منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers

(إسلامي.. ثقافي.. اجتماعي.. إعلامي.. علمي.. تاريخي.. دعوي.. تربوي.. طبي.. رياضي.. أدبي..)
 
الرئيسيةالأحداثأحدث الصورالتسجيل
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

IZHAR UL-HAQ

(Truth Revealed) By: Rahmatullah Kairanvi
قال الفيلسوف توماس كارليل في كتابه الأبطال عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لقد أصبح من أكبر العار على أي فرد مُتمدين من أبناء هذا العصر؛ أن يُصْغِي إلى ما يظن من أنَّ دِينَ الإسلام كَذِبٌ، وأنَّ مُحَمَّداً -صلى الله عليه وسلم- خَدَّاعٌ مُزُوِّرٌ، وآنَ لنا أنْ نُحارب ما يُشَاعُ من مثل هذه الأقوال السَّخيفة المُخْجِلَةِ؛ فإنَّ الرِّسَالة التي أدَّاهَا ذلك الرَّسُولُ ما زالت السِّراج المُنير مُدَّةَ اثني عشر قرناً، لنحو مائتي مليون من الناس أمثالنا، خلقهم اللهُ الذي خلقنا، (وقت كتابة الفيلسوف توماس كارليل لهذا الكتاب)، إقرأ بقية كتاب الفيلسوف توماس كارليل عن سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-، على هذا الرابط: محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم-.

يقول المستشرق الإسباني جان ليك في كتاب (العرب): "لا يمكن أن توصف حياة محمد بأحسن مما وصفها الله بقوله: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِين) فكان محمدٌ رحمة حقيقية، وإني أصلي عليه بلهفة وشوق".
فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ على سائر البُلدان، كما فَضَّلَ بعض الناس على بعض والأيام والليالي بعضها على بعض، والفضلُ على ضربين: في دِينٍ أو دُنْيَا، أو فيهما جميعاً، وقد فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ وشَهِدَ لها في كتابهِ بالكَرَمِ وعِظَم المَنزلة وذَكَرَهَا باسمها وخَصَّهَا دُونَ غيرها، وكَرَّرَ ذِكْرَهَا، وأبَانَ فضلها في آياتٍ تُتْلَى من القرآن العظيم.
المهندس حسن فتحي فيلسوف العمارة ومهندس الفقراء: هو معماري مصري بارز، من مواليد مدينة الأسكندرية، وتخرَّجَ من المُهندس خانة بجامعة فؤاد الأول، اشْتُهِرَ بطرازهِ المعماري الفريد الذي استمَدَّ مَصَادِرَهُ مِنَ العِمَارَةِ الريفية النوبية المَبنية بالطوب اللبن، ومن البيوت والقصور بالقاهرة القديمة في العصرين المملوكي والعُثماني.
رُبَّ ضَارَّةٍ نَافِعَةٍ.. فوائدُ فيروس كورونا غير المتوقعة للبشرية أنَّه لم يكن يَخطرُ على بال أحَدِنَا منذ أن ظهر وباء فيروس كورونا المُستجد، أنْ يكونَ لهذه الجائحة فوائدُ وإيجابيات ملموسة أفادَت كوكب الأرض.. فكيف حدث ذلك؟!...
تخليص الإبريز في تلخيص باريز: هو الكتاب الذي ألّفَهُ الشيخ "رفاعة رافع الطهطاوي" رائد التنوير في العصر الحديث كما يُلَقَّب، ويُمَثِّلُ هذا الكتاب علامة بارزة من علامات التاريخ الثقافي المصري والعربي الحديث.
الشيخ علي الجرجاوي (رحمه الله) قَامَ برحلةٍ إلى اليابان العام 1906م لحُضُورِ مؤتمر الأديان بطوكيو، الذي دعا إليه الإمبراطور الياباني عُلَمَاءَ الأديان لعرض عقائد دينهم على الشعب الياباني، وقد أنفق على رحلته الشَّاقَّةِ من مَالِهِ الخاص، وكان رُكُوبُ البحر وسيلته؛ مِمَّا أتَاحَ لَهُ مُشَاهَدَةَ العَدِيدِ مِنَ المُدُنِ السَّاحِلِيَّةِ في أنحاء العالم، ويُعَدُّ أوَّلَ دَاعِيَةٍ للإسلام في بلاد اليابان في العصر الحديث.

أحْـلامٌ مِـنْ أبِـي (باراك أوباما) ***

 

 سَكرَاتُ الْمَوتِ ولَحْظَة خروج الرَّوحِ.

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

سَكرَاتُ الْمَوتِ ولَحْظَة خروج الرَّوحِ. Empty
مُساهمةموضوع: سَكرَاتُ الْمَوتِ ولَحْظَة خروج الرَّوحِ.   سَكرَاتُ الْمَوتِ ولَحْظَة خروج الرَّوحِ. Emptyالخميس 05 مايو 2022, 5:11 pm

سَكرَاتُ الْمَوتِ ولَحْظَة خروج الرَّوحِ. Untit752
الـدَّارُ الآخِــرة
سَكرَاتُ الْمَوتِ ولَحْظَة خروج الرَّوحِ.
لفضيلة الشيخ: ندا أبو أحمد
غفر الله له ولوالديه وللمسلمين

إن الحمد لله تعالى نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهد الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادى له، وأشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله...

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ) (سورة آل عمران: 102).

(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا) (سورة النساء: 1).

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا) (سورة الأحزاب: 70).

أمَّا بعد....،
فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي محمد -صلى الله عليه وسلم-، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.


أولاً: سـكـرات المــوت
للموت سكرات يلاقيها كل إنسان حين الاحتضار.
فقد أخرج ابن أبي الدنيا أن عائشة (رضي الله عنها) دخلت على أبيها أبي بكر -رضي الله عنه- في مرض موته، فلمَّا ثقل عليه، تمثّلت بقول الشاعر:
لعمرك ما يغني الثراء عن الفتى                إذا حشرجت يوماً وضاق به الصدر
فكشف عن وجهه، وقال -رضي الله عنه-: ليس كذلك، ولكن قولي:
(وَجَاءتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنتَ مِنْهُ تَحِيدُ) (ق: 19).

-    والمقصود بسكرات الموت:
هي "كُرُبَاتُهُ وغمراتُهُ".

قال الراغب في "مفرداته":
"السُّكْر حالة تعرض بين المرء وعقله، وأكثر ما تستعمل في الشراب المسكر، ويطلق في الغضب والعشق والألم والنعاس والغشي الناشئ عن الألم وهو المُراد هنا" (فتح الباري: 11/440)

أحبتي في الله...
لو لم يكن بين يدي العبد المسكين كرب ولا هول ولا عذاب سوى سكرات الموت بمجردها؛ لكان جديراً بأن يتنغَّص عليه عيشه، ويتكدَّر عليه سروره، ويفارقه سهوه وغفلته.

وحقيق بأن يطول فيه فكره، ويعظم له استعداده لاسيما، وهو في كل نفس بصدده.

فالموت كما قيل:
"كَرْبٌ بيدِّ سواك، لا تدري متى يغشاك".

- والعجيب أن الإنسان لو كان في أعظم اللذات، وأطيب المجالس من اللهو؛ فانتظر أن يدخل عليه إنسان؛ فيضربه خمس ضربات بالسيف؛ لتكدَّرت عليه لذّاته، ولفسد عليه عيشه، وهو في كل نفس بصدد أن يدخل عليه ملك الموت بسكرات النزع، وسكرات النزع كما قيل: "أشد من ضرب بالسيف، ونشر بالمناشير، وقرض بالمقارض"؛ لأن قطع البدن بالسيف إنما يؤلم لتعلقه بالروح، فكيف إذا كان المتناول المباشر نفس الروح؟!، وإنما يستغيث المضروب ويصيح؛ لبقاء قوته في قلبه وفي لسانه، وإنما انقطع صوت الميت وصياحه من شدة ألمه؛ لأن الكرب قد بلغ فيه، وتصاعد على قلبه، وبلغ كل موضع منه، فهدّ كل قوة وضعف كل جارحة، فلم يترك له قوة الاستغاثة، ولو كان المجزوب عِرْقاً واحداً؛ لكان ألمه عظيماً، فكيف والمجذوب نفس الروح؟، لا من عرق واحد بل من جميع العروق، ثم يموت كل عضو من أعضائه تدريجياً؛ فتبرد أولاً قدماه، ثم ساقاه، ثم فخذاه، ولكل عضوِ سكرة بعد سكرة، وكربة بعد كربة؛ حتى يبلغ بها إلى الحلقوم، فعند ذلك ينقطع نظره عن الدنيا وأهلها. (انظر التذكرة للقرطبي).

•    وصف السلف الصالح لسكرات الموت:
1- يروى عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-:
"أنه قال لكعب الأحبار: حدِّثنا عن الموت، فقال كعب: نعم يا أمير المؤمنين، هو كغصن كثير الشوك أُدخل في جوف رجل فأخذت كل شوكة بعرق، ثم جذبه رجلٌ شديدُ الجذب، فأخذ ما أخذ، وأبقى ما أبقى".

وكان عمر -رضي الله عنه- يقول:
"لو أن لي طلاع الأرض ذهباً؛ لافتديت بها من هول المطلع".

2- وقال شداد بن أوس:
"الموت أفظع هول في الدنيا والآخرة على المؤمن، وهو أشد من نشرٍ بالمناشير وقرض بالمقاريض، وغلي في القدور، ولو أن الميت نُشِرَ (بعث من قبره) فأخبر أهل الدنيا بألم الموت؛ ما انتفعوا بعيش ولا تلذذوا بنوم.

3- دخل الحسن البصري -رحمه الله- على مريض يعوده

 "فوجده في سكرات الموت، فنظر إلى كربه، وشدة ما نزل به؛ فرجع إلى أهله بغير اللون الذي خرج به من عندهم، فقالوا له: الطعام يرحمك الله، فقال: يا أهلاه عليكم بطعامكم وشرابكم، فوالله لقد رأيت مصرعاً لا أزال أعمل له حتى ألقاه".

وصدق عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- حيث قال:
"السعيد مَنْ وُعِظ بغيره".

وقيل لبعض الزهاد:
"ما أبلغ العظات؟ فقال: النظر إلى الأموات".

4- ولمَّا حضرت عمرو بن العاص -رضي الله عنه- الوفاة قال له ابنه عبد الله:
"يا أبتاه، إنك قد كنت تقول لنا: ليتني كنتُ ألقى رجلاً عاقلاً عند نزول الموت؛ حتى يصف لي ما يجد، وأنت ذلك الرجل، فصف لي الموت، فقال: والله يا بني لكأن جَنْبَيَّ في تخت وكأني أتنفَّس من سَمِّ إبرة، وكأن غصن الشوك يُجَرّ به من قدمي إلى هامتي، ثم قال:
ليتني كنت قبل ما بدا لي    في قلال الجبال أرعى الوعولا
والله ليتني كنتُ حيضاً، أعركتني الإماء بدريب الإذخر" (كتاب المحتضرين: ص 93).


•    الأنبياء وسكرات الموت
ولم يَسْلَمْ الأنبياء -مع علو مكانتهم ورفعة منزلتهم- من سكرات الموت..
يروى عن إبراهيم -عليه الصلاة والسلام– لَمَّا مات، قال الله -تعالى- له:
"كيف وجدت الموت؟ قال إبراهيم -عليه الصلاة والسلام-:
كسفود جُعِل في صوف رطب ثم جذب.
فقال له رب العزة: أمَا إنَّا قد هَوَّنَّا عليك".

ويروى عن موسى -عليه الصلاة والسلام-:
"أنه لمَّا صارت روحه إلى الله -تعالى-، قال له ربه:
يا موسى كيف وجدت الموت؟
قال: وجدتُ نفسي كشاة حية بيد القصَّاب تسلخ".

وروي عنه أيضاً أنه قال:
"وجدتُ نفسي كالعصفور الحي حين يُقْلَى في المقلى، لا يموت فيستريح، ولا ينجو فيطير".

وقد عانى الرسول -صلى الله عليه وسلم- كذلك من هذه السكرات: فقد أخرج البخاري من حديث عائشة (رضي الله عنها) قالت: "إن رسول الله -عليه الصلاة والسلام- كان بين يديْه رَكوةٌ، (أو علبة فيها ماء، يشك عمر) أحد رواة الحديث) فجعل يُدخل يده في الماء فيمسح بها وجهه ويقول: لا إله إلا الله: إن للموت سكرات، ثم نصب يده فجعل يقول: في الرفيق الأعلى، حتى قُبِضَ ومالت يده".

وأخرج البخاري عن عائشة أيضاً (رضي الله عنها) قالت:

"مات رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وإنه بين حاقنتي (وذاقنتي)، فلا أكره شدة الموت لأحد بعد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-".

وفي "الصحيح" أيضاً:
"أنه لَمَّا ثقل النبي -صلى الله عليه وسلم- جعل يتغشَّاه الكرب، فجعلت فاطمة (رضي الله عنها) تقول: واكرب أبتاه، فقال -صلى الله عليه وسلم-: لا كرب على أبيك بعد الموت".

وعند الإمام أحمد بسند صحيح عن أنس -رضي الله عنه- قال:
"لما قالت فاطمة ذلك - يعني لما وجد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من كرب الموت ما وجد، قالت فاطمة: واكرباه، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: با بنيَّة إنه قد حضر بأبيك ما ليس الله بتارك منه أحداً لموافاة يوم القيامة" (السلسلة الصحيحة: 1738).

لكن ما الحكمة من تشديد الموت على النبيِّين؟
يجيب عن هذا القرطبي (رضي الله عنها) فقال: لتشديد الموت على الأنبياء فائدتان: -
الأولى: تكميل فضائلهم ورفع درجاتهم، وليس ذلك نقصاً ولا عذاباً بل هو من جنس ما قال النبى -صلى الله عليه وسلم- كما في الحديث الذي أخرجه الترمذي وابن ماجه وأحمد: "إن أشد الناس بلاءً: الأنبياء، ثم الأمثل فالأمثل".

الثانية: أن يعرف الخلق مقدار ألم الموت وأنَّه باطن، وقد يطلع الإنسان على بعض الموتى، فلا يرى عليه حركة ولا قلقاً، ويرى سهولة خروج الروح، فيظن سهولة أمر الموت، ولا يعرف ما الميت فيه، فلما ذكر الأنبياءُ الصادقون في غيرهم شدة ألم الموت، مع كرامتهم على الله تعالى، قطع الخلق بشدة الموت الذي يُقاسيه الميت مطلقاً، لإخبار الصادقين عنه ما خلا الشهيد (قتيل الكفار)، فإنه لا يجد ألم القتل إلا كما يجد أحدكم ألم مس القرصة، كما ثبت في الحديث.اهـ

- فإذا كانت هذه سكرات الموت على الأنبياء والمرسلين وعباد الله الطيبين، فكيف بالظــالمين الذين قال عنهم رب العالمين: (وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلآئِكَةُ بَاسِطُواْ أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُواْ أَنفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللّهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنتُمْ عَنْ آيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ) (الأنعام: 93).

يقول ابن كثير -رحمه الله- في تفسير هذه الآية:
(وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ) (الأنعام: 93)، أي في سكراته وغمراته وكرباته: (وَالْمَلآئِكَةُ بَاسِطُواْ أَيْدِيهِمْ) أي: بالضرب، كقوله: (لَئِن بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي) (المائدة: 28) وقوله: (وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُم بِالسُّوءِ) (الممتحنة: 2).

قال غير واحد: (بَاسِطُواْ أَيْدِيهِمْ)، أي: بالعذاب، كقوله: (وَلَوْ تَرَى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُواْ الْمَلآئِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ) (الأنفال: 50)، ولهذا قال: (وَالْمَلآئِكَةُ بَاسِطُواْ أَيْدِيهِمْ) أي: بالضرب لهم حتى تخرج أنفسهم من أجسادهم، ولهذا يقولون لهم: (أَخْرِجُواْ أَنفُسَكُمُ)، وذلك أن الكافر إذا اُحْتُضِر بَشَّرَتْهُ
الملائكة بالعذاب والنكال والأغلال والسلاسل والجحيم والحميم، وغضب الرحمن الرحيم، فتتفرَّق روحه في جسده، وتعصى وتأبى الخروج؛ فتضربهم الملائكة حتى تخرج أرواحهم من أجسادهم؛ قائلين لهم: (أَخْرِجُواْ أَنفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللّهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنتُمْ عَنْ آيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ) (الأنعام: 93).

أي: اليوم تهانون غاية الإهانة، كما كنتم تكذبون على الله، وتستكبرون عن اتباع آياته، والانقياد لرسله.



سَكرَاتُ الْمَوتِ ولَحْظَة خروج الرَّوحِ. 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

سَكرَاتُ الْمَوتِ ولَحْظَة خروج الرَّوحِ. Empty
مُساهمةموضوع: رد: سَكرَاتُ الْمَوتِ ولَحْظَة خروج الرَّوحِ.   سَكرَاتُ الْمَوتِ ولَحْظَة خروج الرَّوحِ. Emptyالخميس 05 مايو 2022, 5:16 pm


وقد وردت الأحاديث المتواترة في كيفية احتضار الكفار عند الموت.اهـ
ففــي "مسند الإمــام" أحمد عن البراء بن عــازب -رضي الله عنه- أن النبي -رحمه الله- قــال: "وإن العبد الكــافر" -وفي رواية: "الفاجر- إذا كان في انقطاع من الدنيا، وإقبال من الآخرة؛ نزل إليه من السماء ملائكة غلاظٌ شدادٌ، سود الوجوه معهم المسوحُ) من النار، فيجلسون منه مدَّ البصر، ثم يجيء ملك الموت حتى يجلس عند رأسه، فيقول، أيتها النفس الخبيثة، اخرجي إلى سخط من الله وغضب، قال: فتفرق في جسده، فينتزعُها كما ينتزع السفود الكثيرُ الشعب من الصوف المبلول، فتُقطَّعُ معها العُروقُ والعصبُ".

سؤال:  ولعل قائل يقول:
إذاً ما الفارق بين الأتقياء والأشقياء، وبين الصالح والطالح؟ فالكل يعاني من سكرات الموت؟
نقول: "لا يستويان، فإن الكافر والفاجر يعانيان من الموت أكثر مما يعاني منه المؤمن؛ كما دلَّ على ذلك الحديث السابق، فتتقطع مع خروج الروح العروق والعصب، هذه أمر... والأمر الآخر: أن سكرات الموت للكافر أو الفاجر: محنة ونقمة وشدة وعذاب ونكال.
أما سكرات الموت للمؤمن التقي النقي: فهي منحة ونعمة ورحمة، حيث يُغفر بها الذنوب، أو تُرفع بها الدرجات.
فقد رُوي عن زيد بن أسلم مولى عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- أنه قال: "إذا بقي على المؤمن من درجاته شيء لم يبلغها بعمله؛ شُدِّد عليه الموت ليبلغ بسكرات الموت وشدائده درجته من الجنة، وإن الكافر كان قد عمل معروفاً في الدنيا، هُوِّن عليه الموت؛ ليستكمل ثواب معروفه في الدنيا؛ ثم يصير إلى النار". (رواه ابن أبي الدنيا في ذكر الموت).

وقــفــة:
الشهيد تُخفَّف عنه سكرات الموت
فقد أخرج الترمذي والنسائي والدارمي بسند حسن من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "الشهيد لا يجد ألم القتل إلا كما يجد أحدكم ألم القرصة". (صحيح الجامع: 3746).

موعـظـة:
يقول الحسن البصري (رضي الله عنها):
"اتقِ الله يا ابن آدم؛ لا يجتمع عليك خصلتان: سكرة الموت، وحسرة الفوت"

وقال ابن السماك:
"احذر السكرة والحسرة، أن يفجأك الموت وأنت على الغرة، فلا يصف واصف قدر ما تلقى"

وقال أحدهم:

يا فرقة الأحباب لابد لي منك    ويا  دار  دنيا  إنني  راحل  عنك
ويا قصر الأيام مالي وللمنى    ويا  سكرات الموت مالي وللضحك
فما لي لا أبكى لنفسى بعبرة    إذا كنت لا أبكي لنفسي فمن يبكي

ثانياً: لحظة خروج الروح وصعودها إلى السماء
مما لا شك فيه أن ساعة الموت ولحظة خروج الروح من أخطر اللحظات في عمر الإنسان

وذلك للأسباب الآتية: -
1- لأنها بداية الانتقال من عالم الشهادة المحسوس، الذي عرفه الإنسان وألفه، إلى عالم كان غيباً في الحياة الأولى، ويصير محسوساً في الحياة الجديدة، التي تبدأ بالموت الجسدي، ليحدث للإنسان في عالم البرزخ لأول مرة عوالم تختلف كل الاختلاف عن عوالم الدنيا التي عايشها وائتلف أو تنافر معها.

2- في هذه الساعة -ساعة الموت- يرى ملائكة الله ويسمع منهم الكلمة الفاصلة النازلة إليه من عند الله تعالى، وهي التي فيها نعيمه الأبدي أو شقاؤه الأبدي.

3- إن ساعة الموت فاصلة بين عمرٍ - مهما طال في عصرنا - فلن يزيد عن مائة وخمسون سنة، وهو يعتبر صفراً إذا قيس بآلاف السنين في القبر، وخمسين ألف سنة في الموقف، ثم إلى ما لا نهاية في نعيم لا يوصف، أو في شقاء لا يُتصوَّر، ففي هذا العمر القصير جداً يُحًدَّدْ المصير بالنسبة للمستقبل اللانهائي، وليس في عمر الدنيا كله يحدد مصير المستقبل، بل في سنين محدودة منه، وقد تكون أياماً، وقد تكون ساعة واحدة أو أقل، يتوب الإنسان فيها ويندم على ذنوبه، ويتضرَّع إلى ربه ويتخلَّص من مظالمه؛ فينال رضاء الله عند موته، ويطمئن على مستقبله، يا لها من سعادة في متناول الجميع، ومن مستقبل لا نهائي يحدد الإنسان مصيره في دقائق، وصدق الله القائل: (سَيَذَّكَّرُ مَن يَخْشَى (10) وَيَتَجَنَّبُهَا الْأَشْقَى (11) الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرَى (12) ثُمَّ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَى) (الأعلى: 10-13) (رحلة الخلود، لحسن أيوب: ص 112 بتصرف).

أحبتي في الله...
كل الناس متساوون في الدنيا ظاهرياً، سواء المؤمن والكافر، والصالح والطالح؛ فهم يرزقون ويسيرون ويذهبون ويجيئون، والله (رضي الله عنها) يعطي فيها المؤمن والكافر، والعاصي والمطيع؛ لأنه سبحانه يعطيها لمَن يحب ولمن لا يحب، لكن عندما ينزل بهم الموت لا يستوي المؤمن والكافر، ولا المحسن والمسئ، ففي هذه اللحظة، لحظه خروج الروح يظهر الفرقان، ويفترق الطريقان، ويمتاز الفريقان؛ فعند خروج روح المؤمن يجتمع له الخير كله، ولا ينسى أبداً هذه اللحظة حتى بعد دخوله الجنة، يقول بعض السلف: "إن العبد المؤمن وهو يتقلَّب في نعيم الجنة لا ينسى طعم وحلاوة بشارة ملك الموت له عند خروج الروح. ونقيض ذلك للعاصى والكافر.
وصدق الله -تعالى- حيث قال: (أًمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أّن نَّجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاء مَّحْيَاهُم وَمَمَاتُهُمْ سَاء مَا يَحْكُمُونَ) (الجاثية: 21).



سَكرَاتُ الْمَوتِ ولَحْظَة خروج الرَّوحِ. 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

سَكرَاتُ الْمَوتِ ولَحْظَة خروج الرَّوحِ. Empty
مُساهمةموضوع: رد: سَكرَاتُ الْمَوتِ ولَحْظَة خروج الرَّوحِ.   سَكرَاتُ الْمَوتِ ولَحْظَة خروج الرَّوحِ. Emptyالخميس 05 مايو 2022, 5:23 pm

فتعال أنا وأنت لنرى حال المفرط المُضيِّع، وحال الأتقياء الأنقياء لحظة خروج الروح
*    أولاً: حال الرجل الصالح لحظة خروج الروح.
1-    قال تعالى: (فَأَمَّا إِن كَانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ (88) فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّةُ نَعِيمٍ (89) وَأَمَّا إِن كَانَ مِنَ أَصْحَابِ الْيَمِينِ (90) فَسَلَامٌ لَّكَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ) (الواقعة: 88-91) يقول الطبري: فأما إن كان الميت من المقرَّبين الذين قرَّبهم الله من جواره في جنانه (فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ).
يقول: فله روح وريحان.

قال عليٌّ بن أبي طالب وابن عباس -رضي الله عنهما-:
(فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ) يعني: راحة ومستراح.

وفي رواية عن ابن عباس: أن الريحان: يعني المستريح من الدنيا، (وجنة نعيم) مغفرة ورحمة.

وقال آخرون: الروح: الراحة، والريحان: الرزق (وهو قول مجاهد وقريباً منه قول سعيد بن جبير).

- وأما الذين قرءوا بضم الراء (رُوح)، فإنهم قالوا:
الروح: هي روح الإنسان، والريحان: هو الريحان المعروف.
وقالوا: معنى ذلك: أن أرواح المقرَّبين تخرج من أبدانهم عند الموت بريحان تشمه.
- عن الحسن -رحمه الله- قال: "تخرج روحه في ريحانة".

- قال الطبري: في "تفسيره" (11/211):
"وأولى الأقوال في ذلك بالصواب عندي قول من قال: عنى بالرَّوح: الفرح والرحمة والمغفرة، وأصله من قولهم: وجدت روحاً: إذا وجد نسماً يستروح إليه من كرب الحرِّ. وأما الريحان: فإنه عندي الريحان الذي يتلقى به عند الموت 0كما قال أبو العالية والحسن).

قال ابن كثير -رحمه الله- في "تفسيره" (3/301):
"وكل هذه الأقوال متقاربة صحيحة، فإن مَن مات مقرَّباً حصل له جميع ذلك من الرحمة والراحة والاستراحة والفرح والسرور والرزق الحسن".
وقال تعالى: (وَأَمَّا إِن كَانَ مِنَ أَصْحَابِ الْيَمِينِ (90) فَسَلَامٌ لَّكَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ) (الواقعة: 90-91).

قال ابن جرير: قال قتادة: قوله:
(فَسَلَامٌ لَّكَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ): سلام من عند الله، وسلَّمت عليه ملائكة الله.

قال ابن زيد:
سَلِمَ ممَّا يكره.... وأورد أقوالاً ثم قال: "وأولى الأقوال في ذلك بالصواب أن يُقال: معناه: فسلام لك إنك من أصحاب اليمين، ثم حُذفت واجتزئ بدلالة (مِنْ)  عليها منها، فسلمت من عذاب الله، ومما تكره؛ لأنك من أصحاب اليمين".

وقال ابن كثير -رحمه الله- في "تفسيره" (3/302):
"وأما إن كان من المحتضر من أصحاب اليمين(فَسَلَامٌ لَّكَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ)، أي: تبشِّرهم الملائكة بذلك، تقول لأحدهم: (فَسَلَامٌ لَّكَ)أي: لا بأس عليك، أنت إلى سلامة، أنت من أصحاب اليمين. وقال قتادة وابن زيد: سلم من عذاب الله، وسلَّمت عليه ملائكة الله، كما قال عكرمة: تُسلِّم عليه الملائكة وتخبره أنه من أصحاب اليمين، وهذا معنى حسن، ويكون ذلك كقول الله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ (30) نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ (31) نُزُلاً مِّنْ غَفُورٍ رَّحِيمٍ)  (فصلت: 30-32).

قال ابن القيم -رحمه الله- في "بدائع الفوائد" (2/146):
"ليس هذا سلام تحية، ولو كان تحية لقال: "فسلام عليه"، كما قال: (سَلَامٌ عَلَى إبراهيم) (الصافات: 109) (سَلَامٌ عَلَى نُوحٍ) (الصافات: 79)، ولكن الآية تضمنت ذكر مراتب الناس وأقسامهم عند القيامة الصغرى حال القدوم على الله...

فذكر أنهم ثلاثة أقسام:
-    مقرَّب له الروح والريحان وجنة النعيم.

-    ومقتصد من أصحاب اليمين، له السلامة فوعده بالسلامة، ووعد المقرب بالغنيمة والفوز، وإن كان كل منهما سالماً غانماً.

-    وظالم بتكذيبه وضلاله، فأوعده بنُزل من حميم وتصلية جحيم.

فلما لم يكن المقام تحية، وإنما هو مقام إخبار عن حالة، ذكر ما يحصل له من سلامة.

فإن قيل:
فهذا فرق صحيح، لكن ما معنى اللام في قوله (لَّكَ)، ومَن هو المخاطب بهذا الخطاب، وما معنى (مِنْ) في قوله: (مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ)،  فهذه ثلاثة أسئلة في الآية؟
فاعلم أن المدعو به من الخير والشر، مضاف إلى صاحبه بلام الإضافة الدالة على حصوله له، ومن ذلك قوله تعالى: (أُوْلَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ) (الرعد: 25)، ولم يقل: "عليهم اللعنة" إيذاناً بحصول معناها وثبوته لهم، وكذلك قوله: (وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ) (الأنبياء: 18)، ويقول في ضد هذا: لك الرحمة ولك التحية ولك السلام، ومنه هذا الآية: (فَسَلَامٌ لَّكَ)، أي: ثبت لك السلام وحصل لك، وعلى هذا فالخطاب لكل مَن هو من هذا الضَّرْب فهو خطاب للجنس، أي: فسلام لك يا مَن هو من أصحاب اليمين، كما تقول: "هنيئاً لك يا مَن هو منهم".

ولهذا والله أعلم أتى بحرف "من" في قوله: (مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ)، والجار والمجرور في موضوع حال، أي: سلام لك كائناً من أصحاب اليمين، كما تقول: "هنيئاً لك من أتباع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وحزبه"، أي: كائناً منهم، والجار والمجرور بعد معرفة تنتصب على الحال، كما تقول: "أحببتك من أهل الدين والعلم"، أي كائناً منهم، فهذا معنى هذه الآية، وهو وإن خلت منه كتب أهل التفسير، فقد حام عليه منهم مَن حام، وما ورد ولا كشف المعنى ولا أوضحه فراجع ما قالوه، والله الموفق المانُّ بفضله.اهـ

2-    قال تعالى: (الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلآئِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلامٌ عَلَيْكُمُ ادْخُلُواْ الْجَنَّةَ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ) (النحل: 32) طيبة نفوسهم بلقاء الله، ومعافين من الكرب وعذاب الموت، يقولون: "سلام عليكم"؛ طمأنة لقلوبهم، وترحيباً بقدومهم (ادْخُلُواْ الْجَنَّةَ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ)؛ تعجيلاً لهم بالبشرى، وهم على أعتاب الآخرة؛ جزاء وفاقاً على ما كانوا يعملون. (الظلال: 4/2169).

قال ابن كثير -رحمه الله- في "تفسيره" (4/487):
"أخبر تعالى عن حالهم عند الاحتضار أنهم طيبون، أي: مخلصون من الشرك والدنس وكل سوء.

- وقال الفخر الرازي في تفسيره "مفاتيح الغيب" (9/518): (طَيِّبِينَ) كلمة مختصرة جامعة للمعانى الكثيرة؛ وذلك لأنه يدخل فيه إتيانهم بكل ما أمروا، واجتنابهم عن كل ما نُهوا عنه، ويدخل فيه كونهم مبرئين من العوائق الجسمانية، متوجهين إلى حضرة القدس والطهارة، ويدخل فيه أنه طاب لهم قبض الأرواح، وأنها لم تقبض إلا مع البشارة بالجنة، حتى صاروا كأنهم مشاهدون لها، وأكثر المفسرين على أن هذا التوفي هو قبض الأرواح.

وقال الألوسي -رحمه الله- في "روح المعاني" (14/133): "قال مجاهد: المُراد بـ (طَيِّبِينَ): زاكية أقوالهم وأفعالهم".

3-    قال تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ(30) نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ) (فصلت: 30 -31).

قال ابن كثير -رحمه الله- في "تفسيره" (4/99-100): "قال أبو بكر الصديق -رضي الله عنه-: "هم الذين لم يشركوا بالله شيئاً".

وقال الزهري: تلا عمر -رضي الله عنه- هذه الآية على المنبر، ثم قال: استقاموا لله بطاعته، ولم يراوغوا روغان الثعالب؟

وقال ابن عباس -رضي الله عنهما-: (قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا) على أداء فرائضه.

وقال أبو العالية -رحمه الله-: (ثُمَّ اسْتَقَامُوا) أخلصوا له الدين والعمل.

أما قوله تعالى: (تَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ) يعني: عند الموت، (أَلَّا تَخَافُوا) أي: ممَّا تقدمون عليه من أمر الآخرة، (وَلَا تَحْزَنُوا)على ما خلَّفْتُموه من أمر الدنيا: من ولد وأهل ومال أو دين؛ فإنا نخلفكم فيه. (وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ) فيبشرونهم بذهاب الشر وحصول الخير.

قرأ ثابت البناني سورة "حم السجدة" حتى بلغ: (إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ) فوقف، وقال: بلغنا أن العبد المؤمن حين يبعثه الله من قبره؛ يتلقاه الملكان اللذان كانا معه في الدنيا فيقولان له: "لا تخف ولا تحزن"، (وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ) قال: فيُؤمِّن الله تعالى خوفه، ويقرُّ عينه، فما عظيمة يخشى الناس يوم القيامة إلا هي للمؤمن قرة عين لما هداه الله -تبارك وتعالى- ولما كان يعمل في الدنيا.

وقال زيد بن أسلم: يبشرونه عند موته، وفي قبره، وحين يبعث.

وهذا القول يجمع الأقوال كلها وهو حسن جداً وهو الواقع.

أما قوله تعالى: (نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ) أي: تقول الملائكة للمؤمنين عند الاحتضار: نحن كنا أولياؤكم، أي: قرناؤكم في الحياة الدنيا، نُسدِّدكم ونُوفِّقكم ونحفظكم بأمر الله، وكذلك نكون معكم في الآخرة، نؤنس منكم الوحشة في القبور، وعند النفخة في الصور، ونؤمنكم يوم البعث والنشور، ونجاوز بكم الصراط المستقيم، ونوصلكم إلى جنت النعيم.

4-    في قوله تعالى: (وَالنَّازِعَاتِ غَرْقاً (1) وَالنَّاشِطَاتِ نَشْطاً (2) وَالسَّابِحَاتِ سَبْحاً (3) فَالسَّابِقَاتِ سَبْقاً) (النازعات: 1-4).

أما قوله تعالى: (وَالنَّازِعَاتِ غَرْقاً) ففيها أقوال كثيرة.

وقد مال ابن كثير -رحمه الله- إلى: أن الصحيح منها هو أن الملائكة عندما تنزع الروح، فمنهم مَن تأخذ روحه بعسر، فتفرقه في نزعها، ومنهم مَن تأخذ روحه بسهولة ويسر، وكأنما حلّته من نشاط، وهو قوله: (وَالنَّاشِطَاتِ نَشْطاً) وهي أنفس المؤمنين تنشط عند الموت للخروج، وذلك عند رؤية  مكانهم في الجنة.

(قاله ابن عباس -رضي الله عنهما-).

أما قوله تعالى: (وَالسَّابِحَاتِ سَبْحاً) ففيها أقوال منها:
قول الإمام علي -رضي الله عنه- حيث قال: "إن الملائكة تسبق بأرواح المؤمنين".

وقول ابن عباس حيث قال: "إن أرواح المؤمنين إذا عاينت ملك الموت، وقال لها: اخرجي أيتها النفس المطمئنة إلى روح وريحان، ورب غير غضبان، سبحت سباحة الغائص في الماء؛ فرحاً وشوقاً إلى الجنة.

أما قوله تعالى: (فَالسَّابِقَاتِ سَبْقاً) ففيها أقوال منها:
قول مجاهد: "إن الملائكة تسبق بأروح المؤمنين إلى الجنة".

وروي عن ابن مسعود:
"أنها أنفس المؤمنين عندما تقبضها الملائكة، وقد عاينت السرور؛ فتسبق هذه الأنفس الملائكة شوقاً إلى لقاء الله".



سَكرَاتُ الْمَوتِ ولَحْظَة خروج الرَّوحِ. 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

سَكرَاتُ الْمَوتِ ولَحْظَة خروج الرَّوحِ. Empty
مُساهمةموضوع: رد: سَكرَاتُ الْمَوتِ ولَحْظَة خروج الرَّوحِ.   سَكرَاتُ الْمَوتِ ولَحْظَة خروج الرَّوحِ. Emptyالخميس 05 مايو 2022, 5:27 pm

الأحاديث: التي تدل على كرامة الرجل الصالح عند قبض روحه
أولاً: تأتيه ملائكة الموت في صورة حسنة:
فقد أخرج الإمام أحمد عن البراء بن عازب -رضي الله عنه- أن النبى -صلى الله عليه وسلم- قال: "إن العبد المؤمن إذا كان في انقطاع من الدنيا وإقبال من الآخرة؛ نزل إليه ملائكة من السماء، بيض الوجوه، كأن وجوههم الشمس، معهم كفن من أكفان الجنة، وحنوط) من حنوط الجَنَّة، حتى يجلسوا منه مد البصر، ثم يجيء ملك الموت -تعالى- حتى يجلس عند رأسه، فيقول: يا أيتها النفس الطيبة - وفي رواية: يا أيتها النفس المطمئنة - اخرجي إلى مغفرة من الله ورضوان، قال: فتخرج تسيل كما تسيل القطرة من فِيّ السقاء فيأخذها".

وأخرج ابن أبي الدنيا عن كعب: "أن إبراهيم -تعالى- قال لملك الموت: أرني الصورة التي تقبضُ فيها المؤمن؛ فأراه، فرأى من النور والبهاء شيئاً لا يعلمُهُ إلا الله تعالى، فقال: ولو لم يرَ المؤمنُ عند موته من قُرِّة العين والكرامة إلا صورتك هذه؛ لكان يكفيه".
(بشرى الكئيب بلقاء الحبيب للسيوطي 41).

ثانياً: أنه يعلم أنه من أهل الجنَّة قبل أن يموت:
وعن الضحاك في قوله تعالى: (لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَياةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ)  (يونس: 64).

قال: "يعلم أين هو قبل الموت". (تفسير الطبري – ابن أبي شيبة).

قال محمد بن كعب: "لا يموت أحد من الناس حتى يعلم أَمِنْ أهل الجنة هو أم أهل النار؟" (تفسير ابن كثير: 4/301).

ثالثاً: يُسلِّم عليه المولى -تعالى- وملك الموت، وكل ملك بين السماء والأرض:
1- أخرج ابن منده عن ابن مسعود -رضي الله عنه- قال: "إذا أراد الله قبض روح المؤمن؛ أوحى إلى ملك الموت: أقرئهُ مني السلام، فإذا جاء ملك الموت، يقبضُ روحه، قال: ربك يقرئك السلام".

2 – وأخرج ابن أبي شيبة، والحاكم وصححه، والبيهقى في "شعب الإيمان" عن البراء بن عازب -رضي الله عنه- في قوله: (تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلَامٌ) (الأحزاب: 44) قال: "يوم يلقون ملك الموت"، ليس من مؤمنٍ تُقبضُ روحه إلا سُلِّم عليه".

3- وأخرج ابن المبارك وابن منده عن محمد بن كعب القرظى قال: "إذا استنقعت ) نفسُ العبد المؤمن، جاءه ملك الموت، فقال: السلام عليك يا ولى الله، الله يقرئك السلام، ثم تلا هذه الآية: (الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلآئِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلامٌ عَلَيْكُمُ) (النحل: 32)" (بشرى الكئيب للسيوطي: ص 48).

4- وأخرج ابن منده عن أبي سعيد الخدرى -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إن المؤمن، إذا كان في إقبال من الآخرة، وإدبار من الدنيا، نزلت ملائكة من ملائكة الله، -كأن وجوههم الشمس- بكفنه وحنوطه، فيقعُدُون منه، حيث ينظر إليهم، فإذا خرجت روحُهُ، صلَّى عليه كل ملك بين السماء والأرض".

•    وسلام الملائكة على  العبد المؤمن يكون في ثلاثة مواضع:
أحدها: عند قبض روحه في الدنيا، يُسلِّم عليه ملك الموت. (قاله الضحاك).
الثانى: عند مسائلته في القبر يُسلِّم عليه منكر ونكير.
الثالث: عند بعثه في القيامة تُسلِّم عليه الملائكة قبل وصوله إليها.

ويحتمل أن تُسلِّم عليه في المواطن الثلاثة، ويكون ذلك إكراماً بعد إكرام. (انظر تفسير القرطبي: 17/ 151).

رابعاً: تُبشِّره الملائكة بالروح والريحان، ولقاء الرب وهو غير غضبان:
فقد أخرج الإمام أحمد وابن ماجه عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبى -صلى الله عليه وسلم- قال: "إن الميت يحضره الملائكة، فإذا كان الرجل الصالح، قالوا: اخرجي أيتها النفس الطيبة كانت في الجسد الطيب، اخرجي حميدة وأبشري بروح وريحان، وربٍّ غير غضبان، قال: فلا يزال يقال لها ذلك حتى تخرج، ثم يُعْرج بها إلى السماء، فيُسْتَفْتح لها، فيُقال: مَن هذا؟ فيقال: فلان؛ فيقولون: مرحباً بالروح الطيبة كانت في الجسد الطيب، ادخلي حميدة وأبشري بروح وريحان، ورب غير غضبان، قال: فلا يزال يقال لها ذلك؛ حتى يُنْتَهى بها إلى السماء التي فيها الله -تعالى-".

- وسُئل الحسن -رحمه الله- عن قوله تعالى: (يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ) (الفجر: 27)  فقال: "إن الله إذا أراد قبض روح عبده المؤمن، اطمأنت النفس إلى الله، واطمأن الله إليها" (معالم التنزيل للبغوي: (5/572) وابن أبي حاتم في تفسيره).

وأخرج الإمام مسلم عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: "إذا خرجت روحُ المؤمن تلقاها ملكان يُصْعِدَانِهَا –قال حماد: فذكر من طيب ريحها وذكر المسك– قال: ويقول أهل السماء: روح طيبة جاءت من قِبل الأرض، صلَّى الله عليكِ، وعلى جسدٍ كنت تَعْمُرِينَه، فينطلق به إلى ربه -عز وجل-، ثو يقول: انطلقوا به إلى آخر الأَجَلِ)".

خامساً: تخرج روح المؤمن كأطيب ريح مسك وُجدت على وجه الأرض:
أخرج ابن أبي شيبة (13/284) والبيهقي وأبو نعيم في "الحلية" وعن أبي موسى الأشعري -رضي الله عنه- قال: "تخرج روح المؤمن وهي أطيب ريحاً من المسك، فتصعد بها الملائكة الذين يتوَفَّونها، فتلقاهم ملائكة دون السماء، فيقولون: مَن هذا الذي معكم؟ فيقولون: فلانٌ ويذكرونهُ بأحسن عمله، فيقولون: حيَّاكم الله وحيَّا من معكم، فتُفْتَح له أبواب السماء، فيُصْعَدُ به، من الباب الذي كان يصعد عملُه منه؛ فيشرق وجهه فيأتي الرب، ولوجهه برهانٌ مثل الشمس".

وجاء في "تفسير الطبري"(29/166) و"تفسير ابن كثير" (4/47) والبغوي في "معالم التنزيل" (5/463) عن الضحاك في قوله تعالى: (وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ) قال: "الناس يُجهِّزُون بدنه، والملائكة تُجهِّز روحه".

سادساً: تُقْبَضُ روح المؤمن في حريرة من حرير الجنة فيها مسك وضبائرُ الريحان:
وأخرج البزار عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبى -صلى الله عليه وسلم- قال: "إن المؤمن إذا احتضر أتته الملائكة بحريرة فيها مسك وضبائر ريحان، فتُسلُّ روحه كما تُسلّ الشعرة من العجين، ويقال: أيتها النفس المطمئنة اخرجي راضية مرضياً عنك، إلى روح الله تعالى وكرامته، فإذا خرجت روحه، وُضِعَت على ذلك المسك والريحان، وطُويت على الحريرة، وذُهِبَ به إلى عليين".

وعن مجاهد قال:
"تُنزع نفْس المؤمن في حريرة من حرير الجَنَّة". (بشرى الكئيب: ص 47).

وأخرج ابن حبان في "صحيحه" عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "إن المؤمن إذا قبض أتته ملائكةُ الرحمة بحريرة بيضاء، فيقولون: اخرجي إلى رَوْح الله، فتخرج كأطيب ريح مسك، حتى إنه ليناوله بعضهم بعضاً يشمُّونه حتى يأتوا به باب السماء، فيقال: ما هذه الرِّيح الطَّيبة التي جاءت من قِبَل الأرض؟ ولا يأتون السماء إلا قالوا مثل ذلك، حتى يأْتُوا به أرواح المؤمنين، فَلَهُم أشد فرحاً به من أهل الغائب بغائبهم، فيقولون: ما فعل فلان؟ فيقولون: دَعُوه حتى يستريح، فإنه كان في غَمٍّ، فيقول: قد مات، أما أتاكم؟ فيقولون: ذُهِبَ به إلى أمِّه الهاوية" (السلسلة الصحيحة: 1309).

سابعاً: تنادى عليه الملائكة بأحسن أسمائه التي كان يُنَادى بها في الدنيا:
أخرج النسائي في "المجتبى والكبرى" وابن حبان والحاكم عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إن المؤمن إذا قُبِض أتته ملائكة الرحمة بحريرة بيضاء، فيقولون: اخرجي راضية مرضياً عنك، إلى روح الله تعالى وريحان، ورب غير غضبان؛ فتخرج كأطيب ريح المسك؛ حتى إنه ليناوله بعضهم بعضاً، فيُسمُّونه بأحسن الأسماء له؛ حتى يأتوا به باب السماء، فيقولون: ما أطيب هذه الريح، التي جاءت من الأرض ؟! كلما أتوا سماءً، قالوا: ذلك حتى يأتوا به أرواح المؤمنين، فهم أفرح به من أحدكم بغائبه إذا قَدِمَ، فيسألونه: ما فعل فلان؟ فيقولون: دعوه حتى يستريح، فإنه كان في غم الدنيا، فيقول: قد مات، أما أتاكم؟ فيقوقون: ذُهِبَ به إلى أمه الهاوية" (قال الألباني في "الصحيحة" (3/293): صحيح الإسناد، وقال شعيب الأرناؤوط: إسناده صحيح على شرط الشيخين).

ثامناً: يُكْتَب في ديوان أهل الجنة:
وعن الضحاك قال: إذا قُبض روح العبد المؤمن؛ عُرج بها إلى السماء، فينطلق معه المقربون، ثم عرج به إلى السماء الثانية، ثم الثالثة، ثم الرابعة، ثم الخامسة، ثم السادسة، ثم السابعة؛ حتى ينتهوا إلى سدرة المنتهى، فيقولون: عبدك فلان وهو أعلم به؛ فيَأْتِه صكٌّ مختوم بأمنه من العذاب، فذلك قوله تعالى: (كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ (18) وَمَا أَدْرَاكَ مَا عِلِّيُّونَ (19) كِتَابٌ مَّرْقُومٌ (20) يَشْهَدُهُ  الْمُقَرَّبُونَ (21) إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ) (المطففين: 18-22) (بشرى الكئيب ص41، جامع البيان للطبري: 30/102).

قال الإمام ابن القيم -رحمه الله- في كتابه "حادي الأرواح" (ص70-73):
"أخبر تعالى أن كتابهم كتاب مرقوم؛ تحقيقاً لكونه مكتوباً كتابة حقيقة، وخص تعالى كتاب الأبرار بأنه يُكتَب ويوقع لهم به بمشهد المقربين من الملائكة والنبيين وسادات المؤمنين، ولم يذكر شهادة هؤلاء لكتاب الفُجَّار تنويهاً بكتاب الأبرار، وما وقع لهم به، وإشهاراً له وإظهاراً بين خواص خلقه، كما يكتب الملوك تواقيع من تعظمه بين الأمراء، وخواص أهل المملكة، تنويهاً باسم المكتوب له، وإشادة بذكره، وهذا نوع من صلاة الله (رضي الله عنها) وملائكته على عبده، وقال: "فهذا التوقيع والمنشور الأول، ويكتب في ديوان أهل الجنة يوم موته".

•    ومن البشارات كذلك:
ما ذكره مجاهد حيث قال: "إن المؤمن ليُبَشَّر بصلاح ولده من بعده؛ لتقرَّ عينه". (أبو نعيم في الحلية).

•    خلاصة ما سبق من إكرام الله للمؤمن عند خروج روحه
1-    سلام الله عليه يبلغه إياه ملك الموت، ولو لم يكن من الكرامة إلا هذا لكفى.
2-    بشارة ملك الموت له والسلام عليه.
3-    أن يعلم مكانه من الجنة قبل موته.
4-    رؤيته لملائكة الرحمة بوجوههم الطيبة.
5-    سهوله خروج روحه.
6-    خروج روحه في ضبائر ريحان الجنة ومسك الجنة.
7-    خروج روحه في كفن من الجنة، وحنوط من الجنة، وحريره من الجنة.
8-    إذا خرجت روحه صلَّى عليه كل ملك بين السماء والأرض، وكل ملك في السماء.
9-    خروج الريح الطيبة منه كأطيب نفحة مسك على وجه الأرض.
10- نداء الملائكة له بأحب أسمائه إليه.
11- يُشيِّعه من كل سماء مقربوها إلى السماء التي تليها، حتى يُنْتَهى به إلى السماء السابعة.
12- لا تمر روحه بباب من أبواب السماء إلا فُتِحَ له، ولا ملك إلا صلَّى عليه وشفع.
13- قول الله -تعالى-: "اكتبوا كتاب عبدي في عليين. بمشهد من المقربين"، ويا لها من كرامة.
14- يشرق وجهه ويأتي ربه من الباب الذي كان يصعد عمله منه؛ ولوجهه برهان مثل الشمس.
15- نداء منادٍ من السماء أن صدق عبدي، ولو لم يكن إلا ثناء الله عليه لكفاه.
16- لُقيا روح المؤمن لأرواح المؤمنين وفرحهم به.
17- بشرى الملائكة له بدخول الجنة، وألا خوف عليه ولا حزن على ما خلف من أمر الدنيا من ولد وأهل، فإنهم يخلفونه فيهم أحسن الخلف، وإنهم سيؤنسون وحشته في القبور، وعند النفخ في الصور، ويوم البعث والنشور.
18- دخول روحه إلى بلاد الأفراح ومأوى الطيبين (الجنة) من يوم موته، ونعيم جسده في قبره.



سَكرَاتُ الْمَوتِ ولَحْظَة خروج الرَّوحِ. 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

سَكرَاتُ الْمَوتِ ولَحْظَة خروج الرَّوحِ. Empty
مُساهمةموضوع: رد: سَكرَاتُ الْمَوتِ ولَحْظَة خروج الرَّوحِ.   سَكرَاتُ الْمَوتِ ولَحْظَة خروج الرَّوحِ. Emptyالخميس 05 مايو 2022, 5:34 pm

ثانياً: حال خروج روح العصاة والكافرين
1- قال الله تعالى: (وَلَوْ تَرَى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُواْ الْمَلآئِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ وَذُوقُواْ عَذَابَ الْحَرِيقِ (50) ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللّهَ لَيْسَ بِظَلاَّمٍ لِّلْعَبِيدِ) (الأنفال: 50-51).

قال ابن كثير -رحمه الله- في "تفسيره" (2/ 319):
"يقول تعالى: "ولو عاينت يا محمد حال توفِّي الملائكة أراوح الكفار؛ لرأيت أمراً عظيماً هائلاً فظيعاً منكراً، إذ يضربون وجوههم وأدبارهم، ويقولون لهم: (ذُوقُواْ عَذَابَ الْحَرِيقِ). وقال الطبري -رحمه الله- في "تفسيره" (16/10) عن مجاهد: (يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ)، قال: واستاهم، ولكن الله كريم يُكَنِّي.

2- وقال تعالى: (فَكَيْفَ إِذَا تَوَفَّتْهُمْ الْمَلَائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ (27) ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ) (محمد: 27- 28).

قال السعدي -رحمه الله- في "تفسيره" (5/35):
(فَكَيْفَ) ترى حالهم الشنيعة، ورؤيتهم الفظيعة، (إِذَا تَوَفَّتْهُمْ الْمَلَائِكَةُ)المُوكَّلون بقبض أرواحهم، (يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ) بالمقامع الشديدة؟!

3- وقال الله جل ثناؤه: (وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلآئِكَةُ بَاسِطُواْ أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُواْ أَنفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللّهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنتُمْ عَنْ آيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ) (الأنعام: 93).

قال السعدي-رحمه الله-:
(وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ) أي: شدائده وأهواله الفظيعة، وكُرَبِه الشنيعة، لرأيت أمراً هائلا ً، وحالة لا يقدر الواصف أن يصفها. (تيسير الكريم الرحمن: 2/45).

وقوله تعالى: (وَلَوْ تَرَى) جوابه محذوف، تقديره: لرأيت أمراً عظيماً، وهذه عبارة عن التعنيف في السياق، والشدة في قبض الأرواح. (التسهيل لابن جزي: 1/279).

وقوله تعالى: (بَاسِطُواْ أَيْدِيهِمْ) أي: بالضرب، كقوله: (لَئِن بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي) (المائدة: 28)، وقوله: (وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُم) (الممتحنة: 2).

ولهذا قال تعالى: (وَالْمَلآئِكَةُ بَاسِطُواْ أَيْدِيهِمْ)، قال ابن كثير: أي: بالضرب لهم حتى تخرج أنفسهم من أجسادهم،  ولهذا يقولون لهم: (أَخْرِجُواْ أَنفُسَكُمُ)، وذلك أن الكافر إذا اُحتُضِر بشَّرته الملائكة بالعذاب، والنكال، والأغلال والسلاسل، والجحيم والحميم، وغضب الرحمن الرحيم، فتتفرق روحه في جسده،  وتعصى وتأبى الخروج، فتضربهم الملائكة حتى تخرج أرواحهم من أجسادهم، قائلين لهم: (أَخْرِجُواْ أَنفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ) بِمَا كُنتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللّهِ غَيْرَ الْحَقِّ) ...الآية، أي: اليوم تهانون غاية الإهانة، كما كنتم تكذِّبون على الله، وتستكبرون على اتباع آياته والانقياد لرسله. (تفسير ابن كثير: 2/157).

4- قال تعالى: (يَوْمَ يَرَوْنَ الْمَلَائِكَةَ لَا بُشْرَى يَوْمَئِذٍ لِّلْمُجْرِمِينَ وَيَقُولُونَ حِجْراً مَّحْجُوراً) (الفرقان: 22).

لو أن له طلاع الأرض ذهباً وافتدى بها من هول هذا المطلع، ورؤية ملك الموت والملائكة الذين معه لافتدى، لا طاقة له برؤية ملائكة سود الوجوه غلاظ شداد.

قال ابن كثير-رحمه الله-:
"أي هم لا يرون الملائكة في يوم خير لهم، بل يوم يرونهم لا بشرى يومئذ لهم، وذلك يصدق على وقت الاحتضار، حين تُبشِّرهم الملائكة بالنار والغضب من الجبار، وهذا بخلاف حال المؤمنين حال احتضارهم، فإنهم يُبشَّرون بالخيرات، وحصول المسرات.

وقال آخرون:
بل المُراد بقوله: (يَوْمَ يَرَوْنَ الْمَلَائِكَةَ لَا بُشْرَى) يعني: يوم القيامة، (قاله مجاهد والضحاك وغيرهما)، ولا منافاة بين هذا وما تقدَّم، فإن الملائكة في هذين اليومين (يوم الممات، ويوم المعاد) تتجلَّى للمؤمنين وللكافرين، فتُبشِّر المؤمنين بالرحمة والرضوان، وتخبر الكافرين بالخيبة والخسران، فلا بشرى يومئذ للمجرمين، (وَيَقُولُونَ حِجْراً مَّحْجُوراً)أي: وتقول الملائكة للكافرين: حرام مُحرَّم عليكم الفلاح اليوم، وأصلُ الحِجْر: المنع، ومنه يقال: حَجَر القاضي على فلان؛ إذ منعه التصرف، إما لفلسٍ، أو سفهٍ، أو صغر... أو نحو ذلك، ومنه سُمِّي الحِجْر عند البيت الحرام؛ لأنه يمنع الطواف أن يطوفوا فيه، وإنما يُطافُ من ورائه، ومنه يقال للعقل: حِجر؛ لأنه يمنع صاحبه عن تعاطي ما لا يليق، والغرض أن الضمير في قوله: (وَيَقُولُونَ) عائد على الملائكة. (هذا قول مجاهد وعكرمة والحسن والضحاك وغيرهم) (تفسير ابن كثير: 3/314).

الأحاديث التي تدل على خزي الرجل السوء عند قبض روحه
أولاً: تأتيه ملائكة الموت في صورة مخيفة:
وعند خروج روح العبد الكافر أو المنافق؛ تأتيه ملائكة الموت في صورة مخيفة.
ففي الحديث الذي أخرجه الإمام أحمد عن البراء بن عازب -رضي الله عنه- أن النبى -صلى الله عليه وسلم- قال: "وإن العبد الكافر -وفي رواية: الفاجر- إذا كان في انقطاع من الدنيا، وإقبال من الآخرة؛ نزل إليه من السماء ملائكة (غلاظ شداد)، سود الوجوه معهم المُسوحُ ) (من النار)، فيجلسون منه مدَّ البصر، ثم يجيء ملك الموت حتى يجلس عند رأسه، فيقول، أيتها النفس الخبيثة، اخرجي إلى سخط من الله وغضب، قال: فتفرق في جسده، فينتزعُها كما ينتزع السفود (الكثيرُ الشعب) من الصوف المبلول، فتُقطَّعُ معها العُروقُ والعصبُ".

ثانياً: لا تُفَتَّح له أبواب السماء:
كما جاء في الحديث الذي أخرجه الإمام أحمد: "إن العبد الكافر إذا كان في انقطاع من الدنيا وإقبال من الآخرة- يعني عند الاحتضار-؛ نزل إليه من السماء ملائكة: سود الوجوه، معهم المسوح؛ فيجلسون منه مد البصر، ثم يجيء ملك الموت حتى يجلس عند رأسه، فيقول: أيتها النفس الخبيثة اخرجي إلى سخط من الله وغضب، قال: فتفرق في جسده، فينتزعها كما ينتزع السفود من الصوف المبلول، فيأخذها في تلك المسوح، ويخرج منها كأنتن ريح جيفة وجدت على وجه الأرض؛ فيصعدون بها فلا يمرُّون بها على ملأ من الملائكة إلا قالوا: ما هذا الروح الخبيث؟ فيقولون: لفلان بن فلان، بأقبح أسمائه التي كان يُسمَّى بها في الدنيا؛ حتى ينتهى بها إلى السماء الدنيا؛ فيُسْتَفْتح له فلا يُفْتَحُ له، ثم قرأ رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (لاَ تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاء وَلاَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ) (الأعراف: 40)".

ثالثاً: تُبشِّره الملائكة بما يسوءه:
أخرج ابن ماجه والإمام أحمد من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "وإذا كان الرجل السوء قال: اخرجي أيتها النفس الخبيثة، كانت في الجسد الخبيث، اخرجي ذميمة وأبشري بحميم وغساق، وآخر من شكله أزواج )، فلا يزال يُقالُ لها ذلك حتى تخرج، ثم يعرج بها إلى السماء، فلا يفتح لها، فيقال: مَن هذا؟ فيقال: فلان، فيقال: لا مرحباً بالنفس الخبيثة كانت في الجسد الخبيث، ارجعي ذميمة؛ فإنها لا تفتح لك أبواب السماء، فيُرسلُ بها من السماء ثم تصير إلى القبر". (حسنه الألباني في "تخريج المشكاة": 1628).

رابعاً: تخرج روحه كأنتن جيفة:
أخرج النسائي وابن حبان والحاكم من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- أيضاً قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "وإن الكافر إذا اُحتُضر أتته ملائكة العذاب بِمِسْح)، فيقولون: اخرجي ساخطة مسخوطاً عليك؛ إلى عذاب الله -تعالى-، فتخرج كأنتن ريح جيفة، حتى يأتون به باب الأرض، فيقولون: ما أنتن هذه الريح، حتى يأتون به أرواح الكفار". (السلسلة الصحيحة: 3/294).

- وفي رواية عند النسائي والحاكم: "وأما الكافر، فيأتيه ملائكة العذاب بِمِسْح، فيقولون: اخرجي إلى غضب الله تعالى؛ فتخرج كأنتن ريح جيفة؛ فيذهب به إلى باب الأرض".

- وفي رواية: "وأما الكافر إذا قُبِضَت نفسه وذُهِب بها إلى باب الأرض، تقول خزنة الأرض: ما وجدنا ريحاً أنتن من هذه، فيبلغ الأرض السفلى".

(قال الألباني في الصحيحة: (3/263): صحيح الإسناد، والأرناؤوط: إسناده صحيح على شرط الشيخين).

-    وعند مسلم من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- أيضاً أن النبى -صلى الله عليه وسلم- قال: "وإن الكافر إذا خرجت رُوحُهُ - قال حماد ): وذكر من نتنها، وذكر لعناً – ويقول أهل السماء: روح خبيثة جاءت من قِبلِ الأرض، قال: فيُقالُ: انطلقوا به إلى آخر الأجل )".

قال أبو هريرة -رضي الله عنه-: فردَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ريطةً) كانت عليه على أنفه هكذا.

•    فلهذا ولغيره؛ يطلب العصاة والكافرون الرجعة عند الموت لعمل الصالحات
قال تعالى: (رُّبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْ كَانُواْ مُسْلِمِينَ) (الحجر: 2) في الآية إخبار عنهم أنهم سيندمون على ما كانوا فيه من الكفر، ويتمنّون لو كانوا في الدنيا مع المسلمين، وقيل: إن المُراد أن كل كافر يودُّ عند احتضاره أن لو كان مؤمناً. (تفسير القرآن العظيم: 2/544).

وقال تعالى: (حَتَّى إِذَا جَاء أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ (99) لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِن وَرَائِهِم بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ) (المؤمنون: 99-100)، هجمت عليه منيته وأحاطت به خطيئته، فانكشف له الغطاء، وتبدَّت له موارد الشقاء، صاح واخيبتاه!، واثكل أماه! واسُوء منقلباه!.

هيهات... هيهات ندم والله حيث لا ينفعه الندم، وأراد الرجوع لعمل الصالحات بعدما زلت به القدم؛ فخرّ صريعاً لليدين والفم، إلى حيث ألقت رحلها أم قَشْعَم (كناية عن الموت).

فهذا حال الكفار والعصاة إذا نزل بهم الموت؛ يتمنوا أن لو رجعوا إلى الدنيا، فإن كان كافراً لعله يسلم، وإن كان عاصياً فلعله يتوب، ولكن الإيمان لا يُقبل إذا حضر الموت، والتوبة لا تنفع إذا غرغر العبد.

قال تعالى: (إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوَءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِن قَرِيبٍ فَأُوْلَـئِكَ يَتُوبُ اللّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللّهُ عَلِيماً حَكِيماً (17) وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الآنَ وَلاَ الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُوْلَـئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً) (النساء: 17-18).

وقد ذكر الحافظ ابن كثير في "تفسيره" حديثاً رواه الترمذي من حديث ابن عمر -رضي الله عنهما- أن الحبيب النبى -صلى الله عليه وسلم- قال: "إن اللهَ يقبل توبة العبد ما لم يُغَرْغِر".

وأما قوله تعالى: (ثُمَّ يَتُوبُونَ مِن قَرِيبٍ)، فكل مَن تاب قبل الموت؛ فقد تاب من قريب.

ونقل ابن جرير الطبري في "تفسيره" (8/9) عن الحسن البصري أنه قال: "ما لم يُغَرْغِر".

فعلى المرء المفرط أن يسارع بالتوبة قبل حلول الأجل وتمنى الرجوع للتوبة وإصلاح الزاد ليوم الميعاد، لكن حيل عند الموت بينه وبين ما يشتهي، كما قال رب العالمين في كتابه الكريم: (وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ) (سبأ: 54) وزارع الشوك لا يجنى به عنباً
فرطت في الزرع وقت البذر من سفهٍ    فكيف عند  حصاد النــاس تدركه
(انظر الإيمان  باليوم الآخر للصلابي ص 27-28)

وقفة:
لا يقتصر طلب أهل الكفر والفسوق والضلال الرجعة عند الاحتضار فقط، بل يطلبون الرجعة للدنيا مرة أخرى عند النشور، وعند العرض على الله، وحين يعرضون على النار، وحين يدخلونها، وهم يطلبون الرجعة إلى الدنيا للتوبة، وإصلاح الزاد ليوم الميعاد، لكن حيل بينهم وبين ما يشتهون.

قال تعالى: (حَتَّى إِذَا جَاء أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ (99) لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِن وَرَائِهِم بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ) (المؤمنون: 99-100)
وقال تعالى: (وَأَنفِقُوا مِن مَّا رَزَقْنَاكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُن مِّنَ الصَّالِحِينَ) (المنافقون: 10).

وقال تعالى: (وَأَنذِرِ النَّاسَ يَوْمَ يَأْتِيهِمُ الْعَذَابُ فَيَقُولُ الَّذِينَ ظَلَمُواْ رَبَّنَا أَخِّرْنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ نُّجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ الرُّسُلَ أَوَلَمْ تَكُونُواْ أَقْسَمْتُم مِّن قَبْلُ مَا لَكُم مِّن زَوَالٍ) (إبراهيم: 44) وقال تعالى: (يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ مِن قَبْلُ قَدْ جَاءتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ فَهَل لَّنَا مِن شُفَعَاء فَيَشْفَعُواْ لَنَا أَوْ نُرَدُّ فَنَعْمَلَ غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ) (الأعراف: 53).

وقال تعالى: (وَلَوْ تَرَى إِذِ الْمُجْرِمُونَ نَاكِسُو رُؤُوسِهِمْ عِندَ رَبِّهِمْ رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا فَارْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحاً إِنَّا مُوقِنُونَ) (السجدة: 12).

وقال تعالى: (وَلَوْ تَرَىَ إِذْ وُقِفُواْ عَلَى النَّارِ فَقَالُواْ يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ وَلاَ نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (27) بَلْ بَدَا لَهُم مَّا كَانُواْ يُخْفُونَ مِن قَبْلُ وَلَوْ رُدُّواْ لَعَادُواْ لِمَا نُهُواْ عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ) (الأنعام: 27 ،28).

وقال تعالى: (وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِن وَلِيٍّ مِّن بَعْدِهِ وَتَرَى الظَّالِمِينَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ يَقُولُونَ هَلْ إِلَى مَرَدٍّ مِّن سَبِيلٍ) (الشورى: 44).

وقال تعالى: (قَالُوا رَبَّنَا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ فَاعْتَرَفْنَا بِذُنُوبِنَا فَهَلْ إِلَى خُرُوجٍ مِّن سَبِيلٍ) (غافر: 11).

وقال تعالى: (وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحاً غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُم مَّا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَن تَذَكَّرَ وَجَاءكُمُ النَّذِيرُ فَذُوقُوا فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِن نَّصِيرٍ) (فاطر: 37)

•    خلاصة ما يلاقيه الفاجر أو الكافر عند خروج روحه
1-    رؤيته لملائكة العذاب وملك الموت ويا لها من رؤية!
2-    توبيخ الملائكة إياه، ولعنه، وتبشيره بسخط الله وغضبه وعذابه.
3-    يعلم مكانه من النار قبل موته: (لَا بُشْرَى يَوْمَئِذٍ لِّلْمُجْرِمِينَ وَيَقُولُونَ حِجْراً مَّحْجُوراً)  (الفرقان: 22)
4-    ضرب الملائكة له بالمقامع، لوجهه ودبره، وما ظنك بضرب الملائكة؟! -والله- لا تتصوره العقول، ولا تحيط به الأذهان، ولا طاقة للبشر به.
5-    شدة نزع روحه من جسده؛ حتى تتقطع العروق والأعصاب.
6-    وضع روحه في مِسوح من النار.
7-    لعنة كل ملك بين السماء والأرض، وكل ملك في السماء له.
8-    يخرج منها كأنتن ريح جيفة على وجه الأرض.
9-    تغلق أبواب السماء دونه، ليس من أهل باب، إلا وهم يدعونه ألا تعرج روحه من قبلهم.
10-    ينادونه بأقبح أسمائه التي كان يُسمَّى بها في دار الدنيا.
11-    قول الله -تعالى-: "اكتبوا كتاب عبدي في سجين" أي: في الأرض السفلي، ويا له من سجن وحبس وضيق.
12-    تُطرح روحه من السماء طرحاً حتى تقع في جسده.
13-    دعاؤه بالويل على نفسه عند حمل جنازته: يا ويلها أين تذهبون بها؟.
14-    وأخيراً ينادي منادٍ من قبل السماء: "أن كذب عبدي"، ولو لم يكن له من العقاب إلا هذا لكفى.
15-    لا يستطيع الإجابة على أسئلة الملكين.
16-    يُضَيَّق عليه قبره حتى تختلف أضلاعه.
17-    يمثل له عمله الخبيث على صورة رجلٍ أسود الوجه، قبيح الثياب، منتن الريح، فيقول له: أبشر بالذي يسوؤك.
18-    يقيض له أعمى أصم؛ فيضربه بمرزبة، لو ضُرِب بها جبل كان تراباً.
19-    يفتح له باب من النار، ويُمهد له فُرش النار.



سَكرَاتُ الْمَوتِ ولَحْظَة خروج الرَّوحِ. 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

سَكرَاتُ الْمَوتِ ولَحْظَة خروج الرَّوحِ. Empty
مُساهمةموضوع: رد: سَكرَاتُ الْمَوتِ ولَحْظَة خروج الرَّوحِ.   سَكرَاتُ الْمَوتِ ولَحْظَة خروج الرَّوحِ. Emptyالخميس 05 مايو 2022, 5:38 pm

• الحديث العظيم في رحلة الروح
أخرج الإمام أحمد وأبو داود عن البراء بن عازب -رضي الله عنه- قال: "خرجنا مع النبي -رحمه الله- في جنازة رجل من الأنصار، فانتهينا إلى القبر ولمّا يلحد، فجلس رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مُستقبل القبلة، وجلسنا حوله، وكأن على رؤوسنا الطير، وفي يده عود ينكثُ في الأرض، فجعل ينظر إلى السماء، وينظر إلى الأرض، وجعل يرفع بصره ويخفضه ثلاثاً، فقال: استعيذوا بالله من عذاب القبر -مرتين أو ثلاثاً-، ثم قال: اللهم إني أعوذ بك من عذاب القبر -ثلاثاً-، ثم قال: إن العبد المؤمن إذا كان في انقطاع من الدنيا وإقبال من الآخرة؛ نزل إليه ملائكة من السماء، بيضُ الوجوه، كأن وجوههم الشمسُ، معهم كفنٌ من أكفان الجنة، وحنوطٌ) من حنوط الجنة؛ حتى يجلسوا منه مد البصر، ثم يجيء ملك الموت -تعالى-)؛ حتى يجلس عند رأسه، فيقول: أيتها النفس المطمئنة اخرجي إلى مغفرة من الله ورضوان، قال: فتخرُجُ تسيلُ كما تسيل القطرةُ من فيّ السقاء، فيأخذها" - وفي رواية: "حتى إذا خرجت روحه صلَّى عليه كل ملك بين السماء والأرض، وكلُّ ملك في السماء، وفُتحت له أبواب السماء، ليس من أهل باب إلا وهم يدعون الله أن يُعرجَ بروحه من قبلهم، فإذا أخذها لم يدعُوها في يده طرفة عين؛ حتى يأخذوها فيجعلوها في ذلك الكفن، وفي ذلك الحنوط فذلك قوله تعالى: (تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لا يُفَرِّطُونَ) (الأنعام: 61) ويخرج منها كأطيب نفحة مسك وُجدت على وجه الأرض، قال: فيصعدون بها فلا يُمرون -يعني بها- على ملأ من الملائكة إلا قالوا: ما هذا الروح الطيب؟ فيقولون: فلان بن فلان، بأحسن أسمائه التي كانوا يُسمونه بها في الدنيا، حتى ينتهوا إلى السماء الدنيا، فيَسْتَفْتِحُون له فيُفْتَحُ لهم، فيُشيِّعُه من كل سماء مُقربوها إلى السماء التي تليها، حتى تنتهي به إلى السماء السابعة، فيقول الله -تعالى-: اكتبوا كتاب عبدي في عليين، (وَمَا أَدْرَاكَ مَا عِلِّيُّونَ (19) كِتَابٌ مَرْقُومٌ (20) يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ) (المطففين: 19-21)، فيكتبُ كتابه في عليين، ثم يقال: أعيدوه إلى الأرض فإني وعدتهم أني منها خلقتهم، وفيها أُعيدهُم، ومنها أُخْرِجهم تارة أخرى، قال: فيردُّ إلى الأرض، وتعاد روحه في جسده، قال: فإنه يسمع خفق نعال أصحابه إذا وَلّوا عنه مدبرين، فيأتيه ملكان شديدا الانتهار؛ فينتهرانه، ويجلسانه، فيقولان له: مَن ربك؟ فيقول: ربي الله، فيقولان له: ما دينك؟ فيقول: ديني الإسلام، فيقولان له: ما هذا الرجل الذي بُعِثَ فيكم؟ فيقول: هو رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فيقــولان له: ومـا عملُك؟ فيقـــول: قرأت كتــاب الله فآمنت به وصدقت، فينتهرُه فيقـــول: مَن ربك؟ ما دينك؟ مَن نبيك؟ وهي آخر فتنة تُعرضُ على المؤمن فذلك حين يقول الله -تعالى-: (يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخرة وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ) (إبراهيم: 27)، فيقول: ربي الله، وديني الإسلام، ونبيي محمد -رحمه الله-، فينادي منادٍ في السماء: أن صدق عبدي، فأفرِشُوه من الجنة، وألبسوه من الجنة، وافتحوا له باباً إلى الجنة، قال: فيأتيه من روحها وطيبها، ويُفسحُ له في قبره مدَّ بصره، قال: ويأتيه -وفي رواية: يُمثلُ له- رجلٌ حسنُ الوجه، حسنُ الثياب، طيِّبُ الريح، فيقول: أبشر بالذي يسرك، أبشر برضوان من الله، وجناتٍ فيها نعيم مقيم، هذا يومك الذي كنت توعد، فيقول له: وأنت فبشرك الله بخيرٍ، مَن أنت؟ فوجهك الوجه الذي يجيء بالخير، فيقول: أنا عملك الصالح، فوالله ما علمتك إلا كنت سريعاً في طاعة الله، بطيئاً في معصية الله، فجزاك الله خيراً، ثم يُفتحُ له بابٌ من الجنة، وباب من النار، فيقال: هذا منزلك لو عصيت الله، أبدلك الله به هذا، فإذا رأى ما في الجنة، قال: ربّ عجِّل قيام الساعة، كيما أرجعُ إلى أهلي ومالي، فيقال له: اسكُن.

قال: "وإن العبد الكــافر" -وفي رواية: "الفاجر- إذا كان في انقطاع من الدنيا، وإقبال من الآخرة؛ نزل إليه من السماء ملائكة غلاظٌ شدادٌ، سود الوجوه معهم المسوحُ) من النار، فيجلسون منه مدَّ البصر، ثم يجيء ملك الموت حتى يجلس عند رأسه، فيقول، أيتها النفس الخبيثة، اخرجي إلى سخط من الله وغضب، قال: فتفرق في جسده، فينتزعُها كما ينتزع السفود الكثيرُ الشعب من الصوف المبلول، فتُقطَّعُ معها العُروقُ والعصبُ؛ فيلعنه كل ملكٌ بين السماء والأرض، وكل ملك في السماء، وتُغلق أبواب السماء، ليس من أهل باب إلا وهم يدعون الله ألا تعرج روحه من قبلهم، فيأخذها، فإذا أخذها، لم يدعوها في يده طرفة عين، حتى يجعلوها في تلك المُسُوح، ويخرج منها كأنتن ريح جيفة وُجدت على وجه الأرض، فيصعدون بها، فلا يمرون بها على ملأ من الملائكة إلا قالوا: ما هذا الروح الخبيث؟ فيقولون: فلان بن فلان بأقبح أسمائه التي كان يُسمَّى بها في الدنيا، حتى ينتهي به إلى السماء الدنيا، فيُستفتح له؛ فلا يُفتحُ له، ثم قرأ رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (لاَ تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاء وَلاَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ) (الأعراف: 40)، فيقول الله -تعالى-: اكتبوا كتابه في سجين في الأرض السفلى، ثم يقال: أعيدوا عبدي إلى الأرض، فإني وعدتهم أني منها خلقتهم، وفيها أُعيدُهُم، ومنها أُخْرِجهم تارة أخرى، فتطرح روحه من السماء طرحاً، حتى تقع في جسده ثم قرأ: (وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ) (الحج: 31)، فتُعاد روحه في جسده، قال: فإنه ليسمع خفقَ نعالِ أصحابه إذا ولّوا عنه، ويأتيه ملكان شديدا الانتهار؛ فينتهرانه؛ ويجلسانه، فيقولان له: مَن ربك؟ فيقول: هاه... هاه )، لا أدري، فيقولان له: ما دينك؟ فيقول: هاه... هاه، لا أدري، فيقولان له: فما تقول في هذا الرجل الذي بُعِثَ فيكم؟ فلا يهتدي لاسمه، فيُقال: محمدٌ !، فيقول: هاه... هاه، لا أدري سمعت الناس يقولون ذاك! قال: فيقال: لا دَرَيت، ولا تَلَوتَ، فينـــادي منادٍ من السماء أن كذب، فأفرشوا له من النــــار، وافتحوا له باباً إلى النــار، فيأتيـــه من حــرِّهـــا وسمُومهــــا، ويُضيقُ عليه قبره حـتــى تختلف فيه أضلاعه، ويـــأتيه، -وفي رواية: ويمثل له- رجلٌ قبيحُ الوجه، قبيح الثياب، مُنتنُ الريح، فيقول: أبشر بالذي يسوؤك، هذا يومك الذي كنت توعد، فيقول: وأنت فبشَّرك الله بالشرِّ من أنت؟ فوجهك الوجه يجيء بالشر، فيقول: أنا عملك الخبيث، فوالله ما علمتك إلا كنت بطيئاً عن طاعة الله، سريعاً على معصية الله، فجزاك الله شراً، ثم يقيض له أعمى أصم أبكم في يده مرزبة، لو ضرب بها جبل كان تراباً، فيضربه ضربةً حتى يصير بها تراباً، ثم يعيده الله كما كان؛ فيضربه ضربةً أخرى؛ فيصيح صيحةً يسمعه كل شيء إلا الثقلين، ثم يُفتحُ له باب من النار، ويُمهدُ من فُرُشِ النار، فيقول: رب لا تقم الساعة".

•    عند خروج الروح: المؤمن يحب لقاء الله، والكافر أو الفاجر لا يحب لقاءه
فالحىُّ يكره الموت ويحب الحياة فطرة، ولكن يتغير هذا للمؤمن عندما تبلغ الروح الحلقوم، ويبشر برضوان الله وكرمه، فإنه في هذه اللحظة يحب لقاء الله -أي يحب الموت- فيحب الله لقاءه.

فقد أخرج البخاري عن عبادة بن الصامت -رضي الله عنه- عن النبى -صلى الله عليه وسلم- قال: "مَنْ أحَبَّ لقـاء الله؛ أحَبَّ اللهُ لقـاءه، ومَنْ كَرِهَ لقاء الله؛ كرِه اللهُ لقاءه، قـالت عائشة: إنَّا لنكره الموت، قال: ليس كذلك، ولكن المؤمن إذا حضره الموت بُشِّر برضوان الله وكرامته، فليس شيءٌ أحَبَّ إليه ممَّا أمامه، فأحَبَّ لقاء الله وأحَبَّ اللهُ لقاءه، وإن الكافر إذا حُضِر بُشِّر بعذاب الله وعقوبته، فليس شيءٌ أكره إليه مما أمامه، فكرِه لقاء الله، وكرِه اللهُ لقاءه".

وجاء في الحديث الذي أخرجه البخاري ومسلم عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: قال الله -تعالى-: "إذا أحبَّ عبدي لقائي؛ أحببتُ لقاءه، وإذا كرِه لقائي؛ كرِهت لقاءه".

وأخرج البخاري ومسلم عن عائشة (رضي الله عنها) أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "مَن أحب لقاء الله؛ أحبَّ الله لقاءه، ومَن كرِه لقاء الله؛ كرِه الله لقاءه، قلت: يا نبي الله، أكراهية الموت؟ فكلنا نكره الموت، قال: ليس ذلك، ولكن المؤمن بُشِّر برحمة الله ورضوانه وجنته، أحبَّ لقاء الله؛ فأحبَّ الله لقاءه، وأن الكافر إذا بُشِّر بعذاب الله وسخطه، كرِه لقاء الله، وكرِه الله لقاءه".

عن أنس -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "مَن أحب لقاء الله؛ أحبَّ الله لقاءه، ومَن كرِه لقاء الله؛ كرِه الله لقاءه، قلنا: يا رسول الله، كلنا يكره الموت، قال -رحمه الله-: ليس ذلك كراهية الموت، ولكن المؤمن إذا حضر جاءه البشير من الله تعالى بما هو صائر إليه، فليس شيء أحب إليه من أن يكون قد لقي الله تعالى؛ فأحبَّ الله لقاءه، وإن الفاجر – أو الكافر - إذا حضر جاءه بما هو صائر إليه من الشر، أو ما يلقى من الشر، فكَرِه لقاء الله؛ فكَرِه الله لقاءه" (أحمد).

قال الحافظ -رحمه الله- كما في "فتح الباري" (11/376): "قال ابن الأثير في "النهاية":

"المُراد بلقاء الله هنا: المصير إلى الدار الآخرة وطلب ما عند الله، وليس الغرض به الموت، لأن كلاً يكرهه، فمَن ترك الدنيا وأبغضها؛ أحب لقاء الله، ومَن آثرها وركن إليها؛ كره لقاء الله؛ لأنه إنما يصل إليه بالموت، وقول عائشة (رضي الله عنها) والموت دون لقاء الله يبين أن الموت غير اللقاء، ولكنه معترض دون الغرض المطلوب، فيجب أن يصبر عليه ويحتمل مشاقه؛ حتى يصل إلى الفوز باللقاء.

قال الطيبي (رضي الله عنها): يريد أن قول عائشة: "إنا لنكره الموت" يوهم أن المُراد بلقاء الله في الحديث: "الموت"؛ وليس كذلك، لأن لقاء الله غير الموت، بدليل قوله في الرواية الأخرى: "الموت دون لقاء الله" لكن لما كان الموت وسيلة إلى لقاء الله؛ عبَّر عنه بلقاء الله. اهـ

وجاء في "فتح الباري" للحافظ ابن حجر-رحمه الله-:
"إن ملك الموت أتى إبراهيم -تعالى- ليقبض روحه، فجلس أمامه، قال: ماذا تريد؟ قال: أقبضُ روحك، قال: وهل خليل يقبض روح خليله؟ قال الملك: وهل رأيت خليلاً يكرهُ لقاء خليله، فسكت إبراهيم -تعالى-، فقبضت روحه".

وعن حبان بن الأسود قال: "الموت خير يوصل الحبيب إلى الحبيب" (حلية الاولياء: 10/9).



سَكرَاتُ الْمَوتِ ولَحْظَة خروج الرَّوحِ. 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

سَكرَاتُ الْمَوتِ ولَحْظَة خروج الرَّوحِ. Empty
مُساهمةموضوع: رد: سَكرَاتُ الْمَوتِ ولَحْظَة خروج الرَّوحِ.   سَكرَاتُ الْمَوتِ ولَحْظَة خروج الرَّوحِ. Emptyالخميس 05 مايو 2022, 5:42 pm

• من دعاء النبي -رحمه الله-
أخــرج ابن حبــان في "صحيـحه" والطبــراني في "الكبير" عن فضــالة بن عُبيد -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "اللهم من آمن بك، وشهد أني رسولك، فحبِّب إليه لقاءك، وسَهِّل عليه قضاءك، وأقْلِل له من الدنيا، ومَن لم يؤمن بك، ولم يشهد أني رسولك، فلا تُحبِّب إليه لقاءك، ولا تُسَهِّل عليه قضاءك، وأكثر له من الدنيا" (السلسلة الصحيحة: 813).

وممَّا يؤكد على ما سبق: أن الملائكة تنزل عند الموت؛ لتُبشِّر المؤمن بالجنة ورضوان الله، فيحب العبد لقاء الله.

وقال تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ(30) نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ(31) نُزُلاً مِّنْ غَفُورٍ رَّحِيمٍ)  (فصلت: 30-32)، فقوله: (تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ) أي: عند الموت.

وقال العوفي عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: "إن المؤمن إذا حضره الموت، شهدته الملائكة؛ فسلَّموا عليه وبشَّرُوه بالجنة، فإذا مات مشوا مع جنازته، ثم صلُّوا عليه مع الناس" (تفسير ابن كثير: 4/421).

ولذلك تجد العبد الصالح يطلب ممَّن يحمله أن يُسرع به إلى القبر، لما يرى من الكرامة والنعيم.

وأما العبد السوء عندما يرى ما ينتظره من العذاب والنكال؛ فينادي بالويل والثبور.

•    دعاء الفاجر على نفسه بالويل عند حمل جنازته
أخرج البخاري عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "إذا وُضِعَت الجنازةُ، واحتملها الرجالُ على أعناقهم، فإن كانت صالحة، قالت: قدَّمُوني، وإن كانت غير صالحة، قالت: يا ويلها أين يذهبون بها؟ يسمعُ صوتها كل شيء إلا الإنسان، ولو سمعهُ لصُعِقَ".

وعند النسائي عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "إذا وضع الرجل الصالح على سريره، قال: قدَّمُوني... قدَّمُوني، وإذا وُضع الرجلُ - يعني السوء - على سريره، قال: يا ويلي أين يذهبون بي؟"

وبعد... فهذا آخر ما تيسَّر جمعه في هذه الرسالة
نسأل الله أن يكتب لها القبول، وأن يتقبَّلها منَّا بقبول حسن، كما أسأله (رضي الله عنها) أن ينفع بها مؤلفها وقارئها، ومَن أعان على إخراجها ونشرها...... إنه ولي ذلك والقادر عليه.
هذا وما كان فيها من صواب فمن الله وحده، وما كان من سهو أو خطأ أو نسيان فمنِّي ومن الشيطان، والله ورسوله منه براء، وهذا بشأن أي عمل بشري يعتريه الخطأ والصواب، فإن كان صواباً فادعُ لي بالقبول والتوفيق، وإن كان ثم خطأ فاستغفر لي
وإن وجدت العيب فسد الخللا    جلّ مَن لا عيب فيه وعلا
فاللهم اجعل عملي كله صالحاً ولوجهك خالصاً، ولا تجعل لأحد فيه نصيب
والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلّى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
هذا والله تعالى أعلى وأعلم.........
سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك.



سَكرَاتُ الْمَوتِ ولَحْظَة خروج الرَّوحِ. 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
 
سَكرَاتُ الْمَوتِ ولَحْظَة خروج الرَّوحِ.
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» خروج المرأة إلى العمل
» خروج المخطوبة مع خطيبها
» رحلة الجسد بعد خروج الروح:
» بعض آداب خروج المرأة من البيت
» ضوابط خروج المرأة للعمل

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers :: (العربي) :: فـقـــــــه الــدنــيــــا والديـــــن :: الموت.. ودفن الموتى-
انتقل الى: