أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| موضوع: سورة الدخان الآيات من 43-50 الخميس 03 فبراير 2022, 1:08 am | |
| إِنَّ شَجَرَتَ الزَّقُّومِ (٤٣) طَعَامُ الْأَثِيمِ (٤٤) كَالْمُهْلِ يَغْلِي فِي الْبُطُونِ (٤٥) كَغَلْيِ الْحَمِيمِ (٤٦) تفسير الآية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)
الحق سبحانه وتعالى هنا يعطينا صورةً لطعام أهل النار والعياذ بالله، وفي موضع آخر يعطينا صورة لشرابهم، لأن الطعام والشراب هنا قِوَام الحياة، فطعامهم الزقوم، وهو شجرة صغيرة مُنتنة الرائحة، وطعمها مُرٌّ.
أما شكلها، فقال عنه سبحانه في آية أخرى: (طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُءُوسُ ٱلشَّيَاطِينِ) (الصافات: 65) وهو تشبيه يؤدِّي المراد منه بدقة، فالمراد إظهار بشاعتها وقُبح منظرها.
لذلك وجدنا بعض المستشرقين يعترضون على هذا التشبيه يقولون: كيف يُشبِّه مجهولاً بمجهول لأن أحداً لم ير رؤوس الشياطين، والأصل في التشبيه أنْ تُشبه مجهولاً بمعلوم ليتم الإيضاح.
يقولون هذا لأنهم لا يعرفون شيئاً عن إعجاز القرآن وطريقة أدائه للمعنى، فلو أننا أجرينا مسابقة بين رسامي الكاريكاتير في العالم وقلنا لهم: ارسموا لنا صورة الشيطان، فكلُّ واحد سيرسمها من تخيُّله للقُبْح في نظره هو.
وهكذا سيكون عندنا صور متعددة، كلها قبيح مع أنها مختلفة، لأن القُبْح له ألوان مختلفة، والشيء البشع عند البعض قد لا يكون كذلك عند آخرين، مثل مقاييس الجمال نجدها نسبية بين الناس، فمثلاً البعض يرى الجمال في الشفاه الرقيقة، وآخر يراه في الشِّفاه الغليظة.
وهكذا تختلف مقاييس القُبْح في الذِّهْن الإنساني، والصورة التي تُفزع شخصاً قد لا تفزع الآخر، فأراد الحق سبحانه بهذه الصورة أنْ يشيع قبحها وبشاعتها، وأنْ يُقبِّحها قُبْحاً عاماً يستوعب كل نواحي القبح والبشاعة عند مختلف الناس.
إذن: الإبهام هنا أفضل، لأنه يجعلك تذهب في تصوُّر القبح كلَّ مذهب، لذلك نستطيع أن نقول: إن الإبهام هنا هو غاية الإيضاح وعَيْن البيان.
إذن: هي شجرة كريهة في شكلها وفي طعمها وفي رائحتها، ثم يزيد على ذلك فيُشبِّه طعمها بأنه (كَٱلْمُهْلِ يَغْلِي فِي ٱلْبُطُونِ) (الدخان: 45) المُهْل هو: المعدن المذاب الذي بلغ الغايةَ في الحرارة، أو هو الزيت المغلي.
فمثلاً نرى صانع (الطعمية) يغلي الزيت لفترات طويلة، حتى يتحوَّل إلى مواد سامة سوداء اللون يُسمُّونها الدُّرْدى، هذا الذي يسمونه المهل إذا كان من أصول ليِّنة، وقد يكون من أصول صلبة كالمعادن مثل: الذهب والحديد والنحاس.
ومعنى (يَغْلِي فِي ٱلْبُطُونِ) (الدخان: 45) أن درجة حرارته - والعياذ بالله - لا تنخفض بشُرْبه، فنحن مثلاً حين نشرب الشاي ساخناً نشعر بلسْعة الحرارة في الفم أثناء تناوله، لكن حين ينزل إلى المعدة تنخفض هذه الدرجة.
أما الزَّقوم والعياذ بالله فيظلُّ يغلي حتى في بطونهم (كَغَلْيِ ٱلْحَمِيمِ) (الدخان: 46).
مثل غليان الماء الذي بلغ أقصى درجة، وتناهتْ حرارته. |
|
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| موضوع: رد: سورة الدخان الآيات من 43-50 الخميس 03 فبراير 2022, 1:09 am | |
| خُذُوهُ فَاعْتِلُوهُ إِلَىٰ سَوَاءِ الْجَحِيمِ (٤٧) ثُمَّ صُبُّوا فَوْقَ رَأْسِهِ مِنْ عَذَابِ الْحَمِيمِ (٤٨) ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ (٤٩) تفسير الآية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)
لو تأملتَ فعل الأمر هذا (خُذُوهُ..) (الدخان: 47) والآمر هو الحق سبحانه وتعالى نجده مُخيفاً مرعباً، ووالله لو قالها ضابط شرطة لمجرم لكانتْ مخيفة، فما بالكم لو قال الحق سبحانه (فَٱعْتِلُوهُ..) (الدخان: 47) ؟
يعني: جُرُّوه بشدة وغِلْظة ودون رحمة أو هوادة، إلى أين؟
(إِلَىٰ سَوَآءِ ٱلْجَحِيمِ) (الدخان: 47) ولم يقلْ إلى الجحيم، فسواء الجحيم يعني: وسطها لأنه لو كان متطرفاً هنا أو هناك ربما أعطاه أملاً في الخروج منها، أو جاءه نسمة هواء تُخفِّف عنه، إنما في وسطها بحيث تكون الجحيم حوله من كل ناحية مُطبقة عليه.
ليس هذا وفقط (ثُمَّ صُبُّواْ فَوْقَ رَأْسِهِ مِنْ عَذَابِ ٱلْحَمِيمِ) (الدخان: 48) فالغليان في جوفه وفوق رأسه، وبعد هذا العذاب الحسيّ يأتي العذاب المعنوي والسخرية والاستهزاء.
(ذُقْ إِنَّكَ أَنتَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْكَرِيمُ) (الدخان: 49) لأن الذّوق يستوعب جميع أعضاء الجسم (إِنَّكَ أَنتَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْكَرِيمُ) (الدخان: 49) أي: في الدنيا وظننتُ أنك ستكون كذلك في الآخرة، كما قال سبحانه: (وَلَئِن رُّدِدتُّ إِلَىٰ رَبِّي لأَجِدَنَّ خَيْراً مِّنْهَا مُنْقَلَباً) (الكهف: 36).
وقوله: (ٱلْعَزِيزُ ٱلْكَرِيمُ) (الدخان: 49) على سبيل التهكُّم به والسخرية منه. |
|
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| موضوع: رد: سورة الدخان الآيات من 43-50 الخميس 03 فبراير 2022, 1:09 am | |
| إِنَّ هَٰذَا مَا كُنْتُمْ بِهِ تَمْتَرُونَ (٥٠) تفسير الآية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)
(هَـٰذَا..) (الدخان: 50) أي: العذاب الذي نزل بهم (مَا كُنتُمْ بِهِ تَمْتَرُونَ) (الدخان: 50) يعني: تشكُّون فيه وتُكذِّبونه أصبح حقيقة واقعة. ثم يذكر الحق سبحانه الصنف المقابل، فيقول تعالى: (إِنَّ ٱلْمُتَّقِينَ...). |
|