| أربعون حديثاً من أحاديث الآداب والأحكام | |
|
|
كاتب الموضوع | رسالة |
---|
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى

عدد المساهمات : 41892 العمر : 70
 | موضوع: أربعون حديثاً من أحاديث الآداب والأحكام الثلاثاء 29 يونيو 2021, 1:01 am | |
| أربعون حديثاً من أحاديث الآداب والأحكام من كلام سيد الأنام عليه أفضل الصلاة والسلام مع الشرح والفقه والفوائد إعداد: د أبو عبد الصمد محمد يماني
بسم الله الرحمن الرحيم مقدمة: إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا, من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له, وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
أمَّا بعد فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى وخير الهدي هدي سيدنا محمد -صلى الله عليه وآله وسلم- وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار.
قال الله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون) (يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء, واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام , إن الله كان عليكم رقيبا ) (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما)
هذه أربعون حديثا جمعتها بعناية مقتصرا على الأحاديث الصحيحة من أحاديث الآداب والأحكام, راجيا من العلي القدير أن: - تكون لي ذخرا عند ربي لأنه كما جاء في الحديث: "من حفظ على أمتي أربعين حديثا من أمر دينها؛ بعثه الله فقيها، وكنت له يوم القيامة شافعا وشهيدا" . - وأن تكون مرجعا سهلا يستفيد منه كل من أراد دراسة الحديث أو أراد تقديم محاضرة يفيد نفسه وغيره. جمعت هذه الأحاديث من مصادر متنوعة مركزا على الصحيحين. جعلت لكل حديث عنوانا استنبطته من مضمون الحديث نفسه. شرحت الألفاظ الصعبة وسجلتها تحت خانة: شرح غريب الحديث. استخرجت الفوائد والأحكام من هذه النصوص معتمدا على شروح علماء الحديث؛ وسجلتها تحت خانة: فقه الحديث. جعلت فهارس متنوعة تسهل الاهتداء إلى الآيات والأحاديث والمواضيع. وفي الختام أرجو من العلي القدير أن يكون هذا العمل خالصا لوجهه الكريم وأن ينفع به كاتبه وقارئه وكل من اطلع عليه؛ ويجازي كل من ساعد على نشره. نسألك اللهم العون على إيضاح المشكلات، واللطف في الحركات والسكنات، والمحيا والممات، ونعوذ بك من علم لا ينفع، وعمل لا يرفع، وقول لا يسمع، وقلب لا يخشع، ونفس لا تشبع، ودعاء لا يسمع؛ كما أسألك أن ترحم والدي ومن تبنياني وسهرا على تربيتي ولمن له الحق علي. ولا تنسونا من صالح دعائكم: أموت ويبقى كل ما كتبته ****** فيا ليت من قرأ دعا ليا عسى الإله أن يعفوَ عني ****** و يغفرَ لي سوءَ فَعاليا ثم أقول ونحن في هذه الأيام نعيش رعب انتشار عدوى فيروس كورونا (كوفيد 19) الذي انتشر انتشار النار في الهشيم؛ عابرا الحدود متخطيا الحواجز والقيود؛ مخلفا موتى ومرضى في جميع البلدان؛ وعجزت الإنسانية عن إيجاد دواء مفيد؛ رغم ما أوتيت من تقدم في شتى المجالات... أقول متجها إلى المولى عز وجل: "اللهم يا ولي نعمتنا وملاذنا عند كربتنا اجعل ما نخافه ونحذره برداً وسلاماً علينا؛ كما جعلت النار برداً وسلاماً على إبراهيم". وكتبه راجي عفو ربه: أبو عبد الصمد محمد يماني. يومه الجمعة 29/ محرم الحرام /1442هـ الموافق 18 شتنبر 2020م
1- الأعمال بالنيات عن عمر بن الخطاب، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: “إنما الأعمال بالنية، وإنما لامرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله، فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة يتزوجها، فهجرته إلى ما هاجر إليه” رواه البخاري ومسلم.
شرح غريب الحديث: (إنما الأعمال بالنية) أجمع المسلمون على عظم موقع هذا الحديث وكثرة فوائده وصحته. قال الشافعي وآخرون هو ثلث الإسلام وقال الشافعي يدخل في سبعين باباً من الفقه. وقال عبد الرحمن بن مهدي وغيره ينبغي لمن صنف كتابا أن يبدأ فيه بهذا الحديث تنبيها للطالب على تصحيح النية. ونقل الخطابي هذا عن الأئمة مطلقا وقد فعل ذلك البخاري وغيره فابتدؤوا به قبل كل شيء. وذكره البخاري في سبعة مواضع من كتابه... (فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله): معناه من قصد بهجرته وجه الله وقع أجره على الله ومن قصد بها دنيا أو امرأة فهي حظه ولا نصيب له في الآخرة بسبب هذه الهجرة. وأصل الهجرة الترك والمراد هنا ترك الوطن. وذكر المرأة مع الدنيا يحتمل وجهين: أحدهما أنه جاء أن سبب هذا الحديث أن رجلا هاجر ليتزوج امرأة يقال لها أم قيس فقيل له مهاجر أم قيس والثاني أنه للتنبيه على زيادة التحذير من ذلك وهو من باب ذكر الخاص بعد العام تنبيها على مزيته ". فائدة: قال ابن عمر رضي الله عنه:" العلم كثير ولكن إن استطعت أن تلقى الله تعالى خميص البطن من أموال الناس، خفيف الظهر من دنياهم، كافّ اللسان عن أعراضهم، ملازمًا لجماعاتهم؛ فافعل. فكانوا يقولون: جمع العلم في أربع كلمات.
فقه الحديث: - هذا الحديث حجة لصحة مذهب مالك في الأيمان أنها على نية المحلوف له ولا تنفعه التورية عنده، ورد على الكوفيين والشافعية أنها على نية الحالف أبدًا، وتنفعه التورية في سقوط الحنث خاصة عنه كالرجل يحلف لغريمه وهو معسر: والله ما لك عندي شيء. ينوي في هذا الوقت من أجل عسري، وأن الله قد أنظرني إلى الوجود، وكالحالف بالطلاق يقول: هند طالق وله زوجة تسمى بهند، وقد نوى امرأة أجنبية تسمى بهند، ويريد طلاقها من موضع سكانها أو طلاقها من قيد، وكالحالف على أكل طعام وخص طعامًا بعينه، وكالحالف لغريمه وهو يريد شيئًا ما غير ما له عليه، فإن كان الحالف يخاصمه غرماؤه وزوجته أخذه الغرماء بظاهر لفظه، ولم يلتفتوا فيه إلى نيته في الحكم وحملوا الكلام على بساطه ومخرجه، هذا قول مالك وأهل المدينة. والذين أجازوا التورية إنما فروا من الحنث بمعاريض الكلام، وجعلوه على نيته في يمين لا يقتطع بها مال أخيه ولا يبطل حقه، فإن اقتطع بيمينه مال آخر، فلا مخرج له عند أحد من أهل العلم ممن يقول بالتورية وغيرها، ولا يكون ذلك المال حلالا عندهم ولابد من رده إلى صاحبه.
وفي هذا الحديث كذلك: 1 - الحث على الإخلاص ولذلك استحب العلماء استفتاح المصنفات بهذا الحديث تنبيهًا للطالب على تصحيح النية. 2 - أن جميع الأعمال الشرعية لا تعتبر إلا بالنية ومن جملتها الطهارة التي ترجم بها المصنف. 3 - فضل الهجرة إلى الله ورسوله وقد وقعت الهجرة في أول الإسلام على وجهين: الأول: الانتقال من دار الخوف إلى دار الأمن كما في الهجرتين إلى الحبشة وابتداء الهجرة من مكة إلى المدينة، الثاني: الهجرة من دار الكفر إلى دار الإيمان وذلك بعد أن استقر النبي -صلى الله عليه وسلم- بالمدينة وهاجر إليه من أمكنه ذلك من المسلمين وكانت الهجرة إذ ذاك تختص بالانتقال إلى المدينة إلى أن فتحت مكة فانقطع الاختصاص وبقي عموم الانتقال من دار الكفر إلى دار الإسلام لمن قدر عليه واجبًا. 4 - أن الأفعال المتقرب بها إلى الله عز وجل لا يترتب الثواب على مجردها حتى يقصد بها التقرب إليه . | |
|
 | |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى

عدد المساهمات : 41892 العمر : 70
 | موضوع: رد: أربعون حديثاً من أحاديث الآداب والأحكام الثلاثاء 29 يونيو 2021, 1:08 am | |
| 2- -صلة الرحم تزيد في الرزق وتزيد في العمر عنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-، يَقُولُ: “مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُبْسَطَ لَهُ فِي رِزْقِهِ، أَوْ يُنْسَأَ لَهُ فِي أَثَرِهِ، فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ” رواه البخاري ومسلم. شرح غريب الحديث (من أحب أن يبسط له في رزقه): بسط الرزق: توسيعه وكثرته وقيل البركة فيه. قاله النووي. (ينسأ له في أثره) معناه يؤخر في أجله ويسمى الأجل أثرًا لأنه تابع للحياة وسابقها، قال كعب بن زهير: والمرء ما عاش ممدود له أمل *** *** لا ينتهي العين حتى ينتهي الأثر فقه الحديث - في هذا الحديث إباحة اختيار الغنى على الفقر، - فيه صلة الرحم تنمي وتزيد الرزق. - قيه صلة الرحم تزيد في العمر. " فإن قيل: هذا الحديث يعارض قوله عليه الصلاة والسلام: (يجمع خلْقُ أحدكم في بطن أمه أربعين يومًا مضغة أخرجه أحمد والنسائي في "التفسير" بلفظ" يُجْمَعُ خَلْقُ أَحَدِكُمْ فِي بَطْنِ أُمِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً، ثُمَّ يَكُونُ عَلَقَةً مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ يَكُونُ مُضْغَةً مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ يَبْعَثُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَيْهِ مَلَكًا مِنَ الْمَلَائِكَةِ، فَيَقُولُ: اكْتُبْ عَمَلَهُ وَأَجَلَهُ وَرِزْقَهُ، وَاكْتُبْهُ شَقِيًّا أَوْ سَعِيدًا " وفيه: (فيكتب رزقه وأجله). قال المهلب: اختلف العلماء في وجه الجمع بينهما على قولين: - فقيل: معنى البسط في رزقه هو البركة؛ لأن صلتَه أقاربَه صدقة، والصدقة تُربى المال وتزيد فيه، فينمو بها ويزكو. ومعنى قوله: (وينسأ في أثره) أي: يبقى ذكره الطيب وثناؤه الجميل مذكورًا على الألسنة، فكأنه لم يمت، والعرب تقول الثناء يضارع الخلود.. قال الشاعر: إن الثناء هو الخلود. كما يسمى الذم موتًا. قال سابق البريري: قد مات قوم وهم في الناس أحياء. يعني بسوء أفعالهم وقبح ذكرهم.
والقول الثاني: أنه يجوز أن يكتب في بطن أمه أنه إن وصل رحمه فإن رزقه وأجله كذا، وإن لم يصل رحمه فكذا، بدلالة قوله تعالى في قصة نوح: (أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ وَأَطِيعُونِ (*) يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرْكُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ أَجَلَ اللَّهِ إِذَا جَاءَ لَا يُؤَخَّرُ لَوْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) (نوح: 3، 4). (يريد أجلا قد قضى به لكم إن أطعتم يؤخركم إليه لأن أجل الله إذا جاء في حال معصيتكم لا يؤخر عنكم قال تعالى: (إلا قوم يونس لما آمنوا كشفنا عنهم عذاب الخزي في الحياة (وهو الهلاك على الكفر) ومتعناهم إلى حين) (يونس: 98) (فهذا كله من المكتوب في بطن أمه، أي الأجلين استحق لا يؤخر عنه، ويؤيد هذا قوله تعالى: (يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب) (الرعد: 39). وقد روي عن عمر بن الخطاب ما هو تفسير لهذه الآية، روى أنه كان يقول في دعائه: اللهم إن كنت كتبتني عندك شقيا، فامحني واكتبني سعيدًا، فإنك تقول: (يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب) (الرعد: 39)" وقال النووي: "وبسط الرزق توسيعه وكثرته وقيل البركة فيه.
وأما التأخير في الأجل ففيه سؤال مشهور وهو أن الآجال والأرزاق مقدرة لا تزيد ولا تنقص (فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُون) (النحل: 61)؟. وأجاب العلماء بأجوبة الصحيح منها: - أن هذه الزيادة بالبركة في عمره والتوفيق للطاعات وعمارة أوقاته بما ينفعه في الآخرة وصيانتها عن الضياع في غير ذلك. - والثاني أنه بالنسبة إلى ما يظهر للملائكة وفي اللوح المحفوظ ونحو ذلك فيظهر لهم في اللوح أن عمره ستون سنة إلا أن يصل رحمه؛ فإن وصلها زيد له أربعون وقد علم الله سبحانه وتعالى ما سيقع له من ذلك؛ وهو من معنى قوله تعالى(يمحو الله ما يشاء ويثبت) (الرعد: 39) فيه النسبة إلى علم الله تعالى وما سبق به قدره. ولا زيادة بل هي مستحيلة وبالنسبة إلى ما ظهر للمخلوقين تتصور الزيادة وهو مراد الحديث. - والثالث أن المراد بقاء ذكره الجميل بعده فكأنه لم يمت حكاه القاضي وهو ضعيف أو باطل والله أعلم". وقال شيخ الإسلام في "مجموع الفتاوى" (14/490):" وَالْجَوَابُ الْمُحَقَّقُ: أَنَّ اللَّهَ يَكْتُبُ لِلْعَبْدِ أَجَلًا فِي صُحُفِ الْمَلَائِكَةِ، فَإِذَا وَصَلَ رَحِمَهُ، زَادَ فِي ذَلِكَ الْمَكْتُوبِ، وَإِنْ عَمِلَ مَا يُوجِبُ النَّقْصَ، نَقَصَ مِنْ ذَلِكَ الْمَكْتُوبِ. وَنَظِيرُ هَذَا: مَا فِي التِّرْمِذِيِّ وَغَيْرِهِ عَنْ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- أَنَّ آدَمَ لَمَّا طَلَبَ مِنْ اللَّهِ أَنْ يُرِيَهُ صُورَةَ الْأَنْبِيَاءِ مِنْ ذُرِّيَّتِهِ، فَأَرَاهُ إيَّاهُمْ، فَرَأَى فِيهِمْ رَجُلًا لَهُ بَصِيصٌ، فَقَالَ مَنْ هَذَا يَا رَبِّ؟ فَقَالَ ابْنُك دَاوُد. قَالَ: فَكَمْ عُمُرُهُ؟ قَالَ أَرْبَعُونَ سَنَةً. قَالَ: وَكَمْ عُمْرِي؟ قَالَ: أَلْفُ سَنَةٍ. قَالَ فَقَدْ وَهَبْت لَهُ مِنْ عُمْرِي سِتِّينَ سَنَةً. فَكُتِبَ عَلَيْهِ كِتَابٌ، وَشَهِدَتْ عَلَيْهِ الْمَلَائِكَةُ، فَلَمَّا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ قَالَ: قَدْ بَقِيَ مِنْ عُمْرِي سِتُّونَ سَنَةً. قَالُوا: وَهَبْتهَا لِابْنِك دَاوُد. فَأَنْكَرَ ذَلِكَ، فَأَخْرَجُوا الْكِتَابَ. قَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-: فَنَسِيَ آدَمَ، فَنَسِيَتْ ذُرِّيَّتُهُ، وَجَحَدَ آدَمَ، فَجَحَدَتْ ذُرِّيَّتُهُ". وَرُوِيَ أَنَّهُ كَمَّلَ لِآدَمَ عُمُرَهُ ولدَاوُد عُمُرَهُ. فَهَذَا دَاوُد كَانَ عُمُرُهُ الْمَكْتُوبُ أَرْبَعِينَ سَنَةً ثُمَّ جَعَلَهُ سِتِّينَ وَهَذَا مَعْنَى مَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ: اللَّهُمَّ إنْ كُنْت كَتَبَتْنِي شَقِيًّا فَامْحُنِي وَاكْتُبْنِي سَعِيدًا فَإِنَّك تَمْحُو مَا تَشَاءُ وَتُثْبِتُ. وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ عَالِمٌ بِمَا كَانَ وَمَا يَكُونُ وَمَا لَمْ يَكُنْ لَوْ كَانَ كَيْفَ كَانَ يَكُونُ ". ويرى الشيخ الألباني أن هذا الحديث -حديث الباب- على ظاهره فقال:" فالحديث على ظاهره، أي: أن الله جعل بحكمته صلة الرحم سبباً شرعياً لطول العمر وكذلك حُسْن الخُلُق وحسن الجوار كما في بعض الأحاديث الصحيحة، ولا ينافي ذلك ما هو معلوم من الدين بالضرورة أن العمر مقطوع به؛ لأن هذا بالنظر للخاتمة، تماماً كالسعادة والشقاوة، فهما مقطوعتان بالنسبة للأفراد؛ فشقي أو سعيد، فمن المقطوع به أن السعادة والشقاوة منوطتان بالأسباب شرعاً كما قال -صلى الله عليه وآله وسلم-: “اعملوا فكل ميسر لما خلق له، فمن كان من أهل السعادة فسيُيسر لعمل أهل السعادة، ومن كان من أهل الشقاوة فسييسر لعمل أهل الشقاوة”. ثم قرأ -صلى الله عليه وآله وسلم-: (فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى، وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى، فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى، وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى، وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى، فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى) (الليل: 5-10)، فكما أن الإيمان يزيد وينقص، وزيادته الطاعة ونقصانه المعصية، وأن ذلك لا ينافي ما كتب في اللوح المحفوظ، فكذلك العمر يزيد وينقص بالنظر إلى الأسباب فهو لا ينافي ما كتب في اللوح أيضاً، فتأمل هذا فإنه مهم جداً في حل مشاكل كثيرة؛ ولهذا جاء في الأحاديث المرفوعة، والآثار الموقوفة الدعاء بطول العمر. "وجملة القول: أن الله تبارك وتعالى جعل لكل شيء سبباً، فالعمل الصالح سبب لدخول الجنة، والعمل السيئ لدخول النار، فكذلك جعل بعض الأخلاق الصالحة سبباً لطول العمر. فكما أنه لا منافاة بين العمل وما كتب لصاحبه عند ربه؛ فكذلك لا منافاة بين الأخلاق الصالحة وما كتب لصاحبها عند ربه، بل كل ميسر لما خلق له. وأنت إذا تأملت هذا؛ نجوت من الاضطراب الذي خاض فيه كثير من العلماء؛ مما لا يكاد الباحث يخلص منه بنتيجة ظاهرة سوى قيل وقال، والأمر واضح على ما شرحنا والحمد لله، وإن شئت أن تقف على كلماتهم في ذلك؛ فراجع "روح المعاني" للعلامة الآلوسي (7/ 169 - 170)".
| |
|
 | |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى

عدد المساهمات : 41892 العمر : 70
 | موضوع: رد: أربعون حديثاً من أحاديث الآداب والأحكام الثلاثاء 29 يونيو 2021, 1:11 am | |
| 3- الرحمة تجلب الرحمة عن أبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَبَّلَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- الحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ وَعِنْدَهُ الأَقْرَعُ بْنُ حَابِسٍ التَّمِيمِيُّ جَالِسًا، فَقَالَ الأَقْرَعُ: إِنَّ لِي عَشَرَةً مِنَ الوَلَدِ مَا قَبَّلْتُ مِنْهُمْ أَحَدًا، فَنَظَرَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- ثُمَّ قَالَ: “مَنْ لاَ يَرْحَمُ لاَ يُرْحَمُ”رواه البخاري ومسلم.
- وعَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: “مَنْ لَا يَرْحَمِ النَّاسَ، لَا يَرْحَمْهُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ“.
شرح غريب الحديث: قَوْله: (من لَا يرحم) بِفَتْح الْيَاء وَقَوله: (لَا يرحم) بِضَم الْيَاء على صِيغَة الْمَجْهُول, وَلَفظ مُسلم: من لَا يرحم النَّاس لَا يرحمه الله، وفِي رِوَايَة الطَّبَرَانِيّ: من لَا يرحم مَنْ فِي الأَرْض لَا يرحمه مَن فِي السَّمَاء، وَفِي لفظ للطبراني فِي (الْأَوْسَط): من لم يرحم الْمُسلمين لم يرحمه الله، وَفِي رِوَايَة أبي دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ من حَدِيث عبد الله بن عمرو بلفظ: الراحمون يرحمهم الرَّحْمَن، ارحموا من فِي الأَرْض يَرْحَمكُمْ من فِي السَّمَاء، وَيجوز فِي: (من لَا يرحم لَا يرحم) الرّفْع وبالجزم، قَالَه الْكرْمَانِي. قلت: أما الرّفْع فعلى كَون: من، مَوْصُولَة على معنى: الَّذِي لَا يرحم لَا يرحم، وَأما الْجَزْم فعلى كَون: من، متضمنة معنى الشَّرْط فتجزم الَّذِي دخلت عَلَيْهِ وَجَوَابه، وَفِي إِطْلَاق رَحْمَة الْعباد فِي مُقَابلَة رَحْمَة الله نوع مشاكلة.".
فقه الحديث - الرحمة تجلب الرحمة. -الحث على استعمال الرحمة للأولاد. -الحث على رحمة الناس. -لا يرحم الله الذين لا يرحمون الناس. - الحض على استعمال الرحمة للخلق كلهم كافرهم ومؤمنهم ولجميع البهائم والرفق بها. وأن ذلك مما يغفر الله به الذنوب ويكفر به الخطايا.
| |
|
 | |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى

عدد المساهمات : 41892 العمر : 70
 | موضوع: رد: أربعون حديثاً من أحاديث الآداب والأحكام الثلاثاء 29 يونيو 2021, 1:19 am | |
| 4-دعوة الإسلام إلى التواضع ونبذ الكبر عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-، فَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ، عَلَيْهِ جُبَّةٌ سِيجَانٍ مَزْرُورَةٌ بِالدِّيبَاجِ، فَقَالَ: أَلَا إِنَّ صَاحِبَكُمْ هَذَا قَدْ وَضَعَ كُلَّ فَارِسٍ ابْنِ فَارِسٍ قَالَ: يُرِيدُ أَنْ يَضَعَ كُلَّ فَارِسٍ ابْنِ فَارِسٍ، وَيَرْفَعَ كُلَّ رَاعٍ ابْنِ رَاعٍ قَالَ: فَأَخَذَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- بِمَجَامِعِ جُبَّتِهِ، وَقَالَ: "أَلَا أَرَى عَلَيْكَ لِبَاسَ مَنْ لَا يَعْقِلُ" ثُمَّ قَالَ: "إِنَّ نَبِيَّ اللهِ نُوحًا -صلى الله عليه وسلم- لَمَّا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ قَالَ لِابْنِهِ: إِنِّي قَاصٌّ عَلَيْكَ الْوَصِيَّةَ: آمُرُكَ بِاثْنَتَيْنِ، وَأَنْهَاكَ عَنِ اثْنَتَيْنِ: آمُرُكَ بِلَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، فَإِنَّ السَّمَوَاتِ السَّبْعَ، وَالْأَرْضِينَ السَّبْعَ، لَوْ وُضِعَتْ فِي كِفَّةٍ، وَوُضِعَتْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ فِي كِفَّةٍ، رَجَحَتْ بِهِنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَلَوْ أَنَّ السَّمَوَاتِ السَّبْعَ وَالْأَرْضِينَ السَّبْعَ، كُنَّ حَلْقَةً مُبْهَمَةً، قَصَمَتْهُنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَسُبْحَانَ اللهِ وَبِحَمْدِهِ، فَإِنَّهَا صَلَاةُ كُلِّ شَيْءٍ، وَبِهَا يُرْزَقُ الْخَلْقُ، وَأَنْهَاكَ عَنِ الشِّرْكِ وَالْكِبْرِ" قَالَ: قُلْتُ أَوْ قِيلَ يَا رَسُولَ اللهِ: هَذَا الشِّرْكُ قَدْ عَرَفْنَاهُ، فَمَا الْكِبْرُ؟ قَالَ: الْكِبْرُ أَنْ يَكُونَ لِأَحَدِنَا نَعْلَانِ حَسَنَتَانِ لَهُمَا شِرَاكَانِ حَسَنَانِ؟ قَالَ: "لَا" قَالَ: هُوَ أَنْ يَكُونَ لِأَحَدِنَا حُلَّةٌ يَلْبَسُهَا؟ قَالَ: "لَا" قَالَ: الْكِبْرُ هُوَ أَنْ يَكُونَ لِأَحَدِنَا دَابَّةٌ يَرْكَبُهَا؟ قَالَ: "لَا" قَالَ: أَفَهُوَ أَنْ يَكُونَ لِأَحَدِنَا أَصْحَابٌ يَجْلِسُونَ إِلَيْهِ؟ قَالَ: "لَا" قِيلَ: يَا رَسُولَ اللهِ، فَمَا الْكِبْرُ؟ قَالَ: "سَفَهُ الْحَقِّ، وَغَمْصُ النَّاسِ" رواه أحمد والبخاري في الأدب المفرد.
شرح غريب الحديث: قوله: "سِيجان"، جمع ساج، كالتيجان جمع تاج، والساج: الطيلسان الأخضر.
قوله: "حلقة مبهمة"، أي: غير معلومة المدخل والطرف.
قوله: "قصمتهن"، قال السندي: بقاف وصاد مهملة وميم، أي: قطعتهن وكسرتهن.
قال ابن الأثير: والقصم: كسر الشيء وإبانته، والفصم بالفاء: كسره من غير إبانة.
قوله: "سفهُ الحق"، قيل: هو أن يرى الحق سفهاً باطلاً، فلا يقبله، ويتعظم عنه، قاله السندي، وقال ابن الأثير: المعنى الاستخفاف بالحق، وألا يراه على ما هو عليه من الرجحان والرزانة.
وقال الألباني: جهله والاستخفاف به وأن لا يراه على ما هو عليه من الرجحان والرزانة. وفي حديث لمسلم: "بطر الحق". والمعنى واحد.
بَطِرَ، كفرح: أصله الطغيان بالنعمة وكراهة الشيء، والمراد أن يرى الحق باطلاً، أو يدعيه باطلا، أو يتعظم عليه فلا يقبله.
(غمص الناس) أي احتقارهم والطعن فيهم والاستخفاف بهم؛ وألا يراهم شيئاً.
وفي الحديث الآخر: "غمط الناس" والمعنى واحد أيضاً.
فقه الحديث: قال الشيخ الألباني: وفيه فوائد كثيرة، اكتفي بالإشارة إلى بعضها: 1 - مشروعية الوصية عند الوفاة.
2 - فضيلة التهليل والتسبيح، وأنها سبب رزق الخلق.
3 - وأن الميزان يوم القيامة حق ثابت وله كفتان، وهو من عقائد أهل السنة خلافا للمعتزلة وأتباعهم في العصر الحاضر ممن لا يعتقد ما ثبت من العقائد في الأحاديث الصحيحة، بزعم أنها أخبار آحاد لا تفيد اليقين، وقد بينت بطلان هذا الزعم في كتابي "مع الأستاذ الطنطاوي" يسر الله إتمامه.
4 - وأن الأرضين سبع كالسماوات. وفيه أحاديث كثيرة في الصحيحين وغيرهما، ولعلنا نتفرغ لنتبعها وتخريجها.
ويشهد لها قول الله تبارك وتعالى: (خلق سبع سماوات ومن الأرض مثلهن) (الطلاق: جزء من الآية 12) أي في الخلق والعدد.
فلا تلتفت إلى من يفسرها بما يؤول إلى نفي المثلية في العدد أيضا اغتراراً بما وصل إليه علم الأوربيين من الرقي وأنهم لا يعلمون سبع أرضين! مع أنهم لا يعلمون سبع سماوات أيضا!
أفننكر كلام الله وكلام رسوله بجهل الأوربيين وغيرهم مع اعترافهم أنهم كلما ازدادوا علماً بالكون ازدادوا علماً بجهلهم به، وصدق الله العظيم إذ يقول: (وما أوتيتم من العلم إلا قليلًا) (الإسراء: جزء من الآية 85).
5 - أن التجمل باللباس الحسن ليس من الكبر في شيء. بل هو أمر مشروع، لأن الله جميل يحب الجمال كما قال عليه السلام بمثل هذه المناسبة، على ما رواه مسلم في " صحيحه ".
6 - أن الكبر الذي قرن مع الشرك والذي لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة منه إنما هو الكبر على الحق ورفضه بعد تبينه، والطعن في الناس الأبرياء بغير حق.
فليحذر المسلم أن يتصف بشيء من مثل هذا الكبر كما يحذر أن يتصف بشيء من الشرك الذي يخلد صاحبه في النار".
| |
|
 | |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى

عدد المساهمات : 41892 العمر : 70
 | موضوع: رد: أربعون حديثاً من أحاديث الآداب والأحكام الثلاثاء 29 يونيو 2021, 1:25 am | |
| 5-الإسلام خاتم الرسالات عن أبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: أنَّ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: "إِنَّ مَثَلِي ومَثَلَ الأنْبِيَاءِ مِنْ قَبْلِي كَمَثَل رَجُل بَنَى بَيْتاً فأحْسَنَهُ وَأجمَلَهُ إلَّا مَوْضِعَ لَبِنَةٍ من زَاوِية، فَجَعَلَ الناسُ يَطُوفُونَ بهِ، ويَعْجَبونَ لَهُ، ويقولُونَ: هَلَّا وُضعتْ هذِهِ اللَّبِنَّةُ، قَالَ: فَأنا اللبِنَةَ وأنا خَاتَم النَّبِيِّين". رواه البخاري ومسلم. شرح غريب الحديث: - معنى الحديث: كما قال في "شرح صفوة البخاري" أن النبي -صلى الله عليه وسلم- شبه حال الأنبياء وتتابعهم لِإصلاح البشر واحداً بعد واحد، حتى تكوَّنَ مما جاءوا به مجموعة إرشادات وتعاليم نافعة، وما شعر به الناس قبل مبعثه من الحاجة إلى مكمل لهذه المجموعة، متمم لمقاصدها بحال بيت وضعت فيه لبنة على لبنة حتى أوشك على التمام وهو معنى قوله -صلى الله عليه وسلم-: "إن مثلي ومثل الأنبياء من قبلي كمثل رجل بنى بيتاً فأحسنه وجمّله إلاّ موضع لبنة من زاوية" أي ولم يبق من ذلك البيت سوى لبنة واحدة بقي موضعها فارغاً "فجعل الناس يطوفون بالبيت" أي يدورون حول جدرانه "ويعجبون له" أي يستحسنونه، ويمدحونه، ويعجبهم بناؤه، وحسن منظره، "ويقولون: هلا وضعت هذه اللبنة" وهلّا هنا للتحضيض، والمعنى: ولكننا نحضك ونحثك على وضع هذه اللبنة التي لا يزال مكانها خالياً ليصبح هذا البناء في غاية الكمال والجمال، كما في رواية أبي هريرة قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فيقولون: "ألا وضعت هذه هنا لبنة فيتم بنيانك" أخرجه أحمد وفي رواية "أكمل موضع اللبنة".
قال -صلى الله عليه وسلم-: "فأنا اللبنة وأنا خاتم النبيين" أي فهو -صلى الله عليه وسلم- بالنسبة إلى الأنبياء السابقين كاللبنة المتممة لذلك البناء، لأن به -صلى الله عليه وسلم- كمال الشرائع السابقة، وليس معنى هذا أن الأديان السابقة كانت ناقصة وإنما المراد أنه وإن كانت كل شريعة كاملة بالنسبة إلى عصرها إلاّ أن الشريعة المحمدية هي الشريعة الأكمل والأتم ومعنى كونه -صلى الله عليه وسلم- "خاتم النبيين" أنها لا تحدث نبوة في أحد من البشر بعد ظهوره -صلى الله عليه وسلم- وتحليه بها.
فقه الحديث: دل هذا الحديث على ما يأتي: أولاً: أن شريعة الإسلام هي أكمل الشرائع، لأن الله تعالى قد شرع فيها من الأحكام ما لم يكن موجوداً في الشرائع السابقة، ووضع فيها من التشريعات ما يتلاءم مع حاجة الناس ومصلحة البشر منذ بعثة النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى قيام الساعة، في حين أن الشرائع السابقة وإن كانت ملائمة لعصرها، إلاّ أنها غير ملائمة للبشرية في العصور الأخرى، بخلاف دين الإِسلام فإنه الدين المتكامل الذي اشتمل على جميع الأحكام في العبادات والمعاملات والجنايات والأحوال الشخصية والشؤون القضائية والسياسية والعسكرية، ولهذا أوجب الله على أهل الأديان السابقة جميعاً اعتناق هذا الدين، وأخذ عليهم الميثاق باتباع محمد -صلى الله عليه وسلم- عند ظهوره، وبين -صلى الله عليه وسلم- أنه لا دين إلاّ دينه، ولا شريعة إلاّ شريعته حيث قال -صلى الله عليه وسلم-: "لو كان موسى حياً ما وسعه إلاّ اتباعي".
ثانياً: أن نبينا -صلى الله عليه وسلم- هو خاتم النبيين: فلا يمكن أن يظهر نبي بعده -صلى الله عليه وسلم- أو تحدث نبوة لأحد من البشر بعد تحليه بها، ولا ينافي ذلك ظهور عيسى في آخر الزمان، لأنه كان نبياً قبل أن يظهر محمد -صلى الله عليه وسلم-، ثم إنه حين ينزل يتعبَّد بشريعة الإِسلام التي نسخت كل الشرائع.
مطابقة الحديث للترجمة: في قوله -صلى الله عليه وسلم-: "وأنا خاتم النبيين" الحديث: أخرجه الشيخان والترمذي. | |
|
 | |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى

عدد المساهمات : 41892 العمر : 70
 | موضوع: رد: أربعون حديثاً من أحاديث الآداب والأحكام الثلاثاء 29 يونيو 2021, 1:30 am | |
| 6- جواز النفقة من مال الرجل على من تجب عليه نفقتهم دون علمه إن كان شحيحاً: - عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ هِنْدَ بِنْتَ عُتْبَةَ، قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أَبَا سُفْيَانَ رَجُلٌ شَحِيحٌ وَلَيْسَ يُعْطِينِي مَا يَكْفِينِي وَوَلَدِي، إِلَّا مَا أَخَذْتُ مِنْهُ وَهُوَ لاَ يَعْلَمُ، فَقَالَ: “خُذِي مَا يَكْفِيكِ وَوَلَدَكِ،بِالْمَعْرُوفِ“ رواه البخاري ومسلم شرح غريب الحديث: (شحيح) بخيل مع الحرص. (بالمعروف) حسب عادة الناس في نفقة أمثالك وأمثال أولادك. فقه الحديث: قال الإمام: هذا حديث يشتمل على فوائد وأنواع من الفقه - منها: جواز ذكر الرجل ببعض ما فيه من العيوب إذا دعت الحاجة إليه، لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- لم ينكر قولها: إن أبا سفيان رجل شحيح. - ومنها وجوب نفقة المرأة على زوجها، - ووجوب نفقة الأولاد على الآباء، وفيه اتفاق بين أهل العلم، أن الولد إذا كان صغيراً أو بالغاً زمِناً وهو معسر تجب نفقته على الوالد الموسر، فإن بلغ محلاً يمكنه تحصيل نفقته بالاكتساب، سقطت نفقته عن الأب، - ومنها النفقة على الوالدين: لأنه إذا وجبت نفقة الأولاد فنفقة الوالدين أولى بالوجوب عند الزمانة والإعسار على الوالد الموسر. وأوجب سائر الفقهاء نفقتهم عند الإعسار، ولم يشترطوا الزمانة، ولا يجب نفقة غير الوالدين والمولودين من الأقارب... وإن احتاج الأب المعسر إلى نكاح، فعلي الولد الموسر إعفافه، بأن يعطيه مهر امرأة، أو ثمن جارية يتسراها، ثم عليه نفقة زوجته، وسريته، ولا يجب على الأب إعفاف ولده، وقد روي عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، أن رجلا أتى النبي -صلى الله عليه وسلم-، فقال: إن لي مالا وولدا، وإن والدي يحتاج مالي، قال: “أنت ومالك لوالدك، إن أولادكم من أطيب كسبكم، كلوا من كسب أولادكم”. ففيه دليل على أنه إذا لم يكن له مال، وله كسب يلزمه أن يكتسب للإنفاق على والده، وكذلك الولد. وذهب بعض أهل العلم إلى أن يد الوالد مبسوطة في مال ولده، يأخذ منه ما يشاء، وذهب عامتهم إلى أنه لا يأخذ إلا عند الحاجة. - ومنها: أن النفقة على قدر الكفاية، لأنه قال: “خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف”. - ومنها: أن القاضي يقضي بعلم نفسه، لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يكلفها البينة فيما ادعته، إذ كان النبي -صلى الله عليه وسلم- عالما بكونها في نكاح أبي سفيان، وفيه اختلاف بين أهل العلم، ذكرته في كتاب القضاء. وقال القاسم: لا ينبغي للحاكم أن يمضي قضاء بعلمه دون علم غيره، مع أن علمه أكثر من شهادة غيره، لأنه يعرض نفسه للتهمة عند المسلمين، وقد كره النبي -صلى الله عليه وسلم- الظن، فقال: “إنما هذه صفية”. - ومنها: جواز القضاء على الغائب، وهو قول مالك، والشافعي، وذهب جماعة إلى أن القضاء على الغائب لا يجوز، وهو قول شريح، وعمر بن عبد العزيز، وإليه ذهب ابن أبي ليلى، وأصحاب الرأي، وقال أبو عبيد: يجوز إذا تبين للحاكم أن المدعي عليه استخفى فرارا من الحق، ومعاندة من الخصم، وجوز أصحاب الرأي، إذا كان له اتصال بالحاضر بأن ادعت المرأة النفقة على زوجها الغائب، وادعت له وديعة في يد حاضر، أو ادعت الشفعة على حاضر في شقص اشتراه وبائعه غائب. - ومنها: أن من له حق على غيره يمنعه إياه، فظفر من ماله بشيء، جاز له أن يقتضي منه حقه، سواء كان من جنس حقه أو لم يكن إياه، ثم يبيع ما ليس من جنس حقه، فيستوفي حقه من ثمنه، وذلك أن معلوما أن منزل الرجل الشحيح لا يجمع كل ما يحتاج إليه أهله وولده من النفقة والكسوة، وسائر المرافق التي تلزمه لهم، ثم أطلق لها الإذن في أخذ كفايتها وكفاية أولادها، ولا يكون ذلك إلا بصرف غير جنس حقها في تحصيل ما هو من جنس حقها، وهذا قول الشافعي. وذهب قوم إلى أنه يأخذ من ماله جنس حقه لو أودعه دراهم، وله على المودع مثلها، فله أخذها عن حقه، فإن جحد المودع ماله، له أن يجحد وديعته، فيمسكها عن حقه، وإن كانت الوديعة دنانير، فليس له أن يجحدها وأن يأخذ منها حقه، وهو قول سفيان الثوري، وقال أصحاب الرأي: يأخذ أحد النقدين عن الآخر، ولا يجوز الأخذ من جنس آخر. وذهب مالك إلى أنه لا يجوز جحود وديعته، سواء كان من جنس حقه، أو لم يكن، واحتج بما روي، عن أبي هريرة، قال: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: “أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك” والمراد من هذا أن يخونه بعد استيفاء حقه بزيادة جزاء لخيانته، فأما استيفاء قدر حقه فمأذون له فيه من جهة الشرع في حديث هند، فلا يدخل تحت النهي عن الخيانة".
| |
|
 | |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى

عدد المساهمات : 41892 العمر : 70
 | موضوع: رد: أربعون حديثاً من أحاديث الآداب والأحكام الثلاثاء 29 يونيو 2021, 1:35 am | |
| 7- من ثمرات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر عن النُّعْمَان بْنِ بَشِيرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: "مَثَلُ القَائِمِ عَلَى حُدُودِ اللَّهِ وَالوَاقِعِ فِيهَا، كَمَثَلِ قَوْمٍ اسْتَهَمُوا عَلَى سَفِينَةٍ، فَأَصَابَ بَعْضُهُمْ أَعْلاَهَا وَبَعْضُهُمْ أَسْفَلَهَا، فَكَانَ الَّذِينَ فِي أَسْفَلِهَا إِذَا اسْتَقَوْا مِنَ المَاءِ مَرُّوا عَلَى مَنْ فَوْقَهُمْ، فَقَالُوا: لَوْ أَنَّا خَرَقْنَا فِي نَصِيبِنَا خَرْقًا وَلَمْ نُؤْذِ مَنْ فَوْقَنَا، فَإِنْ يَتْرُكُوهُمْ وَمَا أَرَادُوا هَلَكُوا جَمِيعًا، وَإِنْ أَخَذُوا عَلَى أَيْدِيهِمْ نَجَوْا، وَنَجَوْا جَمِيعًا" رواه البخاري.
شرح غريب الحديث (القائم على حدود الله) المستقيم مع أوامر الله تعالى ولا يتجاوز ما منع الله تعالى منه والآمر بالمعروف الناهي عن المنكر.
(الواقع فيها) التارك للمعروف المرتكب للمنكر.
(استهموا) اقترعوا ليأخذ كل منهم سهما أي نصيباً.
(أخذوا على أيديهم) منعوهم من خرق السفينة).
قال السندي: قوله: والمُدْهن فيها -وهو لفظ في رواية عند البخاري- رواية بالتخفيف من الإدْهان، وهو المحاباة في غير حق، أي: التاركُ للأمر بالمعروف، مع القدرة عليه، لاستحياء، أو قلةِ مبالاة في الدين، أو لمحافظة جانب.
استهموا، أي: اقتسموا السفينة بالقُرعة.
فقه الحديث في هذا الحديث - فيه إقامة الحدود، يحصل بها النجاة لمن أقامها وأقيمت عليه.
قال الحافظ في "الفتح" 5/296: وهكذا إقامة الحدود، يحصل بها النجاة لمن أقامها وأقيمت عليه، وإلا، هلك العاصي بالمعصية، والساكت بالرضا عنها".
- وفيه تعذيب العامة بذنوب الخاصة.
- وفيه استحقاق العقوبة بترك الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر.
- وفيه تبيين العالم للمسألة بضرب المثل الذي يفهم للعوام.
- وفيه أنه يجب على الجار أن يصبر على شيء من الأذى لجاره خوفًا مما هو أشد منه.
- وفيه دليل على أن صاحب السفل ليس له أن يحدث على صاحب العلو ما يضر به، وإن أحدث عليه ضررًا لزمه إصلاحه دون صاحب العلو، وأن لصاحب العلو منعه من الضرر، لقوله، عَلَيْهِ السَّلام: (فإن أخذوا على أيديهم نجوا ونجوا جميعًا).
- وفيه جواز القرعة؛ لإقرار النبي -صلى الله عليه وسلم- لها، وأنه لم يذم المستهمين في السفينة، ولا أبطل فعلهم، بل رضيه وضربه مثلاً لمن نجى نفسه من الهلكة في دينه.
القرعة سُنَّةٌ لكل مَنْ أراد العدل في القسمة بين الشركاء، والفقهاء متفقون على القول بها، فإذا وجبت القسمة بين الشركاء في أرض أو دار، فعليهم أن يُعدٍّلوا ذلك بالقيمة، ثم يستهموا ويصير لكل واحد منهم ما وقع له بالقرعة مجتمعًا مما كان له في الملك مشاعًا، فيصير في موضع بعينه، ويكون له ذلك بالعوض الذي صار لشريكه؛ لأن مقادير ذلك قد عدل بالقيمة". | |
|
 | |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى

عدد المساهمات : 41892 العمر : 70
 | موضوع: رد: أربعون حديثاً من أحاديث الآداب والأحكام الثلاثاء 29 يونيو 2021, 1:38 am | |
| 8- يد الله مع الجماعة - عَنْ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: "إِنَّ اللَّهَ لَا يَجْمَعُ أُمَّتِي -أَوْ قَالَ: أُمَّةَ مُحَمَّدٍ -صلى الله عليه وسلم-، عَلَى ضَلَالَةٍ، وَيَدُ اللَّهِ مَعَ الجَمَاعَةِ، وَمَنْ شَذَّ شَذَّ إِلَى النَّارِ" رواه الترمذي.
شرح غريب الحديث: - وَتَفْسِيرُ الجَمَاعَةِ عِنْدَ أَهْلِ العِلْمِ هُمْ أَهْلُ الفِقْهِ وَالعِلْمِ وَالحَدِيثِ، (قاله الترمذي).
"يد الله مع الجماعة" قال في النهاية: "هو كناية عن الحفظ، أي: أنَّ الجماعة المتفقة من أهل الإسلام في كنف الله ووقايته".
فقه الحديث: - في الحديث حجية الإجماع.
- وفيه امتياز أمة محمد -صلى الله عليه وسلم- عن جميع الأمم بهذه الفضيلة فيلزم منه امتياز الفرقة الناجية المسماة بأهل السنة والجماعة من الفرق الضالة.
- وفيه حفظ الله تعالى ونصرته للجماعة المتفقهة الناجية المسماة أهل السنة والجماعة.
- وفيه التنفير من الانفراد عن الجماعة والشذوذ عنها .
| |
|
 | |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى

عدد المساهمات : 41892 العمر : 70
 | موضوع: رد: أربعون حديثاً من أحاديث الآداب والأحكام الثلاثاء 29 يونيو 2021, 1:41 am | |
| 9- هلاك المتنطعين عَنْ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: “هَلَكَ الْمُتَنَطِّعُونَ” قَالَهَا ثَلَاثًا"رواه مسلم.
شرح غريب الحديث: - ”الْمُتَنَطِّعُونَ” هُمُ المُتعَمِّقون المُغالون فِي الْكَلَامِ، المتكلِّمون بأقْصَى حُلوقهم. مَأْخُوذٌ مِنَ النِّطَعِ، وَهُوَ الغارُ الأعْلى مِنَ الفَم، ثُمَّ استُعْمِل فِي كُلِّ تَعَمُّق، قَوْلًا وَفِعْلًا. (النهاية في غريب الحديث والأثر (5/ 74)).
وقال الخطابي: "المتنطع المتعمق في الشيء المتكلف البحث عنه على مذاهب أهل الكلام الداخلين فيما لا يعنيهم الخائضين فيما لا تبلغه عقولهم".
وقال أحمد البنا -رحمة الله تعالى عليه-: "المتنطعون: المتعمقون المتقعرون في الكلام الذي يرومون بجودة سبكه سبي قلوب الناس.
يُقالُ تنطع الرجل في علمه إذا تنطس فيه؛ وقيل المتعنتون في السؤال عن عويص المسائل الذي يندر وقوعها وقيل الغالون في عبادتهم بحيث تخرج عن قوانين الشريعة ويسترسل مع الشيطان في الوسوسة والله أعلم".
فقه الحديث: - فيه كراهة التقعر في الكلام بالتشدق وتكلف الفصاحة واستعمال وحشي اللغة ودقائق الإعراب في مخاطبة العوام ونحوهم.
- وفيه دليل على أن الحكم بظاهر الكلام وأنه لا يترك الظاهر إلى غيره ما كان له مساغ وأمكن فيه استعمال.
- وفيه هلاك الغالين في التأويل، العادلين عن ظواهر الشرع بغير دليل؛ كالباطنية، وغلاة الشيعة.
وهلاكهم بأن صُرفوا عن الحق في الدنيا، وبأن يعذبوا في الآخرة.
والتكرار: تأكيد وتفخيم بعظيم هلاكهم".
| |
|
 | |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى

عدد المساهمات : 41892 العمر : 70
 | موضوع: رد: أربعون حديثاً من أحاديث الآداب والأحكام الثلاثاء 29 يونيو 2021, 1:48 am | |
| 10- النفر الثلاثة الذين تقالُّوا عمل الرسول -صلى الله عليه وسلم-: عن أَنَس بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قال: جَاءَ ثَلاَثَةُ رَهْطٍ إِلَى بُيُوتِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-، يَسْأَلُونَ عَنْ عِبَادَةِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-، فَلَمَّا أُخْبِرُوا كَأَنَّهُمْ تَقَالُّوهَا، فَقَالُوا: وَأَيْنَ نَحْنُ مِنَ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-؟ قَدْ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ، قَالَ أَحَدُهُمْ: أَمَّا أَنَا فَإِنِّي أُصَلِّي اللَّيْلَ أَبَدًا، وَقَالَ آخَرُ: أَنَا أَصُومُ الدَّهْرَ وَلاَ أُفْطِرُ، وَقَالَ آخَرُ: أَنَا أَعْتَزِلُ النِّسَاءَ فَلاَ أَتَزَوَّجُ أَبَدًا، فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- إِلَيْهِمْ، فَقَالَ: “أَنْتُمُ الَّذِينَ قُلْتُمْ كَذَا وَكَذَا، أَمَا وَاللَّهِ إِنِّي لَأَخْشَاكُمْ لِلَّهِ وَأَتْقَاكُمْ لَهُ، لَكِنِّي أَصُومُ وَأُفْطِرُ، وَأُصَلِّي وَأَرْقُدُ، وَأَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ، فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي” رواه البخاري ومسلم.
غريب الحديث: قَوْله: (ثَلَاثَة رَهْط) وَفِي رِوَايَة مُسلم من حَدِيث ثَابت عَن أنس: أَن نَفرا من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَآله وَسلم، وَالْفرق بَين الرَّهْط والنفر أَن الرَّهْط من ثَلَاثَة إِلَى عشرَة، والنفر من ثَلَاثَة إِلَى تِسْعَة، وكل مِنْهُمَا اسْم جمع لَا وَاحِد لَهُ، وَلَا مُنَافَاة بَينهمَا من حَيْثُ الْمَعْنى، وَوَقع فِي مُرْسل سعيد بن الْمسيب من رِوَايَة عبد الرَّزَّاق: أَن الثَّلَاثَة الْمَذْكُورين هم: عَليّ بن أبي طَالب. وَعبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ، وَعُثْمَان بن مَظْعُون رضي الله عنهم.
(تقالوها) عدوها قليلة.
(ذنبه) ذنبه -صلى الله عليه وسلم- على حسب مقامه وما يعتبر ذنبا في حقه ليس هو من جنس الذنوب حقيقة ولو فعله غيره لا يسمى ذنبا.
كفعله خلاف الأولى ونحو ذلك.
(أبداً) دائما دون انقطاع.
(الدهر) أي أواصل الصيام يوما بعد يوم.
(لأخشاكم لله واتقاكم له) أكثركم خوفا منه وأشدكم تقوى.
(أرقد) أنام.
(رغب عن سنتي) مال عن طريقتي وأعرض عنها.
(فليس مني) أي ليس بمسلم إن كان ميله عنها كرها لها أو عن عدم اعتقاد بها.
أما إن كان غير ذلك فإنه مخالف لطريقتي السهلة السمحة التي لا تشدد فيها ولا عنت".
وقال ابن حجر: قوله (فمن رغب عن سنتي فليس مني) المراد بالسنة الطريقة...
والمراد من ترك طريقتي وأخذ بطريقة غيري فليس مني ولمح بذلك إلى طريق الرهبانية فإنهم الذين ابتدعوا التشديد كما وصفهم الله تعالى وقد عابهم بأنهم ما وفَّوه بما التزموه؛ وطريقة النبي -صلى الله عليه وسلم- الحنيفية السمحة فيفطر ليتقوى على الصوم وينام ليتقوى على القيام ويتزوج لكسر الشهوة وإعفاف النفس وتكثير النسل.
وقوله (فليس مني) إن كانت الرغبة بضرب من التأويل يعذر صاحبه فيه.
فمعنى (فليس مني) أي على طريقتي ولا يلزم أن يخرج عن الملة؛ وإن كان إعراضاً وتنطعاً يفضي إلى اعتقاد أرجحية عمله؛ فمعنى فليس مني: ليس على ملتي لأن اعتقاد ذلك نوع من الكفر.
فقه الحديث: في الحديث: - دلالة على فضل النكاح والترغيب فيه.
- وفيه تتبع أحوال الأكابر للتأسي بأفعالهم.
- وفيه أنه إذا تعذرت معرفته من الرجال جاز استكشافه من النساء.
- وفيه أن من عزم على عمل بر واحتاج إلى إظهاره حيث يأمن الرياء لم يكن ذلك ممنوعا.
- وفيه تقديم الحمد والثناء على الله عند إلقاء مسائل العلم وبيان الأحكام للمكلفين وإزالة الشبهة عن المجتهدين.
- وفيه أن المباحات قد تنقلب بالقصد إلى الكراهة والاستحباب.
- وفيه الرد على من منع استعمال الحلال من الأطعمة والملابس وآثر غليظ الثياب وخشن المأكل (قاله الطبري).
قال عياض هذا مما اختلف فيه السلف فمنهم من نجا إلى ما قال الطبري ومنهم من عكس واحتج بقوله تعالى (أذهبتم طيباتكم في حياتكم الدنيا) (الأحقاف: 20).
قال والحق أن هذه الآية في الكفار وقد أخذ النبي -صلى الله عليه وسلم- بالأمرين.
قلت لا يدل ذلك لأحد الفريقين إن كان المراد المداومة على إحدى الصفتين والحق أن ملازمة استعمال الطيبات تفضي إلى الترفه والبطر ولا يأمن من الوقوع في الشبهات لأن من اعتاد ذلك؛ قد لا يجده أحيانا؛ فلا يستطيع الانتقال عنه فيقع في المحظور.
كما أن منع تناول ذلك أحيانا يفضي إلى التنطع المنهي عنه ويرد عليه صريح قوله تعالى: (قل مَنْ حَرَّمَ زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق) (الأعراف: 32).
- وفيه أن الأخذ بالتشديد في العبادة يفضي إلى الملل القاطع لأصلها وملازمة الاقتصار على الفرائض مثلا وترك التنفل يفضي إلى إيثار البطالة وعدم النشاط إلى العبادة وخير الأمور الوسط.
- وفيه أيضاً إشارة إلى أن العلم بالله ومعرفة ما يجب من حقه أعظم قدراً من مجرد العبادة البدنية والله أعلم.
| |
|
 | |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى

عدد المساهمات : 41892 العمر : 70
 | موضوع: رد: أربعون حديثاً من أحاديث الآداب والأحكام الثلاثاء 29 يونيو 2021, 4:04 am | |
| 11- الاعتدال في الإسلام عَنْ عَوْنِ بْنِ أَبِي جُحَيْفَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: آخَى النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- بَيْنَ سَلْمَانَ، وَأَبِي الدَّرْدَاءِ، فَزَارَ سَلْمَانُ أَبَا الدَّرْدَاءِ، فَرَأَى أُمَّ الدَّرْدَاءِ مُتَبَذِّلَةً، فَقَالَ لَهَا: مَا شَأْنُكِ؟ قَالَتْ: أَخُوكَ أَبُو الدَّرْدَاءِ لَيْسَ لَهُ حَاجَةٌ فِي الدُّنْيَا، فَجَاءَ أَبُو الدَّرْدَاءِ فَصَنَعَ لَهُ طَعَامًا، فَقَالَ: كُلْ؟ قَالَ: فَإِنِّي صَائِمٌ، قَالَ: مَا أَنَا بِآكِلٍ حَتَّى تَأْكُلَ، قَالَ: فَأَكَلَ، فَلَمَّا كَانَ اللَّيْلُ ذَهَبَ أَبُو الدَّرْدَاءِ يَقُومُ، قَالَ: نَمْ، فَنَامَ، ثُمَّ ذَهَبَ يَقُومُ فَقَالَ: نَمْ، فَلَمَّا كَانَ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ قَالَ: سَلْمَانُ قُمِ الآنَ، فَصَلَّيَا فَقَالَ لَهُ سَلْمَانُ: إِنَّ لِرَبِّكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَلِنَفْسِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَلِأَهْلِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، فَأَعْطِ كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ، فَأَتَى النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم-، فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-: “صَدَقَ سَلْمَانُ”. شرح غريب الحديث (متبذلة) لابسة ثياب البذلة وهي المهنة أي تاركة لباس الزينة. (حاجة في الدنيا) أي ومنها زينة المرأة لزوجها وهو لا يأبه لذلك. (ذي حق) صاحب حق. وكانت هذه الزيارة وهذا الحوار قبل أن يفرض الحجاب على المسلمات. فقه الحديث وفي هذا الحديث من الفوائد: - مشروعية المؤاخاة في الله وزيارة الإخوان والمبيت عندهم وجواز مخاطبة الأجنبية والسؤال عما يترتب عليه المصلحة وإن كان في الظاهر لا يتعلق بالسائل. - وفيه النصح للمسلم وتنبيه من أغفل. - وفيه فضل قيام آخر الليل. - وفيه مشروعية تزين المرأة لزوجها وثبوت حق المرأة على الزوج في حسن العشرة وقد يؤخذ منه ثبوت حقها في الوطء لقوله ولأهلك عليك حقاً ثم قال وائت أهلك وقرره النبي -صلى الله عليه وسلم- على ذلك. - وفيه جواز النهي عن المستحبات إذا خشي أن ذلك يفضي إلى السآمة والملل وتفويت الحقوق المطلوبة الواجبة أو المندوبة الراجح فعلها على فعل المستحب المذكور؛ وإنما الوعيد الوارد على من نهى مصلياً عن الصلاة مخصوصٌ بمن نهاه ظلماً وعدواناً. - وفيه كراهية الحمل على النفس في العبادة. - وفيه جواز الفطر من صوم التطوع، كما ترجم له المصنف (أي البخاري) وهو قول الجمهور ولم يجعلوا عليه قضاء إلا أنه يُستحب له ذلك".
| |
|
 | |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى

عدد المساهمات : 41892 العمر : 70
 | موضوع: رد: أربعون حديثاً من أحاديث الآداب والأحكام الثلاثاء 29 يونيو 2021, 4:08 am | |
| 12- فضل حافظ القرآن عَنْ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: "مَثَلُ المؤمن الَّذِي يَقْرَأُ القُرْآنَ: كَالأُتْرُجَّةِ طَعْمُهَا طَيِّبٌ، وَرِيحُهَا طَيِّبٌ، وَالَّذِي لاَ يَقْرَأُ القُرْآنَ: كَالتَّمْرَةِ طَعْمُهَا طَيِّبٌ وَلاَ رِيحَ لَهَا، وَمَثَلُ الفَاجِرِ الَّذِي يَقْرَأُ القُرْآنَ: كَمَثَلِ الرَّيْحَانَةِ رِيحُهَا طَيِّبٌ، وَطَعْمُهَا مُرٌّ، وَمَثَلُ الفَاجِرِ الَّذِي لاَ يَقْرَأُ القُرْآنَ: كَمَثَلِ الحَنْظَلَةِ طَعْمُهَا مُرٌّ، وَلاَ رِيحَ لَهَا". شرح غريب الحديث (كالأترجة) واحدة نوع من الثمار الحمضيات جميل المنظر طيب الطعم والنكهة لين الملمس كثير المنافع.
(الريحانة) واحدة نوع من النبات.
(الحنظلة) واحدة نوع من ثمار أشجار الصحراء التي لا تؤكل.
فقه الحديث وفي الحديث: - فضيلة حاملي القرآن.
- فضل الْقُرْآنِ وذلك أن فضل القارئ إِنَّمَا يحصل من قِرَاءَة الْقُرْآن.
- ثبوت فضل قارئ القرآن على غيره يستلزم فضل القرآن على سائر الكلام كما فضل الأترج على سائر الفواكه.
- وضرب المثل للتقريب للفهم.
- وأن المقصود من تلاوة القرآن العمل بما دل عليه.
- إباحة أكل الطعام الطيب وكراهة أكل المر، وأن الزهد ليس في خلاف ذلك ألا ترى أن النبي -عليه الصلاة والسلام- شبَّه المؤمن الذي يقرأ القرآن بالأترجة التي طعمها طيب وريحها طيب، وشبَّه المؤمن الذي لا يقرأ بالتمرة طعمها طيب ولا ريح لها، ففي هذا الترغيب في أكل الطعام الطيب وأكل الحلو، ولو كان الزهد فيه أفضل لَمَا شَبَّهَ النبي -عليه الصلاة والسلام- ذلك مرة بقراءة القرآن ومرة بالإيمان.
| |
|
 | |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى

عدد المساهمات : 41892 العمر : 70
 | موضوع: رد: أربعون حديثاً من أحاديث الآداب والأحكام الثلاثاء 29 يونيو 2021, 4:12 am | |
| 13 - إنذار الرسول -صلى الله عليه وسلم- قومه بالهلاك إذا لم يطيعوه عَنْ أَبِي مُوسَى، عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-، قَالَ: "إِنَّمَا مَثَلِي وَمَثَلُ مَا بَعَثَنِي اللَّهُ بِهِ، كَمَثَلِ رَجُلٍ أَتَى قَوْمًا فَقَالَ: يَا قَوْمِ، إِنِّي رَأَيْتُ الجَيْشَ بِعَيْنَيَّ، وَإِنِّي أَنَا النَّذِيرُ العُرْيَانُ، فَالنَّجَاءَ، فَأَطَاعَهُ طَائِفَةٌ مِنْ قَوْمِهِ، فَأَدْلَجُوا، فَانْطَلَقُوا عَلَى مَهَلِهِمْ فَنَجَوْا، وَكَذَّبَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ، فَأَصْبَحُوا مَكَانَهُمْ، فَصَبَّحَهُمُ الجَيْشُ فَأَهْلَكَهُمْ وَاجْتَاحَهُمْ، فَذَلِكَ مَثَلُ مَنْ أَطَاعَنِي فَاتَّبَعَ مَا جِئْتُ بِهِ، وَمَثَلُ مَنْ عَصَانِي وَكَذَّبَ بِمَا جِئْتُ بِهِ مِنَ الحَقِّ". شرح غريب الحديث
(الجيش) عسكر العدو مغيراً. (العريان) الذي تجرد من ثوبه ورفعه بيده إعلاماً لقومه بالغارة عليهم.
ضرب به النبي -صلى الله عليه وسلم- المثل لأمته لأنه تجرد لإنذارهم.
(فالنجاء النجاء) انجوا بأنفسكم وأسرعوا بالهرب؛ اطلبوا النجاء، منصوب على الإغراء.
(فأدلجوا) من الإدلاج وهو السير في الليل أو أوله.
(مهلهم) تأنيهم وسكينتهم.
(فصبَّحهم) أتاهم صباحاً أي بغتة.
(فاجتاحهم) استأصلهم وأهلكهم.
فقه الحديث:
- فِيهِ الْإِنْذَار عَن الْوُقُوع فِي الْمعاصِي والانتهاء عَنْهَا. - وفيه ضرب المثل لتقريب الفهم.
قال الطيبي:
"شبَّه -صلى الله عليه وسلم- نفسه بالرجل وإنذاره بالعذاب القريب بإنذار الرجل قومه بالجيش المُصبِّح؛ وشبَّه مَنْ أطاعه من أمَّتِهِ ومَنْ عصاه بمَنْ كَذَّبَ الرجل في إنذاره ومَنْ صَدَّقَهُ الحديث". - وفيه الدعوة إلى التمسك بالسنة والاقتداء بها؛ لقوله " فأطاعه طَائِفَة من قومه " لِأَن إطاعة النَّبِي اقْتِدَاء بسنته.
- وفيه شفقته -صلى الله عليه وسلم- على أمته ومبالغته في تحذيرهم مما يضرهم؛ ورحمته بهم مصداقا لقوله تعالى: (لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ) (التوبة: 128).
| |
|
 | |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى

عدد المساهمات : 41892 العمر : 70
 | موضوع: رد: أربعون حديثاً من أحاديث الآداب والأحكام الثلاثاء 29 يونيو 2021, 4:26 am | |
| 14- وجوب اتباع سُنَّةِ الرسول -صلى الله عليه وسلم- وسُنَّةِ خلفائه الراشدين: عن الْعِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ، قَالَ: وَعَظَنَا رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- مَوْعِظَةً ذَرَفَتْ مِنْهَا الْعُيُونُ، وَوَجِلَتْ مِنْهَا الْقُلُوبُ، قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ هَذِهِ لَمَوْعِظَةُ مُوَدِّعٍ، فَمَاذَا تَعْهَدُ إِلَيْنَا؟ قَالَ: "قَدْ تَرَكْتُكُمْ عَلَى الْبَيْضَاءِ لَيْلُهَا كَنَهَارِهَا لَا يَزِيغُ عَنْهَا بَعْدِي إِلَّا هَالِكٌ، وَمَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ، فَسَيَرَى اخْتِلَافًا كَثِيرًا، فَعَلَيْكُمْ بِمَا عَرَفْتُمْ مِنْ سُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ، وَعَلَيْكُمْ بِالطَّاعَةِ، وَإِنْ عَبْدًا حَبَشِيًّا عَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ، فَإِنَّمَا الْمُؤْمِنُ كَالْجَمَلِ الْأَنِفِ حَيْثُمَا انْقِيدَ انْقَادَ".
شرح غريب الحديث: "قوله: ذَرَفَت: ذَرَفَ، كضرب: إذا سال، والمراد: سال منها دموع العيون، إلا أنه نسب الفعل إلى العين مبالغة.
ووَجِلَت من وَجِلَ كعَلِم: إذا خاف.
لموعظة مُوَدِّعَ: اسم فاعل من التوديع، أي المبالغةُ فيها دليل على أنك تودعنا، فزد في المبالغة.
تعهد: توصي.
"على البيضاء": صفة المِلَّة.
والمراد بقوله: "ليلها كنهارها" دوام البياض.
"إلا هالك": أي من قدَّر الله تعالى له الهلاك.
"الخلفاء الراشدين": قيل: هم الأربعة رضي الله تعالى عنهم، وقيل: بل هم ومن سار سيرتهم من أئمة الإسلام المجتهدين في الأحكام، فإنهم خلفاء رسول الله -عليه الصلاة والسلام- في إعلاء الحق وإحياء الدين وإرشاد الخلق إلى الصراط المستقيم.
"بالطاعة": للأمير.
"عضُّوا عليها بالنواجذ": أي على سُنَّتِي وسُنَّةِ الخلفاء الراشدين، أو على الطاعة، وهو الأوفق لما بعده.
والنواجذ، بالذال المعجمة: هي الأضراس، والمراد الحتم في لزوم السُّنَّة، كفعل من أمسك الشيء بين أضراسه، وعضَّ عليه منعاً له من أن ينتزع منه.
"الأنفِ"، بالمد أو القصر، وهو مجروح الأنف، وهو لا يمتنع على قائده للوجع الذي به، وهذا الكلام أنسبُ بالطاعة، ويناسب السُّنَّة أيضاً نظراً إلى أن من السُّنَّة ما هو ثقيل على النفس، فقيل: المؤمن من شأنه الطاعة في كل شيء. والله تعالى أعلم". فقه الحديث في الحديث فوائد منها: - وجوب طاعة ولي الأمر؛ وقوله: “وإن كان عبداً حبشياً” يريد به طاعة مَنْ وَلَّاهُ الإمام، وإن كان حبشياً، ولم يرد بذلك أن يكون الإمام عبداً حبشياً، وقد ثبت عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، أنه قال: “الأئمة من قريش”.
أو ذكر ذلك على طريق ضرب المثل، فإن المثل قد يضرب في الشيء بما لا يكاد يصح في الوجود، كما يروى من بنى مسجدا ولو كمفحص قطاة، بنى الله له بيتا في الجنة، ونحو ذلك من الكلام.
- وفيه تنبؤ الرسول -صلى الله عليه وسلم- بظهور الاختلاف وقوله: “فإنه من يعش منكم فسيرى اختلافاً كثيراً” إشارة إلى ظهور البدع والأهواء، والله أعلم.
- وفيه دليل على أن الواحد من الخلفاء الراشدين إذا قال قولاً، وخالفه غيره من الصحابة، كان المصير إلى قوله أولى، وإليه ذهب الشافعي في القديم.
- وفيه أن مُحدثات الأمور: ما أُحْدِث على غير قياس أصل من أصول الدين، فأمَّا ما كان مردوداً إلى أصل من أصول الدين، فليس بضلالة.
- وفيه تفضيل الخلفاء الراشدين على مَنْ سواهم من الصحابة، وهم: أبو بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، فهؤلاء أفضل الناس بعد النبيين والمرسلين -صلى الله عليهم وسلم-، وترتيبهم في الفضل، كترتيبهم في الخلافة، فأفضلهم أبو بكر، ثم عمر، ثم عثمان، ثم علي.
وكما خَصَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- هؤلاء من بين الصحابة باتباع سنتهم، فقد خَصَّ من بينهم أبا بكر، وعمر في حديث حذيفة عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، قال: "اقتدوا باللذَين من بعدي: أبي بكر، وعمر".
وكان ابن عباس إذا سُئِلَ عن الأمر، وكان في القرآن، أخبر به، فإن لم يكن وكان عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، أخبر به، فإن لم يكن فعن أبي بكر، وعمر، فإن لم يكن قال فيه برأيه.
- وجوب لزوم سُنَّةِ الرسول -صلى الله عليه وسلم-، وسُنَّةِ الخلفاء الراشدين، والتمسك بها بأبلغ وجوه الجد، ومجانبة ما أحدث على خلافها.
وقال أبَيُّ بن كعب: إن اقتصاداً في سبيل وسُنَّةٍ خَيْرٌ من اجتهادٍ في خلاف سبيل وسُنَّةٍ".
وقال ابن مسعود: "الاقتصاد في السُّنَّةِ خيرٌ من الاجتهاد في البدعة".
وقال الحسن: "عملٌ قليلٌ في سُنَّةٍ خَيْرٌ من عمل كثير في بدعة".
وقال ابن عون: ثلاثٌ أحَبُّ لنفسي ولإخواني: هذه السُّنَّةِ أن يتعلموها، ويسألوا عنها، والقرآن أن يتفهموه، ويسألوا عنه، ويدعوا الناس إلا من خير.
وقال الأوزاعي: خمسٌ كان عليه أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم-: لزوم الجماعة، واتباع السُّنَّةِ، وعمارة المسجد، وتلاوة القرآن، وجهادٍ في سبيل الله".
قال الشيخ الألباني: "والحديث (أي حديث العرباض أعلاه) من الأحاديث الهامة التي تَحُضُّ المسلمين على التمسك بالسُّنَّةِ وسُنَّةِ الخلفاء الراشدين الأربعة ومَنْ سار سيرتهم، والنهي عن كل بدعة، وأنها ضلالة، وإن رآها الناس حسنة، كما صح عن ابن عمر رضي الله عنه، والأحاديث في النهي عن ذلك كثيرة معروفة، ومع ذلك فقد انصرف عنها جماهير المسلمين اليوم، لا فرق في ذلك بين العامة والخاصة، اللهم إلا القليل منهم، بل إن الكثيرين منهم ليعدون البحث في ذلك من توافه الأمور، وأن الخوض في تمييز السُّنَّةِ عن البدعة، يثير الفتنة، ويفرق الكلمة، وينصحون بترك ذلك كله، وترك المُناصحة في كل ما هو مختلف فيه ناسين أو مُتناسين أن من المُختلف فيه بين أهل السُّنَّةِ وأهل البدعة كلمة التوحيد، فهم لا يفهمون منها وجوب توحيد الله في العبادة، وأنه لا يجوز التوجه إلى غيره تعالى بشيء منها، كالاستغاثة والاستعانة بالموتى من الأولياء والصالحين: (وهم يحسبون أنهم يُحسنون صُنعًا)".
| |
|
 | |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى

عدد المساهمات : 41892 العمر : 70
 | موضوع: رد: أربعون حديثاً من أحاديث الآداب والأحكام الثلاثاء 29 يونيو 2021, 4:31 am | |
| 15 - إثم من خاصم في باطل حتى استحق به في الظاهر شيئاً هو في الباطن حرامٌ عليه: عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: “إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ، وَإِنَّكُمْ تَخْتَصِمُونَ إِلَيَّ، فَلَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَنْ يَكُونَ أَلْحَنَ بِحُجَّتِهِ مِنْ بَعْضٍ، فَأَقْضِيَ لَهُ عَلَى نَحْوِ مَا أَسْمَعُ مِنْهُ، فَمَنْ قَضَيْتُ لَهُ بِشَيْءٍ مِنْ حَقِّ أَخِيهِ، فَلَا يَأْخُذَنَّ مِنْهُ شَيْئًا، فَإِنَّمَا أَقْطَعُ لَهُ قِطْعَةً مِنَ النَّارِ”. شرح غريب الحديث قوله: (إنما أنا بشر) معناه التنبيه على حالة البشرية وأن البشر لا يعلمون من الغيب وبواطن الأمور شيئا إلا أن يطلعهم الله تعالى على شيء من ذلك.
قوله: “ألحن بحجته” أي: أفطن لها، واللحَن مفتوحة الحاء: الفطنة، يقال لحِنْت للشيء بكسر الحاء ألحن له لحَنا، ورجل لحن، أي: فطن.
واللحْن بسكون الحاء: الخطأ، يقال: لحَن الرجل في كلامه بفتح الحاء يلحن لحْنا، واللحْن: النحو واللغة، ومنه قول عمر رضي الله عنه: “تعلموا اللحْن كما تعلمون القرآن”.
فقه الحديث في هذا الحديث من الفوائد: - " إثم من خاصم في باطل حتى استحق به في الظاهر شيئاً هو في الباطن حرام عليه.
- وفيه أن مَنْ ادَّعى مالاً ولم يكن له بينة فحلف المدعى عليه وحكم الحاكم ببراءة الحالف أنه لا يبرأ في الباطن وأن المدعي لو أقام بينة بعد ذلك تنافي دعواه سُمِعتْ وبطُل الحكم.
- وفيه أن من احتال لأمر باطل بوجه من وجوه الحيل حتى يصير حقا في الظاهر ويحكم له به أنه لا يحل له تناوله في الباطن ولا يرتفع عنه الإثم بالحكم.
- وفيه أن المجتهد قد يخطئ فيرد به على من زعم أن كل مجتهد مصيب.
- وفيه أن المجتهد إذا أخطأ لا يلحقه إثم بل يؤجر.
- وفيه أنه -صلى الله عليه وسلم- كان يقضي بالاجتهاد فيما لم ينزل عليه فيه شيء.
- وفيه أنه ربما أداه اجتهاده إلى أمر فيحكم به؛ ويكون في الباطن بخلاف ذلك لكن مثل ذلك لو وقع لم يُقَرَّ عليه -صلى الله عليه وسلم- لثبوت عصمته.
- وفيه أن الحكم بين الناس يقع على ما يسمع من الخصمين بما لفظوا به وإن كان يمكن أن يكون في قلوبهم غير ذلك؛ وأنه لا يُقضى على أحَدٍ بغير ما لفظ به؛ فمَنْ فعل ذلك فقد خالف كتاب الله وسُنَّةَ نبيه (صلى الله عليه وسلم) قال ومثل هذا: قضاؤه لعبد بن زمعة بابن الوليدة فلما رأى الشبه بيِّناً بعُتْبَةَ قال احتجبي منه يا سودة" انتهى.
- وفيه أن الحاكم لا يحكم بعلمه بدليل الحصر في قوله: "إنما أقضي له بما أسمع".
- وفيه أن التعمق في البلاغة بحيث يحصل اقتدار صاحبها على تزيين الباطل في صورة الحق وعكسه مذموم.
- وفيه موعظة الإمام الخصوم ليعتمدوا الحق والعمل بالنظر الراجح وبناء الحكم عليه وهو أمر إجماعي للحاكم والمفتي. والله سبحانه وتعالى أعلم".
| |
|
 | |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى

عدد المساهمات : 41892 العمر : 70
 | موضوع: رد: أربعون حديثاً من أحاديث الآداب والأحكام الثلاثاء 29 يونيو 2021, 4:46 am | |
| 16- بيان ما كان عليه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من عظيم الخُلُق: عن معاوية بن الحكم السلمي، قال: بينا أنا أصلي مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، إذ عطس رجل من القوم، فقلت: يرحمك الله فرماني القوم بأبصارهم، فقلت: واثكل أمِّياه، ما شأنكم؟ تنظرون إلي، فجعلوا يضربون بأيديهم على أفخاذهم، فلما رأيتهم يصمتونني لكني سكت، فلما صلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فبأبي هو وأمي، ما رأيتُ معلماً قبله ولا بعده أحسن تعليماً منه، فوالله، ما كهرني ولا ضربني ولا شتمني، قال: “إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس، إنما هو التسبيح والتكبير وقراءة القرآن” أو كما قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قلت: يا رسول الله، إني حديث عهد بجاهلية، وقد جاء الله بالإسلام، وإن منا رجالاً يأتون الكهان، قال: “فلا تأتهم“ قال: ومنا رجال يتطيرون، قال: "ذاك شيء يجدونه في صدورهم، فلا يصدنهم -قال ابن الصباح: فلا يصدنكم-" قال قلت: ومنا رجال يخطون، قال: “كان نبي من الأنبياء يخط، فمن وافق خطه فذاك” قال: وكانت لي جارية ترعى غنماً لي قِبَل أُحُدٍ والجوانية، فاطلعت ذات يوم فإذا الذيب قد ذهب بشاةٍ من غنمها، وأنا رجل من بني آدم، آسفُ كما يأسفون، لكني صككتُها صكَّة، فأتيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فعظّم ذلك عليَّ، قلت: يا رسول الله أفلا أعتقها؟ قال: “ائتني بها” فأتيتهُ بها، فقال لها: “أين الله؟” قالت: في السماء، قال: “مَنْ أنا؟” قالت: أنت رسول الله، قال: “أعتقها، فإنها مؤمنة”.
شرح غريب الحديث (فرماني القوم بأبصارهم) أي نظروا إلى حديدا كما يرمى بالسهم زجرا بالبصر من غير كلام.
(واثُكْل أمياه) بضم الثاء وإسكان الكاف وبفتحهما جميعا لغتان كالبخل والبخل حكاهما الجوهري وغيره وهو فقدان المرأة ولدها وامرأة ثكلى وثاكل وثكلته أمه وأثكله الله تعالى أمه أي وافقد أمي إياي فإني هلكت فـ: وا كلمة تختص في النداء بالندبة وثكل أمياه مندوب ولكونه مضافاً منصوب وهو مضاف إلى أم المكسورة الميم لإضافة إلى ياء المتكلم الملحق بآخره الألف والهاء وهذه الألف تلحق المندوب لأجل مد الصوت به إظهاراً لشدة الحزن والهاء التي بعدها هي هاء السكت ولا تكونان إلا في الآخر.
(كهرني) قالوا القهر والكهر والنهر متقاربة أي ما قهرني ولا نهرني.
(بجاهلية) قال العلماء الجاهلية ما قبل ورود الشرع سموا جاهلية لكثرة جهالاتهم وفحشهم.
(ذاك شيء يجدونه في صدورهم) قال العلماء معناه أن الطيرة شيء تجدونه في نفوسكم ضرورة ولا عتب عليكم في ذلك لكن لا تمتنعوا بسببه من التصرف في أموركم.
(يخط) إشارة إلى علم الرمل.
(قبل أحد والجوانية) الجوانية بقرب أحُدٍ موضع في شمال المدينة.
(آسف كما يأسفون) أي أغضب كما يغضبون والأسف الحزن والغضب.
قال تعالى (فَلَمَّا آسَفُونَا انْتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ) (الزخرف: 55) فَلَمَّا آسَفُونا أغَضبونا بالإِفراط في العناد والعصيان منقول من أسف إذا اشتد غضبه. انْتَقَمْنا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْناهُمْ أَجْمَعِينَ في اليم.
(صككتها صكة) أي ضربتها بيدي مبسوطة.
فقه الحديث: - فيه دليل على جواز الفعل القليل في الصلاة وأنه لا تبطل به الصلاة وأنه لا كراهة فيه إذا كان لحاجة.
- وفيه بيان ما كان عليه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من عظيم الخُلق الذي شهد الله تعالى له به ورِفقُه بالجاهل ورأفته بأمته وشفقته عليهم.
- وفيه التخلق بخلقه -صلى الله عليه وسلم- في الرفق بالجاهل وحسن تعليمه واللطف به وتقريب الصواب إلى فهمه.
- وفيه تحريم الكلام في الصلاة سواء كان لحاجة أو غيرها وسواء كان لمصلحة الصلاة أو غيرها فإن احتاج إلى تنبيه أو إذن لداخل ونحوه سبح إن كان رجلا وصفقت إن كانت امرأة هذا مذهبنا ومذهب مالك وأبي حنيفة رضي الله عنهم والجمهور من السلف والخلف؛ وقال طائفة منهم الأوزاعي: يجوز الكلام لمصلحة الصلاة لحديث ذي اليدين.
وهذا في كلام العامد العالم أما الناسي فلا تبطل صلاته بالكلام القليل عندنا وبه قال مالك وأحمد والجمهور وقال أبو حنيفة رضي الله عنه والكوفيون تبطل دليلنا حديث ذي اليدين.
وأما كلام الجاهل إذا كان قريب عهد بالإسلام فهو ككلام الناسي فلا تبطل الصلاة بقليله لحديث معاوية بن الحكم هذا الذي نحن فيه لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يأمره بإعادة الصلاة لكن علمه تحريم الكلام فيما يستقبل.
- وفيه دليل على أن من حلف لا يتكلم فسبح أو كبر أو قرأ القرآن لا يحنث وهذا هو الصحيح المشهور في مذهبنا (أي الشافعية).
- وفيه دلالة لمذهب الشافعي رحمه الله تعالى والجمهور أن تكبيرة الإحرام فرض من فروض الصلاة وجزء منها.
- وفي هذا الحديث النهي عن تشميت العاطس في الصلاة وأنه من كلام الناس الذي يحرم في الصلاة وتفسد به إذا أتى به عالماً عامداً.
(قال أصحابنا إن قال يرحمك الله بكاف الخطاب بطلت صلاته وإن قال يرحمه الله أو اللهم ارحمه أو رحم الله فلاناً لم تبطل صلاته لأنه ليس بخطاب.
وأمَّا العاطس في الصلاة فيستحب له أن يحمد الله تعالى سراً هذا مذهبنا وبه قال مالك وغيره وعن ابن عمر والنخعي وأحمد -رضي الله عنهم- أنه يجهر به والأول أظهر لأنه ذكر والسُّنَّة في الأذكار في الصلاة الإسرار إلا ما استثنى من القراءة في بعضها ونحوها.
- وفيه النهي عن إتيان الكهان والرجوع إلى قولهم وتصديقهم فيما يدعونه؛ لأنهم يتكلمون في مغيبات قد يصادف بعضها الإصابة فيخاف الفتنة على الإنسان بسبب ذلك لأنهم يلبسون على الناس كثيرا من أمر الشرائع وقد تظاهرت الأحاديث الصحيحة بالنهي عن إتيان الكهان وتصديقهم فيما يقولون وتحريم ما يُعْطَوْنَ من الحلوان وهو حرام بإجماع المسلمين.
وقال الماوردي رحمه الله تعالى في الأحكام السلطانية ويمنع المحتسب الناس من التكسب بالكهانة واللهو ويؤدب عليه الآخذ والمعطي.
- وفيه النهي عن التطير والطيرة هي محمولة على العمل بها, لا على ما يوجد في النفس من غير عمل على مقتضاه عندهم.
- عَنْ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: "الطِّيَرَةُ شِرْكٌ"، وَمَا مِنَّا إِلَّا، وَلَكِنَّ اللهَ يُذْهِبُهُ بِالتَّوَكُّلِ".
قال السندي: قوله: الطيَرة، بكسر ففتح وقد تسكن: التشاؤم بالشيء.
شرك: أي: إذا اعتقد تأثيراً لغيره تعالى في الإيجاد، وقيل: أي: إنها من أعمال المشركين، أو مفضية إلى الشرك باعتقاد التأثير، أو المراد: الشرك الخفي.
وما منا إلا: أي: ما منا أحد إلا ويعتريه شيء ما منه في أول الأمر قبل التأمل.
ولكن الله يذْهبه: أي: إذا توكل على الله، ومضى على ذلك الفعل، ولم يعمل بوفق هذا العارض غفر له.
وقد ذكر كثير من الحفاظ أن جملة: وما منا.... إلخ، من كلام ابن مسعود مدرج في الحديث، ولو كان مرفوعاً كان المراد: وما منا: أي: من الأمة. والله تعالى أعلم".
قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إِنَّمَا الطِّيَرَةُ مَا أَمْضَاكَ، أَوْ رَدَّكَ".
- وفيه أن نبياً كان يخُط وهو نبي الله إدريس -عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام-؛ وموافقة خطه مباحة إذا كان الخاط متيقناً من ذلك؛ ولكن لا طريق لنا إلى العلم اليقيني بالموافقة فلا يُباح والمقصود أنه حرام لأنه لا يُباح إلا بيقين الموافقة وليس لنا يقين بها.
وقال القاضي عياض المختار أن معناه أن من وافق خطه فذاك الذي يجدون إصابته فيما يقول لا أنه أباح ذلك لفاعله قال ويحتمل أن هذا نسخ في شرعنا.
- وفيه دليل على جواز استخدام السيد جاريته في الرعي وإن كانت تنفرد في المرعى وإنما حرم الشرع مسافرة المرأة وحدها لأن السفر مظنة الطمع فيها وانقطاع ناصرها والذابِّ عنها وبعدها منه.
- وفي هذا الحديث صفة من صفات الله تعالى.
وفيها مذهبان: أحدهما الإيمان به من غير خوض في معناه مع اعتقاد أن الله تعالى ليس كمثله شيء وتنزيهه عن سمات المخلوقات.
والثاني تأويله بما يليق به.
- وفي هذا الحديث أن إعتاق المؤمن أفضل من إعتاق الكافر.
- وأجمع العلماء على جواز عتق الكافر في غير الكفارات وأجمعوا على أنه لا يُجزئ الكافر في كفارة القتل كما ورد به القرآن واختلفوا في كفارة الظهار واليمين والجماع في نهار رمضان.
فقال الشافعي ومالك والجمهور: لا يجزئه إلا مؤمنة حملاً للمطلق على المقيد في كفارة القتل.
وقال أبو حنيفة -رضي الله عنه- والكوفيون يجزئه الكافر للإطلاق فإنها تسمى رقبة.
- قوله -صلى الله عليه وسلم-: "أين الله؟" قالت: في السماء، قال: "مَنْ أنا؟" قالت: أنت رسول الله، قال: "أعتقها فإنها مؤمنة"، فيه دليل على أن الكافر لا يصير مؤمناً إلا بالإقرار بالله تعالى وبرسالة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
- وفيه دليل على أن مَنْ أقَرَّ بالشهادتين واعتقد ذلك جزماً كفاه ذلك في صحة إيمانه وكونه من أهل القبلة والجنة ولا يُكلف مع هذا إقامة الدليل والبرهان على ذلك ولا يلزمه معرفة الدليل وهذا هو الصحيح الذي عليه الجمهور.
- وفيه أن الجارية مُؤْمِنَةٌ مُوَّحِدَةٌ". | |
|
 | |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى

عدد المساهمات : 41892 العمر : 70
 | موضوع: رد: أربعون حديثاً من أحاديث الآداب والأحكام الثلاثاء 29 يونيو 2021, 4:57 am | |
| 17 – إباحة زيارة القبور وَبَيَانِ الْحِكْمَةِ فِيهَا وَأَنَّهَا لِلِاعْتِبَارِ: عن أنس قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: “كُنْتُ نهيتُكم عن زيارة القبور ألا فزوروها فإنها تُرق القلب وتُدمع العين وتُذكّر الآخرة ولا تقولوا هُجْراً”.
شرح غريب الحديث: الهُجر –بالضم- وهو الفحش أو إكثار الكلام فيما لا ينبغي والكلام الباطل، وكل ما يسخط الرَّبَّ.
وقيل: هُوَ الخَنَا والقَبيحُ مِنَ الْقَوْلِ؛ كما في النهاية (5/ 245).
فقه الحديث - فيه مَشْرُوعِيَّة زِيَارَةِ الْقُبُورِ وَبَيَانِ الْحِكْمَةِ فِيهَا وَأَنَّهَا لِلِاعْتِبَارِ؛ فَإِذَا خَلَتْ مِنْ هَذِهِ لَمْ تَكُنْ مُرَادَةً شَرْعًا.
- وفيه النهي عن الهُجْر –وهو الفحش أو إكثار الكلام فيما لا ينبغي والكلام الباطل– وكل ما يُسخط الرَّبَّ.
- وفيه إيماء إلى أن النهي إنما كان لقرب عهدهم بالجاهلية فربما تكلموا بكلام الجاهلية من ندب ونحوه.
فلما استقرت قواعد الدين أِذنَ فيه واحتاط فيه بقوله: "ولا تقولوا هُجْرا".
وقال الإمام البغوي في "شرح السنة" 2/417: ذهب بعض أهل العلم إلى أن هذا (يعني ما في حديث ابن عباس من لعن زائرات القبور) كان قبل ترخيص النبي -صلى الله عليه وسلم- في زيارة القبور، فلما رخص، دخل في الرخصة الرجال والنساء، وذهب بعضهم إلى أنه كره للنساء زيارة القبور، لقلة صبرهن، وكثرة جزعهن. وانظر "فتح الباري" 3/148-149.
ويرى الشيخ الألباني: "أن زيارة القبور: تُشرع للاتعاظ بها وتذكرة الآخرة شريطة أن لا يقول عندها ما يُغْضِبُ الرَّبَّ سبحانه وتعالى كدعاء المقبور والاستغاثة به من دون الله تعالى أو تزكيته والقطع له بالجنة ونحو ذلك وفيه أحاديث معروفة.
- والنساء كالرجال في استحباب زيارة القبور.
يدل على ذلك أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قد رخص لهن في زيارة القبور في حديثين حفظتهما لنا أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها: 1- عن عبد الله بن أبي مليكة: أن عائشة أقبلت ذات يوم من المقابر فقلت: لها: يا أم المؤمنين من أين أقبلتِ؟ قالت: من قبر عبد الرحمن بن أبي بكر فقلت لها: أليس كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نهى عن زيارة القبور؟ قالت: نعم: ثم أمرنا بزيارتها.
وفي رواية عنها: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رَخَّصَ في زيارة القبور.
2 - عن محمد بن قيس بن مخرمة بن المطلب أنه قال يوماً: ألا أحدثكم عني وعن أمّي؟ فظننا أنه يريد أمَّهُ التي ولدت قال: قالت عائشة: ألا أحدثكم عني وعن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟ قلنا: بلى قالت: لَمَّا كانت ليلتي التي كان النبي -صلى الله عليه وسلم- فيها عندي انقلب فوضع رداءه وخلع نعليه فوضعهما عند رجليه وبسط طرف إزاره على فراشه فاضطجع فلم يلبث إلا ريثما ظهر أنه قد رقدتُ فأخذ رداءه رويداً وانتعل رويداً وفتح الباب رويداً فخرج ثم أجافه رويداً فجعلتُ درعي في رأسي واختمرتُ وتقنَّعتُ إزاري ثم انطلقتُ على إثره حتى جاء البقيع فقام فأطال القيام ثم رفع يديه ثلاث مرات ثم انحرف فانحرفتُ وأسرع فأسرعتُ فهرول فهرولتُ فأحضر فأحضرتُ فسبقتهُ فدخلته؛ فليس إلا أن أضجعتُ فدخل فقال: مالكِ يا عائش حشيا رابية؟ قالت: قلت: لا شيء يا رسول الله، قال: لتخبرني أو ليخبرني اللطيف الخبير. قالت قلت: يا رسول الله بأبي أنت وأمي فأخبرته الخبر؛ قال: فأنتِ السواد الذي رأيته أمامي؟ قلت: نعم فلهزني في صدري لهزةً أوجعتني ثم قال: أظننتِ أن يحيف اللهُ عليك ورسولُه؟ قالت: مهما يكتم الناس يعلمه الله، قال: نعم. قال: فإن جبريل أتاني حين رأيت فناداني فأخفاه منك فأجبته فأخفيته منك ولم يكن ليدخل عليك وقد وضعت ثيابك وظننت أن قد رقدت فكرهتُ أن أوقظكِ وخشيتُ أن تستوحشي فقال: إن رَبَّكَ يأمُرك أن تأتي أهل البقيع فتستغفر لهم. قالت: قلت: كيف أقول لهم يا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟ قال قولي: "السلام على أهل الديار من المؤمنين والمسلمين ويرحم اللهُ المُستقدمين منا والمُستأخرين وإنا إن شاء اللهُ بكم للاحقون". | |
|
 | |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى

عدد المساهمات : 41892 العمر : 70
 | موضوع: رد: أربعون حديثاً من أحاديث الآداب والأحكام الثلاثاء 29 يونيو 2021, 5:11 am | |
| 18- الحث على استحباب سن الأمور الحسنة وتحريم سن الأمور السيئة. عَنِ الْمُنْذِرِ بْنِ جَرِيرٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- فِي صَدْرِ النَّهَارِ، قَالَ: فَجَاءَهُ قَوْمٌ حُفَاةٌ عُرَاةٌ مُجْتَابِي النِّمَارِ أَوِ الْعَبَاءِ، مُتَقَلِّدِي السُّيُوفِ، عَامَّتُهُمْ مِنْ مُضَرَ، بَلْ كُلُّهُمْ مِنْ مُضَرَ فَتَمَعَّرَ وَجْهُ رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- لِمَا رَأَى بِهِمْ مِنَ الْفَاقَةِ، فَدَخَلَ ثُمَّ خَرَجَ، فَأَمَرَ بِلَالًا فَأَذَّنَ وَأَقَامَ، فَصَلَّى ثُمَّ خَطَبَ فَقَالَ: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ) (النساء: 1) إِلَى آخِرِ الْآيَةِ، (إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا) (النساء: 1) وَالْآيَةَ الَّتِي فِي الْحَشْرِ: (اتَّقُوا اللهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللهَ) (الحشر: 18) “تَصَدَّقَ رَجُلٌ مِنْ دِينَارِهِ، مِنْ دِرْهَمِهِ، مِنْ ثَوْبِهِ، مِنْ صَاعِ بُرِّهِ، مِنْ صَاعِ تَمْرِهِ -حَتَّى قَالَ- وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ” قَالَ: فَجَاءَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ بِصُرَّةٍ كَادَتْ كَفُّهُ تَعْجِزُ عَنْهَا، بَلْ قَدْ عَجَزَتْ، قَالَ: ثُمَّ تَتَابَعَ النَّاسُ، حَتَّى رَأَيْتُ كَوْمَيْنِ مِنْ طَعَامٍ وَثِيَابٍ، حَتَّى رَأَيْتُ وَجْهَ رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- يَتَهَلَّلُ، كَأَنَّهُ مُذْهَبَةٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: “مَنْ سَنَّ فِي الْإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً، فَلَهُ أَجْرُهَا، وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا بَعْدَهُ، مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْءٌ، وَمَنْ سَنَّ فِي الْإِسْلَامِ سُنَّةً سَيِّئَةً، كَانَ عَلَيْهِ وِزْرُهَا وَوِزْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا مِنْ بَعْدِهِ، مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أَوْزَارِهِمْ شَيْءٌ”.
شرح غريب الحديث: - (النمار) جمع نمرة: وَهِي كسَاء من صوف ملون مخطط.
- و(اجتابوها): قطعوها فَلَبِسُوهَا، وأصل الجوب الْقطع، وَمِنْه: (جابوا الصخر بالواد) (الْفجْر: 9).
والمعنى: أنه جاءه قوم لابسي أزر مخططة من صوف.
- و(العباء) جمع، واحده عباءة وعباية: وَهِي ضرب من الأكسية.
- (تمعر): تغير مِمَّا شقّ عَلَيْهِ من أَمرهم.
- و(الفاقة): الْفقر.
- و(الكومة) بالضم الصُّبرة والكوم العظيم من كل شيء؛ والكوم المكان المرتفع كالرابية قال القاضي فالفتح هنا أولى لأن مقصوده الكثرة والتشبيه بالرابية.
- (يتهلل) أي يستنير فرحاً وسروراً.
- (مذهبة) ذكر القاضي وجهين في تفسيره أحدهما معناه فضة مذهبة فهو أبلغ في حسن الوجه وإشراقه والثاني شبهه في حسنه ونوره بالمذهبة من الجلود وجمعها مذاهب وهي شيء كانت العرب تصنعه من جلود وتجعل فيها خطوط مذهبة يرى بعضها إثر بعض.
فقه الحديث - فيه استحباب جمع الناس للأمور المهمة ووعظهم وحثهم على مصالحهم وتحذيرهم من القبائح.
- وفيه إظهار الفرح والسرور لما يرى المسلم مبادرة المسلمين إلى طاعة الله تعالى وبذل أموالهم لله وامتثال أمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ولدفع حاجة هؤلاء المحتاجين وشفقة المسلمين بعضهم على بعض وتعاونهم على البر والتقوى.
- وفيه أن الخطب كلَّها، سواء كانت للجمعة أو لغيرها، وسواء كانت على المنبر أو على الأرض، وسواء كانت من جلوس أو قيام، فإنها تبتدئ بحمد الله والثناء عليه بما هو أهله، ثم يذكر بعد ذلك ما يحتاج إلى ذكره من موعظة أو ذكر حاجة يحتاج إلى ذكرها، ويفصل بين الحمد والثناء، وبين ما بعده بقوله: أما بعد.
ولا يستثنى مما ذكرناه من الخطب إلا خطبة العيد، فقد قيل: إنها تستفتح بالتكبير ثم يثني بالحمد والثناء على الله تعالى.
- وفيه الحث على استحباب سن الأمور الحسنة وتحريم سن الأمور السيئة.
- وفيه التحذير من اختراع الأباطيل والمستقبحات وسبب هذا الكلام في هذا الحديث أنه قال في أوله فجاء رجل بصرة كادت كفه تعجز عنها فتتابع الناس وكان الفضل العظيم للبادي بهذا الخير والفاتح لباب هذا الإحسان.
- وفي هذا الحديث تخصيص قوله -صلى الله عليه وسلم- كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وأن المراد به المحدثات الباطلة والبدع المذمومة.
والبدع خمسة أقسام: واجبة، ومندوبة، ومُحَرَّمَة، ومكروهة، ومُباحة.
تنبيه: "ولا يفهم من حديث: (أن مَنْ سَنَّ سُنَّةً حسنة في الإسلام له أجرها) أنه يبتدع أو أنه يجوز له أن يبتدع في دين الله الشيء الحسن؛ لأن الحسن ما حَسَّنَهُ الشرع، والقبيح ما قَبَّحَهُ الشرع، فلا يمكن أن يؤذن أو يسمح لأحد من أهل الإسلام أن يأتي بشيء يدخل به على الإسلام وليس منه، ونعده حينئذ من باب الحسنات، أو من باب السُّنَنِ الحسنة؛ لأننا لا بد أن ننظر إلى مناسبة هذا الحديث: (مَنْ سَنَّ في الإسلام سُنَّةً حسنة فله أجرها وأجرُ مَنْ عمل بها، لا ينقص ذلك من أجورهم شيئاً).
وهو (أن قوماً من مضر أتوا إلى النبي عليه الصلاة والسلام مجتابي النمار) أي: قتلهم الهزال، والضعف، والجوع، والحاجة، (فلما رآهم النبي عليه الصلاة والسلام تمعَّر وجهه).
يعني: تغيَّر وجهه وحزن وغضب لِمَا نزل بهم من فقر وحاجة (فعرف ذلك أحَدُ أصحابه فقام فأتى بما عنده) أي: من طعام أو شراب أو كسوة (فلما رآه أصحابه قد فعل ذلك وسُرَّ النبيُّ -عليه الصلاة والسلام- بفعل هذا الصاحب، قام كل واحد منهم إلى بيته فمنهم مَنْ أتى بكسرة خبز، ومنهم مَنْ أتى بطعام، ومنهم مَنْ أتى بشراب، ومنهم مَنْ أتى بملبس، فوضعوه في نطع ثم حملوه، والنطع هو الفرش من الجلد، فحملوه حتى كادت أيديهم أن تَكِلَّ -أي تعجز عن حمل هذا النطع بل قد كَلَّتْ-، فأتوا به إسعاداً لنبي الله -عليه الصلاة والسلام- ومساعدة لهؤلاء الفقراء المحتاجين.
فلما رأى النبي -عليه الصلاة والسلام- من أصحابه ذلك أراد أن يُكافئ مَنْ سَنَّ هذه السُّنَّةَ الحسنة أولاً فقال: مَنْ سَنَّ في الإسلام سُنَّةً حسنة) فلو أننا نظرنا إلى أصل هذا الحديث لوجدنا أن هذا الصاحب الأول قد فعل شيئاً يأذن به الشرع، فإنه الذي ذهب إلى بيته فأتى بما عنده مع قِلَّتِهِ، فهو ما ابتدع في الإسلام شيئاً، بل إنه قَرَّرَ مبدأً عظيماً، أو مبادئ عظيمة في الإسلام وهو مبدأ مواساة الفقراء والمحتاجين، وهذا أصل أصيل في الإسلام، وخدمة الفقراء، وإعانة الملهوفين، وإغاثتهم كل هذا إنما فعله هذا الصاحب؛ لأن الإسلام قد سَنَّهُ أولاً فهو ما زاد على أنه ذَكَّرَ الأصحاب بواجبات شرعية قد أذن وأمَرَ وحَثَّ عليها الشرع، فلم يأت بجديد".
وقال الشيخ المحقق الألباني في تلخيص أحكام الجنائز: "مَنْ سَنَّ في الإسلام سُنَّةً حسنة فله أجرها ومثل أجر مَنْ عمل بها بعده من غير أن ينقص من أجورهم شيء ومَنْ سَنَّ سُنَّةً في الإسلام سيئة كان عليه وزرها ومثل وزر مَنْ عمل بها من بعده من غير أن ينقص من أوزارهم شيء".
ثم تلى هذه الآية: (وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ) قال: فقسمه بينهم".
قلت: ليتأمَّلَ القارئ الكريم في سياق الحديث والمناسبة التي قاله النبي -صلى الله عليه وسلم- فيها يتبيَّن له أن الاستدلال به على إثبات البدعة الحسنة في الإسلام أبعد ما يكون عن الصواب لأنه ليس في سياقه ذكر لبدعة وقعت فيه فكيف يصح تفسير الحديث بقولهم: "من ابتدع في الإسلام بدعة حسنة" كما يقول المبتدعة وهو -صلى الله عليه وسلم- إنما قاله بمناسبة مجيء الأنصاري بصدقته قبل غيره ثم تتابع الناس بصدقاتهم من بعده فكان له أجر صدقته وأجر صدقاتهم لأنه الذي كان سَنَّهَا وابتدأها في ذلك المجلس فالحديث في الصدقة المشروعة وليس في البدعة المذمومة ذماً عاماً وبذلك يتبيَّن لكل ذي عينين أن الحديث لا يُعارض قوله -صلى الله عليه وسلم-: "كل بدعة ضلالة" وأنه لا يجوز أن نخصص به هذه الكلية التي كان -صلى الله عليه وسلم- يعلمها الناس في مجتمعاتهم وبخاصة في خطبة يوم الجمعة". | |
|
 | |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى

عدد المساهمات : 41892 العمر : 70
 | موضوع: رد: أربعون حديثاً من أحاديث الآداب والأحكام الثلاثاء 29 يونيو 2021, 5:17 am | |
| 19 – التوسل بِصَالح الْعَمَل إِلَى الله تَعَالَى عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-، قَالَ: "خَرَجَ ثَلاَثَةُ نَفَرٍ يَمْشُونَ فَأَصَابَهُمُ المَطَرُ، فَدَخَلُوا فِي غَارٍ فِي جَبَلٍ، فَانْحَطَّتْ عَلَيْهِمْ صَخْرَةٌ، قَالَ: فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: ادْعُوا اللَّهَ بِأَفْضَلِ عَمَلٍ عَمِلْتُمُوهُ، فَقَالَ أَحَدُهُمْ: اللَّهُمَّ إِنِّي كَانَ لِي أَبَوَانِ شَيْخَانِ كَبِيرَانِ، فَكُنْتُ أَخْرُجُ فَأَرْعَى، ثُمَّ أَجِيءُ فَأَحْلُبُ فَأَجِيءُ بِالحِلاَبِ، فَآتِي بِهِ أَبَوَيَّ فَيَشْرَبَانِ، ثُمَّ أَسْقِي الصِّبْيَةَ وَأَهْلِي وَامْرَأَتِي، فَاحْتَبَسْتُ لَيْلَةً، فَجِئْتُ فَإِذَا هُمَا نَائِمَانِ، قَالَ: فَكَرِهْتُ أَنْ أُوقِظَهُمَا، وَالصِّبْيَةُ يَتَضَاغَوْنَ عِنْدَ رِجْلَيَّ، فَلَمْ يَزَلْ ذَلِكَ دَأْبِي وَدَأْبَهُمَا، حَتَّى طَلَعَ الفَجْرُ، اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي فَعَلْتُ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ وَجْهِكَ، فَافْرُجْ عَنَّا فُرْجَةً نَرَى مِنْهَا السَّمَاءَ، قَالَ: فَفُرِجَ عَنْهُمْ، وَقَالَ الآخَرُ: اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي كُنْتُ أُحِبُّ امْرَأَةً مِنْ بَنَاتِ عَمِّي كَأَشَدِّ مَا يُحِبُّ الرَّجُلُ النِّسَاءَ، فَقَالَتْ: لاَ تَنَالُ ذَلِكَ مِنْهَا حَتَّى تُعْطِيَهَا مِائَةَ دِينَارٍ، فَسَعَيْتُ فِيهَا حَتَّى جَمَعْتُهَا، فَلَمَّا قَعَدْتُ بَيْنَ رِجْلَيْهَا قَالَتْ: اتَّقِ اللَّهَ وَلاَ تَفُضَّ الخَاتَمَ إِلَّا بِحَقِّهِ، فَقُمْتُ وَتَرَكْتُهَا، فَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي فَعَلْتُ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ وَجْهِكَ، فَافْرُجْ عَنَّا فُرْجَةً، قَالَ: فَفَرَجَ عَنْهُمُ الثُّلُثَيْنِ، وَقَالَ الآخَرُ: اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي اسْتَأْجَرْتُ أَجِيرًا بِفَرَقٍ مِنْ ذُرَةٍ فَأَعْطَيْتُهُ، وَأَبَى ذَاكَ أَنْ يَأْخُذَ، فَعَمَدْتُ إِلَى ذَلِكَ الفَرَقِ فَزَرَعْتُهُ، حَتَّى اشْتَرَيْتُ مِنْهُ بَقَرًا وَرَاعِيهَا، ثُمَّ جَاءَ فَقَالَ: يَا عَبْدَ اللَّهِ أَعْطِنِي حَقِّي، فَقُلْتُ: انْطَلِقْ إِلَى تِلْكَ البَقَرِ وَرَاعِيهَا فَإِنَّهَا لَكَ، فَقَالَ: أَتَسْتَهْزِئُ بِي؟ قَالَ: فَقُلْتُ: مَا أَسْتَهْزِئُ بِكَ وَلَكِنَّهَا لَكَ، اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي فَعَلْتُ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ وَجْهِكَ، فَافْرُجْ عَنَّا فَكُشِفَ عَنْهُمْ".
شرح غريب الحديث: (ثلاثة) من الناس من الأمم السابقة.
(الحلاب) الإناء الذي يحلب فيه أو اللبن المحلوب.
(أهلي) أقربائي كأختي وأخي وغيرهما.
(فاحتبست) تأخرت بسبب أمر عرض لي.
(يتضاغون): أَي: يصيحون، وَهُوَ من بَاب التفاعل من: الضغاء، بالمعجمتين وَهُوَ: الصياح بالبكاء، وَيُقَال: ضغا الثَّعْلَب ضغاء أَي: صَاح، وَكَذَلِكَ السنور، وَيُقَال: ضغا يضغو ضغوا وضغاء: إِذا صَاح وضج.
(دأبي) عادتي وشأني.
(إبتغاء وجهك) طلبا لمرضاتك.
(فرجة) الفتحة بين الشيءين.
(لا تنال ذلك منها) لا تحصل على مرادك.
(لا تفض الخاتم إلا بحقه) لا تزل البكارة إلا بحلال وهو النكاح.
(بفرق) مكيال يسع ثلاثة أصع.
فقه الحديث: ذكر مَا يُسْتَفَاد مِنْهُ - "فِيهِ: الْإِخْبَار عَن مُتَقَدِّمي الْأُمَم وَذكر أَعْمَالهم لترغيب أمته فِي مثلهَا، وَلم يكن -صلى الله عليه وسلم- يتَكَلَّم بِشَيْء إلاَّ لفائدة، وَإِذا كَانَ مزاحه كَذَلِك فَمَا ظَنك بأخباره؟
- وَفِيه: جَوَاز بيع الْإِنْسَان مَال غَيره بطرِيق الفضول، وَالتَّصَرُّف فِيهِ بِغَيْر إِذن مَالِكه إِذا أجَازه الْمَالِك بعد ذَلِك، وَلِهَذَا عقد البُخَارِيّ التَّرْجَمَة: تحت باب إِذَا اشْتَرَى شَيْئًا لِغَيْرِهِ بِغَيْرِ إِذْنِهِ فَرَضِيَ.
وَقَالَ بَعضهم: طَرِيق الِاسْتِدْلَال بِهِ يبتني على أَن شرع من قبلنَا شرع لنا، وَالْجُمْهُور على خِلَافه. انْتهى.
قلت: شرع من قبلنَا يلْزمنَا مَا لم يقص الشَّارِع الْإِنْكَار عَلَيْهِ، وَهنا طَرِيق آخر فِي الْجَوَاز، وَهُوَ: أَنه -صلى الله عليه وسلم- ذكر هَذِه الْقِصَّة فِي معرض الْمَدْح وَالثنَاء على فاعلها، وَأقرهُ على ذَلِك، وَلَو كَانَ لَا يجوز لبينه.
- وَفِيه: دَلِيل على صِحَة قَول ابْن الْقَاسِم: إِذا أودع رجل رجلاً طَعَاماً فَبَاعَهُ الْمُودَع بِثمن: فَرضِي الْمُودِع بِهِ، فَلهُ الْخِيَار إِن شَاءَ أَخذ الثّمن الَّذِي بَاعه بِهِ، وَإِن شَاءَ أَخذ مثل طَعَامه، وَمنع أَشهب. قَالَ: لِأَنَّهُ طَعَام بِطَعَام فِيهِ خِيَار.
- وَفِيه: الِاسْتِدْلَال لأبي ثَوْر فِي قَوْله: إِن من غصب قمحا فزرعه إِن كل مَا أخرجت الأَرْض من الْقَمْح فَهُوَ لصَاحب الْحِنْطَة.
وَقَالَ الْخطابِيّ: اسْتدلَّ بِهِ أَحْمد على أَن الْمُسْتَوْدَع إِذا أتجر فِي مَال الْوَدِيعَة وَربح أَن الرِّبْح إِنَّمَا يكون لرب المَال، قَالَ: وَهَذَا لَا يدل على مَا قَالَ، وَذَلِكَ أَن صَاحب الْفرْق إِنَّمَا تبرع بِفِعْلِهِ وتقرب بِهِ إِلَى الله، عز وَجل، وَقد قَالَ: إِنَّه اشْترى بقرًا وَهُوَ تصرف مِنْهُ فِي أَمر لم يُوكله بِهِ، فَلَا يسْتَحق عَلَيْهِ ربحا...
وَقَالَ ابْن بطال: وأصح هَذِه الْأَقْوَال قَول من قَالَ: إِن الرِّبْح للْغَاصِب والمتعدي وَالله أعلم.
- وَفِيه: إِثْبَات كرامات الْأَوْلِيَاء وَالصَّالِحِينَ.
- وَفِيه: فضل الْوَالِدين وَوُجُوب النَّفَقَة عَلَيْهِمَا، وعَلى الْأَوْلَاد والأهل، قَالَ الْكرْمَانِي: نَفَقَة الْفُرُوع مُتَقَدّمَة على الْأُصُول فَلِم تَركهم جائعين؟
قلت: لَعَلَّ فِي دينهم (أي شرع من كان قبلنا) نَفَقَةَ الأَصْل مُقَدّمَة، أَو كَانُوا يطْلبُونَ الزَّائِد على سد الرمق، والصياح لم يكن من الْجُوع، قلت: قَوْله: والصياح لم يكن من الْجُوع، فِيهِ نظر لَا يخفى.
- وَفِيه: أَنه يسْتَحبّ الدُّعَاء فِي حَال الكرب.
- وفيه التوسل بِصَالح الْعَمَل إِلَى الله تَعَالَى، كَمَا فِي الاسْتِسْقَاء.
- وَفِيه: فضل بر الْوَالِدين وَفضل خدمتهما وإيثارهما على من سواهُمَا من الْأَوْلَاد وَالزَّوْجَة.
- وَفِيه: فضل العفاف والانكفاف عَن الْمُحرمَات بعد الْقُدْرَة عَلَيْهَا.
- وَفِيه: جَوَاز الْإِجَارَة بِالطَّعَامِ.
- وَفِيه: فَضِيلَة أَدَاء الْأَمَانَة.
- وَفِيه: قَبول التَّوْبَة، وَأَن من صلح فِيمَا بَقِي، غفر لَهُ، وَأَن من هم بسيئة فَتَركهَا ابْتِغَاء وَجهه كتب لَهُ أجرهَا.
(وَلمن خَافَ مقَام ربه جنتان) (الرَّحْمَن: 64).
- وَفِيه: سُؤال الرب جلّ جَلَاله بإنجاز وعده، قَالَ تَعَالَى: (وَمن يتق الله يَجْعَل لَهُ مخرجا) (الطَّلَاق: 2).
وَقَالَ: (وَمَن يتق اللهَ يَجْعَل لَهُ من أمره يُسرًا) (الطَّلَاق: 4)". - قلت: وفيه استحباب مصاحبة ورفقة الصالحين؛ فلو كان أحد الثلاثة فاسقاً لمكثوا في الغار وكان هلاكهم.
| |
|
 | |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى

عدد المساهمات : 41892 العمر : 70
 | موضوع: رد: أربعون حديثاً من أحاديث الآداب والأحكام الثلاثاء 29 يونيو 2021, 5:25 am | |
| 20- مَنْ عادى لي ولياً فقد آذنتهُ بالحرب: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: "إِنَّ اللَّهَ قَالَ: مَنْ عَادَى لِي وَلِيًّا فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالحَرْبِ، وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ، وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ، فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ: كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ، وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ، وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا، وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا، وَإِنْ سَأَلَنِي لَأُعْطِيَنَّهُ، وَلَئِنِ اسْتَعَاذَنِي لَأُعِيذَنَّهُ، وَمَا تَرَدَّدْتُ عَنْ شَيْءٍ أَنَا فَاعِلُهُ تَرَدُّدِي عَنْ نَفْسِ المُؤْمِنِ، يَكْرَهُ المَوْتَ وَأَنَا أَكْرَهُ مَسَاءَتَهُ".
شرح غريب الحديث (ولياً) هو العالم بدين الله تعالى المواظب على طاعته المخلص في عبادته.
(آذنته بالحرب) أعلمته بالهلاك والنكال.
(مما افترضت عليه) من الفروض العينية وفروض الكفاية.
(كنت سمعه..) أحفظه كما يحفظ العبد جوارحه من التلف والهلاك وأوفقه لما فيه خيره وصلاحه وأعينه في المواقف وأنصره في الشدائد.
(استعاذني) استجار بي مما يخاف.
وقوله: "استعاذني" ضبطوه بالنون والباء وكلاهما صحيح.
(ما ترددتُ) كناية عن اللطف والشفقة وعدم الإسراع بقبض روحه.
(مساءته) إساءته بفعل ما يكره.
فقه الحديث - فيه أن الله سبحانه وتعالى قدم الأعذار إلى كل من عادى ولياً: أنه قد آذنه بأنه محاربُه بنفس المعاداة، وولي الله تعالى هو الذي يتبع ما شرعه الله تعالى فليحذر الإنسان من إيذاء قلوب أولياء الله عز وجل.
ومعنى المعاداة: أن يتخذه عدواً.
ولا أرى المعنى إلا من عاداه لأجل ولاية الله، وأما إذا كانت لأحوال تقتضي نزاعاً بين وليين لله محاكمة أو خصومة راجعة إلى استخراج حق غامض فإن ذلك لا يدخل في هذا الحديث، وقد خاصم الصحابة بعضهم بعضاً؛ فقد جرى بين أبي بكر وعمر رضي الله عنهما خصومة، وبين العباس وعلي رضي الله عنهما وبين كثير من الصحابة وكلهم كانوا أولياء لله عز وجل.
- وَاعْلَمْ أَنَّ جَمِيعَ الْمَعَاصِي مُحَارَبَةٌ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، قَالَ الْحَسَنُ: بنُ آدَمَ هَلْ لَكَ بِمُحَارَبَةِ اللَّهِ مِنْ طَاقَةٍ؟ فَإِنَّ مَنْ عَصَى اللَّهَ فَقَدْ حَارَبَهُ، لَكِنْ كُلَّمَا كَانَ الذَّنْبُ أَقْبَحَ، كَانَ أَشَدَّ مُحَارَبَةً لِلَّهِ، وَلِهَذَا سَمَّى اللَّهَ تَعَالَى أَكَلَةَ الرِّبَا وَقُطَّاعَ الطَّرِيقِ مُحَارِبِينَ لِلَّهِ تَعَالَى وَرَسُولِهِ؛ لِعِظَمِ ظُلْمِهِمْ لِعِبَادِهِ، وَسَعْيِهِمْ بِالْفَسَادِ فِي بِلَادِهِ، وَكَذَلِكَ مُعَادَاةُ أَوْلِيَائِهِ، فَإِنَّهُ تَعَالَى يَتَوَلَّى نُصْرَةَ أَوْلِيَائِهِ، وَيُحِبُّهُمْ وَيُؤَيِّدُهُمْ، فَمَنْ عَادَاهُمْ، فَقَدْ عَادَى اللَّهَ وَحَارَبَهُ".
- فيه إشارة إلى أنه لا تقدم نافلة على فريضة وإنما سميت النافلة نافلة إذا قضيت الفريضة وإلا فلا يتناولها اسم النافلة.
- وفيه أن النوافل إنما يزكو ثوابها عند الله لمن حافظ على فرائضه وأداها؛ قاله ابن بطال.
- وفيه علامة ولاية الله، لمن يكون الله قد أحبه.
يدل عليه قوله الله تعالى: "فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به" إلى آخره.
- وفيه أن التقرب إلى الله بالنوافل حتى تُستحَق المحبة منه تعالى.
- وفيه أن هذا التقرب لا يكون إلا بالتواضع والتذلل لله تعالى.
(ورأيت لبعض الناس أن معنى قوله تعالى: (فأكون عينيه اللتين يبصر بهما وأذنيه ويديه ورجليه) قال: وجه ذلك أنه لا يحرك جارحة من جوارحه إلا في الله، ولله، فجوارحه كلها تعمل بالحق، فمن كان كذلك لم تُردّ له دعوة).
- وفيه أن العبد إذا صار من أهل حب الله تعالى لم يمتنع أن يسأل ربه حوائجه ويستعيذ به ممن يخافه والله تعالى قادر على أن يعطيه قبل أن يسأله وأن يعيذه قبل أن يستعيذه؛ ولكنه سبحانه متقرب إلى عباده بإعطاء السائلين وإعاذة المستعيذين.
وقوله: "استعاذني" ضبطوه بالنون والباء وكلاهما صحيح.
وَيُرْوَى “أَنَّ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَانَ يَقُولُ: اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مِنْ أَحْبَابِكَ، فَإِنَّكَ إِذَا أَحْبَبْتَ عَبْدًا، غَفَرْتَ ذَنْبَهُ وَإِنْ كَانَ عَظِيمًا، وَقَبِلْتَ عَمَلَهُ وَإِنْ كَانَ يَسِيرًا”.
“وَكَانَ دَاوُدُ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَقُولُ فِي دُعَائِهِ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ حُبَّكَ وَحُبَّ مَنْ يُحِبُّكَ وَحُبَّ الْعَمَلِ الَّذِي يُبَلِّغُنِي حُبَّكَ، اللَّهُمَّ اجْعَلْ حُبَّكَ أَحَبَّ إِلَيَّ مِنْ نَفْسِي وَأَهْلِي وَمَالِي وَمِنَ الْمَاءِ الْبَارِدِ”.
“وَقَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-: أَتَانِي رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ -يَعْنِي فِي الْمَنَامِ- فَقَالَ لِي: يَا مُحَمَّدُ قُلِ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ حُبَّكَ، وَحُبَّ مَنْ يُحِبُّكَ، وَالْعَمَلَ الَّذِي يُبَلِّغُنِي حُبَّكَ”.
“وَكَانَ مِنْ دُعَائِهِ -صلى الله عليه وسلم-: اللَّهُمَّ ارْزُقْنِي حُبَّكَ وَحُبَّ مَنْ يَنْفَعُنِي حُبُّهُ عِنْدَكَ، اللَّهُمَّ مَا رَزَقْتَنِي مِمَّا أُحِبُّ فَاجْعَلْهُ قُوَّةً لِي فِيمَا تُحِبُّ، اللَّهُمَّ مَا زَوَيْتَ عَنِّي مِمَّا أُحِبُّ فَاجْعَلْهُ فَرَاغًا لِي فِيمَا تُحِبُّ”.
- وتواضعه -صلى الله عليه وسلم- معلوم لا يُحصى، ومنه أنه لَمَّا دخل مكة جعل الناس يقولون: هو هذا، هو هذا، فجعل يُحنى ظهره على الرحل ويقول: "الله أعْلى وأجَلُّ".
وهذه سيرة السلف المهديين. روى سفيان، عن أيوب الطائى، عن قيس بن مسلم، عن طارق بن شهاب قال: لما قدم عمر الشام عرضت له مخاضة، فنزل عن بعيره ونزع خفيه، فأمسكهما بيده، وخاض الماء ومعه بعيره، فقال له أبو عبيدة: لقد صنعت اليوم صنيعًا عظيمًا عند أهل الأرض، فصكّ في صدره وقال: لو غيرك قالها يا أبا عبيدة، إنكم كنتم أذّل الناس وأحقر الناس، فأعزكم الله بالإسلام، فمهما تطلبون العز في غيره يذلكم الله".
| |
|
 | |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى

عدد المساهمات : 41892 العمر : 70
 | موضوع: رد: أربعون حديثاً من أحاديث الآداب والأحكام الثلاثاء 29 يونيو 2021, 6:31 pm | |
| 21- العدل سبب تقدم الأمم, وانعدامه سبب هلاكها عن عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، أَنَّ قُرَيْشًا أَهَمَّهُمْ شَأْنُ المَرْأَةِ المَخْزُومِيَّةِ الَّتِي سَرَقَتْ، فَقَالُوا: وَمَنْ يُكَلِّمُ فِيهَا رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-؟ فَقَالُوا: وَمَنْ يَجْتَرِئُ عَلَيْهِ إِلَّا أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ، حِبُّ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَكَلَّمَهُ أُسَامَةُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: "أَتَشْفَعُ فِي حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ، ثُمَّ قَامَ فَاخْتَطَبَ، ثُمَّ قَالَ: إِنَّمَا أَهْلَكَ الَّذِينَ قَبْلَكُمْ، أَنَّهُمْ كَانُوا إِذَا سَرَقَ فِيهِمُ الشَّرِيفُ تَرَكُوهُ، وَإِذَا سَرَقَ فِيهِمُ الضَّعِيفُ أَقَامُوا عَلَيْهِ الحَدَّ، وَايْمُ اللَّهِ لَوْ أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ سَرَقَتْ لَقَطَعْتُ يَدَهَا". شرح غريب الحديث (أهمهم) أحزنهم وأثار اهتمامهم.
(شأن..) حالها وأمرها.
(المخزومية) نسبة إلى بني مخزوم واسمها فاطمة بنت الأسود وكانت سرقت حُلِيّاً يوم فتح مكة.
(حب) محبوب.
(أتشفع في حد) تتوسل أن لا يقام حد فرضه الله تعالى والحد عقوبة مقدرة من المشرع.
(الشريف) الذي له شأن في قومه بسبب مال أو نسب أو عشيرة.
(الضعيف) من ليس له عشيرة أو وجاهة في قومه.
(وأيْم الله) لفظ من ألفاظ القسم أصلها وأيمن الله فحذفت النون تخفيفاً وقد تقطع الهمزة وقد توصل.
فقه الحديث: - فيه دخول الرجال مع النساء في حد السرقة.
- وفيه أن لفاطمة رضي الله عنها مكانة عند أبيها عليه الصلاة والسلام.
- وفيه التشديد والإنكار على من رخَّص في إقامة الحد أو تعرض للشفاعة فيمن وجب عليه الحد.
- وفيه جواز ضرب المثل بالكبير القدر للمبالغة في الزجر عن الفعل ومراتب ذلك مختلفة.
- وفيه أن من حلف على أمر لا يتحقق أنه يفعله أو لا يفعله لا يحنث كمن قال لمن خاصم أخاه والله لو كنت حاضرا لهشمت أنفك خلافاً لمن قال يحنث مطلقاً.
- وفيه قبول توبة السارق ففي حديث عبد الله بن عمرو عند أحمد أنها قالت هل لي من توبة يا رسول الله فقال: "أنت اليوم من خطيئتك كيوم ولدتك أمك".
وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- بعد ذلك يرحمها ويصلها.
وقالت عائشة عن المخزومية أنها نكحت رجلاً من بني سليم وتابت وكانت حسنة التلبس وكانت تأتيني فأرفع حاجتها إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
- وفيه جواز التوجع لمن أقيم عليه الحد بعد إقامته عليه؛ وقد حكى ابن الكلبي في قصة أم عمرو بنت سفيان أن امرأة أسيد بن حضير أَوَتْها بعد أن قُطِعت وصنعت لها طعاماً وأن أُسيْداً ذكر ذلك للنبي -صلى الله عليه وسلم- كالمنكر على امرأته فقال: "رحمتها رحمها الله".
- وفيه الاعتبار بأحوال من مضى من الأمم ولا سيما من خالف أمر الشرع.
وتمسك به بعض من قال أن شرع من قبلنا شرع لنا لأن فيه إشارة إلى تحذير من فعل الشيء الذي جر الهلاك إلى الذين من قبلنا لئلا يهلك كما هلكوا.
- وفِيه: النَّهْي عَن الشَّفَاعَة فِي الْحُدُود وَلَكِن ذَلِك بعد بُلُوغه إِلَى الإِمَام.
- وَفِيه: منقبة ظَاهِرَة لأسامة، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ.
- وفيه: أن حدود الله لا يحل للأئمة ترك إقامتها على القريب والشريف، وأن من ترك ذلك من الأئمة فقد خالف سنُة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ورغب عن اتباع سبيله.
- وفيه: أن إنفاذ الحكم على الضعيف ومحاشاة الشريف مما أهلك الله به الأمم، ألا ترى أنه -صلى الله عليه وسلم- وصف أن بني إسرائيل هلكوا بإقامة الحد على الوضيع وتركهم الشريف.
وقد وصفهم الله بالكفر لمخالفتهم أمر الله تعالى، فقال تعالى: (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ) (المائدة: 44) (الظالمون) (المائدة: 54) (الفاسقون) (المائدة: 47) وقوله -صلى الله عليه وسلم-: "لو أن فاطمة سرقت لقطعت يدها" هو في معنى قوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم أو الوالدين والأقربين) (النساء: 135).
فامتثل -صلى الله عليه وسلم- أمر ربه في ذلك، وامتثله بعده الأئمة الراشدون في تقويم أهليهم فيما دون الحد. وذكر عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهري، عن سالم، عن أبيه قال: كان عمر بن الخطاب إذا نهى الناس عن شيء جمع أهله، فقال: إني نهيت الناس عن كذا وكذا، والناس ينظرون إليكم نظر الطير إلى اللحم، فإن وقعتم وقعوا، وإن هِبتم هابوا، وإني والله لا أوتَى برجل منكم وقع في شيء مما نهيته عنه إلا أُضَعِّف عليه العقوبة لمكانه مني، فمن شاء فليتقدم ومن شاء فليتأخر.
- و فيه أن الحدّ إذا بلغ الإمام أنه يجب عليه إقامته، لأنه قد تعلق بذلك حق لله ولا تجوز الشفاعة فيه لإنكاره ذلك على أسامة وذلك من أبلغ النهي، وأجاز أكثر أهل العلم الشفاعة في الحدود قبل وصولها إلى الإمام.
وفرق مالك بين من لم يُعرف منه أذى للناس. فقال: لا بأس أن يشفع له ما لم يبلغ الإمام، وأما من عرف بشر وفساد في الأرض فلا أحب أن يشفع له أحد.
قلت:- وفيه كذلك أن العدل سبب رقي الأمم كما أن انعدامه سبب تخلفها وهلاكها.
قال ابن تيمية رحمة الله تعالى عليه: "إن الله ينصر الأمة العادلة ولو كانت كافرة؛ ويخذل الأمة الظالمة ولو كانت مسلمة".
| |
|
 | |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى

عدد المساهمات : 41892 العمر : 70
 | موضوع: رد: أربعون حديثاً من أحاديث الآداب والأحكام الثلاثاء 29 يونيو 2021, 6:40 pm | |
| 22- هلاك الأمم بكثرة سؤالهم واختلافهم عن أنبيائهم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: خَطَبَنَا رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-، فَقَالَ: “أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ فَرَضَ اللهُ عَلَيْكُمُ الْحَجَّ، فَحُجُّوا”، فَقَالَ رَجُلٌ: أَكُلَّ عَامٍ يَا رَسُولَ اللهِ؟ فَسَكَتَ حَتَّى قَالَهَا ثَلَاثًا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: "لَوْ قُلْتُ: نَعَمْ لَوَجَبَتْ، وَلَمَا اسْتَطَعْتُمْ"، ثُمَّ قَالَ: “ذَرُونِي مَا تَرَكْتُكُمْ، فَإِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِكَثْرَةِ سُؤَالِهِمْ وَاخْتِلَافِهِمْ عَلَى أَنْبِيَائِهِمْ، فَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِشَيْءٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ، وَإِذَا نَهَيْتُكُمْ عَنْ شَيْءٍ فَدَعُوهُ”. شرح غريب الحديث (دعوني) اتركوني ولا تسألوني. (بسؤالهم) كثرة أسئلتهم.
(ما استطعتم) قدر استطاعتكم بعد الإتيان بالقدر الواجب الذي لا بد منه.
فقه الحديث:
- وهذا الحديث قد يستدل به من يقول بالتوقف: فإنه سأل فقال: أكل عام؟ ولو كانت مطلقة يقتضي التكرار أو عدمه لم يقل له النبي -صلى الله عليه وسلم-: "لو قلت نعم لوجبت ولما استطعتم" بل ولم يكن حاجة إلى السؤال بل مطلقه محمول على كذا. - وأجمعت الأمة على أن الحج لا يجب في العمر إلا مرة واحدة بأصل الشرع.
- أنه -صلى الله عليه وسلم- كان له أن يجتهد في الأحكام وأنه لا يشترط في حكمه أن يكون بوحي؛ يدل عليه قوله -صلى الله عليه وسلم-: "لو قلت نعم لوجبت" وهو المذهب الصحيح.
- وقوله -صلى الله عليه وسلم-: "وما أمرتكم به فأتوا منه ما استطعتم": هذا الحديث من قواعد الإسلام المهمة ومن جوامع الكلم التي أُعْطِيَها -صلى الله عليه وسلم- ويدخل فيها ما لا يحصى من الأحكام كالصلاة بأنواعها فإذا عجز عن بعض أركانها أو بعض شروطها أتى بالباقي.
وإذا عجز عن بعض أعضاء الوضوء أو الغسل غسل الممكن؛ وإذا وجد بعض ما يكفيه من الماء لطهارته أو لغسل النجاسة فعل الممكن.
وإذا وجبت إزالة منكرات أو فطرة جماعة من تلزمه نفقتهم أو نحو ذلك وأمكنه البعض فعل الممكن.
وإذا وجد ما يستر بعض عورته أو حفظ بعض الفاتحة أتى بالممكن.
وأشباه هذا غير منحصرة وهي مشهورة في كتب الفقه والمقصود التنبيه على أصل ذلك.
- وهذا الحديث موافق لقول الله تعالى (فاتقوا الله ما استطعتم) (التغابن: 16).
وأما قوله تعالى: (اتقوا الله حق تقاته) (آل عمران: 102) ففيها مذهبان: أحدهما أنها منسوخة بقوله تعالى: (فاتقوا الله ما استطعتم) والثاني وهو الصحيح أو الصواب وبه جزم المحققون: أنها ليست منسوخة بل قوله تعالى: (فاتقوا الله ما استطعتم) مفسرة لها ومبينة للمراد بها قالوا: وحق تقاته هو امتثال أمره واجتناب نهيه؛ ولم يأمر سبحانه وتعالى إلا بالمستطاع قال الله تعالى: (لَا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا)، وقال تعالى: (وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ) (الحج: 78) والله أعلم.
- أمر الله عباده باتباع نبيه والاقتداء بسنته فقال: (فَآمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ النَّبيِّ الأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ) (الأعراف: 158). - وأمَّا قوله عليه الصلاة والسلام: "وما نهيتكم عنه فاجتنبوه" فهذا على إطلاقه لكن إن وجد عذر يبيحه كأكل الميتة عند الضرورة ونحوه فهذا لا يكون منهياً عنه في هذا الحال. وأمَّا في غير حال العذر فلا يكون ممتثلاً لمقتضى النهي حتى يترك كل ما نهى عنه ولا يخرج عنه بترك فعل واحد بخلاف الأمر.
وهذا الأصل إذا فهم فهو مسألة مطلق الأمر: هل يحمل على الفور أو على التراخي على المرة الواحدة أو التكرار، ففي هذا الحديث أبواب من الفقه والله أعلم.
- النهي عن إكثار السؤال لأنه ربما يَكثُر الجواب عليه فيضاهي ذلك قصة بني إسرائيل لما قيل لهم: (اذبحوا بقرة) فإنهم لو اقتصروا على ما يصدْق عليه اللفظ وبادروا إلى ذبح أي بقرة كانت أجزأت عنهم؛ لكن لما أكثروا السؤال وشددوا شدد عليهم وذُموا على ذلك؛ فخاف النبي -صلى الله عليه وسلم- مثل ذلك على أمته.
– لذا قال -صلى الله عليه وسلم-: "فإنما أهلك الذين من قبلكم كثرة مسائلهم واختلافهم على أنبيائهم" وذكر ذلك بعد قوله: (ذرونى ما تركتكم). وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: “سَأَلُوا رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- حَتَّى أَحْفَوْهُ فِي الْمَسْأَلَةِ، فَغَضِبَ، فَصَعِدَ الْمِنْبَرَ، فَقَالَ: لَا تَسْأَلُونِي الْيَوْمَ عَنْ شَيْءٍ إِلَّا بَيَّنْتُهُ، فَقَامَ رَجُلٌ كَانَ إِذَا لَاحَى الرِّجَالَ دُعِيَ إِلَى غَيْرِ أَبِيهِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَنْ أَبِي؟ قَالَ: "أَبُوكَ حُذَافَةُ" ثُمَّ أَنْشَأَ عُمَرُ، فَقَالَ: رَضِينَا بِاللَّهِ رَبًّا، وَبِالْإِسْلَامِ دِينًا، وَبِمُحَمَّدٍ رَسُولًا، نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الْفِتَنِ”. وَكَانَ قَتَادَةُ يَذْكُرُ عِنْدَ هَذَا الْحَدِيثِ هَذِهِ الْآيَةَ: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ) (المائدة: 101).
وَفِي "صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ" عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ قَوْمٌ يَسْأَلُونَ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- اسْتِهْزَاءً، فَيَقُولُ الرَّجُلُ: مَنْ أَبِي؟ وَيَقُولُ الرَّجُلُ تَضِلُّ نَاقَتُهُ: أَيْنَ نَاقَتِي؟ فَأَنْزَلَ اللَّهُ هَذِهِ الْآيَةَ: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ) (المائدة: 101).
وَخَرَّجَ ابْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ فِي "تَفْسِيرِهِ" مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: “خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وَهُوَ غَضْبَانُ مُحْمَارًّا وَجْهُهُ، حَتَّى جَلَسَ عَلَى الْمِنْبَرِ، فَقَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ، فَقَالَ: أَيْنَ أَنَا؟ فَقَالَ: "فِي النَّارِ" فَقَامَ إِلَيْهِ آخَرُ فَقَالَ: مَنْ أَبِي؟ قَالَ: "أَبُوكَ حُذَافَةُ" فَقَامَ عُمَرُ فَقَالَ: رَضِينَا بِاللَّهِ رَبًّا، وَبِالْإِسْلَامِ دِينًا، وَبِمُحَمَّدٍ نَبِيًّا، وَبِالْقُرْآنِ إِمَامًا، إِنَّا يَا رَسُولَ اللَّهِ حَدِيثُو عَهْدٍ بِجَاهِلِيَّةٍ وَشِرْكٍ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ مَنْ آبَاؤُنَا، قَالَ: فَسَكَنَ غَضَبُهُ، وَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ) (المائدة: 101)“.
| |
|
 | |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى

عدد المساهمات : 41892 العمر : 70
 | موضوع: رد: أربعون حديثاً من أحاديث الآداب والأحكام الثلاثاء 29 يونيو 2021, 6:48 pm | |
| 23 - إِنَّ اللهَ طَيِّبٌ لَا يَقْبَلُ إِلَّا طَيِّبًا، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: "أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّ اللهَ طَيِّبٌ لَا يَقْبَلُ إِلَّا طَيِّبًا، وَإِنَّ اللهَ أَمَرَ الْمُؤْمِنِينَ بِمَا أَمَرَ بِهِ الْمُرْسَلِينَ، فَقَالَ: (يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا، إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ) (المؤمنون: 51) وَقَالَ: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ) (البقرة: 172)، ثُمَّ ذَكَرَ الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ أَشْعَثَ أَغْبَرَ، يَمُدُّ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ، يَا رَبِّ، يَا رَبِّ، وَمَطْعَمُهُ حَرَامٌ، وَمَشْرَبُهُ حَرَامٌ، وَمَلْبَسُهُ حَرَامٌ، وَغُذِيَ بِالْحَرَامِ، فَأَنَّى يُسْتَجَابُ لِذَلِكَ؟". شرح غريب الحديث (إن الله طيب) قال القاضي: الطيب في صفة الله تعالى بمعنى المُنَزَّهُ عن النَّقائص وهو بمعنى القُدُّوس وأصل الطيب الزكاة والطهارة والسلامة من الخبث.
(لَا يقبل إِلَّا طيباً) يَعْنِي بِهِ الْحَلَال.
(ثم ذكر الرجل) هذه الجملة من كلام الراوي والضمير فيه للنبي -صلى الله عليه وسلم- والرجل بالرفع مبتدأ مذكور على وجه الحكاية من لفظ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ويجوز أن ينصب على أنه مفعول ذكر.
(أشعث): الَّذِي قد تغير شعر رَأسه وَتَلَبَّدَ لبعد عَهده بالدهن والامتشاط.
(وغُذِيَ) بضم الغين وتخفيف الذال.
فقه الحديث في هذا الحديث من الفوائد ما يلي: - فيه قيمة هذا الحديث ومكانته: إذ مدار قواعد الإسلام ومباني الأحكام عليه وعلى ثلاثة أحاديث أخرى.
قَالَ أَبُو دَاوُد اجْتَهَدْت فِي الْمُسْنَدِ، فَإِذَا هُوَ أَرْبَعَةُ آلَافِ حَدِيثٍ، ثُمَّ نَظَرْت، فَإِذَا مَدَارُهَا عَلَى أَرْبَعَةِ أَحَادِيثَ: الْحَلَالُ بَيِّنٌ، وَالْأَعْمَالُ بِالنِّيَّةِ، وَحَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ: “إنَّ اللَّهَ طَيِّبٌ لَا يَقْبَلُ إلَّا طَيِّبًا”، وَحَدِيثُهُ: “مِنْ حُسْنِ إسْلَامِ الْمَرْءِ تَرْكُهُ مَا لَا يَعْنِيهِ”.
- وفيه إِخْبَار عَن كَمَال صِفَات الله الَّتِي لَا يدخلهَا نقص وَلَا عيب، كَمَا أَن الله جميل.
- وفيه أَن أكل الْحَرَام يمْنَع من إِجَابَة الدُّعَاء.
- وفيه أن الرجل يطيل السفر في وجوه الطاعات: الحج وجهاد وغير ذلك من وجوه البر ومع هذا لا يستجاب له لكون مطعمه ومشربه وملبسه حراماً؛ فكيف هو بمن هو منهمك في الدنيا أو في مظالم العباد أو من الغافلين عن أنواع العبادات والخير".
- وفيه الحث على الإنفاق من الحلال والنهي عن الإنفاق من غيره.
- وفيه أن المشروب والمأكول والملبوس ونحو ذلك ينبغي أن يكون حلالاً خالصاً لا شبهة فيه.
- وفيه أن العبد إذا أنفق نفقة طيبة فهي التي تزكو وتنمو وأن الطعام اللذيذ غير المباح يكون وبالاً على آكله ولا يقبل الله عمله.
- وفيه أنَّ الرسل وأمَمَهم مأمورون بالأكل من الطيبات التي هي الحلال، وبالعمل الصالح، فما دام الأكل حلالاً، فالعملُ صالح مقبولٌ.
وقد خرَّج الطبراني بإسناد فيهِ نظر عن ابن عباس قالَ: تُليَتْ هذه الآية عندَ رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الأَرْضِ حَلالاً طَيِّباً) (البقرة: 168)، فقام سعدُ بنُ أبي وقاص، فقال: يا رسول الله، ادع الله أنْ يجعلني مُسْتَجَابَ الدعوة، فقال النَّبيُّ -صلى الله عليه وسلم-: "يا سعدُ، أطِبْ مَطْعَمَكَ تكن مستجاب الدَّعوة، والذي نفس محمد بيده إنَّ العبد ليقذف اللُّقمة الحرام في جوفه ما يتقبل الله منه عمل أربعين يوماً، وأيُّما عبدٍ نبت لحمُه من سُحْتٍ فالنارُ أولى به".
وفي "مسند الإمام أحمد" بإسناد فيه نظر أيضاً عن ابن عمر قال: "من اشترى ثوباً بعشرة دراهم في ثمنه درهمٌ حرام، لم يقبلِ الله له صلاة ما كان عليه"، ثم أدخل أصبعيه في أذنيه فقال: صُمَّتا إنْ لم أكن سمعته من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
ويُروى من حديث عليٍّ -رضي الله عنه- مرفوعاً معناه أيضاً، خرَّجه البزار وغيره بإسنادٍ ضعيف.
| |
|
 | |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى

عدد المساهمات : 41892 العمر : 70
 | موضوع: رد: أربعون حديثاً من أحاديث الآداب والأحكام الثلاثاء 29 يونيو 2021, 6:59 pm | |
| 24 – اتقاء الشُّبهات: استبراءً للدِّين والعِرْضِ عن النعمان بن بشير رضي الله عنه قال: سمعت النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول وأشار -النعمان بأصبعيه إلى أذنيه-: "إن الحلال بيِّن، والحرام بيِّن، وبينهما مشتبهات، لا يعلمهن كثير من الناس، فمن اتقى الشبهات: استبرأ لدينه وعرضه، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام، كالراعي يرعى حول الحمى، يوشك أن يرتع فيه، ألا وإن لكل ملك حمى، ألا وإن حمى الله محارمه، ألا وإن في الجسد مُضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب". شرح غريب الحديث: (وأهوى النعمان بإصبعيه إلى أذنيه) أي مدهما إليهما ليأخذهما إشارة إلى استيقانه بالسمع.
قوله: "إن الحلال بين" معناه أنه بَيِّنٌ في عينه، ووصفه واضحٌ لا يخفى حله كالمأكولات من الفواكه والحبوب والزيت والعسل...
وقوله: "والحرام بين" معناه أنه بين في عينه ووصفه أيضًا، واضح كالخمر والميتة والخنزير والبول والدم المسفوح.
وكذلك الزنا والكذب والغيبة والنميمة والنظر إلى الأجنبية وأشباه ذلك البين الواضح الذي لا شك في حرمته.
وقوله: "وبينهما مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس" معناه أنها ليست بواضحة الحل ولا الحرمة.
فلهذا لا يعرفها كثير من الناس، وأما العلماء فيفرقون حكمها بنص أو قياس أو استصحاب ونحو ذلك،
وقوله: "فمن اتقى الشبهات استبرأ لدينه وعِرضه": معناه أتقاها على الوصف الذي ذكرنا... حتى يعلم حلها وحرمتها، فيعمل بها أو يمسك عنها، فإذا فعل ذلك وإن دينه عن الوقوع في المحذور، وعرضه عن كلام الناس فيه.
وقوله: "ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام" يحتمل أن يكون معناه أن من كثر تعاطيه الشبهات يصادف الحرام وإن لم يتعمده، وقد يأثم بذلك إذا نسب إلى تقصير ويحتمل أن يكون معناه أن من كثر تعاطيه الشبهات اعتاد التساهل وتمرن عليه، فيجسر بفعل شبهة على فعل شبهة أغلظ منها، ثم أخرى أغلظ، وهكذا حتى يقع في الحرام عمدًا، وهذا نحو قول السلف: المعاصي بريد الكفر أي تسوق إليه، عافانا الله من جميع البلايا.
و"الحِمى" بمعنى المحمي فالمصدر فيه واقع موقع اسم المفعول وتثنية "حميان"، و"المضغة" القطعة من اللحم سميت بذلك لأنها تمضغ في الفم لصغرها، والمراد: تصغير جرم القلب بالنسبة إلى باقي الجسد مع أن صلاح الجسد وفساده تابعان للقلب كالملك مع الرعية، فهو صغير الجرم عظيم القدر.
فقه الحديث: هذا حديث من الأحاديث العظام، التي عُدَّتْ من أصول الإِسلام، بل هو أصله.
وهو أحد الأحاديث التي عليها مدار الإِسلام، قال جماعة: هو ثلث الإِسلام، وقال أبو داود: ربعه.
وفيه فوائد كثيرة: - الفائدة الأولى: الحث على ارتكاب الحلال وعلى اجتناب الحرام، والإِمساك عن الشبهات والاحتياط للدين، والعرض وعدم تعاطي الأمور الموجبة لسوء الظن والوقوع في المحذور.
- الثانية: الأخذ بالورع، وهذا الحديث أصل كبير في الأخذ به وترك الشبهات، وللشبهات مثارات، منها: الاشتباه في الدليل الدال على التحليل أو التحريم، وتعارض الأمارات بالحج، ولهذا قال عليه الصلاة والسلام: "لا يعلمهن كثير من الناس", إشارةً إلى ذلك مع أنه يحتمل أنه لا يعلم عينها وإن علم حكم أصلها في التحليل والتحريم، وهذا أيضًا من مثار الشبهات.
- الثالثة: أنه لا ورع في ترك المباح، لقوله عليه الصلاة والسلام: "الحلال بيِّن والحرام بيِّن"، وقال شهاب الدين ابن الحميري يدخل الورع فيها، قال: وطريق الجمع بينها أن المباحات لا زهد فيها ولا ورع من حيث هي مباحات، وفيها الزهد والورع من حيث الإكثارُ منها، فإن الإِكثار منها يخرج إلى كثرة الاكتساب الموقع في الشبهات.
- الرابعة: في قوله: "فمن اتقى الشبهات".. إلى آخره دلالة على أنه لا يجب عليه حماية عِرْضِهِ عن الطعن فيه، وقد قال عليه الصلاة والسلام: "أيعجز أحدكم أن يكون كأبي ضمضم، كان إذا خرج من بيته قال: إني قد تصدقت بعرضي على الناس".
- الخامسة: في قوله: "كالراعي حول الحمى" دلالة لمذهب مالك في سد الذرائع.
- السادسة: فيه تعظيم القلب وسببه صدور الأفعال الاختيارية عنه، وما يقوم به من الاعتقادات والعلوم، ورتب الأمر فيه على المضغة، والمراد: المتعلق بها, ولا شك أن صلاح جميع الأعمال باعتبار العلم والاعتقاد بالمفاسد والمصالح، فتعين حماية مركزها من الفساد وإصلاحه.
- السابعة: فيه أيضًا الحث البليغ على السعي في إصلاح القلب وحمايته من الفساد، وأن لطيب الكسب أثرًا فيه كما في ضده.
- الثامنة: فيه أيضًا كما قاله جماعة أن العقل في القلب لا في الرأس، وهو مذهبنا ومذهب جماهير المتكلمين.
واحتج القائلون: بأنه في القلب بقوله تعالى: (أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا) (سورة الحج: آية 46)، وبقوله تعالى: (إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ) (سورة ق: آية 37)، وبهذا الحديث فإنه عليه الصلاة والسلام جعل صلاح الجسد وفساده تابعًا للقلب، مع أن الدماغ من جملة الجسد، فيكون صلاحه وفساده تابعًا للقلب.
فعلم أنه ليس محلًا للعقل.
- التاسعة: فيه أيضًا أن العقوبة من حسن الجناية, لأنه كما انتهك محارم الله تعالى المانعة لما وراءها، فكذلك ينتهك محارم جسده بتجرده عن لباس التقوى، الذي هو حمى له من آفات الدنيا وعذاب الآخرة.
- العاشرة: فيه أيضًا ضرب الأمثال للمعاني الشرعية العملية، وفائدتها التنبيه بالشاهد على الغائب.
- الحادية عشرة: فيه أيضاً التنبيه على عظمة الله تعالى واجتناب محارمه التي مصالحها عائدة علينا فإنه الغني المطلق.
- الثانية عشرة: فيه أيضًا أن الأعمال القلبية أفضل من البدنية، وأنها لا تصلح إلَّا بالقلبية.
- الثالثة عشرة: أنه لا يجوز الاقتصار على أحدهما دون الآخر، فيما إذا كان العمل مقيدًا بهما، فإنه قد يختص بأحدهما أحكام دون الآخر، وقد يلزم عن أحدهما أعمال بسبب الآخر.
خاتمة: لما ذكر البخاري هذا الحديث عقبه بأن قال: تفسير المشتبهات، وذكر فيه عن حسان بن أبي سنان: ما رأيت شيئًا أهون من الورع: دع ما يريبك إلى ما لا يريبك.
ثم ذكر قصة الأمة السوداء في الرضاع، وقصة ابن وليدة زمعة، وحديث عدي بن حاتم الآتي في الصيد.
ثم قال: باب ما يتنزه من الشبهات: ذكر حديث التمرة الساقطة على الفراش.
ثم قال: باب من لم ير الوساوس ونحوها من الشبهات، ثم ذكر حديث حتى يسمع صوتًا أو يجد ريحًا.
وحديث عائشة: يا رسول الله -صلي الله عليه وسلم- إن قومًا يأتوننا باللحم، لا ندري أذكروا اسم الله عليه أم لا؟ فقال عليه الصلاة والسلام: "سَمُّوا اللهَ عَلَيْهِ وَكُلُوهُ"، فتنبه لذلك.
| |
|
 | |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى

عدد المساهمات : 41892 العمر : 70
 | موضوع: رد: أربعون حديثاً من أحاديث الآداب والأحكام الثلاثاء 29 يونيو 2021, 7:33 pm | |
| 25 – حرمة الدماء: عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "أول ما يُقضي بين الناس يوم القيامة في الدماء". شرح غريب الحديث: (يُقضى) يحكم ويفصل.
(بالدماء) أي النفوس التي قتلت ظلماً في الدنيا.
فقه الحديث: في هذا الحديث فوائد: - أحدها: فيه تعظيم أمر الدماء، فإن البداءة إنما تكون بالأهم فالأهم، وهي حقيقة بذلك، فإن الذنوب تعظم بحسب المفسدة الواقعة بها، أو بحسب فوات المصالح المتعلقة بعدمها.
وهدمُ البنية الإِنسانية من أعظم المفاسد، فإن الله خلقها في أحسن تقويم، وسخر لها ما في السموات وما في الأرض، بل هو أكبر الكبائر بعد الشرك كما نص عليه الشافعي -رضي الله عنه-، وهذا إذا تجرَّد عن اعتقاد حله في غير محله.
- الثاني: عن حديث أبي هريرة مرفوعًا: "إن أول ما يحاسب به يوم القيامة من عمله صلاته، فإن صلحت فقد أفلح وأنجح، وإن فسدت فقد خاب وخسر، فإن انتقص من فريضته شيئًا، قال الرب عزَّ وجلّ: انظروا هل لعبدي من تطوع فيكمل بها ما انتقص من الفريضة، ثم تكون سائر أعماله على هذا".
ويجمع بين هذا الحديث وبين حديث ابن مسعود السالف بأنه فيما بين العبد وبين ربه تعالى، وحديث ابن مسعود فيما بينه وبين العباد.
- الثالث: فيه القضاء بين الناس يوم القيامة، وعِلمُه -عليه الصلاة والسلام- بأحكام الآخرة واطِّلاعُهُ عليه كما هو عالم بأحكام الدنيا.
| |
|
 | |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى

عدد المساهمات : 41892 العمر : 70
 | موضوع: رد: أربعون حديثاً من أحاديث الآداب والأحكام الثلاثاء 29 يونيو 2021, 7:37 pm | |
| 26- بيان غلظ تحريم قتل الإنسان نفسه: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: “مَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِحَدِيدَةٍ فَحَدِيدَتُهُ فِي يَدِهِ يَتَوَجَّأُ بِهَا فِي بَطْنِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا، وَمَنْ شَرِبَ سُمًّا فَقَتَلَ نَفْسَهُ فَهُوَ يَتَحَسَّاهُ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا، وَمَنْ تَرَدَّى مِنْ جَبَلٍ فَقَتَلَ نَفْسَهُ فَهُوَ يَتَرَدَّى فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا”.
شرح غريب الحديث (يتوجأ بها في بطنه) معناه يطعن.
(ومن شرب سما فهو يتحساه) السم بضم السين وفتحها وكسرها ثلاث لغات أفصحهن الثالثة وجمعة سمام ومعنى يتحساه يشربه في تمهل ويتجرعه.
(يتردى في نار جهنم) أي ينزل وأما جهنم فهو اسم لنار الآخرة وهي عجمية لا تنصرف للعجمة والتعريف وقال آخرون هي عربية لم تصرف للتأنيث والعلمية وسميت بذلك لبعد قعرها.
فقه الحديث - فيه بيان غلظ تحريم قتل الإنسان نفسه.
- وفيه دليل على أن القصاص من القاتل يكون بما قتل به محدداً كان أو غيره؛ اقتداءً لعقاب الله تعالى لقاتل نفسه؛ قاله القاضي عياض -رحمه الله- في قوله -صلى الله عليه وسلم-: "من قتل نفسه بحديدة فحديدته في يده يتوجأ بها في بطنه".
- وفيه أن المنتحر كافر إذا استحل عملية الانتحار.
قال الشيخ الألباني -رحمة الله تعالى عليه-: "نعم، ظاهر الحديث أن هذا فيمن يستحل الانتحار، فهو كما جاء في الحديث خالداً مخلداً فيها.
والكفر عندنا قسمان، كما يقول أهل العلم والتحقيق: كفر اعتقادي وكفر عملي، فمن فعل فعل الكفار واعترف بخطأ هذا الفعل آمن بأنه خطأ اتباعاً للشرع، ولكنه غلبه الهوى وغلبته النفس الأمارة بالسوء فكفره كفر عملي، أمَّا إذا اقترن به الاستحلال القلبي فهو الكفر الاعتقادي، وبه يخرج المسلم عن المِلَّة، فمثل هذا يُحمل على مَنْ كان كفره كفراً اعتقادياً، لأنه لا يخلد في النار إلا مَنْ كان كافراً مشركاً بالله تبارك وتعالى". | |
|
 | |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى

عدد المساهمات : 41892 العمر : 70
 | موضوع: رد: أربعون حديثاً من أحاديث الآداب والأحكام الثلاثاء 29 يونيو 2021, 10:50 pm | |
| 27- إن الله يؤيد الدين بالرجل الفاجر: عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيَّ -رضي الله عنه- قَالَ: "الْتَقَى رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- وَالْمُشْرِكُونَ يَوْمَ خَيْبَرَ فَاقْتَتَلُوا, فَلَمَّا مَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- إِلَى عَسْكَرِهِ", وَمَالَ الْآخَرُونَ إِلَى عَسْكَرِهِمْ -وَفِي أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- رَجُلٌ لَا يَدَعُ لَهُمْ شَاذَّةً وَلَا فَاذَّةً إِلَّا اتَّبَعَهَا يَضْرِبُهَا بِسَيْفِهِ- فَقَالَ رَجُلٌ: مَا أَجْزَأَ مِنَّا الْيَوْمَ أَحَدٌ كَمَا أَجْزَأَ فُلَانٌ, فَقَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: "أَمَا إِنَّهُ مِنْ أَهْلِ النَّارِ". فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ الْقَوْمِ: لَأَتَّبِعَنَّهُ فَلَمَّا حَضَرَ الْقِتَالُ خَرَجَ مَعَهُ, فَكَانَ كُلَّمَا وَقَفَ, وَقَفَ مَعَهُ, وَإِذَا أَسْرَعَ, أَسْرَعَ مَعَهُ, فَجُرِحَ الرَّجُلُ جُرْحًا شَدِيدًا؛ فَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَرَأَيْتَ الرَّجُلَ الَّذِي قُلْتَ إِنَّهُ مِنْ أَهْلِ النَّارِ؟, فَإِنَّهُ قَدْ قَاتَلَ فِي سَبِيلِ اللهِ الْيَوْمَ قِتَالًا شَدِيدًا وَقَدْ مَاتَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: "إِلَى النَّارِ", قَالَ: فَكَادَ بَعْضُ النَّاسِ أَنْ يَرْتَابَ, فَبَيْنَمَا هُمْ عَلَى ذَلِكَ إِذْ قِيلَ: إِنَّهُ لَمْ يَمُتْ, وَلَكِنَّ بِهِ جِرَاحًا شَدِيدًا، فَلَمَّا كَانَ مِنْ اللَّيْلِ لَمْ يَصْبِرْ عَلَى أَلَمِ الْجِرَاحِ ؛ فَاسْتَعْجَلَ الْمَوْتَ, فَوَضَعَ نَصْلَ سَيْفِهِ بِالْأَرْضِ, وَذُبَابَهُ بَيْنَ ثَدْيَيْهِ, ثُمَّ تَحَامَلَ عَلَى سَيْفِهِ حَتَّى خَرَجَ مِنْ بَيْنِ كَتِفَيْهِ فَاشْتَدَّ رِجَالٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ, صَدَّقَ اللهُ حَدِيثَكَ, انْتَحَرَ فُلَانٌ فَقَتَلَ نَفْسَهُ ؛ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: "اللهُ أَكْبَرُ, أَشْهَدُ أَنِّي عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ؛ (إِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ فِيمَا يَبْدُو لِلنَّاسِ وَإنَّهُ لَمِنْ أَهْلِ النَّارِ, وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ فِيمَا يَبْدُو لِلنَّاسِ, وَإنَّهُ لَمِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ.وَإِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالْخَوَاتِيمِ. ثُمَّ أَمَرَ بِلَالًا فَنَادَى بِالنَّاسِ: "إِنَّهُ لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلَّا نَفْسٌ مُسْلِمَةٌ".
وفي رواية: (قم يا فلان فأذن أنه لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلَّا مُؤْمِنٌ؛ إِنَّ اللهَ لَيُؤَيِّدُ هَذَا الدِّينَ بِالرَّجُلِ الْفَاجِرِ".
شرح غريب الحديث: قَوْله: (وَفِي أَصْحَاب رَسُول الله، -صلى الله عليه وسلم- رجل)، واسْمه قزمان وَهُوَ مَعْدُود فِي الْمُنَافِقين، وَكَانَ تخلف يَوْم أحد فَعَيَّرَهُ النِّسَاء وقلن لَهُ: مَا أَنْت إِلَّا امْرَأَة، فَخرج فَكَانَ أول من رمى بِسَهْم ثمَّ كسر جفن سَيْفه. ونادى: يَا آل الْأَوْس قَاتلُوا على الأحساب، فَلَمَّا خرج مر بِهِ قَتَادَة بن النُّعْمَان فَقَالَ لَهُ: هَنِيئًا لَك الشَّهَادَة، فَقَالَ: إِنِّي وَالله مَا قَاتَلت على دين، مَا قَاتَلت إلاَّ على الْحفاظ، ثمَّ قتل نَفسه، فَقَالَ رَسُول الله، -صلى الله عليه وسلم-: إِن الله ليؤيد هَذَا الدّين بِالرجلِ الْفَاجِر.
قَوْله: (لَا يدع لَهُم شَاذَّة ولا فاذة) أي لَا يبقي شَيْئا إِلَّا أَتَى عَلَيْهِ.
قَوْله: (وذبابه) ذُبَاب السَّيْف طرفه الَّذِي يضْرب بِهِ، وَقَالَ ابْن فَارس: ذُبَاب السَّيْف حَده.
قَوْله: (ثمَّ تحامل)، أَي: مَال، يُقَال: تحاملت على الشَّيْء إِذا تكلفت الشَّيْء على مشقته.
قَوْله: (فِيمَا يَبْدُو) أَي: فِيمَا يظْهر.
قَالَ الْكرْمَانِي: فَإِن قلت: الْقَتْل هُوَ مَعْصِيّة وَالْعَبْد لَا يكفر بالمعصية فَهُوَ من أهل الْجنَّة لِأَنَّهُ مُؤمن؟ قلت: لَعَلَّ رَسُول الله، -صلى الله عليه وسلم-، علم بِالْوَحْي أَنه لَيْسَ مُؤمنا، أَو أَنه سيرتد حَيْثُ يسْتَحل قتل نَفسه، أَو المُرَاد من كَونه من أهل النَّار: أَنه من العصاة الَّذين يدْخلُونَ النَّار ثمَّ يخرجُون مِنْهَا. انْتهى.
قلت: "لَو اطلع الْكرْمَانِي على أَنه كَانَ معدوداً فِي الْمُنَافِقين، أَو على قَوْله: ما قَاتَلت على دين، لما تكلّف بِهَذِهِ الترديدات".
فوائد الحديث - فِيهِ: لَا يُقَال فلَان شَهِيد، يَعْنِي: على سَبِيل الْقطع، إلاَّ فِيمَا ورد بِهِ الْوَحْي.
وَقَالَ أبُو هُرَيْرَةَ عنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-: الله أعْلَمُ بِمَنْ يُجَاهِدُ فِي سَبِيلِ الله أعْلَمُ بِمَنْ يُكْلَمُ فِي سَبِيلِهِ.
- وَفِيه: صدق الْخَبَر عَمَّا يكون؛ وَخُرُوجه على مَا أخبر بِهِ الشَّارِع، وَهُوَ من عَلَامَات النُّبُوَّة.
- وَفِيه: زِيَادَة تطمين فِي قُلُوب الْمُؤمنِينَ، أَلاَ ترى أَن الرجل حِين رأى أَنه قتل نَفسه، قَالَ: حين أخبر بِهِ الرَّسُول -صلى الله عليه وسلم-: أشهد أَنَّك لرَسُول الله.
- وَفِيه: أَن الاعتبار بالخواتيم وبالنيات.
ويؤيده حديث أنس أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "لا عليكم أن لا تعجبوا بأَحَد، حتى تنظروا بم يُختم له، فإن العامل يعمل زماناً من عمره، أو برهة من دهره، بعمل صالح، لو مات عليه دخل الجنة، ثم يتحول فيعمل عملاً سيئاً، وإن العبد ليعمل البرهة من دهره بعمل سيئ، لو مات عليه دخل النار، ثم يتحول فيعمل عملاً صالحاً، وإذا أراد الله بعبد خيراً استعمله قبل موته"، قالوا: يا رسول الله وكيف يستعمله؟ قال: "يوفقه لعمل صالح، ثم يقبضه عليه".
- وَفِيه: أَن الله يُؤَيّد دينه بِالرجلِ الْفَاجِر.
- وفِيهِ التَّحْذِير مِنْ الِاغْتِرَار بالعمَلِ، وَأَنَّهُ يَنْبَغِي لِلْعَبْدِ أَنْ لَا يَتَّكِل عَلَيْه وَلَا يَرْكَن إِلَيْه, مَخَافَةً مِنْ اِنْقِلَاب الْحَال, لِلْقَدَرِ السَّابِقِ مِنَ اللهِ, وَكَذَا يَنْبَغِي لِلْعَاصِي أَنْ لَا يَقْنَط, وَيَنْبَغِي لِغَيْرِهِ أَنْ لَا يُقَنِّطَهُ مِنْ رَحْمَةِ الله تَعَالَى.
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: “لَوْ يَعْلَمُ الْمُؤْمِنُ مَا عِنْدَ اللَّهِ مِنَ الْعُقُوبَةِ مَا طَمِعَ بِجَنَّتِهِ أَحَدٌ وَلَوْ يُعْلَمُ الْكَافِرُ مَا عِنْدَ اللَّهِ مِنَ الرَّحْمَةِ مَا قَنَطَ من جنته أحد”. - وفيه أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلَّا نَفْسٌ مُسْلِمَةٌ.
- فيه غلظ تحريم قتل الإنسان نفسه.
قال -صلى الله عليه وسلم-: “مَنْ تَرَدَّى مِنْ جَبَلٍ فَقَتَلَ نَفْسَهُ، فَهُوَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ يَتَرَدَّى فِيهِ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا، وَمَنْ تَحَسَّى سُمًّا فَقَتَلَ نَفْسَهُ، فَسُمُّهُ فِي يَدِهِ يَتَحَسَّاهُ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا، وَمَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِحَدِيدَةٍ، فَحَدِيدَتُهُ فِي يَدِهِ يَجَأُ بِهَا فِي بَطْنِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا”. قال ابن رجب الحنبلي: وقوله: (فيما يبدو للناس) إشارةٌ إلى أنَّ باطنَ الأمر يكونُ بخلافِ ذلك، وإنَّ خاتمة السُّوءِ تكونُ بسبب دسيسةٍ باطنة للعبد لا يطلع عليها الناس، إما من جهة عمل سيئ ونحو ذلك، فتلك الخصلة الخفية توجب سُوءَ الخاتمة عند الموت، وكذلك قد يعمل الرجلُ عملَ أهل النَّارِ وفي باطنه خصلةٌ خفيةٌ من خصال الخير، فتغلب عليه تلكَ الخصلةُ في آخر عمره، فتوجب له حسنَ الخاتمة.
وهذا ما أشار إليه ابن حجر حيث قال في هذه النازلة: "هو محمول على المنافق والمرائي".
قَالَ الْمُهَلَّبُ: هَذَا الرَّجُلُ مِمَّنْ أَعْلَمَنَا النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- أَنَّهُ نَفَذَ عَلَيْهِ الْوَعِيدُ مِنْ الْفُسَّاقِ, وَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ أَنَّ كُلَّ مَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ يُقْضَى عَلَيْهِ بِالنَّارِ.
وَقَالَ ابْنُ التِّينِ: يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ: "هُوَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ" أَيْ: إِنْ لَمْ يَغْفِرْ اللهُ لَهُ.
ومن نظائره: من يصنِّف, أو يدرِّلس, أو يُعَلم, أو يتعلم, أو يؤذن, أو يؤم, أو يأتم, وأمثال ذلك, كمن يبني مسجدا, أو مدرسة, لغرضٍ فاسد, وقصدٍ كاسد, مما يكون سببًا لِنِظَام الدين, وقِوَامِ المسلمين, وصاحبُه من جملة المحرومين, جعلنا الله تعالى من المُخْلِصين, بل من المُخْلَصين.
| |
|
 | |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى

عدد المساهمات : 41892 العمر : 70
 | موضوع: رد: أربعون حديثاً من أحاديث الآداب والأحكام الثلاثاء 29 يونيو 2021, 10:58 pm | |
| 28- ما نقص مال عبد من صدقة: عن أَبي كَبْشَةَ الأَنَّمَارِيّ، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ: "ثَلاَثَةٌ أُقْسِمُ عَلَيْهِنَّ وَأُحَدِّثُكُمْ حَدِيثًا فَاحْفَظُوهُ قَالَ: مَا نَقَصَ مَالُ عَبْدٍ مِنْ صَدَقَةٍ، وَلاَ ظُلِمَ عَبْدٌ مَظْلِمَةً فَصَبَرَ عَلَيْهَا إِلاَّ زَادَهُ اللَّهُ عِزًّا، وَلاَ فَتَحَ عَبْدٌ بَابَ مَسْأَلَةٍ إِلاَّ فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ بَابَ فَقْرٍ أَوْ كَلِمَةً نَحْوَهَا، وَأُحَدِّثُكُمْ حَدِيثًا فَاحْفَظُوهُ قَالَ: إِنَّمَا الدُّنْيَا لأَرْبَعَةِ نَفَرٍ، عَبْدٍ رَزَقَهُ اللَّهُ مَالاً وَعِلْمًا فَهُوَ يَتَّقِي فِيهِ رَبَّهُ، وَيَصِلُ فِيهِ رَحِمَهُ، وَيَعْلَمُ لِلَّهِ فِيهِ حَقًّا، فَهَذَا بِأَفْضَلِ الْمَنَازِلِ، وَعَبْدٍ رَزَقَهُ اللَّهُ عِلْمًا وَلَمْ يَرْزُقْهُ مَالاً فَهُوَ صَادِقُ النِّيَّةِ يَقُولُ: لَوْ أَنَّ لِي مَالاً لَعَمِلْتُ بِعَمَلِ فُلاَنٍ فَهُوَ بِنِيَّتِهِ فَأَجْرُهُمَا سَوَاءٌ، وَعَبْدٍ رَزَقَهُ اللَّهُ مَالاً وَلَمْ يَرْزُقْهُ عِلْمًا، فَهُوَ يَخْبِطُ فِي مَالِهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ لاَ يَتَّقِي فِيهِ رَبَّهُ، وَلاَ يَصِلُ فِيهِ رَحِمَهُ، وَلاَ يَعْلَمُ لِلَّهِ فِيهِ حَقًّا، فَهَذَا بِأَخْبَثِ الْمَنَازِلِ، وَعَبْدٍ لَمْ يَرْزُقْهُ اللَّهُ مَالاً وَلاَ عِلْمًا فَهُوَ يَقُولُ: لَوْ أَنَّ لِي مَالاً لَعَمِلْتُ فِيهِ بِعَمَلِ فُلاَنٍ فَهُوَ بِنِيَّتِهِ فَوِزْرُهُمَا سَوَاءٌ". شرح غريب الحديث: ("ولا فتح عبد") أي: على نفسه.
("باب مسألة") أي: باب سؤال وطلب من الناس لا لحاجة وضرورة، بل لقصد غنى وزيادة.
("إلا فتح الله عليه باب فقر") أي: باب احتياج آخر وهلم جرا. فقه الحديث: - قوله: “ما نقص مال عبد من صدقة”. يشهد له قوله تعالى: (وَمَا أَنفَقْتُم مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ) (سبأ (39)).
- قوله: “ولا ظلم عبد مظلمة فصبر عليها إلا زاده الله عزًّا”، يشهد له قوله تعالى: (وَلَمَن صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الأُمُورِ) (الشورى (43)).
- قوله: “ولا فتح عبد باب مسألة إلا فتح الله عليه باب فقر” وهذا مشاهد بالحس ويشهد له قوله تعالى (يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَاء إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ) (فاطر (15)).
- قوله: “إنما الدنيا لأربعة...“ إلخ: فالأول: عَلِمَ وعَمِلَ صالحًا. والثاني: عَلِمَ وعزم على العمل الصالح لو قدر، فأجرهما سواء. والثالث: لم يعْلَمْ ولم يعمَلْ في ماله صالحًا. والرابع: لم يعلَمْ وعزم على العمل السيِّئ، لو قدر على مال فوزهما سواء.
وقال بعض العارفين: أربعة تعجبت من شأنهم... ... فالعينُ في فكرتهم ساهرة... فواحد دنياه مبسوطة... ... قد أوتي الدنيا مع الآخرة... وآخر دنياه مقبوضة... ... وبعدها آخرة وافرة... وثالث دنياه مبسوطة... ... ليست له من بعده آخرة... ورابع أسقط من بينهم... ... ليست له دنيا ولا آخرة...
قال الله تعالى: (انظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَلَلآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلاً) (الإسراء (21)).
- وفي الحديث: إيماء إلى أن العلم رزق أيضاً، وأن الله تعالى هو الذي يرزق العلم والمال، وبتوفيقه وفتحه يفتح باب الكمال، وقد ورد في حديث: “إن علماً لا يقال به ككنز لا ينفق منه”، فيدخل العلماء ولو كانوا فقراء في قوله تعالى: (ومما رزقناهم ينفقون) (البقرة: 3).
- ثم فيه إشعار بأن المُراد بالمال هنا ما يزيد على قدر ضرورة الحال: ("فهو يتقي فيه") أي: في المال: ("ربه") بأن لا يصرف ماله في معصية خالقه: ("ويصل رحمه") أي: بالمواساة إلى أقاربه: (ويعمل لله فيه) أي: في العلم: ("بحقه"). | |
|
 | |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى

عدد المساهمات : 41892 العمر : 70
 | موضوع: رد: أربعون حديثاً من أحاديث الآداب والأحكام الثلاثاء 29 يونيو 2021, 11:04 pm | |
| 29 - الإِمَام يصرف الْأَمْوَال فِي مصَالح الْمُسلمين الأهم فالأهم: عَنْ سَعْدٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- أَعْطَى رَهْطًا وَسَعْدٌ جَالِسٌ، فَتَرَكَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- رَجُلًا هُوَ أَعْجَبُهُمْ إِلَيَّ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا لَكَ عَنْ فُلاَنٍ فَوَاللَّهِ إِنِّي لَأَرَاهُ مُؤْمِنًا، فَقَالَ: “أَوْ مُسْلِمًا” فَسَكَتُّ قَلِيلًا، ثُمَّ غَلَبَنِي مَا أَعْلَمُ مِنْهُ، فَعُدْتُ لِمَقَالَتِي، فَقُلْتُ: مَا لَكَ عَنْ فُلاَنٍ؟ فَوَاللَّهِ إِنِّي لَأَرَاهُ مُؤْمِنًا، فَقَالَ: “أَوْ مُسْلِمًا”. ثُمَّ غَلَبَنِي مَا أَعْلَمُ مِنْهُ فَعُدْتُ لِمَقَالَتِي، وَعَادَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-، ثُمَّ قَالَ: “يَا سَعْدُ إِنِّي لَأُعْطِي الرَّجُلَ، وَغَيْرُهُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْهُ، خَشْيَةَ أَنْ يَكُبَّهُ اللَّهُ فِي النَّارِ”. شرح غريب الحديث (رهطاً) ما دون العشرة من الرجال.
(رجلاً) هو جعيل بن سراقة الضمري.
(أعجبهم إلي) أفضلهم وأصلحهم في اعتقادي.
(ما لك عن فلان) ما سبب عدولك عنه إلى غيره وفلان كناية عن اسم أبهم بعد أن ذكر أو سمي به المحدث عنه الخاص.
(أو مسلماً) أي: بل قل (مسلماً) بدل (مؤمناً) لأنك تعلم ظاهر أمره ولا تعلم حقيقة حاله وليس لك أن تجزم بهذا.
(غلبني) حملني على القول ثانية.
(يكبه) يلقيه منكوساً على وجهه.
فقه الحديث بَيَان استنباط الأحكام: وَهُوَ على وُجُوه. - الأول: فِيهِ جَوَاز الشَّفَاعَة، إِلَى وُلَاة الْأَمر وَغَيرهم.
- الثَّانِي: فِيهِ مُرَاجعَة الْمَشْفُوع إِلَيْهِ فِي الْأَمر الْوَاحِد إِذا لم يؤد إِلَى مفْسدَة.
- الثَّالِث: فِيهِ الْأَمر بالتثبت وَترك الْقطع بِمَا لَا يعلم فِيهِ الْقطع.
- الرَّابِع: فِيهِ أَن الإِمَام يصرف الْأَمْوَال فِي مصَالح الْمُسلمين الأهم فالأهم.
- الْخَامِس: فِيهِ أَن الْمَشْفُوع إِلَيْهِ لَا عَتَب عَلَيْهِ إذا رد الشَّفَاعَة إذا كَانَت خلاف الْمصلحَة.
- السَّادِس: فِيهِ أَنه يَنْبَغِي أَن يعْتَذر إِلَى الشافع وَيبين لَهُ عذره فِي ردهَا.
- السَّابِع: فِيهِ أَن الْمَفْضُول يُنَبه الْفَاضِل على مَا يرَاهُ مصلحَة لينْظر فِيهِ الْفَاضِل.
- الثَّامِن: فِيهِ أَنه لَا يقطع لأحد على التَّعْيِين بِالْجنَّةِ إلاَّ من ثَبت فِيهِ النَّص، كالعشرة المبشرة بِالْجنَّةِ.
- التَّاسِع: فِيهِ أَن الْإِقْرَار بِاللِّسَانِ لَا ينفع إلاَّ إِذا اقْترن بِهِ الِاعْتِقَاد بِالْقَلْبِ، وَعَلِيهِ الْإِجْمَاع، وَلِهَذَا كفر المُنَافِقُونَ.
- الْعَاشِر: فِيهِ دَلِيل على جَوَاز الْحلف على الظَّن، وَهِي: يَمِين اللَّغْو، وَهُوَ قَول مَالك وَالْجُمْهُور.
وَيمِين اللَّغْو هِيَ كما قَالَ الشَّافِعِي: أَن يسْبق لِسَانه إِلَى الْيَمين من غير أَن يقْصد الْيَمين، كَقَوْل الْإِنْسَان: لَا وَالله وبلى وَالله وَاسْتدلَّ بِمَا رُوِيَ عَن عائشةِ -رَضِي الله عَنْهَا-، مَرْفُوعاً: (إِن لَغْو الْيَمين قَول الْإِنْسَان لَا وَالله وبلى وَالله).
وَأمَّا الْمَشْهُور عِنْد أَصْحَابنَا أَن: لَغْو الْيَمين هُوَ الْحلف على أَمر يَظُنّهُ كَمَا قَالَ، وَالْحَال أَنه خِلَافه.
- الْحَادِي عشر: قَالَ القَاضِي عِيَاض: هَذَا الحَدِيث أصح دَلِيل على الْفرق بَين الْإِسْلَام وَالْإِيمَان، وان الْإِيمَان بَاطِن وَمن عمل الْقلب، وَالْإِسْلَام ظَاهر وَمن عمل الْجَوَارِح، لَكِن لَا يكون مُؤمن إلاَّ مُسلما، وَقد يكون مُسلم غير مُؤمن، وَلَفظ هَذَا الحَدِيث يدل عَلَيْهِ.
وَقَالَ الْخطابِيّ: هَذَا الحَدِيث ظَاهره يُوجب الْفرق بَين الْإِسْلَام وَالْإِيمَان، فَيُقَال لَهُ: مُسلم، أَي: مستسلم، وَلَا يُقَال لَهُ: مُؤمن، وَهُوَ معنى الحَدِيث.
قَالَ الله تَعَالَى: (قل لم تؤمنوا وَلَكِن قُولُوا أسلمنَا) (الحجرات: 14) أَي: استسلمنا.
وَقد يتفقان فِي اسْتِوَاء الظَّاهِر وَالْبَاطِن، فَيُقَال للْمُسلمِ: مُؤمن، وللمؤمن: مُسلم.
وذلك إذا افترقا.
أمَّا إذا اجتمعا –كما في هذا الحديث وفي حديث جبريل عليه السلام– فالإيمان باطني والإسلام ظاهري.
- وفِيهِ النَّهْي عَن الْقطع بِالْإِيمَان لِأَنَّهُ بَاطِن لَا يَعلمهُ إلاَّ الله، وَالْإِسْلَام مَعْلُوم بِالظَّاهِرِ.
- وفيه الرد على غلاة المرجئة في اكتفائهم في الإيمان بنطق اللسان.
- وأن الإسرار بالنصيحة أولى من الإعلان كما ستأتي الإشارة إليه في كتاب الزكاة (من صحيح البخاري) فقمت إليه فساررته.
وقد يتعين إذا جر الإعلان إلى مفسدة.
- وفيه أن من أشير عليه بما يعتقده المشير مصلحة لا ينكر عليه بل يبين له وجه الصواب.
- وفيه الاعتذار إلى الشافع إذا كانت المصلحة في ترك إجابته وأن لا عيب على الشافع إذا ردت شفاعته لذلك.
- وفيه استحباب ترك الإلحاح في السؤال كما استنبطه المؤلف (يعني البخاري) منه في الزكاة. | |
|
 | |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى

عدد المساهمات : 41892 العمر : 70
 | موضوع: رد: أربعون حديثاً من أحاديث الآداب والأحكام الثلاثاء 29 يونيو 2021, 11:09 pm | |
| 30- مقام الإِمام عند صلاة الجنازة على المرأة: عن سمرة بن جندب -رضي الله عنه- قال:"صَلّيْتُ وراء النبي -صلى الله عليه وسلم- على امرأةٍ ماتت في نفاسها فقام وسطها". شرح غريب الحديث "النفاس" بكسر النون هو الدم الخارج بعد الولد، مأخوذ من النفس وهو الدم أو من التنفس وهو التشقق والانصداع، وأنه يخرج عقب النفس، وليس هذا مُراداً بقوله: "ماتت في نفاسها" بل المُراد: ماتت قبل خروج الولد في نفاسها، وعلى هذا تأوله بعض من منع القيام على جنازة المرأة في وسطها، وقال: إنما قام -عليه الصلاة والسلام- وسط هذه المرأة من أجل جنينها حتى يكون أمامه.
"فقام وسْطها" هو بسكون السين، هكذا الرواية فيه وكذا قيده الحفاظ، وقيده بعضهم بالفتح أيضاً، وعلى الإِسكان اقتصر النووي في "شرح مسلم".
فقه الحديث - في هذا الحديث مشروعية مقام الإِمام عند صلاة الجنازة على المرأة.
"السُّنَّةُ إذا صَلّى الإمام على المرأة يقوم حيال وسطها، حيال عَجيزتها، وإذا صَلّى على الرجل يقوم حيال رأسه، هذا السُّنَّة، أمَّا قول بعض الفقهاء: يقوم حيال صدرها فلا دليل عليه، وإنما السُّنَّةُ أن يقوم عند رأس الرجل وعند وسَطِ المرأة، هذا هو السُّنَّة، والناس خلفه، إلا أن يكون واحداً فيكون عن يمينه، أمَّا إذا كانوا جماعة اثنين أو أكثر يقومون خلفه".
- الخنثى كالمرأة.
- أجمع العلماء على أنه لا يقوم ملاصقاً للجنازة، وأنه لا بد من فرجة بينهما.
- في هذا الحديث إثبات الصلاة على النفساء وإن كانت شهيدة.
وعن الحسن: أنه لا يُصَلَّى على النفساء تموت من زنا ولا ولدها، قاله قتادة في ولدها.
- فيه أيضاً أن السُّنَّةَ أن يقف الإِمام عند عَجيزة المرأة.
- فيه أن موقف المأموم في صلاة الجنازة وراء الإِمام.
| |
|
 | |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى

عدد المساهمات : 41892 العمر : 70
 | موضوع: رد: أربعون حديثاً من أحاديث الآداب والأحكام الخميس 01 يوليو 2021, 5:27 am | |
| 31 - أَحَبُّ الأعمالِ إلَى اللَّهِ -عز وجل-: - عن أبي عمرو الشيباني -واسمه سعد بن إياس- قال: حدثني صاحب هذه الدار ــوأشار بيده إلي دار عبد اللَّه بن مسعود -رضي الله عنه- قال: “سَأَلْتُ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم-: أَيُّ الأعمالِ أَحَبُّ إلَى اللَّهِ -عز وجل-؟ قَالَ: “الصَّلاةُ عَلَى وَقْتِهَا”، قُلْتُ: ثُمَّ أَيٌّ؟ قَالَ: “بِرُّ الْوَالِدَيْنِ”، قُلْتُ: ثُمَّ أَيٌّ؟ قَالَ: “الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ”، قَالَ: حَدَّثَنِي بِهِنَّ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-، وَلَوْ اسْتَزَدْتُهُ لَزَادَنِي”.
شرح غريب الحديث أي العمل: المتعلق بالجوارح لئلا يتعارض مع حديث أبي هريرة المرفوع "أفضل الأعمال إيمان بالله" الحديث.
ثم أي: بالتنوين وعدمه.
بر الوالدين: الإحسان إليهما والمحافظة على حقوقهما.
الجهاد: محاربة الكفار.
في سبيل الله: في طريق التقرب إلى الله وإعلاء كلمته.
استزدته: طلبت منه الزيادة.
فقه الحديث 1 - تنزيل الإشارة منزلة التصريح باسم المشار إليه إذا كانت مميزة له عن غيره.
2 - أن أعمال البر يفضل بعضها على بعض.
3 - السؤال عن مسائل شتى في وقت واحد.
4 - فضل الصلاة في وقتها وهو مقصود الباب.
5 - تعظيم الوالدين.
6 - فضل الجهاد في سبيل الله ومرتبته في الدين عظيمة فإِنه وسيلة إلى إعلان الإيمان ونشره وإخمال الكفر ودحضه.
7- قوله -عليه الصلاة والسلام-: "الصلاة على وقتها" ليس له فيها ما يقتضي تفضيل أول الوقت على غيره، بل المقصود منه الاحتراز عن إخراج الصلاة عن وقتها المشروع لئلا تصير قضاء.
نعم، صح في ابن خزيمة وابن حبان والحاكم: "الصلاة لأول وقتها" وهو ظاهر في الاستدلال على فضيلة التقديم، وما ذكرناه من أنه ليس في الحديث ما يقتضي ذلك.
قاله الشيخ تقي الدين.
7 - السؤال عن طلب الأفضل لتشتد المحافظة عليه، فإن العبد مأمور بتزيل الأشياء منازلها؛ فيقدم الأفضل على الفاضل طلبًا للدرجة العليا.
8- اعلم أن الأحاديث قد اختُلفت في أفضل الأعمال وتقديم بعضها على بعض.
ففي هذا الحديث قدم الصلاة، ثم بر الوالدين، ثم الجهاد، وفي حديث أبي هريرة تقديم الإِيمان ثم الجهاد ثم الحج المبرور.
وذكر في حديث أبي ذر: الإِيمان والجهاد وفي حديث عبد الله بن عمر: "وأيّ الإِسلام خير؟ قال: "تطعم الطعام وتقرأ السلام على مَنْ عرفت ومَنْ لم تعرف".
وفي حديث أبي موسى وعبد الله بن عمرو: "أي الإِسلام خير؟ قال: "مَنْ سَلِمَ المسلمون من لسانه ويده".
وصح من حديث عثمان: "خيركم من تعلم القرآن وعلمه".
وغير ذلك من الأحاديث.
والذي قيل في الجمع بينها: أنها أجوبة مخصوصة لسائل مخصوص بالنسبة إلى حاله، أو وقته أو بالنسبة إلى عموم ذلك الحال والوقت أو بالنسبة إلى المخاطبين بذلك أو من هو في مثل حالهم ولو خوطب بذلك الشجاع لقيل له: الجهاد، أو الغني لقيل له: الصدقة أو الجبان الفقير لقيل له: البر أو الذكر أو الفَطِن لقيل له: العلم أو الحديد الخلق لقيل له: لا تغضب وهكذا في حق جميع أحوال الناس وقد يكون الأفضل في حق قوم أو شخص مخالفًا للأفضل في حق آخرين بحسب المصلحة اللائقة بالوقت أو الحال أو الشخص". | |
|
 | |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى

عدد المساهمات : 41892 العمر : 70
 | موضوع: رد: أربعون حديثاً من أحاديث الآداب والأحكام الخميس 01 يوليو 2021, 5:30 am | |
| 32- تقديم صلاة الفجر في أول وقتها والتغليس بها: عن عائشة قالت: “لَقَدْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يُصَلِّي الْفَجْرَ، فَيَشْهَدُ مَعَهُ نِسَاءٌ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ مُتَلَفِّعَاتٍ بِمُرُوطِهِنَّ، ثُمَّ يَرْجِعْنَ إلَى بُيُوتِهِنَّ مَا يَعْرِفُهُنَّ أَحَدٌ، مِنَ الْغَلَسِ".
غريب الحديث: فيشهد: فيحضر.
متلفعات: ملتحفات.
بمروطهن: المروط أكسية معلمة تكون من خز وتكون من صوف.
ما يعرفهن أحد: لا يظهر إلا أشباحهن خاصة.
من الغلس: اختلاط ضياء الصبح بظلمة الليل.
فقه الحديث 1 - تقديم صلاة الفجر في أول وقتها والتغليس بها.
وحديث الإسفار بالفجر محمول على تحقق طلوع الفجر.
2 - جواز خروج النساء إلى المساجد لشهود الصلاة في الليل وأُخِذ منه جوازه نهارًا بالأولى لأن الليل مظنة الريبة أكثر ومحل ذلك ما إذا لم يخش عليهن أو بهن فتنة.
| |
|
 | |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى

عدد المساهمات : 41892 العمر : 70
 | موضوع: رد: أربعون حديثاً من أحاديث الآداب والأحكام الخميس 01 يوليو 2021, 5:36 am | |
| 33 – أكبر الكبائر: عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ، عَنْ أَبِيهِ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-: “أَلاَ أُنَبِّئُكُمْ بِأَكْبَرِ الكَبَائِرِ؟“: “أَلَا أُنَبِّئُكُمْ بِأَكْبَرِ الْكَبَائِرِ؟” قُلْنَا: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: الْإِشْرَاكُ بِاللَّهِ، وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ، وَكَانَ مُتَّكِئًا فَجَلَسَ، فَقَالَ: “أَلَا وَقَوْلُ الزُّورِ، أَلَا وَقَوْلُ الزُّورِ، وَشَهَادَةُ الزُّورِ”.
فقه الحديث: 1- تقسيم الذنوب إلى كبائر وصغائر، ويدل له أيضاً قوله تعالى: (إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيمًا) (النساء: 31)
2- اختلف العلماء في تمييز الكبيرة من الصغيرة.
وأحسن ما حُدَّتْ به الكبيرة ما قاله شيخ الإسلام ابن تيمية: (إنها ما فيه حَد في الدنيا، أو وعيد في الآخرة، أو ختم بلعنة، أو غضب، أو نفي إيمان، أو نفي دخول جنة) فهو الكبيرة.
3- أن أعظم الذنوب الشرك بالله، لأنه جعله صدر الكبائر وقد قال تعالى: (إنَّ اللهَ لَا يَغْفِرُ أن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَادُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ) (النساء: 48؛ 116).
وهل هنا أشد من جحد نعم الرب تبارك وتعالى، بصرف شيء من عبادته إلى غيره؟!
4- عِظَمِ حُقُوق الوالدين، إذ قرن حقهما بحق الله تعالى.
وقد ذكر الله تعالى حقهما مع حقه في كثير من مواضع القرآن الكريم: (أن اشكر لي وَلِوَاِلدَيْكَ) (لقمان: 14)، (وَقَضَى ربكَ أن لا تَعْبدوا إلا إيَّاهُ وبالوالدين إحسانًا) (الإسراء: 23)، إلى غير ذلك من الآيات.
5- خطر شهادة الزور وقول الزور وتحريمه، فقد اهتمَّ بهما النبي -صلى الله عليه وسلم- باعتدال هيئته، وتكرير التحذير منهما، لِمَا فيهما من المفاسد العظيمة، من قطع حق صاحب الحق، وإدخال الظلم على المشهود له، والكذب، والبهتان، وتضليل القضاة، فيحكموا بما هو خلاف الحق في الباطن، إلى غير ذلك من المفاسد العظمى.
6- اهتمَّ النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- لشهادة الزور، لأن الناس يتساهلون فيها فيجترئون عليها أكثر مما يجترئون على غيرها من المعاصي.
7- نصح النبي -صلى الله عليه وسلم- وتبليغه لأمته كل ما ينفعهم، وتحذيره مما يضرهم. فصلوات الله وسلامه عليه.
8- حُسن تعليمه -صلى الله عليه وسلم- حينما ألقى عليهم هذه المسائل المهمة بطريق التنبيه، ليكون أعلق في أذهانهم، وأرسخ في قلوبهم.
9- يُرَادُ بعُقُوق الوالدين، كل ما يكرهان من الأقوال والأفعال.
والنهىُ عن عقوقهما، يستلزم برهما، وهو القيام بما يحبانه- غير معصية الله- والبر بهما في الحياة وبعد وفاتهما.
وجاء النَهيُ عن عقوقهما بأقل مراتبه -وهو التأفف- إشارة إلى ما فوقه من أنواع الأذى.
| |
|
 | |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى

عدد المساهمات : 41892 العمر : 70
 | موضوع: رد: أربعون حديثاً من أحاديث الآداب والأحكام الخميس 01 يوليو 2021, 6:00 am | |
| 34- الخطبة يوم الجمعة لا تمنع الداخل من صلاة تحية المسجد: عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ -رضي الله عنهما-، قَالَ: جَاءَ سُلَيْكٌ الْغَطَفَانِيُّ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَرَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- يَخْطُبُ، فَجَلَسَ، فَقَالَ لَهُ: “يَا سُلَيْكُ قُمْ فَارْكَعْ رَكْعَتَيْنِ، وَتَجَوَّزْ فِيهِمَا“ ثُمَّ قَالَ: “إِذَا جَاءَ أَحَدُكُمْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ، فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ، وَلْيَتَجَوَّزْ فِيهِمَا”. شرح غريب الحديث رجل: (وذلك في رواية البخاري) هو سليك الغطفاني. صلّيت: بحذف همزة الاستفهام وثبتت في رواية الأصيلي. فقه الحديث: 1 - أن الخطبة لا تمنع الداخل من صلاة تحية المسجد، وأصرح منه حديث مسلم بلفظ: "إذا جاء أحدكم يوم الجمعة والإمام يخطب فليركع ركعتين وليتجوَّز فيهما". فإنه نَصٌ لا يتطرَّق إليه التأويل. 2 - أن التحية لا تفوت بالقعود؛ لكن قيد ذلك بعضهم بالجاهل أو الناسي. 3 - على الخطيب أن يبين في خطبته الأحكام المحتاجة إليها لأن ذلك يُعَدُّ من الخطبة. 4 - أن تحية المسجد ركعتان.
| |
|
 | |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى

عدد المساهمات : 41892 العمر : 70
 | موضوع: رد: أربعون حديثاً من أحاديث الآداب والأحكام الخميس 01 يوليو 2021, 6:06 am | |
| 35- زوج المرضعة بمنزلة الوالد للرضيع وأخاه بمنزلة العم: عن عائشة -رضي الله تعالى عنها- قالت: اسْتَأْذَنَ عَلَيَّ أَفْلَحُ أَخُو أَبِي القُعَيْسِ بَعْدَمَا أُنْزِلَ الحِجَابُ، فَقُلْتُ: لاَ آذَنُ لَهُ حَتَّى أَسْتَأْذِنَ فِيهِ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم-، فَإِنَّ أَخَاهُ أَبَا القُعَيْسِ لَيْسَ هُوَ أَرْضَعَنِي، وَلَكِنْ أَرْضَعَتْنِي امْرَأَةُ أَبِي القُعَيْسِ، فَدَخَلَ عَلَيَّ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-، فَقُلْتُ لَهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أَفْلَحَ أَخَا أَبِي القُعَيْسِ اسْتَأْذَنَ فَأَبَيْتُ أَنْ آذَنَ لَهُ حَتَّى أَسْتَأْذِنَكَ، فَقَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-: “وَمَا مَنَعَكِ أَنْ تَأْذَنِي عَمُّكِ؟“، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ الرَّجُلَ لَيْسَ هُوَ أَرْضَعَنِي، وَلَكِنْ أَرْضَعَتْنِي امْرَأَةُ أَبِي القُعَيْسِ، فَقَالَ: “ائْذَنِي لَهُ فَإِنَّهُ عَمُّكِ تَرِبَتْ يَمِينُكِ” قَالَ عُرْوَةُ: فَلِذَلِكَ كَانَتْ عَائِشَةُ تَقُولُ: “حَرِّمُوا مِنَ الرَّضَاعَةِ مَا تُحَرِّمُونَ مِنَ النَّسَبِ”.
شرح غريب الحديث أفلح: بفتح الهمزة وسكون الفاء وفتح اللام بعدها حاء مهملة صحابي.
تربت يمينك: افتقرت يمينك، والعرب تدعو على الرجل ولا تريد وقوع الأمر به.. كَمَا يَقُولُونَ قَاتَلَهُ اللَّهُ.
وَقِيلَ مَعْنَاهَا لِلَّهِ دَرُّك.
وَقِيلَ أَرَادَ بِهِ المَثَل ليَري المأمُورُ بِذَلِكَ الجدَّ وَأَنَّهُ إِنْ خَالَفَهُ فَقَدْ أَسَاءَ.
وَمنه: “عليكَ بِذَات الدِّينِ تَرِبَتْ يدَاك” تَرِبَ الرجُل، إِذَا افْتَقَر، أَيْ لَصِق بالتُّراب".
فقه الحديث: 1 - أن مَنْ شَكَّ في حُكم يتوقف عن العمل حتى يسأل عن الحكم مَنْ يعلمه.
2 - جواز التسمية بـ "أفلح".
3 - أن لبن الفحل يُحَرِّم فتنتشر الحرمة لمن ارتضع الصغير بلبنه فلا تحل له بنت زوج المرأة التي أرضعته من غيرها.
4 - أن زوج المُرضعة بمنزلة الوالد للرضيع وأخاه بمنزلة العم.
5 - وجوب احتجاب المرأة من الرجال الأجانب.
| |
|
 | |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى

عدد المساهمات : 41892 العمر : 70
 | موضوع: رد: أربعون حديثاً من أحاديث الآداب والأحكام الخميس 01 يوليو 2021, 6:13 am | |
| 36 – حث الشباب القادر على مؤنة النكاح على النكاح: عَنْ عَبْدِ الله بن مَسْعُودٍ -رَضيَ الله عَنْهُ- قَالَ: قالَ رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: "يَا مَعْشَرَ الشباب، مَن استطاع مِنْكُمُ البَاءةَ فلْيَتزَوَّج، فَإنه أغَضُّ لِلبَصَرِ، وَأحْصَنُ لِلْفَرْجِ وَمَنْ لَمْ يستطع فعَليهِ بالصَّوم، فَإنَّهُ لَهُ وِجَاء". شرح غريب الحديث: “ مَنْ استطاع منكم البَاءَة “ يَعْنِي النِّكاحَ والتَّزَوّجَ.
يُقَالُ فِيهِ البَاءَة والبَاء، وَقَدْ يُقْصَر، وَهُوَ مِنَ المَبَاءة، المنْزِلِ؛ لِأَنَّ مَن تَزَوَّجَ امْرأة بَوَّأَهَا مَنْزلاً.
وَقِيلَ لأنَّ الرجُل يَتَبَوَّأ مِنْ أهْله، أَيْ يَسْتَمكِنُ كَمَا يَتَبَوَّأ مِنْ مَنْزِلِهِ.
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ الْآخَرُ: “أَنَّ امْرَأَةً مَاتَ عَنْهَا زوجُها فَمَرَّ بِهَا رَجُلٌ وَقَدْ تَزَيَّنَت للبَاءَة”.
"يا معشر الشباب": يا طائفة الشباب والشباب جمع شاب وهو مَنْ بلغ ولم يتجاوز الثلاثين.
خص الشباب بهذا الخطاب لأن الغالب وجود قوة الداعي فيهم إلى النكاح بخلاف الشيخ وإن كان المعنى معتبرًا إذا وجد السبب في الكهول والشيوخ أيضًا.
"أغض للبصر": أشد غضاً للبصر والمُراد بالبصر هنا الطرف المشتمل عليه لأنه الذي يضاف إليه وفى رواية النسائى "أغض للطرف".
"وأحصن للفرج": أشد منها له من الوقوع فى الفاحشة.
"ومن لم يستطع": من لم يقدر على مؤن النكاح أو نفس النكاح مع توقانه إليه.
"فعليه بالصوم": ليلزم الصوم.
وقيل: إن الباء زائدة، ويكون معنى الحديث، الخبر، لا الأمر.
فإنه: الصوم.
"وِجاءٌ": كمرض الخصيتين في قطع الشهوة.
والوِجاء: بكسر الواو والمد هو رض عروق الخصيتين حتى تنفضخا، فتذهب بذهابهما شهوة الجماع، وكذلك الصوم، فهو مُضعِف لشهوة الجماع، ومن هنا تكون بينهما المشابهة.
فقه الحديث: 1 - ترغيب القادر على النكاح فيه إذا تاقت نفسه إليه.
2 - إرشاد العاجز عن مؤن النكاح إلى الصوم وذلك لأن شهوة النكاح تابعة لشهوة الأكل تقوى بقوتها وتضعف بضعفها.
3 - أن المقصود من النكاح الوطء ولذلك شرع الخيار في العِنَّة.
4 - الحث على غض البصر وتحصين الفرج بكل ممكن.
5 - عدم التكليف بغير المستطاع.
وقَدْ قَسَّمَ الْفُقَهَاءُ النِّكَاحَ إلَى الْأَحْكَامِ الْخَمْسَةِ: يعْنِي الْوُجُوبَ، وَالنَّدْبَ، وَالتَّحْرِيمَ، وَالْكَرَاهَةَ، وَالْإِبَاحَةَ.
وَجُعِلَ الْوُجُوبُ فِيمَا إذَا خَافَ الْعَنَتَ، وَقَدَرَ عَلَى النِّكَاحِ.
6 - قال شيخ الإسلام: ومَنْ لا مال له هل يستحب له أن يقترض ويتزوج؟
فيه نزاع في مذهب الإمام أحمد وغيره، وقد قال تعالى: (ولْيستَعْفِفْ الذين لا يجدون نكاحاً حتى يُغْنِيَهم اللهُ من فضله) (النور: 33). | |
|
 | |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى

عدد المساهمات : 41892 العمر : 70
 | موضوع: رد: أربعون حديثاً من أحاديث الآداب والأحكام الخميس 01 يوليو 2021, 6:22 am | |
| 37- تحريم نكاح المُتعة وبطلانه وتحريم أكل لحوم الحُمُر الأهلية: عَنْ عَلى بْنِ أبي طالب -رَضيَ الله عَنْهُ-: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- نهى عن نكاح المُتعة يوم خيبر، وعن لحوم الحُمُر الأهلية. شرح غريب الحديث: نكاح المتعة: تزوج الرجل المرأة إلى أجل.
يوم خيبر: زمن خيبر.
الأهلية: المملوكة التي لها أهل ترجع إليهم ويرجعون إليها ضد الوحشية.
فقه الحديث: 1- تحريم نكاح المتعة وبطلانه، وعليه أجمع العلماء.
قال ابن دقيق العيد: وفقهاء الأمصار كلهم على المنع، وأكثر الفقهاء على الاقتصار في التحريم على العقد المؤقت.
2- كان مباحاً في أول الإسلام للضرورة فقط، ثم جاء التأكيد والتأبيد لتحريمه ولو عند الضرورة.
3- نهى الشارع الحكيم عنه، لِمَا يترتب عليه من المفاسد، منها: اختلاط الأنساب، واستباحة الفروج بغير نكاح صحيح.
ومجافاة للذوق السليم والطبيعة المستقيمة، هذه المفاسد ربَتْ على ما فيه من لذة قضاء الشهوة.
4- النهي عن أكل لحوم الحُمُر الأهلية فهي رجس، بخلاف الحُمُر الوحشية، فهي حلال بالإجماع.
ويدل عليه تقرير النبي -صلى الله عليه وسلم- مَنْ صادها وأهداها إليه في سفره إلى مكة.
فائدة: سُئِلَ شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله تعالى- عن رجل يسير في البلاد، ويخاف أن يقع في المعصية، فهل له أن يتزوج في مدة إقامته في تلك البلدة فإذا سافر طلق من تزوجها؟
فأجاب: بأن له أن يتزوَّج، ولكن على أن ينكح نكاحاً مطلقاً، يمكنه من إمساكها أو تطليقها إن شاء، وإن نوى طلاقها حتماً عند انقضاء سفره كره في مثل ذلك، وفي صحة النكاح نزاع.
ثم بَيَّنَ -رحمه الله- رأيه في نكاح المُتعة، فقال: إن قصد أن يستمتع بها إلى مدة ثم يفارقها، مثل المسافر إلى بلد يقيم به مدة فيتزوج وفي نيته إذا عاد إلى وطنه أن يطلقها، ولكن النكاح عقده عقداً مطلقاً فهذا فيه ثلاثة أقوال في مذهب أحمد.
1- قيل: هو نكاح جائز، وهو اختيار الموفق وقول الجمهور.
2- وقيل: إنه نكاح تحليل لا يجوز، وروى عن الأوزاعي ونصر القاضي وأصحابه.
3- وقيل مكروه وليس بِمُحَرَّم.
والصحيح أن هذا ليس بنكاح مُتعة ولا يُحَرَّم، وذلك أنه قاصد للنكاح وراغب فيه، بخلاف المحلل، لكن لا يريد دوام المرأة معه وهذا ليس بشرط، فإن دوام المرأة معه ليس بواجب، بل له أن يطلقها، فإذا قصد أن يطلقها بعد مدة فقد قصد أمراً جائزاً بخلاف نكاح المُتعة، فإنه مثل الإجارة تنقضي فيه بانقضاء المدة، ولا ملك له عليها بعد انقضاء الأجل، وأمَّا هذا فملكه ثابت مطلق، وقد تتغيَّر بنية فيمسكها دائماً، وذلك جائز له، كما لو تزوج بنية إمساكها دائماً، ثم بدا له طلاقها جاز ذلك.
اختلاف العلماء: أجمع العلماء على تحريم هذا النكاح وبطلانه.
واختلفوا في الوقت الذي حرم فيه، تبعا للآثار التي وردت في تحريمه.
فبعضهم يرى أن التحريم كان يوم (خيبر) مستدلاً بحديث الباب، ثم إنها أبيحت، ثم حُرِّمَتْ يوم فتح مكة.
وبعضهم يرى أنها لم تُحَرَّم إلا يوم الفتح، وقبله كانت مُباحة، ويقولون: إن علياً -رضي الله عنه- لم يرد في هذا الحديث أن تحريم المتعة وقع مع تحريم لحوم الحُمُر الأهلية يوم (خيبر) وإنما قرنهما جميعاً رداً على ابن عباس الذي يُجيز المتعة للضرورة ويبيح لحوم الحُمُر الأهلية.
وهذا القول أولى.
قال النووي: الصواب أن تحريمها وإباحتها وقعا مرتين فكانت مباحة قبل خيبر، ثم حرمت فيها، ثم أبيحت عام الفتح، وهو عام أوطاس، ثم حرمت تحريماً مؤبداً.
قال: ولا مانع من تكرير الإباحة: أي في وقت الرسول -صلى الله عليه وسلم- لا بعد التحريم المؤبد.
| |
|
 | |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى

عدد المساهمات : 41892 العمر : 70
 | موضوع: رد: أربعون حديثاً من أحاديث الآداب والأحكام الخميس 01 يوليو 2021, 6:27 am | |
| 38- النهى عن سؤال الولاية مطلقًا؛ والكفارة رخصة شرعها الله تعالى لحل ما عقدت اليمين: عن عبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَمُرَةَ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-: “يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ سَمُرَةَ، لاَ تَسْأَلِ الإمَارَةَ، فَإِنَّكَ إِنْ أُوتِيتَهَا عَنْ مَسْأَلَةٍ وُكِلْتَ إِلَيْهَا، وَإِنْ أُوتِيتَهَا مِنْ غَيْرِ مَسْأَلَةٍ أُعِنْتَ عَلَيْهَا، وَإِذَا حَلَفْتَ عَلَى يَمِينٍ، فَرَأَيْتَ غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا، فَكَفِّرْ عَنْ يَمِينِكَ وَأْتِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ”.
شرح غريب الحديث: (لا تسأل الإمارة) لا تطلب أن تكون والياً أو حاكماً.
(وُكلت إليها) تركك الله تعالى لتدبير نفسك، ولم يكن معك إعانة.
(أُعنت عليها) هيأ الله تعالى لك أعوان خير ينصحون لك ويسددون خطاك بتوفيق من الله عز وجل.
(حلفت على يمين) أقسمت على شيء والأصل حلفت يمينا ف - (على) مقحمة تأكيدا للمعنى.
(فكفر) أخرج الكفارة المشروعة.
فقه الحديث: 1 - النهى عن سؤال الولاية مطلقًا وقيد الفقهاء ذلك بما إذا لم يتعين الطلب عليه لعدم من يتولاها أو لكونه أفضل الموجودين.
2 - ألطاف اللَّه بعبده بالإعانة على إصابة الصواب في فعله وقوله تفضلاً زائدًا على مجرد التكليف والهداية إلى النجدين.
3- أن من حلف أن لا يفعل كذا، أو أن يفعله، ثم رأى الخير في غير الذي حلف عليه، إما الفعل وإما الترك، فَليَأتِ الذي هو خير، ولْيكَفِّر عن يمينه.
ويختلف هذا، باختلاف المحلوف عليه.
فقد يكون الحنث واجباً، وقد يكون مستحباً، وقد يكون حراماً، وقد يكون مباحاً.
فيخَير بين البقاء على يمينه، أو الحنث مع التكفير.
4- عند جمهور العلماء أن الكفارة رخصة شرعها الله تعالى لحل ما عقدت اليمين، ولذلك تجزئ قبل الحنث وبعده، وذكر عياض أن الذين قالوا بتقديم التكفير من الصحابة أربعة عشر صحابياً، كما قال به قبل الحنث ربيعة والأوزاعي والليث ومالك وأحمد وسائر فقهاء الأمصار غير أهل الرأي.
5- أن هذا التشريع، كما هو أمر النبي -صلى الله عليه وسلم-، فهو- أيضا- فعله.
فقد أخبر أنه لا يحلف على يمين فيرى غيرها خيراً منها إلا أتى الذي هو خير، وكفر عن يمينه.
وهذا هو عين المصلحة، وهو تخفيف من ربنا ورحمة.
وكانت الأمم السابقة، ليس عندهم تحليل وتكفير، فلا بد من الوفاء بأيمانهم.
ولذا فإن أيوب عليه السلام، لما حلف أن يضرب زوجته، وترك عزمه، لم يجد لقضاء يمينه إلا أن يضربها بِضِغْثِ فيه عدد الجلدات المرادة".
قال الإمام البغوي: اليمين في الجملة مكروهة إلا فيما لله فيه طاعة، قال الله سبحانه وتعالى: (ولا تجعلوا الله عرضة لأيمانكم أن تبروا) (البقرة: 224).
أي: مانعاً لكم عن البر، فإن حلف على شيء، فرأى غيره خيراً منه بأن حلف على ترك مندوب، أو فعل مكروه، فالأفضل أن يحنث نفسه، ويكفر، وإلا فحفظ اليمين أولى، لقول الله عز وجل: (واحفظوا أيمانكم) (المائدة: 89)، أي: احفظوها بعد ما حلفتم من الحنث، وقيل: معناه لا تحلفوا.
وهذا قول عامة أهل العلم، قالوا: إذا حنث عليه الكفارة، وقيل: من حلف على معصية يجب عليه أن يحنث نفسه، ولا كفارة عليه، يروى ذلك عن سعيد بن جبير -رحمة الله تعالى عليه-. | |
|
 | |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى

عدد المساهمات : 41892 العمر : 70
 | موضوع: رد: أربعون حديثاً من أحاديث الآداب والأحكام الخميس 01 يوليو 2021, 6:32 am | |
| 39 – الأمر بإطعام الجائع وعيادة المريض وفكاك الأسير: عَنْ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-، عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: “أَطْعِمُوا الجَائِعَ، وَعُودُوا المَرِيضَ، وَفُكُّوا العَانِيَ” قَالَ سُفْيَانُ: "وَالعَانِي: الأَسِيرُ". شرح غريب الحديث: - قوله وفكوا العاني: أي خلصوا الأسير.
من فككت الشيء فانفك؛ وقيل للأسير عان من عنا يعنو إذا خضع.
وَالْمَرْأَة عانية، وَالْجمع: عوان، وكل من ذل واستكان فقد عَنا.
- (وعودوا المريض) زوروه.
فقه الحديث: الأمر هنا للندب وقد يكون واجبا في بعض الأحوال اه قاله الكرماني.
- الأمر بإطعام الجائع.
وهو عَام يتَنَاوَل كل جَائِع من بني آدم وَغَيرهم، وإطعام الجائع فرض على الْكِفَايَة، فَلَو أَن رجلا يَمُوت جوعا وَعند آخر مَا يحييه بِهِ بِحَيْثُ لَا يكون فِي ذَلِك الْموضع أحد غَيره، فَفرض عَلَيْهِ إحْيَاء نَفسه.
وَإِذا ارْتَفَعت حَالَة الضَّرُورَة كَانَ ذَلِك ندباً.
ويؤخذ من الأمر بإطعام الجائع.
جواز الشبع لأنه ما دام قبل الشبع فصفة الجوع قائمة به والأمر بإطعامه مستمر.
- الأمر بفكاك الأسير.
قال ابن بطال فكاك الأسير واجب على الكفاية وبه قال الجمهور وقال إسحاق بن راهويه من بيت المال وروي عن مالك أيضاً. - الأمر بعيادة المريض؛ وعِيَادَة الْمَرِيض سُنَّة.
وَقيل: وَاجِبَة، وَقد رُوِيَ فِي ذَلِك عَن جمَاعَة من الصَّحَابَة، -رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم-. وَيُسْتدلَّ بِعُمُوم قَوْله: (وعودوا الْمَرِيض) على مشروعية العيادة فِي كل مرض وَاسْتثنى بَعضهم الأرمد.
* ويُستدل بِعُمُوم الحَدِيث أَيْضا على عدم التَّقْيِيد بِزَمَان يمْضِي من ابْتِدَاء مَرضه، وَهُوَ قَول الْجُمْهُور، وَجزم الْغَزالِيّ فِي (الْإِحْيَاء) بِأَنَّهُ لَا يُعَاد إلاَّ بعد ثَلَاث، وَأسْندَ إِلَى حَدِيث أخرجه ابْن مَاجَه عَن أنس: كَانَ النَّبِي -صلى الله عليه وسلم-، لَا يعود مَرِيضا إلاَّ بعد ثَلَاث.
قلت: هَذَا ضَعِيف جداً.
* ويستدل بِإِطْلَاق الحَدِيث أَيْضاً على أَن العيادة لَا تقيد بِوَقْت دون وَقت، لَكِن جرت الْعَادة بهَا فِي طرفِي النَّهَار، وَترْجم البُخَارِيّ فِي (الْأَدَب الْمُفْرد): العيادة فِي اللَّيْل. | |
|
 | |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى

عدد المساهمات : 41892 العمر : 70
 | موضوع: رد: أربعون حديثاً من أحاديث الآداب والأحكام الخميس 01 يوليو 2021, 6:36 am | |
| 40- أعمال العباد توزن يوم القيامة بالميزان: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: "كَلِمَتَانِ خَفِيفَتَانِ عَلَى اللِّسَانِ، ثَقِيلَتَانِ فِي المِيزَانِ، حَبِيبَتَانِ إِلَى الرَّحْمَنِ: سُبْحَانَ اللَّهِ العَظِيمِ، سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ". شرح غريب الحديث: (خفيفتان): سهلتان.
(ثقيلتان): في وزن ثوابهما.
(حبيبتان): محبوبتان أي إن الله تعالى يقبلهما ويوصل الخير لقائلهما ويكرمه.
(سبحان الله): تنزيه الله من الأولاد والصاحبة والشركاء.
فقه الحديث: تضمَّن هذا الحديث عدة فوائد: - مِنْهَا أن الْأَعْمَال توزن بالميزان.
- ومنها الإيمان بالميزان: وأجمع أهل السنة على الإيمان بالميزان، وأن أعمال العباد توزن يوم القيامة، وأن الميزان له لسان وكفتان وتمثل الأعمال بما يوزن، وخالف ذلك المعتزلة وأنكروا الميزان وقالوا: الميزان عبارة عن العدل.
وهو خلاف لنص كتاب الله، وقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
قال المهلب: فأخبر الله تعالى أنه يضع الموازين لتوزن أعمال العباد بها، فيريهم أعمالهم ممثلة فى الميزان لأعين العاملين؛ ليكونوا على أنفسهم شاهدين قطعًا لحججهم وإبلاغًا فى إنصافهم عن أعمالهم الحسنة، وتبكيتًا لمن قال: إن الله لا يعلم كثيرًا مما يعملون، وتقصيًا عليهم لأعمالهم المخالفة لما شرع لهم، وبرهانًا على عدله على جميعهم، وأنه لا يظلم مثقال حبة من خردل حتى يعترف كل بما قد نسيه من عمله، ويميز ما عساه قد احتقره من فعله. ويقال له عند اعترافه: كفى بنفسك اليوم عليك حسيبًا.
- وَمِنْهَا: إدراج الْكَلَام فِي الْأَعْمَال، لأنّه وصف الْكَلِمَتَيْنِ بالخفّة على اللِّسَان، والثقل فِي الْمِيزَان، دلّ أَن الْكَلَام عمل يُوزن.
- وَمِنْهَا: ختم الكِتَاب بِالتَّسْبِيح.
- وَقد ورد فِي الحَدِيث مَا يدّل على اسْتِحْبَاب ختم الْمجَالِس بالتسبيح وَأَنه كَفَّارَة لما لَعَلَّه يتّفق فِي أثْنَاء الْكَلَام ممّا يَنْبَغِي هجره".
- وقوله (ثقيلتان): يدل أن تسبيح الله وتقديسه من أفضل النوافل، وأعظم الذخائر عنده تعالى، ألا ترى قوله -صلى الله عليه وسلم-: (حبيبتان إلى الرحمن).
- وفيه إشارة إلى أن سائر التكاليف صعبة شاقة على النفس ثقيلة؛ وهذه سهلة عليها مع أنها تثقل الميزان كثقل الشاق من التكاليف.
وقد سُئِلَ بعض السلف عن سبب ثقل الحسنة وخفة السيئة؟
فقال لأن الحسنة حضرتْ مرارتها وغابت حلاوتها فثقلت؛ فلا يحملنَّك ثقلُها على تركها.
والسيئة حضرت حلاوتها وغابت مرارتها فلذلك خفت فلا يحملنك خفتها على ارتكابها.
| |
|
 | |
| أربعون حديثاً من أحاديث الآداب والأحكام | |
|