| الطاهرة المطهرة عائشة بنت الصديق رضي الله عنها | |
|
|
كاتب الموضوع | رسالة |
---|
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52561 العمر : 72
| موضوع: الطاهرة المطهرة عائشة بنت الصديق رضي الله عنها السبت 18 يونيو 2011, 12:35 am | |
| الطاهرة المطهرة عائشة بنت الصِّدِّيق رضي اللهُ عنها جمع وترتيب: عبد الباسط بن يوسف الغـريب غفر الله له ولوالديه وللمسلمين قَالَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ يَعْتَذِرُ مِنْ الَّذِي كَانَ قَالَ فِي شَأْنِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: حَصَانٌ رَزَانٌ مَـا تُزَنُّ بِرِيبَةٍ وَتُصْبِحُ غَرْثَى مِنْ لُحُومِ الْغَوَافِلِ عَقِيلَةُ حَيٍّ مِنْ لُؤَيِّ بْـنِ غَالِبٍ كِرَامِ الْمَسَاعِي مَجْدُهُمْ غَيْرُ زَائِلِ مُهَذَّبَةٌ قَـدْ طَيَّبَ اللَّهُ خِيمَهَا وَطَهَّرَهَــا مِــنْ كُلِّ سُـوءٍ وَبَاطِلِ المقدمة إن الحمد لله, نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، مَن يهده الله فلا مضل له، ومَن يُضلل الله فلا هاديَ له، وأشهد أن لا إله إلا اللهَ وحده لا شريك له؛ وأشهد أن مُحَمَّداً عبدهُ ورسولُه. أمَّا بعد: فالكتابة عن أم المؤمنين عائشة بنت أبي بكر رضي الله عنهما؛ الصديقة بنت الصديق، العتيقة بنت العتيق، فراش رسول الله وعفته؛ وريحانته وحبيبته، العفيفة المُبرأة من فوق سبع سماوات؛ ليس بالأمر الهين والسهل، ومن ذا الذي يستطيع أن يوفي هذه الطاهرة المطهرة حقها أو يبرز جانب فضلها؛ فمآثرها كثيرة، ومناقبها عظيمة، زوجة خليل الله، ونبي الهدى، عليه أفضل الصلاة والسلام؛ تخرَّجت من مدرسة النبوة، عاشت أيامه ولياليه, واقتبست من أخلاقه ومعاليه؛ استنشقت أنفاسه الطاهرة، وتربَّت على يديه الشريفتين؛ فأيُّ شرفٍ نالها، وأي كرامةٍ حوتها؛ وفي حديثنا عن حياتها وجانب من عيشها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإبراز مناقبها وفضائلها؛ لا نفي حقها على التمام، ولا نلم بشيء من فضلها على الكمال. وعزاؤنا في تستطير هذه الحروف والكلمات إلا الرجاء من الله أن يجمعنا مع من نحب؛ فالمرء يحشر مع من أحب؛ وقد قمت في هذا البحث بجمع أهم ما صح في فضائلها ومناقبها، والرد على أهم الشبه التي أثيرت حولها، وعن العلاقة الحميمة بينها وبين علي وفاطمة وذريتهما رضي الله عنهم ثم الحديث عن حادثة الإفك وبيان الدروس المستفادة والآثار الإيجابية منها، والله سبحانه نسأله أن يجعلنا من أبناء عائشة الأبرار. ترجمتها قال الإمام الذهبي -رحمه الله -: عَائِشَةُ بِنْتُ الصِّدِّيْقِ أَبِي بَكْرٍ التَّيْمِيَّةُ أُمُّ المُؤْمِنِيْنَ بِنْتُ الإِمَامِ الصِّدِّيْقِ الأَكْبَرِ، خَلِيْفَةِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَبِي بَكْرٍ عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي قُحَافَةَ عُثْمَانَ بنِ عَامِرِ بنِ عَمْرِو بنِ كَعْبِ بنِ سَعْدِ بنِ تَيْمِ بنِ مُرَّةَ بنِ كَعْبِ بنِ لُؤَيٍّ القُرَشِيَّةُ، التَّيْمِيَّةُ، المَكِّيَّةُ، النَّبَوِيَّةُ، أُمُّ المُؤْمِنِيْنَ، زَوجَةُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَفْقَهُ نِسَاءِ الأُمَّةِ عَلَى الإِطْلاَقِ. وَأُمُّهَا: هِيَ أُمُّ رُوْمَانَ بِنْتُ عَامِرِ بنِ عُوَيْمِرِ بنِ عَبْدِ شَمْسٍ بنِ عَتَّابِ بنِ أُذَيْنَةَ الكِنَانِيَّةُ. هَاجَرَ بِعَائِشَةَ أَبَوَاهَا، وَتَزَوَّجَهَا نَبِيُّ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَبْلَ مُهَاجَرِهِ بَعْدَ وَفَاةِ الصِّدِّيْقَةِ خَدِيْجَةَ بِنْتِ خُوَيْلِدٍ، وَذَلِكَ قَبْلَ الهِجْرَةِ بِبِضْعَةَ عَشَرَ شَهْراً، وَقِيْلَ: بِعَامَيْنِ. وَدَخَلَ بِهَا فِي شَوَّالٍ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ، مُنَصَرَفَهُ -عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ- مِنْ غَزْوَةِ بَدْرٍ، وَهِيَ ابْنَةُ تِسْعٍ. فَرَوَتْ عَنْهُ, عِلْماً كَثِيْراً، طَيِّباً، مُبَارَكاً فِيْهِ. وقال: وَعَائِشَةُ مِمَّنْ وُلِدَ فِي الإِسْلاَمِ، وَهِيَ أَصْغَرُ مِنْ فَاطِمَةَ بِثَمَانِي سِنِيْنَ، وَكَانَتْ تَقُوْلُ: لَمْ أَعْقِلْ أَبَوَيَّ إِلاَّ وَهُمَا يَدِيْنَانِ الدِّيْنَ. وَكَانَتِ امْرَأَةً بَيْضَاءَ جَمِيْلَةً، وَمِنْ ثَمَّ يُقَالُ لَهَا: الحُمَيْرَاءُ، وَلَمْ يَتَزَوَّجِ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِكْراً غَيْرَهَا، وَلاَ أَحَبَّ امْرَأَةً حُبَّهَا، وَلاَ أَعْلَمُ فِي أُمَّةِ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَلْ وَلاَ فِي النِّسَاءِ مُطْلَقاً امْرَأَةً أَعْلَمَ مِنْهَا. وَكَانَ تَزْوِيْجُهُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِهَا إِثْرَ وَفَاةِ خَدِيْجَةَ، فَتَزَوَّجَ بِهَا وَبِسَوْدَةَ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ، ثُمَّ دَخَلَ بِسَوْدَةَ، فَتَفَرَّدَ بِهَا ثَلاَثَةَ أَعْوَامٍ حَتَّى بَنَى بِعَائِشَةَ فِي شَوَّالٍ، بَعْدَ وَقْعَةِ بَدْرٍ، فَمَا تَزَوَّجَ بِكْراً سِوَاهَا، وَأَحَبَّهَا حُبّاً شَدِيْداً كَانَ يَتَظَاهَرُ بِهِ، بِحَيْثُ إِنَّ عَمْرَو بنَ العَاصِ -وَهُوَ مِمَّنْ أَسْلَمَ سَنَةَ ثَمَانٍ مِنَ الهِجْرَةِ- سَأَلَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: أَيُّ النَّاسِ أَحَبُّ إِلَيْكَ يَا رَسُوْلَ اللهِ؟ قَالَ: (عَائِشَةُ). قَالَ: فَمِنَ الرِّجَالِ؟ قَالَ: (أَبُوْهَا). وَهَذَا خَبَرٌ ثَابِتٌ عَلَى رَغْمِ أُنُوْفِ الرَّوَافِضِ، وَمَا كَانَ -عَلَيْهِ السَّلاَمُ- لِيُحِبَّ إِلاَّ طَيِّباً. وَقَدْ قَالَ: (لَوْ كُنْتُ مُتَّخِذاً خَلِيْلاً مِنْ هَذِهِ الأُمَّةِ، لاتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ خَلِيْلاً، وَلَكِنْ أُخُوَّةُ الإِسْلاَمِ أَفْضَلُ). فَأَحَبَّ أَفْضَلَ رَجُلٍ مِنْ أُمَّتِهِ، وَأَفْضَلَ امْرَأَةٍ مِنْ أُمَّتِهِ، فَمَنْ أَبْغَضَ حَبِيْبَيْ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَهُوَ حَرِيٌّ أَنْ يَكُوْنَ بَغِيْضاً إِلَى اللهِ وَرَسُوْلِهِ. وَحُبُّهُ -عَلَيْهِ السَّلاَمُ- لِعَائِشَةَ كَانَ أَمْراً مُسْتَفِيْضاً. وقال الزركشي كُنْيَتُهَا: أُمُّ عَبْدِ اللهِ كَنَّاهَا بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِابْنِ أُخْتهَا عَبْدِ اللهِ بْنِ الزُّبَيْرِ. رَوَاهُ أَبُوْدَاوُدَ. وَقَالَ الْحَاكِمُ: صَحِيْح الإسْنَاد. وَعَائِشَةُ مَأْخُوْذَةٌ مِنَ الْعَيْشِ. وفاتها توفيت رضي الله عنها في خلافة معاوية رضي الله عنه، ليلة الثلاثاء، السابع عشر من رمضان، سنة ثمان وخمسين من الهجرة، وهي ابنة ست وستين سنة، ودفنت بالبقيع. وأمرت أن تدفن من ليلتها، واجتمع الأنصار وحضروا؛ فلم تر ليلة أكثر ناسا منها، فدفنت بعد صلاة الوتر بالبقيع وصلى عليها إماما للجنازة الصحابي الجليل أبو هريرة رضي الله عنه. ونزل في قبرها خمسة من محارمها هم: عبد الله بن الزبير، وعروة بن الزبير والقاسم بن محمد وعبد الله بن محمد بن أبي بكر الصديق وعبد الله بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق. فضلها ومناقبها مناقب أم المؤمنين عظيمة وفضائلها كثيرة، وقد عددها جمع من العلماء منهم الذهبي في "السير" وابن القيم رحمه الله في "جلاء الأفهام"، والزركشي في "الإجابة"، والهيتمي في "الزواجر"، وغيرهم؛ وهذا ملخص لأهم ما جاء في فضلها ومناقبها. قال الآجري: فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: فَلَمْ صَارَ الشَّيُوخُ يَذْكُرُونَ فَضَائِلَ عَائِشَةَ دُونَ سَائِرِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِمَّنْ كَانَ بَعْدَهَا، أَعْنِي: بَعْدَ خَدِيجَةَ وَبَعْدَ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا؟ قِيلَ لَهُ: لَمَّا أَنْ حَسَدَهَا قَوْمٌ مِنَ الْمُنَافِقِينَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَمَوْهَا بِمَا قَدْ بَرَّأَهَا اللَّهُ تَعَالَى مِنْهُ وَأَنْزَلَ فِيهِ الْقُرْآنَ وَأَكْذَبَ فِيهِ مِنْ رَمَاهَا بِبَاطِلِهِ، فَسَرَّ اللَّهُ الْكَرِيمُ بِهِ رَسُولَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, وَأَقَرَّ بِهِ أَعْيَنَ الْمُؤْمِنِينَ, وَأَسْخَنَ بِهِ أَعْيَنَ الْمُنَافِقِينَ،عِنْدَ ذَلِكَ عُنِي الْعُلَمَاءُ بِذِكْرِ فَضَائِلِهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ زَوْجَةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ. ثم قال: فَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِمَّنْ يَشْنَأُ عَائِشَةَ حَبِيبَةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الطَّيِّبَةَ الْمُبَرَّأَةَ الصِّدِّيقَةَ ابْنَةَ الصِّدِّيقِ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا وَعَنْ أَبِيهَا خَلِيفَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. - أنها أم المؤمنين بنص كتاب الله: قال تعالى: (النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ) (الأحزاب: 6). قال ابن كثير -رحمه الله-: أي: في الحرمة والاحترام، والإكرام والتوقير والإعظام. - فضيلة من قوله تعالى: (يَا نِسَاءَ النّبِيّ لَسْتُنّ كَأَحَدٍ مّنَ النساء) (الأحزاب) قال ابن كثير: فإنه لا يشبههن أحد من النساء، ولا يلحقهن في الفضيلة. - أن باختيارها مع أزواج النبي ؛ النبي صلى الله عليه وسلم على الفراق يدخلن في قوله تعالى: (وَإِن كُنتُنّ تُرِدْنَ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَالدّارَ الاَخِرَةَ فَإِنّ اللّهَ أَعَدّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنكُنّ أَجْراً عَظِيماً) (سورة الأحزاب: 29). قال السعدي -رحمه الله-: فخيَّرهن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك، فاخترن الله ورسوله، والدار الآخرة، كلهن، ولم يتخلف منهن واحدة، رضي الله عنهن. وفي هذا التخيير فوائد عديدة: ومنها: إظهار رفعتهن، وعلو درجتهن، وبيان علو هممهن، أن كان الله ورسوله والدار الآخرة، مرادهن ومقصودهن، دون الدنيا وحطامها. - أنها من أهل البيت الذين شرفهم الله عز وجل بقوله تعالى: (إِنّمَا يُرِيدُ اللّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُـمُ الرّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهّرَكُمْ تَطْهِيــراً*وَاذْكُـرْنَ مَا يُتْـلَىَ فِي بُيُوتِكُـنّ مِنْ آيَاتِ اللّهِ وَالْحِكْــمَةِ إِنّ اللّهَ كَانَ لَطِيفاً خَبِيراً) (الأحزاب: 33-34). - نزول براءتها من فوق سبع سماوات: قال تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ) (النور: 11). وقال ابن عباس رضي الله عنه لها في خبر وفاتها: "مَا بَيْنَكِ وَبَيْنَ أَنْ تَلْقَيْ مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والأحِبَّةَ، إِلا أَنْ تَخْرُجَ الرُّوحُ مِنَ الجَسَدِ، كُنْتِ أَحَبَّ نِسَاءِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِلَى رَسُولِ اللهِ، وَلَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللهِ يُحِبُّ إِلا طَيِّبًا"،...، وَأَنْزَلَ اللهُ بَرَاءَتَكِ مِنْ فَوْقِ سَبْعِ سَمَاوَاتٍ، جَاءَ بِهِ الرُّوحُ الأمِينُ". - أَنَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يتزوج بكراً غيرها: فعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَرَأَيْتَ لَوْ نَزَلْتَ وَادِيًا وَفِيهِ شَجَرَةٌ قَدْ أُكِلَ مِنْهَا، وَوَجَدْتَ شَجَرًا لَمْ يُؤْكَلْ مِنْهَا، فِي أَيِّهَا كُنْتَ تُرْتِعُ بَعِيرَكَ؟ قَالَ: «فِي الَّذِي لَمْ يُرْتَعْ مِنْهَا» تَعْنِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَتَزَوَّجْ بِكْرًا غَيْرَهَا. - فَضْلَ عَائِشَةَ عَلَى النِّسَاءِ كَفَضْلِ الثَّرِيدِ عَلَى سَائِرِ الطَّعَامِ: عَنْ أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "كَمَلَ مِنَ الرِّجَالِ كَثِيرٌ، وَلَمْ يَكْمُلْ مِنَ النِّسَاءِ: إلاَّ آسِيَةُ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ، وَمَرْيَمُ بِنْتُ عِمْرَانَ، وَإِنَّ فَضْلَ عَائِشَةَ عَلَى النِّسَاءِ كَفَضْلِ الثَّرِيدِ عَلَى سَائِرِ الطَّعَامِ". - زواجها بوحي من الله: عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ لَهَا: "أُرِيتُكِ فِي المَنَامِ مَرَّتَيْنِ، أَرَى أَنَّكِ فِي سَرَقَةٍ مِنْ حَرِيرٍ، وَيَقُولُ: هَذِهِ امْرَأَتُكَ، فَاكْشِفْ عَنْهَا، فَإِذَا هِيَ أَنْتِ، فَأَقُولُ: إِنْ يَكُ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ يُمْضِهِ". وعَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ جِبْرِيلَ، جَاءَ بِصُورَتِهَا فِي خِرْقَةِ حَرِيرٍ خَضْرَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «هَذِهِ زَوْجَتُكَ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ». - زوجة النبي صلى الله عليه وسلم في الدنيا والآخرة: عن عَائِشَةُ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَكَرَ فَاطِمَةَ..، قَالَتْ: فَتَكَلَّمْتُ أَنَا، فَقَالُ: «أَمَا تَرْضَيْنَ أَنْ تَكُونِي زَوْجَتِي فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ؟»، قُلْتُ: بَلَى وَاللَّهِ، قَالَ: «فَأَنْتِ زَوْجَتِي فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ». وعَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ أَزْوَاجُكَ فِي الْجَنَّةِ قَالَ: "أَمَا إِنَّكِ مِنْهُنَّ" قَالَتْ: فَخُيِّلَ إِلَيَّ أَنَّ ذَاكَ أَنَّهُ لم يتزوج بكراً غيري". وعَنْ أَبِي وَائِلٍ، قَامَ عَمَّارٌ رضي الله عنه عَلَى مِنْبَرِ الكُوفَةِ، فَذَكَرَ عَائِشَةَ، وَذَكَرَ مَسِيرَهَا، وَقَالَ: "إِنَّهَا زَوْجَةُ نَبِيِّكُمْ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ". - أحب الناس للنبي صلى الله عليه وسلم: عَنْ أَبِي عُثْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ العَاصِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بَعَثَهُ عَلَى جَيْشِ ذَاتِ السُّلاَسِلِ، فَأَتَيْتُهُ فَقُلْتُ: "أَيُّ النَّاسِ أَحَبُّ إِلَيْكَ؟ قَالَ: «عَائِشَةُ»، فَقُلْتُ: مِنَ الرِّجَالِ؟ فَقَالَ: «أَبُوهَا»، قُلْتُ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: «ثُمَّ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ» فَعَدَّ رِجَالاً. وعن عمر رضي الله عنه أنه دخل على حفصة فقال: يَا بُنَيَّةُ لاَ يَغُرَّنَّكِ هَذِهِ الَّتِي أَعْجَبَهَا حُسْنُهَا حُبُّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِيَّاهَا - يُرِيدُ عَائِشَةَ. - محبة النبي صلى الله عليه وسلم المسير معها والتحدث إليها" عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: "كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا خَرَجَ أَقْرَعَ بَيْنَ نِسَائِهِ فَطَارَتِ الْقُرْعَةُ عَلَى عَائِشَةَ وَحَفْصَةَ فَخَرَجَتَا مَعَهُ جَمِيعًا، وَكَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِذَا كَانَ بِاللَّيْلِ، سَارَ مَعَ عَائِشَةَ يَتَحَدَّثُ مَعَهَا، فَقَالَتْ حَفْصَةُ لِعَائِشَةَ: أَلا تَرْكَبِينَ اللَّيْلَةَ بَعِيرِي وَأَرْكَبُ بَعِيرَكِ، فَتَنْظُرِينَ وَأَنْظُرُ؟ قَالَتْ: بَلَى، فَرَكِبَتْ عَائِشَةُ عَلَى بَعِيرِ حَفْصَةَ، وَرَكِبَتْ حَفْصَةُ عَلَى بَعِيرِ عَائِشَةَ، فَجَاءَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى جَمَلِ عَائِشَةَ وَعَلَيْهِ حَفْصَةُ، فَسَلَّمَ ثُمَّ سَارَ مَعَهَا، حَتَّى نَزَلُوا، فَافْتَقَدَتْهُ عَائِشَةُ فَغَارَتْ، فَلَمَّا نَزَلُوا جَعَلَتْ تَجْعَلُ رِجْلَهَا بَيْنَ الإذْخِرِ وَتَقُولُ يَا رَبِّ سَلِّطْ عَلَيَّ عَقْرَبًا أَوْ حَيَّةً تَلْدَغُنِي وَلَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أَقُولَ لَهُ شَيْئًا. - صور من محبته لها: عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: «كُنْتُ أَشْرَبُ وَأَنَا حَائِضٌ، ثُمَّ أُنَاوِلُهُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؛فَيَضَعُ فَاهُ عَلَى مَوْضِعِ فِيَّ، فَيَشْرَبُ، وَأَتَعَرَّقُ الْعَرْقَ وَأَنَا حَائِضٌ، ثُمَّ أُنَاوِلُهُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَضَعُ فَاهُ عَلَى مَوْضِعِ فِيَّ». وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم: يقبلها وهو صائم. وعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنِّي لأعْلَمُ إِذَا كُنْتِ عَنِّي رَاضِيَةً، وَإِذَا كُنْتِ عَلَيَّ غَضْبَى» قَالَتْ: فَقُلْتُ: مِنْ أَيْنَ تَعْرِفُ ذَلِكَ؟ فَقَالَ: "أَمَّا إِذَا كُنْتِ عَنِّي رَاضِيَةً، فَإِنَّكِ تَقُولِينَ: لاَ وَرَبِّ مُحَمَّدٍ، وَإِذَا كُنْتِ عَلَيَّ غَضْبَى، قُلْتِ: لاَ وَرَبِّ إِبْرَاهِيمَ" قَالَتْ: قُلْتُ: أَجَلْ وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا أَهْجُرُ إِلا اسْمَكَ. - وُجُوْب مَحَبَّتِهَا عَلَى كُلِّ أَحَدٍ، ذكره الزركشي في الإجابة: فَفِي "الصَحِيْح" لَمَّا جَاءَت فَاطِمَة رَضِيَ اللهُ عَنْهُا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهَا: أَلَسْتِ تُحِبِّيْنَ مَا أُحِبُّ؟ قَالَتْ: بَلَى قَالَ: فأَحِبِّيْ هَذِهِ.يَعْنِيْ عَائِشَةَ". - كَانَ يَتْبَعُ رِضَاهَا: عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّهَا كَانَتْ تَلْعَبُ بِالْبَنَاتِ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَتْ: وَكَانَتْ تَأْتِينِي صَوَاحِبِي فَكُنَّ يَنْقَمِعْنَ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَتْ: «فَكَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُسَرِّبُهُنَّ إِلَيَّ». قال الزركشي في بيان خصائص عائشة: كَانَ يَتْبَعُ رِضَاهَا كَلَعْبِهَا بِاللُّعَبِ، وَوَقُوْفِهِ فِيْ وَجْهِهَا لِتَنْظُرَ إِلَى الْحَبَشَةِ يَلْعَبُوْنَ. وَاسْتَنْبَطَ الْعُلَمًاءُ مِنْ ذَلِكَ أَحْكَامًا كَثِيْرةً فَمَا أَعْظَمَ بَرَكَتُهَا. - إكرام جبريل لها: عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم: "فَإِنَّ جِبْرِيلَ أَتَانِي حِينَ رَأَيْتِ، فَنَادَانِي، فَأَخْفَاهُ مِنْكِ، فَأَجَبْتُهُ، فَأَخْفَيْتُهُ مِنْكِ، وَلَمْ يَكُنْ يَدْخُلُ عَلَيْكِ وَقَدْ وَضَعْتِ ثِيَابَكِ، وَظَنَنْتُ أَنْ قَدْ رَقَدْتِ، فَكَرِهْتُ أَنْ أُوقِظَكِ، وَخَشِيتُ أَنْ تَسْتَوْحِشِي. - جبريل يقرئ عائشة السلام: عن عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا: «يَا عَائِشَ، هَذَا جِبْرِيلُ يُقْرِئُكِ السَّلاَمَ» فَقُلْتُ: وَعَلَيْهِ السَّلاَمُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ، تَرَى مَا لاَ أَرَى «تُرِيدُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ». - نزول الوحي على رسول الله صلى الله عليه وسلم في لحاف عائشة: عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: أَنَّ نِسَاءَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُنَّ حِزْبَيْنِ، فَحِزْبٌ فِيهِ عَائِشَةُ وَحَفْصَةُ وَصَفِيَّةُ وَسَوْدَةُ، وَالحِزْبُ الآخَرُ أُمُّ سَلَمَةَ وَسَائِرُ نِسَاءِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَانَ المُسْلِمُونَ قَدْ عَلِمُوا حُبَّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَائِشَةَ، فَإِذَا كَانَتْ عِنْدَ أَحَدِهِمْ هَدِيَّةٌ يُرِيدُ أَنْ يُهْدِيَهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَخَّرَهَا حَتَّى إِذَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَيْتِ عَائِشَةَ، بَعَثَ صَاحِبُ الهَدِيَّةِ بِهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَيْتِ عَائِشَةَ، فَكَلَّمَ حِزْبُ أُمِّ سَلَمَةَ فَقُلْنَ لَهَا: كَلِّمِي رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُكَلِّمُ النَّاسَ، فَيَقُولُ: مَنْ أَرَادَ أَنْ يُهْدِيَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَدِيَّةً، فَلْيُهْدِهِ إِلَيْهِ حَيْثُ كَانَ مِنْ بُيُوتِ نِسَائِهِ، فَكَلَّمَتْهُ أُمُّ سَلَمَةَ بِمَا قُلْنَ، فَلَمْ يَقُلْ لَهَا شَيْئًا، فَسَأَلْنَهَا، فَقَالَتْ: مَا قَالَ لِي شَيْئًا، فَقُلْنَ لَهَا، فَكَلِّمِيهِ قَالَتْ: فَكَلَّمَتْهُ حِينَ دَارَ إِلَيْهَا أَيْضًا، فَلَمْ يَقُلْ لَهَا شَيْئًا، فَسَأَلْنَهَا، فَقَالَتْ: مَا قَالَ لِي شَيْئًا، فَقُلْنَ لَهَا: كَلِّمِيهِ حَتَّى يُكَلِّمَكِ، فَدَارَ إِلَيْهَا فَكَلَّمَتْهُ، فَقَالَ لَهَا: «لاَ تُؤْذِينِي فِي عَائِشَةَ فَإِنَّ الوَحْيَ لَمْ يَأْتِنِي وَأَنَا فِي ثَوْبِ امْرَأَةٍ، إِلا عَائِشَةَ»، قَالَتْ: فَقَالَتْ: أَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مِنْ أَذَاكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، ثُمَّ إِنَّهُنَّ دَعَوْنَ فَاطِمَةَ بِنْتَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَرْسَلَتْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَقُولُ: إِنَّ نِسَاءَكَ يَنْشُدْنَكَ اللَّهَ العَدْلَ فِي بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ، فَكَلَّمَتْهُ فَقَالَ: «يَا بُنَيَّةُ أَلاَ تُحِبِّينَ مَا أُحِبُّ؟»، قَالَتْ: بَلَى... الحديث. - بركة عائشة رضي الله عنها: عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَتْ: "خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ، حَتَّى إِذَا كُنَّا بِالْبَيْدَاءِ أَوْ بِذَاتِ الجَيْشِ انْقَطَعَ عِقْدٌ لِي، فَأَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى التِمَاسِهِ، وَأَقَامَ النَّاسُ مَعَهُ وَلَيْسُوا عَلَى مَاءٍ، فَأَتَى النَّاسُ إِلَى أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ، فَقَالُوا: أَلاَ تَرَى مَا صَنَعَتْ عَائِشَةُ؟ أَقَامَتْ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالنَّاسِ وَلَيْسُوا عَلَى مَاءٍ، وَلَيْسَ مَعَهُمْ مَاءٌ، فَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاضِعٌ رَأْسَهُ عَلَى فَخِذِي قَدْ نَامَ، فَقَالَ: حَبَسْتِ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالنَّاسَ، وَلَيْسُوا عَلَى مَاءٍ، وَلَيْسَ مَعَهُمْ مَاءٌ، فَقَالَتْ عَائِشَةُ: فَعَاتَبَنِي أَبُو بَكْرٍ، وَقَالَ: مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَقُولَ وَجَعَلَ يَطْعُنُنِي بِيَدِهِ فِي خَاصِرَتِي، فَلاَ يَمْنَعُنِي مِنَ التَّحَرُّكِ إِلَّا مَكَانُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى فَخِذِي، «فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ أَصْبَحَ عَلَى غَيْرِ مَاءٍ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ آيَةَ التَّيَمُّمِ فَتَيَمَّمُوا»، فَقَالَ أُسَيْدُ بْنُ الحُضَيْرِ: مَا هِيَ بِأَوَّلِ بَرَكَتِكُمْ يَا آلَ أَبِي بَكْرٍ، قَالَتْ: فَبَعَثْنَا البَعِيرَ الَّذِي كُنْتُ عَلَيْهِ، فَأَصَبْنَا العِقْدَ تَحْتَهُ. - توفي رسول الله في حجرة عائشة وهو بين صدرها ونحرها: عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَسْأَلُ فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ، يَقُولُ: «أَيْنَ أَنَا غَدًا، أَيْنَ أَنَا غَدًا» يُرِيدُ يَوْمَ عَائِشَةَ، فَأَذِنَ لَهُ أَزْوَاجُهُ يَكُونُ حَيْثُ شَاءَ، فَكَانَ فِي بَيْتِ عَائِشَةَ حَتَّى مَاتَ عِنْدَهَا، قَالَتْ عَائِشَةُ: فَمَاتَ فِي اليَوْمِ الَّذِي كَانَ يَدُورُ عَلَيَّ فِيهِ، فِي بَيْتِي، فَقَبَضَهُ اللَّهُ وَإِنَّ رَأْسَهُ لَبَيْنَ نَحْرِي وَسَحْرِي، وَخَالَطَ رِيقُهُ رِيقِي، ثُمَّ قَالَتْ: دَخَلَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ وَمَعَهُ سِوَاكٌ يَسْتَنُّ بِهِ، فَنَظَرَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقُلْتُ لَهُ: أَعْطِنِي هَذَا السِّوَاكَ يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ، فَأَعْطَانِيهِ، فَقَضِمْتُهُ، ثُمَّ مَضَغْتُهُ، فَأَعْطَيْتُهُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاسْتَنَّ بِهِ، وَهُوَ مُسْتَنِدٌ إِلَى صَدْرِي. وعنها كَانَتْ تَقُولُ: إِنَّ مِنْ نِعَمِ اللَّهِ عَلَيَّ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تُوُفِّيَ فِي بَيْتِي، وَفِي يَوْمِي، وَبَيْنَ سَحْرِي وَنَحْرِي، وَأَنَّ اللَّهَ جَمَعَ بَيْنَ رِيقِي وَرِيقِهِ عِنْدَ مَوْتِهِ ... ولذلك قال الزركشي في تعداد خصائصها: وَفَاتُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيْ يَوْمِهَا, ودَفْنُهُ فِيْ بَيْتهَا بِبُقْعَةٍ هِيَ أَفْضَل بِقَاعِ الأَرْض بِإِجْمَاعِ الأمَّةِ. - دعاء النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة بمغفرة واجبة: عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّهَا قَالَتْ: لَمَّا رَأَيْتُ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طِيبَ نَفْسٍ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ادْعُ اللَّهَ لِي, فَقَالَ: "اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِعَائِشَةَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنَبِهَا وَمَا تَأَخَّرَ مَا أَسَرَّتْ وَمَا أَعْلَنَتْ، فَضَحِكَتْ عَائِشَةُ حَتَّى سَقَطَ رَأْسُهَا فِي حِجْرِهَا مِنَ الضَّحِكِ قَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَيَسُرُّكِ دُعَائِي"؟ فَقَالَتْ: وَمَا لِي لا يَسُرُّنِي دُعَاؤُكَ فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "وَاللَّهِ إِنَّهَا لَدُعَائِي لأمَّتِي فِي كل صلاة". - قول النبي صلى الله عليه وسلم لها:" كُنْتُ لَكِ كَأَبِي زَرْعٍ لأُمِّ زَرْعٍ: وقَالَتْ عَائِشَة رضي الله عنها ُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كُنْتُ لَكِ كَأَبِي زَرْعٍ لأم زَرْعٍ». قال النووي: قَالَ الْعُلَمَاءُ هُوَ تَطْيِيبٌ لِنَفْسِهَا وَإِيضَاحٌ لِحُسْنِ عِشْرَتِهِ إِيَّاهَا. - سَوْدَةَ وَهَبَتْ يومها لعائشة تبتغي رضا النبي صلى الله عليه وسلم: عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَرَادَ سَفَرًا أَقْرَعَ بَيْنَ نِسَائِهِ، فَأَيَّتُهُنَّ خَرَجَ سَهْمُهَا خَرَجَ بِهَا مَعَهُ، وَكَانَ يَقْسِمُ لِكُلِّ امْرَأَةٍ مِنْهُنَّ يَوْمَهَا وَلَيْلَتَهَا، غَيْرَ أَنَّ سَوْدَةَ بِنْتَ زَمْعَةَ وَهَبَتْ يَوْمَهَا وَلَيْلَتَهَا لِعَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، تَبْتَغِي بِذَلِكَ رِضَا رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ». - مداعبة النبي صلى الله عليه وسلم وممازحته لها: قَالَتْ عَائِشَةُ: لا أَزَالُ هَائِبَةً لِعُمَرَ بَعْدَ مَا رَأَيْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، صَنَعْتُ حَرِيرَةً وَعِنْدِي سَوْدَةُ بِنْتُ زَمْعَةَ جَالِسَةٌ، فَقُلْتُ لَهَا: كُلِي، فَقَالَتْ: لا أَشْتَهِي ولا آكُلُ، فَقُلْتُ: لَتَأْكُلِنَّ أَوْ لألْطَخَنَّ وَجْهَكِ، فَلَطَخْتُ وَجْهَهَا، فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ بَيْنِي وَبَيْنَهَا، فَأَخَذَتْ مِنْهَا فَلَطَخَتْ وَجْهِي، وَرَسُولُ اللَّهِ يَضْحَكُ، إِذْ سَمِعْنَا صَوْتًا جَاءَنَا يُنَادِي: يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ: «قُومَا فَاغْسلا وُجُوهَكُمَا، فَإِنَّ عُمَرَ دَاخِلٌ»، فَقَالَ عُمَرُ: السَّلامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ، السَّلامُ عَلَيْكُمْ، أَأَدْخُلُ؟ فَقَالَ: «ادْخُلِ ادْخُلْ». - قال الزركشي في بيان فضائل عائشة: كَانَ أَبُوْهَا أَحَبَّ الرِّجَالِ إِلَيْهِ وَأَعَزَّهُمْ عَلَيْهِ؛ وإَنَّ أَبَاهَا أَفْضَلُ النَّاسِ بَعْدَ رَسُوْلِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.وَقَدْ سُئِلَ عَنْ ذَلِكَ مَالِكٌ؛ فَقَالَ: وَهَلْ فِيْ ذَلِكَ شَكٌّ؟ وَقَدْ صَحَّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِيْ طَالِبٍ ذَلِكَ أَيْضًا. - قال الزركشي: أَنَّهَا كَانَتْ تَغْضَبُ فَيَتَرَضَّاهَا وَلَمْ يَثْبُتْ ذَلِكَ لِغَيْرِهَا. فعَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ، قَالَ: اسْتَأْذَنَ أَبُو بَكْرٍ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَمِعَ صَوْتَ عَائِشَةَ عَالِيًا، فَلَمَّا دَخَلَ تَنَاوَلَهَا لِيَلْطِمَهَا، وَقَالَ: أَلا أَرَاكِ تَرْفَعِينَ صَوْتَكِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَجَعَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَحْجِزُهُ، وَخَرَجَ أَبُو بَكْرٍ مُغْضَبًا، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ خَرَجَ أَبُو بَكْرٍ «كَيْفَ رَأَيْتِنِي أَنْقَذْتُكِ مِنَ الرَّجُلِ؟» قَالَ: فَمَكَثَ أَبُو بَكْرٍ أَيَّامًا، ثُمَّ اسْتَأْذَنَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَوَجَدَهُمَا قَدِ اصْطَلَحَا، فَقَالَ لَهُمَا: أَدْخِلاانِي فِي سِلْمِكُمَا كَمَا أَدْخَلْتُمَانِي فِي حَرْبِكُمَا، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «قَدْ فَعَلْنَا قَدْ فَعَلْنَا». - وقال الزركشي في بيان خصائصها: أَنَّهَا أَفْضَلُ امْرَأَةٍ مَاتَ عَنْهَا رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِلا خِلافٍ.
عدل سابقا من قبل أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn في الإثنين 12 أبريل 2021, 1:06 am عدل 1 مرات |
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52561 العمر : 72
| موضوع: رد: الطاهرة المطهرة عائشة بنت الصديق رضي الله عنها السبت 18 يونيو 2011, 12:49 am | |
| عرض جوانب من حياتها بيت الفضل والكرم: فزوجها: هو سيد بني آدم خليل الرحمن رسول الله صلى الله عليه وسلم. وأبوها: هو أبو بكر الصديق رضي الله عنه، صاحب النبي صلى الله عليه وسلم في الغار, وخير هذه الأمة باتفاق العلماء. وأمها: هي أم رومان بنت عامر صحابية كريمة. قال الزركشي: لَمْ يَنْكَحِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ امْرَأَةً أَبَوَاهَا مُهَاجِرَانِ بِلا خِلافٍ سِوَاهَا. وقال: إنَّ أَبَاهَا وَجَدَّهَا صَحَابِيَّانِ وَشَارَكَهَا فِيْ ذَلِكَ جَمَاعَة قَلِيْلُوْنَ. وأختها لأبيها أسماء بنت أبي بكر ذات النطاقين رضي الله عنها صحابية جليلة زوجة الزبير ووالدة عبد الله بن الزبير رضي الله عنهم . وجدها لأبيها: أبو قحافة رضي الله عنه الذي أسلم ونال شرف صحبة النبي صلى الله عليه وسلم. وجدتها لأبيها: أم الخير سلمى بنت صخر التي أسلمت ، ونالت شرف الصحبة . وعماتها الثلاث من الصحابيات وهن: قريبة وأم عامر وأم فروة بنات أبي قحافة . وأخوها عبد الرحمن: من الصحابة الكرام. قال الزركشي: قَالَ: مُوْسَى بْنُ عُقْبَةَ: لا نَعْرِفُ أَرْبَعَةً أَدْرَكُوْا النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُمْ وَأَبْنَاؤُهُمْ إِلا هَؤُلاءِ الأرْبَعَةُ فَذَكَرَ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيْقَ وَأَبَاه وَابْنَهُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ وَابْنَهُ مُحَمَّدًا أَبَا عَتِيْقٍ. حَكَاهُ عَنْهُ ابْنُ الصَّلاحِ فِي النَّوْعِ الرَّابِعِ وَالأَرْبَعِيْنَ مِنْ "عُلُوْمِه"ِ. وَكَذَا صَاحِبُ "الْفِرْدَوْسِ"؛ وَقَالَ: ولا نَعْلَمُ مِنَ الْعَشْرَةِ أَحَدًا أَسْلَمَ أَبُوْهُ عَلَى يَدَيْ رَسُوْلِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلا أَبَا بَكْرٍ. فهذا بيت عائشة الكريم. عائشة الفقيهة: قال الذهبي: أَفْقَهُ نِسَاءِ الأُمَّةِ عَلَى الإِطْلاَقِ. وقال: "مُسْنَدُ عَائِشَةَ يَبْلُغُ ألفين ومئتين وَعَشْرَةِ أَحَادِيْثَ.اتَّفَقَ لَهَا البُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ عَلَى مئة وَأَرْبَعَةٍ وَسَبْعِيْنَ حَدِيْثاً وَانْفَرَدَ البُخَارِيُّ بِأَرْبَعَةٍ وَخَمْسِيْنَ وَانْفَرَدَ مُسْلِمٌ بِتِسْعَةٍ وَسِتِّيْنَ. وقَالَ الزُّهْرِيُّ: لَوْ جُمِعَ عِلْمُ عَائِشَةَ إِلَى عِلْمِ جَمِيعِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعِلْمِ جَمِيعِ النِّسَاءِ لَكَانَ عِلْمُ عَائِشَةَ أَفْضَلَ. وقال الزركشي: َ ذَكَرَها الشَّيْخ أَبُوْ إِسْحَاقَ الشِّيْرَازِيّ فِي "طَبَقَاته" فِي جُمْلَةِ فُقَهَاءِ الصَّحَابَةِ، وَلَمَّا ذَكَرَ ابْنُ حَزْمٍ أَسْمَاءَ الصَّحَابَةِ الَّذِيْنَ رُوِيَتْ عَنْهُمُ الْفَتَاوَى فِي الأحْكَام فِيْ مَزِيَّةِ كَثْرَةِ مَا نَقَلَ عَنْهُمْ؛ قَدَّمَ عَائِشَةَ عَلَى سَائِرِ الصَّحَابَة. وَقَالَ الْحَافِظُ أبو حفص عمر بن عَبْدِ الْمَجِيْدِ الْقُرَشِيُّ الْمِيَانَشِيُّ فِيْ كِتَابِ "إِيْضَاحُ ما لا يَسَعُ المحَدِّثَ جَهْلُهُ": اشْتَمَلَ كِتَابُ الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ عَلَى أَلْف حَدِيْثٍ وَمِائَتَيْ حَدِيْثٍ مِنَ الأحْكَام؛ فَرَوَتْ عَائِشَةُ مِنْ جُمْلَةِ الْكِتَابَيْنِ مِائَتَيْنِ وَنَيِّفًا وَتِسْعِيْنَ حَدِيْثًا لَمْ يَخْرُجْ عَنِ الأحْكَام مِنْهَا إِلا الْيَسِيْرُ. وقال الحاكم أبو عبدالله: فحمل عنها ربع الشريعة. وقال أبو حفص: وَرُوِيَنَا بِسَنَدِنَا عَنْ بَقِيِّ بْنِ مُخَلَّد: إِنَّ عَائِشَةَ رَوَتْ أَلْفَيْنِ وَمِائَتَيْ حَدِيْثٍ وعَشْرَةَ أَحَادِيْثَ, وَالَّذِيْنَ رَوَوْا الألُوْفَ عَنْ رَسُوْلِ اللهِ أَرْبَعَةٌ أَبُوْ هُرَيْرَةَ وَعَبْد اللهِ بْنُ عَمْرٍو وَأَنَس بْنُ مَالِكٍ وَعَائِشَةُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُم. وقال الزركشي: وذكر أبو عمر بْنُ عَبْدِ الْبَرِّ رَحِمَهُ اللهُ أَنَّهَا كَانَتْ وَحِيْدَةَ عَصْرِهَا فِيْ ثلاثة عُلُوْم: عِلْمِ الْفِقْهِ وَعِلْمِ الطِّبِّ وَعِلْمِ الشِّعْرِ. وَقَالَ: أَبُوْ بَكْرٍ الْبَزَّار فِيْ "مُسْنَدِهِ": حَدَّثَنَا عَمْرو بْنُ عَلِيٍّ ثَنَا خَلادُ بْن يَزَيْد ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَبُوْ غَرَازَةَ زَوْجُ خَيْرَةَ قَالَ: حَدَّثَنِيْ عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ قَالَ: قُلْتُ لِعَائِشَةَ: إنِّيْ لأتَفَكَّرُ فِيْ أَمْرِكِ فَأَعْجَبُ أَجِدُكُ مِنْ أَفْقَهِ النَّاسِ فَقُلْتُ: مَا يَمْنَعُهَا زَوْجَةُ رَسُوْلِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَابْنَة أَبِيْ بَكْرٍ، وَأَجِدُكِ عَالِمَةً بِأَيَّامِ الْعَرَبِ وَأَنَسابِهَا وَأَشْعَارِهَ! فَقُلْتُ: وَمَا يَمْنَعُهَا وَأَبُوْهَا عَلاَمَةُ قُرَيْشٍ وَلَكِنْ إِنَّمَا أَعْجَبُ أَنْ وَجَدْتُكِ عَالِمَةً بِالطِّبِّ ؛فَمِنْ أَيْنَ؟ فَأَخَذْتُ بِيَدَيَّ وَقَالَتْ: يا عرية: إن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كثر سقمه؛ فَكَانَ أَطِبَّاءُ الْعَرَبِ وَالْعَجَمِ يَنْعِتُوْنَ لَهُ فَتَعَلَّمْتُ ذَلِكَ. قَالَ: وَهَذَا الْحَدِيْثُ لا نَعْلَمُهُ مَرْوِيًّا عَنْ عَائِشَةَ إِلا بِهَذَا الإسْنَادِ.وَمُحَمَّدُ بْنُ عبد الرحمن مختلف فيه. لكن رواه أبو نعيم فِي "الْحِلْيَةِ" عَنْهُ مِنْ جِهَةِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ: ثَنَا عَبْد اللهِ بْنُ مُعَاوِيَةُ الزُّبَيْريُّ ثَنَا هِشَام بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيْهِ بِهِ. قال الزركشي: وورد في الْحَاكِمِ نَحْوُهُ مِنْ جِهَةِ إِسْرَائِيْل عَنْ هِشَام وقال: صحيح الإسناد.قال الذهبي في "مُخْتَصَرهِ": عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ. وعن أبي موسى الأشعري -رَضِي الْلَّه عَنْه- قال: مَا أُشكلَ عَلَيْنَا أَصْحَاب رَسُوْل الْلَّه -صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم- حَدِيْث قَط فَسَأَلْنَا عَائِشَة -رَضِي الْلَّه عَنْهَا- إِلا وَجَدْنَا عِنْدَهَا مِنْه عِلْمَاً. وعن هشام بن عروة أن أباه -عروة بن الزبير بن العوام- ذكر عائشة -رَضِي الْلَّه عَنْهَا- فقال: كَانَت أَعْلَم الْنَّاس بِالْحَدِيْث، وَأَعْلَم الْنَّاس بِالْقُرْآَن، وَأَعْلَم الْنَّاس بِالْشِّعْر. وعن عَطَاء بْن رَبَاح قال: كَانَت عَائِشَة -رَضِي الْلَّه عَنْهَا- أَفْقَه الْنَّاس، وَأَعْلَم الْنَّاس، وَأَحْسَن الْنَّاس رَأْيَا فِي الْعَامَّة. وعن مَسْرُوْق بِن الأجْدَع قال: لَقَد رَأَيْت الأكابر مِن أَصْحَاب رَسُوْل الْلَّه -صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم- يَسْأَلُوْن عَائِشَة -رَضِي الْلَّه عَنْهَا- عَن الْفَرَائِض. وعَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيْهِ قَالَ: لَقَدْ صَحِبْتُ عَائِشَةَ فَمَا رَأَيْتُ أَحَداً قَطُّ كَانَ أَعْلَمَ بِآيَةٍ أُنْزِلَتْ وَلاَ بِفَرِيْضَةٍ وَلاَ بِسُنَّةٍ وَلاَ بِشِعْرٍ وَلاَ أَرْوَى لَهُ وَلاَ بِيَوْمٍ مِنْ أَيَّامِ العَرَبِ وَلاَ بِنَسَبٍ وَلاَ بِكَذَا وَلاَ بِكَذَا وَلاَ بِقَضَاءٍ وَلاَ طِبٍّ مِنْهَا.فَقُلْتُ لَهَا: يَا خَالَةُ، الطِّبُّ مِنْ أَيْنَ عُلِّمْتِهِ? فَقَالَتْ: كُنْتُ أَمْرَضُ فَيُنْعَتُ لِيَ الشَّيْءُ وَيَمْرَضُ المَرِيْضُ فَيُنْعَتُ لَهُ وَأَسْمَعُ الناس ينعت بعضهم لبعض فأحفظه. وقد ساهم في هذا العلم عند عائشة رضي الله عنها أمور بعد توفيق الله: - ما امتازت به من الذكاء وقوة الحفظ بالإضافة إلى فصاحة لسانها وعلمها بالعربية. - زواجها في سن مبكر من النبي صلى الله عليه وسلم، ونشأتها في بيت النبوة, تشاهد أحوال النبي صلى الله عليه وسلم, وتطلع على أخباره، وتعلم خاصة شؤونه، ومما روته أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ «يُدْرِكُهُ الفَجْرُ وَهُوَ جُنُبٌ مِنْ أَهْلِهِ، ثُمَّ يَغْتَسِلُ، وَيَصُومُ». - كما تعلمت عامة شؤون النساء؛ فقد كانت تتلقى من النبي صلى الله عليه وسلم الفقه مباشرة، من ذلك، أَنَّ امْرَأَةً قَالَتْ لِعَائِشَةَ: أَتَجْزِي إِحْدَانَا صَلاَتَهَا إِذَا طَهُرَتْ؟ فَقَالَتْ: أَحَرُورِيَّةٌ أَنْتِ؟ «كُنَّا نَحِيضُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلاَ يَأْمُرُنَا بِهِ» أَوْ قَالَتْ: فَلاَ نَفْعَلُهُ. - وكانت تستمع إلى أجوبته على أسئلة النساء اللاتي يقصدن بيتها لسؤال النبي صلى الله عليه وسلم عن بعض شؤونهن، من ذلك أَنَّ امْرَأَةً سَأَلَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ غُسْلِهَا مِنَ المَحِيضِ، فَأَمَرَهَا كَيْفَ تَغْتَسِلُ، قَالَ: «خُذِي فِرْصَةً مِنْ مَسْكٍ، فَتَطَهَّرِي بِهَا» قَالَتْ: كَيْفَ أَتَطَهَّرُ؟ قَالَ: «تَطَهَّرِي بِهَا»، قَالَتْ: كَيْفَ؟ قَالَ: «سُبْحَانَ اللَّهِ، تَطَهَّرِي» فَاجْتَبَذْتُهَا إِلَيَّ، فَقُلْتُ: تَتَبَّعِي بِهَا أَثَرَ الدَّمِ. - وكانت تشهد نزول الوحي على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكانت رضي الله عنها تسأل الرسول صلى الله عليه وسلم عن معاني القرآن الكريم، وإلى ما تشير إليه بعض الآيات، فجمعت بذلك شرف تلقي القرآن من النبي صلى الله عليه وسلم فور نزوله وتتلقى معانيه أيضاً من رسول الله صلى الله عليه وسلم. من ذلك ماجاء عن عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ هَذِهِ الآيَةِ: (وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ) (المؤمنون:60). قَالَتْ عَائِشَةُ: أَهُمُ الَّذِينَ يَشْرَبُونَ الخَمْرَ وَيَسْرِقُونَ؟ قَالَ: "لا يَا بِنْتَ الصِّدِّيقِ، وَلَكِنَّهُمُ الَّذِينَ يَصُومُونَ وَيُصَلُّونَ وَيَتَصَدَّقُونَ، وَهُمْ يَخَافُونَ أَنْ لا تُقْبَلَ مِنْهُمْ (أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ). - كونها ابنة أبي بكر الصديق، فوالدها كان علامة العرب في الأنساب وأحد فصحائهم وبلغائهم، وقد أخذت رضي الله عنها ، عنه وتعلمت منه، فعن هِشَامُ بنُ عُرْوَةَ قَالَ كَانَ عُرْوَةُ يَقُوْلُ لِعَائِشَةَ: يَا أُمَّتَاهُ لاَ أَعْجَبُ مِنْ فِقْهِكِ أَقُوْلُ: زَوْجَةُ نَبِيِّ اللهِ وَابْنَةُ أَبِي بَكْرٍ، وَلاَ أَعْجَبُ مِنْ عِلْمِكِ بِالشِّعْرِ وَأَيَّامِ النَّاسِ أَقُوْلُ: ابْنَةُ أَبِي بَكْرٍ وَكَانَ أَعْلَمَ النَّاسِ. - وكانت رضي الله عنها تضع حجاباً بينها وبين تلاميذها، فمما نقله عنها تلميذها مسروق رحمه الله عن عائشة قالت: كُنْتُ أَفْتِلُ قَلائِدَ هَدْيِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدَيَّ. قَالَ مَسْرُوقٌ: فَسَمِعْتُ تَصْفِيقَهَا بِيَدَيْهَا مِنْ وَرَاءِ الْحِجَابِ وَهِيَ تُحَدِّثُ بِذَلِكَ . وعنْ يُوسُفَ بْنِ مَاهَكَ، قَالَ: كَانَ مَرْوَانُ عَلَى الحِجَازِ اسْتَعْمَلَهُ مُعَاوِيَةُ فَخَطَبَ، فَجَعَلَ يَذْكُرُ يَزِيدَ بْنَ مُعَاوِيَةَ لِكَيْ يُبَايَعَ لَهُ بَعْدَ أَبِيهِ، فَقَالَ لَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ شَيْئًاً، فَقَالَ: خُذُوهُ، فَدَخَلَ بَيْتَ عَائِشَةَ فَلَمْ يَقْدِرُوا، فَقَالَ مَرْوَانُ: إِنَّ هَذَا الَّذِي أَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِ، (وَالَّذِي قَالَ لِوَالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُمَا أَتَعِدَانِنِي) (الأحقاف: 17)، فَقَالَتْ عَائِشَةُ مِنْ وَرَاءِ الحِجَابِ: «مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فِينَا شَيْئًا مِنَ القُرْآنِ إلا أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ عُذْرِي». مدرسة عائشة: لقد كان لعائشة رضي الله عنها عدد كبير من التلاميذ ،وكانوا يأتونها من العراق والشام وأنحاء الجزيرة. منهم: ابنا أخيها القاسم وعبد الله ابنا محمد بن أبي بكر الصديق، وابنا أختها عبد الله وعروة ابنا الزبير بن العوام، وعباد بن حبيب بن عبد الله بن الزبير. ومن الصحابة: عمرو بن العاص وأبو موسى الأشعري وزيد بن خالد الجهني وأبو هريرة وابن عمر وابن عباس وربيعة بن عمرو الجرشي والسائب بن يزيد والحارث بن عبد الله بن نوفل وغيرهم. ومن أكابر التابعين: سعيد بن المسيب، وعبد الله بن عامر بن ربيعة، وعلقمة بن قيس وعمرو بن ميمون، ومطرف بن عبد الله بن الشخير، ومسروق بن الأجدع، وعطاء بن أبي رباح وغيرهم كثير. وكان لها عدد كبير من النساء يأخذن عنها العلم: كأمثال بنت أخيها أسماء بنت عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق، وبهية مولاة أبي بكر الصديق، وبنت أخيها حفصة بنت عبدالرحمن بن أبي بكر الصديق، وخيرة أم الحسن البصري، وزينب بنت أبي سلمة ربيبة النبي صلى الله عليه وسلم، وصفية بنت أبي عبيد امرأة عبد الله بن عمر، وعائشة بنت طلحة بن عبيد الله، وعمرة بنت عبد الرحمن، وقمير امرأة مسروق بن الأجدع، ومسيكة المكية أم يوسف بن ماهك، ومعاذة العدوية، وغيرهن. قال الزهري: أول من كشف الغمة عن الناس وبيَّنَ لهم السُّنَّة في ذلك عائشة رضي الله عنها. منهج المدرسة: أولاً: كانت رضي الله عنها تتبع المنهج العلمي أي توثيق المسائل بما ورد في الكتاب والسنة، فلما ذُكر لها قول ابن عمر رضي الله عنه كما جاء عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْتَشِرِ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: سَأَلْتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، عَنِ الرَّجُلِ يَتَطَيَّبُ، ثُمَّ يُصْبِحُ مُحْرِمًا؟ فَقَالَ: مَا أُحِبُّ أَنْ أُصْبِحَ مُحْرِمًا أَنْضَخُ طِيبًا، لَأَنْ أَطَّلِيَ بِقَطِرَانٍ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَفْعَلَ ذَلِكَ، فَدَخَلْتُ عَلَى عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا فَأَخْبَرْتُهَا، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ قَالَ: مَا أُحِبُّ أَنْ أُصْبِحَ مُحْرِمًا أَنْضَخُ طِيبًا، لَأَنْ أَطَّلِيَ بِقَطِرَانٍ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَفْعَلَ ذَلِكَ، فَقَالَتْ عَائِشَةُ: «أَنَا طَيَّبْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ إِحْرَامِهِ، ثُمَّ طَافَ فِي نِسَائِهِ، ثُمَّ أَصْبَحَ مُحْرِمًا». ثانياً: كانت رضي الله عنها تتورع عن الكلام بغير علم فعَنْ عَنْ شُرَيْحِ بْنِ هَانِئٍ، قَالَ: أَتَيْتُ عَائِشَةَ أَسْأَلُهَا عَنِ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ، فَقَالَتْ: عَلَيْكَ بِابْنِ أَبِي طَالِبٍ، فَسَلْهُ فَإِنَّهُ كَانَ يُسَافِرُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلْنَاهُ فَقَالَ: «جَعَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َثلاثة أَيَّامٍ وَلَيَالِيَهُنَّ لِلْمُسَافِرِ، وَيَوْمًا وَلَيْلَةً لِلْمُقِيمِ». ثالثا: كانت رضي الله عنها تعتمد على الجمع بين الأدلة وفهم مقاصد الشريعة وعلوم اللغة العربية. عن مسروق قَالَ: كُنْتُ مُتَّكِئًا عِنْدَ عَائِشَةَ فَقَالَتْ: يَا أَبَا عَائِشَةَ! ثَلاَثٌ مَنْ تَكَلَّمَ بِوَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ فَقَدْ أَعْظَمَ عَلَى اللَّهِ الْفِرْيَةَ. قُلْتُ: مَا هُنَّ؟ قَالَتْ: مَنْ زَعَمَ أَنَّ مُحَمَّدًا -صلى الله عليه وسلم- رَأَى رَبَّهُ فَقَدْ أَعْظَمَ عَلَى اللَّهِ الْفِرْيَةَ. قَالَ: وَكُنْتُ مُتَّكِئًا فَجَلَسْتُ، فَقُلْتُ: يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ، أَنْظِرِينِي وَلاَ تَعْجَلِينِي أَلَمْ يَقُلِ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ {وَلَقَدْ رَآهُ بِالأُفُقِ الْمُبِينِ} {وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى}. فَقَالَتْ: أَنَا أَوَّلُ هَذِهِ الأُمَّةِ سَأَلَ عَنْ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ: «إِنَّمَا هُوَ جِبْرِيلُ لَمْ أَرَهُ عَلَى صُورَتِهِ الَّتِى خُلِقَ عَلَيْهَا غَيْرَ هَاتَيْنِ الْمَرَّتَيْنِ رَأَيْتُهُ مُنْهَبِطًا مِنَ السَّمَاءِ سَادًّا عِظَمُ خَلْقِهِ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ إِلَى الأَرْضِ». فَقَالَتْ: أَوَلَمْ تَسْمَعْ أَنَّ اللَّهَ يَقُولُ: {لاَ تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ}، أَوَلَمْ تَسْمَعْ أَنَّ اللَّهَ يَقُولُ: {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلاَّ وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً فَيُوحِىَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ عَلِىٌّ حَكِيمٌ}. قَالَتْ: وَمَنْ زَعَمَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- كَتَمَ شَيْئًا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ فَقَدْ أَعْظَمَ عَلَى اللَّهِ الْفِرْيَةَ وَاللَّهُ يَقُولُ: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ}. قَالَتْ وَمَنْ زَعَمَ أَنَّهُ يُخْبِرُ بِمَا يَكُونُ فِى غَدٍ فَقَدْ أَعْظَمَ عَلَى اللَّهِ الْفِرْيَةَ، وَاللَّهُ يَقُولُ: {قُلْ لاَ يَعْلَمُ مَنْ في السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ الْغَيْبَ إِلاَّ اللَّهُ}. رابعا: كانت رضي الله عنها تعرف أدب الخلاف فعن عروة بن الزبير قَالَ: كُنْتُ أَنَا وَابْنُ عُمَرَ مُسْتَنِدَيْنِ إِلَى حُجْرَةِ عَائِشَةَ وَإِنَّا لَنَسْمَعُ ضَرْبَهَا بِالسِّوَاكِ تَسْتَنُّ -قَالَ- فَقُلْتُ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ اعْتَمَرَ النَّبِىُّ -صلى الله عليه وسلم- في رَجَبٍ؟ قَال: نَعَمْ. فَقُلْتُ لِعَائِشَةَ: أَيْ أُمَّتَاهُ أَلاَ تَسْمَعِينَ مَا يَقُولُ أَبُو عَبْدِالرَّحْمَنِ؟! قَالَت: وَمَا يَقُولُ؟ قُلْت: يَقُولُ اعْتَمَرَ النَّبِيُ -صلى الله عليه وسلم- في رَجَبٍ. فَقَالَت: يَغْفِرُ اللَّهُ لأَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، لَعَمْرِي مَا اعْتَمَرَ فِي رَجَبٍ وَمَا اعْتَمَرَ مِنْ عُمْرَةٍ إِلاَّ وَإِنَّهُ لَمَعَهُ. قَالَ: وَابْنُ عُمَرَ يَسْمَعُ فَمَا قَالَ لاَ وَلاَ نَعَمْ. سَكَتَ. خامساً: الدّقة في نقل الحديث وحفظ ألفاظه حتى لا يتغيّر المعنى: فعَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّهَا أَخْبَرَتْهُ أَنَّهَا سَمِعَتْ عَائِشَةَ وَذُكِرَ لَهَا أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ يَقُولُ إِنَّ الْمَيِّتَ لَيُعَذَّبُ بِبُكَاءِ الْحَىِّ. فَقَالَتْ عَائِشَةُ: يَغْفِرُ اللَّهُ لأَبِى عَبْدِالرَّحْمَنِ أَمَا إِنَّهُ لَمْ يَكْذِبْ وَلَكِنَّهُ نَسِىَ أَوْ أَخْطَأَ إِنَّمَا مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى يَهُودِيَّةٍ يُبْكَى عَلَيْهَا فَقَالَ: « إِنَّهُمْ لَيَبْكُونَ عَلَيْهَا وَإِنَّهَا لَتُعَذَّبُ في قَبْرِهَا». سادساً: كانت رضي الله عنها إذا لم تكن تعرف الحديث اختبرت قائله فإن ضبطه قبلته، وهذا الأسلوب اتّبعه نقّاد الحديث فيما بعد في نقد الحديث ونقد الرجال. عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ: قَالَتْ لِي عَائِشَةُ: يَا ابْنَ أُخْتِي بَلَغَنِي أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو مَارٌ بِنَا إِلَى الْحَجِّ فَالْقَهُ فَسَائِلْهُ فَإِنَّهُ قَدْ حَمَلَ عَنِ النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- عِلْمًا كَثِيراً: قَالَ: فَلَقِيتُهُ فَسَاءَلْتُهُ عَنْ أَشْيَاءَ يَذْكُرُهَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. قَالَ عُرْوَةُ: فَكَانَ فِيمَا ذَكَرَ أَنَّ النَّبِىَّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ لاَ يَنْتَزِعُ الْعِلْمَ مِنَ النَّاسِ انْتِزَاعًا وَلَكِنْ يَقْبِضُ الْعُلَمَاءَ فَيَرْفَعُ الْعِلْمَ مَعَهُمْ وَيُبْقِى فِى النَّاسِ رُؤوسًا جُهَّالاً يُفْتُونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ فَيَضِلُّونَ وَيُضِلُّونَ». قَالَ عُرْوَةُ: فَلَمَّا حَدَّثْتُ عَائِشَةَ بِذَلِكَ أَعْظَمَتْ ذَلِكَ وَأَنْكَرَتْهُ! قَالَتْ: أَحَدَّثَكَ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِىَّ -صلى الله عليه وسلم يَقُولُ هَذَا؟ قَالَ عُرْوَةُ: حَتَّى إِذَا كَانَ قَابِلٌ قَالَتْ لَهُ إِنَّ ابْنَ عَمْرٍو قَدْ قَدِمَ فَالْقَهُ ثمَّ فَاتِحْهُ حَتَّى تَسْأَلَهُ عَنِ الْحَدِيثِ الذي ذَكَرَهُ لَكَ في الْعِلْمِ. قَالَ: فَلَقِيتُهُ فَسَاءَلْتُهُ فَذَكَرَهُ لي نَحْوَ مَا حَدَّثَنِى بِهِ فِى مَرَّتِهِ الأُولَى. قَالَ عُرْوَةُ: فَلَمَّا أَخْبَرْتُهَا بِذَلِكَ قَالَتْ: مَا أَحْسِبُهُ إِلاَّ قَدْ صَدَقَ أَرَاهُ لَمْ يَزِدْ فِيهِ شَيْئًا وَلَمْ يَنْقُصْ. قال النووي رحمه الله: قوله: "إن عائشة قالت في عبد الله بن عمرو ما أحسبه إلا قد صدق؛ أراه لم يزد فيه شيئآ ولم ينقص": ليس معناه أنها اتهمته، لكنها خافت أن يكون اشتبه عليه أو قرأه من كتب الحكمة فتوهمه عن النبي صلى الله عليه وسلم، فلما كرره مرة أخرى وثبت عليه غلب على ظنها أنه سمعه من النبي صلى الله عليه وسلم. وقولها: "أراه" بفتح الهمزة. وفي هذا الحديث: الحث على حفظ العلم وأخذه عن أهله، واعتراف العالم للعالم بالفضيلة. سابعاً: اتبعت رضي الله عنها أسلوب النبي صلى الله عليه وسلم في التعليم والتحدث عموماً وهو التأني وعدم التعجل والإكثار. فعن عُرْوَةُ بْنَ الزُّبَيْرِ عن عَائِشَةَ أنها قَالَتْ له: أَلاَ يُعْجِبُكَ أَبُو هُرَيْرَةَ جَاءَ فَجَلَسَ إِلَى جَنْبِ حُجْرَتِي يُحَدِّثُ عَنِ النبي صلى الله عليه وسلم يُسْمِعُنِى ذَلِكَ وَكُنْتُ أُسَبِّحُ فَقَامَ قَبْلَ أَنْ أَقْضِىَ سُبْحَتِي وَلَوْ أَدْرَكْتُهُ لَرَدَدْتُ عَلَيْهِ، إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم لَمْ يَكُنْ يَسْرُدُ الْحَدِيثَ كَسَرْدِكُمْ. عائشة الزاهدة الكريمة: فعائشة زوجة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم أكرم هذه الأمة وأزهدها، ومنه تعلمت هذه المناقب والمحامد؛ ثم هي ابنة أبيها الصديق الذي أنفق ماله كله في سبيل الله يوم تبوك؛ فكيف لا تكون كذلك. عَنْ عُرْوَةَ بن الزبير قَالَ «لَقَدْ رَأَيْتُ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهَا تَقْسِمُ سَبْعِينَ أَلْفًا وَإِنَّهَا لَتَرْقَعُ جَيْبَ دِرْعِهَا».
عن عروة: أَنَّ مُعَاوِيَةَ رضي الله عنه بَعَثَ إِلَى عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهَا بِمِائَةِ أَلْفٍ، فَوَاللهِ مَا غَابَتِ الشَّمْسُ عَنْ ذَلِكَ الْيَوْمَ حَتَّى فَرَّقَتْهَا قَالَتْ مَولاة لَهَا: لَوِ اشْتَرَيْتِ لَنَا مِنْ هَذِهِ الدَّرَاهِمِ بِدِرْهَمٍ لَحْمًا، فَقَالَتْ: «لَوْ قُلْتِ قَبْلَ أَنْ أُفَرِّقَهَا لَفَعَلْتُ». وعَنْ هِشَامِ بنِ عُرْوَةَ، عَنِ ابْنِ المُنْكَدِرِ، عَنْ أُمِّ ذَرَّةَ قَالَتْ: بَعَثَ ابْنُ الزُّبَيْرِ إِلَى عَائِشَةَ بِمَالٍ فِي غِرَارَتَيْنِ يَكُوْنُ مائَةَ أَلْفٍ، فَدَعَتْ بِطَبَقٍ فَجَعَلَتْ تَقْسِمُ فِي النَّاسِ فَلَمَّا أَمْسَتْ قَالَتْ: هَاتِي يَا جَارِيَةُ فُطُوْرِي. فَقَالَتْ أُمُّ ذَرَّةَ: يَا أُمَّ المؤمنين أما استطعت أن تَشْتَرِي لَنَا لَحْماً بِدِرْهَمٍ? قَالَتْ: لاَ تُعَنِّفِيْنِي لَوْ أَذْكَرْتِيْنِي لَفَعَلْتُ. عائشة العابدة المتواضعة: وهي مع زهدها وكرمها قد جمعت تواضعا وعبادة وخوفا. فعن شُعْبَةُ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ القَاسِمِ، عَنْ أَبِيْهِ: أن عائشة رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهَا كانت تصوم الدهر. وعَنْ إِبْرَاهِيْمَ النَّخَعِيِّ قَالَ: قَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهَا: يَا لَيْتَنِي كُنْتُ وَرَقَةً مِنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ. خوفها من ثناء الناس: عن ذَكْوَانُ، أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ، جَاءَ يَسْتَأْذِنُ عَلَى عَائِشَةَ، وَهِيَ فِي الْمَوْتِ، قَالَ: فَجِئْتُ وَعِنْدَ رَأْسِهَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، فَقُلْتُ: هَذَا ابْنُ عَبَّاسٍ يَسْتَأْذِنُ عَلَيْكِ؟، قَالَتْ: دَعْنِي مِنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فلا حَاجَةَ لِي بِهِ ولا بِتَزْكِيَتِهِ، قَالَ: فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: يَا أُمَّتَاهُ، إِنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ مِنْ صَالِحِي بَنِيكِ يُرِيدُ أَنْ يُسَلِّمَ عَلَيْكِ، قَالَتْ: فَأْذَنْ لَهُ إِنْ شِئْتَ، قَالَ: فَجَاءَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَقَعَدَ، فَقَالَ: «أَبْشِرِي فَوَاللَّهِ مَا بَيْنَكِ وَبَيْنَ أَنْ تُفَارِقِي كُلَّ نَصَبٍ وَتَلْقَيْ مُحَمَّدًا وَالأحِبَّةَ إِلا أَنْ تُفَارِقَ رُوحُكِ جَسَدَكِ»، قَالَتْ: أَيْضًا يَا ابْنَ عَبَّاسٍ، قَالَ: «كُنْتِ أَحَبَّ نِسَاءِ رَسُولِ اللَّهِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَمْ يَكُنْ يُحِبُّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلا طَيِّبًا، سَقَطَتْ قِلادَتُكِ يَوْمَ الأبْوَاءِ فَأَصْبَحَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَنْزِلِ يَلْتَقِطُهَا، وَأَصْبَحَ النَّاسُ لَيْسَ مَعَهُمْ مَاءٌ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَنْ تَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا، فَكَانَ ذَلِكَ مِنْ سَبَبِكِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ لِهَذِهِ الأمَّةِ مِنَ الرُّخْصَةِ، ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ بَرَاءَتَكِ مِنْ فَوْقِ سَبْعِ سَمَاوَاتٍ، فَأَصْبَحَ لَيْسَ مَسْجِدٌ مِنْ مَسَاجِدِ اللَّهِ يُذْكَرُ فِيهِ اللَّهُ إلا تُتْلَى فِيهِ بَرَاءَتُكِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَآنَاءَ النَّهَارِ»، قَالَتْ: دَعْنِي مِنْكَ يَا ابْنَ عَبَّاسٍ، فَوَاللَّهِ لَوَدِدْتُ أَنِّي كُنْتُ نَسْيًا مَنْسِيًّا. وعَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ: «ادْفِنِّي مَعَ صَوَاحِبِي، وَلاَ تَدْفِنِّي مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي البَيْتِ، فَإِنِّي أَكْرَهُ أَنْ أُزَكَّى». مروياتها في هدم الشرك والبدع والخرافات: وهذه نبذة فيما روته من أصول الدين والعقيدة والتحذير من البدع والخرافات ومشابهة اليهود والنصارى. عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ المُؤْمِنِينَ، أَنَّ أُمَّ حَبِيبَةَ، وَأُمَّ سَلَمَةَ ذَكَرَتَا كَنِيسَةً رَأَيْنَهَا بِالحَبَشَةِ فِيهَا تَصَاوِيرُ، فَذَكَرَتَا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «إِنَّ أُولَئِكَ إِذَا كَانَ فِيهِمُ الرَّجُلُ الصَّالِحُ فَمَاتَ، بَنَوْا عَلَى قَبْرِهِ مَسْجِدًا، وَصَوَّرُوا فِيهِ تِلْكَ الصُّوَرَ، فَأُولَئِكَ شِرَارُ الخَلْقِ عِنْدَ اللَّهِ يَوْمَ القِيَامَةِ» . عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فِي مَرَضِهِ الَّذِي لَمْ يَقُمْ مِنْهُ «لَعَنَ اللهُ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى، اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ» قَالَتْ: «فَلَوْلَا ذَاكَ أُبْرِزَ قَبْرُهُ، غَيْرَ أَنَّهُ خُشِيَ أَنْ يُتَّخَذَ مَسْجِدًا». عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ فِيهِ، فَهُوَ رَدٌّ» . وفي رواية: عَائِشَةُ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ عَمِلَ عَمَلا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ». عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: تَلاَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذِهِ الآيَةَ: {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الكِتَابَ، مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الكِتَابِ، وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الفِتْنَةِ، وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ، وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلا اللَّهُ، وَالرَّاسِخُونَ فِي العِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَ أُولُو الأَلْبَابِ} قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فَإِذَا رَأَيْتِ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ فَأُولَئِكِ الَّذِينَ سَمَّى اللَّهُ فَاحْذَرُوهُمْ». عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: كَانَ آخِرُ مَا عَهِدَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ قَالَ: "لا يُتْرَكُ بِجَزِيرَةِ الْعَرَبِ دِينَانِ".. وعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: "جَاءَتْ فَاطِمَةُ ابْنَةُ عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ تُبَايِعُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَخَذَ عَلَيْهَا ألا تُشْرِكَ بِاللَّهِ شَيْئًا..، الآيَةَ قَالَتْ: فَوَضَعَتْ يَدَهَا عَلَى رَأْسِهَا حَيَاءً، فَأَعَجَبَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا رَأَى مِنْهَا" قَالَتْ عَائِشَةُ: أَقِرِّي أَيَّتُهَا الْمَرْأَةُ، فَوَاللَّهِ مَا بَايَعَنَا إلا عَلَى هَذَا قَالَتْ: فَنَعَمْ إِذاً، فَبَايَعَهَا عَلَى الآيَةِ.
عدل سابقا من قبل أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn في الإثنين 12 أبريل 2021, 1:42 am عدل 1 مرات |
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52561 العمر : 72
| موضوع: رد: الطاهرة المطهرة عائشة بنت الصديق رضي الله عنها السبت 18 يونيو 2011, 12:57 am | |
| عائشة الورعة التقية: أما عن الورع والتقوى فحدث عن ذلك ولا حرج؛ وكيف لا تكون ذلك وهي صاحبة من هو أعلم بالله وأتقى صلى الله عليه وسلم. عن عَائِشَةَ، حُدِّثَتْ: أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ قَالَ: فِي بَيْعٍ أَوْ عَطَاءٍ أَعْطَتْهُ عَائِشَةُ: وَاللَّهِ لَتَنْتَهِيَنَّ عَائِشَةُ أَوْ لأحجرنَّ عَلَيْهَا، فَقَالَتْ: أَهُوَ قَالَ هَذَا؟ قَالُوا: نَعَمْ، قَالَتْ: هُوَ لِلَّهِ عَلَيَّ نَذْرٌ، أَنْ لاَ أُكَلِّمَ ابْنَ الزُّبَيْرِ أَبَدًا. فَاسْتَشْفَعَ ابْنُ الزُّبَيْرِ إِلَيْهَا، حِينَ طَالَتِ الهِجْرَةُ، فَقَالَتْ: لاَ وَاللَّهِ لاَ أُشَفِّعُ فِيهِ أَبَدًا، وَلاَ أَتَحَنَّثُ إِلَى نَذْرِي. فَلَمَّا طَالَ ذَلِكَ عَلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ، كَلَّمَ المِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ، وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الأَسْوَدِ بْنِ عَبْدِ يَغُوثَ، وَهُمَا مِنْ بَنِي زُهْرَةَ، وَقَالَ لَهُمَا: أَنْشُدُكُمَا بِاللَّهِ لَمَّا أَدْخَلْتُمَانِي عَلَى عَائِشَةَ، فَإِنَّهَا لاَ يَحِلُّ لَهَا أَنْ تَنْذِرَ قَطِيعَتِي. فَأَقْبَلَ بِهِ المِسْوَرُ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ مُشْتَمِلَيْنِ بِأَرْدِيَتِهِمَا، حَتَّى اسْتَأْذَنَا عَلَى عَائِشَةَ، فَقَالاَ: السَّلاَمُ عَلَيْكِ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ أَنَدْخُلُ؟ قَالَتْ عَائِشَةُ: ادْخُلُوا، قَالُوا: كُلُّنَا؟ قَالَتْ: نَعَمِ، ادْخُلُوا كُلُّكُمْ، وَلاَ تَعْلَمُ أَنَّ مَعَهُمَا ابْنَ الزُّبَيْرِ، فَلَمَّا دَخَلُوا دَخَلَ ابْنُ الزُّبَيْرِ الحِجَابَ، فَاعْتَنَقَ عَائِشَةَ وَطَفِقَ يُنَاشِدُهَا وَيَبْكِي، وَطَفِقَ المِسْوَرُ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ يُنَاشِدَانِهَا إلا مَا كَلَّمَتْهُ، وَقَبِلَتْ مِنْهُ، وَيَقُولاَنِ: إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَمَّا قَدْ عَلِمْتِ مِنَ الهِجْرَةِ، فَإِنَّهُ: «لاَ يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلاَثِ لَيَالٍ» فَلَمَّا أَكْثَرُوا عَلَى عَائِشَةَ مِنَ التَّذْكِرَةِ وَالتَّحْرِيجِ، طَفِقَتْ تُذَكِّرُهُمَا نَذْرَهَا وَتَبْكِي وَتَقُولُ: إِنِّي نَذَرْتُ، وَالنَّذْرُ شَدِيدٌ، فَلَمْ يَزَالاَ بِهَا حَتَّى كَلَّمَتْ ابْنَ الزُّبَيْرِ، وَأَعْتَقَتْ فِي نَذْرِهَا ذَلِكَ أَرْبَعِينَ رَقَبَةً، وَكَانَتْ تَذْكُرُ نَذْرَهَا بَعْدَ ذَلِكَ، فَتَبْكِي حَتَّى تَبُلَّ دُمُوعُهَا خِمَارَهَا". وعَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ، "أَنَّهَا قَتَلَتْ جَانًّا، فَأُتِيَتْ فِيمَا يَرَى النَّائِمُ فَقِيلَ لَهَا: أَمَا وَاللَّهِ لَقَدْ قَتَلْتِ مُسْلِمًا، قَالَتْ: فَلَمْ يَدْخُلْ عَلَيَّ أَزْوَاجُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقِيلَ لَهَا: مَا تَدْخُلُ عَلَيْكَ إلا وَعَلَيْكَ ثِيَابُكَ، فَأَصْبَحَتْ فَزِعَةً وَأَمَرَتْ بِاثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ". عَنْ ذَكْوَانَ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: «يَتَوَضَّأُ أَحَدُكُمْ مِنَ الطَّعَامِ الطَّيِّبِ، ولا يَتَوَضَّأُ مِنَ الْكَلِمَةِ الْخَبِيثَةِ، يَقُولُهَا لأخِيهِ». وقَالَ الزُّهْرِيُّ: عَنِ القَاسِمِ بنِ مُحَمَّدٍ: إِنَّ مُعَاوِيَةَ لَمَّا حَجَّ قَدِمَ فَدَخَلَ عَلَى عَائِشَةَ فَلَمْ يَشْهَدْ كَلاَمَهَا إلا ذَكْوَانُ مَوْلَى عَائِشَةَ. فَقَالَتْ لِمُعَاوِيَةَ: أَمِنْتَ أَنْ أَخْبَأَ لَكَ رَجُلاً يَقْتُلُكَ بِأَخِي مُحَمَّدٍ قَالَ: صَدَقْتِ. وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى: قَالَ لَهَا: مَا كُنْتِ لِتَفْعَلِي ثُمَّ إِنَّهَا وَعَظَتْهُ وَحَضَّتْهُ عَلَى الاتِّبَاعِ. عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّهَا مَرَّتْ بِهَذِهِ الآيَةِ: {فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ}. فَقَالَتْ: «اللَّهُمَّ مُنَّ عَلَيْنَا، وَقِنَا عَذَابَ السَّمُومِ، إِنَّكَ أَنْتَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ». وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: لَمْ أَزَلْ حَرِيصًا عَلَى أَنْ أَسْأَلَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ المَرْأَتَيْنِ مِنْ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اللَّتَيْنِ قَالَ اللَّهُ لَهُمَا: {إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا}، فَحَجَجْتُ مَعَهُ، فَعَدَلَ وَعَدَلْتُ مَعَهُ بِالإدَاوَةِ، فَتَبَرَّزَ حَتَّى جَاءَ، فَسَكَبْتُ عَلَى يَدَيْهِ مِنَ الإداوة فَتَوَضَّأَ، فَقُلْتُ: يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ، مَنِ المَرْأَتَانِ مِنْ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اللَّتَانِ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لَهُمَا: {إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا}؟ فَقَالَ: وَاعَجَبِي لَكَ يَا ابْنَ عَبَّاسٍ، عَائِشَةُ وَحَفْصَةُ، ثُمَّ اسْتَقْبَلَ عُمَرُ الحَدِيثَ يَسُوقُهُ، .... فَاعْتَزَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ الحَدِيثِ حِينَ أَفْشَتْهُ حَفْصَةُ إِلَى عَائِشَةَ، وَكَانَ قَدْ قَالَ: «مَا أَنَا بِدَاخِلٍ عَلَيْهِنَّ شَهْرًا مِنْ شِدَّةِ مَوْجِدَتِهِ عَلَيْهِنَّ، حِينَ عَاتَبَهُ اللَّهُ» فَلَمَّا مَضَتْ تِسْعٌ وَعِشْرُونَ، دَخَلَ عَلَى عَائِشَةَ، فَبَدَأَ بِهَا، فَقَالَتْ لَهُ: عَائِشَةُ: إِنَّكَ أَقْسَمْتَ أَنْ لاَ تَدْخُلَ عَلَيْنَا شَهْرًا، وَإِنَّا أَصْبَحْنَا لِتِسْعٍ وَعِشْرِينَ لَيْلَةً أَعُدُّهَا عَدًّا، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الشَّهْرُ تِسْعٌ وَعِشْرُونَ». ووجه الدلالة مع شدة محبتها للنبي صلى الله عليه وسلم لا سيما بعد هذا الإيلاء, وشدة الشوق والمحبة إلا أنها ذكرته بأن الشهر لا يزال منه بقية, وهذا يدل على عظيم تقواها. عائشة المصون صاحبة الحياء: فهي العفيفة الطاهرة المطهرة الطيبة زوجة الطيب المبرأة من فوق سبع سماوات؛ وهذه نماذج من عفتها وطهارتها وكريم خلقها. أَنَّ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "تُحْشَرُونَ حُفَاةً عُرَاةً غرلاً» قَالَتْ عَائِشَةُ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ يَنْظُرُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ؟ فَقَالَ: «الأَمْرُ أَشَدُّ مِنْ أَنْ يُهِمَّهُمْ ذَاكِ». عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كُنْتُ أَدْخُلُ بَيْتِي الَّذِي دُفِنَ فِيهِ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَبِي فَأَضَعُ ثَوْبِي، وَأَقُولُ إِنَّمَا هُوَ زَوْجِي وَأَبِي، فَلَمَّا دُفِنَ عُمَرُ مَعَهُمْ فَوَاللهِ مَا دَخَلْتُهُ إلا وَأَنَا مَشْدُودَةٌ عَلَيَّ ثِيَابِي، حَيَاءً مِنْ عُمَرَ. ثناء الصحابة والتابعين عليها ومعرفتهم لقدرها وفضلها وقد كانت رضي الله عنها مُوقرةً عند الصحابة والتابعين؛ يعرفون لها قدرها وفضلها وعلمها ومنزلتها. عن ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ، قَالَ: اسْتَأْذَنَ ابْنُ عَبَّاسٍ قَبْلَ مَوْتِهَا عَلَى عَائِشَةَ وَهِيَ مَغْلُوبَةٌ، قَالَتْ: أَخْشَى أَنْ يُثْنِيَ عَلَيَّ، فَقِيلَ: ابْنُ عَمِّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمِنْ وُجُوهِ المُسْلِمِينَ، قَالَتْ: ائْذَنُوا لَهُ، فَقَالَ: كَيْفَ تَجِدِينَكِ؟ قَالَتْ: بِخَيْرٍ إِنِ اتَّقَيْتُ، قَالَ: «فَأَنْتِ بِخَيْرٍ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، زَوْجَةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَمْ يَنْكِحْ بِكْرًا غَيْرَكِ، وَنَزَلَ عُذْرُكِ مِنَ السَّمَاءِ». وَدَخَلَ ابْنُ الزُّبَيْرِ خِلاَفَهُ، فَقَالَتْ: دَخَلَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَأَثْنَى عَلَيَّ، وَوَدِدْتُ أَنِّي كُنْتُ نِسْيًا مَنْسِيًّا. وفي رواية: جَاءَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبَّاسٍ، يَسْتَأْذِنُ عَلَى عَائِشَةَ، فَجِئْتُ وَعِنْدَ رَأْسِهَا ابْنُ أَخِيهَا عَبْدُ اللهِ بِنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، فَقُلْتُ: هَذَا ابْنُ عَبَّاسٍ يَسْتَأْذِنُ، فَأَكَبَّ عَلَيْهَا ابْنُ أَخِيهَا عَبْدُ اللهِ، فَقَالَ: هَذَا عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبَّاسٍ يَسْتَأْذِنُ، وَهِيَ تَمُوتُ، فَقَالَتْ: دَعْنِي مِنَ ابْنِ عَبَّاسٍ، فَقَالَ: يَا أُمَّتَاهُ، إِنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ مِنْ صَالِحِي بَنِيكِ، لِيُسَلِّمْ عَلَيْكِ، وَيُوَدِّعْكِ، فَقَالَتْ: ائْذَنْ لَهُ إِنْ شِئْتَ، قَالَ: فَأَدْخَلْتُهُ، فَلَمَّا جَلَسَ، قَالَ: أَبْشِرِي، فَقَالَتْ: أَيْضًا فَقَالَ: "مَا بَيْنَكِ وَبَيْنَ أَنْ تَلْقَيْ مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالأحِبَّةَ، إِلا أَنْ تَخْرُجَ الرُّوحُ مِنَ الجَسَدِ، كُنْتِ أَحَبَّ نِسَاءِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِلَى رَسُولِ اللهِ، وَلَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللهِ يُحِبُّ إِلا طَيِّبًا"، وَسَقَطَتْ قِلادَتُكِ لَيْلَةَ الأَبْوَاءِ، "فَأَصْبَحَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حَتَّى يُصْبِحَ فِي الْمَنْزِلِ، وَأَصْبَحَ النَّاسُ لَيْسَ مَعَهُمْ مَاءٌ" فَأَنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا}، فَكَانَ ذَلِكَ فِي سَبَبِكِ، وَمَا أَنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ لِهَذِهِ الأمَّةِ مِنَ الرُّخْصَةِ، وَأَنْزَلَ اللهُ بَرَاءَتَكِ مِنْ فَوْقِ سَبْعِ سَمَاوَاتٍ، جَاءَ بِهِ الرُّوحُ الأمِينُ، فَأَصْبَحَ لَيْسَ لِلَّهِ مَسْجِدٌ مِنْ مَسَاجِدِ اللهِ يُذْكَرُ فِيهِ اللهُ، إِلا يُتْلَى فِيهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَآنَاءَ النَّهَارِ، فَقَالَتْ: دَعْنِي مِنْكَ يَا ابْنَ عَبَّاسٍ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَوَدِدْتُ أَنِّي كُنْتُ نَسْيًا مَنْسِيًّا. عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَتْ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ، حَتَّى إِذَا كُنَّا بِالْبَيْدَاءِ أَوْ بِذَاتِ الجَيْشِ انْقَطَعَ عِقْدٌ لِي، الحديث، فَقَالَ أُسَيْدُ بْنُ الحُضَيْرِ: مَا هِيَ بِأَوَّلِ بَرَكَتِكُمْ يَا آلَ أَبِي بَكْرٍ، قَالَتْ: فَبَعَثْنَا البَعِيرَ الَّذِي كُنْتُ عَلَيْهِ، فَأَصَبْنَا العِقْدَ تَحْتَهُ. عَنْ عَمْرِو بْنِ غَالِبٍ، أَنّ رجلاً نَالَ مِنْ عَائِشَةَ عِنْدَ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ، فَقَالَ: «أَغْرِبْ مَقْبُوحًا مَنْبُوحًا أَتُؤْذِي حَبِيبَةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ». وعَنْ مُصْعَبِ بنِ سَعْدٍ قَالَ: فَرَضَ عُمَرُ لأُمَّهَاتِ المُؤْمِنِيْنَ عَشْرَةَ آلاَفٍ عَشْرَةَ آلاَفٍ وَزَادَ عَائِشَةَ أَلْفَيْنِ وَقَالَ: إِنَّهَا حَبِيْبَةُ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وعَنْ مَسْرُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَتْنِي الصِّدِّيقَةُ بِنْتُ الصِّدِّيقِ، حَبِيبَةُ حَبِيبِ اللهِ الْمُبَرَّأَةُ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ "يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعَصْرِ" فَلَمْ أُكَذبْهَا.
العلاقة الحسنة بين عائشة وفاطمة وعلي وذريتهما (رضي الله عنهم أجمعين) يحاول الشيعة أن يختلقوا من خلال رواياتهم عداوة بين عائشة رضي الله عنها وبين علي وفاطمة رضي الله عنهم وذريتهم الأطهار؛ وقد وضعوا في ذلك؛ الكثير من الروايات الكاذبة التي لا زمام لها ولا خطام؛ وفي هذا الفصل نكشف الحقيقة، ونبين أن العلاقة بين عائشة رضي الله عنها وبين علي وفاطمة رضي الله عنهم وذريتهم الأطهار علاقة محبة ومودة وإخاء، وكيف لا يكن ذلك والرابط بينهم الأخوة الدينية والمصاهرة والنسب. عائشة وحديث الكساء: من دلائل المودة بين الصديقة عائشة وأهل الكساء أن الأحاديث الواردة في فضائل أهل الكساء، وهم عمدة أهل البيت وأفضلهم هو من روايتها ؛فهي التي رأت الموقف رأي العين ونقلته بكل أمانة ودقة؛ ولعل حديثها في ذلك أصح حديث في بابه؛ فلو كانت تحمل في قلبها العداوة والبغضاء هل كانت تروي مثل هذه الفضائل؟ عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ شَيْبَةَ، قَالَتْ: قَالَتْ عَائِشَةُ: خَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَدَاةً وَعَلَيْهِ مِرْطٌ مُرَحَّلٌ، مِنْ شَعْرٍ أَسْوَدَ، فَجَاءَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ فَأَدْخَلَهُ، ثُمَّ جَاءَ الْحُسَيْنُ فَدَخَلَ مَعَهُ، ثُمَّ جَاءَتْ فَاطِمَةُ فَأَدْخَلَهَا، ثُمَّ جَاءَ عَلِيٌّ فَأَدْخَلَهُ، ثُمَّ قَالَ: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا} [الأحزاب: 33]. فهذا نص صريح في فضل الكساء روته الصديقة بنت الصديق وهو أصح شيء في الباب فهل تروي الصديقة حديثاً يبين فضل أهل الكساء إن لم تكن المودة خالصة. ثناء علي رضي الله عنه عليها: قال الذهبي في "السير": عن زِيَادُ بنُ أَيُّوْبَ: حَدَّثَنَا مُصْعَبُ بنُ سَلاَّمٍ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بن سوقة، عن عَاصِمِ بنِ كُلَيْبٍ، عَنْ أَبِيْهِ: قَالَ: انْتَهَيْنَا إِلَى عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، فَذَكَرَ عَائِشَةَ فَقَالَ: خَلِيْلَةُ رَسُوْلِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قال الذهبي: هَذَا حَدِيْثٌ حَسَنٌ. وَمُصْعَبٌ فَصَالِحٌ لاَ بَأْسَ بِهِ. وَهَذَا يَقُوْلُهُ أَمِيْرُ المُؤْمِنِيْنَ فِي حَقِّ عَائِشَةَ مَعْ مَا وَقَعَ بَيْنَهُمَا فَرَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا. وروى الإمام احمد، والترمذي، والحاكم بأسانيدهم - واللفظ لأحمد - أن رجلاً وقع في عائشة وعابها، فقال له عمار: "ويحك ما تريد من حبيبة رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ ما تريد من أمّ المؤمنين؟ فأنا أشهد أنّها زوجته في الجنّة. بين يدي عليّ، وعليّ ساكت ". استشهاد علي رضي الله عنه بعائشة رضي الله عنها أنها سمعت معه حديث الخوارج: عن عَاصِمُ بْنُ كُلَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: كُنْتُ جَالِسًا عِنْدَ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إِذْ جَاءَ رَجُلٌ عَلَيْهِ ثِيَابُ السَّفَرِ فَاسْتَأْذَنَ عَلَى عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَهُوَ يُكَلِّمُ النَّاسَ فَشُغِلَ عَنْهُ فَأَقْبَلْنَا فَسَأَلْنَاهُ مِنْ أَيْنَ قَدِمْتَ مَا خَبَرُكَ قَالَ: خَرَجْتُ مُعْتَمِرًا فَلَقِيتُ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا فَقَالَتْ: مَا هَؤُلاءِ الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ بلادِكُمْ يُسَمَّوْنَ حَرُورًا؟ قَالَ: "قُلْتُ خَرَجُوا مِنْ أَرْضِنَا إِلَى مَكَانٍ يُسَمَّى حَرُورا بِهِ يُدْعَوْنَ. قَالَتْ: طُوبَى لِمَنْ قَتَلَهُمْ أَمَا وَاللَّهِ لَوْ شَاءَ ابْنُ أَبِي طَالِبٍ لَخَبَّرَكُمْ خَبَرَهُمْ قَالَ: فَأَهَلَّ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَكَبَّرَ ثُمَّ أَهَلَّ وَكَبَّرَ ثُمَّ أَهَلَّ وَكَبَّرَ فَقَالَ: إِنِّي دَخَلْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعِنْدَهُ عَائِشَةُ فَقَالَ لِي: «كَيْفَ أَنْتَ وَقَوْمٌ كَذَا وَكَذَا» قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ: وَصَفَ صِفَتَهُمْ. قُلْتُ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ: "قَوْمٌ يَخْرُجُونَ مِنْ قِبَلِ الْمَشْرِقِ يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لا يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ فِيهِمْ رَجُلٌ مُخْدَجُ الْيَدِ كَأَنَّ يَدَهُ ثَدْيُ حَبَشِيَّةٍ أَنْشُدُكُمُ اللَّهَ هَلْ أَخْبَرْتُكُمُ أَنَّهُ فِيهِمْ فَأَتَيْتُمُونِي فَأَخْبَرْتُمُونِي أَنَّهُ لَيْسَ فِيهِمْ فَحَلَفْتُ بِاللَّهِ لَكُمُ إِنَّهُ فِيهِمْ فَأَتَيْتُمُونِي تَسْحَبُونَهُ كَمَا نعِتَ لَكُمْ. قَالُوا: اللَّهُمَّ نَعَمْ قَالَ: فَأَهَلَّ عَلِيٌّ وَكَبَّرَ". وقيل لعَلي- بعد يوم الجمل-: إنَّ على الباب رَجُلين ينالان من عائشة، فأمَرَ القعقاع بن عمرو أن يَجْلِدَ كلَّ واحدٍ منهما مائةً، وأنْ يُخْرِجَهما من ثيابها. ولَمَّا أرادتِ الخروج من البصرة- بعد يوم الجمل-، بعثَ إليها عَلِي بكلِّ ما ينبغي من مَركبٍ وزادٍ ومَتاعٍ، واختارَ لها أرْبَعين امرأة من نساء أهل البصرة المعروفات، وسيَّرَ معها أخاها محمد بن أبي بكر - وكان في جيش عَلِي - وسارَ عَلِي معها؛ مُودِّعًا، ومُشيِّعًا أميالاً، وسرَّحَ بَنِيه معها بقيَّة ذلك اليوم. وودَّعَتْ عائشة الناسَ وقالتْ: يا بَني لا يعتبْ بعضُنا على بعضٍ؛ إنَّه والله ما كان بيني وبين عَلِي في القِدَم إلاَّ ما يكون بين المرأة وأحمائها، وإنَّه على معتبتي لمن الأخْيَار، فقال عَلِي: صَدَقْتِ، والله ما كان بيني وبينها إلاَّ ذاك، وإنَّها لزوجة نبيِّكم - صلَّى الله عليه وسلَّم - في الدنيا والآخرة. وعن علي رضي الله عنه؛ أنه أقر عائشة رضي الله عنها على قولها إثر معركة الجمل: "والله ما كان بيني وبين علي في القديم إلا ما يكون بين المرأة وأحمائها". فقال علي رضي الله عنها: "صدقت والله وبرت ما كان بيني وبينها إلا ذلك". وقد ورد في كتب الشيعة ما يشبه هذا القول، إلا أنه محرف المعنى؛ فقد ذكر الإربلي أن عائشة رضي الله عنه قالت بعد معركة الجمل: "رحم الله علياً، إنه كان على الحق، ولكني كنت امرأة من الأحماء". ونقله في موضع آخر بنفس المعنى؛ فقد ذكر أن عائشة قالت لما بلغها قتال علي رضي الله عنه للخوارج: "سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول عنهم: "هم شر الخلق والخليفة، يقتلهم خير الخلق والخليفة"، وفي رواية: إنهم شرار أمتي يقتلهم خيار أمتي". ثم قالت بعدما أثنت على علي رضي الله عنه: وما كان بيني وبينه إلا ما يكون بين المرأة وأحمائها. ثناؤها على علي: عَنْ شُرَيْحِ بْنِ هَانِئٍ، قَالَ: أَتَيْتُ عَائِشَةَ أَسْأَلُهَا عَنِ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ، فَقَالَتْ: عَلَيْكَ بِابْنِ أَبِي طَالِبٍ، فَسَلْهُ فَإِنَّهُ كَانَ يُسَافِرُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلْنَاهُ فَقَالَ: «جَعَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ وَلَيَالِيَهُنَّ لِلْمُسَافِرِ، وَيَوْمًا وَلَيْلَةً لِلْمُقِيمِ». عائشة تأمر الناس أن يبايعوا علياً رضي الله عنهم: فقد أخرج ابن أبي شيبة رواية طويلة جاء فيها استشارة الأحنف بن قيس لطلحة والزبير وعائشة رضي الله عنه فيمن يبايع بعد عثمان؟ فكلهم قال "نأمرك بعلي قال وترضونه لي قالوا نعم قال الأحنف: فمررت على علي بالمدينة فبايعته، ثم رجعت إلى البصرة، ولا أرى إلا الأمر قد استقام ..". وقد صحح الحافظ ابن حجر رحمة لله إسناد هذه الرواية. وذكر المفيد - الملقب عند الشيعة شيخ الطائفة - نحواً من هذه الرواية. وجاء فيها: "أن الأحنف بن قيس قدم على عائشة وهي في مكة -وكان عثمان محاصراً-، فقال لها -: إني لأحسب هذا الرجل مقتولاً -، فمن تأمريني أن أبايع؟ فقالت: بايع عليا". كما جاء عَنِ ابْنِ أَبْزَى، قَالَ: انْتَهَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُدَيْلٍ إِلَى عَائِشَةَ وَهِيَ فِي الْهَوْدَجِ يَوْمَ الْجَمَلِ, فَقَالَ: يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ, أَنْشُدُكَ بِاللَّهِ, أَتَعْلَمِينَ أَنِّي أَتَيْتُكِ يَوْمَ قَتْلِ عُثْمَانَ فَقُلْتُ: إِنَّ عُثْمَانَ قَدْ قُتِلَ فَمَا تَأْمُرِينِي, فَقُلْتِ لِي: الْزَمْ عَلِيًّا. فاطمة رضي الله عنها وأمر النبي صلى الله عليه وسلم لها بمحبة عائشة عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: أَنَّ نِسَاءَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ... الحديث، ثُمَّ إِنَّهُنَّ دَعَوْنَ فَاطِمَةَ بِنْتَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَرْسَلَتْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَقُولُ: إِنَّ نِسَاءَكَ يَنْشُدْنَكَ اللَّهَ العَدْلَ فِي بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ، فَكَلَّمَتْهُ فَقَالَ: «يَا بُنَيَّةُ أَلاَ تُحِبِّينَ مَا أُحِبُّ؟»، قَالَتْ: بَلَى الحديث... وعند مسلم: لَمَّا جَاءَت فَاطِمَة رَضِيَ اللهُ عَنْهُا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهَا: أَلَسْتِ تُحِبِّيْنَ مَا أُحِبُّ؟ قَالَتْ: بَلَى قَالَ: فأَحِبِّيْ هَذِهِ. يَعْنِيْ عَائِشَةَ". وروى الحميري بسنده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لما تغدى عند فاطمة قال لها أول ما قال: اغرفي لعائشة". فأمرها قبل أن يتناول طعامها أن تغرف لها منه وترسله إليها. وهذا من إظهار محبته لها رضي الله عنها. وذكر ابن رستم الطبري - الشيعي - أن فاطمة رضي الله عنها ماتت وهي راضية عن عائشة رضي الله عنها -، وأوصت لها باثنتي عشرة أوقية، ولكل زوجة من زوجات رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بمثل ذلك. ثناء عائشة على فاطمة رضي الله عنهما وذكر مناقبها عَنْ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ، عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، أَنَّهَا قَالَتْ: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا كَانَ أَشْبَهَ سَمْتًا وَهَدْيًا وَدَلا - وَقَالَ الْحَسَنُ: حَدِيثًا، وَكَلامًا، وَلَمْ يَذْكُرِ الْحَسَنُ السَّمْتَ، وَالْهَدْيَ، وَالدَّلَّ برَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ فَاطِمَةَ كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهَا، كَانَتْ «إِذَا دَخَلَتْ عَلَيْهِ قَامَ إِلَيْهَا فَأَخَذَ بِيَدِهَا، وَقَبَّلَهَا، وَأَجْلَسَهَا فِي مَجْلِسِهِ، وَكَانَ إِذَا دَخَلَ عَلَيْهَا قَامَتْ إِلَيْهِ، فَأَخَذَتْ بِيَدِهِ فَقَبَّلَتْهُ، وَأَجْلَسَتْهُ فِي مَجْلِسِهَا». وعن عائِشَةُ أُمُّ المُؤْمِنِيِنَ، قَالَتْ: إِنَّا كُنَّا أَزْوَاجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَهُ جَمِيعًا، لَمْ تُغَادَرْ مِنَّا وَاحِدَةٌ، فَأَقْبَلَتْ فَاطِمَةُ عَلَيْهَا السَّلاَمُ تَمْشِي، لاَ وَاللَّهِ مَا تَخْفَى مِشْيَتُهَا مِنْ مِشْيَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا رَآهَا رَحَّبَ قَالَ: «مَرْحَبًا بِابْنَتِي» ثُمَّ أَجْلَسَهَا عَنْ يَمِينِهِ أَوْ عَنْ شِمَالِهِ، ثُمَّ سَارَّهَا، فَبَكَتْ بُكَاءً شَدِيداً، فَلَمَّا رَأَى حُزْنَهَا سَارَّهَا الثَّانِيَةَ، فَإِذَا هِيَ تَضْحَكُ، فَقُلْتُ لَهَا أَنَا مِنْ بَيْنِ نِسَائِهِ: خَصَّكِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالسِّرِّ مِنْ بَيْنِنَا، ثُمَّ أَنْتِ تَبْكِينَ، فَلَمَّا قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَأَلْتُهَا: عَمَّا سَارَّكِ؟ قَالَتْ: مَا كُنْتُ لأُفْشِيَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سِرَّهُ، فَلَمَّا تُوُفِّيَ، قُلْتُ لَهَا: عَزَمْتُ عَلَيْكِ بِمَا لِي عَلَيْكِ مِنَ الحَقِّ لَمَّا أَخْبَرْتِنِي، قَالَتْ: أَمَّا الآنَ فَنَعَمْ، فَأَخْبَرَتْنِي، قَالَتْ: أَمَّا حِينَ سَارَّنِي فِي الأَمْرِ الأَوَّلِ، فَإِنَّهُ أَخْبَرَنِي: «أَنَّ جِبْرِيلَ كَانَ يُعَارِضُهُ بِالقُرْآنِ كُلَّ سَنَةٍ مَرَّةً، وَإِنَّهُ قَدْ عَارَضَنِي بِهِ العَامَ مَرَّتَيْنِ، وَلاَ أَرَى الأَجَلَ إلا قَدِ اقْتَرَبَ، فَاتَّقِي اللَّهَ وَاصْبِرِي، فَإِنِّي نِعْمَ السَّلَفُ أَنَا لَكِ» قَالَتْ: فَبَكَيْتُ بُكَائِي الَّذِي رَأَيْتِ، فَلَمَّا رَأَى جَزَعِي سَارَّنِي الثَّانِيَةَ، قَالَ: «يَا فَاطِمَةُ، أَلاَ تَرْضَيْنَ أَنْ تَكُونِي سَيِّدَةَ نِسَاءِ المُؤْمِنِينَ، أَوْ سَيِّدَةَ نِسَاءِ هَذِهِ الأُمَّةِ». وعن يزيد بن زريع، عن روح بن القاسم، عن عمرو بن دينار، قالت عائشة: ما رأيت قط أحدا أفضل من فاطمة غير أبيها. قال ابن حجر: أخرجه الطّبراني في ترجمة إبراهيم بن هاشم من "المعجم الأوسط"، وسنده صحيح على شرط الشّيخين إلى عمرو. وعَنْ عُرْوَةَ، قَالَ: قَالَتْ عَائِشَةُ لِفَاطِمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ألا أُبَشِّرُكَ، إني سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "سَيِّدَاتُ نِسَاءِ أَهْلِ الْجَنَّةِ أَرْبَعٌ: مَرْيَمُ بِنْتُ عِمْرَانَ، وَفَاطِمَةُ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَخَدِيجَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ، وَآسِيَةُ". وقال الذهبي: على شرط البخاري ومسلم. ابن عباس ابن عم علي رضي الله عنهم: عن ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ، قَالَ: اسْتَأْذَنَ ابْنُ عَبَّاسٍ قَبْلَ مَوْتِهَا عَلَى عَائِشَةَ وَهِيَ مَغْلُوبَةٌ، قَالَتْ: أَخْشَى أَنْ يُثْنِيَ عَلَيَّ، فَقِيلَ: ابْنُ عَمِّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمِنْ وُجُوهِ المُسْلِمِينَ، قَالَتْ: ائْذَنُوا لَهُ، فَقَالَ: كَيْفَ تَجِدِينَكِ؟ قَالَتْ: بِخَيْرٍ إِنِ اتَّقَيْتُ، قَالَ: «فَأَنْتِ بِخَيْرٍ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، زَوْجَةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَمْ يَنْكِحْ بِكْرًا غَيْرَكِ، وَنَزَلَ عُذْرُكِ مِنَ السَّمَاءِ» وَدَخَلَ ابْنُ الزُّبَيْرِ خِلاَفَهُ، فَقَالَتْ: دَخَلَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَأَثْنَى عَلَيَّ، وَوَدِدْتُ أَنِّي كُنْتُ نِسْيًا مَنْسِيًّا. أئمة آل البيت يقتلون من شتم عائشة عن عُتْبَةَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الْهَمْدَانِيَّ قَاضِيَ الْقُضَاةِ يَقُولُ: كُنْتُ يَوْمًا بِحَضْرَةِ الْحَسَنِ بْنِ زَيْدٍ الدَّاعِي بِطَبَرِسْتَانَ، وَكَانَ يَلْبَسُ الصُّوفَ، وَيَأْمُرُ بِالْمَعْرُوفِ، وَيَنْهَى عَنِ الْمُنْكَرِ، وَيُوَجِّهُ فِي كُلِّ سَنَةٍ بِعِشْرِينَ أَلْفَ دِينَارٍ إِلَى مَدِينَةِ السَّلامِ تُفَرَّقُ عَلَى صَغَائِرِ وَلَدِ الصَّحَابَةِ، وَكَانَ بِحَضْرَتِهِ رَجُلٌ ذَكَرَ عَائِشَةَ بِذِكْرٍ قَبِيحٍ مِنَ الْفَاحِشَةِ, فَقَالَ: يَا غلام اضْرِبْ عُنُقَهُ، فَقَالَ لَهُ الْعَلَوِيُّونَ: هَذَا رَجُلٌ مِنْ شِيعَتِنَا, فَقَالَ: مَعَاذَ اللَّهِ, هَذَا رَجُلٌ طَعَنَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {الخبيثات لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ أُولَئِكَ مُبَرَّءُونَ مِمَّا يَقُولُونَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ}، فَإِنْ كَانَتْ عَائِشَةُ خَبِيثَةً, فَالنَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَبِيثٌ، فَهُوَ كَافِر, فاضْرِبُوا عُنُقَهُ, فَضَرَبُوا عُنُقَهُ وَأَنَا حَاضِرٌ. وعَنْ أَبِي جَعْفَرِ بْنِ الْفَضْلِ الطَّبَرِيِّ, أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ زَيْدٍ أَخَا الْحَسَنِ بْنِ زَيْدٍ قَدِمَ عَلَيْهِ مِنَ الْعِرَاقِ رَجُلٌ يَنُوحُ بَيْنَ يَدَيْهِ, فَذَكَرَ عَائِشَةَ بِسُوءٍ، فَقَامَ إِلَيْهِ بِعَمُودٍ وَضَرَبَ بِهِ دِمَاغَهُ, فَقَتَلَهُ، فَقِيلَ لَهُ: هَذَا مِنْ شِيعَتِنَا، وَمِمَّنْ يَتَوَلانَا، فَقَالَ: هَذَا سَمَّى جَدِّي قرتان، وَمَنْ سَمَّى جَدِّي قرتان اسْتَحَقَّ عَلَيْهِ الْقَتْلَ فَقَتَلْتُهُ. أئمة أهل البيت يسمون بناتهم باسم عائشة وهذا دليل على علاقة المحبة المودة، فالإنسان لا يسمي ولده إلا بمن يحب ويقتدي؛ فلو كانت العلاقة تقوم على البغض والكراهية كما يدعي الشيعة هل يعقل أن يسمي أهل البيت أبناءهم بأسماء من يبغضون. - عائشة بنت جعفر الصادق. - عائشة بنت موسى القاظم ابن جعفر الصادق. - عائشة بنت جعفر بن موسى (الكاظم) ابن جعفر (الصادق). - عائشة بنت علي ( الرضا) ابن موسى (الكاظم). - عائشة بنت علي (الهادي)ابن محمد (الجواد) ابن علي (الرضا). - عائشة بنت محمد بن الحسن بن جعفر بن الحسن (المثنى) ابن الحسن (السبط) ابن علي بن أبي طالب. المصاهرات بين آل الصديق وآل البيت كانت العلاقات وثيقة أكيدة بين بيت النبوة وبيت الصديق لا يتصور معها التباعد والاختلاف مهما نسج الأفاكون الأساطير والأباطيل. فالصديقة عائشة بنت الصديق أبى بكر كانت زوجة النبي صلى الله عليه وسلم، ومن أحب الناس إليه مهما احترق الحساد ونقم المخالفون. ثم أسماء بنت عميس كانت زوجة لجعفر بن أبي طالب شقيق علي، فمات عنها فتزوجها الصديق وولدت له ولداً سماه محمداً الذي ولاه علي على مصر. ولما مات أبو بكر تزوجها علي بن أبى طالب فولدت له ولداً سماه يحيى. وحفيدة الصديق كانت متزوجة من محمد الباقر، الإمام الخامس عند الشيعة. وحفيد علي رضي الله عنه - كما يذكر الكليني في "أصوله" تحت عنوان مولد جعفر: ولد أبو عبد الله عليه السلام سنة ثلاث وثمانين ومضى في شوال من سنة ثمان وأربعين ومائة وله خمس وستون سنة، ودفن بالبقيع في القبر الذي دفن فيه أبوه وجده والحسن بن علي عليهم السلام وأمه أم فروة بنت القاسم بن محمد بن أبي بكر وأمها أسماء بنت عبد الرحمن بن أبي بكر. كما أن القاسم بن محمد بن أبي بكر حفيد أبي بكر، وعلي بن الحسين بن علي بن أبي طالب حفيد علي كانا ابني خالة كما يذكر المفيد وهو يذكر علي بن الحسين بقوله: والإمام بعد الحسن بن علي ابنه أبو محمد علي بن الحسين زين العابدين عليهما السلام، وكان يكنى أيضا أبا الحسن. وأمه شاه زنان بنت يزدجرد ن شهريار بن كسرى ويقال: إن اسمها كان شهر بانويه وكان أمير المؤمنين ولى حريث بن جابر الحنفي جانباً من المشرق، فبعث إليه بنتي يزدجرد ن شهريار بن كسرى، فنحل ابنه الحسين شاه زنان منهما فأولدها زين العابدين ونحل الأخرى محمد بن أبي بكر، فولدت له القاسم بن محمد بن أبى بكر فهما ابنا خالة. ولم يختص عليّ بهذه المحبة والصداقة لأبي بكر، بل تابعه بنوه من بعده ومشوا مشيه ونهجوا منهجه. فهذا هو أكبر أنجاله وابن فاطمة وسبط الرسول الحسن بن علي -الإمام المعصوم الثاني عند الشيعة- يسمي أحد أبنائه بهذا الاسم كما ذكره اليعقوبي: وكان للحسن من الولد ثمانية ذكور.
عدل سابقا من قبل أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn في الإثنين 12 أبريل 2021, 1:46 am عدل 1 مرات |
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52561 العمر : 72
| موضوع: رد: الطاهرة المطهرة عائشة بنت الصديق رضي الله عنها الإثنين 12 أبريل 2021, 2:58 am | |
| فهذا هو أكبر أنجاله وابن فاطمة وسبط الرسول الحسن بن علي -الإمام المعصوم الثاني عند الشيعة- يسمي أحد أبنائه بهذا الاسم كما ذكره اليعقوبي: وكان للحسن من الولد ثمانية ذكور وهم الحسن بن الحسن وأمه خولة وأبو بكر وعبد الرحمن لأمهات أولاد شتى وطلحة وعبيد الله.
والحسين بن علي أيضاً سمى أحد أبنائه باسم الصديق كما يذكر ذلك المؤرخ الشيعي المشهور المسعودي في "التنبيه والإشراف" عند ذكر المقتولين مع الحسين في كربلاء.
وقيل: إن زين العابدين بن الحسن كان يكنى بأبي بكر أيضاً.
عرض أباطيل وافتراءات لا وجود لها: كتب التواريخ والسير ملئت بالأحاديث الضعيفة والموضوعة والمرسلة، لا سيما المتعلقة بأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وما كان بينهم من حروب وشجار؛ وكان أكثر الدخن في هذه الروايات والأخبار قد أتى من رواة الشيعة والرافضة الذين هم أكذب الطوائف.
قال حرملة: سمعت الشافعي يقول: لم أر أشهد بالزور من الرافضة.
وقال مؤمل بن إهاب: سمعت يزيد بن هارون يقول: يكتب عن كل صاحب بدعة إذا لم يكن داعية إلا الرافضة فإنهم يكذبون.
وقال محمد بن سعيد بن الأصبهاني: سمعت شريكاً يقول: احمل العلم عن كل من لقيت إلا الرافضة يضعون الحديث ويتخذونه ديناً.
وقال شيخ الإسلام: وَبهَذا وَأَمْثَالِهِ يَتَبَيَّنُ أَنَّ الرَّافِضَةَ أُمَّةٌ لَيْسَ لَهَا عَقْلٌ صَرِيحٌ؛ ولا نَقْلٌ صَحِيحٌ ولا دِينٌ مَقْبُولٌ؛ ولا دُنْيَا مَنْصُورَة؛ بَلْ هُمْ مِنْ أَعْظَمِ الطَّوَائِفِ كَذِبًا وَجَهْلاً، وَدِينُهُمْ يُدْخِلُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ كُلَّ زِنْدِيقٍ وَمُرْتَدٍّ كَمَا دَخَلَ فِيهِمْ الْنُصَيْرِيَّة؛ وَالإسْماعيليَّةُ وَغَيْرُهُمْ فَإِنَّهُمْ يَعْمِدُونَ إلَى خِيَارِ الأمة يُعَادُونَهُمْ وَإِلَى أَعْدَاءِ اللَّهِ مِنْ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى وَالْمُشْرِكِينَ يُوَالُونَهُمْ، وَيَعْمِدُونَ إلَى الصِّدْقِ الظَّاهِرِ الْمُتَوَاتِرِ يَدْفَعُونَهُ وَإِلَى الْكَذِبِ الْمُخْتَلَقِ الَّذِي يُعْلَمُ فَسَادُهُ يُقِيمُونَهُ.
وقال ابن كثير عن الرافضة: هَذَا مُلَخَّصُ مَا ذَكَرَهُ أَبُو جَعْفَرِ بْنُ جَرِيرٍ رَحِمَهُ اللَّهُ عَنْ أئمة هذا الشأن، وليس فيما ذكره أَهْلُ الأهواء مِنَ الشِّيعَةِ وَغَيْرِهِمْ مِنَ الأحَادِيثِ الْمُخْتَلَقَةِ عَلَى الصَّحَابَةِ وَالأخْبَارِ الْمَوْضُوعَةِ الَّتِي يَنْقُلُونَهَا بِمَا فِيهَا، وَإِذَا دُعُوا إِلَى الْحَقِّ الْوَاضِحِ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا: لَنَا أَخْبَارُنَا وَلَكُمْ أَخْبَارُكُمْ، فنحن حينئذ نقول لهم: سلام عليكم لا نبتغى الجاهلين.
وقال الشيخ محب الدين الخطيب في مختصر "التحفة": وهناك ميزانان يستعمل الشيعة أحدهما ويستعمل أهل السنة المحمدية الميزان الآخر.
فالشيعة أبغضوا أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين قام الإسلام على أكتافهم.. اخترعوا عداوة كاذبة لا أصل لها بين علي وإخوانه في الله، وافتروا على الفريقين حكايات في ذلك سوداً بها صفحات السوء من أسفارهم... ورووا بألسنة ناس معروفين بالكذب أقوالاً وضعوها على ألسنة أولئك النفر من آل البيت لا صحة لها ولم تصدر عنهم بل إن العقل والمنطق يكذبانها.
ذكر بعض الرواة الذين اعتمد عليهم كثير من أهل التواريخ في ذكر الأخبار والأحداث 1- أبو مخنف لوط بن يحيى قال ابن كثير: وَلِلشِّيعَةِ وَالرَّافِضَةِ فِي صِفَةِ مَصْرَعِ الْحُسَيْنِ كذب كثير وأخبار باطلة، وفيما ذكرنا كِفَايَةٌ، وَفِي بَعْضِ مَا أَوْرَدْنَاهُ نَظَرٌ، وَلَوْلا أن ابن جرير وغيره من الحفاظ والأئمة ذَكَرُوهُ مَا سُقتهُ، وَأَكْثَرُهُ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي مِخْنَفٍ لُوطِ بْنِ يَحْيَى، وَقَدْ كَانَ شِيعِيًّا، وَهُوَ ضَعِيفُ الْحَدِيثِ عِنْدَ الأئِمَّةِ، وَلَكِنَّهُ أَخْبَارِيٌّ حَافِظٌ، عِنْدَهُ مِنْ هَذِهِ الأشْيَاءِ مَا لَيْسَ عِنْدَ غَيْرِهِ، وَلِهَذَا يَتَرَامَى عَلَيْهِ كَثِيرٌ مِنَ المصنفين في هذا الشأن مِمَّنْ بَعْدَهُ.
2- الواقدي محمد بن عمر بن واقد الأسلمي قال الذهبي: وَجَمَعَ فَأَوعَى وَخَلَطَ الغَثَّ بِالسَّمِيْنِ، وَالخَرَزَ بِالدُّرِّ الثَّمِيْنِ، فَاطَّرَحُوهُ لِذَلِكَ، وَمَعَ هَذَا فَلاَ يُسْتَغنَى عَنْهُ فِي المَغَازِي وَأَيَّامِ الصَّحَابَةِ وَأَخْبَارِهِم.
3- هشام بن محمد بن السائب الكلبي قال الذهبي: الشيعي أحد المتروكين كأبيه.
4- صاحب "مروج الذهب" قال شيخ الإسلام: وَفِي تَارِيخِ الْمَسْعُودِيِّ مِنَ الأكَاذِيبِ مَا لا يُحْصِيهِ إلا اللَّهُ تَعَالَى، فَكَيْفَ يُوثَقُ بِحِكَايَةٍ مُنْقَطِعَةِ الإسْنَادِ فِي كِتَابٍ قَدْ عُرِفَ بِكَثرَةِ الْكَذِبِ.
5- صاحب "العقد الفريد" قال ابن كثير: وقد نسب إليه صاحب "العقد" أشياء لا تصح، لأنَّ صَاحِبَ الْعِقْدِ كَانَ فِيهِ تَشَيُّعٌ شَنِيعٌ ومغالاة في أهل البيت، وربما لا يفهم أحد من كلامه ما فيه من التشيع، وَقَدِ اغتَرَّ بِهِ شَيْخُنَا الذَّهَبِيُّ فَمَدَحَهُ بِالْحِفْظِ وغيره.
6- سيف بن عمر التميمي ويقال التميمي البرجمى، ويقال السعدي الكوفي.
مصنف "الفتوح" و"الردة" وغير ذلك.
هو كالواقدي.
وقال أبو حاتم: متروك.
وقال ابن حبان: اتهم بالزندقة.
بعض قواعد أهل السنة في تلقي الأخبار والأحداث: - أكثر من كذب في الأخبار لا سيما المتعلقة بالصحابة هم الرافضة.
- كثير من كتب التواريخ والمغازي اعتمدت فيما كتبته على رواة الشيعة.
- الاعتذار لهؤلاء العلماء من أهل السنة في ذكرهم تلك الأخبار الأحداث كابن جرير وغيره من حيث أنهم أوردوها مسندة, ومن أسند فقد حمل وسلم.
- أهمية الإسناد حين ندرس تلك الأخبار والأحداث فالإسناد من الدين، وقد قَالَ الإمام أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: ثلاث عُلُومٍ لا إِسْنَادَ لَهَا -وَفِي لَفْظٍ: لَيْسَ لَهَا أَصْلٌ-: التَّفْسِيرُ، وَالْمَغَازِي، وَالْمَلَاحِمُ، يَعْنِي أَنَّ أَحَادِيثَهَا مُرْسَلَةٌ.
- القاعدة في التعامل في الروايات التي فيها دخل على صحابي كما قال النووي: قَالَ الْعُلَمَاءُ: الأحادِيثُ الْوَارِدَةُ الَّتِي فِي ظَاهِرِهَا دَخَلٌ عَلَى صَحَابِيٍّ يَجِبُ تَأْوِيلُهَا قَالُوا ولا يَقَعُ فِي رِوَايَاتِ الثِّقَاتِ إلا مَا يُمْكِنُ تَأْوِيلُهُ.
عرض أباطيل وافتراءات لا وجود لها: وهنا نسوق أباطيل لا وجود لها وأكثرها روايات مكذوبة سطرت في كتب الروافض أو ذكرت في كتب التواريخ بأسانيد منقطعة أوضعيفة أو بغير أسانيد.
- قول ابن عباس لها: "...وما أنت إلا حشية من تسع حشايات خلفهّن بعده، لستِ بأبيضهن ولا بأحسنهن وجهاً ولا بأرشحهن عرقاً ولا بأنضرهن ورقاً ولا بأطرئهن أصلاً... إلخ".
والجواب: هذه قصة مكذوبة على ابن عباس رضي الله عنهما، وعمدة أسانيدها رواة الشيعة أنفسهم، وعلى رأسهم أبو مخنف لوط بن يحيى، الأخباري التالف، والشيعي المحترق الذي أجمع النقاد على تضعيفه وتركه.
- زعم الروافض أن قوله تعالى: (وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِن بَعْدِ قُوَّةٍ أَنكَاثًا) (النحل: 92) نزلت في عائشة.
أسند العياشي -وهو من كبار مفسري الشيعة- إلي أبي عبد الله جعفر الصادق -زوراً وبهتاناً- أنه قال في تفسير قوله تعالى-: (وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِن بَعْدِ قُوَّةٍ أَنكَاثًا) (النحل: 92): "التي نقصت غزلها من بعد قوة أنكاثاً: عائشة، هي نكثت إيمانها".
والجواب: إجماع المفسرين على أن المرأة التي نقصت غزلها امرأة خرقاء من أهل الجاهلية، تسمى ريطة، كانت تغزل هي وجوار لها من الغداة إلى الظهر، ثم تأمرهن فينقضن ما غزلن.
وكانت معروفة عندهم؛ فضربها الله سبحانه وتعالى مثلاً لهم؛ لئلا يتشبهوا بها فينقضوا العهود من بعد توكيدها؛ فشبه نقض العهود بنقص الغزل.
ولم يقل أحد منهم إن المرأة المعينة بهذه الآية هي الصديقة عائشة رضي الله عنها، ولم يؤول واحد منهم نقص الغزل بنقض الإيمان، ولم يشبهه به، إلا الشيعة الرافضة الذين يبغضون الصديقة رضي الله عنها، ويسوقون الأكاذيب لتأييد معتقدهم الفاسد فيها؛ فهم يزعمون أنها قد نكثت إيمانها، سالكين المسلك الباطني في تأويلهم لآية كريمة من آيات الكتاب الحكيم.
- زعم الرافضة أن النبي صلى الله علي وسلم بشرها بالنار استدلوا على أنها من أهل النار: بما نسبوه -زوراً وبهتاناً- إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من قوله لعائشة-: "أما تستحين أن تحاربين مَنْ رضي الله عنه - إنه عهد إلي من خرج على علي فهو من أهل النار".
واستدلوا أيضاً على أنها -رضي الله عنها- من أهل النار بقول أن أوفى العبدية لها: -"ما تقولين فيمن قتلت ابناً لها-؟ قالت: في النار. قالت: فمن قتلت عشرين ألفاً من أولادها؟ فقالت: خذوا بيد عدوة الله".
والجواب: أن الرافضة أكذب الخلائق وأشهدهم بالزور؛ فقد صح كما تقدم من الأحاديث الصحيحة الكثيرة في تبشيرها بالجنة وأنها زوجة الحبيب صلى الله عليه وسلم في الدنيا والآخرة.
- قال ابن المطهر الحلي الرافضي عن عائشة رضي الله عنها: "وسموها أم المؤمنين، ولم يسموا غيرها بذلك الاسم".
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "من المعلوم أن كل واحدة من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم يقال لها أم المؤمنين: عائشة، وحفصة، وزينب بنت جحش، وأم سلمة، وسودة بنت زمعة، وميمونة بنت الحارث الهلالية، وجويرية بنت الحارث المصطلقية، وصفية بنت حيي بن أخطب الهارونية رضي الله عنهن، وقد قال الله تعالى: (النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ) (الأحزاب: 6).
وهذا أمر معلوم للأمة علماً عاماً.
وقد أجمع المسلمون على تحريم نكاح هؤلاء بعد موته صلى الله عليه وسلم على غيره، وعلى وجوب احترامهن، فهن أمهات المؤمنين في الحرمة والتحريم".
فعائشة رضي الله تعالى عنها هي أم المؤمنين كما سماها الله عز وجل، أما إبدال الشيعة لهذه التسمية بـ"أم الشرور"، فهو من المعاندة لله سبحانه وتعالى ولكتابه، ولرسوله صلى الله عليه وسلم .
- اتهامها بالكذب أسند ابن بابويه القمي الملقب عند الشيعة بالصدوق إلى جعفر الصادق قوله: "ثلاثة كانوا يكذبون على رسوله الله صلى الله عليه وسلم: أبو هريرة، وأنس بن مالك، وامرأة".
والجواب: أن هذا من الكذب ولو كانت رضي الله عنها تكذب لكذبت في ذكر حديث الكساء الذي تقدم ذكره؛ ولما روت حديث كلاب الحوأب كما سيأتي.
- زعموا أن قول الله تعالى: (يَأَيّهَا الّذِينَ آمَنُوَاْ إِن جَآءَكُمْ فَاسِقُ بِنَبَإٍ فَتَبَيّنُوَاْ) (الحجرات: 6)، نزلت في عائشة.
قال القمي في تفسيره في قول الله تعالى: (يَأَيّهَا الّذِينَ آمَنُوَاْ إِن جَآءَكُمْ فَاسِقُ بِنَبَإٍ فَتَبَيّنُوَاْ).
يقول إنّها نزلت في اتهام عائشة لمارية القبطية.
والجواب: أن هذه الآية باتفاق المفسرين أنها نزلت في الوليد بن عقبة، ولم يذكر واحد من مفسري أهل السنة ما يتجرأ عليه الرافضة من كذب بهتان.
- زعم الرافضة أن الآيات في سورة النور: (إن الذين جاؤوا بالإفك) نزلت في مارية وليست في عائشة وأن القائل بالإفك هي عائشة.
قال القمي: "إنَّ العامة رووا أنها نزلت في عائشة رضي الله عنها، وما رميت به في غزوة بني المصطلق من خزاعة، وأما الخاصة فإنّهم رووا أنها نزلت في مارية القبطية وما رمتها به بعض النساء المنافقات".
وقال ابن أبي الحديد: "وقوم من الشيعة زعموا أن الآيات التي في سورة النور لم تنزل فيها - يعني في عائشة -، وإنما نزلت في مارية القبطية وما قذفت به الأسود القبطي ...."، إلى أن قال: "وجحدهم لإنزال ذلك في عائشة جحد لما يعلم ضرورة من الأخبار المتواترة".
والجواب: قصة مارية القبطية ما جاء عَنْ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: أُهْدِيَتْ مَارِيَةُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَعَهَا ابْنُ عَمٍّ لَهَا، قَالَتْ: فَوَقَعَ عَلَيْهَا وَقْعَةً فَاسْتَمَرَّتْ حاملاً، قَالَتْ: فَعَزَلَهَا عِنْدَ ابْنِ عَمِّهَا، قَالَتْ: فَقَالَ أَهْلُ الإِفْكِ وَالزُّورِ: مِنْ حَاجَتِهِ إِلَى الْوَلَدِ ادَّعَى وَلَدَ غَيْرِهِ، وَكَانَتْ أُمهُ قَلِيلَةَ اللَّبَنِ فَابْتَاعَتْ لَهُ ضَائِنَةَ لَبُونٍ فَكَانَ يُغَذَّى بِلَبَنِهَا، فَحَسُنَ عَلَيْهِ لَحْمُهُ، قَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: فَدُخِلَ بِهِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ فَقَالَ: «كَيْفَ تَرَيْنَ؟» فَقُلْتُ: مَنْ غُذِّيَ بِلَحْمِ الضَّأْنِ يَحْسُنُ لَحْمُهُ، قَالَ: «ولا الشَّبَهُ» قَالَتْ: فَحَمَلَنِي مَا يَحْمِلُ النِّسَاءَ مِنَ الْغَيْرَةِ أَنْ قُلْتُ: مَا أَرَى شَبَهًا قَالَتْ: وَبَلَغَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا يَقُولُ النَّاسُ فَقَالَ لِعَلِيٍّ: «خُذْ هَذَا السَّيْفَ فَانْطَلِقْ فَاضْرِبْ عُنُقَ ابْنِ عَمِّ مَارِيَةَ حَيْثُ وَجَدْتَهُ»، قَالَتْ: فَانْطَلَقَ فَإِذَا هُوَ فِي حَائِطٍ عَلَى نَخْلَةٍ يَخترِفُ رُطَبًا قَالَ: فَلَمَّا نَظَرَ إِلَى عَلِيٍّ وَمَعَهُ السَّيْفُ اسْتَقْبَلَتهُ رِعْدَةٌ قَالَ: فَسَقَطَتِ الْخِرْقَةُ، فَإِذَا هُوَ لَمْ يَخْلُقِ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لَهُ مَا لِلرِّجَالِ شَيْءٌ مَمْسُوحٌ.
هذه هي الرواية الصحيحة؛ فأخذ الشيعة هذه الرواية التي روتها أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، وذكرت فيها أن أهل الإفك اتهموا مارية، فقلبوها، وجعلوا أم المؤمنين هي التي أخبرت عن أهل الإفك هي التي جاءت بالإفك.
- "ما تدع عائشة عداوتنا أهل البيت" ذكر البياضي -من الشيعة- أن "فاطمة لما زفت إلي علي عليه السلام قالت نسوة الأنصار -: أبوها سيد الناس -فقال النبي صلى الله عليه وآله-: قلن وبعلها ذو الشدة والبأس -فلم يذكرون علياً-. فقال في ذلك فقلن: -منعتنا عائشة-. فقال: "ما تدع عائشة عداوتنا أهل البيت".
والجواب: لا ريب أن هذه الرواية التي ساقوها كاذبة؛ فالثابت عن عائشة وفاطمة وعلي رضي الله عنها أن المحبة والاحترام والتقدير كانت بينهم.وقد تقدم ذكر شيء من ذلك.
بل قد روى الشيعة أنفسهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يظهر محبته لعائشة رضي الله عنها أمام ابنته فاطمة رضي الله عنها: فقد روى الحميري بسنده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم "لما تغدى عند فاطمة قال لها أول ما قال: اغرفي لعائشة". فأمرها قبل أن يتناول طعامها أن تغرف لها منه وترسله إليها. وهذا من إظهار محبته لها رضي الله عنها.
وذكر ابن رستم الطبري - الشيعي - أن فاطمة رضي الله عنها ماتت وهي راضية عن عائشة رضي الله عنها -، وأوصت لها باثنتي عشرة أوقية -، ولكل زوجة من زوجات رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بمثل ذلك.
فأين هذه العداوة المزعومة التي أجهد الشيعة أنفسهم لإثباتها دون طائل؟ ولماذا يسوقون هذه الأكاذيب، ويملئون كتبهم بأمثال هذه الترهات لإثبات شيء لا لأصل له.
- فسر بعضهم الخيانة في قوله: (فَخَانَتَاهُمَا) بارتكاب الفاحشة، والعياذ بالله تعالى: قال القمي - من كبار مفسري الشيعة - في تفسير هذه الآية -: "والله ما عنى بقوله: (فَخَانَتَاهُمَا) إلا الفاحشة، وليقيمن الحد على (عائشة) فيما أتت في طريق (البصرة)، وكان (طلحة) يحبها، فلما أرادت أن تخرج إلى (البصرة) قال لها فلان: لا يحل لك أن تخرجي من غير محرم، فزوجت نفسها من (طلحة)...".
ووجه إقامة الحد عليها - على حد زعم الشيعة -: كونها زوجت نفسها من آخر بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، مع حرمة ذلك؛ فالله تعالى قد حرم نكاح أزواج النبي من بعده أبداً.
وفي رواية أخرى ذكروها: "لأتزوجن عائشة". وفي رواية ثالثة: "وكان طلحة يريد عائشة"، فأنزل الله تعالى: (وَمَا كَانَ لَكُمْ أَن تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلا أَن تَنكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِن بَعْدِهِ أَبَدًا إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِندَ اللَّهِ عَظِيمًا) (الأحزاب: 53).
والجواب: أن هذا من الكذب الذي لا يتورع عنه الشيعة وأين تلك الروايات التي لا تدع مجالا للشك أنها بقيت رضي الله عنها كما فارقها رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ وهل ترتضي بدلاً بسيد بني آدم وخليل الرحمن.
- نسبوا إليها - رضي الله عنها، وحاشاها مما رموها به - أقوالاً في غاية الخسة، والبذاءة: فقد ذكر رجب البرسي - وهو من علمائهم - أن "عائشة جمعت أربعين ديناراً من خيانة -، وفرقتها على مبغضي علي".
وذكر أحمد بن علي الطبرسي -وهو من علمائهم أيضاً- أن عائشة زينت يوماً جاريةً كانت عندها -وقالت-: "لعلنا نصطاد بها شاباً من شباب قريش بأن يكون مشغوفاً بها".
الجواب: أن هذا من الكذب البهتان الذي يقف له شعر الرأس وتقشعر له الجلود من قبح ما رموها به قاتلهم الله.
- أنت الذي تزعم أنك نبي (قول عائشة للنبي صلى الله عليه وسلم): الحديث ضعيف.
قال الحافظ الهيثمي: «فيه محمد بن إسحاق وهو مدلس وقد عنعنه» (مجمع الزوائد4/322).
وهو عين ما قاله الحافظ العراقي في تخريج إحياء علوم الدين (2/43).
فالحديث معلول بالعنعنة.
والمدلس تقبل روايته إذا كانت بلفظ (حدثني) ولا تقبل إذا قال (عن عن).
وإيراد الغزالي لها من جملة ما حشا به كتابه الإحياء من آلاف الأحاديث الضعيفة والموضوعة.
وهذه الرواية بذاتها كانت سبباً في توجيه نقد أهل العلم إليه.
وقد وجه ابن الجوزي نقده إلى الغزالي لإيراده مثل هذا الحديث خاصة وحشو كتابه الإحياء بآلاف الأحاديث الضعيفة والموضوعة عامة.
- ثم أدخلني في اللحاف مع بعض نسائه فصرنا ثلاثة (قول الزبير): فيه محمد بن سنان: وهو كذاب كما قال ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" (7/279).
ورماه أبو داوود وعبد الرحمن بن خراش بالكذب (المغني في الضعفاء 2/ 589 لابن عدي).
وفيه إسحاق بن إدريس هو الأسواري: تركه ابن المديني وقال النسائي: متروك.
وقال الإمام البخاري: تركه الناس.
وقال ابن معين: كذاب يضع الحديث.
وقال أبو زرعة: واهي الحديث.
وقال ابن حبان: كان يسرق الحديث.
وقال الألباني »موضوع« (سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة رقم الحديث2662).
فألقت عصاها واستقرت بها النوى كما قـرعينـاً بالإيـاب المسافـر
زعموا أن عائشة أظهرت الشماتة بعلي لما مات حتى قالت هذا البيت شماتة به.
واحتجوا بقول الحافظ ابن عبد البر «وروي أن عائشة تمثلت بهذا البيت حين اجتمع الأمر لمعاوية».
والرافضة لا يتركون مجالاً لسوء الظن والطعن في عائشة إلا اقتحموه.مع أن هذا البيت من الشعر لا مطعن فيه ولا يعتبر طعناً في علي كما زعموا لو أنه ثبت سنداً.
ولك أن تتأمل أولاً كيف رواه الحافظ بصيغة التمريض مما يشعر بضعف الرواية.
ثم إن هذا الشعر قديم يتمثل به العرب عند استقرار الأمر على رجل بعد النزاع أو نحو ذلك.
وليس كما زعموا في أنه يعتبر نوعاً من إظهار الشماتة بموت علي رضي الله عنه.
والعرب أيضاً تسمي قرار الظاعن عصا, وقرار الأمر استواء عصاه فإذا استغنى المسافر عن الظعن قالوا قد ألقى عصاه.
وقال الشاعر: فألقت عصاها واستقرت بها النوى كمـا قــر عينا بالإياب المسافــر
فإذا اجتمع الناس بعد فرقة وهدأت الأمور بعد فتنة كني عن ذلك باستقرار العصا.
وقال الحافظ ابن عساكر: «يقال للإنسان إذا اطمأن بالمكان واجتمع له أمره قد ألقى بوانيه، وكذلك يقال ألقى أرواقه وألقى عصاه قال الشاعر: فألقت عصاها واستقرت بها النوى.
فهذا البيت صار من جملة الأمثال التي تضرب ويقصد به استقرار الأمر بعد تنازع.
والمقصود اجتماع الناس على رجل بعد نزاع بينهم حول ذلك.
وليس فيه شماتة بعلي رضي الله عنه بل هو لم يثبت سنداً أصلاً وإنما يحكى ويروى بصيغة التمريض كما فعل الحافظ بن عبد البر في "التمهيد".
- يا عائشة دعي أخي فإنه أول الناس إسلاماً وفيه: "يا عائشة دعي أخي فإنه أول الناس إسلاما وآخر الناس بي عهداً عند الموت وأولى الناس بي يوم القيامة".
والجواب: هذا الحديث فيه طعن في عائشة حيث يذكر أن علياً جعل بين عائشة وبين رسول الله فقالت له عائشة: أما وجدت لك مكاناً أوسع لك من هذا؟
قال الذهبي «إسناده مظلم، وفيه عبد السلام بن صالح أبو الصلت وهو متهم».
وقال الهيثمي: »وفيه عبد السلام بن صالح وهو ضعيف«.
- اتهام عائشة وحفصة بقتل النبي عليه الصلاة والسلام بالسم: وروى علي بن إبراهيم القمّي في تفسيره أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال لحفصة في مجريات قصّة التحريم: "كفى! فقد حرّمت ماريّة على نفسي، ولا أطأها بعد هذا أبداً، وأنا أفضي إليك سرّا؛ فإنْ أنتِ أخبرتِ به فعليك لعنة الله والملائكة والناس أجمعين! فقالت: نعم ما هو؟ فقال: إن أبا بكر يلي الخلافة بعدي غصباً، ثم من بعده أبوك، فقَالَتْ: مَنْ أَنْبَأَكَ هَذَا؟ قَالَ: نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ.فأخبرت حفصة عائشة من يومها ذلك، وأخبرت عائشة أبا بكر، فجاء أبو بكر إلى عمر فقال له: إن عائشة أخبرتني عن حفصة بشيء ولا أثق بقولها، فاسأل أنت حفصة.فجاء عمر إلى حفصة فقال لها: ما هذا الذي أخبرت عنك عائشة؟ فأنكرت ذلك وقالت: ما قلت لها من ذلك شيئا! فقال لها عمر: إنْ كان هذا حقاً فأخبرينا حتى نتقدّم فيه (نُجهز على النبي سريعاً)! فقالت: نعم! قد قال رسول الله ذلك! فاجتمعوا أربعةً على أن يسمّوا رسول الله".
ويقول العياشي في تفسيره عن عبد الصمد بن بشير عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ”تدرون مات النبي صلى الله عليه وآله أو قُتل؟ إن الله يقول: أفإن مات أو قُتل انقلبتم على أعقابكم، فسُمَّ قبل الموت، إنما سقتاه! فقلنا: إنهما وأبوهما شر من خلق الله“.
الجواب: أن هذا من الكذب البين؛ وما أسهل الكذب والافتراء على ألسة هؤلاء الحاقدين الموتورين، وسيأتي الحديث عن الآيات في سورة التحريم.
- اتهامها بعداوة النبي عليه السلام وآل البيت رضي الله عنهم: يزعم الشيعة أن من أسباب عداوة عائشة لعلي وبغضها له كما في رواية عندهم عن علي -رضي الله عنه- كما نسب الشيعة ذلك إليه زوراً.
- الحسد: ويذكر من أسباب حسدها له: تقديم الرسول صلى الله عليه وسلم له على أبيها في مواطن عديدة، منها: مؤاخاة الرسول له، وسد الأبواب المطلة على المسجد إلا بابه، وإعطائه الراية يوم خيبر، وإنفاذه بسورة براءة.
- بغض عائشة لخديجة وتعدي البغض إلى ابنتها فاطمة، ثم إلى زوج ابنتها علي.
- قول علي للنبي صلى الله عليه وسلم لما استشاره في فراقها: "خل سبيلها فالنساء كثير".
- قصة حدثت بينهما أوغرت صدر عائشة عليه... ويزعمون أن علياً ذكر هذه القصة، فقال: "لقد دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم قبل أن يضرب الحجاب على أزواجه وكانت عائشة بقرب رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما رآني رحب وقال: ادن مني يا علي.
ولم يزل يدنيني حتى أجلسني بينه وبينها.
فغلظ ذلك عليها، فأقبلت إلي وقالت بسوء رأي النساء وتسرعهن إلى خطاب: ما وجدت لأستك يا علي موضعاً غير موضع فخذي؟ فزبرها النبي صلى الله عليه وآله وقال لها: ألعلي تقولين هذا؟ إنه والله أول من آمن بي وصدقني، وأول الخلق وروداً على الحوض، وهو أحق الناس عهداً إلي، لا يبغضه أحد إلا أكبه الله على منخره في النار".
- كما ذكر الشيعة: منعها من دخول علي على رسول الله صلى الله عليه وسلم حين دعا ربه أن يأتيه بأحب خلقة إليه ليأكل معه من الطائر المشوي.
إلى آخر ما أورد الشيعة من أكاذيب في أسباب عداوة عائشة رضي الله عنها لعلي رضي الله عنه.
والجواب: من كرامة الله تعالى لهذه الأمة أن حفظ لها هذا الدين بالإسناد, ولولا الإسناد لقال من شاء ما شاء؛ والرافضة أشهد الناس بالزور والكذب.فأين الدليل الصحيح على حسد عائشة رضي الله عنها لعلي رضي الله عنهما؟!. وأين الدليل على بغض عائشة رضي الله عنها لخديجة رضي الله عنها؟ ثم كيف تعدى هذا البغض إلى ابنتها فاطمة، وإلى زوج ابنتها علي؟ وقد تقدم ما يدل على عكس هذا..
بل الثابت أن الصديقة رضي الله عنها كانت تنكر وجود أية عداوة بينها بين أمير المؤمنين علي رضي الله عنه، وكانت تقول إثر معركة الجمل: "والله ما كان بيني وبين علي في القديم إلا ما يكون بين المرأة وأحمائها، وإنه عندي على معتبتي من الأخيار"، فأجابها رضي الله عنه أمام الناس -وهو الصادق فيما يقول-: "يا أيها الناس صدقت والله وبرت، ما كان بيني وبينها إلا ذلك، وإنها لزوجة نبيكم صلى الله عليه وسلم في الدنيا والآخرة". |
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52561 العمر : 72
| موضوع: رد: الطاهرة المطهرة عائشة بنت الصديق رضي الله عنها الإثنين 12 أبريل 2021, 3:05 am | |
| وأما قصة الطائر فبالإضافة إلى كونها مكذوبة، فإنها تخالف المشهور في حديث الطائر عند الشيعة أنفسهم: فقد أسند جمهور الشيعة إلى أئمتهم أن الذي منع علياً من الدخول هو أنس بن مالك رضي الله عنه، وليس عائشة رضي الله عنه؛ لرغبته أن يكون الداخل رجلاً من الأنصار.
وقصة منع أنس رضي الله عنه لعلي رضي الله عنه من الدخول على رسول الله صلى الله عليه وسلم ليأكل معه الطائر من القصص المكذوبة التي ملأ الشيعة بها كتبهم، في محاولة منهم لتشويه صورة خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم الصحابي الجليل أنس بن مالك رضي الله عنه.
فللحديث طرق كثيرة، ولكن لا يصح منها شيء.. وعلى هذا أجمع أهل السنة.
وممن قال بعدم صحة شيء من هذه الطرق من حفاظ أهل السنة -على سبيل المثال، لا الحصر-: العقيلي -، ومحمد بن طاهر المقدسي، ومحمد ناصر السلامي، وابن الجوزي، وابن تيمية، والذهبي وابن كثير وابن حجر، والدميري، والشوكاني، والألباني، وغيرهم.
قال أبو يعلى الخليلي: "ما روى في حديث الطير ثقة.
رواه الضعفاء مثل إسماعيل بن سلمان الأزرق وأشباههم، ويرده جميع أئمة الحديث".
وقال الحافظ ابن حجر: "هو خبر منكر".
- كراهتها استخلاف علي رضي الله عنهم في حسب زعم الشيعة: يزعم الشيعة الرافضة أن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها كرهت استخلاف أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وأثارت مبايعته الحقد في قلبها، فخرجت عليه.
يقول هاشم معروف الحسيني: "مبايعة الناس لعلي أثارت في قلبها الحقد، فخرجت عليه تزعم أنها تطالب بدم عثمان".
والجواب: إن هذا الزعم يرده ما ثبت عنها رضي الله عنها من أنها أمرت الناس حين استشاروها: من يبايعون بعد عثمان رضي الله عنه أن يبايعوا عليا رضي الله عنه وأن يلزموه.
فقد أخرج ابن أبي شيبة رواية طويلة جاء فيها استشارة الأحنف بن قيس لطلحة والزبير وعائشة رضي الله عنه فيمن يبايع بعد عثمان؟ فكلهم قال: "نأمرك بعلي. قال: وترضونه لي. قالوا: نعم. قال الأحنف: فمررت على علي بالمدينة فبايعته، ثم رجعت إلى البصرة، ولا أرى إلا الأمر قد استقام..".
وقد صحح الحافظ ابن حجر رحمة لله إسناد هذه الرواية .
وذكر المفيد -الملقب عند الشيعة شيخ الطائفة- نحواً من هذه الرواية.وجاء فيها: "أن الأحنف بن قيس قدم على عائشة وهي في مكة -وكان عثمان محاصراً-، فقال لها-: إني لأحسب هذا الرجل مقتولاً-، فمن تأمريني أن أبايع -؟ فقالت-: بايع عليا".
يزعم الشيعة الرافضة أن عائشة رضي الله عنها قد ارتكبت فاحشة كبيرة بخروجها على علي رضي الله عنه:
ويزعمون أن قوله تعالى: (يَا نِسَاء النَّبِيِّ مَن يَأْتِ مِنكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ) (الأحزاب: 30)، قد انطبق عليها حينما خرجت على علي رضي الله عنه.حيث فسروا الفاحشة بأنها قتال علي رضي الله عنه.
وزعم الشيعة أن قول الله سبحانه وتعالى: (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ) إنما نزل في عائشة بسبب خروجها على علي رضي الله عنه.
واستدلوا على هذا الزعم بالحكاية المكذوبة التي أسندها ابن بابويه القمي -الملقب عند الشيعة بالصدوق- إلى عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، وفيها قوله: "قلت للنبي: يا رسول الله من يغسلك إذا مت؟ قال يغسل كل نبي وصيه.قلت: فمن وصيك يا رسول الله؟ قال: علي بن أبي طالب.قلت: كم يعيش بعدك يا رسول الله؟ قال: ثلاثين سنة؛ فإن يوشع بن نون وصي موسى عاش بعد موسى سنة، وخرجت عليه صفراء بنت شعيب زوجة موسى عليه السلام، فقالت: أنا أحق منك الأمر، فقاتلها، فقتل مقاتليها، وأسرها وأحسن أسرها.
وإن ابنه أبي بكر ستخرج عل علي في كذا وكذا من أمتي فبقاتلها فيقتل مقاتلها، ويأسرها فيحسن أسرها.وفيها أنزل الله عز وجل: (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى)...".
ومن التحذيرات الخاصة التي زعم الشيعة أن رسول الله حذر بها عائشة: قوله لها -كما زعموا كذباً وبهتاناً-: " -أما تستحين أن تحاربين لمن رضي الله عنه-، وإنه عهد إلي أنه من خرج على علي فهو في النار".
وقوله -كما زعموا- لعلي وعائشة حاضرة "قاتل الله من يقاتلك، وعادى الله من عاداك".
فقالت عائشة: ومن يقاتله ويعاديه؟ فقال لها: "أنت ومن معك".
إلى آخر ما أحدث الشيعة الرافضة في هذا الباب من أكاذيب، ونسبوها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
زعموا أن النبي صلى الله عليه وسلم جعل طلاق نسائه بيد علي رضي الله عنه: فقد أسند الملقب عند الشيعة بالصدوق إلى الحسن العسكري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جعل طلاق أزواجه بيد علي بن أبي طالب، وقال له -على حد زعمهم-: "يا أبا الحسن إن هذا الشرف باقٍ لهن ما دمن لله على الطاعة، فأيتهن عصت الله بعدي بالخروج عليك فطلقها في الأزواج، وأسقطها من تشرف الأمهات، ومن شرف أموتها المؤمنين".
وفي رواية: "فمن عصتك منهن فطلقها طلاقاً يبرأ لله ورسوله منها في الدنيا ولآخرة".
وقال الطبرسي: "وروي عن الباقر أنه قال: لما كان يوم الجمل وقد رشق هودج عائشة بالنبل، قال أمير المؤمنين: والله ما أراني إلا مطلقها، فأنشد الله رجلاً سمع من رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: "يا علي أمر نسائي بيدك من بعدي" لما قام فشهد؟ فقال: فقام ثلاثة عشر رجلاً فيهم بدريان، فشهدوا أنهم سمعوا رسول الله صلى الله عليه وآله يقول لعلي بن أبي طالب: "يا علي أمر نسائي بيدك من بعدي". قال: فبكت عائشة، حتى سمعوا بكاءها..." .
يزعمون أيضاً أنها التقت -بعد ذلك- بطلحة والزبير رضي الله عنهما إثر مبايعتهما لعلي رضي الله عنه، فحرضتهما على الخروج عليه ونكث بيعته: قال محمد علي الحسيني -وهو من الشيعة المعاصرين-: "عائشة هي التي مهدت لحرب الجمل".
وزعم الشيعة أيضاً أن عائشة وطلحة والزبير جمعوا جيشاً، وساروا جهة البصرة والكوفة، وكانت قيادة الجيش العامة لعائشة...
أما ما يرويه الشيعة من الحوادث التي وقعت عند تقابل الجيشين، وقبل بدء المعركة: فيزعمون أن عائشة رضي الله عنها رفضت الدخول في طاعة علي رضي الله عنه حين دعاها إلى الصلح والرجوع إلى بيتها، وأصرت على حربه: فقد أسند الملقب بالصدوق - وهو كذوب - إلى علي بن أبي طالب -زوراً وبهتاناً- أنه قال-: " -دعوت المرأة إلى الرجوع إلى بيتها-، والقوم الذين حملوها على الوفاء ببيعتهم لي، والترك لنقضهم عهد الله عز وجل فيّ وأعطيتهم عن نفسي كل الذي قدرت عليه … فلم يزدادوا إلا جهلاً وتمادياً وغياً..".
وهذه الرواية تفيد أن عليا رضي الله عنه هو الذي طلب الصلح، ولكن عائشة ومن معها رفضوا.
بينما نجد رواية أخرى عند الشيعة تفيد أن التي طلبت الصلح هي عائشة، وأن الذي رفضه هو علي رضي الله عنه.
وهذا من تناقضات الشيعة الكثيرة التي ملئوا بها كتبهم.
يدعي الشيعة أن عليا رضي الله عنه أرسل غلاماً يحمل مصحفاً يدعو القوم إلى الصلح والدخول في طاعته، ولكن عائشة أمرت بقتله: قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: "إن أحداً لم يقل إن عائشة ومن معها نازعوا علياً في الخلافة، ولا دعوا إلى أحدٍ منهم ليولوه الخلافة.وإنما أنكرت هي ومن معها على علي منعه من قتل قتلة عثمان، وترك الاقتصاص منهم".
وبعض الشيعة يعترف بذلك: فهذا البياضي -مثلاً- يذكر أن عائشة طلبت من علي قتل قتلة عثمان، فأبى ذلك.
أما دعواهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم طلب من علي إن خرجت عليه عائشة أن يضربها -في بعض الروايات-، أو يطلقها -، وأنه قد طلقها ؛ فدعوى باطلة، لم ترد في أي كتاب من كتب أهل السنة، بل ولا في كتب الأحاديث الموضوعة، ولم ترد إلا في كتب الشيعة الذين هم في غاية التناقض والكذب.
ويرد هذه الدعوى ما ثبت عن عمار بن ياسر رضي الله عنهما أنه قال على منبر الكوفة وهو بين يدي الحسن بن علي رضي الله عنهما: "إن عائشة قد صارت إلى البصرة، ووالله إنها لزوجة نبيكم في الدنيا والآخرة".
وقد أقره الحسن بن علي رضي الله عنهما على هذا، ولم يعترض على قسمه.
وتكرر الأمر في محضر علي رضي الله عنه بعد نهاية المعركة: فقد روى الإمام احمد، والترمذي، والحاكم بأسانيدهم –واللفظ لأحمد– أن رجلاً وقع في عائشة وعابها، فقال له عمار: "ويحك ما تريد من حبيبة رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ ما تريد من أمّ المؤمنين؟ فأنا أشهد أنّها زوجته في الجنّة.بين يدي عليّ، وعليّ ساكت".
فالقول بأن عائشة رضي الله عنها زوجة الرسول صلى الله عليه وسلم في الدنيا والآخرة، بل وفي الجنة وقع بين يدي إمامين – يعتقد الشيعة إمامتهما ولم ينكرا، بل وافقا وأقرا.
زعمهم أن أم سلمة نصحتها بعدم الخروج، وذكرتها بخبر الحوأب
في إسناد الخبر أبو مخنف لوط بن يحيى، وقد تقدم أنه شيعي محترق وأخباري تالف، فلا يعتد بقوله، ولا كرامة.
ولقد أدركت أم سلمة رضي الله عنها كما أدرك غيرها من الصحابة أن خروج عائشة رضي الله عنها كان من اجتهاد منها؛ ترى أنها بخروجها تصلح بين المسلمين، وتحاول جمع كلمتهم.وقد بقيت أم سلمة رضي الله عنها تحترم عائشة وتقدرها، وتذكر للناس فضائلها: فقد روى محمد بن الحسن بن زبالة، والحاكم - واللفظ له - بسنديهما: "أن أم سلمة لمّا سمعت الصرخة على عائشة -يعني لما ماتت -قالت لجاريتها: اذهبي فانظري، فجاءت فقالت: وجبت.
فقالت أم سلمة: والذي نفسي بيده لقد كانت أحب الناس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا أباها".
قصة دخول ابن عباس رضي الله عنهما على عائشة إثر معركة الجمل دون إذنها. وفيها قال ابن عباس لها: نحن أولى بالسنة منك ونحن علمناك السنة وإنما بيتك الذي خلفك فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فخرجت منه ظالمة لنفسك؛ غاشة لدينك؛ عاتية على ربك؛ عاصية لرسول الله صلى الله عليه وسلم...
والجواب: في اسنادها أبو مخنف؛ لوط بين يحيى، وهو شيعي محترق، وأخباري تالف كما تقدم.والثابت عن ابن عباس رضي الله عنهما شدة احترامه لأم المؤمنين عائشة رضي الله عنه وكثرة المدح لها.
ولقد دخل عليها وهي على فراش الموت، وقال لها: "كنت أحب أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم إليه، ولم يكن ليحبّ إلا طيبا، وأنزل الله براءتك من فوق سبع سموات، فليس في الأرض مسجدٌ إلا هو يتلى فيه آناء الليل وآناء النهار إلى أن قال: فوالله إنك لمباركة... الخ".
ادِّعاء الشيعة أنَّ عائشةَ مَنَعتْ من دَفْنِ الحسن بن علي عند جَدِّه صلَّى الله عليه وسلَّم. والجواب: قول الرافضة في ممانعة الصديقة رضي الله عنها، وركوبها على بغل، وخروجها إلى الناس، وغير ذلك من الترهات: فكله إفك غير مقبول، يأباه ويرفضه ذوو العقول.
فلم تكن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها تمانع من دفن الحسن بن على رضي الله عنهما عند جده رسول الله صلى الله عليه وسلم.
بل لقد وافقت على ذلك، وقالت لأخيه الحسين رضي الله عنه لما استأذنها في دفن الحسن: "نعم وكرامة" كما روى ذلك ابن عبد البر من طرق متعددة.
ولكن الذي منع من دفن الحسن رضي الله عنه عند جده رسول الله صلى الله عليه وسلم هو: مروان بن الحكم الذي أقبل لما بلغه ذلك، وقال: "كذب، وكذبت، والله لا يدفن هناك أبداً.منعوا عثمان من دفنه في المقبرة، ويريدون دفن الحسن في بيت عائشة ؟!.."
فعلى هذا لم تكن الممانعة من قبل أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، بل لقد وافقت، وسمحت، ولم تمانع.والذي مانع هو مروان الذي كان والياً لبني أمية على المدينة.
فلا يمكن إمضاء هذا الأمر إلا بموافقته، ولو حاولوا دفن الحسن عند جده بالقوة لحدثت مواجهة قد تراق فيها دماء؛ أوصى الحسن بألا تراق.
فليس الرفض من أم المؤمنين، وليست الممانعة منها كما زعم الشيعة الرافضة.
ادِّعاء الشيعة أنَّ عائشة رضي الله عنها هي أوَّل مَن رَكِب السروج. الجواب: هذا كذبٌ افتراء ولو كان فيه مطعن لكان فيه مطعن في أم الحسن فاطمة رضي الله عنهما وكلاهما بريئتان.
فقد رَوى الشيعة: أنَّ فاطمة -رضي الله عنها- رَكِبتْ بغلةً يومَ عُرْسها؛ وأنَّ عليًّا أرْكَبَها على حمارٍ ودارَ بها على بيوت المهاجرين والأنصار يدعوهم إلى نُصْرته لَمَّا بُويع لأبي بكر بالخلافة على حدِّ زعمهم.
أن عائشة كانت تذكر لجبير بن مطعم وأن أمها احتالت لتزويجها للنبي صلى الله عليه وسلم. عن هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ السَّائِبِ الْكَلْبِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: "خَطَبَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم إِلَى أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ عَائِشَةَ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَا رَسُولَ اللَّهِ, قَدْ كُنْتُ وَعَدْتُ بِهَا أَوْ ذَكَرْتُهَا لِمُطْعَمِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ نَوْفَلِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ لابْنِهِ جُبَيْرٍ فَدَعْنِي حَتَّى أَسُلَّهَا مِنْهُمْ.فَفَعَلَ، ثُمَّ تَزَوَّجَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم, وَكَانَتْ بِكْرًا".
وعَنِ الأَجْلَحِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ قَالَ: "خَطَبَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم عَائِشَةَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ, إِنِّي كُنْتُ أَعْطَيْتُهَا مُطْعِمًا لابْنِهِ جُبَيْرٍ فَدَعْنِي حَتَّى أَسُلَّهَا مِنْهُمْ. فَاسْتَسَلَّهَا مِنْهُمْ, فَطَلَّقَهَا فَتَزَوَّجَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم".
والجواب: أولاً: هشام وأبوه متروكان.وفي الرواية الثانية: الأجلح.قَال عنه أبو حاتم: ليس بالقوي، يكتب حديثه ولا يحتج به.
وثانيا: أن زواج النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة كان بوحي, ورؤيا الأنبياء حق , فقد ثبت عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ لَهَا: "أُرِيتُكِ فِي المَنَامِ مَرَّتَيْنِ، أَرَى أَنَّكِ فِي سَرَقَةٍ مِنْ حَرِيرٍ، وَيَقُولُ: هَذِهِ امْرَأَتُكَ، فَاكْشِفْ عَنْهَا، فَإِذَا هِيَ أَنْتِ، فَأَقُولُ: إِنْ يَكُ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ يُمْضِهِ".
وعَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ جِبْرِيلَ، جَاءَ بِصُورَتِهَا فِي خِرْقَةِ حَرِيرٍ خَضْرَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «هَذِهِ زَوْجَتُكَ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ».
وأما الروايات المتقدمة فقد تعقبها ابن حجر بذكر ما جاء في الصحيح .
- أخذك (وفي رواية ألبسك) شيطانك يا عائشة: قال ابن حجر: وَرَوَى الطَّبَرَانِيُّ فِي "الْمُعْجَمِ الصَّغِيرِ" مِنْ حَدِيثِ عُمْرَةَ، عَنْ «عَائِشَةَ قَالَتْ: فَقَدْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلَّى الله عليه وسلَّم- ذَاتَ لَيْلَةٍ، فَقُلْتُ: إنَّهُ قَامَ إلَى جَارِيَتِهِ مَارِيَةَ، فَقُمْتُ أَلْتَمِسُ الْجِدَارَ، فَوَجَدْتُهُ قَائِمًا يُصَلِّي، فَأَدْخَلْتُ يَدِي فِي شَعْرِهِ لأنْظُرَ اغْتَسَلَ أَمْ لا، فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ: أَخَذَكِ شَيْطَانُكِ يَا عَائِشَةُ» - الْحَدِيثُ - قُلْتُ: وَظَاهِرُ هَذَا السِّيَاقِ يَقْتَضِي تَغَايُرَ الْقِصَّتَيْنِ، مَعَ الاخْتِلَافِ فِي الإسْنَادِ عَلَى رَاوِيهِ عَنْ عَمْرَةَ، فَإِنَّهُ مِنْ رِوَايَةِ فَرَجِ بْنِ فَضَالَةَ وَهُوَ ضَعِيفٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عَمْرَةَ، وَقَدْ رَوَاهُ جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ وَوُهَيْبٌ وَيَزِيدُ بْنُ هَارُونَ وَغَيْرُ وَاحِدٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ، عَنْ عَائِشَةَ، وَمُحَمَّدٌ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ عَائِشَةَ.قَالَهُ أَبُو حَاتِمٍ.
وفي "صحيح مسلم": (لقد جاءك شيطانك يا عائشة) حين أصابتها الغيرة.
فعن عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حَدَّثَتْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ مِنْ عِنْدِهَا لَيْلا، قَالَتْ: فَغِرْتُ عَلَيْهِ، فَجَاءَ فَرَأَى مَا أَصْنَعُ، فَقَالَ: «مَا لَكِ؟ يَا عَائِشَةُ أَغِرْتِ؟» فَقُلْتُ: وَمَا لِي لا يَغَارُ مِثْلِي عَلَى مِثْلِكَ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَقَدْ جَاءَكِ شَيْطَانُكِ» قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ أَوْ مَعِيَ شَيْطَانٌ؟ قَالَ: «نَعَمْ» قُلْتُ: وَمَعَ كُلِّ إِنْسَانٍ؟ قَالَ: «نَعَمْ» قُلْتُ: وَمَعَكَ؟ يَا رَسُولَ اللهِ قَالَ: «نَعَمْ، وَلَكِنْ رَبِّي أَعَانَنِي عَلَيْهِ حَتَّى أَسْلَمَ».
فمناسبة الحديث الغيرة عليه صلى الله عليه وسلم، وليس تعمد إيذائه كما يكذب التيجاني بسبب تعلقه بشيطانه.فاتضح بذلك عدة أمور:
- ليست عائشة وحدها التي معها شيطان، بل كل أحد، حتى النبي صلى الله عليه وسلم، فمن طعن عليها بذلك انسحب طعنه على زوجها وحبيبها صلى الله عليه وسلم، بل يكون قد طعن في نفسه دون أن يشعر!
- أن مناسبة الحديث غيرة عائشة رضي الله عنها، وهذا من صفات النساء كافة، وفي الحديث الآخر غيرة فاطمة من علي رضي الله عنه لما أراد الزواج من ابنة عمه أبي لهب، وشكايتها إياه لأبيها صلى الله عليه وسلم، فكما لم يكن ذلك نقصاً في السيدة فاطمة، لم يكن نقصاً في السيدة عائشة، رضي الله عن الجميع.
- آلآن ظهرت غيرتكم على رسول الله؟ أين ذهبت غيرتكم عندما طعنتم في عرضه صلى الله عليه وسلم، واتهمتهم أحب الناس إليه بالزنا والردة وضرب المثل لها بامرأة نوح وامرأة لوط؟ وأنها كانت تنام مع علي تحت لحاف واحد. |
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52561 العمر : 72
| موضوع: رد: الطاهرة المطهرة عائشة بنت الصديق رضي الله عنها الإثنين 12 أبريل 2021, 3:06 am | |
| - زعمهم أنها زادت في القرآن: رواية "إذا بلغت (حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى) فآذني". عَنْ أَبِي يُونُسَ، مَوْلَى عَائِشَةَ أَنَّهُ قَالَ: أَمَرَتْنِي عَائِشَةُ أَنْ أَكْتُبَ لَهَا مُصْحَفًا، وَقَالَتْ: إِذَا بَلَغْتَ هَذِهِ الآيَةَ فَآذِنِّي: (حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى) (البقرة: 238) فَلَمَّا بَلَغْتُهَا آذَنْتُهَا فَأَمْلَتْ عَلَيَّ: "(حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى) (البقرة: 238)، وَصلاة الْعَصْرِ، (وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ) (البقرة: 238)"، قَالَتْ عَائِشَةُ: سَمِعْتُهَا مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
والجواب: يتجاهل الشيعة الرواية التي تليها مباشرة وتبين أنها قراءة منسوخة. اقرأوا: عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، قَالَ: نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ: (حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ) (البقرة: 238) وَصَلاة الْعَصْرِ، فَقَرَأْنَاهَا مَا شَاءَ اللهُ، ثُمَّ نَسَخَهَا اللهُ، فَنَزَلَتْ: (حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى) (البقرة: 238)، "فَقَالَ رَجُلٌ كَانَ جَالِسًا عِنْدَ شَقِيقِ لَهُ: هِيَ إِذَنْ صَلاة الْعَصْرِ، فَقَالَ الْبَرَاءِ: قَدْ أَخْبَرْتُكَ كَيْفَ نَزَلَتْ، وَكَيْفَ نَسَخَهَا اللهُ، وَاللهُ أَعْلَمُ"، قَالَ مُسْلِمٌ: وَرَوَاهُ الأشْجَعِيُّ، عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، عَنِ الأسْوَدِ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ شَقِيقِ بْنِ عُقْبَةَ، عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، قَالَ: قَرَأْنَاهَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَمَانًا بِمِثْلِ حَدِيثِ فُضَيْلِ بْنِ مَرْزُوقٍ.
- أنها كانت تعير صفية بأنها كانت يهودية "ألست تزعم أنك رسول الله...غلبتنا هذه اليهودية (صفية): عن عائشة أنها قالت: وكان متاعي فيه خف وكان على جمل ناج، وكان متاع صفية فيه ثقل، وكان على جمل ثقال بطيء يتبطأ بالركب فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "حولوا متاع عائشة على جمل صفية وحولوا متاع صفية على جمل عائشة حتى يمضي الركب".
قالت عائشة: فلما رأيت ذلك قلت: يا لعباد الله غلبتنا هذه اليهودية على رسول الله صلى الله عليه وسلم ! قالت: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا أم عبد الله إن متاعك كان فيه خف وكان متاع صفية فيه ثقل فأبطأ بالركب فحولنا متاعها على بعيرك وحولنا متاعك على بعيرها" قالت: فقلت ألست تزعم أنك رسول اللهّ قالت: فتبسم، قال: "أو فيّ شك أنت يا أم عبدالله؟ قالت قلت: ألست تزعم أنك رسول الله؟ أفهلا عدلت. وسمعني أبو بكر وكان فيه غرب -أي حدة- فأقبل علي فلطم وجهي. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مهلا يا أبا بكر. فقال: يا رسول الله أما سمعت ما قالت؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الغيرى لا تبصر أسفل الوادي من أعلاه».
هذا إسناد ضعيف.
محمد بن إسحق مدلس.
وسلمة بن الفضل كثير الخطأ.
- أن عائشة أرت مولاها سالم كيف كان رسول الله يتوضأ: عن أبي عبد الله سالم قال: «وكانت عائشة تستعجب بأمانته وتستأجره فأرتنى كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ فتمضمضت واستنثرت ثلاثا وغسلت وجهها ثلاثا ثم يدها اليمنى ثلاثا واليسرى ثلاثا ووضعت يدها في مقدم رأسها ثم مسحت رأسها مسحة واحدة إلى مؤخره ثم أمرت يديها بأذنيها ثم مرت على الخدين. قال سالم: كنت آتيها مكاتبا ما تختفى منى فتجلس بين يدى وتتحدث معى حتى جئتها ذات يوم فقلت ادعى لى بالبركة يا أم المؤمنين. قالت: وما ذاك؟ قلت: أعتقني الله قالت: بارك الله لك وأرخت الحجاب دوني فلم أرها بعد ذلك اليوم» (رواه النسائي في سننه).
والجواب: روى الرافضة عن أبي عبد الله أنه سئل «هل يجوز للمملوك أن يرى شعر مولاته وساقها؟ قال لا بأس».
وفي الموثق والصحيح بأبان بن عثمان: «سألت أبا عبد الله عليه السلام عن المملوك يرى شعر مولاته؟ قال لا بأس».
والرافضة أجازوا ذلك في كتبهم ومروياتهم.
فليقرأ الرافضة قول علمائهم بأن المرأة لا يجب أن تحجب من العبد إلا أن يؤدي ما يعتقه.
وهو قول الطوسي واحتج له بما رواه عن أم سلمة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا كان لإحداكن مكاتب وكان عنده ما يؤدي فليحتجب عنه».
وهو واضح في جواز عدم الاحتجاب منه قبل أن يصير عنده ما يؤدي مكاتبته عندكم.
عرض أهم وأقوى الشبهات حول عائشة
- أنها ليست من أهل بيته: جمهور الشيعة الاثني عشرية على أن المراد بأهل البيت هم أصحاب الكساء؛ نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وعلي وفاطمة والحسن والحسين رضي الله عنهم دون من سواهم كأزواجه ومنهم عائشة.
والجواب: - ادعاء الشيعة أن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم لسن من أهل البيت أمر لا يساعدهم عليه الشرع واللغة العرف.
أما في اللغة فلفظة "الأهل" تطلق على الزوجة يقال أهل فلان: أي تزوج والتأهل التزوج.وأما في عرف الناس فهو مشتهر على إطلاق الأهل على الزوجة.
- وأما الشرع فالأدلة كثيرة من كتاب الله تعالى وسنة النبي صلى الله عليه وسلم على إطلاق الأهل على الزوجة, فأزواج النبي صلى الله عليه وسلم من أهل بيته.-
قال تعالى: (وَامْرَأَتُهُ قَائِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ * قَالَتْ يَا وَيْلَتَى أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهَذَا بَعْلِي شَيْخًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ * قَالُوا أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ رَحْمَتُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ) (هود: 71-73).
وقال تعالى: (لَمَّا قَضَى مُوسَى الْأَجَلَ وَسَارَ بِأَهْلِهِ آنَسَ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ نَارًا) (القصص: 29).
وقد اعترف مفسروا الشيعة أن المراد بالأهل في الآيتين الزوجة. وسياق الآية التي يستدل بها الشيعة: (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) في أزواج النبي صلى الله عليه وسلم .
والدليل باعتبار ما قبلها وما بعدها؛ قال تعالى: ( يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا * وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ ولا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأولَى وَأَقِمْنَ الصَّللاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا * وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا) (الأحزاب: 32-34).
هذا الذي عليه أكثر أهل التفسير وعلى رأسهم ابن عباس رضي الله عنهما.
قال ابن كثير: وَهَذَا نَصٌّ فِي دُخُولِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَهْلِ الْبَيْتِ هَاهُنَا، لأنَّهُنَّ سَبَبُ نُزُولِ هَذِهِ الآيَةِ وَسَبَبُ النُّزُولِ دَاخِلٌ فِيهِ قَولا وَاحِدًا إِمَّا وَحْدَهُ عَلَى قَوْلٍ أَوْ مَعَ غَيْرِهِ عَلَى الصَّحِيحِ.
وكذلك جاء في صحيح السنة إطلاق أهل البيت على الزوجة كما جاء في حديث التشهد: "قُولُوا: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ، وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، اللَّهُمَّ بَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ، وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ".
وتفسير آل محمد جاء في حديث أبي حميد الساعدي عن النبي صلى الله عليه وسلم: "قُولُوا: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَأَزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَأَزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ ".
كذلك في الحديث عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: بُنِيَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِزَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ بِخُبْزٍ وَلَحْمٍ، فَأُرْسِلْتُ عَلَى الطَّعَامِ دَاعِيًا فَيَجِيءُ قَوْمٌ فَيَأْكُلُونَ وَيَخْرُجُونَ، ثُمَّ يَجِيءُ قَوْمٌ فَيَأْكُلُونَ وَيَخْرُجُونَ، فَدَعَوْتُ حَتَّى مَا أَجِدُ أَحَدًا أَدْعُو، فَقُلْتُ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ مَا أَجِدُ أَحَدًا أَدْعُوهُ، قَالَ: «ارْفَعُوا طَعَامَكُمْ» وَبَقِيَ ثَلاَثَةُ رَهْطٍ يَتَحَدَّثُونَ فِي البَيْتِ، فَخَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَانْطَلَقَ إِلَى حُجْرَةِ عَائِشَةَ فَقَالَ: «السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ البَيْتِ وَرَحْمَةُ اللَّهِ»، فَقَالَتْ: وَعَلَيْكَ السَّلاَمُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ ....
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ يَعْذُرُنِي مِنْ رَجُلٍ بَلَغَنِي أَذَاهُ فِي أَهْلِي. وعن أنس أن رسول الله صلى الله عليه سلم؛ وفيه: فَجَعَلَ يَمُرُّ عَلَى نِسَائِهِ، فَيُسَلِّمُ عَلَى كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ: «سَلامٌ عَلَيْكُمْ، كَيْفَ أَنْتُمْ يَا أَهْلَ الْبَيْتِ؟» فَيَقُولُونَ: بِخَيْرٍ يَا رَسُولَ اللهِ، كَيْفَ وَجَدْتَ أَهْلَكَ؟ فَيَقُولُ: «بِخَيْرٍ».
وأما استدلالهم بحديث الكساء فقد أجاب عنه الشوكاني بقوله: وَاقْتِصَارُهُ -صلَّى الله عليه وسلَّم- عَلَى تَعْيِينِ الْبَعْضِ عِنْدَ نُزُولِ الآيَةِ لَا يُنَافِي إخْبَارَهُ بَعْدَ ذَلِكَ بِالزِّيَادَةِ لأنَّ الاقْتِصَارَ رُبَّمَا كَانَ لِمَزِيَّةٍ لِلْبَعْضِ أَوْ قَبْلَ الْعِلْمِ بِأَنَّ المآل أَعَمُّ مِنْ الْمُعَيَّنِينَ، ثُمَّ يُقَالُ إذَا كَانَتْ هَذِهِ الصِّيغَةِ تَقْتَضِي الْحَصْرَ فَمَا الدَّلِيلُ عَلَى دُخُولِ أَولادِ الْمُجَلَّلِينَ بِالْكِسَاءِ فِي المآل مَعَ أَنَّهُ مَفْهُومُ هَذَا الْحَصْرِ يُخْرِجهُمْ فَإِنْ كَانَ إدْخَالُهُمْ بِمُخَصِّصٍ وَهُوَ التَّفْسِيرُ بِالذُّرِّيَّةِ وَذُرِّيَّتُهُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -هُمْ أَوْلَادُ فَاطِمَةَ فَمَا الْفَرْقُ بَيْنَ مُخَصِّصٍ وَمُخَصَّصٍ؟.
- إن في روايات الشيعة إدخال الزوجة في أهل البيت: فعن على بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن حماد عن الحلبي قال: قلت لأبي عبدالله عليه السلام: جعلت فداك إني لما قضيت نسكي للعمرة أتيت أهلي ولم اقصر قال: عليك بدنة، قال: قلت: إني لما أردت ذلك منها ولم تكن قصرت امتنعت فلما غلبتها قرضت بعض شعرها بأسنانها، فقال: رحمها الله كانت أفقه منك عليك بدنة وليس عليها شئ».
- زعمهم أن عائشة وحَفْصة تآمَرَتا؛ لاغتيال النبي صلَّى الله عليه وسلَّم. واستدلوا: عن عَائِشَةُ قالت: لَدَدْنَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَرَضِهِ، وَجَعَلَ يُشِيرُ إِلَيْنَا: «لاَ تَلُدُّونِي» قَالَ: فَقُلْنَا: كَرَاهِيَةُ المَرِيضِ بِالدَّوَاءِ، فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ: «أَلَمْ أَنْهَكُمْ أَنْ تَلُدُّونِي» قَالَ: قُلْنَا: كَرَاهِيَةٌ لِلدَّوَاءِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لاَ يَبْقَى مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلَّا لُدَّ وَأَنَا أَنْظُرُ إِلَّا العَبَّاسَ، فَإِنَّهُ لَمْ يَشْهَدْكُمْ».
وعَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَيْسٍ، قَالَتْ: أَوَّلُ مَا اشْتَكَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَيْتِ مَيْمُونَةَ فَاشْتَدَّ مَرَضُهُ حَتَّى أُغْمِيَ عَلَيْهِ فَتَشَاوَرَ نِسَاؤُهُ فِي لَدِّهِ، فَلَدُّوهُ.فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ مَا هَذَا فَقُلْنَا هَذَا فِعْلُ نِسَاءٍ جِئْنَ مِنْ هَاهُنَا، وَأَشَارَ إِلَى أَرْضِ الْحَبَشَةِ، وَكَانَتْ أَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ فِيهِنَّ .قَالُوا: كُنَّا نَتهِمُ فِيكَ ذَاتَ الْجَنْبِ يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ: "إِنَّ ذَلِكَ لَدَاءٌ مَا كَانَ اللهُ عَـزَّ وَجَلَّ لَيقرَفنِي بِهِ لا يَبْقَيَنَّ فِـي هَذَا الْبَيْتِ أَحَدٌ إِلا الْتَدَّ إِلا عَمُّ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَعْنِي الْعَبَّاسَ، "قَالَ: فَلَقَدِ الْتَدَّتْ مَيْمُونَةُ يَوْمَئِذٍ وَإِنَّهَا لَصَائِمَةٌ لِعَزْمَةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
والجواب: 1- قال ابن القيم: اللُّدُودُ: مَا يُسْقَى الْإِنْسَانُ فِي أَحَدِ شِقَّيِ الْفَمِ، أُخِذَ مِنْ لَدِيدَيِ الْوَادِي، وَهُمَا جَانِبَاهُ.وَأَمَّا الْوَجُورُ فَهُوَ فِي وَسَطِ الْفَمِ.
فاللدود نوع من أنواع الدواء؛ يصب في الفم للعلاج؛ فليس هو سم ولا ما شابهه.
1- أنه لو كان في هذا الدواء سم لكشفه الله له كما كُشِفَ الله أمر الشاة المسمومة التي جاءت بها اليهودية؛ وأنطق الله الشاة بذلك.
فعَنْ أَنَسٍ، أَنَّ امْرَأَةً يَهُودِيَّةً أَتَتْ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِشَاةٍ مَسْمُومَةٍ، فَأَكَلَ مِنْهَا، فَجِيءَ بِهَا إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَسَأَلَهَا عَنْ ذَلِكَ؟ فَقَالَتْ: أَرَدْتُ لأَقْتُلَكَ، قَالَ: «مَا كَانَ اللهُ لِيُسَلِّطَكِ عَلَى ذَاكِ» قَالَ: -أَوْ قَالَ- «عَلَيَّ» قَالَ قَالُوا: أَلا نَقتلُهَا؟ قَالَ: «لا»، قَالَ: «فَمَا زِلْتُ أَعْرِفُهَا فِي لَهَوَاتِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ».
3- إنَّ مَن نقَلَ هذه الحادثة هي عائشة - رضي الله عنها - فكيف تنقل للناس قتْلَها لنبيِّها، وزوجها، وحبيبها - صلَّى الله عليه وسلَّم؟! وكذلك رَوَتِ الحادثةَ أُمُّ سَلَمة، وأسماءُ بنت عُمَيس - رضي الله عنهما - وكلُّ أولئك مُتَّهَمات في دينهنَّ عند الرافضة، ومُشَارِكات في قَتْله -صلَّى الله عليه وسلَّم- ومع ذلك قَبِلوا روايتهنَّ لهذا الحديث!
4- لم يُعطَ الدواءُ للنبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- من غير عِلَّة، بل أُعْطِيَه مِن مَرضٍ ألَمَّ به.
5- لم يُعطَ النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- الدواءَ إلاَّ بعد أن تشاورَ نساؤه - رضي الله عنهنَّ - في ذلك الإعطاء.
6- أن النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- أمرَ بأنْ يُوضَعَ الدواء نفسُه في فمِ كلِّ مَن كان في الغُرفة، إلاَّ العبَّاس -رضي الله عنه- فلماذا ماتَ هو -صلَّى الله عليه وسلَّم- منه، وهنَّ لم يَمُتْنَ؟!
7- نساءَ النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- لم يَفْهَمْنَ مِن نَهْي النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- بعدم لَدِّه أنَّه نَهْيٌ شَرْعي، بل فَهِموا أنَّه من كراهية المريض للدواء، وفَهْمُهم هذا ليس بمستنكرٍ في الظاهر، وقد صرَّحوا بأنهم - وإنْ لم يكنْ لهم عذرٌ عند النبي، صلَّى الله عليه وسلَّم؛ لأنَّ الأصْلَ هو الاستجابة لأمرِه، صلَّى الله عليه وسلَّم - قد أخطؤوا في تشخيص دَائه -صلَّى الله عليه وسلَّم- لذا فقد ناوَلوه دواءً لا يُناسب عِلَّته.
قال الحافظ ابن حجر -رحمه الله: "وإنَّما أنْكَرَ التداوي؛ لأنَّه كان غيرَ ملائمٍ لدائه؛ لأنهم ظنُّوا أنَّ به "ذات الْجَنْب"، فداووه بما يلائمها، ولم يكنْ به ذلك؛ كما هو ظاهر في سياق الخبر كما ترى".
8- فعل النبي صلى الله عليه سلم مِن باب التأديب، و ليس مِن باب القِصاص، قال الحافظ ابن حجر -رحمه الله: "والذي يظهرُ أنَّه أرادَ بذلك تأديبهم؛ لئلا يعودوا، فكان ذلك تأديبًا، لا قِصاصًا، ولا انتقامًا".
9- الاشتباه بنوع مَرضه -صلَّى الله عليه وسلَّم- محتملٌ؛ لأنَّ كلاًّ منهما - أي ما كان فيه -صلَّى الله عليه وسلَّم- مِن مرضٍ، وما ظنُّوه له الاسم نفسه؛ فكلاهما يُطلق عليه: "ذات الْجَنْب"، وكلاهما له مكان الألم نفسه، وهو "الْجَنْب".
فَذَاتُ الْجَنْبِ عِنْدَ الْأَطِبَّاءِ نَوْعَانِ: حَقِيقِيٌّ وَغَيْرُ حَقِيقِيٍّ.فَالْحَقِيقِيُّ وَرَمٌ حَارٌّ يَعْرِضُ فِي نَوَاحِي الْجَنْبِ فِي الْغِشَاءِ الْمُسْتَبْطِنِ لِلْأَضْلَاعِ.وَغَيْرُ الْحَقِيقِيِّ: أَلَمٌ يُشْبِهُهُ يَعْرِضُ فِي نَوَاحِي الْجَنْبِ عَنْ رِيَاحٍ غَلِيظَةٍ مُؤْذِيَةٍ تَحْتَقِنُ بَيْنَ الصَّفَاقَاتِ فَتُحْدِثُ وَجَعًا قَرِيبًا مِنْ وَجَعِ ذَاتِ الْجَنْبِ الْحَقِيقِيِّ.
قال ابنُ القَيِّم -رحمه الله -: "والعلاج الموجود في الحديث ليس هو لهذا القسم، لكن للقسم الثاني الكائن عن الريح الغليظة، فإنَّ القسطَ البحري -وهو العودُ الهندي على ما جاء مُفسَّرًا في أحاديث أُخَر- صِنفٌ من القُسْط، إذا دُقَّ دقًّا ناعِمًا، وخُلِط بالزيت المسخَّن، ودُلك به مكانُ الريح المذكور، أو لُعِقَ، كان دواءً موافِقًا لذلك، نافعًا له، مُحلِّلا لمادته، مُذْهِبًا لها، مُقويًّا للأعضاء الباطنة، مفتِّحًا للسُّدد، والعودُ المذكور في منافعه كذلك".
فهنَّ - رضي الله عنهنَّ- اعتقدْنَ أن مرضَه -صلَّى الله عليه وسلَّم- هو الأوَّل الحقيقي، وهو الذي استبعدَ النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- أن يَبْتليه الله به، وقد نَاوَلْنَه دواءَ المرض الآخَر، وكان الدواء هو "القُسط الهندي"، وقد دَقَقْنَه وخَلْطْنَه بزيتٍ -كما في رواية الطبراني- وهو مُفيد لِمَن تناوله حتى لو لم يكنْ به مرضٌ؛ لذا فقد أمَرَ النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- كلَّ مَن شارَك في إعطائه له، ومَن رَضِي به أمر أنْ يلَدَّ به! ولو كان فيه ضررٌ لَمَا أمَرَ بذلك -صلَّى الله عليه وسلَّم.
قول الرافضة: إنَّ عائشة كانتْ في كلِّ وقتٍ تأمُرُ بقتْل عثمان، وتقولُ في كلِّ وقتٍ: اقتلوا نعثلًا، قتَلَ الله نعثلًا، ولَمَّا بلَغَها قتْلُه، فَرِحَتْ بذلك.
وقد ذكر الفضل بن شاذان -أحد علماء الشيعة- أن التحريض على قتل عثمان كان من قبل عائشة وحفصة معاً. والجواب: 1- الكذب دين الرافضة وكما قال الشافعي: لم أر أشهد بالزور من الرافضة.
2- قال ابن الأثير: كان أعداءُ عثمان يسمُّونه: نعثلا؛ تشبيهًا برجل من مصر، كان طويل اللِّحْية، اسمُه نَعْثَل، وقيل: النَّعْثَل: الشيخ الأحْمَقُ.
3- إن هذا الحديث كذب على عائشة ولا يصح عنها، وقد ذكره أهل التاريخ . وفي إسناده نصر بن مزاحم قال فيه العقيلـي »كان يذهب إلى التشيع وفي حـديثه اضطراب وخطأ كثـير«.
وقال الذهـبي »رافضي جـلد، تركوه .
وقال أبو خيثمة: كان كذابـاً، وقـال أبو حاتم: واهي الحديث، متروك، وقال الدارقطني: ضعيف«.
وفيه أيضا سيف بن عمر التميمي قال عنه أبو حاتم: متروك.
وقال ابن حبان: اتهم بالزندقة.
والسند الآخر الذي ذكره الطبري منقطع وفيه مجاهيل.
4- المنقول الثابت عنها يُكذِّب ذلك، ويُبيِّن أنَّها أنكرتْ قتْلَه، وذمَّتْ مَن قتَلَه، ودَعَتْ على أخيها محمد وغيره؛ لمشاركته في ذلك.
فعن ابن سيرين: قال: قالت عائشة: مُصتموه موصَ الإناء ثم قتلتموه.
وعن عون بن عبد الله بن عتبة قال: قالت عائشة: غضبت لكم من السوط ولا أغضب لعثمان من السيف؟ استعتبتموه حتى إذا تركتموه كالقُلب المصفَّى قتلتموه.
وعن أبي خالد الوالبي قال: استتابوه حتى تركوه كالثواب الرّحيض ثم قتلوه.
وعن مسروق قال: قالت عائشة حين قُتل عثمان: تركتموه كالثوب النقّي من الدّنس ثم قتلتموه، فقلت: هذا عملك، كتبت إلى الناس تأمرينهم بالخروج إليه.قالت: لا، والذي آمن به المؤمنون وكفر به الكافرون ما كتبت إليهم سوداء في بيضاء حتى جلست مجلسي هذا.
قال الأعمش: فكانوا يرون أنه كُتب عنها وهي لا تعلم.
وعن طلق بن خشاف قال: قُتل عثمان فتفرقنا في أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم نسألهم عن قتله، فسمعت عائشة تقول: قُتل مظلوماً، لعن الله قتلته.
وعن أم كلثوم بنت ثمامة: أنها أرادت الحج، فقال أخوها: أقرئي أم المؤمنين عائشة السلام وسليها عن عثمان حين قُتل.قالت- أي عائشة -: من سب عثمان فعليه لعنة الله .
5- وقال شيخ الإسلام: فَيُقَالُ لَهُ: أَوّلاً، أَيْنَ النَّقْلُ الثَّابِتُ عَنْ عَائِشَةَ بِذَلِكَ؟.
وَيُقَالُ: ثَانِيًا: الْمَنْقُولُ الثَّابِتُ عَنْهَا يُكَذِّبُ ذَلِكَ، وَيُبَيِّنُ أَنَّهَا أَنْكَرَتْ قَتْلَهُ، وَذَمَّتْ مَنْ قَتَلَهُ، وَدَعَتْ عَلَى أَخِيهَا مُحَمَّدٍ وَغَيْرِهِ لِمُشَارَكَتِهِمْ فِي ذَلِكَ.
وَيُقَالُ: ثَالِثًا: هب أن أحداً من الصحابة –عائشة أو غيرها– قال في ذلك على وجه الغضب، لإنكاره بعض ما يُنكر، فليس قوله حجة، ولا يقدح ذلك في إيمان القائل ولا المقول له، بل قد يكون كلاهما ولياً لله تعالى من أهل الجنة، ويظن أحدهما جواز قتل الآخر، بل يظن كفره، وهو مخطئ في هذا الظن.
كما ثبت في الصحيحين عن عليّ وغيره في قصة حاطب بن أبي بلتعة، وكان من أهل بدر والحديبية.وقد ثبت في الصحيح أن غلامه قال: يا رسول الله، والله ليدخلن حاطب النار.فقال له النبي صلّى الله عليه وسلّم: "كذبتَ، إنه قد شهد بدراً والحديبية"...وهذه القصة مما اتفق أهل العلم على صحتها، وهي متواترة عندهم، ومعروفة عند علماء التفسير، وعلماء الحديث، وعلماء المغازي والسير والتواريخ، وعلماء الفقه، وغير هؤلاء.وكان عليّ رضي الله عنه يُحدِّث بهذا الحديث في خلافته بعد الفتنة، وروى ذلك عنه كاتبه عبد الله بن أبي رافع ليبين لهم أن السابقين مغفور لهم، ولو جرى منهم ما جرى.
فإن عثمان وعلياً وطلحة والزبير أفضل باتفاق المسلمين من حاطب بن أبي بلتعة، وكان حاطب مسيئاً إلى مماليكه، وكان ذنبه في مكاتبة المشركين، وإعانتهم على النبي صلّى الله عليه وسلّم وأصحابه أعظم من الذنوب التي تُضاف إلى هؤلاء، ومع هذا فالنبي صلّى الله عليه وسلّم نهى عن قتله، وكذَّب من قال: إنه يدخل النار، لأنه شهد بدراً والحديبية، وأخبر بمغفرة الله لأهل بدر.ومع هذا فقد قال عمر رضي الله عنه: دعني أضرب عنق هذا المنافق.فسماه منافقاً، واستحل قتله، ولم يقدح ذلك في إيمان واحد منهما، ولا في كونه من أهل الجنة.
وكذلك في "الصحيحين" وغيرهما في حديث الإفك لما قام النبي صلّى الله عليه وسلّم خطيباً على المنبر يعتذر من رأس المنافقين عبد الله بن أُبَيّ فقال: "من يعذرني من رجل قد بلغني أذاه في أهلي، والله ما علمت على أهلي إلا خيراً، ولقد ذكروا رجلاً ما علمت عليه إلا خيراً.فقام سعد بن معاذ سيد الأوس، ...إن كان من إخواننا من الأوس ضربنا عنقه، وإن كان من إخواننا من الخزرج أمرتنا ففعلنا فيه أمرك، فقام سعد بن عبادة فقال: كذبتَ لعمر الله، لا تتله ولا تقدر على قتله، فقام أسيد بن حضير، فقال: كذبت لعمر الله لنقتلنه، فإنك منافق تجادل عن المنافقين.وكادت تثور فتنة بين الأوس والخزرج، حتى نزل النبي صلّى الله عليه وسلّم وخفضهم.
وهؤلاء الثلاثة من خيار السابقين الأولين، وقد قال أسيد بن حضير لسعد بن عبادة: "إنك منافق تجادل عن المنافقين" وهذا مؤمن وليّ لله من أهل الجنة، وذاك مؤمن وليّ لله من أهل الجنة، فدلَّ على أن الرجل قد يُكَفِّر آخر بالتأويل، ولا يكون واحد منهما كافراً...
وإذا كان ذلك فإذا ثبت أن شخصاً من الصحابة – إما عائشة، وإما عمار بن ياسر، وإما غيرهما – كَفَّرَ آخر من الصحابة: عثمان أو غيره، أو أباح قتله على وجه التأويل – كان هذا من باب التأويل المذكور، ولم يقدح ذلك في إيمان واحد منهما، ولا في كونه من أهل الجنة، فإن عثمان وغيره أفضل من حاطب بن أبي بلتعة، وعمر أفضل من عمَّار وعائشة وغيرهما، وذنب حاطب أعظم، فإذا غُفِرَ لحاطب ذنبه، فالمغفرة لعثمان أولى.وإذا جاز أن يجتهد مثل عمر وأسيد بن حضير في التكفير أو استحلال القتل، ولا يكون ذلك مطابقاً، فصدور مثل ذلك من عائشة وعمَّار أولى. |
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52561 العمر : 72
| موضوع: رد: الطاهرة المطهرة عائشة بنت الصديق رضي الله عنها الإثنين 12 أبريل 2021, 3:07 am | |
| قال الرافضة: إن عائشة اتهمت علياً رضي الله عنه أنه قتل عثمان.
قال شيخ الإسلام: وأما قوله: "إنها سألت: من تولى الخلافة؟ فقالوا: عليّ.فخرجت لقتاله على دم عثمان، فأي ذنب كان لعليّ في ذلك؟
والجواب: فيقال له أولاً: قول القائل: إن عائشة وطلحة والزبير اتهما عليّاً بأنه قتل عثمان وقاتَلوه على ذلك – كذب بيِّن، بل إنما طلبوا القتلة الذين كانوا تحيّزوا إلى عليّ، وهم يعلمون أن براءة عليّ من دم عثمان كبراءتهم وأعظم، لكن القتلة كانوا قد أووا إليه، فطلبوا قتل القتلة، ولكن كانوا عاجزين عن ذلك هم وعليّ، لأن القوم كانت لهم قبائل يذبُّون عنهم.
والفتنة إذا وقعت عجز العقلاء فيها عن دفع السفهاء، فصار الأكابر رضي الله عنهم عاجزين عن إطفاء الفتنة وكف أهلها.وهذا شأن الفتن كما قال تعالى: (وَاتَّقُواْ فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَآصَّةً) (الأنفال: 25)، وإذا وقعت الفتنة لم يسلم من التلوث بها إلا من عصمه الله.
شبهة خروج أم المؤمنين لقتال علي رضي الله عنهما؛ والكلام على معركة الجمل. الجواب: -إنَّ مُعتقَد أهْلِ السُّنة والجماعة الإمساكُ عمَّا جَرَى بين أصحاب النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- والترضِّي عنهم جميعًا، واعتقادُ أنهم مجتهدون في طلب الحقِّ؛ للمصِيب منهم أجران، وللمُخْطِئ أجرٌ واحد.
ولَمَّا كانتْ كُتب التاريخ مَشحونة بكثيرٍ من الأخبار المكذوبة التي تحطُّ من قَدْر هؤلاء الأصحاب الأخيار، وتصوِّرُ ما جَرَى بينهم على أنَّه نزاعٌ شخصي أو دُنيوي، فإليك جُملة من الأخبار الصحيحة حول هذه المعركة، وبيان الدافع الذي أدَّى إلى اقْتِتال الصحابة الأخيار - رضي الله عنهم.
أولاً: بُويع عَلِي -رضي الله عنه- بالخلافة بعد مَقتل عثمان -رضي الله عنه- وكان كارهًا لهذه البيعة رافضًا لها، وما قَبِلَها إلاَّ لإلحاح الصحابة عليه، وفي ذلك يقول كما جاء عَنْ قَيْسِ بْنِ عَبَّادٍ، قَالَ: سَمِعْتُ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَوْمَ الْجَمَلِ يَقُولُ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَبْرَأُ إِلَيْكَ مِنْ دَمِ عُثْمَانَ، وَلَقَدْ طَاشَ عَقْلِي يَوْمَ قُتِلَ عُثْمَانُ، وَأَنْكَرَتْ نَفْسِي وجَاءُونِي لِلْبَيْعَةِ، فَقُلْتُ: وَاللَّهِ إِنِّي لأسْتَحْيِي مِنَ اللَّهِ أَنْ أُبَايِعَ قَوْمًا قَتَلُوا رَجُلا قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «ألا أَسْتَحْيِي مِمَّنْ تَسْتَحْيِي مِنْهُ الْمَلائِكَةُ»، وَإِنِّي لأسْتَحْيِي مِنَ اللَّهِ أَنْ أُبَايِعَ وَعُثْمَانُ قَتِيلٌ عَلَى الْأَرْضِ لَمْ يُدْفَنْ بَعْدُ، فَانْصَرَفُوا، فَلَمَّا دُفِنَ رَجَعَ النَّاسُ فَسَأَلُونِي الْبَيْعَةَ، فَقُلْتُ: اللَّهُمَّ إِنِّي مُشْفِقٌ مِمَّا أَقْدَمُ عَلَيْهِ، ثُمَّ جَاءَتْ عَزِيمَةٌ فَبَايَعْتُ فَلَقَدْ قَالُوا: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، فَكَأَنَّمَا صُدِعَ قَلْبِي، وَقُلْتُ: اللَّهُمَّ خُذْ مِنِّي لِعُثْمَانَ حَتَّى تَرْضَى".
«هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ». ووافَقَه الذهبي.
ثانيًا: لم يكنْ عَلِي -رضي الله عنه- قادرًا على تنفيذ القِصاص في قَتَلة عثمان -رضي الله عنه- لعدم عِلْمه بأعيانهم، ولاختلاط هؤلاء الخوارج بجيشه، مع كثرتهم واستعدادِهم للقِتال، وقد بلَغَ عددُهم ألْفَي مقاتل كما في بعض الروايات؛ كما أنَّ بعضَهم ترَكَ المدينة إلى الأمصار عقب بيعة عَلِي.
وقد كان كثيرٌ من الصحابة خارج المدينة في ذلك الوقت، ومنهم أُمَّهات المؤمنين - رضي الله عنهنَّ - لانشغال الجميع بالحجِّ، وقد كان مَقتلُ عثمان -رضي الله عنه- يوم الجمعة لثمان عشرة خَلَتْ من ذي الحجة، سنة خمسة وثلاثين على المشهور.
ثالثًا: لَمَّا مَضَتْ أربعة أشهر على بيعة عَلِي دون أنْ ينفِّذَ القِصاصَ، خرَجَ طلحة والزبير إلى مكة، والْتَقوا بأُمِّ المؤمنين عائشة - رضي الله عنها - واتَّفقَ رأيُهم على الخروج إلى البصرة؛ ليقفوا بِمَن فيها من الخيل والرجال - ليس لهم غرضٌ في القتال - وذلك تمهيدًا للقبْض على قَتَلة عثمان -رضي الله عنه- وإنفاذِ القِصاص فيهم.
ويدلُّ على ذلك ما جاء عن قيس قال: لَمَّا أَقْبَلَتْ عَائِشَةُ بَلَغَتْ مِيَاهَ بَنِي عَامِرٍ لَيْلًا نَبَحَتِ الْكِلَابُ، قَالَتْ: أَيُّ مَاءٍ هَذَا؟ قَالُوا: مَاءُ الْحَوْأَبِ قَالَتْ: مَا أَظُنُّنِي إِلا أَنِّي رَاجِعَةٌ فَقَالَ بَعْضُ مَنْ كَانَ مَعَهَا: بَلْ تَقْدَمِينَ فَيَرَاكِ الْمُسْلِمُونَ، فَيُصْلِحُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ ذَاتَ بَيْنِهِمْ، قَالَتْ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَنَا ذَاتَ يَوْمٍ: " كَيْفَ بِإِحْدَاكُنَّ تَنْبَحُ عَلَيْهَا كِلَابُ الْحَوْأَبِ؟ ".
رابعًا: وقد اعتبرَ عَلِي -رضي الله عنه- خروجَهم إلى البصرة واستيلاءَهم عليها نوعًا من الخروج عن الطاعة، وخَشِي تمزُّق الدولة الإسلاميَّة، فسَارَ إليهم -رضي الله عنه- وكان أمرُ الله قدْرًا مَقْدورًا.
خامسًا: وقد أرَسَلَ علي -رضي الله عنه- القعقاع بن عمرو إلى طلحة والزبير يدعوهما إلى الأُلْفة والجماعة، فبدأ بعائشة - رضي الله عنها - فقال: أي أُمَّاه، ما أقْدَمَك هذا البلد؟ فقالتْ: أي بُنَي، الإصلاحُ بين الناس.
قال ابنُ كَثير -رحمه الله-: فرجَعَ إلى علي فأخبرَه، فأعجبَه ذلك، وأشرفَ القومُ على الصُّلْح؛ كَرِه ذلك مَن كَرِهه، ورَضِيه مَن رَضِيه، وأَرْسَلتْ عائشة إلى علي تُعْلِمه أنَّها إنَّما جاءتْ للصلح، ففرِحَ هؤلاء وهؤلاء، وقامَ عَلِي في الناس خطيبًا، فذكَرَ الجاهليَّة وشقاءَها وأعمالَها، وذَكَر الإسلام وسعادة أهْله بالأُلفة والجماعة، وأنَّ الله جمعَهم بعد نبيِّه -صلَّى الله عليه وسلَّم- على الخليفة أبي بكر الصديق، ثم بعده على عمر بن الخطاب، ثم على عثمان، ثم حدَثَ هذا الحدَث الذي جرَّه على الأُمَّة أقوامٌ طلبوا الدنيا، وحسدوا مَن أنعمَ الله عليه بها، وعلى الفضيلة التي مَنَّ الله بها، وأرادوا ردَّ الإسلام والأشياء على أدْبارها، والله بالغُ أمرِه، ثم قال: ألا إنِّي مُرتحلٌ غدًا فارتحلوا، ولا يرتحلُ معي أحدٌ أعانَ على قتْلِ عثمان بشيءٍ من أمور الناس، فلمَّا قال هذا، اجتمَعَ مِن رؤوسهم جماعة كالأشتر النخعي، وشُريح بن أوْفى، وعبدالله بن سبأ المعروف بابن السوداء، وغيرهم في ألفين وخمسمائة، وليس فيهم صحابي ولله الحمد، فقالوا: ما هذا الرأْي؟ وعلي - والله - أعلمُ بكتاب الله مِمَّن يَطْلب قَتَلة عثمان، وأقربُ إلى العمل بذلك، وقد قال ما سمعتُم، غدًا يَجمع عليكم الناس، وإنَّما يريدُ القومُ كلُّهم أنتم، فكيف بكم وعددُكم قليلٌ في كثرتهم.
فقال الأشتر: قد عرَفْنا رأْي طلحةَ والزبير فينا، وأمَّا رأْي عَلِي، فلمْ نعرفْه إلاَّ اليوم، فإنْ كان قد اصْطَلحَ معهم، فإنَّما اصْطَلح على دمائِنا، ثم قال ابنُ السوداء - قبَّحه الله -: يا قوم، إنَّ عِيرَكم في خلطة الناس، فإذا الْتَقَى الناسُ، فانشبوا الحربَ والقتال بين الناس، ولا تدعوهم يجتمعون".
ثم قال ابنُ كثير: "وباتَ الناسُ بخير ليلة، وباتَ قَتَلة عثمان بشرِّ ليلة، وباتوا يتشاورن، وأجمعوا على أنْ يُثيروا الحربَ من الغَلَس، فنَهَضُوا من قبل طلوع الفجر، وهم قريبٌ من ألْفَي رجلٍ، فانصرَفَ كلُّ فريقٍ إلى قَراباتهم، فهَجَمُوا عليهم بالسيوف، فثارتْ كلُّ طائفة إلى قومِهم ليمنعوهم، وقامَ الناس من مَنامهم إلى السلاح، فقالوا: طَرَقَتْنا أهْلُ الكوفة ليلًا، وبيَّتونا وغَدروا بنا، وظنُّوا أنَّ هذا عن ملأٍ من أصحاب عَلِي، فبلَغَ الأمر عَليًّا، فقال: ما للناس؟ فقالوا: بيَّتنا أهْلُ البصرة، فثارَ كلُّ فريقٍ إلى سلاحه، ولَبِسوا اللأمة، ورَكِبوا الخيول، ولا يَشْعر أحدٌ منهم بما وقَعَ الأمرَ عليه في نفْس الأمر، وكان أمرُ الله قدرًا مَقدَّرًا، وقامتْ الحربُ على ساق وقدم، وتبارَزَ الفرسان، وجالتِ الشُّجعان، فنشبتِ الحرب، وتواقَفَ الفريقان، وقد اجتمعَ مع عَلِي عشرون ألفًا، والتفَّ على عائشة ومَن معها نحو من ثلاثين ألفًا، فإنَّا لله وإنَّا إليه راجعون.
سادسًا: وإنَّ أهمَّ ما ينبغي بيانُه هنا، ما كان عليه هؤلاء الصحابة الأخيار من الصِّدْق والوفاء والحبِّ لله - عزَّ وجلَّ - رغم اقتتالهم.
وإليك بعضَ النماذج الدالَّة على ذلك: 1- روى ابنُ أبي شيبة في مصنَّفه بسندٍ صحيح عن الحسن بن علي قال: "لقد رأيتُه - يَعني عَليًّا - حين اشتدَّ القتال يلوذُ بي ويقول: يا حَسن، لوَدِدْتُ أنِّي مِتُّ قبل هذا بعشرين حِجَّة أو سنة".
2- وقيل لعَلي: إنَّ على الباب رَجُلين ينالان من عائشة، فأمَرَ القعقاع بن عمرو أن يَجْلِدَ كلَّ واحدٍ منهما مائةً، وأنْ يُخْرِجَهما من ثيابها.
3- وقد سألتْ عائشة -رضي الله عنه- عمَّن قُتِل معها من المسلمين، ومِن قُتِل مِن عسكر علي، فجعلتْ كلَّما ذُكِر لها واحدٌ منهم، ترحَّمتْ عليه ودَعَتْ له.
4- ولَمَّا أرادتِ الخروج من البصرة، بعثَ إليها عَلِي بكلِّ ما ينبغي من مَركبٍ وزادٍ ومَتاعٍ، واختارَ لها أرْبَعين امرأة من نساء أهل البصرة المعروفات، وسيَّرَ معها أخاها محمد بن أبي بكر - وكان في جيش عَلِي - وسارَ عَلِي معها؛ مُودِّعًا، ومُشيِّعًا أميالاً، وسرَّحَ بَنِيه معها بقيَّة ذلك اليوم.
1- وودَّعَتْ عائشة الناسَ وقالتْ: يا بَني لا يعتبْ بعضُنا على بعضٍ؛ إنَّه والله ما كان بيني وبين عَلِي في القِدَم إلاَّ ما يكون بين المرأة وأحمائها، وإنَّه على معتبتي لمن الأخْيَار، فقال عَلِي: صَدَقْتِ، والله ما كان بيني وبينها إلاَّ ذاك، وإنَّها لزوجة نبيِّكم -صلَّى الله عليه وسلَّم- في الدنيا والآخرة.
وقد تبين مما سبق أن عائشة -رضي الله عنه- ما خرجتْ إلاَّ للإصلاح بين الناس، وأنْ يراها الناس، فيكفُّوا عن القتال، وكانت متأولة لقول الله جل وعلا: قال تعالى: (لاّ خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مّن نّجْوَاهُمْ إِلاّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاَحٍ بَيْنَ النّاسِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتَغَآءَ مَرْضَاتِ اللّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً) (النساء: 114).
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: فإن عائشة لم تقاتل ولم تخرج لقتال وإنما خرجت لقصد الإصلاح بين المسلمين وظنت أن في خروجها مصلحة للمسلمين ثم تبين لها فيما بعد أن ترك الخروج كان أولى فكانت إذا ذكرت خروجها تبكي حتى تبل خمارها وهكذا عامة السابقين ندموا على ما دخلوا فيه من القتال، فندم طلحة والزبير وعلي رضي الله عنهم أجمعين ولم يكن يوم الجمل لهؤلاء قصد في الاقتتال ولكن وقع الاقتتال بغير اختيارهم .
وقال الإمام أبوبكر بن العربي المالكي: ولما ظهر علي -رضي الله عنه- جاء إلى أم المؤمنين -رضي الله عنها- فقال: (غفر الله لك) قالت: (ولك, ما أردتُ إلا الإصلاح).
ثم أنزلها دار عبد الله بن خلف وهي أعظم دار في البصرة على سنية بنت الحارث أم طلحة الطلحات، وزارها ورحبت به وبايعته وجلس عنده.
وقال ابن العربي المالكي: أما خروج عائشة -رضي الله عنها- فهو اجتهاد منها لتحقيق غاية طلحة والزبير، والتعاون مع علي من أجل إطفاء الفتنة، والقضاء على المنافقين من قتلة عثمان - رضي الله عنهم جميعاً.
فأين هذه البراءة مما زعمه بعض المفترين بأن خروج عائشة -رضي الله عنها- يوم الجمل كان انتقاماً من علي -رضي الله عنه- من أنه حض الرسول -صلى الله عليه وسلم- على طلاقها في حادثة (الإفك)، لما رأى من حزنه من كلام بعض الناس...وقد قال غير واحد أنها اجتهدت، ولكنها أخطأت في الاجتهاد، ولا إثم على المجتهد المخطئ، بل له أجر على اجتهاده، وكونها -رضي الله عنها- من أهل الاجتهاد مما لا ريب فيه.
وقال ابن حجر: لأنَّ الْمَعْرُوفَ مِنْ مَذْهَبِ أَبِي بَكْرَةَ أَنَّهُ كَانَ عَلَى رَأْيِ عَائِشَةَ فِي طَلَبِ الإصلاح بَيْنَ النَّاسِ، وَلَمْ يَكُنْ قَصْدُهُمُ الْقِتَالَ؛ لَكِنْ لَمَّا انْتَشَبَتِ الْحَرْبُ لَمْ يَكُنْ لِمَنْ مَعَهَا بُدٌّ مِنَ الْمُقَاتَلَةِ، وَلَمْ يَرْجِعْ أَبُو بَكْرَةَ عَنْ رَأْيِ عَائِشَةَ وَإِنَّمَا تَفَرَّسَ بِأَنَّهُمْ يُغْلَبُونَ لَمَّا رَأَى الَّذِينَ مَعَ عَائِشَةَ تَحْتَ أَمْرِهَا لِمَا سَمِعَ فِي أَمْرِ فَارِسٍ .قَالَ: وَيَدُلُّ لِذَلِكَ أَنَّ أَحَدًا لَمْ يَنْقُلْ أَنَّ عَائِشَةَ وَمَنْ مَعَهَا نَازَعُوا عَلِيًّا فِي الْخِلَافَةِ، ولا دَعَوْا إِلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ لِيُوَلُّوهُ الخلافة، وَإِنَّمَا أَنْكَرَتْ هِيَ وَمَنْ مَعَهَا عَلَى عَلِيٍّ مَنْعَهُ مِنْ قَتْلِ قَتَلَةِ عُثْمَانَ وَتَرْكِ الاقتصاص مِنْهُمْ، وَكَانَ عَلِيٌّ يَنْتَظِرُ مِنْ أَوْلِيَاءِ عُثْمَانَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَيْهِ فَإِذَا ثَبَتَ عَلَى أَحَدٍ بِعَيْنِهِ أَنَّهُ مِمَّنْ قَتَلَ عُثْمَانَ اقْتَصَّ مِنْهُ فَاخْتَلَفُوا بِحَسَبِ ذَلِكَ وَخَشِيَ مَنْ نُسِبَ إِلَيْهِمُ الْقَتْلُ أَنْ يَصْطَلِحُوا عَلَى قَتْلِهِمْ فَأَنْشَبُوا الْحَرْبَ بَيْنَهُمْ إِلَى أَنْ كَانَ مَا كَانَ فَلَمَّا انْتَصَرَ عَلِيٌّ عَلَيْهِمْ حَمِدَ أَبُو بَكْرَةَ رَأْيَهُ فِي تَرْكِ الْقِتَالِ مَعَهُمْ، وَإِنْ كَانَ رَأْيُهُ كَانَ مُوَافِقًا لِرَأْيِ عَائِشَةَ فِي الطَّلَبِ بِدَمِ عُثْمَانَ انْتَهَى كَلَامُهُ.
أيتكن تنبح عليها كلاب الحوأب: عن قيس قال: لَمَّا أَقْبَلَتْ عَائِشَةُ بَلَغَتْ مِيَاهَ بَنِي عَامِرٍ ليلاً نَبَحَتِ الْكِلَابُ، قَالَتْ: أَيُّ مَاءٍ هَذَا؟ قَالُوا: مَاءُ الْحَوْأَبِ قَالَتْ: مَا أَظُنُّنِي إلا أَنِّي رَاجِعَةٌ فَقَالَ بَعْضُ مَنْ كَانَ مَعَهَا: بَلْ تَقْدَمِينَ فَيَرَاكِ الْمُسْلِمُونَ، فَيُصْلِحُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ ذَاتَ بَيْنِهِمْ، قَالَتْ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَنَا ذَاتَ يَوْمٍ: " كَيْفَ بِإِحْدَاكُنَّ تَنْبَحُ عَلَيْهَا كِلابُ الْحَوْأَبِ؟".
والجواب:
1- الحديث صحيح كما بين الألباني رحمه الله ولكنه نبه على رواية «فشهد طلحة والزبير أنه ليس هذا ماء الحوأب..فكانت أول شهادة زور في الإسلام» أنها ليست صحيحة.
2- وقد تقدم أنها رضي الله عنها لم تخرج لقتال؛ قال شيخ الإسلام ابن تيميَّة -رحمه الله-: فإنَّ عائشة لم تقاتِلْ، ولم تخرجْ لقتالٍ، وإنَّما خرجتْ لقصْد الإصلاح بين المسلمين، وظنَّتْ أنَّ في خروجها مصلحةً للمسلمين، ثم تبيَّنَ لها فيما بعد أنَّ ترْكَ الخروج كان أَوْلَى، فكانتْ إذا ذَكَرَتْ خروجَها تبكي حتى تبُلَّ خمارَها، وهكذا عامَّة السابقين نَدِموا على ما دَخَلوا فيه من القتال، فنَدِم طلحة والزبير وعلي -رضي الله عنهم أجمعين- ولم يكنْ "يوم الجَمَل" لهؤلاء قصدٌ في الاقتتال، ولكن وقَعَ الاقتتال بغير اختيارهم.
1- قال الشيخ محمد ناصر الدين الألباني -رحمه الله-: ليس كلُّ ما يقعُ مِن الكُمَّل يكون لائقًا بهم؛ إذ المعصوم من عصَمَه الله، والسنيُّ لا ينبغي له أنْ يغالي فيمن يحترمُه؛ حتى يرفعه إلى مصافِّ الأئمة الشيعة المعصومين عندهم، ولا نشكُّ أنَّ خروجَ أمِّ المؤمنين كان خطأً مِن أصْله، ولذلك همَّتْ بالرجوع حين عَلِمتْ بتحقُّقِ نبوءة النَّبيِّ -صلَّى الله عليه وسلَّم- عند "الحَوْأَب"، لكنَّ الزبير -رضي الله عنه- أقْنَعَها بترْكِ الرجوع بقوله: "عسى الله أنْ يُصْلحَ بكِ النَّاس"، ولا نشكُّ أنَّه كان مُخْطِئًا في ذلك أيضًا....
وقال الذهبي - رحمه الله -: "ولا ريبَ أنَّ عائشة نَدِمتْ ندامةً كليَّةً على مَسيرها إلى البصرة، وحضورها يوم "الجَمَل"، وما ظنَّتْ أنَّ الأمرَ يبلغُ ما بلَغَ.
4-لا مطعن فيه بعائشة رضي الله عنها؛ لأن مضمونه الإخبار عن خروج أم المؤمنين، وليس فيه أدنى وعيد لها رضي الله عنها بسبب هذا الخروج الذي سبق القول فيه أنه كان لمصلحة؛ والأعمال بالنيات.
وهو ظاهر الدلالة على خطأ اجتهاد عائشة رضي الله عنها، وعلى أنها قد نالت أجر الاجتهاد فقط.
ورواية أهل السنة لهذا الحديث تختلف عن رواية الشيعة الرافضة له؛ فليس فيه أهل السنة أن من كان مع عائشة كذب عليها، أو حلف كذباً أن هذا الماء الحوأب، أو غير ذلك من الأباطيل التي زادها الشيعة.
وكل ما فعله من كان معها رضي الله عنها هو تذكيرها بالغرض الذي جاءت من أجله إلى البصرة؛ وهو الإصلاح.وهو من معجزات رسول الله.
5- قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله عن منهج أهل السنة: وَيَقُولُونَ: إنَّ هَذِهِ الآثار الْمَرْوِيَّةَ فِي مساويهم مِنْهَا مَا هُوَ كَذِبٌ، وَمِنْهَا مَا قَدْ زِيدَ فِيهِ وَنُقِصَ وَغُيِّرَ عَنْ وَجْهِهِ وَالصَّحِيحِ مِنْهُ: هُمْ فِيهِ مَعْذُورُونَ إمَّا مُجْتَهِدُونَ مُصِيبُونَ، وَإِمَّا مُجْتَهِدُونَ مُخْطِئُونَ، وَهُمْ مَعَ ذَلِكَ لا يَعْتَقِدُونَ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ الصَّحَابَةِ مَعْصُومٌ عَنْ كَبَائِرِ الإِثْمِ وَصَغَائِرِهِ؛ بَلْ تَجُوزُ عَلَيْهِمْ الذُّنُوبُ فِي الْجُمْلَةِ وَلَهُمْ مِنْ السَّوَابِقِ وَالْفَضَائِلِ مَا يُوجِبُ مَغْفِرَةَ مَا يَصْدُرُ مِنْهُمْ إنْ صَدَرَ حَتَّى إنَّهُ يُغْفَرُ لَهُمْ مِنْ السَّيِّئَاتِ مَا لا يُغْفَرُ لِمَنْ بَعْدَهُمْ؛ لأنَّ لَهُمْ مِنْ الْحَسَنَاتِ الَّتِي تَمْحُو السَّيِّئَاتِ مَا لَيْسَ لِمَنْ بَعْدَهُمْ .
وَقَدْ ثَبَتَ بِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إنَّهُمْ خَيْرُ الْقُرُونِ" "وَإِنَّ الْمُدَّ مِنْ أَحَدِهِمْ إذَا تَصَدَّقَ بِهِ كَانَ أَفْضَلَ مِنْ جَبَلِ أُحُدٍ ذَهَبًا مِمَّنْ بَعْدَهُمْ"، ثُمَّ إذَا كَانَ قَدْ صَدَرَ مِنْ أَحَدِهِمْ ذَنْبٌ فَيَكُونُ قَدْ تَابَ مِنْهُ أَوْ أَتَى بِحَسَنَاتِ تَمْحُوهُ أَوْ غُفِرَ لَهُ بِفَضْلِ سَابِقَتِهِ أَوْ بِشَفَاعَةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي هُمْ أَحَقُّ النَّاسِ بِشَفَاعَتِهِ أَوْ اُبْتُلِيَ بِبلاءِ فِي الدُّنْيَا كَفَّرَ بِهِ عَنْهُ.
فَإِذَا كَانَ هَذَا فِي الذُّنُوبِ الْمُحَقَّقَةِ فَكَيْفَ بِالْأُمُورِ الَّتِي كَانُوا فِيهَا مُجْتَهِدِينَ: إنْ أَصَابُوا فَلَهُمْ أَجْرَانِ وَإِنْ أَخْطَئُوا فَلَهُمْ أَجْرٌ وَاحِدٌ وَالْخَطَأُ مَغْفُورٌ لَهُمْ؟ ثُمَّ الْقَدْرُ الَّذِي يُنْكَرُ مِنْ فِعْلِ بَعْضِهِمْ قَلِيلٌ نَزْرٌ مَغْمُورٌ فِي جَنْبِ فَضَائِلِ الْقَوْمِ وَمَحَاسِنِهِمْ مِنْ الْإِيمَانِ بِاَللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْجِهَادِ فِي سَبِيلِهِ وَالْهِجْرَةِ وَالنُّصْرَةِ وَالْعِلْمِ النَّافِعِ وَالْعَمَلِ الصَّالِحِ .
- وقال الذهبي رحمه الله: " فالقوم لهم سوابق وأعمال مكفرة لما وقع بينهم، وجهاد محّاءٌ، وعبادة ممحصة، ولسنا ممن يغلو في أحد منهم، ولا ندعي فيهم العصمة ".
قالوا: "وخالفت أمر الله في قوله تعالى: (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ): والجواب: قال شيخ الإسلام: وَأَمَّا قَوْلُهُ: "وَخَالَفَتْ أَمْرَ اللَّهِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأولَى) (سُورَةُ الاحْزَابِ: 33).فَهِيَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - لَمْ تَتَبَرَّجْ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأولى.والأمر بِالِاسْتِقْرَارِ فِي الْبُيُوتِ لا يُنَافِي الْخُرُوجَ لِمَصْلَحَةٍ مَأْمُورٍ بِهَا، كَمَا لَوْ خَرَجَتْ لِلْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ، أَوْ خَرَجَتْ مَعَ زَوْجِهَا فِي سَفْرَةٍ، فَإِنَّ هَذِهِ الآيَةَ قَدْ نَزَلَتْ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ -صلَّى الله عليه وسلَّم- وَقَدْ سَافَرَ بِهِنَّ (رَسُولُ اللَّهِ -صلَّى الله عليه وسلَّم-) بَعْدَ ذَلِكَ (كَمَا سَافَرَ) فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ بِعَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا وَغَيْرِهَا، وَأَرْسَلَهَا مَعَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَخِيهَا فَأَرْدَفَهَا خَلْفَهُ، وَأَعْمَرَهَا مِنَ التَّنْعِيمِ.وَحَجَّةُ الْوَدَاعِ كَانَتْ قَبْلَ وَفَاةِ النَّبِيِّ -صلَّى الله عليه وسلَّم- بِأَقَلَّ مِنْ ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ بَعْدَ نُزُولِ هَذِهِ الْآيَةِ، وَلِهَذَا كَانَ أَزْوَاجُ النَّبِيِّ -صلَّى الله عليه وسلَّم- يَحْجُجْنَ كَمَا كُنَّ يَحْجُجْنَ مَعَهُ خِلَافَةِ عُمَرَ -رضي الله عنه- وَغَيْرِهِ، وَكَانَ عُمَرُ يُوَكِّلُ بِقِطَارِهِنَّ عُثْمَانَ أَوْ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ، وَإِذَا كَانَ سَفَرُهُنَّ لِمَصْلَحَةٍ جَائِزًا فَعَائِشَةُ اعْتَقَدَتْ أَنَّ ذَلِكَ السَّفَرَ مَصْلَحَةٌ لِلْمُسْلِمِينَ، فَتَأَوَّلَتْ فِي ذَلِكَ .
وقال ابن العربي المالكي رحمه الله: "تَعَلَّقَ الرَّافِضَةُ بِهَذِهِ الآيَةِ عَلَى أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا إِذْ قَالُوا: إِنَّهَا خَالَفَتْ أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ خَرَجَتْ تَقُودُ الْجُيُوشَ، وَتُبَاشِرُ الْحُرُوبَ، وَتَقْتَحِمُ مَأْزِقَ الطَّعْنِ وَالضَّرْبِ فِيمَا لَمْ يُفْرَضْ عَلَيْهَا وَلَا يَجُوزُ لَهَا.قَالُوا: وَلَقَدْ حُصِرَ عُثْمَانُ، فَلَمَّا رَأَتْ ذَلِكَ أَمَرَتْ بِرَوَاحِلِهَا فَقُرِّبَتْ لِتَخْرُجَ إِلَى مَكَّةَ، فَقَالَ لَهَا مَرْوَانُ: أَقِيمِي هُنَا يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ، وَرُدِّي هَؤُلَاءِ الرَّعَاعَ، فَإِنَّ الْإِصْلَاحَ بَيْنَ النَّاسِ خَيْرٌ مِنْ حَجِّكِ.قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ قَالَ عُلَمَاؤُنَا رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ: إِنَّ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا نذرت عَنْهَا، نَذَرَتِ الْحَجَّ قَبْلَ الْفِتْنَةِ، فَلَمْ تَرَ التَّخَلُّفَ عَنْ نَذْرِهَا، وَلَوْ خَرَجَتْ فِي تِلْكَ الثَّائِرَةِ لَكَانَ ذَلِكَ صَوَابًا لَهَا.وَأَمَّا خُرُوجُهَا إِلَى حَرْبِ الْجَمَلِ فَمَا خَرَجَتْ لِحَرْبٍ، وَلَكِنْ تَعَلَّقَ النَّاسُ بِهَا، وَشَكَوْا إِلَيْهَا مَا صَارُوا إِلَيْهِ مِنْ عَظِيمِ الْفِتْنَةِ وَتَهَارُجِ النَّاسِ، وَرَجَوْا بَرَكَتَهَا، وَطَمِعُوا فِي الاسْتِحْيَاءِ مِنْهَا إِذَا وَقَفَتْ إِلَى الْخَلْقِ، وَظَنَّتْ هِيَ ذَلِكَ فَخَرَجَتْ مُقْتَدِيَةً بِاللَّهِ فِي قَوْلِهِ: (لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْواهُمْ إِلا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ)(النساء: 114)، وَقَوْلِهِ: (وَإِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما)(الحجرات: 9).
وَالأمْرُ بالإصلاح مُخَاطَبٌ بِهِ جَمِيعُ النَّاسِ مِنْ ذكر وأنثى، حر أَوْ عَبْدٍ فَلَمْ يُرِدِ اللَّهُ تَعَالَى بِسَابِقِ قَضَائِهِ وَنَافِذِ حُكْمِهِ أَنْ يَقَعَ إِصْلَاحٌ، وَلَكِنْ جَرَتْ مُطَاعَنَاتٌ وَجِرَاحَاتٌ حَتَّى كَادَ يَفْنَى الْفَرِيقَانِ، فَعَمَدَ بَعْضُهُمْ إِلَى الْجَمَلِ فَعَرْقَبَهُ، فَلَمَّا سَقَطَ الْجَمَلُ لِجَنْبِهِ أَدْرَكَ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا، فَاحْتَمَلَهَا إِلَى الْبَصْرَةِ، وَخَرَجَتْ فِي ثَلَاثِينَ امْرَأَةً، قَرَنَهُنَّ عَلِيٌّ بِهَا حَتَّى أَوْصَلُوهَا إِلَى الْمَدِينَةِ بَرَّةً تَقِيَّةً مُجْتَهِدَةً، مُصِيبَةً مُثَابَةً فِيمَا تَأَوَّلَتْ، مَأْجُورَةً فِيمَا فَعَلَتْ، إِذْ كُلُّ مُجْتَهِدٍ فِي الأحْكَامِ مُصِيبٌ. |
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52561 العمر : 72
| موضوع: رد: الطاهرة المطهرة عائشة بنت الصديق رضي الله عنها الإثنين 12 أبريل 2021, 3:10 am | |
| قالوا: وقد خرجت يوم الجمل بدون محرم:
والجواب: 1- ذكر العلامة الألباني روايات تؤكد أن عبد الله بن الزبير كان معها وهو محرم لها.
قال الإمام الزيلعي: وقد أظهرت عائشة الندم، كما أخرجه ابن عبد البر في "كتاب الإستيعاب": عن ابن أبي عتيق وهو عبد الله بن محمد بن عبدالرحمن بن أبي بكر الصديق قال: قالت عائشة لابن عمر: يا أبا عبدالرحمن ما منعك أن تنهاني عن مسيري؟ قال: رأيت رجلاً غلب عليك -يعني ابن الزبير- فقالت: أما والله لو نهيتني ما خرجت انتهى".
ولهذا الأثر طريق أخرى، فقد: وروى إسماعيل بن علية عن أبي سفيان بن العلاء المازني عن ابن أبي عتيق قال: "قالت عائشة: إذا مر ابن عمر فأرنيه، فلما مر بها قيل لها: هذا ابن عمر، فقالت: يا أبا عبد الرحمن ما منعك أن تنهاني عن مسيري؟ قال: رأيت رجلا قد غلب عليك.يعني ابن الزبير".
على أنها ما فعلت ذلك إلا متأولة قاصدة للخير، كما اجتهد طلحة بن عبد الله والزبير بن العوام وجماعة من الكبار رضي الله عن الجميع".
وقال شيخ الإسلام: ولم يكن طلحة والزبير ولا غيرهما من الأجانب يحملونها، بل كان في العسكر من محارمها، مثل عبد الله بن الزبير ابن أختها، وخلوة ابن الزبير بها ومسُّ لها جائز بالكتاب والسُّنّة والإجماع – وكذلك سفر المرأة مع ذي محرمها جائز بالكتاب والسنة والإجماع، وهي لم تسافر إلا مع ذي محرم منها.
ويؤيد هذا: ما رواه الشيعة من أنه -أي ابن أختها عبد الله- هو الذي حرضها على المسير إلى البصرة، و حرض أباه على محاربة علي رضي الله عنها، وعندما عزم أبوه على الإقلاع عن حربه لما التقيا في البصرة، أخذ يلح عليه حتى عاد إلى حربه - وهذه كلها مزاعم ذكرها الشيعة في كتبهم.
- قالوا بأن عائشة كانت تبغض عليا؟! واستدلوا بحديث عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: «لَمَّا ثَقُلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَاشْتَدَّ وَجَعُهُ اسْتَأْذَنَ أَزْوَاجَهُ أَنْ يُمَرَّضَ فِي بَيْتِي، فَأَذِنَّ لَهُ، فَخَرَجَ بَيْنَ رَجُلَيْنِ تَخُطُّ رِجْلاَهُ الأَرْضَ، وَكَانَ بَيْنَ العَبَّاسِ وَبَيْنَ رَجُلٍ آخَرَ»، فَقَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ: فَذَكَرْتُ لابْنِ عَبَّاسٍ مَا قَالَتْ عَائِشَةُ، فَقَالَ لِي: وَهَلْ تَدْرِي مَنِ الرَّجُلُ الَّذِي لَمْ تُسَمِّ عَائِشَةُ؟ قُلْتُ: لاَ، قَالَ: هُوَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ.
والجواب: 1- قَالَ الْكرْمَانِي: فَإِن قلت: لم قَالَت رجل آخر وَمَا سمعته قلت لِأَن الْعَبَّاس كَانَ دَائِما يلازم أحد جانبيه، وَأما الْجَانِب الآخر فَتَارَة كَانَ عَليّ فِيهِ وَتارَة أُسَامَة فلعدم ملازمته لذَلِك لم تذكره لَا لعداوة وَلَا لنحوها حاشاها من ذَلِك.
ويدل على ذلك ما قاله ابن حجر: كَمَا ثَبت قبل حَدِيث الأسود عَن عَائِشَة فِي صَلَاة أبي بكر بِالنَّاسِ فِي مَرَضِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ فَخرج يهادي بَين رجلَيْنِ تخط رِجْلَاهُ الأَرْض هما الْعَبَّاس وَعلي كَمَا تقدم فِي حَدِيث عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ عَنْهَا . وَفِي رِوَايَة لمُسلم أَنه خرج بَين عَليّ وَالْفضل بن عَبَّاس .
وَجمع النَّوَوِيّ بَينهمَا بِأَن خُرُوجه من بَيت عَائِشَة كَانَ بَين عَليّ وَالْعَبَّاس وَخُرُوجه من بَيت مَيْمُونَة كَانَ بَين عَليّ وَالْفضل.
وللخطابي فِي المعالم: أَنه خرج بَين عَليّ وَأُسَامَة.ورويناه فِي الْجُزْء الْخَامِس من حَدِيث إِسْمَاعِيل الصفارمن طَرِيق أُسَامَة بن زيد نَفسه قَال: ثمَّ أخرجته مُسْنده إِلَى صَدْرِي حَتَّى انْتهى إِلَى أبي بكر، وَهُوَ فِي الصَّلاة ولابن ماجة من رِوَايَة سَالم بن عبيد: أَنه خرج بَين بَرِيرَة وَرجل آخر.وَفِي رِوَايَة بن أبي شيبَة بِسَنَد جيد بَين بَرِيرَة وتوبة.
2- أن الصحيح من الأخبار يدل على أن عائشة كانت تكن عظيم التقدير والاحترام لعليّ وأبنائه رضي الله عنهم أجمعين.
وقد روت عدداً من الأحاديث في فضائل عليّ وأهل البيت رضي الله عنهم، ذكرها أئمة الحديث بأسانيدها، وهي تدل دلالة واضحة على عظيم احترامها، وتقديرها لأمير المؤمنين عليّ وأهل البيت رضي الله عنهم أجمعين.وقد روت السيدة عائشة مناقب أهل البيت التي تعتبر شامة في مناقب الإمام عليّ، رضي الله عنه.
كما جاء عَنِ ابْنِ أَبْزَى قَالَ: انْتَهَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُدَيْلٍ إِلَى عَائِشَةَ وَهِيَ فِي الْهَوْدَجِ يَوْمَ الْجَمَلِ , فَقَالَ: يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ , أَنْشُدُكَ بِاللَّهِ، أَتَعْلَمِينَ أَنِّي أَتَيْتُكِ يَوْمَ قَتْلِ عُثْمَانَ فَقُلْتُ: إِنَّ عُثْمَانَ قَدْ قُتِلَ فَمَا تَأْمُرِينِي , فَقُلْتِ لِي: الْزَمْ عَلِيًّا ...
ومن دلائل المودة بين الصديقة عائشة وأهل الكساء أن الأحاديث الواردة في فضائل أهل الكساء وهم عمدة أهل البيت وأفضلهم هو من روايتها فهي التي رأت الموقف رأي العين ونقلته بكل أمانة ودقة.
عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ شَيْبَةَ، قَالَتْ: قَالَتْ عَائِشَةُ: خَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَدَاةً وَعَلَيْهِ مِرْطٌ مُرَحَّلٌ، مِنْ شَعْرٍ أَسْوَدَ، فَجَاءَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ فَأَدْخَلَهُ، ثُمَّ جَاءَ الْحُسَيْنُ فَدَخَلَ مَعَهُ، ثُمَّ جَاءَتْ فَاطِمَةُ فَأَدْخَلَهَا، ثُمَّ جَاءَ عَلِيٌّ فَأَدْخَلَهُ، ثُمَّ قَالَ: (إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا) (الأحزاب: 33).
وعَنْ شُرَيْحِ بْنِ هَانِئٍ، قَالَ: أَتَيْتُ عَائِشَةَ أَسْأَلُهَا عَنِ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ، فَقَالَتْ: عَلَيْكَ بِابْنِ أَبِي طَالِبٍ، فَسَلْهُ فَإِنَّهُ كَانَ يُسَافِرُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلْنَاهُ فَقَالَ: «جَعَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَلَيَالِيَهُنَّ لِلْمُسَافِرِ، وَيَوْمًا وَلَيْلَةً لِلْمُقِيمِ».
حديث: "تقاتلين علياً وأنت ظالمة له": قال شيخ الإسلام: وأما الحديث الذي رواه وهو قوله لها: "تقاتلين علياً وأنت ظالمة له" فهذا لا يُعرف في شيء من كتب العلم المعتمدة، ولا له إسناد معروف، وهو بالموضوعات المكذوبات أشبه منه بالأحاديث الصحيحة، بل هو كذب قطعاً، فإن عائشة لم تقاتل ولم تخرج لقتال، وإنما خرجت لقصد الإصلاح بين المسلمين، وظنت أن في خروجها مصلحة للمسلمين، ثم تبيّن لها فيما بعد أن ترك الخروج كان أولى، فكانت إذا ذكرت خروجها تبكي حتى تَبلّ خِمارها.
وهكذا عامة السابقين ندموا على ما دخلوا فيه من القتال، فندم طلحة والزبير وعليّ رضي الله عنهم أجمعين، ولم يكن يوم الجمل لهؤلاء قصد في الاقتتال، ولكن وقع الاقتتال بغير اختيارهم، فإنه لما تراسل عليّ وطلحة والزبير، وقصدوا الاتفاق على المصلحة، وأنهم إذا تمكنوا طلبوا قتلة عثمان أهل الفتنة، وكان عليّ غي راضٍ بقتل عثمان ولا معيناً عليه، كما كان يحلف فيقول: والله ما قتلت عثمان ولا مالأت على قتله، وهو الصادق البار في يمينه، فخشي القتلة، فحملوا على عسكر طلحة والزبير، فظن طلحة والزبير أن علياً حمل عليهم، فحملوا دفعاً عن أنفسهم، فظن عليّ أنهم حملوا عليه، فحمل دفعاً عن نفسه، فوقعت الفتنة بغير اختيارهم، وعائشة رضي الله عنها راكبة: لا قاتلت، ولا أمرت بالقتال.هكذا ذكره غير واحد من أهل المعرفة بالأخبار.
زعَمَ بعضُ المؤرِّخين أنَّ الزبير بن العوَّام أكْرَه السيدة عائشة على الخروج في معركة "الجَمَل".
الجواب: زعَمَ بعضُ المؤرِّخين - كابن قتيبة في "الإمامة والسياسة"، واليعقوبي في تاريخه وغيرهما - أنَّ الزبير بن العوام أكْرَه السيدة عائشة على الخروج في معركة "الجَمَل"، وهذا غيرُ صحيح؛ فقد قامتِ السيدة عائشة بالمطالبة بثَأْر عثمان منذ اللحظة التي عَلِمتْ فيها بمقْتِله -رضي الله عنه- وقبل أنْ يصِلَ الزبير وطلحة وغيرُهما من كبار الصحابة إلى مكة.
ذلك أنَّه قد رُوِي أنَّها لَمَّا انصرفتْ راجعةً إلى مكة، أتاها عبدالله بن عامر الحضرمي، فقال: "ما ردَّكَ يا أُمَّ المؤمنين؟ قالتْ: ردَّني أنَّ عثمان قُتِل مظلومًا، وأنَّ الأمرَ لا يستقيمُ ولهذه الغوغاء أمرٌ، فاطلبوا دمَ عثمان تعزُّوا الإسلامَ، فكان عبدالله بن الزبير أوَّلَ مَن أجابَها. ولَم يكنْ طلحةُ والزبير قد خرجا من المدينة، وإنما خرجا منها بعدَما مرَّ على مقْتَل عثمان أربعةُ أشهر.
زعَمَ بعضُ الكُتَّاب أنَّ السيدة عائشة كانتْ مُتسلِّطة على مَن معها ومُسْتبدَّة بقولها.
الجواب: كان فيمن خرَجَ معها - رضي الله عنها- جمْعٌ من الصحابة، ولم تكنْ السيدة عائشة المرأة المتسلِّطة التي تحرِّكُ الناس حيثُ شاءَتْ - كما زعَمَ بروكلمان، ولقد أكَّدتْ روايات الطبري تأييدَ أُمَّهات المؤمنين لها، ولِمَن معها في السعي للإصلاح، بل وتأييد عددٍ غيرِ قليلٍ من أهْل البصرة لها، وكان هذا العددُ غيرُ القليل ممن لا يُستهان بهم، فلقد وصَفَهم طلحة والزبير بأنَّهم خيارُ أهْل البصرة ونجباؤهم، ووصَفَتْهم السيدة عائشة بأنهم الصالحون، وما كان خروجُ هذا العدد من الصالحين إلاَّ عن اعتقادٍ راسخٍ بجدْوَى هذا الخروج وصواب مَقْصِده، وكان أميرُ المؤمنين يعلمُ هذا.
ويردُّ الزَّعْم الذي زعَمَه البعضُ مِن أنَّ الخارجين مع السيدة عائشة كانوا جموعًا من السُّفَهاء والغوغاء والأوباش، فلقد وقَفَ أميرُ المؤمنين - بعد معركة "الجَمَل" - بين القتْلى من فريق عائشة، يترحَّمُ عليهم ويذكُر فضْلَهم.
- ادِّعاء الشيعة أنَّ عائشة لم تندم من خروجها يوم الجمل: يزعمون أنها لم تتب من ذلك كلّه، وأنها بقيت مصرّة على حربها لعلي، وأنها بقيت على عداوتها له ولأولاده إلى أن ماتت .
قالوا: وأما بكاؤها رضي الله عنها بعد معركة الجمل، واظهارها الندم، فيقول عنه الشيعة: إنه لم يكن دليلاً على التوبة، بل بكت لأنها فشلت في المعركة، ولم تحقق مأربها في النيل من علي والانتقام منه.
ويستدل الشيعة على مزاعمهم هذه بأدلة كلها مكذوبة، لا أصل لها وليست في كتب أهل العلم، بل لم يذكرها إلاّ الشيعة الرافضة الذين عرفوا بين الناس بامتيازهم بكثرة الكذب بل؛ وبأنهم أكذب الطوائف.
ومما استدلوا به على مزاعمهم المتقدمة: 1- ما زعموه من أنها امتنعت عن تسمية علي رضي الله عنه بإمرة المؤمنين بعد معركة الجمل.
وزعموا أن ابن عباس قال لعلي بعد تلك المحاورة التي جرت بينه وبين عائشة: "دعها في البصرة ولا ترحلها.فقال: "إنها لا تألوا شراً ولكني أردها إلى بيتها".
2- ومن أدلتهم على عدم توبتها – كما زعموا -: ما زعموه من أنها سمّت عبداً لها عبدالرحمن؛ لحبها لعبدالرحمن بن ملجم قاتل علي رضي الله عنه.قالوا: "رُوِيَ عن مسروق أنه قال: دخلت على عائشة فجلست إليها تحدثني، فاستدعت غلاماً لها أسود يقال له عبدالرحمن، فجاء حتى وقف، فقالت: يا مسروق أتدري لما سميته عبدالرحمن؟ فقلت: لا.فقالت حباً مني لعبدالرحمن بن ملجم قاتل علي" .
ادعى الشيعة أن عداوة عائشة لعلي بقيت متأججة بعد موته، فانتقلت إلى أولاده ...واستدلوا على ذلك:
1- بأنها كانت تحتجب من الحسن والحسين لبغضهما لهما، مع حل دخولهما عليها. 2- بأنها منعت من دفن الحسن بن علي مع جده رسول الله صلى الله عليه وسلم وركبت على بغل لتمنع من ذلك؛ لئلا يدخل بيتها من تكره على حد زعم الشيعة.
الجواب: أولاً: لقد تقدَّم أنَّ أُمَّ المؤمنين – رضي الله عنها - ومَن خَرَجَ إلى البصرة لم يكنْ مُرادُهم قتالَ عَلِي، وإلاَّ لكانتْ وِجْهتُهم المدينة بدلاً من البصرة، بل كان مرادُهم الإصلاح، والطلبُ بدمِ عثمان -رضي الله عنه- وكانتْ عائشة تَرى أنَّ في خروجِها مصلحةً للمسلمين، ثم تبيَّنَ لها فيما بعد أنَّ ترْكَ الخروج كان أَوْلَى، فكانتْ إذا ذكَرَتْ خروجَها تبكي؛ حتى تبُلَّ خمارَها، وتقول: والله لوَدِدْتُ أنْ مِتُّ قبلَ هذا اليوم بعشرين سنة".
وكانتْ - رضي الله عنها - تتذكَّرُ أحداثَ "الجَمَل" وتبكي؛ فعن عبدالرحمن بن جُنْدَب عن أبيه عن جَدِّه: "كان عمرو بن الأشرف قد أخَذَ بخُطام الجَمَل، لا يدنو منه أحدٌ إلا خبطه بسيفه، إذا أقْبَلَ الحارث بن زهير الأزدي وهو يقول يَعني (عمرو بن الأشرف): يَا أُمَّنَا يَا خَيْرَ أُمٍّ نَعْلَمُ أَمَا تَرَيْنَ كَمْ شُجَاعٍ يُكْلَمُ وَتُخْتَلَى هَامَتُهُ وَالْمِعْصَمُ فاختلفا ضرْبتين، فرأيتهما يفْحَصان الأرض بأرْجُلهما حتى ماتا، فدخلتُ على عائشة - رضي الله عنها - بالمدينة، فقالتْ: مَن أنت؟ قلتُ: رجلٌ من الأزد، أسْكُن الكوفة، قالتْ: أشَهِدْتَنا يومَ الجَمَل؟ قلتُ: نعم، قالتْ: ألَنَا أم عَلينا؟! قلتُ: بل عليكم؟ قالتْ: أتعرفُ الذي يقول: يَا أُمَّنَا يَا خَيْرَ أُمٍّ نَعْلَمُ قلتُ: نعم! ذاك ابنُ عمِّي، فبكتْ؛ حتى ظننْتُ أنَّها لا تَسْكُت.
ثانيا: أما ما زعمه الشيعة الرافضة من استمرار عداوة عائشة رضي الله عنها لعلي رضي الله عنه، وعدم توبتها، واستدلالهم على ذلك بحكايات مكذوبة لا أصل لها: فزعم باطل!! ويرد هذا الزعم أيضاً: ما ثبت عن أمير المؤمنين علي رضي الله عنه؛ من أنه أقر عائشة رضي الله عنها على قولها إثر معركة الجمل: "والله ما كان بيني وبين علي في القديم إلا ما يكون بين المرأة وأحمائها".فقال علي رضي الله عنها: "صدقت والله وبرت ما كان بيني وبينها إلا ذلك".
وقد ورد في كتب الشيعة ما يشبه هذا القول، إلا أنه محرف المعنى؛ فقد ذكر الإربلي أن عائشة رضي الله عنه قالت بعد معركة الجمل: "رحم الله علياً، إنه كان على الحق، ولكني كنت امرأة من الأحماء".
ونقله في موضع آخر بنفس المعنى؛ فقد ذكر أن عائشة قالت لما بلغها قتال علي رضي الله عنه للخوارج: "سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول عنهم: "هم شر الخلق والخليفة، يقتلهم خير الخلق والخليفة"، وفي رواية: إنهم شرار أمتي يقتلهم خيار أمتي " ثم قالت بعدما أثنت على علي رضي الله عنه: وما كان بيني وبينه إلا ما يكون بين المرأة وأحمائها.
ولقد كانت تروي فضائله: 1- فقد روت حديث الكساء في فضل علي، وفاطمة، والحسن، والحسين رضي الله عنه كما تقدم.
2- وكانت كثيراً ما تحيل السائل على علي رضي الله عنه ليجيبه؛ فقد أحالت شريح بن هانئ لما سألها عن المسح على الخفين كما تقدم.
3- ورغم علمها بأجوبة بعض المسائل، فإنها كانت تحيلها على علي رضي الله عنه؛ فقد سئلت: في كم تصلي المرأة في الثياب؟ فقالت للسائل: سل علياً، ثم ارجع إلي فأخبرني بالذي يقول لك.قال: فأتى علياً فسأله فقال: في الخمار والدرع السابغ.فرجع إلى عائشة فأخبرها، فقالت: صدق.
4- ولقد طلبت من الناس بعد مقتل عثمان رضي الله عنه أن يلزموا علياً رضي الله عنه ويبايعوه ...وبعض الشيعة يعترف بهذا، فكيف يقال: إنها كانت من أعدائه.
قول عائشة كان علي مسلما في شأنها (قصة الإفك): عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: قَالَ لِي الوَلِيدُ بْنُ عَبْدِ المَلِكِ: أَبَلَغَكَ أَنَّ عَلِيًّا، كَانَ فِيمَنْ قَذَفَ عَائِشَةَ؟ قُلْتُ: لاَ، وَلَكِنْ قَدْ أَخْبَرَنِي رَجُلاَنِ مِنْ قَوْمِكَ، أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الحَارِثِ، أَنَّ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ لَهُمَا: " كَانَ عَلِيٌّ مُسَلِّمًا فِي شَأْنِهَا فَرَاجَعُوهُ، فَلَمْ يَرْجِعْ وَقَالَ: مُسَلِّمًا، بِلاَ شَكٍّ فِيهِ وَعَلَيْهِ، كَانَ فِي أَصْلِ العَتِيقِ كَذَلِكَ".
والجواب: أولاً: قال العيني: قَوْله: (مُسلما) بِكَسْر اللام الْمُشَدّدَة، كَذَا فِي نسخ البُخَارِيّ وَفِي رِوَايَة الْحَمَوِيّ: مُسلما، بِفَتْح اللاَّم، فَالرِّوَايَة الأولى من التَّسْلِيم بِمَعْنى تَسْلِيم الْأَمر بِمَعْنى السُّكُوت، وَالثَّانيَِة من السَّلامَة من الْخَوْض فِيهِ. وَقَالَ ابْن التِّين: ويروى: مسيئاً، يَعْنِي من الْإِسَاءَة.
وَقَالَ صَاحب (التَّوْضِيح): فِيهِ بعد، ورد عَلَيْهِ بِأَن عياضاً ذكر أَنه النَّسَفِيّ رَوَاهُ عَن البُخَارِيّ بِلَفْظ مسيئاً وَكَذَا رَوَاهُ أَبُو عَليّ بن السكن عَن الْفربرِي.
قلت- أي العيني -: الظَّاهِر أَن نِسْبَة هَذِه اللَّفْظَة إِلَى عَليّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، من حَيْثُ إِنَّه لم يقل مثل مَا قَالَ أُسَامَة بن زيد: أهلك، وَلَا نعلم إلاَّ خيرا، بل قَالَ: لم يضيق الله عَلَيْك وَالنِّسَاء ...فَرَاجَعُوهُ فلَمْ يَرْجِعْ وَقَالَ مُسَلِّمَاً بِلاَ شَكَّ فِيهِ ..؛ أَي: فراجعوا الزُّهْرِيّ فِي هَذِه الْمَسْأَلَة فَلم يرجع، أَي: فَلم يجب بِغَيْر ذَلِك...
وَقَالَ بَعضهم: الْمُرَاجَعَة فِي ذَلِك وَقعت مَعَ هِشَام بن يُوسُف فِيمَا أَحسب، وَذَلِكَ أَن عبد الرَّزَّاق رَوَاهُ عَن معمر فخالفه، فَرَوَاهُ بِلَفْظ: مسيئاً.قلت: الَّذِي فسره الْكرْمَانِي هُوَ الصَّوَاب، أَلا يرى أَن الْأصيلِيّ لما رَوَاهُ بِلَفْظ: مُسلما، قَالَ: كَذَا قرأناه؟ وَالله أعلم.
ثانيا: اعتذر العلماء عما قاله علي رضي الله عنه بما يلي: قال ابن حجر: وَأَمَّا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ لَمْ يُضَيِّقِ اللَّهُ عَلَيْكَ وَالنِّسَاءُ سِوَاهَا كَثِيرٌ؛ كَذَا لِلْجَمِيعِ بِصِيغَةِ التَّذْكِيرِ؛ كَأَنَّهُ أَرَادَ الْجِنْسَ مَعَ أَنَّ لَفْظَ فَعِيلٍ يَشْتَرِكُ فِيهِ الْمُذَكَّرُ وَالْمُؤَنَّثُ إِفْرَادًا وَجَمْعًا.وَفِي رِوَايَةِ الْوَاقِدِيِّ قَدْ أَحَلَّ لَكَ وَأَطَابَ طَلِّقْهَا وَانْكِحْ غَيْرَهَا، وَهَذَا الْكَلامُ الَّذِي قَالَه عَليّ حمله عَلَيْهِ تَرْجِيح جانبا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا رَأَى عِنْده من القلق بِسَبَبِ الْقَوْلِ الَّذِي قِيلَ وَكَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَدِيدُ الْغَيْرَةِ؛ فَرَأَى عَلِيٌّ أَنَّهُ إِذَا فَارَقَهَا سَكَنَ مَا عِنْدَهُ مِنَ الْقَلَقِ بِسَبَبِهَا إِلَى أَنْ يَتَحَقَّقَ بَرَاءَتُهَا فَيُمْكِنُ رَجْعَتُهَا .وَيُسْتَفَادُ مِنْهُ ارْتِكَابُ أَخَفِّ الضَّرَرَيْنِ لِذَهَابِ أَشَدِّهِمَا.
وَقَالَ الثَّوْريّ: رأى ذَلِكَ هُوَ الْمَصْلَحَةُ فِي حَقِّ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَاعْتَقَدَ ذَلِكَ لِمَا رَأَى مِنِ انْزِعَاجِهِ فَبَذَلَ جَهْدَهُ فِي النَّصِيحَةِ لِإِرَادَةِ رَاحَة خاطره صلى الله عَلَيْهِ سلم.
وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي جَمْرَةَ: لَمْ يَجْزِمْ عَلِيٌّ بالإشارة بِفِرَاقِهَا لأنَّهُ عَقَّبَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: وَسَلِ الْجَارِيَةَ تَصْدُقْكَ؛ فَفَوَّضَ الأمْرَ فِي ذَلِكَ إِلَى نَظَرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَأَنَّهُ قَالَ: إِنْ أَرَدْتَ تَعْجِيلَ الرَّاحَةِ فَفَارِقْهَا, وَإِنْ أَرَدْتَ خِلَافَ ذَلِكَ فَابْحَثْ عَنْ حَقِيقَةِ الأمْرِ إِلَى أَنْ تَطَّلِعَ عَلَى بَرَاءَتِهَا لأنَّهُ كَانَ يَتَحَقَّقُ أَنَّ بَرِيرَةَ لما تُخْبِرُهُ إِلَّا بِمَا عَلِمَتْهُ وَهِيَ لَمْ تَعْلَمْ مِنْ عَائِشَةَ إلا الْبَرَاءَةَ الْمَحْضَةَ.
وقال النووي: وَأَمَّا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ فَقَالَ لَمْ يُضَيِّقِ اللَّهُ عَلَيْكَ وَالنِّسَاءُ سِوَاهَا كَثِيرٌ) هَذَا الَّذِي قَالَهُ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ هُوَ الصَّوَابُ فِي حَقِّهِ؛ لأنَّهُ رَآهُ مَصْلَحَةً وَنَصِيحَةً لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي اعْتِقَادِهِ وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ لأنه رَأَى انْزِعَاجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهَذَا الأَمْرِ وَتَقلقهُ فَأَرَادَ رَاحَةَ خَاطِرِهِ وَكَانَ ذَلِكَ أَهَمَّ مِنْ غَيْرِهِ قَوْلُهَا.
وقال ابن القيم رحمه الله: فعلي لَمَّا رَأَى أَنَّ مَا قِيلَ مَشْكُوكٌ فِيهِ أَشَارَ بِتَرْكِ الشَّكِّ وَالرِّيبَةِ إِلَى الْيَقِينِ لِيَتَخَلَّصَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْهَمِّ وَالْغَمِّ الَّذِي لَحِقَهُ مِنْ كَلَامِ النَّاسِ، فَأَشَارَ بِحَسْمِ الدَّاءِ. |
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52561 العمر : 72
| موضوع: رد: الطاهرة المطهرة عائشة بنت الصديق رضي الله عنها الإثنين 12 أبريل 2021, 3:15 am | |
| قالوا: قام النبي صلى الله عليه وسلم خطيباً فأشار نحو مسكن عائشة فقال: "ههنا الفتنة، ههنا الفتنة، ههنا الفتنة، من حيث يطلع قرن الشيطان":
والجواب: هذا الحديث جاء من رواية عَبْدِ اللَّهِ بن عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَطِيبًا، فَأَشَارَ نَحْوَ مَسْكَنِ عَائِشَةَ، فَقَالَ: «هُنَا الفِتْنَةُ - ثَلاَثًا - مِنْ حَيْثُ يَطْلُعُ قَرْنُ الشَّيْطَانِ».
وحتى يفهم مقصد النبي صلى الله عليه وسلم لا بد من جمع الروايات، ففي رواية عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ -رضي الله عنهما-: قالوا: قام النبي صلى الله عليه وسلم خطيباً فأشار نحو مسكن عائشة فقال: "ههنا الفتنة، ههنا الفتنة، ههنا الفتنة، من حيث يطلع قرن الشيطان":
والجواب: هذا الحديث جاء من رواية عَبْدِ اللَّهِ بن عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَطِيبًا، فَأَشَارَ نَحْوَ مَسْكَنِ عَائِشَةَ، فَقَالَ: «هُنَا الفِتْنَةُ -ثَلاَثًا- مِنْ حَيْثُ يَطْلُعُ قَرْنُ الشَّيْطَانِ».
وحتى يفهم مقصد النبي صلى الله عليه وسلم لا بد من جمع الروايات: ففي رواية عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُشِيرُ إِلَى المَشْرِقِ فَقَالَ: «هَا إِنَّ الفِتْنَةَ هَا هُنَا، إِنَّ الفِتْنَةَ هَا هُنَا مِنْ حَيْثُ يَطْلُعُ قَرْنُ الشَّيْطَانِ».
وفي رواية قال: سَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، يَقُولُ: يَا أَهْلَ الْعِرَاقِ مَا أَسْأَلَكُمْ عَنِ الصَّغِيرَةِ، وَأَرْكَبَكُمْ لِلْكَبِيرَةِ سَمِعْتُ أَبِي عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِنَّ الْفِتْنَةَ تَجِيءُ مِنْ هَاهُنَا» وَأَوْمَأَ بِيَدِهِ نَحْوَ الْمَشْرِقِ «مِنْ حَيْثُ يَطْلُعُ قَرْنَا الشَّيْطَانِ».
في رواية: عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: ذَكَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِي شَأْمِنَا، اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِي يَمَنِنَا» قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَفِي نَجْدِنَا؟ قَالَ: «اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِي شَأْمِنَا، اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِي يَمَنِنَا» قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَفِي نَجْدِنَا؟ فَأَظُنُّهُ قَالَ فِي الثَّالِثَةِ: «هُنَاكَ الزَّلاَزِلُ وَالفِتَنُ، وَبِهَا يَطْلُعُ قَرْنُ الشَّيْطَانِ».
وفي رواية: عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ بَيْتِ عَائِشَةَ، فَقَالَ: «رَأْسُ الْكُفْرِ مِنْ هَاهُنَا، مِنْ حَيْثُ يَطْلُعُ قَرْنُ الشَّيْطَانِ» يَعْنِي الْمَشْرِقَ.
فيتبين للمنصف من مجموع هذه الروايات أن عائشة أو مسكنها ليس المقصود؛ بل المقصود ما بينته الروايات أن الفتنة من المشرق من قبل نجد، أي ناحية العراق.
وقد نص جمع من الحفاظ وشراح الحديث على أن المراد بنجد في الحديث هى نجد العراق كالخطابي وابن عبد البر وابن تيمية وابن حجر وغيرهم من المتقدمين والمتأخرين:
1- قال ابن حجر: وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ نَجْدٌ مِنْ جِهَةِ الْمَشْرِقِ وَمَنْ كَانَ بِالْمَدِينَةِ كَانَ نَجْدُهُ بَادِيَةَ الْعِرَاقِ وَنَوَاحِيهَا وَهِيَ مَشْرِقُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَأَصْلُ النَّجْدِ مَا ارْتَفَعَ مِنَ الْأَرْضِ.
2- وقال ابن عبد البر: فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَلَمٌ مِنْ أَعْلَامِ نُبُوَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِإِخْبَارِهِ بالغيب عما يكون بعده والفتنة ههنا بمعنى الفتن لأن الواحدة ههنا تَقُومُ مَقَامَ الْجَمِيعِ فِي الذِّكْرِ.. فَأَخْبَرَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ إِقْبَالِ الْفِتَنِ مِنْ نَاحِيَةِ الْمَشْرِقِ وَكَذَلِكَ أَكْثَرُ الْفِتَنِ مِنَ الْمَشْرِقِ انْبَعَثَتْ وَبِهَا كَانَتْ نَحْوَ الْجَمَلِ وَصِفِّينِ وَقَتْلِ الْحُسَيْنِ وغير ذلك مما يطول ذَكَرَهُ مِمَّا كَانَ بَعْدَ ذَلِكَ مِنَ الْفِتَنِ بِالْعِرَاقِ وَخُرَاسَانَ إِلَى الْيَوْمِ وَقَدْ كَانَتِ الْفِتَنُ فِي كُلِّ نَاحِيَةٍ مِنْ نَوَاحِي الْإِسْلَامِ وَلَكِنَّهَا بِالْمَشْرِقِ أَكْثَرُ أَبَدًا).
3- قال شيخ الإسلام ابن تيمية: ومعلوم أنه كان بالكوفة من الفتنة والتفرق ما دل عليه النص والإجماع, لقول النبي صلى الله عليه وسلم: الفتنة من ههنا الفتنة من ههنا ,الفتنة من ههنا, من حديث يطلع قرن الشيطان, وهذا الحديث قد ثبت عنه في الصحيح من غير وجه.
4- قال الحافظ ابن حجر: وأول ما نشأ ذلك من العراق من جهة المشرق.
وقال أيضاً: وأول الفتن كان من قبل المشرق فكان ذلك سبباً للفرقة بين المسلمين وذلك مما يحبه الشيطان ويفرح به وكذلك البدع نشأت من تلك الجهة.
5- قال الشيخ الألباني رحمه الله: فيستفاد من مجموع طرق الحديث أن المراد من (نجد) في رواية البخاري ليس هو الإقليم المعروف اليوم بهذا الاسم، وبذلك فسره الإمام الخطابي والحافظ ابن حجر العسقلاني، وتجد كلامهما في ذلك في شرح كتاب الفتن من صحيح البخاري للحافظ، وتحقق ما أنبأ به عليه السلام فإن كثيرا من الفتن الكبرى كان مصدرها من العراق كالقتال بين سيدنا علي ومعاوية وغيرها مما هو مذكور في كتب التاريخ فالحديث من معجزاته صلى الله عليه وسلم وأعلام نبوته.
1- قولهم هذا؛ فيه طعن بالنبي –صلى الله عليه وسلم– فبيت عائشة هو بيت النبي –صلى الله عليه وسلم– وبه دفن؛ بل اختيار النبي –صلى الله عليه وسلم– أن يمرض في بيتها، وكانت وفاته بين سحرها ونحرها، وفي يومها وفي بيتها، واجتمع ريق رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بريقها في آخر أنفاسه.
قالوا: أذاعت سر رسول الله صلى الله عليه وسلم: فقد ذكر التستري، والكاشاني، والشيرازي –من علماء الشيعة الاثنى عشرية– أن التي أفشت السر هي عائشة رضي الله عنها، وأن الحديث المسر هو قول النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة: إن علياً هو الوصي.
وقد ذكروا قصةً طويلة لإثبات هذا الزعم، ملخصها: أن الله اخبر رسوله, وهو منصرف من مكة بعد أداء فريضة الحج بأنه اختار علياً وصياً.
فخلا رسول الله بعلي يومه ذاك وليلته -وكانت ليلة عائشة-، واستودعه العلم والحكمة التي أتاه الله إيّاها، وعرّفه أنّه الوصي بعد .
فعلمت عائشة بذلك من رسول الله بعد الحاح منها كي يطلعها على الأمر، ثم اخبرت حفصة، التي أخبرت أباها.
ومنه علم أبو بكر، فدعا أبو بكر وعمر جماعة من قريش فأطلعوهم على الأمر، فأجمعوا أمرهم على أن ينُفّروا ناقة رسول الله به عند عقبة يقال لها: هرشا، واتفقوا على أمور يكيدوا بها رسول الله إن لم تنجح الخطة؛ من قتله، أو سقيه السم، وتعاقدوا على ذلك بالأيمان المؤكدة، وكانوا أربعة عشر رجلاً. فنزل جبريل على رسول الله بهذه الآيات ..الخ).
والجواب: قال شيخ الإسلام: أما قوله: "وأذاعتْ سِرَّ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم"، فلا ريبَ أنَّ الله - تعالى - يقول: ﴿وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثًا فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ وَأَظْهَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَن بَعْضٍ فَلَمَّا نَبَّأَهَا بِهِ قَالَتْ مَنْ أَنبَأَكَ هَذَا قَالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ﴾ (التحريم: 3)، وقد ثبتَ في الصحيح عن عُمر أنَّهما عائشة وحَفْصة.
فيُقال أولاً: هؤلاء يَعمدون إلى نصوص القرآن التي فيها ذِكْر ذنوبٍ ومعاصٍ بيِّنة لِمَن نصَّتْ عنه من المتقدِّمين يتأوَّلون النصوصَ بأنواع التأويلات، وأهْل السُّنة يقولون: بل أصحاب الذنوب تابوا منها، ورفعَ الله درجاتهم بالتوبة.
وهذه الآية ليستْ بأَوْلى في دَلالتها على الذنوب من تلك الآيات، فإنْ كان تأويل تلك سائغًا، كان تأويل هذه كذلك، وإنْ كان تأويلُ هذه باطلًا، فتأويل تلك أبْطل.
ويُقال ثانيًا: بتقدير أنْ يكونَ هناك ذنبٌ لعائشة وحَفْصة، فيكونان قد تابتا منه، وهذا ظاهرٌ؛ لقوله -تعالى-: ﴿إِن تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا﴾ (التحريم: 4).
فدعاهما الله -تعالى- إلى التوبة، فلا يُظنُّ بهما أنَّهما لم يتوبا، مع ما ثبتَ من عُلوِّ درجتهما، وأنَّهما زوْجتا نبيِّنا في الجنة، وأنَّ الله خيَّرهُنَّ بين الحياة الدنيا وزينتها، وبين الله ورسوله والدارِ الآخرة، فاخْتَرْنَ الله ورسولَه والدارَ الآخرة؛ ولذلك حرَّم الله عليه أنْ يتبدَّلَ بهنَّ غيرهُنَّ، وحرَّم عليه أن يتزوَّج عليهنَّ، واختُلِفَ في إباحة ذلك له بعد ذلك، وماتَ عنهنَّ وهُنَّ أُمَّهات المؤمنين بنصِّ القرآن، ثم قد تقدَّمَ أنَّ الذنبَ يُغفر ويُعفى عنه؛ بالتوبة، وبالحسنات الماحية، وبالمصائب المكَفِّرة.
ويُقال ثالثًا: المذكورُ عن أزواجه كالمذكور عمَّن شَهِد له بالجنة من أهْل بيته وغيرهم من الصحابة، فإن عَليًّا لما خَطَبَ ابنة أبي جهْل عَلى فاطمة، وقامَ النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- خطيبًا، فقال إِنَّ بَنِي هِشَامِ بْنِ المُغِيرَةِ اسْتَأْذَنُوا فِي أَنْ يُنْكِحُوا ابْنَتَهُمْ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ، فَلاَ آذَنُ، ثُمَّ لاَ آذَنُ، ثُمَّ لاَ آذَنُ، إِلَّا أَنْ يُرِيدَ ابْنُ أَبِي طَالِبٍ أَنْ يُطَلِّقَ ابْنَتِي وَيَنْكِحَ ابْنَتَهُمْ، فَإِنَّمَا هِيَ بَضْعَةٌ مِنِّي، يُرِيبُنِي مَا أَرَابَهَا، وَيُؤْذِينِي مَا آذَاهَا» رواه البخاري.
فلا يُظنُّ بعليٍّ -رضي الله عنه- أنه ترَكَ الخِطبة في الظاهر فقط، بل ترَكَها بقلبه وتابَ بقلبه عمَّا كان طلبَه وسَعَى فيه.
والدليل على توبتهما أن آية التخيير نزلت بعد ذلك واخترن النبي صلى الله عليه وسلم .فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: لَمْ أَزَلْ حَرِيصًا عَلَى أَنْ أَسْأَلَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ المَرْأَتَيْنِ مِنْ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اللَّتَيْنِ قَالَ اللَّهُ لَهُمَا: (إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا) (التحريم: 4) فَحَجَجْتُ مَعَهُ، فَعَدَلَ وَعَدَلْتُ مَعَهُ بِالإدَاوَةِ، فَتَبَرَّزَ حَتَّى جَاءَ، فَسَكَبْتُ عَلَى يَدَيْهِ مِنَ الإِدَاوَةِ فَتَوَضَّأَ، فَقُلْتُ: يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ، مَنِ المَرْأَتَانِ مِنْ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اللَّتَانِ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لَهُمَا: (إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا) (التحريم: 4)؟ فَقَالَ: وَاعَجَبِي لَكَ يَا ابْنَ عَبَّاسٍ، عَائِشَةُ وَحَفْصَةُ، ثُمَّ اسْتَقْبَلَ عُمَرُ الحَدِيثَ يَسُوقُهُ، ....فَاعْتَزَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ الحَدِيثِ حِينَ أَفْشَتْهُ حَفْصَةُ إِلَى عَائِشَةَ، وَكَانَ قَدْ قَالَ: «مَا أَنَا بِدَاخِلٍ عَلَيْهِنَّ شَهْرًا مِنْ شِدَّةِ مَوْجِدَتِهِ عَلَيْهِنَّ، حِينَ عَاتَبَهُ اللَّهُ» فَلَمَّا مَضَتْ تِسْعٌ وَعِشْرُونَ، دَخَلَ عَلَى عَائِشَةَ، فَبَدَأَ بِهَا، فَقَالَتْ لَهُ: عَائِشَةُ إِنَّكَ أَقْسَمْتَ أَنْ لاَ تَدْخُلَ عَلَيْنَا شَهْرًا، وَإِنَّا أَصْبَحْنَا لِتِسْعٍ وَعِشْرِينَ لَيْلَةً أَعُدُّهَا عَدًّا، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الشَّهْرُ تِسْعٌ وَعِشْرُونَ»، وَكَانَ ذَلِكَ الشَّهْرُ تِسْعًا وَعِشْرِينَ، قَالَتْ عَائِشَةُ: فَأُنْزِلَتْ: آيَةُ التَّخْيِيرِ فَبَدَأَ بِي أَوَّلَ امْرَأَةٍ، فَقَالَ: «إِنِّي ذَاكِرٌ لَكِ أَمْرًا، وَلاَ عَلَيْكِ أَنْ لاَ تَعْجَلِي حَتَّى تَسْتَأْمِرِي أَبَوَيْكِ»، قَالَتْ: قَدْ أَعْلَمُ أَنَّ أَبَوَيَّ لَمْ يَكُونَا يَأْمُرَانِي بِفِرَاقِكَ، ثُمَّ قَالَ: " إِنَّ اللَّهَ قَالَ: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأزْوَاجِكَ) (الأحزاب: 28) إِلَى قَوْلِهِ (عَظِيمًا) (النساء: 27) "، قُلْتُ: أَفِي هَذَا أَسْتَأْمِرُ أَبَوَيَّ، فَإِنِّي أُرِيدُ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الآخِرَةَ، ثُمَّ خَيَّرَ نِسَاءَهُ، فَقُلْنَ مِثْلَ مَا قَالَتْ عَائِشَةُ.
وأهل السنة يقولون كما تقدم أن المرأتين اللتين تظاهرتا على رسول الله صلى الله عليه وسلم هما عائشة وحفصة رضي الله تعالى عنهما، وهذا أمر لا يخفيه أهل السنة ولا يحاولون طمسه، بل هو مدون في أصح كتاب بعد كتاب الله تعالى؛ في صحيح الإمام أبي عبدالله البخاري، وفيه شهادةٌ من أميرة المؤمنين عمر الفاروق على ابنته وعائشة بأنهما اللتان تظاهرتا على رسول الله صلى الله عليه وسلم كما تقدم.
ولكن: ما هو نوع هذا التظاهر؟ وما هو الحديث المسر؟ أهو ما زعمه الشيعة الرافضة؟ أم غير ذلك؟ وما مدى صحة مزاعم الشيعة في زوجتي رسول الله صلى الله عليه وسلم؟
إن الحديث الذي أسرَّه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بعض أزواجه هو تحريمه: لجاريته ماريا القبطية على نفسه.
وقد أسرَّ هذا الحديث إلى حفصة رضي الله عنها، وطلب منها أن لا تذكره لأحد، فأخبرت بذلك عائشة رضي الله عنها.فأطلع الله نبيه صلى الله عليه وسلم على أنها – أي حفصة – قد نبأت بذلك صاحبتها.
هذا هو سبب نزول تلك الآيات التي بنى عليها الشيعة من مزاعمهم ما بنوا، وافتروا من الإثم والبهتان ما افتروا.
وسبب النزول هذا هو المشهور عند المفسرين.
وقد ذكره الحافظ ابن حجر رضي الله عنه عند تفسيره لهذه الآيات.وذكر معه سبباً آخر؛ وهو قصة المغافير ...وقد ذكر الحافظ ابن حجر رحمه الله هذين السببين، وعقب عليهما بسوق روايات تعضد الأول منهما، ثم قال: "فيُحتمل أن تكون الآية نزلت في السببين معاً.
والسبب الثاني: وإن كان أصحّ؛ لرواية البخاري له في "صحيحه"، إلا أن الأول أشهر عند جمهور المفسّرين – كما تقدم –، ورجحه الحافظ ابن كثير وغيره.
فالحديث المُسرّ – إذاً – هو: تحريم رسول الله صلى الله عليه وسلم لجاريته مارية القبطية على نفسه، أو امتناعه عن أكل العسل عند زوجته زينب بنت جحش رضي الله عنها.
أما زعم الشيعة أن الحديث المُسر هو قوله صلى الله عليه وسلم لحفصة: إن أباك وأبا بكر يليان الخلافة بعدي أو قوله لعائشة: إن الله أطلعني أن علياً هو الوصي، وطلب مني أن أخبر الناس بذلك، ثم تآمر الأربعة على وضع السم له صلى الله عليه وسلم فزعم باطلٌ، وكلتا الروايتين باطلتان لم يقل بهما واحدٌ من المفسرين:
فالأولى: أبطلها الشيعة أنفسهم؛ انظر قول البياضي في ذلك.
والثانية: تخالف المشهور عندهم والمنسوب إلى أئمتهم، وفيها تناقضات كثيرة أيضاً؛ منها:
إخبار الله لرسوله صلى الله عليه وسلم أن علياً هو الوصي، وهذه الوصاية نصت على أن الإخبار تم إثر حجة الوداع، بينما الروايات الكثيرة الأخرى التي سود الشيعة بها صحائف كتبهم، ونسبوها إلى أئمتهم تُفيد أن هذا الإخبار تم ووقع ليلة الإسراء .
- قالوا كذبت عائشة في قولها: إني أجد منك ريح مغافير
عن عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَمْكُثُ عِنْدَ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ، وَيَشْرَبُ عِنْدَهَا عَسَلًا، فَتَوَاصَيْتُ أَنَا وَحَفْصَةُ: أَنَّ أَيَّتَنَا دَخَلَ عَلَيْهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلْتَقُلْ: إِنِّي أَجِدُ مِنْكَ رِيحَ مَغَافِيرَ، أَكَلْتَ مَغَافِيرَ، فَدَخَلَ عَلَى إِحْدَاهُمَا، فَقَالَتْ لَهُ ذَلِكَ، فَقَالَ: «لاَ، بَلْ شَرِبْتُ عَسَلًا عِنْدَ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ، وَلَنْ أَعُودَ لَهُ» فَنَزَلَتْ: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ) (التحريم: 1)- إِلَى - (إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ) (التحريم: 4) لِعَائِشَةَ وَحَفْصَةَ: (وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ) (التحريم: 3) لِقَوْلِهِ: «بَلْ شَرِبْتُ عَسَلاً».
وفي رواية عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحِبُّ الحَلْوَاءَ، وَيُحِبُّ العَسَلَ، وَكَانَ إِذَا صَلَّى العَصْرَ أَجَازَ عَلَى نِسَائِهِ فَيَدْنُو مِنْهُنَّ، فَدَخَلَ عَلَى حَفْصَةَ، فَاحْتَبَسَ عِنْدَهَا أَكْثَرَ مِمَّا كَانَ يَحْتَبِسُ، فَسَأَلْتُ عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ لِي: أَهْدَتْ لَهَا امْرَأَةٌ مِنْ قَوْمِهَا عُكَّةَ عَسَلٍ، فَسَقَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْهُ شَرْبَةً، فَقُلْتُ: أَمَا وَاللَّهِ لَنَحْتَالَنَّ لَهُ، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِسَوْدَةَ، قُلْتُ: إِذَا دَخَلَ عَلَيْكِ فَإِنَّهُ سَيَدْنُو مِنْكِ، فَقُولِي لَهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَكَلْتَ مَغَافِيرَ، فَإِنَّهُ سَيَقُولُ: لاَ، فَقُولِي لَهُ: مَا هَذِهِ الرِّيحُ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَشْتَدُّ عَلَيْهِ أَنْ يُوجَدَ مِنْهُ الرِّيحُ، فَإِنَّهُ سَيَقُولُ: سَقَتْنِي حَفْصَةُ شَرْبَةَ عَسَلٍ، فَقُولِي لَهُ: جَرَسَتْ نَحْلُهُ العُرْفُطَ، وَسَأَقُولُ ذَلِكِ: وَقُولِيهِ أَنْتِ يَا صَفِيَّةُ، فَلَمَّا دَخَلَ عَلَى سَوْدَةَ، قُلْتُ: تَقُولُ سَوْدَةُ: وَالَّذِي لاَ إِلَهَ إِلاّ هُوَ، لَقَدْ كِدْتُ أَنْ أُبَادِرَهُ بِالَّذِي قُلْتِ لِي وَإِنَّهُ لَعَلَى البَابِ، فَرَقًا مِنْكِ، فَلَمَّا دَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَكَلْتَ مَغَافِيرَ؟ قَالَ: «لاَ» قُلْتُ: فَمَا هَذِهِ الرِّيحُ؟ قَالَ: «سَقَتْنِي حَفْصَةُ شَرْبَةَ عَسَلٍ» قُلْتُ: جَرَسَتْ نَحْلُهُ العُرْفُطَ، فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيَّ قُلْتُ لَهُ مِثْلَ ذَلِكَ، وَدَخَلَ عَلَى صَفِيَّةَ فَقَالَتْ لَهُ مِثْلَ ذَلِكَ، فَلَمَّا دَخَلَ عَلَى حَفْصَةَ قَالَتْ لَهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَلاَ أَسْقِيكَ مِنْهُ؟ قَالَ: «لاَ حَاجَةَ لِي بِهِ» قَالَتْ: تَقُولُ سَوْدَةُ: سُبْحَانَ اللَّهِ، لَقَدْ حَرَمْنَاهُ، قَالَتْ: قُلْتُ لَهَا: اسْكُتِي .
يقول الرافضة: كذبت عائشة على النبي فكيف تأخذون روايات دينكم عنها والجواب: أن عائشة قالت: « لنحتالن عليه». َقَالَ بن الْمُنِيرِ إِنَّمَا سَاغَ لَهُنَّ أَنْ يَقُلْنَ أَكَلْتَ مَغَافِيرَ لِأَنَّهُنَّ أَوْرَدْنَهُ عَلَى طَرِيقِ الاسْتِفْهَامِ بِدَلِيلِ جَوَابِهِ بِقَوْلِهِ لما وَأَرَدْنَ بِذَلِكَ التَّعْرِيضَ لا صَرِيحَ الْكَذِبِ فَهَذَا وَجْهُ الِاحْتِيَالِ الَّتِي قَالَتْ عَائِشَة لتحتالن لَهُ وَلَوْ كَانَ كَذِبًا مَحْضًا لَمْ يُسَمَّ حِيلَة إِذْ لَا شُبْهَة لصَاحبه.
ولذلك بوب البخاري بابا بعنوان (باب ما يكره من احتيال المرأة مع الزوج والضرائر).
وورد فيه على هيئة السؤال (فقولي له ما هذه الريح) .
- قال الرافضة: سميت بالحميراء بسبب دم الحيض فهي على سبيل الذم لا المدح والجواب: قال ابن حجر: وَفِي رِوَايَةِ النَّسَائِيِّ مِنْ طَرِيقِ أَبِي سَلَمَةَ عَنْهَا دَخَلَ الْحَبَشَةُ يَلْعَبُونَ فَقَالَ لِي النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَا حُمَيْرَاءُ أَتُحِبِّينَ أَنْ تَنْظُرِي إِلَيْهِمْ فَقُلْتُ نَعَمْ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ وَلَمْ أَرَ فِي حَدِيثٍ صَحِيحٍ ذِكْرَ الْحُمَيْرَاءِ إِلا فِي هَذَا.
وقال الإمام الذهبي -رحمه الله-: وَكَانَتِ امْرَأَةً بَيْضَاءَ جَمِيْلَةً، وَمِنْ ثَمَّ يُقَالُ لَهَا: الحُمَيْرَاءُ .
وقال الذهبي: وَالحَمْرَاءُ فِي خِطَابِ أَهْلِ الحِجَازِ: هِيَ البَيْضَاءُ بِشُقْرَةٍ وَهَذَا نَادِرٌ فِيْهِم.
وقال الإمام أحمد: وكانت عائشة يقال: إنها شقراء بيضاء رحمها الله .
رواية: غيرة عائشة من خديجة وتنقصها لها. ورواية: ”ما أبدلني الله بخير منها“ الجواب: الحديث عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا ذَكَرَ خَدِيجَةَ أَثْنَى عَلَيْهَا، فَأَحْسَنَ الثَّنَاءَ، قَالَتْ: فَغِرْتُ يَوْمًا، فَقُلْتُ: مَا أَكْثَرَ مَا تَذْكُرُهَا حَمْرَاءَ الشِّدْقِ، قَدْ أَبْدَلَكَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ بِهَا خَيْرًا مِنْهَا، قَالَ: "مَا أَبْدَلَنِي اللهُ عَزَّ وَجَلَّ خَيْرًا مِنْهَا، قَدْ آمَنَتْ بِي إِذْ كَفَرَ بِي النَّاسُ، وَصَدَّقَتْنِي إِذْ كَذَّبَنِي النَّاسُ، وَوَاسَتْنِي بِمَالِهَا إِذْ حَرَمَنِي النَّاسُ، وَرَزَقَنِي اللهُ عَزَّ وَجَلَّ وَلَدَهَا إِذْ حَرَمَنِي أَوْلَادَ النِّسَاءِ ".
الجواب: قال ابن حجر: قَالَ الْقُرْطُبِيُّ: قِيلَ مَعْنَى حَمْرَاءِ الشِّدْقَيْنِ بَيْضَاءُ الشَّدْقَيْنِ وَالْعرب تطلق على الْأَبْيَض الْأَحْمَر كرهة اسْمِ الْبَيَاضِ لِكَوْنِهِ يُشْبِهُ الْبَرَصَ, وَلِهَذَا كَانَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول لعَائِشَة ياحميراء ثُمَّ اسْتَبْعَدَ الْقُرْطُبِيُّ هَذَا لِكَوْنِ عَائِشَةَ أَوْرَدَتْ هَذِهِ الْمَقَالَةَ مَوْرِدَ التَّنْقِيصِ؛ فَلَوْ كَانَ الْأَمْرُ كَمَا قِيلَ لَنَصَّتْ عَلَى الْبَيَاضِ لِأَنَّهُ كَانَ يَكُونُ أَبْلَغَ فِي مُرَادِهَا.قَالَ: وَالَّذِي عِنْدِي أَنَّ الْمُرَادَ بِذَلِكَ نِسْبَتُهَا إِلَى كِبَرِ السِّنّ ِلأن مَنْ دَخَلَ فِي سِنِّ الشَّيْخُوخَةِ مَعَ قُوَّةٍ فِي بَدَنِهِ يَغْلِبُ عَلَى لَوْنِهِ غَالِبًا الْحُمْرَةُ الْمَائِلَةُ إِلَى السُّمْرَةِ ...قَالَ عِيَاضٌ: قَالَ الطَّبَرِيُّ وَغَيْرُهُ مِنَ الْعُلَمَاءِ: الْغَيْرَةُ مُسَامَحٌ لِلنِّسَاءِ مَا يَقَعُ فِيهَا ولا عُقُوبَةَ عَلَيْهِنَّ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ لِمَا جُبِلْنَ عَلَيْهِ مِنْهَا وَلِهَذَا لَمْ يَزْجُرِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَائِشَةَ عَنْ ذَلِكَ وَتَعَقَّبَهُ عِيَاضٌ بِأَنَّ ذَلِكَ جَرَى مِنْ عَائِشَةَ لِصِغَرِ سِنِّهَا وَأَوَّلِ شَبِيبَتِهَا فَلَعَلَّهَا لَمْ تَكُنْ بَلَغَتْ حِينَئِذٍ .
وقال شيخ الإسلام: وهؤلاء يقولون: قوله لخديجة: ”ما أبدلني الله بخير منها“ – إن صح – معناه: ما أبدلني بخير لي منها، لأن خديجة نفعته في أول الإسلام نفعاً لم يقم غيرها فيه مقامها، فكانت خيراً له من هذا الوجه، فكونها نفعته وقت الحاجة، لكن عائشة صحبته في آخر النبوة وكمال الدين، فحصل لها من العلم والإيمان ما لم يحصل لمن لم يدرك إلا أول زمن النبوة، فكانت أفضل بهذه الزيادة، فإن الأمة انتفعت بها أكثر مما انتفعت بغيرها، وبلغت من العلم ما لم يبلغه غيرها، فخديجة كان خيرها مقصوراً على نفس النبي صلّى الله عليه وسلّم، لم تُبَلِّغ عنه شيئاً، ولم تنتفع بها الأمة كما انتفعوا بعائشة، ولا كان الدين قد كمل حتى تعلمه ويحصل لها من كمال الدين به ما حصل لمن علمه وآمن به بعد كماله، ومعلوم أن من اجتمع هَمُّه على شيء واحد كان أبلغ فيه ممن تفرَّق همُّه في أعمال متنوعة، فخديجة رضي الله تعالى عنها خير له من هذا الوجه، ولكن أنواع البر لم تنحصر في ذلك.ألا ترى أن من كان من الصحابة أعظم إيماناً وأكثر جهاداً بنفسه وماله، كحمزة وعلي وسعد بن معاذ وأسيد بن حُضير وغيرهم، هم أفضل ممن كان يخدم النبي صلّى الله عليه وسلّم وينفعه في نفسه أكثر منهم، كأبي رافع وأنس بن مالك وغيرهما.
وفي الجملة..الكلام في تفضيل عائشة وخديجة ليس هذا موضع استقصائه.لكن المقصود هنا أن أهل السُّنة مُجمعون على تعظيم عائشة ومحبتها، وأن نساءه أمهات المؤمنين اللاتي مات عنهن كانت عائشة أحبهن إليه وأعلمهن وأعظمهن حُرمة عند المسلمين .
قوله تعالى (ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ وَامْرَأَتَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ) (التحريم: 10).
يدّعي الشيعة الرافضة الاثنا عشرية أن الله عز وجل ضرب امرأة نوحٍ وامرأة لوط مثلاً لعائشة وحفصة رضي الله عنهما.ويفسرون قوله تعالى: (ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلا لِّلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَةَ نُوحٍ وَامْرَأَةَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَقِيلَ ادْخُلا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ) (التحريم: 10) بذلك.
ونسبوا هذا الزعم إلى ذي النورين؛ عثمان بن عفان رضي الله عنه؛ وأنّ عائشة وحفصة ذهبتا تطلبان ميراثهما من عثمان. |
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52561 العمر : 72
| موضوع: رد: الطاهرة المطهرة عائشة بنت الصديق رضي الله عنها الإثنين 12 أبريل 2021, 3:16 am | |
| قال الإربلي -من علمائهم-: "قالت له عائشة: أعطني ما كان يعطيني أبي وعمر. فقال: لا أجد له موضعاً في الكتاب ولا في السنة، ولكن كان أبوك وعمر يعطيانك عن طيبة أنفسهما، وأنا لا أفعل. قالت: فأعطني ميراثي من رسول الله. قال: أليس جئت فشهدت أنت ومالك بن أوس النضري أن رسول الله لا يورث، فأبطلت حق فاطمة، وجئت تطلبينه، لا أفعله. فكان إذا خرج إلى الصلاة نادت وترفع القميص وتقول: أنه قد خالف صاحب هذا القميص. فلمّا آذته صعد المنبر فقال: إنّ هذه الزعراء عدوة الله ضرب الله مثلها ومثل صاحبتها حفصة في الكتاب (امْرَأَةَ نُوحٍ وَامْرَأَةَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا) إلى قوله (وَقِيلَ ادْخُلا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ) ...) إلى آخر هذه القصة المكذوبة التي أوردها الشيعة في كتبهم، ولا توجد في كتاب معتبر من كتب أهل العلم.
والجواب: أولاً: أن هذا القول لا دليل عليه في صحيح السنة وإنما هو من كذب الرافضة وافترائهم.
ثانياً: ما يدندن حوله الرافضة من كون أن الله اخبر في كتابه عن خيانة امرأة لوط ونوح وقالوا إن ذلك كان تعريضا بعائشة وحفصة؛ فهذا كذب وتلبيس بل ضرب الله ذلك مثلا للذين كفروا.
ولو كان ذلك مثلا لأزواج النبي صلى الله عليه وسلم لما جاز له صلى الله عليه وسلم البقاء معهما وكيف يعقل أن يبقى نبي الله مع كافرة وقد حرم الله على المؤمن نكاح الكافرة والله يقول: (الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ) فلو كانت عائشة خبيثة كما هو معتقد الرافضة لزم من ذلك كون النبي خبيثا ولا يقول هذا مسلم.
وأما قولهم: أنتم تنزهون نساء النبي صلى الله عليه وسلم من الخيانة، والله يخبرنا عن خيانة زوجتي نبي الله لوط ونوح؟
قلنا: هل إخبار الله تعالى بأمر واقع يلزم منه القول بخيانة من لم تثبت خيانته, وهذا الشيء كالناصبي الذي يستدل بقصة كفر ابن نوح على كفر فاطمة رضي الله عنها, ويقول: الآية فيها التعريض لفاطمة والحسن والحسين وغير ذلك فهل يقول ذلك أحد؟
وأما القول بأنها زنت كما هو معتقد الرافضة؛ فالقول بزنى أزواج الأنبياء أذاه يتعدى إليهم لأن الرجل لما تُقذف زوجته؛ فإن ذلك أمر يتأذى به لأنه فراشه والعار عليه أعظم بخلاف الكفر؛ فلا يعود أذاه إلا على المرأة ولهذا أن تزني زوجة رجل أعظم من أن تكفر، ولهذا عصم الله نساء الأنبياء من ذلك ولم يعصمهن من الوقوع في الكفر.
قال ابن كثير: وَقَالَ عَبْدُ الرزاق أيضا أنبأنا الثوري عن ابن عُيَيْنَةَ عَنْ مُوسَى بْنِ أَبِي عَائِشَةَ عَنْ سُلَيْمَانَ بن قبة قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ سُئِلَ وَهُوَ إِلَى جنب الكعبة عن قول الله: فَخانَتاهُما قال: أما إنه لَمْ يَكُنْ بِالزِّنَا وَلَكِنْ كَانَتْ هَذِهِ تُخْبِرُ النَّاسَ أَنَّهُ مَجْنُونٌ، وَكَانَتْ هَذِهِ تَدُلُّ عَلَى الْأَضْيَافِ ثُمَّ قَرَأَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صالِحٍ.قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ وَأَخْبَرَنِي عَمَّارٌ الدُهْنِيُّ أَنَّهُ سَأَلَ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ: كَانَ ابْنُ نُوحٍ إِنَّ اللَّهَ لَا يَكْذِبُ.قَالَ تَعَالَى: وَنادى نُوحٌ ابْنَهُ قَالَ: وَقَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: مَا فَجَرَتِ امْرَأَةُ نَبِيٍّ قَطُّ.وَكَذَا رُوِيَ عَنْ مُجَاهِدٍ أَيْضًا وَعِكْرِمَةَ وَالضَّحَّاكِ وَمَيْمُونِ بْنِ مِهْرانَ وَثَابِتِ بْنِ الْحَجَّاجِ وَهُوَ اخْتِيَارُ أَبِي جَعْفَرِ بْنِ جَرِيرٍ وَهُوَ الصَّوَابُ الذي لا شك فيه .
ولهذا نزه الله أن يكون في نسب النبي صلى الله عليه وسلم سفاحا مع وجود في نسبه من كان مشركا .
تفسير الرافضة لقوله سبحانه: (من يأتي منكن بفاحشة مبينة) باحتمال وقوع الفاحشة منهن.
قال ابن كثير رحمه الله: يقول الله تَعَالَى وَاعِظًا نِسَاءَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اللَّاتِي اخْتَرْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ، وَاسْتَقَرَّ أَمْرُهُنَّ تَحْتَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم فناسب أَنْ يُخْبِرَهُنَّ بِحُكْمِهِنَّ وَتَخْصِيصِهِنَّ دُونَ سَائِرِ النِّسَاءِ بِأَنَّ مَنْ يَأْتِ مِنْهُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ.
قَالَ ابن عباس رضي الله عنهما: وَهِيَ النُّشُوزُ وَسُوءُ الْخُلُقِ، وَعَلَى كُلِّ تَقْدِيرٍ فَهُوَ شَرْطٌ، وَالشَّرْطُ لا يَقْتَضِي الْوُقُوعَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: (وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ) (الزُّمَرِ: 65) وَكَقَوْلِهِ عز وجل: (وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كانُوا يَعْمَلُونَ) (الأنْعَامِ: 88).
(قُلْ إِنْ كانَ لِلرَّحْمنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعابِدِينَ) (الزُّخْرُفِ: 81).
(لَوْ أَرادَ اللَّهُ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَداً لَاصْطَفى مِمَّا يَخْلُقُ مَا يَشاءُ سُبْحانَهُ هُوَ اللَّهُ الْواحِدُ الْقَهَّارُ) (الزُّمَرِ: 4).
فَلَمَّا كَانَتْ مَحَلَّتُهُنَّ رَفِيعَةً نَاسَبَ أَنْ يَجْعَلَ الذَّنْبَ لَوْ وَقَعَ مِنْهُنَّ مُغْلَّظًا صِيَانَةً لِجَنَابِهِنَّ وَحِجَابِهِنَّ الرفيع .
- لقد علمت أن عليا أحب إليك من أبي مرتين أو ثلاثاً عن النُّعْمَانُ بْنُ بَشِيرٍ، قَالَ: "اسْتَأْذَنَ أَبُو بَكْرٍ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَسَمِعَ صَوْتَ عَائِشَةَ عَالِيًا، وَهِيَ تَقُولُ: وَاللَّهِ لَقَدْ عَرَفْتُ أَنَّ عَلِيًّا أَحَبُّ إِلَيْكَ مِنْ أَبِي، مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَللاثًا، فَاسْتَأْذَنَ أَبُو بَكْرٍ، فَدَخَلَ، فَأَهْوَى إِلَيْهَا، فَقَالَ: يَا بِنْتَ فُلَانَةَ أَلَا أَسْمَعُكِ تَرْفَعِينَ صَوْتَكِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ".
ضعفه الألباني في ضعيف أبي داود(4999).
وليس في متنه لفظة "وَاللَّهِ لَقَدْ عَرَفْتُ أَنَّ عَلِيًّا أَحَبُّ إِلَيْكَ مِنْ أَبِي، مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلاثًا.فهي في إسناد أحمد.
وفي إسناد أبي داود يونس بن أبي إسحاق وهو ثقة, ولكن أبا داود صرح بأنه كان يرسل.
وفيه حجاج بن محمد قال الحافظ عنه في التقريب: ثقة ثبت لكنه اختلط في آخر عمره لما قدم بغداد قبل موته .
وفي إسناد أحمد عنعنة أبي إسحق وهو مدلس .
حديث " إنه سيكون بينك وبين عائشة أمر "
روى الإمام أحمد بسنده عن أبي رافع أن رسول الله قال لعلي بن أبي طالب: "إنه سيكون بينك وبين عائشة أمر". قال: أنا يا رسول الله ؟!. قال "نعم". قال: انا ؟!. قال: نعم. قال فأنا أشقاهم يا رسول الله. قال: "لا، ولكن إذا كان ذلك فارددها إلى مأمنها".
فالجواب: إن إسناده ضعيف، في إسناده الفُضَيْل بن سليمان النُّمَيري.
قال يحيى بْن مَعِين: ليس بثقة .وَقَال أَبُو زُرْعَة: لين الحديث".
ولو صح ففيه علم من أعلام النبوة؛ وفيه وصاية النبي صلى الله عليه وسلم بعائشة وفضل علي رضي الله عنه.
طلب النبي صلى الله عليه وسلم من علي أن يرفق بها فقد روى البيهقي في "دلائل النبوة"، والحاكم في المستدرك بسنديهما عن أم سلمة رضي الله عنها قالت: "ذكر النبي صلى الله عليه وسلم خروج بعض أمهات المؤمنين، وضحكت عائشة، فقال لها: "انظري يا حميراء أن لا تكوني أنت"، ثم التفت إلى علي، وقال: "يا علي إن وليت من أمرها شيئاً فارفق بها".
والجواب: إن إسناده ضعيف.في إسناده عَبْد الجبار بْن الورد الْمَكِّيّ، قال البخاري: يخالف في بعض حديثه.
وذكره ابنُ حِبَّان في كتاب "الثقات"، وَقَال: يخطئ ويهم.
وعلق عليه الحافظ ابن كثير رحمة الله بقوله: "هذا حديث غريب جداً".
وهذا الحديث لو صح فلا مطعن فيه بعائشة، بل هو من معجزاته صلى الله عليه وسلم؛ إذ غاية ما فيه الإخبار بخروج أم المؤمنين رضي الله تعالى عنها.
- مسألة إرضاع الكبير عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ عَلَيْهَا وَعِنْدَهَا رَجُلٌ، فَكَأَنَّهُ تَغَيَّرَ وَجْهُهُ، كَأَنَّهُ كَرِهَ ذَلِكَ، فَقَالَتْ: إِنَّهُ أَخِي، فَقَالَ: «انْظُرْنَ مَنْ إِخْوَانُكُنَّ، فَإِنَّمَا الرَّضَاعَةُ مِنَ المَجَاعَةِ».
عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ سَالِمًا، مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ كَانَ مَعَ أَبِي حُذَيْفَةَ وَأَهْلِهِ فِي بَيْتِهِمْ، فَأَتَتْ - تَعْنِي ابْنَةَ سُهَيْلٍ - النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ: إِنَّ سَالِمًا قَدْ بَلَغَ مَا يَبْلُغُ الرِّجَالُ.وَعَقَلَ مَا عَقَلُوا.وَإِنَّهُ يَدْخُلُ عَلَيْنَا.وَإِنِّي أَظُنُّ أَنَّ فِي نَفْسِ أَبِي حُذَيْفَةَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا.فَقَالَ لَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «أَرْضِعِيهِ تَحْرُمِي عَلَيْهِ، وَيَذْهَبِ الَّذِي فِي نَفْسِ أَبِي حُذَيْفَةَ» فَرَجَعَتْ فَقَالَتْ: إِنِّي قَدْ أَرْضَعْتُهُ.فَذَهَبَ الَّذِي فِي نَفْسِ أَبِي حُذَيْفَةَ.
وفي رواية: عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: جَاءَتْ سَهْلَةُ بِنْتُ سُهَيْلٍ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّي أَرَى فِي وَجْهِ أَبِي حُذَيْفَةَ مِنْ دُخُولِ سَالِمٍ وَهُوَ حَلِيفُهُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَرْضِعِيهِ»، قَالَتْ: وَكَيْفَ أُرْضِعُهُ؟ وَهُوَ رَجُلٌ كَبِيرٌ، فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ: «قَدْ عَلِمْتُ أَنَّهُ رَجُلٌ كَبِيرٌ»، زَادَ عَمْرٌو فِي حَدِيثِهِ: وَكَانَ قَدْ شَهِدَ بَدْرًا، وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ أَبِي عُمَرَ: فَضَحِكَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
قال ابن حجر: وَفِي بَعْضِ طُرُقِ حَدِيثِ زَيْنَبَ قَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ لِعَائِشَةَ إِنَّهُ يَدْخُلُ عَلَيْكِ الْغُلامُ الَّذِي مَا أُحِبُّ أَنْ يَدْخُلَ عَلَيَّ فَقَالَتْ أَمَا لَكِ فِيِّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُسْوَةٌ إِنَّ امْرَأَةَ أَبِي حُذَيْفَةَ فَذَكَرَتِ الْحَدِيثَ مُخْتَصَرًا وَفِي رِوَايَةِ الْغُلامِ الَّذِي قَدِ اسْتَغْنَى عَن الرضَاعَة وفيهَا فَقَالَ ارضعيه قَالَتْ إِنَّهُ ذُو لِحْيَةٍ فَقَالَ أَرْضِعِيهِ يَذْهَبْ مَا فِي وَجْهِ أَبِي حُذَيْفَةَ قَالَتْ فَوَاللَّهِ مَا عَرَفْتُهُ فِي وَجْهِ أَبِي حُذَيْفَةَ وَفِي لَفْظٍ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ أَبَى سَائِرُ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنِ يُدْخِلْنَ عَلَيْهِنَّ أَحَدًا بِتِلْكَ الرَّضَاعَةِ وَقُلْنَ لِعَائِشَةَ وَاللَّهِ مَا نَرَى هَذَا إِلَّا رُخْصَةً لِسَالِمٍ فَمَا هُوَ بِدَاخِلٍ عَلَيْنَا أَحَدٌ بِهَذِهِ الرَّضَاعَةِ ولا رائينا .
والجواب: 1- مسألة رضاع الكبير من المسائل التي اختلف فيها العلماء تبعا لاختلاف الصحابة؛ قال الصنعاني: وَقَدْ اخْتَلَفَ السَّلَفُ فِي هَذَا الْحُكْمِ فَذَهَبَتْ عَائِشَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - إلَى ثُبُوتِ حُكْمِ التَّحْرِيمِ، وَإِنْ كَانَ الرَّاضِعُ بَالِغًا عَاقِلًا قَالَ عُرْوَةُ: إنَّ عَائِشَةَ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ أَخَذَتْ بِهَذَا الْحَدِيثِ فَكَانَتْ تَأْمُرُ أُخْتَهَا أُمَّ كُلْثُومٍ وَبَنَاتِ أَخِيهَا يُرْضِعْنَ مَنْ أَحَبَّتْ أَنْ يَدْخُلَ عَلَيْهَا مِنْ الرِّجَالِ.
رَوَاهُ مَالِكٌ ..، وَهُوَ قَوْلُ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ وَأَبِي مُحَمَّدِ بْنِ حَزْمٍ ..وَحُجَّتُهُمْ حَدِيثُ سَهْلَةَ هَذَا، وَهُوَ حَدِيثٌ صَحِيحٌ لَا شَكَّ فِي صِحَّتِهِ وَيَدُلُّ لَهُ أَيْضًا قَوْله تَعَالَى: (وَأُمَّهَاتُكُمُ اللاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ) (النساء: 23)، فَإِنَّهُ مُطْلَقٌ غَيْرُ مُقَيَّدٍ بِوَقْتٍ.
وَذَهَبَ الْجُمْهُورُ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَالْفُقَهَاءِ إلَى أَنَّهُ لَا يُحَرِّمُ مِنْ الرَّضَاعِ إلا مَا كَانَ فِي الصِّغَرِ، وَإِنَّمَا اخْتَلَفُوا فِي تَحْدِيدِ الصِّغَرِ فَالْجُمْهُورُ قَالُوا: مَهْمَا كَانَ فِي الْحَوْلَيْنِ، فَإِنَّ رَضَاعَهُ يُحَرِّمُ، وَلا يُحَرِّمُ مَا كَانَ بَعْدَهُمَا مُسْتَدِلِّينَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: (حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ) (البقرة: 233)، ...
وَفِي الْمَسْأَلَةِ أَقْوَالٌ أُخَرُ عَارِيَّةٌ عَنْ الاستدلال، فلا نُطِيلُ بِهَا الْمَقَالَ وَاسْتَدَلَّ الْجُمْهُورُ بِحَدِيثِ: «إنَّمَا الرَّضَاعَةُ مِنْ الْمَجَاعَةِ» وَتَقَدَّمَ، فَإِنَّهُ لَا يَصْدُقُ ذَلِكَ إلَّا عَلَى مَنْ يُشْبِعُهُ اللَّبَنُ وَيَكُونُ غِذَاءَهُ لَا غَيْرَهُ، فَلا يَدْخُلُ الْكَبِيرُ سِيَّمَا وَقَدْ وَرَدَ بِصِيغَةِ الْحَصْرِ.
وَأَجَابُوا عَنْ حَدِيثِ سَالِمٍ بِأَنَّهُ خَاصٌّ بِقِصَّةِ سَهْلَةَ، فَلَا يَتَعَدَّى حُكْمُهُ إلَى غَيْرِهَا كَمَا يَدُلُّ لَهُ قَوْلُ أُمِّ سَلَمَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ لِعَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - "لا نَرَى هَذَا إلَّا خَاصًّا بِسَالِمٍ، ولا نَدْرِي لَعَلَّهُ رُخْصَةٌ لِسَالِمٍ".أَوْ أَنَّهُ مَنْسُوخٌ.
وَأَجَابَ الْقَائِلُونَ بِتَحْرِيمِ رَضَاعِ الْكَبِيرِ بِأَنَّ الآيَةَ وَحَدِيثَ: «إنَّمَا الرَّضَاعَةُ مِنْ الْمَجَاعَةِ»؛ وَارِدَانِ لِبَيَانِ الرَّضَاعَةِ الْمُوجِبَةِ لِلنَّفَقَةِ لِلْمُرْضِعَةِ وَاَلَّتِي يُجْبَرُ عَلَيْهَا الْأَبَوَانِ رَضِيَا أَمْ كَرِهَا كَمَا يُرْشِدُ إلَيْهِ آخِرُ الْآيَةِ، وَهُوَ قَوْله تَعَالَى: (وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ) (البقرة: 233)، وَعَائِشَةُ هِيَ الرَّاوِيَةُ لِحَدِيثِ «إنَّمَا الرَّضَاعَةُ مِنْ الْمَجَاعَةِ» وَهِيَ الَّتِي قَالَتْ بِرَضَاعِ الْكَبِيرِ، وَأَنَّهُ يُحَرِّمُ فَدَلَّ أَنَّهَا فَهِمَتْ مَا ذَكَرْنَاهُ فِي مَعْنَى الْآيَةِ وَالْحَدِيثِ.
وَأَمَّا قَوْلُ أُمِّ سَلَمَةَ إنَّهُ خَاصٌّ بِسَالِمٍ فَذَلِكَ تَظَنُّنٌ مِنْهَا، وَقَدْ أَجَابَتْ عَلَيْهَا عَائِشَةُ، فَقَالَتْ: أَمَا لَك فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فَسَكَتَتْ أُمُّ سَلَمَةَ، وَلَوْ كَانَ خَاصًّا لَبَيَّنَهُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَمَا بَيَّنَ اخْتِصَاصَ أَبِي بُرْدَةَ بِالتَّضْحِيَةِ بِالْجَذَعَةِ مِنْ الْمَعْزِ.
وَالْقَوْلُ بِالنَّسْخِ يَدْفَعُهُ أَنَّ قِصَّةَ سَهْلَةَ مُتَأَخِّرَةٌ عَنْ نُزُولِ آيَةِ الْحَوْلَيْنِ، فَإِنَّهَا «قَالَتْ سَهْلَةُ لِرَسُولِ اللَّهِ -صلَّى الله عليه وسلَّم- كَيْفَ أُرْضِعُهُ وَهُوَ رَجُلٌ كَبِيرٌ»، فَإِنَّ هَذَا السُّؤَالَ مِنْهَا اسْتِنْكَارٌ لِرَضَاعِ الْكَبِيرِ دَالٌّ عَلَى أَنَّ التَّحْلِيلَ بَعْدَ اعْتِقَادِ التَّحْرِيمِ.
(قُلْت) - الصنعاني -: ولا يَخْفَى أَنَّ الرَّضَاعَةَ لُغَةً إنَّمَا تَصْدُقُ عَلَى مَنْ كَانَ فِي سِنِّ الصِّغَرِ وَعَلَى اللُّغَةِ وَرَدَتْ آيَةُ الْحَوْلَيْنِ وَحَدِيثُ إنَّمَا الرَّضَاعَةُ مِنْ الْمَجَاعَةِ وَالْقَوْلُ بِأَنَّ الْآيَةَ لِبَيَانِ الرَّضَاعَةِ الْمُوجِبَةِ لِلنَّفَقَةِ لا يُنَافِي أَيْضًا أَنَّهَا لِبَيَانِ زَمَانِ الرَّضَاعَةِ بَلْ جَعَلَهُ اللَّهُ تَعَالَى زَمَانَ مَنْ أَرَادَ تَمَامَ الرَّضَاعَةِ وَلَيْسَ بَعْدَ التَّمَامِ مَا يَدْخُلُ فِي حُكْمِ مَا حَكَمَ الشَّارِعُ بِأَنَّهُ قَدْ تَمَّ وَالْأَحْسَنُ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ حَدِيثِ سَهْلَةَ وَمَا عَارَضَهُ: كَلَامُ ابْنِ تَيْمِيَّةَ، فَإِنَّهُ قَالَ: إنَّهُ يُعْتَبَرُ الصِّغَرُ فِي الرَّضَاعَةِ إلا إذَا دَعَتْ إلَيْهِ الْحَاجَةُ كَرَضَاعِ الْكَبِيرِ الَّذِي لا يَسْتَغْنِي عَنْ دُخُولِهِ عَلَى الْمَرْأَةِ وَشَقَّ احْتِجَابُهَا عَنْهُ كَحَالِ سَالِمٍ مَعَ امْرَأَةِ أَبِي حُذَيْفَةَ فَمِثْلُ هَذَا الْكَبِيرِ إذَا أَرْضَعَتْهُ لِلْحَاجَةِ أَثَّرَ رَضَاعُهُ.
وَأَمَّا مَنْ عَدَاهُ، فَلَا بُدَّ مِنْ الصِّغَرِ انْتَهَى.
فَإِنَّهُ جَمْعٌ بَيْنَ الْأَحَادِيثِ حَسَنٌ وَإِعْمَالٌ لَهَا مِنْ غَيْرِ مُخَالَفَةٍ لِظَاهِرِهَا بِاخْتِصَاصٍ، وَلَا نَسْخٍ، وَلَا إلْغَاءٍ لِمَا اعْتَبَرَتْهُ اللُّغَةُ وَدَلَّتْ لَهُ الأحَادِيثُ .
وقال ابن القيم: فَأَخَذَتْ طَائِفَةٌ مِنْ السَّلَفِ بِهَذِهِ الْفَتْوَى مِنْهُمْ عَائِشَةُ، وَلَمْ يَأْخُذْ بِهَا أَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَقَدَّمُوا عَلَيْهَا أَحَادِيثَ تَوْقِيتِ الرَّضَاعِ الْمُحَرَّمِ بِمَا قَبْلَ الْفِطَامِ وَبِالصِّغَرِ وَبِالْحَوْلَيْنِ لِوُجُوهٍ؛ أَحَدُهَا: كَثْرَتُهَا وَانْفِرَادُ حَدِيثِ سَالِمٍ .
الثَّانِي: أَنَّ جَمِيعَ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ -صلَّى الله عليه وسلَّم- خَلَا عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُنَّ - فِي شِقِّ الْمَنْعِ.
الثَّالِثُ: أَنَّهُ أَحْوَطُ.
الرَّابِعُ: أَنَّ رَضَاعَ الْكَبِيرِ لَا يُنْبِتُ لَحْمًا وَلَا يَنْشُرُ عَظْمًا، فَلَا تَحْصُلُ بِهِ الْبَعْضِيَّةُ الَّتِي هِيَ سَبَبُ التَّحْرِيمِ.
الْخَامِسُ: أَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنَّ هَذَا كَانَ مُخْتَصًّا بِسَالِمٍ وَحْدَهُ، وَلِهَذَا لَمْ يَجِئْ ذَلِكَ إلَّا فِي قِصَّتِهِ.
السَّادِسُ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلَّى الله عليه وسلَّم- دَخَلَ عَلَى عَائِشَةَ وَعِنْدَهَا رَجُلٌ قَاعِدٌ، فَاشْتَدَّ ذَلِكَ عَلَيْهِ وَغَضِبَ، فَقَالَتْ: إنَّهُ أَخِي مِنْ الرَّضَاعَةِ، فَقَالَ اُنْظُرْنَ مَنْ إخْوَانُكُنَّ مِنْ الرَّضَاعَةِ، فَإِنَّمَا الرَّضَاعَةُ مِنْ الْمَجَاعَةِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَاللَّفْظُ لِمُسْلِمٍ، وَفِي قِصَّةِ سَالِمٍ مَسْلَكٌ آخَرُ، وَهُوَ أَنَّ هَذَا كَانَ مَوْضِعَ حَاجَةٍ؛ فَإِنَّ سَالِمًا كَانَ قَدْ تَبَنَّاهُ أَبُو حُذَيْفَةَ وَرَبَّاهُ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ مِنْهُ وَمِنْ الدُّخُولِ عَلَى أَهْلِهِ بُدٌّ، فَإِذَا دَعَتْ الْحَاجَةُ إلَى مِثْلِ ذَلِكَ فَالْقَوْلُ بِهِ مِمَّا يَسُوغُ فِيهِ الاجْتِهَادُ، وَلَعَلَّ هَذَا الْمَسْلَكَ أَقْوَى الْمَسَالِكِ، وَإِلَيْهِ كَانَ شَيْخُنَا يَجْنَحُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
2- وأما كيفية الإرضاع في مثل حال سالم فعن طريق الحلب في إناء كما ذكر العلماء.
قال ابن عبد البر: هَكَذَا رَضَاعُ الْكَبِيرِ كَمَا ذَكَرَ عَطَاءٌ يُحْلَبُ لَهُ اللَّبَنُ وَيَسْقَاهُ .
وَأَمَّا أَنْ تُلْقِمَهُ الْمَرْأَةُ ثَدْيَهَا كَمَا تَصْنَعُ بِالطِّفْلِ فلا، لأن ذَلِكَ لا يَنْبَغِي عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ.
زواج عائشة في سن صغيرة: الجواب: أولاً: جاءت الأحاديث الصحيحة بأنَّ النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- عقَدَ على عائشة -رضي الله عنها- وهي بنت ستِّ سنين، ودخَلَ بها وهي بنت تسعِ سنين، ومن ذلك: عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: «تَزَوَّجَنِي النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا بِنْتُ سِتِّ سِنِينَ، فَقَدِمْنَا المَدِينَةَ فَنَزَلْنَا فِي بَنِي الحَارِثِ بْنِ خَزْرَجٍ، فَوُعِكْتُ فَتَمَرَّقَ شَعَرِي، فَوَفَى جُمَيْمَةً فَأَتَتْنِي أُمِّي أُمُّ رُومَانَ، وَإِنِّي لَفِي أُرْجُوحَةٍ، وَمَعِي صَوَاحِبُ لِي، فَصَرَخَتْ بِي فَأَتَيْتُهَا، لاَ أَدْرِي مَا تُرِيدُ بِي فَأَخَذَتْ بِيَدِي حَتَّى أَوْقَفَتْنِي عَلَى بَابِ الدَّارِ، وَإِنِّي لأنْهِجُ حَتَّى سَكَنَ بَعْضُ نَفَسِي، ثُمَّ أَخَذَتْ شَيْئًا مِنْ مَاءٍ فَمَسَحَتْ بِهِ وَجْهِي وَرَأْسِي، ثُمَّ أَدْخَلَتْنِي الدَّارَ، فَإِذَا نِسْوَةٌ مِنَ الأَنْصَارِ فِي البَيْتِ، فَقُلْنَ عَلَى الخَيْرِ وَالبَرَكَةِ، وَعَلَى خَيْرِ طَائِرٍ، فَأَسْلَمَتْنِي إِلَيْهِنَ. |
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52561 العمر : 72
| موضوع: رد: الطاهرة المطهرة عائشة بنت الصديق رضي الله عنها الإثنين 12 أبريل 2021, 3:18 am | |
| عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: «تَزَوَّجَنِي النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا بِنْتُ سِتِّ سِنِينَ، فَقَدِمْنَا المَدِينَةَ فَنَزَلْنَا فِي بَنِي الحَارِثِ بْنِ خَزْرَجٍ، فَوُعِكْتُ فَتَمَرَّقَ شَعَرِي، فَوَفَى جُمَيْمَةً فَأَتَتْنِي أُمِّي أُمُّ رُومَانَ، وَإِنِّي لَفِي أُرْجُوحَةٍ، وَمَعِي صَوَاحِبُ لِي، فَصَرَخَتْ بِي فَأَتَيْتُهَا، لاَ أَدْرِي مَا تُرِيدُ بِي فَأَخَذَتْ بِيَدِي حَتَّى أَوْقَفَتْنِي عَلَى بَابِ الدَّارِ، وَإِنِّي لأنْهِجُ حَتَّى سَكَنَ بَعْضُ نَفَسِي، ثُمَّ أَخَذَتْ شَيْئًا مِنْ مَاءٍ فَمَسَحَتْ بِهِ وَجْهِي وَرَأْسِي، ثُمَّ أَدْخَلَتْنِي الدَّارَ، فَإِذَا نِسْوَةٌ مِنَ الأَنْصَارِ فِي البَيْتِ، فَقُلْنَ عَلَى الخَيْرِ وَالبَرَكَةِ، وَعَلَى خَيْرِ طَائِرٍ، فَأَسْلَمَتْنِي إِلَيْهِنَّ، فَأَصْلَحْنَ مِنْ شَأْنِي، فَلَمْ يَرُعْنِي إِلا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضُحًى، فَأَسْلَمَتْنِي إِلَيْهِ، وَأَنَا يَوْمَئِذٍ بِنْتُ تِسْعِ سِنِينَ».
وعَنْ عَائِشَةَ، «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَزَوَّجَهَا وَهِيَ بِنْتُ سَبْعِ سِنِينَ، وَزُفَّتْ إِلَيْهِ وَهِيَ بِنْتُ تِسْعِ سِنِينَ، وَلُعَبُهَا مَعَهَا، وَمَاتَ عَنْهَا وَهِيَ بِنْتُ ثَمَانَ عَشْرَةَ».
وعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: كُنْتُ أَلْعَبُ بِالْبَنَاتِ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَانَ لِي صَوَاحِبُ يَلْعَبْنَ مَعِي، «فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا دَخَلَ يَتَقَمَّعْنَ مِنْهُ، فَيُسَرِّبُهُنَّ إِلَيَّ فَيَلْعَبْنَ مَعِي».
وعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ غَزْوَةِ تَبُوكَ، أَوْ خَيْبَرَ وَفِي سَهْوَتِهَا سِتْرٌ، فَهَبَّتْ رِيحٌ فَكَشَفَتْ نَاحِيَةَ السِّتْرِ عَنْ بَنَاتٍ لِعَائِشَةَ لُعَبٍ، فَقَالَ: «مَا هَذَا يَا عَائِشَةُ؟» قَالَتْ: بَنَاتِي، وَرَأَى بَيْنَهُنَّ فَرَسًا لَهُ جَنَاحَانِ مِنْ رِقَاعٍ، فَقَالَ: «مَا هَذَا الَّذِي أَرَى وَسْطَهُنَّ؟» قَالَتْ: فَرَسٌ، قَالَ: «وَمَا هَذَا الَّذِي عَلَيْهِ؟» قَالَتْ: جَنَاحَانِ، قَالَ: «فَرَسٌ لَهُ جَنَاحَانِ؟» قَالَتْ: أَمَا سَمِعْتَ أَنَّ لِسُلَيْمَانَ خَيْلًا لَهَا أَجْنِحَةٌ؟ قَالَتْ: فَضَحِكَ حَتَّى رَأَيْتُ نَوَاجِذَهُ.
وقال ابن كثير: وَقَوْلُهُ تَزَوَّجَهَا وَهِيَ ابْنَةُ سِتِّ سنين وبنى بها وهي ابنة تسع مالا خِلافَ فِيهِ بَيْنَ النَّاسِ -وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصِّحَاحِ وَغَيْرِهَا- وَكَانَ بِنَاؤُهُ بِهَا عَلَيْهِ السّلامُ فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ مِنَ الْهِجْرَةِ إِلَى الْمَدِينَةِ.
ثانياً: زواج النبي صلى الله عليه وسلم من عائشة رضي الله عنها كان باقتراح من خولة بنت حكيم لرسول صلى الله عليه وسلم.
ثالثاً: أنّ عائشة رضي الله عنها كانت قبل ذلك تذكر –مخطوبة- لجبير بن المطعم بن عدي، فهي ناضجة من حيث الأنوثة مكتملة بدليل خطبتها قبل حديث خولة.
رابعاً: أنّ قريش التي كانت تتربّص بالرسول صلى الله عليه وسلم الدوائر لتأليب الناس عليه من فجوة أو هفوة أو زلّة، لم تُدهش حين أُعلن نبأ المصاهرة بين أعزّ صاحبين وأوفى صديقين، بل استقبلته كما تستقبل أيّ أمر طبيعي.
خامسا: أن زواج النبي صلى الله عليه وسلم كان بتوقيف من الله.قَالَتْ عَائِشَةُ: "مَا تَزَوَّجَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى أَتَاهُ جِبْرِيلُ بِصُورَتِي وَقَالَ: هَذِهِ زَوْجَتُكَ، وَتَزَوَّجَنِي وَإِنِّي لَجَارِيَةٌ عَلَيَّ حَوْفٌ، فَلَمَّا تَزَوَّجَنِي أَلْقَى اللَّهُ عَلَيَّ حَيَاءً وَأَنَا صَغِيرَةٌ".قَالَ سُفْيَانُ: قَالَ الزُّهْرِيُّ: «الْحَوْفُ سُيُورٌ تَكُونُ فِي وَسَطِهَا».
هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحُ الإسْنَادِ وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ".
سادساً: أما مسألة صِغَر سنِّها -رضي الله عنها-، فاعْلم أنَّ النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- نشأ في بلاد حارَّة -وهي أرض الجزيرة- وغالبُ البلاد الحارَّة يكون فيها البلوغ مُبكِّرًا، فالنساء يَخْتَلِفْنَ؛ من حيث البِنْيَة والاستعداد الجِسْمي لهذا الأمر، وبينهُنَّ تفاوتٌ كبيرٌ في ذلك.
ولقد أدرك ذلك المستشرق بودلي عندما زار الجزيرة العربية فعاد من زيارته يقول: "كانت عائشة على صغر سنها نامية ذلك النمو السريع الذي تنموه نساء العرب.ومثل هذا الزواج مازال عادة آسيوية، وشرق أوروبية وكذلك كان طبيعياً في إسبانيا والبرتغال حتى سنين قليلة".
ثم قال المؤرخ المنصف بودلي بعد ذلك: "منذ وطئت قدمها بيت محمد، كان الجميع يحسون وجودها. ولو أن هناك شابة عرفت ماهي مقبلة عليه، لكانت عائشة بنت أبي بكر..".
حادثة الإفك والآثار الإيجابية القديمة والمعاصرة عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، وَسَعِيدُ بْنُ المُسَيِّبِ، وَعَلْقَمَةُ بْنُ وَقَّاصٍ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حِينَ قَالَ لَهَا: أَهْلُ الإِفْكِ مَا قَالُوا، وَكُلُّهُمْ حَدَّثَنِي طَائِفَةً مِنْ حَدِيثِهَا، وَبَعْضُهُمْ كَانَ أَوْعَى لِحَدِيثِهَا مِنْ بَعْضٍ، وَأَثْبَتَ لَهُ اقْتِصَاصًا، وَقَدْ وَعَيْتُ عَنْ كُلِّ رَجُلٍ مِنْهُمُ الحَدِيثَ الَّذِي حَدَّثَنِي عَنْ عَائِشَةَ، وَبَعْضُ حَدِيثِهِمْ يُصَدِّقُ بَعْضًا، وَإِنْ كَانَ بَعْضُهُمْ أَوْعَى لَهُ مِنْ بَعْضٍ، قَالُوا: قَالَتْ عَائِشَةُ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَرَادَ سَفَرًا أَقْرَعَ بَيْنَ أَزْوَاجِهِ، فَأَيُّهُنَّ خَرَجَ سَهْمُهَا خَرَجَ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَهُ، قَالَتْ عَائِشَةُ: فَأَقْرَعَ بَيْنَنَا فِي غَزْوَةٍ غَزَاهَا فَخَرَجَ فِيهَا سَهْمِي، فَخَرَجْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ مَا أُنْزِلَ الحِجَابُ، فَكُنْتُ أُحْمَلُ فِي هَوْدَجِي وَأُنْزَلُ فِيهِ، فَسِرْنَا حَتَّى إِذَا فَرَغَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ غَزْوَتِهِ تِلْكَ وَقَفَلَ، دَنَوْنَا مِنَ المَدِينَةِ قَافِلِينَ، آذَنَ لَيْلَةً بِالرَّحِيلِ، فَقُمْتُ حِينَ آذَنُوا بِالرَّحِيلِ، فَمَشَيْتُ حَتَّى جَاوَزْتُ الجَيْشَ، فَلَمَّا قَضَيْتُ شَأْنِي أَقْبَلْتُ إِلَى رَحْلِي، فَلَمَسْتُ صَدْرِي، فَإِذَا عِقْدٌ لِي مِنْ جَزْعِ ظَفَارِ قَدِ انْقَطَعَ، فَرَجَعْتُ فَالْتَمَسْتُ عِقْدِي فَحَبَسَنِي ابْتِغَاؤُهُ، قَالَتْ: وَأَقْبَلَ الرَّهْطُ الَّذِينَ كَانُوا يُرَحِّلُونِي، فَاحْتَمَلُوا هَوْدَجِي فَرَحَلُوهُ عَلَى بَعِيرِي الَّذِي كُنْتُ أَرْكَبُ عَلَيْهِ، وَهُمْ يَحْسِبُونَ أَنِّي فِيهِ، وَكَانَ النِّسَاءُ إِذْ ذَاكَ خِفَافًا لَمْ يَهْبُلْنَ، وَلَمْ يَغْشَهُنَّ اللَّحْمُ، إِنَّمَا يَأْكُلْنَ العُلْقَةَ مِنَ الطَّعَامِ، فَلَمْ يَسْتَنْكِرِ القَوْمُ خِفَّةَ الهَوْدَجِ حِينَ رَفَعُوهُ وَحَمَلُوهُ، وَكُنْتُ جَارِيَةً حَدِيثَةَ السِّنِّ، فَبَعَثُوا الجَمَلَ فَسَارُوا، وَوَجَدْتُ عِقْدِي بَعْدَ مَا اسْتَمَرَّ الجَيْشُ، فَجِئْتُ مَنَازِلَهُمْ وَلَيْسَ بِهَا مِنْهُمْ دَاعٍ وَلاَ مُجِيبٌ، فَتَيَمَّمْتُ مَنْزِلِي الَّذِي كُنْتُ بِهِ، وَظَنَنْتُ أَنَّهُمْ سَيَفْقِدُونِي فَيَرْجِعُونَ إِلَيَّ، فَبَيْنَا أَنَا جَالِسَةٌ فِي مَنْزِلِي، غَلَبَتْنِي عَيْنِي فَنِمْتُ، وَكَانَ صَفْوَانُ بْنُ المُعَطَّلِ السُّلَمِيُّ ثُمَّ الذَّكْوَانِيُّ مِنْ وَرَاءِ الجَيْشِ، فَأَصْبَحَ عِنْدَ مَنْزِلِي، فَرَأَى سَوَادَ إِنْسَانٍ نَائِمٍ فَعَرَفَنِي حِينَ رَآنِي، وَكَانَ رَآنِي قَبْلَ الحِجَابِ، فَاسْتَيْقَظْتُ بِاسْتِرْجَاعِهِ حِينَ عَرَفَنِي، فَخَمَّرْتُ وَجْهِي بِجِلْبَابِي، وَوَاللَّهِ مَا تَكَلَّمْنَا بِكَلِمَةٍ، وَلاَ سَمِعْتُ مِنْهُ كَلِمَةً غَيْرَ اسْتِرْجَاعِهِ، وَهَوَى حَتَّى أَنَاخَ رَاحِلَتَهُ، فَوَطِئَ عَلَى يَدِهَا، فَقُمْتُ إِلَيْهَا فَرَكِبْتُهَا، فَانْطَلَقَ يَقُودُ بِي الرَّاحِلَةَ حَتَّى أَتَيْنَا الجَيْشَ مُوغِرِينَ فِي نَحْرِ الظَّهِيرَةِ وَهُمْ نُزُولٌ، قَالَتْ: فَهَلَكَ مَنْ هَلَكَ، وَكَانَ الَّذِي تَوَلَّى كِبْرَ الإِفْكِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ ابْنُ سَلُولَ، قَالَ عُرْوَةُ: أُخْبِرْتُ أَنَّهُ كَانَ يُشَاعُ وَيُتَحَدَّثُ بِهِ عِنْدَهُ، فَيُقِرُّهُ وَيَسْتَمِعُهُ وَيَسْتَوْشِيهِ، وَقَالَ عُرْوَةُ أَيْضًا: لَمْ يُسَمَّ مِنْ أَهْلِ الإِفْكِ أَيْضًا إِلَّا حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ، وَمِسْطَحُ بْنُ أُثَاثَةَ، وَحَمْنَةُ بِنْتُ جَحْشٍ، فِي نَاسٍ آخَرِينَ لاَ عِلْمَ لِي بِهِمْ، غَيْرَ أَنَّهُمْ عُصْبَةٌ، كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى، وَإِنَّ كِبْرَ ذَلِكَ يُقَالُ لَهُ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ ابْنُ سَلُولَ، قَالَ عُرْوَةُ: كَانَتْ عَائِشَةُ تَكْرَهُ أَنْ يُسَبَّ عِنْدَهَا حَسَّانُ، وَتَقُولُ: إِنَّهُ الَّذِي قَالَ: فَإِنَّ أَبِي وَوَالِدَهُ وَعِرْضِي لِعِرْضِ مُحَمَّدٍ مِنْكُمْ وِقَاءُ.
قَالَتْ عَائِشَةُ: فَقَدِمْنَا المَدِينَةَ، فَاشْتَكَيْتُ حِينَ قَدِمْتُ شَهْرًا، وَالنَّاسُ يُفِيضُونَ فِي قَوْلِ أَصْحَابِ الإِفْكِ، لاَ أَشْعُرُ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، وَهُوَ يَرِيبُنِي فِي وَجَعِي أَنِّي لاَ أَعْرِفُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اللُّطْفَ الَّذِي كُنْتُ أَرَى مِنْهُ حِينَ أَشْتَكِي، إِنَّمَا يَدْخُلُ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيُسَلِّمُ، ثُمَّ يَقُولُ: «كَيْفَ تِيكُمْ»، ثُمَّ يَنْصَرِفُ، فَذَلِكَ يَرِيبُنِي وَلاَ أَشْعُرُ بِالشَّرِّ، حَتَّى خَرَجْتُ حِينَ نَقَهْتُ، فَخَرَجْتُ مَعَ أُمِّ مِسْطَحٍ قِبَلَ المَنَاصِعِ، وَكَانَ مُتَبَرَّزَنَا، وَكُنَّا لاَ نَخْرُجُ إِلَّا لَيْلًا إِلَى لَيْلٍ، وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ نَتَّخِذَ الكُنُفَ قَرِيبًا مِنْ بُيُوتِنَا، قَالَتْ: وَأَمْرُنَا أَمْرُ العَرَبِ الأُوَلِ فِي البَرِّيَّةِ قِبَلَ الغَائِطِ، وَكُنَّا نَتَأَذَّى بِالكُنُفِ أَنْ نَتَّخِذَهَا عِنْدَ بُيُوتِنَا، قَالَتْ: فَانْطَلَقْتُ أَنَا وَأُمُّ مِسْطَحٍ، وَهِيَ ابْنَةُ أَبِي رُهْمِ بْنِ المُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ، وَأُمُّهَا بِنْتُ صَخْرِ بْنِ عَامِرٍ، خَالَةُ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ، وَابْنُهَا مِسْطَحُ بْنُ أُثَاثَةَ بْنِ عَبَّادِ بْنِ المُطَّلِبِ، فَأَقْبَلْتُ أَنَا وَأُمُّ مِسْطَحٍ قِبَلَ بَيْتِي حِينَ فَرَغْنَا مِنْ شَأْنِنَا، فَعَثَرَتْ أُمُّ مِسْطَحٍ فِي مِرْطِهَا فَقَالَتْ: تَعِسَ مِسْطَحٌ، فَقُلْتُ لَهَا: بِئْسَ مَا قُلْتِ، أَتَسُبِّينَ رَجُلًا شَهِدَ بَدْرًا؟ فَقَالَتْ: أَيْ هَنْتَاهْ وَلَمْ تَسْمَعِي مَا قَالَ؟ قَالَتْ: وَقُلْتُ: مَا قَالَ؟ فَأَخْبَرَتْنِي بِقَوْلِ أَهْلِ الإِفْكِ، قَالَتْ: فَازْدَدْتُ مَرَضًا عَلَى مَرَضِي، فَلَمَّا رَجَعْتُ إِلَى بَيْتِي دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَلَّمَ، ثُمَّ قَالَ: «كَيْفَ تِيكُمْ»، فَقُلْتُ لَهُ: أَتَأْذَنُ لِي أَنْ آتِيَ أَبَوَيَّ؟ قَالَتْ: وَأُرِيدُ أَنْ أَسْتَيْقِنَ الخَبَرَ مِنْ قِبَلِهِمَا، قَالَتْ: فَأَذِنَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقُلْتُ لِأُمِّي: يَا أُمَّتَاهُ، مَاذَا يَتَحَدَّثُ النَّاسُ؟ قَالَتْ: يَا بُنَيَّةُ، هَوِّنِي عَلَيْكِ، فَوَاللَّهِ لَقَلَّمَا كَانَتِ امْرَأَةٌ قَطُّ وَضِيئَةً عِنْدَ رَجُلٍ يُحِبُّهَا، لَهَا ضَرَائِرُ، إِلا كَثَّرْنَ عَلَيْهَا، قَالَتْ: فَقُلْتُ: سُبْحَانَ اللَّهِ، أَوَلَقَدْ تَحَدَّثَ النَّاسُ بِهَذَا؟ قَالَتْ: فَبَكَيْتُ تِلْكَ اللَّيْلَةَ حَتَّى أَصْبَحْتُ لاَ يَرْقَأُ لِي دَمْعٌ وَلاَ أَكْتَحِلُ بِنَوْمٍ، ثُمَّ أَصْبَحْتُ أَبْكِي، قَالَتْ: وَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ وَأُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ حِينَ اسْتَلْبَثَ الوَحْيُ، يَسْأَلُهُمَا وَيَسْتَشِيرُهُمَا فِي فِرَاقِ أَهْلِهِ، قَالَتْ: فَأَمَّا أُسَامَةُ فَأَشَارَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالَّذِي يَعْلَمُ مِنْ بَرَاءَةِ أَهْلِهِ، وَبِالَّذِي يَعْلَمُ لَهُمْ فِي نَفْسِهِ، فَقَالَ أُسَامَةُ: أَهْلَكَ، وَلاَ نَعْلَمُ إِلا خَيْرًا، وَأَمَّا عَلِيٌّ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَمْ يُضَيِّقِ اللَّهُ عَلَيْكَ، وَالنِّسَاءُ سِوَاهَا كَثِيرٌ، وَسَلِ الجَارِيَةَ تَصْدُقْكَ، قَالَتْ: فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَرِيرَةَ، فَقَالَ: «أَيْ بَرِيرَةُ، هَلْ رَأَيْتِ مِنْ شَيْءٍ يَرِيبُكِ؟» .قَالَتْ لَهُ بَرِيرَةُ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالحَقِّ، مَا رَأَيْتُ عَلَيْهَا أَمْرًا قَطُّ أَغْمِصُهُ غَيْرَ أَنَّهَا جَارِيَةٌ حَدِيثَةُ السِّنِّ، تَنَامُ عَنْ عَجِينِ أَهْلِهَا، فَتَأْتِي الدَّاجِنُ فَتَأْكُلُهُ، قَالَتْ: فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ يَوْمِهِ فَاسْتَعْذَرَ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ، وَهُوَ عَلَى المِنْبَرِ، فَقَالَ: «يَا مَعْشَرَ المُسْلِمِينَ، مَنْ يَعْذِرُنِي مِنْ رَجُلٍ قَدْ بَلَغَنِي عَنْهُ أَذَاهُ فِي أَهْلِي، وَاللَّهِ مَا عَلِمْتُ عَلَى أَهْلِي إلا خَيْرًا، وَلَقَدْ ذَكَرُوا رَجُلًا مَا عَلِمْتُ عَلَيْهِ إِلَّا خَيْرًا، وَمَا يَدْخُلُ عَلَى أَهْلِي إِلا مَعِي».قَالَتْ: فَقَامَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ أَخُو بَنِي عَبْدِ الأَشْهَلِ، فَقَالَ: أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَعْذِرُكَ، فَإِنْ كَانَ مِنَ الأَوْسِ ضَرَبْتُ عُنُقَهُ، وَإِنْ كَانَ مِنْ إِخْوَانِنَا مِنَ الخَزْرَجِ أَمَرْتَنَا فَفَعَلْنَا أَمْرَكَ، قَالَتْ: فَقَامَ رَجُلٌ مِنَ الخَزْرَجِ، وَكَانَتْ أُمُّ حَسَّانَ بِنْتَ عَمِّهِ مِنْ فَخِذِهِ، وَهُوَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ، وَهُوَ سَيِّدُ الخَزْرَجِ، قَالَتْ: وَكَانَ قَبْلَ ذَلِكَ رَجُلًا صَالِحًا، وَلَكِنِ احْتَمَلَتْهُ الحَمِيَّةُ، فَقَالَ لِسَعْدٍ: كَذَبْتَ لَعَمْرُ اللَّهِ لاَ تَقْتُلُهُ، وَلاَ تَقْدِرُ عَلَى قَتْلِهِ، وَلَوْ كَانَ مِنْ رَهْطِكَ مَا أَحْبَبْتَ أَنْ يُقْتَلَ.فَقَامَ أُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ، وَهُوَ ابْنُ عَمِّ سَعْدٍ، فَقَالَ لِسَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ: كَذَبْتَ لَعَمْرُ اللَّهِ لَنَقْتُلَنَّهُ، فَإِنَّكَ مُنَافِقٌ تُجَادِلُ عَنِ المُنَافِقِينَ، قَالَتْ: فَثَارَ الحَيَّانِ الأَوْسُ، وَالخَزْرَجُ حَتَّى هَمُّوا أَنْ يَقْتَتِلُوا، وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَائِمٌ عَلَى المِنْبَرِ، قَالَتْ: فَلَمْ يَزَلْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُخَفِّضُهُمْ، حَتَّى سَكَتُوا وَسَكَتَ، قَالَتْ: فَبَكَيْتُ يَوْمِي ذَلِكَ كُلَّهُ لاَ يَرْقَأُ لِي دَمْعٌ وَلاَ أَكْتَحِلُ بِنَوْمٍ، قَالَتْ: وَأَصْبَحَ أَبَوَايَ عِنْدِي، وَقَدْ بَكَيْتُ لَيْلَتَيْنِ وَيَوْمًا، لاَ يَرْقَأُ لِي دَمْعٌ وَلاَ أَكْتَحِلُ بِنَوْمٍ، حَتَّى إِنِّي لَأَظُنُّ أَنَّ البُكَاءَ فَالِقٌ كَبِدِي، فَبَيْنَا أَبَوَايَ جَالِسَانِ عِنْدِي وَأَنَا أَبْكِي، فَاسْتَأْذَنَتْ عَلَيَّ امْرَأَةٌ مِنَ الأَنْصَارِ فَأَذِنْتُ لَهَا، فَجَلَسَتْ تَبْكِي مَعِي، قَالَتْ: فَبَيْنَا نَحْنُ عَلَى ذَلِكَ دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْنَا فَسَلَّمَ ثُمَّ جَلَسَ، قَالَتْ: وَلَمْ يَجْلِسْ عِنْدِي مُنْذُ قِيلَ مَا قِيلَ قَبْلَهَا، وَقَدْ لَبِثَ شَهْرًا لاَ يُوحَى إِلَيْهِ فِي شَأْنِي بِشَيْءٍ، قَالَتْ: فَتَشَهَّدَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ جَلَسَ، ثُمَّ قَالَ: «أَمَّا بَعْدُ، يَا عَائِشَةُ، إِنَّهُ بَلَغَنِي عَنْكِ كَذَا وَكَذَا، فَإِنْ كُنْتِ بَرِيئَةً، فَسَيُبَرِّئُكِ اللَّهُ، وَإِنْ كُنْتِ أَلْمَمْتِ بِذَنْبٍ، فَاسْتَغْفِرِي اللَّهَ وَتُوبِي إِلَيْهِ، فَإِنَّ العَبْدَ إِذَا اعْتَرَفَ ثُمَّ تَابَ، تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ»، قَالَتْ: فَلَمَّا قَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَقَالَتَهُ قَلَصَ دَمْعِي حَتَّى مَا أُحِسُّ مِنْهُ قَطْرَةً، فَقُلْتُ لِأَبِي: أَجِبْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِّي فِيمَا قَالَ: فَقَالَ أَبِي: وَاللَّهِ مَا أَدْرِي مَا أَقُولُ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقُلْتُ لأمِّي: أَجِيبِي رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا قَالَ: قَالَتْ أُمِّي: وَاللَّهِ مَا أَدْرِي مَا أَقُولُ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقُلْتُ: وَأَنَا جَارِيَةٌ حَدِيثَةُ السِّنِّ: لاَ أَقْرَأُ مِنَ القُرْآنِ كَثِيرًا: إِنِّي وَاللَّهِ لَقَدْ عَلِمْتُ: لَقَدْ سَمِعْتُمْ هَذَا الحَدِيثَ حَتَّى اسْتَقَرَّ فِي أَنْفُسِكُمْ وَصَدَّقْتُمْ بِهِ، فَلَئِنْ قُلْتُ لَكُمْ: إِنِّي بَرِيئَةٌ، لاَ تُصَدِّقُونِي، وَلَئِنِ اعْتَرَفْتُ لَكُمْ بِأَمْرٍ، وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَنِّي مِنْهُ بَرِيئَةٌ، لَتُصَدِّقُنِّي، فَوَاللَّهِ لاَ أَجِدُ لِي وَلَكُمْ مَثَلا إِلَّا أَبَا يُوسُفَ حِينَ قَالَ: (فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ المُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ)، ثُمَّ تَحَوَّلْتُ وَاضْطَجَعْتُ عَلَى فِرَاشِي، وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَنِّي حِينَئِذٍ بَرِيئَةٌ، وَأَنَّ اللَّهَ مُبَرِّئِي بِبَرَاءَتِي، وَلَكِنْ وَاللَّهِ مَا كُنْتُ أَظُنُّ أَنَّ اللَّهَ مُنْزِلٌ فِي شَأْنِي وَحْيًا يُتْلَى، لَشَأْنِي فِي نَفْسِي كَانَ أَحْقَرَ مِنْ أَنْ يَتَكَلَّمَ اللَّهُ فِيَّ بِأَمْرٍ، وَلَكِنْ كُنْتُ أَرْجُو أَنْ يَرَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي النَّوْمِ رُؤْيَا يُبَرِّئُنِي اللَّهُ بِهَا، فَوَاللَّهِ مَا رَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَجْلِسَهُ، وَلاَ خَرَجَ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ البَيْتِ، حَتَّى أُنْزِلَ عَلَيْهِ، فَأَخَذَهُ مَا كَانَ يَأْخُذُهُ مِنَ البُرَحَاءِ، حَتَّى إِنَّهُ لَيَتَحَدَّرُ مِنْهُ مِنَ العَرَقِ مِثْلُ الجُمَانِ، وَهُوَ فِي يَوْمٍ شَاتٍ مِنْ ثِقَلِ القَوْلِ الَّذِي أُنْزِلَ عَلَيْهِ، قَالَتْ: فَسُرِّيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَضْحَكُ، فَكَانَتْ أَوَّلَ كَلِمَةٍ تَكَلَّمَ بِهَا أَنْ قَالَ: «يَا عَائِشَةُ، أَمَّا اللَّهُ فَقَدْ بَرَّأَكِ».قَالَتْ: فَقَالَتْ لِي أُمِّي: قُومِي إِلَيْهِ، فَقُلْتُ: وَاللَّهِ لاَ أَقُومُ إِلَيْهِ، فَإِنِّي لاَ أَحْمَدُ إِلَّا اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ، قَالَتْ: وَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: (إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ) العَشْرَ الآيَاتِ، ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ هَذَا فِي بَرَاءَتِي، قَالَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ: وَكَانَ يُنْفِقُ عَلَى مِسْطَحِ بْنِ أُثَاثَةَ لِقَرَابَتِهِ مِنْهُ وَفَقْرِهِ: وَاللَّهِ لاَ أُنْفِقُ عَلَى مِسْطَحٍ شَيْئًا أَبَدًا، بَعْدَ الَّذِي قَالَ لِعَائِشَةَ مَا قَالَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: (وَلاَ يَأْتَلِ أُولُو الفَضْلِ مِنْكُمْ) - إِلَى قَوْلِهِ - (غَفُورٌ رَحِيمٌ)، قَالَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ: بَلَى وَاللَّهِ إِنِّي لَأُحِبُّ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لِي، فَرَجَعَ إِلَى مِسْطَحٍ النَّفَقَةَ الَّتِي كَانَ يُنْفِقُ عَلَيْهِ، وَقَالَ: وَاللَّهِ لاَ أَنْزِعُهَا مِنْهُ أَبَدًا، قَالَتْ عَائِشَةُ: وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَأَلَ زَيْنَبَ بِنْتَ جَحْشٍ عَنْ أَمْرِي، فَقَالَ لِزَيْنَبَ: «مَاذَا عَلِمْتِ، أَوْ رَأَيْتِ» .فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَحْمِي سَمْعِي وَبَصَرِي، وَاللَّهِ مَا عَلِمْتُ إِلا خَيْرًا، قَالَتْ عَائِشَةُ: وَهِيَ الَّتِي كَانَتْ تُسَامِينِي مِنْ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَصَمَهَا اللَّهُ بِالوَرَعِ، قَالَتْ: وَطَفِقَتْ أُخْتُهَا حَمْنَةُ تُحَارِبُ لَهَا، فَهَلَكَتْ، فِيمَنْ هَلَكَ قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: «فَهَذَا الَّذِي بَلَغَنِي مِنْ حَدِيثِ هَؤُلاَءِ الرَّهْطِ» ثُمَّ قَالَ عُرْوَةُ، قَالَتْ عَائِشَةُ: " وَاللَّهِ إِنَّ الرَّجُلَ الَّذِي قِيلَ لَهُ مَا قِيلَ لَيَقُولُ: سُبْحَانَ اللَّهِ، فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا كَشَفْتُ مِنْ كَنَفِ أُنْثَى قَطُّ، قَالَتْ: ثُمَّ قُتِلَ بَعْدَ ذَلِكَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ" .
الفوائد والدروس من هذه الحادثة العظيمة قال النووي: وَاعْلَمْ أَنَّ فِي حَدِيثِ الْإِفْكِ فَوَائِدَ كَثِيرَةً: إِحْدَاهَا: جَوَازُ رِوَايَةِ الْحَدِيثِ الْوَاحِدِ عَنْ جَمَاعَةٍ عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ قِطْعَةً مُبْهَمَةً مِنْهُ وَهَذَا وَإِنْ كَانَ فِعْلَ الزُّهْرِيِّ وَحْدَهُ فَقَدْ أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى قَبُولِهِ مِنْهُ وَالِاحْتِجَاجِ بِهِ.
الثَّانِيَةُ: صِحَّةُ الْقُرْعَةِ بَيْنَ النِّسَاءِ .
الثَّالِثَةُ: وُجُوبُ الإقْرَاعِ بَيْنَ النِّسَاءِ عِنْدَ إِرَادَةِ السَّفَرِ بِبَعْضِهِنَّ.
الرَّابِعَةُ: أَنَّهُ لَا يَجِبُ قَضَاءَ مُدَّةِ السَّفَرِ لِلنِّسْوَةِ الْمُقِيمَاتِ وَهَذَا مُجْمَعٌ عَلَيْهِ.
الْخَامِسَةُ: جَوَازُ سَفَرِ الرَّجُلِ بِزَوْجَتِهِ.
السَّادِسَةُ: جَوَازُ غَزْوِهِنَّ.
السَّابِعَةُ: جَوَازُ رُكُوبِ النِّسَاءِ فِي الْهَوَادِجِ.
الثَّامِنَة: جَوَازُ خِدْمَةِ الرِّجَالِ لَهُنَّ فِي تِلْكَ الْأَسْفَارِ.
التَّاسِعَةُ: أَنَّ ارْتِحَالَ الْعَسْكَرِ يَتَوَقَّفُ عَلَى أَمْرِ الْأَمِيرِ.
الْعَاشِرَةُ: جواز خروج المرأة لحاجة الإنسان بِغَيْرِ إِذْنِ الزَّوْجِ وَهَذَا مِنَ الأُمُورِ الْمُسْتَثْنَاةِ.
الحادية عشر: جَوَازُ لُبْسِ النِّسَاءِ الْقَلَائِدَ فِي السَّفَرِ كَالْحَضَرِ.
الثانية عشر: أن من يركب المرأة على الْبَعِيرَ وَغَيْرَهُ لَا يُكَلِّمُهَا إِذَا لَمْ يَكُنْ مَحْرَمًا إلا لِحَاجَةٍ لأنَّهُمْ حَمَلُوا الْهَوْدَجَ، وَلَمْ يكلموا من يظنونها فيه.
الثالثة عشر: فضيلة الاقتصار في الأكل للنساء وغيرهن، وأن لا يكثر مِنْهُ بِحَيْثُ يُهْبِلُهُ اللَّحْمُ لِأَنَّ هَذَا كَانَ حَالُهُنَّ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمَا كَانَ فِي زَمَانِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَهُوَ الْكَامِلُ الْفَاضِلُ الْمُخْتَارُ.
الرَّابِعَةَ عشر: جَوَازُ تَأَخُّرِ بَعْضِ الْجَيْشِ سَاعَةً وَنَحْوَهَا لِحَاجَةٍ تَعْرِضُ لَهُ عَنِ الْجَيْشِ إِذَا لَمْ يَكُنْ ضرورة إلى الاجتماع.
الخامسة عشر: إِعَانَةُ الْمَلْهُوفِ وَعَوْنُ الْمُنْقَطِعِ وَإِنْقَاذُ الضَّائِعِ وَإِكْرَامُ ذَوِي الْأَقْدَارِ كَمَا فَعَلَ صَفْوَانُ رَضِيَ اللَّهُ عنه فى هذا كله.
السادسة عشر: حسن الأدب مع الأجنبيات لاسيما فِي الْخَلْوَةِ بِهِنَّ عِنْدَ الضَّرُورَةِ فِي بَرِّيَّةِ أَوْ غَيْرِهَا كَمَا فَعَلَ صَفْوَانُ مِنْ إِبْرَاكِهِ الجمل من غير كلام ولا سؤال وَإِنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يَمْشِي قُدَّامَهَا لَا بِجَنْبِهَا ولا وراءها.
السابعة عشر اسْتِحْبَابُ الْإِيثَارِ بِالرُّكُوبِ وَنَحْوِهِ كَمَا فَعَلَ صَفْوَانُ.
الثامنة عشر: اسْتِحْبَابُ الِاسْتِرْجَاعِ عِنْدَ الْمَصَائِبِ سَوَاءً كَانَتْ فِي الدِّينِ أَوِ الدُّنْيَا وَسَوَاءَ كَانَتْ فِي نَفْسِهِ أو من يعز عليه.
التاسعة عشر: تَغْطِيَةُ الْمَرْأَةِ وَجْهَهَا عَنْ نَظَرِ الْأَجْنَبِيِّ سَوَاءٌ كَانَ صَالِحًا أَوْ غَيْرَهُ.
الْعِشْرُونَ: جَوَازُ الْحَلِفِ مِنْ غَيْرِ اسْتِحْلافٍ.
الْحَادِيَةُ وَالْعِشْرُونَ: أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ أَنْ يُسْتَرَ عَنِ الْإِنْسَانِ مَا يُقَالُ فِيهِ إِذَا لَمْ يَكُنْ فِي ذِكْرِهِ فَائِدَةٌ كَمَا كَتَمُوا عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا هَذَا الْأَمْرَ شَهْرًا وَلَمْ تَسْمَعْ بَعْدَ ذَلِكَ إِلا بِعَارِضٍ عَرَضَ وَهُوَ قَوْلُ أُمِّ مِسْطَحٍ تَعِسَ مِسْطَحٌ .
الثَّانِيَةُ وَالْعِشْرُونَ: اسْتِحْبَابُ مُلَاطَفَةِ الرَّجُلِ زَوْجَتَهُ وَحُسْنُ الْمُعَاشَرَةِ.
الثَّالِثَةُ وَالْعِشْرُونَ: أَنَّهُ إِذَا عَرَضَ عَارِضٌ بِأَنْ سَمِعَ عَنْهَا شَيْئًا أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ يُقَلِّلُ مِنَ اللُّطْفِ وَنَحْوِهِ لِتَفْطِنَ هِيَ أَنَّ ذَلِكَ لِعَارِضٍ فَتَسْأَلَ عَنْ سَبَبِهِ فَتُزِيلَهُ.
الرَّابِعَةُ وَالْعِشْرُونَ: اسْتِحْبَابُ السُّؤَالِ عَنِ الْمَرِيضِ .
الْخَامِسَةُ وَالْعِشْرُونَ: أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لِلْمَرْأَةِ إِذَا أَرَادَتِ الْخُرُوجَ لِحَاجَةٍ أَنْ تَكُونَ مَعَهَا رَفِيقَةٌ تَسْتَأْنِسُ بِهَا وَلَا يَتَعَرَّضُ لَهَا أَحَدٌ.
السَّادِسَةُ وَالْعِشْرُونَ: كَرَاهَةُ الْإِنْسَانِ صَاحِبَهُ وَقَرِيبَهُ إِذَا آذَى أَهْلَ الْفَضْلِ أَوْ فَعَلَ غَيْرَ ذَلِكَ مِنَ الْقَبَائِحِ كَمَا فَعَلَتْ أُمُّ مِسْطَحٍ فِي دُعَائِهَا عَلَيْهِ.
السَّابِعَةُ وَالْعِشْرُونَ: فَضِيلَةُ أَهْلِ بَدْرٍ وَالذَّبُّ عَنْهُمْ كَمَا فَعَلَتْ عَائِشَةُ فِي ذَبِّهَا عَنْ مسطح.
الثامنة والعشرون: أن الزوجة لا تذهب إِلَى بَيْتِ أَبَوَيْهَا إِلَّا بِإِذْنِ زَوْجِهَا
التَّاسِعَةُ وَالْعِشْرُونَ: جَوَازُ التَّعَجُّبِ بِلَفْظِ التَّسْبِيحِ.
الثَّلَاثُونَ: اسْتِحْبَابُ مُشَاوَرَةِ الرجل بطانته وأهله وأصدقاءه فيما ينوبه مِنَ الْأُمُورِ.
الْحَادِيَةُ وَالثَّلاثُونَ: جَوَازُ الْبَحْثِ وَالسُّؤَالِ عَنِ الأُمُورِ الْمَسْمُوعَةِ عَمَّنْ لَهُ بِهِ تَعَلُّقٌ أَمَّا غَيْرُهُ فَهُوَ مَنْهِيٌّ عَنْهُ وَهُوَ تَجَسُّسٌ وَفُضُولٌ.
الثَّانِيَةُ وَالثَّلاثُونَ: خُطْبَةُ الْإِمَامِ النَّاسَ عِنْدَ نزول أمر مهم.
الثالثة والثلاثون: اشتكاء ولى الْأَمْرِ إِلَى الْمُسْلِمِينِ مَنْ تَعَرَّضَ لَهُ بِأَذًى فِي نَفْسِهِ أَوْ أَهْلِهِ أَوْ غَيْرِهِ وَاعْتِذَارُهُ فِيمَا يُرِيدُ أَنْ يُؤْذِيَهُ بِهِ.
الرَّابِعَةَ وَالثَّلاثُونَ: فَضَائِلُ ظَاهِرَةٌ لِصَفْوَانَ بْنِ الْمُعَطِّلِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.
الْخَامِسَةُ وَالثَّلاثُونَ: فَضِيلَةٌ لِسَعْدِ بْنِ معاذ وأسيد بْنِ حُضَيْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا.
السَّادِسَةُ وَالثَّلاثُونَ: الْمُبَادَرَةُ إِلَى قَطْعِ الْفِتَنِ وَالْخُصُومَاتِ وَالْمُنَازَعَاتِ وَتَسْكِينِ الْغَضَبِ.
السَّابِعَةُ وَالثَّلاثُونَ: قَبُولُ التَّوْبَةِ وَالْحَثُّ عَلَيْهَا.
الثَّامِنَةُ وَالثَّلاثُونَ: تَفْوِيضُ الْكَلَامِ إِلَى الْكِبَارِ دُونَ الصِّغَارِ لِأَنَّهُمْ أَعْرَفُ
التَّاسِعَةُ وَالثَّلاثُونَ: جَوَازُ الِاسْتِشْهَادِ بآيات القرآن العزي .
الأَرْبَعُونَ: اسْتِحْبَابُ الْمُبَادَرَةِ بِتَبْشِيرِ مَنْ تَجَدَّدَتْ لَهُ نِعْمَةٌ ظَاهِرَةٌ أَوِ انْدَفَعَتْ عَنْهُ بَلِيَّةٌ ظَاهِرَةٌ .
الْحَادِيَةُ وَالأَرْبَعُونَ: بَرَاءَةُ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا مِنَ الْإِفْكِ وَهِيَ بَرَاءَةٌ قَطْعِيَّةٌ بِنَصِّ الْقُرْآنِ الْعَزِيزِ فَلَوْ تَشَكَّكَ فِيهَا إِنْسَانٌ وَالْعِيَاذُ بِاَللَّهِ صَارَ كَافِرًا مُرْتَدًّا بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ قال بن عَبَّاسٍ وَغَيْرُهُ لَمْ تَزْنِ امْرَأَةُ نَبِيٍّ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ. |
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52561 العمر : 72
| موضوع: رد: الطاهرة المطهرة عائشة بنت الصديق رضي الله عنها الإثنين 12 أبريل 2021, 3:20 am | |
| وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْفَوَائِدِ غَيْرِ مَا تَقَدَّمَ: قال ابن حجر: - جَوَازُ حِكَايَةِ مَا وَقَعَ لِلْمَرْءِ مِنَ الْفَضْلِ وَلَوْ كَانَ فِيهِ مَدْحُ نَاسٍ وَذَمُّ نَاسٍ إِذَا تَضَمَّنَ ذَلِكَ إزالة تَوَهُّمِ النَّقْصِ عَنِ الْحَاكِي إِذَا كَانَ بَرِيئًا عِنْدَ قَصْدِ نُصْحِ مَنْ يَبْلُغُهُ ذَلِكَ لئلا يَقَعَ فِيمَا وَقَعَ فِيهِ مِنْ سَبْقٍ؛ وَأَنَّ الِاعْتِنَاءَ بِالسَّلَامَةِ مِنْ وُقُوعِ الْغَيْرِ فِي الإثْمِ أَوْلَى مِنْ تَرْكِهِ يَقَعُ فِي الْإِثْمِ وَتَحْصِيلُ اْلأجْرِ لِلْمَوْقُوعِ فِيهِ.
- وَفِيهِ اسْتِعْمَالُ التَّوْطِئَةِ فِيمَا يُحْتَاجُ إِلَيْهِ مِنَ الْكَلامِ.
- وَأَنَّ الْهَوْدَجَ يَقُومُ مَقَامَ الْبَيْتِ فِي حَجْبِ الْمَرْأَةِ.
- وَفِيهِ خِدْمَةُ الْأَجَانِبِ لِلْمَرْأَةِ مِنْ وَرَاءِ الْحِجَابِ.
- وَجَوَازُ تَسَتُّرُ الْمَرْأَةِ بِالشَّيْءِ الْمُنْفَصِلِ عَنِ الْبَدَنِ.
- وَجَوَازُ تَحَلِّي الْمَرْأَةِ فِي السَّفَرِ بِالْقِلَادَةِ وَنَحْوِهَا.
- وَصِيَانَةُ الْمَالِ وَلَوْ قَلَّ لِلنَّهْيِ عَنْ إِضَاعَةِ الْمَالِ؛ فَإِنَّ عِقْدَ عَائِشَةَ لَمْ يَكُنْ مِنْ ذَهَبٍ وَلَا جَوْهَرٍ.
- وَفِيهِ شُؤْمُ الْحِرْصِ عَلَى المال.
- وَاسْتِعْمَالِ بَعْضِ الْجَيْشِ سَاقَةً يَكُونُ أَمِينًا لِيَحْمِلَ الضَّعِيفَ وَيَحْفَظَ مَا يَسْقُطُ وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنَ الْمَصَالِحِ .
- وَإِيثَارِهِمْ بِالرُّكُوبِ وَتَجَشُّمُ الْمَشَقَّةِ لأَجْلِ ذَلِكَ.
- وَحُسْنِ الْأَدَبِ مَعَ الأَجَانِبِ خُصُوصًا النِّسَاءَ لا سِيَّمَا فِي الْخَلْوَةِ.
-وَفِيهِ أَنَّ الْمَرْأَةَ إِذَا خَرَجَتْ لِحَاجَةٍ تَصطحِبُ مَنْ يُؤْنِسُهَا أَوْ يَخْدِمُهَا مِمَّنْ يُؤْمَنُ عَلَيْهَا.
- وَفِيهِ ذَبُّ الْمُسْلِمُ عَنِ الْمُسْلِمِ خُصُوصًا مَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْفَضْلِ، وَرَدْعِ مَنْ يُؤْذِيهِمْ، وَلَوْ كَانَ مِنْهُمْ بِسَبِيلٍ، وَبَيَان مزِيد فَضِيلَةِ أَهْلِ بَدْرٍ وَإِطْلَاقِ السَّبِّ عَلَى لَفْظِ الدُّعَاءِ بِالسُّوءِ عَلَى الشَّخْصِ.
- وَفِيهِ الْبَحْثُ عَنِ الأَمْرِ الْقَبِيحِ إِذَا أُشِيعَ وَتُعْرَفُ صِحَّتِهِ، وَفَسَادِهِ بِالتَّنْقِيبِ عَلَى مَنْ قِيلَ فِيهِ هَلْ وَقَعَ مِنْهُ قَبْلَ ذَلِكَ مَا يُشْبِهُهُ أَوْ يَقْرَبُ مِنْهُ وَاسْتِصْحَابُ حَالِ مَنِ اتُّهِمَ بِسُوءٍ إِذَا كَانَ قَبْلَ ذَلِكَ مَعْرُوفًا بِالْخَيْرِ إِذَا لَمْ يَظْهَرْ عَنْهُ بِالْبَحْثِ مَا يُخَالِفُ ذَلِكَ.
- وَفِيهِ فَضِيلَة قَوِيَّة لأم مسطح لأنها لم تُحَابِ وَلَدَهَا فِي وُقُوعِهِ فِي حَقِّ عَائِشَةَ بَلْ تَعَمَّدَتْ سَبَّهُ عَلَى ذَلِكَ.
- وَفِيهِ مَشْرُوعِيَّةُ التَّسْبِيحِ عِنْدَ سَمَاعَ مَا يَعْتَقِدُ السَّامِعُ أَنَّهُ كَذِبٌ، وَتَوْجِيهُهُ هُنَا أَنَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يُنَزَّهُ أَنْ يَحْصُلَ لَقَرَابَةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَدْنِيسٌ فَيُشْرَعُ شُكْرَهُ بِالتَّنْزِيهِ فِي مِثْلِ هَذَا نَبَّهَ عَلَيْهِ أَبُو بَكْرِ بْنُ الْعَرَبِي.
- وَفِيهِ الْبَحْثُ عَنِ الْأَمْرِ الْمَقُولِ مِمَّنْ يَدُلُّ عَلَيْهِ الْمَقُول فِيهِ، والتوقف فِي خير الْوَاحِدِ وَلَوْ كَانَ صَادِقًا وَطَلَبُ الارْتِقَاءِ مِنْ مَرْتَبَةِ الظَّنِّ إِلَى مَرْتَبَةِ الْيَقِينِ وَأَنَّ خَبَرَ الْوَاحِدِ إِذَا جَاءَ شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ أَفَادَ الْقَطْعُ لِقَوْلِ عَائِشَةَ لَأَسْتَيْقِنُ الْخَبَرَ مِنْ قِبَلِهِمَا وَأَنَّ ذَلِكَ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى عَدَدٍ مُعَيَّنٍ.
- وَفِيهِ اسْتِشَارَةُ الْمَرْءُ أَهْلَ بِطَانَتِهِ مِمَّنْ يَلُوذُ بِهِ بِقَرَابَةٍ وَغَيْرِهَا وَتَخْصِيصُ مَنْ جُرِّبَتْ صِحَّةُ رَأْيِهِ مِنْهُمْ بِذَلِكَ، وَلَوْ كَانَ غَيْرُهُ أَقْرَبَ وَالْبَحْثُ عَنْ حَالِ مَنِ اتُّهِمَ بِشَيْءٍ وَحِكَايَةُ ذَلِكَ لِلْكَشْفِ عَنْ أَمْرِهِ وَلَا يُعَدُّ ذَلِكَ غِيبَةً وَفِيهِ اسْتِعْمَالُ لَا نَعْلَمُ إِلَّا خَيْرًا فِي التَّزْكِيَةِ، وَأَنَّ ذَلِكَ كَافٍ فِي حَقِّ مَنْ سَبَقَتْ عَدَالَتُهُ مِمَّنْ يُطَّلَعُ عَلَى خَفِيِّ أَمْرِهِ.
- وَفِيهِ التَّثَبُّتُ فِي الشَّهَادَةِ وَفِطْنَةُ الْإِمَامِ عِنْدَ الْحَادِثِ الْمُهِمِّ وَالِاسْتِنْصَارُ بِالْأَخِصَّاءِ عَلَى الْأَجَانِبِ وَتَوْطِئَةُ الْعُذْرِ لِمَنْ يُرَادُ إِيقَاعُ الْعِقَابِ بِهِ أَوِ الْعِتَابِ لَهُ وَاسْتِشَارَةُ الأَعْلَى لِمَنْ هُوَ دُونَهُ وَاسْتِخْدَامُ مَنْ لَيْسَ فِي الرِّقِّ وَأَنَّ مَنِ اسْتَفْسَرَ عَنْ حَالِ شَخْصٍ فَأَرَادَ بَيَانُ مَا فِيهِ مِنْ عَيْبٍ فَلْيُقَدِّمْ ذِكْرَ عُذْرَهُ فِي ذَلِكَ إِنْ كَانَ يَعْلَمُهُ كَمَا قَالَتْ بَرِيرَة فِي عَائِشَة حَيْثُ عاتبها بِالنَّوْمِ عَنِ الْعَجِينِ فَقَدَّمَتْ قَبْلَ ذَلِكَ أَنَّهَا جَارِيَةٌ حَدِيثَةُ السِّنِّ.
- وَفِيهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ لَا يَحْكُمُ لِنَفْسِهِ إِلا بَعْدَ نُزُولِ الْوَحْيِ لأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَجْزِمْ فِي الْقِصَّةِ بِشَيْءٍ قَبْلَ نُزُولِ الْوَحْيِ نَبَّهَ عَلَيْهِ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي جَمْرَةَ نَفَعَ اللَّهُ بِهِ.
- وَأَنَّ الْحَمِيَّةَ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ لا تُذَمُّ.
- وَفِيهِ أَنَّ التَّعَصُّبَ لِأَهْلِ الْبَاطِلِ يُخْرِجُ عَنِ اسْمِ الصَّلاحِ.
- وَجَوَازُ سَبِّ مَنْ يَتَعَرَّضُ لِلْبَاطِلِ وَنِسْبَتُهُ إِلَى مَا يَسُوءُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ فِي الْحَقِيقَةِ فِيهِ لَكِنْ إِذَا وَقَعَ مِنْهُ مَا يُشْبِهُ ذَلِكَ جَازَ إِطْلَاقُ ذَلِكَ عَلَيْهِ تَغْلِيظًا لَهُ وَإِطْلَاقُ الْكَذِبِ عَلَى الْخَطَأِ وَالْقَسَمُ بِلَفْظِ لَعَمْرِ اللَّهِ.
- وَفِيهِ النَّدْبُ إِلَى قَطْعِ الْخُصُومَةِ، وَتَسْكِينِ ثَائِرَةِ الْفِتْنَةِ، وَسَدِّ ذَرِيعَةِ ذَلِكَ.، وَاحْتِمَالُ أَخَفُّ الضَّرَرَيْنِ بِزَوَالِ أَغْلَظِهِمَا وَفَضْلُ احْتِمَالُ الأَذَى.
- وَفِيهِ مُبَاعَدَةُ مَنْ خَالَفَ الرَّسُولَ، وَلَوْ كَانَ قَرِيبًا حَمِيمًا.
- وَفِيهِ أَنَّ مَنْ آذَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ يُقْتَلُ لِأَنَّ سَعْدَ بْنَ مُعَاذٍ أَطْلَقَ ذَلِكَ وَلَمْ يُنْكِرْهُ النَّبِيُّ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
- وَفِيهِ مُسَاعَدَةُ مَنْ نَزَلَتْ فِيهِ بَلِيَّةٌ بِالتَّوَجُّعِ وَالْبُكَاءِ وَالْحُزْنِ.
- وَفِيهِ تَثَبُّتُ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ فِي الْأُمُورِ لِأَنَّهُ لَمْ يُنْقَلْ عَنْهُ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ مَعَ تَمَادِي الْحَالِ فِيهَا شَهْرًا كَلِمَةً فَمَا فَوْقَهَا إِلا مَا وَرَدَ عَنْهُ فِي بَعْضِ طُرُقِ الْحَدِيثِ أَنَّهُ قَالَ وَاللَّهِ مَا قِيلَ لَنَا هَذَا فِي الْجَاهِلِيَّة فَكيف بعد أَن أعزانا الله بِالإِسْلَامِ وَقع ذَلِك فِي حَدِيث بن عُمَرَ عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ.
- وَفِيهِ ابْتِدَاءُ الْكَلامِ فِي الْأَمْرِ الْمُهِمِّ بِالتَّشَهُّدِ وَالْحَمْدِ وَالثَّنَاءِ، وَقَوْلُ أَمَّا بَعْدُ.وَتَوْقِيفُ مَنْ نُقِلَ عَنْهُ ذَنْبٌ عَلَى مَا قِيلَ فِيهِ بَعْدَ الْبَحْثِ عَنْهُ.
- وَأَنَّ قَوْلَ كَذَا وَكَذَا يُكَنَّى بِهَا عَنِ الْأَحْوَالِ كَمَا يُكَنَّى بِهَا عَنِ الْأَعْدَادِ وَلَا تَخْتَصُّ بِالأَعْدَادِ وَفِيهِ مَشْرُوعِيَّةُ التَّوْبَةِ وَأَنَّهَا تُقْبَلُ مِنَ الْمُعْتَرِفِ الْمُقْلِعِ الْمُخْلِصِ وَأَنَّ مُجَرَّدَ الِاعْتِرَافِ لا يُجْزِئُ فِيهَا، وَأَنَّ الاعْتِرَافَ بِمَا لَمْ يَقَعْ لا يَجُوزُ وَلَوْ عُرِفَ أَنَّهُ يَصْدُقُ فِي ذَلِكَ وَلَا يُؤَاخَذُ عَلَى مَا يَتَرَتَّبُ عَلَى اعْتِرَافِهِ بَلْ عَلَيْهِ أَنْ يَقُولَ الْحَقَّ أَوْ يسكت.
- وَأَن الصَّبْر يحمد عَاقِبَتُهُ وَيُغْبَطُ صَاحِبُهُ.
- وَفِيهِ تَقْدِيمُ الْكَبِيرِ فِي الْكَلامِ، وَتَوَقُّفُ مَنِ اشْتَبَهَ عَلَيْهِ الْأَمْرَ فِي الْكَلامِ.
- وَفِيهِ تَبْشِيرُ مَنْ تَجَدَّدَتْ لَهُ نِعْمَةٌ أَوِ انْدَفَعَتْ عَنْهُ نِقْمَةٌ.
- وَفِيهِ الضَّحِكُ وَالْفَرَحُ وَالِاسْتِبْشَارُ عِنْدَ ذَلِكَ وَمَعْذِرَةُ مَنِ انْزَعَجَ عِنْدَ وُقُوعِ الشِّدَّةِ لِصِغَرِ سِنٍّ وَنَحْوِهِ، وَإِدْلَالُ الْمَرْأَةِ عَلَى زَوْجِهَا وَأَبَوَيْهَا وَتَدْرِيجُ مَنْ وَقَعَ فِي مُصِيبَةٍ فَزَالَتْ عَنْهُ لِئَلا يَهْجُمُ عَلَى قَلْبِهِ الْفَرَحُ مِنْ أَوَّلِ وَهْلَةٍ فَيُهْلِكُهُ يُؤْخَذُ ذَلِكَ مِنِ ابْتِدَاءِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ نُزُولِ الْوَحْيِ بِبَرَاءَةِ عَائِشَةَ بِالضَّحِكِ ثُمَّ تَبْشِيرِهَا ثُمَّ إِعْلَامِهَا بِبَرَاءَتِهَا مُجْمَلَةً ثُمَّ تِلَاوَتِهِ الْآيَاتِ عَلَى وَجْهِهَا.
- وَفِيهِ أَنَّ الشِّدَّةَ إِذَا اشْتَدَّتْ أَعْقَبَهَا الْفَرَجُ وَفُضِّلَ مَنْ يُفَوِّضُ الأَمْرَ لِرَبِّهِ، وَأَنَّ مَنْ قَوِيَ عَلَى ذَلِكَ خَفَّ عَنْهُ الْهَمُّ وَالْغَمُّ كَمَا وَقَعَ فِي حَالَتَيْ عَائِشَةَ قَبْلَ اسْتِفْسَارِهَا عَنْ حَالِهَا وَبَعْدَ جَوَابِهَا بِقَوْلِهَا وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ.
- وَفِيهِ الْحَثُّ عَلَى الْإِنْفَاقِ فِي سَبِيلِ الْخَيْرِ خُصُوصًا فِي صِلَةِ الرَّحِمِ وَوُقُوعِ الْمَغْفِرَةِ لِمَنْ أَحْسَنَ إِلَى مَنْ أَسَاءَ إِلَيْهِ أَوْ صَفَحَ عَنْهُ.
- وَأَنَّ مَنْ حَلَفَ أَنْ لَا يَفْعَلَ شَيْئًا مِنَ الْخَيْرِ اسْتُحِبَّ لَهُ الحنث. - وَالتَّأَسِّي بِمَا وَقَعَ لِلْأَكَابِرِ مِنَ الأَنْبِيَاءِ وَغَيْرِهِمْ.
- وَفِيهِ تَأْخِيرُ الْحَدِّ عَمَّنْ يُخْشَى مِنْ إِيقَاعِهِ بِهِ الْفِتْنَةُ نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ بن بَطَّالٍ مُسْتَنِدًا إِلَى أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أُبَيٍّ كَانَ مِمَّنْ قَذَفَ عَائِشَةَ وَلَمْ يَقَعْ فِي الْحَدِيثِ أَنَّهُ مِمَّنْ حُدَّ وَتَعَقَّبَهُ عِيَاضٌ بِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ أَنَّهُ قَذَفَ بَلِ الَّذِي ثَبَتَ أَنَّهُ كَانَ يَسْتَخْرِجُهُ وَيَسْتَوْشِيهُ .
قُلْتُ- ابن حجر -: وَقَدْ وَرَدَ أَنَّهُ قَذَفَ صَرِيحًا وَوَقَعَ ذَلِكَ فِي مُرْسل سعيد بن جُبَير عِنْد بن أَبِي حَاتِمٍ وَغَيْرِهِ وَفِي مُرْسَلِ مُقَاتِلِ بْنِ حَيَّانَ عِنْدَ الْحَاكِمِ فِي "الإِكْلِيلِ" بِلَفْظِ: فَرَمَاهَا عبد الله بن أبي.وَفِي حَدِيث بن عُمَرَ عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ بِلَفْظٍ أَشْنَعُ مِنْ ذَلِكَ.وَوَرَدَ أَيْضًا أَنَّهُ مِمَّنْ جُلِدَ الْحَدَّ وَقَعَ ذَلِكَ فِي رِوَايَةِ أَبِي أُوَيْسٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ زَيْدٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ حَزْمٍ وَغَيْرِهِمَا مُرْسَلا أَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ فِي "الإِكْلِيلِ"؛ فَإِنْ ثَبَتَا سَقَطَ السُّؤَالُ وَإِنْ لَمْ يَثْبُتَا فَالْقَوْلُ مَا قَالَ عِيَاضٌ فَإِنَّهُ لَمْ يَثْبُتُ خَبَرٌ بِأَنَّهُ قَذَفَ صَرِيحًا ثُمَّ لَمْ يُحَدُّ .
وقال ابن القيم في ذكر بعض فوائد الحديث: وَتَأَمَّلْ مَا فِي تَسْبِيحِهِمْ لِلَّهِ وَتَنْزِيهِهِمْ لَهُ فِي هَذَا الْمَقَامِ مِنَ الْمَعْرِفَةِ بِهِ، وَتَنْزِيهِهِ عَمَّا لَا يَلِيقُ بِهِ أَنْ يَجْعَلَ لِرَسُولِهِ وَخَلِيلِهِ وَأَكْرَمِ الْخَلْقِ عَلَيْهِ امْرَأَةً خَبِيثَةً بَغِيًّا، فَمَنْ ظَنَّ بِهِ سُبْحَانَهُ هَذَا الظَّنَّ فَقَدْ ظَنَّ بِهِ ظَنَّ السَّوْءِ، وَعَرَفَ أَهْلُ الْمَعْرِفَةِ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ أَنَّ الْمَرْأَةَ الْخَبِيثَةَ لا تَلِيقُ إِلا بِمِثْلِهَا كَمَا قَالَ تَعَالَى: (الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ) (النور: 26)، فَقَطَعُوا قَطْعًا لا يَشُكُّونَ فِيهِ أَنَّ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ، وَفِرْيَةٌ ظَاهِرَةٌ. فَإِنْ قِيلَ: فَمَا بَالُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَوَقَّفَ فِي أَمْرِهَا، وَسَأَلَ عَنْهَا وَبَحَثَ وَاسْتَشَارَ، وَهُوَ أَعْرَفُ بِاللَّهِ وَبِمَنْزِلَتِهِ عِنْدَهُ وَبِمَا يَلِيقُ بِهِ، وَهَلَّا قَالَ: (سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ) (النور: 16) كَمَا قَالَهُ فُضَلَاءُ الصَّحَابَةِ؟
فَالْجَوَابُ: أَنَّ هَذَا مِنْ تَمَامِ الْحِكَمِ الْبَاهِرَةِ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ هَذِهِ الْقِصَّةَ سَبَبًا لَهَا، وَامْتِحَانًا وَابْتِلَاءً لِرَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلِجَمِيعِ الأُمَّةِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لِيَرْفَعَ بِهَذِهِ الْقِصَّةِ أَقْوَامًا وَيَضَعَ بِهَا آخَرِينَ، وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدًى وَإِيمَانًا، وَلا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلا خَسَارًا، وَاقْتَضَى تَمَامُ الِامْتِحَانِ وَالابْتِلاءِ أَنْ حُبِسَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْوَحْيُ شَهْرًا فِي شَأْنِهَا لا يُوحَى إِلَيْهِ فِي ذَلِكَ شَيْءٌ لِتَتِمَّ حِكْمَتُهُ الَّتِي قَدَّرَهَا وَقَضَاهَا، وَتَظْهَرَ عَلَى أَكْمَلِ الْوُجُوهِ، وَيَزْدَادَ الْمُؤْمِنُونَ الصَّادِقُونَ إِيمَانًا وَثَبَاتًا عَلَى الْعَدْلِ وَالصِّدْقِ، وَحُسْنِ الظَّنِّ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَهْلِ بَيْتِهِ وَالصِّدِّيقِينَ مِنْ عِبَادِهِ، وَيَزْدَادَ الْمُنَافِقُونَ إِفْكًا وَنِفَاقًا، وَيُظْهِرَ لِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ سَرَائِرَهُمْ، وَلِتَتِمَّ الْعُبُودِيَّةُ الْمُرَادَةُ مِنَ الصِّدِّيقَةِ وَأَبَوَيْهَا، وَتَتِمَّ نِعْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ، وَلِتَشْتَدَّ الْفَاقَةُ وَالرَّغْبَةُ مِنْهَا وَمِنْ أَبَوَيْهَا، وَالِافْتِقَارُ إِلَى اللَّهِ وَالذُّلُّ لَهُ وَحُسْنُ الظَّنِّ بِهِ وَالرَّجَاءُ لَهُ، وَلِيَنْقَطِعَ رَجَاؤُهَا مِنَ الْمَخْلُوقِينَ، وَتَيْأَسَ مِنْ حُصُولِ النُّصْرَةِ وَالْفَرَجِ عَلَى يَدِ أَحَدٍ مِنَ الْخَلْقِ، وَلِهَذَا وَفَّتْ هَذَا الْمَقَامَ حَقَّهُ لَمَّا «قَالَ لَهَا أَبَوَاهَا: قُومِي إِلَيْهِ، وَقَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْهِ بَرَاءَتَهَا، فَقَالَتْ: وَاللَّهِ لا أَقُومُ إِلَيْهِ وَلا أَحْمَدُ إلا اللَّهَ هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ بَرَاءَتِي».
وقال: وَأَيْضًا فَكَانَ مِنْ حِكْمَةِ حَبْسِ الْوَحْي شَهْرًا، أَنَّ الْقَضِيّةَ مُحِّصَتْ وَتَمَحَّضَتْ، وَاسْتَشْرَفَتْ قُلُوبَ الْمُؤْمِنِينَ أَعْظَمَ اسْتِشْرَافٍ إِلَى مَا يُوحِيهِ اللَّهُ إِلَى رَسُولِهِ فِيهَا، وَتَطَلَّعَتْ إِلَى ذَلِكَ غَايَةَ التَّطَلُّعِ، فَوَافَى الْوَحْيُ أَحْوَجَ مَا كَانَ إلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَهْلُ بَيْتِهِ، وَالصِّدِّيقُ وَأَهْلُهُ وَأَصْحَابُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ، فَوَرَدَ عَلَيْهِمْ وُرُودَ الْغَيْثِ عَلَى الْأَرْضِ أَحْوَجَ مَا كَانَتْ إلَيْهِ، فَوَقَعَ مِنْهُمْ أَعْظَمَ مَوْقِعٍ.
ومن الفوائد أيضاً: - وجوب الحجاب؛ فإنه إذا فُرض على أمهات المؤمنين كان على غيرهن أولى، والأدلة على ذلك كثيرة من كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
- اهتمام النبي صلى الله عليه وسلم بأمر الجهاد والغزو، فهو ذروة سنام الإسلام.
- أنّ النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه لا يعلمون الغيب، ولو كان يعلم الغيب لما ترك زوجه بمفردها، وأما أصحابه فلما مضى، ولحملهم الهودج وهو خلو منها.
- رعاية الله لأوليائه، وهذا يتضح من جوانب عديدة: فبالنوم ينقطع تفكير عائشة رضي الله عنه فيما أهمها وأقلق راحتها، ويقدر الله تأخُّر صفوان ليُلحِقَها بالجيش، وتتجلى في أعظم صورها في نزول آيات براءتها، وفي أنها مرضت بعد رجوعها إلى المدينة فلم تعلم بما يقال إلا قبل وقت يسير من نزول براءتها، ولو علمت من أول الأمر لكان الخطب أعظم.
- أدب صفوان رضي الله عنه، فإنه استرجع ليوقظها، ولم يناد عليها باسمها، وما تكلم معها بكلمة واحدة.
- اهتمامها بحجابها، فعقب استيقاظها ورؤيتها لصفوان خمَّرتُ وجهها.
- عداوة المنافقين وحقدهم على المسلمين .
- البهتان جسر يقود المرء إلى ما فيه هلاكه " فَهَلَكَ مَنْ هَلَكَ فِي شَأْنِي".
- عدم إخبار المريض بما يزيد مرضه ويكدِّرُ صفوَ حياته.
- كريم أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم مع أهله لا سيما إذا اشتكت واحدة منهنّ "لا أَعْرِفُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اللُّطْفَ الَّذِي كُنْتُ أَرَى مِنْهُ حِينَ أَشْتَكِي".
- حياء الصحابيات "وَلا نَخْرُجُ إِلا لَيْلا إِلَى لَيْلٍ" يعني لقضاء الحاجة.
- نصرة المظلوم ولو كان الظالم قريباً والمظلوم بعيداً، فأم مسطح لم تحاب ولدها.
-إذن المرأة من زوجها لخروجها " أَتَأْذَنُ لِي أَنْ آتِيَ أَبَوَيَّ".
- تعزية المصاب بكلام يناسبه " يَا بُنَيَّةُ، هَوِّنِي عَلَيْكِ، فَوَاللَّهِ لَقَلَّمَا كَانَتْ امْرَأَةٌ قَطُّ وَضِيئَةٌ عِنْدَ رَجُلٍ يُحِبُّهَا وَلَهَا ضَرَائِرُ إِلا كَثَّرْنَ عَلَيْهَا".
- الإصلاح بين الزوجين بحمل المرأة على الصبر.
- الاستشارة سنة نبوية.
- استشارة الفاضل المفضول.
- إذا استشير جماعة فقد يصيب المفضول ويخطئ الفاضل.
- لا يلزم الأخذ بالاستشارة، وهي غير ملزمة، فالنبي صلى الله عليه وسلم لم يأخذ بقول علي رضي الله عنه.
- استشارة الرجل للمرأة إذا أُمنت الفتنة .
- حب علي رضي الله عنه للنبي صلى الله عليه وسلم، فقد أشار بطلاقه لها؛ رعاية لجانبه.
- ذب النبي صلى الله عليه وسلم عن عرض عائشة وصفوان.
- نصرة الأنصار للرسول صلى الله عليه وسلم "أَنَا أَعْذِرُكَ مِنْهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ".
- خطر الحمية.
- كل بني آدم خطّاء، ومنهم الصحابة " اجْتَهَلَتْهُ الْحَمِيَّةُ"، ولكن لهم من السوابق ما يمحو عنهم ذلك.
- إطلاق الكذب على الخطأ.
- التغليظ على من وقف مع أهل الباطل وإن حميةً .
- من النفاق الإحجام عن نصرة رسول الله صلى الله عليه وسلم"فَإِنَّكَ مُنَافِقٌ".
- قد يعادي الولي ولياً وهما من أهل الجنة " فَإِنَّكَ مُنَافِقٌ".
- حرص الشيطان على زرع الخصومة من قولها "هَمُّوا أَنْ يَقْتَتِلُوا".
- لابد من ظهور براءة البريء ولو بعد حين "فَسَيُبَرِّئُكِ اللَّهُ".
- مشروعية التوبة.
- التوبة تجب ما قبلها « وَإِنْ كُنْتِ أَلْمَمْتِ بِذَنْبٍ فَاسْتَغْفِرِي اللَّهَ وَتُوبِي إِلَيْهِ؛ فَإِنَّ الْعَبْدَ إِذَا اعْتَرَفَ بِذَنْبٍ ثُمَّ تَابَ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ».
- أهمية الاعتراف بالذنب .
- عدم محاباة النبي صلى الله عليه وسلم لأهله: «إن كنت ألممت بذنب...».
- مشروعية الوكالة " أَجِبْ عَنِّي رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ".
- الصبر مفتاح الفرج .
- الاستعانة بالله عند حلول المصائب "والله المستعان".
- إحسان الظن بالله " أَعْلَمُ أَنِّي بَرِيئَةٌ وَأَنَّ اللَّهَ مُبَرِّئِي".
- من أحسن الظن كان الله عند حسن ظنه " فَوَاللَّهِ مَا رَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَجْلِسَهُ وَلَا خَرَجَ مِنْ أَهْلِ الْبَيْتِ أَحَدٌ حَتَّى أَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ".
- رؤيا الأنبياء حق ووحي " كُنْتُ أَرْجُو أَنْ يَرَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي النَّوْمِ رُؤْيَا يُبَرِّئُنِي اللَّهُ بِهَا".
- من مهمات الآداب: ازدراء الإنسان لنفسه وهضمه لها "وَلَشَأْنِي كَانَ أَحْقَرَ فِي نَفْسِي مِنْ أَنْ يَتَكَلَّمَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِيَّ بِأَمْرٍ يُتْلَى" ومن ازدرى نفسه كان عند الله فوق ذلك، ومن ابتلي بالعجب كان وضيعاً حقيراً، ومن درر بكر بن عبد الله المزني رحمه الله قوله يوم عرفة: " لولا أنا فيهم لقلت قد غفر الله لهم".
- تبشير المسلم «أَبْشِرِي يَا عَائِشَةُ».
- أن الضحك مباح إذا وجد ما يقتضيه.
- إسناد النعمة والخير والفضل إلى الله " هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ بَرَاءَتِي".
- أنّ سبب النزول قد يكون حادثة كما الأمر هنا.
- إنّ مع العسر يسراً، ومع الشدة فرجاً، ومن الكرب يجعل الله مخرجاً - المؤمن مصاب مبتلى.
- خطر الشائعات.
- خطأ اعتقاد بعض الناس: أنه ما من شائعة إلا وفيها نسبة من الصحة، فحادثة الإفك إفك كلها من ألفها إلى يائها.
- كريم أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم، فقد صلَّى صلاة الجنازة على ابن سلول وكفنه في ثيابه وهو الذي تولى كبر حديث الإفك.
- أثر الورع في السلامة من الزيغ، فزينب عصمها الله بالورع كما قالت عائشة، رضي الله عنهما.
- مكانة الصديقة عائشة رضي الله عنها، ويكفي أنّ الله لما ذكر مقالة الناس فيها سبّح نفسه: (وَلَوْلا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُم مَّا يَكُونُ لَنَا أَن نَّتَكَلَّمَ بِهَذَا سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ) (النور: 16).
- دفاع الله عن العفيفين، فدافع الله عن عائشة، ومريم، ويوسف عليهم السلام، وأجرى كرامةً على يد جريج الراهب.
- أنّ العفة من صفات المؤمنين، فدفاع الله عنهم دليل إيمانهم: (إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُو) (الحج: 38).
- لا يمكن أن تزني زوجة نبي،وأما قول الله تعالى: (فخانتاهما) عن امرأة نوحولوطعليهما السلام أي بمخالفة دينهما، وكانت امرأة نوح تسبه، وامرأة لوط تدل قومها على أضيافه، فتلك خيانتهما. وأما قول الله تعالى لنوح عليه السلام: (إنه ليس من أهلك) أي: الناجين.
- لا يقسم الإنسان في عدم إتيان الخير: ( ولا يأتل ...).
- أنّ من حلف على أمر وكان الخير في غيره كفَّر عن يمينه وفعل الخير، كما أرشد إليه ربنا في كتابه، ورسولنا صلى الله عليه وسلم.
- ظلم ذوي القربي أشد مضاضة على المرء من وقع الحسام المهند، قال أبو بكر رضي الله عنه: "وَاللَّهِ لا أُنْفِقُ عَلَيْهِ شَيْئًا أَبَدًا بَعْدَ الَّذِي قَالَ لِعَائِشَةَ".
- أهمية العفو في ديننا، مسطح كالعم لعائشة رضي الله عنهما، ابن خالة أبيها، لو كان المنافقون على حق – أقول (لو) من باب: (لو كان فيهما آلهة...) لما كان عليه أن يتكلم بهذا؛ لأنها عرضه، فكيف وقد حكم الله بكذبهم، مما جعل أبا بكر رضي الله عنه يقسم بقطع حبل المعروف الذي كان يصله به، ومع ذلك كله (أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ)؟
- من عفا عن الناس غفر الله تعالى له ذنبه.
- انقياد الصديق وخضوعه لأمر الله "فَرَجَعَ إِلَى مِسْطَحٍ النَّفَقَةَ الَّتِي كَانَ يُنْفِقُ عَلَيْهِ وَقَالَ: لا أَنْزِعُهَا مِنْهُ أَبَدًا".
- وفاء عائشة رضي الله عنها " قَالَ عُرْوَةُ: كَانَتْ عَائِشَةُ تَكْرَهُ أَنْ يُسَبَّ عِنْدَهَا حَسَّانُ وَتَقُولُ: فَإِنَّهُ قَالَ: فَإِنَّ أَبِي وَوَالِدَهُ وَعِرْضِي لِعِرْضِ مُحَمَّدٍ مِنْكُمْ وِقَاءُ".
- الحث على صلة الرحم ببذل المال .
- أنّ من شكّ في براءة هذه الطاهرة النقية المبرأة فلا شك في كفره؛ لأنه كذّب القرآن.
- لا يحكم القاضي بعلمه؛ ولذا لم يقم الحد على رأس النفاق.
- عدم المحاباة في الحدود، ومن أفضل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم .
- أنّ المرء يتعلم من أخطائه، فعائشة رضي الله عنه خرجت لقضاء حاجتها وكان الأولى أن تعلم بذلك؛ لئلا يغادروا المكان دونها "وَقَدْ وَقَعَ لَهَا بَعْدَ ذَلِكَ فِي ضَيَاع الْعِقْد أَيْضًا أَنَّهَا أَعْلَمَتْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَمْرِهِ، فَأَقَامَ بِالنَّاسِ عَلَى غَيْر مَاء حَتَّى وَجَدَتْهُ، وَنَزَلَتْ آيَة التَّيَمُّم بِسَبَبِ ذَلِكَ، فَظَهَرَ تَفَاوُت حَال مَنْ جَرَّبَ الشَّيْء وَمَنْ لَمْ يُجَرِّبهُ، وَقَدْ تَقَدَّمَ إِيضَاحه فِي كِتَاب التَّيَمُّم" (الفتح: 8/460).
|
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52561 العمر : 72
| موضوع: رد: الطاهرة المطهرة عائشة بنت الصديق رضي الله عنها الإثنين 12 أبريل 2021, 3:21 am | |
| قد يكون الخير فيما نكرهه (بل هو خير لكم)، والخيرية هنا تتبدى في عشرة جوانب: أ- براءة عائشة رضي الله عنه تتلى في القرآن إلى يوم القيامة . ب- ما أورثته الحادثة من تعلق قلبها بالله. ت- ومن امتلاء قلبها بعبودية الصبر. ث- ومن تثقيل لميزان حسناتها. ج- ومن حصولها على حسنات غيرها ممن تكلم فيها. ح- ومن تكفير لسيئاتها. خ- وبيان لعظيم مكانتها. د- وقد عُرف المؤمنون من المنافقين. ذ- وعرف قوي الإيمان من غيره. ر- واشتملت آيات الحادثة على مهمات الآداب للجماعة المؤمنة.
- تحريم الظن. - براءة عائشة وبيان فضلها يقود إلى الحديث عن فضل صفوان؛ لأن التهمة تعلقت بهما، وصفوان رضي الله عنه لم يكن حصوراً، فهو الذي اشتكته امرأته إلى النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأنه يجبرها على الإفطار إذا صامت، فلما سأله أخبره بأنه شاب لا يصبر، وهذا أظهر في بيان فضله.
وقوله عندما سمع بأمر الإفك: "وَاللَّهِ مَا أَصَبْت اِمْرَأَة قَطُّ حَلالا وَلا حَرَامًا "لا يعارض ذلك؛ فهذا قبل الزواج.
من المواقف والآثار المعاصرة من حادثة الإفك: - زيادة حبِّ أبناء عائشة - رضي الله عنها - لأمِّهم، وبغضهم لمن يطعن فيها، وترضِّيهم عليها، ودعاؤهم لها، وإحياؤهم لسيرتها العطرة وإحياء ذلك مع أبنائنا وبناتنا؛ حتى يتعرَّفن على أمِّهن، ويقتدين بها في حيائها وعفتها وعِلمها.
-درس في الثبات والصبر على البلاء ..لقد رأينا كيف كان وقع هذه الحادثة الأليمة على أشرف الخلق محمد صلى الله عليه وسلم، وعلى زوجتِه الطاهرة التي كاد قلبها أن ينفطر من الحزن والبكاء، وعلى صاحبِه أبي بكر، الصديقِ التقي، السابق الوفي، أحبِ الناس إلى النبي صلى الله عليه وسلم ..فقد عانى أبو بكر وزوجته من الألم والحزن ما لم يعانيه من قبل، حتى قال: أمر لم نتهم به في الجاهلية، أفنرمى به في الإسلام؟
وكان الألم يعتصر في قلب صفوانَ بنِ المعطل، وهو يُرمَى بخيانة بيت النبوة؟ وهتك عرض من يحبه حباً عظيماً بعد الله عز وجل.
ومع شدة البلاء إلا أنهم جميعاً واجهوه بالصبر والثبات، حتى أنزل الله تعالى الفرج من عنده.
- درس في التثبت في نقل الأخبار والأحكام، والحذر من الخوض في أعراض المسلمين بغير حجة أو برهان، أو إشاعة مثل هذه الأخبار غير الموثوقة في المجتمع.بل الواجب على المسلمين أن يظنوا بأنفسهم وإخوانهم خيراً، ولا يعتمدوا على سوء الظن وقالة السوء التي ينشرها المنافقون في المجتمع، وأن يطهروا أسماعهم وأبصارهم وألسنتهم من هذا البهتان العظيم، ثم إن كانت لديهم البينة على من أشاع ذلك فليطلبوا إقامة الحد الشرعي على من ينقل هذا البهتان من المنافقين أو المخدوعين من المسلمين.
- بيان خطر المنافقين على المجتمع المسلم، كما وقع من رأس النفاق عبد الله بن أبي بن سلول، ومن وراءه من المنافقين واليهود الذين كانوا يتآمرون على الإسلام والنبي صلى الله عليه وسلم، فلما باءت كل محاولاتهم بالفشل لجأوا إلى هذا الأسلوب الخسيس، بأن يشككوا في أطهر وأشرف بيت عرفته البشرية إلى يومنا هذا، بل وإلى قيام الساعة.
ولا تزال أذناب هؤلاء المجرمين إلى يومنا هذا ..إلى اليوم ونحن نسمع من يرمي أم المؤمنين عائشة بالفاحشة، من الرافضة وبالباطنية الذين يصرحون في كتبهم ودروسهم الآن أن عائشة زانية، حاشاها عن ذلك، بل يقذفونها بالألفاظ الشنيعة والأوصاف البشعة، التي لا يمكن أن نذكرها في هذا المقام.
وهؤلاء في الحقيقة، لا حظ لهم من الإسلام، فهم أول المكذبين بالقرآن الذي برأ عائشة من فوق سبع سموات، وهم أول الطاعنين في عرض النبي صلى الله عليه وسلم.
- لطفُ الله تعالى بعباده، ودفاعُه عن أوليائه، فقد برأ الله سبحانه وتعالى الصديقة بنت الصديق من فوق سبع سماوات، وأعلى ذكرها، وأنزل في براءتها وفضلها آياتٍ تتلى إلى قيام الساعة، رضي الله عنها، ولعن من افترى عليها.
- ضعف النفوس، وحاجتها إلى التثبيت من الله تعالى عند الابتلاء.
كان ممن خاض في الإفك مسطحُ بن أثاثة، وهو من أهل بدر الذين قال الله لهم: اعملوا ما شئتم فإني قد غفرت لكم، وحسانُ بن ثابت، شاعر النبي، الذي كان يذب عن الإسلام ويدافع عن رسول الله بشعره، وحمنةُ بنت جحش أختُ أم المؤمنين زينب بنت جحش رضي الله عنها.
وفي المقابل ثبّت الله تعالى أمَّ المؤمنين زينبَ بنتَ جحش وعصمها من الوقوع في هذا الأفك مع وجود الغيرة والمنافسة بينها وبين عائشة رضي الله عنهن جميعاً.
وإذا كان بعض الصحابة قد زلت بهم القدم، فخاضوا مع الخائضين في الإفك، فإن غيرَهم من باب أولى .
فالحذر الحذر من الولوغ في أعراض المسلمين، والحذر الحذر من اللسان، فإن اللسان كالثعبان، يهلك الإنسان، متى ما أطلق له العِنان.
احذر لسانك أيهـا الإنسان لا يلدغنك إنـه شيطـان كم في المقابر من قتيل لسانه كانت تخاف لقاءَه الشجعان
- أن هذه الأمة لا تزال مستهدفةً في رموزها ومقدساتها، وكل ما يتعلق بدينها، ولا تزال الحملات المغرضة توجِّه سهامَها إلى الإسلام أو القرآن أو جناب النبي صلى الله عليه وسلم، أو الطعن في العلماء أو الدعاة أو المتمسكين بالدين، بتلفيق التهم ضدهم، ورميهم في أعراضهم وفي أنفسهم، ولكن الله يدافع عنهم، ويرد كيد أعدائهم في نحورهم، ويزيد أنبياءه وأولياءه الصالحين رفعة في الدنيا وثواباً في الآخرة، (بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق ولكم الويل مما تصفون) .
موقف العلماء من التهجم على عائشة أجمه علماء أهل السنة والجماعة على أن من طعن في عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها بما برأها الله منه وبما رماها به المنافقون من الإفك؛ فإنه كافر مكذب بما ذكره الله في كتابه من إخباره ببراءتها وطهارتها، وقالوا إنه يجب قتله.ونذكر هنا طائفة من أقوالهم:
1- أورد أبو محمد بن حزم الظاهري بإسناده إلى هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ قَالَ: سَمِعْت مَالِكَ بْنَ أَنَسٍ يَقُولُ: مَنْ سَبَّ أَبَا بَكْرٍ، وَعُمَرَ جُلِدَ، وَمَنْ سَبَّ عَائِشَةَ قُتِلَ، قِيلَ لَهُ: لِمَ يُقْتَلُ فِي عَائِشَةَ؟ قَالَ: لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ فِي عَائِشَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا -(يَعِظُكُمُ اللَّهُ أَنْ تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَدًا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) (النور: 17).
قَالَ مَالِكٌ: فَمَنْ رَمَاهَا فَقَدْ خَالَفَ الْقُرْآنَ، وَمَنْ خَالَفَ الْقُرْآنَ قُتِلَ؟ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: قَوْلُ مَالِكٍ هَاهُنَا صَحِيحٌ، وَهِيَ رِدَّةٌ تَامَّةٌ، وَتَكْذِيبٌ لِلَّهِ تَعَالَى فِي قَطْعِهِ بِبَرَاءَتِهَا.
وَكَذَلِكَ الْقَوْلُ سَائِرُ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ، وَلا فَرْقَ.لأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ (وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ أُولَئِكَ مُبَرَّءُونَ مِمَّا يَقُولُونَ) (النور: 26) فَكُلُّهُنَّ مُبَرَّآتٌ مِنْ قَوْلٍ إفْكٍ - وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ .
- وقال القاضي أبو يعلى: "من قذف عائشة بما برَّأها الله منه كفرَ بلا خلاف، وقد حكى الإجماع على هذا غير واحد، وصرَّح غير واحد من الأئمة بهذا الحكم.
- و قال ابن قدامة المقدسي: "من السنة: الترضي عن أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم أمهات المؤمنين المطهرات المبرآت من كل سوء، أفضلهن خديجة بنت خويلد، وعائشة الصديقة بنت الصديق، التي برأها الله في كتابه، زوج النبي صلى الله عليه وسلم في الدنيا والآخرة، فمن قذفها بما برأها الله منه فقد كفر بالله العظيم.
- وقال الإمام النووي في تعداده الفوائد التي اشتمل عليها حديث الإفك: براءة عائشة رضي الله عنها من الإفك وهي براءة قطعية بنص القرآن العزيز، فلو تشكك فيها إنسان والعياذ بالله صار كافراً مرتداً بإجماع المسلمين، قال ابن عباس وغيره: لم تزن امرأة نبي من الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين، وهذا إكرام من الله تعالى لهم .
- وقال أبو بكر بن العربي: "إن أهل الإفك رموا عائشة المطهرة بالفاحشة فبرأها الله، فكل مَن سبَّها بما برَّأها الله منه فهو مكذب لله، ومن كذَّب الله تعالى فهو كافر، فهذا طريق قول مالك، وهي سبيل لائحة لأهل البصائر، ولو أن رجلاً سبَّ عائشة بغير ما برَّأها الله منه لكان جزاؤه التأديب.
- وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: "ومن رمى عائشة رضي الله عنها بما برأها الله منه فقد مرق من الدين".
- وقال ابن القيم: "وَنَزَلَ عُذْرُهَا مِنَ السَّمَاءِ، وَاتَّفَقَتِ الأُمَّةُ عَلَى كُفْرِ قَاذِفِهَا.
- وقال ابن كثير: "هذا وَعِيدٌ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى لِلَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ- خُرِّجَ مَخْرَجَ الْغَالِبِ- الْمُؤْمِنَاتِ فَأُمَّهَاتُ الْمُؤْمِنِينَ أَوْلَى بِالدُّخُولِ فِي هَذَا مِنْ كُلِّ مُحَصَّنَةٍ، وَلا سِيَّمَا الَّتِي كَانَتْ سَبَبَ النُّزُولِ، وَهِيَ عَائِشَةُ بِنْتُ الصَّدِّيقِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، وَقَدْ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ رَحِمَهُمُ اللَّهُ قَاطِبَةً عَلَى أَنَّ مَنْ سَبَّهَا بَعْدَ هَذَا وَرَمَاهَا بِمَا رَمَاهَا بِهِ بَعْدَ هَذَا الَّذِي ذُكِرَ فِي هَذِهِ الآيَةِ، فَإِنَّهُ كَافِرٌ لأَنَّهُ مُعَانِدٌ لِلْقُرْآنِ، وَفِي بَقِيَّةِ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ قَوْلَانِ: أَصَحُّهُمَا أَنَّهُنَّ كَهِيَ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
فتوى هيئة كبار العلماء فيمن اتهم عائشة بسوء بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد: فقد اطلعت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء بالمملكة العربية السعودية على ما تناقلته وسائل الإعلام من القذف والسب والطعن في عرض زوج النبي صلى الله عليه وسلم، وأم المؤمنين عائشة رضي الله عنها مكذباً للكتاب والسنة المطهرة، وإحقاقاً للحق ودفاعاً عن عرض أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها الذي هو عرض النبي صلى الله عليه وسلم.
كتبت اللجنة البيان الآتي: إن من أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة وجوب محبة صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتوقيرهم والترضي عنهم؛ فهم الذين صحبوا خاتم الأنبياء والمرسلين، وهم الذين عايشوا نزول الوحي، وهم الذين مدحهم الله في كتابه وأثنى عليهم المصطفى عليه الصلاة والسلام في سنته وكفى بذلك منقبة وفضيلة: قال الله تعالى: وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ (التوبة: 100)، وقال تعالى: لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً (الفتح: 18)، وقال تعالى: مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ (الفتح: 29).
وثبت عنه عليه الصلاة والسلام كما عند البخاري ومسلم أنه قال: " خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ".وقال أيضاً عليه الصلاة والسلام: " لا تسبوا أصحابي فلو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهباً ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه" .متفق عليه.
والأحاديث في تزكيتهم وذكر فضائلهم جماعة وأفراداً كثيرة جداً.
ومن أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة كذلك؛ وجوب محبة آل بيت النبي عليه الصلاة والسلام، ومعرفة حقهم وتنزيلهم المنزلة اللائقة بهم فهم وصية رسول الله كما ثبت بذلك الخبر من قوله عليه الصلاة والسلام في صحيح مسلم "أذكركم الله في أهل بيتي ثلاثاً".
وقد روى البخاري ومسلم أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه قال: والذي نفسي بيده لقرابة رسول الله صلى الله عليه وسلم أحب إلي أن أصل من قرابتي.وقال- رضي الله عنه- كذلك كما في صحيح البخاري: ارقبوا محمداً في أهل بيته .
ولا شك أن أزواجه وذريته عليه الصلاة والسلام من أهل بيته، ويدل لذلك قوله تعالى: يَا نِسَاء النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ النِّسَاء إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَّعْرُوفاً وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً (الأحزاب: 32-33) .
ومن معتقد أهل السنة والجماعة؛ أن المرء لا يبرأ من النفاق إلا بسلامة المعتقد في الصحابة وآل البيت.
يقول الطحاوي: ومن أحسن القول في أصحاب النبي وأزواجه الطاهرات من كل دنس وذرياته المقدسين من كل رجس فقد برئ من النفاق.
وقال: ونحب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا نفرط في حب أحد منهم، ولا نتبرأ من أحد منهم، ونبغض من يبغضهم، وبغير الخير يذكرهم، ولا نذكرهم إلا بخير، وحبهم دين وإيمان وإحسان، وبغضهم كفر ونفاق وطغيان.
وبهذا يتبين أن سب صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم أو التعرض لعرضه عليه الصلاة والسلام بقذف أزواجه جرم عظيم، وخصوصاً الصديقة بنت الصديق، وهي المبرأة من فوق سبع سماوات، وكانت أحب أزواج النبي صلى الله عليه وسلم إليه، وكانت أفقه نساء الأمة على الإطلاق؛ فكان الأكابر من الصحابة رضي الله عنهم أجمعين إذا أشكل عليهم الأمر في الدين استفتوها.
ومناقبها رضي الله عنها كثيرة مشهورة؛ فقد وردت أحاديث صحيحة بخصائص انفردت بها عن سواها من أمهات المؤمنين رضي الله عنهن وأرضاهن ومنها:
أولاً: مجيء الملك بصورتها إلى النبي صلى الله عليه وسلم في سرقة من حرير قبل زواجها به صلى الله عليه وسلم؛ فقد روى البخاري ومسلم من حديث عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أريتك في المنام ثلاث ليال جاءني بك الملك في سرقة من حرير فيقول هذه امرأتك فأكشف عن وجهك؛ فإذا أنت هي فأقول: إن يكن هذا من عند الله يمضه.
ثانياً: ومن مناقبها رضي الله عنها أنها كانت أحب أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، وقد صرح بمحبتها لما سئل عن أحب الناس إليه، فقد روى البخاري عن عمرو بن العاص رضي الله عنه أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أي الناس أحب إليك؟ قال عائشة قلت فمن الرجال قال أبوها" .
قال الحافظ الذهبي- رحمه الله: وهذا خبر ثابت وما كان عليه الصلاة والسلام ليحب إلا طيبا، وقد قال: لو كنت متخذا خليلاً من هذه الأمة لاتخذت أبا بكر خليلاً ولكن أخوة الإسلام أفضل، فأحب النبي صلى الله عليه وسلم أفضل رجل من أمته وأفضل امرأة من أمته؛ فمن أبغض حبيبي رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو حري أن يكون بغيضاً إلى الله ورسوله وحبه عليه الصلاة والسلام لعائشة كان أمراً مستفيضاً.
ثالثاً: ومن مناقبها رضي الله عنها نزول الوحي على النبي صلى الله عليه وسلم وهو في لحافها دون غيرها من نسائه عليه الصلاة والسلام، فقد روى البخاري عن هشام بن عروة عن أبيه قال: كان الناس يتحرون بهداياهم يوم عائشة.
قالت عائشة: فاجتمع صواحبي إلى أم سلمة فقلن: يا أم سلمة والله إن الناس يتحرون بهداياهم يوم عائشة وإنا نريد الخير كما تريده عائشة فمري رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يأمر الناس أن يهدوا إليه حيث كان أو حيث ما دار قالت فذكرت ذلك أم سلمة للنبي صلى الله عليه وسلم قالت فأعرض عني فلما عاد إلي ذكرت له ذلك فأعرض عني.
فلما كان في الثالثة ذكرت له فقال: يا أم سلمة لا تؤذيني في عائشة فإنه والله ما نزل علي الوحي في لحاف امرأة منكن غيرها.
قال الحافظ الذهبي رحمه الله: وهذا الجواب منه دال على أن فضل عائشة على سائر أمهات المؤمنين بأمر إلهي وراء حبه لها وأن ذلك الأمر من أسباب حبه لها.
رابعاً: ومن مناقبها رضي الله عنها أن جبريل عليه السلام أرسل إليها سلامه مع النبي صلى الله عليه وسلم؛ فقد روى البخاري عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً: يا عائشة هذا جبريل يقرئك السلام.
فقلت: وعليه السلام ورحمة الله وبركاته ترى مالا أرى تريد رسول الله صلى الله عليه وسلم .
قال النووي: وفيه فضيلة ظاهرة لعائشة رضي الله عنها.
خامساً: ومن مناقبها رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم بدأ بتخييرها عند نزول آية التخيير، وقرن ذلك بإرشادها إلى استشارة أبويها في ذلك الشأن لعلمه أن أبويها لا يأمرانها بفراقه؛ فاختارت الله ورسوله والدار الآخرة فاستن بها بقية أزواجه صلى الله عليه وسلم.
فقد روى البخاري ومسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت: " لما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بتخيير أزواجه بدأ بي؛ فقال: إني ذاكر لك أمراً فلا عليك ألا تعجلي حتى تستأمري أبويك قالت: وقد علم أن أبوي لم يكونا يأمراني بفراقه.
قالت: ثم قال: إن الله جل ثناؤه قال: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لّأَزْوَاجِكَ إِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحاً جَمِيلاً *وَإِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنكُنَّ أَجْراً عَظِيماً (الأحزاب: 28 -29).
قالت: فقلت أفي هذا أستأمر أبوي؟ فإني أريد الله ورسوله والدار الآخرة قالت: ثم فعل أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل ما فعلت. |
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52561 العمر : 72
| موضوع: رد: الطاهرة المطهرة عائشة بنت الصديق رضي الله عنها الإثنين 12 أبريل 2021, 3:22 am | |
| سادساً: ومن مناقبها رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يحرص على أن يمرض في بيتها، فكانت وفاته صلى الله عليه وسلم بين سحرها ونحرها؛ في يومها، وجمع الله بين ريقه وريقها في آخر ساعة من ساعاته في الدنيا، وأول ساعة من الآخرة ودفن في بيتها.
فقد روى البخاري عن عائشة رضي الله عنها: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما كان في مرضه جعل يدور في نسائه ويقول أين أنا غداً؟ حرصاً على بيت عائشة قالت: فلما كان يومي سكن.
وعند مسلم عنها أيضاً قالت: إن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتفقد يقول أين أنا اليوم أين أنا غدا؟ استبطاء ليوم عائشة قالت فلما كان يومي قبضه الله بين سحري ونحري" .
وروى البخاري أيضاً عنها: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يسأل في مرضه الذي مات فيه يقول: أين أنا غداً أين أنا غداً؟ يريد يوم عائشة؛ فأذن له أزواجه يكون حيث شاء؛ فكان في بيت عائشة حتى مات عندها قالت عائشة: فمات في اليوم الذي يدور علي فيه في بيتي فقبضه الله، وإن رأسه لبين نحري وسحري، وخالط ريقه ريقي ثم قالت: دخل عبدالرحمن بن أبي بكر ومعه سواك يستن به؛ فنظر إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت له: أعطني هذا السواك يا عبدالرحمن؛ فأعطانيه؛ فقضمته ثم مضغته فأعطيته رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستن به وهو مستند إلى صدري.
وفي رواية أخرى بزيادة: فجمع الله بين ريقي وريقه في آخر يوم من الدنيا وأول يوم من الآخرة.
سابعاً: ومن مناقبها رضي الله عنها إخبار رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنها من أصحاب الجنة:
فقد روى الحاكم بإسناده إلى عائشة رضي الله عنها قالت: "قلت يا رسول الله مَنْ مِنْ أزواجك في الجنة؟ قال اما إنك منهن؟ قالت فخيل إلي آن ذاك أنه لم يتزوج بكراً غيري" .
وروى البخاري عن القاسم بن محمد: أن عائشة اشتكت فجاء ابن عباس فقال: " يا أم المؤمنين تقدمين على فرط صدق على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى أبي بكر » وفي هذا فضيلة عظيمة لعائشة رضي الله عنها حيث قطع لها بدخول الجنة إذ لا يقول ذلك إلا بتوقيف" .
ثامناً: ومن مناقبها رضي الله عنها ما رواه البخاري ومسلم عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام.
ففي هذا الحديث يبين النبي صلى الله عليه وسلم أن فضل عائشة زائد على النساء كزيادة فضل الثريد على غيره من الأطعمة.
تاسعاً: ومن مناقبها رضي الله عنها نزول آيات من كتاب الله بسببها؛ فمنها ما هو في شأنها خاصة، ومنها ما هو على الأمة عامة، فأما الآيات الخاصة بها والتي تدل على عظم شأنها ورفعة مكانتها شهادة الباري جل وعلا لها بالبراءة مما رميت به من الإفك والبهتان، وهو قوله تعالى إِنَّ الَّذِينَ جَاؤُوا بِالإِفْكِ عُصْبَةٌ مِّنكُمْ لا تَحْسَبُوهُ شَرّاً لَّكُم بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُم مَّا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ (النور: 11) إلى قوله تعالى: الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ أُوْلَئِكَ مُبَرَّؤُونَ مِمَّا يَقُولُونَ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (النور: 26).
وقد قال بعض المحققين فيها أيضاً: ومن خصائصها أن الله سبحانه وتعالى برأها مما رماها به أهل الإفك، وأنزل في عذرها وبراءتها وحياً يتلى في محاريب المسلمين وصلواتهم إلى يوم القيامة، وشهد لها بأنها من الطيبات ووعدها المغفرة والرزق الكريم، وأخبر سبحانه أن ما قيل فيها من الإفك كان خيراً لها، ولم يكن ذلك الذي قيل فيها شراً لها ولا خافضاً من شأنها بل رفعها الله بذلك، وأعلى قدرها، وأعظم شأنها، وصار لها ذكراً بالطيب والبراءة بين أهل الأرض والسماء فيالها من منقبة ما أجلها.
وبهذا وغيره يتبين فضلها ومنزلتها رضي الله عنها وأرضاها، وأن قذفها بما هي بريئة منه تكذيب لصريح القرآن والسنة يخرج صاحبه من الملة كما أجمع على ذلك العلماء قاطبة ونقل هذا الإجماع عدد من أهل العلم.
فالواجب على كل مسلم محبة صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، والترضي عنهم أجمعين، وتوقيرهم، ونشر محاسنهم، والذب عن أعراضهم، والإمساك عما شجر بينهم؛ فهم بشر غير معصومين، ولكن نحفظ فيهم وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم، ونتأدب معهم بأدب القرآن فنقول: رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاً لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ (الحشر: 10).
هدى اللهُ الجميع لصراطه المستقيم، واتباع سيد المُرسلين، وصحابته الغُر الميامين، والحمد لله رب العالمين.
اللّجنة الدّائمة للبحوث العلمية والإفتاء الرَّئيس: عبد العزيز بن عبد اللَّـه آل الشَّيخ
الأعضاء: أحمد بن علي سير المباركي صالِح بن فَوزانَ الفَوْزان مُحمَّد بن حسن آل الشَّيخ عبد اللَّـه بن مُحمَّد الخنين عبداللَّه بن مُحمَّد المطلق عبد الكريم بن عبد اللَّه الخُضَيْر |
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52561 العمر : 72
| موضوع: رد: الطاهرة المطهرة عائشة بنت الصديق رضي الله عنها الإثنين 12 أبريل 2021, 3:23 am | |
| المراجع: القرآن العظيم ابن أبي حاتم .عبد الرحمن بن محمد .الجرح والتعديل.دار إحياء التراث .بيروت . ابن أبي شيبة .أبو بكر بن أبي شيبة .المصنف .مكتبة الرشد – الرياض . ابن أبي عاصم .أحمد بن عمرو .الزهد .دار الريان للتراث – القاهرة . ابن الأثير .المبارك بن محمد .النهاية في غريب الحديث .المكتبة العلمية – بيروت . ابن القيم .محمد بن أبي بكر بن أيوب .إعلام الموقعين .دار الكتب العلمية – ييروت . ابن القيم .محمد بن أبي بكر بن أيوب .زاد المعاد .مؤسسة الرسالة . ابن تيمية .أحمد بن عبدالحليم .الصارم المسلول.الحرس الوطني .السعودية . ابن تيمية .أحمد بن عبدالحليم .منهاج السنة .طبعة محمد رشاد سالم. ابن تيمية .أحمد بن عبدالحليم .مجموع الفتاوى .مجمع الملك فهد . ابن حزم .علي بن أحمد .المحلى بالآثار .دار الفكر – بيروت . ابن سعد .محمد بن سعد .الطبقات الكبرى .دار صادر – بيروت . ابن عبد البر .يوسف بن عبد الله .الاستذكار .دار الكتب العلمية – بيروت . ابن عبد البر .يوسف بن عبد الله .الاستيعاب .دار الجيل .بيروت. ابن عبد البر .يوسف بن عبد الله .التمهيد .وزارة الأوقاف – المغرب . ابن عساكر .علي بن الحسن .تاريخ دمشق .دار الفكر . ابن قدامة .عبد الله بن أحمد .لمعة الاعتقاد .وزارة الأوقاف .السعودية . ابن كثير .إسماعيل بن عمر .البداية والنهاية .دار الفكر . ابن كثير .إسماعيل بن عمر.تفسير القرآن العظيم .دار الكتب العلمية – بيروت . ابن هشام .عبد الملك بن هشام بن أيوب .السيرة النبوية .مكتبة البابي الحلبي . أبو وائل.أحمد .أمنا عائشة .نسخة وورد . الآجري .محمد بن الحسين .الشريعة.دار الوطن – السعودية . الأسماء والمصاهرات بين أهل البيت والصحابة .السيد بن أحمد .الكويت . الأصبهاني .أحمد بن عبد الله .حلية الأولياء .دار السعادة - مصر . الألباني .السلسلة الصحيحة .المعارف .السعودية . الألباني .السلسلة الضعيفة .المعارف .السعودية . الألباني .تخريج أحاديث فضائل الشام .المكتب الإسلامي . أم المؤمنين عائشـة .محمد مال الله .جمع من كتب ابن تيمية .نسخة وورد . البخاري .محمد بن إسماعيل .التاريخ الكبير .دائرة المعارف العثمانية .حيدر آباد . البخاري .محمد بن إسماعيل .الجامع المسند الصحيح .دار طوق النجاة . البستي .محمد بن حبان .الإحسان في تقريب صحيح ابن حبان .الرسالة . البستي .محمد بن حبان .الثقات دائرة المعارف العثمانية .حيدر آباد . البنكاني .رد السهام الطائشة .ماجد البنكاني , نسخة ورد . الترمذي .محمد بن عيسى .سنن الترمذي .البابي الحلبي – مصر . الخراشي .سليمان الخراشي .العلاقة الحميمة بين الصحابة وآل البيت .نسخة وورد . الخلال .أحمد بن محمد .السنة .دار الراية .السعودية . الخليلي .خليل بن عبد الله .الإرشاد في معرفة علماء الحديث .مكتبة الرشد – الرياض . دمشقية أحاديث يحتج بها الشيعة .عبدالرحمن دمشقية .نسخة وورد . الذهبي .محمد بن أحمد بن عثمان .ميزان الاعتدال.دار المعرفة - بيروت. الذهبي.محمد بن أحمد بن عثمان.سير أعلام النبلاء .دار الحديث- القاهرة . الرامهرمزي .الحسن بن عبد الرحمن .أمثال الحديث .مؤسسة الكتب الثقافية .بيروت . الرسول حياة محمد .بودلي .دار الكتاب العربي .مصر ترجمة عبدالحميد السحار ومحمد فرج. الرياشي .أبو مالك .كف الأوباش المفترين عن الطعن في أمنا عائشة .دار الفرقان . الزركشي .بدر الدين محمد بن عبد الله بن بهادر .الإجابة لإيراد ما استدركته عائشة على الصحابة .مجمع البحث الإسلامية – إسلام آباد . الزيلعي .عبد الله بن يوسف .نصب الراية .مؤسسة الريان – بيروت . السجستاني .سليمان بن الأشعث .سنن أبي داود .المكتبة العصرية – بيروت. السعدي .عبد الرحمن بن ناصر .تيسير الكريم الرحمن .مؤسسة الرسالة. الشوكاني .محمد بن علي .نيل الأوطار .دار الحديث .مصر . الشيباني .عبدالله بن أحمد .السنة .دار ابن القيم – الدمام . الشيباني .أحمد بن حنبل .فضائل الصحابة .مؤسسة الرسالة – بيروت . الشيباني .أحمد بن حنبل .مسند أحمد .الرسالة . الشيباني .علي بن أبي الكرم محمد .أسد الغابة .دار الفكر – بيروت . الصنعاني .عبد الرزاق بن همام .المصنف .المكتب الإسلامي - بيروت الصنعاني .محمد بن إسماعيل .سبل السلام .دار الحديث . صوفي .عبدالقادر بن محمد .الصاعقة في نسف أباطيل وافتراءات الشيعة .أضواء السلف .السعودية . الطبراني .سليمان بن أحمد .المعجم الكبير .مكتبة ابن تيمية – القاهرة . الطبراني.سليمان بن أحمد .المعجم الصغير .المكتب الإسلامي .عمان . الطبري .محمد بن جرير .تاريخ الرسل والملوك .دار التراث – بيروت . العسقلاني .أحمد بن علي .الإصابة في تمييز الصحابة .دار الكتب العلمية – بيروت. العسقلاني .أحمد بن علي .تهذيب التهذيب .دائرة المعارف النظامية، الهند . العسقلاني .أحمد بن علي .فتح الباري .دار المعرفة – بيروت . العسقلاني .أحمد بن علي .لسان الميزان .دائرة المعرف النظامية – الهند . العسقلاني أحمد بن علي .التلخيص الحبير.دار الكتب العلمية . العقيلي .محمد بن عمرو .الضعفاء الكبير .دار المكتبة العلمية – بيروت . العيني .محمود بن أحمد .عمدة القاري.دار إحياء التراث العربي – بيروت . القشيري .مسلم بن الحجاج .المسند الصحيح المختصر .دار إحياء التراث العربي – بيروت. اللالكائي .هبة الله بن الحسن .شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة .دار طيبة – السعودية. المالكي .محمد بن عبد الله .أحكام القرآن .دار الكتب العلمية .بيروت. المالكي .محمد بن عبد الله .العواصم من القواصم .دار الجيل بيروت – لبنان . مختصر التحفة للدهلوي .اختصار الألوسي .المكتبة السلفية .القاهرة . المزي .يوسف بن عبد الرحمن .تهذيب الكمال .مؤسسة الرسالة – بيروت . الموصلي .أحمد بن علي بن المثُنى .مسند أبي يعلى .دار المأمون للتراث – دمشق . النسائي .السنن الكبرى .أحمد بن شعيب مؤسسة الرسالة – بيروت . النووي .يحيى بن شرف .المنهاج شرح صحيح مسلم .دار إحياء التراث العربي .بيروت . النيسابوري .محمد بن عبد الله بن محمد .المستدرك .دار الكتب العلمية – بيروت. الهيثمي .علي بن أبي بكر .مجمع الزوائد .مكتبة القدسي- القاهرة . الموسوعة الشاملة . الموسوعة الشاملة الشيعية. |
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52561 العمر : 72
| موضوع: رد: الطاهرة المطهرة عائشة بنت الصديق رضي الله عنها الإثنين 12 أبريل 2021, 3:23 am | |
| الفهرس: المقدمة 3 ترجمتها 4 وفاتها 5 فضلها ومناقبها 5 - أنها أم المؤمنين بنص كتاب الله 6 - فضيلة من قوله تعالى: (يانساء النّبِيّ لَسْتُنّ كَأَحَدٍ مّنَ النساء) 6 - أن باختيارها مع أزواج النبي؛ النبي صلى الله عليه وسلم على الفراق يدخلن في قوله تعالى: (وَإِن كُنتُنّ تُرِدْنَ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَالدّارَ الاَخِرَةَ فَإِنّ اللّهَ أَعَدّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنكُنّ أَجْراً عَظِيماً) 6 - أنها من أهل البيت الذين شرفهم الله عز وجل بقوله تعالى: (إِنّمَا يُرِيدُ اللّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُـمُ الرّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهّرَكُمْ تَطْهِيــراً) 6 - نزول براءتها من فوق سبع سماوات 6 - أَنَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يتزوج بكراً غيرها 7 - فَضْلَ عَائِشَةَ عَلَى النِّسَاءِ كَفَضْلِ الثَّرِيدِ عَلَى سَائِرِ الطَّعَامِ 7 - زواجها بوحي من الله 7 - زوجة النبي صلى الله عليه وسلم في الدنيا والآخرة 7 - أحب الناس للنبي صلى الله عليه وسلم 8 - محبة النبي صلى الله عليه وسلم المسير معها والتحدث إليها 8 - صور من محبته لها 8 - وُجُوْب مَحَبَّتِهَا عَلَى كُلِّ أَحَدٍ، ذكره الزركشي في الإجابة 9 - كَانَ يَتْبَعُ رِضَاهَا 9 - إكرام جبريل لها 9 - جبريل يقرئ عائشة السلام 9 - نزول الوحي على رسول الله صلى الله عليه وسلم في لحاف عائشة 9 - بركة عائشة رضي الله عنها 10 - توفي رسول الله في حجرة عائشة وهو بين صدرها ونحرها 10 - دعاء النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة بمغفرة واجبة 11 - قول النبي صلى الله عليه وسلم لها: " كُنْتُ لَكِ كَأَبِي زَرْعٍلأُمِّ زَرْعٍ 11 - سَوْدَةَ وَهَبَتْ يومها لعائشة تبتغي رضا النبي صلى الله عليه وسلم 11 - مداعبة النبي صلى الله عليه وسلم وممازحته لها 12 عرض جوانب من حياتها 14 عائشة الفقيهة 14 مدرسة عائشة 18 - منهج المدرسة 18 عائشة الزاهدة الكريمة 21 عائشة العابدة المتواضعة 21 خوفها من ثناء الناس: 22 مروياتها في هدم الشرك والبدع والخرافات: 22 عائشة الورعة التقية: 23 عائشة المصون صاحبة الحياء: 25 ثناء الصحابة والتابعين عليها ومعرفتهم لقدرها وفضلها 25 العلاقة الحسنة بين عائشة وفاطمة وعلي وذريتهما 28 عائشة وحديث الكساء: 28 ثناء علي رضي الله عنه عليها: 28 استشهاد علي رضي الله عنه بعائشة رضي الله عنها أنها سمعت معه حديث الخوارج: 29 ثناؤها على علي: 30 عائشة تأمر الناس أن يبايعوا علياً رضي الله عنهم: 30 فاطمة رضي الله عنها وأمر النبي صلى الله عليه وسلم لها بمحبة عائشة 31 ثناء عائشة على فاطمة وذكر مناقبها 32 ابن عباس ابن عم علي رضي الله عنهم: 33 أئمة آل البيت يقتلون من يشتم عائشة 33 أئمة أهل البيت يسمون بناتهم باسم عائشة 33 المصاهرات بين آل الصديق وآل البيت 34 عرض أباطيل وافتراءات لا وجود لها 36 ذكر بعض الرواة الذين اعتمد عليهم كثير من أهل التواريخ 37 1- أبو مخنف لوط بن يحيى 37 2- الواقدي محمد بن عمر بن واقد الأسلمي 37 3- هشام بن محمد بن السائب الكلبي 37 4- صاحب "مروج الذهب" 37 5- صاحب "العقد الفريد" 38 6- سيف بن عمر التميمي 38 بعض قواعد أهل السنة في تلقي الأخبار والأحداث 38 عرض أباطيل وافتراءات لا وجود لها 38 قول ابن عباس لها: "وما أنت إلا حشية من تسع حشايات خلفهّن بعده...........39 - زعم الروافض أن قوله تعالى: (وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِن بَعْدِ قُوَّةٍ أَنكَاثًا) نزلت في عائشة.39 - زعم الرافضة أن النبي صلى الله علي وسلم بشرها بالنار 39 - قال ابن المطهر الحلي الرافضي عن عائشة رضي الله عنها: "وسموها أم المؤمنين، ولم يسموا غيرها بذلك الاسم" 40 - اتهامها بالكذب 40 - زعموا أن قول الله تعالى: (يَأَيّهَا الّذِينَ آمَنُوَاْ إِن جَآءَكُمْ فَاسِقُ بِنَبَإٍ فَتَبَيّنُوَاْ)، نزلت في عائشة.40 - زعم الرافضة أن الآيات في سورة النور: (إن الذين جاؤوا بالإفك) نزلت في مارية وليست في عائشة وأن القائل بالإفك هي عائشة.41 - " ما تدع عائشة عداوتنا أهل البيت" 42 - فسر بعضهم الخيانة في قوله: (فَخَانَتَاهُمَا) بارتكاب الفاحشة، والعياذ بالله تعالى: 43 - نسبوا إليها - رضي الله عنها، وحاشاها مما رموها به - أقوالاً في غاية الخسة، والبذاءة: 43 - أنت الذي تزعم أنك نبي (قول عائشة للنبي صلى الله عليه وسلم): 44 - ثم أدخلني في اللحاف مع بعض نسائه فصرنا ثلاثة (قول الزبير): 44 فألقت عصاها واستقرت بها النوى كما قـرعينـاً بالإيـاب المسافـر 45 - يا عائشة دعي أخي فإنه أول الناس إسلاماً 46 - اتهام عائشة وحفصة بقتل النبي عليه الصلاة والسلام بالسم: 46 - اتهامها بعداوة النبي عليه السلام وآل البيت رضي الله عنهم: 47 - كراهتها استخلافه في حسب زعم الشيعة 49 _يزعم الشيعة الرافضة أن عائشة رضي الله عنها قد ارتكبت فاحشة كبيرة بخروجها على علي رضي الله عنه: 49 _زعموا أن النبي صلى الله عليه وسلم جعل طلاق نسائه بيد علي رضي الله عنه: 50 _زعموا أيضاً أنها التقت - بعد ذلك - بطلحة والزبير رضي الله عنهما إثر مبايعتهما لعلي رضي الله عنه، فحرضت هما على الخروج عليه ونكث بيعته: 51 _يدعي الشيعة أن عليا رضي الله عنه أرسل غلاماً يحمل مصحفاً يدعو القوم إلى الصلح والدخول في طاعته، ولكن عائشة أمرت بقتله 52 _زعمهم أن أم سلمة نصحتها بعدم الحروج، وذكرتها بخبر الحوأب 53 _ قصة دخول ابن عباس رصي الله عنهما على عائشة إثر معركة الجمل دون إذنها: فموضوعة.53 - ادِّعاء الشيعة أنَّ عائشةَ مَنَعتْ من دَفْنِ الحسن بن علي عند جَدِّه صلَّى الله عليه وسلَّم.54 - ادِّعاء الشيعة أنَّ عائشة رضي الله عنها هي أوَّل مَن رَكِب السروج.55 - أن عائشة كانت تذكر لجبير بن مطعم وأن أمها احتالت لتزويجها للنبي صلى الله عليه وسلم.55 - أخذك (وفي رواية ألبسك) شيطانك يا عائشة: 56 - زعمهم أنها زادت في القرآن: 57 - أنها كانت تعير صفية بأنها كانت يهودية "ألست تزعم أنك رسول الله...غلبتنا هذه اليهودية (صفية): 58 - أن عائشة أرت مولاها سالم كيف كان رسول الله يتوضأ: 58 عرض أهم وأقوى الشبهات حول عائشة 60 - أنها ليست من أهل بيته: 60 - زعمهم أن عائشة وحَفْصة تآمَرَتا؛ لاغتيال النبي صلَّى الله عليه وسلَّم.62 - قول الرافضة: إنَّ عائشة كانتْ في كلِّ وقتٍ تأمُرُ بقتْل عثمان، وتقولُ في كلِّ وقتٍ: اقتلوا نعثلًا، قتَلَ الله نعثلًا، ولَمَّا بلَغَها قتْلُه، فَرِحَتْ بذلك.65 - ذكر الفضل بن شاذان - أحد علماء الشيعة - أن التحريض على قتل عثمان كان من قبل عائشة وحفصة معاً 66 - قال الرافضة: إن عائشة اتهمت عليا رضي الله عنه أنه قتل عثمان.69 - شبهة خروج أم المؤمنين لقتال علي رضي الله عنهما؛ والكلام على معركة الجمل.69 - أيتكن تنبح عليها كلاب الحوأب: 74 - قالوا: "وخالفت أمر الله في قوله تعالى: (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ): 77 - قالوا: وقد خرجت يوم الجمل بدون محرم: 78 - قالوا بأن عائشة كانت تبغض عليا؟! 79 حديث: "تقاتلين علياً وأنت ظالمة له" 81 - زعَمَ بعضُ المؤرِّخين أنَّ الزبير بن العوَّام أكْرَه السيدة عائشة على الخروج في معركة "الجَمَل".81 - زعَمَ بعضُ الكُتَّاب أنَّ السيدة عائشة كانتْ مُتسلِّطة على مَن معها ومُسْتبدَّة بقولها 82 - ادِّعاء الشيعة أنَّ عائشة لم تندم من خروجها يوم الجمل: 82 - ادعى الشيعة أن عداوة عائشة لعلي بقيت متأججة بعد موته، فانتقلت إلى أولاده ...واستدلوا على ذلك 83 ولقد كانت تروي فضائله 85 _قول عائشة كان علي مسلما في شأنها (قصة الإفك): 86 - قام النبي صلى الله عليه وسلم خطيباً فأشار نحو مسكن عائشة فقال: "ههنا الفتنة، ههنا الفتنة، ههنا الفتنة، من حيث يطلع قرن الشيطان" 87 _قالوا: أذاعت سر رسول الله صلى الله عليه وسلم: 90 - قالوا كذبت عائشة في قولها: إني أجد منك ريح مغافير 93 - قال الرافضة: سميت بالحميراء بسبب دم الحيض فهي على سبيل الذم لا المدح 95 -رواية: غيرة عائشة من خديجة وتنقصها لها.ورواية: ”ما أبدلني الله بخير منها“ 95 _قوله تعالى (ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ وَامْرَأَتَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ) (التحريم: 10).97 _تفسير الرافضة لقوله سبحانه: (من يأتي منكن بفاحشة مبينة) باحتمال وقوع الفاحشة منهن.99 - لقد علمت أن عليا أحب إليك من أبي مرتين أو ثلاثاً 99 _حديث " إنه سيكون بينك وبين عائشة أمر " 100 _طلب النبي صلى الله عليه وسلم من علي أن يرفق بها 100 - مسألة إرضاع الكبير 101 _زواج عائشة في سن صغيرة: 104 حادثة الإفك والآثار الإيجابية القديمة والمعاصرة 106 الفوائد والدروس من هذه الحادثة العظيمة 110 المواقف والآثار المعاصرة من حادثة الإفك 121 موقف العلماء من التهجم على عائشة 123 بيان اللجنة الدائمة فيمن ذكر عائشة بسوء البيان 126 |
|
| |
| الطاهرة المطهرة عائشة بنت الصديق رضي الله عنها | |
|