قال الفيلسوف توماس كارليل في كتابه الأبطال عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لقد أصبح من أكبر العار على أي فرد مُتمدين من أبناء هذا العصر؛ أن يُصْغِي إلى ما يظن من أنَّ دِينَ الإسلام كَذِبٌ، وأنَّ مُحَمَّداً -صلى الله عليه وسلم- خَدَّاعٌ مُزُوِّرٌ، وآنَ لنا أنْ نُحارب ما يُشَاعُ من مثل هذه الأقوال السَّخيفة المُخْجِلَةِ؛ فإنَّ الرِّسَالة التي أدَّاهَا ذلك الرَّسُولُ ما زالت السِّراج المُنير مُدَّةَ اثني عشر قرناً، لنحو مائتي مليون من الناس أمثالنا، خلقهم اللهُ الذي خلقنا، (وقت كتابة الفيلسوف توماس كارليل لهذا الكتاب)، إقرأ بقية كتاب الفيلسوف توماس كارليل عن سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-، على هذا الرابط: محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم-.
يقول المستشرق الإسباني جان ليك في كتاب (العرب):"لا يمكن أن توصف حياة محمد بأحسن مما وصفها الله بقوله: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِين)فكان محمدٌ رحمة حقيقية، وإني أصلي عليه بلهفة وشوق".
فَضَّلَ اللهُمِصْرَعلى سائر البُلدان، كما فَضَّلَ بعض الناس على بعض والأيام والليالي بعضها على بعض،والفضلُ على ضربين: في دِينٍ أو دُنْيَا، أو فيهما جميعاً، وقد فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ وشَهِدَ لها في كتابهِ بالكَرَمِ وعِظَم المَنزلة وذَكَرَهَا باسمها وخَصَّهَا دُونَ غيرها، وكَرَّرَ ذِكْرَهَا، وأبَانَ فضلها في آياتٍ تُتْلَى من القرآن العظيم.
المهندس حسن فتحيفيلسوف العمارة ومهندس الفقراء:هو معماري مصري بارز، من مواليد مدينة الأسكندرية،وتخرَّجَ من المُهندس خانة بجامعة فؤاد الأول،اشْتُهِرَ بطرازهِ المعماري الفريد الذي استمَدَّ مَصَادِرَهُ مِنَ العِمَارَةِ الريفية النوبية المَبنية بالطوب اللبن،ومن البيوت والقصور بالقاهرة القديمة في العصرين المملوكي والعُثماني.
رُبَّ ضَارَّةٍ نَافِعَةٍ.. فوائدُ فيروس كوروناغير المتوقعة للبشريةأنَّه لم يكن يَخطرُ على بال أحَدِنَا منذ أن ظهر وباءفيروس كورونا المُستجد، أنْ يكونَ لهذه الجائحة فوائدُ وإيجابيات ملموسة أفادَت كوكب الأرض..فكيف حدث ذلك؟!...
تخليص الإبريز في تلخيص باريز: هو الكتاب الذي ألّفَهُ الشيخ "رفاعة رافع الطهطاوي"رائد التنوير في العصر الحديث كما يُلَقَّب، ويُمَثِّلُ هذا الكتاب علامة بارزة من علامات التاريخ الثقافي المصري والعربي الحديث.
الشيخ علي الجرجاوي(رحمه الله)قَامَ برحلةٍ إلى اليابان العام 1906م لحُضُورِ مؤتمر الأديان بطوكيو، الذي دعا إليه الإمبراطور الياباني عُلَمَاءَ الأديان لعرض عقائد دينهم على الشعب الياباني،وقد أنفق على رحلته الشَّاقَّةِ من مَالِهِ الخاص، وكان رُكُوبُ البحر وسيلته؛ مِمَّا أتَاحَ لَهُ مُشَاهَدَةَ العَدِيدِ مِنَ المُدُنِ السَّاحِلِيَّةِ في أنحاء العالم، ويُعَدُّ أوَّلَ دَاعِيَةٍ للإسلام في بلاد اليابان في العصر الحديث.
موضوع: هلال رمضان بين الحساب الفلكي والرؤية الثلاثاء 24 مايو 2011, 10:36 pm
هلال رمضان بين الحساب الفلكي والرؤية
محمد شوكت عودة
قال تعالى: { يَسْأَلُونَكَ عَنِالأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ } [البقرة:189]، وقال صلى الله عليه وسلم: « لا تصوموا حتى تروا الهلال، ولاتفطروا حتى تروه؛ فإن غُمَّ عليكم فاقدروا له » رواه البخاري، ومسلم بلفظ "أغمي".
يختلف المسلمون كل سنة في تحديد بداية ونهاية شهري رمضان وشوال، وقديصل الاختلاف إلى أربعة أيام أحيانًا، فتعلن دول بداية الشهر الهجري بناء علىالحسابات الفلكية، وتعلن أخرى بداية الشهر في يوم ثانٍ بناء على رؤية الهلال، وفينفس الوقت تعلن دول أخرى بداية الشهر الهجري في يوم ثالث بناء على رؤية الهلالأيضاً. فما سبب كل هذا الاختلاف؟ وما حقيقته؟
رؤية الهلال بين الممكنوالمستحيل القمر لا يشرق دائماً ليلاً ويغرب نهاراً كما يعتقدالكثيرون! يدور القمر حول الأرض مرة واحدة كل 29.5 يوماً تقريباً كمتوسط، وأثناءدورانه هذا نراه بأطوار مختلفة: مبتدئًا بالمحاق، ومروراً بالهلال المتزايد، ثمالتربيع الأول والأحدب المتزايد، ثم البدر والأحدب المتناقص، ثم التربيع الثاني، ثمالهلال المتناقص، وعودة مرة أخرى إلى المحاق.
وفي كل يوم تشرق الشمس من جهةالشرق صباحاً، وتغرب في جهة الغرب بعد حوالي 12 ساعة تقريباً، وكما أن الشمس تشرقوتغرب فالقمر أيضاً يشرق ويغرب، ولكنه لا يشرق دائماً ليلاً ويغرب نهاراً كما يعتقدالكثيرون! فالقمر يشرق كل يوم في موعد يعتمد على طوره؛ فعندما يكون القمر محاقاًفإنه يشرق مع الشمس ويغيب معها تقريباً. وعندما يكون تربيعاً أولاً فإنه يشرق عندمنتصف النهار ويغيب عند منتصف الليل تقريباً. أما عندما يكون بدراً فإنه يشرق معغروب الشمس ويغرب مع شروق الشمس. وعندما يكون هلالاً جديداً (متزايداً) فإنه يشرقبعد شروق الشمس بقليل ويغرب بعد غروب الشمس بقليل. ولرؤية هلال الشهر الجديد فيالسماء الغربية فإننا نقوم بتحرّي الهلال في اليوم التاسع والعشرين من الشهرالهجري.
ولا بد من توفر شرطين أساسيين تستحيل رؤية الهلال بغيابأحدهما: أولاً: أن يكون القمر قد وصل مرحلة المحاق (الاقتران) قبل غروب الشمس؛لأننا نبحث عن الهلال، و هو -أي الهلال- مرحلة تلي المحاق، فإن لم يكن القمر قد وصلمرحلة المحاق فلا جدوى إذن من البحث عن الهلال. ثانياً: أن يغرب القمر بعد غروبالشمس؛ لأن تحري الهلال يبدأ فور بداية اليوم الهجري الجديد عند غروب الشمس، فإذاكان القمر سيغيب أصلاً قبل غروب الشمس أو معها؛ فهذا يعني أنه لا يوجد هلال فيالسماء نبحث عنه بعد الغروب.
فإذا لم يتوفر أحد الشرطين السابقين؛ فإنإمكانية رؤية الهلال تسمى "مستحيلة". ولكن حدوث الاقتران قبل غروب الشمس وغروبالقمر بعد غروب الشمس غير كافٍ حتى تصبح رؤية الهلال ممكنة؛ فهل يمكن رؤية الهلالإذا غرب بعد دقائق معدودة من غروب الشمس مثلا؟ بالطبع لا، وذلك لأسباب عدة،منها: أولاً: غروب القمر بعد فترة وجيزة جدا من غروب الشمس يعني أنه ما زالقريباً من قرص الشمس، وأن طور المحاق (الاقتران) قد حدث قبل فترة قصيرة من غروبالشمس؛ فعند الغروب لم يكن القمر قد ابتعد ظاهريا في السماء مسافة كافية عن الشمسحتى تبدأ حافته بعكس ضوء الشمس ليرى على شكل الهلال.
ثانياً: إذا نظرنا إلىجهة الغرب لحظة الغروب فسنلاحظ الوهج الشديد للغسق قرب المنطقة التي غربت عندهاالشمس؛ فإذا ما وقع القمر في تلك المنطقة فإن إضاءة الغسق الشديدة ستحجب إضاءةالهلال النحيل.
ثالثاً: إن وقوع قرص القمر قرب قرص الشمس وقت الغروب يعني أنالقمر قريب جدًّا من الأفق وقت رصده، ووقوع القمر قرب الأفق سيؤدي إلى خفوت إضاءتهبشكل كبير جدًّا؛ فنحن لا نستطيع النظر إلى الشمس وقت الظهيرة، في حين أنه يمكنالنظر إليها وقت الغروب بارتياح أحياناً؛ وذلك لأن أشعة الشمس وقت الغروب تسيرمسافة أكبر في الغلاف الجوي؛ مما يؤدي إلى توهين وتشتّت أشعتها، ولا يصلنا منها إلاالقليل. وهذا ما يحدث للهلال أيضاً فالغلاف الجوي عند الأفق كفيلٌ بأن يشتت جميعإضاءة الهلال فلا نعود نراه.
نستنتج مما سبق أن قرص القمر يجب أن يكون علىارتفاع مناسب عن الأفق الغربي، وأن يبتعد مسافة كافية عن قرص الشمس حتى تزداد نسبةإضاءته، ولكي يبتعد عن وهج الشمس وبالتالي يزداد سطوعه.
وإذا حدث الاقترانقبل غروب الشمس وغرب القمر بعد غروب الشمس، ولكنه لا يمكن رؤية الهلال لأحد الأسبابالثلاثة سالفة الذكر؛ فإن رؤية الهلال تسمى "غير ممكنة".
اختلاف الدولالإسلامية.. وأسبابه وتختلف الدول الإسلامية في تحديد بدايات الأشهر الهجريةللأسباب التالية: 1 - تدعو بعض الدول الإسلامية المواطنين لتحري الهلال؛ فإذاجاء من يشهد برؤية الهلال قبلت شهادته حتى لو دلت الحسابات الفلكية على أن رؤيةالهلال مستحيلة أو غير ممكنة؛ وهو ما يحصل حاليّاً في العديد من الدولالإسلامية. 2 - في دول إسلامية أخرى ترد شهادة الشاهد إذا كانت رؤية الهلالمستحيلة ولكنها تقبلها حتى لو كانت غير ممكنة، ومثال ذلك المملكة العربية السعوديةابتداء من عام 1419 هـ. 3 - وهناك دول إسلامية لا تعتمد رؤية الهلال أصلاً؛ بلتعتمد شروطاً فلكية معينة. ومثال ذلك ليبيا التي تعلن رسمياً أنها لا تعتمد رؤيةالهلال؛ بل يبدأ الشهر الهجري في ليبيا إذا حدث الاقتران قبل الفجر. 4 - للأسف.. إن معظم الدول الإسلامية لا تتحرى الهلال على مستوى رسمي؛ بل تكتفي بدعوة المواطنينللتحري! فالدولة العربية الوحيدة التي تتحرى الهلال كل شهر (وليس فقط رمضان وشوال) بشكل رسمي وتعلن نتائج التحري رسمياً وبشكل فوري عبر وسائل الإعلام هي المملكةالمغربية؛ فهي تتحرى الهلال من حوالي 270 موقعاً موزّعاً على مختلف أنحاء المملكةالمغربية، وتشارك القوات المسلحة بعملية التحري أيضاً، وحسب اعتقادنا فإن المملكةالمغربية هي أفضل دولة عربية في تحديد بدايات الأشهر الهجرية، وكذلك فإن نظامالتحري في سلطنة عمان مشابه لذلك، ولكن يبقى النظام المغربي هو الأفضل.
وفيالمقابل فإن معظم الدول الإسلامية تدعو المواطنين لتحري الهلال، وتقبل شهادة أيمواطن برؤية الهلال، مع العلم أن هذا الشاهد قد لا يكون على علم بوقت ومكان الهلالولا حتى بشكله، فإذا ما شاهد أي جرم في السماء اعتقده الهلال. فعلى سبيل المثال صامملايين المسلمين في السعودية عام 1984م 28 يوما فقط؛ لأن أحد الشهود رأى كوكبيعطارد والزهرة فاعتقدهما الهلال! إن تحري الهلال بشكل جماعي قد يكون ضرورة لامفر منها؛ فهو الطريقة الأمثل لتأكد الشاهد بأن ما يراه هو الهلال وليس شيئاآخر.
5- تأخذ بعض الدول الإسلامية بمبدأ اتحاد المطالع؛ فإذا علمت أن إحدىالدول قد أعلنت ثبوت رؤية الهلال فإنها تتبعها فوراً حتى دون التأكد من صحة رؤيةالهلال، ومثال ذلك الأردن.
وفي المقابل فإن بعض الدول الإسلامية تأخذباختلاف المطالع، ولا تقبل رؤية الهلال إلا من داخل أراضيها، ومثال ذلك السعودية؛فعند تحديد بداية شهر رمضان المبارك لعام 1420هـ أعلنت اليمن ثبوت رؤية الهلال يوم 07-12-1999م، وعليه كان يوم 08-12-1999م أول أيام شهر رمضان في اليمن. وقد ذكرالبيان الرسمي اليمني أسماء ووظائف الأشخاص الذين شهدوا برؤية الهلال، وكان منبينهم أئمة مساجد، إلا أن السعودية أهملت بيان ثبوت رؤية الهلال من جارتها اليمن،وبدأت الصيام يوم 09-12-1999م.
ومثال ذلك أيضاً ما حدث في تحديد بداية شهررمضان المبارك لعام 1424هـ؛ حيث أعلنت كل من اليمن والأردن وفلسطين ومصر ثبوت رؤيةالهلال يوم 25-10-2003م، وعليه بدأت هذه الدول صيامها يوم 26-10-2003م، إلا أنالسعودية أهملت جميع هذه البيانات الرسمية، وبدأت صيامها يوم 27-10-2003م.
التصورات الفقهية ما سلف ذكره هو بعض من الأسبابالرئيسة التي تؤدي إلى اختلاف الدول الإسلامية في تحديد بدايات الأشهر الهجرية،ويعزى بعض هذه الأسباب إلى الاختلافات الفقهية لكل جهة؛ ففي كل عام يتكرر السؤالنفسه وهو: "هل نتبع الحسابات الفلكية أم رؤية الهلال؟". وقد نوقشت هذه المسألة منقبل العديد من الفقهاء وعلماء الفلك، ولكنها في أغلب الأحيان لم تناقَش بشكل واضحيبرز للقارئ بعض الحقائق الفلكية أو الفقهية المتعلقة برؤية الهلال. فقد رأى بعضالفقهاء جواز الاعتماد على الحسابات الفلكية، ولكن كان لكل فقيه تصور معين لهذاالجواز، ونلخص ذلك بالآتي:
1 - أجاز بعض الفقهاء اعتماد الحساب الفلكي فيالنفي فقط؛ بمعنى أنه إذا جاء من يشهد برؤية الهلال، ودلت الحسابات الفلكية على أنرؤية الهلال مستحيلة أو غير ممكنة؛ فإن هذه الشهادة ترد. ومن أشهر القائلين بهذاالرأي تقي الدين السبكي وهو من كبار الفقهاء الشافعية في النصف الأول من القرنالثامن الهجري؛ فقد ذكر السبكي في فتاواه أن الحساب إذا نفى إمكانية الرؤيةالبصرية؛ فالواجب على القاضي أن يرد شهادة الشهود، قال: "لأن الحساب قطعي والشهادةوالخبر ظنيان، والظني لا يعارض القطعي، فضلاً عن أن يُقَدم عليه". وذكر أن منشأن القاضي أن ينظر في شهادة الشاهد عنده، في أي قضـية من القضــايا؛ فإن رأى الحـسأو العـيان يكذبها ردهـا ولا كـرامة.
قال: "والبينـة شـرطها أن يكون ما شهدتبه ممكنا حسًا وعقلا وشرعًا، فإذا فرض دلالة الحساب قطعًا على عدم الإمكان اسـتحالالقول شرعًا، لاسـتحالة المشــهود به، والشرع لا يأتي بالمســتحيلات. أما شهادةالشهود فتحمل على الوهم أو الغلط أو الكذب" (موقع إسلام أون لاين 2004)، وممن قالبهذا الرأي من المتأخرين محمد مصطفى المراغي شيخ الأزهر، والشيخ علي الطنطاوي (القضاة 1999)، والشيخ عبد الله بن منيع. ومن القائلين بهذا الرأي أيضا شيخ الإسلامابن تيمية وتلميذه ابن القيم والقرافي وابن رشد (منيع 2004).
2 - أجاز بعضالفقهاء اعتماد الحساب الفلكي في النفي والإثبات؛ فقد زاد مؤيدوا هذا الرأي عنأصحاب الرأي السابق أنه إذا دلت الحسابات الفلكية على وجود القمر بعد غروب الشمسبوضع يسمح برؤيته كهلال؛ فإنه يؤخذ بالحسابات الفلكية، ويكون اليوم التالي أول أيامالشهر الهجري دون اشتراط رؤيته بالعين المجردة. ومن أشهر القائلين بهذا الرأيقديماً مُطرِّف بن عبد الله من كبار التابعين، وأبو العباس بن سريج من كبارالشافعية في القرن الثالث الهجري، وابن قتيبة الدينوري. ومن أشهر من قال به فيعصرنا الشيخ أحمد شاكر، والشيخ مصطفى الزرقا، والدكتور يوسف القرضاوي (القضاة 1999.(
3- الفريق الآخر من الفقهاء لم يُجز استخدام الحساب الفلكي لا فيالنفي ولا في الإثبات؛ فإذا ما جاء من يشهد برؤية الهلال قبلت شهادته، حتى إذا وجدتحسابات فلكية تدل على أن القمر لم يكن موجوداً في السماء في ذلك الوقت. ومنالقائلين بهذا الرأي الشيخ ابن باز، وقد يكون ذلك لاعتقاد أصحاب هذا الرأي أنالحسابات الفلكية غير دقيقة أو غير قطعية، كما انهم اعتمدوا في مذهبهم على الحديثالشريف « صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته », ومن الأقدمينقال باعتماد الرؤيا شيخ الإسلام ابن تيمية.
إن بعض الفلكيين يقومون بإجراءالحسابات الفلكية؛ فإذا ما وجدوا أن القمر يغيب بعد الشمس ولو بدقيقة، وأن الاقتران)المحاق) قد حدث قبل غروب الشمس ولو بدقيقة اعتبروا اليوم التالي أول أيام الشهرالهجري الجديد. واحتجوا بذلك بقول الفقهاء الذين أجازوا استخدام الحساب الفلكي فيالإثبات والنفي، ولكن في الحقيقية إن هذا الاحتجاج لا يصلح أبداً؛ لأن الفقهاءالذين أجازوا استخدام الحسابات الفلكية للإثبات أجازوها عندما تدل الحسابات الفلكيةعلى أن القمر قد أصبح في طور الهلال، وليس والقمر في طور المحاق! فحدوث الاقتران (المحاق أو ما يسميه البعض تولد الهلال) لا يعني أن القمر قد أصبح في طور الهلال! بل على العكس تماما فالاقتران (المحاق أو تولد الهلال) هو وصول القمر لذروة طورالمحاق! ويحتاج القمر إلى 12-18 ساعة تقريبا بعد الاقتران (المحاق أو تولد الهلال) لينتقل من طور المحاق إلى الهلال.
ففي الحقيقة لا يوجد أي فقيه أجاز بدءالشهر الهجري بمجرد حدوث الاقتران؛ لأن ربط بداية الشهر الهجري بحدوث الاقتران هوربط لمواقيت المسلمين بطور المحاق وليس الهلال! إلا أن الآية الكريمة قد صرحت بوضوحأن مواقيت المسلمين مرتبطة بالهلال وليس المحاق؛ فقال تعالى: { يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ } [البقرة 189].
هل نتبع الحساب أم الرؤية؟ مما سبقنستنتج أنه لا يمكن الإجابة على سؤال "هل نتبع الحسابات الفلكية أم رؤية الهلال؟" دون تحديد المقصود بالحسابات الفلكية والمقصود برؤية الهلال. فهل المقصود باتباعرؤية الهلال هو قبول شهادة أي شاهد برؤية الهلال حتى لو توفر العلم اليقيني الذييفيد خطأ هذه الشهادة؟ أو حتى قبولها في اليوم الثامن والعشرين من الشهر الهجري كماحدث في السعودية عام 1984م؟
يلاحظ المتمعن بهذا الرأي أنه في معظم الأحيانسيخالف حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: « لا تصوموا حتىتروا الهلال، ولا تفطروا حتى تروه؛ فإن غُمّ عليكم فاقدروا له »؛ وذلك لأنهسيصوم ويفطر بناء على قول شخص إنه رأى الهلال مع وجود دليل قطعي يفيد أن الهلال لميكن موجوداً في السماء وقت ادعاء ذلك الشخص رؤيته! وعليه فقد صام المسلمون أوأفطروا بناء على رؤية كوكب الزهرة مثلا أو أي جرم سماوي أو غير سماوي آخر توهمهالشاهد على أنه الهلال!
وفي المقابل ماذا نقصد باعتماد الحسابات الفلكية؟فبعض الفلكيين بالغوا بهذا الجانب لدرجة مطالبتهم ببدء الشهر بمجرد حدوث الاقتران(المحاق أو تولد الهلال) قبل غروب الشمس، وهذه مخالفة واضحة لأمر الله عز وجل الذيربط مواقيت المسلمين بالهلال وليس بالمحاق (الاقتران أو تولد الهلال).
ومنهنا يبرز جليّاً أن التوفيق بين الرؤية والحسابات الفلكية ضرورة لا مفر منها؛ فكيفنقبل شهادة شخص برؤية الهلال ونحن نعلم أن القمر قد غاب قبل الشمس؟ وفي المقابل كيفنبدأ الشهر ولم يُر الهلال من أي منطقة في العالم الإسلامي كما يحدث في معظمالأحيان؟! ونحن نرى أن الاقتراحين التاليين قد يكون لهما الأثر الواضح في معالجةمشكلة تحديد بدايات الأشهر الهجرية في العالم الإسلامي:
1 - أن تكون عمليةتحرّي الهلال عملية رسمية جماعية كما يحدث في المملكة المغربية؛ فتعين الدولة مناطقمختلفة تصلح لتحري الهلال، وتدعو المواطنين الراغبين بتحري الهلال بالتوجه لهذهالمناطق، على أن يوجد في كل منطقة شخص ذو دراية بتحرّي الأهلة.
ففي هذه الحالة منالمستحيل أن يتوهّم جميع الأشخاص الموجودين في مكان التحري رؤية الهلال، خاصة معوجود شخص ذي دراية بتحرّي الأهلة.
ومن الجدير بالذكر أن تحري الهلال فيجمهورية جنوب أفريقيا يتم بشكل جماعي يشارك به ما يقارب 3000 شخص؛ ولذلك نجد أنه منشبه المستحيل أن يبدأ المسلمون في جنوب أفريقيا أشهرهم الهجرية بشكل خاطئ!
2 - في حالة شهادة أشخاص فرادى برؤية الهلال؛ فإنه يفترض توجيه بعض الأسئلة للشاهدللتأكد من أنه رأى الهلال وليس أي شيء آخر! كأن يسأل عن وقت ومكان رؤية الهلال،واتجاه فتحته، وارتفاعه عن الأفق، وكيف تحرك هذا الهلال أثناء مراقبته.. إنها أسئلةبسيطة ولكنها بالتأكيد ستنقح معظم الشهادات المغلوطة برؤية الهلال!
قد يكونمن غير المنطقي أن توجه هذه الأسئلة لشاهد برؤية الهلال وقت الرسول صلى الله عليهوسلم؛ وذلك لعدم دراية المسلمين في ذلك الوقت بالعلوم المتعلقة برؤية الهلال، أمَاوقد أصبح علم الفلك الآن منتشراً ويقينياً؛ فما المانع إذن من الاستئناس به، إذاكان هذا الاستئناس سيحقق قول الرسول صلى الله عليه وسلم: « لاتصوموا حتى تروا الهلال، ولا تفطروا حتى تروه؛ فإن غُم عليكم فاقدروا له؟