منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers

(إسلامي.. ثقافي.. اجتماعي.. إعلامي.. علمي.. تاريخي.. دعوي.. تربوي.. طبي.. رياضي.. أدبي..)
 
الرئيسيةالأحداثأحدث الصورالتسجيل
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

IZHAR UL-HAQ

(Truth Revealed) By: Rahmatullah Kairanvi
قال الفيلسوف توماس كارليل في كتابه الأبطال عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لقد أصبح من أكبر العار على أي فرد مُتمدين من أبناء هذا العصر؛ أن يُصْغِي إلى ما يظن من أنَّ دِينَ الإسلام كَذِبٌ، وأنَّ مُحَمَّداً -صلى الله عليه وسلم- خَدَّاعٌ مُزُوِّرٌ، وآنَ لنا أنْ نُحارب ما يُشَاعُ من مثل هذه الأقوال السَّخيفة المُخْجِلَةِ؛ فإنَّ الرِّسَالة التي أدَّاهَا ذلك الرَّسُولُ ما زالت السِّراج المُنير مُدَّةَ اثني عشر قرناً، لنحو مائتي مليون من الناس أمثالنا، خلقهم اللهُ الذي خلقنا، (وقت كتابة الفيلسوف توماس كارليل لهذا الكتاب)، إقرأ بقية كتاب الفيلسوف توماس كارليل عن سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-، على هذا الرابط: محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم-.

يقول المستشرق الإسباني جان ليك في كتاب (العرب): "لا يمكن أن توصف حياة محمد بأحسن مما وصفها الله بقوله: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِين) فكان محمدٌ رحمة حقيقية، وإني أصلي عليه بلهفة وشوق".
فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ على سائر البُلدان، كما فَضَّلَ بعض الناس على بعض والأيام والليالي بعضها على بعض، والفضلُ على ضربين: في دِينٍ أو دُنْيَا، أو فيهما جميعاً، وقد فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ وشَهِدَ لها في كتابهِ بالكَرَمِ وعِظَم المَنزلة وذَكَرَهَا باسمها وخَصَّهَا دُونَ غيرها، وكَرَّرَ ذِكْرَهَا، وأبَانَ فضلها في آياتٍ تُتْلَى من القرآن العظيم.
المهندس حسن فتحي فيلسوف العمارة ومهندس الفقراء: هو معماري مصري بارز، من مواليد مدينة الأسكندرية، وتخرَّجَ من المُهندس خانة بجامعة فؤاد الأول، اشْتُهِرَ بطرازهِ المعماري الفريد الذي استمَدَّ مَصَادِرَهُ مِنَ العِمَارَةِ الريفية النوبية المَبنية بالطوب اللبن، ومن البيوت والقصور بالقاهرة القديمة في العصرين المملوكي والعُثماني.
رُبَّ ضَارَّةٍ نَافِعَةٍ.. فوائدُ فيروس كورونا غير المتوقعة للبشرية أنَّه لم يكن يَخطرُ على بال أحَدِنَا منذ أن ظهر وباء فيروس كورونا المُستجد، أنْ يكونَ لهذه الجائحة فوائدُ وإيجابيات ملموسة أفادَت كوكب الأرض.. فكيف حدث ذلك؟!...
تخليص الإبريز في تلخيص باريز: هو الكتاب الذي ألّفَهُ الشيخ "رفاعة رافع الطهطاوي" رائد التنوير في العصر الحديث كما يُلَقَّب، ويُمَثِّلُ هذا الكتاب علامة بارزة من علامات التاريخ الثقافي المصري والعربي الحديث.
الشيخ علي الجرجاوي (رحمه الله) قَامَ برحلةٍ إلى اليابان العام 1906م لحُضُورِ مؤتمر الأديان بطوكيو، الذي دعا إليه الإمبراطور الياباني عُلَمَاءَ الأديان لعرض عقائد دينهم على الشعب الياباني، وقد أنفق على رحلته الشَّاقَّةِ من مَالِهِ الخاص، وكان رُكُوبُ البحر وسيلته؛ مِمَّا أتَاحَ لَهُ مُشَاهَدَةَ العَدِيدِ مِنَ المُدُنِ السَّاحِلِيَّةِ في أنحاء العالم، ويُعَدُّ أوَّلَ دَاعِيَةٍ للإسلام في بلاد اليابان في العصر الحديث.

أحْـلامٌ مِـنْ أبِـي (باراك أوباما) ***

 

 المبحث السادس

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52561
العمر : 72

المبحث السادس Empty
مُساهمةموضوع: المبحث السادس   المبحث السادس Emptyالأربعاء 08 يونيو 2011, 3:58 am

المبحث السادس
القتال على الجبهة الأردنية
5 ـ 8 يونيه 1967


[/color]ولم يكن مصير الأردن وسورية أفضل حظاً وهما اللذان وقفا إلى جانب "عبدالناصر". ففي 30 مايو كان "الملك حسين" قد طار إلى مصر لتوقيع معاهدة عسكرية يوضع بمقتضاها الجيش الأردني كله تحت القيادة المصرية. وأعلن "عبدالناصر"، على الملأ، بعد توقيع الاتفاق، الهدف العدواني منه، إذ قال: هذه مرحلة العمل الجاد وليس التصريحات. فمن الآن فصاعداً سوف نعمل مع الأردن يداً واحدة. وسوف تؤدى هذه المعاهدة إلى توحيد القوات المسلحة للأردن ومصر وبذلك سنكون جميعاً على خطوط المواجهة.

ولقد بدأت المعارك على الجبهة الأردنية أولاً اعتباراً من يوم الخامس من يونيه، واستمرت حتى التاسع من يونيه، حيث سيذكر التاريخ، يوم الأربعاء السابع من يونيه 1967 على أنه أحد الأيام العظيمة في التاريخ اليهودي: أنه اليوم الذي تحررت فيه البلدة القديمة للقدس، وعاد جبل المعبد ، والحائط الغربي "حائط المبكى" لليهود.

أما المعارك على الجبهة السورية، فقد بدأت بشكل جدي اعتباراً من التاسع من يونيه، وبعد الانتهاء من القتال على الجبهتين المصرية والأردنية. وقد تم الاستيلاء خلال يوم واحد على مرتفعات الجولان. وربما كانت تلك العملية أكثر صعوبة من عملية فتح البلدة القديمة، القدس، والمناطق المحيطة بها.

أولاً: الحرب على الجبهة الأردنية

وفي أعقاب الضربة الجوية الإسرائيلية ضد القواعد الجوية المصرية صباح الاثنين 5 من يونيه، بعثت إسرائيل برسالة إلى "الملك حسين" ملك الأردن تنصحه بالامتناع عن أي أعمال عدوانية ضدنا حتى لا يصيبه أي ضرر. وقد أرسلت الرسالة إليه عن طريق قائد هيئة الرقابة على الهدنة الجنرال "أودبول" النرويجى، ولم نتلق رد حسين إلا بعد الساعة الحادية عشرة صباحا، وجاء فيه أنه حيث أننا قمنا بمهاجمة مصر فإن الرد الأردني سيصلنا عن طريق الجو. وبعد فترة وجيزة أقلعت الطائرات العسكرية الأردنية من طراز هنتر متجهة نحو أهداف في إسرائيل.

ثانياً: الطبيعة الجغرافية لمسرح العمليات الأردني وأوضاع القوات

كانت الحرب مع الأردن تدور في منطقة تختلف من حيث طبيعتها عن سيناء وعلى عواصم ومدن لها دلالات دينية وتاريخية عن اليهود والمسلمين والمسيحيين والضفة الغربية تتكون من هضبة جبلة مركزية تمتد من الشمال للجنوب ويوجد شرقها منحدر يؤدى إلى نهر الأردن حيث جنوبه يوجد البحر الميت وهنا نجد طرق قليلة تسمح بالمرور من الضفة الغربية للنهر في اتجاه ساحل البحر المتوسط والطبيعة الجبلية للمنطقة تجعل من الصعب على الجيش أن يواجه مقاومة ذات تصميم والى الغرب من هذه الهضبة نجد السهل الخصب الآهل بالسكان حيث تسيطر الأردن على ما لا يزيد عن 8 إلى 10 ميل من الساحل في النقطة التي يبدأ عندها السهل الساحلي في الارتفاع التدريجي في اتجاه الهضبة المركزية.

والمرور خلال وعبر هذه المنطقة الغربية سهل نسبياً بينما يمكن لمرابض المدفعية على التلال والهضبات من تغطية المناطق الساحلية المواجهة والقرى ومراكز التجمع السكانى مثل ناتانيا وهيرزليا وتل أبيب. وبعد ذلك جنوباً توجد منطقة جبلية ضمن المناطق الإسرائيلية تطل على منطقة أردنية هي - ممر القدس - هذا الممر المحاط بمرتفعات محصنة بواسطة الأردنيين.

وكانت مواقع الجيش الأردني تتمركز في قطاعين دفاعيين رئيسيين القطاع الشمالي ويشمل منطقة سماريا وبه المدن الرئيسية نابلس وطولكرم وجنين والقطاع الجنوبي على منطقة أرض الميعاد الممتدة على طول العمود الفقري لتلال يهوذا جنوب رام الله خلال القدس وحيرون وتنتشر العناصر المتقدمة من القوات في كلا المنطقتين على امتداد الشريط الساحلي المؤدى إلى الخط الأوسط لإسرائيل.

ثالثاً: تكوين الجيش الأردني "القوة المضادة"

يتكون الجيش الأردني من ثمانية ألوية مشاه ولوائين مدرعين بقيادة المشير "حابس المجالي" القائد العام وكان اللواء "محمد أحمد سالم" هو القائد العربي للجبهة الغربية وقد فتح قواته كالآتي:
1. 6 الوية، مشاه تدافع عن الضفة الغربية تتمركز في قطاع سماريا.
2. لوائين في قطاع القدس والسادس في جبال حبرون جنوب بيت لحم وقد تم فتح لواء مشاه قرب جيركو غرب نهر الأردن مباشرة.
3. تمركزت القوة الضاربة المتحركة في الجيش الأردني والممثلة في اللوائين 40، 60 المدرعين في المنطقة الخلفية من وادي الأردن وكان اللواء 40 مدرع بقيادة العميد أركان "غاد الجازى" ومسؤول عن المنطقة الشمالية من الضفة الغربية واللواء 60 مدرع بقيادة اللواء "الشريف زيد بن شاكر" وتم توجيهه باتجاه القدس والمنطقة جنوبها العميد بن شاكر كان واحداً من الضباط البارزين في الجيش الأردني وله تقديره الكبير عند ابن عمه "الملك حسين" وقد أصبح في الأعوام التالية رئيساً لأركان القوات المسلحة الأردنية.

وتم وضع بطاريات المدفعية بعيدة المدى 155مم لتغطى تل أبيب في الجنوب وقاعدة رامات دافيد الجوية في الشمال وعندما قام عبدالناصر بتحريك فرقة داخل سيناء ووقع اتفاقاً مع "الملك حسين" قام الأردنيين بتقديم مدفعيتهم إلى الهضبات التي تغطى المدن الساحلية والقدس وأعدوا قواتهم المدرعة في وادي الأردن بتمركز لواء بالقرب من جيركو والآخر بالقرب من جسر داميا في الشمال مع كتيبة في منطقة نابلس.

وبالإضافة إلى 270 دبابة و 150 مدفع من الأردن كان يوجد لواء مشاة عراقي يتمركز في الأردن وقد زاد الدعم العراقي خلال أسبوع إلى ثلاثة الوية مشاة ولواء مدرع.

وكان "الملك حسين" قد وافق قبل ذلك على ترشيح الفريق "عبدالمنعم رياض" قائداً عاماً لقواته وكان إجراؤه محاطاً بالتردد لأنه لم يكن متأكداً من حكمة الخطوة التي يشرف على اتخاذها وقد ظهر تردده هذا في العديد من الحوادث أثناء سير المعارك وقد تغلب "الملك حسين" على هذه الشكوك بسبب تأكيد الرئيس "عبدالناصر" في مكالمة تليفونية في صباح 5 يونيه بأن أهداف القوات الجوية الإسرائيلية قد تم إسقاطها (وكانت في تلك اللحظة وبدون علم "عبدالناصر" قد تم تدمير القوات الجوية المصرية) وأن القوات المدرعة المصرية تنطلق عبر صحراء النقب بغرض الانضمام للقوات الأردنية في تلال حبرون فأمر "الملك حسين" قواته المسلحة بالهجوم.

وكان يواجه هذه القوات عناصر من قيادتين في قوات الدفاع الإسرائيلي: القيادة المركزية بقيادة اللواء "عوزي نركيس" وتحت قيادته اللواء 16 (لواء القدس) بالمدينة بقيادة العقيد "العازر أمينات" ولواء مشاه احتياطي بالقرب من اللد بقيادة العقيد "موشى بوتفات" ولواء مشاه احتياطي بقيادة العقيد "زيف شاحام" بمنطقة ناتانيا. والقيادة الشمالية بقيادة "دافيد اليعازر" وتحت قيادته سبعة لواءات وكانت مسؤولة عن الحدود مع ثلاثة دول هي سورية والأردن ولبنان وهذا الانتشار بلواء لتغطية الحدود الأردنية ولوائين منتشرين في الجبال الشرقية في مواجهة سورية ولواء في مواجهة سماريا في منطقة الناصرة.

ولواء مدرع في الاحتياطي في اتجاه الجبهة السورية بينما توجد فرقة مدرعة بقيادة اللواء "بيليد" تتكون من اثنين لواء مدرع تعمل في الاحتياطي في الجبل الأوسط ولواء ميكانيكي هارتيل في الاحتياطي العام بقيادة العقيد "يورى بن آري" والذي قاد اللواء السابع المدرع بنجاح في حرب 56 في حملة سيناء وجزء من اللواء 55 مظلي بقيادة العقيد "موردخاي موتاجر" والذي كان جاهزاً للإسقاط الجوي ضد العريش وشرم الشيخ.

رابعاً: سير العمليات على الجبهة الأردنية
(اُنظر خريطة العمليات على الجبهة الأردنية)


في الساعة 1100 يوم 5 يونيه أعقبت الأردن قصفها الجوي بعملية قصف بالمدفعية للجزء اليهودي من القدس وغيره من المراكز الإسرائيلية بالإضافة إلى مطارنا الدولي في اللد. وتلقينا مكالمة تليفونية في الساعة الواحدة والدقيقة الخامسة والخمسين بعد الظهر من الجنرال "بول" تقول: إن الجيش الأردني استولى على مقر قيادته عند المشارف الجنوبية للقدس بين الخطوط الإسرائيلية والأردنية. وأن وحدة من الفيلق العربي دخلت المنطقة المنزوعة السلاح، وسيطرت على الموقع التابع للأمم المتحدة.

ولم يعد أمامنا خيار حينئذ سوى الاشتباك في حرب شاملة مع الأردن مهما كانت درجة إحجامنا عن تحويل مواردنا من المعركة الدائرة في سيناء. وبسرعة رد طيراننا على الهجوم الجوي، وخلال ساعات قليلة تم القضاء على سلاح الطيران الأردني تماماً. وتلقى الميجور جنرال "عوزى ناركيس" ، قائد عام القيادة الوسطى الإذن باستعادة مبنى هيئة الرقابة على الهدنة التابعة للأمم المتحدة، ثم الاستيلاء على قرية عيرون وهي قرية عربية، تعزل الجزء العربي من القدس عن بيت لحم والخليل. وقام بعد ذلك عدد من الوحدات التابعة لقيادتنا الشمالية باختراق الخطوط الأردنية في الشمال ودخلوا السامرة واستولوا على عدة مواقع متقدمة تابعة للفيلق العربي.

وبذلك أصبح من الضروري استمرار المعركة في هذه الجبهة بكامل قواتها، وكان هدفها الرئيسي بالطبع، سواء من الناحية الجغرافية أو السياسية هو مدينة القدس المنقسمة إلى نصف عربي وآخر يهودي منذ سنة 1948، مع وجود الجزء القديم للمدينة تحت أيدي العرب. وتم استدعاء لواء مدرع احتياطي بقيادة الكولونيل "يوري بن آري" إلى نقطة تبعد عشرة أميال غرب القدس. وصدرت الأوامر إلى لواء مظلي بقيادة الكولونيل موتاجور، كان ينتظر بالقرب من أحد المطارات الجوية ليستقل الطائرات للقيام بعملية إسقاط في سيناء بالاتجاه إلى القدس بدلاً من ذلك.

يقول "موشى ديان": وبينما كانت هذه الوحدات تتحرك، كنت أنا نفسي في طريقي إلى القدس للقيام بمهمة دستورية. فقد كان تعييني منذ أربعة أيام في منصب وزير الدفاع يتطلب موافقة رسمية من الكنيست، وكان عليّ أن أذهب إلى القدس لأداء اليمين من فوق المنصة أثناء انعقاد الجلسة البرلمانية.

وكانت الجلسة ستعقد بعد ظهر ذلك اليوم. ولكن عندما وصلت إلى الكنيست كان القطاع اليهودي للقدس يتعرض للقصف، وكان الجميع موجودين في المخبأ. وانتظرت بعض الوقت، حتى نفد صبري، فعدت إلى مقر القيادة العامة وأخطرت في المساء بأن الكنيست انعقد فيما بعد ووافق على التعيينات الوزارية الجديدة، وأنه يمكنني أداء اليمين في الوقت الملائم بعد الحرب. وكان الأعضاء الوحيدون الذين عارضوا هذه التعيينات هم الأعضاء الشيوعيين الأربعة في الكنيست. وقد صاح أحدهم، وهو "توفيق طوبي"، وهو عربي، بعد إعلان نتائج التصويت، قائلاً "أن هذا يعني أن أربعة أعضاء يحبذون السلام ويشجبون الحرب" ! وكان عليه أن يصرح بصوت مرتفع حتى يعلو فوق صوت انفجار قذائف المدفعية الأردنية !.

وبينما كان الكنيست مجتمعاً كان لواء ابن آري يخترق المواقع الأردنية فوق التلال غربي القدس. وواصل اللواء تقدمه طول الليل وشق طريقه بالقتال ليصل إلى القدس من جهة الشمال ووصل إلى مسافة قريبة من الجيب الإسرائيلي فوق جبل المكبر الذي يطل على المدينة القديمة وذلك ظهر اليوم التالي، 6 من يونيه. وهناك التقى بالبقية الباقية على قيد الحياة من إحدى كتائب المظلات التي كانت قد شقت طريقها بالقتال متكبدة خسائر فادحة لتفتح الطريق إلى جبل المكبر، الذي كان يمر بضواحي عربية، وقد أعادت الاتصال بينه وبين القطاع اليهودي من القدس.

أما قوات المظليين بقيادة "موتاجور" فقد دخلت المعركة في الساعة الثانية والنصف صباح يوم 6 من يونيه، من غير أن ينفسح أمامها الوقت لإجراء عملية استطلاع دقيقة بسبب عملية التغيير السريع للمهمة التي كانت مكلفة بها. وكانت أول مهمة أسندت إليها هي شق الطريق إلى قمة جبل المكبر وجبل الزيتون، وكان عليها، تحقيقاً لذلك، أن تشن هجوماً مواجهاً على حرم مدرسة الشرطة الأردنية، الذي كان قد تحول إلى قلعة داخل الخط الذي يفصل بين حي عربي وآخر يهودي، وعلى إحدى التحصينات المنيعة المعروفة بجبل الذخيرة.

قامت سرية الهجوم المتقدمة، وعلى رأسها الضباط باقتحام مدرسة الشرطة تحت نيران مهلكة. وقامت القوات المهاجمة التي كانت تتكبد خسائر كل دقيقة بشق طريقها خلال أربعة أسوار حتى وصلت إلى الخنادق الخارجية وطهرتها في قتال متلاحم واستولت على هدفها.

وأسرعت بدون توقف نحو جبل الذخيرة، تتبعها وحدات أخرى من الكتيبة، وتقدمت نحو هذا الحصن. وكان يضم بالإضافة إلى الدشم ومزاغل مدافع الماكينة، أربعين موقعاً للمدافع تحميها هي الأخرى جدران متينة من الحجر. وكانت المدافع مسددة إلى كل المداخل المحتملة، وكانت كل خطوة إلى الأمام يصحبها إراقة للدماء، ولكن رجالنا يواصلون طريقهم وهو يقاتلون في الدشم، وأوكار المدافع والخنادق. وتم الاستيلاء على آخر موقع للعدو في الساعة السادسة والربع صباح 6 من يونيه.

وكانت معركة جبل الذخيرة هي أعنف معركة ضد الأردنيين، وقد اشترك فيها أحسن مقاتلي قوات الدفاع الإسرائيلي، ولقي واحد وعشرون جنديا مصرعهم خلالها. وأصيب أكثر من نصف الجنود بجراح ومعظمهم من الضباط الذين خاضوا معركة جبل الذخيرة.

وكانت الصعوبة التي تم بها الاستيلاء على الأهداف، هي الثمن الغالي الذي دفعه رجالنا والبطولة التي أبداها كل فرد مقاتل، وهي التي خلدت ذكر هذه المعركة وأفردت لها مكانا بارزاً في سجلات تاريخ العسكرية الإسرائيلية.

وقد قال لي "عوزي ناركيس"، عندما وصلت إلى جبل المكبر بعد ذلك بوقت قصير، أن قوات المظليين ستشن مساء اليوم نفسه هجوماً على مبنى أوجستا فيكتوريا، الواقع بين جبل المكبر وجبل الزيتون حتى يصلوا إلى الطريق المؤدى إلى أريحا لعزل القدس عن الشرق. ولكن نتيجة لعدد من الأخطاء، التي أسفرت عن إصابتنا بخسائر فادحة، اضطررنا إلى تأجيل الهجوم إلى اليوم التالي، لنجد أن الوحدة الأردنية انسحبت وفرت عبر نهر الأردن. وباحتلالنا لمبنى أوجستا فيكتوريا صباح الأربعاء 7 من يونيه، وسيطرتنا على طريق أريحا، تمت عملية تطويق القدس.

وأصدر "موتاجور" قائد اللواء، وهو يقف في الساحة الواقعة أمام فندق انتركونتينيننتال فوق جبل الزيتون أوامره إلى قادة الكتائب التابعة له بالتقدم نحو بوابة الأسد ودخول القدس القديمة. وتدفقت القوات عبر البوابة وانحرفت يساراً إلى جبل الهيكل ومن هناك إلى الحائط الغربي.

وبينما كانت هذه القوات تدخل القدس القديمة من الشرق كان لواء القدس بقيادة "اليعازر آميتاي" على وشك دخولها من الجنوب. وتمكنت قواته من الدخول بعد ذلك بنصف ساعة بعد أن استولت على عدة مواقع عربية وظهرت حقول الألغام بين جبل صهيون وكنيسة بطرس في جاليكانتو. وبعد ذلك بفترة قصيرة دخلت القدس المحررة وقمت بزيارة الحائط الغربي.

أما تفاصيل المعارك لحصار القدس، فقد تمت بالتسلسل الآتي:
(اُنظر شكل معركة القدس)

عقب بداية القصف المدفعي الأردني فقد أمر "نركيس" المدفعية الإسرائيلية بالرد على القصف وأرسل قوة من لواء القدس (لواء 16) لطرد الأردنيين من لواء حطين من مقر الحكومة حيث مشطت وحدات من اللواء 16 المنطقة وحررت أفراد الأمم المتحدة الذين تم عزلهم داخل المبنى واستمرت القوة الدافعة للهجوم في اتجاه قرية (زور بحر الواقعة) بجانب الطريق الرئيسي حبرون ـ القدس والذي يربط بين تلال حبرون ومنطقة حبرون مع باقي المملكة الأردنية وبها لم يجد الأردنيون في حبرون سوى الطرق الثانوية والمدقات الجبلية للتحرك عليها لمنطقة القدس وإلى إنماء الضفة الغربية الأخرى وبهذا كان عازلاً لتلال حبرون والتي كانت بمثابة الأرض التي كانت تنطلق منها القوات الأردنية في اتجاه بير سبع والنقب بهدف الاتصال بالقوات المصرية والمفترض تقدمها حالياً خلال صحراء النقب.

1. اللواء العاشر المشاة "لواء القدس

ومع تعرض مطار رامات دافيد ووسط مدينة تل أبيب للمدفعية الأردنية بعيدة المدى فقد صدرت الأوامر من رئيس الأركان الإسرائيلي إلى الجنرال "نركيس" للتحول للهجوم وكجزء من الخطة تم عزل القدس من التجمعات الرئيسية للجيش الأردني الموجود بالشمال وصدرت الأوامر للعقيد "بن آري" قائد اللواء العاشر الميكانيكى (هارتيل) للتحرك لممر القدس لاختراق الخطوط الأردنية بمنطقة "مصال هاحميشا" والاستيلاء على قمة الجبل والطريق الموصل بين القدس ورام الله وتعتبر هذه المنطقة مفتاح السيطرة على تلال يهوذا والقدس لأنها تسيطر على الطريق الهابط إلى جريكو وتسيطر على جميع طرق الأقاليم إلى المدينة (هذه المنطقة كانت الهدف الأول الذي احتله "جواشوا" وذلك بعد عبوره نهر الأردن خلال حملته للاستيلاء على تلال يهوذا، كما كانت المنطقة التي استولى عليها الجنرال اللنبي أولاً وانطلق منها للاستيلاء على القدس وذلك بواسطة الفرقة 90 البريطانية خلال الحرب العالمية الأولى). وتقدم اللواء "هارتيل" تحت قيادة بن آري الذي سبق قيادة اللواء السابع المدرع بنجاح عام 1956 ـ في اتجاه القطاع المركزي الواقع بين ثلاثة جبال مجاورة لممر القدس بمنطقة معالي حاميشا تل الرادار

والشيخ عبدالعزيز وبيت اكسا وحقيقة فقد عاد العقيد "بن آري" للقتال مرة ثانية على أرض مألوفة لديه "حيث قاتل كقائد سرية في قوات البالماخ في هذه المنطقة بشمال ممر القدس وذلك عام 1948 وفي هذا الوقت استولى الفيلق العربي في قتال شرس على الرادار ذات الموقع الإستراتيجي ولم يكن استعادته بالرغم من قيام "بن آري" بخمس هجمات مضادة وظل في يد العرب لمدة تسعة عشر عاماً ومسيطراً على طريق القدس إلى الساحل بواسطة الفيلق العربي".

واختار "بن آري" المنطقة الجبلية الصعبة التي يحتلها الفيلق العربي في مواقع محصنة يغطى بها كل طرق الاقتراب وصعدت قوات "بن آري" طريق القدس الرئيسي من الساحل وذلك بدون توقف ثم اتجه شمالاً على امتداد الثلاثة محاور المتوازية واندفع لمهاجمة مواقع الفيلق وقد قامت الدبابات بإسكات دشم الحرب بالنيران المنشنة وقامت قوات المهندسين المدرعة والمشاة بالتغلب عليها وقد بدأت هذه العملية بعد ظهر يوم 5 يونيه وعند منتصف الليل وبعد قتال عنيف تم الاختراق وبصباح يوم 6 يونيه تمكن اللواء بقيادة "بن آري" من السيطرة على القمة الإستراتيجية (في مواجهة تل الغول المشرف على القدس والتي يوجد عليها قصر "الملك حسين" في مرحلة إنشائه)

واصبح اللواء يسيطر على منطقة الطرق المؤدية إلى جيركو (أريحا) في الشرق واللطرون في الغرب ورام الله في الشمال والقدس في الجنوب وأثناء هذه العملية وبالتوازي معها قامت وحدات اللواء "موتقات" المشاة الذي من منطقة اللد باحتلال اللطرون لاصطياد الفدائيون المصريون الذين بدأ العمل من المنطقة ضد الأهداف الإسرائيلية. وهكذا ولأول مرة وبعد العديد من المعارك الدموية التي فشلت في حرب الاستقلال أصبحت اللطرون في أيدي الإسرائيليين كما أصبح أيضاً طريق رام الله اللطرون تحت سيطرة إسرائيل.

والحقيقة أن "الملك حسين" كان ضحية ليس فقط لاندفاعه، ولكنه أيضاً للأنباء الزائفة من حلفائه العرب وكان قد استقبل هذه الأنباء والتي دعمها تبليغ المشير "عبدالحكيم عامر" والفريق "عبدالمنعم رياض" الموجود بالأردن بأن 70% من القوة الجوية الإسرائيلية قد تم تدميرها وكذلك بلاغ "عبدالناصر" له بأن الهجوم الإسرائيلي قد فشل وأن هناك تقدماً مصرياً عبر صحراء النقب في اتجاه تل حبرون،

وقد خدعه أيضاً السوريون كما وصف ذلك بنفسه في مذكراته عن الحرب حيث أن السوريون لم يرسلوا أي قوات لتدعيمه بالرغم من وعودهم له بذلك منذ أكثر من أسبوع متعللين بأن القوات الجوية لم تكن قد استعدت بعد لبدء عملياتها وقد أبلغه العراقيون أنهم بدأوا الهجوم بالفعل وأنهم قصفوا تل أبيب وأحدثوا بها خسائر جسيمة وكان ذلك ادعاء زائف تماماً وعلى هذا شن "الملك حسين" هجوماً جوياً غير ناجح على إسرائيل وهنا حولت القوات الجوية الإسرائيلية جهودها إلى القوات الجوية الأردنية وذلك بعد أن انقضت على القوات الجوية المصرية، وكان لدى الأردن حوالي اثنين وعشرون طائرة هيكر هنتر تم تدميرها جميعاً وأصبح الأردن بدون معاونة جوية في قتاله التالي.

وقد سمح ذلك للقوات الجوية الإسرائيلية لتركيز جهودها على تنفيذ مهام المعاونة الأرضية فخصصت هجماتها على المناطق المجاورة للقدس وكانت ضرباتها موجهة للاحتياطيات الأردنية في ميدان القتال وكذلك مع القوات المتقدمة على طريق أريحا القدس وحرمانها من دعم الوحدات الأردنية التي تقاتل في القدس وقد أرغمت القوات الجوية الإسرائيلية قيادة الضفة الغربية الأردنية على الانسحاب إلى شرق نهر الأردن ومن ثم أصبح طريق أريحا القدس مكتظ بدبابات اللواء 60 الأردني والتي حاولت بلا فائدة التحرك إلى منطقة القدس.

أو تعتبر هذه البقعة أقل مناطق العالم كثافة سكانية، فالطبيعة لطيفة هنا جافة - والأراضي مقفرة وجرداء. ولكن أريحا ذاتها تنعم بالجداول وتبدو وكأنها تعوم فوق بحيرة من الحشائش الخضراء. وهي نفس المدينة التي قامت فيها رحاب، بنت الهوى، بإخفاء جنود الاستطلاع الذين بعث بهم يوشع والتي حدثت فيها معجزة اليشع وتحولت المياه الآسنة إلى مياه عذبة - ومازال النبع يعرف باسم نبع اليشع.

فمن هو الفاتح الذي لم تهف نفسه إلى هذه الواحة ؟ من الذي يعرف عدد المرات التي دمرت فيها المدينة ؟ ولكنها كانت دائما تعود إلى الحياة مرة أخرى. فقد ثبت أن جداول المياه العذبة أبقى على الدوام من قوى التدمير

وقد أثبت بيليد كفاءته كضابط صغير في البالماخ أثناء حرب الاستقلال حيث قاتل بنجاح بمنطقة صفد وأصيب فيها بجرح بالغ وهو خريج مدرسة الحرب الفرنسية وأخيرا قاد لواء المشاة "الجولاني" وبعد استقالته من الجيش خدم كمدير عام بوزارة التعليم تحت قيادة إيجال آلون وزير التعليم والذي كان قائدا له في قوات البالماخ ثم دخل أخيرا الحياة السياسية وانتخب نائب عمدة القدس مع العمدة تيدى كولك


يتبع إن شاء الله...


المبحث السادس 2013_110


عدل سابقا من قبل ahmad_laban في الإثنين 02 يونيو 2014, 5:58 am عدل 3 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52561
العمر : 72

المبحث السادس Empty
مُساهمةموضوع: رد: المبحث السادس   المبحث السادس Emptyالأربعاء 08 يونيو 2011, 4:04 am

وبينما كان لواء "باركشوفا" يقاتل للاستيلاء على جنين وقابطيا قام "بيليد" بتحريك لواء مدرع آخر بقيادة العقيد "يورى رام" بالمرور شرقا من جبل جلبوا وجنين بهدف فتح طريق جنبة توباس ليتقدم في اتجاه نابلس من الشرق وبعد التغلب على الحشود الأردنية المضادة للدبابات قامت قوات "رام" باختراق المواقع الأردنية ثم اشتبكت، في معركة مدرعة من الثبات على مسافة بعيدة واستمرت طول اليوم.

وقام الأردنيون من المرتفعات قرب زبابيدا بالاشتباك مع قوات "رام" المتقدمة حيث أمكن للأردنيين من مواقعهم تغطية الطريق وكل الوادي فقام العقيد رام بالفتح على امتداد المرتفعات على الجانب الشرقي للوادي وقام بدفع وحدات مدرعة صغرى إلى أسفل الوادي لجذب نيران الأردنيين وحتى يمكن تحديد مواقعهم عن طريق وميض مواسير المدافع واستمرت المعركة حتى الغسق وقرب المساء تعرضت سرية الدبابات الأردنية التي أمكن ملاحظة تحركها ( الهجمة جوية ) وبحلول الظلام وباستخدام الدبابات الأردنية المخترقة كنقط إشارية قام "رام" بهجوم ليلى ووصل قريبة العقبة ثم تقدم اللواء واستولى على توباس محققا المفاجأة وترك "رام" معظم قواته عند تلاقى الطرق لتغطية الطريق من جسر داميا لتوقع اقتراب اللواء 40 مدرع من هذا الاتجاه وأيضاً لأنه كان علم أن هناك وحدات مدرعة أخرى لم يتم حسابها بمنطقة توباس وعلى ذلك تقدم إلى نابلس بكتيبة الاستطلاع وسرية دبابات فقط.

كانت تقارير الاستطلاع تفيد بهدوء مدينة نابلس ولهذا أمر "رام" القوات بدخول المدينة وقد دهش الإسرائيليون بدرجة كبيرة حيث قوبلوا بالترحاب من مواطني نابلس الذين تجمعوا على جانبي الطريق للتهليل والتحية وقد حدث ذلك نتيجة اعتقاد خاطئ بأن الدبابات الإسرائيلية هي دبابات عراقية والمقرر أن تتحرك على هذا الطريق لتعزيز داميا.

وعندما حاول جندي إسرائيلي أن ينزع سلاح أحد العرب وحدث إطلاق نيران، أدرك مواطني نابلس خطأهم وبدأت النيران المتفرقة تنطلق ولمدة 6 ساعات في معركة غير منظمة داخل وحول المداخل الغربية للمدينة وقد كان التخطيط الأردني يقدر أن الخطر الرئيسي على نابلس سيكون من القوات الإسرائيلية التي تهجم من الساحل وليس من الشرق، ولهذا انتشرت القوات المدرعة الأردنية إلى الغرب من المدينة وعلى امتداد الطريق المؤدى إلى الساحل، بينما انتشرت قوات المشاة الأردنية شرق المدينة ولهذا السبب قاتلت قوات "رام" المشاة الأردنية بالمداخل الشرقية للمدينة، أما في المداخل الغربية فقد قابلت قوة إسرائيلية مدرعة واشتبكت مع وحدات الدبابات الأردنية وقد اندلعت الاشتباكات القريبة بالدبابات بينما دخلت وحدات من لواء المشاة الجولانى الذي كان يتقدم مع القوات المدرعة وسط المدينة، واستمرت في قتال عنيف من منزل لآخر حتى سيطرت على المدينة مساء يوم 6 يونيه.

2. الاستيلاء على وادي الأردن

بينما كانت القوات الإسرائيلية تحتل المدينة القديمة وتأخذ تلال الخليل ( حبرون ) قاد "ابن آري" لوائه داخل رام الله وقد تم تدعيم قواته بوحدات من العقيد "يوتفات" الذي تقدم من اللطرون وقد تحركت كتيبتين من قوات "ابن آري" على طريقين منفصلين اسفل وادي الأردن في اتجاه اريحا حيث هجموا خلال المدينة مع فتح نيرانهم وقضوا على المقاومات المبعثرة ومن هناك التفوا إلى معابر نهر الأردن ثم تحركوا شمالا على امتداد وادي الأردن للاتصال بالقوات التي تتحرك جنوبا من القيادة الشمالية واندفعت الكتيبة الثالثة شمالا في اتجاه نابلس حيث قابلت القوات من القيادة الشمالية والتي سيطرت على المدينة وقد حاولت الوحدات الأردنية المدرعة المنسحبة من تلال حبرون لتصل إلى الكباري شمال البحر الميت على امتداد المدقات خلال صحراء أرض الميعاد وأخيرا تركوا دباباتهم وجاهدت القوات للهرب على الأقدام.

وبصباح يوم 6 يونيه قام العقيد "باركشوف" فأعاد هجومه من جديد على تلاقى الطرق في قابطيا مدعما بهجوم مركز من القوات الإسرائيلية واستمرت المعركة أربعة ساعات فقد فيها اللواء الأردني 25 دبابة أخرى (وهذا يعني أن اللواء 40 مدرع فقد بالفعل أكثر من نصف دباباته داخل وحول مدينة نابلس)، ونتيجة لتقدم لواء العقيد "شاحام" من الغرب واقترابه لنابلس من قلقيلية وتهديده للأردنيين بدأت القوات الأردنية في الانسحاب في اتجاه جسر داميا. والآن تتحرك بعض قوات بيليد جنوباً من نابلس في اتجاه رام الله حيث قابلوا لواء بن آري المتقدم شمالا بينما تحركت وحدات من لواء "باركشوفا" داخل وادي الأردن وسيطروا على كوبري داميا وهكذا سيطرت القوات الإسرائيلية على الكباري الثلاثة الممتدة على نهر الأردن مؤكدين سيطرتهم على الضفة الغربية.

وظهر "الملك حسين" في التليفزيون وهو متعب وأشعث ووجه نداءً يائساً لأمته للقتال إلى آخر قطرة دم وآخر رجل ولكن في الواقع كان قد اتخذ قراراً لقبول وقف إطلاق النار الذي دعت إليه الأمم المتحدة وفي ذلك المساء في الساعة الثامنة مساء يوم 7 يونيه وافقت كل من الأردن وإسرائيل على وقف إطلاق النار بصفة رسمية.

هذا وقد اكتملت عملية غزو الضفة الغربية وفقد "الملك حسين" أكثر من نصف مملكته لأنه سمح للأردن بأن تقحم نفسها الحرب وذلك خلال موجة الهيستيريا في العالم العربي ووقع اتفاقات مع مصر ندم عليه بشدة بعد عشرة أيام من توقيعه ولقد تم إعطائه فرصة سانحة للبقاء بعيداً عن الحرب وتحذيراً عادلاً من عواقب مشاركته في الحرب وذلك في الرسالة التي أرسلها له رئيس وزراء إسرائيل "ليفي أشكول" من خلال مكاتب الأمم المتحدة يوم 5 يونيه وقد اختار أن يتجاهل هذا التحذير وبدلاً من ذلك وضع نفسه فريسة للاستخبارات الزائفة التي جاءته عن طريق المصريين وفوق ذلك فقد ضعفت مكانته الدولية بسب تلفيقه مع "عبدالناصر" قصة الدعم العسكري الأمريكي والبريطاني لإسرائيل، وقد ضلله حلفاؤه المصريون وخانه حلفاؤه السوريون، فبالرغم من نداءاته الملحة لم يفي السوريون بوعودهم له وبالرغم من تمركز العراقيين بالأردن فإنهم لم يدخلوا الصراع وقد أعطى "الملك حسين" تعبيراً قاسياً لمشاعره في كتابه "حربي مع إسرائيل عام 1967" والخسائر الأردنية في الحرب طبقاً للتقديرات الأردنية أكثر من ستة آلاف بين قتيل ومفقود، وكانت خسائر إسرائيل تقريباً خمسمائة وخمسون قتيلاً وألفين وخمسمائة جريح.

يقول الجنرال "موشى ديان"

وقبل ظهر يوم الخميس بوقت قصير، أبلغت القيادة الوسطى القيادة العامة بأن لواء القدس التابع لها تقدم جنوباً من القدس واستولى على بيت لحم والخليل والناصرية. فاتجهت فورا إلى الخليل وقابلت "عوزي ناركيس" في القدس واصطحبته معي في طريقي إلى الجنوب.

وكنا مضطرين إلى التزام الحذر عند عبورنا للحدود القديمة بين القدس وبيت لحم، فقد كان علينا ألا ننحرف عن الطريق الذي تم تطهيره وسط حقل الألغام. ولكن لم يكن هناك أي أثر تقريبا للحرب بعد ذلك. فقد كانت جبال الخليل في أوج ازدهارها بينما كانت الوديان في هذا الوقت شديدة الحرارة بفعل شمس الصيف المحرقة وكانت الحقول متعطشة للماء، كان الجو هنا ما يزال ربيعاً، وكان كل شئ أخضر نضيراً. لم تكن هناك أي عربات في الطريق سوى العربات العسكرية وكان الفلاحون كالمعتاد يعملون في البساتين ومزارع الكروم، وكان كل شبر من الأرض بين الصخور مزروعا بالكروم وأشجار الزيتون والتين.

وألقينا نظرة عل برك سليمان ثم اتجهنا إلى مجمع أتزيون، وهي مجموعة المستعمرات الدينية التي دمرها العرب إبان حرب 1948. ولم يبق هناك أثر للمستعمرات اليهودية الأربع. فقد أقام الفيلق العربي معسكرات وشيد مسجداً مكانها. وبينما كنت أتأمل ما حولي وأنا أتذكر الرواد الأصليين وما حدث لهم، أيقنت تماماً أن مستعمرات جديدة ستظهر قريبا في هذا الموقع. وفعلا بعد أشهر قليلة بدأت عملية أحياء المستعمرات على أيدي أبناء الأسر المؤسسة التي قتل أفرادها سنة 1948.

فقد صمموا على بناء المساكن والمدارس واستصلاح الأرض وإنجاب الأبناء الذين سيصبح مجمع أتزيون موطنهم الدائم.

وواصلنا رحلتنا إلى مدينة الخليل، التي فرض عليها حظر التجول وكانت شوارعها مهجورة. ولم يكن يقوم على حراسة المسجد المقام فوق الكهف الذي دفن فيه الأنبياء العبرانيون، سوى جندي واحد لمنع دخول أي جندي من القوات الإسرائيلية. وعندما وصلت سيارتنا الجيب وتوقفت عند المدخل، هب الحارس واقفا ووجه بندقيته نحونا وصاح "الدخول ممنوع" ثم أشار إلى لافتة على الباب كان رجالنا قد وضعوها، وتبين أن هذا مكان مقدس ممنوع دخوله بالنسبة للقوات. وجلسنا في السيارة الجيب بلا حراك. وكان على وشك إلقاء خطبة علينا عندما اكتشف شخصيتنا. ثم لوح ببندقيته، التي كانت ما تزال في يده، نحوي وقال "أعتقد أنه لا بأس بالنسبة لكما أنه يمكنكما الدخول". وشكرته وصعدنا الدرجات ودخلنا المبنى.

وكانت هذه هي أول مرة أدخله. فقد كان دخول كهف الأنبياء محرما على اليهود. ولم يكن مسموحا لهم، أثناء حكم المسلمين بالارتقاء إلى أعلى من الدرجة السابعة خارج المبنى، ومن هناك كان يمكنهم النظر من خلال كوة ليلمحوا الكهوف الممتدة تحتهم. وارتقينا الدرجات إلى أعلى من الدرجة السابعة ثم دخلنا القاعدة. وكانت توجد إلى اليسار قاعة لصلاة المسلمين. أما إلى اليمين فكانت توجد مقابر الأنبياء إبراهيم واسحق ويعقوب وزوجاتهم.

وقد تأثرت، بالطبع، إزاء فكرة أن اليهود سيستطيعون مرة أخرى زيارة أحد أماكنهم المقدسة التي حرموا من زيارتها منذ عهد بعيد. ولكن لا يمكنني القول بأنني تأثرت بالمبنى المقام في الموقع. وليس هناك شك في أن كهف ما تشبيله، الذي اشتراه إبراهيم "مقابل 400 شاقل من الفضة" (وهي عملة عبرانية فضية قديمة) من "افرون بن زوهار" حتى "يمتلك مدفنا"، لم يكن سوى كهف تقليدي منحوت في صخور المنحدرات المطلة على أحد حقول الشعير.

وبعد وفاة إبراهيم بألفي عام، وخلال العصر المسيحي، أصبح هذا المدفن اليهودي القديم، موقعا لكنيسة، وبعد ذلك تحولت هذه الكنيسة بدورها مع ظهور الإسلام إلى مسجد. ولكن لم تكن بالإضافات البيزنطية والمملوكية غير ملائمة وحدها. بل أن المبنى الأساسي الضخم المستطيل الشكل الذي أقيم في عهد "هيرود" في القرن الأول قبل الميلاد، لم ينجح في أن يصور تصويراً نابضاً بالحياة صورة الرعاة الرحل الذين كان الواحد منهم يقوم
برعاية قطيع حماه لمدة سبع سنوات كصداق لزوجة.

وقررت أنه لابد من وضع الترتيبات اللازمة حتى يمكن لكل من اليهود والمسلمين أن يترددوا على المعبد للزيارة والصلاة. وكنت قد لاحظت عند وصولي إلى المبنى أن علما إسرائيلياً يرفرف فوقه، فأمرت بإنزاله. فإن العلم يجب أن يرفع فوق مكتب الحاكم وليس فوق مقبرة مقدسة. وتم إنزال العلم.

وقد أصدرت إلى قائد عام القيادة الوسطى، أثناء رحلتي هذه توجيهات سياسية بأن يتصرف بشكل يتمشى مع نوايانا الخاصة بإقامة مستوطنات يهودية دائمة في جبل الخليل والقدس. أما في الشمال عند السلسلة الوسطى المطلة على جنين ونابلس ورام الله، فإنه سيتعين علينا إقامة معسكرات للجيش حتى يمكننا السيطرة على نهر الأردن بقوة صغيرة.

كان قائد المنطقة المركزية حينئذ اللواء عوزى نيركيس كان قد خدم في قوات البالماخ وقاد الكتيبة التي دخلت المدينة القديمة من ناحية بوابة صهيون حرب الاستقلال عام 48 والذي دخل بالضبط هو الرائد دافيد العازار "رادو" وكان قائد سرية في كتيبته وهو خريج لمدرسة الحرب الفرنسية واللواء نركيس قصير ونحيف البنيان ذو عقلية تحليلية وفهم عسكري ممتاز. وقد خدم كنائب لمدير المخابرات العسكرية وعمل أيضاً كملحق عسكرى لإسرائيل في فرنسا.

وحتى تلك اللحظة، كانت الأردن وإسرائيل فقط قد أعلنتا عن استعدادهما لقبول وقف إطلاق النار. أما مصر وسورية فقد رفضتا حتى ذلك الحين الامتثال لقرار مجلس الأمن.
وطلبنا عقد اجتماع مع ممثلي لبنان، معتقدين أنه ربما يكون الوقت قد حان لإجراء محادثات معهم. فإذا لم يكونوا مستعدين لتوقيع اتفاق سلام معنا، فربما كان في إمكاننا التفاوض حول وضع ترتيبات أخرى قد تكون مفيدة. ولكنهم رفضوا اتصالاتنا وأعلنوا أن لبنان في حالة حرب رسميا مع إسرائيل. وهذا يعنى أن اتفاق الهدنة الذي كان قائماً بيننا منذ سنة 1949 لم يعد سارياً.

وكان لخروج الأردن السريع من الحرب أثران هامان. وكان الأثر المباشر أثراً عسكريا ـ فقد أصبح في مقدورنا تحويل قواتنا من الجبهة الأردنية إلى الجبهة السورية. أما الأثر الثاني فكان سياسياً ـ وهو أن الفلسطينيين في الضفة الغربية لم يشتركوا في الحرب.

فقد وقعت معظم المعارك خارج المناطق المأهولة بالسكان، ولذلك فإن الاشتباكات وقعت بين القوات المسلحة الأردنية والجيش الإسرائيلي، ولم تحدث أي أضرار تقريباً للسكان المدنيين في يهودا والسامرة. وكانت هذه الحقيقة، من وجهة نظري وبحسب فهمي أسلوب العلاقات التي يجب أن نسعى لتنظيمها مع العرب الفلسطينيين ذات مدلولات حاسمة.

ثانياً: العمليات البرية على الجبهة المصرية

الخطة الهجومية على جبهة سيناء "اُنظر خطة الملاءة الحمراء ـ
(اُنظر خريطة الضربات البرية الرئيسية)

كانت الإستراتيجية الشاملة (العليا) للقيادة الجنوبية تعتمد على اختراق ثلاثي الشعب عن طريق ثلاثة مراحل رئيسية وكانت المرحلة الأولى تعتمد على فتح المحور الشمالي والمركزي وذلك بتدمير التحصينات المصرية على امتدادهما ومن هنا يمكن تدمير القوات الخلفية في سيناء. أما المرحلة الثانية فكانت تحتوى على الاختراق في عمق سيناء.

فبينما كانت المرحلة الثالثة تعتمد على أخذ الممرين الجبليين اللذين يؤديان للقناة وبذلك يمكن فصل الجيش المصري أو منعه من إعادة عبور قناة السويس (لم يتوقع المصريون أن يتم الهجوم مباشر وبالمواجهة وفعلا فقد توقعوا تحركاً مفتوحاً مشابه لما حدث في عام 1956 وكان القائد العام في سيناء الفريق "عبدالمحسن مرتجى" قد قرر أن تفتح مجموعة القتال الخاصة المدرعة متاخمة للحدود بين القسيمة والكونتيلا حتى يمكنهم الرد بسرعة بالضرب داخل إسرائيل) وفي القطاع الشمالي كانت فرقة الجنرال "إسرائيل تال" مستعدة لمهاجمة المنطقة المحصنة في رفح والعريس وفي الوسط يستولي "شارون" على أم قطف وأبو عجيلة اللذان تتركز فيهما الدفاعات المصرية القوية وكانت عناصر فرقة الجنرال "يوفيه" تتمركز في المنطقة الرملية التي تصعب المرور فيها بين المحاور الشمالية والمركزية وبهذا سيتم عزل موقعي الدفاع المصريين الرئيسيين ومنع طريق الإمدادات الجانبي أو أي محاولة تنسيق بين الفرقة السابعة والثانية المصرية أثناء الهجوم.

أما المنطقة الشمالية من رفح إلى العريش فكانت دفاعات محاطة كما كانت في 1956 بحقول الألغام العميقة والمتعددة - خطوط محصنة قوية مع لواءات مشاة متمركزة في خنادقها خلف أسلحة مضادة للدبابات محتلة في دشم خرسانية على الخط الذي يطوق المنطقة وكانت تتواجد في تلك المناطق بالإضافة إلى المدفعية أكثر من مائة دبابة متخذة مواقع دفاعية.

وكانت خطة الهجوم الإسرائيلي الرئيسية هي اختراق موقع رفح الحصين في القطاع الشمالي وأبو عجيلة في القطاع الأوسط، وذلك بمهاجمتها من اتجاهات غير متوقعة وبأساليب غير متوقعة، أي التقدم من خلال الثغرات والاشتباك مع حشود العدو في المؤخرة ثم الإسراع نحو قناة السويس مع الاستيلاء على قواعد العدو التي تقابلنا في الطريق أو الالتفاف حولها، ثم الاشتباك مع مدرعات العدو واصطياد القوات المتخلفة في سيناء عن طريق إغلاق طرق الهروب، والاستيلاء على الطريق البرى المؤدى إلى شرم الشيخ، ورفع الحصار عن خليج العقبة.

والآن وقد وصلنا إلى عشية الحرب التي تعرف باسم حرب الأيام الستة فإن كل هذه المواقع لم تكن تحتلها قوات ضخمة فحسب، وإنما كانت مراكز لحشود كبيرة من الفرق المدرعة والمشاة التي تدفقت على سيناء خلال الأسابيع الثلاثة السابقة.

1. إجراءات الخداع التكتيكي قبل المعركة

كان قد تم ترسيخ انطباع لدى المصريين عن طريق انتشار القوات الإسرائيلية التي كانت في القطاع الجنوبي حيث تحركت ذهاباً وعودة على طول الحدود بتشكيل مفتوح وعلني ونجحوا في خداع المصريين عن اتجاه الاختراق الرئيسي للقوات الإسرائيلية - وكان الانطباع أن الهجوم سيشن في اتجاه الجنوب. ونتيجة لذلك كان هناك عنصر المفاجأة عندما بدأ الهجوم المفتوح على المحور الشمالي بمنطقة رفح.

2. بدء الهجوم البري:

في يوم الاثنين 5 يونيه، الساعة 8.15 صباحاً، أصدر الجنرال "حافيتش" أوامره لقواد الفرق الثلاث للتحرك لمواجهة العدو : الجنرال "تال" على طول محور خان يونس ـ رفح في اتجاه العريش، الجنرال "شارون" تجاه محور كتزيوت ـ أبو عجيلة، والجنرال "يوفي" تجاه وسط مثلث جبل لبنى ـ بير جفجافة ـ بين لحفان. أما الحشد المصري للمعركة في قطاع رفح فكان على بعد 12 كيلو متراً في العمق من كل اتجاه وكان يتألف من أربعة ألوية، مائة دبابة، وكمية كبيرة من المدفعية. وكان لواءان من المشاة يسيطرون على الطرق المؤدية إلى رفح.

وكانت فرقة فلسطينية مؤلفة من لوائين تقيم في معسكرات مؤقتة في قطاع غزة الشمالي. واستهدف المصريون من توزيع القوات على هذا النحو التقدم نحو العريش، عاصمة سيناء، ومنها يستطيعون أن يفصلوا قطاع غزة. ودعم هذا الحشد بتحصينات، وألغام، ودبابات ومدافع مضادة للدبابات، وقوات كبيرة من المدفعية.

3. اختراق المحور الشمالي
(اُنظر شكل معركة رفح)

تم اختراق قوات تال الرئيسية للقطاع الشمالي عن طريق تجنب حقول الألغام التي تحيط بالمواقع الحصينة وأيضاً عن طريق حركة كماشة بقوة لوائين مدرع، والآخر مظلات حيث تمكنت من الاختراق داخل منطقة رفح من الشمال الشرقي قرب بلدة خان يونس وقد تم تنفيذ ذلك بواسطة اللواء السابع المدرع بقيادة العقيد "صامويل جونين" في المنطقة التي تمثل ملتقى الفرقتين العشرون والسابعة المصريتين. هذا وقد احتلت رفح بعد معركة بالدبابات وكان موازياً لذلك التحرك لواء مظلي مدعم بكتيبة دبابات بقيادة العقيد "روفائيل ايتان" (وهذا هو نفس اللواء الذي كان يقود أحد كتائبه في عام 1956)

وقد جهز هذا اللواء ممراً واسعاً جنوبي رفح والذي كان يدافع عنه لوائين مدعمين بالمدفعية ثم توجه ناحية الشمال وتقدموا في المواقع فوق منطقة رملية كان يعتقد المصريون أنه يستحيل المرور عليها وبالمفاجأة تم الاستيلاء على موقع المدفعية المصري ثم واصل اللواء "ايتان" اختراق مناطق تمركز وفتح المدفعية وقام بتطهيرها موقعاً بعد الآخر وخلال ذلك تقدم اللواء السابع المدرع بقيادة "جونين" غرباً إلى المنطقة الدفاعية الثانية بمنطقة الشيخ زويد وتحتلها الفرقة السابعة المشاة ويقودها اللواء "عبدالعزيز سليمان" وكتيبة دبابات تي ـ 34 وبينما قامت كتيبة دبابات سنتورين بجذب نيران المصريين قامت كتيبة دبابات أخرى باتون بتطويقها من الشمال الجنوب

وهكذا سقطت في يد قوات "جونين". وقبل العريش وصلت قوات "جونين" إلى منطقة جرادى حيث الدفاعات قوية التحصين والدشم المسلحة وكانت من أقوى الدفاعات المصرية بجوار العريش وقام اللواء بمهاجمة والتغلب على هذه الدفاعات ثم استمر في الاندفاع في اتجاه العريش وعلى أي حال فقد أعادت القوات المصرية تجميعها وذلك بعد أن انتشرت في مناطق الغرود الرملية في الصحراء وقامت بالهجوم المضاد على المواقع لإعادة احتلالها وأثناء تقدم قوات "تال" بمنطقة العريش فقد كانت قوات مؤخرته تشتبك في صراع لمواقع جرادي والتي تم تبادلها بين الجانبين عدة مرات.

وعندئذ قام "تال" بتجميع القوات الممكنة التي قامت أخيراً باحتلال الموقع بعد اشتباك وقتال مرير ومع صباح يوم 6 يونيه تم فتح الطريق كطريق إمداد للقوات الإسرائيلية الموجودة من قبل بالعريش.

وهذه كانت قوات المقدمة لفرقة الجنرال "تال" والتي واصلت التقدم على امتداد المحور الشمالي ووصلت العريش خلال ليلة 5/6 يونيه. وفي اليوم التالي واصل جزء من قوات تال تقدمه غرباً على امتداد المحور الشمالي في اتجاه القنطرة على قناة السويس بينما تحركت باقي الفرقة بقيادة العقيد "جونين" جنوباً لمطار العريش والذي سقط بعد معركة بالدبابات وتم الوصول إلى بير لحفن وهكذا تم فتح الطريق الشرقي إلى جنوب أبو عجيلة والطريق الغربي إلى جنوب جبل لبنى .

4. الهجوم على المحور الأوسط "المركزي
(اُنظر شكل معركة أم قطف الثانية)

نفذت قوة العمل إلى يقودها "شارون" عملية الاختراق في هذا "القطاع" ففي عملية ليلية معقدة تتطلب توقيتاً دقيقاً وتنسيقاً بين القوات المدرعة والمشاة والمظلات، شن "شارون" هجومه على المواقع الحصينة في أم قطف، التي تشمل تقاطع الطرق عند أبو عجيلة قبل منتصف الليل بساعة واحدة.

وهبطت قوات المظلات المحمولة بالهليكوبتر، خلف خطوط العدو، وقضت على عدة بطاريات مدفعية كانت تقصف المداخل المؤدية إلى أم قطف وأبو عجيلة. وقد تمت العملية الهجومية على عدة مراحل وكان على فرقة "اريك شارون" الاختراق على امتداد المحور المركزي نيتزانيا - الإسماعيلية وهو محور حيوي وهام في العمليات حيث يتفرع منه الطرق المؤدية للعريش في الشمال ونخل في الجنوب. فهناك تحصينات مركبة تغلق الطريق مقامة على مواقع حصينة مترابطة ممتدة من أم قطف إلى أبو عجيلة في الغرب وأم شيحان في الجنوب مع محيط خارجي ملاصق للحدود الإسرائيلية عند طارة أم بسيس وأم قوريا وفي هذا الموقع كانت تتخندق فيه قوة من الفرقة الثانية المشاة.

وعند بداية اقتحام اللواء المدرع واللواء المشاة الآلي من فرقة "شارون" يوم 5 يونيه على تبة أم بسيس تم تدمير المواقع المصرية الشرقية في المحيط الخارجي للتحصينات ووصلت القوات إلى الدفاعات الرئيسية، كما واصلت وحدات مدفعية الفرقة تليينها للدفاعات بالتمهيد النيراني، وخلال ذلك تحركت مجموعة استطلاع مدرعة على امتداد الجنوب الشمالي فوق الغرود الرملية التي أساء المصريون تقديرها على أساس أنه لا يمكن المرور عليها. وبعد معركة كبيرة تم التغلب في المحاولة الثالثة على الكتيبة المدافعة والمزودة بالأسلحة المضادة للدبابات.

ومرت المجموعة من المنطقة المحصنة واتجهت جنوبها ووصلت إلى تلاقى الطرق الممتدة من أبو عجيلة في اتجاه العريش شمالاً والى جبل لبنى في الجنوب الغربي. ومن ثم بدأت بالحفر بمنطقة تلاقى الطرق وفي تحرك موازي في اتجاه الجنوب أرسل "شارون" وحدة استطلاع إضافية مدعمة بالدبابات وعربات الجيب والهاونات لقفل الطريق الموصل بين أبو عجيلة والقسيمة وكان من نتيجة هذه التحركات غلق جميع محاور الإمداد بين العريش والقسيمة ولبنى وبالطبع جميع الطرق الممكنة للانسحاب من أبو عجيلة في أي اتجاه.

أما المرحلة الثانية فقد تمت في ظلام 5 يونيه حيث صدر الأمر بفتح نيران المدفعية المركزة وتم إبرار كتيبة مظلات بالهليكوبتر خلف المواقع الدفاعية وذلك لإسكات المدفعية المصرية ثم تقدمت الوحدات المدرعة ومعها المشاة وذلك من الشرق مباشرة حيث قامت المشاة بتطهير خنادق العدو ومواقعه وعندما وصل المشاة إلى الطريق من الشمال قامت وحدة الدبابات والتي كانت قائمة بقفل طريق الإمداد بمهاجمة الموقع من الخلف وتقابل المشاة والدبابات الإسرائيليون في مركز الدفاعات سعت 600 في اليوم التالي بعد خوض أكثر المعارك تعقيداً في تاريخ الحروب العربية الإسرائيلية.

وأصبح المحور المركزي من أم قطف إلى أبو عجيلة في أيدي الإسرائيليين. وقد استمرت أعمال التطهير لمدة 24 ساعة أخرى وبعد ذلك أصبح الطريق مفتوحاً لوحدات الفرقة بقيادة اللواء "يوفي" لتخترق العمق على طول المحور المركزي تجاه جبل لبنى.

5. تنفيذ مهمة فرقة "الكمين
(اُنظر شكل معركة كمين بير لحفن)

بينما كانت الفرقتان المصريتان تقاتلان باستبسال ضد قوات "تال" على المحور الشمالي وقوات "شارون" على المحور المركزي كانت الفرقة الثالثة الإسرائيلية بقيادة "بافيه" تنفذ ما كان يعتبره المصريون مستحيلاً.

فقد تقدم جزء من الفرقة بالعربات والمعدات عبر الغرود الرملية الناعمة بين المحورين الشمالي والمركزي وقطعت مسافة 35 ميل في 9 ساعات. وفي مساء يوم 6 يونيه وصلت إلى تلاقي الطرق في بير لحفن التي تربط طرق جبل لبنى وأبو عجيلة والقسيمة إلى العريش، وكانت مهمة القوات منع أي تحرك عرضي من القوات المصرية بين المحورين ولإغلاق الطرق أمام أي تعزيزات من التجميعات المصرية الموجودة بمنطقة جبل لبنى.

وفي نهاية اليوم تحرك من هذه التدعيمات المدرعة لواء مدرع ولواء مشاة ميكانيكي على المحور المركزي ووصلت في اتجاه اللواء الأمامي من فرقة "يافية" بقيادة عقيد "اسحق شدمى" والذي انتظر في مرابض نيران عند تقاطع الطرق، في بير لحفن وبدأت مواجهة عنيفة بالوحدات المدرعة حول منطقة تلاقي الطرق انتهت بسحق كامل للقوات المصرية وفتحت الطريق لباقي فرقة "يافية" للتقدم جنوب غرب في اتجاه جبل لبنى.

لقد تم تنفيذ مرحلة الاختراق في أقل من يومين وبذلك أصبح لقواتنا مجالاً للمناورة في قتالها مع قوات العدو وقواعده أثناء التقدم نحو القناة، ولكن معارك الاختراق كانت عنيفة جداً، لأن المصريين في المواقع الحصينة لم يؤخذوا على غرة فقد كانوا مستعدين لهجومنا وكانوا يملكون كل الأسلحة والمنشآت الدفاعية اللازمة لمواجهته.

وقد هزموا لأن قوات مجموعات العمل التي تضم ثلاثاً من فرقنا أبدت تفوقاً قتالياً في مجالين رئيسين:

1. أولهما: أن تلك المجموعات كانت تتمتع بإصرار وتصميم عنيد على التقدم والاستيلاء على أهدافها بالرغم من الصعوبات التي تواجهها سواء أكانت في صورة خسائر كبيرة أم نقص في العدد، بل حتى عندما كانت تعرف في بعض الحالات أنها تعانى من نقص من الذخيرة والوقود.

2. وكان الأمر الثاني: هو خبرة هذه القوات القتالية: أي التعاون الوثيق بين القوات المدرعة والمدفعية والمشاة والمهندسين، ودقة التصويب والاستغلال الماهر لطبيعة الأرض، والمرونة في الانتشار القتالي من أجل مواجهة التغييرات السريعة في أوضاع المعركة.
ويتضمن هذا العنصر الخاص بالكفاءة المهنية العالية، تلك المهارة التي أبدتها قوات المجموعات الثلاث في تقدمها عبر الكثبان الرملية في مناطق كان المصريون يعتقدون أنه يستحيل اجتيازها. وكان لهذا العنصر وزن كبير في التخطيط الشامل للمعارك.

ومع نهاية اليوم الثاني كانت الدفاعات المصرية الرئيسية المكونة من ثلاثة فرق، تنسحب للخلف، وواصلت القوات الإسرائيلية تقدمها في عمق سيناء في اتجاه التجمعات المدرعة الرئيسية الموجودة في وسط سيناء والتي تعتبر آخر عقبة كبيرة قبل القناة.

6. الاستيلاء على شرم الشيخ

نهاية اليوم الثاني بدأ المصريون الموجودون في المواقع الأمامية ـ الذين لم يقعوا في المصيدة ـ في التقهقر، تنفيذاً للأمر بالانسحاب الذي صدر لهم من القاهرة. وعندما علمنا أن قوات العدو في شرم الشيخ بدأت الانسحاب قررنا بسرعة تقديم الموعد الذي كنا قد حددناه للاستيلاء عليها وإرسال وحدة مظلات بدون انتظار وقيام قواتنا البرية بتأمين الطريق البري، وفي الساعة الواحدة بعد ظهر يوم 7 يونيه وصلت الطائرات الهليكوبتر التي تحمل قوات المظلات إلى شرم الشيخ.

وأثناء تحليقها فوقها شاهدوا زورقي طوربيد إسرائيليين مربوطين إلى رصيف الميناء. وكانت قوة بحرية بقيادة الكولونيل بوتزر (شيتاه) قد وصلت إلى الميناء في الساعة الحادية عشرة والنصف صباحاً فوجدته خالياً فأنزلت مفرزتين على الشاطئ. وبعد ثلاثة أرباع الساعة تم رفع العلم الإسرائيلي فوق المستشفي التي أقامتها قوات الطوارئ التابعة للأمم المتحدة قبل أن يأمر "عبدالناصر" بسحبها، وقد وقعت المجموعة الأولى من الأسرى في هذه المنطقة في يد البحرية الإسرائيلية أيضاً. إذ تم أسر ثلاثة وثلاثين جندياً من الكوماندوز المصريين الذين كانوا يسيطرون على جزيرة تيران ومعهم أسلحتهم بينما كانوا يحاولون الفرار إلى مصر في زورقي صيد.

وبهذه الطريقة السعيدة وغير الدراماتيكية عاد العلم الإسرائيلي ليرفرف على شرم الشيخ، وتم رفع الحصار عن الخليج وتحقق أحد الأهداف الرئيسية للحملة.

7. استمرار التقدم نحو القناة

في مساء 7 من يونيه وصلت معلومات أن مجلس الأمن على وشك عقد جلسة طارئة ومن المحتمل أن يفرض، تحت ضغط سوفيتي، وقف إطلاق النار في صباح اليوم التالي. فأجرينا مشاورات عاجلة وأصدرت هيئة الأركان العامة الأوامر في الساعة العاشرة مساء إلى قوْتَي عمل للتقدم فوراً نحو القناة وإلى رأس سدر على خليج السويس أيضاً. وكان على القوة التي يقودها "تال" أن تمنع القوات المصرية المنسحبة من العبور إلى الضفة الغربية لقناة السويس أما القوة التابعة "ليوفي" فكان عليها تأمين اتصال بري مستمر مع وحداتنا في شرم الشيخ.

وتحركت قوات "تال" بسرعة على امتداد المحور الشمالي يوم 7 يونيه في اتجاه القنطرة على قناة السويس وقابلت مقاومة على مسافة حوالي 10 أميال غرب القناة حيث جهزت الدبابات والمدافع المضادة للدبابات المصرية بالإضافة إلى قليل من الطائرات جهزت تلك القوات كمينا للقوات الإسرائيلية المتقدمة واستعدوا لقتال مستميت كما شنت القوات المدرعة التي تمركزت في القنطرة شرق هجوماً على مجموعة القناة الإسرائيلية الخاصة والتي تقدمت على المحور الشمالي من العريش بقيادة العقيد "إسرائيل جرانيت" والذي ألحقت به مفرزة من لواء المظلات الذي يقوده العقيد "رفائيل ايتان"، وبعد تقدير موقف سريع طبق قائد المجموعة تكتيكات الضرب مع الحركة حيث قام جزء من القوات تجاه اليورو بقفل الطريق بالنيران واشتبكت في معركة دبابات على أقصى مدى وذلك مع الدبابات المصرية بينما قامت قوات المظلات على الناقلات نصف جنزير والمدافع عديمة الارتداد المحملة على عربات جيب بتطويق القوة المصرية من الجنب والتي كانت مشتبكة مع قاعدة النيران الإسرائيلية وتم تدمير القوة المدرعة المصرية وتقدمت القوات تجاه القنطرة وفي صباح اليوم التالي (اليوم الرابع قتال يوم 8 يونيه) تم الوصول إلى ضفة قناة السويس وتم إغلاق منفذ كوبري الفردان أمام القوات المصرية.

8. تدمير الحشود المدرعة المصرية وسط سيناء

مع نجاح التقدم الشمالي، تم نقل الجهود الرئيسية للقوات الإسرائيلية المشتركة في سيناء لتدمير حشود المدرعات المصرية الضخمة الموجودة في وسط سيناء. وأمر الجنرال "جافيتس" فرقتين لتنسيق جهودهما للتعامل مع هذه الحشود.

فتحركت فرقة "تال" غرباً في اتجاه بير جفجافة بينما تحركت فرقة "يوفيه" جنوباً إلى بير الحسنة ثم بير التمد ومن هناك تقدم "يوفيه" غرباً في اتجاه موازي لتحرك "تال" في اتجاه ممر متلا واندفعت فرقة "شارون" والتي كانت تطهر أم قطف اندفعت جنوباً نحو نخل وأجبرت قوات "الشاذلي" ودبابات الفرقة السادسة للتحرك في اتجاه المصيدة التي أقامها "تال" و"يوفيه" في ممر متلا وهو الطريق الوحيد للخروج من سيناء وفي الواقع فقد كانت القوات الإسرائيلية تستدرج القوات المصرية المنسحبة إلى ممر متلا حيث تنتظرهم قوات "تال" و"يوفيه" لتدميرهم،

وقد أجبرت تحركات "شارون" ضد قوات الاشاذلي المدرعة والوحدات من الفرقة السادسة المدرعة على التحرك بسرعة لتجنب أي اشتباك قد يعطل انسحابهم وطاردت قوات "تال" المشاة المتمركزة في قاعدة بير الحمة غرباً في اتجاه بير روض سالم والقريبة من حشود المدرعات في بير جفجافة وتم إغلاق الطرق التي تربط بين بير جفجافة إلى الغرب والجنوب بواسطة كتائب دبابات "تال". وقد تقدمت قوات تال ووصلت منطقة حشد المدرعات المصرية التي كانت تحاول بالقتال إيجاد طريق لها للخروج من سيناء في اتجاه مصر.

وحاولت وحدة صغيرة من المدرعات الإسرائيلية جذب المدرعات المصرية وإغرائها بالهجوم المضاد عليها وبالتالي تقع في مصيدة تطويقها بالمدرعات الإسرائيلية ولكن امتنعت القوات المصرية عن رد الفعل ولذا شنت القوات الإسرائيلية هجوماً بالمواجهة والذي تم نجاحه بعد معركة استمرت حوالي ساعتين.

وفي هذا الوقت أتمت قوات "يوفيه" تطهير جبل لبنى وتحركت جنوباً في اتجاه بير الحسنة وبذلك قطعت انسحاب قوات "الاشاذلي" المدرعة. وبسبب التهديد من الصراع السابق من قوات "يوفيه" و"شارون" تقهقرت المدرعات الباقية في اتجاه ممر متلا بتقدير أنه مخرج آمن ومباشر في اتجاه قناة السويس وأثناء ذلك قامت القوات الجوية بحصر الطوابير المتراجعة بدون توقف وصبت الدمار في القوات المصرية في حدود الممر الضيقة.

9. إغلاق ممر متلا لمنع تدفق المصريين غرباً

تحركت قوات يوفيه بسرعة لممر متلا بهدف قفل المدخل وتدمير المدرعات الكثيفة والمتوقع محاولتها الانسحاب خلاله وكانت طرق العودة من سيناء والتي تلتقي عند ممر متلا سريعاً ما تمتلئ بالوحدات المصرية المنسحبة من الفرقة الثالثة والسادسة ومجموعة الاشاذلي وبعض عناصر الفرقة الرابعة المدرعة وقد بذل اللواء الغول قائد الفرقة الرابعة المدرعة كل جهد لخلق نوع من النظام في القوات التي كانت تتزايد على طول الطريق.

وأثناء ذلك كانت الوحدات المتقدمة للعقيد "شارمى" تتقدم بسرعة في اتجاه المدخل الشرقي لممر متلا لعمل كمين بها للقوات المصرية ولغلق مرورهم في اتجاه الغرب إلى قناة السويس وكانت القوات الجوية الإسرائيلية والتي سيطرت تماماً على الأجواء وقامت بحصر وقصف الحشود الهائلة من مركبات المصريين التي تلتقي عند الممر وكانت أولاً تتكدس بالمئات ثم بالآلاف من العربات المحترقة بالمنطقة ولم تترك أي ثغرة لمناورة القوات.

وأثناء تقدم مقدمة مجموعة القتال وعددها تسعة دبابات بقيادة العقيد "شارمى"، نفذ منها الوقود، ووصلت الدبابات لهدفها بأربع منها مقطورة في الآخرين، واتخذوا مواقع بالمنطقة وقاموا بقفل طرق الاقتراب والسيطرة عليها ضد القوات اليائسة والتي تحاول شق طريقها خلال الممر وفي هذه العملية فغالبا تضمن العزل وحدات "شارمى" أيضاً (وبالصدفة فقد ألحقت هذه القوة بقوات "يوفيه" المتبقية ولم تنجح إلا دبابة واحدة مصرية في اختراق هذه المصيدة أما الآخرين فقد تم تدميرهم).

وفي هذا الاضطراب الذي حدث عند تلاقى الطرق المؤدية إلى ممر متلا حيث كانت القوات الإسرائيلية تصارع لتصل إلى وحدة "شارمى" الصغيرة القائمة بإغلاق الممر والسيطرة عليه بينما كانت الوحدات المصرية، تصارع أيضاً للوصول للممر واختراقه للوصول إلى قناة السويس فقد وقعت سرية دبابات إسرائيلية في اشتباك مع طابور من الدبابات المصرية، ونتيجة للظلام لم يكن من السهل التمييز بين الدبابات المصرية والإسرائيلية، وإدراك الإسرائيليين أنهم أخطئوا وسط طابور مصري،

ولكن نتيجة لذعر المصريين واندفاعهم غرباً لم يجعلهم يدركون التعرف على الدبابات التي لحقت بهم في الظلام وهنا أمر القائد الإسرائيلي وحدته بالاستمرار في الطابور وكأن شيئاً لم يحدث على امتداد الطريق ولمسافة قصيرة وبعدها صدر الأمر بتغيير الاتجاه فجأة إلى اليمين ثم أضاءوا أنوارهم وأطلقوا نيرانهم على أي دبابة ظلت على الطريق وفي هذه العملية قاموا بتدمير كتيبة دبابات مصرية كاملة وخلال ذلك قاتلت قوات "شارمى" ضد قوات كبيرة طول الليل وأنقذهم حصولهم على الوقود من الدبابات المصرية المهجورة.

واستمرت قوات "شارون" في اندفاعها جنوباً في اتجاه نخل وفي أحد المراحل تقابلت مع لواء مدرع مصري كاملاً وهو اللواء الثاني مدرع من الفرقة السادسة المشاه الآلي وبدون أفراد حيث هرب الأفراد وكانت جميع المعدات بحالة صالحة وفي مكانها ولم يكن "شارون" يعلم أن قائد هذا اللواء وهو العميد "أحمد عبدالنبي" قد أخذ أسيراً ومعه عدد من رجاله بواسطة وحدات فرقة "يوفيه" وعند سؤاله عن ترك الدبابات وهي سليمة أجاب أنه اصدر أوامره بالانسحاب ولكن لم يتلقى تعليمات بتدمير الدبابات واشتبكت قوات "شارون" مع لواء مشاة ولواء مدرع من الفرقة السادسة المصرية بالمنطقة خارج نخل وكان من نتيجة تلك المعركة تدمير 60 دبابة وأكثر من 100 مدفع وأكثر من 300 مركبة وأعادت قوات "شارون" تجميعها وتحركت لتنضم لفرقة "يوفيه" في بير التمادا.

وفي طريق قوات "تال" من بير جفجافة في اتجاه القناة غرباً قابلت تدعيمات مصرية مدرعة تتخذ طريقها شرقاً من الإسماعيلية تهدف لشن هجوماً مضاداً لتأخير التقدم الإسرائيلي للقناة وكانت دبابات مقدمة "تال" من طراز إم اكس خفيفة التدريع فقاتلت في معركة قوية ضد الدبابات المصرية والتي ثبت أنها فرقة مدرعة من دبابات متوسطة سوفيتية الصنع ت - 55، وعندما وصلت التعزيزات الإسرائيلية اشتبكت مع اللواء المصري من مدى بعيد من حوالي 3000 ياردة لعدم القدرة على المناورة بسبب الغرود الرملية وقد انتشر اللواء المصري لعمق حوالي 4 ميل وبعد قتال استمر حوالي 6 ساعات تم تدمير اللواء وواصل "تال" تقدمه في اتجاه القناة وذلك بواسطة لواء المقدمة والذي كان منتشراً على مواجهة واسعة.

وتم في يوم القتال الأخير تدمير القوات المدرعة المصرية في سيناء وكذا التقدم الأخير لقناة السويس وحققت كلا من قوتي "تال" اتصالها على الطريق الممتد على الضفة الشرقية لقناة السويس ولكن بمجرد وصول القوات الإسرائيلية للقناة قامت القوات المصرية بمنطقة الإسماعيلية بمهاجمتها بحشود نيران المدفعية الثقيلة والمقذوفات الموجهة المضادة للدبابات عبر قناة السويس وتم الرد السريع عليها.

واخترقت قوات "يوفيه" على المحور المركزي ممر الجدي بعد أن اعترضتها ثلاثون دبابة مصرية مدعمة ببقية القوات الجوية المصرية وبالتوازي مع هذا التحرك وفي آن واحد اندفعت قواته في طريقها وسط الدبابات والمعدات التي تم تدميرها بممر متلا في اتجاه القناة. وتحركت وحدة أخرى من فرقة "يافية" في اتجاه الجنوب الغربي إلى خليج السويس في اتجاه رأس سدر وبمساعدة الإبرار الجوي استولت القوات المشتركة على المنطقة وتقدمت فوراً في اتجاه الجنوب على طول الساحل إلى شرم الشيخ ولم يتم في هذه المرة اصطدام مأساوي، كما حدث مع اللواء التاسع المشاة بقيادة "يوفيه" في حرب 1956، أثناء التقدم من ايلات إلى شرم الشيخ.

10. الاستيلاء على قطاع غزه

كانت قد تمت مهاجمة قطاع غزة في اليوم الأول للحرب ويقول "موشي ديان" في كتابه"قصة حياتي": "كنت قد عارضت مثل هذا العمل خلال المرحلة الأولى لأنني كنت أعتقد أن القطاع سيصبح معزولاً، وسوف يستسلم بدون معركة بمجرد الاستيلاء على رفح والعريش ولكن بعد ما قامت وحدات العدو بقصف المستعمرات الإسرائيلية على الحدود، ألح قائد قوات الجبهة الجنوبية ورئيس أركان حربه على ضرورة الاستيلاء على القطاع فورا، واستغرقت عملية الاستيلاء عليه أكثر من يومين من القتال، (وكان يمكن تجنب معركة غزة).

وكانت المعركة التي تمت في شريحة صغيرة بطول 25 ميل وعرض 8 ميل وبها تكدس سكاني وتم نجاح القوات الإسرائيلية فيها خلال اليومين الأوليين من القتال عندما كان "يوفيه" يخطط لاقتحام جبل لبنى وعندما اقتربت القوات المدرعة الإسرائيلية في البداية في الاتجاه نحو خان يونس يوم 5 يونيه، ثم عدلت اتجاهها جنوب غرب في اتجاه رفح الذي تحرك فيه لواء مظلي مدعم بالدبابات شمالاً على طول القطاع في اتجاه مدينة غزة مقاتلاً داخل القرى ومعسكرات اللاجئين وكان كثيراً من السكان المدنيين مزودين بالسلاح لدعم الفرقة الفلسطينية، وبالتوازي مع هذا الإجراء تم مهاجمة غزة من الحدود الإسرائيلية غرب المدينة والملاصقة لخط نقط الحدود المصرية على الميول الشرقية لتبة على المنطار.

وفي المساء تمكنت القوات المتقدمة من خان يونس شمالا من الاستيلاء على تبة على المنطار من الجنوب وأمطرتها بنيران كثيفة وبقتال متلاحم عنيف تم الاستيلاء على بلدتى خان يونس وغزة وفي اليوم التالي تمت السيطرة على القطاع في الساعات الأولى من صباح اليوم الثالث للحرب.

واكتملت السيطرة على كل سيناء بواسطة عملية اتصال تحققت مساء يوم السبت 10 من يونيه عند أبو زنيمة، وهي قرية صغيرة يسكنها الصيادون على الشاطئ الشرقي لخليج السويس، فقد اتجهت قوة من رأس سدر جنوبا، بينما اتجهت قوات المظليين التي هبطت عند شرم الشيخ نحو الشمال.

واستولت قوات المظلات على الطور في طريقها، وواصلت تقدمها واستولت على آبار بترول أبو رديس، وكان من المفروض أن تتم عملية الاتصال قبل هذا بثمان وأربعين ساعة، وعندما وصل "ديان" إلى هناك ثارت ثائرته نتيجة لهذا التأخير، ولكن كانت أبو زنيمة هادئة وفي حالة استرخاء.

فهنا منذ أكثر من 3500 سنة كانت السفن المحملة بالفيروز المستخرج من المناجم القريبة من شربيت شرابة الخادم تنقل شحناتها القيمة عبر الخليج لزخرفة قصور الفراعنة المصريين.

11. الحالة النفسية المتدهورة من أثر الهزيمة وأثرها على الجيش والشعب في مصر.

مع بدء الحرب بدأت الدعاية المصرية في إعلان قصص وهمية عن الانتصارات الكبيرة التي حققتها القوات العربية.

فقد خرجت تقارير عن وقوع تل أبيب تحت قصف جوى عنيف وأن مصفاة البترول في حيفا مشتعلة بالنيران بالإضافة إلى العديد من الانتصارات الوهمية من ميدان القتال وقد تلقى الشعب المصري أخبار اليوم الأول للحرب بسعادة حماسية وفي اليوم الثاني استمرت وسائل الإعلام المصرية في نشر قصص عن النجاح المستمر ولكن بدأت القصص تكون أكثر اتزاناً وفي اليوم الثالث كان هناك تغيراً جذرياً وكان رد الفعل الشعبي مصبوغاً بالفزع والغضب والحزن.

وقد فقد المشير "عبدالحكيم عامر" القائد العام للقوات المسلحة والذي حكى عنه الكثير من القصص فيما يختص بإدمانه للمخدرات ـ فقد أعصابه وبدأ في إصدار أوامر متضاربة إلى القادة في الميدان مباشرة أما الرئيس "عبدالناصر" فقد ظل يتلقى طول اليوم تقارير تفاؤلية مزيفة من خط المواجهة الأمامي وقد شجع "الملك حسين" في محادثة تليفونية في ساعات الصباح على شن هجوم بقواته على طول الحدود الأردنية وأبلغه أن المصريين في طريقهم لعبور صحراء النقب لمقابلة القوات الأردنية المتقدمة من تلال حبرون.

وطبقاً لأحاديث "عبدالناصر" التي تلت الحرب وما ظهر في محاكمات القادة المصريين بعد الحرب فإنه لم يكن يعلم بالكارثة التي لحقت بالقوات الجوية المصرية في الساعات الأولى من الصباح وحتى الساعة 1600 نفس اليوم وأخيراً اتفق كل من الرئيس "عبدالناصر" و"الملك حسين" على الإدعاء بأن القوات الجوية الأمريكية قد اشتركت في الهجوم على القوات الجوية المصرية، وذلك لتفسير وتبرير الهزيمة القاسية للقوات الجوية العربية والتي تمت على أيدي الإسرائيليين.

وكانت هذه المحاولة الخرقاء لتبرير الهزيمة التي كشفت القادة العرب أمام بعضهم وأنها تمت بواسطة الإسرائيليين الذين التقطوا وسجلوا محادثة تليفونية للقائدين العربيين وبعد يومين تم تأكيدها فقد اعترف "الملك حسين" بعد ذلك بأن شريط التسجيل الإسرائيلي كان صحيحاً، وسحب المزاعم السابقة والتي أدت إلى المظاهرات ضد الأمريكيين والبريطانيين في الشرق الأوسط.

وكانت الأوامر المتضاربة التي وجهها المشير "عبدالحكيم عامر" إلى الوحدات الميدانية في سيناء قد خلقت مناخاً من الرعب بين كثير من القادة المصريين مما دعاهم للفرار لإنقاذ أنفسهم وتركوا تشكيلاتهم لإيجاد مكان لتأمين العبور من قناة السويس بل أن المشير "عبدالحكيم عامر" نفسه قد انتحر بعد أن أصبح واضحاً أنه سيقدم للمحاكمة.

وفي الوقت الذي انتشرت فيه حالة الإحباط المعنوي على مستويات القيادة العليا للجيش المصري قابل الجنرال "جافيتش" قادته الثلاثة (تال، وشارون، ويوفيه) وحثهم على تنمية خططهم بالمطاردة السريعة لقطع القوات المصرية قبل تمكينهم من الفرار عبر سيناء وفي يوم القتال الثاني تم تعزيز مكاسب اليوم الأول وقامت قوات "تال" والتي سبق أن غيرت اتجاهها جنوبا خلال مطار العريش وصلت بير لحفن في اتجاهها إلى جبل لبنى

وقد سقطت بير لحفن بعد تطويق جنب القوات المصرية كما يمثل جبل لبنى أحد القواعد المصرية الرئيسية في عمق سيناء وبه عدة معسكرات محصنة وقاعدة جوية وتلاقى طرق مركزي يربط جميع الاتجاهات في سيناء

وقد قام "الفريق مرتجى" بفتح الفرقة الثالثة المشاة المدعمة بوحدة دبابات هنا في لبنى ولمسافة 12 ميل جنوبها أي بمنطقة الحسنة حيث قامت قوات "تال" من الشمال وقوات "يوفيه" من الشرق بمهاجمة هذه القوات المحصنة والممتدة بمناطق لبنى والحسنة

ومع غسق يوم 6 يونيه سقطت معظم المعسكرات بجبل لبنى وتابعت قوات يوفيه تقدمها جنوباً إلى بير الحسنة وكانت قوات "شارون" في نفس الوقت تقوم بتطهير منطقة أم قطف. وبعد ذلك غيروا اتجاههم جنوباً إلى نخل للتعامل مع مجموعة "الاشاذلي" المدرعة بين القسيمة والكونتلا .
ي


المبحث السادس 2013_110


عدل سابقا من قبل ahmed_laban في الأربعاء 08 يونيو 2011, 4:17 am عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52561
العمر : 72

المبحث السادس Empty
مُساهمةموضوع: رد: المبحث السادس   المبحث السادس Emptyالأربعاء 08 يونيو 2011, 4:08 am

. قبول مصر وقف إطلاق النار

بعد أربعة أيام من القتال الدامي والفشل والشعور بالصدمة السياسية والعسكرية - التي عانى منها كل من الجنود المصريين في الميدان وقادتهم وافق "عبدالناصر" على وقف إطلاق النار في نهاية يوم الخميس 8 من يونيه 1967، وكان "عبدالناصر" وقادته العسكريون قد فشلوا في أن يستشفوا النوايا الإسرائيلية على الرد على حصاره البحري، بالرغم من أن الدلالات كانت واضحة.

وكان من المفروض أن يكون واضحاً لهم، وخاصة بعد تشكيل حكومة الوحدة الوطنية، أن إسرائيل ستعمل على كسر الحصار عن طريق الاستيلاء على مضيق تيران - الأمر الذي لا يمكن أن يتحقق إلا بعد القتال في قلب سيناء أولاً. غير أن المصريين أقنعوا أنفسهم بأن إسرائيل لن تجرؤ على القيام بعمل ما.

وقد علم "عبدالناصر" ببدء الحرب عندما سمع بأذنيه الانفجارات الناجمة عن مطار غرب القاهرة. وعلم قائد جيشه المشير "عامر"، ببدء الحرب عندما شاهد بعينه أعمدة الدخان المتصاعدة من القاعدة الجوية بأبو صوير.

وفشل "عبد الناصر" وقادته العسكريون أيضاً في إدراك خطة العمليات الإسرائيلية بعد بدء المعركة. وفشلوا في أن يحكموا حكماً سليماً على الأحداث في ميدان المعركة - وكانوا في أكثر الأحيان لا يدركونها إلا بعد أن يكون قد فات أوان اتخاذ إجراءات مضادة، وأخيراً فشلوا في إظهار المرونة اللازمة بعد الصدمة التي سببتها ضربتنا الجوية الوقائية، وكان أثر الصدمة نفسياً أكثر منه عملياً في المرحلة الأولى للحرب، إذ أنه بالرغم من حصول إسرائيل على السيطرة في الجو، فإن المدن المصرية لم تقصف وكان في إمكان الوحدات المدرعة المصرية الموجودة في الجبهة أن تقاتل حتى بدون مساندة جوية.

وفي الساعة التاسعة والدقيقة الخامسة والثلاثين مساء الخميس 8 من يونيه أبلغ "يوثانت"، سكرتير عام الأمم المتحدة، مجلس الأمن بأن المندوب المصري قد أخطره لتوه بقبول مصر وقف إطلاق النار بلا أي شرط.

وكان هذا تحولاً كاملاً عن الموقف المصري الذي كان يقاوم حتى تلك اللحظة، فقبل ذلك بسبع دقائق فقط كان المندوب السوفيتي قد قدم مشروع قرار لا يدعو إلى وقف إطلاق النار فحسب، بل إلى انسحاب إسرائيل إلى خطوط سنة 1949، وقبل 24 ساعة من ذلك كان "عبدالناصر" قد أبلغ رؤساء الجزائر والعراق وسورية وملك الأردن بأن مصر لن تتوقف عن القتال طالما ظل جندي إسرائيلي واحد على الأراضي المصرية.

وقد أدلى بهذا التصريح بعد ساعة ونصف من اتخاذ مجلس الأمن قراراً يطالب بقبول جميع الأطراف وقف إطلاق النار على أن يسرى مفعوله ابتداء من الساعة العاشرة من مساء 7 من يونيه، ولم يكن "عبدالناصر" يردد شعارات جوفاء. فقد كان يود فعلا الاستمرار في القتال، وكان يعتقد أنه يستطيع ذلك. وفي مساء اليوم نفسه، أصدرت القيادة العليا بالقاهرة أوامرها للقوات المصرية بشن هجوم مضاد ضد الجيش الإسرائيلي، وقد حاولت إحدى الوحدات أن تفعل ذلك فعلاً.

ولم يدرك "عبد الناصر" حقيقة الأوضاع المؤلمة إلا مساء 8 من يونيه عندما علم بسقوط القنطرة شرق، وأن قواته في سيناء تهرب مذعورة وليس هناك أمل في إقامة خطة دفاع. عند ذلك فقط أصدر تعليماته لمندوبه في الأمم المتحدة بقبول وقف إطلاق النار.

"ويقول "موشي ديان" في كتابه قصة حياتي Story of my life" كانت قواتنا قد وصلت إلى القناة بالفعل عندما قبلت مصر وقف إطلاق النار. ومع ذلك كنت أعتقد أننا قد نستطيع إقامة خط دفاعي على مسافة من القناة بعد الحرب. وكنت أريد إقامة خط يمنع مصر من إعادة قواتها المسلحة إلى سيناء، وفي الوقت نفسه يمكنها من المحافظة على الحياة الطبيعية في منطقة قناة السويس، وكنت قد طلبت، بعد استيلاء قواتنا على القنطرة شرق، عقد اجتماع للتشاور مع رئيس الوزراء ورئيس الأركان، وقررنا أن تتوقف قواتنا على مسافة 12.5 ميل من قناة السويس.

ولكن حدث تطوران جديدان. أولهما أنه بالرغم من قبول مصر لوقف إطلاق النار، فإن بقايا قواتها استمرت في إزعاج وحداتنا في شرق القناة، ثانياً، أن الولايات المتحدة الأمريكية كانت على وشك تقديم قرار إلى مجلس الأمن يدعو إلى سحب كلا الجانبين لقواته المسلحة إلى مسافة ستة أميال من القنال.

واعتقدنا أنه من مصلحتنا أن تكون لدينا منطقة نستطيع الانسحاب منها. وعلى ذلك أصدرت هيئة الأركان العامة تصحيحاً لقرارها السابق، وقالت أن التوزيع الجديد للقوات لن يصبح ساري المفعول إلا بعد انتهاء القتال".

13. الخسائر المصرية

قدرت إسرائيل خسائر المصريين في حرب الأيام الستة بحوالي 15000 وقد خفض المصريين هذا الرقم وأعلنوها 10000 وأسرت القوات الإسرائيلية أكثر من 5000 جندي وأكثر من 500 ضابط كما تم فقد أكثر من 800 دبابة دمر أكثر من ثلثيهما وبالإضافة لعدة مئات من المدافع الروسية الصنع والمدافع ذاتية الحركة وأكثر من عشرة آلاف مركبة مختلفة الأنواع وبعد عدة شهور اعترف الرئيس "عبدالناصر" أن 80% من المعدات العسكرية التي يمتلكها الجيش المصري فقدت في معارك سيناء وكانت خسائر إسرائيل على تلك الجبهة حوالي 300 قتيل وأكثر من 1000 جريح.

14. إغراق السفينة الأمريكية "ليبرتى"

كانت هناك سفينة مخابرات إلكترونية (ليبرتى) تتمركز بعيداً عن الحرب خارج ساحل سيناء ظلت تبحر ببطيء حوالي 14 ميل بحري شمال غرب العريش.

ولم يخطر الأمريكيون أي من الجانبين عن هدفها أو مهمتها أو حقيقة ما تفعله السفينة بالمنطقة وباستعادة الذاكرة أنه عندما اخترقت قوات اللواء "تال" على امتداد المحور الشمالي في اتجاه العريش قامت القوات المصرية بإعادة التجميع وإعادة الاستيلاء على بعض المواقع التي سبق الاستيلاء عليها بواسطة القوات الإسرائيلية وقد حدث جو من الاضطراب بسبب هذا الموقف وفي 8 يونيه تم إطلاق النيران على القوات الإسرائيلية في منطقة العريش بصفة عامة وأبلغت القوات الإسرائيلية أنه يتم قصفهم من البحر وقد تم إنذار القوات الجوية والتي تعرفت على قطعة بحرية تبحر قرب ساحل سيناء من المنطقة التي تم منها قصف القوات بصفة عامة وكان خيال الباخرة مشابه وخاصة بالنسبة لطيار يقود طائرة نفاثة على ارتفاع عالي لخيال السفن التي في القوات البحرية المصرية وبدون أي تأكيدات أخرى هاجمت طائرة إسرائيلية هذه الباخرة الغريبة والتي لم يتضح أنها صديقة ونتج عن ذلك قتل 34 من طاقمها وجرح 164 وقد تمكنت السفينة من الإبحار عائدة إلى مالطة وبعد استفسار عسكري عبر الإسرائيليون عن أسفهم وعرضت دفع تعويضات للولايات المتحدة الأمريكية وإلى عائلات هؤلاء الذين قتلوا أو جرحوا ولكن المحاولات التي بذلت لتأكيد أن ما حدث كان هجوماً سريعاً من جانب القوات الإسرائيلية ولم يتم فيه الفحص أو التدقيق وخاصة ما يربط الحكومتين الإسرائيلية والأمريكية من علاقات الود والتفاهم البالغ بين البلدين والذي عبر عنه الرئيس "ليندون جونسون" للحكومة الإسرائيلية أنه متفهم حالة إسرائيل عندما لا تجد لها مخرج إلا الحرب وأن اللوم هنا يقع أولاً على السلطات الأمريكية التي رأت أنه من المناسب وضع سفينة تجسس بجوار ساحل دولة صديقة في وقت الحرب دون تبليغها أو تحذيرها وبدون إخطار إسرائيل عن مكان سفنها.

يقول الجنرال أهارون باريف (مدير الاستخبارات الإسرائيلية في هذا الوقت) أنه تم اختيار ساعة الصفر عند بدء تحرك معظم أفراد وقادة الوحدات الجوية المصرية، وهم في طريقهم إلى قواعدهم بعد تناول الإفطار "أهارون باريف، مصدر سابق، ص 218".

ويذكر الأخوان رودلف، وونستون تشرشل في كتابهما، ص ص 34-35 : "أنه كانت هناك أربعة أسباب رئيسية وراء اختيار إسرائيل لهذا التوقيت منها :

1- كانت حالة الاستعداد المصرية قد بلغت الذروة، وكان من الصواب الافتراض بأن المصريين كانت لديهم منذ أن بدأوا في حشد قواتهم في سيناء بطريقة عدوانية، عدة طائرات من طراز "ميج - 21" تقف على أهبة الاستعداد في نهاية الممر في كل صباح، بحيث تكون على استعداد للتحليق في الجو في مدى خمس دقائق.

كما كان من المحتمل أيضاً أن لديهم دوريات تحلق في الجو. وتتألف من طائرة أو طائرتين من طراز "ميج - 21" في هذه الفترة من اليوم. وهي الفترة التي من المرجح فيها على الأغلب أن يقع هجوم العدو.

غير أنه رؤى، أنه ليس من المرجح، إلى حد كبير، أن يستمر المصريين في هذه الحالة من الاستعداد إلى فترة غير محدودة، وبما أنه لم يقع هجوم خلال ساعتين أو ثلاث ساعات بعد الفجر.

فمن المرجح أن المصريين كانوا يخففون من حالة استعدادهم، ويطفئون بعض أجهزة الرادار لدواعى الصيانة. وقد شعر الإسرائيليون أنه من الصواب الافتراض بأن المصريين كانوا يقللون من درجة استعدادهم في الساعة 7.30 (8.30 بتوقيت القاهرة).

2- أن الهجمات الجوية تقع في أغلب الأحيان في الفجر، ولذلك كان لابد على الطيارين أن يكونوا داخل طائراتهم قبل ثلاث ساعات على الأقل من تحليقهم في الجو.

ومعنى هذا أنه كان لابد عليهم أن يستيقظوا في حوالى منتصف الليل أو لا يناموا على الإطلاق في تلك الليلة. وبتحديد الساعة 7.45 لتوجيه الضربة الأولى، أصبح في استطاعة الطيارين الإسرائيليين أن يناموا حتى الساعة 0400 صباحاً أو نحوها.

3- في هذا الوقت من العام يوجد ضباب في المنطقة ينقشع تماماً مع بلوغ الساعة الثامنة صباحاً، وتكون الرؤية واضحة إلى أقصى حد بسبب زاوية الشمس.

4- وأخير ذلك نفس السبب "الذي سبق أن ذكره ياريف من ذهاب الموظفين إلى مكاتبهم".

كانت الدورة الزمنية للطائرات لكي تضرب القواعد المصرية الرئيسية في منطقة القناة تحسب كالآتى : - الوقت اللازم لوصول الطائرات إلى الهدف = 22.5 دقيقة تقريبا. - الوقت الذي تستغرقه الطائرات للتحليق فوق الهدف = 7.5 دقيقة تقريباً. - الوقت اللازم لعودة الطائرات إلى القاعدة = 20 دقيقة تقريباً. - الوقت اللازم لهبوط الطائرات = 7.5 دقيقة تقريباً. - المجموع الكلى = 57.5 دقيقة تقريباً

يقول الأخوان رودلف، وونستون تشرشل في كتابهما، حرب الأيام الستة، ص 40 : "برغم من أن 23 شبكة رادار مصرية (من بينها 16 شبكة في سيناء) قد عطلها سلاح الجو الإسرائيلي عن العمل، إلا أن ذلك لم يتم قبل بعد ظهر يوم الاثنين. ومن المحتمل أن أجهزة التشويش الإلكترونية، لم تستخدم قبل الساعة 7.45 صباحاً. نظراً لأن ذلك كان سيحذر العدو من أن شيئاً يحدث حوله. ولكن بعد ذلك، فإن الإسرائيليين تلاعبوا تماماً بشبكات الرادار المصرية"

يمثل خط الفاصل الزمني الكبير بين بدء الضربة الجوية على الجبهة المصرية 7.45، وإقلاع طائرات سورية لتنفيذ مهام 11.50، أي أكثر من أربعة ساعات. وقد حقق ذلك انفراد إسرائيل بكل جبهة على حدة

يقول ونستون، ورودلف تشرشل: "يرجع تدمير في المطارات إلى استخدام إسرائيل لقنبلة عجيبة، ابتكرها الإسرائيليون، وعملوا على تطويرها لكي تستخدم في غرض معين، وهو تدمير الممرات.. ففي الوقت الذي يتم فيه إلقاء القنبلة، يجرى إطلاق صاروخ عكسى يمنع انطلاقها إلى الأمام، ثم يجرى إطلاق صاروخ آخر يعمل على دفعها عموديا داخل الممر.

وفي الوقت الذي تخترق فيه القنبلة الخرسانة، يقوم جهاز تفجير زمنى بتفجيرها وقد يقوم جهاز التفجير بعمله في الحال، أو ربما يؤجل عملية التفجير لفترة زمنية متغيرة. وقد روى الملك حسين شيئاً عن الأضرار التي حدثت نتيجة إلقاء القنابل الصاروخية، في حديث أدلى به إلى "جون بنتلى" مراسل جريدة "فلايت". قال : "أن الحفر التي نجمت عن قذف هذه القنابل كان عمقها يصل إلى متر أو مترين.

وأن القنابل التي تنفجر في زمن لاحق لوقت إلقائها، جعلت عملية إصلاح الممرات مستحيلة وقد انتظرنا حتى يهدأ الموقف، ولكن الطائرات الإسرائيلية كانت تتابع في أمواج متعاقبة، وقد كنا نظن أن الليل سيسمح لنا بالتحرك فوق الأرض، ولكنهم كانوا يشعلون الحرائق ويحولون الظلام إلى نهار.

منقول من
موسوعة مقاتل من الصحراء.


المبحث السادس 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52561
العمر : 72

المبحث السادس Empty
مُساهمةموضوع: رد: المبحث السادس   المبحث السادس Emptyالإثنين 02 يونيو 2014, 6:03 am

2. أعمال قتال اللواء 55 المظلي


أما اللواء 55 مظلي بقيادة العقيد "موتاجور" والذي أصبح حالياً تحت قيادة الجنرال "نيركيس" فقد كلف بمهمة اختراق منطقة المباني شمالي مدينة القدس القديمة عند الشيخ جاراس ومدرسة البوليس وتل الذخيرة وهذه المناطق هي التي تسيطر على الطريق المؤدي إلى منطقة جبل سكويس المحاصرة حيث يوجد بها قوة صغيرة بعدد مائة وعشرون من رجال الشرطة اليهود الذين ظلوا معزولين هناك لمدة أعوام (وكان يصلهم الإمداد فقط في حماية الأمم المتحدة) وكان هذا العمل يكمل عملية "ابن آري" وأيضاً يفصل الاتصال بين رام الله والقدس الشمالي المؤدي لداخل المدينة القديمة


وكان الفيلق العربي يعلم المعارك العنيفة التي تمت بالمنطقة عام 1948 كما يعلم أيضاً بأهمية الأحياء الشمالية في القدس من الناحية الإستراتيجية ولذلك وعلى أكثر من تسعة عشرة عاماً قام العرب بتشييد أعمال دفاعية واسعة ومعقدة للتأكد من عدم قدرة أي هجوم إسرائيلي على اختراق الخط الذي يربط بين رام الله ومدينة القدس القديمة وقد تم تحصين المباني والمواقع بالخرسانة والخنادق العميقة والمدافع عنها بحقول الألغام والأسلاك الشائكة.


ومنذ نهاية عمليات 1948 قسمت القدس بين العنصرين المتحاربين بالأسلاك الشائكة الكثيفة والتحصينات والخنادق والحصون العالية التي تخترق المدينة ويطل من هذه التحصينات المراقبون لملاحظة الجانب الآخر بيقظة عالية وكان الجزء الغربي من المدينة تحت السيطرة اليهودية وبه أكثر من مائة ألف ساكن وكان يمثل طرف بروز إسرائيلي متصل بالساحل بواسطة ممر القدس وكانت المدينة نفسها محاطة من أجنابها الثلاثة بالمواقع الأردنية والتي تسيطر على طرق الاقتراب من الأراضي العالية لكلا الجانبين


وكان الفيلق الأردني العربي بصفة خاصة يهدد الممر بمنطقة اللطرون بصفة رئيسية والتي ظلت منذ معارك 1948 كما هي على حالها كما تهدد الأراضي العالية شمال الممر الطريق الذي يربط القدس بالسهل الساحلي وكان يسيطر على الجزء العربي من القدس الفيلق العربي مركزا بصفة على المدينة التاريخية القديمة بمزاراتها وأماكنها المقدسة والخاصة بالأديان الثلاثة وكان معها الجزء الشرقي من القدس وأيضاً تحت السيطرة العربية وكانت هناك منطقتين محصورتين في القدس أضافتا مشاكل عسكرية للقادة هناك وكانت الأولى منطقة جبل سكويس وهي مقاطعة إسرائيلية في منطقة جامعة جبرور ومستشفى هداسا وكانت محاصرة تماماً في عام 1948 ولكن استمرت السيطرة عليها بنجاح ضد الهجمات العربية وكانت المنطقة الثانية هي منطقة مقر الحكومة والتي كانت مقراً للمندوب السامي البريطاني بفلسطين واستمرت بعد الانسحاب البريطاني كقيادة لمراقبي الهدنة التابعين للأمم المتحدة بعد الحرب ورمز لاتفاق وقف إطلاق النار وكانت تقع في جنوب المدينة القديمة على بروز عرف باسم تل مستشار الشيطان بارزا جهة الشرق ويسيطر على الطريق الذي يربط القدس ببيت لحم والذي بناه الأردنيين.


وكان يدافع عن القدس حشود كبيرة من القوات الأردنية وكانت مسؤولية الدفاع عن مدينة القدس مسندة للواء 27 مشاة من الفيلق العربي وتحت قيادة العميد "عطا علي" وكانت منطقة رام الله بشمال القدس يدافع عنها بواسطة اللواء الهاشمي والذي ألحق بعض القوات على الضواحي الشمالية للمدينة وتمركزت كتيبة دبابات من اللواء 60 مدرع خارج مدينة القدس مباشرة عبر وادي كيدرون. أما اللواء حطين والذي كان مسؤولاً عن منطقة حبرون جنوب القدس فقد الحق أيضاً كتيبة لتكون مسؤولة عن المنطقة بين القدس وبيت لحم. وكان ما يبدو الدهشة أنه لم يكن هناك قيادة أردنية مركزية لكل منطقة مدينة القدس.


وقد أبرزت تلك العملية بوضوح إحدى مزايا قوات الدفاع الإسرائيلية حيث تجلت في المرونة بتعديل تكليف اللواء المظلي بقيادة "جور" ليقوم بالتحرك والعمل في اتجاه القدس وذلك بدلا من التخطيط السابق له والذي كان سيتم فيه إسقاطه في العريش وشرم الشيخ.


فقام قادته باستطلاع المنطقة المكدسة بالمباني والمختلفة في طبيعتها عن المناطق الصحراوية التي تعودوا العمل فيها وقاموا بالتخطيط لواحدة من أصعب العمليات العسكرية وهي القتال في المدن.


وبعد ظهر يوم 5 يونيه وبعد تدمير القوات الجوية الأردنية واصلت القوات الجوية الإسرائيلية هجومها على المواقع الأردنية حول القدس وخاصة جميع التقويات على الطريق من نهر الأردن عند أريحا في اتجاه المدينة وقد تم تدمير جميع خطوط المواصلات الأردنية وفي المساء تم تعطيل محطة الإرسال الإذاعي في رام الله وفي الوقت نفسه أجبرت مراكز القيادة الأردنية بالضفة الغربية بواسطة نشاط القوات الجوية الإسرائيلية على إخلاء الضفة الغربية والتحرك إلى الضفة الشرقية لنهر الأردن وقد طلب العميد "عطا علي" قائد اللواء 27 المتمركز بمنطقة القدس طلب قوات لدعم جنوده الذين يقاتلون حاليا ضد قوات كبيرة وفي الحال بدأ تحرك عناصر من اللواء 60 مدرع وكتيبة مشاه وذلك بعد الظلام على طريق اريحا ـ القدس ولكن قامت القوات الجوية بإضاءة الطريق بالمشاعل ثم بدأت في تدمير قول الدعم والذي تم القضاء عليه وكان الأردنيون على علم بوصول قوات "جور" للقدس وأدركت أن هناك هجوماً كبيراً سيحدث الآن وقد بذلت الجهود لدفع تدعيمات من المشاة عبر المدقات الصحراوية والطرق الجانبية وذلك لتفادى التدخل الجوي.


وقبل ساعة من منتصف ليلة 5/6 يونيه 67 بدأت معركة القدس التاريخية فقد تم تنفيذ التمهيد النيراني بالمدفعية والهاونات طبقاً لما سبق تخطيطه مع توجيه الأضواء الكاشفة من الجزء الغربي للقدس ومن مقاطعة جبل سكويس وركزت الإضاءة على الأهداف تلو بعضها وتم تدمير المواقع العربية موقعاً بعد الآخر بواسطة حشود النيران الإسرائيلية وبعد فترة قصيرة بعد الساعة 0200 صباحاً تقدمت قوات المظليين بقيادة العقيد "جور" تعاونهم حشود نيران المدفعية ويؤمنها وحدة استطلاع لواء القدس في الأمام ويدعمه كتيبة دبابات من لواء القدس، تقدمت هذه القوات عبر المنطقة المحايدة في المنطقة بين بوابة "مندليوم" ومدرسة البوليس، وقامت كتيبة بمهاجمة مدرسة البوليس وتل الذخيرة بما فيهم من تحصينات كثيفة ومعقدة، بينما تقدمت كتيبة أخرى في الشمال إلى داخل حي الشيخ جاراس وقد قاتل الأردنيون ببسالة وبعد أن قامت قوات "جور" بالتعامل مع حقول الألغام التي زرعها الأردنيون على طرق الاقتراب لمواقعهم اندلعت سلسلة من معارك القتال القريب والمتلاحم وواصلت القوات الإسرائيلية عملها على امتداد المواقع بالخنادق والقتال من حجرة لأخرى وتطهير ملجأ بعد الآخر وقاتلوا على الأسطح وفي المخابئ واستمرت تلك المعارك المستميتة والمتأرجحة لمدة أربع ساعات بواسطة جنود كلا الجانبين حيث قاتلوا بشجاعة منقطعة النظير وأصبحت معركة تل الذخيرة جزءاً من ملحمات إسرائيل العسكرية.


وباقتراب الفجر تقدم "جور" بكتيبته الثالثة إلى القطاع الجنوبي في الشيخ جراس وبالتعاون مع دبابات لواء القدس شقت طريقها بالقتال إلى منطقة متحف روكفيلر المواجه للقطاع الشمالي لحائط المدينة القديمة بمنطقة بوابة دمشق وبوابة هيرود وفي الصباح تم تطهير المنطقة وسيطرت القوات الإسرائيلية على المنطقة بين حائط المدينة وجبل سكويس وأعيد فتح الاتصالات مع المقاطعة المحاصرة وتمركزت قوات المظلات في الوادي تحت جبل سكويس وتل أوجستا فيكتوريا المواجه لحائط المدينة القديمة.


وبالتوازي مع تلك العمليات قام لواء هارتيل بالاستيلاء على منطقة النبي صموئيل وقام بالتعزيز على امتداد طريق القدس ـ رام الله وقامت كتيبة من اللواء 60 مدرع أردني بشن هجمة مضادة بالقرب من تل الغول وبعد معركة شرسة لمدة قصيرة خسرت فيها عدة دبابات انسحب الأردنيون وتابعت قوات "ابن آري" في اتجاه تل شوافات شمال القدس.


وهكذا بمنتصف صباح يوم الثلاثاء 6 يونيه تمكنت وحدات اللواء 16 (لواء القدس) من السيطرة على زور باهر جنوب القدس مع قطع جبال الخليل عن القدس وتمركزت قوات "جور" بين جبل سكويس والمدينة القديمة وقامت القوات المدرعة "بن آري" بالسيطرة على طرق الاقتراب الشمالية من رام الله إلى المدينة وقد تم تقسيم لواء العميد "عطا علي" إلى ثلاثة أجزاء منفصلة عن بعضها بمناطق المدينة القديمة وتل شوافات والمنطقة العامة لاوجستا فكيتوريا والتي كانت على النتوء بين جبل سكويس وجبل الزيتون كما كان يوجد وحدة صغيرة بمنطقة أبو طور في جنوب حائط المدينة القديمة مباشرة والذي يشرف على محطة سكة حديد القدس وقد أخطره "الملك حسين" شخصياً بأنه سيتم بذل الجهود لتحرير القدس وطبقا لذلك فقد قرر أن يتمسك بها ويحارب وخلال ذلك بدا لواء القادسية المشاة والذي كان متمركزاً بمنطقة أريحان بدا التحرك في اتجاه القدس على امتداد الطرق الجبلية والمدقات وعلى أي حال فقد تم إيقاف اللواء في الطريق نتيجة للهجمات الجوية الإسرائيلية باستخدام المشاعل الضوئية وتم تكبيده خسائر كبيرة في الهجمات المتكررة وتم إرباك الجدول الزمني لطابور الدعم بهذه الهجمات وباقترابه للقدس كان متأخراً جداً لتقديم أي معاونة للقوات الأردنية بالمدينة القديمة.


سقوط القدس "7 يونيه 1967".


كانت قوات "جور" بالقدس وبعد أن قامت بتطهير طرق الاقتراب للمدينة القديمة وانتشرت في الوادي بين جبل سكويس والمدينة القديمة قامت بالتجهيز للاقتحام النهائي والذي سيكون أعظم حدث تاريخي وعقائدي وسيميز تاريخ الشعب اليهودي ولكن كان من المفروض أولا إحكام السيطرة على الهضبة التي تطل على القدس من الشرق وهي جبل سكويس وتل اوجستا فيكتوريا وجبل الزيتون (في سنة 70 بعد الميلاد) أي منذ ألفين سنة ومن نفس هذا التل قام الفيلق الروماني بقيادة "تيتوس" بمسح حوائط مدينة القدس وذلك قبل شن هجومهم عليها وعلى المعبد اليهودي فيها وكان الوقت يجري مع تصاعد الضغوط داخل مجلس الأمن بالأمم المتحدة لفرض وقف إطلاق النار.


وكان الحاكم الأردني لحي القدس "أنور الخطيب" وقد اعتراه اليأس وكان على اتصال دائم مع "الملك حسين" الذي وعده (كما وعد قائد اللواء 27 المسؤول عن الدفاع عن منطقة القدس وهو العميد "عطا علي") بإرسال إمدادات وقد تم إرسالها فعلاً ولكنها لم تصل بسبب تدخل القوات الجوية الإسرائيلية على طول طريق اريحا. وقد احتج الحاكم الأردني بسبب استخدام منطقة قبة الصخرة التي تضم جامع عمر بن الخطاب والمسجد الأقصى كمخازن ذخيرة ولكن بدون جدوي.


وقد أصبح الأمر خطير خوفاً من اندلاع القتال والذي يمكن أن يدمر المنطقة المقدسة للثلاثة أديان وعندما فشلت الإمدادات في الوصول من أريحا أدرك عطا علي أن الموقف ميئوس منه فقرر أن يسحب قواته ومن ثم إنقاذها وبالتدريج انسحبت حشود القوات الأردنية في إخلاء ماهر.


ولكن الحاكم الأردني "أنور الخطيب" رفض مصاحبة القوات المنسحبة وبعد يومين قدم نفسه في القدس إلى الجنرال "أهارون ياريف" مدير الاستخبارات الإسرائيلية، حيث تم ترشيحه كأول حاكم عسكري للضفة الغربية وروى له القصة الدرامية لمعركة القدس كما يراها الجانب الأردني (وبالمناسبة فإن عملية إخلاء المساجد من الإمدادات العسكرية والمفرقعات والذخائر استغرقت عدة أيام).


وفي سعت 8.30 صباح يوم 7 يونيه هاجمت ثلاثة كتائب تابعة للعقيد "جور" كتيبتين منهم يعاونهما نيران مركزة من المدفعية ومعاونة جوية شنتا هجوماً ثنائياً ضد تل أوجستا فيكتوريا واخترقت كتيبة مدعمة بالدبابات الموانع الأردنية من اتجاه جبل سكويس بينما تسلقت كتيبة أخرى الميول الحادة لمواقع اوجستا فيكتوريا من الوادي بين التل والمدينة القديمة وفي نفس الوقت اندفعت إلى حائط المدينة من متحف روكفيلر في اتجاه بوابة القدس حيث تم التخطيط هناك لاختراق المدينة القديمة وجبل المعبد وبمتابعة الهجوم الثنائي الشعبية اكتسحت قوات المظلات المدعمة بالدبابات عبر تل اوجستا فيكتوريا وجبل الزيتون ثم هبطت على المنحدرات إلى الطرف الشمالي لوادي كيدرون تحت حوائط المدينة وقد تمكن جزء من القوة من السيطرة على مواقع دفاعية تغلق الطريق من اتجاه أريحا وقد تحرك لواء مشاه أردني إلى هذا الطريق ليلاً لدعم القوات الأردنية بالقدس، ولكن مع أول ضوء تم قصفه بالقوات الجوية والمدفعية الإسرائيلية من منطقة القدس وهكذا انهزمت القوات واضطرت للانسحاب قبل أن تفتح للهجوم.


وقاد "جور" الكتيبة الثالثة من عربته النصف جنزير مدعماً بفصيلة دبابات قاصداً بوابة القدس "ستيفن" وقاد عملية الدخول للمدينة القديمة وبسرعة كانت تتبعه ثلاثة كتائب من اللواء وفي اتساع منطقة جبل المعبد انتشرت القوات وأخذت في تطهير مناطق المقاومة المحتمل وجودها ولكن مع استبعاد القناصة العادية لم توجد سوى مقاومات صغيرة فقد انسحب معظم القوات الأردنية.


وهكذا وفي سعت 1000 وصلت القوات الإسرائيلية المزارات اليهودية المقدسة وهي حائط المبكى وتم هناك احتفال سريع يمجد ما اعتبرته القوات الإسرائيلية أحد اللحظات العظيمة في التاريخ الوطني الطويل الذي حدثت فيه هذه المناسبة التاريخية وهنا قدم القادة العرب أنفسهم للعقيد "جور" وأخبروه عدم وجود مقاومات منظمة أخرى وهنا دخلت قوات "جور" المدينة القديمة ومعها وحدات من اللواء 16 (لواء القدس) بقيادة العقيد "أميناي" تقوم بتطهير جنوب المدينة من جبل صهيون حتى سلوان والبوابة المحفورة، ثم تقدم اللواء جنوباً وتغلب على مواقع مآري الياس مع مقابلة مقاومات خفيفة وأخذ بيت لحم بسرعة واتريون وحبرون مندفعاً في اتجاه الجنوب من جرون واتصلت قوات القدس مع وحدات القيادة الجنوبية الإسرائيلية يوم 8 يونيه.


3. استكمال الاستيلاء على باقي الضفة الغربية


لم يتوقف الهجوم لحظة واحدة، ولكن كان هناك اندفاعاً مستمراً للقوات الإسرائيلية في اتجاه الضفة الغربية، تسانده القوات الجوية بقصف المواقع والاحتياطيات الأردنية.


هذا وقد استولى اللواء المدرع بقيادة "يوري بن آري"، بعد الانتهاء من مهمته في القدس في الظهر، على رام الله الواقعة شمال القدس مباشرة في وقت متأخر من بعد ظهر ذلك اليوم.


وفي اليوم التالي اتجه اللواء نحو الشرق واستولى على أريحا بعد مقاومة ضئيلة وكانت المدينة مكتظة بقوات أردنية ووسائل نقل في انتظار دورها للانسحاب شرقاً عبر الجسور القائمة فوق نهر الأردن، وعندما دخلت الدبابات الإسرائيلية وقع ذعر وهروب جماعي نحو النهر.


وعبرت وحدات من اللواء المدرع نهر الأردن واتخذت مواقع لها على الضفة الشرقية وقد أدى هذا إلى وصول رسالة عاجلة وقلقة من السفير الأمريكي، ويبدو أن الحكومة الأردنية استدعت السفير الأمريكي في عمان وأبلغته أن قواتنا عبرت الأردن بهدف الاستيلاء على عمان والسلطة، فأصدرت الأوامر فوراً إلى هيئة الأركان العامة بإعادة اللواء المدرع إلى الضفة الغربية للأردن ونسف الجسور الأمر الذي سيظهر عزمنا على عزل أنفسنا عن الضفة الشرقية.


وأننا قد وصلنا إلى أقصى الحدود الشرقية في قتالنا وكان هذا علامة على النهاية، ولم يكن علامة على البداية كما حدث بالنسبة "ليوشع" منذ ثلاثة آلاف وثلاثمائة عام.


وتعتبر أريحا، أو منية النخيل كما يسميها الكتاب المقدس، أقدم مدينة في العالم حيث ترجع إلى العصر الحجري الحديث. وقد شيد سكانها الأوائل مباني من الحجر كما شيدوا حائطاً لحمايتها وأبراجاً للمراقبة وقد استحدثوا نظاماً للري مستخدمين أدواتهم البدائية وفروع الشجر والطفل الرملي، مما يسر لهم زيادة محاصيلهم .


ووقعت معركة دبابات أخرى بعد ظهر ذلك اليوم - الأربعاء 7 من يونيه - كانت أكثر إثارة وهي معركة الاستيلاء على نابلس، والتي أبلى فيها ضابط شاب برتبة ملازم بلاءاً حسناً، حيث واجه بدباباته الأربع الخفيفة طابوراً أردنياً مدرعاً يضم دبابات باتون الأقوى من دباباته، ودمر سبع دبابات بالإضافة إلى حاملة جنود مدرعة وسيارة جيب ومدفع عديم الارتداد وعربة محملة بالقوات الأردنية.


أما تفاصيل المعارك للاستيلاء على الضفة الغربية فقد سارت كالآتي


كان في مواجهة القطاع الشمالي للضفة الغربية اللواء "بيليد" بفرقته المدرعة المكونة من لوائين مدرعين منتظراً رصد القوة الأردنية الرئيسية ولكن لم يتقدم أحد سواء من السوريين أو الأردنيين.


1. تكوين وأوضاع القوات الأردنية


تتكون القوات الأردنية في قطاع سماريا من ثلاثة ألوية مشاه ولواء مدرع مدعم وكتيبتين مشاه مستقلتين وكتيبتين مدرعتين مستقلتين وكانت بلدة جنين تعتبر مفتاح القدس من جهة الشمال ولذا فقد دارت عليها معارك عنيفة في حرب الاستقلال حيث كانت تحت سيطرة اللواء 25 مشاه الأردني المدعم بكتيبة دبابات وكان اللواء مسؤولا عن طرق الاقتراب الجنوبية في الأردن من توباس في الشمال وكان لواء الأميرة عليا متمركزا بمدينة نابلس ومسؤولا عن الفتح في السهل الساحلي بمنطقة طولكرم وكان هناك لواء آخر وقيادته برام الله يدافع عن اللطرون والجزء الشمالي من ممر القدس وكان اللواء 40 مدرع هو الاحتياطي المدرع الرئيسي ويتمركز بمنطقة جسر داميا على نهر الأردن.


ويمكن تشبيه تلال يهوذا وسماريا بأنهما مثل السلم المدرج العملاق الذي يتجه لأعلى من البحر إلى منتصف السطح لخط تقسيم المياه ثم يهبط ثانية.


لذلك فهو يتجه بدرجات أكثر انحداراً إلى وادي الأردن وتتجه الدرجة الأولى إلى ساحل البحر المتوسط وتهبط خلال التلال المنخفضة (الشفيلا في الانجيل) ثم إلى الدرجة الثالثة (الميول الأقل انخفاضا) ثم الدرجة الرابعة (انحدارات أعلى) إلى السطح وعند الهبوط الدرجة الأقل انخفاضاً (من ميول وادي الأردن) في انحدار يكاد يكون صخر عمودي بارتفاعات مختلفة ويمكن رؤية المنطقة الوسطى من الجو على شكل العمود الفقري لسمكة عملاقة والسلسلة الفقرية هي خط تقسيم المياه والوديان تجرى لأسفل من خط تقسيم المياه إلى البحر المتوسط والى وادي الأردن أو البحر الميت وهما يشبهان الضلوع الخارجية من العمود الفقري والمدينتين الرئيسيتين المؤثرتين على استراتيجية إسرائيل في الحملة هما مدينتي (نابلس وجنين) واللتان كانت أيضاً تقاطعات الطرق الرئيسية وتقع جنين أسفل تلال سماريا وتسيطر على مداخل وادي جزريل إلى الشمال وفي اتجاه الجنوب من المدينة يوجد وادي دوتان الذي يفتح غربا للسهل الساحلي وفي التاريخ كان هذا الوادي الطريق الرئيسي للجيوش التي تدخل سامريا من الشمال أما نابلس والتي على مسافة 18 ميل جنوب جنين فتقع في الوادي بين الجبلين الذي ذكرا في الانجيل وهما جبل جزريم وجبل عبال وهناك طريقين يمتدان بين نابلس وجنين ويمر الطريق الشرقي خلال توباس والطريق الغربي خلال سيلفدرها وديرشرف.


بعد ظهر يوم 5 يونيه أمر الجنرال "اليعازر" قائد المنطقة الشمالية اللواء "بيليد"  بمهاجمة الأردنيين بهدف إسكات وحدات المدفعية في وادي درتان والتي كانت تهدد قاعدة رامات دافيد.


وفي سعت 1700 يوم 5 يونيه 1967، عبرت قوات بيليد خط وقف إطلاق النار وقد صاحب الهجوم قصف مركز بواسطة الحشود النيرانية من القوات الجوية الإسرائيلية على تجمعات المدفعية في وادي دوتان غرب جنين وقد تقدم لواء مدرع بقيادة العقيد "موشى ياركوشفا" يتبعه لواء مشاه بقيادة العقيد "آهارون أفنون" على محورين محور في اتجاه بعباد غرباً وجنوباً من جنين والثاني في اتجاه جنين من الغرب وفي نفس الوقت كان هناك هجوم خداعي بواسطة المشاة من وادي بيت شان جنوباً مهدداً جسر داميا ـ وهذا قد يمثل تهديداً لكل الفتح الأردني بمنع الأردن من حشد قواتهم المقابلة لضربة إسرائيل الرئيسية ضد جنين وكانت الخطة الإسرائيلية لمهاجمة جنين تعتمد على حركة تطويق واسعة لجنب القوات الأردنية ومهاجمتها من الجنوب بهدف الاستيلاء على المرتفعات المشرفة على المدينة.


وقد وصلت قوات المشاة الآلية والدبابات بقيادة العقيد "باركشوفا" مناطق تجمع المدفعية الأردنية وبعد معركة عنيفة استولت على المنطقة، كما تحرك طابوره المدرع للاستيلاء على تلاقى طرق قابطيا وبذلك تم قطع جنين عن نابلس ومعظم الضفة الغربية وقامت القوات المدرعة الأردنية بهجوم مضاد في محاولة التطويق المزدوج لقوات باركشوفا ودارت أثناء الليل معركة بالدبابات ولكن المدرعات الإسرائيلية بمدافعها عيار 105 مم المركبة على الدبابات الشيرمان القديمة أثبتت أنها أكثر من منافسة للدبابات الباتون الأردنية الأمريكية الصنع وقد قام "باركشوفا" بهجوم مضاد على قوات الحصار الأردنية وأجبرتها على الهرب، وبالتعاون مع وحدات لواء المشاة بقيادة "أفاتون" قرر "باركشوفا" التقدم نحو جنين لمهاجمته. تجمعات أردنية جيدة الإخفاء والتمويه والمكونة من 30 دبابة باتون أردنية وعدد من الأسلحة المضادة للدبابات المحملة على مركبات مدرعة.


وبعد صد الهجوم المضاد الأردني والذي قاتلت فيه القوات الأردنية بشجاعة كبيرة تحركت قوات باركشوفا لاحتلال التلال المسيطرة على جنين من اتجاه الجنب الشرقي بينما احتلت وحدات أخرى من اللواء التلال الجنوبية الغربية.


وأثناء ذلك وبمجرد وصول القوات الإسرائيلية إلى مركز الشرطة شمال جنين أبلغت وحدة استطلاع اللواء عن وجود قوة من حوالي 60 دبابة باتون أردنية تتقدم شمالاً من اتجاه توباس وهنا حرك "باركشوفا" قواته جنوباً إلى تقاطع الطرق في قابطيا واستعد لملاقاة تلك القوات الأردنية بينما واصل لواء المشاة بقيادة "أفاتون" أعمال التطهير داخل المدينة واستولى عليها سعت 1300 يوم 6 يونيه 1967.


ودخلت القوات الأردنية المدرعة المتقدمة في القتال مع كتيبة استطلاع من قوات "باركشوفا" وقامت بتطويقها وحاصرتها تماماً. وكانت قوات "باركشوفا" التي واصلت التحرك لمدة 24 ساعة والتي اشتبكت في قتال كثيف وشديد كانت في مسيس الحاجة لإعادة التجميع والإمداد ولكنها حاليا تواجه معركة ضد قوات مدرعة أردنية بكامل إمكانياتها واتخذت لنفسها مواقع دفاعية ثابتة داخل وحول قابطيا أثناء حصارهم لكتيبة استطلاع "باركشوفا" وقد أرسل "بيليد" تعزيزات جوية وذلك لتخفيف الضغط الواقع على باركشوفا وتمنحه الوقت الذي يسمح لإعادة التجميع والتنظيم، وكانت معركة قابطيا ضد قوات أردنية تتكون من اللواء 25 مشاه بقيادة المقدم/"عوض محمد الخالدي" وتقويات مدرعة وقد رد الأردنيون الهجمات الإسرائيلية للخلف واستمر القتال العنيف المتواصل لمدة 12 ساعة بمنطقة تلاقى الطرق.


وبعد سقوط الليل نجحت سرية دبابات إسرائيلية في التحرك على جنب القوات الأردنية وإحداث ثغرة في الحلقة الأردنية التي أحكمت على كتيبة الاستطلاع وهنا تحركت القوات المحاصرة وانضمت إلى القوات الإسرائيلية الرئيسية بينما استمرت معركة الدبابات من مدى قريب وتدريجيا تغلبت قوات "باركشوفا" على الأردنيين في قابطيا واخترقوها وتقدموا من الشمال في اتجاه نابلس.


المبحث السادس 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
 
المبحث السادس
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» المبحث السادس
» المبحث السادس
» المبحث السادس
» المبحث السادس
» المبحث السادس

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers :: (العربي) :: الأحداث الفارقة في حياة الدول :: حرب الخامس من يونيه 1967م :: نكسة 1967م من وجهة النظر الإسرائيلية-
انتقل الى: