قال الفيلسوف توماس كارليل في كتابه الأبطال عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لقد أصبح من أكبر العار على أي فرد مُتمدين من أبناء هذا العصر؛ أن يُصْغِي إلى ما يظن من أنَّ دِينَ الإسلام كَذِبٌ، وأنَّ مُحَمَّداً -صلى الله عليه وسلم- خَدَّاعٌ مُزُوِّرٌ، وآنَ لنا أنْ نُحارب ما يُشَاعُ من مثل هذه الأقوال السَّخيفة المُخْجِلَةِ؛ فإنَّ الرِّسَالة التي أدَّاهَا ذلك الرَّسُولُ ما زالت السِّراج المُنير مُدَّةَ اثني عشر قرناً، لنحو مائتي مليون من الناس أمثالنا، خلقهم اللهُ الذي خلقنا، (وقت كتابة الفيلسوف توماس كارليل لهذا الكتاب)، إقرأ بقية كتاب الفيلسوف توماس كارليل عن سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-، على هذا الرابط: محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم-.
يقول المستشرق الإسباني جان ليك في كتاب (العرب):"لا يمكن أن توصف حياة محمد بأحسن مما وصفها الله بقوله: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِين)فكان محمدٌ رحمة حقيقية، وإني أصلي عليه بلهفة وشوق".
فَضَّلَ اللهُمِصْرَعلى سائر البُلدان، كما فَضَّلَ بعض الناس على بعض والأيام والليالي بعضها على بعض،والفضلُ على ضربين: في دِينٍ أو دُنْيَا، أو فيهما جميعاً، وقد فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ وشَهِدَ لها في كتابهِ بالكَرَمِ وعِظَم المَنزلة وذَكَرَهَا باسمها وخَصَّهَا دُونَ غيرها، وكَرَّرَ ذِكْرَهَا، وأبَانَ فضلها في آياتٍ تُتْلَى من القرآن العظيم.
المهندس حسن فتحيفيلسوف العمارة ومهندس الفقراء:هو معماري مصري بارز، من مواليد مدينة الأسكندرية،وتخرَّجَ من المُهندس خانة بجامعة فؤاد الأول،اشْتُهِرَ بطرازهِ المعماري الفريد الذي استمَدَّ مَصَادِرَهُ مِنَ العِمَارَةِ الريفية النوبية المَبنية بالطوب اللبن،ومن البيوت والقصور بالقاهرة القديمة في العصرين المملوكي والعُثماني.
رُبَّ ضَارَّةٍ نَافِعَةٍ.. فوائدُ فيروس كوروناغير المتوقعة للبشريةأنَّه لم يكن يَخطرُ على بال أحَدِنَا منذ أن ظهر وباءفيروس كورونا المُستجد، أنْ يكونَ لهذه الجائحة فوائدُ وإيجابيات ملموسة أفادَت كوكب الأرض..فكيف حدث ذلك؟!...
تخليص الإبريز في تلخيص باريز: هو الكتاب الذي ألّفَهُ الشيخ "رفاعة رافع الطهطاوي"رائد التنوير في العصر الحديث كما يُلَقَّب، ويُمَثِّلُ هذا الكتاب علامة بارزة من علامات التاريخ الثقافي المصري والعربي الحديث.
الشيخ علي الجرجاوي(رحمه الله)قَامَ برحلةٍ إلى اليابان العام 1906م لحُضُورِ مؤتمر الأديان بطوكيو، الذي دعا إليه الإمبراطور الياباني عُلَمَاءَ الأديان لعرض عقائد دينهم على الشعب الياباني،وقد أنفق على رحلته الشَّاقَّةِ من مَالِهِ الخاص، وكان رُكُوبُ البحر وسيلته؛ مِمَّا أتَاحَ لَهُ مُشَاهَدَةَ العَدِيدِ مِنَ المُدُنِ السَّاحِلِيَّةِ في أنحاء العالم، ويُعَدُّ أوَّلَ دَاعِيَةٍ للإسلام في بلاد اليابان في العصر الحديث.
أولاً: زيارة "أوثانت" للقاهرة (أُنظر ملحق خطاب "يوثانت" إلى الرئيس "جمال عبدالناصر)
وصل "أوثانت" بعد ظهر يوم 23 مايو إلى القاهرة، حيث أجرى اتصالات تمهيدية، وبدأت مباحثاته الرسمية اعتباراً من صباح يوم 24 مايو مع وزير الخارجية "محود رياض"، ثم كان اللقاء في الثامنة مساء مع الرئيس "عبدالناصر" .. حيث دار حديث طويل، وكان الجانب المصري متفهماً لمهمة الأمين العام، الذي كان متفهماً أيضاً من جانبه للموقف المصري. وفي النهاية تم الاتفاق على أن يصدر "أوثانت" نداءاً لإيقاف الإجراءات التي اتخذتها مصر لتفتيش السفن المارة في الخليج على أن تمتنع إسرائيل عن المرور .. وتحدد التوقيت بأسبوعين تتصاعد فيها المساعي من الأطراف المختلفة لحل المشكلة عن طريق الأمم المتحدة .. وغادر أوثانت القاهرة يوم 25 مايو ليلحق بجلسات مجلس الأمن التي بدأ انعقادها مساء يوم 24 مايو .. حيث عكف بعد وصوله إلى نيويورك على إعداد التقرير الذي سيقدمه عن الزيارة إلى مجلس الأمن.
وفي يوم 27 مايو 1967 أصدر "أوثانت" "نداءه" الموجه إلى رئيس الجمهورية العربية المتحدة "طبقاً لاتفاق القاهرة" ويشمل النداء مقدمة ثم يدخل في صميم الموضوع حيث يشمل "إنني أطلب وقتاً، ولو فسحة محدودة من الوقت، لكي أستطيع أن أعطي فرصة للمشاورات وللجهود الدولية التي تحاول أن تبحث عن مخرج من الموقف الحرج الراهن. وأريد أن الفت انتباهكم بصفة خاصة .. إلى ما قلته في تقريري إلى مجلس الأمن بتاريخ 26 مايو .. إنني أرى أن إيجاد مخرج سلمي من هذه الأزمة يتوقف على فسحة لالتقاط الأنفاس تسمح بتخفيف حدة التوتر من مستواه المتفجر الحالي .. وبناء على ذلك فإنني هنا أدعو جميع الأطراف المعنية إلى ممارسة أقصى قدر من ضبط النفس، وإلى تجنب أي أعمال عدائية يكون من شأنها زيادة التوتر. وهدفي من ذلك أن أعطي مجلس الأمن فرصة لعلاج المشاكل التي تنطوي عليها الأزمة، والبحث عن حلولها.
وإنني أناشدك يا سيادة الرئيس كما أناشد رئيس الوزراء "أشكول"، وكل الأطراف المعنية إلى ممارسة أقصى درجات الحذر عند هذا المنعطف الخطير .. وبالذات وبدون طلب أي تعهدات منكم .. أو حتى رد، فإني أريد أن أعرب عن الأمل في أن تمتنعوا خلال مدة أسبوعين من لحظة استلامكم لهذه الرسالة، عن أي تدخل في الملاحة غير الإسرائيلية التي تطلب المرور عبر مضايق "تيران".
وفي هذا الخصوص فهـل لي أن أخطركم، وفي كل الأحوال، أن لدي من الأسباب ما يجعلني أفهم أنه في الظروف العادية فإنه ليس متوقعاً أن تحاول أي باخرة تحمل العلم الإسرائيلي عبور مضيق "تيران" خلال مدة الأسبوعين المحددين، بل أني أستطيع أن أؤكد لكم حسب أدق المعلومات لدي، أنه خلال السنتين والنصف الأخيرة في واقع الأمر لم تقم أي باخرة ترفع العلم الإسرائيلي بالمرور في مضايق "تيران" .. .
وأستطيع أن أكرر لكم يا سيادة الرئيس، أنني بصفة خاصة، وكذلك المجتمع الدولي كله بصفة عامة، سوف نقدر تقديراً كبيراً هذه المبادرة من جانبكم ..". (وكان تقدير القيادة المصرية – التي وافقت على النداء فوراً – أن وقف الإجراءات يتم في الفترة من 29 مايو "توقيت وصول الخطاب" – حتى 12 يونيه).
إسرائيل
استمرت الاستعدادات العسكرية الإسرائيلية على قدم وساق، مع التنسيق الكامل للخطة وعقب إعلان الرئيس "عبدالناصر" إغلاق خليج العقبة، فقد بدأت مرحلة جديدة في التخطيط الإسرائيلي على المستويين السياسي والعسكري قادها العسكريون الذي بدا عليهم الإصرار على اتخاذ قرار الحرب وكان أخطر الاجتماعات في هذه المرحلة، وهو اجتماع القيادة الإسرائيلي "مجلس الحرب" الذي يضم القادة السياسيين والعسكريين صباح يوم 23 مايو، ودارت فيه خلاصة فكر القادة الإسرائيليين في التخطيط للحرب وفكر القادة السياسيين لإدارة الحرب ومن الناحية العسكرية التي تولى شرحها الجنرال "رابين" رئيس الأركان كان هناك ثلاث اقتراحات للعمل العسكري ضد مصر وهم:
"إما عملية محددة تهدف احتلال شرم الشيح وفك الحصار المصري عنها ويعتبر هذا التصرف خطأ سياسي وعسكري والثانية توجيه ضربة جوية شاملة لتدمير الطيران المصري واحتلال قطاع غزة، ثم انتظار الرد المصري والتصرف على أساسه ولكنه عمل ناقص أما الثالث فهو الحرب الشاملة.
أما الموقف السياسي فتلخص في ضرورة تشكيل وزارة حرب يشترك فيها كل الأحزاب .. ولا بد من التثبت من الموقف الأمريكي .. ولا بد من حساب الموقف السوفيتي ..
وأخيراً التصرف إزاء برقية من الرئيس "جونسون" تطلب إيقاف أي عمل عسكري قد تقوم به إسرائيل لمدة 48 ساعة ..
وتقرر في الاجتماع سفر وزير الخارجية "أبا إيبان" إلى الولايات المتحدة الأمريكية للتنسيق على أن يمر خلال سفره على كل من لندن، وباريس لتأكيد المواقف. وقد وصل الأمر بضغط العسكريين لضرورة تشكيل وزارة حرب إلى الحد الذي قام فيه "شيمون بيريز" بتكوين تكتل من 50 عضواً في الكنيست لإسقاط حكومة "أشكول".
وتوجه أبا "إيبان" إلى فرنسا حيث وجد أن رأي الجنرال "ديجـول" محـدد في "أن إسرائيل لا ينبغي لها أن تقوم بشن الحرب على الأقل لا تكون هي البادئة بها، ولا تبادر بالطلقة الأولى".
وفي لندن وجد أبا "إيبان" أن بريطانيا متحمسة للعمل العسكري ضد مصر وأن مجلس الوزراء البريطاني وافق على الاشتراك بوحدات بحرية مع الولايات المتحدة الأمريكية وآخرين في عملية منسقة لفتح خليج العقبة بالقوة، وفي نفس الوقت فإن "ويلسون" "لا يريد تحريض إسرائيل على العمل المباشر والسريع ضد مصر".
وفي واشنطن كانت بداية زيارة وزير الخارجية الإسرائيلي، ومعه وزير الدفاع الأمريكي، لغرفة العمليات في البنتاجون حيث بادر الجنرال "ايرل هويلر" رئيس الأركان المشتركة" في الجيش الأمريكي: "أنني لا أريدك أن تقلق عن أي اعتبار، فسواء بدءوا هم (يقصد المصريين) أو بدأتم أنتم (يقصد الإسرائيليين)، فليس لدينا شك في النتيجة، فنحن نعرف ما هو حجم المتاح لكم، كما أننا نقدر كفاءتكم في إدارته" .. "وحساب المعركة كلها في صالحكم هذه تقديرات جميع خبارئنا، ولم يعترض منهم واحد، فلديكم كل ما هو لازم وزيادة".
ثم قابل أبا "إيبان" الرئيس "جونسون" واستمرت المباحثات بينهما 85 دقيقة تميزت بالود الخالص .. وأكد "جونسون" خلالها أنه "يتمنى للعلم الإسرائيلي ذو اللونين الأزرق والأبيض أن يمر خلال هذا المضيق وأكد له دعمه الكامل لإسرائيل، ولكنه يريد وقت لمدة ساعات حتى يحقق تأييد الكونجرس، وتأييد الأمم المتحدة، وتأييد الرأي العام العالمي لنضمن عزلة الاتحاد السوفيتي وفي نهاية المقابلة قال لـ "أبا إيبان" لينقل لحكومته: قل لهم أن إسرائيل تستطيع أن تعتمد عليّ. إنني لن أنكص عن وعد ولن أنسى كلمة قلتها. ولكنني لا أريد أن أترك ثغرة لاحتمال تدخل سوفيتي بسبب أنكم سئمتم الانتظار ساعات".
وبينما كان الحال يجري على النطاق الخارجي لصالح إسرائيل .. كان هناك بركاناً في داخلها يثيره القادة العسكريون للإسراع باتخاذ قرار الحرب حيث يسجل "ليفي أشكـول" رئيس الوزراء "أنه كان في زيارة للجبهة في القطاع الجنوبي (الجبهة المصرية) يوم 25 مايو .. وعاد مقتنعاً أنه إذا لم تدخل إسرائيل الحرب بسرعة، فإن هناك خطر أن يستولي بعض القادة العسكـريين على السلطة" .. ولم يقتصر ذلك على الجبهة فقط .. بل أن "أشكول" واجه الجنرال "عيزرا وايزمان" مدير العمليات أثناء عرض الأخير بعض التقارير عليه، حيث فوجئ "أشكول" أن "وايزمان" يقول له "إنني في دهشة من أمرك، فتحت تصرفك أقوى جيش يهودي تجمع منذ أيـام "داود"، وهو لا ينتظر إلا إشارة "داود" منك، ومع ذلك تتردد حتى الآن في إعطائها له" .. ولم يتمالك "أشكول" نفسه، ورد بعصبيـة: "إني مذهول لأن الجنرالات عاجزون تماماً عن رؤية مقتضيات السياسة، وأن أي عمل إسرائيلي لا يمكن تأمين نجاحه العسكري والسياسي وتحقيق نتائجه والاحتفاظ بها، إلا باشتراك الولايات المتحدة الأمريكية والرئيس "جونسون" شخصياً وما يروعه هو أن الجنرالات ليسوا على استعداد لانتظار ساعات كي يحققوا حلم عمرهم الطويل..".
وفي مساء 26 مايو .. وصلت معلومات استخبارية، بأن مصر تجهز لهجوم على إسرائيلي سوف تشنه في ظرف ساعات .. وأبرق "أشكول" فوراً إلى وزير الخارجية الإسرائيلي، الذي كان متواجد في واشنطن لإبلاغ وزير الخارجية الأمريكي بهذه المعلومات .. و نفذ وزير الخارجية ذلك فوراً .. لتبدأ سلسلة من الاتصالات لإيقاف هذا الهجوم.
اتخذت بداية هذه المرحلة الشكل الدرامي، وتدخل الدول الكبرى "لإيقاف شن الهجوم المصري" .. وحقيقة الأمر أن القيادة المصرية كانت قد صدقت على قرارات لخطط تعرضية تنفذ بأوامر، وعرضت على الرئيس "عبدالناصر" في اجتماعه بالقيادات العسكرية يوم 25 مايو، وكان رأيه الذي أبلغه للمشير "عامر" هو عدم تنفيذ هذه الخطط لعدة أسبـاب .. منهـا الموقف السياسي المصري الذي سيكون صعباً إذا بدأنا نحن الطلقة الأولى، وستحصل إسرائيل على دعم مطلق من الولايات المتحدة الأمريكية، التي قد تشترك معها في مواجهة قواتنا، وبالتالي فسوف نحـارب إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية بدلاً من إسرائيل منفردة، والأمر الثاني، هو أن كل الإجراءات حالياً في صالحنا، وإذا كان يمكننا تحقيق أهدافنا بدون حرب، فذلك سيكون أفضل بكثير من المخاطرة بالحرب .. وقد أدى ذلك إلى إصدار المشير "عامر" أوامره بإيقاف تنفيذ العملية التعرضية "أسد"، وفجر.
وعندما تسربت معلومات إلى الجانب الإسرائيلي يوم 26 مايو عما حدث، فقد سارع وزير الخارجية "أبا إيبان" بالاتصال بوزير الخارجية الأمريكي ليطلعه على النوايا المصرية .
وفي الحال، سارعت الولايات المتحدة الأمريكية باتخاذ إجراءات دبلوماسية في محاولة إثناء مصر عن نواياها، حيث تم إخطار السفير المصري في واشنطن بطلب "مناشدة الحكومة الأمريكية التمسك بضبط النفس وتجنب أي أعمال عسكرية .. وأن هذه الأعمال التي لا يتصورون وقوعها ستؤدي إلى نتائج خطيرة جداً .. وتؤكد أن الولايات المتحدة الأمريكية من جانبها تبذل كل جهد من أجل منع إسرائيل من القيام بأعمال عسكرية تجاه مصر .. وأن الرئيس "جونسون" يتابع الأمر بنفسه وأن هذا التبليغ بناء على أوامره ..". ولم تكتفِ واشنطن بذلك، بل اتصلت بالاتحاد السوفيتي تحذره من قيام مصر بالهجوم، وتطلب منه الضغط على مصر لعدم اشتعال الموقف في الشرق الأوسط .. ولم يتوانى الاتحاد السوفيتي في سرعة تنفيذ الضغوط بهذا الشأن، حيث توجه السفير السوفيتي إلى منزل الرئيس "عبدالناصر" الساعة الثالثة إلا عشر دقائق فجر يـوم 28 مايو ليبلغ رسالة عاجلة من "كوسيجين" مضمونها" أن الرئيس "جونسـون" اتصل على الخط السـاخن من البيت الأبيض والكرملين قبل ساعة وأبلغه أن القوات المصرية تـرتب هجوماً على المواقع الإسرائيلية، وأن موعد هذا الهجوم وشيك .. وأنه إذا حدث ذلك، فإن الولايات المتحدة الأمريكية سوف تعتبر نفسها في حل من تعهداتها التي أعطتها للاتحاد السوفيتي بممارسة ضبط النفس، وأنه (أي الرئيس جونسون) لم يشأ أن يضيع وقتاً في ساعات خطيرة يمكن أن تؤثر تأثيراً فادحاً على الموقف .. لهذا استخدم الخط الساخن". وكان رد الرئيس "عبدالناصر": "أن هذه الرسالة ليست مفاجأة"، وتم تبليغ محتواها إلى السفير المصري في واشنطن وأبلغنا بذلك .. واستطرد .. أنه لا بد أن يعرف أن مصر لا تريد الحرب ولا تسعى إليها. ولكن ستدافع عن نفسها إذا هي هوجمت .. وهو واثق أن كل الأطراف الأخرى بما فيها الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل يعرفون حقيقة أنه يريد أن يتجنب الحرب وأن الآخرين هم الذين يريدون الحرب وليس مصر .. وأن الاتحاد السوفيتي عليه أن يحاذر حتى لا يجد نفسه منساقاً وراء ألعاب الآخرين بتأثير إلحاحهم وأصواتهم العالية ..". وفي نفس توقيت تسلم الرئيس رسالة الاتحاد السوفيتي .. كان السفير السوفيتي في تل أبيب، يسلم "أشكول" رسالة مماثلة .. ويطلب تعهداً بألا يقوم أي طرف – بما فيها إسرائيل – بإطلاق الطلقة الأولى .. وكان رد "أشكول" على ذلك .. بأن الطلقة الأولى جرى إطلاقها فعلاً بحصار خليج العقبة". وعلى المستوى الداخلي وفي يوم 26 مايو 1967 (أُنظر وثيقة كلمة الرئيس جمال عبدالناصر في وفد مؤتمر العمال العرب) اجتمع الرئيس "جمال عبدالناصر" مع وفد مؤتمر العمال العرب الذي قدم من دمشق لمقابلته والذي استمر لمدة خمسة عشر دقيقة وكان هذا الاجتماع حافلاً يمس كل أحداث الساعة التي يعيشها العالم العربي وأكد أن مصر لن تتنازل عن حقها في الخليج، والجيش المصري والجيش السوري يقفان الآن جبهة واحدة، وفي الطريق إليها قوات من العراق، ومن الجزائر، ومن الكويت.
في يوم 28 مايو 1967 (أُنظر وثيقة بيان الرئيس جمال عبدالناصر في المؤتمر الصحفي الذي عقده في القاهرة لمراسلي الصحافة العربية والعالمية حول الأزمة الراهنة
تحدث الرئيس جمال "عبدالناصر" إلى العالم في مؤتمره الذي عقده للصحافة العالمية، والذي أعلن فيه، أن القضية هي فلسطين، وأن سحب قوات الطوارئ الدولية، وإغلاق خليج العقبة أمام إسرائيل، مجرد ظواهر للمشكلة الرئيسية في العالم العربي، المشكلة الحقيقية هي العدوان الذي تعرض له شعب فلسطين، ومـا زال مستمر ويتسع تهديده ضد الأمة العربية كلها وفي نهاية الحديث، أجاب على جميع أسئلة الصحافيين.
يوم 29 مايو 1967
تم تعيين السيد "زكريا محيي الدين" نائب رئيس الجمهورية قائداً للدفاع الشعبي، وتحددت "القيادة المشتركة" مقراً له وبدأ يزاول مهامه باجتماع "المجلس الأعلى للمقاومة الشعبية المصرية" لتنظيم الدفاع عن كل شبر من أرض مصر.
ثالثا: اتفاقية الدفاع المشترك المصرية – الأردنية (يوم 30 مايو 1967)
لم تكن المملكة الأردنية بعيدة عن أحداث الشرق الأوسط في تلك المرحلة وكان التقدير أن تصاعد الأزمة سيؤدي حتماً إلى الانفجار، وأن الأردن ستكون أحد الأهداف الإسرائيلية "بدليل أنها كانت الذريعة في فترة ما قبل العدوان الثلاثي .. كما كان العـدوان على قرية (السموع) لم يمض عليه إلا سبعة أشهر فقط" .. وكان الشعب الأردني متأثراً بما يجري من أحداث على الساحة، ويؤيد الموقف القومي العربي بشدة، كما كان وضع الفلسطينيين فـي الضفة لا يغيب عن نظر القيادة الأردنية – إنهم سيكونون أحد الأهداف الإسرائيلية في حربها ا لمنتظرة .. ومن هنا كان قرار الملك "حسين" بالتوجه إلى القاهرة – برغم أن العلاقات لم تكن على المستوى المناسب – ويبحث مع الرئيس "عبدالناصر" الموقف على الجبهات العربية وينسق الموقف الثنائي مع مصر.
وفي الساعة الحادية عشرة والنصف يوم 30 مايو 1967 بدأت اجتماعات القمة المصرية – الأردنية وحضر منها "أحمد الشقيري" رئيس منظمة التحرير الفلسطينية .. وقد تدارس الجميع الموقف وانتهى الاجتماع بتوقيع اتفاقية دفاع مشترك بين مصر والأردن وتم الاتفاق على عدة نقاط أهمها:
1. قبول الأردن لتمركز قوات عراقية على أراضيها، وقد تحدد بحوالي أربعة لواءات، (ولإجراء التنسيق النهائي .. فقد سافر السيد "زكريا محيي الدين" والفريق "عبدالمنعم رياض" إلى بغداد يوم 31/5 بناء على اتصال تم بين الرئيس "عبدالناصر" والرئيس "عبدالرحمن عارف" لتحديد مهام هذه القوة، وأسلوب عملها، وتوقيت وخطوط تحركاتها ألخ.
2. تعيين الفريق "عبدالمنعم رياض" قائداً للجبهة الأردنية (طبقاً لمطلب شخصي من الملك حسين) على أن يتجه فوراً إلى الأردن لمزاولة مهام عمله.
3. التخفيف من قيود عمل المقاومة الفلسطينية من الجبهة الأردنية.
4. مداومة التنسيق بين الجبهتين المصرية والأردنية والسماح بتواجد وسائل إنذار دفاع جوي مصرية تعمل من الأراضي الأردنية.
وقد أثارت هذه الاتفاقية حفيظة إسرائيل، والتي كانت تربط بين العمل العسكري في اتجاه الجبهـة الأردنيـة، مـع ما تقوم به هذه الجبهة لتهديد أمن إسرائيل وقد دفع هذا الاتفاق "ليفي أشكول" إلى سرعة إعلان "حكومة الوحدة الوطنية".
أما الفريق "عبدالمنعم رياض" فقد سافر في يوم 2 يونيه 1967 بوصفه نائباً للمشير "عبدالحكيم عامر"، ومعه 2 كتيبة صاعقة، ومجموعة عمليات صغيرة، وأجهزة رادار دفاع جوي إلى عمان وقام بفتح مركز عمليات رئيسي للجبهة الشرقية.
1. تل أبيب ـ واشنطن
لم تهدأ ثورة الجنرالات في مطالبة رئيس الحكومة بالقرار السياسي للحرب وكانت مطالبهم محددة في ثلاث نقاط رئيسية:
أ. تشكيل وزارة وحدة وطنية تستطيع أن تقود البلاد. (أُنظر جدول تشكيل الحكومة الإسرائيلية، التي أدارت الصراع حتى عام 1967) ب. تعيين الجنرال "ديان" وزيراً للدفاع ليستطيع أن يقود الجيش. ج. صدور قرار سياسي يستطيع جيش الدفاع الإسرائيلي أن يتصرف في إطاره الدستوري والقانوني بأسرع ما يمكن قبل أن تضيع الفرصة ويصبح أمن إسرائيل مكشوفاً أمام الخطر.
وقد نجح الجنرالات في تضييق الحصار على رئيس الوزراء الذي كان يقاوم مطالبهم لسببين: (الأول) سبب شخصي، في أنه يعتبر نفسه هو الذي أعد جيش إسرائيل ووصل به إلى هذه الدرجة من الكفاءة، "بصفته رئيس وزراء، ووزير دفاع في نفس الوقت"، ولا يريد أن يأتي شخص آخر ليحصد ثمار جهوده .. و(الثاني) هو مسؤوليته السياسية في أن يضمن عوامل النصر السياسية وتأييد إسرائيل من الولايات المتحدة الأمريكية، وعلى مستوى الرأي العام العالمي، وتحييد السوفيت في نفس الوقت.
أما الجنرالات – من أجل ضغطهم على رئيس الوزراء – فقد نجحوا في الحصول على تأييد الكنيست واستقطاب وزير الخارجية – "أبا إيبان" – الذي أعلن بعد مرور 48 ساعة من وصوله إلى تل أبيب أنه أعطى المهلة الزمنية التي طلبتها الولايات المتحدة الأمريكية .. وكان تهديد الجنرالات "لأشكول" يحوي تلميح "بانقلاب عسكري" وذلك كان كل ما يخشاه.
وفي النهاية فقد وافق "أشكول" على تأليف حكومة وحدة وطنية ضمت "موشي ديان" وزيراً للدفاع، و"مناحم بيجين" وزير دولة.
ومن الأحداث الهامة تصريح وزير خارجية إسرائيل يوم 23 مايو 1967 بأن إسرائيل مستعدة للانتظار فترة قصيرة لإتاحة الفرص أمام الدول الكبرى لاستئناف الملاحة الحرة في خليج العقبة ولن نصبر إلا أياماً قليلة قبل أن نضطر إلى التضحية والمغامرة بكل شيء في سبيل تحقيق حرية الملاحة في الخليج.
2. اللمسات النهائية لاستكمال الخطة
كان لا بد للجميع أن يطمئنوا إلى حدود التحالف الإسرائيلي – الأمريكي في الحرب المقبلة، وقد قام بهذه المهمة "مائير ياميت" رئيس الموساد الإسرائيلي، الذي سافر إلى أمريكا بالتنسيق مع قيادة الجيش أولاً، ثم نال دعم "ليفي أشكول" رئيس الوزراء عندما علم بهذا السفر. وكانت مهمة "ياميت" غاية في السرية، وأحيطت مقابلاته وتنقلاتـه وإقامته بإجراءات أمن غير عادية وأرسل تقاريره المبدئية إلى إسرائيل، ثم كتب تقريره بعـد عـودته "وهذا التقرير هو الذي غير الموقف، وجعل "ليفي أشكول" يعطي الضوء الأخضر للجنرالات بتحديد خطوات الحرب".
ونسجل بعض النقاط التي وردت في التقرير .. والتي تؤكد منح الولايات المتحدة الأمريكية التأييد المطلق لإسرائيل في شن الحرب ضد مصر:
أ. أن ناصر يريد تحقيق انتصار بغير حرب، وهذه سياسته الواضحة من خلال جميع تصرفاته ولا يحق لنا أو لكم أن نسمح له بذلك. ب. أن "جونسون" سوف يسعده أن تأخذ إسرائيل زمام الأمر في يدها وتبدأ الخطوة الأولى. ج. أن كثيراً في واشنطن "وأولهم "إنجلتون" – مدير وكالة الاستخبارات المركزية" يقولون: ما الذي تنتظره إسرائيل أكثر مما حصلت عليه؟، وكان "إنجلتون" قد أخطر "ياميت" رداً على تساؤل منه – بأن وكالـة الاستخبارات المركزية جاهزة لشحن ثلاثة أسراب من طائرات "سكاي هوك" اشترتها الوكالـة من ميزانيتها، وحصلت على أولوية باستلامها بتصريح استثنائي من "روبرت ماكنمارا" وزير الدفاع، كما أنها – طبقاً لتفاهم سابق – جاهزة باثنين وسبعين طياراً متطوعاً جرى تدريبهم على المستوى اللازم للعمليات.
ج. أن الوكالة رتبت "سربين ميراج" لإسرائيل تم تسليمها قبل أيام عن طريق هولندا مع 62 دبابة من طراز "ليوبارد" الألماني. د. أن كل ما طلبته إسرائيل من ذخائر نقل إليها فعلاً خلال الأسبوعين السابقين على طائرات أمريكية مباشرة من قواعد في ألمانيا الغربية. هـ. رأيه هو أن إسرائيل لديها كل ما تحتاج إليه، وتستطيع أن تبدأ، وتستطيع أن تنتصر، وأنه بحجم الانتصار الذي تحققه – بحجم ما تستطيع أن تضمن تأييد "جونسون" .. وإذا كان الانتصار كبيراً يغطي مساحة واسعة من الاهتمام الأمريكي بحيث يؤثر على "فيتنام" .. فإن إسرائيل تستطيع أن تضمن "جونسون" معهـا إلى النهاية، مهما كان من شأن أهدافها المستقلة. "يقصد أهداف إسرائيل في الضفة الغربية". و. أن الروس ليسوا في وضع يسمح لهم بالتدخل ضد إسرائيل، وإذا تدخلوا بما هو أكثر من البيانـات والإنذارات، فإن الموقف كله سوف يختلف. وحينئذ يصبح موقف الرئيس الأمريكي مبرراً دستورياً ودولياً في أي إجراء يتخذه. ز. في حالة انعقاد مجلس الأمن لبحث الموقف في الشرق الأوسط أعقاب عمل تقوم به إسرائيل، فإن الولايات المتحدة الأمريكية ملتزمة بالآتي: (1) لـن تسمح الولايات المتحدة الأمريكية بأي اتهام يوجه لإسرائيل بأنها البادئة بالعدوان (بما يعني استخدام حق الفيتو الأمريكي ضد أي قرار بإدانة إسرائيل). (2) أي قرار يصدر عن مجلس الأمن بوقف إطلاق النار بعد نشوب عمليات، لا يجب أن ينص كما هي العادة على عودة القوات إلى الخطوط التي كانت عندها قبل بدء العمليات. (3) إن الولايات المتحدة الأمريكية لا يجب أن تدخل في مشاورات أو اتفاقات أو تنسيق للمواقف مع أي طرف من الأطراف، لا في نطاق الأمم المتحدة أو خارجها من دون علم وقبول وموافقة إسرائيل.
رابعاً: الخميس 1 – الأحد 4 يونيه "اللمسات النهائية للحرب"
في الأول من يونيه 1967، اتخذت إسرائيـل قـرار الحـرب .. ويُجمع القادة الإسرائيليون في مذكراتهم على أن اتفاقية الدفاع المشترك المصرية – الأردنية هي التي حسمت اتخاذ القرار، ويقول "شيمون بيريز" في مذكراته "إن السبب الأساسي في الحرب كان الحلف العسكري الذي عقد بين الرئيس "عبدالناصر" والملك حسين .. فقد شعرنا أننا محاطون بشبكة من الأسلحة الروسية وبدأت في نفس اللحظة المرحلة النهائية من التخطيط، وتم وضع المهام الإستراتيجية والتكتيكية، وأسبقيات شن الهجمات المختلفة التي شملتها الخطة التعرضية الإسرائيلية "ضربة صهيون" التي نفذتها إسرائيل في يونيه 1967. وقد شملت الخطة العديد من إجراءات الخداع التي تنفذ مصاحبة لإجراءات الحشد الحقيقي على طول الجبهات.
وفي أوائل هذا الشهر وبينما كانت الدبلوماسية تأخذ مجراها في العواصم العالمية، كان هناك عنصران واضحان بالنسبة للإسرائيليين، وهما "أنهم لن يتعرضوا لضغط أو سخط رئيس الولايات المتحدة الأمريكية مثل ما حدث لهم عام 1956 بل العكس هو الصحيح في أن الولايات المتحدة الأمريكية تؤيد خطوات إسرائيل وتدعمها، والثاني أن الاتحاد السوفيتي لن يتدخل، "ومن المستحيل القول بما إذا كان ذلك مجرد تقدير يتسم بالفطنة من جانب الاستخبارات الإسرائيلية، أو إذا كان هناك في الواقع نوع من التلميح تلقته إسرائيل من "جونسون" بطرق غير رسمية.
وكانت الاستعدادات تتصاعد على الجانبين بفارق كبير، هو أن الجانب الشرقي (إسرائيل) تحدد خطواتها بـأسلوب صحيح وبتخطيط سليم .. بينما كان الجانب الغربي (مصر) تتصف خطواته بالارتباك نتيجة لانفراد المشير "عامر" بالقرار، وإصراره على تصور إستراتيجي واحـد للحرب المقبلة – إذا حدثت.
وفي نفس الوقت كانت الاجتماعات على أعلى المستويات تعقد على كلا جانبي النزاع، ففي القاهرة عقد اجتماع المجلس الأعلى للقوات المسلحة برئاسة الرئيس "عبدالناصر" مساء يوم 2/6/1967 وكان تقدير الرئيس أن احتمال الحرب هو يوم 5 يونيه وأنه يقبل الضربة الأولى، واستيعابها، ثم الرد عليها كذلك كان اجتماع الحكومة الإسرائيلية يوم 4 يونيه، لتنسيق الإجراءات النهائية للحرب وكان هذا الاجتماع هو أخطر اجتماع إسرائيلي في تلك المرحلة.
وما بين العواصم العالمية كانت تتطاير آثار الأزمة فـ (الولايات المتحدة الأمريكية) كانت تضع "تصور إدارة الأزمة، ودورها في مساندة إسرائيل .. وفي (فرنسا) .. كان الرئيس "ديجول" مصراً على عقد مؤتمر رباعي لبحث الموقف.
وفي (الاتحاد السوفيتي)، كان هناك اصطناع أزمة لإمداد مصر بأسلحة مطلوبة على وجه السرعة، وتم تحديد هذه السرعة ليبدأ وصولها يوم 9 يونيه (أي أنها لن تشترك في الحرب). وفي الكويت كان هناك مطلباً أن يعقد مؤتمر قمة عربي، وأرسلت الكويت كتيبة مغاوير للاشتراك المعنوي للجيش الكويتي مع الجيش المصري .. والتي كان مقدراً لها أن تصل بالقطار إلى العريش الساعة السابعة والنصف يوم 5 يونيه .. حيث تستقبل استقبالاً عسكرياً وشعبياً.
أما التنسيق بين الجبهات المختلفة فلم يظهر له أثر فاعل إلا من خلال بداية الأزمة حيث كان التنسيق العسكري المصري – السوري عند زيارة الفريق أول محمد فوزي إلى سورية يوم 14 مايو .. ومع الأردن يوم 30 مايو عند توقيع اتفاقية الدفاع المشترك حيث سافر بعدها الفريق "عبدالمنعم رياض" إلى الأردن يوم 2 يونيه .. وكان الوقت المتيسر لا يسمح بإجراءات تنسيق مناسبة.
وفي البحر الأبيض كانت عشرات القطع البحرية بمختلف أنواعها تقف لمتابعة الموقف، فقد تم تدعيم الأسطول السادس الأمريكي، ووصلت السفينة "ليبرتي" المخصصة للتجسس وفك الشفرات المعقدة، وبدأت تنفيذ مهامها لصالح القرار الأمريكي، كما عبرت قطع بحرية عديدة من الأسطول السوفيتي لتقف في مناطق إستراتيجية في البحر الأبيض تنتظر أوامر القيادة السوفيتية.
ومساء الرابع من يونيه، تلقى الطيارون الإسرائيليون تعليمات الهجوم، في نفس الوقت الذي كان يجري فيه قادة الوحدات البرية على طول الجبهة تنظيم المعركة التي تبدأ صباح اليـوم التالي 5 يونيه 1967 .. تحت الاسم الرمزي "ضربة صهيون" والتي تتلخص في.
1. ضربة رئيسية موجهة ضد مصر.
2. موقف دفاعي بحت أمام سورية برد قواتها إذا تحركت.
3. امتناع عن مهاجمة الأردن إلا إذا بدأت هي بالهجوم "وقد طلب ديان في هذه النقطة ألا تحدث مناقشات.
خامساً: اجتماعات القمة العسكرية
على مستوى القمة العسكرية ومنذ بدأ الحشد في سيناء تمت اجتماعات عسكرية بصورة يومية تقريباً في مكتب المشير "عبدالحكيم عامر" في مقر القيادة بمدينة نصر، بهدف تحضير وتجهيز خطط العمليات المنتظرة في هذا المسرح.
حضر معظم هذه الاجتماعات كل أو بعض قادة الأفرع الرئيسية للقوات المسلحة أو رؤساء أركانهم ورئيس هيئة عمليات القوات المسلحة ومساعدوه وقائد عام الجبهـة أو رئيس أركانه وقائد الجيش الميداني وأعضاء مكتب المشير جميعهم، ورئيس الأركان. يبدأ المشير بتوجيه الحاضرين لأهداف العمليات المتوقعة ويستمع منهم إلى اقتراحاتهم ويوافق عليهـا، أو يعدلها، كما يستمع إلى طلباتهم ذات الأهمية العاجلة من معدات أو تسليح أو معدات إدارية وفنية أو وحدات دعم معاونة لاستكمال قدراتهم القتالية. وفي الاجتماع التالي يحضر القادة ورئيس هيئة عمليات القوات المسلحة خرائط القرارات لخطط الاجتماع السابق للتصديق عليها من المشير ويقوم رئيس هيئة العمليات بإصدار توجيه العمليات الحربية المصادق عليها من المشير ويوزعها على التشكيلات الميدانية للتنفيذ، هكذا كان أسلوب إعداد وتجهيز خطط عمليات معركة يونيه 1967. وقد حضر الرئيس "عبدالناصر" ثلاثة اجتماعات فقط خلال الفترة من 15/5/1967 حتى 4/6/1967، وهذه الاجتماعات هي: 1. اجتماع يوم 25/5/1967 بدأت الساعة الثامنة والنصف مساء وكانت أول مرة يحضر فيها الرئيس، وظل مستمعاً طوال الاجتماع الذي تركزت فيه المناقشة على احتمالات قيام العدو بالعمل ضد قطاع غزة، كذلك على المحور الجنوبي "الكونتلا"، وشرح رئيس هيئة العمليات والقادة الإجراءات العسكـرية التي تمت لتأمين قطاع غزة والمحور الجنوبي. كما عرض قائد الجيش خططه التعرضية ضد القوات الإسرائيلية في النقب الجنوبي، كذلك الخطط التعرضية في المحور الشمالي، ووافق المشير عليها وأمر بزيادة التنسيق والتدريب والتحركات اللازمة لنجاح هذه الخطط التعرضية. وقبل انتهاء الاجتماع أشار الرئيس إلى أهمية قطاع غزة من الناحية السياسية، والمعنوية، خاصة على الشعب الفلسطيني، ثم انفرد الرئيس بالمشير في لقاء مغلق لمدة نصف ساعة عاد بعدها المشير للاجتماع وأصدر قاراً بإلغاء العمليات الجوية الهجومية التي كان قد صادق عليها في نفس اليوم وهي الخطة الجوية "أسد" والمزمع تنفيذها فجر يوم 27/5/1967. 2. اجتماع يوم 28/5/1967 بدأ الساعة التاسعة مساء وتم خلال عرض الموقف العسكري العام في سيناء والمنطقة بالذات خليج العقبة وانتهى الاجتماع الذي ظل الرئيس طواله مستمعاً، وبعد الاجتماع تم لقاء منفرد بين الرئيس والمشير ولم نعـلـم شيئـاً عمـا تم فيه سوى ما صدر بعد ذلك من قرار بتعيين السيد "زكريا محيي الدين" قائداً للدفاع الشعبي ثم طلب المشير الفريق "أنور القاضي" رئيس هيئة عمليات القوات المسلحـة في وقت متأخر من نفس الليلة وأصدر إليه توجيهات جديدة تعدل وتغير التوجيهات السابقة ليكون الدفاع عن سيناء دفاعاً وقائياً، كما ألغى جميع الخطط التعرضية ضد إسرائيل. 3. اجتماع يوم الجمعة 2/6/1967 كان أهم الاجتماعات التي تمت بمكتب المشير "عبدالحكيم عامر"، بالدور، (الطابق) السادس من مبنى القيادة العامة بضاحية مدينة نصر. شهد هذا الاجتماع الرئيس "عبدالناصر" والمشير "عامر"، و"شمس بدران" وقـادة الأفرع الرئيسية وقادة الميدان ورئيس هيئة عمليات القوات المسلحة ورئيس أركـان القوات الجوية، ومديرو مكتب المشير جميعهم ورئيس أركان حرب القوات المسلحة. ونظراً لأهمية هذا الاجتماع، ولأنه سبق بداية المعركة بثلاثة أيام فقط فسنتعرض له بالتفصيل. بدأ الرئيس "عبدالناصر" الحديث محللاً الموقف السياسي العالمي، ثم الموقف السياسي والعسكري داخل إسرائيل.
ثم أشار إلى الرأي العام العالمي وخص بالذكر اتجاه الولايات المتحدة الأمريكية من حيث احتمال تقديمها مساعدة مباشرة لإسرائيل في حالة تعرض أمنها العسكري للخطر.
وأنهى الرئيس حديثه التحليلي بالتأكيد على قيام إسرائيل، بالضربة الأولى الوقائية بعد أن أنهت إجراءاتها الداخلية المعتادة، وأشار في هذا الصدد تجربة 1956، وتوقع أن تبدأ الحرب خلال يومين، أو ثلاثة على الأكثر، أي في يوم 4 أو 5 يونيه، إلا أنه عاد فأكمل حديثه الذي كان أقرب إلى تأكيد إنذاري، بأن إسرائيل ستبدأ هجومها يوم 5 يونيه .
وقد تحول الحديث بعد ذلك إلى تفصيل إجراءات الحرب الوقائية وحتمية قيام إسرائيل بالضربة الأولى، مشيراً أيضاً إلى ما حدث عام 1956، وفي هذه المرة كانت الإشارة في الحديث موجهة إلى الفريق أول "محمد صدقي محمود" قائد القوات الجوية والدفاع الجوي. حول هذه النقطة قام نقاش انحصر في الخسائر المحتملة لقواتنا الجوية وإمكانية توفير القدرة لها. لشن ضربة مضادة، وقد قدر الفريق أول "صدقي محمود" الخسائر المتوقعة لقواتنا الجوية من 15 إلى 20 في المائة، ولكنه قال: إن هذا الإجراء يعني فقد المبادأة من جانبنا، وربما أدى هذا إلى "تكسيح" قواتنا الجوية، وقد نطق الفريق أول "صدقي محمود" "تكسيح" باللغة الإنجليزية.
تطورت المناقشة التي اشترك فيها الرئيس والمشير والفريق أول صدقي محمود إلى استحسان ملاقاة الضربـة الجوية من إسرائيل أولاً، بدلاً من فقد عطف العالم وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية والتي قدر الرئيس "عبدالناصر" احتمال دخولها إلى جانب إسرائيل، في حالة قيامنا نحن بالضربة الأولى، كما أنها ستقوم بتسجيل وفضح اعتدائنا على إسرائيل، وما سيترتب على ذلك من موقف سيئ بالنسبة لنا عالمياً.
وفي آخر المناقشة تم الاتفاق على اتخاذ الإجراءات الوقائية الضرورية في قواتنا الجوية للتقليل من تأثير الضربة الجوية الأولى من إسرائيل، وتوفير القدرة لها لشن ضربة جوية مضادة.
وقد وافق المشير على ذلك مُصدراً أوامره للفريق أول "صدقي محمود" باتخاذ إجراءات تأمين القوات الجوية ضد الضربة الجوية الأولى، خصوصاً وأن واجب قواتنا أصبح دفاعياً بشكل عام وأن خسائر 20 % من الضربة الأولى ونحارب إسرائيل أفضل من أن نبدأ الضربة الأولى ونحارب أمريكا وإسرائيل معاً.
إلا أن المشير لاحظ علامات الضيق على الفريق أول صدقي، فتعمد اختصار الجلسة على ما تم من مناقشة، مما لفت أنظار الحاضرين. فقد كان الجميع ينتظرون دور المشير نفسه في الحديث. لكن الرئيس "عبدالناصـر" أنهى الاجتماع بتأكيده على نية إسرائيل في شن هجومها صباح يوم 5 يونيه وقال إنه يعلـم تماماً الخطوات التي تتخذها إسرائيل داخلياً وخارجياً في مثل هذه الأحداث والظروف متمثلاً بما تم عام 1956. أي مفاجأة عسكرية، وحرب قصيرة المدة ونقل المعركة إلى أرضنا.
بعد الاجتماع مباشرة اتصل المشير تليفونياً بالفريق أول "جمال عفيفي" نائب قائد قوات الدفاع الجـوي والقوات الجوية، وكان جالساً بمكتب الفريق أول "صدقي محمود"، وأخطره بقراره الذي يقضي بتأمين القوات الجوية ضد الضربة الأولى.
وفي صباح اليوم التالي 3/6/1967 حضر الفريق أول صدقي محمود وأخطر المشيـر، بعدم إمكانية التغير الشامل في أوضاع أسراب المقاتلات في سيناء، بإعادة تمركزها، وأخبره بأنه اقتصر على نقل سرب واحد من مطارات سيناء إلى مطار كبريت. وكان الفريق صدقي قد بدأ كلامه عن تخوفه من إعادة الطيارين للخلف مما يؤثر على روحهم المعنوية، ووافق المشير على هذا الرأي بأنه ما زالت هناك فرصة للمراجعة على الطبيعة عند زيارته – أي المشير – إلى سيناء يوم 5/6/1967، وأنه أخطر قائد الجبهة الفريق أول "مرتجى" بهذه الزيارة.
ولأهمية هذا الاجتماع أرى ضرورة تحليل مواقف أطرافه المختلفة، فقد أوضح الرئيس "عبدالناصر" تطورات المعركة المتوقعة، ونية العدو تماماً، كما حدد توقيت وتاريخ بدء المعركة مع إسرائيل، وحدد أن بداية المعركة ستكون بضربة جوية أولى من إسرائيل.
أما المشير "عامر"، فمن خلال مواقفه في الاجتماع تستطيع أن تقول إنه لم يقتنع بتقديرات الرئيس السياسية والعسكرية، كما أنه لم يبالي بالإنذار الصريح من الرئيس بميعاد المعركة وهو 5/6/1967، بدليـل أنه استمر في تنفيذ برنامجه المعتاد، وقيامه بزيارة سيناء في نفس اليوم الذي حدده هذا الإنذار.
وقد كان موقف القادة الحاضرين سلبياً، فهم لم يتلقوا من المشير أي تحذير أو إنذار باحتمال قيام إسرائيل ببدء عملياتها يوم 5/6/1967، بل إن هذا الكلام سمعوه من الرئيس "عبدالناصر" وبالتالي فهم لم يخطـروا أحد بما سمعوه من الرئيس، بل أكثر من ذلك فقد سرت همهمة بعد الاجتماع أعتقد أنها منقولة عن المشير نفسه تقول: "هو يعني كانت تقديراته – أي "عبدالناصر" – سليمة عام 1956"، إذاً فالقادة الحاضرون لم يقتنعوا بموقف الرئيس وتحذيراته، تشبهاً بقائدهم المشير "عبدالحكيم عامر".
وزاد من حدة هذا الموقف وصول ملخص تقرير الاستخبارات الحربية يوم 2/6/1967، عقب الاجتماع مباشرة ويرجح أن إسرائيل لن تقدم على عمل عسكري تعرضي، وأن الصلابة العربية الراهنة، ستجبر العـدو بلا شك على أن يقدر العواقب المختلفة المترتبة على اندلاع شرارة الحرب في المنطقة".
ولعدم اقتناع المشير بتحليلات الرئيس "عبدالناصر"، وتأكيد لموقفه هو، أمر بإعادة طبع هذا التقرير وتوزيعه على القوات بشكل واسع، وبدأ هذا التقرير يصل إلى مستوى الوحدات الفرعية، خلافاً لما كان يحدث لأي تقرير استخباراتي سابق.
حتى نعطي صورة حقيقية عن حالة قيادتنا، ودرجة انشغالها بتلقي توجيهات من المشير ومحاولة تنفيذها، وهي تتكرر – أي التوجيهات – بشكل مستمر يومياً، بما في ذلك التحركات التي لم تنته حتى بدء القتـال، سنتعرض لأحداث مؤتمر قائد الجيش الميداني الذي تم مساء يوم 3/6/1967.
عقد الفريق "صلاح محسن" قائد الجيش الميداني هذا الاجتماع في مقر قيادة الجيش في "ريشات لحمان" قبل بدء المعركة بيومين، وحضره جميع قادة التشكيلات من فرق وألوية مستقلة متمركزة في سيناء.
في هذا الاجتماع وزع قائد الجيش صورة توجيهات نائب القائد الأعلى رقم 24 والتي وصلته في اليوم السابق ثم شرح مهمة كل تشكيل بالنسبة لما جاء في هذه التوجيهات، وقد قام قائد الجيش بتوزيعها كتابة في اليوم التالي على التشكيلات.
كما أبلغ القادة بمواعيد عرض قراراتهم على التوالي وذلك بعد ظهر يوم 4/6/1967، وبسبب تحضير وتجهيز ما يطلب منهم في الاجتماعات اليومية لقائد الجيش، لم يتمكن القادة من مباشرة مهامهم الأصلية في المرور على قواتهم أو جنودهم خلال الأسبوع الأخير من الفتح التعبوي، وهذا هو نفس ما حدث بالنسبة للرؤساء في تشكيلاتهم.
وقد أذاع قائد الجبهة – وهذا قبل المعركة بيوم واحد – نبأ زيارة نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة يوم 5/6/1967، بين الساعة الثامنة والساعة التاسعة صباحاً، وهو الميعاد المنتظر لوصوله إلى مطار "بئر تمادا" وقد حدد في هذا الاجتماع عدد المستقبلين ووظائفهم التي تراوح بين الفريق أول والعميد، وهم 28 قائداً يحضر بعضهم بهليوكوبتر للاستقبال.
واستكمل قائد الجيش خطة مرور المشير، كذلك برنامجه خلال هذه الزيارة بأن قال: "يحضر المشير بعد الاستقبال في المطار، مؤتمر تنظيم التعاون للتشكيلات الميدانية، الذي سيديره قائد الجبهة الفريق أول مرتجى الساعة 12 ظهراً، وهو إجراء يتم لأول مرة "رغم أنه مرحلة ضرورية من إجراءات الفتح التعبوي للقوات" ثم يتوجه المشير بعد ذلك إلى مقره في الميدان.
وفي هذا المؤتمر أيضاً استكمل قائد الجيش تعليماته اليومية، بأن أمر بإجراء ضرب نار فردي للمقاتلين، الذين لم يسبق لهم الضرب، وأعطى تعليمات تدريب للفرق: على الهجوم من العمق ومن الحركة حتى مستوى الكتيبة في ثلاث فرق مشاة.
كما سرد قائد الجيش تعليماته باستقبال القوة الكويتية، التي تصل إلى العريش في وقت مناسب، للاحتفال بها، واستقبالها استقبال الأخوة الأشقاء في السلاح، وحدد قائد الجيش وصولها حوالي الساعة الثامنة صباحاً.
3. اليوم الأخير قبل بدء المعركة
كي تكتمل الصورة لا بد وأن نعرف ماذا حدث في يوم 4/6/1967. فمن الغريب أنه بعد انقضاء واحد وعشرين يوماً على بدء إعلان حالة التعبئة والفتح التعبوي في سيناء، لم يكن الجيش الميداني قد وصل إلى حالة مناسبة في الإعداد، أو الاستعداد سواء للدفاع أو للهجوم.
ففي الصباح وصل اللواء توفيق "عبدالنبي"، وكان ملحقاً عسكرياً في باكستان، كي يتولى منصب قائد الستارة المضادة للدبابات الجديدة، وعند استلامه للقيادة ظهر له أن كتيبة دبابات ثقيلة، وسرية مدفعية ذاتية الحركة، وكتيبة هاون ثقيل لن تصل بعد. وأن 7 دبابات فقط وصلت من كتيبة دبابات أخرى، وأن جميع أفراد الستارة المضادة للدبابات من الاحتياطي غير المدرب مع نقص كبير جداً في المرتبات والأسلحة، والمعدات والأصناف الهندسية لإقامة التجهيزات.
وفي هذا اليوم تم تحرك قيادة فرقة مشاة ولواء مشاة من نخل إلى "الكونتلا".
ولما كان قائد الفرقة 9 المدرعة والمشكلة حديثاً قد وصل يوم 3/6/1967 ولم تكن وحدات الفرقة قد وصلت بعد، فقد أمر قائد الجيش بوضع لواء مدرع لم يستكمل بعد تحت قيادته، وكلفه بالاشتراك مع الفرقة 4 المدرعة بالضربة المضادة.
كما وصلت بعض عناصر اللواء 18 مشاة من اليمن، عدا كتيبة مشاة، وكتيبة مدرعة، وكتيبة مدفعية ميدان، وكتيبـة مضادة للطائرات، واضطر قائد الجيش إلى حجز كتيبة مشاة، وكتيبة هاون من لواء احتياطي، وضمها إلى اللواء 18 مشاة.
وفي الساعة السابعة مساء. اتصل الفريق أول "مرتجى"، بالفريق "صلاح محسن" وأخطره عن ميعاد وصول المشير إلى بئر تمادا حوالي الساعة التاسعة في صباح اليوم التالي، وحدد له خط سير المشير، وهو: قوات الستارة، تنظيم التعاون ثم لواء 18 مشاة، ثم التوجه إلى قيادته في الميدان، كما حددت له عدد المستقبلين من رتبة العميد حتى رتبة الفريق أول، وعددهم 28 قائداً وهو تكرار لما أذاعه في اليوم السابق.
وفي الساعة الحادية عشرة مساء، عقد قائد الجيش الفريق "صلاح محسن" مؤتمره اليومي، وبدأه بالاتصال بالفريق "أنور القاضي" لمعرفة المجهود الجوي المخصص للعملية الدفاعية، والعمليتين الهجوميتيـن "فجر" و"غسق" ثم نظم احتياطي الجيش، وطلب حصر الأسلحة التي لا تتوافر لها ذخيرة، ووعد بإحضارها ثم دبر النقص الموجود في ضباط اللواء 18 مشاة.
كما ظهر أن كتائب النقل ينقصها 300 سائق، وبدراسة موقف المواصلات الخطية اكتشف نقصها في الخط المباشر بين قيادة الجيش وبين القوات المتمركزة على المحور الجنوبي، وأصدر أوامره بأن يتم تدبير ذلك قبل يوم 8/6/1967.
وفي ذلك اليوم تم نقل 16 جهازاً لاسلكياً تخص لواء مشاة احتياطي كان في القرش غرب القناة إلى الستارة المضادة للدبابات التي لا تملك أي جهاز لاسلكي.
كما تمت تحركات كثيرة من وحدات مضادة للطائرات زودت بتعليمات حديثة إلى مطارات سيناء، وإلى محطات الرادار في سيناء، والتي كانت مفتقرة إلى هذا العنصر، وجاءت هذه العناصر من وحداتها الأصلية في المناطق العسكرية الأخرى، أو من المطارات الداخلية في غرب القناة أو الدلتا أو المنطقة المركزية.
وتم إصدار تعليمات تنظيم عملية استقبال كتيبة المغاوير الكويتية التي ستصل في اليوم التالي بالقطـار إلى العريش، مع التنسيق في مواعيد وقوف قطارها كي تتم حفاوة واستقبال جيدين، وهو اهتمام زائد على أعلى مستوى ميداني.
وفي النهاية نظم قائد الجيش أيضاً التحركات التي ستتم في اليوم التالي أي يوم 5/6/1967، وهي لا تقل في حجمها وكثافتها عن أي تحركات تمت في ذلك اليوم أو الأيام السابقة.
أما عن القوات الجوية، فقد أقامت الشؤون العامة للقوات الجوية، حفلاً ترفيهياً للقوات الجوية والدفاع الجوي المتمركزة في منطقة أنشاص. وكانت التعليمات لإقامة هذا الحفل قاصرة على الشاي والموسيقى، ولكن أموراً أخرى خافية حولت هذا الحفل البريء إلى حفل ساهر امتد إلى ساعة متأخرة من الليل الأمر الذي جعل الإشاعات المغرضة والأكاذيب، تأخذ الفرصة في التشنيع والافتراء على القوات الجوية وقياداتها.