منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers

(إسلامي.. ثقافي.. اجتماعي.. إعلامي.. علمي.. تاريخي.. دعوي.. تربوي.. طبي.. رياضي.. أدبي..)
 
الرئيسيةالأحداثأحدث الصورالتسجيل
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

soon after IZHAR UL-HAQ (Truth Revealed) By: Rahmatullah Kairanvi
قال الفيلسوف توماس كارليل في كتابه الأبطال عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لقد أصبح من أكبر العار على أي فرد مُتمدين من أبناء هذا العصر؛ أن يُصْغِي إلى ما يظن من أنَّ دِينَ الإسلام كَذِبٌ، وأنَّ مُحَمَّداً -صلى الله عليه وسلم- خَدَّاعٌ مُزُوِّرٌ، وآنَ لنا أنْ نُحارب ما يُشَاعُ من مثل هذه الأقوال السَّخيفة المُخْجِلَةِ؛ فإنَّ الرِّسَالة التي أدَّاهَا ذلك الرَّسُولُ ما زالت السِّراج المُنير مُدَّةَ اثني عشر قرناً، لنحو مائتي مليون من الناس أمثالنا، خلقهم اللهُ الذي خلقنا، (وقت كتابة الفيلسوف توماس كارليل لهذا الكتاب)، إقرأ بقية كتاب الفيلسوف توماس كارليل عن سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-، على هذا الرابط: محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم-.

يقول المستشرق الإسباني جان ليك في كتاب (العرب): "لا يمكن أن توصف حياة محمد بأحسن مما وصفها الله بقوله: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِين) فكان محمدٌ رحمة حقيقية، وإني أصلي عليه بلهفة وشوق".
فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ على سائر البُلدان، كما فَضَّلَ بعض الناس على بعض والأيام والليالي بعضها على بعض، والفضلُ على ضربين: في دِينٍ أو دُنْيَا، أو فيهما جميعاً، وقد فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ وشَهِدَ لها في كتابهِ بالكَرَمِ وعِظَم المَنزلة وذَكَرَهَا باسمها وخَصَّهَا دُونَ غيرها، وكَرَّرَ ذِكْرَهَا، وأبَانَ فضلها في آياتٍ تُتْلَى من القرآن العظيم.
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

المهندس حسن فتحي فيلسوف العمارة ومهندس الفقراء: هو معماري مصري بارز، من مواليد مدينة الأسكندرية، وتخرَّجَ من المُهندس خانة بجامعة فؤاد الأول، اشْتُهِرَ بطرازهِ المعماري الفريد الذي استمَدَّ مَصَادِرَهُ مِنَ العِمَارَةِ الريفية النوبية المَبنية بالطوب اللبن، ومن البيوت والقصور بالقاهرة القديمة في العصرين المملوكي والعُثماني.
رُبَّ ضَارَّةٍ نَافِعَةٍ.. فوائدُ فيروس كورونا غير المتوقعة للبشرية أنَّه لم يكن يَخطرُ على بال أحَدِنَا منذ أن ظهر وباء فيروس كورونا المُستجد، أنْ يكونَ لهذه الجائحة فوائدُ وإيجابيات ملموسة أفادَت كوكب الأرض.. فكيف حدث ذلك؟!...
تخليص الإبريز في تلخيص باريز: هو الكتاب الذي ألّفَهُ الشيخ "رفاعة رافع الطهطاوي" رائد التنوير في العصر الحديث كما يُلَقَّب، ويُمَثِّلُ هذا الكتاب علامة بارزة من علامات التاريخ الثقافي المصري والعربي الحديث.
الشيخ علي الجرجاوي (رحمه الله) قَامَ برحلةٍ إلى اليابان العام 1906م لحُضُورِ مؤتمر الأديان بطوكيو، الذي دعا إليه الإمبراطور الياباني عُلَمَاءَ الأديان لعرض عقائد دينهم على الشعب الياباني، وقد أنفق على رحلته الشَّاقَّةِ من مَالِهِ الخاص، وكان رُكُوبُ البحر وسيلته؛ مِمَّا أتَاحَ لَهُ مُشَاهَدَةَ العَدِيدِ مِنَ المُدُنِ السَّاحِلِيَّةِ في أنحاء العالم، ويُعَدُّ أوَّلَ دَاعِيَةٍ للإسلام في بلاد اليابان في العصر الحديث.


 

 أربعون حديثاً من أحاديث الآداب والأحكام

اذهب الى الأسفل 
انتقل الى الصفحة : الصفحة السابقة  1, 2
كاتب الموضوعرسالة
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى



عدد المساهمات : 49023

أربعون حديثاً من أحاديث الآداب والأحكام  - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: أربعون حديثاً من أحاديث الآداب والأحكام    أربعون حديثاً من أحاديث الآداب والأحكام  - صفحة 2 Emptyالثلاثاء 29 يونيو - 4:57

17 – إباحة زيارة القبور وَبَيَانِ الْحِكْمَةِ فِيهَا وَأَنَّهَا لِلِاعْتِبَارِ:
عن أنس قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: “كُنْتُ نهيتُكم عن زيارة القبور ألا فزوروها فإنها تُرق القلب وتُدمع العين وتُذكّر الآخرة ولا تقولوا هُجْراً”.

شرح غريب الحديث:
الهُجر –بالضم- وهو الفحش أو إكثار الكلام فيما لا ينبغي والكلام الباطل، وكل ما يسخط الرَّبَّ.

وقيل: هُوَ الخَنَا والقَبيحُ مِنَ الْقَوْلِ؛ كما في  النهاية (5/ 245).

فقه الحديث
- فيه مَشْرُوعِيَّة زِيَارَةِ الْقُبُورِ وَبَيَانِ الْحِكْمَةِ فِيهَا وَأَنَّهَا لِلِاعْتِبَارِ؛ فَإِذَا خَلَتْ مِنْ هَذِهِ لَمْ تَكُنْ مُرَادَةً شَرْعًا.

- وفيه النهي عن الهُجْر –وهو الفحش أو إكثار الكلام فيما لا ينبغي والكلام الباطل– وكل ما يُسخط الرَّبَّ.

- وفيه إيماء إلى أن النهي إنما كان لقرب عهدهم بالجاهلية فربما تكلموا بكلام الجاهلية من ندب ونحوه.

فلما استقرت قواعد الدين أِذنَ فيه واحتاط فيه بقوله: "ولا تقولوا هُجْرا".

وقال الإمام البغوي في "شرح السنة" 2/417: ذهب بعض أهل العلم إلى أن هذا (يعني ما في حديث ابن عباس من لعن زائرات القبور) كان قبل ترخيص النبي -صلى الله عليه وسلم- في زيارة القبور، فلما رخص، دخل في الرخصة الرجال والنساء، وذهب بعضهم إلى أنه كره للنساء زيارة القبور، لقلة صبرهن، وكثرة جزعهن.
وانظر "فتح الباري" 3/148-149.

ويرى الشيخ الألباني:
"أن زيارة القبور: تُشرع للاتعاظ بها وتذكرة الآخرة شريطة أن لا يقول عندها ما يُغْضِبُ الرَّبَّ سبحانه وتعالى كدعاء المقبور والاستغاثة به من دون الله تعالى أو تزكيته والقطع له بالجنة ونحو ذلك وفيه أحاديث معروفة.

- والنساء كالرجال في استحباب زيارة القبور.

يدل على ذلك أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قد رخص لهن في زيارة القبور في حديثين حفظتهما لنا أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها:
1- عن عبد الله بن أبي مليكة: أن عائشة أقبلت ذات يوم من المقابر فقلت: لها: يا أم المؤمنين من أين أقبلتِ؟ قالت: من قبر عبد الرحمن بن أبي بكر فقلت لها: أليس كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نهى عن زيارة القبور؟ قالت: نعم: ثم أمرنا بزيارتها.

وفي رواية عنها:
أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رَخَّصَ في زيارة القبور.

2 - عن محمد بن قيس بن مخرمة بن المطلب أنه قال يوماً: ألا أحدثكم عني وعن أمّي؟ فظننا أنه يريد أمَّهُ التي ولدت قال: قالت عائشة: ألا أحدثكم عني وعن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟ قلنا: بلى قالت: لَمَّا كانت ليلتي التي كان النبي -صلى الله عليه وسلم- فيها عندي انقلب فوضع رداءه وخلع نعليه فوضعهما عند رجليه وبسط طرف إزاره على فراشه فاضطجع فلم يلبث إلا ريثما ظهر أنه قد رقدتُ فأخذ رداءه رويداً وانتعل رويداً وفتح الباب رويداً فخرج ثم أجافه رويداً فجعلتُ درعي في رأسي واختمرتُ وتقنَّعتُ إزاري ثم انطلقتُ على إثره حتى جاء البقيع فقام فأطال القيام ثم رفع يديه ثلاث مرات ثم انحرف فانحرفتُ وأسرع فأسرعتُ فهرول فهرولتُ فأحضر فأحضرتُ فسبقتهُ فدخلته؛ فليس إلا أن أضجعتُ فدخل فقال: مالكِ يا عائش حشيا رابية؟ قالت: قلت: لا شيء يا رسول الله، قال: لتخبرني أو ليخبرني اللطيف الخبير. قالت قلت: يا رسول الله بأبي أنت وأمي فأخبرته الخبر؛ قال: فأنتِ السواد الذي رأيته أمامي؟ قلت: نعم فلهزني  في صدري لهزةً أوجعتني ثم قال: أظننتِ أن يحيف اللهُ عليك ورسولُه؟ قالت: مهما يكتم الناس يعلمه الله، قال: نعم. قال: فإن جبريل أتاني حين رأيت فناداني فأخفاه منك فأجبته فأخفيته منك ولم يكن ليدخل عليك وقد وضعت ثيابك وظننت أن قد رقدت فكرهتُ أن أوقظكِ وخشيتُ أن تستوحشي فقال: إن رَبَّكَ يأمُرك أن تأتي أهل البقيع فتستغفر لهم. قالت: قلت: كيف أقول لهم يا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟ قال قولي: "السلام على أهل الديار من المؤمنين والمسلمين ويرحم اللهُ المُستقدمين منا والمُستأخرين وإنا إن شاء اللهُ بكم للاحقون".

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى



عدد المساهمات : 49023

أربعون حديثاً من أحاديث الآداب والأحكام  - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: أربعون حديثاً من أحاديث الآداب والأحكام    أربعون حديثاً من أحاديث الآداب والأحكام  - صفحة 2 Emptyالثلاثاء 29 يونيو - 5:11

18- الحث على استحباب سن الأمور الحسنة وتحريم سن الأمور السيئة.
عَنِ الْمُنْذِرِ بْنِ جَرِيرٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- فِي صَدْرِ النَّهَارِ، قَالَ: فَجَاءَهُ قَوْمٌ حُفَاةٌ عُرَاةٌ مُجْتَابِي النِّمَارِ أَوِ الْعَبَاءِ، مُتَقَلِّدِي السُّيُوفِ، عَامَّتُهُمْ مِنْ مُضَرَ، بَلْ كُلُّهُمْ مِنْ مُضَرَ فَتَمَعَّرَ وَجْهُ رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- لِمَا رَأَى بِهِمْ مِنَ الْفَاقَةِ، فَدَخَلَ ثُمَّ خَرَجَ، فَأَمَرَ بِلَالًا فَأَذَّنَ وَأَقَامَ، فَصَلَّى ثُمَّ خَطَبَ فَقَالَ: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ) (النساء: 1) إِلَى آخِرِ الْآيَةِ، (إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا) (النساء: 1) وَالْآيَةَ الَّتِي فِي الْحَشْرِ: (اتَّقُوا اللهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللهَ) (الحشر: 18) “تَصَدَّقَ رَجُلٌ مِنْ دِينَارِهِ، مِنْ دِرْهَمِهِ، مِنْ ثَوْبِهِ، مِنْ صَاعِ بُرِّهِ، مِنْ صَاعِ تَمْرِهِ -حَتَّى قَالَ- وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ” قَالَ: فَجَاءَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ بِصُرَّةٍ كَادَتْ كَفُّهُ تَعْجِزُ عَنْهَا، بَلْ قَدْ عَجَزَتْ، قَالَ: ثُمَّ تَتَابَعَ النَّاسُ، حَتَّى رَأَيْتُ كَوْمَيْنِ مِنْ طَعَامٍ وَثِيَابٍ، حَتَّى رَأَيْتُ وَجْهَ رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- يَتَهَلَّلُ، كَأَنَّهُ مُذْهَبَةٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: “مَنْ سَنَّ فِي الْإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً، فَلَهُ أَجْرُهَا، وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا بَعْدَهُ، مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْءٌ، وَمَنْ سَنَّ فِي الْإِسْلَامِ سُنَّةً سَيِّئَةً، كَانَ عَلَيْهِ وِزْرُهَا وَوِزْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا مِنْ بَعْدِهِ، مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أَوْزَارِهِمْ شَيْءٌ”.

شرح غريب الحديث:
- (النمار) جمع نمرة: وَهِي كسَاء من صوف ملون مخطط.

- و(اجتابوها): قطعوها فَلَبِسُوهَا، وأصل الجوب الْقطع، وَمِنْه: (جابوا الصخر بالواد) (الْفجْر: 9).

والمعنى: أنه جاءه قوم لابسي أزر مخططة من صوف.

- و(العباء) جمع، واحده عباءة وعباية: وَهِي ضرب من الأكسية.

- (تمعر): تغير مِمَّا شقّ عَلَيْهِ من أَمرهم.

- و(الفاقة): الْفقر.

- و(الكومة) بالضم الصُّبرة والكوم العظيم من كل شيء؛ والكوم المكان المرتفع كالرابية قال القاضي فالفتح هنا أولى لأن مقصوده الكثرة والتشبيه بالرابية.

- (يتهلل) أي يستنير فرحاً وسروراً.

- (مذهبة) ذكر القاضي وجهين في تفسيره أحدهما معناه فضة مذهبة فهو أبلغ في حسن الوجه وإشراقه والثاني شبهه في حسنه ونوره بالمذهبة من الجلود وجمعها مذاهب وهي شيء كانت العرب تصنعه من جلود وتجعل فيها خطوط مذهبة يرى بعضها إثر بعض.


فقه الحديث
- فيه استحباب جمع الناس للأمور المهمة ووعظهم وحثهم على مصالحهم وتحذيرهم من القبائح.

- وفيه إظهار الفرح والسرور لما يرى المسلم مبادرة المسلمين إلى طاعة الله تعالى وبذل أموالهم لله وامتثال أمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ولدفع حاجة هؤلاء المحتاجين وشفقة المسلمين بعضهم على بعض وتعاونهم على البر والتقوى.

- وفيه أن الخطب كلَّها، سواء كانت للجمعة أو لغيرها، وسواء كانت على المنبر أو على الأرض، وسواء كانت من جلوس أو قيام، فإنها تبتدئ بحمد الله والثناء عليه بما هو أهله، ثم يذكر بعد ذلك ما يحتاج إلى ذكره من موعظة أو ذكر حاجة يحتاج إلى ذكرها، ويفصل بين الحمد والثناء، وبين ما بعده بقوله: أما بعد.

ولا يستثنى مما ذكرناه من الخطب إلا خطبة العيد، فقد قيل: إنها تستفتح بالتكبير ثم يثني بالحمد والثناء على الله تعالى.

- وفيه الحث على استحباب سن الأمور الحسنة وتحريم سن الأمور السيئة.

-  وفيه التحذير من اختراع الأباطيل والمستقبحات وسبب هذا الكلام في هذا الحديث أنه قال في أوله فجاء رجل بصرة كادت كفه تعجز عنها فتتابع الناس وكان الفضل العظيم للبادي بهذا الخير والفاتح لباب هذا الإحسان.

- وفي هذا الحديث تخصيص قوله -صلى الله عليه وسلم- كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وأن المراد به المحدثات الباطلة والبدع المذمومة.

والبدع خمسة أقسام:
واجبة، ومندوبة، ومُحَرَّمَة، ومكروهة، ومُباحة.


تنبيه:
"ولا يفهم من حديث: (أن مَنْ سَنَّ سُنَّةً حسنة في الإسلام له أجرها) أنه يبتدع أو أنه يجوز له أن يبتدع في دين الله الشيء الحسن؛ لأن الحسن ما حَسَّنَهُ الشرع، والقبيح ما قَبَّحَهُ الشرع،  فلا يمكن أن يؤذن أو يسمح لأحد من أهل الإسلام أن يأتي بشيء يدخل به على الإسلام وليس منه، ونعده حينئذ من باب الحسنات، أو من باب السُّنَنِ الحسنة؛ لأننا لا بد أن ننظر إلى مناسبة هذا الحديث: (مَنْ سَنَّ في الإسلام سُنَّةً حسنة فله أجرها وأجرُ مَنْ عمل بها، لا ينقص ذلك من أجورهم شيئاً).

وهو (أن قوماً من مضر أتوا إلى النبي عليه الصلاة والسلام مجتابي النمار) أي: قتلهم الهزال، والضعف، والجوع، والحاجة، (فلما رآهم النبي عليه الصلاة والسلام تمعَّر وجهه).

يعني: تغيَّر وجهه وحزن وغضب لِمَا نزل بهم من فقر وحاجة (فعرف ذلك أحَدُ أصحابه فقام فأتى بما عنده) أي: من طعام أو شراب أو كسوة (فلما رآه أصحابه قد فعل ذلك وسُرَّ النبيُّ -عليه الصلاة والسلام- بفعل هذا الصاحب، قام كل واحد منهم إلى بيته فمنهم مَنْ أتى بكسرة خبز، ومنهم مَنْ أتى بطعام، ومنهم مَنْ أتى بشراب، ومنهم مَنْ أتى بملبس، فوضعوه في نطع ثم حملوه، والنطع هو الفرش من الجلد، فحملوه حتى كادت أيديهم أن تَكِلَّ -أي تعجز عن حمل هذا النطع بل قد كَلَّتْ-، فأتوا به إسعاداً لنبي الله -عليه الصلاة والسلام- ومساعدة لهؤلاء الفقراء المحتاجين.

فلما رأى النبي -عليه الصلاة والسلام- من أصحابه ذلك أراد أن يُكافئ مَنْ سَنَّ هذه السُّنَّةَ الحسنة أولاً فقال: مَنْ سَنَّ في الإسلام سُنَّةً حسنة) فلو أننا نظرنا إلى أصل هذا الحديث لوجدنا أن هذا الصاحب الأول قد فعل شيئاً يأذن به الشرع، فإنه الذي ذهب إلى بيته فأتى بما عنده مع قِلَّتِهِ، فهو ما ابتدع في الإسلام شيئاً، بل إنه قَرَّرَ مبدأً عظيماً، أو مبادئ عظيمة في الإسلام وهو مبدأ مواساة الفقراء والمحتاجين، وهذا أصل أصيل في الإسلام، وخدمة الفقراء، وإعانة الملهوفين، وإغاثتهم كل هذا إنما فعله هذا الصاحب؛ لأن الإسلام قد سَنَّهُ أولاً فهو ما زاد على أنه ذَكَّرَ الأصحاب بواجبات شرعية قد أذن وأمَرَ وحَثَّ عليها الشرع، فلم يأت بجديد".  

وقال الشيخ المحقق الألباني في تلخيص أحكام الجنائز:
"مَنْ سَنَّ في الإسلام سُنَّةً حسنة فله أجرها ومثل أجر مَنْ عمل بها بعده من غير أن ينقص من أجورهم شيء ومَنْ سَنَّ سُنَّةً في الإسلام سيئة كان عليه وزرها ومثل وزر مَنْ عمل بها من بعده من غير أن ينقص من أوزارهم شيء".

ثم تلى هذه الآية:
(وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ) قال: فقسمه بينهم".


قلت:
ليتأمَّلَ القارئ الكريم في سياق الحديث والمناسبة التي قاله النبي -صلى الله عليه وسلم- فيها يتبيَّن له أن الاستدلال به على إثبات البدعة الحسنة في الإسلام أبعد ما يكون عن الصواب لأنه ليس في سياقه ذكر لبدعة وقعت فيه فكيف يصح تفسير الحديث بقولهم: "من ابتدع في الإسلام بدعة حسنة" كما يقول المبتدعة وهو -صلى الله عليه وسلم- إنما قاله بمناسبة مجيء الأنصاري بصدقته قبل غيره ثم تتابع الناس بصدقاتهم من بعده فكان له أجر صدقته وأجر صدقاتهم لأنه الذي كان سَنَّهَا وابتدأها في ذلك المجلس فالحديث في الصدقة المشروعة وليس في البدعة المذمومة ذماً عاماً وبذلك يتبيَّن لكل ذي عينين أن الحديث لا يُعارض قوله -صلى الله عليه وسلم-: "كل بدعة ضلالة" وأنه لا يجوز أن نخصص به هذه الكلية التي كان -صلى الله عليه وسلم- يعلمها الناس في مجتمعاتهم وبخاصة في خطبة يوم الجمعة".

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى



عدد المساهمات : 49023

أربعون حديثاً من أحاديث الآداب والأحكام  - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: أربعون حديثاً من أحاديث الآداب والأحكام    أربعون حديثاً من أحاديث الآداب والأحكام  - صفحة 2 Emptyالثلاثاء 29 يونيو - 5:17

19 – التوسل بِصَالح الْعَمَل إِلَى الله تَعَالَى
عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-، قَالَ: "خَرَجَ ثَلاَثَةُ نَفَرٍ يَمْشُونَ فَأَصَابَهُمُ المَطَرُ، فَدَخَلُوا فِي غَارٍ فِي جَبَلٍ، فَانْحَطَّتْ عَلَيْهِمْ صَخْرَةٌ، قَالَ: فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: ادْعُوا اللَّهَ بِأَفْضَلِ عَمَلٍ عَمِلْتُمُوهُ، فَقَالَ أَحَدُهُمْ: اللَّهُمَّ إِنِّي كَانَ لِي أَبَوَانِ شَيْخَانِ كَبِيرَانِ، فَكُنْتُ أَخْرُجُ فَأَرْعَى، ثُمَّ أَجِيءُ فَأَحْلُبُ فَأَجِيءُ بِالحِلاَبِ، فَآتِي بِهِ أَبَوَيَّ فَيَشْرَبَانِ، ثُمَّ أَسْقِي الصِّبْيَةَ وَأَهْلِي وَامْرَأَتِي، فَاحْتَبَسْتُ لَيْلَةً، فَجِئْتُ فَإِذَا هُمَا نَائِمَانِ، قَالَ: فَكَرِهْتُ أَنْ أُوقِظَهُمَا، وَالصِّبْيَةُ يَتَضَاغَوْنَ عِنْدَ رِجْلَيَّ، فَلَمْ يَزَلْ ذَلِكَ دَأْبِي وَدَأْبَهُمَا، حَتَّى طَلَعَ الفَجْرُ، اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي فَعَلْتُ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ وَجْهِكَ، فَافْرُجْ عَنَّا فُرْجَةً نَرَى مِنْهَا السَّمَاءَ، قَالَ: فَفُرِجَ عَنْهُمْ، وَقَالَ الآخَرُ: اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي كُنْتُ أُحِبُّ امْرَأَةً مِنْ بَنَاتِ عَمِّي كَأَشَدِّ مَا يُحِبُّ الرَّجُلُ النِّسَاءَ، فَقَالَتْ: لاَ تَنَالُ ذَلِكَ مِنْهَا حَتَّى تُعْطِيَهَا مِائَةَ دِينَارٍ، فَسَعَيْتُ فِيهَا حَتَّى جَمَعْتُهَا، فَلَمَّا قَعَدْتُ بَيْنَ رِجْلَيْهَا قَالَتْ: اتَّقِ اللَّهَ وَلاَ تَفُضَّ الخَاتَمَ إِلَّا بِحَقِّهِ، فَقُمْتُ وَتَرَكْتُهَا، فَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي فَعَلْتُ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ وَجْهِكَ، فَافْرُجْ عَنَّا فُرْجَةً، قَالَ: فَفَرَجَ عَنْهُمُ الثُّلُثَيْنِ، وَقَالَ الآخَرُ: اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي اسْتَأْجَرْتُ أَجِيرًا بِفَرَقٍ مِنْ ذُرَةٍ فَأَعْطَيْتُهُ، وَأَبَى ذَاكَ أَنْ يَأْخُذَ، فَعَمَدْتُ إِلَى ذَلِكَ الفَرَقِ فَزَرَعْتُهُ، حَتَّى اشْتَرَيْتُ مِنْهُ بَقَرًا وَرَاعِيهَا، ثُمَّ جَاءَ فَقَالَ: يَا عَبْدَ اللَّهِ أَعْطِنِي حَقِّي، فَقُلْتُ: انْطَلِقْ إِلَى تِلْكَ البَقَرِ وَرَاعِيهَا فَإِنَّهَا لَكَ، فَقَالَ: أَتَسْتَهْزِئُ بِي؟ قَالَ: فَقُلْتُ: مَا أَسْتَهْزِئُ بِكَ وَلَكِنَّهَا لَكَ، اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي فَعَلْتُ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ وَجْهِكَ، فَافْرُجْ عَنَّا فَكُشِفَ عَنْهُمْ".

شرح غريب الحديث:
(ثلاثة) من الناس من الأمم السابقة.

(الحلاب) الإناء الذي يحلب فيه أو اللبن المحلوب.

(أهلي) أقربائي كأختي وأخي وغيرهما.

(فاحتبست) تأخرت بسبب أمر عرض لي.

(يتضاغون): أَي: يصيحون، وَهُوَ من بَاب التفاعل من: الضغاء، بالمعجمتين وَهُوَ: الصياح بالبكاء، وَيُقَال: ضغا الثَّعْلَب ضغاء أَي: صَاح، وَكَذَلِكَ السنور، وَيُقَال: ضغا يضغو ضغوا وضغاء: إِذا صَاح وضج.

(دأبي) عادتي وشأني.

(إبتغاء وجهك) طلبا لمرضاتك.

(فرجة) الفتحة بين الشيءين.

(لا تنال ذلك منها) لا تحصل على مرادك.

(لا تفض الخاتم إلا بحقه) لا تزل البكارة إلا بحلال وهو النكاح.

(بفرق) مكيال يسع ثلاثة أصع.

فقه الحديث:
ذكر مَا يُسْتَفَاد مِنْهُ
- "فِيهِ: الْإِخْبَار عَن مُتَقَدِّمي الْأُمَم وَذكر أَعْمَالهم لترغيب أمته فِي مثلهَا، وَلم يكن -صلى الله عليه وسلم- يتَكَلَّم بِشَيْء إلاَّ لفائدة، وَإِذا كَانَ مزاحه كَذَلِك فَمَا ظَنك بأخباره؟

- وَفِيه: جَوَاز بيع الْإِنْسَان مَال غَيره بطرِيق الفضول، وَالتَّصَرُّف فِيهِ بِغَيْر إِذن مَالِكه إِذا أجَازه الْمَالِك بعد ذَلِك، وَلِهَذَا عقد البُخَارِيّ التَّرْجَمَة: تحت باب إِذَا اشْتَرَى شَيْئًا لِغَيْرِهِ بِغَيْرِ إِذْنِهِ فَرَضِيَ.

وَقَالَ بَعضهم:
طَرِيق الِاسْتِدْلَال بِهِ يبتني على أَن شرع من قبلنَا شرع لنا، وَالْجُمْهُور على خِلَافه. انْتهى.

 قلت:
شرع من قبلنَا يلْزمنَا مَا لم يقص الشَّارِع الْإِنْكَار عَلَيْهِ، وَهنا طَرِيق آخر فِي الْجَوَاز، وَهُوَ: أَنه -صلى الله عليه وسلم- ذكر هَذِه الْقِصَّة فِي معرض الْمَدْح وَالثنَاء على فاعلها، وَأقرهُ على ذَلِك، وَلَو كَانَ لَا يجوز لبينه.

- وَفِيه: دَلِيل على صِحَة قَول ابْن الْقَاسِم: إِذا أودع رجل رجلاً طَعَاماً فَبَاعَهُ الْمُودَع بِثمن: فَرضِي الْمُودِع بِهِ، فَلهُ الْخِيَار إِن شَاءَ أَخذ الثّمن الَّذِي بَاعه بِهِ، وَإِن شَاءَ أَخذ مثل طَعَامه، وَمنع أَشهب. قَالَ: لِأَنَّهُ طَعَام بِطَعَام فِيهِ خِيَار.

- وَفِيه: الِاسْتِدْلَال لأبي ثَوْر فِي قَوْله: إِن من غصب قمحا فزرعه إِن كل مَا أخرجت الأَرْض من الْقَمْح فَهُوَ لصَاحب الْحِنْطَة.

وَقَالَ الْخطابِيّ:
اسْتدلَّ بِهِ أَحْمد على أَن الْمُسْتَوْدَع إِذا أتجر فِي مَال الْوَدِيعَة وَربح أَن الرِّبْح إِنَّمَا يكون لرب المَال، قَالَ: وَهَذَا لَا يدل على مَا قَالَ، وَذَلِكَ أَن صَاحب الْفرْق إِنَّمَا تبرع بِفِعْلِهِ وتقرب بِهِ إِلَى الله، عز وَجل، وَقد قَالَ: إِنَّه اشْترى بقرًا وَهُوَ تصرف مِنْهُ فِي أَمر لم يُوكله بِهِ، فَلَا يسْتَحق عَلَيْهِ ربحا...

وَقَالَ ابْن بطال:
وأصح هَذِه الْأَقْوَال قَول من قَالَ: إِن الرِّبْح للْغَاصِب والمتعدي وَالله أعلم.

- وَفِيه: إِثْبَات كرامات الْأَوْلِيَاء وَالصَّالِحِينَ.

- وَفِيه: فضل الْوَالِدين وَوُجُوب النَّفَقَة عَلَيْهِمَا، وعَلى الْأَوْلَاد والأهل، قَالَ الْكرْمَانِي: نَفَقَة الْفُرُوع مُتَقَدّمَة على الْأُصُول فَلِم تَركهم جائعين؟

قلت:
لَعَلَّ فِي دينهم (أي شرع من كان قبلنا) نَفَقَةَ الأَصْل مُقَدّمَة، أَو كَانُوا يطْلبُونَ الزَّائِد على سد الرمق، والصياح لم يكن من الْجُوع، قلت: قَوْله: والصياح لم يكن من الْجُوع، فِيهِ نظر لَا يخفى.

- وَفِيه: أَنه يسْتَحبّ الدُّعَاء فِي حَال الكرب.

- وفيه التوسل بِصَالح الْعَمَل إِلَى الله تَعَالَى، كَمَا فِي الاسْتِسْقَاء.

- وَفِيه: فضل بر الْوَالِدين وَفضل خدمتهما وإيثارهما على من سواهُمَا من الْأَوْلَاد وَالزَّوْجَة.

- وَفِيه: فضل العفاف والانكفاف عَن الْمُحرمَات بعد الْقُدْرَة عَلَيْهَا.

- وَفِيه: جَوَاز الْإِجَارَة بِالطَّعَامِ.

- وَفِيه: فَضِيلَة أَدَاء الْأَمَانَة.

- وَفِيه: قَبول التَّوْبَة، وَأَن من صلح فِيمَا بَقِي، غفر لَهُ، وَأَن من هم بسيئة فَتَركهَا ابْتِغَاء وَجهه كتب لَهُ أجرهَا.

(وَلمن خَافَ مقَام ربه جنتان) (الرَّحْمَن: 64).

- وَفِيه: سُؤال الرب جلّ جَلَاله بإنجاز وعده، قَالَ تَعَالَى: (وَمن يتق الله يَجْعَل لَهُ مخرجا) (الطَّلَاق: 2).

وَقَالَ: (وَمَن يتق اللهَ يَجْعَل لَهُ من أمره يُسرًا) (الطَّلَاق: 4)".
 
- قلت:
وفيه استحباب مصاحبة ورفقة الصالحين؛ فلو كان أحد الثلاثة فاسقاً لمكثوا في الغار وكان هلاكهم.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى



عدد المساهمات : 49023

أربعون حديثاً من أحاديث الآداب والأحكام  - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: أربعون حديثاً من أحاديث الآداب والأحكام    أربعون حديثاً من أحاديث الآداب والأحكام  - صفحة 2 Emptyالثلاثاء 29 يونيو - 5:25

20- مَنْ عادى لي ولياً فقد آذنتهُ بالحرب:
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: "إِنَّ اللَّهَ قَالَ: مَنْ عَادَى لِي وَلِيًّا فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالحَرْبِ، وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ، وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ، فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ: كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ، وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ، وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا، وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا، وَإِنْ سَأَلَنِي لَأُعْطِيَنَّهُ، وَلَئِنِ اسْتَعَاذَنِي لَأُعِيذَنَّهُ، وَمَا تَرَدَّدْتُ عَنْ شَيْءٍ أَنَا فَاعِلُهُ تَرَدُّدِي عَنْ نَفْسِ المُؤْمِنِ، يَكْرَهُ المَوْتَ وَأَنَا أَكْرَهُ مَسَاءَتَهُ".

شرح غريب الحديث
(ولياً) هو العالم بدين الله تعالى المواظب على طاعته المخلص في عبادته.

(آذنته بالحرب) أعلمته بالهلاك والنكال.

(مما افترضت عليه) من الفروض العينية وفروض الكفاية.

(كنت سمعه..) أحفظه كما يحفظ العبد جوارحه من التلف والهلاك وأوفقه لما فيه خيره وصلاحه وأعينه في المواقف وأنصره في الشدائد.

(استعاذني) استجار بي مما يخاف.

وقوله: "استعاذني" ضبطوه بالنون والباء وكلاهما صحيح.

(ما ترددتُ) كناية عن اللطف والشفقة وعدم الإسراع بقبض روحه.

(مساءته) إساءته بفعل ما يكره.

فقه الحديث
- فيه أن الله سبحانه وتعالى قدم الأعذار إلى كل من عادى ولياً: أنه قد آذنه بأنه محاربُه بنفس المعاداة، وولي الله تعالى هو الذي يتبع ما شرعه الله تعالى فليحذر الإنسان من إيذاء قلوب أولياء الله عز وجل.

ومعنى المعاداة: أن يتخذه عدواً.

ولا أرى المعنى إلا من عاداه لأجل ولاية الله، وأما إذا كانت لأحوال تقتضي نزاعاً بين وليين لله محاكمة أو خصومة راجعة إلى استخراج حق غامض فإن ذلك لا يدخل في هذا الحديث، وقد خاصم الصحابة بعضهم بعضاً؛ فقد جرى بين أبي بكر وعمر رضي الله عنهما خصومة، وبين العباس وعلي رضي الله عنهما وبين كثير من الصحابة وكلهم كانوا أولياء لله عز وجل.

- وَاعْلَمْ أَنَّ جَمِيعَ الْمَعَاصِي مُحَارَبَةٌ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، قَالَ الْحَسَنُ: بنُ آدَمَ هَلْ لَكَ بِمُحَارَبَةِ اللَّهِ مِنْ طَاقَةٍ؟ فَإِنَّ مَنْ عَصَى اللَّهَ فَقَدْ حَارَبَهُ، لَكِنْ كُلَّمَا كَانَ الذَّنْبُ أَقْبَحَ، كَانَ أَشَدَّ مُحَارَبَةً لِلَّهِ، وَلِهَذَا سَمَّى اللَّهَ تَعَالَى أَكَلَةَ الرِّبَا وَقُطَّاعَ الطَّرِيقِ مُحَارِبِينَ لِلَّهِ تَعَالَى وَرَسُولِهِ؛ لِعِظَمِ ظُلْمِهِمْ لِعِبَادِهِ، وَسَعْيِهِمْ بِالْفَسَادِ فِي بِلَادِهِ، وَكَذَلِكَ مُعَادَاةُ أَوْلِيَائِهِ، فَإِنَّهُ تَعَالَى يَتَوَلَّى نُصْرَةَ أَوْلِيَائِهِ، وَيُحِبُّهُمْ وَيُؤَيِّدُهُمْ، فَمَنْ عَادَاهُمْ، فَقَدْ عَادَى اللَّهَ وَحَارَبَهُ".

- فيه إشارة إلى أنه لا تقدم نافلة على فريضة وإنما سميت النافلة نافلة إذا قضيت الفريضة وإلا فلا يتناولها اسم النافلة.

- وفيه أن النوافل إنما يزكو ثوابها عند الله لمن حافظ على فرائضه وأداها؛ قاله ابن بطال.

- وفيه علامة ولاية الله، لمن يكون الله قد أحبه.

يدل عليه قوله الله تعالى: "فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به" إلى آخره.

- وفيه أن التقرب إلى الله بالنوافل حتى تُستحَق المحبة منه تعالى.

- وفيه أن هذا التقرب لا يكون إلا بالتواضع والتذلل لله تعالى.

(ورأيت لبعض الناس أن معنى قوله تعالى: (فأكون عينيه اللتين يبصر بهما وأذنيه ويديه ورجليه) قال: وجه ذلك أنه لا يحرك جارحة من جوارحه إلا في الله، ولله، فجوارحه كلها تعمل بالحق، فمن كان كذلك لم تُردّ له دعوة).

- وفيه أن العبد إذا صار من أهل حب الله تعالى لم يمتنع أن يسأل ربه حوائجه ويستعيذ به   ممن يخافه والله تعالى قادر على أن يعطيه قبل أن يسأله وأن يعيذه قبل أن يستعيذه؛ ولكنه سبحانه متقرب إلى عباده بإعطاء السائلين وإعاذة المستعيذين.  

وقوله: "استعاذني" ضبطوه بالنون والباء وكلاهما صحيح.

وَيُرْوَى “أَنَّ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَانَ يَقُولُ: اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مِنْ أَحْبَابِكَ، فَإِنَّكَ إِذَا أَحْبَبْتَ عَبْدًا، غَفَرْتَ ذَنْبَهُ وَإِنْ كَانَ عَظِيمًا، وَقَبِلْتَ عَمَلَهُ وَإِنْ كَانَ يَسِيرًا”.

“وَكَانَ دَاوُدُ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَقُولُ فِي دُعَائِهِ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ حُبَّكَ وَحُبَّ مَنْ يُحِبُّكَ وَحُبَّ الْعَمَلِ الَّذِي يُبَلِّغُنِي حُبَّكَ، اللَّهُمَّ اجْعَلْ حُبَّكَ أَحَبَّ إِلَيَّ مِنْ نَفْسِي وَأَهْلِي وَمَالِي وَمِنَ الْمَاءِ الْبَارِدِ”.

“وَقَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-: أَتَانِي رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ -يَعْنِي فِي الْمَنَامِ- فَقَالَ لِي: يَا مُحَمَّدُ قُلِ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ حُبَّكَ، وَحُبَّ مَنْ يُحِبُّكَ، وَالْعَمَلَ الَّذِي يُبَلِّغُنِي حُبَّكَ”.

“وَكَانَ مِنْ دُعَائِهِ -صلى الله عليه وسلم-: اللَّهُمَّ ارْزُقْنِي حُبَّكَ وَحُبَّ مَنْ يَنْفَعُنِي حُبُّهُ عِنْدَكَ، اللَّهُمَّ مَا رَزَقْتَنِي مِمَّا أُحِبُّ فَاجْعَلْهُ قُوَّةً لِي فِيمَا تُحِبُّ، اللَّهُمَّ مَا زَوَيْتَ عَنِّي مِمَّا أُحِبُّ فَاجْعَلْهُ فَرَاغًا لِي فِيمَا تُحِبُّ”.

- وتواضعه -صلى الله عليه وسلم- معلوم لا يُحصى، ومنه أنه لَمَّا دخل مكة جعل الناس يقولون: هو هذا، هو هذا، فجعل يُحنى ظهره على الرحل ويقول: "الله أعْلى وأجَلُّ".

وهذه سيرة السلف المهديين.
روى سفيان، عن أيوب الطائى، عن قيس بن مسلم، عن طارق بن شهاب قال: لما قدم عمر الشام عرضت له مخاضة، فنزل عن بعيره ونزع خفيه، فأمسكهما بيده، وخاض الماء ومعه بعيره، فقال له أبو عبيدة: لقد صنعت اليوم صنيعًا عظيمًا عند أهل الأرض، فصكّ في صدره وقال: لو غيرك قالها يا أبا عبيدة، إنكم كنتم أذّل الناس وأحقر الناس، فأعزكم الله بالإسلام، فمهما تطلبون العز في غيره يذلكم الله".

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى



عدد المساهمات : 49023

أربعون حديثاً من أحاديث الآداب والأحكام  - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: أربعون حديثاً من أحاديث الآداب والأحكام    أربعون حديثاً من أحاديث الآداب والأحكام  - صفحة 2 Emptyالثلاثاء 29 يونيو - 18:31

21- العدل سبب تقدم الأمم, وانعدامه سبب هلاكها
عن عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، أَنَّ قُرَيْشًا أَهَمَّهُمْ شَأْنُ المَرْأَةِ المَخْزُومِيَّةِ الَّتِي سَرَقَتْ، فَقَالُوا: وَمَنْ يُكَلِّمُ فِيهَا رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-؟ فَقَالُوا: وَمَنْ يَجْتَرِئُ عَلَيْهِ إِلَّا أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ، حِبُّ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَكَلَّمَهُ أُسَامَةُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: "أَتَشْفَعُ فِي حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ، ثُمَّ قَامَ فَاخْتَطَبَ، ثُمَّ قَالَ: إِنَّمَا أَهْلَكَ الَّذِينَ قَبْلَكُمْ، أَنَّهُمْ كَانُوا إِذَا سَرَقَ فِيهِمُ الشَّرِيفُ تَرَكُوهُ، وَإِذَا سَرَقَ فِيهِمُ الضَّعِيفُ أَقَامُوا عَلَيْهِ الحَدَّ، وَايْمُ اللَّهِ لَوْ أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ سَرَقَتْ لَقَطَعْتُ يَدَهَا".
 
شرح غريب الحديث
(أهمهم) أحزنهم وأثار اهتمامهم.

(شأن..) حالها وأمرها.

(المخزومية) نسبة إلى بني مخزوم واسمها فاطمة بنت الأسود وكانت سرقت حُلِيّاً يوم فتح مكة.

(حب) محبوب.

(أتشفع في حد) تتوسل أن لا يقام حد فرضه الله تعالى والحد عقوبة مقدرة من المشرع.

(الشريف) الذي له شأن في قومه بسبب مال أو نسب أو عشيرة.

(الضعيف) من ليس له عشيرة أو وجاهة في قومه.

(وأيْم الله) لفظ من ألفاظ القسم أصلها وأيمن الله فحذفت النون تخفيفاً وقد تقطع الهمزة وقد توصل.

فقه الحديث:
- فيه دخول الرجال مع النساء في حد السرقة.

- وفيه أن لفاطمة رضي الله عنها مكانة عند أبيها عليه الصلاة والسلام.

- وفيه التشديد والإنكار على من رخَّص في إقامة الحد أو تعرض للشفاعة فيمن وجب عليه الحد.

- وفيه جواز ضرب المثل بالكبير القدر للمبالغة في الزجر عن الفعل ومراتب ذلك مختلفة.

- وفيه أن من حلف على أمر لا يتحقق أنه يفعله أو لا يفعله لا يحنث كمن قال لمن خاصم أخاه والله لو كنت حاضرا لهشمت أنفك خلافاً لمن قال يحنث مطلقاً.

- وفيه قبول توبة السارق ففي حديث عبد الله بن عمرو عند أحمد أنها قالت هل لي من توبة يا رسول الله فقال: "أنت اليوم من خطيئتك كيوم ولدتك أمك".

وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- بعد ذلك يرحمها ويصلها.

وقالت عائشة عن المخزومية أنها نكحت رجلاً من بني سليم وتابت وكانت حسنة التلبس وكانت تأتيني فأرفع حاجتها إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.

- وفيه جواز التوجع لمن أقيم عليه الحد بعد إقامته عليه؛ وقد حكى ابن الكلبي في قصة أم عمرو بنت سفيان أن امرأة أسيد بن حضير أَوَتْها بعد أن قُطِعت وصنعت لها طعاماً وأن أُسيْداً ذكر ذلك للنبي -صلى الله عليه وسلم- كالمنكر على امرأته فقال: "رحمتها رحمها الله".

- وفيه الاعتبار بأحوال من مضى من الأمم  ولا سيما من خالف أمر الشرع.

وتمسك به بعض من قال أن شرع من قبلنا شرع لنا لأن فيه إشارة إلى تحذير من فعل الشيء الذي جر الهلاك إلى الذين من قبلنا لئلا يهلك كما هلكوا.  

- وفِيه: النَّهْي عَن الشَّفَاعَة فِي الْحُدُود وَلَكِن ذَلِك بعد بُلُوغه إِلَى الإِمَام.

- وَفِيه: منقبة ظَاهِرَة لأسامة، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ.  

- وفيه: أن حدود الله لا يحل للأئمة ترك إقامتها على القريب والشريف، وأن من ترك ذلك من الأئمة فقد خالف سنُة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ورغب عن اتباع سبيله.

- وفيه: أن إنفاذ الحكم على الضعيف ومحاشاة الشريف مما أهلك الله به الأمم، ألا ترى أنه -صلى الله عليه وسلم- وصف أن بني إسرائيل هلكوا بإقامة الحد على الوضيع وتركهم الشريف.

وقد وصفهم الله بالكفر لمخالفتهم أمر الله تعالى، فقال تعالى: (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ) (المائدة: 44) (الظالمون) (المائدة: 54) (الفاسقون) (المائدة: 47) وقوله -صلى الله عليه وسلم-: "لو أن فاطمة سرقت لقطعت يدها" هو في معنى قوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم أو الوالدين والأقربين) (النساء: 135).

فامتثل -صلى الله عليه وسلم- أمر ربه  في ذلك، وامتثله بعده الأئمة الراشدون في تقويم أهليهم فيما دون الحد. وذكر عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهري، عن سالم، عن أبيه قال: كان عمر بن الخطاب إذا نهى الناس عن شيء جمع أهله، فقال: إني نهيت الناس عن كذا وكذا، والناس ينظرون إليكم نظر الطير إلى اللحم، فإن وقعتم وقعوا، وإن هِبتم هابوا، وإني والله لا أوتَى برجل منكم وقع في شيء مما نهيته عنه إلا أُضَعِّف عليه العقوبة لمكانه مني، فمن شاء فليتقدم ومن شاء فليتأخر.

- و فيه أن الحدّ إذا بلغ الإمام أنه يجب عليه إقامته، لأنه قد تعلق بذلك حق لله ولا تجوز الشفاعة فيه لإنكاره ذلك على أسامة وذلك من أبلغ النهي، وأجاز أكثر أهل العلم الشفاعة في الحدود قبل وصولها إلى الإمام.

وفرق مالك بين من لم يُعرف منه أذى للناس. فقال: لا بأس أن يشفع له ما لم يبلغ الإمام، وأما من عرف بشر وفساد في الأرض فلا أحب أن يشفع له أحد.

قلت:- وفيه كذلك أن العدل سبب رقي الأمم كما أن انعدامه سبب تخلفها وهلاكها.

قال ابن تيمية رحمة الله تعالى عليه: "إن الله ينصر الأمة العادلة ولو كانت كافرة؛ ويخذل الأمة الظالمة ولو كانت مسلمة".


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى



عدد المساهمات : 49023

أربعون حديثاً من أحاديث الآداب والأحكام  - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: أربعون حديثاً من أحاديث الآداب والأحكام    أربعون حديثاً من أحاديث الآداب والأحكام  - صفحة 2 Emptyالثلاثاء 29 يونيو - 18:40

22- هلاك الأمم بكثرة سؤالهم واختلافهم عن أنبيائهم

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: خَطَبَنَا رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-، فَقَالَ: “أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ فَرَضَ اللهُ عَلَيْكُمُ الْحَجَّ، فَحُجُّوا”، فَقَالَ رَجُلٌ: أَكُلَّ عَامٍ يَا رَسُولَ اللهِ؟ فَسَكَتَ حَتَّى قَالَهَا ثَلَاثًا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: "لَوْ قُلْتُ: نَعَمْ لَوَجَبَتْ، وَلَمَا اسْتَطَعْتُمْ"، ثُمَّ قَالَ: “ذَرُونِي مَا تَرَكْتُكُمْ، فَإِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِكَثْرَةِ سُؤَالِهِمْ وَاخْتِلَافِهِمْ عَلَى أَنْبِيَائِهِمْ، فَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِشَيْءٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ، وَإِذَا نَهَيْتُكُمْ عَنْ شَيْءٍ فَدَعُوهُ”.

 

شرح غريب الحديث

(دعوني) اتركوني ولا تسألوني.


(بسؤالهم) كثرة أسئلتهم.


(ما استطعتم) قدر استطاعتكم بعد الإتيان بالقدر الواجب الذي لا بد منه.


فقه الحديث:

- وهذا الحديث قد يستدل به من يقول بالتوقف: فإنه سأل فقال: أكل عام؟ ولو كانت مطلقة يقتضي التكرار أو عدمه لم يقل له النبي -صلى الله عليه وسلم-: "لو قلت نعم لوجبت ولما استطعتم" بل ولم يكن حاجة إلى السؤال بل مطلقه محمول على كذا.


- وأجمعت الأمة على أن الحج لا يجب في العمر إلا مرة واحدة بأصل الشرع.


- أنه -صلى الله عليه وسلم- كان له أن يجتهد في الأحكام وأنه لا يشترط في حكمه أن يكون بوحي؛ يدل عليه قوله -صلى الله عليه وسلم-: "لو قلت نعم لوجبت" وهو المذهب الصحيح.


- وقوله -صلى الله عليه وسلم-: "وما أمرتكم به فأتوا منه ما استطعتم": هذا الحديث من قواعد الإسلام المهمة ومن جوامع الكلم التي أُعْطِيَها -صلى الله عليه وسلم- ويدخل فيها ما لا يحصى من الأحكام كالصلاة بأنواعها فإذا عجز عن بعض أركانها أو بعض شروطها أتى بالباقي.


وإذا عجز عن بعض أعضاء الوضوء أو الغسل غسل الممكن؛ وإذا وجد بعض ما يكفيه من الماء لطهارته أو لغسل النجاسة فعل الممكن.


وإذا وجبت إزالة منكرات أو فطرة جماعة من تلزمه نفقتهم أو نحو ذلك وأمكنه البعض فعل الممكن.


وإذا وجد ما يستر بعض عورته أو حفظ بعض الفاتحة أتى بالممكن.


وأشباه هذا غير منحصرة وهي مشهورة في كتب الفقه والمقصود التنبيه على أصل ذلك.


- وهذا الحديث موافق لقول الله تعالى (فاتقوا الله ما استطعتم) (التغابن: 16).


وأما قوله تعالى: (اتقوا الله حق تقاته) (آل عمران: 102) ففيها مذهبان: أحدهما أنها منسوخة بقوله تعالى: (فاتقوا الله ما استطعتم) والثاني وهو الصحيح أو الصواب وبه جزم المحققون: أنها ليست منسوخة بل قوله تعالى: (فاتقوا الله ما استطعتم) مفسرة لها ومبينة للمراد بها قالوا: وحق تقاته هو امتثال أمره واجتناب نهيه؛ ولم يأمر سبحانه وتعالى إلا بالمستطاع قال الله تعالى: (لَا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا)، وقال تعالى: (وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ) (الحج: 78) والله أعلم.  


- أمر الله عباده باتباع نبيه والاقتداء بسنته فقال: (فَآمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ النَّبيِّ الأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ) (الأعراف: 158).

 

- وأمَّا قوله عليه الصلاة والسلام: "وما نهيتكم عنه فاجتنبوه" فهذا على إطلاقه لكن إن وجد عذر يبيحه كأكل الميتة عند الضرورة ونحوه فهذا لا يكون منهياً عنه في هذا الحال.


وأمَّا في غير حال العذر فلا يكون ممتثلاً لمقتضى النهي حتى يترك كل ما نهى عنه ولا يخرج عنه بترك فعل واحد بخلاف الأمر.


وهذا الأصل إذا فهم فهو مسألة مطلق الأمر: هل يحمل على الفور أو على التراخي على المرة الواحدة أو التكرار، ففي هذا الحديث أبواب من الفقه والله أعلم.


- النهي عن إكثار السؤال لأنه ربما يَكثُر الجواب عليه فيضاهي ذلك قصة بني إسرائيل لما قيل لهم: (اذبحوا بقرة) فإنهم لو اقتصروا على ما يصدْق عليه اللفظ وبادروا إلى ذبح أي بقرة كانت أجزأت عنهم؛ لكن لما أكثروا السؤال وشددوا شدد عليهم وذُموا على ذلك؛ فخاف النبي -صلى الله عليه وسلم- مثل ذلك على أمته.


– لذا قال -صلى الله عليه وسلم-: "فإنما أهلك الذين من قبلكم كثرة مسائلهم واختلافهم على أنبيائهم" وذكر ذلك بعد قوله: (ذرونى ما تركتكم).

 

وَفِي  الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: “سَأَلُوا رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- حَتَّى أَحْفَوْهُ فِي الْمَسْأَلَةِ، فَغَضِبَ، فَصَعِدَ الْمِنْبَرَ، فَقَالَ: لَا تَسْأَلُونِي الْيَوْمَ عَنْ شَيْءٍ إِلَّا بَيَّنْتُهُ، فَقَامَ رَجُلٌ كَانَ إِذَا لَاحَى الرِّجَالَ دُعِيَ إِلَى غَيْرِ أَبِيهِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَنْ أَبِي؟ قَالَ: "أَبُوكَ حُذَافَةُ" ثُمَّ أَنْشَأَ عُمَرُ، فَقَالَ: رَضِينَا بِاللَّهِ رَبًّا، وَبِالْإِسْلَامِ دِينًا، وَبِمُحَمَّدٍ رَسُولًا، نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الْفِتَنِ”.


وَكَانَ قَتَادَةُ يَذْكُرُ عِنْدَ هَذَا الْحَدِيثِ هَذِهِ الْآيَةَ: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ) (المائدة: 101).


وَفِي "صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ" عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ قَوْمٌ يَسْأَلُونَ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- اسْتِهْزَاءً، فَيَقُولُ الرَّجُلُ: مَنْ أَبِي؟ وَيَقُولُ الرَّجُلُ تَضِلُّ نَاقَتُهُ: أَيْنَ نَاقَتِي؟ فَأَنْزَلَ اللَّهُ هَذِهِ الْآيَةَ: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ) (المائدة: 101).


وَخَرَّجَ ابْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ فِي "تَفْسِيرِهِ" مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: “خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وَهُوَ غَضْبَانُ مُحْمَارًّا وَجْهُهُ، حَتَّى جَلَسَ عَلَى الْمِنْبَرِ، فَقَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ، فَقَالَ: أَيْنَ أَنَا؟ فَقَالَ: "فِي النَّارِ" فَقَامَ إِلَيْهِ آخَرُ فَقَالَ: مَنْ أَبِي؟ قَالَ: "أَبُوكَ حُذَافَةُ" فَقَامَ عُمَرُ فَقَالَ: رَضِينَا بِاللَّهِ رَبًّا، وَبِالْإِسْلَامِ دِينًا، وَبِمُحَمَّدٍ نَبِيًّا، وَبِالْقُرْآنِ إِمَامًا، إِنَّا يَا رَسُولَ اللَّهِ حَدِيثُو عَهْدٍ بِجَاهِلِيَّةٍ وَشِرْكٍ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ مَنْ آبَاؤُنَا، قَالَ: فَسَكَنَ غَضَبُهُ، وَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ) (المائدة: 101)“.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى



عدد المساهمات : 49023

أربعون حديثاً من أحاديث الآداب والأحكام  - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: أربعون حديثاً من أحاديث الآداب والأحكام    أربعون حديثاً من أحاديث الآداب والأحكام  - صفحة 2 Emptyالثلاثاء 29 يونيو - 18:48

23 - إِنَّ اللهَ طَيِّبٌ لَا يَقْبَلُ إِلَّا طَيِّبًا،
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: "أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّ اللهَ طَيِّبٌ لَا يَقْبَلُ إِلَّا طَيِّبًا، وَإِنَّ اللهَ أَمَرَ الْمُؤْمِنِينَ بِمَا أَمَرَ بِهِ الْمُرْسَلِينَ، فَقَالَ: (يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا، إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ) (المؤمنون: 51) وَقَالَ: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ) (البقرة: 172)، ثُمَّ ذَكَرَ الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ أَشْعَثَ أَغْبَرَ، يَمُدُّ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ، يَا رَبِّ، يَا رَبِّ، وَمَطْعَمُهُ حَرَامٌ، وَمَشْرَبُهُ حَرَامٌ، وَمَلْبَسُهُ حَرَامٌ، وَغُذِيَ بِالْحَرَامِ، فَأَنَّى يُسْتَجَابُ لِذَلِكَ؟".
 
شرح غريب الحديث
(إن الله طيب) قال القاضي: الطيب في صفة الله تعالى بمعنى المُنَزَّهُ عن النَّقائص وهو بمعنى القُدُّوس وأصل الطيب الزكاة والطهارة والسلامة من الخبث.

(لَا يقبل إِلَّا طيباً) يَعْنِي بِهِ الْحَلَال.

(ثم ذكر الرجل) هذه الجملة من كلام الراوي والضمير فيه للنبي -صلى الله عليه وسلم- والرجل بالرفع مبتدأ مذكور على وجه الحكاية من لفظ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ويجوز أن ينصب على أنه مفعول ذكر.

(أشعث): الَّذِي قد تغير شعر رَأسه وَتَلَبَّدَ لبعد عَهده بالدهن والامتشاط.

(وغُذِيَ) بضم الغين وتخفيف الذال.

فقه الحديث
في هذا الحديث من الفوائد ما يلي:
- فيه قيمة هذا الحديث ومكانته: إذ مدار قواعد الإسلام ومباني الأحكام عليه وعلى ثلاثة  أحاديث أخرى.

قَالَ أَبُو دَاوُد اجْتَهَدْت فِي الْمُسْنَدِ، فَإِذَا هُوَ أَرْبَعَةُ آلَافِ حَدِيثٍ، ثُمَّ نَظَرْت، فَإِذَا مَدَارُهَا عَلَى أَرْبَعَةِ أَحَادِيثَ: الْحَلَالُ بَيِّنٌ، وَالْأَعْمَالُ بِالنِّيَّةِ، وَحَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ: “إنَّ اللَّهَ طَيِّبٌ لَا يَقْبَلُ إلَّا طَيِّبًا”، وَحَدِيثُهُ: “مِنْ حُسْنِ إسْلَامِ الْمَرْءِ تَرْكُهُ مَا لَا يَعْنِيهِ”.

- وفيه إِخْبَار عَن كَمَال صِفَات الله الَّتِي لَا يدخلهَا نقص وَلَا عيب، كَمَا أَن الله جميل.

- وفيه أَن أكل الْحَرَام يمْنَع من إِجَابَة الدُّعَاء.

- وفيه أن الرجل يطيل السفر في وجوه الطاعات: الحج وجهاد وغير ذلك من وجوه البر ومع هذا لا يستجاب له لكون مطعمه ومشربه وملبسه حراماً؛ فكيف هو بمن هو منهمك في الدنيا أو في مظالم العباد أو من الغافلين عن أنواع العبادات والخير".

- وفيه الحث على الإنفاق من الحلال والنهي عن الإنفاق من غيره.

- وفيه أن المشروب والمأكول والملبوس ونحو ذلك ينبغي أن يكون حلالاً خالصاً لا شبهة فيه.

- وفيه أن العبد إذا أنفق نفقة طيبة فهي التي تزكو وتنمو وأن الطعام اللذيذ غير المباح يكون وبالاً على آكله ولا يقبل الله عمله.

- وفيه أنَّ الرسل وأمَمَهم مأمورون بالأكل من الطيبات التي هي الحلال، وبالعمل الصالح، فما دام الأكل حلالاً، فالعملُ صالح مقبولٌ.

وقد خرَّج الطبراني بإسناد فيهِ نظر عن ابن عباس قالَ: تُليَتْ هذه الآية عندَ رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الأَرْضِ حَلالاً طَيِّباً) (البقرة: 168)، فقام سعدُ بنُ أبي وقاص، فقال: يا رسول الله، ادع الله أنْ يجعلني مُسْتَجَابَ الدعوة، فقال النَّبيُّ -صلى الله عليه وسلم-: "يا سعدُ، أطِبْ مَطْعَمَكَ تكن مستجاب الدَّعوة، والذي نفس محمد بيده إنَّ العبد ليقذف اللُّقمة الحرام في جوفه ما يتقبل الله منه عمل أربعين يوماً، وأيُّما عبدٍ نبت لحمُه من سُحْتٍ فالنارُ أولى به".

وفي "مسند الإمام أحمد" بإسناد فيه نظر أيضاً عن ابن عمر قال: "من اشترى ثوباً بعشرة دراهم في ثمنه درهمٌ حرام، لم يقبلِ الله له صلاة ما كان عليه"، ثم أدخل أصبعيه في أذنيه فقال: صُمَّتا إنْ لم أكن سمعته من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.

ويُروى من حديث عليٍّ -رضي الله عنه- مرفوعاً معناه أيضاً، خرَّجه البزار وغيره بإسنادٍ ضعيف.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى



عدد المساهمات : 49023

أربعون حديثاً من أحاديث الآداب والأحكام  - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: أربعون حديثاً من أحاديث الآداب والأحكام    أربعون حديثاً من أحاديث الآداب والأحكام  - صفحة 2 Emptyالثلاثاء 29 يونيو - 18:59

24 – اتقاء الشُّبهات: استبراءً للدِّين والعِرْضِ
عن النعمان بن بشير رضي الله عنه قال: سمعت النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول وأشار -النعمان بأصبعيه إلى أذنيه-: "إن الحلال بيِّن، والحرام بيِّن، وبينهما مشتبهات، لا يعلمهن كثير من الناس، فمن اتقى الشبهات: استبرأ لدينه وعرضه، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام، كالراعي يرعى حول الحمى، يوشك أن يرتع فيه، ألا وإن لكل ملك حمى، ألا وإن حمى الله محارمه، ألا وإن في الجسد مُضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب".
 
شرح غريب الحديث:
(وأهوى النعمان بإصبعيه إلى أذنيه) أي مدهما إليهما ليأخذهما إشارة إلى استيقانه بالسمع.

قوله: "إن الحلال بين" معناه أنه بَيِّنٌ في عينه، ووصفه واضحٌ لا يخفى حله كالمأكولات من الفواكه والحبوب والزيت والعسل...

وقوله: "والحرام بين" معناه أنه بين في عينه ووصفه أيضًا، واضح كالخمر والميتة والخنزير والبول والدم المسفوح.

وكذلك الزنا والكذب والغيبة والنميمة والنظر إلى الأجنبية وأشباه ذلك البين الواضح الذي لا شك في حرمته.

وقوله: "وبينهما مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس" معناه أنها ليست بواضحة الحل ولا الحرمة.

فلهذا لا يعرفها كثير من الناس، وأما العلماء فيفرقون حكمها بنص أو قياس أو استصحاب ونحو ذلك،

وقوله: "فمن اتقى الشبهات استبرأ لدينه وعِرضه": معناه أتقاها على الوصف الذي ذكرنا... حتى يعلم حلها وحرمتها، فيعمل بها أو يمسك عنها، فإذا فعل ذلك وإن دينه عن الوقوع في المحذور، وعرضه عن كلام الناس فيه.

وقوله: "ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام" يحتمل أن يكون معناه أن من كثر تعاطيه الشبهات يصادف الحرام وإن لم يتعمده، وقد يأثم بذلك إذا نسب إلى تقصير ويحتمل أن يكون معناه أن من كثر تعاطيه الشبهات اعتاد التساهل وتمرن عليه، فيجسر بفعل شبهة على فعل شبهة أغلظ منها، ثم أخرى أغلظ، وهكذا حتى يقع في الحرام عمدًا، وهذا نحو قول السلف: المعاصي بريد الكفر أي تسوق إليه، عافانا الله من جميع البلايا.

و"الحِمى" بمعنى المحمي  فالمصدر فيه واقع موقع اسم المفعول وتثنية "حميان"، و"المضغة" القطعة من اللحم سميت بذلك لأنها تمضغ في الفم لصغرها، والمراد: تصغير جرم القلب بالنسبة إلى باقي الجسد مع أن صلاح الجسد وفساده تابعان للقلب كالملك مع الرعية، فهو صغير الجرم عظيم القدر.

فقه الحديث:
هذا حديث من الأحاديث العظام، التي عُدَّتْ من أصول الإِسلام، بل هو أصله.

وهو أحد الأحاديث التي عليها مدار الإِسلام، قال جماعة: هو ثلث الإِسلام، وقال أبو داود: ربعه.

وفيه فوائد كثيرة:
- الفائدة الأولى: الحث على ارتكاب الحلال وعلى اجتناب الحرام، والإِمساك عن الشبهات والاحتياط للدين، والعرض وعدم تعاطي الأمور الموجبة لسوء الظن والوقوع في المحذور.

- الثانية: الأخذ بالورع، وهذا الحديث أصل كبير في الأخذ به وترك الشبهات، وللشبهات مثارات، منها: الاشتباه في الدليل الدال على التحليل أو التحريم، وتعارض الأمارات بالحج، ولهذا قال عليه الصلاة والسلام: "لا يعلمهن كثير من الناس", إشارةً إلى ذلك مع أنه يحتمل أنه لا يعلم عينها وإن علم حكم أصلها في التحليل والتحريم، وهذا أيضًا من مثار الشبهات.

- الثالثة: أنه لا ورع في ترك المباح، لقوله عليه الصلاة والسلام: "الحلال بيِّن والحرام بيِّن"، وقال شهاب الدين ابن الحميري يدخل الورع فيها، قال: وطريق الجمع بينها أن المباحات لا زهد فيها ولا ورع من حيث هي مباحات، وفيها الزهد والورع من حيث الإكثارُ منها، فإن الإِكثار منها يخرج إلى كثرة الاكتساب الموقع في الشبهات.

- الرابعة: في قوله: "فمن اتقى الشبهات".. إلى آخره دلالة على أنه لا يجب عليه حماية عِرْضِهِ عن الطعن فيه، وقد قال عليه الصلاة والسلام: "أيعجز أحدكم أن يكون كأبي ضمضم، كان إذا خرج من بيته قال: إني قد تصدقت بعرضي على الناس".

- الخامسة: في قوله: "كالراعي حول الحمى" دلالة لمذهب مالك في سد الذرائع.

- السادسة: فيه تعظيم القلب وسببه صدور الأفعال الاختيارية عنه، وما يقوم به من الاعتقادات والعلوم، ورتب الأمر فيه على المضغة، والمراد: المتعلق بها, ولا شك أن صلاح جميع الأعمال باعتبار العلم والاعتقاد بالمفاسد والمصالح، فتعين حماية مركزها من الفساد وإصلاحه.

- السابعة: فيه أيضًا الحث البليغ على السعي في إصلاح القلب وحمايته من الفساد، وأن لطيب الكسب أثرًا فيه كما في ضده.

- الثامنة:
فيه أيضًا كما قاله جماعة أن العقل في القلب لا في الرأس، وهو مذهبنا ومذهب جماهير المتكلمين.

واحتج القائلون: بأنه في القلب بقوله تعالى: (أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا) (سورة الحج: آية 46)، وبقوله تعالى: (إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ) (سورة ق: آية 37)، وبهذا الحديث فإنه عليه الصلاة والسلام جعل صلاح الجسد وفساده تابعًا للقلب، مع أن الدماغ من جملة الجسد، فيكون صلاحه وفساده تابعًا للقلب.

فعلم أنه ليس محلًا للعقل.

- التاسعة: فيه أيضًا أن العقوبة من حسن الجناية, لأنه كما انتهك محارم الله تعالى المانعة لما وراءها، فكذلك ينتهك محارم جسده بتجرده عن لباس التقوى، الذي هو حمى له من آفات الدنيا وعذاب الآخرة.

- العاشرة: فيه أيضًا ضرب الأمثال للمعاني الشرعية العملية، وفائدتها التنبيه بالشاهد على الغائب.

- الحادية عشرة:
فيه أيضاً التنبيه على عظمة الله تعالى واجتناب محارمه التي مصالحها عائدة علينا فإنه الغني المطلق.

- الثانية عشرة: فيه أيضًا أن الأعمال القلبية أفضل من البدنية، وأنها لا تصلح إلَّا بالقلبية.

- الثالثة عشرة:
أنه لا يجوز الاقتصار على أحدهما دون الآخر، فيما إذا كان العمل مقيدًا بهما، فإنه قد يختص بأحدهما أحكام دون الآخر، وقد يلزم عن أحدهما أعمال بسبب الآخر.

خاتمة: لما ذكر البخاري هذا الحديث عقبه بأن قال: تفسير المشتبهات، وذكر فيه عن حسان بن أبي سنان: ما رأيت شيئًا أهون من الورع: دع ما يريبك إلى ما لا يريبك.

ثم ذكر قصة الأمة السوداء في الرضاع، وقصة ابن وليدة زمعة، وحديث عدي بن حاتم الآتي في الصيد.

ثم قال: باب ما يتنزه من الشبهات: ذكر حديث التمرة الساقطة على الفراش.

ثم قال: باب من لم ير الوساوس ونحوها من الشبهات، ثم ذكر حديث حتى يسمع صوتًا أو يجد ريحًا.

وحديث عائشة: يا رسول الله -صلي الله عليه وسلم- إن قومًا يأتوننا باللحم، لا ندري أذكروا اسم الله عليه أم لا؟ فقال عليه الصلاة والسلام: "سَمُّوا اللهَ عَلَيْهِ وَكُلُوهُ"، فتنبه لذلك.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى



عدد المساهمات : 49023

أربعون حديثاً من أحاديث الآداب والأحكام  - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: أربعون حديثاً من أحاديث الآداب والأحكام    أربعون حديثاً من أحاديث الآداب والأحكام  - صفحة 2 Emptyالثلاثاء 29 يونيو - 19:33

25 – حرمة الدماء:
عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "أول ما يُقضي بين الناس يوم القيامة في الدماء".
 
شرح غريب الحديث:
(يُقضى) يحكم ويفصل.

(بالدماء) أي النفوس التي قتلت ظلماً في الدنيا.

فقه الحديث:
في هذا الحديث فوائد:
- أحدها: فيه تعظيم أمر الدماء، فإن البداءة إنما تكون بالأهم فالأهم، وهي حقيقة بذلك، فإن الذنوب تعظم بحسب المفسدة الواقعة بها، أو بحسب فوات المصالح المتعلقة بعدمها.

وهدمُ البنية الإِنسانية من أعظم المفاسد، فإن الله خلقها في أحسن تقويم، وسخر لها ما في السموات وما في الأرض، بل هو أكبر الكبائر بعد الشرك كما نص عليه الشافعي -رضي الله عنه-، وهذا إذا تجرَّد عن اعتقاد حله في غير محله.

- الثاني:  عن حديث أبي هريرة مرفوعًا: "إن أول ما يحاسب به يوم القيامة من عمله صلاته، فإن صلحت فقد أفلح وأنجح، وإن فسدت فقد خاب وخسر، فإن انتقص من فريضته شيئًا، قال الرب عزَّ وجلّ: انظروا هل لعبدي من تطوع فيكمل بها ما انتقص من الفريضة، ثم تكون سائر أعماله على هذا".

ويجمع بين هذا الحديث وبين حديث ابن مسعود السالف بأنه فيما بين العبد وبين ربه تعالى، وحديث ابن مسعود فيما بينه وبين العباد.

- الثالث: فيه القضاء بين الناس يوم القيامة، وعِلمُه -عليه الصلاة والسلام- بأحكام الآخرة واطِّلاعُهُ عليه كما هو عالم بأحكام الدنيا.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49023
العمر : 72

أربعون حديثاً من أحاديث الآداب والأحكام  - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: أربعون حديثاً من أحاديث الآداب والأحكام    أربعون حديثاً من أحاديث الآداب والأحكام  - صفحة 2 Emptyالثلاثاء 29 يونيو - 19:37

26- بيان غلظ تحريم قتل الإنسان نفسه:
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: “مَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِحَدِيدَةٍ فَحَدِيدَتُهُ فِي يَدِهِ يَتَوَجَّأُ بِهَا فِي بَطْنِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا، وَمَنْ شَرِبَ سُمًّا فَقَتَلَ نَفْسَهُ فَهُوَ يَتَحَسَّاهُ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا، وَمَنْ تَرَدَّى مِنْ جَبَلٍ فَقَتَلَ نَفْسَهُ فَهُوَ يَتَرَدَّى فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا”.

شرح غريب الحديث
(يتوجأ بها في بطنه) معناه يطعن.

(ومن شرب سما فهو يتحساه) السم بضم السين وفتحها وكسرها ثلاث لغات أفصحهن الثالثة وجمعة سمام ومعنى يتحساه يشربه في تمهل ويتجرعه.

(يتردى في نار جهنم) أي ينزل وأما جهنم فهو اسم لنار الآخرة وهي عجمية لا تنصرف للعجمة والتعريف وقال آخرون هي عربية لم تصرف للتأنيث والعلمية وسميت بذلك لبعد قعرها.

فقه الحديث
- فيه بيان غلظ تحريم قتل الإنسان نفسه.

- وفيه دليل على أن القصاص من القاتل يكون بما قتل به محدداً كان أو غيره؛ اقتداءً لعقاب الله تعالى لقاتل نفسه؛ قاله القاضي عياض -رحمه الله- في قوله -صلى الله عليه وسلم-: "من قتل نفسه بحديدة فحديدته في يده يتوجأ بها في بطنه".  

- وفيه أن المنتحر كافر إذا استحل عملية الانتحار.

قال الشيخ الألباني -رحمة الله تعالى عليه-: "نعم، ظاهر الحديث أن هذا فيمن يستحل الانتحار، فهو كما جاء في الحديث خالداً مخلداً فيها.

والكفر عندنا قسمان، كما يقول أهل العلم والتحقيق: كفر اعتقادي وكفر عملي، فمن فعل فعل الكفار واعترف بخطأ هذا الفعل آمن بأنه خطأ اتباعاً للشرع، ولكنه غلبه الهوى وغلبته النفس الأمارة بالسوء فكفره كفر عملي، أمَّا إذا اقترن به الاستحلال القلبي فهو الكفر الاعتقادي، وبه يخرج المسلم عن المِلَّة، فمثل هذا يُحمل على مَنْ كان كفره كفراً اعتقادياً، لأنه لا يخلد في النار إلا مَنْ كان كافراً مشركاً بالله تبارك وتعالى". 



أربعون حديثاً من أحاديث الآداب والأحكام  - صفحة 2 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49023
العمر : 72

أربعون حديثاً من أحاديث الآداب والأحكام  - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: أربعون حديثاً من أحاديث الآداب والأحكام    أربعون حديثاً من أحاديث الآداب والأحكام  - صفحة 2 Emptyالثلاثاء 29 يونيو - 22:50

27- إن الله يؤيد الدين بالرجل الفاجر:
عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيَّ -رضي الله عنه- قَالَ: "الْتَقَى رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- وَالْمُشْرِكُونَ يَوْمَ خَيْبَرَ فَاقْتَتَلُوا, فَلَمَّا مَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- إِلَى عَسْكَرِهِ", وَمَالَ الْآخَرُونَ إِلَى عَسْكَرِهِمْ -وَفِي أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- رَجُلٌ لَا يَدَعُ لَهُمْ شَاذَّةً وَلَا فَاذَّةً إِلَّا اتَّبَعَهَا يَضْرِبُهَا بِسَيْفِهِ- فَقَالَ رَجُلٌ: مَا أَجْزَأَ مِنَّا الْيَوْمَ أَحَدٌ كَمَا أَجْزَأَ فُلَانٌ, فَقَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: "أَمَا إِنَّهُ مِنْ أَهْلِ النَّارِ". فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ الْقَوْمِ: لَأَتَّبِعَنَّهُ فَلَمَّا حَضَرَ الْقِتَالُ خَرَجَ مَعَهُ, فَكَانَ كُلَّمَا وَقَفَ, وَقَفَ مَعَهُ, وَإِذَا أَسْرَعَ, أَسْرَعَ مَعَهُ, فَجُرِحَ الرَّجُلُ جُرْحًا شَدِيدًا؛ فَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَرَأَيْتَ الرَّجُلَ الَّذِي قُلْتَ إِنَّهُ مِنْ أَهْلِ النَّارِ؟, فَإِنَّهُ قَدْ قَاتَلَ فِي سَبِيلِ اللهِ الْيَوْمَ قِتَالًا شَدِيدًا وَقَدْ مَاتَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: "إِلَى النَّارِ", قَالَ: فَكَادَ بَعْضُ النَّاسِ أَنْ يَرْتَابَ, فَبَيْنَمَا هُمْ عَلَى ذَلِكَ إِذْ قِيلَ: إِنَّهُ لَمْ يَمُتْ, وَلَكِنَّ بِهِ جِرَاحًا شَدِيدًا، فَلَمَّا كَانَ مِنْ اللَّيْلِ لَمْ يَصْبِرْ عَلَى أَلَمِ الْجِرَاحِ ؛ فَاسْتَعْجَلَ الْمَوْتَ, فَوَضَعَ نَصْلَ سَيْفِهِ بِالْأَرْضِ, وَذُبَابَهُ بَيْنَ ثَدْيَيْهِ, ثُمَّ تَحَامَلَ عَلَى سَيْفِهِ حَتَّى خَرَجَ مِنْ بَيْنِ كَتِفَيْهِ فَاشْتَدَّ رِجَالٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ, صَدَّقَ اللهُ حَدِيثَكَ, انْتَحَرَ فُلَانٌ فَقَتَلَ نَفْسَهُ ؛ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: "اللهُ أَكْبَرُ, أَشْهَدُ أَنِّي عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ؛ (إِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ فِيمَا يَبْدُو لِلنَّاسِ وَإنَّهُ لَمِنْ أَهْلِ النَّارِ, وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ فِيمَا يَبْدُو لِلنَّاسِ, وَإنَّهُ لَمِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ.وَإِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالْخَوَاتِيمِ. ثُمَّ أَمَرَ بِلَالًا فَنَادَى بِالنَّاسِ: "إِنَّهُ لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلَّا نَفْسٌ مُسْلِمَةٌ".

وفي رواية: (قم يا فلان فأذن أنه لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلَّا مُؤْمِنٌ؛ إِنَّ اللهَ لَيُؤَيِّدُ هَذَا الدِّينَ بِالرَّجُلِ الْفَاجِرِ".

شرح غريب الحديث:
قَوْله: (وَفِي أَصْحَاب رَسُول الله، -صلى الله عليه وسلم- رجل)، واسْمه قزمان وَهُوَ مَعْدُود فِي الْمُنَافِقين، وَكَانَ تخلف يَوْم أحد فَعَيَّرَهُ النِّسَاء وقلن لَهُ: مَا أَنْت إِلَّا امْرَأَة، فَخرج فَكَانَ أول من رمى بِسَهْم ثمَّ كسر جفن سَيْفه. ونادى: يَا آل الْأَوْس قَاتلُوا على الأحساب، فَلَمَّا خرج مر بِهِ قَتَادَة بن النُّعْمَان فَقَالَ لَهُ: هَنِيئًا لَك الشَّهَادَة، فَقَالَ: إِنِّي وَالله مَا قَاتَلت على دين، مَا قَاتَلت إلاَّ على الْحفاظ، ثمَّ قتل نَفسه، فَقَالَ رَسُول الله، -صلى الله عليه وسلم-: إِن الله ليؤيد هَذَا الدّين بِالرجلِ الْفَاجِر.

قَوْله: (لَا يدع لَهُم شَاذَّة ولا فاذة) أي  لَا يبقي شَيْئا إِلَّا أَتَى عَلَيْهِ.

قَوْله: (وذبابه) ذُبَاب السَّيْف طرفه الَّذِي يضْرب بِهِ، وَقَالَ ابْن فَارس: ذُبَاب السَّيْف حَده.

قَوْله: (ثمَّ تحامل)، أَي: مَال، يُقَال: تحاملت على الشَّيْء إِذا تكلفت الشَّيْء على مشقته.

قَوْله: (فِيمَا يَبْدُو) أَي: فِيمَا يظْهر.

قَالَ الْكرْمَانِي: فَإِن قلت: الْقَتْل هُوَ مَعْصِيّة وَالْعَبْد لَا يكفر بالمعصية فَهُوَ من أهل الْجنَّة لِأَنَّهُ مُؤمن؟ قلت: لَعَلَّ رَسُول الله، -صلى الله عليه وسلم-، علم بِالْوَحْي أَنه لَيْسَ مُؤمنا، أَو أَنه سيرتد حَيْثُ يسْتَحل قتل نَفسه، أَو المُرَاد من كَونه من أهل النَّار: أَنه من العصاة الَّذين يدْخلُونَ النَّار ثمَّ يخرجُون مِنْهَا. انْتهى.

قلت: "لَو اطلع الْكرْمَانِي على أَنه كَانَ معدوداً فِي الْمُنَافِقين، أَو على قَوْله: ما قَاتَلت على دين، لما تكلّف بِهَذِهِ الترديدات".

فوائد الحديث
- فِيهِ: لَا يُقَال فلَان شَهِيد، يَعْنِي: على سَبِيل الْقطع، إلاَّ فِيمَا ورد بِهِ الْوَحْي.

وَقَالَ أبُو هُرَيْرَةَ عنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-: الله أعْلَمُ بِمَنْ يُجَاهِدُ فِي سَبِيلِ الله أعْلَمُ بِمَنْ يُكْلَمُ فِي سَبِيلِهِ.

- وَفِيه: صدق الْخَبَر عَمَّا يكون؛ وَخُرُوجه على مَا أخبر بِهِ الشَّارِع، وَهُوَ من عَلَامَات النُّبُوَّة.

- وَفِيه: زِيَادَة تطمين فِي قُلُوب الْمُؤمنِينَ، أَلاَ ترى أَن الرجل حِين رأى أَنه قتل نَفسه، قَالَ:
حين أخبر بِهِ الرَّسُول -صلى الله عليه وسلم-: أشهد أَنَّك لرَسُول الله.

- وَفِيه: أَن الاعتبار بالخواتيم وبالنيات.

ويؤيده حديث أنس أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "لا عليكم أن لا تعجبوا بأَحَد، حتى تنظروا بم يُختم له، فإن العامل يعمل زماناً من عمره، أو برهة من دهره، بعمل صالح، لو مات عليه دخل الجنة، ثم يتحول فيعمل عملاً سيئاً، وإن العبد ليعمل البرهة من دهره بعمل سيئ، لو مات عليه دخل النار، ثم يتحول فيعمل عملاً صالحاً، وإذا أراد الله بعبد خيراً استعمله قبل موته"، قالوا: يا رسول الله وكيف يستعمله؟ قال: "يوفقه لعمل صالح، ثم يقبضه عليه".

- وَفِيه: أَن الله يُؤَيّد دينه بِالرجلِ الْفَاجِر.

- وفِيهِ التَّحْذِير مِنْ الِاغْتِرَار بالعمَلِ، وَأَنَّهُ يَنْبَغِي لِلْعَبْدِ أَنْ لَا يَتَّكِل عَلَيْه وَلَا يَرْكَن إِلَيْه, مَخَافَةً مِنْ اِنْقِلَاب الْحَال, لِلْقَدَرِ السَّابِقِ مِنَ اللهِ, وَكَذَا يَنْبَغِي لِلْعَاصِي أَنْ لَا يَقْنَط, وَيَنْبَغِي لِغَيْرِهِ أَنْ لَا يُقَنِّطَهُ مِنْ رَحْمَةِ الله تَعَالَى.  

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: “لَوْ يَعْلَمُ الْمُؤْمِنُ مَا عِنْدَ اللَّهِ مِنَ الْعُقُوبَةِ مَا طَمِعَ بِجَنَّتِهِ أَحَدٌ وَلَوْ يُعْلَمُ الْكَافِرُ مَا عِنْدَ اللَّهِ مِنَ الرَّحْمَةِ مَا قَنَطَ من جنته أحد”.
 
- وفيه أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلَّا نَفْسٌ مُسْلِمَةٌ.

- فيه غلظ تحريم قتل الإنسان نفسه.

قال -صلى الله عليه وسلم-: “مَنْ تَرَدَّى مِنْ جَبَلٍ فَقَتَلَ نَفْسَهُ، فَهُوَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ يَتَرَدَّى فِيهِ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا، وَمَنْ تَحَسَّى سُمًّا فَقَتَلَ نَفْسَهُ، فَسُمُّهُ فِي يَدِهِ يَتَحَسَّاهُ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا، وَمَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِحَدِيدَةٍ، فَحَدِيدَتُهُ فِي يَدِهِ يَجَأُ بِهَا فِي بَطْنِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا”.
 
قال ابن رجب الحنبلي:
وقوله: (فيما يبدو للناس) إشارةٌ إلى أنَّ باطنَ الأمر يكونُ بخلافِ ذلك، وإنَّ خاتمة السُّوءِ تكونُ بسبب دسيسةٍ باطنة للعبد لا يطلع عليها الناس، إما من جهة عمل سيئ ونحو ذلك، فتلك الخصلة الخفية توجب سُوءَ الخاتمة عند الموت، وكذلك قد يعمل الرجلُ عملَ أهل النَّارِ وفي باطنه خصلةٌ خفيةٌ من خصال الخير، فتغلب عليه تلكَ الخصلةُ في آخر عمره، فتوجب له حسنَ الخاتمة.

وهذا ما أشار إليه ابن حجر حيث قال في هذه النازلة: "هو محمول على المنافق والمرائي".

قَالَ الْمُهَلَّبُ: هَذَا الرَّجُلُ مِمَّنْ أَعْلَمَنَا النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- أَنَّهُ نَفَذَ عَلَيْهِ الْوَعِيدُ مِنْ الْفُسَّاقِ, وَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ أَنَّ كُلَّ مَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ يُقْضَى عَلَيْهِ بِالنَّارِ.

وَقَالَ ابْنُ التِّينِ: يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ: "هُوَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ" أَيْ: إِنْ لَمْ يَغْفِرْ اللهُ لَهُ.

ومن نظائره: من يصنِّف, أو يدرِّلس, أو يُعَلم, أو يتعلم, أو يؤذن, أو يؤم, أو يأتم, وأمثال ذلك, كمن يبني مسجدا, أو مدرسة, لغرضٍ فاسد, وقصدٍ كاسد, مما يكون سببًا لِنِظَام الدين, وقِوَامِ المسلمين, وصاحبُه من جملة المحرومين, جعلنا الله تعالى من المُخْلِصين, بل من المُخْلَصين. 



أربعون حديثاً من أحاديث الآداب والأحكام  - صفحة 2 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49023
العمر : 72

أربعون حديثاً من أحاديث الآداب والأحكام  - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: أربعون حديثاً من أحاديث الآداب والأحكام    أربعون حديثاً من أحاديث الآداب والأحكام  - صفحة 2 Emptyالثلاثاء 29 يونيو - 22:58

28- ما نقص مال عبد من صدقة:
عن أَبي كَبْشَةَ الأَنَّمَارِيّ، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ: "ثَلاَثَةٌ أُقْسِمُ عَلَيْهِنَّ وَأُحَدِّثُكُمْ حَدِيثًا فَاحْفَظُوهُ قَالَ: مَا نَقَصَ مَالُ عَبْدٍ مِنْ صَدَقَةٍ، وَلاَ ظُلِمَ عَبْدٌ مَظْلِمَةً فَصَبَرَ عَلَيْهَا إِلاَّ زَادَهُ اللَّهُ عِزًّا، وَلاَ فَتَحَ عَبْدٌ بَابَ مَسْأَلَةٍ إِلاَّ فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ بَابَ فَقْرٍ أَوْ كَلِمَةً نَحْوَهَا، وَأُحَدِّثُكُمْ حَدِيثًا فَاحْفَظُوهُ قَالَ: إِنَّمَا الدُّنْيَا لأَرْبَعَةِ نَفَرٍ، عَبْدٍ رَزَقَهُ اللَّهُ مَالاً وَعِلْمًا فَهُوَ يَتَّقِي فِيهِ رَبَّهُ، وَيَصِلُ فِيهِ رَحِمَهُ، وَيَعْلَمُ لِلَّهِ فِيهِ حَقًّا، فَهَذَا بِأَفْضَلِ الْمَنَازِلِ، وَعَبْدٍ رَزَقَهُ اللَّهُ عِلْمًا وَلَمْ يَرْزُقْهُ مَالاً فَهُوَ صَادِقُ النِّيَّةِ يَقُولُ: لَوْ أَنَّ لِي مَالاً لَعَمِلْتُ بِعَمَلِ فُلاَنٍ فَهُوَ بِنِيَّتِهِ فَأَجْرُهُمَا سَوَاءٌ، وَعَبْدٍ رَزَقَهُ اللَّهُ مَالاً وَلَمْ يَرْزُقْهُ عِلْمًا، فَهُوَ يَخْبِطُ فِي مَالِهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ لاَ يَتَّقِي فِيهِ رَبَّهُ، وَلاَ يَصِلُ فِيهِ رَحِمَهُ، وَلاَ يَعْلَمُ لِلَّهِ فِيهِ حَقًّا، فَهَذَا بِأَخْبَثِ الْمَنَازِلِ، وَعَبْدٍ لَمْ يَرْزُقْهُ اللَّهُ مَالاً وَلاَ عِلْمًا فَهُوَ يَقُولُ: لَوْ أَنَّ لِي مَالاً لَعَمِلْتُ فِيهِ بِعَمَلِ فُلاَنٍ فَهُوَ بِنِيَّتِهِ فَوِزْرُهُمَا سَوَاءٌ".
 
شرح غريب الحديث:
("ولا فتح عبد") أي: على نفسه.

("باب مسألة") أي: باب سؤال وطلب من الناس لا لحاجة وضرورة، بل لقصد غنى وزيادة.

("إلا فتح الله عليه باب فقر") أي: باب احتياج آخر وهلم جرا.
 
فقه الحديث:
- قوله: “ما نقص مال عبد من صدقة”. يشهد له قوله تعالى: (وَمَا أَنفَقْتُم مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ) (سبأ (39)).

- قوله: “ولا ظلم عبد مظلمة فصبر عليها إلا زاده الله عزًّا”، يشهد له قوله تعالى: (وَلَمَن صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الأُمُورِ) (الشورى (43)).

- قوله: “ولا فتح عبد باب مسألة إلا فتح الله عليه باب فقر” وهذا مشاهد بالحس ويشهد له قوله تعالى (يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَاء إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ) (فاطر (15)).

- قوله: “إنما الدنيا لأربعة...“ إلخ:
فالأول: عَلِمَ وعَمِلَ صالحًا.
والثاني: عَلِمَ وعزم على العمل الصالح لو قدر، فأجرهما سواء.
والثالث: لم يعْلَمْ ولم يعمَلْ في ماله صالحًا.
والرابع: لم يعلَمْ وعزم على العمل السيِّئ، لو قدر على مال فوزهما سواء.

وقال بعض العارفين:

أربعة تعجبت من شأنهم...     ... فالعينُ في فكرتهم ساهرة...
فواحد دنياه مبسوطة...         ... قد أوتي الدنيا مع الآخرة...
وآخر دنياه مقبوضة...         ... وبعدها آخرة وافرة...
وثالث دنياه مبسوطة...         ... ليست له من بعده آخرة...
ورابع أسقط من بينهم...         ... ليست له دنيا ولا آخرة...

قال الله تعالى: (انظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَلَلآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلاً) (الإسراء (21)).

- وفي الحديث: إيماء إلى أن العلم رزق أيضاً، وأن الله تعالى هو الذي يرزق العلم والمال، وبتوفيقه وفتحه يفتح باب الكمال، وقد ورد في حديث: “إن علماً لا يقال به ككنز لا ينفق منه”، فيدخل العلماء ولو كانوا فقراء في قوله تعالى: (ومما رزقناهم ينفقون) (البقرة: 3).

- ثم فيه إشعار بأن المُراد بالمال هنا ما يزيد على قدر ضرورة الحال: ("فهو يتقي فيه") أي: في المال: ("ربه") بأن لا يصرف ماله في معصية خالقه: ("ويصل رحمه") أي: بالمواساة إلى أقاربه: (ويعمل لله فيه) أي: في العلم: ("بحقه").



أربعون حديثاً من أحاديث الآداب والأحكام  - صفحة 2 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49023
العمر : 72

أربعون حديثاً من أحاديث الآداب والأحكام  - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: أربعون حديثاً من أحاديث الآداب والأحكام    أربعون حديثاً من أحاديث الآداب والأحكام  - صفحة 2 Emptyالثلاثاء 29 يونيو - 23:04

29 - الإِمَام يصرف الْأَمْوَال فِي مصَالح الْمُسلمين الأهم فالأهم:
عَنْ سَعْدٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- أَعْطَى رَهْطًا وَسَعْدٌ جَالِسٌ، فَتَرَكَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- رَجُلًا هُوَ أَعْجَبُهُمْ إِلَيَّ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا لَكَ عَنْ فُلاَنٍ فَوَاللَّهِ إِنِّي لَأَرَاهُ مُؤْمِنًا، فَقَالَ: “أَوْ مُسْلِمًا” فَسَكَتُّ قَلِيلًا، ثُمَّ غَلَبَنِي مَا أَعْلَمُ مِنْهُ، فَعُدْتُ لِمَقَالَتِي، فَقُلْتُ: مَا لَكَ عَنْ فُلاَنٍ؟ فَوَاللَّهِ إِنِّي لَأَرَاهُ مُؤْمِنًا، فَقَالَ: “أَوْ مُسْلِمًا”. ثُمَّ غَلَبَنِي مَا أَعْلَمُ مِنْهُ فَعُدْتُ لِمَقَالَتِي، وَعَادَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-، ثُمَّ قَالَ: “يَا سَعْدُ إِنِّي لَأُعْطِي الرَّجُلَ، وَغَيْرُهُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْهُ، خَشْيَةَ أَنْ يَكُبَّهُ اللَّهُ فِي النَّارِ”.
 
شرح غريب الحديث
(رهطاً) ما دون العشرة من الرجال.

(رجلاً) هو جعيل بن سراقة الضمري.

(أعجبهم إلي) أفضلهم وأصلحهم في اعتقادي.

(ما لك عن فلان) ما سبب عدولك عنه إلى غيره وفلان كناية عن اسم أبهم بعد أن ذكر أو سمي به المحدث عنه الخاص.

(أو مسلماً) أي: بل قل (مسلماً) بدل (مؤمناً) لأنك تعلم ظاهر أمره ولا تعلم حقيقة حاله وليس لك أن تجزم بهذا.

(غلبني) حملني على القول ثانية.

(يكبه) يلقيه منكوساً على وجهه.

فقه الحديث
بَيَان استنباط الأحكام: وَهُوَ على وُجُوه.
- الأول: فِيهِ جَوَاز الشَّفَاعَة، إِلَى وُلَاة الْأَمر وَغَيرهم.

- الثَّانِي: فِيهِ مُرَاجعَة الْمَشْفُوع إِلَيْهِ فِي الْأَمر الْوَاحِد إِذا لم يؤد إِلَى مفْسدَة.

- الثَّالِث: فِيهِ الْأَمر بالتثبت وَترك الْقطع بِمَا لَا يعلم فِيهِ الْقطع.

- الرَّابِع: فِيهِ أَن الإِمَام يصرف الْأَمْوَال فِي مصَالح الْمُسلمين الأهم فالأهم.

- الْخَامِس: فِيهِ أَن الْمَشْفُوع إِلَيْهِ لَا عَتَب عَلَيْهِ إذا رد الشَّفَاعَة إذا كَانَت خلاف الْمصلحَة.

- السَّادِس: فِيهِ أَنه يَنْبَغِي أَن يعْتَذر إِلَى الشافع وَيبين لَهُ عذره فِي ردهَا.

- السَّابِع: فِيهِ أَن الْمَفْضُول يُنَبه الْفَاضِل على مَا يرَاهُ مصلحَة لينْظر فِيهِ الْفَاضِل.

- الثَّامِن: فِيهِ أَنه لَا يقطع لأحد على التَّعْيِين بِالْجنَّةِ إلاَّ من ثَبت فِيهِ النَّص، كالعشرة المبشرة بِالْجنَّةِ.

- التَّاسِع: فِيهِ أَن الْإِقْرَار بِاللِّسَانِ لَا ينفع إلاَّ إِذا اقْترن بِهِ الِاعْتِقَاد بِالْقَلْبِ، وَعَلِيهِ الْإِجْمَاع، وَلِهَذَا كفر المُنَافِقُونَ.

- الْعَاشِر: فِيهِ دَلِيل على جَوَاز الْحلف على الظَّن، وَهِي: يَمِين اللَّغْو، وَهُوَ قَول مَالك وَالْجُمْهُور.

وَيمِين اللَّغْو هِيَ كما قَالَ الشَّافِعِي: أَن يسْبق لِسَانه إِلَى الْيَمين من غير أَن يقْصد الْيَمين، كَقَوْل الْإِنْسَان: لَا وَالله وبلى وَالله وَاسْتدلَّ بِمَا رُوِيَ عَن عائشةِ -رَضِي الله عَنْهَا-، مَرْفُوعاً: (إِن لَغْو الْيَمين قَول الْإِنْسَان لَا وَالله وبلى وَالله).

وَأمَّا الْمَشْهُور عِنْد أَصْحَابنَا أَن: لَغْو الْيَمين هُوَ الْحلف على أَمر يَظُنّهُ كَمَا قَالَ، وَالْحَال أَنه خِلَافه.

- الْحَادِي عشر: قَالَ القَاضِي عِيَاض: هَذَا الحَدِيث أصح دَلِيل على الْفرق بَين الْإِسْلَام وَالْإِيمَان، وان الْإِيمَان بَاطِن وَمن عمل الْقلب، وَالْإِسْلَام ظَاهر وَمن عمل الْجَوَارِح، لَكِن لَا يكون مُؤمن إلاَّ مُسلما، وَقد يكون مُسلم غير مُؤمن، وَلَفظ هَذَا الحَدِيث يدل عَلَيْهِ.

وَقَالَ الْخطابِيّ: هَذَا الحَدِيث ظَاهره يُوجب الْفرق بَين الْإِسْلَام وَالْإِيمَان، فَيُقَال لَهُ: مُسلم، أَي: مستسلم، وَلَا يُقَال لَهُ: مُؤمن، وَهُوَ معنى الحَدِيث.

قَالَ الله تَعَالَى: (قل لم تؤمنوا وَلَكِن قُولُوا أسلمنَا) (الحجرات: 14) أَي: استسلمنا.

وَقد يتفقان فِي اسْتِوَاء الظَّاهِر وَالْبَاطِن، فَيُقَال للْمُسلمِ: مُؤمن، وللمؤمن: مُسلم.

وذلك إذا افترقا.

أمَّا إذا اجتمعا –كما في هذا الحديث وفي حديث جبريل عليه السلام– فالإيمان باطني والإسلام ظاهري.

- وفِيهِ النَّهْي عَن الْقطع بِالْإِيمَان لِأَنَّهُ بَاطِن لَا يَعلمهُ إلاَّ الله، وَالْإِسْلَام مَعْلُوم بِالظَّاهِرِ.

- وفيه الرد على غلاة المرجئة في اكتفائهم في الإيمان بنطق اللسان.

- وأن الإسرار بالنصيحة أولى من الإعلان كما ستأتي الإشارة إليه في كتاب الزكاة (من صحيح البخاري) فقمت إليه فساررته.

وقد يتعين إذا جر الإعلان إلى مفسدة.

- وفيه أن من أشير عليه بما يعتقده المشير مصلحة لا ينكر عليه بل يبين له وجه الصواب.

- وفيه الاعتذار إلى الشافع إذا كانت المصلحة في ترك إجابته وأن لا عيب على الشافع إذا ردت شفاعته لذلك.

- وفيه استحباب ترك الإلحاح في السؤال كما استنبطه المؤلف (يعني البخاري) منه في الزكاة.



أربعون حديثاً من أحاديث الآداب والأحكام  - صفحة 2 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49023
العمر : 72

أربعون حديثاً من أحاديث الآداب والأحكام  - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: أربعون حديثاً من أحاديث الآداب والأحكام    أربعون حديثاً من أحاديث الآداب والأحكام  - صفحة 2 Emptyالثلاثاء 29 يونيو - 23:09

30- مقام الإِمام عند صلاة الجنازة على المرأة:
عن سمرة بن جندب -رضي الله عنه- قال:"صَلّيْتُ وراء النبي -صلى الله عليه وسلم- على امرأةٍ ماتت في نفاسها فقام وسطها".
 
شرح غريب الحديث
"النفاس" بكسر النون هو الدم الخارج بعد الولد، مأخوذ من النفس وهو الدم أو من التنفس وهو التشقق والانصداع، وأنه يخرج عقب النفس، وليس هذا مُراداً بقوله: "ماتت في نفاسها" بل المُراد: ماتت قبل خروج الولد في نفاسها، وعلى هذا تأوله بعض من منع القيام على جنازة المرأة في وسطها، وقال: إنما قام -عليه الصلاة والسلام- وسط هذه المرأة من أجل جنينها حتى يكون أمامه.

"فقام وسْطها" هو بسكون السين، هكذا الرواية فيه وكذا قيده الحفاظ، وقيده بعضهم بالفتح أيضاً، وعلى الإِسكان اقتصر النووي في "شرح مسلم".

فقه الحديث
- في هذا الحديث مشروعية مقام الإِمام عند صلاة الجنازة على المرأة.

"السُّنَّةُ إذا صَلّى الإمام على المرأة يقوم حيال وسطها، حيال عَجيزتها، وإذا صَلّى على الرجل يقوم حيال رأسه، هذا السُّنَّة، أمَّا قول بعض الفقهاء: يقوم حيال صدرها فلا دليل عليه، وإنما السُّنَّةُ أن يقوم عند رأس الرجل وعند وسَطِ المرأة، هذا هو السُّنَّة، والناس خلفه، إلا أن يكون واحداً فيكون عن يمينه، أمَّا إذا كانوا جماعة اثنين أو أكثر يقومون خلفه".  

- الخنثى كالمرأة.

- أجمع العلماء على أنه لا يقوم ملاصقاً للجنازة، وأنه لا بد من فرجة بينهما.

- في هذا الحديث إثبات الصلاة على النفساء وإن كانت شهيدة.

وعن الحسن: أنه لا يُصَلَّى على النفساء تموت من زنا ولا ولدها، قاله قتادة في ولدها.

- فيه أيضاً أن السُّنَّةَ أن يقف الإِمام عند عَجيزة المرأة.

- فيه أن موقف المأموم في صلاة الجنازة وراء الإِمام. 



أربعون حديثاً من أحاديث الآداب والأحكام  - صفحة 2 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49023
العمر : 72

أربعون حديثاً من أحاديث الآداب والأحكام  - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: أربعون حديثاً من أحاديث الآداب والأحكام    أربعون حديثاً من أحاديث الآداب والأحكام  - صفحة 2 Emptyالخميس 1 يوليو - 5:27

31 - أَحَبُّ الأعمالِ  إلَى اللَّهِ -عز وجل-:
- عن أبي عمرو الشيباني -واسمه سعد بن إياس- قال: حدثني صاحب هذه الدار ــوأشار بيده إلي دار عبد اللَّه بن مسعود -رضي الله عنه- قال: “سَأَلْتُ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم-: أَيُّ الأعمالِ  أَحَبُّ إلَى اللَّهِ -عز وجل-؟ قَالَ: “الصَّلاةُ عَلَى وَقْتِهَا”، قُلْتُ: ثُمَّ أَيٌّ؟ قَالَ: “بِرُّ الْوَالِدَيْنِ”، قُلْتُ: ثُمَّ أَيٌّ؟ قَالَ: “الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ”، قَالَ: حَدَّثَنِي بِهِنَّ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-، وَلَوْ اسْتَزَدْتُهُ لَزَادَنِي”.

شرح غريب الحديث
أي العمل: المتعلق بالجوارح لئلا يتعارض مع حديث أبي هريرة المرفوع "أفضل الأعمال إيمان بالله" الحديث.

ثم أي: بالتنوين وعدمه.

بر الوالدين: الإحسان إليهما والمحافظة على حقوقهما.

الجهاد: محاربة الكفار.

في سبيل الله: في طريق التقرب إلى الله وإعلاء كلمته.

استزدته: طلبت منه الزيادة.

فقه الحديث
1 - تنزيل الإشارة منزلة التصريح باسم المشار إليه إذا كانت مميزة له عن غيره.

2 - أن أعمال البر يفضل بعضها على بعض.

3 - السؤال عن مسائل شتى في وقت واحد.

4 - فضل الصلاة في وقتها وهو مقصود الباب.

5 - تعظيم الوالدين.

6 - فضل الجهاد في سبيل الله ومرتبته في الدين عظيمة فإِنه وسيلة إلى إعلان الإيمان ونشره وإخمال الكفر ودحضه.

7- قوله -عليه الصلاة والسلام-: "الصلاة على وقتها" ليس له فيها ما يقتضي تفضيل أول الوقت على غيره، بل المقصود منه الاحتراز عن إخراج الصلاة عن وقتها المشروع لئلا تصير قضاء.

نعم، صح في ابن خزيمة وابن حبان والحاكم: "الصلاة لأول وقتها" وهو ظاهر في الاستدلال على فضيلة التقديم، وما ذكرناه من أنه ليس في الحديث ما يقتضي ذلك.

قاله الشيخ تقي الدين.

7 - السؤال عن طلب الأفضل لتشتد المحافظة عليه، فإن العبد مأمور بتزيل الأشياء منازلها؛ فيقدم الأفضل على الفاضل طلبًا للدرجة العليا.

8- اعلم أن الأحاديث قد اختُلفت في أفضل الأعمال وتقديم بعضها على بعض.

ففي هذا الحديث قدم الصلاة، ثم بر الوالدين، ثم الجهاد، وفي حديث أبي هريرة تقديم الإِيمان ثم الجهاد ثم الحج المبرور.

وذكر في حديث أبي ذر:
الإِيمان والجهاد وفي حديث عبد الله بن عمر: "وأيّ الإِسلام خير؟ قال: "تطعم الطعام وتقرأ السلام على مَنْ عرفت ومَنْ لم تعرف".

وفي حديث أبي موسى وعبد الله بن عمرو:
"أي الإِسلام خير؟ قال: "مَنْ سَلِمَ المسلمون من لسانه ويده".

وصح من حديث عثمان:
"خيركم من تعلم القرآن وعلمه".

وغير ذلك من الأحاديث.

والذي قيل في الجمع بينها:
أنها أجوبة مخصوصة لسائل مخصوص بالنسبة إلى حاله، أو وقته أو بالنسبة إلى عموم ذلك الحال والوقت أو بالنسبة إلى المخاطبين بذلك أو من هو في مثل حالهم ولو خوطب بذلك الشجاع لقيل له: الجهاد، أو الغني لقيل له: الصدقة أو الجبان الفقير لقيل له: البر أو الذكر أو الفَطِن لقيل له: العلم أو الحديد الخلق لقيل له: لا تغضب وهكذا في حق جميع أحوال الناس وقد يكون الأفضل في حق قوم أو شخص مخالفًا للأفضل في حق آخرين بحسب المصلحة اللائقة بالوقت أو الحال أو الشخص". 



أربعون حديثاً من أحاديث الآداب والأحكام  - صفحة 2 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49023
العمر : 72

أربعون حديثاً من أحاديث الآداب والأحكام  - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: أربعون حديثاً من أحاديث الآداب والأحكام    أربعون حديثاً من أحاديث الآداب والأحكام  - صفحة 2 Emptyالخميس 1 يوليو - 5:30

32- تقديم صلاة الفجر في أول وقتها والتغليس بها:
عن عائشة قالت: “لَقَدْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يُصَلِّي الْفَجْرَ، فَيَشْهَدُ مَعَهُ نِسَاءٌ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ مُتَلَفِّعَاتٍ بِمُرُوطِهِنَّ، ثُمَّ يَرْجِعْنَ إلَى بُيُوتِهِنَّ مَا يَعْرِفُهُنَّ أَحَدٌ، مِنَ الْغَلَسِ".

غريب الحديث:
فيشهد: فيحضر.

متلفعات: ملتحفات.

بمروطهن: المروط أكسية معلمة تكون من خز وتكون من صوف.

ما يعرفهن أحد: لا يظهر إلا أشباحهن خاصة.

من الغلس: اختلاط ضياء الصبح بظلمة الليل.

فقه الحديث
1 - تقديم صلاة الفجر في أول وقتها والتغليس بها.

وحديث الإسفار بالفجر محمول على تحقق طلوع الفجر.

2 - جواز خروج النساء إلى المساجد لشهود الصلاة في الليل وأُخِذ منه جوازه نهارًا بالأولى لأن الليل مظنة الريبة أكثر ومحل ذلك ما إذا لم يخش عليهن أو بهن فتنة. 



أربعون حديثاً من أحاديث الآداب والأحكام  - صفحة 2 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49023
العمر : 72

أربعون حديثاً من أحاديث الآداب والأحكام  - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: أربعون حديثاً من أحاديث الآداب والأحكام    أربعون حديثاً من أحاديث الآداب والأحكام  - صفحة 2 Emptyالخميس 1 يوليو - 5:36

33 – أكبر الكبائر:
عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ، عَنْ أَبِيهِ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-: “أَلاَ أُنَبِّئُكُمْ بِأَكْبَرِ الكَبَائِرِ؟“: “أَلَا أُنَبِّئُكُمْ بِأَكْبَرِ الْكَبَائِرِ؟” قُلْنَا: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: الْإِشْرَاكُ بِاللَّهِ، وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ، وَكَانَ مُتَّكِئًا فَجَلَسَ، فَقَالَ: “أَلَا وَقَوْلُ الزُّورِ، أَلَا وَقَوْلُ الزُّورِ، وَشَهَادَةُ الزُّورِ”.

فقه الحديث:
1- تقسيم الذنوب إلى كبائر وصغائر، ويدل له أيضاً قوله تعالى: (إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيمًا) (النساء: 31)

2- اختلف العلماء في تمييز الكبيرة من الصغيرة.

وأحسن ما حُدَّتْ به الكبيرة ما قاله شيخ الإسلام  ابن تيمية:
(إنها ما فيه حَد في الدنيا، أو وعيد في الآخرة، أو ختم بلعنة، أو غضب، أو نفي إيمان، أو نفي  دخول جنة) فهو الكبيرة.

3- أن أعظم الذنوب الشرك بالله، لأنه جعله صدر الكبائر وقد قال تعالى: (إنَّ اللهَ لَا يَغْفِرُ أن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَادُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ) (النساء: 48؛ 116).

وهل هنا أشد من جحد نعم الرب تبارك وتعالى، بصرف شيء من عبادته إلى غيره؟!

4- عِظَمِ حُقُوق الوالدين، إذ قرن حقهما بحق الله تعالى.

وقد ذكر الله تعالى حقهما مع حقه في كثير من مواضع القرآن الكريم: (أن اشكر لي وَلِوَاِلدَيْكَ) (لقمان: 14)، (وَقَضَى ربكَ أن لا تَعْبدوا إلا إيَّاهُ وبالوالدين إحسانًا) (الإسراء: 23)، إلى غير ذلك من الآيات.

5- خطر شهادة الزور وقول الزور وتحريمه، فقد اهتمَّ بهما النبي -صلى الله عليه وسلم- باعتدال هيئته، وتكرير التحذير منهما، لِمَا فيهما من المفاسد العظيمة، من قطع حق صاحب الحق، وإدخال الظلم على المشهود له، والكذب، والبهتان، وتضليل القضاة، فيحكموا بما هو خلاف الحق في الباطن، إلى غير ذلك من المفاسد العظمى.

6- اهتمَّ النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- لشهادة الزور، لأن الناس يتساهلون فيها فيجترئون عليها أكثر مما يجترئون على غيرها من المعاصي.

7- نصح النبي -صلى الله عليه وسلم- وتبليغه لأمته كل ما ينفعهم، وتحذيره مما يضرهم.
فصلوات الله وسلامه عليه.

8- حُسن تعليمه -صلى الله عليه وسلم- حينما ألقى عليهم هذه المسائل المهمة بطريق التنبيه، ليكون أعلق في أذهانهم، وأرسخ في قلوبهم.

9- يُرَادُ بعُقُوق الوالدين، كل ما يكرهان من الأقوال والأفعال.

والنهىُ عن عقوقهما، يستلزم برهما، وهو القيام بما يحبانه- غير معصية الله- والبر بهما في الحياة وبعد وفاتهما.

وجاء النَهيُ عن عقوقهما بأقل مراتبه -وهو التأفف- إشارة إلى ما فوقه من أنواع الأذى.



أربعون حديثاً من أحاديث الآداب والأحكام  - صفحة 2 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49023
العمر : 72

أربعون حديثاً من أحاديث الآداب والأحكام  - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: أربعون حديثاً من أحاديث الآداب والأحكام    أربعون حديثاً من أحاديث الآداب والأحكام  - صفحة 2 Emptyالخميس 1 يوليو - 6:00

34- الخطبة يوم الجمعة لا تمنع الداخل من صلاة تحية المسجد:

عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ -رضي الله عنهما-، قَالَ: جَاءَ سُلَيْكٌ الْغَطَفَانِيُّ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَرَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- يَخْطُبُ، فَجَلَسَ، فَقَالَ لَهُ: “يَا سُلَيْكُ قُمْ فَارْكَعْ رَكْعَتَيْنِ، وَتَجَوَّزْ فِيهِمَا“ ثُمَّ قَالَ: “إِذَا جَاءَ أَحَدُكُمْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ، فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ، وَلْيَتَجَوَّزْ فِيهِمَا”.


شرح غريب الحديث

رجل: (وذلك في رواية البخاري) هو سليك الغطفاني.


صلّيت: بحذف همزة الاستفهام وثبتت في رواية الأصيلي.


فقه الحديث:

1 - أن الخطبة لا تمنع الداخل من صلاة تحية المسجد، وأصرح منه حديث مسلم بلفظ: "إذا جاء أحدكم يوم الجمعة والإمام يخطب فليركع ركعتين وليتجوَّز فيهما".


فإنه نَصٌ لا يتطرَّق إليه التأويل.


2 - أن التحية لا تفوت بالقعود؛ لكن قيد ذلك بعضهم بالجاهل أو الناسي.


3 - على الخطيب أن يبين في خطبته الأحكام المحتاجة إليها لأن ذلك يُعَدُّ من الخطبة.


4 - أن تحية المسجد ركعتان.



أربعون حديثاً من أحاديث الآداب والأحكام  - صفحة 2 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49023
العمر : 72

أربعون حديثاً من أحاديث الآداب والأحكام  - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: أربعون حديثاً من أحاديث الآداب والأحكام    أربعون حديثاً من أحاديث الآداب والأحكام  - صفحة 2 Emptyالخميس 1 يوليو - 6:06

35- زوج المرضعة بمنزلة الوالد للرضيع وأخاه بمنزلة العم:
عن عائشة -رضي الله تعالى عنها- قالت: اسْتَأْذَنَ عَلَيَّ أَفْلَحُ أَخُو أَبِي القُعَيْسِ بَعْدَمَا أُنْزِلَ الحِجَابُ، فَقُلْتُ: لاَ آذَنُ لَهُ حَتَّى أَسْتَأْذِنَ فِيهِ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم-، فَإِنَّ أَخَاهُ أَبَا القُعَيْسِ لَيْسَ هُوَ أَرْضَعَنِي، وَلَكِنْ أَرْضَعَتْنِي امْرَأَةُ أَبِي القُعَيْسِ، فَدَخَلَ عَلَيَّ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-، فَقُلْتُ لَهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أَفْلَحَ أَخَا أَبِي القُعَيْسِ اسْتَأْذَنَ فَأَبَيْتُ أَنْ آذَنَ لَهُ حَتَّى أَسْتَأْذِنَكَ، فَقَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-: “وَمَا مَنَعَكِ أَنْ تَأْذَنِي عَمُّكِ؟“، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ الرَّجُلَ لَيْسَ هُوَ أَرْضَعَنِي، وَلَكِنْ أَرْضَعَتْنِي امْرَأَةُ أَبِي القُعَيْسِ، فَقَالَ: “ائْذَنِي لَهُ فَإِنَّهُ عَمُّكِ تَرِبَتْ يَمِينُكِ” قَالَ عُرْوَةُ: فَلِذَلِكَ كَانَتْ عَائِشَةُ تَقُولُ: “حَرِّمُوا مِنَ الرَّضَاعَةِ مَا تُحَرِّمُونَ مِنَ النَّسَبِ”.

شرح غريب الحديث
أفلح: بفتح الهمزة وسكون الفاء وفتح اللام بعدها حاء مهملة صحابي.

تربت يمينك: افتقرت يمينك، والعرب تدعو على الرجل ولا تريد وقوع الأمر به.. كَمَا يَقُولُونَ قَاتَلَهُ اللَّهُ.

وَقِيلَ مَعْنَاهَا لِلَّهِ دَرُّك.

وَقِيلَ أَرَادَ بِهِ المَثَل ليَري المأمُورُ بِذَلِكَ الجدَّ وَأَنَّهُ إِنْ خَالَفَهُ فَقَدْ أَسَاءَ.

وَمنه: “عليكَ بِذَات الدِّينِ تَرِبَتْ يدَاك” تَرِبَ الرجُل، إِذَا افْتَقَر، أَيْ لَصِق بالتُّراب".

فقه الحديث:
1 - أن مَنْ شَكَّ في حُكم يتوقف عن العمل حتى يسأل عن الحكم مَنْ يعلمه.

2 - جواز التسمية بـ "أفلح".

3 - أن لبن الفحل يُحَرِّم فتنتشر الحرمة لمن ارتضع الصغير بلبنه فلا تحل له بنت زوج المرأة التي أرضعته من غيرها.

4 - أن زوج المُرضعة بمنزلة الوالد للرضيع وأخاه بمنزلة العم.

5 - وجوب احتجاب المرأة من الرجال الأجانب.



أربعون حديثاً من أحاديث الآداب والأحكام  - صفحة 2 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49023
العمر : 72

أربعون حديثاً من أحاديث الآداب والأحكام  - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: أربعون حديثاً من أحاديث الآداب والأحكام    أربعون حديثاً من أحاديث الآداب والأحكام  - صفحة 2 Emptyالخميس 1 يوليو - 6:13

36 – حث الشباب القادر على مؤنة النكاح على النكاح:
عَنْ عَبْدِ الله بن مَسْعُودٍ -رَضيَ الله عَنْهُ- قَالَ: قالَ رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: "يَا مَعْشَرَ الشباب، مَن استطاع مِنْكُمُ البَاءةَ فلْيَتزَوَّج، فَإنه أغَضُّ لِلبَصَرِ، وَأحْصَنُ لِلْفَرْجِ وَمَنْ لَمْ يستطع فعَليهِ بالصَّوم، فَإنَّهُ لَهُ وِجَاء".
 
شرح غريب الحديث:
“ مَنْ استطاع منكم البَاءَة “ يَعْنِي النِّكاحَ والتَّزَوّجَ.

يُقَالُ فِيهِ البَاءَة والبَاء، وَقَدْ يُقْصَر، وَهُوَ مِنَ المَبَاءة، المنْزِلِ؛ لِأَنَّ مَن تَزَوَّجَ امْرأة بَوَّأَهَا مَنْزلاً.


وَقِيلَ لأنَّ الرجُل يَتَبَوَّأ مِنْ أهْله، أَيْ يَسْتَمكِنُ كَمَا يَتَبَوَّأ مِنْ مَنْزِلِهِ.

وَمِنْهُ الْحَدِيثُ الْآخَرُ: “أَنَّ امْرَأَةً مَاتَ عَنْهَا زوجُها فَمَرَّ بِهَا رَجُلٌ وَقَدْ تَزَيَّنَت للبَاءَة”.

"يا معشر الشباب": يا طائفة الشباب والشباب جمع شاب وهو مَنْ بلغ ولم يتجاوز الثلاثين.

خص الشباب بهذا الخطاب لأن الغالب وجود قوة الداعي فيهم إلى النكاح بخلاف الشيخ وإن كان المعنى معتبرًا إذا وجد السبب في الكهول والشيوخ أيضًا.

"أغض للبصر": أشد غضاً للبصر والمُراد بالبصر هنا الطرف المشتمل عليه لأنه الذي يضاف إليه وفى رواية النسائى "أغض للطرف".

"وأحصن للفرج": أشد منها له من الوقوع فى الفاحشة.

"ومن لم يستطع": من لم يقدر على مؤن النكاح أو نفس النكاح مع توقانه إليه.

"فعليه بالصوم": ليلزم الصوم.

وقيل: إن الباء زائدة، ويكون معنى الحديث، الخبر، لا الأمر.

فإنه: الصوم.

"وِجاءٌ": كمرض الخصيتين في قطع الشهوة.

والوِجاء: بكسر الواو والمد هو رض عروق الخصيتين حتى تنفضخا، فتذهب بذهابهما شهوة الجماع، وكذلك الصوم، فهو مُضعِف لشهوة الجماع، ومن هنا تكون بينهما المشابهة.

فقه الحديث:
1 - ترغيب القادر على النكاح فيه إذا تاقت نفسه إليه.

2 - إرشاد العاجز عن مؤن النكاح إلى الصوم وذلك لأن شهوة النكاح تابعة لشهوة الأكل تقوى بقوتها وتضعف بضعفها.

3 - أن المقصود من النكاح الوطء ولذلك شرع الخيار في العِنَّة.  

4 - الحث على غض البصر وتحصين الفرج بكل ممكن.

5 - عدم التكليف بغير المستطاع.

وقَدْ قَسَّمَ الْفُقَهَاءُ النِّكَاحَ إلَى الْأَحْكَامِ الْخَمْسَةِ:
يعْنِي الْوُجُوبَ، وَالنَّدْبَ، وَالتَّحْرِيمَ، وَالْكَرَاهَةَ، وَالْإِبَاحَةَ.

وَجُعِلَ الْوُجُوبُ فِيمَا إذَا خَافَ الْعَنَتَ، وَقَدَرَ عَلَى النِّكَاحِ.

6 - قال شيخ الإسلام: ومَنْ لا مال له هل يستحب له أن يقترض ويتزوج؟

فيه نزاع في مذهب الإمام أحمد وغيره، وقد قال تعالى: (ولْيستَعْفِفْ الذين لا يجدون نكاحاً حتى يُغْنِيَهم اللهُ من فضله) (النور: 33).



أربعون حديثاً من أحاديث الآداب والأحكام  - صفحة 2 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49023
العمر : 72

أربعون حديثاً من أحاديث الآداب والأحكام  - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: أربعون حديثاً من أحاديث الآداب والأحكام    أربعون حديثاً من أحاديث الآداب والأحكام  - صفحة 2 Emptyالخميس 1 يوليو - 6:22

37- تحريم نكاح المُتعة وبطلانه وتحريم أكل لحوم الحُمُر الأهلية:
عَنْ عَلى بْنِ أبي طالب -رَضيَ الله عَنْهُ-: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- نهى عن نكاح المُتعة يوم خيبر، وعن لحوم الحُمُر الأهلية.
 
شرح غريب الحديث:
نكاح المتعة: تزوج الرجل المرأة إلى أجل.

يوم خيبر: زمن خيبر.

الأهلية: المملوكة التي لها أهل ترجع إليهم ويرجعون إليها ضد الوحشية.

فقه الحديث:
1- تحريم نكاح المتعة وبطلانه، وعليه أجمع العلماء.

قال ابن دقيق العيد:
وفقهاء الأمصار كلهم على المنع، وأكثر الفقهاء على الاقتصار في التحريم على العقد المؤقت.

2- كان مباحاً في أول الإسلام للضرورة فقط، ثم جاء التأكيد والتأبيد لتحريمه ولو عند الضرورة.

3- نهى الشارع الحكيم عنه، لِمَا يترتب عليه من المفاسد، منها: اختلاط الأنساب، واستباحة الفروج بغير نكاح صحيح.

ومجافاة للذوق السليم والطبيعة المستقيمة، هذه المفاسد ربَتْ على ما فيه من لذة قضاء الشهوة.

4- النهي عن أكل لحوم الحُمُر الأهلية فهي رجس، بخلاف الحُمُر الوحشية، فهي حلال بالإجماع.

ويدل عليه تقرير النبي -صلى الله عليه وسلم- مَنْ صادها وأهداها إليه في سفره إلى مكة.

فائدة:
سُئِلَ شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله تعالى- عن رجل يسير في البلاد، ويخاف أن يقع في المعصية، فهل له أن يتزوج في مدة إقامته في تلك البلدة فإذا سافر طلق من تزوجها؟

فأجاب:
بأن له أن يتزوَّج، ولكن على أن ينكح نكاحاً مطلقاً، يمكنه من إمساكها أو تطليقها إن شاء، وإن نوى طلاقها حتماً عند انقضاء سفره كره في مثل ذلك، وفي صحة النكاح نزاع.

ثم بَيَّنَ -رحمه الله- رأيه في نكاح المُتعة، فقال:
إن قصد أن يستمتع بها إلى مدة ثم يفارقها، مثل المسافر إلى بلد يقيم به مدة فيتزوج وفي نيته إذا عاد إلى وطنه أن يطلقها، ولكن النكاح عقده عقداً مطلقاً فهذا فيه ثلاثة أقوال في مذهب أحمد.

1- قيل: هو نكاح جائز، وهو اختيار الموفق وقول الجمهور.

2- وقيل: إنه نكاح تحليل لا يجوز، وروى عن الأوزاعي ونصر القاضي وأصحابه.

3- وقيل مكروه وليس بِمُحَرَّم.

والصحيح أن هذا ليس بنكاح مُتعة ولا يُحَرَّم، وذلك أنه قاصد للنكاح وراغب فيه، بخلاف المحلل، لكن لا يريد دوام المرأة معه وهذا ليس بشرط، فإن دوام المرأة معه ليس بواجب، بل له أن يطلقها، فإذا قصد أن يطلقها بعد مدة فقد قصد أمراً جائزاً بخلاف نكاح المُتعة، فإنه مثل الإجارة تنقضي فيه بانقضاء المدة، ولا ملك له عليها بعد انقضاء الأجل، وأمَّا هذا فملكه ثابت مطلق، وقد تتغيَّر بنية فيمسكها دائماً، وذلك جائز له، كما لو تزوج بنية إمساكها دائماً، ثم بدا له طلاقها جاز ذلك.

اختلاف العلماء:
أجمع العلماء على تحريم هذا النكاح وبطلانه.

واختلفوا في الوقت الذي حرم فيه، تبعا للآثار التي وردت في تحريمه.

فبعضهم يرى أن التحريم كان يوم (خيبر) مستدلاً بحديث الباب، ثم إنها أبيحت، ثم حُرِّمَتْ يوم فتح مكة.

وبعضهم يرى أنها لم تُحَرَّم إلا يوم الفتح، وقبله كانت مُباحة، ويقولون: إن علياً -رضي الله عنه- لم يرد في هذا الحديث أن تحريم المتعة وقع مع تحريم لحوم الحُمُر الأهلية يوم (خيبر) وإنما قرنهما جميعاً رداً على ابن عباس الذي يُجيز المتعة للضرورة ويبيح لحوم الحُمُر الأهلية.

وهذا القول أولى.

قال النووي:
الصواب أن تحريمها وإباحتها وقعا مرتين فكانت مباحة قبل خيبر، ثم حرمت فيها، ثم أبيحت عام الفتح، وهو عام أوطاس، ثم حرمت تحريماً مؤبداً.

قال:
ولا مانع من تكرير الإباحة: أي في وقت الرسول -صلى الله عليه وسلم- لا بعد التحريم المؤبد.



أربعون حديثاً من أحاديث الآداب والأحكام  - صفحة 2 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49023
العمر : 72

أربعون حديثاً من أحاديث الآداب والأحكام  - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: أربعون حديثاً من أحاديث الآداب والأحكام    أربعون حديثاً من أحاديث الآداب والأحكام  - صفحة 2 Emptyالخميس 1 يوليو - 6:27

38- النهى عن سؤال الولاية مطلقًا؛ والكفارة رخصة شرعها الله تعالى لحل ما عقدت اليمين:
عن عبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَمُرَةَ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-: “يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ سَمُرَةَ، لاَ تَسْأَلِ الإمَارَةَ، فَإِنَّكَ إِنْ أُوتِيتَهَا عَنْ مَسْأَلَةٍ وُكِلْتَ إِلَيْهَا، وَإِنْ أُوتِيتَهَا مِنْ غَيْرِ مَسْأَلَةٍ أُعِنْتَ عَلَيْهَا، وَإِذَا حَلَفْتَ عَلَى يَمِينٍ، فَرَأَيْتَ غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا، فَكَفِّرْ عَنْ يَمِينِكَ وَأْتِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ”.

شرح غريب الحديث:
(لا تسأل الإمارة) لا تطلب أن تكون والياً أو حاكماً.

(وُكلت إليها) تركك الله تعالى لتدبير نفسك، ولم يكن معك إعانة.

(أُعنت عليها) هيأ الله تعالى لك أعوان خير ينصحون لك ويسددون خطاك بتوفيق من الله عز وجل.

(حلفت على يمين) أقسمت على شيء والأصل حلفت يمينا ف - (على) مقحمة تأكيدا للمعنى.

(فكفر) أخرج الكفارة المشروعة.

فقه الحديث:
1 - النهى عن سؤال الولاية مطلقًا وقيد الفقهاء ذلك بما إذا لم يتعين الطلب عليه لعدم من يتولاها أو لكونه أفضل الموجودين.

2 - ألطاف اللَّه بعبده بالإعانة على إصابة الصواب في فعله وقوله تفضلاً زائدًا على مجرد التكليف والهداية إلى النجدين.

3- أن من حلف أن لا يفعل كذا، أو أن يفعله، ثم رأى الخير في غير الذي حلف عليه، إما الفعل وإما الترك، فَليَأتِ الذي هو خير، ولْيكَفِّر عن يمينه.

ويختلف هذا، باختلاف المحلوف عليه.

فقد يكون الحنث واجباً، وقد يكون مستحباً، وقد يكون حراماً، وقد يكون مباحاً.

فيخَير بين البقاء على يمينه، أو الحنث مع التكفير.

4- عند جمهور العلماء أن الكفارة رخصة شرعها الله تعالى لحل ما عقدت اليمين، ولذلك تجزئ قبل الحنث وبعده، وذكر عياض أن الذين قالوا بتقديم التكفير من الصحابة أربعة عشر صحابياً، كما قال به قبل الحنث ربيعة والأوزاعي والليث ومالك وأحمد وسائر فقهاء الأمصار غير أهل الرأي.

5- أن هذا التشريع، كما هو أمر النبي -صلى الله عليه وسلم-، فهو- أيضا- فعله.

فقد أخبر أنه لا يحلف على يمين فيرى غيرها خيراً منها إلا أتى الذي هو خير، وكفر عن يمينه.

وهذا هو عين المصلحة، وهو تخفيف من ربنا ورحمة.

وكانت الأمم السابقة، ليس عندهم تحليل وتكفير، فلا بد من الوفاء بأيمانهم.

ولذا فإن أيوب عليه السلام، لما حلف أن يضرب زوجته، وترك عزمه، لم يجد لقضاء يمينه إلا أن يضربها بِضِغْثِ فيه عدد الجلدات المرادة".

قال الإمام البغوي:
اليمين في الجملة مكروهة إلا فيما لله فيه طاعة، قال الله سبحانه وتعالى: (ولا تجعلوا الله عرضة لأيمانكم أن تبروا) (البقرة: 224).

أي: مانعاً لكم عن البر، فإن حلف على شيء، فرأى غيره خيراً منه بأن حلف على ترك مندوب، أو فعل مكروه، فالأفضل أن يحنث نفسه، ويكفر، وإلا فحفظ اليمين أولى، لقول الله عز وجل: (واحفظوا أيمانكم) (المائدة: 89)، أي: احفظوها بعد ما حلفتم من الحنث، وقيل: معناه لا تحلفوا.

وهذا قول عامة أهل العلم، قالوا: إذا حنث عليه الكفارة، وقيل: من حلف على معصية يجب عليه أن يحنث نفسه، ولا كفارة عليه، يروى ذلك عن سعيد بن جبير -رحمة الله تعالى عليه-.



أربعون حديثاً من أحاديث الآداب والأحكام  - صفحة 2 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49023
العمر : 72

أربعون حديثاً من أحاديث الآداب والأحكام  - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: أربعون حديثاً من أحاديث الآداب والأحكام    أربعون حديثاً من أحاديث الآداب والأحكام  - صفحة 2 Emptyالخميس 1 يوليو - 6:32

39 – الأمر بإطعام الجائع وعيادة المريض وفكاك الأسير:
عَنْ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-، عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: “أَطْعِمُوا الجَائِعَ، وَعُودُوا المَرِيضَ، وَفُكُّوا العَانِيَ” قَالَ سُفْيَانُ: "وَالعَانِي: الأَسِيرُ".
 
شرح غريب الحديث:
- قوله وفكوا العاني: أي خلصوا الأسير.  

من فككت الشيء فانفك؛ وقيل للأسير عان من عنا يعنو إذا خضع.

وَالْمَرْأَة عانية، وَالْجمع: عوان، وكل من ذل واستكان فقد عَنا.

- (وعودوا المريض) زوروه.  

فقه الحديث:
الأمر هنا للندب وقد يكون واجبا في بعض الأحوال اه قاله الكرماني.

- الأمر بإطعام الجائع.

وهو عَام  يتَنَاوَل كل جَائِع من بني آدم وَغَيرهم، وإطعام الجائع فرض على الْكِفَايَة، فَلَو أَن رجلا يَمُوت جوعا وَعند آخر مَا يحييه بِهِ بِحَيْثُ لَا يكون فِي ذَلِك الْموضع أحد غَيره، فَفرض عَلَيْهِ إحْيَاء نَفسه.

وَإِذا ارْتَفَعت حَالَة الضَّرُورَة كَانَ ذَلِك ندباً.

ويؤخذ من الأمر بإطعام الجائع.

جواز الشبع لأنه ما دام قبل الشبع فصفة الجوع قائمة به والأمر بإطعامه مستمر.

- الأمر بفكاك الأسير.

قال ابن بطال فكاك الأسير واجب على الكفاية وبه قال الجمهور وقال إسحاق بن راهويه من بيت المال وروي عن مالك أيضاً.
 
- الأمر بعيادة المريض؛ وعِيَادَة الْمَرِيض سُنَّة.

وَقيل: وَاجِبَة، وَقد رُوِيَ فِي ذَلِك عَن جمَاعَة من الصَّحَابَة، -رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم-.
 
وَيُسْتدلَّ بِعُمُوم قَوْله: (وعودوا الْمَرِيض) على مشروعية العيادة فِي كل مرض وَاسْتثنى بَعضهم الأرمد.

* ويُستدل بِعُمُوم الحَدِيث أَيْضا على عدم التَّقْيِيد بِزَمَان يمْضِي من ابْتِدَاء مَرضه، وَهُوَ قَول الْجُمْهُور، وَجزم الْغَزالِيّ فِي (الْإِحْيَاء) بِأَنَّهُ لَا يُعَاد إلاَّ بعد ثَلَاث، وَأسْندَ إِلَى حَدِيث أخرجه ابْن مَاجَه  عَن أنس: كَانَ النَّبِي -صلى الله عليه وسلم-، لَا يعود مَرِيضا إلاَّ بعد ثَلَاث.

قلت: هَذَا ضَعِيف جداً.

* ويستدل بِإِطْلَاق الحَدِيث أَيْضاً على أَن العيادة لَا تقيد بِوَقْت دون وَقت، لَكِن جرت الْعَادة بهَا فِي طرفِي النَّهَار، وَترْجم البُخَارِيّ فِي (الْأَدَب الْمُفْرد): العيادة فِي اللَّيْل.



أربعون حديثاً من أحاديث الآداب والأحكام  - صفحة 2 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49023
العمر : 72

أربعون حديثاً من أحاديث الآداب والأحكام  - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: أربعون حديثاً من أحاديث الآداب والأحكام    أربعون حديثاً من أحاديث الآداب والأحكام  - صفحة 2 Emptyالخميس 1 يوليو - 6:36

40-  أعمال العباد توزن يوم القيامة بالميزان:
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: "كَلِمَتَانِ خَفِيفَتَانِ عَلَى اللِّسَانِ، ثَقِيلَتَانِ فِي المِيزَانِ، حَبِيبَتَانِ إِلَى الرَّحْمَنِ: سُبْحَانَ اللَّهِ العَظِيمِ، سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ".
 
شرح غريب الحديث:
(خفيفتان): سهلتان.

(ثقيلتان): في وزن ثوابهما.

(حبيبتان): محبوبتان أي إن الله تعالى يقبلهما ويوصل الخير لقائلهما ويكرمه.

(سبحان الله): تنزيه الله من الأولاد والصاحبة والشركاء.

فقه الحديث:
تضمَّن هذا الحديث عدة فوائد:
- مِنْهَا أن الْأَعْمَال توزن بالميزان.

- ومنها الإيمان بالميزان: وأجمع أهل السنة على الإيمان بالميزان، وأن أعمال العباد توزن يوم القيامة، وأن الميزان له لسان وكفتان وتمثل الأعمال بما يوزن، وخالف ذلك المعتزلة وأنكروا الميزان وقالوا: الميزان عبارة عن العدل.

وهو خلاف لنص كتاب الله، وقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.

قال المهلب: فأخبر الله تعالى أنه يضع الموازين لتوزن أعمال العباد بها، فيريهم أعمالهم ممثلة فى الميزان لأعين العاملين؛ ليكونوا على أنفسهم شاهدين قطعًا لحججهم وإبلاغًا فى إنصافهم عن أعمالهم الحسنة، وتبكيتًا لمن قال: إن الله لا يعلم كثيرًا مما يعملون، وتقصيًا عليهم لأعمالهم المخالفة لما شرع لهم، وبرهانًا على عدله على جميعهم، وأنه لا يظلم مثقال حبة من خردل حتى يعترف كل بما قد نسيه من عمله، ويميز ما عساه قد احتقره من فعله. ويقال له عند اعترافه: كفى بنفسك اليوم عليك حسيبًا.

- وَمِنْهَا: إدراج الْكَلَام فِي الْأَعْمَال، لأنّه وصف الْكَلِمَتَيْنِ بالخفّة على اللِّسَان، والثقل فِي الْمِيزَان، دلّ أَن الْكَلَام عمل يُوزن.

- وَمِنْهَا: ختم الكِتَاب بِالتَّسْبِيح.

- وَقد ورد فِي الحَدِيث مَا يدّل على اسْتِحْبَاب ختم الْمجَالِس بالتسبيح وَأَنه كَفَّارَة لما لَعَلَّه يتّفق فِي أثْنَاء الْكَلَام ممّا يَنْبَغِي هجره".

- وقوله  (ثقيلتان): يدل أن تسبيح الله وتقديسه من أفضل النوافل، وأعظم الذخائر عنده تعالى، ألا ترى قوله -صلى الله عليه وسلم-: (حبيبتان إلى الرحمن).

- وفيه إشارة إلى أن سائر التكاليف صعبة شاقة على النفس ثقيلة؛ وهذه سهلة عليها مع أنها تثقل الميزان كثقل الشاق من التكاليف.

وقد سُئِلَ بعض السلف عن سبب ثقل الحسنة وخفة السيئة؟

فقال لأن الحسنة حضرتْ مرارتها وغابت حلاوتها فثقلت؛ فلا يحملنَّك ثقلُها على تركها.


والسيئة حضرت حلاوتها وغابت مرارتها فلذلك خفت فلا يحملنك خفتها على ارتكابها. 



أربعون حديثاً من أحاديث الآداب والأحكام  - صفحة 2 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
 
أربعون حديثاً من أحاديث الآداب والأحكام
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 2 من اصل 2انتقل الى الصفحة : الصفحة السابقة  1, 2
 مواضيع مماثلة
-
» أربعون حديثًا في الخيرية
» الباب الخامس في الآداب والحِكَمْ وما أشبه ذلك
» الآداب الإسلامية للناشئة.. الإهداء والمقدمة
» الباب الثامن: الآداب المكتوبة بالعبرية
» من حيث المسائل والأحكام

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers :: (العربي) :: الــحــــديث الـنبــــوي الـشــــريف :: الأربعينيــات الحديثيــة-
انتقل الى: