منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers

(إسلامي.. ثقافي.. اجتماعي.. إعلامي.. علمي.. تاريخي.. دعوي.. تربوي.. طبي.. رياضي.. أدبي..)
 
الرئيسيةالأحداثأحدث الصورالتسجيل
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

IZHAR UL-HAQ

(Truth Revealed) By: Rahmatullah Kairanvi
قال الفيلسوف توماس كارليل في كتابه الأبطال عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لقد أصبح من أكبر العار على أي فرد مُتمدين من أبناء هذا العصر؛ أن يُصْغِي إلى ما يظن من أنَّ دِينَ الإسلام كَذِبٌ، وأنَّ مُحَمَّداً -صلى الله عليه وسلم- خَدَّاعٌ مُزُوِّرٌ، وآنَ لنا أنْ نُحارب ما يُشَاعُ من مثل هذه الأقوال السَّخيفة المُخْجِلَةِ؛ فإنَّ الرِّسَالة التي أدَّاهَا ذلك الرَّسُولُ ما زالت السِّراج المُنير مُدَّةَ اثني عشر قرناً، لنحو مائتي مليون من الناس أمثالنا، خلقهم اللهُ الذي خلقنا، (وقت كتابة الفيلسوف توماس كارليل لهذا الكتاب)، إقرأ بقية كتاب الفيلسوف توماس كارليل عن سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-، على هذا الرابط: محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم-.

يقول المستشرق الإسباني جان ليك في كتاب (العرب): "لا يمكن أن توصف حياة محمد بأحسن مما وصفها الله بقوله: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِين) فكان محمدٌ رحمة حقيقية، وإني أصلي عليه بلهفة وشوق".
فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ على سائر البُلدان، كما فَضَّلَ بعض الناس على بعض والأيام والليالي بعضها على بعض، والفضلُ على ضربين: في دِينٍ أو دُنْيَا، أو فيهما جميعاً، وقد فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ وشَهِدَ لها في كتابهِ بالكَرَمِ وعِظَم المَنزلة وذَكَرَهَا باسمها وخَصَّهَا دُونَ غيرها، وكَرَّرَ ذِكْرَهَا، وأبَانَ فضلها في آياتٍ تُتْلَى من القرآن العظيم.
المهندس حسن فتحي فيلسوف العمارة ومهندس الفقراء: هو معماري مصري بارز، من مواليد مدينة الأسكندرية، وتخرَّجَ من المُهندس خانة بجامعة فؤاد الأول، اشْتُهِرَ بطرازهِ المعماري الفريد الذي استمَدَّ مَصَادِرَهُ مِنَ العِمَارَةِ الريفية النوبية المَبنية بالطوب اللبن، ومن البيوت والقصور بالقاهرة القديمة في العصرين المملوكي والعُثماني.
رُبَّ ضَارَّةٍ نَافِعَةٍ.. فوائدُ فيروس كورونا غير المتوقعة للبشرية أنَّه لم يكن يَخطرُ على بال أحَدِنَا منذ أن ظهر وباء فيروس كورونا المُستجد، أنْ يكونَ لهذه الجائحة فوائدُ وإيجابيات ملموسة أفادَت كوكب الأرض.. فكيف حدث ذلك؟!...
تخليص الإبريز في تلخيص باريز: هو الكتاب الذي ألّفَهُ الشيخ "رفاعة رافع الطهطاوي" رائد التنوير في العصر الحديث كما يُلَقَّب، ويُمَثِّلُ هذا الكتاب علامة بارزة من علامات التاريخ الثقافي المصري والعربي الحديث.
الشيخ علي الجرجاوي (رحمه الله) قَامَ برحلةٍ إلى اليابان العام 1906م لحُضُورِ مؤتمر الأديان بطوكيو، الذي دعا إليه الإمبراطور الياباني عُلَمَاءَ الأديان لعرض عقائد دينهم على الشعب الياباني، وقد أنفق على رحلته الشَّاقَّةِ من مَالِهِ الخاص، وكان رُكُوبُ البحر وسيلته؛ مِمَّا أتَاحَ لَهُ مُشَاهَدَةَ العَدِيدِ مِنَ المُدُنِ السَّاحِلِيَّةِ في أنحاء العالم، ويُعَدُّ أوَّلَ دَاعِيَةٍ للإسلام في بلاد اليابان في العصر الحديث.

أحْـلامٌ مِـنْ أبِـي (باراك أوباما) ***

 

 المبحث الخامس

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

المبحث الخامس Empty
مُساهمةموضوع: المبحث الخامس   المبحث الخامس Emptyالأربعاء 08 يونيو 2011, 4:45 am

المبحث الخامس

الحرب على الجبهة المصرية

5 ـ10 يونيه 1967

جاء صباح 5 يونيه 1967، لتجد القوات المسلحة الإسرائيلية أنها تواجه جيوش عربية غفيرة، تحتشد حول حدودها، وكان جيش الدفاع الإسرائيلي، قد جهز في هدوء، وكفاءة لمدة عدة أسابيع ليدافع عن البلاد، ضد الهجوم العربي الوشيك والتي أعلنت كل وسائل الإعلام العربية أنه قريب.

والواقع أن إسرائيل كانت قد استعدت تماماً لتلك الجولة، طبقاً لخطة محكمة، وقام الجنرال "موفي" موردخاي هدو، قائد السلاح الجوي بعد ظهر اليوم السابق (4 يونيه) بتزويد قادة الأجنحة بالتعليمات النهائية، وفي مساء اليوم نفسه في الساعة الثامنة مساء - قام قادة الأجنحة بتزويد قادة أسرابهم بالتعليمات النهائية للعملية في صباح اليوم التالى. وفي صباح يوم الخامس من يونيه، تم إيقاظ الطيارين في الساعة 3.45 صباحاً حتى يطلعوا على التعليمات النهائية.

وطبقاً لخطة الخداع، ولإيجاد الذريعة أمام العالم، الذي ينتظر "من الذي سيطلق الطلقة الأولى؟".. فقد صدر بيان عسكري إسرائيلي ينص على: "رصدت محطات الرادار الإسرائيلية في جميع أنحاء البلاد، طائرات العدو فوق مصر، وهي تتجه صوب إسرائيل، وذلك في الساعات الأولى من صباح يوم 5 يونيه 1967.

كما اكتشفت تحركات العربات المدرعة المصرية، وهي تتجه نحو الحدود الإسرائيلية في سيناء. وقد سقطت قذائف المدفعية والهاون، من قطاع غزة في حقول "نحال عوز" الكيبوتز الإسرائيلي الواقع بالقرب من مدينة غزة، وأصيب كذلك كيبوتزى "كيسوفيم"، "عين هاشلوشا" بالقرب من القطاع. وقد صدرت الأوامر للقوات الجوية الإسرائيلية بالضرب، حيث بدأت القوات الجوية الإسرائيلية تنفيذ مهامها في الساعة 7.45 صباحاً.

وقد بدأت الحرب بتوجيه إسرائيل ضربة جوية مركزة ضد القواعد الجوية والمطارات ومواقع الدفاع الجوي المصرية أولاً. أعقبها بعد ذلك ضربات جوية أخرى ضد جبهتى الأردن ثم سورية.. وعندما تأكد نجاح الضربة الأولى في اتجاه الجبهة المصرية صدرت التعليمات لشن الحرب البرية.

أولاً: الضربة الجوية على الجبهات المختلفة

يصف الجنرال موشى ديان وزير الدفاع تفاصيل الضربة الجوية كالآتي:

1. الضربة الجوية في اتجاه الجبهة المصرية
(اُنظر شكل الضربة الجوية الإسرائيلية)

كان يوم 5 يونيه سنة 1967 يوم الهجوم : ساعة الصفر 7.45 صباحاً . وكنت في الساعة السابعة والنصف في مقر القيادة الجوية. وكان التوتر يكاد يكون ملموساً. ولم تتحول أي عين عن خريطة العمليات الحربية، ولا أي أذن عن شبكة اللاسلكي.

وعندما بلغت طائراتنا أهدافها وأصبح واضحاً أنه لم يتم اكتشافها، انزاح عبء واحد - ولكنه ذو ثقل مضن - عن قلوبنا. لقد نجحت الخطوة الأولى. وبدأت الطائرات سلسلة غاراتها الجوية. وأنه لحظ سعيد، إذ من المعتقد أن نحشون، زعيم قبيلة يهودا إبان الخروج، كان أول من دخل مياه البحر الأحمر عندما انشقت، ضارباً بذلك مثلاً لبقية "أبناء إسرائيل" الذين تبعوه على الفور، وبدأت مدرعاتنا تتحرك أيضاً.

وبدأت تقارير طيارينا ترد خلال ساعة: دمرت مئات من طائرات العدو ومعظمها رابض على الأرض، كما تم تدمير مواقع الصواريخ أرض/ جو أو تعطيله. ولم تتم إصابة أية طائرة من طائراتنا إلا نادراً، وعلى ذلك فقد نجحنا في تحطيم قوة عدونا الجوية. غير أنها كانت جزءاً فقط من القوة المسلحة لعدونا، ولم تكن دباباتنا قد التقت بعد بالمدرعات المصرية.

بيد أن كابوس الأسابيع السابقة كان قد تلاشى بالفعل خلال دقائق معدودة. حقا كانت الحرب ما تزال في بدايتها، ولكنها كانت بداية من نوع يبشر بالخير بالنسبة للمراحل القادمة، فإن مصر كانت قد أصبحت بدون سلاح جوى. ولم يقض هذا على خطورة قصف سكاننا المدنيين فحسب، بل أنه هيأ لقواتنا البرية ميزة حاسمة. كما أنها ستتمتع بمساندة جوية، بينما ستحرم القوات البرية المصرية منها.

وقد تم تنفيذ هجومنا على القواعد الجوية المصرية، على موجتين اشتركت في الموجة الأولى 183 طائرة، وتعرض أحد عشر مطاراً مصرياً للهجوم فيما بين الساعة السابعة والدقيقة الرابعة عشر صباحاً وبين الساعة الثامنة والدقيقة الخامسة والخمسون صباحاً، وتم خلال ذلك الوقت تدمير 197 طائرة للعدو منها 189 طائرة على الأرض وثماني طائرات في معركة جوية، وأصبحت 6 مطارات غير صالحة للعمل، أربعة منها في سيناء واثنان في فايد وكبريت غرب قناة السويس، وتعطلت ست عشرة محطة رادار.

واشترك في الموجة الثانية 164 طائرة هاجمت 14 قاعدة جوية ودمرت 107 من طائرات العدو. وبلغت خسائرنا 11 طياراً قتل 6 منهم (5 في الموجة الأولى وطيار واحد في الموجة الثانية)، وأسر اثنان، وجرح ثلاثة طيارين - وخسرنا 9 طائرات. وأصيب 6 طائرات ولكنها عادت سالمة وأمكن إصلاحها. وخسر المصريون في ذلك الصباح ثلاثة أرباع قوتهم الجوية ـ أي 304 طائرات من مجموع الطائرات الحربية التي يملكونها البالغ عددها 419 طائرة.

وتم هجوم الموجة الأولى وفقاً للخطة الموضوعة، وثبت أن الاعتبارات التي استند إليها التخطيط كانت سليمة. فقد تم تحديد ساعة الصفر بالساعة السابعة والدقيقة الخامسة والأربعين صباحاً على أساس افتراض أن كبار الضباط المصريين سيكونون في ذلك الوقت في طريقهم من منازلهم إلى مقر عملهم. وقد ثبت أن هذا التقدير كان سليماً.

واستطاعت طائراتنا الوصول إلى أهدافها بدون أن يكتشف أمرها وذلك بطيرانها على ارتفاع منخفض مع الالتزام بصمت أجهزة اللاسلكي. وكانت الأوامر الخاصة بصمت أجهزة اللاسلكي مشددة لدرجة أنها كانت تمنع مخالفتها حتى في حالة سقوط الطائرة أو اضطرار الطيار للقفز منها، وكان الحد الأقصى للارتفاع المسموح بالتحليق به لأي طائرة منخفضاً للغاية .

واتجه أول تشكيل يحلق في الجو، إلى قاعدة بير جفجافة الجوية في سيناء. وأقلع التشكيل الثاني بعد دقيقة واحدة متجها إلى أبو صوير، غرب القناة. وهاجمت الطائرات، التي أقلعت عقب ذلك مطاري بنى سويف وغرب القاهرة. وتم الهجوم على مطار العريش بدون قنابل حتى لا تصاب الممرات بأي أضرار. وكان من المفترض أنه سيتم الاستيلاء على العريش في ظرف يوم أو اثنين وأن سلاحنا الجوي سيحتاج إلى استخدام المطار.

وكانت القواعد الجوية المعادية التي تعرضت لأعنف الهجمات هي أبو صوير (حيث وجهنا ضدها 27 طلعة جوية)، وفايد القريبة من البحيرة المرة الكبرى (24 طلعة) وغرب القاهرة (22 طلعة)، إذ كانت هذه القواعد الثلاثة تضم أكبر حشود للطائرات الحربية .
وقد وصل أحد تشكيلاتنا ويضم أربع طائرات، نتيجة لخطأ ملاحي، إلى مطار القاهرة الدولي. ولم يكن به أي طائرات حربية فلم يمس.

وفي الساعة 9.34 صباحاً. أقلعت الموجة الثانية. وبالنسبة لهذه الموجة - وعلى عكس الأولى - تم إجراء التعديل والتغيير في الخطة الأصلية إذ أصبح من الواجب آنذاك أن يؤخذ في الاعتبار نتائج موجة الهجوم الأولى وما قد يكون هناك من تطورات غير متوقعة.
فقد كانت هناك بعض المطارات التي دمرت جميع الطائرات بها ولم تكن هناك حاجة لتكرار الهجوم عليها. وفي مقابل ذلك، نجحت بعض طائرات العدو في الفرار والهبوط في مطارات أخرى أبعد، لم تكن داخلة ضمن الخطة الأصلية.

ومن بين الـ 164 طلعة التي قامت بها الموجة الثانية، كانت 115 منها ضد قواعد جوية، و13 طلعة ضد محطات رادار، أما الباقي فقد اشتركت في عمليات الدوريات والمساندة القوية للطائرات المهاجمة. وقد ألقت هذه الموجة قنابلها على 14 قاعدة جوية، من بينها 6 قواعد لم تتعرض لهجوم الموجة الأولى والتي هربت طائرات العدو إليها وهبطت بها. وكانت هذه هي أبعد الأهداف - المنصورة وبلبيس وحلوان والمنيا والغردقة والأقصر. وكانت القاعدة الجوية التي تعرضت لأعنف قصف في كلتا الموجتين هي قاعدة أبو صوير حيث تم تدمير 61 طائرة حربية في 52 طلعة جوية.

وعندما بدأت الموجة الثانية في القيام بغاراتها كان المصريون قد أصبحوا في حالة تأهب كامل، وواجهت طائراتنا عند بعض الأهداف نيراناً ثقيلة من المدافع المضادة للطائرات. ولكن الظروف في هذه المرة كانت أسهل بصفة عامة، إذ أن أعمدة الدخان الكثيفة المتصاعدة من المطارات المضروبة بالقنابل ساعدت الملاحة الجوية، ولم يعد هناك حاجة لصمت أجهزة الإرسال أو للطيران على ارتفاع منخفض بشكل خطير.

2. الضربة الجوية في اتجاه الأردن وسورية
(اُنظر شكل الضربة الجوية الإسرائيلية)

بينما كان سلاحنا الجوي مشغولاً على الجبهة المصرية، بدأت الطائرات السورية والأردنية والعراقية في مهاجمة إسرائيل. وكانت الطائرات السورية هي أول الطائرات المهاجمة. فقد أقلعت 12 طائرة ميج ـ 17 من دمشق في الساعة 11.50 صباحاً ، وقامت اثنتان منها بمهاجمة مستعمرة دجانيا، وأشعلتا النار في مخزن للأعلاف وحظيرة دواجن، ثم واصلتا طريقهما لكي تقصفا موقعاً معيناً لإحدى السرايا في بيت يريح الواقعة أيضاً على بحيرة طبرية ولكي تقصف سداً على نهر الأردن دون أن تصيبا أهدافها.

وهاجمت ثلاث طائرات أخرى مطاراً في وادي جبزمريل وأسقطت مدافع الميادين المضادة للطائرات إحدى هذه الطائرات. وقامت ثلاث طائرات أخرى بإشعال النيران في كومة قش ومخزن حبوب بالقرب من مستعمرة عين همفراتس معتقدة خطأ أنها تقصف معمل تكرير البترول في حيفا. أما الطائرات الباقية فقد هاجمت برشاشاتها وصواريخها دار النقاهة في كفار هاهوريس بالقرب من الناصرة، وأصابت المباني بأضرار كما أصابت يهودياً واحداً وعربياً واحداً بجراح.

وكان السلاح الجوي الأردني هو ثاني سلاح جوى عربي يشترك في الحرب، حيث أقلعت طائراته من طراز هنتر في الساعة الثانية عشرة ظهراً وهاجمت مصيف ناتانيا على الساحل ومطار كفار سيرفين بالقرب من بتاح تيكفاه ودمرت الطائرات الأردنية في سيركين طائرة نقل من طراز فورد كانت رابضة على الأرض. وبعد ساعتين حلقت طائرات عراقية من طراز هنتر فوق إسرائيل وأطلقت صواريخها في اتجاه مستعمرة نحلال، مسقط رأسي معتقدة بلا شك أنها مطار رامات ديفيد. ولم تسبب أي أضرار وعادت إلى العراق.

وما أن وصلت أنباء الغارات الجوية السورية والأردنية، حتى أصدر موتى (موردخاي) هدو الأوامر إلى هيئة أركانه بوضع "خطة لسورية والأردن - وبسرعة!". وخلال دقائق معدودة تحولت ثماني تشكيلات كانت في طريقها لقصف أهداف أخرى وهي في الجو إلى القواعد السورية والأردنية.

وعلى هذا فإنه في الساعة 12.15 بعد الظهر توجهت موجة ثالثة من الطائرات الحربية الإسرائيلية لتنفيذ مهام أساسية تهدف إلى القضاء على قوة العدو الجوية أو إضعافها. وتم تنفيذ 51 طلعة في الأردن على القاعدتين الجويتين في المفرق وعمان، وتم تدمير سلاح الطيران الأردني الذي يضم 28 طائرة حربية، تدميراً كاملاً. وأثناء ذلك أصيبت الممرات بأضرار إلا أنه لم تتبق هناك أي طائرات لاستخدام تلك الممرات .

هذا وقد خسرت سورية حوالي 50% من قوتها الجوية - فقد تم تدمير 53 طائرة من مجموع 112 طائرة ـ وذلك من خلال 82 طلعة جوية على القواعد الجوية في دامير ودمشق وصيقل ومارجاريال "T-4" وخسرت العراق 10 طائرات في ثلاث طلعات هجومية على مطار واحد وهو "H-3".

وكانت خسائرنا في هذه الموجة الثالثة 10 طائرات، وقتل 5 طيارين وإصابة اثنين بجراح وأسر اثنين.

وكان ذلك اليوم، بالنسبة لرجال سلاحنا الجوي، يوماً طويلاً وشاقاً حافلاً بالمخاطرة لقد كان هذا يومهم بجدارة. فقد ضمنوا نتيجة للتخطيط البارع والقتال الجريء فيما بين فجر ذلك اليوم وغروب شمسه نجاح الحملة ضد البلاد الثلاثة.

اتخذنا الخطوة الأولى في الحرب مع مصر. وأصبح يواجهنا الآن مشكلتان إضافيتان تتطلبان حلاً فورياً : طبيعة ردنا العسكري على العدوين العربيين الآخرين، سورية والأردن، وكيفية معالجة الاتهام الذي لابد وأن يوجهه العالم إلينا بأننا أطلقنا الطلقة الأولى".

وحاولت طوال فترة النشاط الجوي المكثف في الصباح، أن أمضي أكبر وقت ممكن في مقر قيادة السلاح الجوي. وكان "موتي" وكبار ضباط أركان حربه يجلسون في الصف الأمامي في مواجهة حاجز زجاجي، وكنت أجلس خلفهم مباشرة.

وكانت أجهزة الإشارة توالي تلقى المعلومات وإرسال الأوامر بشكل مستمر. وكانت هناك حركة دائبة بين ضباط "النوبتجية" الذين كانوا يروحون ويغدون باستمرار. ومع ذلك بدا أن كل شئ كان متجمداً، وأن كل صوت كان يصمت في اللحظة الحرجة الأمر الذي كان يُمكِّن "موتى" من التفكير في هدوء ومن الاستماع والتأمل والبت وإصدار قراراته المصيرية.

وبينما كنا نتابع تقارير الطيارين، كانت تحدث تغييرات خاطفة على الحالة النفسية، الأمر الذي كان يبدو في تعبيرات عيون الجميع. فكانت العيون تتألق عندما كنا نسمع إشارة تعلن: "لقد سقطت طائرة ميج"، "لقد أصبت ولكنى بخير"، "إني عائد إلى القاعدة".

وكان الحزن يظهر في العيون عندما تسمع إشارة تقول: "إني سأقفز" أو "لا أرى الباراشوت" وكان الضباط في مقر القيادة يعرفون كل من في الجو ويستطيعون التعرف على كل واحد منهم. وكانت الكلمات الفنية المتبادلة مقتصدة ومختصرة وجافة. فقد كانت هذه هي لغتهم ولغة حياتهم، وكانت تعطيهم شعوراً ملموساً بكل ما يدور في المعارك الجوية، وكأنهم يجلسون شخصياً في كابينة القيادة.

وعندما كانت الأمور تسير على ما يرام كانت تبدو ابتسامة سريعة، ولكن عندما كان يصاب أحد الطيارين بجراح أو يضطر إلى القفز أو الهبوط بالمظلة والبحث عن مكان يختبئ فيه بين التلال أو خلف شجرة، أو بين الصخور كانت أفكارهم جميعاً تتجه إليه في كل لحظة.

وكان يتم إرسال الطائرات الهليكوبتر وطبيب وطائرات مقاتلة بسرعة لمساعدته، ولكن كان يبدو وكأن الجميع في مقر القيادة موجودون معه في كل لحظة ومرتبطون به برباط مادي لا يمكن قطعه.

هذه العملية الرائعة أعطت إسرائيل السيادة الجوية ومن هنا كانت القوات الجوية الإسرائيلية لها القدرة على حرية تكريس نفسها لمساعدة وتدعيم التشكيلات الأرضية المتقدمة خلال الأيام الباقية من القتال على كل الجهات.

نظرة على شخصية الجنرال "موردخاي هود"

بخلاف من سبقوه في قيادة القوات الجوية الإسرائيلية وهم اللواء "دان فلكورسكى" واللواء "عيزرا وايزمان" لم يكن "موردخاي هدو" من نتاج القوات الجوية الملكية فقد كان يخدم في البالماخ ثم التحق بالوحدة الجوية الإسرائيلية في البالماخ والتي كانت نواة تكوين القوات الجوية الإسرائيلية ثم أرسل كبقية زملائه للتدريب في دورة خاصة بإحدى القواعد الجوية بتشيكوسلوفاكيا في الفترة التي سبقت حرب الاستقلال عندما كان التشيك الذين كانوا يمدون الإسرائيليين بالأسلحة

كما كانوا يساعدون إسرائيل بعمل التسهيلات لتدريب القوة الجوية الوليدة. اللواء "موردخاي" هدو من كيبوتز ديجانيا وكان خريجا من المستوى الأول والذي تدرب على الطيران في تشيكوسلوفاكيا وهي التي أمدت إسرائيل بأول طائرة ميسير سميث والتي لعبت دوراً كبيراً في حرب الاستقلال وبعد ذلك تدرب في الخمسينات في مدرسة القوة الجوية الملكية ببريطانيا والتي ظهر فيها كطيار بارز وقد تقدم في مناصب القوات الجوية وحضر دورات تدريبية في الخارج قبل حرب الأيام الستة بشهور وحل محل اللواء "وايزمان" الذي أخذ منصب رئيس العمليات في هيئة الأركان العامة.

وقد أثبت جدارته كقائد نشيط وقائد قوي للقوات الجوية وهو قليل الكلام ويتضح ذلك في حديثه المتقطع وغالباً يعرض وجهات نظره على رئيس الأركان (كما فعل سابقوه) وذلك بالنسبة للحالة المالية والنقاط الأخرى المتعلقة بالقوات الجوية وكان جريئاً ومبتكراً وربما كانت خطته الافتتاحية في حرب 67 أصدق تعبير عن خصائص هذه الشخصية.

3. ردود الفعل الأولية لبدء الحرب

جاء أول رد فعل من خلال توجيه السؤال الخاص "من الذي أطلق الطلقة الأولى" في الساعة الثامنة والنصف من صباح ذلك اليوم من جانب أحد أعضاء لجنة الكنيست للشؤون الخارجية والأمن موجها سؤاله إلى الجنرال "موشى ديان" الذي كان قد غادر مقر القيادة الجوية لفترة قصيرة على مضض وقابل لجنة من الكنيست في مطار تل أبيب.

وكان أعضاء اللجنة موجودين هناك في انتظار ركوب الطائرة للقيام برحلة إلى الجبهة الشمالية، كان قد تم الترتيب لها في الأسبوع الماضي، ولم يتم إلغائها حتى لا يثار التكهنات وتتعرض السرية للخطر. وعندما قابلهم ديان قرأ عليهم البيان الذي أصدره المتحدث العسكري منذ فترة قصيرة: "اعتباراً من صباح اليوم يدور قتال عنيف بين الطيران والقوات المدرعة المصرية المتقدمة نحو إسرائيل، وبين قواتنا التي خرجت لإيقافها" ثم أطلعهم في إيجاز على أحداث هذا الصباح، ولم يرد بشكل مباشر على التساؤل عن "الطلقة الأولى"، ولكن نظراً إلى أنهم قد سمعوا من قبل آرائه الخاصة بأهمية المبادرة والمباغتة في المعركة، فإنهم لم يكونوا في حاجة إلى الحدس والتخمين.

وفرضت قوات الدفاع الإسرائيلية ستاراً من السرية على أنباء المعركة إلى ما بعد منتصف ليلة اليوم الأول من الحرب، بينما راحت مصر تذيع وصفاً "لانتصارات". فأعلنت الإذاعة المصرية في الساعة الثامنة وخمسين دقيقة صباحاً: "أيها المواطنون، إننا نقف الآن وقفة رجل واحد قلباً وقالباً خلف قائدنا البطل "جمال عبدالناصر". سوف نردع بعزيمة قوية ذلك العدوان الغادر الذي بدأته إسرائيل ضدنا صباح اليوم. النصر حليفنا وحليف الأمة العربية ! النصر لجنودنا البواسل، أبطالنا الأحرار إلى الأمام نحو تل أبيب.

وفي الساعة 9.24 صباحاً صاح راديو القاهرة قائلاً:

"أيها الأخوة والجنود في غزة وسيناء وشرم الشيخ، أيها الأخوة الأبطال في الأردن وسورية! إلى الأمام نحو تل أبيب! يجب على كل عربي أن يثأر لعام 1948 وأن يتقدم عبر خطوط الهدنة لتدمير وكر العصابات الصهيونية في تل أبيب".

وبعد ذلك بدقيقة قطع راديو دمشق برامجه ليقول:

"نحن معكم يا رفاق السلاح في القاهرة. نحن معكم يا رفاق السلاح في غزة وسيناء، وشرم الشيخ. نحن معكم يا جماهير أمتنا العربية في الأردن، في زحفكم المشرف!"

وبعد ذلك وجه راديو دمشق النداء التالي إلى الشعب السوري :

"أيها الأخوة المواطنون ! إن نيران المعركة قد اندلعت ولن تخمد بعد الآن. إن ساعة الثأر قد حانت. لقد بدأت معركة التحرير. أشعلوا النار، أحرقوا ودمروا الغزاة الصهاينة. إن برميل البارود قد انفجر ولهيب حرب التحرير ترتفع عالية. إلى السلاح يا عرب ! تقدموا إلى قلب فلسطين ! سنلتقي في تل أبيب ! سوف نسحق الغزاة والمعتدين. هيا إلى المعركة يا عرب! إن أجراس النصر تدوي لأن أمل التحرير قد تحقق".

ولم يسكت الأردن. فقد أذاع راديو عمان ما يلي وذلك في الساعة 9.40 صباحاً :

"أيها العرب في كل مكان! إن ساعة التحرير واستعادة حقوقنا المغتصبة قد حانت. إننا سندمر الحدود المصطنعة ونستعيد حقوقنا المسلوبة في هذه المعركة المصيرية التي تشنها قوى الشر والعدوان الصهيوني. إلى الجهاد ! وإلى النصر!".

وبعد ذلك التجاوب من إذاعتي سورية والأردن، أعلن راديو القاهرة أول الانتصارات :

"إسقاط" 23 طائرة إسرائيلية. وفي الساعة 10,10 قفز ذلك العدد إلى 42 طائرة، وأعلنت مصر في الساعة 12.40 أن سبعين طائرة إسرائيلية قد "دمرت".

وأذاعت محطات إذاعية عربية أخرى قصف تل أبيب وحيفا ومدن أخرى في شمال إسرائيل.

ومع ذلك لم ترفع إسرائيل ستار السرية أو تنكر على العرب "انتصاراتهم" الزائفة حتى الساعة الواحدة من صباح يوم 6 يونيه.

ووجه راديو القاهرة في المساء الكلمة التالية باللغة العبرية إلى إسرائيل:

"إن قواتنا تهاجمكم من جميع الجهات، من كل جبهة ومن كل قرية. وفي هذه اللحظات فإن قنابلنا سوف تنسف كل مدنكم. لقد أعلناها حربا شاملة على إسرائيل. نحن لانبغى موتكم، إلا أنه لا مفر من ذلك المصير، فموتوا، ولن تأخذنا بكم شفقة.

على من تقع مسؤولية تعاستكم أيها الحقراء المساكين ؟ إنها لمسؤولية زعمائكم. إن قواتنا تحيط بكم من كل جانب ونضرب بكل قوة وإحكام. زعماؤكم أداة في أيدي الإمبرياليين وعليهم تقع مسؤولية نهايتكم المريرة هذه؛ فهم الذين أقاموا إسرائيل لتكون نقطة سوداء في قلب وطننا العزيز".

وقال راديو القاهرة في إذاعة أخرى له:

"أين أنت الآن يا "موشى ديان"؟ في عام 1956 وصفوك بوزير النصر. إنك الآن وزير الهزيمة. وإذا كان شعبنا السوري الباسل قد اقتلع إحدى عينيك فسننتزع نحن عينك الأخرى اليوم".

لقد أوضحت تلك الإذاعات والتصريحات بجلاء أن حربنا لم تكن فقط مع مصر وإنما أيضاً مع الأردن وسورية والعراق. وكان لابد للقوات الجوية في اليوم الأول من القتال، أن تقوم بعملياتها ضد حلفاء "عبدالناصر" أيضاً.

وفي الوقت نفسه لم يكن هناك بالطبع أساس للزعم بأن هناك خسائر إسرائيلية فادحة ولكن الغرور والمبالغة العربية كان مفيدين لنا الآن تماماً فقد طلبت من المسؤولين عن الإعلام الجماهيري عدم ذكر أي أنباء عن انتصاراتنا في اليوم الأول على الأقل، حتى تبقى معسكرات العدو في حالة بلبلة.

يقول "موشى ديان":

"لم يكن العالم الخارجي وحده هو الذي يهمنا، بل كان علينا أن نوجه كلمة ما إلى شعبنا وقواتنا. وعلى ذلك وجه رئيس الوزراء كلمة في الإذاعة إلى الأمة، ووجهت من جانبي كلمة إلى قواتنا عبر الإذاعة العسكرية قلت فيها: "إن "الفريق مرتجى"، القائد المصري للقوات العربية في سيناء قد أبلغ قواته أن العالم ينتظر مترقباً نتائج "الحرب المقدسة" التي يشنونها، وأنه طالبهم بالاستيلاء بقوة السلاح ووحدة الأخوة على "أرض فلسطين السليبة".

وقلت "يا جنود إسرائيل" ليست لدينا أهداف للغزو، إن هدفنا هو إحباط محاولات الجيوش العربية لغزو بلادنا وكسر حلقة الحصار والعدوان التي تهددنا. لقد عبأت مصر المساعدة من جانب سورية والأردن والعراق. وضمت قوات تلك الدول تحت قيادتها كما أنها عززت قواتها بوحدات عسكرية من الكويت حتى الجزائر.

وهم يتفوقون علينا عدداً، ولكننا سنتغلب عليهم وإننا أمة صغيرة، ولكنها قوية، إننا نحب السلام ولكننا في الوقت نفسه مستعدون للقتال دفاعا عن حياتنا وبلدنا. ولاشك في أن مواطنينا المدنيين في المؤخرة سيعانون. ولكن المطلوب منكم يا قواتنا المقاتلة في الجو والبر والبحر هو بذل أقصى جهدكم. يا جنود قوات الدفاع الإسرائيلي إن آمالنا وأمننا معلقان عليكم في هذا اليوم.

4. الذريعة لشن عمليات برية ضد الأردن وسورية

دخلت سورية والأردن الحرب ففتحت الأردن نيران مدفعيتها ومدافع الهاون في الساعة 11.45 صباحاً على الأحياء اليهودية في القدس، وأعقبتها بعد فترة قصيرة نيران المدفعية والأسلحة الخفيفة على طول خط وقف إطلاق النار.

وبعد ذلك بنصف ساعة بدأت سورية المعركة بقيام طيرانها بقصف مدينة طبرية ومجدو.

وأثار التحرك العدواني من جانب الأردن ثلاث تساؤلات. كان الأول متعلقاً بالقدس التي يحميها لواء احتياط من بعض الرجال المسنين، وما هو العمل الذي يمكن اتخاذه ومتى؟ أما السؤال الثاني فيتعلق بنظام الأولوية بالنسبة لتوزيع القوات.

إذ يجب علينا أن نخصص جميع التشكيلات المطلوبة للجبهة المصرية حتى نحقق نصراً حاسماً وسريعاً. فمن أين إذا يمكن سحب وحدات وتحويلها إلى الجبهة الشرقية ؟ وكانت المشكلة الثالثة هي كيف يمكننا حماية سكاننا المدنيين من النيران الأردنية. وكانت الجبهة الأردنية، على خلاف الجبهة المصرية، ملتصقة بأكثر مراكزنا السكانية كثافة. منطقة القدس والسهل الساحلي المزدحم ووادي جيزربيل ووادي بيت شبعان.

وكانت المشكلة الرئيسية الناجمة عن دخول سورية الحرب هي معرفة ما إذا كان يجب علينا الرد بحرب شاملة أو أن نقتصر على شن غارات محلية وقصف بالمدفعية وغارات جوية. كانت وجهة نظري هي أنه يكفي أن نحارب على جبهتين فحسب، ولما كان الأمر يرجع إلينا فإنه يجب علينا أن نتجنب فتح جبهة ثالثة. وبالإضافة إلى ذلك فإنه لم تكن توجد في سورية أي أهداف تماثل في حيويتها شرم الشيخ ـ مفتاح الملاحة إلى إيلات ـ أو القدس والضفة الغربية، اللذين كان جزءاً من لحم ودم "أرض إسرائيل" بل في الواقع روحها ذاتها.

وبعد التشاور في قاعة الحرب مع رئيس الأركان وكبار ضباطه، أصدرت الأوامر التالية:

1. أن تتدخل قواتنا الجوية ضد أي دولة تقوم طائراتها بمهاجمتنا.
2. أن ترد نيراننا في منطقة القدس على مصادر نيران الأردن ولكن على ألا تقصف المدينة القديمة.
3. أن تعد القوات لشن هجوم على الأردن في منطقة القدس (بواسطة اللواء العاشر) وفي الشمال (بواسطة وحدات القيادة الشمالية).

وأجريت مشاورات في الساعة 12.30 بعد الظهر مع رئيس الوزراء، وقد وافق على تأشيرتي الخاصة باستيلاء اللواء العاشر على جبل المكبر. وأن تتعامل القوات الجوية مع الأهداف العسكرية في الأردن وسورية، وأن تستولي القيادة الشمالية على منطقة جنين، حتى تبعد مطارنا في تل أبيب عن مدى المدفعية الأردنية.

وسألني رئيس الأركان بعد الاجتماع عما إذا كان من الأفضل، أثناء عملية جنين، الاستيلاء أيضاً على بعباد، التي تقع على بعد أميال قليلة نحو الغرب. ووافقت على اقتراحه. وتعتبر بعباد قرية عربية كبيرة تقع على قمة تل يشرف على وادي دوثان، و كانت لها قيمة تاريخية قديماً وحديثاً.

فهي المكان الذي باع فيه أخوة يوسف منذ 3500 عام أخاهم إلى تجار مدين. كما أن هذه القرية كانت الموقع الذي اكتشفت فيه امرأة عربية أثناء قيامها بجمع الحطب، خلال فترة الانتداب مخبأ الإرهابي المتطرف عز الدين القاسم وأصدقائه، حيث كانوا يختبئون في أحد الكهوف، وقد قامت بكشف أمرهم للسلطات البريطانية. وكان لأسطورة يوسف نهاية سعيدة. أما عصابة القاسم فقد أعدمت رمياً بالرصاص. وهذا هو العصر الحديث!.

5. طبيعة مسرح العمليات في مسرح سيناء الذي دارت عليه المعارك

خلال السنوات العشر التي مرت منذ حملة سيناء سنة 1956 كان المصريون قد حركوا قوات كبيرة إلى شبه جزيرة سيناء وشيدوا سلسلة من المواقع المحصنة لخدمة أغراض الهجوم والدفاع المزدوجين.

وكانت أكثر المعاقل قرباً من حدود النقب في إسرائيل بمثابة نقط انطلاق لهجوم مصري على إسرائيل، كما كانت مواقع صد أي اختراق إسرائيلي لسيناء. أما التحصينات المقامة على عمق أكبر إلى الداخل فكانت بمثابة قواعد خلفية لخدمة المواقع الأمامية وتضم حشود قوات الاحتياطي وإمدادات لتغذية الجبهة ولتزويدها بخطوط دفاع خلفية في حالة سقوط المواقع الأمامية.

وكانت أقوى التحصينات الشرقية هي تلك التي تسيطر على الطرق التي تؤدى إلى إسرائيل، والتي يمكن أن تستخدمها أي قوات غزو مصرية، وفي الوقت نفسه تمنع الوصول إلى الطرق التي تخترق سيناء إذا ما شنت إسرائيل هجوما، وتقع الطرق الثلاث الوحيدة عبر سيناء التي يمكن أن تستخدمها العربات العسكرية الثقيلة في النصف الشمالي من الجزيرة. وهي عبارة عن منطقة صحراوية منبسطة تغطيها الكثبان الرملية، ويوجد بها أيضاً بعض الجبال والوديان.

وكانت هذه هي منطقة القتال الرئيسية في سيناء، وهي تختلف عن النصف الجنوبي من شبه الجزيرة، المثلثة الشكل، ذات التضاريس الجبلية الذي يصعب اجتيازها. ويحد هذا الجزء الجنوبي خليج السويس من الغرب وخليج العقبة من الشرق. وقد كان من الممكن، عادة الوصول إلى شرم الشيخ الموجودة بالقرب من رأس المثلث عبر طريق ساحلي على طول الساحل الشرقي لخليج السويس.

وفي عام 1956 نجح لواؤنا التاسع في الوصول إلى شرم الشيخ باستخدام طريق يمتد على طول شاطئ خليج العقبة الأمر الذي فاجأ المصريين الموجودين هناك، وذلك بفضل الجهود الجبارة والمثابرة وسعة الحيلة وحدها.

وكانت الطرق التي يمكن استخدامها في النصف الشمالي لسيناء تقتصر على طريقتين أساسيين هما الطريق الشمالي والطريق الأوسط وطريق جنوبي إضافي وعر إلى حد ما، وهذه الطرق الرئيسية تتصل ببعضها على مسافات بواسطة طرق فرعية ومدقات، وأقام المصريون قاعدة محصنة في رفح في الزاوية الشمالية الشرقية لسيناء، وفي الطرف الجنوبي لقطاع غزة وذلك لحماية الطريق الشمالي الذي يصل حتى القنطرة على قناة السويس ضد أي محاولة للقوات الإسرائيلية لاستخدامه.

غير أن هذه القاعدة يمكن أن تستخدم أيضاً كنقطة انطلاق لهجوم مصري على السهل الساحلي الجنوبي لإسرائيل. والواقع أن القوات المصرية شنت هجومها ضد دولة إسرائيل الجديدة سنة 1948 عن طريق رفح وعبر قطاع غزة.

وأقامت مصر مجموعة من القواعد المحصنة في منطقة أبو عجيلة المنيعة وأم قطف لمنع إسرائيل من استخدام الطريق الأوسط الذي يمتد من حدودها حتى الإسماعيلية غرباً.
وأقيمت أيضاً قواعد في القسيمة جنوب أبو عجيلة وفي الكونتيلة في أقصى الجنوب. وتعتبر كلتا القاعدتين مدخلاً إلى الطريق الجنوبي الذي يصل حتى قناة السويس عند بور توفيق ومدينة السويس التي تقع على رأس قناة السويس ويمكن لكل من القسيمة والكونتيلة بوجه خاص أن تخدما أي قوات مصرية تسعى لعبور الحدود الإسرائيلية لعزل إيلات.

وكانت النقط الحصينة المصرية على الحدود تعتبر مواقع دفاعية ضخمة يصل عمقها في أحيان كثيرة إلى عشرين ميلاً. وفي قلب هذه التحصينات القوية توجد شبكة من مواقع المدفعية ومواقع المدافع المضادة للدبابات وأوكار المدافع الرشاشة بالإضافة إلى مفارز الدبابات وصفوف طويلة من الخنادق تحيط بها حقول ألغام ممتدة.

وكانت تحمى المداخل مواقع أمامية تعتبر هي نفسها صورة مصغرة للحصن المركزي، وخلف كل هذا وعلى امتداد الطريق حتى القناة كانت توجد مواقع وقواعد عسكرية أخرى.

وبهذا فقد تم تحويل كل المنطقة الغربية الشمالية إلى منطقة محصنة كبيرة تم تصميمها كقاعدة ثابتة للهجوم على إسرائيل كما تم تجهيز طرق إضافية كدروس مستفادة من حرب 56 وقد تم حفر ممر جبلي ( الجدي ) الذي يوازي ممر متلا تم تجهيزه من خلال سلسلة من الجبال الموازية لقناة السويس لكي يحقق مرونة إضافية لتحركات القوات.

كما أضيفت طرق إضافية من الشمال إلى الجنوب لربط جزئي سيناء الرئيسيين كما تم إنشاء نقاط قوية عملاقة وكذا قواعد جوية ومعسكرات تدريب ومخازن تكديسات ـ كل ذلك يشترك في إطار عمل منطقة محصنة كبيرة تمتد من حدود إسرائيل حتى عمق سيناء.

أما قطاع غزة فقد تحول إلى حصن مجهز بالدبابات والمدفعية التي تغطى الحدود وعندما بدأ المصريون في التدفق على سيناء في نهاية شهر مايو وأوائل شهر يونيه 1967 تم إدخالهم قواعد سبق تجهيزها بكفاءة كاملة زودت المعدات والإمدادات وفي خلال أيام كانت القوات جاهزة لدخول معركة انطلاقاً من تلك المواقع السابق تجهيزها.
يتبع إن شاء الله...


المبحث الخامس 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

المبحث الخامس Empty
مُساهمةموضوع: رد: المبحث الخامس   المبحث الخامس Emptyالأربعاء 08 يونيو 2011, 4:57 am

6. حجم القوات المصرية في سيناء
كانت القوات المصرية في سيناء تتضمن خمسة فرق مشاة وفرقتين مدرعتين تضم مائة ألف جندي مزودين بأكثر من 1000 دبابة ومئات من قطع المدفعية وكانت القوات المشاة تحتشد على المحاور الرئيسية القريبة من الحدود مع إسرائيل بينما كانت تتمركز القوات المدرعة كلها في منتصف سيناء وتغطي أيضاً الجانب الجنوبي من الجبهة أما بالنسبة للمحور الشمالي فكان يدافع عنه بالفرقة العشرون الفلسطينية بقيادة اللواء "عبدالمنعم محمد حسني" والمتمركزة في قطاع غزة والفرقة السابعة المشاة بقيادة اللواء "عبدالعزيز سليمان" والذي كان مسؤولاً عن المنطقة الجنوبية الشرقية من قطاع رفح إلى العريش وإلى الجنوب عبر المحور المركزي أما الفرقة الثانية المشاة بقيادة اللواء "سعدي محمد نجيب" كانت تتمركز في المنطقة المحصنة الممتدة من القسيمة إلى أبو عجيلة وتشمل أيضاً منطقة أم قطف الجنوبية أما الفرقة الثالثة المشاة بقيادة اللواء عثمان نصار فكانت غرب الفرقة المركزية الشمالية في جبل لبنى وبير الحسنة حيث العمق اللازم في عملية الانتشار. وإلى الجنوب الفرقة السادسة المشاة ميكانيكي بقيادة اللواء "رؤوف محفوظ" وكانت في مواقع على امتداد الكونتيلا ـ التمد ـ نخل. وهو نفس المحور الذي حدث منه الاختراق الإسرائيلي عام 56 والذي تم احتلاله بواسطة لواء المظلات بقيادة العقيد "اريك شارون". أما الفرقتين المدرعتين في الجيش المصري في سيناء فكانتا منتشرتين في العمق الإستراتيجي وكانت الفرقة الرابعة المدرعة بقيادة اللواء "محمد صدقي الغول" تتمركز بمنطقة وادي المليز بين بير جفجافة وبين تمادا وهي قاعدة مركزية في عمق سيناء. أما القوات المدرعة الثانية بحجم فرقة والتي سميت قوة الاشاذلي باسم قائدها اللواء "سعد الدين الشاذلي" تحركت قرب الحدود الإسرائيلية بين القسيمة والكونتيلا ثم عسكرت لتكون جاهزة للاختراق داخل إسرائيل وفصل منطقة النقب الجنوبية وميناء إيلات.
7. حجم القوات الإسرائيلية المضادة
وبالنسبة للجانب الإسرائيلي فقد كانت القيادة الجنوبية بقيادة اللواء "بشياهو جافيتش" وتتكون من ثلاثة فرق بقيادة كل من "إسرائيل تال" و"افرهام يوفي" و"اريك شارون". أما عن الجنرال "جافيتش" فهو خريج مدرسة الحرب الفرنسية في باريس وكان مصاباً بعرجة بسبب جرح إصابة في حرب الاستقلال وقد كان ضابطاً رائعاً ذو كفاءة عالية وكان يعتبر واحداً من الضباط البارزين في القيادة الإسرائيلية. وفي حملة سيناء عام 1956 كان رئيساً لفرع العمليات مع رئيس الأركان "موشى ديان" وكان ضابط اتصال بين "ديان" والأركان العامة حيث كان "ديان" يصر على التواجد مع القوات في الإمام خلال القتال. وبعد حرب 67 خطا "جافيتش" وبسرعة ليصبح رئيساً للأركان بعد انتهاء فرصة "بارليف" وكان "موشي ديان" يفضله أكثر من "اليعازر". وعلى أي حال فبالرغم من كون "ديان" وزير الدفاع إلا أنه لم يستطيع أن يفرض رأيه لصالح "جافيتش" في مواجهة رأي "جولدا مائير" رئيسة الوزراء مدعما برأي "بارليف" رئيس الأركان السابق وتم تعيين "دايفيد اليعازر" واستقال "جافيتش" من القوات المسلحة ليصبح نائباً لمدير أكبر مجموعة صناعية في إسرائيل (مجموعة كور الصناعية) أما الجنرال "تال" فهو رجل قصير خدم قبل ذلك في الجيش البريطاني في مجموعة اللواء اليهودي وهو رجل نظامي صارم صعد الدرجات في قوات الدفاع الإسرائيلية حتى قاد مجموعة مدرعة وقد تخرج في الفلسفة من جامعة هيبرو وأصبح عبقرياً في قوات الدفاع من الناحية الفنية وقد نال مرتين جائزة إسرائيل للمخترعات الهامة في مجال الأمن وصمم أخيراً الدبابة الإسرائيلية الرئيسية "مركافا أوتشاريوت" وهي واحدة من أكثر الدبابات تقدماً في العالم وقد بنيت فكرتها على الدروس المستفادة لدى القوات المدرعة الإسرائيلية في حروبهم المختلفة وخاصة حرب كيبور وقد ثارت حوله درجة معينة من الاختلاف في الرأي بعد حرب يوم كيبور والتي خدم فيها نائباً لرئيس الأركان جنرال "اليعازر" وأخير أصبح مستشاراً لوزير الدفاع للتطوير والتنظيم وينظر له حالياً على أنه شخصية عالمية في الحروب المدرعة.

العقيد جونين، يعتبر ضابط صلب شديد المراس وقاطع اللهجة معروف بارتداء نظارة شمس وقد خرج من هذه الحرب بسمعة طيبة وهو مواطن من القدس وابن لوالدين أرثوذكس وكان طالباً في مدرسة دينية للأرثوذكس في القدس وكانت أول تجربة له في القتال وهو في السادسة عشر في حصار القدس خلال حرب الاستقلال وفي حملة سيناء خدم كقائد سرية في اللواء السابع بقيادة بن آرى في ذلك الوقت وتدرب في الولايات المتحدة في مدرسة المدرعات في فورت نوكس مثل معظم ضباط المدرعات في إسرائيل. وفي صيف عام 1973 حل محل أريك شارون كقائد عام للمنطقة الجنوبية وبعد شهور قليلة اندلعت حرب يوم كيبور 73 وفي الأوقات التي ظهر فيها أمام لجنة "اجرانات" وفي مقابلاته العامة التالية ظل جنين يقول أنه ورث عبء القيادة الجنوبية وعانى إهمال القائد السابق وهو الجنرال شارون في حرب يوم كيبور، ووصل هذا الجندي الشجاع إلى نهايته المفاجئة
كان اللواء سعد الدين الشاذلي ضابط قوات خاصة له تقديره عند الرئيس جمال عبدالناصر وفي 1960 قاد كتيبة من القوات الخاصة المصرية في الكونغو في إطار الأمم المتحدة. ورغم أن الكتيبة لم توفي مهامها بصورة طيبة في تلك العملية إلا أن العقيد سعد الشاذلي اكتسب شعبية ملحوظة ومتميزة وقد كلفت قواته في عام 1967 بعمل هجوم كبير وذلك بقطع النقب الإسرائيلي في الجنوب وحتى شمال إيلات وفي فترة الانتظار التي سبقت الحرب بأسابيع كانت له تصريحات في الصحف العالمية تشيد بالقوة المدرعة المصرية وتقلل من قيمة القوات الإسرائيلية التي تواجهها وقد اشترك في التخطيط لحرب أكتوبر كرئيس أركان القوات المسلحة المصرية وكان قد فقد أعصابه في تلك الحرب بعد أن أقامت إسرائيل جسرا عبر القناة وقد حدث خلاف بينه وبين السادات أثناء إحدى المقابلات وطبقا لما رواه السادات أن الشاذلي كان في حالة هستيرية وحث الرئيس على سحب القوات المصرية من الضفة الشرقية لقناة السويس وقد رفض الرئيس السادات اقتراحاته وأعفاه من القيادة، وقد تم إبعاده كسفير لمصر في بريطانيا ثم في البرتغال ولكنه بعد ذلك أقيل من منصبه ودعى لثورة ضد السادات ثم تعامل مع العقيد القذافي رئيس ليبيا ربما ليجمع حوله قوات مصرية مناهضة للسادات
ثانياً: العمليات البرية على الجبهة المصرية
الخطة الهجومية على جبهة سيناء "اُنظر خطة الملاءة الحمراء ـ (اُنظر خريطة الضربات البرية الرئيسية)
كانت الإستراتيجية الشاملة (العليا) للقيادة الجنوبية تعتمد على اختراق ثلاثي الشعب عن طريق ثلاثة مراحل رئيسية وكانت المرحلة الأولى تعتمد على فتح المحور الشمالي والمركزي وذلك بتدمير التحصينات المصرية على امتدادهما ومن هنا يمكن تدمير القوات الخلفية في سيناء. أما المرحلة الثانية فكانت تحتوى على الاختراق في عمق سيناء. فبينما كانت المرحلة الثالثة تعتمد على أخذ الممرين الجبليين اللذين يؤديان للقناة وبذلك يمكن فصل الجيش المصري أو منعه من إعادة عبور قناة السويس (لم يتوقع المصريون أن يتم الهجوم مباشر وبالمواجهة وفعلا فقد توقعوا تحركاً مفتوحاً مشابه لما حدث في عام 1956 وكان القائد العام في سيناء الفريق "عبدالمحسن مرتجى" قد قرر أن تفتح مجموعة القتال الخاصة المدرعة متاخمة للحدود بين القسيمة والكونتيلا حتى يمكنهم الرد بسرعة بالضرب داخل إسرائيل) وفي القطاع الشمالي كانت فرقة الجنرال "إسرائيل تال" مستعدة لمهاجمة المنطقة المحصنة في رفح والعريس وفي الوسط يستولي "شارون" على أم قطف وأبو عجيلة اللذان تتركز فيهما الدفاعات المصرية القوية وكانت عناصر فرقة الجنرال "يوفيه" تتمركز في المنطقة الرملية التي تصعب المرور فيها بين المحاور الشمالية والمركزية وبهذا سيتم عزل موقعي الدفاع المصريين الرئيسيين ومنع طريق الإمدادات الجانبي أو أي محاولة تنسيق بين الفرقة السابعة والثانية المصرية أثناء الهجوم.
أما المنطقة الشمالية من رفح إلى العريش فكانت دفاعات محاطة كما كانت في 1956 بحقول الألغام العميقة والمتعددة - خطوط محصنة قوية مع لواءات مشاة متمركزة في خنادقها خلف أسلحة مضادة للدبابات محتلة في دشم خرسانية على الخط الذي يطوق المنطقة وكانت تتواجد في تلك المناطق بالإضافة إلى المدفعية أكثر من مائة دبابة متخذة مواقع دفاعية.
وكانت خطة الهجوم الإسرائيلي الرئيسية هي اختراق موقع رفح الحصين في القطاع الشمالي وأبو عجيلة في القطاع الأوسط، وذلك بمهاجمتها من اتجاهات غير متوقعة وبأساليب غير متوقعة، أي التقدم من خلال الثغرات والاشتباك مع حشود العدو في المؤخرة ثم الإسراع نحو قناة السويس مع الاستيلاء على قواعد العدو التي تقابلنا في الطريق أو الالتفاف حولها، ثم الاشتباك مع مدرعات العدو واصطياد القوات المتخلفة في سيناء عن طريق إغلاق طرق الهروب، والاستيلاء على الطريق البرى المؤدى إلى شرم الشيخ، ورفع الحصار عن خليج العقبة.
والآن وقد وصلنا إلى عشية الحرب التي تعرف باسم حرب الأيام الستة فإن كل هذه المواقع لم تكن تحتلها قوات ضخمة فحسب، وإنما كانت مراكز لحشود كبيرة من الفرق المدرعة والمشاة التي تدفقت على سيناء خلال الأسابيع الثلاثة السابقة.
1. إجراءات الخداع التكتيكي قبل المعركة
كان قد تم ترسيخ انطباع لدى المصريين عن طريق انتشار القوات الإسرائيلية التي كانت في القطاع الجنوبي حيث تحركت ذهاباً وعودة على طول الحدود بتشكيل مفتوح وعلني ونجحوا في خداع المصريين عن اتجاه الاختراق الرئيسي للقوات الإسرائيلية - وكان الانطباع أن الهجوم سيشن في اتجاه الجنوب. ونتيجة لذلك كان هناك عنصر المفاجأة عندما بدأ الهجوم المفتوح على المحور الشمالي بمنطقة رفح.
2. بدء الهجوم البري:
في يوم الاثنين 5 يونيه، الساعة 8.15 صباحاً، أصدر الجنرال "حافيتش" أوامره لقواد الفرق الثلاث للتحرك لمواجهة العدو : الجنرال "تال" على طول محور خان يونس ـ رفح في اتجاه العريش، الجنرال "شارون" تجاه محور كتزيوت ـ أبو عجيلة، والجنرال "يوفي" تجاه وسط مثلث جبل لبنى ـ بير جفجافة ـ بين لحفان. أما الحشد المصري للمعركة في قطاع رفح فكان على بعد 12 كيلو متراً في العمق من كل اتجاه وكان يتألف من أربعة ألوية، مائة دبابة، وكمية كبيرة من المدفعية. وكان لواءان من المشاة يسيطرون على الطرق المؤدية إلى رفح. وكانت فرقة فلسطينية مؤلفة من لوائين تقيم في معسكرات مؤقتة في قطاع غزة الشمالي. واستهدف المصريون من توزيع القوات على هذا النحو التقدم نحو العريش، عاصمة سيناء، ومنها يستطيعون أن يفصلوا قطاع غزة. ودعم هذا الحشد بتحصينات، وألغام، ودبابات ومدافع مضادة للدبابات، وقوات كبيرة من المدفعية.
3. اختراق المحور الشمالي (اُنظر شكل معركة رفح)
تم اختراق قوات تال الرئيسية للقطاع الشمالي عن طريق تجنب حقول الألغام التي تحيط بالمواقع الحصينة وأيضاً عن طريق حركة كماشة بقوة لوائين مدرع، والآخر مظلات حيث تمكنت من الاختراق داخل منطقة رفح من الشمال الشرقي قرب بلدة خان يونس وقد تم تنفيذ ذلك بواسطة اللواء السابع المدرع بقيادة العقيد "صامويل جونين" في المنطقة التي تمثل ملتقى الفرقتين العشرون والسابعة المصريتين. هذا وقد احتلت رفح بعد معركة بالدبابات وكان موازياً لذلك التحرك لواء مظلي مدعم بكتيبة دبابات بقيادة العقيد "روفائيل ايتان" (وهذا هو نفس اللواء الذي كان يقود أحد كتائبه في عام 1956) وقد جهز هذا اللواء ممراً واسعاً جنوبي رفح والذي كان يدافع عنه لوائين مدعمين بالمدفعية ثم توجه ناحية الشمال وتقدموا في المواقع فوق منطقة رملية كان يعتقد المصريون أنه يستحيل المرور عليها وبالمفاجأة تم الاستيلاء على موقع المدفعية المصري ثم واصل اللواء "ايتان" اختراق مناطق تمركز وفتح المدفعية وقام بتطهيرها موقعاً بعد الآخر وخلال ذلك تقدم اللواء السابع المدرع بقيادة "جونين" غرباً إلى المنطقة الدفاعية الثانية بمنطقة الشيخ زويد وتحتلها الفرقة السابعة المشاة ويقودها اللواء "عبدالعزيز سليمان" وكتيبة دبابات تي ـ 34 وبينما قامت كتيبة دبابات سنتورين بجذب نيران المصريين قامت كتيبة دبابات أخرى باتون بتطويقها من الشمال الجنوب وهكذا سقطت في يد قوات "جونين". وقبل العريش وصلت قوات "جونين" إلى منطقة جرادى حيث الدفاعات قوية التحصين والدشم المسلحة وكانت من أقوى الدفاعات المصرية بجوار العريش وقام اللواء بمهاجمة والتغلب على هذه الدفاعات ثم استمر في الاندفاع في اتجاه العريش وعلى أي حال فقد أعادت القوات المصرية تجميعها وذلك بعد أن انتشرت في مناطق الغرود الرملية في الصحراء وقامت بالهجوم المضاد على المواقع لإعادة احتلالها وأثناء تقدم قوات "تال" بمنطقة العريش فقد كانت قوات مؤخرته تشتبك في صراع لمواقع جرادي والتي تم تبادلها بين الجانبين عدة مرات. وعندئذ قام "تال" بتجميع القوات الممكنة التي قامت أخيراً باحتلال الموقع بعد اشتباك وقتال مرير ومع صباح يوم 6 يونيه تم فتح الطريق كطريق إمداد للقوات الإسرائيلية الموجودة من قبل بالعريش. وهذه كانت قوات المقدمة لفرقة الجنرال "تال" والتي واصلت التقدم على امتداد المحور الشمالي ووصلت العريش خلال ليلة 5/6 يونيه. وفي اليوم التالي واصل جزء من قوات تال تقدمه غرباً على امتداد المحور الشمالي في اتجاه القنطرة على قناة السويس بينما تحركت باقي الفرقة بقيادة العقيد "جونين" جنوباً لمطار العريش والذي سقط بعد معركة بالدبابات وتم الوصول إلى بير لحفن وهكذا تم فتح الطريق الشرقي إلى جنوب أبو عجيلة والطريق الغربي إلى جنوب جبل لبنى .
4. الهجوم على المحور الأوسط "المركزي (اُنظر شكل معركة أم قطف الثانية)
نفذت قوة العمل إلى يقودها "شارون" عملية الاختراق في هذا "القطاع" ففي عملية ليلية معقدة تتطلب توقيتاً دقيقاً وتنسيقاً بين القوات المدرعة والمشاة والمظلات، شن "شارون" هجومه على المواقع الحصينة في أم قطف، التي تشمل تقاطع الطرق عند أبو عجيلة قبل منتصف الليل بساعة واحدة. وهبطت قوات المظلات المحمولة بالهليكوبتر، خلف خطوط العدو، وقضت على عدة بطاريات مدفعية كانت تقصف المداخل المؤدية إلى أم قطف وأبو عجيلة. وقد تمت العملية الهجومية على عدة مراحل وكان على فرقة "اريك شارون" الاختراق على امتداد المحور المركزي نيتزانيا - الإسماعيلية وهو محور حيوي وهام في العمليات حيث يتفرع منه الطرق المؤدية للعريش في الشمال ونخل في الجنوب. فهناك تحصينات مركبة تغلق الطريق مقامة على مواقع حصينة مترابطة ممتدة من أم قطف إلى أبو عجيلة في الغرب وأم شيحان في الجنوب مع محيط خارجي ملاصق للحدود الإسرائيلية عند طارة أم بسيس وأم قوريا وفي هذا الموقع كانت تتخندق فيه قوة من الفرقة الثانية المشاة.
وعند بداية اقتحام اللواء المدرع واللواء المشاة الآلي من فرقة "شارون" يوم 5 يونيه على تبة أم بسيس تم تدمير المواقع المصرية الشرقية في المحيط الخارجي للتحصينات ووصلت القوات إلى الدفاعات الرئيسية، كما واصلت وحدات مدفعية الفرقة تليينها للدفاعات بالتمهيد النيراني، وخلال ذلك تحركت مجموعة استطلاع مدرعة على امتداد الجنوب الشمالي فوق الغرود الرملية التي أساء المصريون تقديرها على أساس أنه لا يمكن المرور عليها. وبعد معركة كبيرة تم التغلب في المحاولة الثالثة على الكتيبة المدافعة والمزودة بالأسلحة المضادة للدبابات. ومرت المجموعة من المنطقة المحصنة واتجهت جنوبها ووصلت إلى تلاقى الطرق الممتدة من أبو عجيلة في اتجاه العريش شمالاً والى جبل لبنى في الجنوب الغربي. ومن ثم بدأت بالحفر بمنطقة تلاقى الطرق وفي تحرك موازي في اتجاه الجنوب أرسل "شارون" وحدة استطلاع إضافية مدعمة بالدبابات وعربات الجيب والهاونات لقفل الطريق الموصل بين أبو عجيلة والقسيمة وكان من نتيجة هذه التحركات غلق جميع محاور الإمداد بين العريش والقسيمة ولبنى وبالطبع جميع الطرق الممكنة للانسحاب من أبو عجيلة في أي اتجاه.
أما المرحلة الثانية فقد تمت في ظلام 5 يونيه حيث صدر الأمر بفتح نيران المدفعية المركزة وتم إبرار كتيبة مظلات بالهليكوبتر خلف المواقع الدفاعية وذلك لإسكات المدفعية المصرية ثم تقدمت الوحدات المدرعة ومعها المشاة وذلك من الشرق مباشرة حيث قامت المشاة بتطهير خنادق العدو ومواقعه وعندما وصل المشاة إلى الطريق من الشمال قامت وحدة الدبابات والتي كانت قائمة بقفل طريق الإمداد بمهاجمة الموقع من الخلف وتقابل المشاة والدبابات الإسرائيليون في مركز الدفاعات سعت 600 في اليوم التالي بعد خوض أكثر المعارك تعقيداً في تاريخ الحروب العربية الإسرائيلية. وأصبح المحور المركزي من أم قطف إلى أبو عجيلة في أيدي الإسرائيليين. وقد استمرت أعمال التطهير لمدة 24 ساعة أخرى وبعد ذلك أصبح الطريق مفتوحاً لوحدات الفرقة بقيادة اللواء "يوفي" لتخترق العمق على طول المحور المركزي تجاه جبل لبنى.
5. تنفيذ مهمة فرقة "الكمين (اُنظر شكل معركة كمين بير لحفن)
بينما كانت الفرقتان المصريتان تقاتلان باستبسال ضد قوات "تال" على المحور الشمالي وقوات "شارون" على المحور المركزي كانت الفرقة الثالثة الإسرائيلية بقيادة "بافيه" تنفذ ما كان يعتبره المصريون مستحيلاً. فقد تقدم جزء من الفرقة بالعربات والمعدات عبر الغرود الرملية الناعمة بين المحورين الشمالي والمركزي وقطعت مسافة 35 ميل في 9 ساعات. وفي مساء يوم 6 يونيه وصلت إلى تلاقي الطرق في بير لحفن التي تربط طرق جبل لبنى وأبو عجيلة والقسيمة إلى العريش، وكانت مهمة القوات منع أي تحرك عرضي من القوات المصرية بين المحورين ولإغلاق الطرق أمام أي تعزيزات من التجميعات المصرية الموجودة بمنطقة جبل لبنى. وفي نهاية اليوم تحرك من هذه التدعيمات المدرعة لواء مدرع ولواء مشاة ميكانيكي على المحور المركزي ووصلت في اتجاه اللواء الأمامي من فرقة "يافية" بقيادة عقيد "اسحق شدمى" والذي انتظر في مرابض نيران عند تقاطع الطرق، في بير لحفن وبدأت مواجهة عنيفة بالوحدات المدرعة حول منطقة تلاقي الطرق انتهت بسحق كامل للقوات المصرية وفتحت الطريق لباقي فرقة "يافية" للتقدم جنوب غرب في اتجاه جبل لبنى.
لقد تم تنفيذ مرحلة الاختراق في أقل من يومين وبذلك أصبح لقواتنا مجالاً للمناورة في قتالها مع قوات العدو وقواعده أثناء التقدم نحو القناة، ولكن معارك الاختراق كانت عنيفة جداً، لأن المصريين في المواقع الحصينة لم يؤخذوا على غرة فقد كانوا مستعدين لهجومنا وكانوا يملكون كل الأسلحة والمنشآت الدفاعية اللازمة لمواجهته. وقد هزموا لأن قوات مجموعات العمل التي تضم ثلاثاً من فرقنا أبدت تفوقاً قتالياً في مجالين رئيسين:
1. أولهما: أن تلك المجموعات كانت تتمتع بإصرار وتصميم عنيد على التقدم والاستيلاء على أهدافها بالرغم من الصعوبات التي تواجهها سواء أكانت في صورة خسائر كبيرة أم نقص في العدد، بل حتى عندما كانت تعرف في بعض الحالات أنها تعانى من نقص من الذخيرة والوقود.
2. وكان الأمر الثاني: هو خبرة هذه القوات القتالية: أي التعاون الوثيق بين القوات المدرعة والمدفعية والمشاة والمهندسين، ودقة التصويب والاستغلال الماهر لطبيعة الأرض، والمرونة في الانتشار القتالي من أجل مواجهة التغييرات السريعة في أوضاع المعركة. ويتضمن هذا العنصر الخاص بالكفاءة المهنية العالية، تلك المهارة التي أبدتها قوات المجموعات الثلاث في تقدمها عبر الكثبان الرملية في مناطق كان المصريون يعتقدون أنه يستحيل اجتيازها. وكان لهذا العنصر وزن كبير في التخطيط الشامل للمعارك. ومع نهاية اليوم الثاني كانت الدفاعات المصرية الرئيسية المكونة من ثلاثة فرق، تنسحب للخلف، وواصلت القوات الإسرائيلية تقدمها في عمق سيناء في اتجاه التجمعات المدرعة الرئيسية الموجودة في وسط سيناء والتي تعتبر آخر عقبة كبيرة قبل القناة.
6. الاستيلاء على شرم الشيخ
بنهاية اليوم الثاني بدأ المصريون الموجودون في المواقع الأمامية ـ الذين لم يقعوا في المصيدة ـ في التقهقر، تنفيذاً للأمر بالانسحاب الذي صدر لهم من القاهرة. وعندما علمنا أن قوات العدو في شرم الشيخ بدأت الانسحاب قررنا بسرعة تقديم الموعد الذي كنا قد حددناه للاستيلاء عليها وإرسال وحدة مظلات بدون انتظار وقيام قواتنا البرية بتأمين الطريق البري، وفي الساعة الواحدة بعد ظهر يوم 7 يونيه وصلت الطائرات الهليكوبتر التي تحمل قوات المظلات إلى شرم الشيخ. وأثناء تحليقها فوقها شاهدوا زورقي طوربيد إسرائيليين مربوطين إلى رصيف الميناء. وكانت قوة بحرية بقيادة الكولونيل بوتزر (شيتاه) قد وصلت إلى الميناء في الساعة الحادية عشرة والنصف صباحاً فوجدته خالياً فأنزلت مفرزتين على الشاطئ. وبعد ثلاثة أرباع الساعة تم رفع العلم الإسرائيلي فوق المستشفي التي أقامتها قوات الطوارئ التابعة للأمم المتحدة قبل أن يأمر "عبدالناصر" بسحبها، وقد وقعت المجموعة الأولى من الأسرى في هذه المنطقة في يد البحرية الإسرائيلية أيضاً. إذ تم أسر ثلاثة وثلاثين جندياً من الكوماندوز المصريين الذين كانوا يسيطرون على جزيرة تيران ومعهم أسلحتهم بينما كانوا يحاولون الفرار إلى مصر في زورقي صيد.
وبهذه الطريقة السعيدة وغير الدراماتيكية عاد العلم الإسرائيلي ليرفرف على شرم الشيخ، وتم رفع الحصار عن الخليج وتحقق أحد الأهداف الرئيسية للحملة.
يتبع إن شاء الله...


المبحث الخامس 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

المبحث الخامس Empty
مُساهمةموضوع: رد: المبحث الخامس   المبحث الخامس Emptyالأربعاء 08 يونيو 2011, 5:01 am

7. استمرار التقدم نحو القناة
في مساء 7 من يونيه وصلت معلومات أن مجلس الأمن على وشك عقد جلسة طارئة ومن المحتمل أن يفرض، تحت ضغط سوفيتي، وقف إطلاق النار في صباح اليوم التالي. فأجرينا مشاورات عاجلة وأصدرت هيئة الأركان العامة الأوامر في الساعة العاشرة مساء إلى قوْتَي عمل للتقدم فوراً نحو القناة وإلى رأس سدر على خليج السويس أيضاً. وكان على القوة التي يقودها "تال" أن تمنع القوات المصرية المنسحبة من العبور إلى الضفة الغربية لقناة السويس أما القوة التابعة "ليوفي" فكان عليها تأمين اتصال بري مستمر مع وحداتنا في شرم الشيخ.
وتحركت قوات "تال" بسرعة على امتداد المحور الشمالي يوم 7 يونيه في اتجاه القنطرة على قناة السويس وقابلت مقاومة على مسافة حوالي 10 أميال غرب القناة حيث جهزت الدبابات والمدافع المضادة للدبابات المصرية بالإضافة إلى قليل من الطائرات جهزت تلك القوات كمينا للقوات الإسرائيلية المتقدمة واستعدوا لقتال مستميت كما شنت القوات المدرعة التي تمركزت في القنطرة شرق هجوماً على مجموعة القناة الإسرائيلية الخاصة والتي تقدمت على المحور الشمالي من العريش بقيادة العقيد "إسرائيل جرانيت" والذي ألحقت به مفرزة من لواء المظلات الذي يقوده العقيد "رفائيل ايتان"، وبعد تقدير موقف سريع طبق قائد المجموعة تكتيكات الضرب مع الحركة حيث قام جزء من القوات تجاه اليورو بقفل الطريق بالنيران واشتبكت في معركة دبابات على أقصى مدى وذلك مع الدبابات المصرية بينما قامت قوات المظلات على الناقلات نصف جنزير والمدافع عديمة الارتداد المحملة على عربات جيب بتطويق القوة المصرية من الجنب والتي كانت مشتبكة مع قاعدة النيران الإسرائيلية وتم تدمير القوة المدرعة المصرية وتقدمت القوات تجاه القنطرة وفي صباح اليوم التالي (اليوم الرابع قتال يوم 8 يونيه) تم الوصول إلى ضفة قناة السويس وتم إغلاق منفذ كوبري الفردان أمام القوات المصرية.
8. تدمير الحشود المدرعة المصرية وسط سيناء
مع نجاح التقدم الشمالي، تم نقل الجهود الرئيسية للقوات الإسرائيلية المشتركة في سيناء لتدمير حشود المدرعات المصرية الضخمة الموجودة في وسط سيناء. وأمر الجنرال "جافيتس" فرقتين لتنسيق جهودهما للتعامل مع هذه الحشود. فتحركت فرقة "تال" غرباً في اتجاه بير جفجافة بينما تحركت فرقة "يوفيه" جنوباً إلى بير الحسنة ثم بير التمد ومن هناك تقدم "يوفيه" غرباً في اتجاه موازي لتحرك "تال" في اتجاه ممر متلا واندفعت فرقة "شارون" والتي كانت تطهر أم قطف اندفعت جنوباً نحو نخل وأجبرت قوات "الشاذلي" ودبابات الفرقة السادسة للتحرك في اتجاه المصيدة التي أقامها "تال" و"يوفيه" في ممر متلا وهو الطريق الوحيد للخروج من سيناء وفي الواقع فقد كانت القوات الإسرائيلية تستدرج القوات المصرية المنسحبة إلى ممر متلا حيث تنتظرهم قوات "تال" و"يوفيه" لتدميرهم، وقد أجبرت تحركات "شارون" ضد قوات الاشاذلي المدرعة والوحدات من الفرقة السادسة المدرعة على التحرك بسرعة لتجنب أي اشتباك قد يعطل انسحابهم وطاردت قوات "تال" المشاة المتمركزة في قاعدة بير الحمة غرباً في اتجاه بير روض سالم والقريبة من حشود المدرعات في بير جفجافة وتم إغلاق الطرق التي تربط بين بير جفجافة إلى الغرب والجنوب بواسطة كتائب دبابات "تال". وقد تقدمت قوات تال ووصلت منطقة حشد المدرعات المصرية التي كانت تحاول بالقتال إيجاد طريق لها للخروج من سيناء في اتجاه مصر. وحاولت وحدة صغيرة من المدرعات الإسرائيلية جذب المدرعات المصرية وإغرائها بالهجوم المضاد عليها وبالتالي تقع في مصيدة تطويقها بالمدرعات الإسرائيلية ولكن امتنعت القوات المصرية عن رد الفعل ولذا شنت القوات الإسرائيلية هجوماً بالمواجهة والذي تم نجاحه بعد معركة استمرت حوالي ساعتين.
وفي هذا الوقت أتمت قوات "يوفيه" تطهير جبل لبنى وتحركت جنوباً في اتجاه بير الحسنة وبذلك قطعت انسحاب قوات "الاشاذلي" المدرعة. وبسبب التهديد من الصراع السابق من قوات "يوفيه" و"شارون" تقهقرت المدرعات الباقية في اتجاه ممر متلا بتقدير أنه مخرج آمن ومباشر في اتجاه قناة السويس وأثناء ذلك قامت القوات الجوية بحصر الطوابير المتراجعة بدون توقف وصبت الدمار في القوات المصرية في حدود الممر الضيقة.
9. إغلاق ممر متلا لمنع تدفق المصريين غرباً
تحركت قوات يوفيه بسرعة لممر متلا بهدف قفل المدخل وتدمير المدرعات الكثيفة والمتوقع محاولتها الانسحاب خلاله وكانت طرق العودة من سيناء والتي تلتقي عند ممر متلا سريعاً ما تمتلئ بالوحدات المصرية المنسحبة من الفرقة الثالثة والسادسة ومجموعة الاشاذلي وبعض عناصر الفرقة الرابعة المدرعة وقد بذل اللواء الغول قائد الفرقة الرابعة المدرعة كل جهد لخلق نوع من النظام في القوات التي كانت تتزايد على طول الطريق.
وأثناء ذلك كانت الوحدات المتقدمة للعقيد "شارمى" تتقدم بسرعة في اتجاه المدخل الشرقي لممر متلا لعمل كمين بها للقوات المصرية ولغلق مرورهم في اتجاه الغرب إلى قناة السويس وكانت القوات الجوية الإسرائيلية والتي سيطرت تماماً على الأجواء وقامت بحصر وقصف الحشود الهائلة من مركبات المصريين التي تلتقي عند الممر وكانت أولاً تتكدس بالمئات ثم بالآلاف من العربات المحترقة بالمنطقة ولم تترك أي ثغرة لمناورة القوات. وأثناء تقدم مقدمة مجموعة القتال وعددها تسعة دبابات بقيادة العقيد "شارمى"، نفذ منها الوقود، ووصلت الدبابات لهدفها بأربع منها مقطورة في الآخرين، واتخذوا مواقع بالمنطقة وقاموا بقفل طرق الاقتراب والسيطرة عليها ضد القوات اليائسة والتي تحاول شق طريقها خلال الممر وفي هذه العملية فغالبا تضمن العزل وحدات "شارمى" أيضاً (وبالصدفة فقد ألحقت هذه القوة بقوات "يوفيه" المتبقية ولم تنجح إلا دبابة واحدة مصرية في اختراق هذه المصيدة أما الآخرين فقد تم تدميرهم).
وفي هذا الاضطراب الذي حدث عند تلاقى الطرق المؤدية إلى ممر متلا حيث كانت القوات الإسرائيلية تصارع لتصل إلى وحدة "شارمى" الصغيرة القائمة بإغلاق الممر والسيطرة عليه بينما كانت الوحدات المصرية، تصارع أيضاً للوصول للممر واختراقه للوصول إلى قناة السويس فقد وقعت سرية دبابات إسرائيلية في اشتباك مع طابور من الدبابات المصرية، ونتيجة للظلام لم يكن من السهل التمييز بين الدبابات المصرية والإسرائيلية، وإدراك الإسرائيليين أنهم أخطئوا وسط طابور مصري، ولكن نتيجة لذعر المصريين واندفاعهم غرباً لم يجعلهم يدركون التعرف على الدبابات التي لحقت بهم في الظلام وهنا أمر القائد الإسرائيلي وحدته بالاستمرار في الطابور وكأن شيئاً لم يحدث على امتداد الطريق ولمسافة قصيرة وبعدها صدر الأمر بتغيير الاتجاه فجأة إلى اليمين ثم أضاءوا أنوارهم وأطلقوا نيرانهم على أي دبابة ظلت على الطريق وفي هذه العملية قاموا بتدمير كتيبة دبابات مصرية كاملة وخلال ذلك قاتلت قوات "شارمى" ضد قوات كبيرة طول الليل وأنقذهم حصولهم على الوقود من الدبابات المصرية المهجورة.
واستمرت قوات "شارون" في اندفاعها جنوباً في اتجاه نخل وفي أحد المراحل تقابلت مع لواء مدرع مصري كاملاً وهو اللواء الثاني مدرع من الفرقة السادسة المشاه الآلي وبدون أفراد حيث هرب الأفراد وكانت جميع المعدات بحالة صالحة وفي مكانها ولم يكن "شارون" يعلم أن قائد هذا اللواء وهو العميد "أحمد عبدالنبي" قد أخذ أسيراً ومعه عدد من رجاله بواسطة وحدات فرقة "يوفيه" وعند سؤاله عن ترك الدبابات وهي سليمة أجاب أنه اصدر أوامره بالانسحاب ولكن لم يتلقى تعليمات بتدمير الدبابات واشتبكت قوات "شارون" مع لواء مشاة ولواء مدرع من الفرقة السادسة المصرية بالمنطقة خارج نخل وكان من نتيجة تلك المعركة تدمير 60 دبابة وأكثر من 100 مدفع وأكثر من 300 مركبة وأعادت قوات "شارون" تجميعها وتحركت لتنضم لفرقة "يوفيه" في بير التمادا.
وفي طريق قوات "تال" من بير جفجافة في اتجاه القناة غرباً قابلت تدعيمات مصرية مدرعة تتخذ طريقها شرقاً من الإسماعيلية تهدف لشن هجوماً مضاداً لتأخير التقدم الإسرائيلي للقناة وكانت دبابات مقدمة "تال" من طراز إم اكس خفيفة التدريع فقاتلت في معركة قوية ضد الدبابات المصرية والتي ثبت أنها فرقة مدرعة من دبابات متوسطة سوفيتية الصنع ت - 55، وعندما وصلت التعزيزات الإسرائيلية اشتبكت مع اللواء المصري من مدى بعيد من حوالي 3000 ياردة لعدم القدرة على المناورة بسبب الغرود الرملية وقد انتشر اللواء المصري لعمق حوالي 4 ميل وبعد قتال استمر حوالي 6 ساعات تم تدمير اللواء وواصل "تال" تقدمه في اتجاه القناة وذلك بواسطة لواء المقدمة والذي كان منتشراً على مواجهة واسعة.
وتم في يوم القتال الأخير تدمير القوات المدرعة المصرية في سيناء وكذا التقدم الأخير لقناة السويس وحققت كلا من قوتي "تال" اتصالها على الطريق الممتد على الضفة الشرقية لقناة السويس ولكن بمجرد وصول القوات الإسرائيلية للقناة قامت القوات المصرية بمنطقة الإسماعيلية بمهاجمتها بحشود نيران المدفعية الثقيلة والمقذوفات الموجهة المضادة للدبابات عبر قناة السويس وتم الرد السريع عليها.
واخترقت قوات "يوفيه" على المحور المركزي ممر الجدي بعد أن اعترضتها ثلاثون دبابة مصرية مدعمة ببقية القوات الجوية المصرية وبالتوازي مع هذا التحرك وفي آن واحد اندفعت قواته في طريقها وسط الدبابات والمعدات التي تم تدميرها بممر متلا في اتجاه القناة. وتحركت وحدة أخرى من فرقة "يافية" في اتجاه الجنوب الغربي إلى خليج السويس في اتجاه رأس سدر وبمساعدة الإبرار الجوي استولت القوات المشتركة على المنطقة وتقدمت فوراً في اتجاه الجنوب على طول الساحل إلى شرم الشيخ ولم يتم في هذه المرة اصطدام مأساوي، كما حدث مع اللواء التاسع المشاة بقيادة "يوفيه" في حرب 1956، أثناء التقدم من ايلات إلى شرم الشيخ.
10. الاستيلاء على قطاع غزه
كانت قد تمت مهاجمة قطاع غزة في اليوم الأول للحرب ويقول "موشي ديان" في كتابه"قصة حياتي": "كنت قد عارضت مثل هذا العمل خلال المرحلة الأولى لأنني كنت أعتقد أن القطاع سيصبح معزولاً، وسوف يستسلم بدون معركة بمجرد الاستيلاء على رفح والعريش ولكن بعد ما قامت وحدات العدو بقصف المستعمرات الإسرائيلية على الحدود، ألح قائد قوات الجبهة الجنوبية ورئيس أركان حربه على ضرورة الاستيلاء على القطاع فورا، واستغرقت عملية الاستيلاء عليه أكثر من يومين من القتال، (وكان يمكن تجنب معركة غزة).
وكانت المعركة التي تمت في شريحة صغيرة بطول 25 ميل وعرض 8 ميل وبها تكدس سكاني وتم نجاح القوات الإسرائيلية فيها خلال اليومين الأوليين من القتال عندما كان "يوفيه" يخطط لاقتحام جبل لبنى وعندما اقتربت القوات المدرعة الإسرائيلية في البداية في الاتجاه نحو خان يونس يوم 5 يونيه، ثم عدلت اتجاهها جنوب غرب في اتجاه رفح الذي تحرك فيه لواء مظلي مدعم بالدبابات شمالاً على طول القطاع في اتجاه مدينة غزة مقاتلاً داخل القرى ومعسكرات اللاجئين وكان كثيراً من السكان المدنيين مزودين بالسلاح لدعم الفرقة الفلسطينية، وبالتوازي مع هذا الإجراء تم مهاجمة غزة من الحدود الإسرائيلية غرب المدينة والملاصقة لخط نقط الحدود المصرية على الميول الشرقية لتبة على المنطار. وفي المساء تمكنت القوات المتقدمة من خان يونس شمالا من الاستيلاء على تبة على المنطار من الجنوب وأمطرتها بنيران كثيفة وبقتال متلاحم عنيف تم الاستيلاء على بلدتى خان يونس وغزة وفي اليوم التالي تمت السيطرة على القطاع في الساعات الأولى من صباح اليوم الثالث للحرب.
واكتملت السيطرة على كل سيناء بواسطة عملية اتصال تحققت مساء يوم السبت 10 من يونيه عند أبو زنيمة، وهي قرية صغيرة يسكنها الصيادون على الشاطئ الشرقي لخليج السويس، فقد اتجهت قوة من رأس سدر جنوبا، بينما اتجهت قوات المظليين التي هبطت عند شرم الشيخ نحو الشمال. واستولت قوات المظلات على الطور في طريقها، وواصلت تقدمها واستولت على آبار بترول أبو رديس، وكان من المفروض أن تتم عملية الاتصال قبل هذا بثمان وأربعين ساعة، وعندما وصل "ديان" إلى هناك ثارت ثائرته نتيجة لهذا التأخير، ولكن كانت أبو زنيمة هادئة وفي حالة استرخاء. فهنا منذ أكثر من 3500 سنة كانت السفن المحملة بالفيروز المستخرج من المناجم القريبة من شربيت شرابة الخادم تنقل شحناتها القيمة عبر الخليج لزخرفة قصور الفراعنة المصريين.
11. الحالة النفسية المتدهورة من أثر الهزيمة وأثرها على الجيش والشعب في مصر.
مع بدء الحرب بدأت الدعاية المصرية في إعلان قصص وهمية عن الانتصارات الكبيرة التي حققتها القوات العربية. فقد خرجت تقارير عن وقوع تل أبيب تحت قصف جوى عنيف وأن مصفاة البترول في حيفا مشتعلة بالنيران بالإضافة إلى العديد من الانتصارات الوهمية من ميدان القتال وقد تلقى الشعب المصري أخبار اليوم الأول للحرب بسعادة حماسية وفي اليوم الثاني استمرت وسائل الإعلام المصرية في نشر قصص عن النجاح المستمر ولكن بدأت القصص تكون أكثر اتزاناً وفي اليوم الثالث كان هناك تغيراً جذرياً وكان رد الفعل الشعبي مصبوغاً بالفزع والغضب والحزن. وقد فقد المشير "عبدالحكيم عامر" القائد العام للقوات المسلحة والذي حكى عنه الكثير من القصص فيما يختص بإدمانه للمخدرات ـ فقد أعصابه وبدأ في إصدار أوامر متضاربة إلى القادة في الميدان مباشرة أما الرئيس "عبدالناصر" فقد ظل يتلقى طول اليوم تقارير تفاؤلية مزيفة من خط المواجهة الأمامي وقد شجع "الملك حسين" في محادثة تليفونية في ساعات الصباح على شن هجوم بقواته على طول الحدود الأردنية وأبلغه أن المصريين في طريقهم لعبور صحراء النقب لمقابلة القوات الأردنية المتقدمة من تلال حبرون.
وطبقاً لأحاديث "عبدالناصر" التي تلت الحرب وما ظهر في محاكمات القادة المصريين بعد الحرب فإنه لم يكن يعلم بالكارثة التي لحقت بالقوات الجوية المصرية في الساعات الأولى من الصباح وحتى الساعة 1600 نفس اليوم وأخيراً اتفق كل من الرئيس "عبدالناصر" و"الملك حسين" على الإدعاء بأن القوات الجوية الأمريكية قد اشتركت في الهجوم على القوات الجوية المصرية، وذلك لتفسير وتبرير الهزيمة القاسية للقوات الجوية العربية والتي تمت على أيدي الإسرائيليين. وكانت هذه المحاولة الخرقاء لتبرير الهزيمة التي كشفت القادة العرب أمام بعضهم وأنها تمت بواسطة الإسرائيليين الذين التقطوا وسجلوا محادثة تليفونية للقائدين العربيين وبعد يومين تم تأكيدها فقد اعترف "الملك حسين" بعد ذلك بأن شريط التسجيل الإسرائيلي كان صحيحاً، وسحب المزاعم السابقة والتي أدت إلى المظاهرات ضد الأمريكيين والبريطانيين في الشرق الأوسط.
وكانت الأوامر المتضاربة التي وجهها المشير "عبدالحكيم عامر" إلى الوحدات الميدانية في سيناء قد خلقت مناخاً من الرعب بين كثير من القادة المصريين مما دعاهم للفرار لإنقاذ أنفسهم وتركوا تشكيلاتهم لإيجاد مكان لتأمين العبور من قناة السويس بل أن المشير "عبدالحكيم عامر" نفسه قد انتحر بعد أن أصبح واضحاً أنه سيقدم للمحاكمة.
وفي الوقت الذي انتشرت فيه حالة الإحباط المعنوي على مستويات القيادة العليا للجيش المصري قابل الجنرال "جافيتش" قادته الثلاثة (تال، وشارون، ويوفيه) وحثهم على تنمية خططهم بالمطاردة السريعة لقطع القوات المصرية قبل تمكينهم من الفرار عبر سيناء وفي يوم القتال الثاني تم تعزيز مكاسب اليوم الأول وقامت قوات "تال" والتي سبق أن غيرت اتجاهها جنوبا خلال مطار العريش وصلت بير لحفن في اتجاهها إلى جبل لبنى وقد سقطت بير لحفن بعد تطويق جنب القوات المصرية كما يمثل جبل لبنى أحد القواعد المصرية الرئيسية في عمق سيناء وبه عدة معسكرات محصنة وقاعدة جوية وتلاقى طرق مركزي يربط جميع الاتجاهات في سيناء وقد قام "الفريق مرتجى" بفتح الفرقة الثالثة المشاة المدعمة بوحدة دبابات هنا في لبنى ولمسافة 12 ميل جنوبها أي بمنطقة الحسنة حيث قامت قوات "تال" من الشمال وقوات "يوفيه" من الشرق بمهاجمة هذه القوات المحصنة والممتدة بمناطق لبنى والحسنة ومع غسق يوم 6 يونيه سقطت معظم المعسكرات بجبل لبنى وتابعت قوات يوفيه تقدمها جنوباً إلى بير الحسنة وكانت قوات "شارون" في نفس الوقت تقوم بتطهير منطقة أم قطف. وبعد ذلك غيروا اتجاههم جنوباً إلى نخل للتعامل مع مجموعة "الاشاذلي" المدرعة بين القسيمة والكونتلا .
12. قبول مصر وقف إطلاق النار
بعد أربعة أيام من القتال الدامي والفشل والشعور بالصدمة السياسية والعسكرية - التي عانى منها كل من الجنود المصريين في الميدان وقادتهم وافق "عبدالناصر" على وقف إطلاق النار في نهاية يوم الخميس 8 من يونيه 1967، وكان "عبدالناصر" وقادته العسكريون قد فشلوا في أن يستشفوا النوايا الإسرائيلية على الرد على حصاره البحري، بالرغم من أن الدلالات كانت واضحة. وكان من المفروض أن يكون واضحاً لهم، وخاصة بعد تشكيل حكومة الوحدة الوطنية، أن إسرائيل ستعمل على كسر الحصار عن طريق الاستيلاء على مضيق تيران - الأمر الذي لا يمكن أن يتحقق إلا بعد القتال في قلب سيناء أولاً. غير أن المصريين أقنعوا أنفسهم بأن إسرائيل لن تجرؤ على القيام بعمل ما. وقد علم "عبدالناصر" ببدء الحرب عندما سمع بأذنيه الانفجارات الناجمة عن مطار غرب القاهرة. وعلم قائد جيشه المشير "عامر"، ببدء الحرب عندما شاهد بعينه أعمدة الدخان المتصاعدة من القاعدة الجوية بأبو صوير.
وفشل "عبد الناصر" وقادته العسكريون أيضاً في إدراك خطة العمليات الإسرائيلية بعد بدء المعركة. وفشلوا في أن يحكموا حكماً سليماً على الأحداث في ميدان المعركة - وكانوا في أكثر الأحيان لا يدركونها إلا بعد أن يكون قد فات أوان اتخاذ إجراءات مضادة، وأخيراً فشلوا في إظهار المرونة اللازمة بعد الصدمة التي سببتها ضربتنا الجوية الوقائية، وكان أثر الصدمة نفسياً أكثر منه عملياً في المرحلة الأولى للحرب، إذ أنه بالرغم من حصول إسرائيل على السيطرة في الجو، فإن المدن المصرية لم تقصف وكان في إمكان الوحدات المدرعة المصرية الموجودة في الجبهة أن تقاتل حتى بدون مساندة جوية.
وفي الساعة التاسعة والدقيقة الخامسة والثلاثين مساء الخميس 8 من يونيه أبلغ "يوثانت"، سكرتير عام الأمم المتحدة، مجلس الأمن بأن المندوب المصري قد أخطره لتوه بقبول مصر وقف إطلاق النار بلا أي شرط. وكان هذا تحولاً كاملاً عن الموقف المصري الذي كان يقاوم حتى تلك اللحظة، فقبل ذلك بسبع دقائق فقط كان المندوب السوفيتي قد قدم مشروع قرار لا يدعو إلى وقف إطلاق النار فحسب، بل إلى انسحاب إسرائيل إلى خطوط سنة 1949، وقبل 24 ساعة من ذلك كان "عبدالناصر" قد أبلغ رؤساء الجزائر والعراق وسورية وملك الأردن بأن مصر لن تتوقف عن القتال طالما ظل جندي إسرائيلي واحد على الأراضي المصرية. وقد أدلى بهذا التصريح بعد ساعة ونصف من اتخاذ مجلس الأمن قراراً يطالب بقبول جميع الأطراف وقف إطلاق النار على أن يسرى مفعوله ابتداء من الساعة العاشرة من مساء 7 من يونيه، ولم يكن "عبدالناصر" يردد شعارات جوفاء. فقد كان يود فعلا الاستمرار في القتال، وكان يعتقد أنه يستطيع ذلك. وفي مساء اليوم نفسه، أصدرت القيادة العليا بالقاهرة أوامرها للقوات المصرية بشن هجوم مضاد ضد الجيش الإسرائيلي، وقد حاولت إحدى الوحدات أن تفعل ذلك فعلاً.
ولم يدرك "عبد الناصر" حقيقة الأوضاع المؤلمة إلا مساء 8 من يونيه عندما علم بسقوط القنطرة شرق، وأن قواته في سيناء تهرب مذعورة وليس هناك أمل في إقامة خطة دفاع. عند ذلك فقط أصدر تعليماته لمندوبه في الأمم المتحدة بقبول وقف إطلاق النار.
"ويقول "موشي ديان" في كتابه قصة حياتي Story of my life" كانت قواتنا قد وصلت إلى القناة بالفعل عندما قبلت مصر وقف إطلاق النار. ومع ذلك كنت أعتقد أننا قد نستطيع إقامة خط دفاعي على مسافة من القناة بعد الحرب. وكنت أريد إقامة خط يمنع مصر من إعادة قواتها المسلحة إلى سيناء، وفي الوقت نفسه يمكنها من المحافظة على الحياة الطبيعية في منطقة قناة السويس، وكنت قد طلبت، بعد استيلاء قواتنا على القنطرة شرق، عقد اجتماع للتشاور مع رئيس الوزراء ورئيس الأركان، وقررنا أن تتوقف قواتنا على مسافة 12.5 ميل من قناة السويس. ولكن حدث تطوران جديدان. أولهما أنه بالرغم من قبول مصر لوقف إطلاق النار، فإن بقايا قواتها استمرت في إزعاج وحداتنا في شرق القناة، ثانياً، أن الولايات المتحدة الأمريكية كانت على وشك تقديم قرار إلى مجلس الأمن يدعو إلى سحب كلا الجانبين لقواته المسلحة إلى مسافة ستة أميال من القنال. واعتقدنا أنه من مصلحتنا أن تكون لدينا منطقة نستطيع الانسحاب منها. وعلى ذلك أصدرت هيئة الأركان العامة تصحيحاً لقرارها السابق، وقالت أن التوزيع الجديد للقوات لن يصبح ساري المفعول إلا بعد انتهاء القتال".
13. الخسائر المصرية
قدرت إسرائيل خسائر المصريين في حرب الأيام الستة بحوالي 15000 وقد خفض المصريين هذا الرقم وأعلنوها 10000 وأسرت القوات الإسرائيلية أكثر من 5000 جندي وأكثر من 500 ضابط كما تم فقد أكثر من 800 دبابة دمر أكثر من ثلثيهما وبالإضافة لعدة مئات من المدافع الروسية الصنع والمدافع ذاتية الحركة وأكثر من عشرة آلاف مركبة مختلفة الأنواع وبعد عدة شهور اعترف الرئيس "عبدالناصر" أن 80% من المعدات العسكرية التي يمتلكها الجيش المصري فقدت في معارك سيناء وكانت خسائر إسرائيل على تلك الجبهة حوالي 300 قتيل وأكثر من 1000 جريح.
14. إغراق السفينة الأمريكية "ليبرتى"
كانت هناك سفينة مخابرات إلكترونية (ليبرتى) تتمركز بعيداً عن الحرب خارج ساحل سيناء ظلت تبحر ببطيء حوالي 14 ميل بحري شمال غرب العريش. ولم يخطر الأمريكيون أي من الجانبين عن هدفها أو مهمتها أو حقيقة ما تفعله السفينة بالمنطقة وباستعادة الذاكرة أنه عندما اخترقت قوات اللواء "تال" على امتداد المحور الشمالي في اتجاه العريش قامت القوات المصرية بإعادة التجميع وإعادة الاستيلاء على بعض المواقع التي سبق الاستيلاء عليها بواسطة القوات الإسرائيلية وقد حدث جو من الاضطراب بسبب هذا الموقف وفي 8 يونيه تم إطلاق النيران على القوات الإسرائيلية في منطقة العريش بصفة عامة وأبلغت القوات الإسرائيلية أنه يتم قصفهم من البحر وقد تم إنذار القوات الجوية والتي تعرفت على قطعة بحرية تبحر قرب ساحل سيناء من المنطقة التي تم منها قصف القوات بصفة عامة وكان خيال الباخرة مشابه وخاصة بالنسبة لطيار يقود طائرة نفاثة على ارتفاع عالي لخيال السفن التي في القوات البحرية المصرية وبدون أي تأكيدات أخرى هاجمت طائرة إسرائيلية هذه الباخرة الغريبة والتي لم يتضح أنها صديقة ونتج عن ذلك قتل 34 من طاقمها وجرح 164 وقد تمكنت السفينة من الإبحار عائدة إلى مالطة وبعد استفسار عسكري عبر الإسرائيليون عن أسفهم وعرضت دفع تعويضات للولايات المتحدة الأمريكية وإلى عائلات هؤلاء الذين قتلوا أو جرحوا ولكن المحاولات التي بذلت لتأكيد أن ما حدث كان هجوماً سريعاً من جانب القوات الإسرائيلية ولم يتم فيه الفحص أو التدقيق وخاصة ما يربط الحكومتين الإسرائيلية والأمريكية من علاقات الود والتفاهم البالغ بين البلدين والذي عبر عنه الرئيس "ليندون جونسون" للحكومة الإسرائيلية أنه متفهم حالة إسرائيل عندما لا تجد لها مخرج إلا الحرب وأن اللوم هنا يقع أولاً على السلطات الأمريكية التي رأت أنه من المناسب وضع سفينة تجسس بجوار ساحل دولة صديقة في وقت الحرب دون تبليغها أو تحذيرها وبدون إخطار إسرائيل عن مكان سفنها.

يقول الجنرال أهارون باريف (مدير الاستخبارات الإسرائيلية في هذا الوقت) أنه تم اختيار ساعة الصفر عند بدء تحرك معظم أفراد وقادة الوحدات الجوية المصرية، وهم في طريقهم إلى قواعدهم بعد تناول الإفطار "أهارون باريف، مصدر سابق، ص 218". ويذكر الأخوان رودلف، وونستون تشرشل في كتابهما، ص ص 34-35 : "أنه كانت هناك أربعة أسباب رئيسية وراء اختيار إسرائيل لهذا التوقيت منها : 1- كانت حالة الاستعداد المصرية قد بلغت الذروة، وكان من الصواب الافتراض بأن المصريين كانت لديهم منذ أن بدأوا في حشد قواتهم في سيناء بطريقة عدوانية، عدة طائرات من طراز "ميج - 21" تقف على أهبة الاستعداد في نهاية الممر في كل صباح، بحيث تكون على استعداد للتحليق في الجو في مدى خمس دقائق. كما كان من المحتمل أيضاً أن لديهم دوريات تحلق في الجو. وتتألف من طائرة أو طائرتين من طراز "ميج - 21" في هذه الفترة من اليوم. وهي الفترة التي من المرجح فيها على الأغلب أن يقع هجوم العدو. غير أنه رؤى، أنه ليس من المرجح، إلى حد كبير، أن يستمر المصريين في هذه الحالة من الاستعداد إلى فترة غير محدودة، وبما أنه لم يقع هجوم خلال ساعتين أو ثلاث ساعات بعد الفجر. فمن المرجح أن المصريين كانوا يخففون من حالة استعدادهم، ويطفئون بعض أجهزة الرادار لدواعى الصيانة. وقد شعر الإسرائيليون أنه من الصواب الافتراض بأن المصريين كانوا يقللون من درجة استعدادهم في الساعة 7.30 (8.30 بتوقيت القاهرة). 2- أن الهجمات الجوية تقع في أغلب الأحيان في الفجر، ولذلك كان لابد على الطيارين أن يكونوا داخل طائراتهم قبل ثلاث ساعات على الأقل من تحليقهم في الجو. ومعنى هذا أنه كان لابد عليهم أن يستيقظوا في حوالى منتصف الليل أو لا يناموا على الإطلاق في تلك الليلة. وبتحديد الساعة 7.45 لتوجيه الضربة الأولى، أصبح في استطاعة الطيارين الإسرائيليين أن يناموا حتى الساعة 0400 صباحاً أو نحوها. 3- في هذا الوقت من العام يوجد ضباب في المنطقة ينقشع تماماً مع بلوغ الساعة الثامنة صباحاً، وتكون الرؤية واضحة إلى أقصى حد بسبب زاوية الشمس. 4- وأخير ذلك نفس السبب "الذي سبق أن ذكره ياريف من ذهاب الموظفين إلى مكاتبهم".
كانت الدورة الزمنية للطائرات لكي تضرب القواعد المصرية الرئيسية في منطقة القناة تحسب كالآتى : - الوقت اللازم لوصول الطائرات إلى الهدف = 22.5 دقيقة تقريبا. - الوقت الذي تستغرقه الطائرات للتحليق فوق الهدف = 7.5 دقيقة تقريباً. - الوقت اللازم لعودة الطائرات إلى القاعدة = 20 دقيقة تقريباً. - الوقت اللازم لهبوط الطائرات = 7.5 دقيقة تقريباً. - المجموع الكلى = 57.5 دقيقة تقريباً
يقول الأخوان رودلف، وونستون تشرشل في كتابهما، حرب الأيام الستة، ص 40 : "برغم من أن 23 شبكة رادار مصرية (من بينها 16 شبكة في سيناء) قد عطلها سلاح الجو الإسرائيلي عن العمل، إلا أن ذلك لم يتم قبل بعد ظهر يوم الاثنين. ومن المحتمل أن أجهزة التشويش الإلكترونية، لم تستخدم قبل الساعة 7.45 صباحاً. نظراً لأن ذلك كان سيحذر العدو من أن شيئاً يحدث حوله. ولكن بعد ذلك، فإن الإسرائيليين تلاعبوا تماماً بشبكات الرادار المصرية"

يمثل خط الفاصل الزمني الكبير بين بدء الضربة الجوية على الجبهة المصرية 7.45، وإقلاع طائرات سورية لتنفيذ مهام 11.50، أي أكثر من أربعة ساعات. وقد حقق ذلك انفراد إسرائيل بكل جبهة على حدة
يقول ونستون، ورودلف تشرشل: "يرجع تدمير في المطارات إلى استخدام إسرائيل لقنبلة عجيبة، ابتكرها الإسرائيليون، وعملوا على تطويرها لكي تستخدم في غرض معين، وهو تدمير الممرات.. ففي الوقت الذي يتم فيه إلقاء القنبلة، يجرى إطلاق صاروخ عكسى يمنع انطلاقها إلى الأمام، ثم يجرى إطلاق صاروخ آخر يعمل على دفعها عموديا داخل الممر. وفي الوقت الذي تخترق فيه القنبلة الخرسانة، يقوم جهاز تفجير زمنى بتفجيرها وقد يقوم جهاز التفجير بعمله في الحال، أو ربما يؤجل عملية التفجير لفترة زمنية متغيرة. وقد روى الملك حسين شيئاً عن الأضرار التي حدثت نتيجة إلقاء القنابل الصاروخية، في حديث أدلى به إلى "جون بنتلى" مراسل جريدة "فلايت". قال : "أن الحفر التي نجمت عن قذف هذه القنابل كان عمقها يصل إلى متر أو مترين. وأن القنابل التي تنفجر في زمن لاحق لوقت إلقائها، جعلت عملية إصلاح الممرات مستحيلة وقد انتظرنا حتى يهدأ الموقف، ولكن الطائرات الإسرائيلية كانت تتابع في أمواج متعاقبة، وقد كنا نظن أن الليل سيسمح لنا بالتحرك فوق الأرض، ولكنهم كانوا يشعلون الحرائق ويحولون الظلام إلى نهار
منقول من موسوعة مقاتل من الصحراء.


المبحث الخامس 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

المبحث الخامس Empty
مُساهمةموضوع: المبحث الرابع   المبحث الخامس Emptyالأربعاء 08 يونيو 2011, 11:51 am

المبحث الرابع

الاستعدادات النهائية للحرب

"1 ـ 4 يونيه 1967"

بإعلان حكومة الائتلاف الوطني، فقد عقد مجلس الوزراء الإسرائيلي أول جلسة له تكلم فيها "مناحيم بيجين" الذي أصبح عضواً في الوزارة، وازدحمت كلماته بمقتطفات من التوراة وكان "أشكول" الذي تهللت أساريره (بعد انتهاء الأزمة السياسية)، يقاطعها بكلمة آمين. آمين ثم تكلم رئيس الأركان ليشرح الموقف العسكري، وليبدأ كلامه "أننا لو قمنا بهجومنا منذ خمسة أيام، لكان ذلك في صالحنا تماماً، كما قدم وزير الخارجية "آبا إيبان" تقريراً عن الجبهة السياسية.

كما تم تعيين "زفي تسور" أحد رؤساء الأركان السابقين مساعداً لوزير الدفاع، وتعين "شيمون بيريز" كمستشار في وزارة الدفاع. وكلاهما تتحدد مهامه في الشؤون المدنية المتعلقة بوزارة الدفاع.. أما الشؤون العسكرية فتكون من مسؤولية الجنرال "ديان"، والجنرال "اسحق رابين"، رئيس الأركان.

وقد كانت النظرة السياسية ـ العسكرية "للعدو" طبقاً لما لخصها "ديفيد بن جوريون" في كتابه "إسرائيل تاريخ شخصي". والتي تحمل في طياتها أسلوب تتبع القيادة الإسرائيلية التحركات العربية على كل الجبهات كالآتي:

"بعد حملة سيناء سنة1956، كرر "عبدالناصر" مراراً أن الحرب مع إسرائيل أمر لا مفر منه لكنه لن يشنها إلا إذا كان واثقاً من النصر. وكلما ازداد تأييد الاتحاد السوفيتي للعرب تعاظمت ثقة "عبدالناصر" بالنصر.

وكانت ثقته بالقادة السوفييت تفوق ثقته "بخروشوف" لأنه اعتقد أو تصور أن "خروشوف" كان تواقا لوفاق مع الولايات المتحدة الأمريكية ولم يكن معادياً لإسرائيل بشكل لا سبيل إلى تغييره. وبالإضافة إلى ذلك، فليس من المؤكد إمكان إلحاق الهزيمة بإسرائيل طالما أن لها أصدقاء مثل الولايات المتحدة الأمريكية.

"عاد خلفاء "خروشوف" ببلادهم إلى طريق الستالينية وفترت العلاقات بين روسيا والولايات المتحدة الأمريكية. ولم يخف الزعماء السوفيت الجدد عداءهم لإسرائيل ووطدوا علاقاتهم بسورية ومصر ومعظم الدول العربية عاماً بعد آخر".

"وكانت الصين الشيوعية صديقاً آخر انضم إلى حلقة أصدقاء العرب. فلقد تعاظمت مكانتها الدولية رغم استبعادها من عضوية الأمم المتحدة. وأدت الأسلحة الوفيرة التي تلقاها "عبدالناصر" من روسيا، والأعداد الكبيرة من الطلبة والضباط المصريين الذين يتلقون العلم في الجامعات الشيوعية إلى جعله يعتقد أنه يستطيع أن يهزم إسرائيل، ولم يكن هناك سبيل أكيد لاستفزاز إسرائيل إلى الحرب أفضل من إغلاق مضايق إيلات.

وكان "عبدالناصر" يعرف أن غالبية الدول البحرية كانت قد وعدت إسرائيل بأن تعلن في الأمم المتحدة أن الملاحة البريئة في مضايق إيلات حق دولي ويمكن الدفاع عنه بالقوة وفقاً للمادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة في حالة استخدام القوة في منع مباشرة هذا الحق. لكنه كان يعرف أيضاً قيمة البيانات والوعود التي تصدرها الدول في أمور لا تؤثر على مصالحها الحيوية الذاتية.

"وقد تمادى في استخفافه بالتأكيدات الودية التي كانت تصدرها الدول الأوروبية والولايات المتحدة الأمريكية ومؤداها أن القانون الدولي العام والدول الغربية تضمن حقوق إسرائيل، وذلك ثقة منه في تأييد الاتحاد السوفيتي والدول الشيوعية الأخرى له.

وكانت لديه مبررات كافية لذلك الاستخفاف: فلم يحرك أحد ساكنا لحمل مصر على فتح قناة السويس أمام الملاحة الإسرائيلية بالرغم من أن مجلس الأمن أكد مرتين حرية الملاحة الإسرائيلية.

وكانت لديه أسباب كافية للاعتقاد بأنه إذا نجح في طرد قوات الطوارئ الدولية التي تحمي حرية الملاحة الإسرائيلية من شرم الشيخ ثم مارست إسرائيل بعد ذلك حقها في الدفاع عن نفسها بالقوة، فإنه سيدمر إسرائيل في آخر الأمر، وهو الإنجاز الذي لو تحقق فقد يمكنه هذا من السيطرة على الدول العربية. والذي جعله واثقاً من هزيمة الدولة اليهودية في آخر الأمر هي كميات الأسلحة الهائلة والتدريب العسكري الذي وفرته له روسيا والدول الشيوعية الأخرى".

أولاً: خطوات استعداد مصر للحرب

إن الإجراءات التي اتخذها "عبدالناصر" في الأسابيع الثلاثة السابقة لحرب الأيام الستة تعكس مدى ثقته بالنصر. ففي 16 مايو أعلنت مصر حالة الطوارئ وأمرت قواتها المسلحة بأن تكون في "حالة استعداد كامل للحرب" وتم إعداد كل القوات المسلحة للعمل، وبدأت تتحرك صوب الحدود الإسرائيلية. وفي 17 مايو أعلنت القاهرة ودمشق أن مصر وسورية مستعدتان للمعركة".

وتوجهت قوات مصرية كبيرة شرقاً إلى سيناء. وأعلن في عمان القوات الأردنية قد عبئت. وفي 18 مايو أذاع راديو القاهرة أن القوات المصرية والسورية في حالة تأهب قصوى بينما أعلن العراق والكويت التعبئة العامة. وفي 19 مايو انسحبت قوات الأمم المتحدة رسمياً من قطاع غزة وشرم الشيخ، وأنزل علم الأمم المتحدة في غزة. وفي اليوم نفسه زادت كثافة الاستعداد العسكري المصري.

وقد تقرر، عقب مشاورات تمت بمركز قيادة القوات البحرية المصرية، إبحار غواصتين ومدمرة وأربعة زوارق صواريخ من قاعدتها في البحر الأبيض لاعتراض سبيل السفن الإسرائيلية في البحر الأحمر. وفي 20 مايو وصلت إلى شرم الشيخ قوة مصرية تتألف من كتيبة مظلات، ولواء مشاة، كما وضعت مدفعية سوفيتية الصنع بعيدة المدى عيار 130مم.

وسحبت عدة ألوية مصرية من اليمن ونقلت إلى سيناء. ووصل العدد الإجمالي للقوات المصرية بسيناء إلى ثمانين ألفا وكانت عبارة عن فرقتين مدرعتين، وخمس فرق مشاة، ووحدات مشاة آلية، ووحدات مدفعية. وقد قال المشير "عامر" لجريدة الأهرام، (وهو الذي انتحر أو اغتيل فيما بعد الهزيمة العربية): "لقد أخذت قواتنا المواقع التي تمكنها من الرد والردع. فقد حان الوقت لأن نضع نهاية لسياسة الغطرسة والتبجح التي يتبعها عدونا، وهي سياسة تقوم على التعاون بين القوى الرجعية الغربية والإمبريالية وعلى الدعم الأمريكي المتزايد وعلى اعتقاد مخطئ بأن انشغال القوات المصرية في اليمن يحد من قدرة الرئيس "عبدالناصر" على المناورة.

ففي الفترة الأخيرة، جاوز العدو كل الحدود في تهديداته واستعداداته للقيام بعدوان مسلح ضد سورية. إن قواتنا المسلحة على استعداد الآن لتوجيه ضربات قاصمة للعدو الصهيوني. وسوف تقوم القوات المحتشدة الآن ضد العدو الصهيوني بسحق أي غزو معاد على أية جبهة وفي أي اتجاه، وسوف نضرب بشجاعة".

وفي 21 مايو أعلن "أحمد الشقيري" أن ثمانية آلاف مقاتل فلسطيني قد وضعوا تحت قيادة مصر وسورية والعراق. وفي مصر استدعي الاحتياط. وأعلنت القاهرة في 22 مايو أن الرئيس قبل عرضاً من الجيش العراقي والقوات الجوية العراقية بمساعدته في الحرب.

وأعلن "الملك فيصل" ملك المملكة العربية السعودية بلندن في 23 مايو أنه أصدر أوامره للقوات السعودية للتعاون في الحرب ضد العدوان الإسرائيلي. وأعلن الأردن في 24 مايو . أن التعبئة العامة قد استكملت وأن الحكومة سمحت للجيشين العراقي والسعودي بدخول الأردن. وأخذ عشرون ألفاً من القوات السعودية مواقع على طول الحدود الأردنية السعودية. وفي 26 مايو أعلن "عبدالناصر" في القاهرة أن إسرائيل سوف تسحق تماماً إذا ما اندلعت الحرب. وقال أن العرب مستعدون وقادرون على تحقيق النصر.

وفي 28 مايو أعلنت حالة التعبئة العامة في السودان، وأعلنت الجزائر في 29 مايو أن وحدات من جيشها قد نقلت إلى الشرق الأوسط للوقوف إلى جانب مصر. وفي 30 مايو وقعت مصر والأردن ميثاقاً عسكرياً. وفي 31 مايو تحركت القوات الجوية العراقية من قاعدتها في الحبانية إلى قاعدتها في أقصى الطرف الغربي من العراق وهي ليست بعيدة عن إسرائيل.

وفي 3 يونيه أصدر "الفريق مرتجي" القائد المصري الأمر اليومي التالي للقوات في سيناء:

"لقد جرى حشد قواتنا طبقاً لخطة محددة تماماً. ونحن مستعدون تماماً لنقل الحرب إلى ما وراء حدود مصر. وستكون نتيجة هذه الخطة العظيمة ذات أهمية تاريخية لأمتنا العربية وللحرب المقدسة. لقد انتظرنا هذا اليوم طويلاً لنعيد الأرض المغتصبة إلى أصحابها الشرعيين. ولقد سئلت: متى سيحين الوقت للجهاد (الحرب المقدسة)؟ وكان ردي: الآن".

وفي 4 يونيه 1967 وقعت مصر معاهدة عسكرية مع العراق. وأوضح راديو القاهرة في الساعة 10:15 مساء أهمية تلك المعاهدة قائلاً: "أن الجيوش العربية تحيط الآن بإسرائيل بكل معنى الكلمة. ولو أضفنا إلى ذلك معاهدة الدفاع المشترك بين مصر وسورية، فسوف نرى تماماً كيف أن إسرائيل محاصرة".

أرسلت الحكومة الأمريكية "تشارلز يوست" مبعوثاً خاصاً إلى مصر، والجدير بالذكر أن الحكومة الأمريكية كانت قد تعهدت في سنة 1957 بضمان حرية الملاحة في مضايق إيلات. لم يستقبله "عبدالناصر"، إنما التقى فقط "بمحمود رياض" وزير الخارجية دون أن يسفر ذلك اللقاء عن أية نتائج.

وفشلت محاولات تعبئة الدول البحرية التي تعهدت بضمان حرية الملاحة في سنة 1957، بل أن فرنسا أعلنت أنها لا تعتبر نفسها ملتزمة بأي شئ تجاه أي طرف من أطراف النزاع. أما بريطانيا فلم ترغب في تضمين الإعلان المشترك النص على أن الدول الموقعة عليه مستعدة لضمان حق المرور".

لم يكن أمام إسرائيل إلا أن تتصرف وقفاً للمادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة التي تعترف: "بحق كل دولة عضو من أعضاء الأمم المتحدة في الدفاع الشرعي عن النفس" .

ثانياً: التعبئة الإسرائيلية لمجابهة الموقف

كان هناك تعبئة عسكرية محدودة في إسرائيل قبل منتصف مايو 1967، بهدف الاحتفال بعيد استقلال الدولة (كهدف معلن). والضغط السياسي في اتجاه سورية (كهدف غير معلن). وقد قامت القوات المسلحة الإسرائيلية بإجراء العرض العسكري في يوم الاستقلال لأول مرة في مدينة القدس الجديدة (القدس الغربية).

واستمرت تلك التعبئة مع تصاعد حدة الأزمات السياسية ـ العسكرية.. ويمكن القول، أن خطة التعبئة الإسرائيلية، وتوجيه الحشود إلى أماكن عملها المنتظر، تمت من خلال ثلاث مراحل رئيسية:

المرحلة الأولى:

واستغرقت الفترة من "15 ـ 22 مايو 67" وكانت بهدف تأمين الجبهة الجنوبية الإسرائيلية، من أي تهديد مصري.. وقد شملت العديد من لواءات المشاة / الآلية وكتائب الناحال، وكتائب المدرعات المستقلة، وحرس الحدود.

المرحلة الثانية:

واستمرت في الفترة من "23 ـ 31 مايو 67" وكانت تهدف إلى تكوين حشد رئيسي في مواجهة الجبهة المصرية، والاستعداد لشن عمليات تعرضية محدودة ضد قطاع غزة، للمساومة به في حل مشكلة خليج العقبة، مع الاستعداد لصد الهجوم المصري "المتوقع" في النقب، قبل توغله في عمق الدولة.

المرحلة الثالثة: (1ـ 5 يونيه 1967):

بدأت تلك المرحلة بتحول التصميم الإستراتيجي لإسرائيل، إلى العمل التعرضي الشامل على جميع الجبهات المحيطة بها، وتميزت بأنها تمت تحت سيطرة الجهاز العسكري الذي فرض إرادته على السلطة السياسية في إسرائيل .

ثالثاً: التخطيط الإسرائيلي للحرب

مع تصاعد الأزمة، وإحساس "موشي ديان"، أنه قد يكون له دوراً رئيسياً فيها، فقد حرص على طلب الاستئذان في زيارة وحدات الجبهة الجنوبية، والاطلاع على الخطط حيث تمت تلك الجولة في الفترة من 23 ـ 30 مايو 1967.

استعاد خلالها ديان نشاطاته العسكرية، والتي كانت قد توقفت منذ عدة سنوات عقب خروجه من الخدمة العسكرية في عام 1960 وسلك الطريق السياسي بتعيينه كوزير للزراعة، ثم عضو في الكنيست.

وقد خرج ديان باعتبارين رئيسيين خلال تلك الزيارة، وهي أن الخطة العسكرية الموجودة وقتها، والتي كان مقدراً لها أن تبدأ يوم 26 مايو طبقاً (لتبليغ عيزرا وايزمان) رئيس العمليات له، ولم يتم ذلك لأسباب سياسية.. تتحدد في الاستيلاء على غزة، في مقابل المقايضة على فتح مضيق تيران لعبور السفن الإسرائيلية، والآخر هو أن كل تأخير في توقيت بدء الهجوم، يمثل خسارة لإسرائيل، وقد يحرمها من توجيه الضربة الأولى، بل قد يعرضها إلى أن تواجه الضربة الأولى التي تشنها مصر والعرب، والتي من الممكن أن تحدث خسائر كبيرة في إسرائيل مادياً ومعنوياً.

وقد كان هناك العديد من الإجراءات التنظيمية، التي صاحبت وضع الخطة الجديدة، والتي تعرضت لتعديلات كثيرة، بعد تعيين الجنرال "موشي ديان" وزيراً للدفاع. ومن تلك الإجراءات: تنظيم علاقة وزير الدفاع برئيس الوزراء، وقد تولى تنظيم تلك العلاقة الجنرال الاحتياط "إيجال يادين"، وهو رئيس أركان سابق للجيش الإسرائيلي، وكان يعمل أستاذاً للآثار في الجامعة العبرية خلال عام 1967.

حيث كانت هذه هي المرحلة الثالثة في تاريخ إسرائيل القصير، التي يتم فيها فصل منصب وزير الدفاع عن رئاسة الوزارة.

وكانت المرة الأولى في الفترة من 1953 إلى 1955، أثناء اعتزال "بن جوريون" المؤقت وتولي "موشي شاديت" رئاسة الوزارة، وتعيين "بنحاس سابير" وزيرا للدفاع. والثانية من فبراير إلى نوفمبر 1955، عندما عاد "بن جوريون" كوزير للدفاع في حكومة "شاريت".

على أنه لم يحدد ولم يعلن أو حتى يناقش مطلقاً أي تقسيم واضح للسلطات بين رئيس الوزراء ووزير الدفاع. وكان هذا التحديد مطلوباً بصفة الخاصة هذه المرة لسببين:

1. أن فصل المنصبين يحدث عشية الحرب.

2. أن "موشي ديان" تعين وزيرا للدفاع على غير رغبة رئيس الوزراء.

وكانت النقاط الرئيسية في فصل السلطات هي: "ألا يتصرف وزير الدفاع بدون موافقة رئيس الوزراء، عند شن الحرب ضد أي دولة أو مهاجمة أي دولة لم تشترك حتى تلك اللحظة في الحرب. وينفرد وزير الدفاع بإصدار أمر قصف أية دولة معادية، ما لم تكن تلك الدولة، قد قصفت أولاً المدن الإسرائيلية".

1. الاعتبارات الرئيسية في وضع الخطة

حدد "موشي ديان"، بصفته وزيراً للدفاع، ثلاثة مبادئ رئيسية لبلورة الخطة الجديدة بحيث أخذها في الاعتبار، وهي تتعلق بالوقت وبخطط العمليات نفسها، وهي:

أ. أنه إذا كنا سنخوض الحرب، فلن يكون الانتظار في صالحنا، لأن المصريين يقومون بتحصين دفاعاتهم في ذلك الوقت.

ب. أن مدة الحملة ـ إذا انتصرنا ـ ستكون محددة، نظراً لحتمية صدور قرار من مجلس الأمن، وفرض ضغط من جانب الدول الكبرى لوقف الحرب. وإذا اضطررنا إلى التوقف في منتصف الحملة، قبل القضاء على الجيش المصري في سيناء، فإن انسحابنا بعد ذلك، تحت الضغط السياسي، سوف ينظر إليه أنه فشل.

ج. ينبغي أن تسير الحملة على مرحلتين: الأولى، تشمل الاستيلاء على شمال سيناء والثانية، الاستيلاء على المضيق وشرم الشيخ. فإذا انتهت المرحلة الأولى بانتصارنا، فيمكننا أن نمضي لتنفيذ المرحلة الثانية، وإذا لم ننتصر، فلن نتمكن من شن قتال في جنوب سيناء.

2. تضارب الآراء في تحديد هدف الخطة

في اجتماع مصغر ضم رئيس الوزراء ـ وذلك تحضيراً للجنة الدفاع التي ستنعقد في اليوم التالي ـ مع "موشي ديان، و"اسحق رابين"، و"إيجال آلون"، تعارضت أفكار "موشي ديان" وزير الدفاع، مع "إيجال آلون" وكانت وجهة نظر "ديان" التي عرضها هي:

"أنه ينبغي أن نشن هجوماً عسكرياً دون إبطاء، وإذا اتخذ مجلس الوزراء هذا القرار في جلسته التالية "يوم4 يونيه".. فيجب أن نبدأ الهجوم في صباح اليوم التالي، ويجب أن يكون الهدف من عملنا هذا هو تدمير القوات المصرية المحتشدة في وسط سيناء، ويجب ألا يكون لنا هدف جغرافي، مهما كان نوعه. وينبغي عدم إدراج قطاع غزة في خططنا الخاصة بالقتال إلا إذا دخلت القوات العراقية، واحتلته طبقاً لما سبق من تهديد وتستمر الحملة ما بين ثلاثة إلى خمسة أيام".

وتلخصت آراء "إيجال آلون" "التي تضاربت مع فكر موشي ديان" في الآتي: "الموافقة على فكر "موشي ديان" من حيث المبدأ، على أنه يجب أن نقترب من قناة السويس، لكي تشكل تهديداً لها، وسوف يتضح حينذاك أن في استطاعتنا إغلاقها لو قام المصريون ثانية، بإغلاق مضيق تيران.. في نفس الوقت ينبغي الاستيلاء على قطاع غزة، ووضع خطة لنقل اللاجئين الفلسطينيين الموجودين هناك، إلى مصر.

ولقد اعترض "موشي ديان" على تلك الفكرة، بناء على وجهة نظره تتحد في الآتي:

أ. أن الاقتراب من قناة السويس وتهديدنا لها سيكون خطأً جسيماً. فسوف يؤثر ذلك على مصالح دول قوية في العالم. ويجعل بعض أصدقاء هنا ينقلبون علينا، ولذلك يجب أن نتجنب الاقتراب كثيراً من القناة، وألا نتخذ التهديد بإغلاقها، أداة سياسية.

ب. أن نقل اللاجئين إلى مصر، فهو من الأمور الصعبة، ويتطلب موافقة مصر أولاً، وألا سيكون عملاً همجياً وغير إنساني. بل العكس هو المطلوب بأن نضمن استمرار اضطلاع منظمة غوث وتشغيل اللاجئين التابعة للأمم المتحدة بمسؤولية إدارة شؤون الفلسطينيين.

وربما يكون ذلك ليس من السهل إجراءه، إذ من المحتمل أن تؤدي عملياتنا في سيناء إلى عزل القطاع عن مصر، وسوف يتعين عندئذ على منظمة غوث اللاجئين أن تتلقى إمداداتها عن طريق إسرائيل وقد لا توافق المنظمة على هذا الترتيب.

أما الخطة الخاصة بسيناء، والتي تبلورت وعرضت في مساء نفس اليوم، فكانت محددة في الآتي:

أ. التغلغل على طول أربعة محاور، منها محوران متوازيان في منطقة رفح، في الطرف الجنوبي من قطاع غزة، واثنان في وسط سيناء.

ب. ألا نقترب من قناة السويس، وألا نستولي على قطاع غزة، وألا نقترب ( في الوقت الحاضر ) من مضيق تيران، نظراً لأن الولايات المتحدة الأمريكية كانت تعالج مسألة حرية الملاحة.

رابعاً: العوامل المؤثرة على اتخاذ قرار الخطة الإستراتيجية الإسرائيلية

مع تبلور التخطيط الذي تنازعته آراء سياسية مختلفة في إسرائيل، فإن هيئة الأركان كانت تخضع الخطوة، طبقاً لمعايير عسكرية/ سياسية، وبحيث تضمن النجاح عند التنفيذ وكانت أهم العوامل التي تم تقدير الموقف بناء عليها هي:

1. توقيت بدء الجولة

ومع التسليم، بأن كل وقت يمر كان في غير صالح إسرائيل إلا أن العوامل الآتية وضعت في الاعتبار عند اتخاذ القرار بسرعة شن الهجوم وهي:

أ. بدء الجبهات العربية المجاورة في تنسيق الأعمال العسكرية المشتركة بينهما ضد إسرائيل وفتح مركز القيادة المتقدم للقيادة المصرية الأردنية المتحالفة في عمان.

ب. وصول طلائع القوات العراقية البرية إلى جبهة الأردن اعتباراً من صباح يوم 5 يونيه.

ج. زيادة فعالية التساند العربي، ببدء وصول عناصر كويتية وجزائرية وسودانية وليبية إلى أراضي الجمهورية العربية المتحدة.

د. بدء نقل القوات المصرية من مسرح اليمن إلى مسرح سيناء.

هـ. الرغبة في إحباط فاعلية الصفقة المصرية ـ الروسية المعقودة يوم 26 مايو، ومنعها من تغيير حالة المقارنة العامة السائدة وقتئذ.

2. تحديد المجهود الرئيسي للعمل التعرضي الإسرائيلي، وأسبقية الضربات

فرض حجم القوات المصرية على رئاسة الأركان الإسرائيلية، أن تبدأ الجولة ضد جبهة سيناء. كما فرضت احتمالات سرعة رد الفعل المصري، عن ردي الفعل الأردني والسوري، أن تكون مصر، هي الهدف الأول للجولة، يليها الأردن ثم سورية.

3. أسلوب شن الحرب

كان هناك العديد من العوامل التي يجب أن تطبق، حتى تضمن إسرائيل النصر في تلك الجولة، ومن هذه العوامل:

أ. تحقيق المفاجأة الإستراتيجية

وقد حققت إسرائيل ذلك من خلال إخفاء نية وتوقيت واتجاه الهجوم وقوة الضربات وأسبقيات شنها على الجبهات المختلفة، كما توقف النجاح أيضاً على خطة خداع على المستوى السياسي والعسكري، تنفذ بدقة على مختلف الجبهات.

ب. العمل من خطوط داخلية

ويتيح هذا الأسلوب للقوات البرية الإسرائيلية، فرص القيام بمناورات إستراتيجية وتكتيكية حاسمة، يمكن أن يتحقق ـ من خلالها ـ النصر الرخيص، بالعمل على طرد القوات المعادية بسرعة، خلف مانع أو عائق كبير.

خاصة وأن الأوضاع النسبية للقوات المتضادة في المسرح تجعل القوات المعادية لإسرائيل متباعدين عن بعض، وليس بينهم أي تعاون يتم من خلال تحريك قوات، وهذا يعطي القوة الإسرائيلية ميزة الانفراد بكل طرف على حدة. وتوجيه الضربات المتتالية ضد الخصوم واحد تلو الآخر بما يشل القدرة القتالية لكل واحد منهم قبل الانتقال إلى الخصم التالي له.

ج. التفوق النوعي والكمي

توفرت للقوات الإسرائيلية إمكانيات تفوق نوعي من خلال الحصول على صفقات أسلحة عديدة من الولايات المتحدة الأمريكية، ومن مختلف الدول الأوروبية. وكانت إسرائيل تعلم جيداً مدى تفوق الأسلحة الغربية، والأمريكية بالذات، على مثيلاتها السوفيتية، وخصوصاً في مجال الطيران والمدرعات. وكانت أيضاً تشعر بميزة التفوق الكمي، نتيجة لوجود حوالي 40% من القوات المصرية في مسرح عمليات اليمن، مما يفقد القوات المصرية تفوقها الطبيعي التي كانت تحافظ عليه باستمرار ضد إسرائيل.

وقد استغلت إسرائيل تلك الميزتين كركائز أساسية في خطة العمل من خطوط داخلية.

د. توفر المعلومات التفصيلية الدقيقة

والتي حرصت إسرائيل على تجميعها بمختلف الطرق عن القوات المسلحة في الجبهات الثلاث المحيطة بإسرائيل، وكذا عن متابعة الحشود على الجبهات المختلفة، والنمط اليومي السائد فيها، وخاصة في القوات الجوية العربية (التي ستوجه إليها الضربة الأولى). وقد استغلت إسرائيل الإمكانيات الأمريكية في هذا المجال، علاوة على إمكانياتها الخاصة بها.

هـ. الوثوق في فاعلية الدعم العسكري

وخصوصاً من جانب الولايات المتحدة الأمريكية، والتي قدمت لإسرائيل، أكثر مما أرادت بحيث لم تلتفت إلى الخطر الذي فرضه الجنرال "ديجول" على الأسلحة الفرنسية لإسرائيل. وقد وفر الدعم الأمريكي لإسرائيل، فرصة المخاطرة المحسوبة ضد العرب، والتصدي لأي تدخل سوفيتي على أي مستوى، ضد إسرائيل.

و. استغلال نقاط الضعف العربي

وكان من أبرز تلك النقاط، كما وردت في مذكرات القادة الإسرائيليين:

(1) ضعف إمكانيات التقنية التي تستخدمها الجيوش العربية، مقارنة بما يستخدمه الجيش الإسرائيلي.

(2) تشتت القدرات العسكرية المصرية، وهبوط كفاءتها القتالية، نتيجة الخدمة الطويلة بمسرح عمليات اليمن.

(3) عدم اكتمـال مفهـوم معركة الأسلحة المشتركة، وانفصال أفرع القوات المسلحة في الجيش المصري ـ بصفة عامة ـ وباعتباره أكبر الجيوش العربية.

(4) ضعف القدرة العسكرية بكل من سورية والأردن، نتيجة التمزقات الداخلية، وكثرة حركات التغيير في كوادر الضباط والرتب الأخرى.

4. الخطة الإستراتيجية الإسرائيلية ضد الجبهات العربية الثلاث

هدفت الخطة الهجومية الإسرائيلية، إلى بدء العمليات بتحطيم الغطاء الجوي العربي، وشن ثلاث ضربات متتالية ضد مصر ثم الأردن ثم سورية بالتتالي مع تركيز الهجوم على الجبهة المصرية "وتوقف القرار الأخير ( سياسياً ) بالهجوم على الأردن طبقاً للموقف الذي سيتخذه بمجرد بدء القتال.. ولكن كانت النية العسكرية مبيتة على شن الهجوم".

ولم تشمل الخطة مهاماً حاسمة للقوات البحرية الإسرائيلية، بل اقتصر التخطيط لها على القيام ببعض الإغارات والأعمال التعرضية المحدودة، ضد القواعد البحرية المصرية الرئيسية، علاوة على أعمال النقل في مسرح العمليات.

وركز التصميم في الخطة، على أهمية السرعة والحسم في تنفيذ أعمال القتال، بما يضمن تحقيق المهام المحددة في أقصر وقت ممكن لزيادة حدة النكسة العسكرية بالقوات العربية، وبهر أنظار العالم بالإضافة إلى عدم إعطاء القوى الأجنبية والهيئات العالمية الفرصة للتدخل في سير الأمور أو إيقاف الحرب. بالإضافة إلى العوامل الاقتصادية التي توجب التقليل من زمن الحرب، حتى لا يضار الاقتصاد الإسرائيلي بشدة.

خامساً: تجميع ومهام القوات

1. القوات الجوية

خصص 183 طائرة مقاتلة/ قاذفة لشن الضربة الجوية، علاوة على مقاتلات الحماية. وتبلور أسلوب العمل الجوي الإسرائيلي، في استغلال الأعمال الخداعية للتقليل من درجة تيقظ الإنذار والمراقبة المصرية، علاوة على انتخاب اتجاهات وارتفاعات الاقتراب من الأهداف المعادية، بما يضمن إخفاءها، باستغلال الثغرات الموجودة في نظام الإنذار وأجهزة الدفاع الجوي، كل ذلك بالإضافة إلى نشاط وسائل التداخل الإيجابي المستمر والنبضي على جميع الترددات، وفي المستويين الأفقي والرأسي، بما يكفل اقتراب الطائرات المغيرة من أهدافها تحت ستر هذا التداخل. والتوسع في استخدام الأهداف الهيكلية، والمصائد لجذب نيران الصواريخ والمدفعية المضادة للطائرات نحو أهداف كاذبة.

وقد خططت الضربة الجوية المفاجأة "الخطة كولومب" لتنفذ في نسقين:

يهاجم النسق الأول منها على امتداد 75 دقيقة القواعد الجوية والمطارات المصرية في وقت واحد على قدر الإمكان، وعلى موجات متلاحقة، على أن تعطى الأسبقية لضرب الممرات بقنابل خاصة، وقنابل زمنية لإعاقة أعمال الإصلاح في الأجزاء الحساسة منها وذات التأثير الأشمل كتقاطعات الممرات الرئيسية مع الممرات الفرعية، ومنتصف الممرات، ثم تدمر طائرات الاستعداد الأول والثاني بالرشاشات والمدافع والصواريخ، ثم تدمر باقي الطائرات والأهداف داخل المطارات.

كما نصت الخطة، على عدم تشتيت جهود ضد وسائل الدفاع الجوي، أو الدخول في معارك جوية، ويتم التركيز فقط على تدمير المطارات.

وحوت الخطة والتعليمات التفصيلية دقائق كافة الأهداف المعادية المطلوب تدميرها وزودت وحدات القوات الجوية الإسرائيلية بتعليمات تفصيلية عنها. وعن طريقة الاقتراب منها، من حيث الارتفاع والاتجاه، وكذا تكتيكات مهاجمتها.

استناداً إلى نجاح وسائل المخابرات الإسرائيلية في تحديد أوضاع وقدرات ومدى عمل وسائل نظام الدفاع الجوي المصري، والذي كان مدى اكتشافه للأهداف الجوية، ينعدم تحت ارتفاع أقل من 500 متراً.. كذلك كان يركز نظام الإنذار المصري على اتجاه الشرق في اكتشاف الأهداف، بما سمح بتكوين ثغرة كبيرة في مجال الكشف الراداري من اتجاه الغرب.

ويلخص الجنرال "موردخاي هدو" قائد سلاح الطيران الإسرائيلي عام 1967، استغلالهم للثغرات ونقط الضعف المصرية في الآتي:

"لقد وضعت خطة تحطيم السلاح الجوي المصري، على أساس حسن معرفة إسرائيل بالعدو. فقد كان سلاح الطيران المصري قويا في ذلك الوقت، ولكن أمكن لإدارة المخابرات الإسرائيلية أن تحدد بدقة جميع أوضاع الأسراب المصرية تقريباً. ولهذا فإننا نعتبر أن لإدارة المخابرات الإسرائيلية فضل كبير في نجاح هجمتنا الجوية.

ولقد أحيط المخططون في سلاح الطيران الإسرائيلي، علماً بعدد وأنواع الطائرات التي يمكن توقع وجودها في كل قاعدة جوية أو مطار. الأمر الذي مكننا من تخطيط الضربة الأولى ضد الطائرات التي تحتل أعلى مراتب الأسبقية، وهي قاذفات القنابل، طراز توبوليف ـ16، وأليوشن ـ28، لتعقبها الضربة الثانية ضد الطائرات الأخرى، حسب أهميتها، وفقاً لكشف الأسبقية بحيث تدمر الميج ـ21 أولاً ثم السوخوي ـ7، ثم الميج ـ19، ثم الميج ـ17ـ بينما جاءت طائرات النقل والهليوكوبتر في ذيل الخطة كأهداف إضافية، تهاجم كلما أتيحت الفرصة".

وقد حددت الخطة ممرات الاقتراب من مطارات الإقلاع الإسرائيلية، الموجودة في وسط إسرائيل، لتكون في اتجاه الغرب، وعلى ارتفاع يتراوح بين 20ـ30 متراً. وعند الاقتراب من المياه الإقليمية المصرية بين العريش ودمياط، ينقسم النسق المغير إلى ثلاث مجموعات معتمداً على منارات إرشاد لاسلكية من سفن مجهزة لذلك، ومنارات إرشاد عائمة وتتجه الطائرات كالآتي:

1. المجموعة الأولى تنسلخ من ممر الطيران، عندما تصل إلى شمال العريش وتتجه طائراتها لتهاجم في وقت واحد مطارات العريش، والسر، والمليز، وتمادا.

2. المجموعة الثانية: تنسلخ من الممر أمام بور سعيد، وتتجه طائراتها لتهاجم في وقت واحد مطارات منطقة القناة: أبو صوير، فايد، كبريت.

3. المجموعة الثالثة تنسلخ من الممر شمال دمياط، وتتجه طائراتها لتهاجم في وقت واحد مطارات: غرب القاهرة، بني سويف، أنشاص، القاهرة الدولي، قويسنا، ألماظة، المنصورة، الأقصر.

وقد جهزت خطة المناورة بالمطارات الإسرائيلية البالغ عددها 58 قاعدة ومطار وأرض هبوط، بحيث تقلع الطائرات من المطارات المختلفة في أوقات نسبية، بحيث تضمن وصولها فوق الأهداف المحددة في وقت واحد تقريباً، رغماً أن زمن الرحلة تفاوت ما بين 20 إلى 40 دقيقة.

وتحقيقاً لكل ما سبق، ولضمان استغلال كافة قدرات المجهود الجوي الإسرائيلي في تنفيذ هذه الخطة الحاسمة، ارتضت أجهزة التخطيط الإسرائيلي أن تحشد معظم ما تملكه من طائرات لشن الضربة الجوية المفاجئة، وقبلت المخاطرة بترك سماء إسرائيل عارية دون غطاء جوي، كما حرمت تقريبا قواتها البرية القائمة بالهجوم في الجبهة المصرية في نفس الوقت، من معاونة جوية تكتيكية مستمرة.

ولم تغفل خطة الضربة الجوية، الاحتمالات المفاجئة التي قد تتعرض لها، مثل التعرض لمظلة جوية مصرية قوية لم تكن في الحسبان، أو أن تكتشف نية الضربة قبل شنها.. فنصت التعليمات، على انه في مثل تلك الحالات، تعود الطائرات فوراً إلى سماء إسرائيل للدفاع عنها.

في الوقت نفسه، كان هناك ارتباطاً تاماً بين نجاح الضربة الجوية في تنفيذ مهامها والبدء بالقيام بالحملة البرية، بحيث إذا فشلت الضربة، كان من المحتمل إلغاء الهجوم البري من الأساس.

كذلك انتخبت الخطة أنسب توقيت لشن الضربة الجوية، بحيث تتيح ضوء نهار كامل تتوالى فيه الطلعات الجوية لإحداث أكبر تأثير في القوات المعادية، مع ضرورة انقشاع ضباب الصباح، حتى يمكن التعرف على الأهداف بسهولة.

2. القوات البرية

تحددت التجميعات الإسرائيلية في ثلاث جبهات، يتمثل في كل منها في منطقة عسكرية تلخصت مهامها في الأتي:

أ. المنطقة العسكرية الجنوبية: "المجهود الرئيسي للقوات المسلحة الإسرائيلية في اتجاه الجبهة المصرية"

(1) القائد: الجنرال: "أشعياهو جافيتش".

(2) التكوين: ثلاث مجموعات عمليات

(أ) المجموعة الشمالية: بقيادة العميد "إسرائيل تال"
وتتكون من لواء مشاة ـ لواء مشاة آلي ـ لوائين مدرعين ـ لواء مظلي ـ فوج استطلاع آلي.
واتجاه عمل المجموعة . المحور الشمالي: رفح ـ العريش في اتجاه القنطرة شرق.

(ب) مجموعة المحور الأوسط: بقيادة العميد "إيريل شارون"
وتتكون من: لواء مشاة ـ لواءين مدرعين ـ لواء مظلات ـ فوج استطلاع.
واتجاه عمل المجموعة: محور أم قطف ـ الحسنة ثم غرباً.

(ج) مجموعة الكمين: بقيادة العميد "ابراهام يوفيه".
وتتكون من : لواء مشاة آلي ـ لواء مدرع ـ فوجين مدرعين ـ فوج استطلاع.
واتجاه عمل المجموعة: التقدم إلى بير لحفن، وتدمير الاحتياطي الإستراتيجي المصري من خلال معركة تصادمية. ثم تنطلق غرباً في اتجاه المضايق.

(د) الاحتياطي العام للجبهة: لواء مدرع ـ لواء مظلي.

(3) مهمة المنطقة

وقعت على المنطقة الجنوبية مهمة، بالقضاء على القوات المصرية في سيناء، وتصل إلى الضفة الشرقية لقناة السويس وتأمينها. والاستيلاء على مدخل خليج العقبة، وتأمين الملاحة الإسرائيلية عبره. تتجنب قوات المنطقة الدخول في معارك طويلة مع القوات المصرية المدافعة. وتهدف إلى تحقيق المهمة المحددة لها بأعمال التطويق والالتفاف والتسلل لسرعة الوصول إلى خطوط المهام.

ب. المنطقة العسكرية الشمالية "اتجاه الجبهة السورية"

(1) القائد: الجنرال "ديفيد اليعازر".

(2) التكوين: مجموعة عمليات (3 ألوية مدرعة ـ 5 ألوية مشاة /مشاة آلي ـ لواء مظلي ـ فوج استطلاع)

(3) المهام

تقوم المنطقة بالقوات المخصصة لها، بالقضاء على الجبهة السورية والاستيلاء على مرتفعات هضبة الجولان.

يبدأ هجوم قوات المنطقة الشمالية بأمر من رئيس الأركان العامة، بعد وضوح الموقف العسكري في الجبهات الأخرى.

ج. المنطقة العسكرية الوسطى: "اتجاه الجبهة الأردنية"

(1) القائد: الجنرال "عوزي ناركيس"

(2) التكوين: مجموعة عمليات (3ألوية مشاة ـ لواء مدرع ـ فوج استطلاع)
مع تدعيم هذه المجموعة، بجزء من الاحتياطي الإستراتيجي الإسرائيلي في الجبهة الشرقية بقوة لواءين مشاه، علاوة على احتياطي الجبهة الجنوبية المشكل من لواء مدرع ولواء مظلي.

(3) المهام

الدفاع عن حدود الدولة المشتركة مع الأردن. مع الاستعداد للقيام بالهجوم بهدف القضاء على القوات الأردنية، والعناصر العراقية التي توجد معها غرب نهر الأردن. والاستيلاء على الضفة الغربية وتأمينها. مع تركيز الجهود الرئيسية في اتجاه القدس والخليل. على أن تصدر الأوامر بالهجوم من رئاسة الأركان العامة طبقاً لتطور الموقف.

يدل ذلك، على أن هناك العديد من القنوات التي تستخدمها إسرائيل مع الولايات المتحدة الأمريكية، فالقنوات السرية والتي ذهب إليها آميت قد سخرت من فكرة تجميع الأسطول الذي يمر في الخليج، بينما القنوات الدبلوماسية المعلنة تقول غير ذلك تماما
كان عبارة عن كتيبة مغاوير كويتية، كأفراد بأسلحتهم الخفيفة، ولم يكن لواءا مدرعا
كانت كتيبتا صاعقة مصريتين، قد وصلتا إلى الأردن يوم 3 يونيه 1967، ضمن الخطة العامة التي وضعتها القيادة المصرية وقتها.

وقد فوجئت الكتيبتان بمجرد وصولهما، بإجراءات اتخذتها السلطات الأردنية، أفقدت سرية تواجد الكتيبتان تماما

يلاحظ هنا أن موشي ديان يحاول تقليل الدور الأمريكي المساند لإسرائيل، علما بأنه هو الذي كتب عن ما أحرزه آميت رئيس الموساد ومن نتائج في الولايات المتحدة الأمريكية.

يتضح أن الموقف السوفيتي، قد بنى استراتيجيته على الصراع بالكلمات، دون إجراءات فعلية في سبيل دعم العرب أو إيقاف الحرب نفسها، والتي لم تكن تغيب عن تقدير الاتحاد السوفيتي.

وربما يكون ذلك له جذور عميقة في اتجاه تنمية مصالح الاتحاد السوفيتي في المنطقة، والتي كانت ستدعمها إلحاق هزيمة بالعرب، تجعله يؤكد بقاؤه في المنطقة بأسلوب جديد، وبعناصر جديدة تنقل التواجد السوفيتي في المنطقة إلى معترك منافس للولايات المتحدة الأمريكية نفسها.

كتب "عيزرا وايزمان" مقالاً صحفياً عقب ترشيح "رابين" لرئاسة الوزارة بعد استقالة "جولدا مائير" يقول فيه أن سلوك "رابين" عام 67 يجعله غير جدير بمنصب رئيس الوزراء.

منقول من
موسوعة مقاتل من الصحراء


المبحث الخامس 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
 
المبحث الخامس
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» المبحث الخامس
» المبحث الخامس
» المبحث الخامس
» المبحث الخامس
» المبحث الخامس

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers :: (العربي) :: الأحداث الفارقة في حياة الدول :: حرب الخامس من يونيه 1967م :: نكسة 1967م من وجهة النظر الإسرائيلية-
انتقل الى: