الأسباب الحقيقة وراء انضمام الأردن إلى مجلس التعاون الخليجي
بقلم محمد سليمان الخوالده
____________________
لا يمكن تفسير ترحيب مجلس التعاون الخليجي بانضمام الأردن لمجلس التعاون كعضو في مجلس التعاون بمنأى عن قراءة المشهد العام للأحداث الجارية على الساحة العربية وأثرها في صياغة الشرق الأوسط الجديد والتي تهدف إلى تامين أمن دولة اسرائيل.
إن مخطط الشرق الأوسط الجديد بدأ فعليا باحتلال العراق وافغانستان وتقسيم السودان وقارب هذا المخطط ان يصل مراحله المتقدمة بعد الثورات والاحتجاجات الشعبية العربية التي اطاحت بانظمة عربية مثل مصر الشقيقة الكبرى وخلقت حالة فوضى وعنف في دول عربية اخرى ادت الى تغيير في خارطة التحالفات العربية لتعطي اولى نتائجها بتحقيق مصالحة بين السلطة وحماس كانت مفاجئة لدى البعض بتوقيتها وسرعتها، تمهيدا لانتزاع الاعتراف بالدولة الفلسطينية من خلال الجمعية العامة للامم المتحدة في ديسمبر هذا العام، دولة فلسطينية مستقلة بلا عودة للاجئين، وهذه الدولة الغير قابلة للحياة يجب ان تشكل مع الأردن لاحقا دولة واحدة لتكون وطنا بديلا للفلسطينيين ولأن الأردن لوحده غير قادر على استيعاب هذا الحدث خصوصا في ظل ظروف اقتصادية صعبة يعيشها الاردن ومديونية ضخمة سببها فساد عظيم وعلى اعلى المستويات ربما تكون مصطنعة لخلق مثل هذا المناخ لقبول المخططات القادمة، فالحل اذن هو دخول الاردن الى منظومة مجلس التعاون الخليجي لرفع الحالة الإقتصادية في الاردن ليتم انعاشها اقتصاديا لتهيأتها لاستقبال اللاجئيين الفلسطينين ليتنازلوا عن حق العودة الذي بات حقيقة على ارض الواقع، بدلالة سعي اسرائيل الدائم لتفريغ فلسطين من اهلها من خلال جملة من القرارات كان ما كشفت عنه صحيفة "هآرتس" الاسرائيلية الاسبوع الماضي من أن سلطات الاحتلال سلبت إقامات 140 ألف فلسطيني بادعاء تواجدهم خارج البلاد لمدة ثلاث سنوات ونصف.
ناهيك عن قيام الحكومة الاردنية بتخفيف القيود على من يريد استرجاع جنسيته الأردنية.
فدول الخليج مرغوبة للعمل والإقامة فيها من قبل الفلسطينيين وحتى الاردنيين أكثر من امريكا ودول اوروبا وذلك لوحدة الدين واللغة والعادات وغيرها وبذلك تتحقق رؤية الصهيونية بتوطين الفلسطينيين في مناطق بعيدة جغرافيا نوعا ما عن وطنهم الأصلي كي لا يتذكرونه، وهذا يصب في صالح بعض الدول الخليجية من حيث انها بحاجة ماسة للسكان فمثلا البحرين حاليا تتمنى ان تمنح الجنسية البحرينية لأي سني ايا كان مقابل تسوية أوضاعها السكانية سواء لاجئيين فلسطينيين او اردنيين (عسكريين متقاعدين) وطبعآ هناك فوائد اخرى لدول الخليج من انضمام الاردن والمملكة المغربية ايضا وهي تشكيل جبهة قوية من دول ذات انظمة ملكية مستقرة وتحصين أوضاعها الأمنية في مواجهة الثورات الداخلية المتوقعة.
اذن قضية انضمام الأردن لدول الخليج مرتبط بالمشروع السياسي القادم للدولة الفلسطينية وليس كما ذهب البعض في تفسيرهم لهذا القرار، فالإنضمام ليس لتكوين جبهة ضد ايران او انشاء حلف عسكري وذلك لأن القوات الأمريكية موجودة على ارض كل دول الخليج واساطليها ترسو في خليجها وتعرف مهامها تماما وهي التي تستطيع وحدها فقط ايقاف اطماع الدولة الايرانية، فلا يعقل تضخيم امكانيات الجيوش العربية في قدرتها على مواجهة ايران، اللهم الا فقط في المجال الامني والمخابراتي وهو متحقق فعلا على ارض الواقع دون الحاجة للانضمام للمجلس.
ولهذه الاسباب رحبت دول الخليج بانضمام الاردن الى منظومة لتظفر بأمنها واستقرار انظمتها الملكية وتخمد بركان الشعوب الثائرة.
حقيقة هذا السيناريو سوف يكون في صالح الشعوب العربية من خلال توحيد جهودها في بداية تحقيق الوحدة لتحقيق نبوءة رسول الله صلى الله عليه وسلم بانتهاء الدولة الصهيونية المارقة (..تقاتلونهم انتم شرقي النهر وهم غربيه..)، وقال الله سبحانه وتعالى في محكم كتابه: (وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ ) صدق الله العظيم.