منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers

(إسلامي.. ثقافي.. اجتماعي.. إعلامي.. علمي.. تاريخي.. دعوي.. تربوي.. طبي.. رياضي.. أدبي..)
 
الرئيسيةالأحداثأحدث الصورالتسجيل
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

IZHAR UL-HAQ

(Truth Revealed) By: Rahmatullah Kairanvi
قال الفيلسوف توماس كارليل في كتابه الأبطال عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لقد أصبح من أكبر العار على أي فرد مُتمدين من أبناء هذا العصر؛ أن يُصْغِي إلى ما يظن من أنَّ دِينَ الإسلام كَذِبٌ، وأنَّ مُحَمَّداً -صلى الله عليه وسلم- خَدَّاعٌ مُزُوِّرٌ، وآنَ لنا أنْ نُحارب ما يُشَاعُ من مثل هذه الأقوال السَّخيفة المُخْجِلَةِ؛ فإنَّ الرِّسَالة التي أدَّاهَا ذلك الرَّسُولُ ما زالت السِّراج المُنير مُدَّةَ اثني عشر قرناً، لنحو مائتي مليون من الناس أمثالنا، خلقهم اللهُ الذي خلقنا، (وقت كتابة الفيلسوف توماس كارليل لهذا الكتاب)، إقرأ بقية كتاب الفيلسوف توماس كارليل عن سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-، على هذا الرابط: محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم-.

يقول المستشرق الإسباني جان ليك في كتاب (العرب): "لا يمكن أن توصف حياة محمد بأحسن مما وصفها الله بقوله: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِين) فكان محمدٌ رحمة حقيقية، وإني أصلي عليه بلهفة وشوق".
فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ على سائر البُلدان، كما فَضَّلَ بعض الناس على بعض والأيام والليالي بعضها على بعض، والفضلُ على ضربين: في دِينٍ أو دُنْيَا، أو فيهما جميعاً، وقد فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ وشَهِدَ لها في كتابهِ بالكَرَمِ وعِظَم المَنزلة وذَكَرَهَا باسمها وخَصَّهَا دُونَ غيرها، وكَرَّرَ ذِكْرَهَا، وأبَانَ فضلها في آياتٍ تُتْلَى من القرآن العظيم.
المهندس حسن فتحي فيلسوف العمارة ومهندس الفقراء: هو معماري مصري بارز، من مواليد مدينة الأسكندرية، وتخرَّجَ من المُهندس خانة بجامعة فؤاد الأول، اشْتُهِرَ بطرازهِ المعماري الفريد الذي استمَدَّ مَصَادِرَهُ مِنَ العِمَارَةِ الريفية النوبية المَبنية بالطوب اللبن، ومن البيوت والقصور بالقاهرة القديمة في العصرين المملوكي والعُثماني.
رُبَّ ضَارَّةٍ نَافِعَةٍ.. فوائدُ فيروس كورونا غير المتوقعة للبشرية أنَّه لم يكن يَخطرُ على بال أحَدِنَا منذ أن ظهر وباء فيروس كورونا المُستجد، أنْ يكونَ لهذه الجائحة فوائدُ وإيجابيات ملموسة أفادَت كوكب الأرض.. فكيف حدث ذلك؟!...
تخليص الإبريز في تلخيص باريز: هو الكتاب الذي ألّفَهُ الشيخ "رفاعة رافع الطهطاوي" رائد التنوير في العصر الحديث كما يُلَقَّب، ويُمَثِّلُ هذا الكتاب علامة بارزة من علامات التاريخ الثقافي المصري والعربي الحديث.
الشيخ علي الجرجاوي (رحمه الله) قَامَ برحلةٍ إلى اليابان العام 1906م لحُضُورِ مؤتمر الأديان بطوكيو، الذي دعا إليه الإمبراطور الياباني عُلَمَاءَ الأديان لعرض عقائد دينهم على الشعب الياباني، وقد أنفق على رحلته الشَّاقَّةِ من مَالِهِ الخاص، وكان رُكُوبُ البحر وسيلته؛ مِمَّا أتَاحَ لَهُ مُشَاهَدَةَ العَدِيدِ مِنَ المُدُنِ السَّاحِلِيَّةِ في أنحاء العالم، ويُعَدُّ أوَّلَ دَاعِيَةٍ للإسلام في بلاد اليابان في العصر الحديث.

أحْـلامٌ مِـنْ أبِـي (باراك أوباما) ***

 

 سورة الشورى الآيات من 06-10

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

سورة الشورى الآيات من 06-10 Empty
مُساهمةموضوع: سورة الشورى الآيات من 06-10   سورة الشورى الآيات من 06-10 Emptyالثلاثاء 07 سبتمبر 2021, 9:39 pm

وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ اللَّهُ حَفِيظٌ عَلَيْهِمْ وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ (٦)
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

معنى: (مِن دُونِهِ) (الشورى: 6) أي من دون الله: (أَوْلِيَآءَ) يوالونهم ويعبدونهم من دون الله، كالذين عبدوا الشمس والقمر أو الشياطين أو الملائكة: (ٱللَّهُ حَفِيظٌ عَلَيْهِمْ) (الشورى: 6) يعني: رقيب يعلم ما فعلوا، ويحصي عليهم ما قالوا، ويحاسبهم على هذا ويجازيهم بما يستحقون، لأنه -تعالى- إليه المرجع وإليه المصير.

وما دام الأمر كذلك فلا تحزن يا محمد، ولا تُهلك نفسك أسفاً عليهم، فليس عليك هُداهم، إنما عليك البلاغ: (وَمَآ أَنتَ عَلَيْهِم بِوَكِيلٍ) (الشورى: 6) وكيل: فعيل بمعنى مفعول، وما أنت عليهم بموكول أنْ يؤمنوا، إنما عليك البلاغ وعلينا الحساب.

ومعلوم أن صيغة فعيل تأتي بمعنى فاعل مثل رحيم بمعنى راحم، وبمعنى مفعول مثل قتيل بمعنى مقتول.



سورة الشورى الآيات من 06-10 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

سورة الشورى الآيات من 06-10 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة الشورى الآيات من 06-10   سورة الشورى الآيات من 06-10 Emptyالثلاثاء 07 سبتمبر 2021, 9:42 pm

وَكَذَٰلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَىٰ وَمَنْ حَوْلَهَا وَتُنْذِرَ يَوْمَ الْجَمْعِ لَا رَيْبَ فِيهِ فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ (٧)
تفسير الأية: خواطر مُحَمَّد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

قوله -تعالى- (كذلك) أي: كهذا الوحي الذي سبق (أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ قُرْآناً عَرَبِيّاً) (الشورى: 7) سُمي قرآناً لأنه مقروء، وسُمِّي الكتاب لأنه مكتوب مُسطر في كتاب، ووصِف بأنه عربي لأنه بحروف وبلسان عربي مبين، وعربي منسوب إلى العرب، وقلنا: إن اللغة ألفاظ يعبر بها كل قوم عن أغراضهم، وأنها بنت المحاكاة، فما سمعتْه الأذن يحكيه اللسان.

وليست اللغة جنساً ولا دماً، بدليل أن الولد العربي لو عاش في بيئة أجنبية يتكلم نفس لغتها، لأن اللغة تقليد ومُحاكاة تعتمد على التلقِّي والتقليد، حتى في لغتك التي تتكلم بها يطرأ عليك اللفظ فلا تعرف معناه.

لماذا؟

لأنك لم تسمعه من قبل.

لذلك نقول: إن التلقين في اللغة دليل على صدق الحق سبحانه فيما قال: (وَعَلَّمَ ءَادَمَ ٱلأَسْمَآءَ كُلَّهَا) (البقرة: 31) فالله -تعالى- هو أول معلم للبشر، وإلا فمَنْ علَّم آدم الأسماء والحروف والكلمات؟

بعض المستشرقين وقف عند هذه الآية، وقال: كيف يكون القرآن عربياً وفيه كلمات كثيرة من غير العربية، فيه من لغة الرومان ومن لغة الفرس والحبشة؟

ونقول: معنى (قُرْآناً عَرَبِيّاً) (الشورى: 7) أي: نزل بكلمات دارتْ على ألسنة العرب وتُدُووِلَتْ بينهم قبل نزول القرآن، فصارت من لغتهم، ثم كم هي هذه الكلمات بالنسبة لكلمات القرآن؟

إذن: فالقرآن عربي، والله -تعالى- يقول: (وَمَآ أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ) (إبراهيم: 4) يعني: يتلقون عنه ويفهمون منه، وإلا ما تم البلاغ عن الله.

فإنْ قلتَ: كيف ذلك ومُحَمَّد -صلى الله عليه وسلم- مُرْسَلٌ للناس كافة في كل مكان، وفي كل زمان؟

نقول: هذه مهمة أمَّة مُحَمَّد من بعده، أنْ تتعلم هذه اللغات، وأن تحمل إليها من دين الله في أيِّ مكان، لأن مُحَمَّداً خاتم الرسل وآخر الأنبياء، فلا بدَّ أن تحمل الأمة من بعده هذه المهمة، وأنْ تسيح بها في أنحاء العالم.

فالقرآن نزل بالعربية لأنه سبحانه اختار العرب لحمل هذه الرسالة، وسبق في موضع قريب أن تكلمنا عن اختيار العرب بالذات لهذه المهمة، والحكمة من كَوْن رسول الله أمياً في أمة أمية، وإذا كان القرآن معجزاً للعرب بلفظه وأسلوبه، فهو معجز لغير العرب بمعناه، ومعجز بآياته الكونية التي تظهر للناس وتبهرهم من حين لآخر.

تصوَّروا لو أن مُحَمَّداً كان متعلماً في أمَّة مُتعلمة ذات حضارة، ماذا كانوا يقولون، مع كثرة الكفرة والمُعاندين والمُلحدين، والله لو كان الأمر كذلك لقالوا: إن الإسلام قفزة حضارية كالتي حدثتْ في كثير من الأمم.

إذن: نقول: الأمِّيَّة عيبٌ في كل أمِّيٍّ إلا في رسول الله فهي شرفٌ.

لماذا؟

لأنها تعني أنه تلقى كل علومه وكل ثقافاته من أعلى، فهي شرف لارتقاء مصدرها إلى الحق سبحانه والعجيب أن من أعداء الإسلام مَنْ يقول بأن مُحَمَّداً كان متعلماً، وهو الذي كتب القرآن من عنده سبحان الله، أأنتم متعصبون لمُحَمَّد أكثر من أتباعه؟

والقرآن صريح في الرَّدِّ عليهم: (وَمَا كُنتَ تَتْلُواْ مِن قَبْلِهِ مِن كِتَابٍ وَلاَ تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذاً لاَّرْتَابَ ٱلْمُبْطِلُونَ) (العنكبوت: 48).

وبعد هذه الأمية جاء مُحَمَّد -صلى الله عليه وسلم- بمنهج أخضع له حضارات العالم، ودانتْ له أعظم حضارتين في هذا الزمن، حضارة فارس في الشرق وحضارة الروم في الغرب، أخضعها له لا بالقوة إنما بأساليبه ومعانيه الراقية التي تنظم حركة الحياة والمجتمع كله، وتنظفه من كل القاذورات والسلبيات التي كانت منتشرة بين هؤلاء.

وقوله -تعالى-: (لِّتُنذِرَ أُمَّ ٱلْقُرَىٰ وَمَنْ حَوْلَهَا) (الشورى: 7) الإنذار هو الإخبار بشرٍّ قبل أوانه والتخويف به قبل موعده، والحكمة أنني حين أخوفك من الأمر قبل حدوثه أعطيك فرصة لتتجنبه.

(أُمَّ ٱلْقُرَىٰ) (الشورى: 7) هي مكة، فهي أم القرى، أو أصل القرى، لأن بها أول بيت وُضِع للناس، وآدم من الناس فالبيت إذن وُضِع قبل آدم لذلك فالقول الذي قال بأن الملائكة هي التي وضعتْ هذا البيت قول صحيح.

والمراد بمن حولها: ما حول مكة من قرى وقبائل وتجمُّعات عربية، ولأن مكة هي أم القرى وأصلها، أخذت قريش مكان الصدارة بين قبائل العرب في شبه الجزيرة العربية، وكانت قريش لها شرف خدمة البيت، فهم سدنته القائمون على أمره تأتيهم كل القبائل في موسم الحج، فتوفر لهم الأمن والحماية والمؤنة، لذلك كانت قوافل قريش التجارية تحظى بالاهتمام والحماية في كل أنحاء الجزيرة في رحلتَي الشتاء والصيف.

إذن: فالبيت هو الذي منح قريشاً هذه المهابة وهذه المنزلة، يقول -تعالى-: (لإِيلاَفِ قُرَيْشٍ * إِيلاَفِهِمْ رِحْلَةَ ٱلشِّتَآءِ وَٱلصَّيْفِ * فَلْيَعْبُدُواْ رَبَّ هَـٰذَا ٱلْبَيْتِ * ٱلَّذِيۤ أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ) (قريش: 1-4) فسيادة قريش من سيادة البيت ومن جوارهم له وقيامهم على خدمة حجاجه، ولو انهدم البيت لزالتْ مهابة قريش، وفقدت هذه المكانة.

وقوله -تعالى-: (وَتُنذِرَ يَوْمَ ٱلْجَمْعِ لاَ رَيْبَ فِيهِ) (الشورى: 7) أي: تخوفهم من هذا اليوم وهو يوم القيامة والجمع في هذا اليوم يكون من عدة وجوه: أولاً: البعث حيث يجمع بين الجسم والروح، ويجمع الملائكة في الملأ الأعلى بالبشر، ويجمع الظالم والمظلوم، والتابع والمتبوع.

ونلحظ على هذا التعبير القرآني (وَتُنذِرَ يَوْمَ ٱلْجَمْعِ) (الشورى: 7) أنه سكت ولم يذكر مفعول الفعل (تنذر) وهو يتعدَّى إلى مفعولين كما في قوله -تعالى-: (فَإِنْ أَعْرَضُواْ فَقُلْ أَنذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِّثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ) (فصلت: 13) فذكر المخوف منه على العموم ولم يذكر مفعول أنذر.

لماذا؟

لأنه سيأتي لها شرح آخر، ففي قوله -تعالى-(وَأَنذِرْهُمْ يَوْمَ ٱلأَزِفَةِ..) (غافر: 18) أي: أنذر الكافرين وهذا مفعول أول، ويوم الجمع مفعول ثان.

وقوله: (لاَ رَيْبَ) (الشورى: 7) لا شك (فَرِيقٌ فِي ٱلْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي ٱلسَّعِيرِ) (الشورى: 7) فما دام هناك تكليف فلا بدَّ أن توجد الطاعة، وأن توجد المعصية، الطائع يُثاب والعاصي يُعاقب، وهذه سنة حتى عند البشر في أمور حياتهم، بدليل أنهم جعلوا لها قانوناً للثواب والعقاب، كذلك في يوم الجمْع الذي لا ريبَ فيه سيكون الناس على قسمين: فريق في الجنة، وفريق في السعير.

في اللغة أسلوب يُسمَّى (الاحتباك) أي: الأمر المحبوك، وهو أن يحذف من الشيء ما يدل عليه غيره على التقابل، ومن ذلك قوله -تعالى-: (قَدْ كَانَ لَكُمْ آيَةٌ) (آل عمران: 13) يعني: أمر عجيب: (فِي فِئَتَيْنِ ٱلْتَقَتَا) يعني في حرب: (فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ) (آل عمران: 13) وهي الفئة المؤمنة: (وَأُخْرَىٰ كَافِرَةٌ) (آل عمران: 13) أي: تقاتل في سبيل الشيطان.

تأمَّل هذا النسق القرآني تجده حذف الوصف (مؤمنة) لأنه دلَّ عليها قوله: (تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ) (آل عمران: 13) وفي الأخرى ذكر الوصف (كافرة) وحذف المقابل أي تقاتل في سبيل الشيطان، فحذف من إحديهما ما دلتْ عليه الأخرى بالتقابل، وهذا يُسمى الاحتباك.

وقوله -تعالى-: (فَرِيقٌ فِي ٱلْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي ٱلسَّعِيرِ) (الشورى: 7) تفريق بعد الجمع في قوله: (وَتُنذِرَ يَوْمَ ٱلْجَمْعِ) (الشورى: 7) والتفريق بعد الجمع أسلوب آخر من أساليب القرآن، وهناك الجمع والتفريق والتقسيم.

ومن ذلك قوله سبحانه: (يَوْمَ يَأْتِ لاَ تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلاَّ بِإِذْنِهِ) (هود: 105) هذا جمع: (فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ) (هود: 105) هذا تفريق، ثم يقسم ويُفصِّل القول في كل فريق: (فَأَمَّا ٱلَّذِينَ شَقُواْ فَفِي ٱلنَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ * خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ ٱلسَّمَٰوَٰتُ وَٱلأَرْضُ إِلاَّ مَا شَآءَ رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِّمَا يُرِيدُ * وَأَمَّا ٱلَّذِينَ سُعِدُواْ فَفِي ٱلْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ ٱلسَّمَٰوَٰتُ وَٱلأَرْضُ إِلاَّ مَا شَآءَ رَبُّكَ عَطَآءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ) (هود: 106-108).

لكن لماذا هذا التفريق (فَرِيقٌ فِي ٱلْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي ٱلسَّعِيرِ) (الشورى: 7) قالوا: لأن الحق سبحانه خلق الخَلْق وخيَّرهم حين عرض عليهم الأمانة، وهي أمانة التكليف في قوله -تعالى-: (إِنَّا عَرَضْنَا ٱلأَمَانَةَ عَلَى ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَٱلْجِبَالِ فَأبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا ٱلإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً) (الأحزاب: 72).

يعني: تركنا لهم حرية الاختيار لحمل الأمانة فأشفقتْ كل المخلوقات من حملها، فاختارت أنْ تكون مُسيَّرة يتصرف فيها ربها كيف شاء إلا الإنسان والجن، فقد اختار حمل الأمانة.

(إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً) (الأحزاب: 72) أي: لنفسه (جَهُولاً) بالعواقب، لأنه قد تضمن نفسك ساعة التحمل، لكنك لا تضمن ساعة الأداء، فقد تحُول ظروفك بينك وبين أداء الأمانة، فلأن الإنسانَ اختار حملَ الأمانة واختار الاختيار كان لا بدَّ أنْ يسأل عن أمانته، وأنْ يحاسب عليها، أحفِظَ أم ضيَّع، وكان لا بدَّ له من دار جزاء وحساب، ففريق في الجنة وفريق في السعير.



سورة الشورى الآيات من 06-10 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

سورة الشورى الآيات من 06-10 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة الشورى الآيات من 06-10   سورة الشورى الآيات من 06-10 Emptyالثلاثاء 07 سبتمبر 2021, 9:43 pm

وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَهُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَٰكِنْ يُدْخِلُ مَنْ يَشَاءُ فِي رَحْمَتِهِ وَالظَّالِمُونَ مَا لَهُمْ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ (٨)
تفسير الأية: خواطر مُحَمَّد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

يعني: لا تتعجَّب من أمر الله، فله المشيئة المُطلقة في خَلْقه، ولو كانت مشيئته مشيئة قَهْر ما استطاع أحدٌ الخروجَ عليها، ولكانَ الناسُ جميعاً مؤمنين، لكن فَرْقٌ بين الإيمان عن قهر وإجبار، والإيمان عن حُبٍّ واختيار.

الحق سبحانه لا يريد منا القوالب الجامدة، إنما يريد القلوب المحبَّة، يريدها طواعية مختارة، وسبق أنْ مثَّلنا لذلك ولله المثل الأعلى برجل عنده عبدان أحدهما حُر طليق، والآخر مربوط إلى سيده بحبل، فحين ينادي السيد يأتيانه ويجيبان نداءه، فأيهما أطوَعُ وأيهما مُحِبٌّ؟

الحق سبحانه و-تعالى- حين عرض الأمانة على الخَلْق كله وخيَّرهم أثبت الجانبين القهر والقدرة وأثبت المحبة، أثبت القدرة والقهر في أنْ جعل خَلْقاً من خَلْقه هو السماوات والأرض وكل الكائنات عدا الإنس والجن تأتي طائعةً مؤمنةً، وتتنازل عن اختيارها لاختيار ربها وخالقها.

ثم أثبت الحب في اختيار الإنس والجن، لأنهم آمنوا حباً وكانوا يقدرون على الكفر.

(وَلَـٰكِن يُدْخِلُ مَن يَشَآءُ فِي رَحْمَتِهِ) (الشورى: وهم المؤمنون يُدخَلون الجنة بفضل الله وبرحمته لا بأعمالهم، فالأعمال سبب في دخول الجنة.

وفي المقابل (وَٱلظَّالِمُونَ مَا لَهُمْ مِّن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ) (الشورى: يعني: سيدخلون النار، لأن الفريق الذي دخل الجنة دخلها بفضل الله ورحمته، وهؤلاء ظالمون، والظلم جزاؤه النار.

(مَا لَهُمْ مِّن وَلِيٍّ) (الشورى: يعني: قريب يُواليهم ويدفع عنهم (وَلاَ نَصِيرٍ) (الشورى: ينصرهم ولو من بعيد، يراهم مغلوبين، فيحنّ عليهم وينصرهم.

ثم بيَّن الحق سبحانه علَّةَ ذلك، وأنهم أعرضوا عن عبادة الله الواحد الأحد، واتخذوا من دونه أولياء فاستحقوا هذا الخذلان: (أَمِ ٱتَّخَذُواْ مِن دُونِهِ أَوْلِيَآءَ فَٱللَّهُ هُوَ...).



سورة الشورى الآيات من 06-10 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

سورة الشورى الآيات من 06-10 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة الشورى الآيات من 06-10   سورة الشورى الآيات من 06-10 Emptyالثلاثاء 07 سبتمبر 2021, 9:44 pm

أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ فَاللَّهُ هُوَ الْوَلِيُّ وَهُوَ يُحْيِي الْمَوْتَىٰ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٩)
تفسير الأية: خواطر مُحَمَّد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

بعد أنْ قرر الحق سبحانه أن الظالمين ما لهم من ولي ولا نصير يسوق هذا السؤال: (أَمِ ٱتَّخَذُواْ مِن دُونِهِ أَوْلِيَآءَ) (الشورى: 9) هل لهم أولياء لا نعلمهم، فالاستفهام هنا للنفي والإنكار، وما داموا ليس لهم أولياء فلماذا لم يتخذوني ولياً لهم، أو يكون المعنى: بل اتخذوا من دونه أولياء، وعليهم أن يتفكروا في ذلك، وأنْ يراجعوا أنفسهم.

(فَٱللَّهُ هُوَ ٱلْوَلِيُّ) (الشورى: 9) الولي الحق لمَنْ أراد ولياً وناصراً (وَهُوَ يُحْيِـي ٱلْمَوْتَىٰ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) (الشورى: 9) جاء هنا بصفتين لا يستطيعهما أحد من أوليائهم إحياء الموتى والقدرة، وهذه الصفات الخاصة به سبحانه نجدها في القرآن دائماً مقرونةً بضمير الفصل للتأكيد على أنها لله وحده لا يشاركه فيها غيره، لذلك قال: (فَٱللَّهُ هُوَ ٱلْوَلِيُّ وَهُوَ يُحْيِـي ٱلْمَوْتَىٰ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) (الشورى: 9).

وقال سبحانه: (وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَىٰ * وَأَنَّهُ هُوَ أَمَاتَ وَأَحْيَا) (النجم: 43-44) فهذه أفعالٌ لا يقدر عليها إلا الله وحده، فمعنى أضحك وأبكى أوجد فيك غريزة الضحك وغريزة البكاء، بدليل أنها موجودة في كل بني آدم وفي كل الجنسيات، الضحك واحد عند العرب، وعند الهندي، وعند الروسي ومثله البكاء فهي إذن غريزة، وكذلك مسألة الحياة والموت هي لله وحده لا يقدر عليها أحدٌ سِوَاه.

وفي قصة سيدنا إبراهيم يقول وهو يُعدِّد نِعمَ الله عليه: (ٱلَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ * وَٱلَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ * وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ * وَٱلَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ) (الشعراء: 78-81).

ففي الأمور التي فيها شبهة فعْلٍ لغير الله يأتي بضمير الفصل (هو) لتأكيد أن الفعل لله وحده كما في (فَهُوَ يَهْدِينِ) (الشعراء: 78) لأن الهداية قد تأتي على يد أحد من البشر، وفي (يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ) (الشعراء: 79) فالأب مثلاً قد يظن فيه أنه الذي يُطعمني ويَسْقين، كذلك في (يَشْفِينِ) (الشعراء: 80) لأن الطبيب قد يظن البعض أن بيده الشفاء، أما في الأفعال التي لا شبهة لتدخّل أحد فيها فيأتي بها دون توكيد لأنها خالصة لله -تعالى- دون منازع (وَٱلَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ) (الشعراء: 81).

وإحياء الموتى يُراد به البعث في الآخرة، وقد رأينا مثالاً له في الدنيا كقصة العُزَير التي حكاها القرآن: (أَوْ كَٱلَّذِي مَرَّ عَلَىٰ قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَىٰ عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّىٰ يُحْيِـي هَـٰذِهِ ٱللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ ٱللَّهُ مِئَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ قَالَ لَبِثْتُ يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالَ بَل لَّبِثْتَ مِئَةَ عَامٍ فَٱنْظُرْ إِلَىٰ طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ وَٱنْظُرْ إِلَىٰ حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِلنَّاسِ وَٱنْظُرْ إِلَى ٱلعِظَامِ كَيْفَ نُنْشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْماً فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) (البقرة: 259).

ذلك لأن الشعور بالزمن يأتي من الأحداث، فحين تنعدم الأحداث ينعدم الشعور بالزمن، لذلك لما مات عُزير مائة عام قال لما أحياه الله: لبثتُ يوماً أو بعض يوم، فأراد الحق سبحانه أنْ يُثبتَ له صدقه في يوم أو بعض يوم بنظره إلى طعامه الذي كان معه حيث وجده كما هو لم يتغير ولم يتلف، وأن يثبت صدق الحق سبحانه في المائة عام، فقال له: انظر إلى حمارك وكيف صار عظاماً بالية، وهذا لا يحدث إلا في مائة عام.

وقوله -تعالى-: (وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) (الشورى: 9) دلتْ على طلاقة القدرة لله -تعالى-، وهذه القدرة مُشَاهدة في آياته الكونية في السماوات وفي الأرض وفي الأنفس، كلها تشهد لله بالقدرة المطلقة.

نعم، الله على كل شيء قدير وقد أرانا نماذجَ من إحياء الموتى في الدنيا لنأخذ منها دليلاً على صدقه -تعالى- في إحياء الموتى في الآخرة، مرت بنا قصة إحياء العزير الذي أماته الله مائة عام.

نموذج آخر في قوله -تعالى-: (أَلَمْ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ خَرَجُواْ مِن دِيَٰرِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ ٱلْمَوْتِ فَقَالَ لَهُمُ ٱللَّهُ مُوتُواْ ثُمَّ أَحْيَٰهُمْ إِنَّ ٱللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى ٱلنَّاسِ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلنَّاسِ لاَ يَشْكُرُونَ) (البقرة: 243).

ومن عظمة الحق سبحانه وقدرته على كل شيء أنْ يُعدى إلى خلقه شيئاً من قدرته، فيجعل مثلاً سيدنا إبراهيم قادراً على إحياء الموتى بإذن الله، القوي من البشر مثلاً حين يرى ضعيفاً يعينه ويعدى إليه أثر قوته فيحمل له متاعه ويظل الضعيف ضعيفاً.

أما الحق سبحانه فإنه حين يُعدِّي قوته إلى عبده يجعله يفعل بنفسه وينقل إليه شيئاً من قدرته ومن صفاته -تعالى- فتصير القوة فيك ذاتية.

تعرفون قصة سيدنا إبراهيم لما أراد أنْ يرى عملية إحياء الموتى بنفسه فطلب من ربه ذلك: (رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِـي ٱلْمَوْتَىٰ قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِن قَالَ بَلَىٰ وَلَـكِن لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِي) (البقرة: 260).

يعني: يا رب أنا مؤمن ومصدِّق لكن أريد الاطمئنان، أريد الترقي إلى مرتبة أعلى في الإيمان، بعض المستشرقين يقولون في التعليق على هذه الآية: هل الإيمان غير اطمئنان القلب؟

وما دام طلب اطمئنان القلب فالإيمان إذن ناقص.

نقول: سيدنا إبراهيم عليه السلام لم يقُل: رب هل تحيي الموتى أم لا؟

لقد قال: (رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِـي ٱلْمَوْتَىٰ) (البقرة: 260) فهو مؤمن بإحياء الله للموتى ومُصدِّق بقدرة الله على ذلك ويريد أن يعرف الكيفية، فالاطمئنان للكيفية لا لإثبات الصفة لله -تعالى-، كما لو قلتُ لك: كيف بنيتَ هذا المسجد، هل أنا أشكّ في بنائه؟

لا فهو موجود بالفعل لكن أريد أن أعرف الكيفية.

لذلك الحق سبحانه ردَّ على نبيه إبراهيم رداً منطقياً، فكيفية إحياء الموتى لا تُعرف بالكلام إنما بالفعل والممارسة، فجعله يمارس هذا الفعل بنفسه ويزاول عملية إحياء الموتى ويعاينها: (قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِّنَ ٱلطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ) (البقرة: 260) يعني: تأكد منهن ومن علاماتهن ثم اذبحهن: (ثُمَّ ٱجْعَلْ عَلَىٰ كُلِّ جَبَلٍ مِّنْهُنَّ جُزْءًا ثُمَّ ٱدْعُهُنَّ..) (البقرة: 260) إذن: أنت الفاعل بنفسك، وهذه من عظمة الخالق سبحانه إذن: (وَهُوَ يُحْيِـي ٱلْمَوْتَىٰ) (الشورى: 9) يعني: عملية مقصورة عليه سبحانه، حتى وإنْ عدَّاها لِمَنْ يشاء من عباده فهو صاحبها: (وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) (الشورى: 9) تجد بعض المخلوقات لها قدرة كما في بعض البشر مثلاً، أو بعض الملائكة التي اتخذوها من دون الله، لكنها قدرة محدودة فإنْ قدرتْ الملائكة مثلاً على فعل شيء عجزتْ عن أشياء، أمَّا الحق سبحانه فقدرته مُطلقة لا يُعجزها شيء، قدرة كاملة على كل شيء.



سورة الشورى الآيات من 06-10 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

سورة الشورى الآيات من 06-10 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة الشورى الآيات من 06-10   سورة الشورى الآيات من 06-10 Emptyالثلاثاء 07 سبتمبر 2021, 9:46 pm

وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ ذَٰلِكُمُ اللَّهُ رَبِّي عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ (١٠)
تفسير الأية: خواطر مُحَمَّد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

الاختلاف هو عدم التقاء الآراء في قضية ما، وينقسم الجمع إلى فريقين أو أكثر، كُلٌّ يؤيد رأيه ويعارض رأي الآخر، ويقابله الوفاق والآراء تختلف إمَّا في نقاش جاد مُثمر يُراد منه الوصول للحقيقة، وإمَّا جدل ولجاجة لا فائدةَ منها ومِراءٌ بالباطل.

لذلك يُعلمنا الحق سبحانه ماذا نفعل حين نختلف، أنْ نردَّ الأمر والحكم لله، لذلك لما اختلفوا مثلاً في الروح وسألوا عنها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنزل الله -تعالى-: (وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ ٱلرُّوحِ قُلِ ٱلرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَآ أُوتِيتُم مِّنَ ٱلْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً) (الإسراء: 85).

كذلك علَّمنا الحق سبحانه أدبَ الخلاف وألاَّ نتعجل في الحكم، وأن نبحثه بموضوعية، فقد يكون المختلفون متفقين في واقع الأمر وهم لا يعلمون وجه هذا الاتفاق، ففي غزوة الأحزاب بعد أن عادت قريش إلى مكة، واليهود إلى أماكنهم أخبر الحق سبحانه نبيه -صلى الله عليه وسلم- أن اليهود هم سبب هذه الحرب، وأصل هذه البلوى، فاذهب إليهم ولا تخلع لباس الحرب، فذهب رسول الله إلى جيشه العائد من الحرب وقال لهم: "مَنْ كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يصلين العصر إلا في بني قريظة".

يريد الحرب، فعاد الصحابة وتوجَّهوا إلى بني قريظة، فدخل عليهم وقت المغرب وهم في الطريق فاختلفوا في صلاة العصر، فريق يقول يجب أن نصليها الآن قبل فوات وقتها، وفريق يقول: لا بل نصليها في بني قريظة كما أمر رسول الله.

إذن: رأى تعصَّب للزمان، ورأى تعصَّب للمكان، فمَنْ تعصَّب للزمان صلى في الطريق ومن تعصَّب للمكان صلى في بني قريظة، حتى إذا ما التقوْا برسول الله عرضوا عليه هذا الخلاف، فأقرَّ كلاّ منهم على رأيه، ولم يعارض هذا ولا ذاك.
 
إذن: كان اختلافاً شكلياً، وهم لا يدرون أنهم جميعاً على الحق، وأنهم في وفاق، إذن: حين نختلف علينا أنْ نردَّ الأمر إلى الله وإلى رسول الله، وأنْ نكون موضوعيين دون تعصُّب، هذا في الخلاف بين المؤمنين.

كذلك إنْ كان الخلاف مع أهل الكتاب اليهود أو النصارى، رُدُّوا خلافكم معهم إلى الله، لأن عندهم كتباً سماوية: التوراة والإنجيل، وفيها تصديق بمُحَمَّد خاتم الرسل، وفيها بشارة به، وفيها صفاته وعلاماته، بدليل أن منهم مَنْ آمن بعد بعثة رسول الله، فرُدُّوا خلافكم معهم إلى الله لتقطعوا عليهم طريق اللجج والعناد والخُصومة.

ومعنى (فَحُكْمُهُ إِلَى ٱللَّهِ) (الشورى: 10) وأيضاً إلى رسول الله لأنه نائب عن الله في الأحكام، وقد أعطاه الله حَقَّ التشريع بدليل قوله -تعالى-: (وَمَآ آتَاكُمُ ٱلرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَٱنتَهُواْ) (الحشر: 7) وهذه مَيزة لم ينَلْها أحدٌ من الرسل قبل رسول الله، حيث كان عليهم البلاغ فقط، أما سيدنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقد فوّضه ربه في التشريع.

لذلك لَمَّا قال أحَدُ المُجادلين: ما الدليل على أن الصُّبح ركعتان، والظهر أربع، والمغرب ثلاث؟

قال: الدليل قوله -تعالى-: (وَمَآ آتَاكُمُ ٱلرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَٱنتَهُواْ) (الحشر: 7).

وكوْنك تحكِّم الحق سبحانه في مسألة خلافية وتعرضها على قول الله وقول رسول الله، هذه الرجعة تُنهي الخلاف وتُنهي المراء، ولا غضاضةَ على أحد أنْ يحتكم إلى قوة أعلى تلتقي عليها القلوب في صفاء ورضا بحكمه -تعالى-، ألا ترى أن الحكم عليك إنْ جاء من بشر مثلك ربما لا تقبله حتى لو كان صواباً، أما حين يكون الحكم لله فلا غضاضةَ ولا حرج.

(ذَلِكُمُ ٱللَّهُ رَبِّي عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ) (الشورى: 10) (ذَلِكُمُ) اسم اشارة للتعظيم، فـ (ذا) إشارة، واللام للبُعْد، والكاف للخطاب (ذَلِكُمُ ٱللَّهُ رَبِّي) تقولها وأنت فخور بها، مُعتز بالانتساب إليه سبحانه، وكأنه شيء عالٍ فوق كل تصوُّر، والرب قلنا: هو الذي يتولَّى التربية والعطاء، ومنه الفضل والإنعام، وعليه أتوكل في كل أمري (وَإِلَيْهِ أُنِيبُ) (الشورى: 10) أرجع وأعود في الآخرة للحساب والجزاء.

وحين أقول (ذَلِكُمُ ٱللَّهُ رَبِّي) (الشورى: 10) فأنا معتز بالربوبية التي تُربي وتعطي، ومعتز بالألوهية التي تكلف، لأن التكليف من تمام التربية، ومقتضى تربيتي أن تكون دنياي سعيدة، لكن الدنيا موقوتة ومنتهية، فالتربية الحقة إذن أنْ أربيك لشيء أبقى وأدوم وهي الآخرة التي لا ينقطع نعيمها ولا أغادرها بموت ولا تغادرني بفناء.

البعض يقول: التربية هنا للمادة، نقول: للمادة وللقيم والروح أيضاً، لذلك يقول -تعالى-: (يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ٱسْتَجِيبُواْ لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ) (الأنفال: 24) ما معنى (يحييكم) هنا ألم يخاطبهم وهم أحياء يسمعون؟

إذن: المراد حياة أخرى غير حياة المادة، المراد حياة القيم والروح، الحياة الخالدة التي لا تفوتك ولا تفوتها.

لذلك يُسمَّى المنهج الذي يمنحك هذه الحياة روحاً قال -تعالى-: (وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ رُوحاً مِّنْ أَمْرِنَا) (الشورى: 52) نعم روحاً، تعطيك الحياة الأبدية أما الروح الأولى فتعطيك فقط الحياة الدنيا، ويُسمى كذلك الملك الذي ينزل بالمنهج روحاَ: (نَزَلَ بِهِ ٱلرُّوحُ ٱلأَمِينُ) (الشعراء: 193).

إذن: نفهم أن الحياة المطلوبة ليستْ هي الحياة الدنيا، إنما الدنيا وسيلة وأداة مُوصِّلة إلى غاية أفضل منها، ولكي أصل إلى هذه الغاية ينبغي عليَّ أن أستقيم على منهج مَنْ سيعطيني هذه الحياة.

إذن (ذَلِكُمُ ٱللَّهُ رَبِّي) (الشورى: 10) جمعت بين لفظ الألوهية والعبادة والتكليف وبين لفظ الربوبية التي تُربِّي وتعطي وتمنح.

وتأمَّل آداء القرآن في مسألة التوكل (عَلَيْهِ تَوكَّلْتُ) أهل اللغة يسمون هذا الأسلوب أسلوبَ قصر بتقديم الجار والمجرور (عَليْه) مُقدَّم على الفعل (توكَّلْتُ) وهذا يفيد القصر والحصر، فتوكّلي على الله لا على سواه على الله فحسب، أما لو قلت: توكلت على الله يجوز أنْ تزيد عليها: وعلى فلان.

فأسلوب القصر يقصر التوكل على الله وحده.

قالوا: والتوكل على الله رصيدُ مَن فقد الأسباب وخرج من حَوْله وقوته إلى قوة ربه وخالقه؛ لأن الله -تعالى- جعل لكل شيء أسباباً، فإذا عزَّتْ الأسباب نلجأ إلى المسبِّب سبحانه: (أَمَّن يُجِيبُ ٱلْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ) (النمل: 62).

والمضطر هو الذي استنفد كل الأسباب المتاحة، وعندها لا يُسلِم نفسه للأحداث ولا ييأس، إنما يقول: إن لي رباً فوق الأسباب، فهو خالقها ومسبِّبها ولن يتخلى عني حين ألجأ إليه.

وسبق أن ذكرنا لكم قصة سيدنا موسى عليه السلام لما أدركه فرعون وجنوده وحاصروهم عند شاطئ البحر، حتى قال أصحاب موسى: (إِنَّا لَمُدْرَكُونَ) (الشعراء: 61) فواقع الأحداث أن البحر أمامهم والعدو خلفهم ولا مفرّ، لكن لموسى مع ربه حسابات أخرى، فقال رداً عليهم: (قَالَ كَلاَّ إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ) (الشعراء: 62).

وهذا هو التوكل الذي يعتمد على الثقة بالله، توكل المضطر الذي عزَّتْ عليه أسبابه، ولم يَبْقَ له إلا أنْ يلجأ إلى الله، لذلك جاء الجواب من الحق سبحانه معجزةً خالدة باهرة: (أَنِ ٱضْرِب بِّعَصَاكَ ٱلْبَحْرَ فَٱنفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَٱلطَّوْدِ ٱلْعَظِيمِ * وَأَزْلَفْنَا ثَمَّ ٱلآخَرِينَ * وَأَنجَيْنَا مُوسَىٰ وَمَن مَّعَهُ أَجْمَعِينَ * ثُمَّ أَغْرَقْنَا ٱلآخَرِينَ) (الشعراء: 63-66).

كذلك في (وَإِلَيْهِ أُنِيبُ) (الشورى: 10) أسلوب قصر بتقديم الجار والمجرور على الفعل يعني: أرجع إليه وحده لا إلى أحد سواه.

وتلحظ على الأسلوب هنا أن التوكل جاء بصيغة الماضي (عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ) (الشورى: 10) أما الإنابة فجاءت بصيغة المضارع (وَإِلَيْهِ أُنِيبُ) (الشورى: 10) هذه الدقة في التعبير، لأن المتكلم بهذا الكلام هو الله.

فطبيعي أن تجد هذه الحبكة والدقة اللغوية، ذلك لأن التوكل عقيدة راسخة من أول الأمر وقبل أنْ تتكلم في التوكل، فهو ناشئ أولاً وموجود، أما الإنابة إليه والرجوع فيكون وقت الحدث في المستقبل حينما نرجع إليه سبحانه ثم يتحدث عن حيثية أخرى من حيثيات قدرته -تعالى- وأنه هو الولي الحق: (فَاطِرُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ جَعَلَ لَكُم...).



سورة الشورى الآيات من 06-10 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
 
سورة الشورى الآيات من 06-10
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» سورة الشورى الآيات من 21-25
» سورة الشورى الآيات من 26-30
» سورة الشورى الآيات من 31-35
» سورة الشورى الآيات من 36-40
» سورة الشورى الآيات من 41-45

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers :: (العربي) :: الشيخ محمد متولي الشعـراوي :: الشورى-
انتقل الى: