أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| موضوع: رد: آه... يا ولدي الثلاثاء 18 مايو 2021, 2:35 pm | |
| آهٍ يـا ولدي.. لقد كاد صوابنا أن يطير حين سمعنا بأنك قررت أن تُحْضِرَ لنا خادماً يتكشف عوراتنا، ويتحكَّم في رغباتنا، ويزجُرُنا كلما تضايق منا، كل ذلك بحجة أنك مُهتمٌ بنا وبرعايتنا، والواقع أنك تريد الهروب من وجوهنا لتفرغ لدنياك.
آهٍ يـا ولدي.. إننا حين رَبَّينَاكَ صغيراً كنا ننظرُ إلى يومنا هذا فاتق اللهَ فينا، ولا تُسْلِمْ ضعفنا إلى قوة مَنْ يُهينُنَا.
وإني أعيذك يا ولدي أن يخالجك خاطر شيطاني فتُلقي بي أو بأمِّكَ في إحدى دُور العَجَزَةِ والمُسنِّينَ، فتكون كذاك الذي أودع أمَّهُ إحدى تلك الدُّور، وترك زيارتها، حتى تردَّتْ حالتُها، وعندما طلبت من مسئول الدَّار الاتصال بابنها لتكحل عينيها برؤياه، وتًقبِّلهُ قبل أن تموت، خنقتها العَبْرَةُ، وسبقتها الدَّمْعَةُ، وهي تنادي باسمه أن يحضر، ولكن العَاقَّ العاصي رفض ذلك، وادَّعَى ضِيقَ الوقت، فلمَّا تُوفِّيَتْ الأمُّ، واتصل به المسئولون، كان جوابَه: أكملوا الإجراءات الرَّسمِيَّة، وادفنوها في قبرها...
تباً لذلك الابن الجَحُودِ.. وبُعْدَاً.
أو كتلك الفتاة التي أقامَتْ حَفْلَ زواجها الرَّاقص، ودَعَتْ إليه فِرَقِ الغناء والمُوسيقى، في الليلة التي كانت أمُّهَا على سرير الموت في غرفة الإنعاش، تجُودُ بأنفاسها الأخيرة، ترفرف روحها وليس حولها واحِدٌ من بنيها يُوَدِّعُهَا الوداع الأخير.
ولسان حالها يقول: طاب الغناء وطاب الرقص والسمر والسعد من حولكم يشدو به القمرُ تمتعوا بنعيم زائل وأنا في قبضة الموت والأنفاس تعتصرُ أحبتي أين أنتم حين داهمني موتي ورفرف في أعصابي الكدرُ أما سمعتم ندائي حين أرسلَه قلبٌ على جمرة الآهات ينصهرُ يا ويحكم شغلتكم عن مرافقتي في لحظة الموت عينُ اللحن والوترُ تلفت القلب لم يبصر لكم أثرا وعاد يبكي ونار الحزن تستعرُ أكان لابد أن أقضي وفي كبدي سهام نكرانكم كالشهب تنهمرُ لو اشتكى بعضكم إذ كنت بينكم من شوكة كاد قلبي عنه ينفطرُ وها أنا مت وحدي لم تمد يد إلى يدي إذ دنا من نبضها الخصرُ أظنكم قد مللتم من مرافقتي وبعضكم لرحيلي كان ينتظرُ فها أنا مت فاشدوا وارقصوا طربا كأنما لم يكن لي بينكم أثرُ
الله أكبر.. حوادث تقطع نياط القلوب، وتَضِجُّ من هَوْلِهَا الفضيلة، وتَئِنُّ منها الإنسانية الكريمة.
آهٍ يـا ولدي.. أين هؤلاء من وعيد الرسول -صلى الله عليه وسلم- في الحديث الصحيح: (لا يدخل الجنة قاطع)، بل، أمَا قرءوا يوماً قول الله -جل وعلا-: (وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ) (لقمان: 14).
أيها الشباب: يا مَنْ تعيشون عُنْفُوَانَ صحتهم اليوم، أدعوكم أن تمدُّوا النظر إلى غَدٍ، إذا أطال اللهُ العمر، وضعف البصر، واحدودب الظهر، ورجفت الأطراف، وجاء زمن الوفاء، وتقاضي الدَّيْن، فهناك هنيء البارّين بالبرِّ، وذكر العاقين بالعُقوق.
أيها الشباب: من قلوب الآباء.. ومدامع الأمَّهات..
أكمل إليكم مقاطع الشكوى، ومجامر الآلام، عَلَّنَا نَتَّعِظُ قبل أن يفوت الأوان، نعم إن حال بعض الآباء يقول: (آه يـا ولدي.. يا فلذةً من كبدي، لقد سمعتُ أن الحسين بن علي -رضي الله عنهما- قال: (لَوْ عَلِمَ اللهُ شَيْئاً مِنَ العُقُوقِ أدْنَى مِنْ: (أُفٍ) لَحَرَّمَهُ!!).
آهٍ يـا ولدي.. فلماذا أُسْمِعُكَ أحْسَنَ الكلام وتُسْمِعُنِي أسْوَأَهُ، أرَاعِي مَشَاعِرَكَ، وأنتَ لا تَرْعَى شيخُوختي وأبُوَّتِي لك، ينهاكَ اللهُ تعالى عن قول (أُفٍ) وأنت لا تُبْقِي كلمة سخريةٍ واحتقارٍ إلا أسمعتَنِي وأمَّكَ إيَّاهَا، ولا تكادُ تسمعُ مِنَّا نصيحةً أو توجيهاً إلا رَدَدْتَ علينا من كلامكَ القاسي ما نَكْرَهُ معه الحياةَ ونتمنَّى أن لا وَلَدَ لنا.
أتَدِلُّ علينا بوظيفتك الرَّاقية؟ أم تتكبَّر بجاهك ومالك ومركزك؟ أنسيت أن الفضل لنا عليك بعد الله في ذلك كله؟ أم أتريد أن تكون مِمَّنْ يُصَبِّحُ والده ويمسيه بقوله: (أراحنا الله منك وأخذ عمرك)؟ ولسان حال الوالد يقول: أريد حياته ويريد موتي. |
|
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| موضوع: رد: آه... يا ولدي الثلاثاء 18 مايو 2021, 2:44 pm | |
| آهٍ يـا ولدي.. لقد أحرقت قلبي بتفضيل زوجتك على أمِّك، بتفضيل مَنْ نَعِمَتْ بشبابك دون أن تبذل من أجله قطرة عرق، على مَنْ صنعت شبابك من شبابها، نعم..
إني لا أرغبُ أن تُهينَ امرأتك وهي صالحة، فإن سعادتها سعادتُك، وإن سعادتك من أغلى أمنياتي في هذه الحياة، ولكني أستكثر عليك أن تضعها في ميزان يرجح في نفسك على أمِّكَ، فتُقدِّمَ كلمتها على كلمة أمِّكَ، وتبدأَ بحاجتها قبل حاجة أمِّكَ، وأعيذُك أن تَسمح لها أن تغتاب أمَّكَ عندك؛ لِتُغَيِّرَ عليها قلبك.
ولا تستكثر حُبَّك لوالديك وشفقتك عليهما، فإنه مهما بلغ ذلك منك فلن يصل إلى حَدِّ حبهما لك، وإني لَحَاكٍ لك حادثةً روتها كُتُبُ الأخبار.
فاستمع برهافة حِسِّكَ وشِغَاف قلبك: كان أمَيَّة الكناني من سادات قومه، وكان له ابن اسمه (كلاب) قدم المدينة في زمن عمر -رضي الله عنه-، فسأل أي الأعمال أفضل؟ فأجيب بأنه الجهادُ في سبيل الله، فسأل عمر فَسَيَّرَهُ في غزو فارس.
فقال أبوه أمَيَّة: يا أمير المؤمنين هذا اليوم من أيَّامي لولا كِبَر سِنِّي.
فقام إليه ابنه كلاب -وكان عابداً زاهداً- فقال: لكني يا أمير المؤمنين أبيع الله نفسي وأبيع دنياي بآخرتي، فتعلّق به أبوه، وقال: لا تدع أباك وأمَّك شيخين ضعيفين، ربياك صغيراً، حتى إذا احتاجا إليك تركتهما.
فقال: نعم تركتهما لِمَا هو خيرٌ لي.
فخرج غازياً بعد أن أرضى أباهُ، وكان أبوه في ظِلِّ نخل له، وإذا حمامة تدعو فرخها، فرآها الشيخ فتذكَّر ولده فبكى، فرأته العجوز فبكت.
وأنشأ يقول: لِمنْ شيخان قد نشدا كلابا كتاب الله لو قبل الكتابا إذا هتفت حمامة بطن وجٍ على بيضاتها، ذكرا كلابا تركت أباك مرعشة يداه وأمك ما تسيغ لها شرابا فإنك والتماسَ الأجر بعدي كباغي الغيث يتبع السرابا
ثم ضَعُفَ بصره بعد ذلك، فدخل على الفاروق يشتكي له حزنه على ولده، وشِدَّةَ اشتياقه إليه، فكتب عمر بِرَدِّ كلاب إلى المدينة، فلما قدم عليه، قال له عمر: ما بلغ من بِرِّكَ بأبيك.
قال: كنتُ أوثره، وأكفيه أمره، وكنت إذا أردتُ أن أحلب له لبناً أجيء إلى أغزر ناقة في إبله فأريحها، وأتركها حتى تستقر، ثم أغسل أخلافها (يعني ضروعها) حتى تبرد، ثم أحلب له فأسقيه.
فبعث عمر إلى أبيه فجاءه فدخل عليه وهو يتهادى، وقد انحنى، فقال له: كيف أنت يا أبا كلاب؟
فقال له: كما ترى يا أمير المؤمنين.
فقال: يا أبا كلاب ما أحَبُّ الأشياء إليك اليوم؟
قال: ما أحِبُّ اليوم شيئاً! ما أفرحُ بخير، ولا يَسُوؤُني شَرٌ.
فقال عمر: بلى، على ذلك.
قال: بلى، كلاب، أُحِبُّ أنه عندي، فأشُمُّه شَمَّة، وأضُمُّه ضَمَّةً قبل أن أموت.
فبكى عمر وقال: ستبلغ ما تُحِبُّ إن شاء الله تعالى.
ثم أمر كلابا أن يَحْلِبَ لأبيه ناقة، كما كان يفعل ويبعث بلبنها إليه، ففعل وناول عمرَ الإناء، فناوله عمرُ الوالد وقال له: اشرب يا أبا كلاب.
فأخذه، فلما أدناه من فِيهِ، قال: والله يا أمير المؤمنين إني لأشمُّ رائحة يدي كلاب.
فبكى عمرُ، وقال له: هذا كلاب عندك، وقد جئناك به.
فوثب إلى ابنه، وضمَّهُ، وجعل عمر والحاضرون يبكون.
وقالوا لكلاب: الزم أبويك، فجاهد فيهما ما بقيا، ثم شأنك بنفسك بعدهما، فلم يزل مقيماً عندهما حتى ماتا.
ولدي الحبيب.. إن الحديث ذو شجون، وإن ما في خاطري نحوك لم ينفد، وإني لأرجو اللهَ أن يهديك للبر والخير، واعلم أن أحَبَّ شيءٍ إليَّ أوَدُّ أن يقع منك عاجلاً.. أن تُقلع عن المعاصي فهي أعظم ما يسُوؤني منك، وأن تشرح صدري بإقبالك على طاعة الله، فهي أعظم ما يسُرُّنِي منك، وإن الطاعة لكفيلة أن تدلُّك على البِرِّ بي وبأمِّك، وأسألُ اللهَ -تعالى- أن يُحَقِّقَ لك مَوْعُودَ رسوله -صلى الله عليه وسلم- حين قال: مَنْ سَرَّهُ أنْ يُمَدَّ لَهُ فِي عُمُرِهِ، وَيُزَادَ فِي رِزْقِهِ فَلْيَبِرَّ وَالِدِيْهِ، وَلْيَصِلَ رَحِمِهِ) رواه أحمد.
وأنْ يَقِرَّ عَيْنُكَ بِبِرِّ أوْلَادِكَ لَكَ.
ولا تنسى يا ولدي.. إذا وسَّدتني التُّراب، فزُر قبري ما استطعتَ، وادْعُ اللهَ لِي واستغفر ما حَيِيتَ، وأكْرِمْ أمَّكَ وإخوتكَ من بَعْدِي، وصِلْ رَحِمِي، وزُرْ صَدِيقِي.
وفقّك اللهُ في دُنياك، وأحسن عاقبتك في أخراك، ورضي اللهُ عنك وأرضاك..
ثم صلّوا وسلّموا على مُعلم الناس الخير سيدنا ونبينا مُحَمَّدٍ كما أمركم اللهُ جَلَّ وعلا بذلك فقال سبحانه: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) (الأحزاب: 56).
اللهُمَّ صَلِّ وسلّم وزدْ وبارك على عبدك ونبيك مُحَمَّدٍ وعلى آله وصحبه والتابعين، وارض اللهُمَّ عن خلفائه الراشدين والصحابة والتابعين، وعنَّا معهم برحمتك وفضلك ومَنِّك يا أكرم الأكرمين.
اللهُمَّ يا عزيزُ يا حكيمُ أعِزَّ الإسلام والمسلمين وانصر إخواننا المُجاهدين وارفع البأس والظلم والجُوع عن إخواننا المُستضعفين، اللهُمَّ آمِنَّا في أوطاننا، وأصلح أئمَّتنا وولاة أمُورنا، ووفقهم لإصلاح رعاياهم، اللهُمَّ أيدهم بالحق وأيد الحق بهم، واجعلهم هُدَاةً مُهتدين غير ضالين ولا مُضلين، سِلْمَاً لأوليائك حَرْبَاً على أعدائك.
اللهُمَّ أعِنَّا على ذِكْرِكَ وشُكْرِكَ وحُسْنِ عبادتك، وأغننا برحمتك يا حَيُّ يا قيوم، واغفر لنا ولوالدينا ولجميع المُسلمين واجعلنا من أهل جَنَّةِ النَّعيم برحمتك يا أرحم الراحمين.
وصلّى اللهُ وسلّم على نبينا مُحَمَّدٍ وعلى آله وصحبه أجمعين.
المصدر: http://www.holybi.net/index.php |
|