أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| موضوع: رد: آه... يا ولدي السبت 21 أغسطس 2021, 10:53 pm | |
|
ولا تستكثر حبك لوالديك وشفقتك عليهما، فإنه مهما بلغ ذلك منك فلن يصل إلى حد حبهما لك، وإني لحاكٍ لك حادثة روتها كتب الأخبار فاستمع برهافة حسك وشغاف قلبك: كان أمية الكناني من سادات قومه، وكان له ابن اسمه (كلاب) قدم المدينة في زمن عمر رضي الله عنه، فسأل أي الأعمال أفضل؟ فأجيب بأنه الجهادُ في سبيل الله، فسأل عمر فسيره في غزو فارس، فقال أبوه أمية: يا أمير المؤمنين هذا اليوم من أيامي لولا كبر سني، فقام إليه ابنه كلاب -وكان عابداً زاهداً- فقال: لكني يا أمير المؤمنين أبيع الله نفسي وأبيع دنياي بآخرتي، فتعلق به أبوه، وقال: لا تدع أباك وأمَّك شيخين ضعيفين، ربياك صغيراً، حتى إذا احتاجا إليك تركتهما.
فقال: نعم تركتهما لما هو خير لي.
فخرج غازياً بعد أن أرضى أباه، وكان أبوه في ظل نخل له، وإذا حمامة تدعو فرخها، فرآها الشيخ فتذكَّر ولده فبكى، فرأته العجوز فبكت. وأنشأ يقول: لمن شيخان قد نشدا كلابا = كتاب الله لو قبل الكتابا إذا هتفت حمامة بطن وجٍ = على بيضاتها، ذكرا كلابا تركت أباك مرعشة يداه = وأمك ما تسيغ لها شرابا فإنك والتماسَ الأجر بعدي = كباغي الغيث يتبع السرابا
ثم ضعف بصره بعد ذلك، فدخل على الفاروق يشتكي له حزنه على ولده، وشدة اشتياقه إليه، فكتب عمر برد كلاب إلى المدينة، فلمَّا قدم عليه، قال له عمر: ما بلغ من برك بأبيك، قال كنت أوثره، وأكفيه أمره، وكنت إذا أردتُ أن أحلب له لبناً أجيء إلى أغزر ناقة في إبله فأريحها، وأتركها حتى تستقر، ثم أغسل أخلافها (يعني ضروعها) حتى تبرد، ثم أحلب له فأسقيه.
فبعث عمر إلى أبيه فجاءه فدخل عليه وهو يتهادى، وقد انحنى، فقال له: كيف أنت يا أبا كلاب؟
فقال له: كما ترى يا أمير المؤمنين.
فقال: يا أبا كلاب ما أحب الأشياء إليك اليوم؟
قال: ما أحب اليوم شيئاً! ما أفرح بخير، ولا يسوؤني شر.
فقال عمر: بلى على ذلك.
قال: بلى، كلاب أُحب أنه عندي، فأشمه شمة، وأضمه ضمةً قبل أن أموت.
فبكى عمر وقال: ستبلغ ما تحب إن شاء الله تعالى.
ثم أمر كلاباً أن يحلب لأبيه ناقة، كما كان يفعل ويبعث بلبنها إليه، ففعل وناول عمرَ الإناء، فناوله عمرُ الوالد وقال له: اشرب يا أبا كلاب، فأخذه، فلمَّا أدناه من فيه، قال: والله يا أمير المؤمنين إني لأشم رائحة يدي كلاب، فبكى عمر، وقال له هذا كلاب عندك، وقد جئناك به، فوثب إلى ابنه، وضَمَّهُ، وجعل عمر والحاضرون يبكون، وقالوا لكلاب: الزم أبويك، فجاهد فيهما ما بقيا، ثم شأنك بنفسك بعدهما، فلم يزل مقيماً عندهما حتى ماتا.
ولدي الحبيب.. إن الحديث ذو شجون، وإن ما في خاطري نحوك لم ينفد، وإني لأرجو الله أن يهديك للبر والخير، واعلم أن أحب شيء إلي أود أن يقع منك عاجلا أن تقلع عن المعاصي فهي أعظم ما يسوؤني منك، وأن تشرح صدري بإقبالك على طاعة الله، فهي أعظم ما يسرني منك، وإن الطاعة لكفيلة أن تدلك على البر بي وبأمك، و أسأل الله تعالى أن يحقق لك موعود رسوله صلى الله عليه وسلم حين قال من سره أن يمد له في عمره، ويزاد في رزقه فليبر والديه، وليصل رحمه) رواه أحمد. وأن يقر عينك ببر أولادك لك.
ولا تنسني يا ولدي إذا وسدتني التراب، فزر قبري ما استطعت، وادع الله لي واستغفر ما حييت، وأكرم أمك وإخوتك من بعدي، وصل رحمي، وزر صديقي. وفقك الله في دنياك، وأحسن عاقبتك في أخراك، ورضي الله عنك وأرضاك..
ثم صلوا وسلموا على معلم الناس الخير سيدنا ونبينا محمد كما أمركم الله جل وعلا بذلك فقال سبحانه: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) (الأحزاب: 56).
اللهم صل وسلم وزد وبارك على عبدك ونبيك محمد وعلى آله وصحبه والتابعين، وارض اللهم عن خلفائه الراشدين والصحابة والتابعين، وعنا معهم برحمتك وفضلك ومنك يا أكرم الأكرمين.
اللهم يا عزيز يا حكيم أعز الإسلام والمسلمين وانصر إخواننا المجاهدين وارفع البأس والظلم والجوع عن إخواننا المستضعفين، اللهم آمنا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، ووفقهم لإصلاح رعاياهم، اللهم أيدهم بالحق وأيد الحق بهم، واجعلهم هداة مهتدين غير ضالين ولا مضلين، سلما لأوليائك حربا على أعدائك.
اللهم أعنا على ذكرك وشُكرك وحُسن عبادتك، وأغننا برحمتك يا حي يا قيوم، واغفر لنا ولوالدينا ولجميع المسلمين واجعلنا من أهل جنة النعيم برحمتك يا أرحم الراحمين.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
|
|