| أخلاق التعايش في الإسلام | |
|
|
كاتب الموضوع | رسالة |
---|
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52561 العمر : 72
| |
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52561 العمر : 72
| موضوع: رد: أخلاق التعايش في الإسلام السبت 06 فبراير 2021, 10:32 pm | |
| حماية الحياة الخاصة: بالنسبة لمجموعة الآداب الأخلاقية والسلوكيات المحققة للتعايش الكريم في إطار أخلاقي إنساني، فإن صيانة الحياة الخاصة داخل البيوت وعند إتيانها يعدّ من أهم هذه الآداب، مراعاة لحرمة البيوت والخصوصيات الإنسانية.
فعن عبد الله بن مسرة قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم "إذا أتى باب قوم لم يستقبل الباب من تلقاء وجهه ولكن من ركنه الأيمن أو الأيسر، ويقول السلام عليكم".
وفي الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لو أن امرأ اطلع عليك بغير إذنك فحذفته "أي رميته" بحصاة ففقأت عينه ما كان عليك جناح".
وعن عمر بن سعيد الثقفي أن رجلاً استأذن على النبي صلى الله عليه وسلم قال "أألج!" أي أأدخل؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم لخادمه "أخرج إلى هذا فعلمه الاستئذان فقل له السلام عليكم أأدخل! فسمعها الرجل فقال: السلام عليكم، أأدخل! فأذن له النبي صلى الله عليه وسلم فدخل".
وتأكيداً من الإسلام على صيانة الحياة الخاصة؛ وضعت الحدود في الجرائم الاجتماعية، وشددت تشديداً يتناسب مع صيانة حياة كل فرد، وماله وحرماته (3). |
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52561 العمر : 72
| موضوع: رد: أخلاق التعايش في الإسلام السبت 06 فبراير 2021, 10:33 pm | |
| الشورى: وتأتي الشورى ركناً من أركان التضامن بين أفراد المجتمع الإسلامي، مسلمين وغير مسلمين، فالوطن؛ بل والمجتمع الإسلامي تجدّ فيه أمور وأحداث، وتطرح على ساحته مشكلات، وتواجهه صعوبات... إلى غير ذلك مما يتطلب الحل والعلاج حلاًّ نابعاً من ضمير الجماعة الوطنية أو الإسلامية بكل أطيافها، وممثلاً لفكرها وإرادتها الواعية... وصولاً إلى المصلحة العامة للوطن أو للدين أو الحضارة.
وهذا هو ما أرساه الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم في مبدأ الشورى، الذي يتبلور في إطاره الحل الأمثل، والعلاج السليم لما يواجه المجتمع من مشكلات ومصاعب متجددة عبر الزمان، ومختلفة عبر المكان (4).
وفي هذا المبدأ بين الرسول الكريم، جملة من المسئوليات التي تقع على عاتق الحكام والمحكومين، فوضع أساساً قيماً لمسئولية رجال الحكم أمام الأمة فقال عليه الصلاة والسلام: "إن الله يرضى لكم ثلاثاً، ويسخط لكم ثلاثاً، يرضى لكم أن تعبدوه وحده ولا تشركوا به شيئاً وأن تعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا، وأن تناصحوا من ولاه أمركم"، وقال أيضاً: "إن الناس إذا رأوا الظالم فلم يأخذوا على يديه أوشكوا أن يعمهم الله بعقاب منه".
وكذلك وضع الرسول الكريم نظاماً للمسئولية وكيف يؤدي رجل الشورى واجب النصح، وتقديم ما يمكن أن يطرأ على غيره في ضوء مراعاة مقتضيات الأحوال والظروف.
كما وضع النبيّ صلى الله عليه وسلم (للبيعة) التي تنعقد لشخص يُصبح خليفة، أو حاكماً، أو رئيساً للدولة الإسلامية، شروطاً لابد منها لكي يتحقق الغرض منها، فليست الإمارة في مجتمع الإسلام مغنماً يرجى نهبه، أو مطمعاً يرجى الانفراد به، وإنما هي مسئولية و"أمانة" تأتي يوم القيامة خزياً وندامة إلا من أخذها بحقها، وأدى الذي عليه فيها (5).
ولقد كان الرسول الكريم في تطبيقه لمبدأ الشورى قولاً وعملاً خير مترجم لآيات الذكر الحكيم: (وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ) (6)، وقوله تعالى: (فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ) (7).
وبالشورى يتحقق لون من التساند والتضمان الفكري والنفسيّ والمعنويّ... وبما أن التكافل في الإسلام مادي ومعنوي.. فإن الشورى تحقق إلى جانب التكافل المادي التكافل المعنوي... القائم على التضامن الحقيقي العملي، وعلى التواصي بالخير والحق. |
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52561 العمر : 72
| موضوع: رد: أخلاق التعايش في الإسلام السبت 06 فبراير 2021, 10:36 pm | |
| العدل بين الجميع: وإلى جانب الشورى تقوم سياسة الأمة والدولة بالنسبة لكل المواطنين مسلمين وغير مسلمين على ركن العدل... فالإسلام هو دين العدل، وقد أمر أتباعه بالالتزام بالعدل وتحريه في كل حالٍ، ولو كان في الوفاء بمقتضياته ضرر على النفس، أو على أقرب الأقربين.
قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ أَوِ الوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ إِن يَكُنْ غَنِياًّ أَوْ فَقِيراً فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلاَ تَتَّبِعُوا الهَوَى أَن تَعْدِلُوا وَإِن تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً) (8).
وأوجب عليهم الحكم بالعدل بين الناس جميعاً في كلّ الظروف؛ حيث قال الله جل جلاله: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعاً بَصِيراً) (9).
وقد قدَّم المسلمون خلال تاريخهم صوراً نادرة من العدل التي تمتع بها غير المسلمين في ظل المجتمع الإنساني الإسلامي..
لقد تنازع الخليفة الراشدي العظيم علي بن أبي طالب وهو (أمير على المؤمنين) مع يهودي على ملكية درع كانت في حوزة اليهودي، فاحتكما إلى القاضي شريح بن الحارث، فقال الخليفة علي بن أبي طالب لليهودي: الدرع درعي لم أهب ولم أبع، فقال اليهودي: بل هي درعي، وفي يدي، فقال: بيني وبينك القاضي...
قال شريح القاضي يصور الواقعة: فقعد عليّ إلى جنبي، واليهودي بين يدي، وقال عليّ: هذه الدرع درعي، لم أبع، ولم أهب، فقال لليهودي: ما تقول؟ قال: درعي، وفي يدي، وقال شريح: يا أمير المؤمنين هل من بينة؟ قال: نعم، الحسن ابني، وقنبر، يشهدان أن الدرع درعي، قال شريح: يا أمير المؤمنين شهادة الابن لا تجوز، فقال علي: سبحان الله! رجل من أهل الجنة لا تجوز شهادته، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة" فقال اليهودي: أمير المؤمنين قدمني إلى قاضيه! وقاضيه يقضي عليه! أشهد أن هذا الدين على الحق، وأشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمداً عبده ورسوله، وأن الدرع درعك يا أمير المؤمنين سقطت منك ليلاً"، (وكان شريح قد حكم لليهودي بالدرع؛ لأنه في حيازته ولا بيّنة عند علي).
ومن أروع الصور على عدل المسلمين مع غيرهم: أن القائد قتيبة بن مسلم الباهلي رحمه الله وهو فاتح بلاد ما وراء النهرين والصين قد فتح مدينة (سمرقند) دون أن يخير أهلها بين الدخول في الإسلام، أو المعاهدة، أو القتال، وبعد عشرين سنة من فتحها، وحين صار عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه خليفة للمسلمين وسمع أهل سمرقند بعدله فسار إليه وفد منهم واشتكوا إليه ما فعله قتيبة، وكان إذ ذاك قد توفي وقالوا له: "إن قتيبة لم يخيّرنا بما تقضي به شريعة الإسلام" فكتب عندئذ عمر إلى واليه على سمرقند يأمره بأن يخرج منها هو وجيشه، وأن يخيّر أهلها بالخيارات الثلاثة، فلما خرج المسلمون منها آمن كثير من أهلها بدين الإسلام.
ومن الأمثلة البارزة على العدل مع غير المسلمين: موقف الإمام الأوزاعي من الوالي العباسي في زمنه، عندما أجلى قوماً من أهل الذمة من جبل لبنان لخروج فريق منهم على عامل الخراج، وكان الوالي هذا أحد أقارب الخليفة وعصبته، وهو صالح بن علي بن عبد الله بن عباس فكتب إليه الأوزاعي رسالة طويلة، كان مما قال فيها: "فكيف تؤخذ عامة بذنوب خاصة حتى يخرجوا من ديارهم؟ وحكم الله تعالى: (أَلاَّ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى) (10)، وهو أحق ما وقف عنده واقتدى به، وأحق الوصايا أن تحفظ وترعى وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنه قال: "من ظلم ذمياً أو كلفه فوق طاقته فأنا حجيجه".
إلى أن يقول في رسالته: "فإنهم ليسوا بعبيد فتكون في حل من تحويلهم من بلد إلى بلد، ولكنهم أحرار أهل ذمة".
وإدراكاً لعدل الإسلام مع غير المسلمين بما ليس له نظير؛ اعترف كثير منهم بذلك في شهادات تركوها للتاريخ، فقال المؤرخ الشهير (ولز) عن تعاليم الإسلام: "إنها أسست في العالم تقاليد عظيمة للتعامل العادل، وإنها لتنفخ في الناس روح الكرامة والسماحة، كما أنها إنسانية السمة، ممكنة التنفيذ، فإنها خلقت جماعة إنسانية يقل ما فيها مما يغمر الدنيا من قسوة وظلم اجتماعي عما في أية جماعة أخرى سبقتها". |
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52561 العمر : 72
| موضوع: رد: أخلاق التعايش في الإسلام السبت 06 فبراير 2021, 10:37 pm | |
| المساواة: وتعدّ (المساواة) المرتبطة بالعدل بين أعضاء المجتمع من أهم القيم المحققة للتعايش والتضامن...
فمن قواعد الإسلام إقامة العدل بين كل الناس من خلال تطبيق المساواة في الحقوق المدنية وشئون المسؤولية والجزاء، وحق التعلم والثقافة، وحق العمل، بين المسلمين وغير المسلمين.
ويقرر الإسلام أن الذميين في كل بلد إسلامي، أو في أي بلد خاضع للمسلمين لهم ما للمسلمين من حقوق، وعليهم ما على المسلمين من واجبات، ويجب على الدولة أن تقاتل دفاعاً عنهم كما تقاتل دفاعاً عن رعاياها المسلمين، وتطبق عليهم القوانين القضائية التي تطبق على هؤلاء، إلا ما تعلق منها بشئون الدين فتحترم فيه عقائدهم.
إن عقيدة (لا إله إلا الله) التي يؤمن بها المسلم تجعله يؤمن بالعبودية لله وحده بلا شريك، وفي المقابل فإن القيمة الأولى الناجمة عن هذا المفهوم الذي يكوّنه المؤمن عن الله، والعلاقات التي ينبغي أن تقوم بينه وبينه؛ تشعره بالمساواة المطلقة حيال الناس. مساواة قد تبدو سلبية؛ لأنها لازمة أو نتيجة للخواء البشري أمام الله، وحين ينعكس الشعور بالمساواة على المستوى الجماعي، ويرتدّ على أفراد المجتمع بشكل متبادل، يُفْضي على صعيد المبادئ الخلقية على شعور نهائي بالكرامة الإنسانية (11).
ولا يقف تأثير مبدأ المساواة في الإسلام عند تحقيقه للشعور العام والفردي بالكرامة انطلاقاً من تكريم الله لبني آدم؛ بل إنَّ مبدأ المساواة يسهم في تحديد مفهوم الإنسان، ويمثل بالتالي حجر الزاوية الذي يرتكز عليه بناء النظام الاجتماعي.
ومن الجدير بالتنويه أن هذا الشعور خاص بالإسلام كما يصرح بوازار إذ لم يسبق أبداً لدين أو لأيديولوجية أن أكداه بهذه القوة (12).
ويؤكد (مارسيل بوازار) على ملمح أساس لا يؤكد المساواة الإسلامية حسب؛ بل إنه يؤكدها ويمزجها بالتسامح الديني بطريقة دالة دلالة بالغة على العدل واللاعنّصرية في سياق واحد.
فعلى مستوى المساواة التشريعية يلتقي مفهوم المساواة القانوني الإسلامي من حيث مادته مع المفهوم الغربي الحالي: فالأوامر والعقوبات القانونية هي هي بالنسبة إلى جميع المواطنين؛ إلا أنه ينبغي تسجيل فرق دقيق، فلما كانت "المواطنية" محدّدة بالرضا بالإسلام، فإن بعض المحرمات أو الموجبات؛ لا تلزم غير المسلمين الذين يمكن أن يخضعوا منطقياً، وبحسب الظروف، للعقوبات الشرعية المنصوص عليها في التشريع الديني الخاص بهم (13)، أي النابع من تعاليم دينهم.
ولا يقف الأمر في معاملة الذميين عند نصوص الشرع والقانون؛ بل إن الحاكم المسلم مطالب فوق ذلك بالمجاملة وحسن المعاملة في غير ما بينته النصوص وفصلته العهود، وفي هذا يقول عليه السلام: "من آذى ذمياً فقد آذاني"، ويقول: "من ظلم معاهداً أو انتقصه حقه أو كلفه فوق طاقته أو أخذ منه شيئاً بغير طيب نفس فأنا خصمه يوم القيامة"، ويقول عمر بن الخطاب في كتاب له إلى عمرو بن العاص في أثناء ولايته على مصر مشيراً إلى الحديث السابق ذكره: "إن معك أهل الذمة والعهد فاحذر يا عمرو أن يكون رسول الله خصمك" (14). |
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52561 العمر : 72
| موضوع: رد: أخلاق التعايش في الإسلام السبت 06 فبراير 2021, 10:39 pm | |
| حفظ الكرامة الإنسانية: ويرتبط بتحقيق المساواة القائمة على العدل تحقيق قاعدة إسلامية جامعة هي حفظ الكرامة الإنسانية، على أساس أن الله تعالى كرم "الإنسان" من حيث هو إنسان بصرف النظر عن جنسه أو ديانته، ورفع منزلته ابتداء على كثير من خلقه؛ بل إنه سبحانه أمر ملائكته بالسجود لآدم عليه السلام إعظاماً لشأن الإنسان، وتفضيلاً له، قال عز وجل: (وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لآدَمَ فَسَجَدُوا إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَى) (15).
إن القرآن يعترف ب"شرف الإنسان" بمعنى أن الله فضله على "كثير من المخلوقات الأخرى"، وليس تقبيل هذا المبدأ مفهوماً أخلاقياً وحسب؛ بل يؤدي إلى نتائج إلزامية ألا وهي احترام الإنسان كرامة سائر الإنسان، ويشهد شعوره بمسئولية على احترامه كرامته الخاصة؛ فهو محترم ومكرم لأنه مسئول... وبهذا يتأكد "لاهوتياً" سمو الإنسان على سائر المخلوقات. لا يتعلق الأمر كما يدَّعي أحياناً بالمؤمن الذي يوضع في مقابل الإنسان؛ بل يتعلق بالإنسان بالذات (16).
وإذا كان وضع المؤمن يقوي شرف الإنسان بفعل قبوله الخضوع لأحكام الشريعة المنزلة ورضاه بأن يصبح عضواً في الجماعة الإسلامية؛ فإن غير المؤمن لا يقلّ عنه احتفاظاً بشرفه وكرامته، ولما كان غير المسلم مساوياً للمسلم في دونيته (عبوديته) الهائلة بإزاء الله؛ فإنه يطرد نفسه بنفسه برفضه الصفة الرفيعة التي يوفرها الدين. وهكذا يصبح مغايراً "غريباً" خاضعاً لقوانينه (الإيمانية) الخاصة، وعلى المسلم أن يحترمه كما هو (17).
وفي هذا وفي غيره يخاطب الإسلام الرجال والنساء على السواء (18).
وفي ضوء هذا يوجب الإسلام على الدولة الإسلامية مراعاة الكرامة الإنسانية للإنسان مسلماً كان أو غير مسلم، وهي مراعاة تؤكد على أن أصل البشر واحد، وأنهم متساوون في الإنسانية وفي الحقوق، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في خطبته في "حجة الوداع" أيام التشريق: "يا أيها الناس: إن ربكم واحد وإن أباكم واحد ألا لا فضل لعربي على أعجمي، ولا لأعجمي على عربي، ولا لأحمر على أسود، ولا لأسود على أحمر إلا بالتقوى" (19).
ومن المحافظة على كرامة غير المسلمين مراعاة حقوقهم ومشاعرهم ومجادلتهم بالحسنى، قال تعالى: (ولا تُجَادِلُوا أَهْلَ الكِتَابِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلاَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنزِلَ إِلَيْنَا وَأُنزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ) (20)، وكذلك حقهم في عدم تسفيه معتقداتهم، وأحسب أنه ليس على وجه البسيطة دين ولا ملة ولا نظام أنصف مخالفيه أعظم من الإسلام كما يتمثل في قول الله عز وجل: (قُلْ مَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ قُلِ اللَّهُ وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلالٍ مُّبِينٍ) (21)، فتأمل كيف ختم الله الآية الكريمة بما يسميه البلاغيون العرب (تجاهل العارف)، ومزج الشك باليقين؛ بإخراج ما تعرف صحته مخرج ما يشك فيه، ليزيد بذلك تأكيداً ومبالغة في المعنى، فلم يبين مَنْ مِنْ القبيلتين على الهدى، ومن منهما في الضلال، وهذا من إنصاف الخصم، وإقامة الحجة عليه، بترك الحكم فيه للعقل.
ومن صور مراعاة كرامة الإنسان أن رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم كان يأمر بالقيام للجنائز كما في حديث عامر بن ربيعة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:"إذا رأيتم الجنازة فقوموا حتى تخلفكم"، فمرت به يوماً جنازة فقام فقيل له إنها جنازة يهودي، فقال: أليست نفساً؟ وقد سار على ذلك أصحابه رضوان الله تعالى عليهم، فمرت جنازة بسهل بن حنيف وقيس بن سعد رضي الله عنهما وهما قاعدان بالقادسية، فقاما، فقيل لهما: إنها من أهل الأرض، أي من أهل الذمة، فقال: إن النبي صلى الله عليه وسلم مرت به جنازة فقام فقيل له: إنها جنازة يهودي فقال: أليست نفساً؟
وقد كفل الإسلام لغير المسلمين حق الالتزام بشرعهم دون مضايقة أو انتقاص، فالإسلام لا يلزم غير المسلمين بأحكامه التشريعية، فلا يلزمهم بأداء الزكاة التي هي ركن من أركان الإسلام، ولم يفرض عليهم الجهاد مع المسلمين مع أنه ذروة سنام الإسلام، ومنفعته تعود على أمن المسلمين وغيرهم من سكان الدولة الإسلامية، واكتفى منهم بالجزية بدلاً من الجهاد.
وفي الوقت نفسه فقد أذن الإسلام لغير المسلمين بإقامة حياتهم الاجتماعية (وهو ما يعرف بالأحوال الشخصية) على وفق تشريعاتهم، ونحو ذلك، وفي العقوبات قرر الفقهاء أن الحدود لا تقام عليهم إلا فيما يعتقدون تحريمه كالسرقة والزنا، لا فيما يعتقدون حله كشرب الخمر.
ومن هنا كان لأهل الذمة محاكمهم الخاصة يحتكمون إليها إن شاءوا وإلا لجأوا إلى القضاء الإسلامي كما سجل ذلك التاريخ. يقول المؤرخ الكبير (آدم متز) في كتابه (الحضارة الإسلامية في القرن الرابع الهجري): كان الشرع الإسلامي خاصاً بالمسلمين فقد خَلت الدولة الإسلامية بين أهل الملل الأخرى وبين محاكمهم الخاصة بهم، والذي نعلمه من أمر هذه المحاكم أنها كانت كنسية، وكان رؤساء المحاكم الروحيون يقومون فيها مقام كبار القضاة أيضاً، وقد كتبوا كثيراً من كتب القانون، ولم تقتصر أحكامهم على مسائل الزواج؛ بل كانت تشمل إلى جانب ذلك مسائل الميراث وأكثر المنازعات التي تخص المسيحيين وحدهم مما لا شأن للدولة به.
وهكذا يتضح أن الإسلام لم يعاقب غير المسلمين على فعل ما يرونه حلالاً في شرعهم كشرب الخمر وأكل لحكم الخنزير مع أنهما حرام في الشريعة الإسلامية.
ولا شك في أن هذا من التسامح الإسلامي مع المخالفين مما ليس له نظير في أي تشريع أو حكم أو نظام.
لقد عاشت الأقليات غير المسلمة في ظل المسلمين حياة لم تعرفها الأقليات قبل ذلك في ظل الحضارة اليونانية والرومانية والأديان اليهودية والمسيحية فضلاً عن الأديان الوضعية.
لقد كانت النزعات العنصرية وصور الاضطهاد والقهر والإكراه هي القاعدة، فجاء الإسلام فأصبحت في ظله شذوذاً في التطبيق والسلوك، أما في الفكر والتنظير والقانون، فالعدل والمساواة والحرية هي الأصل بعيداً عن أية صور من الاضطهاد والعنصرية والقمع. |
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52561 العمر : 72
| موضوع: رد: أخلاق التعايش في الإسلام السبت 06 فبراير 2021, 10:41 pm | |
| حرية العقيدة والفكر: ولئن كنا قد ألمعنا إلى شيء من عدل الإسلام ومساواته بين الناس فنحن هنا نؤكد أن الإسلام قام على احترام حرية الآخرين في الفكر والعقيدة، وكان سمحاً نابذاً لأية صورة من صور الاضطهاد، قال تعالى: (لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الغَيِّ) (22)، ويقول سبحانه تعالى مخاطباً الرسول: (وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لآمَنَ مَن فِي الأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعاً أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ) (23)، وقال تعالى: (فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ * لَسْتَ عَلَيْهِم بِمُسَيْطِرٍ) (24).
وقد قامت سيرة الرسول عليه الصلاة والسلام على هذا النهج، فقد منع الرسول رجلاً حاول أن يرغم ولديه على الإسلام، فقد ذكر المؤرخون أن رجلاً يُقال له الحُصين من بني سالم بن عوف، كان له ولدان مسيحيان وهو مسلم، فسأل الرسول عليه الصلاة والسلام عمَّا إذا كان يجوز له إكراههما على اعتناق الإسلام، وهما يرفضان كل دين غير المسيحية فنهاه الرسول صلى الله عليه وسلم عن ذلك، كما كانت إحدى نساء بني قريظة وتُدعى ريحانة من نصيب الرسول عليه الصلاة والسلام بعد مُحاربة قومها، فعرض عليها الرسول عليه الصلاة والسلام أن يتزوجها ويضرب عليها الحجاب، فقالت: يا رسول الله بل تتركني في ملكك، وأبت إلا اليهودية، فقربها الرسول عليه الصلاة والسلام حتى أسلمت بعد ذلك... وقد كتب الرسول إلى معاذ بن جبل وهو باليمن أن لا تفتن يهودياً عن يهوديته (25).
وقد حض النبي محمد عليه السلام على التسامح وحبَّبه إلى المسلمين... قال عليه الصلاة والسلام: "من ظلم معاهداً أو انتقصه أو كلفه فوق طاقته، أو أخذ منه شيئاً بغير طيب نفس فأنا حجيجه يوم القيامة"، وأظهر النبي وخلفاؤه وقواد المسلمين سماحة عظيمة فيما عقدوا من معاهدات صلح مع البلاد التي فتحوها وغلبوها على أمرها.
ولئن كان من شان المنتصر أن يستبدّ ويملي شروطه بدافع الغيظ والانتقام والغرور بالقوة؛ فإن المسلمين كانوا على العكس من ذلك في معاهداتهم مع المغلوبين؛ فأقروهم على عقائدهم وشعائرهم الدينية، وأوصوا برعايتهم والمحافظة على أموالهم (26).
ومن الجدير بالذكر أن القرآن الكريم يحفل بكثير من الآيات التي تحث المسلمين على التعايش الكريم والتسامح مع غيرهم من أتباع الديانات الأخرى، ما داموا يلتزمون بالقوانين العامة، وبالدستور الإسلامي الذي وضع الرسول قواعده الأولى في صحيفة المدينة بعد نجاح رحلة الهجرة... قال تعالى: (لاَ يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوَهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ المُقْسِطِينَ * إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَن تَوَلَّوْهُمْ وَمَن يَتَوَلَّهُمْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) (27).
وقد أمر الإسلام المسلمين بالرفق في الدعوة إليه، وأمر بمناقشة المخالفين، وبالدعوة إلى الإسلام بالحسنى، قال تعالى: (ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) (28).
وقال: (ولا تُجَادِلُوا أَهْلَ الكِتَابِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلاَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنزِلَ إِلَيْنَا وَأُنزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ) (29).
ويحدد الله للنبي صلى الله عليه وسلم وظيفته، وهي أنه مكلف أن يبلغ الدعوة، ويبشر بالإسلام، وليس مكلفاً أن يحمل الناس بالقوة على ترك دينهم والدخول في الإسلام، قال تعالى: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ وَكِيلاً) (30).
وقال تعالى محدداً طريق الحوار الدعوي والمعاشي: (قُلْ يَا أَهْلَ الكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللَّهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَاباً مِّن دُونِ اللَّهِ فَإِن تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ) (31).
وأمر الله النبي عليه السلام أن يجير المشرك إذا لجأ إليه واحتمى به، وهي سماحة ما بعدها سماحة: (وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ المُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَعْلَمُونَ) (32).
وأمر الله المسلمين بأن يفوا بعهودهم لمن عاهدوهم سواء أكانوا من أهل الكتاب أم من المشركين، قال تعالى: (وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ العَهْدَ كَانَ مَسْئُولاً) (33)... وهو خطاب يدعو إلى الوفاء بالعهد بصفة عامة، وقال تعالى: { إِلاَّ الَّذِينَ عَاهَدتُّم مِّنَ المُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنقُصُوكُمْ شَيْئاً وَلَمْ يُظَاهِرُوا عَلَيْكُمْ أَحَداً فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَى مُدَّتِهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ المُتَّقِينَ) (34). |
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52561 العمر : 72
| موضوع: رد: أخلاق التعايش في الإسلام السبت 06 فبراير 2021, 10:45 pm | |
| الحوار والتعايش في الإسلام: ويُعدّ الحوار والرفق واللين والجدال بالتي هي أحسن الطريقة الإسلامية التي تمثل قاعدة التعامل مع غير المسلمين، عندما يقتضي الأمر الجدال أو الحوار حول القضايا العقدية أو الفكرية.
وقد بلغ الإسلام في التأصيل لهذا الحوار مبلغاً انفرد به، وذلك عندما انطلق من القاعدة الحيادية الكاملة، الباحثة عن الحق، والتي لا تحمل شحنة إيمانية تجعلها ترى نفسها حقاً كاملاً، وترى الآخر باطلاً كاملاً، قال تعالى: (قُلْ يَا أَهْلَ الكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ) (35).
وليس الحوار في الإسلام قائماً على التسامح السلبي، كما أن الحرية الدينية ليست أيضاً قيمة سلبية غير فاعلة؛ بل هما الحوار والحرية قيمتان إيجابيتان يقومان بدور فاعل في الحراك الثقافي والاجتماعي.
إن الإسلام لا يكتفي بإعطاء الحرية الدينية ولا باحترام العقائد ولا بالتنفير من العصبية؛ بل هو يفرض على المسلمين الإيمان بالأصول الدينية المشتركة واحترامها، والتعاون على الوصول إلى جوهرها فضلاً عن ضرورة احترام أنبيائها جميعاً بدءاً من آدم ونوح وإبراهيم وإسماعيل وإسحاق ووصولاً إلى موسى وعيسى ومحمد عليهم جميعاً الصلاة والسلام.
وما دامت هناك أصول مشتركة، وكتب سماوية مشتركة لا يمكن أن تتناقض في حقيقتها، وأنبياء يجب أن يؤمن الجميع بهم، فإن الحرية والتسامح والتعايش لا تعني السلبية، أو السكون؛ بل تعني العمل المشترك من أجل الوصول إلى عالم يسود فيه الحق، وينتشر فيه الخير، ويتراحم الجميع مبتعدين عن سياسة التمييز العنصري، وحروب الإبادة الصليبية، وتحريك الآلة الإعلامية الجهنمية من أجل إظهار المخالفين على أنهم الشيطان، وكتلة الشر التي يجب إبادتها، وعدم التسامح معهم، والحق أن التسامح الإيجابي، وكذلك الحرية الإيجابية يمثلان تحدياً للنظام العولمي السائد، وللعقل الذي صنعته حضارة الصراع، وهي الحضارة الصراعية التي تؤمن بالتفوق الفكري والعنصري، وتزعم أنها تملك الحقيقة المطلقة، وهنا ومع هذا المفهوم المستعلي يصبح مستحيلاً الوصول إلى حياة إنسانية مشتركة.
أمَّا في المفهوم الإسلامي فالأمر مختلف، ذلك أن الإسلام لا يؤمن بالحوار أو التعددية فحسب، بل يحض أصحاب جميع الأفكار والعقائد إلى التسابق من أجل الخيرات، كما يقول القرآن الكريم بصراحة ووضوح: (لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجاً وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِن لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ فَاسْتَبِقُوا الخَيْرَاتِ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ) (36).
ومن هذا المنطلق يعد الإسلام في الحقيقة أول دين يؤكد على ضرورة الحوار الصريح بين الأديان، ذلك لأنه أول دين يعترف بوضوح بالأديان السماوية جميعها بوصفها طرقاً إلى الله، وليس هناك في نظر الإسلام فرق من الناحية المبدئية بين هذه السبل، والأمر المهم في هذا الصدد هو أن يحرص أتباع هذه الأديان على الصدق والإخلاص في العمل من أجل إقرار موازين العدل (37)، والوصول إلى الحق في أمر الدين وأمور الدنيا.
وهذا الحوار بين الأديان في التصور الإسلامي يتطلب سعة الأفق والتسامح والوعي بأن الإنسان من شأنه أن يخطئ، وحتى لو لم يكن الهدف الصريح للحوار القائم هو اجتذاب الجانب الآخر للدخول في معسكر الداعي للحوار، فلا يصح أن تتخذ الحوارات الدينية ذريعة لسب دين الآخرين، أو الاستهزاء به، كذلك لا يصح أن يشتغل الإنسان المشارك في الحوار بين الأديان بموضوعات هدفها المماراة والمخاصمة؛ بل عليه أن يجتهد في استخلاص النقاط المشتركة بين الأديان، ويتخذ منها موقفاً إيجابياً.
ومثل هذه الحوارات الدينية الصريحة بين الأديان أو بين المذاهب المختلفة كانت تقام على سبيل المثال في العصر العباسي, وكان الخلفاء يدعمونها؛ بل كثيراً ما كانوا يترأسونها، وكانت تجري في جو من الصراحة الكاملة، وتتضمن مناقشات علمية بين علماء يمثلون مختلفة الطوائف والمذاهب؛ بل والأديان، وقد كان أول حوار في الإسلام بين المسيحية والإسلام هو ذلك الحوار الشهير الذي أجراه النبي عليه الصلاة والسلام مع وفد نصارى نجران في مسجده بالمدينة المنورة (38).
إن إيمان الإسلام بالحوار ورفضه للإكراه في الدين يرتكز على منطلق قرآني أصل له الإسلام تأصيلاً كاملاً من خلال القرآن، ومن خلال التطبيقات العملية للرسول عليه الصلاة والسلام.
هذا الإيمان بالحوار يفضي بنا إلى ساحة التلاقي مع الآخرين، وهي تلك الساحة التي تبرز فيها هذه العلامات الهامة، ومنها وعبرها تمتد جسور الفهم والتفاهم أوسع ما تكون.
1 فالرسول مكلف بالإبلاغ والتبشير والتحذير، لا أكثر. قال تعالى: (وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلاَّ البَلاغُ المُبِينُ) (39)، وقال تعالى: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ كَافَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا) (40).
2 والذين يتصدون للدعوة إلى الله يجب أن يلتزموا بآداب معينة: أهمها الحكمة والجدال بأحسن الطرق وعدم السب أو القدح في عقائدهم، بل البحث عن أرضية حوارية أخلاقية مشتركة.
3 وحتى إذا لم تلق الدعوة استجابة وأصرَّ الآخرون على موقفهم، فحسابهم على الله، قال تعالى: (فَإِنْ أَعْرَضُوا فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً إِنْ عَلَيْكَ إِلاَّ البَلاغُ) (41).
وقال أيضاً: (فَإِن تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ لا َإِلَهَ إِلاَّ هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ العَرْشِ العَظِيمِ) (42).
4 ويلاحظ أنه في هذه الآية الأخيرة: "لم يقل الله سبحانه وتعالى فإن تولوا فعليهم اللعنة، أو لابد لك من قتالهم، حتى ينخلعوا عن دينهم، ويدخلوا دينناً، كلا إن توليتم فالملجأ إلى الله من كيدكم، إن أغراكم الشيطان بكيد أو دفعكم إلى حرب" (43).
5 وافتراق الطرق لا يهدر حقوق الآخرين، ولا يمنع من استمرار تعاون المسلمين معهم، قال تعالى: {وَأُمِرْتُ لأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ اللَّهُ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ لاَ حُجَّةَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ اللَّهُ يَجْمَعُ بَيْنَنَا وَإِلَيْهِ المَصِيرُ} (44).
ويرى الأستاذ/ فهمي هويدي: أن هذه الآيات الكريمة وغيرها، تعني أموراً كثيرة جديرة بالاعتبار عنْد صياغة نمط العلاقات بين المسلمين وغيرهم: أ- فهي تعني إتاحة الفرصة للآخرين في حرية الاختيار، ولا سيما إذا تعلق الأمر بالإيمان والاعتقاد.
ب- وتعني أن الأصل في مخاطبة الآخرين ودعوتهم إلى دين الله هو الحوار الذي يحترم فكر الآخرين فضلاً عن إنسانيتهم حوار ليس فيه غلظة ولا إساءة ولا استعلاء: (وَلاَ تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ) (45)، تظلله روح الأخوة وأنوار الحكمة.
ج- ويقدم لنا القرآن العدد من صياغات وأساليب الحوار المطلوب، ففي قصة موسى وفرعون، يوحي الله سبحانه إلى موسى وأخيه هارون أن يذهبا إليه، ليبلغاه بدعوة التوحيد وعبادة الله، ويكون التوجيه الإلهي هو: (فَقُولا لَهُ قَوْلاً لَّيِّناً لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى) (46)، "فالقول اللين" مطلوب في مواجهة فرعون، أحد رموز الطغيان والضلال في التاريخ، فما بالكم بمن دونه؟
د- والحجة والبرهان هما سلاح المؤمن في الدعوة إلى الله: (قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ) (47)، (هَلْ عِندَكُم مِّنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا) (48).
هـ- أما بعد التبليغ؛ فيجب على الجميع أن يرفعوا أيديهم عن ضمائر الناس؛ حيث تظل مسألة التفتيش في الضمائر، ومحاولات شق صدور الخلق عدواناً على سلطان الله عز وجل القائل: (إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُمْ) (49).
و- وإذا كانت نتيجة الحوار سلبية، فإنها مع ذلك لا ينبغي أن تفسد الودّ بين بني الإنسان، ولا تخدش سياج الحصانة الذي كفله الإسلام لكافة خلق الله، فإرساء قيمة العدل بين الجميع أمر إلهي، وضرب من تقوى الله؛ بل إن الإسلام أمر المسلم بحماية المشرك إذا لجأ إليه في ضيق، وطالبه بأن يقف إلى جواره حتى يخرج من أزمته، ويبلغ بر الأمان {... ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ} (50)..
ز- وإذا كان هذا شأن المشرك، وواجب المسلم تجاهه، فما بالكم بالكتابي الذي يؤمن بالله؟؟ (51).. يهودياً كان أو نصرانياً.
وهكذا يتضح لنا أن منهجية التعايش في الإسلام بما تفرزه من ثقافة تعارفية وتعاونية وتكاملية لا تؤمن بالإكراه على الرأي ولا على المعتقد، ولا تؤمن بإلزامية الوجهة ما دام في الأمر اختلاف المنطلقات، وما دام الإنسان مطلقاً يتميز عن باقي المخلوقات الحية بالعقل المدرك والمجتهد؛ ذلك أن أي محاولة للدفع به باتجاه القهر والقبول بما فرض عليه قسراً لا يولد إلا النتائج السيئة، وردود فعل قوية ستكون لها نتائج وخيمة إما في العاجل أو الآجل.
أمَّا الالتزام بما فرضه الله علينا من عدم الإكراه فإنه يحمل في داخله ثقافة الرحمة والمحبة والأخوة، والتعارف بين الشعوب والقبائل والأجناس.
وهذا الذي يقرره الإسلام يجعلنا نرفض الخطاب الثقافي الصادر من باطن العولمة الجديدة والذي يدعونا أصحابه إلى المساكنة الحضارية، وقد دمروا أصل الحوار إلى: الجانب العقدي؟
وكيف لنا أن نتحاور في الثقافات، بينما خطاب الآخر ما زال مسكوناً بنزعة الاستعلاء ومؤسساً على قاعدة فلسفة المركزية الغربية التي لا تعترف بحق الشعوب في تقرير مصيرها بنفسها (52).
وبقدر تحفظنا على طبيعة الحوار بين الغالب والمغلوب والمستعلي والمستذل إلا أننا مع ذلك لا نفكر في إقصاء مفهوم الحوار الحضاري، الثقافي من قاموس علاقتنا بالآخر؛ بقدر ما نلح على أهمية الأخذ بعين الاعتبار أن الضرورة تقتضي التأكيد على التعددية الثقافية، والاعتراف باختلاف الهويات الثقافية، حتى لا نكون عرضة للقبول بأطروحة الثقافة الكونية أو الإنسانية الواحدة التي تقضي على التميز، وتلغى الاختلاف الذي به تكتمل خصوصية كل أمة من الأمم.
وهذا الذي نطلبه لأنفسنا وللعالم كله؛ هو ما نقدمه نحن في رؤيتنا للحوار مع الآخر الذي نحتفظ له بكل حقوق الحفاظ على هويته وثقافته بعيداً عن القهر والتآمر وصيغ الاحتلال والإلغاء المختلفة الذي يمارسها دعاة العولمة بكل طغيان وإقصاء.
وعلى هذا الأساس؛ يصبح الاعتراف بالتعدد الثقافي من قبل الجميع كما هو منهج الإسلام مقدمة أساسية لتحقيق التعايش المطلوب بين مختلف الشعوب؛ وذلك في عالم معاصر للأسف يُكره فيه القوي الضعيف على القبول بفلسفته ونموذجه الثقافي، الذي لا يخدم سوى أغراضه السياسية، ويحقق نماءه الاقتصادي، وتوسعه القومي (53).... على حساب الآخرين.
وهذا المنهج الحواري العولمي... منهج خادع يرفضه الإسلام وحضارته بكل وضوح وقوة. |
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52561 العمر : 72
| موضوع: رد: أخلاق التعايش في الإسلام السبت 06 فبراير 2021, 10:46 pm | |
| التعايش الاجتماعي في الإسلام: إن المشروعات العالمية الاحتلالية و العولمية عجزت عن تقديم الرؤية الإنسانية اللاعنصرية الفسيحة؛ التي تمتد عبر الحدود الجغرافية والعنصرية، والعقدية؛ لأنها أقامت العقبات والسدود بين شرائح الإنسانية، اعتماداً على نزعات فكرية أسطورية سيطرت على قطاع كبير من الإنسانية في ظروف قوته وهيمنته وشعوره بالفوقية.
فالتقسيم الطبقي بين السادة والعبيد في اليونان، وبين الإنسان الروماني وغيره في الحضارة الرومانية، والتقسيم الطبقي عند الهندوك... إلخ، والتقسيم بين يهودي وأممي في التلمود..
كل هذه التقسيمات وأشباهها أقامت جسوراً تحول بين التعارف والتحاور الإنساني القائم على المساواة والعدل والندِّية واحترام الأصل الإنساني...
لكن الإسلام منذ نزل، وخاطب (الناس)، و(الإنسان)، و(بني آدم) مكرماً، ومستخلفاً الإنسان كي يقوم بشرف إقامة العمران البشري على أساس العبادة لله وحده لا شريك له... قد رفض الحديث مجرد الحديث عن هذه الفواصل القاطعة، وأقام ميزان (التقوى) أي العمل الصالح للدنيا والآخرة بديلاً لكل هذه الفواصل والقواطع التي لا أصل لها في حقيقة الأمر.
لقد أمر الله المسلمين أن يختلطوا بالناس في العبادات، لا فرق بين أبيض وأسود.. وغني وفقير... هكذا هم في الصلاة خمس مرات في اليوم والليلة، وهكذا هم في الحج، كما فرض الله عليهم شريعة عادلة يتحاكم إليها الحاكم والمحكوم في ظل قضاء بالغ الحيدة والعدل.
ومن الناحية الاجتماعية حثهم على الاختلاط بالناس ومؤاكلتهم حتى ولو خالفوه في الدين (وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَّهُمْ) (54)، وأباح لهم الزواج من النساء غير المسلمات: (وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ المُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ) (55)، ومجاملة غير المسلم في كل المناسبات.
وكما حفظ الإسلام للمسلمين حقوقهم الأساسية في الحياة، فكذلك حفظ الإسلام لغير المسلمين حقوقهم في الحياة، سواء بسواء، وهي: النفس والدين والدم والمال والعرض، فهذه الحقوق يستوي فيها المسلم وغير المسلم، فهي حقوق وحرمات معصومة إلا بسبب شرعي، فلا يصح إزهاق أرواحهم إلا قصاصاً أو حدًّا على عقوبة، قال الله تعالى: (قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلاَّ تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَلاَ تَقْتُلُوا أَوْلادَكُم مِّنْ إِمْلاقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلاَ تَقْرَبُوا الفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلاَ تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) (56).
ويقول أيضاً: (مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً) (57).
ورسولنا محمد صلى الله عليه وسلم قال في خطبته يوم عرفه: "إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا، في بلدكم هذا في شهركم هذا"، وهذه الحرمات ليست أمراً خاصاً بالمسلمين لأن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: "من قتل نفساً معاهداً لم يرح رائحة الجنة، وإن ريحها ليوجد من مسيرة أربعين عاماً".
فلا يصح إيذاء غير المسلم بغير حق بأي وجه من الوجوه، مثل: انتهاك عرضه، ولا التعدي على ماله، ولا الاعتداء عليه، ولا قتله بغير حق شرعي، وقد روي أن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه أتى برجل من المسلمين قتل رجلاً من أهل الذمة، فقامت عليه البينة فأمر بقتله، فجاء أخوه، فقال: إني قد عفوت عنه، فقال: فلعلهم هددوك وفرقوك قال: لا، ولكن قتله لا يرد علي أخي، وعوضوا لي، ورضيت قال: أنت أعلم، من كانت له ذمتنا فدمه كدمنا، وديته كديتنا، وفي رواية: "إنما بذلوا الجزية لتكون دماؤهم كدمائنا وأموالهم كأموالنا".
ولغير المسلمين حق حفظ أموالهم فتقطع يد سارقها، ويعزر مغتصبها ومن استدان منهم شيئاً وجب عليه رده، ويعاقب المماطل فيه، وقد شكا أحد رهبان النصارى في مصر إلى الوالي أحمد بن طولون أحد قواده أنه ظلمة، وأخذ منه مبلغاً من المال بغير حق، فما كان من ابن طولون إلا أن أحضر هذا القائد، وأنَّبه، وعزره، وأخذ منه المال، ورده إلى النصراني، وقال له: لو ادعيت عليه أضعاف هذا المبلغ لألزمته به (58).
ولهم حفظ أعراضهم فيجب كف الأذى عنهم، وتحرم غيبتهم؛ لأنهم بعقد الذمة وجب لهم ما للمسلمين كما قال ابن عابدين.
بل إن هذه الحقوق ليست للمواطنين من غير المسلمين فحسب؛ بل هي أيضاً لمن استجار بالمسلمين من غيرهم فلهم الأمان والحماية وحق الرعاية، كما قال تعالى: (وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ المُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ) (59)، وحق الإجارة في الإسلام مشاع بين المسلمين وليس لفئة مخصصة؛ بل هو كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم عن المسلمين "يسعى بذمتهم أدناهم"، وقال: "ويجير على المسلمين"، ولذلك حين قالت أم هانئ بنت أبي طالب رضي الله عنها لرسول الله صلى الله عليه وسلم: (يا رسول الله زعم ابن أمي عليّ أنه قاتل رجلاً قد أجرته فلان بن هبيرة"، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "قد أجرنا من أجرت يا أم هانئ".
وإعطاء الجوار والأمان للمستأمنين من المخالفين، وما يتبعها من تحذير من خفر الجوار، وتشديد على ضرورة الحفاظ عليه، منقبة من مناقب الإسلام تجاه مخالفيه، تكاد لا توجد في غير هذا الدين الحنيف (60). |
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52561 العمر : 72
| موضوع: رد: أخلاق التعايش في الإسلام السبت 06 فبراير 2021, 10:49 pm | |
| التعايش الاقتصادي: وكما تعايش غير المسلمين مع المسلمين اجتماعياً، فقد تعايشوا معهم في المجال الاقتصادي، وقاموا بدور أساسي في تسيير الحياة الاقتصادية.
وتعد هذه المشاركة دليلاً قاطعاً على أنهم جزء من نسيج الدولة الإسلامية يتمتعون بكافة حقوق المواطنة، ومنها حق العمل والكسب في إطار من العدل والمساواة مع المسلمين.
لقد أتاحت الدولة الإسلامية لأهل الذمة المشاركة في الحياة الاقتصادية بما كفلته لهم من حقوق وحريات، كما ساعدت فترات الازدهار الاقتصادي التي شملت مختلف النواحي في العصر العباسي الأول، وما تلاه أيضاً في القرن الرابع الهجري العاشر الميلادي من تألق الذميين في هذا المجال.
فقد قررت الحكومة الإسلامية مبدأ الحيازة والملكية للفلاحين الذين كانوا محرومين منها كافة، وقد ارتبط ذلك بفرض ضريبة الخراج التي كانت بالقياس إلى الضرائب القديمة خفيفة العبء، كما وضعت الضوابط التي تحافظ على أرض الذمي مثل المسلم.
فنهى الرسول صلى الله عليه وسلم عن الإضرار بأرض الغير، وقد قال: "ملعون من ضار مسلماً أو غيره... ملعون"، وكتب عمر بن الخطاب إلى أبي عبيدة يأمره أن يمنع المسلمين من ظلم أحد من أهل الذمة، بمعنى أنه لا يحل لمسلم أن يعتمد الإضرار بجاره لتغريق أرضه أو لتحريق زرعه في شيء يحدثه في أرضه.
كما نهى الخليفة عمر بن الخطاب عن شراء أرض أهل الذمة وعقاراتهم، وهذا الأمر مرتبط بالمحافظة على ملكياتهم بما يتفق وعهود الأمان التي أعطيت للذميين لحماية أراضيهم وما يملكون، والمصادر تذكر لنا الكثير مما حازوه من أراضي وعقارات، مما يؤكد تمتعهم بجميع الحقوق المدنية التي ساعدتهم على الظهور في المجتمع الإسلامي (61).
وقد استعانت الدولة بخبرات أهل الذمة في بناء البحرية الإسلامية، فقد استعان الأمويون بأقباط مصر في إنشاء ميناء تونس ودار صناعتها؛ عندما أمر الخليفة عبد الملك بن مروان أخاه عبد العزيز والي مصر بإرسال ألف قبطي بأهله وولده إلى أفريقية لإنشاء ميناء تونس، كما سبق أن استخدم معاوية المصريين في بناء الأسطول السوري في عكا.
كما كانت سياسة الرفق التي اتبعتها الدولة الإسلامية، فيما أصدرته من قرارات ضريبية رحيمة، شملت مختلف أوجه النشاط الاقتصادي قد دفعت هؤلاء الذميين إلى المشاركة الفعلية في الحياة الاقتصادية، كذلك تساوى أهل الذمة العاملين في استخراج المعادن مع المسلمين في الضريبة المفروضة عليهم والمقدرة بالخمس، فضلاً عن الضريبة المخففة التي فرضت عليهم لقاء ممارستهم للنشاط التجاري، فيؤخذ منهم نصف العشر مرة واحدة في السنة، ولا يؤخذ من أقل من مائتي درهم شيء.
وقد حرص المسلمون على ألا يتجاوز العمال الأموال المقررة في تحصيل هذه الضرائب، لذلك وجدنا الخليفة عمر بن الخطاب يشمل أهل الذمة بعدله، فما شكا منهم مظلوم والياً مهما كان قدره إلا وأنصفه منه.
وفي ظل هذه الحرية الاقتصادية، وما أفرزته من مساواة وعدالة تجاه أهل الذمة راج الاشتغال بالتجارة، كما أتيح لهم حرية الانتقال داخل أنحاء العالم الإسلامي؛ فقد اشتمل عهد أهل بعلبك: "ولتجارتهم أن يسافروا إلى حيث أرادوا من البلاد التي صالحنا عليها"، وبديهي أن ينسحب هذا على جماعات المعاهدين الذين شملتهم دار الإسلام، وشجع على ذلك ما شهدته التجارة من انتعاشة نتيجة ما قام به خلفاء العصر العباسي الأول من إصلاحات في الحياة الاقتصادية، وما حدث أيضاً في القرن الرابع الهجري من انتعاشة اقتصادية شملت العالم الإسلامي كله، بسبب وجود كيانات سياسية كبيرة حكمت العالم الإسلامي، وأصبحت لها السيادة على البحار، وما أدى إليه ذلك من ارتياد سفن المسلمين وقوافلهم كل البحار والبلدان.
ومن الجدير بالذكر أن هذه الأوضاع أدَّت إلى على تنوع الطوائف التي عملت بالتجارة، فأسهم فيها المسلمون والنصارى واليهود والمجوس والهنود الهنادكة وأتباع (بوذا) وغيرهم، وهم ليسوا متنوعين فحسب بل لا ينفصلون عن بعضهم... ويسافرون ويعملون جنباً إلى جنب (62). |
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52561 العمر : 72
| موضوع: رد: أخلاق التعايش في الإسلام السبت 06 فبراير 2021, 10:54 pm | |
| التعايش في المجال العلمي: وقد أدى هذا التعاون في المجالات الاجتماعية والاقتصادية بالإضافة إلى مناخ الحرية الفكرية والعقدية أدى ذلك كله إلى التعايش المخلص في المجال العلمي فتألقت الحياة العلمية بين المسلمين وأصحاب الديانات الأخرى، وظهرت كيانات علمية تتعايش باحثة عن الإبداع في شتى العلوم على الرغم من اختلاف العقائد والأفكار.
وظهرت صور من التعايش المختلط تدل على سبق حضاري إسلامي كبير، فمن ذلك أن حُنين بن إسحق درس على الخليل بن أحمد وعلى سيبويه ويحيى بن عدي بن حميد العالم المنطقي تتلمذ على الفارابي، وثابت بن قرة درس على محمد بن موسى، وابن جزلة تلقى على علي بن الوليد العالم المعتزلي، ثم أسلم فيما بعد.
وطالما درس المسلمون على المسيحيين واليهود، في غير تحرج ولا استعلاء، وتاريخ المسلمين حافل بتلقيهم عن مخالفيهم في الدين وانتفاعهم بتجاربهم وعلومهم ومؤلفاتهم.
فقد اشتهر عن الأمير خالد بن يزيد (المتوفى سنة 85 هـ) أنه كان مشتغلاً بالكيماء بإرشاد راهب مسيحي، وأنه أمر بترجمة كتب في الكيمياء من اليونانية إلى العربية، وبنقل كتب في الطب والنجوم.
وفي عهد عمر بن العزيز نقل كتاب أهرون في الطب.
ثم عظم النقل في العصر العباسي الأول، وفي كتاب طبقات الأطباء والفهرست وغيرهما أسماء مئات من النقلة مثل حنين بن إسحاق وابنه إسحاق، ومتى بن يونس، ويحيى بن عدي، وإسحاق بن زرعة.
لقد كان بعض المسلمين في الشام يتخرجون على المسيحيين.
وكانت البصرة والكوفة ملتقى العرب والفرس والمسيحيين والمسلمين واليهود والمجوس، وكان المسلمون لا يأنفون أن يأخذوا العلم من هؤلاء.
كذلك نقل المسلمون عن الهنود كثيراً من حكمة الهنود في عهد المنصور والرشيد، ونقلوا الرياضيات الهندية والتنجيم، وعرفوا كتاب (السند هند) لبرهموكيت إذ ترجمه إلى اللغة العربية الفزاري، بمعاونة علماء من الهنود في عصر المنصور، قبل أن يعرف كتاب المجسطي لبطليموس.
وقد ترجم يعقوب الرهاوي (640 708هـ) كتب اليونان في الإلهيات والفلسفة، وهو الذي أفتى بأنه يجوز للقسس المسيحيين أن يقوموا بتعليم أبناء المسلمين، عندما سئل عن ذلك.
وفي هذا دليل على أن المسلمين كانوا عطاشاً إلى العلم، وكانوا لا يرفضون أن يتعلموا من المسيحيين.
وقد اشتغل السريان بالترجمة من اليونانية ومن السريانية إلى العربية، وكان اكثر النقلة من اليونانية إلى العربية من القرن الثامن إلى القرن العاشر هم السريان.
ولهذا أشاد المنصفون بهذه السماحة، قال المستر درابر المؤرخ الأمريكي: كانت إدارة المدارس بفضل سماحة الخلفاء ونبلهم موكولة إلى النساطرة تارة، وإلى اليهود تارة أخرى، ولم يكن المسلمون ينظرون إلى البلد الذي عاش فيه العالم، ولا إلى الدين الذي يعتنقه؛ بل ينظرون إلى مكانته من العلم والمعرفة (63).
وهو لون من التعايش العلمي؛ كان نتيجة طبيعية لمنهج العدل والتسامح والحرية؛ الذي قامت عليه الحضارة الإسلامية، كما كان نتيجة لهذا الامتزاج العمليّ المعاشي الذي اختلطت فيه وتعاونت كل الطوائف على اختلاف أديانها وأجناسها، فلقد صهرتها الحضارة الإسلامية القائمة على قيم الإسلام السمح الكريم... فصنعت هذا الواقع الحضاري الإنساني الذي تميز عن كل ما سبق من عصور.
لقد عقد الأستاذ / فهمي هويدي مقارنة بين موقف الإسلام، وموقف الغرب من الآخر المباين في الدين والمعتقد، فبيَّن سماحة الإسلام، وقدرته على استيعاب الآخر غير المسلم، وعلى احتوائه شريكاً في الوطن ومواطناً في الدولة، في مقابل تعصُّب غير المسلمين وسعيهم إلى استئصال شأفة الآخر.
فكان مما قاله: ما حَكَمَ المسلمون بلداً إلا وأبقوا على ما فيه من ديانات وملل، وما حكم غير المسلمين بلداً إلا وألغوا كل اعتقاد آخر، ولم يبقوا فيه إلا على دينهم أو مذهبهم، تلك شهادة ينطق بها سجل علاقات المسلمين بغيرهم على مدار التاريخ.
ذلك أن اعتزاز الإسلام بالإنسان كمخلوق مهما كان اعتقاده ولونه وجنسه، ثم إيمان المسلمين بالسابقين من الأنبياء، وبشرعية وجود أصحاب الديانات الأخرى، الذين اعتبرهم القرآن الكريم "أهل كتاب" لهم مكانهم في المجتمع الإسلامي، هذه العناصر في مجموعها هي التي أفسحت المجال لبقاء واستمرار تلك الجماعات غير المسلمة وسط مجتمعات المسلمين عبر ذلك التاريخ الطويل، وهي التي أفرزت في النهاية ما قد نسميه الآن قضية وحقوق الأقليات غير المسلمة.
وبالمقابل فإن أوروبا المسيحية ونحن هنا نتحدث عن التاريخ اختصرت الطريق من بدايته، وكان رفض اعتراف الكنيسة بنبوة محمد (عليه الصلاة والسلام)، وبتعاليمه بالتالي وهي القضية التي لم تحسم في الفاتيكان إلى الآن كان هذا الموقف هو الأساس الذي بنت عليه أوروبا المسيحية موقفها في عدم الاعتراف بشرعية وجود المسلمين.
ومن المفارقات اللافتة للنظر هنا أن وصف الآخرين بأنهم أهل ديار الكفر، لم يكن مقصوراً على بعض فقهاء المسلمين؛ لأن قساوسة الكنيسة حتى العصور الوسطى كانوا يعتبرون بلاد المسلمين ديار كفر أيضاً!!
وكان من نتيجة هذا الموقف أن أوروبا المسيحية لم تسمح باستمرار وجود المسلمين فيها وما جرى في الأندلس وصقلية خير شاهد على ذلك، فقد كانت الخيارات التي وضعت أمام المسلمين في هذين البلدين، كانت في حقيقة الأمر هي: القتل أو التنصير أو الطرد، أي أنها كانت درجات في اقتلاع الجذور وإلغاء كيان الأقلية المسلمة... وهذا ما حدث بالفعل، وأدَّى في النهاية إلى اختفاء الإسلام تماماً من الأندلس وصقلية (64).
ولعلّ هذه المقارنة التي عقدها الأستاذ/ فهمي هويدي بين طبيعة الحضارة الإسلامية، وطبيعة الحضارة الأورو أمريكية الكنسية، إضافة أخرى لتأكيد العُمق الأخلاقي والإنساني في الحضارة الإسلامية.
وهذا العمق الأصيل من خلال القيم والتاريخ هو الذي جعل بعض المنصفين من علماء الغرب والمستشرقين يشيدون بالتسامح الإنساني الفريد في الإسلام، وبتلك العدالة المطلقة التي يتمتع بها النظام الإسلامي في معاملاته مع أهل الذمة وغيرهم ممن يعيشون في بلاد المسلمين. |
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52561 العمر : 72
| موضوع: رد: أخلاق التعايش في الإسلام السبت 06 فبراير 2021, 10:58 pm | |
| ونورد فيما يلي بعض هذه الشهادات: يقول (جون ديوي): جاء الإسلام بأروع عقيدة توازن موازنة سوية بين الفرد والجماعة، إذ أقام التكافل الاجتماعي على أساس الأخوة الإسلامية، وهي طراز فذ من التعاطف الإنساني الذي جبَّ العنصرية، وقضى على التفرقة الطبقية، وحرر العقيدة من التعصب المقيت.
وكتب العلامة الفرنسي (جوستاف لوبون) يقول: "إن مسامحة محمد لليهود والنصارى كانت عظيمة للغاية، ولم يقل بمثلها مؤسسو الأديان التي ظهرت قبله كاليهودية والنصرانية على وجه الخصوص، وقد سار خلفاؤه على سنته من بعده.
وكتب السير (توماس أرنولد) يقول: "لقد عامل المسلمون الظافرون العرب المسيحيين بتسامح عظيم منذ القرن الأول للهجرة، واستمر هذا التسامح في القرون المتعاقبة، ونستطيع أن نحكم أن القبائل المسيحية التي اعتنقت الإسلام إنما اعتنقته عن اختيار وإرادة حرة، وأن العرب المسيحيين الذين يعيشون في وقتنا هذا بين جماعات المسلمين لشاهد على هذا التسامح (65).
ولم يكن غريباً أن نجد كثيراً من البدو المسيحيين ينحرفون في التيار الدافع لهذه الحركة الضخمة (الإسلام) وأن نجد كثيراً من القبائل العربية التي دانت بالمسيحية قروناً قد نبذتها في ذلك الوقت لتدين بالإسلام (66).
والظاهر أن القبائل المسيحية قد انتهت إلى الامتزاج بالمجتمع الإسلامي الذي كان يحيط بهم عن طريق ما يسمونه بالاندماج السلمي الذي تم بطريقة لم يحسها أحد منهم، ولو أن المسلمين حاولوا إدخالهم في الإسلام بالقوة، لما كان من الممكن أن يعيش المسيحيون بين ظهرانيهم حتى عصر الخلفاء العباسيين (67).
ويقول أرنولد أيضاً: إنه من الحق أن نقول: إن غير المسلمين قد نعموا بوجه الإجمال في ظل الحكم الإسلامي بدرجة من التسامح لا نجد معادلاً لها في أوروبا قبل الأزمنة الحديثة.
وهكذا نجد أن هذا المستشرق الإنجليزي المسيحي الحجة، يبرئ الإسلام من التعصب، ويشهد بتمتع غير المسلمين بتسامح ديني لم تعرفه أوروبا قبل العصر الحديث، وفي هذا دليل على أن حاكم الإسلام قد اقترن بالتسامح الديني مع غير المسلمين، بينما افتقرت أوروبا إلى هذا التسامح في ظل هيمنة النصرانية، ولم تعرف أوروبا التسامح إلا مع العلمانية، أي على أنقاض حاكمية النصرانية.
وكتب الشاعر الأمريكي (رونالدركويل) بعد أن أشهر إسلامه يقول: لقد راعنى حقاً تلك السَّماحة التي يعامل بها الإسلام مخالفيه، سماحة في السِّلم، وسماحة في الحرب، والجانب الإنساني في الإسلام واضح في كل وصاياه.
وقد اعترف ترتون بتسامح الحكام المسلمين فقال: كان سلوك الحكام المسلمين في الغالب أحسن من القانون المفروض عليهم تنفيذه على الذميين، وليس أدل على ذلك من كثرة استحداث الكنائس، وبيوت العبادة في المدن العربية الخالصة، كما لم تخل دواوين الدولة قط من العمال النصارى واليهود، الذين كانوا يتولون في بعض الأحيان أرفع المناصب وأخطرها، حتى اكتنزوا الثروات الضخمة، وتكاثرت لديهم الأموال الطائلة، واعتاد المسلمون الإسهام في الأعياد المسيحية.
وقال (جان مليان): إن الإسلام دين سماوي، وهو دين حب وعاطفة وشرف... وهو أكثر الأديان تسامحاً وتساهلاً (68).
وأخيراً نورد هذه الشهادة المشهورة الجامعة التي أدلى بها في النصف الثاني من القرن الثاني عشر بطريق أنطاكية اليعقوبي (ميخائيل الأكبر Michael the Elder) الذي راعه ما فعله الكاثوليك البولنديون بالأرثوذكسي، وراعه الاختلاف اللاهوتي الدامي حول طبيعة المسيح بين القائلين بالطبيعة الواحدة، والقائلين بالطبيعتين... وأدهشه في المقابل مستوى التسامح الإسلامي الذي لم يعرف مثله في التاريخ الأوربي، لاسيما التاريخ الكنسيّ...
فلهذا قرر ميخائيل الأكبر تأييده لما قرره إخوانه في الدين من أنهم وأنه معهم يرى إصبع الله في الفتوح العربية، حتى بعد أن خبرت الكنائس الشرقية الحكم الإسلامي خمسة قرون...
وقد كتب ميخائيل يقول بعد أن سرد اضطهادات هرقل: وهذا هو السبب في أن إله الانتقام الذي تفرد بالقوة والجبروت، والذي يدين دولة البشر كما يشاء، فيؤتيها من يشاء، ويرفع الوضيع... لمّا رأى شرور الروم الذين لجأوا إلى القوة فنهبوا كنائسنا، وسلبوا أديارنا في كافة ممتلكاتهم وأنزلوا بنا العقاب في غير رحمة ولا شفقة أرسل أبناء إسماعيل من بلاد الجنوب ليخلصنا على أيديهم من قبضة الروم (69).
وهذه الشهادات قليل من كثير مما تحدث به المنصفون، وشهد به المفكرون الغربيون ممن درسوا الإسلام وتاريخه بعدالة وموضوعية، فأجمعوا على أن الإسلام دين والحرية والعدالة والمساواة والتسامح والحوار والكرامة الإنسانية... على كل مستويات التعامل الإنساني العقدي والفكري، والمعاشيّ، والاجتماعي والاقتصادي والسياسي والعلمي. |
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52561 العمر : 72
| موضوع: رد: أخلاق التعايش في الإسلام السبت 06 فبراير 2021, 10:59 pm | |
| الهوامش: (1) السيد أحمد المخزنجي: العدل والتسامح في ضوء الإسلام، ص: 9 14، الهيئة المصرية العامة للكتاب، مشروع مكتبة الأسرة، 2006م. (2) السيد أحمد المخزنجي: العدل والتسامح في ضوء الإسلام، ص: 9 14. (3) السيد أحمد المخزنجي: العدل والتسامح في ضوء الإسلام، ص: 9 14. (4) المكان السابق. (5) السيد أحمد المخزنجي: العدل والتسامح في ضوء الإسلام، ص: 9 14. (6) الشورى: 38. (7) آل عمران: 159. (8) النساء: 135. (9) النساء: 58. (10) سورة النجم: 38. (11) مارسيل بوازار: إنسانية الإسلام، ص: 102، منشورات، دار الآداب، بيروت، ط1، عام 1980م. (12) إنسانية الإسلام: نفس الصفحة. (13) المرجع السابق، ص:103. (14) د/ علي عبد الواحد وافي: المساواة في الإسلام، ص: 21، 22. (15) طه: 116. (16) بوازار: إنسانية الإسلام، ص: 107. (17) المرجع السابق، ص: 108. (18) المرجع السابق، ص: 109. (19) انظر خطبة حجة الوداع: حوادث السنة العاشرة للهجرة... في كتب السيرة. (20) العنكبوت: 46. (21) سبأ: 24. (22) البقرة: 256. (23) يونس: 99. (24) الغاشية: 21، 22. (25) انظر ندوة حقوق الإنسان في الإسلام، عرض وثائقي، رابطة العالم الإسلامي، الأمانة العامة، مكة المكرمة، ص:332، 335. (26) د/ أحمد الحوفي: سماحة الإسلام، ص: 174. (27) الممتحنة: 8 9. (28) النحل: 125. (29) العنكبوت: 46. (30) الإسراء: 54. (31) آل عمران: 64. (32) التوبة: 6. (33) الإسراء: 34. (34) التوبة: 4. (35) آل عمران: 64. (36) المائدة: 48. (37) د/ محمود حمدي زقزوق: الإسلام وقضايا الحوار، ص: 199 203، الهيئة المصرية العامة للكتاب، مكتبة الأسرة. (38) محمود زقزوق: المكان السابق. (39) العنكبوت: 18. (40) سبأ: 28. (41) الشورى: 48. (42) التوبة: 129. (43) فهمي هويدي: مواطنون لا ذميون، ص: 93، دار الشروق. (44) الشورى: 15. (45) الأنعام: 108. (46) طه: 44. (47) البقرة: 111. (48) الأنعام: 148. (49) الغاشية: 26. (50) التوبة: 6. (51) فهمي هويدي: مواطنون لا ذميون، ص: 93 96. (52) عبد العزيز أغيرات: الحوار الحضاري في سياق العولمة، جدلية الغالب والمغلوب، ص: 62 63، بحث في كتاب: الحوار مع الآخر، سلسلة إصدارات مجلة الوعي الإسلامي، الإصدار الرابع (1427ه). (53) عبد العزيز أغيرات: المرجع السابق، ص: 65: 66. (54) المائدة: 5. (55) الآية السابقة. (56) الأنعام: 151. (57) المائدة:32. (58) انظر: ندوة حقوق الإنسان في الإسلام، ص: 339، 340. (59) التوبة: 6. (60) المرجع السابق: المكان نفسه. (61) انظر د/ نريمان عبد الكريم، معاملة غير المسلمين في الدولة الإسلامية، ص: 133: 137. (62) انظر د/ نريمان عبد الكريم: معاملة غير المسلمين في الدولة الإسلامية، ص:133 137. (63) فهمي هويدي: مواطنون لا ذميون، ص: 60، 61. (64) فهمي هويدي: مواطنون لا ذميون، المكان السابق. (65) أرنولد: الدعوة إلى الإسلام، ص: 70. (66) أرنولد: الدعوة إلى الإسلام، ص:65. (67) المرجع السابق، ص: 68. (68) عماد الدين زيدان صقر: الإسلام والآخر، ص: 75 78. (69) توماس أرنولد: الدعوة إلى الإسلام، ص: 72، 73. |
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52561 العمر : 72
| موضوع: رد: أخلاق التعايش في الإسلام السبت 06 فبراير 2021, 10:59 pm | |
| المحتويات: تمهيد: حماية الحياة الخاصة: الشورى: العدل بين الجميع: المساواة: حفظ الكرامة الإنسانية: حرية العقيدة والفكر: الحوار والتعايش في الإسلام: التعايش الاجتماعي في الإسلام: التعايش الاقتصادي: التعايش في المجال العلمي: |
|
| |
| أخلاق التعايش في الإسلام | |
|