ولا تقطعوها وفي الحديث أنا الرحمن وهي الرحم شققت لها من اسمي من قطعها قطعته فهذا وجه الأمر بالتقوى فيها مع لله تعالى وقرأها حمزة والأرحام بالجر وعبر الناظم عنه بالخفض واستحسنه الشيخ هنا وقال فيه تورية مليحة لأن الخفض في الجواري الختان وهو لهن جمال والخفض الذي هو الإعراب جمال الأرحام لما فيه من تعظيم شأنها قلت يعني بسبب عطفها على اسم الله تعالى أو بسبب القسم بها وبهذين الوجهين عللت هذه القراءة وفي كل تعليل منهما كلام أما العطف فالمعروف إعادة حرف الجر في مثل ذلك كقوله - وإنه لذكر لك ولقومك - فخسفنا به وبداره الأرض - ونحو ذلك، وقال الزجاج القراءة الجيدة نصب الأرحام المعنى واتقوا الأرحام أن تقطعوها فأما الخفض فخطأ في العربية لا يجوز إلا في اضطرار شعر وخطأ أيضا في أمر الدين عظيم لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال لا تحلفوا بآبائكم فكيف يكون تتساءلون بالله والأرحام على هذا قال ورأيت إسماعيل بن إسحاق ينكر هذا ويذهب إلى أن الحلف بغير الله أمر عظيم وأن ذلك خاص لله تعالى على ما أتت به الرواية فأما العربية فإجماع النحويين أنه يقبح أن ينسق باسم ظاهر على اسم مضمر في حال الخفض إلا بإظهار الخافض قال بعضهم لأن المخفوض حرف متصل غير منفصل فكأنه كالتنوين في الاسم فقبح أن يعطف اسم يقوم بنفسه على اسم لا يقوم بنفسه، وقال المازني كما لا تقول مررت بزيد وبك لا تقول مررت بك وزيد قلت هاتان العلتان منقوضتان بالضمير المنصوب وقد جاز العطف عليه فالمجرور كذلك وأما إنكار هذه القراءة من جهة المعنى لأجل أنها سؤال بالرحم وهو حلف وقد نهى عن الحلف بغير الله تعالى فجوابه أن هذا حكاية ما كانوا عليه فحضهم على صلة الرحم ونهاهم عن قطعها ونبههم على أنها بلغ من حرمتها عندهم أنهم يتساءلون بها ثم لم يقرهم الشرع على ذلك بل نهاهم عنه وحرمتها باقية وصلتها مطلوبة وقطعها محرم وجاء في الحديث أن النبي -صلى الله عليه وسلم- تلا هذه الآية عند حثه على الصدقة يوم قدم عليه وفد مضر وهو إشارة إلى هذا سواء كان قرأها نصبا أو خفضا فكلاهما محتمل وخفي هذا على أبي جعفر النحاس فأورد هذا الحديث ترجيحا لقراءة النصب ولا دليل له في ذلك فقراءة النصب على تقدير واتقوا الأرحام التي تتساءلون بها فحذف استغناء بما قبله عنه وفي قراءة الخفض حذف واتقوا الأرحام ونبه بأنهم يتساءلون بها على ذلك وحسن حذف الياء هنا أن موضعها معلوم فأنه كثر على ألسنتهم قولهم سألتك بالله والرحم وبالرحم فعومل تلك المعاملة مع الضمير فهو أقرب من قول رؤبة خير لمن قال له كيف أصبحت أي بخير لما كان ذلك معلوما قال الزمخشري في كتاب الأحاجي في قولهم لا أبا لك اللام مقدرة منوية وإن حذفت من اللفظ الذي شجعهم على حذفها شهرة مكانها وأنه صار معلوما لاستفاضة استعمالها فيه وهو نوع من دلالة الحال التي لسانها أنطق من لسان المقال ومنه حذف لا في (تالله تفتؤ تذكر يوسف)، وحذف الجار في قوله روبة خير إذا أصبح وحمل قراءة حمزة - تساءلون به والأرحام - عليه سديد لأن هذا الكلام قد شهر بتكرير الجار فقامت الشهرة مقام الذكر، وقال في الكشاف وينصره قراءة ابن مسعود (تساءلون به والأرحام)، قال الفراء حدثني شريك بن عبد الله عن الأعمش عن إبراهيم قال والأرحام خفض الأرحام قال هو كقولهم أسألك بالله والرحم قال وفيه قبح لأن العرب لا ترد مخفوضا على مخفوض قد كنى عنه قال وقال الشاعر في جوازه، (فعلق في مثل السواري سيوفنا وما بينهما واللعب غوط نفانف)، قال وإنما يجوز هذا في الشعر لضيقه، قال الزجاج وقد جاء ذلك في الشعر أنشد سيبويه، (فاذهب فما بك والأيام من عجب)، وقال العباس بن مرداس، (اكر على الكتيبة لا أبالي أحتفي كان فيها أم سواها)، وأنشده الحق في إعرابه لحسان بن ثابت فانظر بنا والحق كيف نوافقه والأبيات المتقدمة وزاد، (إذا أوقدوا نارا لحرب عدوهم فقد خاب من يصلى بها وسعيرها)، ثم أخذ في الاستدلال على صحة ذلك وقوته من حيث النظر وأصاب رحمه الله فإن الاستعمال قد وجد وكل ما يذكر من أسباب المنع فموجود في الضمير المنصوب مثله وقد أجازوا العطف عليه فالمجرور كذلك قياسا صحيحا وقول أبي علي في الحجة هو ضعيف في القياس قليل في الاستعمال ممنوع ولقائل أن يقول العطف على الضمير المنصوب كذلك فقال الشيخ في شرحه حكى قطرب ما فيها غيره وفرسه وقال في شرح المفصل وقد أجاز جماعة من النحويين الكوفيين أن يعطف على الضمير المجرور بغير إعادة الخافض واستدلوا بقراءة حمزة وهي قراءة مجاهد والنخعي وقتادة وابن رزين ويحيى بن واب وطلحة والأعمش وأبي صالح وغيرهم وإذا شاع هذا فلا بعد في أن يقال مثل ذلك في قوله تعالى - وكفر به والمسجد الحرام - أي وبحرمة المسجد الحرام ولا حاجة أن يعطف على سبيل الله كما قاله أبو علي وغيره ولا على الشهر الحرام كما قاله الفراء لوقوع الفصل بين المعطوف والمعطوف عليه وإن كان لكل وجه صحيح والله أعلم. والوجه الثاني في تعليل قراءة الخفض في الأرحام أنها على القسم وجوابه إن الله كان عليكم رقيبا أقسم سبحانه بذلك كما أقسم بما شاء من مخلوقاته من نحو والتين والزيتون والعصر والضحى والليل إما بها أنفسها أو على إضمار خالقها عز وجل وهو كإقسامه بالصافات وما بعدها على أن إلهكم لواحد وهذا الوجه وإن كان لا مطعن عليه من جهة العربية فهو بعيد لأن قراءة النصب وقراءة ابن مسعود بالياء مصرحتان بالوصاة بالأرحام على ما قررناه وأما رد بعض أئمة العربية ذلك فقد سبق جوابه وحكى أبو نصر ابن القشيري رحمه الله في تفسيره كلام أبي إسحاق الزجاج الذي حكيناه ثم قال ومثل هذا الكلام مردود عند أئمة الدين لأن القراءات التي قرأ بها أئمة القراء ثبتت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- تواترا يعرفه أهل الصنعة وإذا ثبت شيء عن النبي -صلى الله عليه وسلم- فمن رد ذلك فقد رد على النبي -صلى الله عليه وسلم- واستقبح ما قرأ به وهذا مقام محذور لا تقلد فيه أئمة اللغة والنحو ولعلهم أرادوا أنه صحيح فصيح وإن كان غيره أفصح منه فإنا لا ندعي أن كل القراءات على أرفع الدرجات في الفصاحة قلت وهذا كلام حسن صحيح والله أعلم. (588) وَقَصْرُ قِيَامًا (عَمَّ) يَصْلَوْنَ ضُمَّ (كَـ)ـمْ (صَـ)ـفَا نَافِعٌ بِالرَّفْعِ وَاحِدَةٌ جَلاَ القيم والقيام واحد يوصف به الذي يقوم بالمصالح ومعناه الثبات والدوام وهما مصدران وصف بهما الأموال هنا والكعبة في المائدة ووصف الدين في الأنعام بالقيم والقيم أي هو مستقيم قال حسان بن ثابت، (فنشهد أنك عبد الإله أرسلت نورا بدين قيم)، فابن عامر قرأ الثلاثة قيما على وزن عب ونافع هنا فقط - وسيصلون سعيرا - بضم الياء وفتحها ظاهر وواحدة التي رفعها نافع وحده وهو - وإن كانت واحدة - جعل كان تامة ومن نصب طابق به قوله - فإن كن نساء فإن كانتا اثنتين - أي إن كان الوارث واحدة وإنما أنث الفعل وألحق علامتي الجمع والتثنية في كن وكانتا ليطابق الاسم الخبر لفظا ولم يأت الناظم في هذا البيت بواو فاصلة وذلك في موضعين إذ لا ريبة في اتصال المسائل الثلاث وجلا في آخر البيت ليس برمز إذ قد تقدم مرارا بيان أنه لم يرمز قط مع التصريح بالاسم ولم يصرح بالاسم مع الرمز ولولا أن ذلك اصطلاحه لكان نافع محتملا أن يكون من جملة قراء سيصلون بالضم ورفع واحدة لورش وحده والله أعلم. (589) وَيُوصى بِفَتْحِ الصَّادِ (صَـ)ـحَّ (كَـ)ـمَا (دَنَا) وَوَافَقَ حَفْصٌ فِي الأَخِيرِ مُجَمَّلاَ الكسر والفتح في هذا ظاهر أن والأخير هو الذي بعده - غير مضار وصية من الله - ومجملا حال من حفص أي مجملا ذلك على أئمته وناقلا لفتحه ذلك عنهم وفي قراءته جمع بين اللغتين وحق هذا البيت أن يكون بعد البيتين اللذين بعده لأن فلأمه في السورة قبل قوله يوصي بها والله أعلم. (590) وَفِي أُمًّ مَعْ فِي أُمِّهَا فَلأُمِّهِ لَدَى الْوَصْلِ ضَمُّ الهَمْزِ بِالْكَسْرِ (شَـ)ـمْلَلاَ أراد (وإنه في أم الكتاب لدينا لعلي) أول الزخرف (في أمها رسولا)، في القصص - فلأمه - في موضعين هنا ضم الهمزة في هذه المواضع أسرع بالكسر والأصل الضم ووجه كسر الهمزة وجود الكسرة قبلها أو الياء وهي من جنس الكسر فكسروا الهمزة استثقالا للخروج من كسر وشبهه إلى ضم وهذا كما فعلوا في كسر هاء الضمير نحو بهم وفيهم والهمز مجترأ عليه حذفا وإبدالا وتسهيلا فغير بعيد من القياس تغيير حركته وقد غيروا حركة حروف عدة كما مضى في بيوت وما سيأتي في جيوب وعيون وشيوخ وغيوب قال أبو جعفر النحاس رحمه الله في كسر - فلأمه - هذه لغة حكاها سيبويه قال هي لغة كثير من هوازن وهذيل وقوله لدى الوصل يريد به وصل حرف الجر بهمزة أم فلو فصلت بأن وقفت على حرف الجر ضمت الهمزة بلا خلاف لأنه لم يبق قبلها ما يقتضي كسرها فصارت كما لو كان قبلها غير الكسر والياء نحو - ما هن أمهاتهن - وأمه آية - وكذا إذا فصل بين الكسر والهمزة فاصل غير الياء نحو - إلى أم موسى فرددناه إلى أمه - لا خلاف في ضم كل ذلك فقول الناظم وفي أم قيده بذكر في احترازا من مثل ذلك وقوله وفي أم وما بعده مبتدأ وضم الهمزة بدل اشتمال من المبتدأ وشمللا خبر المبتدأ ومعناه أسرع (591) وَفي أُمَّهَاتِ النَّحْلِ وَالنُّورِ وَالزُّمَرْ مَعَ النَّجْمِ (شَـ)ـافٍ وَاكْسِرِ الْمِيمَ (فَـ)ـيْصَلاَ في هنا حرف جر وليس كقوله وفي أم فإن في ثم من لفظ القرآن فلهذا أعربنا ذلك مبتدإ وهذا خبره مقدم والمبتدأ قوله شاف أي وفي هذه الكلمة التي هي أمهات من هذه السور الأربع كسر شاف أو يكون تقدير الكلام وأسرع ضم الهمز بالكسر في هذه المواضع وشاف خبر مبتدإ محذوف أي هو شاف وأسكن الراء من الرمز ضرورة نحو، (فاليوم أشرب غير مستحقب إثما من الله ولا واغل)، وهذه المواضع الأربعة - والله أخرجكم من بطون أمهاتكم - أو بيوت أمهاتكم - يخلقكم في بطون أمهاتكم - (وإذ أنتم أجنة في بطون أمهاتكم)، فالجميع قبله كسر فلهذا كسرت الهمزة اتباعا وكسر حمزة دون الكسائي الميم بعد الهمزة تبعا لها في هذه المواضع الأربعة وفيصلا حال من الضمير في اكسر أي فاصلا بين قراءتهما فحمزة كسر الهمزة والميم معا والكسائي كسر الهمزة وحدها وكل ذلك في الوصل فإن وقفت على حرف الجر وابتدأت الكلمات ضمت الهمزة وفتحت الميم كقراءة الجماعة والله أعلم. (592) وَنُدْخِلْهُ نُونٌ مَعْ طَلاَقٍ وَفَوْقُ مَعْ نُكَفِّرْ نُعَذِّبْ مَعْهُ في الْفَتْحِ (إِ)ذْ (كَـ)ـلاَ أي ذو نون هاهنا في موضعين - ندخله جنات - وندخله نارا - مع الذي في آخر الطلاق وندخله جنات والذي فوق الطلاق يعني سورة التغابن فيها ندخله مع نكفر يعني قوله تعالى - نكفر عنه سيئاته وندخله - ثم قال نعذب معه أي مع ندخله في الفتح أي اجتمعا في سورة الفتح في قوله - ومن يطع الله ورسوله ندخله جنات تجري من تحتها الأنهار ومن يتول نعذبه عذابا أليما - فذلك سبعة مواضع قرأهن بالنون نافع وابن عامر والباقون بالياء ووجه القراءتين ظاهر وضاق عليه البيت عن بيان أن في هذه السورة موضعين كما قال في البقرة معا قدر حرك ومثله قوله في الأعراف والخف أبلغكم حلا ولم يقل معا وهو في قصتي نوح وهود وكلا أي كلاه أي حفظه قارئه فرواه لنا، والله أعلم. (593) وَهذَانِ هاتَيْنِ الَّلذَانِ الَّلذَيْنِ قُلْ يُشَدَّدُ لِلْمَكِّي فَذَانِكَ (دُ)مْ (حَـ)ـلاَ التشديد في هذه الكلمات في نوناتها ولم يبينه لظهوره أو لأن كلامه في النون في قوله ندخله نون فكأنه قال تشدد نون هذه الكلمات لابن كثير والتشديد والتخفيف في ذلك كله لغتان وأراد (هذان خصمان) - (إن هذان لساحران) - (إحدى ابنتي هاتين) - (واللذان يأتيانها منكم) - (أرنا اللذين أضلانا) - (فذانك برهانان من ربك)، التشديد عوض من الألف المحذوفة من هاذان وهاتين وفذانك ومن الياء المحذوفة في اللذان واللذين حذفتا لسكون ألف التثنية بعدهما شدد الجميع ابن كثير ووافقه أبو عمرو على تشديد - فذانك - وقراءة الباقين بالتخفيف على قياس نونات التثنية مطلقا وقوله دم حلا أي ذا حلا وأراد - فذانك - بالتشديد لأن الكلام فيه ولقائل أن يقول إنما لفظ به مخففا فيدخل في قوله وباللفظ استغنى عن القيد وجوابه أنه لم يمكنه اللفظ به مشددا لامتناع اجتماع الساكنين في الشعر فلم يبق اللفظ جاليا للمقصود (594) وَضُمَّ هُنَا كَرْهًا وَعِنْدَ بَرَاءةٍ (شِـ)ـهَابٌ وَفي الأَحْقَافِ (ثُـ)ـبِّتَ (مَـ)ـعْقِلاَ الضم والفتح في هذا لغتان كالضعف والضعف وفي الأحقاف موضعان وقوله عند براءة أي فيها كما تقول عندي كذا أي في ملكي يريد فيما حوته براءة من الآيات وكما تجوز عما هو عندي بقي في قوله ولا ألف في ها - هانتم - على ما سبق تجوز هنا بعكس ذلك وكان له أن يقول وما في براءة أو وكرها هنا وفي براءة ضمه شهاب ومعقلا تميز أو حال والضمير في ثبت للحرف المختلف فيه أو لشهاب أي ثبت معتلا أو مشبها معقلا المعقل الملجأ يقال فلان معقل لقومه وأصله الحصن (595) وَفي الْكُلِّ فَافْتَحْ يَا مُبَيِّنَةٍ (دَ)نَا (صَـ)ـحِيحًا وَكَسْرُ الْجَمْعِ (كَـ)ـمْ (شَـ)ـرَفًا (عَـ)ـلاَ أي كم علا شرفا والمميز محذوف أي كم مرة علا شرفا والجمع يعني به مبينات جمع مبينة فوجه الفتح فيهما ظاهر أي بينها من يدعيها - وآيات مبينات - بينها الله سبحانه وبالكسر يجوز أن يكون لازما أي هي بينة في نفسها ظاهرة وبينات جمعها يقال بينت الشيء تبين مثل تبين ويجوز أن يكون متعديا أي مبينة صدق مدعيها فهو لازم ومتعد وصحيحا حال من فاعل دنا وكسر الجمع أي كسريا المجموع من ذلك والله أعلم. (596) وَفي مُحْصَنَاتٍ فاكْسِرِ الصَّادَ (رَ)اوِيًا وَفي المُحْصَنَاتِ اكْسِرْ لَهُ غَيْرَ أَوَّلاَ يعني اكسر المنكر والمعرف إلا الأول وهو (والمحصنات من النساء)، في رأس الجزء لأنه بمعنى المزوجات فالكسر على معنى أنهن أحصن فروجهن إما بالأزواج أو بالحفظ والفتح على أن الله تعالى أحصنهن أو يكون بمعنى الكسر قال الشيخ في شرحه يقال أحصن فهو محصن والفتح إذا أفلس فهو ملفح وأشهب فهو مشهب نذرت بالفتح هذه الثلاثة وأولا مخفوض بغير ولكنه غير منصرف والتقدير غير حرف أول والله أعلم. (597) وَضَمٌّ وَكَسْرٌ فِي أَحَلَّ صِحَابُهُ وُجُوهٌ وَفِي أَحْصَنَّ (عَـ)ـنْ (نَفَرِ) الْعُلاَ يعني (وأحل لكم ما وراء ذلكم)، ومعنى صحابه وجوه أي رواته رؤساء من قولهم هم وجوه القوم أي أشرافهم وكبارهم وعاد الضمير مفردا صحابه وإن كان الذي عاد إليه مثنى وهما الضم والكسر لأنهما في معنى المفرد وهو اللفظ والحرف أو صحاب هذا الفعل وجوه وهذه القراءة على مطابقته (حرمت عليكم)، ووجه الفتح إسناد الفعل إلى الله تعالى لقوله قبله (كتاب الله عليكم)، قوله وفي أحصن أي والضم والكسر في الموضعين الفتح في الحرفين أما كونه ضد الكسر فمطرد ومنعكس وأما كونه ضد الضم فمطرد غير منعكس على ما سبق بيانه في شرح الخطبة ولم يقرأ أحد بالضم والكسر في الكلمتين معا إلا حفص وقرأ أبو بكر بالفتح فيهما معا وأما باقي القراء فمن ضم وكسر في - أحل - فتح في - أحصن - ومن فتح في - أحل - ضم وكسر في - أحصن - فالفتح في - أحصن - كالكسر في - محصنات أسند الفعل إليهن والضم والكسر في - أحصن - كفتح صاد - محصنات - والله أعلم. (598) مَعَ الْحَجِّ ضَمُّوا مَدْخَلاً (خَـ)ـصَّهُ وَسَلْ فَسَلْ حَرَّكُوا بِالنَّقْلِ (رَ)اشِدُهُ (دَ)لاَ أي خص بالخلف مدخلا هنا وفي الحج (وندخلكم مدخلا كريما) - (ليدخلنهم مدخلا يرضونه)، دون الذي في - سبحان - (مدخل صدق)، فإنه بالضم اتفاقا وخصه فعل أمر وفتح الصاد لغة صحيحة خلافا لمن لم يجز فيه إلا الضم عند اتصال ضمير الغائب به اتباعا ويجوز أن يكون خصه فعل ما لم يسم فاعله، على حذف حرف الجر اتساعا أي خص به ومدخلا بالضم إما مصدر أو اسم مكان من أدخل وبالفتح أيضا كذلك من دخل فيكون على قراءة الفتح قد قرن بالفعل غير مصدره واسم مكانه أو يقدر له فعله على معنى فيدخلون مدخلا وأما فعل الأمر من سأل فإن لم يكن قبله واو ولا فاء فقد أجمع القراء على حذف الهمزة بعد نقل حركتها إلى السين نحو (سل بني إسرائيل)، وإن كان قبله واو أو فاء وكان أمرا لغير المخاطب فأجمعوا على همزة نحو (وليسئلوا ما أنفقوا)، وإن كان أمرا للمخاطب فالقراء أيضا أجمعوا على الهمز لا ابن كثير والكسائي وعلته أن أمر المخاطب كثير الاستعمال فخففوه والمستعمل بغير واو ولا فاء أكثر فناسب التخفيف والهمز الأصل والراشد السالك طريق الرشد ودلا أي وافق في حصول مقصوده فإن معناه لغة أخرج دلوه ملآء وذلك مقصود من أدلى دلوه فاستعاره الناظم لهذا المعنى وما يناسبه والله أعلم. وأحكم (599) وَفي عَاقَدَتْ َقْصٌر (ثَـ)ـوَى وَمَعَ الْحَدِيدِ فَتْحُ سُكُونِ الْبُخْلِ وَالضَّمِّ (شَـ)ـمْلَلاَ في المفاعلة عاقدت ظاهرة ومعنى عقدت أي عقدت أيمانكم عهودهم والأيمان هنا جمع يمين التي هي اليد وهنا وفي سورة الحديد (ويأمرون الناس بالبخل)، فتح السكون في الخاء وفتح الضم في الباء شملل أي أسرع أي قراءة حمزة والكسائي بفتح الحرفين والباقون بالضم والإسكان وهما لغتان كالحزن والحزن والعرب والعرب والله أعلم. (600) وَفي حَسَنَهْ (حِرْمِيُّ) رَفْعٍ وَضَمُّهُمْ تَسَوَّى (نَـ)ـماَ (حَقًّا) وَ(عَـمَّ) مُثَقَّلاَ يعني (وإن تك حسنة)، الرفع على أن كان تامة والنصب على أنها ناقصة والاسم ضمير عائد على الذرة أو على المثقال وأنث ضميره لأنه مضاف إلى مؤنث كقوله، (كما نهلت صدر القناة من الدم)، وأسكن الناظم الهاء من - حسنة - ضرورة كما سبق في هذه السورة وفي أمهات النحل والنور والزمر وفي الأصول وفي البقرة فقل (يعذب)، وقوله سبحانه (لو تسوى بهم الأرض)، بضم التاء على البناء للمفعول والتثقيل أراد به التشديد مع فتح التاء أصله لو تتسوى فأدغم التاء في السين وحمزة والكسائي على حذفها مع فتح التاء مثل ما مضى في تسألون أول السورة ونما أي ارتفع وحقا تمييز أو حال ومثقلا حال وفاعل نما ضمير الضم وفاعل عم ضمير تسوى والله أعلم. |
|
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52683 العمر : 72
| موضوع: رد: سورة النساء الثلاثاء 18 أكتوبر 2022, 6:40 am | |
| (601) وَلاَمَسْتُمُ اقْصُرْ تَحْتَهاَ وَبِهاَ (شَـ)ـفاَ وَرَفْعُ قَلِيلٌ مِنْهُمُ النَّصْبَ (كُـ)ـلِّلاَ يعني قوله (ولامستم النساء)، هنا وفي المائدة إذا قصر صار لمستم فيجوز أن يكون لامس بمعنى لمس ويجوز أن يكون على بابه واختلف الصحابة ومن بعدهم من الفقهاء في أن المراد به الجماع أو اللمس باليد مع اتفاقهم على أن المراد باللمس الجماع في قوله تعالى (ما لم تمسوهن)، حيث وقع سواء قرئ بالمد أو بالقصر والذين مدوا لامس قصروا تمسوهن وبالعكس مع أن معنى اللفظين واحد من حيث أصل اللغة وقد حققنا الكلام في هذا ولله الحمد في المسائل الفقهية في الكتاب المذهب سهل الله إتمامه وأما (ما فعلوه إلا قليل منهم)، فالرفع فيه هو الوجه الأقوى عند النحويين على البدل من فاعل فعلوه كأنه قال ما فعله إلا قليل منهم ولو كان بهذه العبارة لم يكن إلا بالرفع ومعنى اللفظين واحد والنصب جائز على أصل باب الاستثناء كما في الإيجاب لو قلت فعلوه إلا قليلا لم يجز إلا النصب وقد أجمعوا على رفع (ولم يكن لهم شهداء إلا أنفسهم)، واختلفوا في (ولا يلتفت منكم أحد إلا امرأتك)، وفيه بحث حسن سيأتي إن شاء الله تعالى قوله ورفع قليل أي مرفوعه وهو اللام الأخيرة كلل النصب أي بالنصب أي جعل له كالإكليل وهو التاج أو يكون من قولهم روضة مكللة أي محفوفة بالنور فيكون قوله رفع على ظاهره ليس بمعنى مرفوع يعني أن النصب في مثل هذا تابع للرفع كالنور التابع للروضة لأن أصل هذا الباب عند النحويين البدل كما ذكرنا فكأن النصب طارئ على ما هو وجه الكلام وأصله (602) وَأَنِّثْ يَكُنْ (عَـ)ـنْ (دَ)ارِمٍ (تظْلَمُونَ غَيْبُ شُهْدٍ (دَ)نَا إِدْغَامُ بَيَّتَ (فِـ)ـي (حُـ)ـلاَ يعني (كأن لم يكن بينكم وبينه مودة)، التأنيث لأجل لفظ مودة والتذكير لأجل الفصل الواقع بين الفعل والفاعل مع أن المودة بمعنى الود والدارم الذي يقارب الخطا في مشيه أي القراءة منقولة عن شيخ هذه صفته ودارم أيضا اسم قبيلة من تميم وليس ابن كثير منهم خلافا لما وقع في شرح الشيخ رحمه الله وقد بينا الوهم في ذلك في الشرح الكبير في ترجمة ابن كثير وأما (ولا يظلمون فتيلا) - (أينما تكونوا)، فقرئ بالغيب ردا على ما قبله من قوله (ألم تر إلى الذين قيل لهم)، إلى آخر الآية والخطاب على الالتفات وإن كان المراد قل لهم فالغيب والخطاب من باب قولك قل لزيد لا يضرب ولا تضرب بالياء والتاء ومنه ما سبق، (قل للذين كفروا سيغلبون) و (لا يعبدون إلا الله)، ولا خلاف في الأول أنه بالغيبة وهو (لا يظلمون فتيلا) - (انظر كيف يفترون) وأما (بيت طائفة)، فأبو عمرو على أصله في إدغامه ووافقه حمزة فيه كما وافقه في مواضع أخر تأتي في أول سورة والصافات ولولا حمزة لما احتاج إلى ذكر هذا الحرف لأبي عمرو هنا بل كان ذلك معلوما من إدغام الحرفين المتقاربين فلما احتاج إلى ذكره لأجل حمزة رمز لأبي عمرو معه خشية أن يظن أنه لحمزة وحده ولهذا نظائر سابقة ولاحقة وكان يلزمه مثل ذلك في أول والصافات فلم يفعله وقد قيل إن إدغام (بيت طائفة)، ليس من باب الإدغام الكبير بل من الصغير والتاء ساكنة للتأنيث مثل (وقالت طائفة)، وقد ذكرنا وجه هذا القول على بعده في الشرح الكبير في باب الإدغام وفي هذا البيت ثلاث مسائل وصلها بغير واو فاصلة بينها إذ لا ريبة في ذلك والله أعلم. (603) وَإِشْمَامُ صَادٍ سَاكِنٍ قَبْلَ دَالِهِ كَأَصْدَقُ زَايًا (شَـ)ـاعَ وَارْتَاحَ أَشْمُلاَ ، يعني نحو (تصدية) و (يصدفون) و (يصدر) و (تصديق) و (فاصدع بما تؤمر) و (على الله قصد السبيل) و (من أصدق)، وجه هذا الإشمام ما تقدم في - الصراط - لأن الدال مجهورة وقراءة الباقين بالصاد الخالصة وقوله زايا بالنصب هو ثاني مفعولي وإشمام والأول أضيف إليه وهو صاد لأنك تقول أشم الصاد زايا والمصدر يتعدى تعدية فعله وأشملا تمييز والارتياح النشاط وأشملا جمع شمال بكسر الشين وهو الخلق واليد يشير إلى حسنه في العربية والله أعلم. (604) وَفِيهَا وَتَحْتَ الْفَتْحِ قُلْ فَتَثَبَّتُوا مِنَ الثَّبْتِ وَالْغَيْرُ الْبَيَانِ تَبَدَّلاَ ، يعني (إذا ضربتم في سبيل الله فتبيَّنوا) - (فمن الله عليكم فتبينوا)، وفي الحجرات (إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا)، قرأها حمزة والكسائي من الثبات في الأمر والثبت هو خلاف الإقدام والمراد التأني وخلاف العجلة ومنه قوله تعالى (وأشد تثبيتا)، أي وأشد وفقا لهم عما وعظوا بأن لا يقدموا عليه وقرأها الباقون من بيان الأمر وهو ثمر التثبت فيه فيستعمل في موضعه قال الأعشى (كما راشد تجدن أمرا تبين ثم ارعوى أو قدم)، قدم أي أقدم قال أبو علي فاستعمل التبيين في الموضع الذي يقف فيه ناظرا في الشيء حتى يقدم عليه أو يرتدع عنه وقال في موضع الزجر النهي والتوقف، (لزيد مناة توعد يا ابن تيم تبين أين تاه بك الوعيد)، وقال الفراء هما متقاربان في المعنى يقول ذلك للرجل لا تعجل بإقامة الحد حتى يتبين ويتثبت وقول الناظم من الثبت أي اشتقاقه من كلمة الثبت يقال رجل ثبت أي ثابت القلب واستعمله العلماء الحائزون أحوال الرواة ونقلة الأحاديث في الحافظ الذاكر لما حدث به الضابط له الذي لا تدخله شبهة في ذلك ولا تشكك فيه فيقولون هو ثقة ثبت وهو من ذلك وعسر على الناظم أن يقول من التثبت أو التثبيت وكان هو وجه الكلام كما قال غيره فعدل إلى كلمة فيها الحروف الأصول التي مرجع جميع ما اشتق من ذلك إليها وقال الشيخ أشار إلى أن معنى القراءة طلب الثبت وهو تفعلوا بمعنى استفعلوا من طلب ثبات الأمر والقراءة الأخرى أمر بطلب بيان الأمر ثم قال الناظم والغير تبدل من الثبت البيان أي جعله مشتقا من البيان لا من الثبت ولم يذكر للقراءة من الثبت رمزا اعتمادا على الرمز السابق في إشمام - أصدق - وبابه لأنه أول رمز يليه، فإن قلت فلقائل أن يقول ينبغي أن يؤخذ لها ما يرمز به في المسئلة التي بعدها كما أنه جمع بين مسئلتين لرمز واحد فيما مضى في البقرة وهما (قالوا اتخذ الله ولدا)و(كن فيكون)، وجمع بين ثلاث مسائل لرمز واحد في آل عمران في البيت الذي أوله سنكتب، قلت اهتمامه ببيان قراءة الغير في هذا البيت قطع ذلك الاحتمال لأنه يعلم أنه ما شرع في بيان قراءة الغير إلا وقد تم بيانه للقراءة الأخرى قيدا ورمزا فتعين اعتبار الرمز السابق إذ ليس غيره فكأنه قال اشما وقرءا فتثبتوا من الثبت وكان النظم يحتمل زيادة بيان فيقال في الثبت السابق كأصدق زايا شاع والتثبت شمللا إليها وتحت الفتح في - فتثبتوا - وغيرهما لفظ الثبات تبدلا أي أسرع الثبت إلى هذه السورة وإلى الحجرات في لفظ - فتثبتوا - وغير حمزة والكسائي يبدل عن ذلك لفظ البيان والله أعلم. (605) وَ (عَمَّ فَـ)ـتًى قَصْرُ السَّلاَمَ مُؤَخَّراً وَغَيْرُ أُولِى بِالرَّفْعِ (فِـ)ـى (حَقِّ نَـ)ـهْشَلاَ فتى مفعول عم أي عم قصر السلام قارئا ذا فتوة أو سخيا بعلمه أو قويا في العلم لأن الفتى يكنى به عن الشاب والشاب مظنة القوة فهو كما سبق شرحه في قوله وكم من فتى كالمهدوي وقال الشيخ فتى حال من قصر السلام ومؤخرا حال من السلام يريد قوله سبحانه وتعالى (لمن ألقى إليكم السلم)، احترازا من اللتين قبله ولا خلاف في قصرهما - وألقوا إليكم السلم - وبعده - (ويلقوا إليكم السلم)، وكذا لا خلاف في قصر التي في النحل (وألقوا إلى الله يومئذ السلم)، فلعله أشار بالعموم إلى هذا إذ سخا القصر في الجميع يقال ألقى السلام والسلم إذا استسلم وانقاد وقيل السلام هنا التسليم (غير أولي الضرر)، بالرفع صفة للقاعدين كقوله - غير المغضوب - لأن القاعدين كانوا نوعين أولي الضرر وأصحاء فمعناه غير أولي الضرر منهم فحصل الحصر بين القسمين أو يكون بدلا من القاعدين لأنه استثناء من المنفي فيجوز فيه البدل والنصب وقراءة النصب على الحال من القاعدين أو على الاستثناء وقرئ شاذا بالجر على أنه صفة المؤمنين ونهشل اسم قبيلة فلهذا لم يصرفه وأشار باشتقاقه إلى أولي الضرر لأنه من قولهم نهشل الرجل إذا أسن واضطرب أو بكون قوله نهشلا فعلا ماضيا على حذف الموصوف أي في حق الذي نهشل أي جاء غير أولى بالرفع في حق هؤلاء المعذورين لأنه وصف القاعدون بذلك ليخرج منهم أولي الضرر والله أعلم. (606) وَنُؤْتِيهِ بِالْيَا (فِـ)ـى (حِـ)ـمَاهُ وَضَمُّ يَدْ خُلُونَ وَفَتحُ الضَّمِّ (حَقٌّ صِـ)ـرًى حَلاَ ، يريد (فسوف نؤتيه أجرا)، القراءة بالنون والياء ظاهرة والهاء في حماه عائدة على يؤتيه كقولك زيد بماله في داره ويدخلون الجنة بضم الياء وفتح الخاء على بناء الفعل للمفعول وبفتح الياء وضم الخاء على بنائه للفاعل وكلاهما ظاهر المعنى والصري بكسر الصاد وفتحها الماء المجتمع المستنقع يشير إلى عذوبة القراءة وكل عذب (607) وَفي مَرْيَمٍ وَالطَّوْلِ الأَوَّلِ عَنْهُمُ وَفِي الثَّانِ (دُ)مْ (صَـ)ـفْوًا وَفِي فَاطِرٍ (حَـ)ـلاَ وقع في نسخ القصيدة الأول بالرفع والأولى أن يكون مجرورا على أنه بدل من الطول أو وفي مريم وحرف الطول الأول ويدل عليه قوله بعد ذلك وفي الثان أي في الأول عنهم وفي الثان عن دم صفوا وقوله عنهم أي عن المذكورين بضم الياء وفتح الخاء والذي في مريم (فأولئك يدخلون الجنة ولا يظلمون شيئا)، والأول في الطول (يدخلون الجنة يرزقون فيها)، والثاني فيها (سيدخلون جهنم داخرين)، دم صفوا أي ذا صفوا أو دام صفوك نحو طب نفسا وقر عينا فهو حال على الأول تمييز على الثاني وحلا في آخر هذا البيت ليس بمعنى حلا في آخر البيت الذي قبله وإن اتفقا لفظا بل هو من حلا فلان امرأته أي جعلها ذات حلى كأن حرف فاطر وهو قوله تعالى (جنات عدن يدخلونها يحلون فيها)، لما صحبه ذكر الحلية كأنه قد حلا وقال الشيخ كأن هذا الحرف على قراءة أبي عمرو قد جعل المعنى ذا حلية لحسن القراءة ومشاكلتها للمعنى أو من حلوت فلانا إذا أعطيته حلوانا والله أعلم. (608) وَيَصَّالَحَا فَاضْمُمْ وَسَكِّنْ مُخَفِّفًا مَعَ الْقَصْرِ وَاكْسِرْ لاَمُهُ (ثَـ)ـابِتًا تَلاَ يعني قرأ الكوفيون (أن يصلحا بينهما صلحا)، من أصلح يصلح وقرأ الباقون بهذا اللفظ المنظوم وأصله يتصالحا فأدغمت التاء في الصاد وثابتا حال من اللام أو من الهاء في لامه أو من فاعل اكسر أي في حال ثباتك فيما تفعل فإنك على ثقة من أمرك وبصيرة من قراءتك أو يكون نعت مصدر محذوف أي كسرا ثابتا تلا ما قبله من الحركات المذكورة أو هو مفعول تلا أي تبع هذا المذكور أمرا ثابتا وهو كل ما تقدم ذكره من الحروف وقال الشيخ التلاء بالمد الذمة وهو منصوب على التمييز (609) وَتَلْوُوا بِحَذْفِ الْوَاوِ الأُولى وَلاَمُهُ فَضُمَّ سُكُونًا (لَـ)ـسْتَ (فِـ)ـيهِ مُجْهَّلاَ يقال لويت فلانا حقه إذا دفعته ومطلته وقد جعلت القراءة الأخرى التي بحذف الواو بمعناها على تقدير أن الواو المضمومة همزت ثم ألقيت حركتها على اللام وحذفت ذكر ذلك الفراء والزجاج والنحاس وأبو علي غير أن أبا علي قدم قبله وجها آخر اختاره وهو أن جعله من الولاية وقال ولاية الشيء إقبال عليه وخلاف الإعراض عنه وتابعه الزمخشري على هذا ولم يذكر غيره قال وإن وليتم إقامة الشهادة أو أعرضتم عن إقامتها وقول الناظم ولامه فضم الفاء زائدة ولامه مفعول فعل مضمر يفسره ما بعده أي حرك لامه أو ضم لامه ثم فسره بقوله فضم سكونا ولا بد من ضمير يرجع إلى اللام كقولك زيدا اضرب رأسه ولا تقول رأسا فقوله سكونا أي سكونا فيه أو سكونه وقوله لست فيه مجهلا جملة في موضع الصفة لقوله سكونا أو هي مستأنفة ولو كان قدم لفظ فيه على لست لكان جيدا ورجع الضمير في فيه إلى اللام فيقول فضم سكونا فيه لست مجهلا ويكون فيه رمزا بحاله كقوله في آل عمران وكسر لما فيه وإن كان موهما في الموضعين أنه تقييد للقراءة، فإن قلت سكونا مصدر في موضع الحال من اللام أي ضم لامه في حال كونها ساكنة فلا حاجة إلى ضمير يرجع إلى اللام ولا إلى تقديم فيه على لست، قلت ضم اللام في حال السكون محال والحال تقييد للفعل بخلاف الصفة فإذا قيل اضرب زيدا راكبا تعين ضربه في حال ركوبه وإذا قيل اضرب زيدا الراكب كان الراكب صفة مبينة لا غير فله ضربه وإن ترك الركوب فعلى هذا يجوز أن يقال ضم اللام الساكنة ولا يجوز ضم اللام ساكنة فاعرف ذلك (610) وَنُزِّلَ فَتْحُ الضَّمِّ وَالْكَسْرِ (حِصْنُـ)ـهُ وَأُنْزِلَ عَنْهُمْ عَاصِمٌ بَعْدُ نُزِّلاَ يريد قوله تعالى (والكتاب الذي نزل على رسوله والكتاب الذي أنزل من قبل)، فتحهما حصن وانفرد عاصم بفتح (وقد نزل عليكم في الكتاب)، والقراءة في المواضع الثلاثة دائرة بين بناء الفعل للفاعل أو للمفعول وهما ظاهرتان والهاء في حصنه تعود على نزل وهو خبر فتح الضم والكسر وهما خبر نزل ثم قال وأنزل كذلك عنهم والله أعلم. (611) وَيَا سَوْفَ تُؤْتِيِهِمْ (عَـ)ـزيزٌ وَحَمْزَةٌ سَيُوتِيهِمُ فِي الدَّرْكِ كُوفٍ تَحَمَّلاَ يريد (سوف يؤتيهم أجورهم وكان الله) - (أولئك سنؤتيهم أجرا عظيما)، الياء والنون فيهما ظاهرتان وقد سبق لهما نظائر والدرك من قوله تعالى (إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار)، تحمله الكوفيون بإسكان رائه والباقون بفتحها وهما لغتان كالقدر والقدر والشمع والشمع وتحريك الراء اختيار أبي عبيد والله أعلم. (612) بِالإِسْكَانِ تَعْدُوا سَكِّنُوهُ وَخَفِّفُوا (خُـ)ـصُوصاً وَأَخْفَى الْعَيْنَ قَالُونُ مُسْهِلاَ قوله بالإسكان متعلق بآخر البيت السابق ثم ابتدأ تعدوا أي قرأه غير نافع بإسكان العين وتخفيف الدال من عدا يعدو كما قال سبحانه في موضع آخر (إذ يعدون في السبت)، وقرأ نافع بفتح العين وتشديد الدال وكان الأصل يعتدوا كقوله (ولقد علمتم الذين اعتدوا منكم)، ثم أدغمت التاء في الدال وألقيت حركة التاء على العين وأخفى قالون حركة العين إيذانا بأن أصلها السكون والكلام فيه كما سبق في إخفاء كسر العين في نعما وقوله مسهلا أي راكبا للطريق الأسهل وكأنه أشار بذلك إلى طريق آخر وعر روى عنه لم ير الناظم ذكره لامتناع سلوكه قال صاحب التيسير والنص عنه بالإسكان، قلت وكذا ذكر ابن مجاهد عن نافع قال أبو علي وكثير من النحويين ينكرون الجمع بين الساكنين إذا كان الثاني منهما مدغما ولم يكن الأول حرف لين نحو - دابة - وثمود - الشرب - وقيل لهم - ويقولون إن المد يصير عوضا من الحركة ثم قال وإذا جاز نحو أصيم ومديق ودويبة مع نقصان المد الذي فيه لم يمتنع أن يجمع بين الساكنين في نحو تعدوا - لأن ما بين حرف اللين وغيره يسير، قلت ذلك القدر اليسير هو الفارق لأنه هو القائم مقام الحركة وما ليس فيه ذلك اليسير فلا حركة فيه ولا ما يقوم مقامها فلا ينبغي أن يتكلف جوازه وصحته مع عسره على اللسان أو استحالته وقد سبق في - نعما هي - تحقيق ذلك أيضا وإنكار أبي علي وغيره من أئمة العربية جواز إسكان العين وعجبت منه كيف سهل أمره هنا، قال ابن النحاس لا يجوز إسكان العين والذي يقرأ بهذا إنما يروم الخطأ، قال الحوفي وهذا شيء لا يجوز ولعل القارئ بذلك أراد الإخفاء فتوهم عليه الإسكان والله أعلم. (613) وَفي الانْبِياَ ضَمُّ الزَّبُورِ وَههُناَ زَبُوراً وَفي الإِسْراَ لِحَمْزَةَ أُسْجِلاَ أسجلا أي أبيح لحمزة القراءة به والمسجل المطلق المباح الذي لا يمتنع عن أحد وأسجل الكلام إذا أرسله من غير تقييد وفتح الزاي من الزبور وضمها لغتان في اسم الكتاب المنزل على داود عليه السلام وإن كانت اللفظة عربية وهما مصدران سمى بهما الزبور وهو المكتوب يقال زبر إذا كتب ويقال زبرت الكتاب إذا أحكمت كتابته، وقال مكي زبرت الكتاب أي جمعته فهو مثل تسمية المكتوب كتابا ومثل الزبور بالفتح القبول وبالضم الشكور وقيل المفتوح يصلح للمفرد والجمع كالعدو وذكر أبو علي في المضموم وجهين أحدهما أنه جمع زبرا وقع على الزبور اسم الزبر كقولهم ضرب الأمير ونسج اليمن ثم جمع الزبر على زبور كما جمع الكتاب على كتب والآخر أن يكون جمع زبور على تقدير حذف الحرف الزائد وهو الواو ولا ضرورة إلى هذا التكلف ووقع في شرح الشيخ أنه جمع زبر وهو الكتاب كقدر وقدور، وقال مكي هو جمع زبر كدهر ودهور، قلت الإفراد وجهه ظاهر لان المتيقن كتاب واحد أنزل على داود اسمه الزبور كالتوراة والإنجيل والقرآن أما وجه الجمع إن كان مرادا فله معنيان أحدهما أن الجمع توجه إلى أنواع ما فيه فكل نوع منها زبر والآخر أن يكون نزل على داود صحف متعددة كما جاء (صحف إبراهيم وموسى)، وليس في سورة النساء شيء من ياءات الإضافة ولا ياءات زوائد المختلف فيها والله أعلم. |
|