منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers

(إسلامي.. ثقافي.. اجتماعي.. إعلامي.. علمي.. تاريخي.. دعوي.. تربوي.. طبي.. رياضي.. أدبي..)
 
الرئيسيةالأحداثأحدث الصورالتسجيل
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

soon after IZHAR UL-HAQ (Truth Revealed) By: Rahmatullah Kairanvi
قال الفيلسوف توماس كارليل في كتابه الأبطال عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لقد أصبح من أكبر العار على أي فرد مُتمدين من أبناء هذا العصر؛ أن يُصْغِي إلى ما يظن من أنَّ دِينَ الإسلام كَذِبٌ، وأنَّ مُحَمَّداً -صلى الله عليه وسلم- خَدَّاعٌ مُزُوِّرٌ، وآنَ لنا أنْ نُحارب ما يُشَاعُ من مثل هذه الأقوال السَّخيفة المُخْجِلَةِ؛ فإنَّ الرِّسَالة التي أدَّاهَا ذلك الرَّسُولُ ما زالت السِّراج المُنير مُدَّةَ اثني عشر قرناً، لنحو مائتي مليون من الناس أمثالنا، خلقهم اللهُ الذي خلقنا، (وقت كتابة الفيلسوف توماس كارليل لهذا الكتاب)، إقرأ بقية كتاب الفيلسوف توماس كارليل عن سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-، على هذا الرابط: محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم-.

يقول المستشرق الإسباني جان ليك في كتاب (العرب): "لا يمكن أن توصف حياة محمد بأحسن مما وصفها الله بقوله: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِين) فكان محمدٌ رحمة حقيقية، وإني أصلي عليه بلهفة وشوق".
فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ على سائر البُلدان، كما فَضَّلَ بعض الناس على بعض والأيام والليالي بعضها على بعض، والفضلُ على ضربين: في دِينٍ أو دُنْيَا، أو فيهما جميعاً، وقد فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ وشَهِدَ لها في كتابهِ بالكَرَمِ وعِظَم المَنزلة وذَكَرَهَا باسمها وخَصَّهَا دُونَ غيرها، وكَرَّرَ ذِكْرَهَا، وأبَانَ فضلها في آياتٍ تُتْلَى من القرآن العظيم.
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

المهندس حسن فتحي فيلسوف العمارة ومهندس الفقراء: هو معماري مصري بارز، من مواليد مدينة الأسكندرية، وتخرَّجَ من المُهندس خانة بجامعة فؤاد الأول، اشْتُهِرَ بطرازهِ المعماري الفريد الذي استمَدَّ مَصَادِرَهُ مِنَ العِمَارَةِ الريفية النوبية المَبنية بالطوب اللبن، ومن البيوت والقصور بالقاهرة القديمة في العصرين المملوكي والعُثماني.
رُبَّ ضَارَّةٍ نَافِعَةٍ.. فوائدُ فيروس كورونا غير المتوقعة للبشرية أنَّه لم يكن يَخطرُ على بال أحَدِنَا منذ أن ظهر وباء فيروس كورونا المُستجد، أنْ يكونَ لهذه الجائحة فوائدُ وإيجابيات ملموسة أفادَت كوكب الأرض.. فكيف حدث ذلك؟!...
تخليص الإبريز في تلخيص باريز: هو الكتاب الذي ألّفَهُ الشيخ "رفاعة رافع الطهطاوي" رائد التنوير في العصر الحديث كما يُلَقَّب، ويُمَثِّلُ هذا الكتاب علامة بارزة من علامات التاريخ الثقافي المصري والعربي الحديث.
الشيخ علي الجرجاوي (رحمه الله) قَامَ برحلةٍ إلى اليابان العام 1906م لحُضُورِ مؤتمر الأديان بطوكيو، الذي دعا إليه الإمبراطور الياباني عُلَمَاءَ الأديان لعرض عقائد دينهم على الشعب الياباني، وقد أنفق على رحلته الشَّاقَّةِ من مَالِهِ الخاص، وكان رُكُوبُ البحر وسيلته؛ مِمَّا أتَاحَ لَهُ مُشَاهَدَةَ العَدِيدِ مِنَ المُدُنِ السَّاحِلِيَّةِ في أنحاء العالم، ويُعَدُّ أوَّلَ دَاعِيَةٍ للإسلام في بلاد اليابان في العصر الحديث.


 

 العدوان الثلاثي على مصر 1956م (الجزء الثاني)

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 48824
العمر : 71

العدوان الثلاثي على مصر 1956م (الجزء الثاني) Empty
مُساهمةموضوع: العدوان الثلاثي على مصر 1956م (الجزء الثاني)   العدوان الثلاثي على مصر 1956م (الجزء الثاني) Emptyالسبت 28 مايو 2011, 9:38 pm


بسم الله الرحمن الرحيم

المبحث الثاني
الجلاء
أولاً: جلاء القوات البريطانية عن مصر
منذ أن احتلت القوات البريطانية مصر في 15 سبتمبر 1882 وهى تدعي أن هذا الاحتلال عمل مؤقت سيزول بمجرد أن تنتهي أسبابه ولكن هذا العمل دام نحو 74 عاما إلى أن أنهته ثورة 23 يوليه عام 1952.

كان حوالي 80 ألفاً من القوات البريطانية متمركزة على طول قناة السويس ويمثلون مصدراً للغضب والاستياء للشعب المصري، ورمزاً أرضى الإسرائيليين الذين كانوا يعتبرون البريطانيين كمانع لأي هجوم مصري عبر القناة، وقد كانت قاعدة القناة أكبر قاعدة عسكرية في شمال أفريقيا، فكانت تضم 15 فرقة عسكرية، 15 سرب طائرات، والأسطول البحري الملكي في شرق البحر المتوسط، كما كانت القاعدة تستخدم ما يقرب من 200 ألف من المصريين في مختلف المجالات.

ظلت الجماهير المصرية ساخطة على الاحتلال البريطاني، مما اضطر الحكومة المصرية "وزارة الوفد" في 15 أكتوبر 1951 إلى إلغاء المعاهدة البريطانية المصرية التي عقدت عام 1936م، وبعدها بدأ الشعب المصري النضال ضد الإنجليز في منطقة القناة حتى قيام ثورة يوليه 1952، حيث كان الفدائيون المصريون يخطفون ويقتلون الجنود البريطانيين، ويلقون بالقنابل اليدوية في معسكرات الضباط، ويزرعون الطرق بالألغام وينسفون المنشآت العسكرية.

كان أول مطلب للثورة أن تجلو بريطانيا عن البلاد، وبدأت المحادثات الأولى في 17 أبريل 1953، ومع شعور بريطانيا بأنها لن تستطيع أن تحمي قاعدتها في مصر من هجمات الفدائيين، والتكاليف المتزايدة للقاعدة، علاوة على عدم أهميتها في العصر النووي، لذا أعلن في 21 يوليه 1954، أنه قد تم الوصول إلى اتفاق مبدئي، ينص على جلاء القوات البريطانية عن منطقة قناة السويس في خلال عشرين شهراً، على أن يقوم المدنيون الإنجليز بصيانة القاعدة مع شرط تهيئة القاعدة للعمل، وعودة القوات البريطانية في حالة وقوع هجوم مسلح من أي دولة على أحد دول الجامعة العربية أو تركيا.

وأن تجلو هذه القوات بعد ذلك فور وقف القتال.

في 19 أكتوبر 1954 تم توقيع الاتفاق المصري البريطاني بين "عبدالناصر" و"أنتوني ناتنج" ـ ـ وزير الدولة للشؤون الخارجية البريطاني، وفي 13 يونيه 1956 غادر البلاد آخر جندي بريطاني قبل الميعاد الرسمي المحدد بخمسة أيام.

ثانياً: موقف مصر من اتفاقية الجلاء
مثل التوقيع على الاتفاقية نقطة هامة في تاريخ مصر، حيث أسدل الستار على عصر اتسم بكفاح مرير خاضه المصريون ضد الاحتلال، فقد رأت في الاتفاقية تتويجاً لثورة يوليه، وكان "عبدالناصر" حريصاً على إنجازها لأكثر من سبب، فهو يريد أن يحقق حلم عمره الذي جاهد من أجله منذ كان طالباً، وليثبت ذاته، وينقش اسمه على وثيقة تنهي الاحتلال البريطاني لمصر الذي دام طويلاً، ورأى أيضاً أن يولي جهوده شطر الناحية الداخلية ويتفرغ لإعادة بناء الاقتصاد، والإصلاح الاجتماعي.

ومما لا شك فيه أن مصر قبلت بعض التنازلات عندما وقعت الاتفاقية، خاصة ما جاءت به المادة الرابعة التي نصت على أنه "في حالة وقوع هجوم مسلح من دولة من الخارج على أي بلد، يكون طرفاً في معاهدة الدفاع المشترك بين دول الجامعة العربية الموقع عليها في القاهرة في 13 أبريل 1950 أو تركيا، أن تقدم مصر للمملكة المتحدة من التسهيلات ما قد يكون لازماً لتهيئة القاعدة للحرب وإدارتها إدارة فعالة، وتضمن هذه التسهيلات استخدام الموانئ المصرية في حدود ما تقتضيه الضرورة القصوى للأغراض سالفة الذكر".


وقد صور السفير البريطاني في القاهرة مظاهر الفرحة التي عمت حكومته، وكيف خرجت الجموع يومي 21،20 أكتوبر تجوب الشوارع، رافعة اللافتات، تهتف وتؤيد "عبدالناصر" ورفاقه، وأن السياسيين القدامى حرصوا على المشاركة، فهنأ حسين سري "عبدالناصر"، وعبر علي ماهر عن ارتياحه، وكان "عبد السلام فهمي جمعة" هو الزعيم الوفدي الوحيد الذي أيد الاتفاقية.

وعلى الجانب الآخر كان هناك ناقمون على النظام بصفة عامة، وتمثلوا في الجناح المتشدد من الوفد، والتنظيمات الشيوعية.

كما تعرض عبدالناصر لمحاولة اغتيال بواسطة الإخوان المسلمين بعد أسبوع واحد من توقيع الاتفاقية أثناء وجوده بالإسكندرية، ولكن جاءت النتيجة عكسية، ويسجل السفير البريطاني في القاهرة "همفري تريفليان ـ ، "أن هذا الحادث لم يؤثر معنوياً على النظام"، ووفقاً لما سمعه، "فسوف يزيد من ثقة "عبدالناصر" الزائدة في نفسه، ويقوي تعاطف الشعب معه".

ثالثاً: موقف بريطانيا من اتفاقية الجلاء
عقب إبرام الاتفاقية، بعث وزير الخارجية البريطاني "سلوين لويد ـ " رسالة إلى "عبدالناصر" يهنئه فيها، ويصف ما تم بأنه "خطوة هامة إلى الأمام لإيجاد تفاهم وصداقة على أسس جديدة بين البلدين".

واتخذت مصر الإجراءات الرسمية لشطب شكواها ضد بريطانيا في مجلس الأمن، وتم تبادل وثائق التصديق على الاتفاقية، وأرسلت نسخة للأمم المتحدة

.رابعاً: موقف أمريكا من اتفاقية الجلاء
حظيت الاتفاقية بتأييد الأمريكيين، الذين كان لهم الدور في إتمامها. فقد مارس "أيزنهاور ـ " ضغوطاً قوية على بريطانيا لسحب قواتها. ويروي "أيزنهاور" في مذكراته أنه كان يعتقد " أن احتفاظ بريطانيا بقوات كبيرة بصورة دائمة في منطقة تابعة لحكومة غيورة ومستاءة
ووسط تجمعات سكانية معادية لم يكن مستساغاً أو عملياً، ومن هنا شجعنا، "جون دالاس ـ " وأنا، البريطانيين على أن يجلوا بالتدريج".

كما لوحوا بالمعونة العسكرية لمصر، واستخدموا ورقة المساعدة الاقتصادية لإقناعها بالموافقة.

وعندما نوقشت الاتفاقية في الاجتماع الوزاري لحلف شمال الأطلسي في باريس، أكد المجتمعون على أنها عمل مرض، وتقدم التسهيلات للغرب، وبينوا أنهم تخلصوا من مصدر الاحتكاك الرئيسي مع العالم العربي، مما يؤهل للقيام بدور أكثر إيجابية وإفادة فيما يتعلق بمشكلات الشرق الأوسط.

خامساً: موقف إسرائيل من اتفاقية الجلاء
كان احتمال نجاح المفاوضات الدائرة حول الانسحاب يسبب انزعاجاً كبيراً لإسرائيل، فمعنى ذلك أنه سيتم إلغاء الحاجز الواقي، الذي تمثله القوات البريطانية الموجودة على طول القناة بين إسرائيل والقوات المصرية، وبالتالي تزداد قوة "عبدالناصر" وشعبيته رسوخاً.

ولم يكن مثل هذا الاحتمال بالأمر الذي تسكت عليه إسرائيل.

وللحيلولة دون تحقيق إمكانية نجاح المفاوضات، نفذ جهاز الاستخبارات الإسرائيلية خطة ملتوية للقيام بعملية سرية ضد المنشآت الأمريكية والبريطانية في مصر.

دون علم "موشى شاريت ـ " رئيس الوزراء. وكان هدف العملية القيام بأعمال تخريب بحيث تبدو كما لو كانت من تدبير المتعصبين المصريين وبالتالي تظهر حكومة "عبدالناصر" أنها لا تستطيع أن تسيطر على الأمور في قناة السويس لو انسحب منها البريطانيون.

وكان أكثر ما يزعج رئيس الوزراء الإسرائيلي تقدم مفاوضات الانسحاب.

إلا أن ما أقلقه وحيره بشكل خاص هو أن المفاوضات كانت تتقدم دون أي اهتمام ظاهر بمصالح إسرائيل.

وكان يرى أن من حق إسرائيل أن تخرج على الأقل ببعض المزايا في مجرى تلك المفاوضات بالضغط على مصر كي توافق على السماح للسفن الإسرائيلية بالمرور من القناة. فعدم المرور سبب أضراراً كبيرة للاقتصاد الإسرائيلي، كما أن الإغلاق اللاحق لمضيق "تيران" على شاطئ البحر الأحمر ضاعف الضرر.

فالمضيق يتحكم في المرور إلى "إيلات". المنفذ البحري الوحيد لإسرائيل إلى المحيط الهندي وآسيا.

وكما ذكر "موشي دايان ـ ، الذي عين عام 1954 رئيساً لأركان الجيش الإسرائيلي، في مذكراته، إن "إغلاق الممرات المائية اعتبر بمثابة حصار لم يمثل بالنسبة لإسرائيل قضية سياسية بالغة الأهمية فحسب، بل مثل أيضاً ضربة قاصمة لاقتصادها وعقبة أمام تطورها".

سادساً: التغيرات التي طرأت على اهتمامات وأولويات عبدالناصر
لقد أبدى عبدالناصر منذ وصوله للسلطة، اهتماماً محدوداً بالتعبيرات العربية المعتادة حول كراهية إسرائيل، وعندما قابله الجنرال "بيرنز ـ " رئيس أركان قوات الأمم المتحدة في الشرق الأوسط لأول مرة، في 15 نوفمبر 1954، وجد الرئيس المصري مستغرقاً في المشكلات الداخلية، ويذكر بيرنز أن عبدالناصر أخبرني أنه لا يرغب في حدوث متاعب في الجبهة الشمالية لمصر، أو وقوع ما يعكر صفو سنوات الهدوء الست التي مرت منذ توقيع الهدنة، وأنه لا يفكر في القيام بأي مغامرة عسكرية".

كذلك قال "عبدالناصر" "لكينيت لاف ـ ": مراسل نيويورك تايمز ـ " نحن نريد السلام حتى نستطيع أن نخصص الأموال التي تنفق الآن على الدفاع لمشروعاتنا الاقتصادية والاجتماعية".

مع بداية عام 1955، كان الهدوء النسبي يسود على طول الحدود المصرية الإسرائيلية، إلا أنه في مساء 28 فبراير تحطم هذا الهدوء على نحو عاصف، فقد تحركت مجموعة من المظليين الإسرائيليين يبلغ عددها نحو 50 فرداً، كان هدفهم تدمير معسكر صغير للجيش المصري، وخط السكك الحديد الموجود في الضواحي الشمالية لمدينة غزة، داخل الحدود المصرية.

وقد أسفر هذا الحادث عن ثمانية من القتلى، وتسعة من الجرحى في الجانب الإسرائيلي، وخمس عشرة من القتلى، فضلاً عن تسعة عشر من الجرحى في الجانب المصري.

وقد أدان مراقبي الأمم المتحدة الهجوم الإسرائيلي في عبارات حادة" إننا نعتبر هذا العدوان الفظيع أمراً بالغ الخطورة واستفزازاً صريحاً للقوات المسلحة المصرية.

ويتعين على إسرائيل أن تتحمل النتائج المترتبة عليه، والمسؤولية الكاملة عن أي أعمال عدوانية أخرى".

أعلن الجنرال "بيرنز" تأييده لتصريح المراقبين ووصف الغارة بأنها" هجوم مدبر ومخطط تم بناء على أوامر من السلطات الإسرائيلية وقامت به قوات إسرائيلية نظامية" وأوصى بأن يصدر مجلس الأمن قراراً قوياً بإدانة إسرائيل، وقد أصدر مجلس الأمن بالفعل هذا القرار واشترك في صياغته الدول الثلاث الأكثر تأييداً لإسرائيل، بريطانيا وفرنسا وأمريكا.

وقد كتب الجنرال "بيرنز" في تقريره عن غارة غزة يقول "إن هذه الغارة مثلت حدثاً خطيراً في التاريخ المقبض للشرق الأوسط".

غيرت غارة غزة، أكثر الحوادث دموية بين مصر وإسرائيل منذ حرب عام 1948، طبيعة الموقف بين مصر وإسرائيل.

وأثارت سباق تسليح شديد المنافسة بينهما. فضلاً عن ذلك فقد حولت الشرق الأوسط من منطقة نزاع بين العرب واليهود إلى حلبة للمنافسة بين القوى العظمى.

كان الأثر الذي تركته الغارة في عبدالناصر شديد الوطأة فقد أدت إلى تغيرات في سياساته، فخلال أسابيع قليلة أصدر قرار بتنظيم المتطوعين الفلسطينيين في قطاع غزة في شكل وحدات من الفدائيين للقيام بعمليات تخريب وإرهاب داخل إسرائيل.

وأمر الجيش النظامي بتدريب هذه الوحدات، كما أمر، لأول مرة، بإطلاق العنان لأي عمليات فدائية ضد إسرائيل.

كذلك أصدر قراره الخطير بتغيير الأولوية الأولى في برنامج حكومته من إصلاح مجتمع مصر المتخلف إلى الضرورة الملحة للحصول على الأسلحة.

سابعاً: كسر احتكار السلاح
رفعت بريطانيا الحظر على بيع الأسلحة لمصر الذي فرضته بموجب الإعلان الثلاثي الصادر في 25 مارس 1950 من بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة الأمريكية، عندما وقع "عبدالناصر" بالأحرف الأولى على اتفاقية الجلاء في 27 يوليه 1954.

سلم عبدالناصر قائمة بالأسلحة التي يريدها إلى" أنتوني ناتنج" وزير الدولة البريطاني للشؤون الخارجية وواحد من أكثر المقربين إلى "إيدن ـ" عقب التوقيع الرسمي على الاتفاقية في 19 أكتوبر 1954 وطلب منه أن يحملها معه إلى لندن، وأثير الموضوع أمام مجلس العموم البريطاني، وعارضه الذين خشوا على إسرائيل خاصة حزب العمال، ورد عليهم "ناتنج" بأن ذلك لا ينطوي على شئ يخيفها، أو حتى يدعو لقلقها، لأن تقديم الأسلحة لمصر سيكون فقط في استخدامها في أغراض الدفاع المشروع، وأن بريطانيا ستمكن دول الشرق الأوسط من القيام بدورها في الدفاع عن المنطقة كلها.

ولكن إلى أي مدى كان التطبيق؟

راحت لندن تبحث قائمة المطلوب من الأسلحة التي تقدمت بها مصر، وعندما بعث السفير البريطاني في القاهرة لحكومته ليستفسر عما تم في هذا الأمر، ردت الخارجية البريطانية بأن المسألة تناقش على مستوى عال، وأن بريطانيا لا تشجع سباق التسليح، وتبذل أقصى ما في وسعها في سبيل ذلك.

كان "عبدالناصر" ينتظر إجابة طلبه، وحاول استثارة الغرب ومس وتره الحساس، فصرح لمراسل صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية أن روسيا الشيوعية تشكل خطراً جسيماً على أمن مصر، وأنه من الطبيعي أن يتجه العرب صوب الغرب لطلب الأسلحة والمساعدة، وحث على التعاون الذي يرتكز على الصدق والصداقة معه.

ولم يطرق عبدالناصر باب بريطانيا فقط، وإنما طلب أيضاً الأسلحة من الولايات المتحدة الأمريكية، التي أرسلت بعثة عسكرية لإجراء مباحثات حول توريد الأسلحة لمصر، ولكن "دالاس" أصر على أن ترتبط مصر بشبكة الدفاع الغربية للشرق الأوسط، وفي نفس الوقت وافقت واشنطن على تزويد العراق بالأسلحة.

وعندما طلب عبدالناصر الأسلحة من فرنسا ساومته على التخلي عن شمال أفريقيا خاصة الجزائر، وراحت تزود إسرائيل بها.

استمر التسويف البريطاني، وتكررت الاعتذارات التي تنم عن الرغبة في المحافظة على التوازن في التسليح بين مصر وإسرائيل، وفي تلك الأثناء كانت المساعي البريطانية على قدم وساق بالنسبة لحلف بغداد، لذا وجدت لندن أن تجمد مسألة الأسلحة وتساوم مصر عليها، وعمد "عبدالناصر" إلى مزيد من الانتظار، برغم أن مصر كانت لا تمتلك سوى ست طائرات عسكرية صالحة للاستعمال، وكمية من ذخيرة الدبابات تكفي لمعركة مدتها ساعة واحدة.

في 24 فبراير 1955 أعلن رسمياً عن مولد حلف بغداد، وبعد أربعة أيام اخترقت إسرائيل الحدود المصرية وشنت غارة على قطاع غزة بدعوى الانتقام من الفدائيين.

هزت هذه الحادثة عبدالناصر بعنف، وأصبح على استعداد للتعاون مع من يمد له يد المساعدة، في سبيل أن تكون الأسلحة في يد جيشه ليشهرها في وجه عدوه.

كرر طلبه مرات أخرى سواء مع بريطانيا أو الولايات المتحدة الأمريكية وقد استعرض الموقف مع السفير الأمريكي المستر " بايرود ـ " مبينا أن مصر تُحرم من الأسلحة وغارات إسرائيل تتكرر، في الوقت الذي تعقد فيه صفقات الأسلحة مع إسرائيل والعراق.

كذلك كان الفشل حليفه في شراء الأسلحة من باقي دول الغرب لارتباطها بعضوية حلف شمال الأطلسي.

ومن هنا أصبح على يقين أنه لن يحصل على الأسلحة من الغرب، لأنه لن ينفذ شروطه، خاصة فيما يتعلق بنظام الدفاع عن الشرق الأوسط، وضرورة الدفع بالعملة الصعبة.

ومع هذا ألح في الطلب، وكما يذكر "ناتنج" أن "عبدالناصر" قصد اختبار حسن النوايا أكثر من تلبية طلبه.

كان الاتحاد السوفيتي هو البديل للغرب بالنسبة لتوريد الأسلحة، ولم يعد أمام "عبدالناصر" إلا التفكير فيه، بعد أن نفد صبره، وأوصدت أبواب الغرب أمامه.

حقيقة أنه لم يكن يرغب في فتح الباب الشرقي لما يمكن أن يترتب على ذلك من سلبيات، ولأن أسلحة الكتلة الشيوعية غير معروفة للجيش المصري، وبالتالي ستكون هناك صعوبات، ولكنه مع هذا راح يفكر في الأمر بجدية.

وجاءت الفرصة لـ "عبدالناصر" أثناء حضوره مؤتمر "باندونج" وفي حديث له مع "شو إن لاي ـ " رئيس وزراء الصين الشعبية عن الأوضاع في الشرق الأوسط، تكلم "عبدالناصر" عن التهديد الذي تتعرض له مصر من جانب إسرائيل، ومماطلة الغرب في إمداده بالأسلحة لإجباره على أتباع سياسته والسير في ركابه، ثم سأله عن إمكانية شراء مصر الأسلحة من الصين الشعبية، فأجابه أنه يعتمد على أسلحة الاتحاد السوفيتي، ووعد بالوساطة لمصر لدى موسكو.

وبذلك انحرف طريق "عبدالناصر" في هذا الأمر عن الغرب وبدأ الخطوة الأولى في طريق الاتحاد السوفيتي الذي أعلن استعداده لتوريد الأسلحة لمصر.

اطمأن "عبدالناصر" للوضع الجديد، وفي الوقت ذاته رأى استخدام أسلوب المناورة، بمعنى أن يلمح سواء لبريطانيا أو الولايات المتحدة الأمريكية بالرد على تسويفهما باستيراد الأسلحة من غيرهما، ربما يحرك فيهما الغيرة ويدفعهما للتوريد حتى لا يسمحا أن يطأ قدم الاتحاد السوفيتي المنطقة.

من هذا المنطلق كان تحذيره للسفيرين: البريطاني والأمريكي من أنه ما لم يستطع الحصول على الأسلحة من الغرب، سيضطر لقبول العرض السوفيتي، واعتقدت لندن وواشنطن أن "عبدالناصر" يبتزهما، إلا أن رد لندن جاء ليحذره من أنه لو استلم أسلحة من موسكو لن يتلقى أي أسلحة من بريطانيا.

وعَدَّ عبدالناصر ذلك تهديداً لا يمكن قبوله، ومما زاد الموقف صعوبة أن اللجنة المشرفة على تنفيذ الإعلان الثلاثي لعام 1950، الذي تعهدت بموجبه بريطانيا وأمريكا فضلاً عن فرنسا بعدم إثارة الاضطراب في الوضع القائم في الشرق الأوسط بتقديم إمدادات جديدة من الأسلحة إلى أي من الطرفين، قد وافقت على إعطاء إسرائيل أسلحة جديدة، ووكلت لفرنسا مهمة التوريد.

حاولت بريطانيا أن تحسن من موقفها، فأرسلت لمصر في صيف 1955 أربعين دبابة من نوع "سنتوريون ـ
" دون أن تكون معها طلقة واحدة من الذخيرة، وعندما احتجت مصر، شحنت لها عشر قذائف لكل دبابة، وهو عدد لا يكفي لمجرد التجارب الأولية لإطلاق النار وتحديد الهدف.

وهذا يعني أن الشحنة لا يرجى منها نفع.

على الجانب الآخر، نظرت موسكو للرغبة المصرية برؤية متفتحة، فقد طرقت الظروف أبوابها، فرحبت بها واحتضنتها، في وقت تأسس فيه حلف بغداد وانضمت إليه بريطانيا ليكون حزاماً شمالياً إستراتيجياً في الشرق الأوسط ليعوق التقدم السوفيتي جنوباً.

وبسرعة فائقة التقى "سولود ـ " السفير السوفيتي في القاهرة بعبدالناصر عارضاً عليه موافقة حكومته على تزويد مصر بالأسلحة التي منعها الغرب عنه.

عرض الاتحاد السوفيتي التسهيلات، فقد أبلغ "شبيلوف ـ " محرر صحيفة البرافدا ـ السوفيتية والذي أصبح وزيراً للخارجية "عبدالناصر" أن بلاده تقبل دفع ثمن صفقة الأسلحة بالقطن المصري.

وكانت مسألة العملة الصعبة تشكل صعوبة في استيراد الأسلحة، لكن في الوقت نفسه تردد "عبدالناصر" في مسألة رهن القطن، بالإضافة إلى تيقنه من استغلال موسكو للظروف، وفي داخل نفسه كان يتمنى أن يكون التعامل في الأسلحة مع الغرب، حتى لقد صرح فيما بعد لمراسل الصحيفة الأمريكية نيويورك بوست ـ بقوله: "كنا نفضل الصفقة مع الغرب، ولكن بالنسبة لنا فالمسألة حياة أو موت".

أُعد مشروع الاتفاقية بين القاهرة وموسكو، ونص على أن تشتري مصر أسلحة سوفيتية من بينها مقاتلات "الميج ـ " وقاذفات القنابل "اليوشن ـ " ودبابات "ستالين ـ وغواصات ومدافع وزوارق طوربيدات ومدفعية ميدان ونظام راداري على أن تسدد ثمن هذه الأسلحة بالقطن والأرز، وحددت الفائدة بـ 2% وفترة سماح أربع سنوات.

تقرر أن تُنسب صفقة الأسلحة إلى تشيكوسلوفاكيا ـ أسباب، فعلى الجانب السوفيتي، فضلت موسكو ألا تكون هناك مواجهة مع الغرب، أما الجانب المصري، فقد رأى "عبدالناصر" أن يبدو في نظر العالم الخارجي أقل ميلاً لليسار حيث أن إسرائيل كانت تحصل على سلاح من تشيكوسلوفاكيا أثناء حرب فلسطين، بالإضافة إلى أمله في أن يغير الغرب موقفه ويستجيب له خاصة بعد محاولة بريطانيا الخاصة بشحنة الدبابات غير المكتملة الذخيرة، لذا أَطْلَعَ "عبدالناصر" السفير الأمريكي على مسودة الاتفاقية.

وكان يؤمن أنه إذا وافقت الولايات المتحدة الأمريكية، فإن الموافقة البريطانية ستصحبها.

وإتباعاً لسياسة النفس الطويل انتظر "عبدالناصر" شهرين، لعل هذا التهديد يحدو بالغرب لاتخاذ خطوة إيجابية تلغي مشروع الاتفاقية مع السوفيت، ولكن فشلت هذه المحاولة مما اضطره لتوقيع الاتفاقية.

ولم يعلن عنها في حينه.

وإنما أعلن عنها رسمياً في 27 سبتمبر 1955 أثناء افتتاحه معرضاً للقوات المسلحة.
يتبع إن شاء الله...


العدوان الثلاثي على مصر 1956م (الجزء الثاني) 2013_110


عدل سابقا من قبل ahmed_laban في السبت 28 مايو 2011, 10:36 pm عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 48824
العمر : 71

العدوان الثلاثي على مصر 1956م (الجزء الثاني) Empty
مُساهمةموضوع: رد: العدوان الثلاثي على مصر 1956م (الجزء الثاني)   العدوان الثلاثي على مصر 1956م (الجزء الثاني) Emptyالسبت 28 مايو 2011, 10:09 pm


ثارت بريطانيا للإعلان عن هذه الصفقة، وطلب السفير البريطاني في القاهرة مقابلة "عبدالناصر" على وجه السرعة، وبين له أن الصفقة تتعارض مع اتفاقية الجلاء التي تشير مقدمتها إلى الصداقة والرغبة في التعاون، وأنها ـ أي الصفقة ـ تهدد أمن القاعدة البريطانية في القناة لوجود أسلحة من بلد شيوعي، وما يتبع ذلك من وجود فنيين أجانب، فأجابه "عبدالناصر" أنه لا يوجد نص في الاتفاقية يمنع شراء الأسلحة من أي جهة، وأن عدد الفنيين سيكون محدوداً، وسيرحلون عقب تدريب المصريين، كما أن أماكن التدريب ستختار بعيدة عن القاعدة، ثم سأله السفير عن إمكانية إلغاء الصفقة، فنوه "عبدالناصر" بارتباط ذلك بثورة في الجيش.

وتفجر هذا النبأ في إسرائيل كأنه قنبلة واعتبرت هذه الصفقة تغييراً واضحاً في موازين القوى في المنطقة.

كما كان قرار الصفقة يعني شيئاً أكثر من ذلك حيث يحمل مغزى إستراتيجياً وهو أن مصر التي كانت تعتبر حتى ذلك الوقت ضمن نطاق الوصاية الغربية التي يفرضها الغرب فرضاً قد انتقلت إلى دائرة النفوذ السوفيتي وأن "عبدالناصر" سيأتي بالروس إلى منطقة الشرق الأوسط.

أما عن مصر فقد استفادت من الصفقة وبعثت ضباطاً مصريين إلى تشيكوسلوفكيا وبولندا ـليتدربوا على نوعية السلاح، كما أرسلت بعثة من القوات الجوية إلى الاتحاد السوفيتي وأوربا الشرقية.

وكان "عبدالناصر" قد اشترط أن يرفق بالصفقة قطع غيار وذخيرة تكفيها لمدة خمس سنوات، وأن تتسلم الأسلحة في شحنات ضخمة لا على دفعات على النحو الذي اعتاد عليه الغرب.

وبذلك حقق عبدالناصر هدفه وضمن قوة جيشه. ورغم تردده في البداية عندما أقدم على هذا الإجراء، إلا أنه كان في صالحه، وأجهضت لأول مرة سياسة احتكار الغرب للأسلحة، وازداد هو رفعة وثقة، حيث دعم بهذه الخطوة موقفه المعارض للغرب، وأظهر قدرته على التحدي.

وهكذا كانت صفقة الأسلحة إيذاناً بكسر احتكار الغرب للشرق عسكرياً واقتصادياً، وبزوغ اتجاه جديد سلكته مصر عندما وجدت في مقدورها استخدام سياسة تحقق لها متطلباتها من ناحية، وتضرب في الوقت نفسه أعداءها من ناحية أخرى.

ثامناً: تعارض المصالح العربية والغربية
نتيجة لعدم إدراك الغرب لحقيقة القومية العربية المتزايدة والتي كانت مصر تدعو لها في كل المحافل الدولية والتي ظهرت بصورة واضحة في مؤتمر "باندونج" في 18 أبريل 1955 حيث نجح عبدالناصر في عرض قضايا الوطن العربي وحصل على:

1. تأييد المؤتمر لحقوق الشعب الفلسطيني.

2. مطالبة المؤتمر بحق تقرير المصير لكل من تونس والجزائر والمغرب.

3. دعوة المؤتمر إلى تسوية سلمية لقضايا محميات الخليج وتأييده موقف اليمن منها.

ومن الواضح في هذه القضايا أنه لا مفر من الاصطدام بين مصالح دول العدوان الثلاثي بريطانيا وفرنسا وإسرائيل.

فالقضية الأولى تعني عدم شرعية دولة إسرائيل من الأساس. والقضية الثانية تطالب فرنسا بالتخلي عن آخر ممتلكاتها الاستعمارية.

والقضية الثالثة تكشف النقاب عن وضع بريطانيا غير الشرعي في بلدان الخليج العربي، كل هذه القضايا جعلت من مؤتمر "باندونج" نقطة هامة سببت الحقد لدى دول العدوان الثلاثي ضد مصر، أيضاً بلغ الأمر ذروته عندما ذهب "عبدالناصر" إلى بريوني ـ في يوغسلافيا ليجتمع مع "تيتو ـ " و"نهرو ـ " لمناقشة مشاكل الشرق الأوسط وفي مقدمتها مشكلة فلسطين والجزائر وهكذا ازداد سخط الغرب على "عبدالناصر" بالذات وبالتالي ازدادت أواصر القرب بين دول العدوان الثلاثي

تاسعاً: تعارض المصالح الفرنسية والمصرية
عندما فقدت فرنسا نفوذها في تونس والمغرب بعد حصولهما على الاستقلال رغبت في التمسك بالجزائر. وفي بداية الثورة الجزائرية في عام 1954 حيث كانت محدودة إلا أنها انتشرت في كل مناطق الجزائر بعد فترة قصيرة ومع أن الثورة جزائرية في أساسها إلا أنها اتخذت من القاهرة مقراً لقيادتها.

كما كانت مصر تمد الثوار بالسلاح والدعم المعنوي لذا بدأ الصدام بين فرنسا ومصر حيث أرادت فرنسا أن تتخذ إجراء ما ضد مصر لمساندتها الثورة الجزائرية.

ولما فشل الفرنسيون في إخماد الثورة الجزائرية ادعوا أن مصر هي التي تشعل ثورة الجزائر، لذلك وجه الفرنسيون حملة كراهية ضد مصر مركزة في شخص عبدالناصر، وادعت أن حل مشكلة الجزائر لن يكون إلا في القاهرة فلو انهار نظام الحكم في مصر فإن النصر في الجزائر سيكون حليف فرنسا ولهذا السبب كان انضمام فرنسا إلى دول العدوان الثلاثي.

كما أن فرنسا كانت متعاطفة مع إسرائيل في كُرْه العرب ومناهضة مبادئ القومية العربية التي ينادي بها "عبدالناصر"، لهذا أرادت إسرائيل ألا تضيع هذه الفرصة هباءً وأخذت تتقرب من فرنسا وسرعان ما عقدت معها صفقات سرية لتزويدها بالأسلحة رغم أن الاتفاق الثلاثي بين فرنسا وإنجلترا وأمريكا في عام 1950 كان يقضي بأن تمتنع هذه الدول عن تصدير الأسلحة إلى دول الشرق الأوسط، كما تم إمداد إسرائيل أيضاً بالأسلحة الزائدة من الحرب العالمية الثانية وخاصة الدبابات والمدافع وأصبحت إسرائيل بذلك أقوى قوة عسكرية في الشرق الأوسط وأفريقيا.

عاشراً: مشروع السد العالي
. ويعادل حجمه، وفقاً لتصميمه، حجم هرم خوفو الأكبر سبع عشرة مرة، لكن الهدف منه لم يكن إرضاء غرور الحاكم الفرد كما كان الحال عند بناء الأهرامات بل لإطعام الشعب المصري.

كان أكثر مشاريع "عبدالناصر" ومجلس قيادة الثورة طموحاً، وبالتالي تبنى "عبدالناصر" والمجلس، بعد ثلاثة أشهر فقط من إسقاط الملك "فاروق" في يوليه 1952م، بناء السد بوصفه هدفاً وطنياً وتعاقدوا مع بيت الخبرة "هوشتيف ودور تموند" لإجراء دراسات الجدوى.

لقد كان الأمل الوحيد لمصر في أن تزرع ما يكفي لإطعام شعبها يكمن في التحكم في الفيضان البالغ التقلب لنهر النيل العظيم. وكان البريطانيون قد أكملوا بناء سد أسوان الأول في عام 1902 وتم تعليته مرتين في عامي 1912 و1933 للحصول على المزيد من مياه الري. ومع ذلك تجاوز معدل زيادة السكان في مصر معدل زيادة الأرض الزراعية التي أضافتها عمليتا تعلية السد.

إن مشروع السد العالي سوف يضيف 2 مليون فدان من الأرض الزراعية الجديدة بجانب التحكم في مياه الفيضان وتوليد الطاقة الكهربية التي تكفي نصف استهلاك البلاد.

أما قيمته الرمزية فهي فائقة الأهمية بالنسبة لمصر، حيث يمثل قفزة واسعة نحو القرن العشرين.

ويجسد أعظم تطلعات نظام "عبدالناصر"، ويبرهن على استقلال مصر وسيادتها.

كان دخول روسيا إلى المنطقة من خلال صفقة الأسلحة التشيكية هو الذي دفع واشنطن لدعم السد العالي.

فقد قرر "دالاس" وزير الخارجية، بناء على إلحاح "هوفر ـ, " مساعد وزير الخارجية، الانضمام إلى البريطانيين والبنك الدولي في تمويل السد وربط ذلك بالمحاولة السرية لإيجاد حل نهائي للصراع العربي ـ الإسرائيلي المتفجر، وكما قال "كيرميت روزفلت ـ" رجل وكالة الاستخبارات المركزية ـ الذي شارك في الصياغة والتنفيذ "لقد حاول "هوفر" شراء السلام بالسد".

جرت المفاوضات بسرعة، وتم الإعلان عن التوصل إلى اتفاق مؤقت في 16 ديسمبر 1955، يتولى البنك الدولي، والولايات المتحدة، معاً تمويل سد مصر بتكلفة تقديرية تبلغ 1.3 مليار دولار. وسيقدم البنك 200 مليون دولار، و200 مليون دولار أخرى ستقدمها بريطانيا وأمريكا معاً، أما باقي المبلغ فستوفره مصر بالعملة المحلية.

وكان لإذاعة الاتفاق رد فعله، إذ أعلن السفير السوفيتي بالقاهرة في 18 ديسمبر أن بلاده ترغب في المساهمة في المشروع، ولكن الغرب رفض هذا الطلب. كذلك شكا كل من رئيس وزراء العراق والرئيس اللبناني من أن مصر "تحصل بتهديدها على ما تريد من الغرب وعلى أكثر مما يحصل عليه الحلفاء المخلصون".

طلبت لندن وواشنطن من مصر أن تركز برنامجها التنموي على السد العالي، بتحويل ثلث دخلها القومي لمدة عشر سنوات لهذا الغرض، ووضع ضوابط للحد من زيادة التضخم، مع رفض قبول أي مساعدة من الكتلة الشرقية، وأخيراً ألا تقبل مصر قروضاً أخرى أو تعقد اتفاقيات في هذا الصدد دون موافقة البنك الدولي.

وغضب عبدالناصر من هذه الشروط، واستحضر أزمة مصر المالية في عهد الخديوي إسماعيل حيث مرارة الإشراف المالي الأوروبي، وجاء "يوجين بلاك ـ" رئيس البنك الدولي إلى القاهرة ليجري محادثات مع عبدالناصر ويقنعه بالقبول، وبعد مفاوضات وافق عبدالناصر فقط على أن يكون للبنك حقوق معقولة في تفقد الإجراءات التي كان من المقرر أن تتخذها مصر لمقاومة التضخم، وعقد اتفاقاً يقدم البنك بموجبه قرضاً قيمته 200 مليون دولار، يتوقف على التوصل لاتفاق آخر مع لندن وواشنطن حول شروط تقديم مساعدتهما، وتم الإعلان عن الاتفاق مع البنك في 8 فبراير 1956، وفي الوقت نفسه قدم "عبدالناصر" التعديلات التي يراها وفي مقدمتها تعهد بالتنفيذ حتى نهاية المشروع.

كان ارتباط قرض البنك بشروط بريطانيا وحليفتها يعني إخضاع مصر لأغراضهما التي تتعارض مع استراتيجيتها، لذا أصبح متوقعاً أن الأهداف لن تتلاقى.

وانعكس سوء العلاقات المصرية البريطانية على المشروع، ومع بداية شهر مارس بدأ التحول واضحاً بعد إخفاق السياسة الغربية في تطويع "عبدالناصر"، ورأت لندن عدم تعاونه فيما يختص بتسوية النزاع العربي ـ الإسرائيلي.

ومضى التهديد في حملات الصحافة البريطانية بوقف أي عون لمصر، لدرجة أن هناك من طالب ببناء سد في كينيا يمنع الماء عن مصر.

أحس "عبدالناصر" أنه أساء اختيار الغرب في تنفيذ المشروع، فأعلن في حديث له بجريدة الأهرام في 2 أبريل أن العرض السوفيتي لتمويل المشروع مازال قائماً، وأن مصر ستنظر في أمر الموافقة عليه إذا انقطعت المفاوضات الخاصة بمساعدات الغرب.

كتبت الخارجية البريطانية لسفيرها في القاهرة لتعلمه باتفاقها مع الأمريكيين على التمهل في المفاوضات الأولية الخاصة بالمشروع، وأن الوقت مازال مبكراً.

لكنه يرد عليها بالقول: "إنه من الصعب ترك المفاوضات بهذا الشكل لأن ذلك سيجعل "عبدالناصر" يذهب إلى الشيوعيين".

واقترحت لندن بعض الإجراءات للتضييق على مصر، فذكرت أن لديها نقصاً كبيراً في العملة الإسترلينية، ولما كانت تعتمد على الواردات البريطانية، فالنتيجة سوء الحالة الاقتصادية، أيضاً تخفيض المعونة الاقتصادية الأمريكية، كذلك العمل على خلق قلاقل لها في السودان، وأخيراً بذل قصارى الجهد لإجهاض الجهود السوفيتية وإبعاد مصر عن الخطر الشيوعي.

وفي الوقت نفسه يتفق " جورج همفري وزير المالية الأمريكي مع مساعد وزير الخارجية البريطاني على العمل من أجل سحب العرض الخاص بمشروع السد العالي، أيضاً يتفق "دالاس" مع "لويد" في بداية مايو على جعل هذا العرض يذبل، أي يموت تدريجياً.

وبذلك توحدت السياسة الأنجلوأمريكية إزاء المشروع.

ومما زاد الموقف اشتعالاً، اعتراف "عبدالناصر" بالصين الشعبية ـ في 16 مايو 1956.

ويبلغ السفير البريطاني في القاهرة حكومته أن "عبدالناصر" فقد الأمل في الحصول على المساعدة المالية لتمويل المشروع من الغرب، وأنه سيولي وجهه مرة أخرى شطر السوفيت ـ ويقصد بعد صفقة الأسلحة.

أصبحت الدلائل تشير إلى التصدع الذي ينذر بالانهيار، ففي 19 يونيه أبلغ "بوجين بلاك" مصر، أنها إذا لم تقبل شروط البنك قبل أول يوليه، فإن الحكومة الأمريكية ستكون في حل من العرض، وفي 6 يوليه أبلغت واشنطن مصر، أنها أعادت إلى الخزانة الأمريكية المبلغ الذي كان قد خصص لمشروع السد العالي لإنفاقه على مشروعات أخرى، لكنها أشارت في نفس الوقت إلى أن العرض الأمريكي ما يزال قائماً. وكان ذلك إيذاناً بالرفض رغم عدم الإعلان عنه صراحة.

واقتربت ساعة الفصل، وأصبح "عبدالناصر" يعي كلية التراجع الأنجلو ـ أمريكي وإن قبلت مصر شروط البنك الدولي جميعها، لذا أراد كشف الأمور على حقيقتها، فطلب من سفير مصر في واشنطن الدكتور "أحمد حسين" التبليغ بموافقة مصر، وقبل نقلها إلى "دالاس"، أعلن الأخير في 19 يوليه سحب العرض الأمريكي لتمويل مشروع السد العالي أثناء مقابلته للسفير المصري.

وعلى الفور كتب وزير الخارجية البريطاني مذكرة في هذا الشأن، وأرفق بها الحديث الذي جرى بين السفير البريطاني في واشنطن ووزير الخارجية الأمريكي، يؤكد على أن قرار السحب جاء نتيجة اتفاق أنجلو ـ أمريكي.

وبذلك يظهر جلياً تعاون السياسة الأنجلو ـ أمريكية في قرار السحب وليس كما يسجل "إيدن" في مذكراته "وقد أبلغنا بالقرار دون أن نستشار مسبقاً". ويذكر "ناتنج" أن "إيدن" قد اتخذ نفس القرار الأمريكي منذ شهر يونيه.

وتعددت الأقوال، وكثرت التفسيرات حول أسباب الرفض، وكان للكونجرس الأمريكي موقفه المناوئ، رغبة في المحافظة على سوق القطن الأمريكي، لأن السد العالي سيرفع من قيمة القطن المصري، وبالتالي يكتسح السوق العالمية ويؤثر على الأسعار، أيضاً انتقاد الأعضاء لتصرفات "عبدالناصر" خاصة بعد الاعتراف بالصين الشعبية، وأنه لا يستحق أن يعطى أي شئ من المال، وكما هو معروف فهناك الضغط الصهيوني داخل الكونجرس، والانتخابات الأمريكية على الأبواب، كذلك رأي "دالاس" أن "عبدالناصر" قد قضى على مبادرة الصلح بين العرب وإسرائيل، وأن السوفيت لن يساعدوا مصر في بناء السد العالي لأنه مشروع ضخم يجهد مواردهم المالية، ثم إن سحب العرض يقضي على حلم "عبدالناصر" ويؤدي إلى خيبة أمله بين صفوف شعبه، وفي هذا ما يكفي للإطاحة به أو على الأقل كسر شوكته، وقد أفضى "أيزنهاور" إلى وزير خارجيته قبل إعلان سحب العرض بيومين بأنه يريد إضعاف "عبدالناصر".

وفي اليوم التالي لإعلان "دالاس" سحب العرض الأمريكي لتمويل السد العالي. أعلنت بريطانيا تضامنها مع الولايات المتحدة وسحبت هي الأخرى العرض، ومن ثم سقط قرض البنك الدولي تلقائياً لارتباطه بمساهمة الدولتين.

علم عبدالناصر بقرار سحب العرض الأمريكي أثناء عودته من مؤتمر "بريوني".

وراح عبدالناصر يفكر في إجراء الرد على ذلك. ومضت الصحافة المصرية تفند الأسباب التي اعتمد عليها الغرب في تراجعه عن المشروع، سواء الخاصة بالاقتصاد المصري، أو النشاط الصهيوني، وقرب الانتخابات الأمريكية، أو إرغام مصر على الصلح مع إسرائيل، كما نشرت أن الاتحاد السوفيتي على استعداد لتمويل المشروع دون شروط.

وفي حفل افتتاح مشروع خط أنابيب البترول من "السويس" إلى "مسطرد" في 24 يوليه، خطب عبدالناصر وأعلن: "أن الاقتصاد المصري سليم، وأن البريطانيين والأمريكيين لن يستطيعوا أن يتحكموا في مصر، ثم وجه إليهم عبارة "موتوا بغيظكم، فلن تتمكنوا من فرض إرادتكم على مصر".

وأعلن في نفس اليوم أن عبدالناصر وعدداً من مرافقيه سيقومون بزيارة إلى الاتحاد السوفيتي وبعض دول أوروبا الشرقية في منتصف أغسطس.

ووقف وزير الخارجية البريطاني في مجلس العموم يقول إن حكومته مهتمة باستغلال مياه النيل، وأن مزايا مشروع السد العالي كان يجب أن توزع بعدالة على شعوب حوض النيل جميعها، وأن المشروع لا يتطلب قدراً كبيراً من العون المالي الخارجي فحسب، بل يقتضي أيضاً وجود إشراف صارم من جانب مصر على اقتصادها الداخلي، وأن سحب العرض هو بسبب توسع مصر في أعمال الدفاع والتصنيع، ثم يبين أن تنمية العلاقات بين بريطانيا ومصر تتوقف على رغبة مصر في احترام المصالح البريطانية في الشرق الأوسط.

وردد السفير البريطاني في القاهرة القول نفسه للمسؤولين المصريين، معرباً عن أمله في ألا يؤثر ما حدث على العلاقات البريطانية ـ المصرية.

ولكن الواقع أن العلاقات كانت قد وصلت إلى حافة الانهيار.
وعلى أية حال فقد وضع الإجراء الأنجلو ـ أمريكي الخاص بسحب عرض تمويل السد العالي حداً لنهاية فصل من مسلسل الصراع الذي احتدمت حلقاته، ليبدأ فصل آخر جديد.





العدوان الثلاثي على مصر 1956م (الجزء الثاني) 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
 
العدوان الثلاثي على مصر 1956م (الجزء الثاني)
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» العدوان الثلاثي على مصر 1956م(الجزء الأول)
» العدوان الثلاثي على مصر 1956م (الجزء الثالث)
» العدوان الثلاثي على مصر 1956م (الجزء الرابع)
» العدوان الثلاثي على مصر 1956م (الجزء الخامس)
» العدوان الثلاثي على مصر 1956م (الجزء السادس)

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers :: (العربي) :: الأحـداث الفارقــة في حيــاة الدول :: العدوان الثلاثي على مصر 1956م-
انتقل الى: