قال الفيلسوف توماس كارليل في كتابه الأبطال عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لقد أصبح من أكبر العار على أي فرد مُتمدين من أبناء هذا العصر؛ أن يُصْغِي إلى ما يظن من أنَّ دِينَ الإسلام كَذِبٌ، وأنَّ مُحَمَّداً -صلى الله عليه وسلم- خَدَّاعٌ مُزُوِّرٌ، وآنَ لنا أنْ نُحارب ما يُشَاعُ من مثل هذه الأقوال السَّخيفة المُخْجِلَةِ؛ فإنَّ الرِّسَالة التي أدَّاهَا ذلك الرَّسُولُ ما زالت السِّراج المُنير مُدَّةَ اثني عشر قرناً، لنحو مائتي مليون من الناس أمثالنا، خلقهم اللهُ الذي خلقنا، (وقت كتابة الفيلسوف توماس كارليل لهذا الكتاب)، إقرأ بقية كتاب الفيلسوف توماس كارليل عن سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-، على هذا الرابط: محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم-.
يقول المستشرق الإسباني جان ليك في كتاب (العرب):"لا يمكن أن توصف حياة محمد بأحسن مما وصفها الله بقوله: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِين)فكان محمدٌ رحمة حقيقية، وإني أصلي عليه بلهفة وشوق".
فَضَّلَ اللهُمِصْرَعلى سائر البُلدان، كما فَضَّلَ بعض الناس على بعض والأيام والليالي بعضها على بعض،والفضلُ على ضربين: في دِينٍ أو دُنْيَا، أو فيهما جميعاً، وقد فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ وشَهِدَ لها في كتابهِ بالكَرَمِ وعِظَم المَنزلة وذَكَرَهَا باسمها وخَصَّهَا دُونَ غيرها، وكَرَّرَ ذِكْرَهَا، وأبَانَ فضلها في آياتٍ تُتْلَى من القرآن العظيم.
المهندس حسن فتحيفيلسوف العمارة ومهندس الفقراء:هو معماري مصري بارز، من مواليد مدينة الأسكندرية،وتخرَّجَ من المُهندس خانة بجامعة فؤاد الأول،اشْتُهِرَ بطرازهِ المعماري الفريد الذي استمَدَّ مَصَادِرَهُ مِنَ العِمَارَةِ الريفية النوبية المَبنية بالطوب اللبن،ومن البيوت والقصور بالقاهرة القديمة في العصرين المملوكي والعُثماني.
رُبَّ ضَارَّةٍ نَافِعَةٍ.. فوائدُ فيروس كوروناغير المتوقعة للبشريةأنَّه لم يكن يَخطرُ على بال أحَدِنَا منذ أن ظهر وباءفيروس كورونا المُستجد، أنْ يكونَ لهذه الجائحة فوائدُ وإيجابيات ملموسة أفادَت كوكب الأرض..فكيف حدث ذلك؟!...
تخليص الإبريز في تلخيص باريز: هو الكتاب الذي ألّفَهُ الشيخ "رفاعة رافع الطهطاوي"رائد التنوير في العصر الحديث كما يُلَقَّب، ويُمَثِّلُ هذا الكتاب علامة بارزة من علامات التاريخ الثقافي المصري والعربي الحديث.
الشيخ علي الجرجاوي(رحمه الله)قَامَ برحلةٍ إلى اليابان العام 1906م لحُضُورِ مؤتمر الأديان بطوكيو، الذي دعا إليه الإمبراطور الياباني عُلَمَاءَ الأديان لعرض عقائد دينهم على الشعب الياباني،وقد أنفق على رحلته الشَّاقَّةِ من مَالِهِ الخاص، وكان رُكُوبُ البحر وسيلته؛ مِمَّا أتَاحَ لَهُ مُشَاهَدَةَ العَدِيدِ مِنَ المُدُنِ السَّاحِلِيَّةِ في أنحاء العالم، ويُعَدُّ أوَّلَ دَاعِيَةٍ للإسلام في بلاد اليابان في العصر الحديث.
موضوع: المبحث الحادي عشر السبت 04 يونيو 2011, 1:08 am
المبحث الحادي عشر
الحرب على الجبهة الأردنية
أولاً: العمليات البرية
قوات الجانبين
أ. القوات الأردنية: (أُنظر خريطة توزيع القوات الأردنية)
صباح الخامس من يونيه 1967 كانت القوات الأردنية التي تتكون من 56 ألف مقاتل، 176 دبابة في أقصى درجات استعدادها وتتخذ أوضاعها على الحدود الأردنية ـ الإسرائيلية كالآتي:
(1) اللواء 25 مشاه (خالد بن الوليد) ومعه كتيبة دبابات باتون غير مستكملة في (منطقة جنين). (2) لواء مشاه (الأميرة عاليه) في منطقة نابلس وطول كرم وقليقيله. (3) لواء مشاه (الهاشمي) في منطقة رام الله. (4) لواء مشاه (الإمام على بن أبى طالب) في منطقة القدس. (5) لواء مشاه (حطين) في منطقة الخليل. (6) اللواء 27 مشاه بين أريحا والقدس. (7) اللواء 60 مدرع غرب أريحا. (8) اللواء 40 مدرع منطقة جسر دامية. (9) لواء مشاه (الحسين) موزع بين عمان والعقبة. (10) لواء الحرس الملكي في عمان. (11) القوات العربية المساندة: (أ) اللواء الثامن العراقي في المفرق ثم جسر دامية. (ب) 2 كتيبة صاعقة مصرية في منطقتي جنين ورام الله. (ج) لواء سعودي وصل يومي6، 7 (لم يشترك في الحرب). (د) اللواء 17 مدرع سوري وصل يوم 7 بعد إيقاف النيران.
وأما القيادة العسكرية فكان تشكيلها طبقاً للملحق المرفق (أُنظر جدول القادة الأردنيون في حرب يونيه)
وكانت المهمة الرئيسية لهذه القوات دفاعية فقط ويذكر الملك حسين "لم يكن لدينا نحن الأردنيين سوى خطة دفاعية - ولم يكن واردا في الأذهان إعداد خطة هجومية أو مجرد التفكير في خطة من هذا النوع اعتمادا على الإمكانيات العسكرية المحدودة المتوافرة لدينا".
ب. القوات الإسرائيلية
(1) مجموعة عمليات العميد "عوزي ناركيس" وتتـكون من 5 لواءات (3 مشاه + 1 مظلي + 1 مدرع ). (2) مجموعة ضد الجبهة الشمالية ( أمام سوريا) من 4 لواءات (2 مدرع + 2 مشاه).
وينظم عمل المجموعتين على أساس أن يتولى العميد "ناركيس" الاستيلاء على القدس وما حولها، ويتولى العميد "ديفيد اليعازر" قائد المجموعة الشمالية للاستيلاء على منطقة جنين وما حولها.
وقد أدت بعثرة الأولوية الأردنية على طول الجبهة وافتقاد قيادة الجيش الأردني إلى أي خطة هجومية ضد إسرائيل، رغم وجود نتوءات من أرض الضفة الغربية تشكل نقاط انطلاق هجومية ممتازة من الناحية الجغرافية (مثل نتوء قلقيلية الذي يبعد عن شاطئ البحر المتوسط بنحو 15 كم فقط ويقع في وسط المنطقة الحيوية من الأرض المحتلة)، إلى ضعف الدفاع الأردني في كل مكان تقريباً، خاصة وأن الأردنيين لـم يعدوا مسبقاً موانع هندسية وحقول ألغام كثيفة على المحاور الرئيسية للتقدم الإسرائيلي المحتمل، والتي كانت تجتاز عديداً من نقاط الاختناق بين التلال والجبال المنتشرة في الضفة الغربية.
وساعد عدم وجود أي تنظيم للمقاومة الشعبية الفلسطينية على تسهيل الزحف الإسرائيلي عبر هذه المحـاور (على خلاف الحال في قطاع غزة) والاستيلاء على مدن وقرى المنطقة.
ثانياً: خطة الهجوم الإسرائيلي على الضفة الغربية (أُنظر شكل الخطة الإسرائيلية للضفة الغربية)
قامت الخطة الإسرائيلية على أساس احتلال الضفة الغـربية ومدينة القدس بتوجيه ضربة رئيسية إلى شمال القدس للسيطرة على سلسلة التلال الحيوية الموجودة هناك، والتي تسهل عملية تطويق المدينة والإشراف على طرق المواصلات التي تربطها بالأردن، كما تفتح طريق التقدم شمالاً نحو نابلس عبر محور رام الله. واتخذت هذه الضربة شكل شعب ثلاث للتقدم، (واحدة) من منطقة الشيخ عبدالعزيز نحو النبي صموئيل. و(الثانية) تتجه نحو تل الرادار ثم تتقدم شرقاً نحو النبي صموئيل أيضاً حيث تلتقي بالشعبة الأولى ويتقدمان معاً شرقاً إلى بيت حنينا ليقطعا طريق القدس – رام الله ويتوزعا إلى قوتين: واحدة تتجه جنوباً نحو جبل سكوبس شمال القدس مباشرة والأخرى تتجه شمالاً نحو رام الله.
أما الشعبة الثالثة للضربة المذكورة فقد حددت لانطلاقها منطقة اللطرون، ثم تتقدم شرقاً نحو رام الله حيث تلتقي هناك بالقوة المتقدمة من بيت حنينا.
ومن رام الله تتجه قوة شمالاً نحو نابلس، وتتجه قوة أخرى إلى الجنوب الشرقي نحو أريحا الواقعة بين القدس ونهر الأردن. وفي الوقت نفسه تشكل قوة إسرائيلية لتطويق القدس من الجنوب بعد الاستيلاء على قرية صور باهر، ثم تقتحم المدينة من جهة الشرق.
وقد أسندت هذه المهام القتالية إلى قيادة الجبهة الوسطى التي شكلت مجموعة قتالية ضمت لواء مدرع ولواء مظلياً كان المفروض أن يحتل العريش بعملية ابرار جوي ثم ألغيت العملية نظراً لسرعة استيلاء قوات تال عليها و3 ألوية مشاة.
وخضعت هذه المجموعة لقيادة قائد المنطقة الوسطى العميد "ناركيس".
وقد عهد "ناركيس" للواء المدرع بقيادة "يوري بن آري" القائد السابق للواء السابع المدرع الذي استدعى من الاحتياط عشية الحرب باحتلال تل الرادار والشيخ عبدالعزيز وقطع طريق القدس – رام الله، على أن يقوم اللواء المظلي ولواء مشاة آخر من مجندي القدس الجديدة، بتنفيذ المهام القتالية حول المدينة وداخلها بالتعاون مع اللواء المدرع وكتيبة دبابات "شريمان" مساندة اللواء المشاة.
أما منطقة "اللطرون" فقد عهد بها إلى لواء مشاة ميكانيكي.
وفي القطاع الشمالي من الضفة الغربية، حيث توجد مدن نابلس وجنين وطولكرم وبلدة قلقيلية، فقد عهدت القيادة الإسرائيلية إلى مجموعة العميد "ايلاد بيليد" بمهام القضاء على القوات الأردنية الرئيسية الموجودة هناك، واحتلال هذا القطاع، والوصول إلى نهر الأردن. وكانت هذه المجموعة تتألف من لواءين مدرعين تابعين للقيادة الشمالية أصلاً، ولواءي مشاة: أحدهما من القيادة الشمالية أيضاً والآخر من القيادة الوسطى، فضلاً عن كتيبة دبابات مستقلة ووحدات مساندة أخرى تضم: كتيبة استطلاع مدرعة، و3 كتائب مدفعية، وكتيبة مهندسين، و8 كتائب ناحال، و3 حاميات دفاع إقليمي.
ووضعت الخطة الإسرائيلية على أساس توجيه ضربتيـن أساسيتين بلوائي المدرعات غرب جنين وشرقها، على أن تتقدم الأولى من الشمالي الغربي لجنين نحو قرية اليامون، ثم تتجه شرقاً حتى تقطع طريق جنين – نابلس وتهاجم جنين من الجنوب عبر سهل عرابة، ويقود الثانية اللواء المدرع الثاني الذي يتقدم من شمال جنين على طريق عفولة، ثم يتجه شرقاً إلى قرية دير أبو ضعيف ثم جنوباً إلى قرية جلقموس وتلفيت ثم قرية الزبابدة حيث يقطع طريق طوباس – قباطيا – جنين.
وهناك يتجه رتل من اللواء المدرع شمالاً نحو قباطيـا، ورتل آخر جنوباً نحو طوباس ونابلس، وفي الوقت نفسه يزحف لواء مشاة ميكانيكي نحـو جنين مباشرة عن طريق حيفا.
كما خطط لتوجيه ضربة ثالثة إلى الغرب من جنين بواسطة كتيبـة دبابات وقوة من المشاة الميكانيكية من اتجاه سيلة الحارث ويعبد بهدف قطع طريق جنين – نابلـس عند عرابة ثم التقدم جنوباً نحو سيلة الظهر ثم مهاجمة نابلس من الغرب، وبذلك يتم تطويق نابلس من الشمال بواسطة المدرعات المتقدمة من طوباس ومن الجنوب بواسطة قوة مدرعة من لواء "بن آري" تتقدم من رام الله ومن الغرب.
وكانت جميع الضربات الثلاث المذكورة تقع في قطاع لواء المشـاة الأردني 25 الذي كانت تعززه سريتا دبابات باتون من الكتيبة المدرعة 12.
ولقد خطط العدو أيضاً لتوجيه ضربتين ثانويتين بواسطة لواء مشاة من المنطقة الوسطى ضد قلقيلية وطولكرم، تعززهما سريتا دبابات شيرمان، أي في قطاع لواء الأميرة عالية ثم تتقـدم الوحدات المهاجمة على هذين المحورين نحو نابلس أيضاً.
كما خطط بالإضافة إلى ذلك هجوماً مخادعاً تقوم به وحدة مشاة من اتجاه بيسان قرب نهر الأردن في اتجاه جسر دامية.
ثالثاً: المعارك على الجبهة الأردنية (أُنظر خريطة الهجمات الإسرائيلية على الأردن)
1. معركة القدس (أُنظر شكل الخطة الإسرائيلية للقدس) و (شكل القتال داخل القدس)
في 5/6. وفي الوقت الذي كانت به معركة القدس محتدمة، كان لواء مشاة إسرائيلي تدعمه وحدة من دبابات "شيرمان" يهاجم ممر باب الواد الضيق ومركز شرطة اللطرون المحصن، ولقد تم الاستيلاء عليهما في صباح اليوم التالي، 6 حزيران (يونيه)، وبعد ظهر اليوم نفسه، تقدمت وحدة استطلاع اللواء جنوباً طريق رام الله، واستولت على مطار القدس مطار قلنديا، على حين اشتركت بقية وحدات اللواء مع كتيبتي دبابـات من اللواء المدرع الذي يقوده "ابن آري" مساء اليوم نفسه في معركة القدس.
2. معركة جنين: (أُنظر خريطة الهجمات الإسرائيلية على الأردن)
كانت وحدات لواء المشاة 25 الأردني موزعة شمال جنين لتحمي طرق الاقتراب منها، خاصة محور عفولة الواقع إلى الشمال الشرقـي والذي يمر عبر أرض سهلية، وتعززها سريتا دبابات باتون (م – 47) تابعة لكتيبة الدبابات 12 وزعتا على محاور التقدم الثلاثة: محور حيفا – جنين، ومحور عين السهلة – يعبد، ومحور زرعين – جنين.
وقد فتحت المدفعية والدبابات الأردنية النار على الأهداف الإسرائيلية المواجهة لها، ومنها مطار رامات دافيد الواقع إلى الغرب من جنين، منذ الساعة العاشرة من صباح 5 حزيران (يونيه) لمدة ساعتين تقريباً.
وفي الخامسة مساء بدأ اللواء المدرع الإسرائيلي التابع لمجموعة "بيليد" هجومه على قطاع جنين من الشمال الغربي نحو قرية اليامون بواسطة كتيبة دبابات "شيرمان" وكتيبة مشاة ميكانيكية تنقصها سريـة ووحدة استطلاع.
وفي الوقت نفسه كانت كتيبة دبابات أخرى ومعها سرية مشاة ميكانيكية أي بقية اللواء المدرع تهاجم من اتجاه سيلة الحارثة نحو قرية يعبدإلى الغرب من جنين، كما كان الهجوم المخادع الذي قامت به وحدات مشاة إسرائيلية من اتجاه بيسان نحو جسر دامية قد بدأ في حوالي الساعة الرابعة بعد الظهر وحقق تقدماً على الضفة الغربية لنهر الأردن بلغ نحو 16 كم حتى حلول الظلام.
وتوقفت القوة الإسرائيلية عن مواصلة التقدم بعد أن تبادلت بعض الطلقات مع وحدة أردنية صغيرة كانت تحرس حدود هذه المنطقة.
وقد وصلت المدرعات الإسرائيلية التي هاجمت قرية اليافون بعد حلول الظلام إلى طريق جنين – نابلس، وأخذت تتقدم نحو جنين من الجنوب عبر سهل عرابة بعد أن واجهت مقاومة أردنية محدودة، ثـم توقفت لإعادة التنظيم.
أما القوة المدرعة الإسرائيلية الأخرى التي تقدمت نحو قرية يعبد فقد واجهت مقاومة من قوة أردنية صغيرة قاتلت بشدة حتى تم اجتياحها عملياً، ثم توقفت على مبعدة 6 كم من القرية عند حلول الظلام. وكانت المدفعية والطائرات الإسرائيلية تقدم في جميع هذه العمليات الهجومية الإسرائيلية دعماً قوياً بالنيران للمدرعات المهاجمة.
وفي حوالي الساعة الثالثة من بعد منتصف ليلة 5 – 6 حزيران (يونيه) بدأت كتيبة الدبابات الإسرائيلية التي تدعمها كتيبة المشاة الميكانيكية التابعة للواء المـدرع، والتي سبق لها أن توقفت في سهل عرابة، هجومها نحو جنين، إلا أنها اصطدمت بمواقع دفاعية أردنية بها نحو كتيبة مشاة، و15 دبابة (باتون م 47) كانت مختفية داخل أشجار الزيتون، ففشل الهجوم ودمرت بعض الدبابات والآليات الإسرائيلية.
وشنت المدرعات الإسرائيلية هجوماً ثانياً إلا أنه فشل أيضاً، وبدأت الدبابات الإسرائيلية تنسحب عند بزوغ الفجر، فقامت الدبابات الأردنية بمطاردتها إلا أنها تعرضت لقصف جوي معادٍ.
وتكبدت خسائر شديدة تمثلت في إصابة 8 دبابات. وبعد ذلك عاودت المدرعات الإسرائيلية ومشاتها الميكانيكية الهجوم، وأمكن صدها عدة مرات بنيران المدافع المضادة للدبابات، إلا أنها استطاعت اختراق الدفاعات الأردنية في حوالي الساعة السابعة من صباح 6 حزيران (يونيه)، وأخذت تهاجم جنين نفسها، حيث دارت بعض معارك في الشوارع خاصة عند مركز الشرطة المحصن، استمرت حتى الساعة السابعة والنصف صباحاً، وسقطت جنين أثر ذلك في أيدي القوات الإسرائيلية التي هاجمت المدينة من الشمال أيضاً عند الفجر عبر طريق حيفا بلواء مشاة ميكيانيكي، وكانت جميع الدبابات الأردنية التابعة للكتيبة المدرعة 12 قد دمرت عند سقوط المدينة.
3. معارك اللواء المدرع الأردني 40
كان هذا اللواء يتكون من كتيبتي الدبابات الثانية والرابعة (لديهما معاً حوالي 90 دبابة "باتون م – 48").
وكتيبة المشاة الميكانيكية الأولى (محمولة على عربات مدرعة م – 113) وكتيبة المدافع ذاتية الحركة الثامنة.
وكان اللواء المدرع المذكور محتشداً عند بدء القتال في منطقة جسر دامية.
وقد أمره الفريق "عبدالمنعم رياض" ظهر يوم 5 حزيران (يونيه) بالتوجه نحو أريحا لكي يحل محل اللواء المدرع الأردني 60 الذي أمر بالتقدم إلى الخليـل لمواجهة احتمال وقوع هجوم مدرع إسرائيلي من منطقة بئر السبع أو الاشتراك في هجوم مضاد نحوها للالتقاء بمجموعة الشالي المدرعة حال قيامها بهجومها عبر الكونتلا نحو (بئر السبع) لتطويق إيلات.
ولقد رأى الفريق رياض أن من الضروري أن يحل محل اللواء المدرع 40 في جسر دامية اللواء الميكانيكي الثامن الذي كان قد وصل إلى منطقة المفرق قرب الحدود الأردنية – العراقية.
وقد وصل اللواء المدرع 40 إلى أريحا وأراد مواصلة التقدم خلال الليل نحو منطقة الخان الأحمر إلا أن طيران العدو هاجمه أثناء تحركه، وعدل اللواء عن مواصلة تقدمه بعد تلقيه أمراً جديداً بالتحرك إلى قطاع (جنين) لصد هجوم العدو هناك في الساعة الثامنة من مساء يوم 5 حزيران (يونيه).
وبدأ اللواء في التحرك من أريحا في حوالي الساعة التاسعة والنصف من مساء اليوم نفسه، وقد انقسم إلى رتلين: الرتل الأول ويتألف من الكتيبة المدرعة الرابعـة ومعها قيادة اللواء وغالبية كتيبة المشاة الميكانيكية الأولى وبطارياتها مدفعية ذاتية الحركة، وقد تقدم على طريق طوباس – جنين في اتجاه مفترق قباطيا.
أما الرتل الثاني، ويتألف من الكتيبة المدرعة الثانية وسرية مشاة ميكانيكية وبطارية مدفعية ذاتية الحركة، فقد تقدم على طريق نابلس – دير ش رف في اتجاه مفترق عرابة.
وعند وصول الرتل المدرع المتقدم على طريق طوباس – جنين إلى قريرة الزبابدة، انقسم إلى قوتين: ضمت القوة القوة الأولى إلى سريتي دبابات وسرية مشاة ميكانيكية.
ولقد واصلت هذه القوة تقدمها حتى مفترق قباطيا، وضمت القوة الثانية سرية دبابات وسريتا مشاة ميكانيكية وبطاريتي مدفعية ذاتية الحركة ولقد بقيت هذه القوة في منطقة قريرة الزبابدة لصد هجوم اللواء المدرع الإسرائيلي الآخر المتقدم نحو قريتي جلقموس وتلفيت.
أ. معركة قباطيا
وصلت سريتا دبابات الكتيبة الرابعة ومعها سرية مشاة ميكانيكية إلى مفترق قباطيا في حوالي الساعة 4.30 من صباح 6/6/67، وهاجمت سرية دبابات إسرائيلية كانت هناك وأنزلت بها خسائر فادحة اضطرتها للانسحاب نحو جنين، وفي حوالي الساعة 7.30 من الصباح المذكور، كانت المدرعات الأردنية قد استكملت سيطرتها على المفترق، ولكنها توقفت عن مواصلة التقدم نظراً لحاجاتها إلى إعادة التزود بالوقود والذخيرة، ولذلك أخذ قائد الكتيبة يرسل دباباته إلى المؤخرة القريبة واحدة تلو الأخرى لإتمام هذه المهمة، الأمر الذي أتاح لقائد اللواء المدرع الإسرائيلي في جنين أن يحشد قواته ويتقدم بها نحو مفترق قباطيا لمهاجمة القوة الأردنية.
وفي حوالي الحادية عشرة من صباح اليوم نفسه تقدمت الدبابات الإسرائيلية نحو مفتـرق قباطيا فتراجعت الدبابات الأردنية أمامها وانتشرت في الحقول والتلال الواقعة في جنوب سهل عرابة، وتبعتها الدبابات والآليات الإسرائيلية حيث وقعت في كمين من نيران الباتون الأردنية نتج عنـه تدمير وإصابة نحو 30 مركبة مدرعة إسرائيلية من بينها 17 دبابة "شيرمان".
واثر ذلك شنت المدرعات الإسرائيلية هجوماً آخر لتتمكن من سحب آلياتها المعطلة وجرحاها، ولكن الهجوم الثاني فشل أيضاً، ولذلك قامت الطائرات الإسرائيلية بشن غارتين بعد ظهر اليوم نفسه لتمكين رجال المدرعات من سحب آلياتهم المصابة، وعند حلول الظلام كان الموقف التكتيكي سيئاً بالنسبة للإسرائيليين الذين كانوا منتشرين في الوادي على حين كانت المدرعات الأردنية لا تزال مسيطرة على المفترق والوادي من التلال المشرفة عليه، وتوقف القتال خلال الليل.
وفي الوقت نفسه كان اللـواء المدرع الإسرائيلي الثاني ضمن مجموعة (بيليد) قد اخترق الحدود عند فجر يوم 6/6/67 إلى الغرب من جبل جلبوع، وقد اصطدم بموقع دفاعي أردني مجهز ببعض المدافع المضادة للدبابات قرب قرية أبو ضعيف، حيث أصيبت بعض الدبابات الإسرائيلية في محاولة اقتحامه الأولى الفاشلة، ثم وجهت نيران المدفعية والطيران إلى الموقع المذكور على حين هاجمته الدبابات من الجناح ونجحت في اختراقه.
وفي حوالي الساعة 10.15 من صباح اليوم نفسه كان اللواء المدرع الإسرائيلي قد استولى على قريتي جلقموس والزبابدة، وفي الكفير اشتبك في معركة عنيفة مع السرية المدرعة الثالثة الأردنية التابعة للكتيبة الرابعة والتي تركت لحماية مؤخرتها في قرية الزبابدة.
وقد أسفر الاشتباك عن إصابة 3 دبابات سنتوريون إسرائيلية، وتراجع الباقي إلى الخلف بعض الشيء واستمر تبادل إطلاق النار بين الدبابات الأردنية المحتمية في مواقع جيدة الإعداد، والدبابـات الإسرائيلية المكشوفة، حتى حلول الظلام، من دون أن يحرز اللواء المدرع الإسرائيلي أي تقدم جديد.
انسحاب اللواء المدرع 40: ولكن قائد اللواء المدرع 40 الأردني بات يشعر بحرج موقفه في قبـاطيا من جراء تهديد اللواء المدرع الإسرائيلي الآخر لقرية الزبابدة التي سيترتب على سقوطها قطع خط انسحاب بقية الكتيبة المدرعة الرابعة.
ولذلك قرر الانسحاب من قباطيا، وبدأت الكتيبـة تنفذ أوامر الانسحاب في الساعة الثالثة والنصف من بعد ظهر يوم 6/6، بعد أن كانت قد فقدت عشر دبابات نتيجة للقصف الجوي المعادي، بالإضافة للدبابات الأربع التي كانت قد فقدتها خلال قتال الدبابات، وعندما وصلت إلى قرية الزبابدة أصيبت دبابتان أخريتان، ثم شاركت في القتال الدائر عند الكفير بالتعاون مع سرية الدبابات الثالثة التابعة لها والتي كانت لا تزال توقف تقـدم اللواء المدرع الإسرائيلي الثاني، حيث ركز الطيران الإسرائيلي ضرباته طوال ساعات المساء وخلال الليل أيضاً، ونتج عن ذلك تدمير 5 دبابات أخرى و6 ناقلات من كتيبة المشاة الميكانيكية، كما دمر عدد من شاحنات الوقود والذخيرة وهـي في طريقها لإمداد اللواء المدرع بحاجاته، ولذلك أصبح لدى كل دبابة خلال ليلة 6 – 7 عدد قليل من ذخيرة الرشاشات.
ولذلك سحبت القوة المدرعة الأردنية المتبقية إلى سد عقابة خلال ليلة 6 – 7، وقد واصلت بقايا سريتي الدبابات التي كانت أصلاً في قباطيا انسحابها حتى وصلت إلى الضفة الشرقية لنهر الأردن.
وكان فيها 8 دبابات فقط، أما السرية المدرعة الثالثة وبقايا سريتي المشاة الميكانيكية التي كانت تقاتل أصلاً في الكفير، فقد توقفت في سد عقابة لعرقلة تقدم المـدرعات الإسرائيلية التي هاجمتها هناك في الساعة الواحدة بعد منتصف ليلة 6 – 7، ولكنها لم تنجح في اختراق مواقعها، ولذلك قامت المدفعية الإسرائيلية بقصف المواقع الأردنية المذكورة في الساعة الرابعة من صباح 6/7.
واستمر القصف لمدة 15 دقيقة، وأعقبه عند طلوع الضوء قصف جوي، وفي الساعة الرابعة وخمس وأربعين دقيقة بدأت المدرعات الإسرائيلية هجومها.
ولكنها لم تواجه أي مقاومة نظراً لانسحاب المدرعات الأردنية المتبقيـة إلى الضفة الشرقية عبر جسر دامية.
وعلى اثر ذلك أعادت المدرعات الإسرائيلية تنظيم صفوفها وتقدمت نحو طوباس، ثم اتجهت سريتا دبابات منها نحو جسر دامية فبلغته في الساعة العاشرة من صباح 7 حزيران (يونيه).
وفي الوقت نفسه كانت وحدات أخرى من المشاة الإسرائيلية تعززها وحدات من دبابات "الشيرمان" قد استولت على كل من قلقيلية وطولكرم، خلال المعارك الرئيسية التي كان اللواء المدرع 40 منشغلاً بها عند جنين ونابلس، ولقد جوبه الإسرائيليون خلال احتلال المدينتين بمقاومة أردنية محدودة ومقاومة فلسطينية عنيفة أبدتها قوة صغيرة من رجال المقاومة الشعبية في طولكرم رغم انسحاب الحامية الأردنية من البلدة قبل اقتحام الإسرائيليين لها بعدة ساعات.
ب. معركة (عرابة)
وصلت الكتيبة المدرعة الثانية الأردنية ومعها سرية مشاة ميكانيكية، وبطارية مدفعية ذاتية الحركة، إلى مفترق عرابة في حوالي الساعة السادسة من صباح يوم 6/6/67، وسيطرت فوراً على المفترق، متخذة لنفسها مواقع دفاعية حوله، بحيث كانت هناك سرية دبابات قرب المفترق، وسرية أخرى قرب سهل عرابة والسرية الثالثة أبقيت كاحتياطي على مفترق (صانور) على مسافة 8 كم إلى الجنوب مـن مفترق عرابة، وكانت مهمتها مواجهة احتمال وقوع هجوم إسرائيلي من اتجاه سهل صانور أو من اتجاه عرابة نحو خط قباطيا.
وفي هذه الأثناء كان الرتل المدرع الإسرائيلي الزاحف نحو قرية يعبدقد استولى عليها فجر يوم 6/6 بعد قتال عنيف مع قوة أردنية من المشاة كانت تحمي التل 334 المشرف على القرية انتهى في حوالي الساعة الواحدة بعد منتصف ليلة 5 – 6، ثم تقدم نحو طريق نابلس – جنين حيث اصطدم مع سرية الدبابات باتون الأردنية قرب مفترق عرابة.
وحاولت المدرعات الإسرائيلية عبر ثلاث هجمات أن تخترق الدفاع الأردني إلا أنها صدت عن التقدم في كل مرة، وأصيب عديد من معدات العدو من بينها 3 دبابات "شيرمان"، مما اضطر الرتل المدرع الإسرائيلي إلى التوقف عن التقدم بقية اليوم وطوال ليلة 6 – 7، ولم تخسر الكتيبة المدرعة الثانية خلال قتال يوم 6/6 المذكور سوى 4 دبابات. إلا أن صدور أمر الانسحاب العام وبدء تنفيذه بالنسبة للكتيبة المدرعة الرابعة عند قباطيا في الساعة الثالثة والنصف بعد ظهر يوم 6/6، أدى إلى صدور أمر من قيادة اللواء المدرع 40 إلى قائد الكتيبة المدرعة الثانية بالانسحاب هو الآخر من مفترق عرابة إلى قرية سيلة الظهر.
وفي الساعة الثامنة من مساء يوم 6/6 أتمت الكتيبة انسحابها واحتلت مواقع جديدة عند القرية المذكورة.
وفي حوالي الساعة الثامنة من صباح يوم 7/6 اشتبكت إحدى سرايا الكتيبة بالرتل المدرع الإسرائيلي المتقدم من عرابة، ودمرت دبابتين إسرائيليتين وأجبرت الباقي على التوقف.
ثم صدر أمر جديد للكتيبة بالانسحاب إلى المشارف الغربية لمدينة نابلس، ووصلت غالبية الكتيبة إلى قرية دير شوف في حوالي الساعة التاسعة والنصف من صباح نفس اليوم، بعد أن فقدت 6 دبابـات نتيجة للهجمات الجوية الإسرائيلية التي تعرضت لها خلال الانسحاب.
وفي قرية دير شوف أبقيت الكتيبـة سرية واحدة كحرس مؤخرة وواصلت انسحابها نحو نابلس حيث اصطدمت فجأة مع قوة من الدبابات الإسرائيلية كانت قد دخلت المدينة من الجهة الشرقية (جزء من اللواء المدرع الذي كان يهـاجم الكفير والزبابدة نجح في الوصول إلى نابلس من الشرق بعد انسحاب الكتيبة المدرعة الرابعة وفقد 5 دبابات نتيجة لذلك الاشتباك المفاجئ، كما أصيب عدد آخر من الدبابات الأردنية في كرم زيتون غربي نابلس بواسطة طيران العدو، وهنا شعر قائد الكتيبة بخطورة موقفه، فحاول الاندفاع عبر أحد مداخل المدينة، إلا أن دبابته أصيبت إصابة مباشرة وقتل جميع من كانوا فيها، واثر ذلك تولى نائبه القيادة واستمر في الاشتباك مع طيران العدو ومدرعاته المهاجمة من الشمال والجنوب حتى الساعة الخامسة من مساء اليوم نفسه،ثم أمر رجاله بتدمير الدبابات بواسطة القنابل اليدوية، بعد أن نفذت الذخيرة والوقود، ثم الانسحاب سيراً على الأقدام عبر المرتفعات نحو الضفة الشرقية للأردن.
ويبدو أن عمليات التخريب المطلوبة للدبابات لم تكن ناجحة بالقدر الكافي، إذ عثرت القوات الإسرائيلية على 15 دبابة باتون أردنية سليمة في الممر الجبلي الضيق غربي نابلس، فضلاً عن 13 دبابة أخرى وجدت معطلة قرب قرية سبسطية.
ج. تحركات اللواء المدرع 60
تعرض اللواء المدرع 60 الأردني لقصف الطائرات الإسرائيلية أثناء التقدم من أريحا إلى الخليل تنفيذاً لأوامر الفريق "عبدالمنعم رياض" الأولى، وكذلك خلال انسحابه مرة أخرى إلى أريحـا عندما فهمت القيادة الأردنية حقيقة ثقل الهجوم الإسرائيلي في الضفة الغربية، وتركزه قرب جنين في الشمال.
وقد حاولت قوة إسرائيلية تابعة لمجموعة "ناركيس" في منطقة القدس كانت تضم كتيبة مشاة وسرية دبابات "شيرمان" أن تقطع طريق بيت لحم – القدس قرب قرية صور باهر فجر يوم 6 حزيران (يونيه)، وأن تحول دون انسحاب بقية اللواء المدرع 60، ولكنها فشلت في تحقيق هدفها، واستطاعت وحدات اللواء الأردني المذكور أن تصل إلى أريحا مرة أخرى، حيث اشتبكت بعد ظهر يوم 7 حزيران (يونيه) مع وحدة الاستطلاع التي تقدمت في اتجاه كتيبتي دبابات إسرائيلية تابعتين للواء المدرع الذي اشترك في معركة القدس واستولى على رام الله، أي لواء العقيد "بن آري".
وقد انتشرت الدبابات الإسرائيلية فور إطلاق الدبابات الأردنية النار على وحدة الاستطلاع المقتربة من أريحا، وقام الطيران الإسرائيلي على الفور بتقديم الدعم القريب بنيرانه، ثم التفت الدبابات الإسرائيلية حول أريحا بحركة كماشة، واندفعت وحدة دبابات منها إلى داخل المدينة وهي تطلق نيران مدافعها بعد أن انسحبت مدرعات اللواء المدرع الأردني 60 إلى الضفة الشرقية، وهكذا سقطت أريحا بيد القوات الإسرائيلية في حوالي الساعة السابعة والنصف من مساء يوم 7 حزيران (يونيه).
لقد كانت سيطرة الطيران الإسرائيلي على الأجواء بشكل مطلق، وعدم امتلاك المدرعات الأردنية لأسلحة متطورة ومضادة للطائرات ومضادة للدبابات، هما السبب الرئيسي لانحدار المدرعات الأردنية أمام المدرعات والقوات الإسرائيلية التي حققت في الضفة الغربية انتصارات لا تستحقها، ولا يسمح بها ميزان القوى البري.
4. انسحاب القوات الأردنية من الضفة الغربية
اعتباراً من صباح السادس من يونيه، بدأت مظاهر اليأس تعتلى وجوه القيادة الأردنية على أثر احتلال جنين، وأجزاء من القدس علاوة على ورود الأنباء الحقيقية عن سوء الموقف في الجبهة المصرية يضاف إلى كل هذا بلاغات القتال المتشائمة التي يرسلها القادة الميدانيون من جبهة القتال الأردنية / الإسرائيلية.
ويروى الملك حسين في كتابه "حربنا مع إسرائيل": " في الساعة الخامسة والنصف صباح الثلاثاء، اقترح علىّ الفريق عبدالمنعم رياض الفكرة التالية: أما الحصول على وقف إطلاق النار بالطرق الدبلوماسية أو إصدار الأمر الفوري بالانسحاب إلى مراكزنا عند الضفة الشرقية من نهر الأردن خلال الليل وأضاف الفريق رياض: إذا لم تتخذ قرارا خلال الأربعة والعشرين ساعة، يمكنك القول وداعا لجيشك، ولكل أراضى الأردن، فنحن معرضون لفقدان الضفة الغربية، فتصبح جميع قواتنا معزولة ومدمرة".
ويمضى الملك حسين في حديثه: "فكرت لحظة، ثم طلبت من الفريق رياض أن يستشير عبدالناصر في الأمر وفى الساعة السادسة استطاع رياض أن يتصل بعبدالناصر، وشرح له الوضع، ثم حوله إلى .. وجرى الحديث بيننا كالعادة بواسطة خط هاتفي عادى، وهذا الحديث هو الذي سجله الإسرائيليون من دون علمنا، وعدلوا فيه، وأذاعوه في كل مكان".
ثم يقول الملك حسين "بناء على اقتراح عبدالناصر، أرسل رياض ظهر الثلاثاء برقية (بالشفرة) إلى القاهرة تنص على أن (الوضع في الضفة الغربية أصبح يائسا، الهجوم الإسرائيلي المتكرر يتـوالى علينا ليلا ونهارا.. ولا نستطيع أن نفعل ضده شيئا الواقع أن القسم الأكبر من السلاح الجوى السوري والأردني والعراقي عطل تماما..
والنتيجة أصبح خيارنا محصورا بين ثلاثة حلول:
أ. إما اللجوء إلى حل سياسي لوقف الاشتباكات فورا.
ب. وأما إخلاء الضفة الغربية ابتداء من هذه الليلة.
ج. أو البقاء في الضفة أربعة وعشرين ساعة أخرى، لكن في هذه الحالة يصبح الفناء التام للجيش الأردني أمرا حتميا.
كلفني الملك حسين أن أطلعكم على هذا الوضع لمعرفة رأيكم وقراركم في أسرع وقت..".
وبعد هذه البرقية بنصف ساعة أرسل الملك حسين برقية شخصية إلى الرئيس عبدالناصر يدعم فيها أقوال الفريق عبدالمنعم رياض .. ويقول " الوضع يتدهور في القدس .. الوضع دقيق جدا .. بالإضافة إلى خسائرنا الجسيمة في الرجال والمعدات .. تتعرض دباباتنا حاليا للقصف وهى دون غطاء جوى ... وتعطب بمعدل دبابة واحدة كل عشر دقائق، والعدو يركز الجزء الأكبر من قواته على الجيش العربي الأردني .. لابد أن الفريق رياض أطلعكم في برقية سابقة على ما عرضته عليكم الآن ... آمل أن تطلعونا على وجهة نظركم بسرعة ..."...!!!.
وأمام هذه التبريرات لم يكن أمام القيادة المصرية إلا أن ترسل برقية من المشير عامر تنص على "نحن موافقون على سحب قواتكم من الضفة الغربية، وعلى تسليح المدنيين ..". وفى المساء صدر قرار الانسحاب.. بينما أصدرت الأمم المتحدة قراراها بإيقاف النيران على الجبهة الأردنية في منتصف ليلة 6/7 يونيه 1967 .. ولكن إسرائيل لم تلتزم به واستمرت في عدوانها حتى سيطرت على الضفة الغربية لنهر الأردن بالكامل مع حلول ظلام السابع من يونيه 1967.
وقد كتب الفريق عبدالمنعم رياض تقريرا في أعقاب الحرب بعنوان"مناقشة موضوعية لسير العمليات في الجبهة الأردنية، والاستنتاجات والدروس المستفادة منها " يشرح فيه ظروف المعركة بكل أمانة، ويتعرض لأسبـاب القصور وتأثيراتها على المعركة وكيفية تلافيها مستقبلا (انظر وثيقة برقية الفريق عبد المنعم رياض، قائد مركز القيادة العربية المشتركة المتقدم في عمان، إلى الرئيس جمال عبد الناصر حول الوضع العسكري في الضفة الغربية 1967).
رابعاً: خسائر الجانبين
1. الجانب الأردني
أ. الأفراد: تقدر بنحو 6094 قتيلاً ومفقوداً، و792 جريحاً، و643 أسيراً، وقد فقدت كتيبتا المغاوير والصاعقة، المصريتان في عملياتهما التي جرت في عمق الأراضي المحتلة بالقرب من مطار "اللد" ومن مدينة "الرحلة" نحو 40 قتيلاً، و40 أسيراً من مجموع قوتهما البالغ عددها نحو 240 مقاتل.
ب. الدبابات: نحو 150 دبابة "باتون"، و25 دبابة "سنتوريون".