أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52561 العمر : 72
| موضوع: الحلققة (24) من مدرسة الحياة الجمعة 13 مايو 2011, 5:30 am | |
| الدرس الرابع والعشرون تحدثنا في المرة الماضية عن اليقظة وعن المراتب الأربعة التي أولها اليقظة التي لا يستقيم سير عبدٍ إلا بعد ضبط معناها وتصورها . فاليقظة: (هي القومة لله – عز وجل- من سنة الغفلة ، والنهوض من ورطة الفترة ، ويستعان على ذلك بلحظ القلب إلى النعمة لاستدامة الشكر لله- تبارك وتعالى- ، مع ملاحظة الجناية ، ومحاولة التخلص منها ).أي يعبد الله- تبارك وتعالى- بين الخوف والرجاء ، فهذه القومة التي قامها أهل الكهف هي قومة اليقظة التي نتكلم عنها الآن ، هي قومة القلب من سنة الغفلة ، ونهوضه من ورطة الفترة ، قال تعالى:﴿ وَرَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ إِذْ قَامُوا فَقَالُوا رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ لَنْ نَدْعُوَ مِنْ دُونِهِ إِلَهًا لَقَدْ قُلْنَا إِذًا شَطَطًا ﴾(الكهف:14) .أهل الترف أضعف الناس قلوبًا لذلك لا تجدهم أتباع الأنبياء ، إنما أتباع الأنبياء دائمًا هم الضعفاء والفقراء,.ذكرنا أن هؤلاء الفتيان كانوا أبناء الملوك وأبناء الطبقة المترفة ، وعادة أهل الطبقة المترفة أنهم لا يصبرون على الأذى ، لاسيما إذا مسَّ النعيم الذي يعيشون فيه ، ولذلك تجد أضعف الناس قلوبًا عادة هم أهل الترف ، لا يتحملون البلاء لاسيما إذا كان في الله ، ممكن يبتلى في معاشه وينهض المصنع يحترق ممكن يؤسس المصنع مرة أخرى ويجد وينشط ، لماذا ؟ لأن له ثمرة عاجلة هو يستمتع بها ، أما البلاء في الله فثمرته الجنة ، والجنة غير موجودة وغير محسوسة .ولأجل هذا تجد أهل الترف عادة أضعف الناس قلوبًا ، وأنا لا أعمم أن أهل الترف جميعًا هم أضعف الناس قلوبًا ، لا ، ولا أقول أن أهل البلاء ، أو أن الناس الذين ليس لهم في الدنيا حظ قلوبهم كالحديد لا أيضًا ، أنا لا أعمم ، لا أجعل المسألة كلية لا في هذا الطرف ، ولا في ذلك الطرف ، ولكن العادة أن أهل الترف أضعف الناس قلوبًا لذلك لا تجدهم أتباع الأنبياء ، إنما أتباع الأنبياء دائمًا هم الضعفاء والفقراء .كما في حديث أبي سفيان في الصحيحين عندما لقي أبو سفيان هرقل في المدة التي مادها رسول الله- صلي الله عليه وسلم- كفار قريش ، فدخل أبو سفيان غزة تاجرًا ، فهرقل أرسل في طلب رجل قريب النسب من النبي- صلي الله عليه وسلم- ليسأله عنه ، فدارت بينهما أسئلة عشرة سألها هرقل كان من هذه الأسئلة . قال له: أأشراف الناس اتبعوه أم ضعفائهم ؟ قال: بل ضعفائهم ، قال: يزيدون أم ينقصون ؟ ، قال: بل يزيدون ، قال: هل يرتد أحد منهم سخطةً لدينه بعد أن يدخل فيه ؟ ، قال: لا ، أجاب هرقل عن كلام أبي سفيان بقوله عندما سأله أأشراف الناس اتبعوه أم ضعفائهم ؟ قال: بل ضعفائهم ، قال: وهم أتباع الأنبياء ، وهم المتهمون دائمًا بأنهم أهل الجهالة والتفاهة . يَسْرُدُ الْشَّيْخِ حَفِظَهُ الْلَّهُ قِصَّةَ دَارَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَجُلٍ عَنْ الالْتِزَامِ وَالَّلِّحْيَة:ِكان قديمًا منذ خمسة وعشرون سنة دار بيني وبين رجل حوارًا عن مسألة الالتزام واللحية وغير ذلك ، قال لي: لا يوجد أحد فيكم محترم ، هو ماذا يقصد بكلمة محترم ؟ أي له منصب في الدنيا يكون رئيس مؤسسة ، أو يكون مدير ، كل الذين كانوا ملتزمين آنذاك هم شباب الجامعة الذين بدءوا في التطلع إلي السنة ، ويعملوا بالسنة وأغلبهم من الأرياف وفقراء وعلي ما يرسل له أبوه مصروفه يكون قد تعب فقراء كلهم .فهذا هو نظرتهم حتى عندما قال قوم نوح لنوح:﴿ وَمَا نَرَاكَ اتَّبَعَكَ إِلا الَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا بَادِيَ الرَّأْيِ ﴾(هود:27) .بَادِيَ الرَّأْيِ : أي يقولون ما يبدوا لهم بغير تفكير عميق ، الذي يخطر علي باله يقوله ، وأهل العقل والنباهة لا يقولون ما يخطر علي بالهم أول مرة ، بل إذا أُلقيت عليهم المسألة يتأملها أولًا ، وهؤلاء أهل العقل يتأملها أولًا ثم ينظر الخير في الكلام أم في السكوت ؟ فإن رأي الخيرً في الكلام تكلم ، وإن رأي الخير في السكوت سكت ، لأجل هذا كانت العرب تقول: لسان العاقل من وراء قلبه ، ولسان الأحمق من أمام قلبه . أما العاقل فلسانه من وراء قلبه ، فلابد أن يتدبر قلبه المسألة ثم ينطق اللسان لأن منزلته متأخرة عن القلب ، أما الأحمق فقبل أن تصل المسألة إلي القلب فيتدبرها وينظر هل الخير في الكلام أم السكوت ؟ ينطق اللسان علي الفور ، فأتباع الأنبياء دائمًا هم الفقراء : قال: يزيدون أم ينقصون ؟ قال: بل يزيدون وهذا هو العجب ، لأن الطريق عندما يكون كله ابتلاءات يجعل المرء ينصرف ، ويقول: إلي متى سأكون في هذا البلاء ؟ لا ، البلاء هو الذي ثبته وهذه من العجائب ، والمفترض أن يفر طالما أن المسألة فيها عذاب ، وفيها ضرب ، وتعليق ، ، وغير ذلك يهرب بجلده ، ما الذي سيفيده من هذه المسألة ؟ . فكان المتصور أنه مع شدة البلاء أن ينصرف أتباع هذا الطريق لا ، لا ينصرفون ، لأنه ما الذي سينصرف عنه ؟ وما الذي سيبكي عليه ؟ وهو أصلًا فقير وينام على الأرض ، فما الذي خسره ؟ ، لم يخسر شيء وطلب الدنيا يضعف منة القلب ، يكون الواحد دائمًا خائف ، أصحاب الأموال يخاف علي ماله ماسك العصا دائمًا من النصف ، لو وجد أن صحبة الأخيار تضر بماله يبتعد عنهم ألف ميل ، ولا يمكن أن يقترب أبدًا . ممكن أن يكون رجل خير يتصدق ، وينفق من بعيد لبعيد ويفعل كم واسطة لكي يتوه نفسه من الموضوع ، لا يكون لو هذا أتمسك . من أين أتيت ؟ يقول من فلان علي الفور ، لا من فلان وفلان والواسطة لا أعرف أين ذهب فيطيل في الطريق علي ما يوصل الخير لأنه يريد أن يوصل خير ، لأنه خائف علي الدنيا التي جمعها مع أنه قد يكون رجلًا فاضلًا مثل ما نقول ، من أهل الصلاة وغير ذلك لكن رأس المال جبان كما يقولون . لكن الناس الفقراء علي أي شيء يخافون ؟ فيكون قلبه مثل الحديد ، يدخل الفتنة يخرج منها مثل الحديد أيضًا ، لا تجده تعب ولا غير ذلك ولا يخرج مفرط ، لكن حكم السجن مؤذي ، يكون نفسه يخرج ويدعو الله أن يخرج ومتأذي تمام الأذى ، لكن أول ما يخرج لا يمكن يفرط ، فهؤلاء أبناء الملوك هذه كانت ظاهرة الحقيقة . ولذلك عندما أنت تتأمل:﴿ وَرَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ إِذْ قَامُوا فَقَالُوا ﴾ ، فقبل أن يقول لابد أن يقوم الأول ، فكيف هذا يقول والقومة هي اليقظة ، قومهم جميعًا كفره ، كيف تنبه هؤلاء إلي التوحيد ؟ العقل السليم هؤلاء يسجدوا لصنم ، فأنا أحسن من الحجر أنا مريدٌ وهو حجر ، أنا متكلم وهو أبكم ، أنا أري وهو لا يري ، أنا أسمع وهو لا يسمع ، من الذي يعبد من ، كامل الصفات يعبد المعدوم ، هذا كلام ممكن أي بني أدم يفكر تفكير بسيط يصل إلى هذه المسألة .كيف هؤلاء الأولاد الذين تربوا أولاد الملوك يستطيعون الوقوف في مقابل آبائهم ، وآبائهم أصحاب الشوكة ، وأصحاب النخوة وأصحاب القرار لا يستطيعون مواجهة هؤلاء إلا إذا قاموا ، فكيف يقومون ؟ قال: أول الآية . الَّذِيْ يُقِيْمُ الْعَبْدُ لِرَبِّهِ.:﴿ وَرَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ ﴾ ، هذا هو الذي قومه ، أن الله ربط على قلبه فأعطاه القوة فقام ، فإذا قام تكلم ، مثل أم موسى ابنها ألقت به في البحر وسيأخذه فرعون ، ومن شدة رعبها كما قال الله- عز وجل- ﴿ وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَى فَارِغًا ﴾(القصص:10) ، أي ليس في صدرها قلب من الرعب﴿ إِنْ كَادَتْ لَتُبْدِي بِهِ ﴾( القصص:10) . تريد أن تذهب إليهم إن الذي في هذا الصندوق ابني وأنا هربته من فرعون ستعترف على ابنها ، تقول: نعم ، لما يذبح أمامي وأدفنه أستريح ، لكن أنا رميته في البحر ، وقلب الأم يقول أين ذهب ، يا ترى غرق ، يا ترى أخذوه وذبحوه ، يا ترى في صدر حنين ضمه ، لا الموت أهون من هذه الهواجس الذي تأكل قلبها﴿ إِنْ كَادَتْ لَتُبْدِي بِهِ ﴾ ، تقول هذا ابني:﴿ لَوْلَا أَنْ رَبَطْنَا عَلَى قَلْبِهَا لِتَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ﴾(القصص:10) . فهذا الرباط هو الذي أقامها ، فهؤلاء مع كونهم أبناء الطبقة المترفة الذي أقامهم وجعلهم في منزلة اليقظة أن الله- عز وجل- ربط على قلوبهم:﴿ إِذْ قَامُوا فَقَالُوا ﴾ ما لا يمكن تحمله في هذه المملكة﴿ إِذْ قَامُوا فَقَالُوا رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ لَنْ نَدْعُوَ مِنْ دُونِهِ إِلَهًا لَقَدْ قُلْنَا إِذًا شَطَطًا * هَؤُلاءِ قَوْمُنَا اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً لَوْلا يَأْتُونَ عَلَيْهِمْ بِسُلْطَانٍ بَيِّنٍ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا ﴾(الكهف:15،14) بعض المفسرين قالوا أن هذه كانت مناظرة بين هؤلاء الفتيان وقومهم ، وليس بين الفتيان وبعضهم ، لأنهم لما﴿ قَامُوا فَقَالُوا رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ ﴾ ، قاتلوها لأقوامهم ، لآبائهم ولذلك طلبوهم فقالوا: أمهلونا ، وفي هذه المهلة هربوا ، وكان من رحمة الله بهم أن أقوامهم أعطوهم فرصة للتفكير ، فهربوا ودخلوا الكهف وكانت القصة التي تعرفون .فهم استدلوا بدلالة العقل الصريح على بطلان آلهة أقوامهم ، القومة قومة القلب من سنة الغفلة والنهوض من ورطة الفترة. وَأَنْتَ تَسْتَعِيْنُ عَلَىَ هَذِهِ الْيَقَظَةِ بِمَاذَا ؟ قَالَ بِشَيْئَيْنِ:- الأول: هي لحظ القلب إلى النعمة النعمة التي تعيش فيها ولا تشعر بها دائمًا قلبك ينظر إليها ، اليوم المقابر صارت لا تؤثر في أحد إلا قليلاً ، ولم يعد أحد يزور المقابر ، يخرج من بيته ويقول أنا سأذهب إلى المقابر لألين قلبي ولو ذهب إلي المقابر يذهب بقلب بارد ، طال العهد بحبيبه الذي مات نسيهم فيدخل يقول الدعاء ثم يخرج ، والنبي- عليه الصلاة والسلام- لما قال:" فزروها فإنها تذكر بالآخرة "، أي لأصحاب القلوب الحية .يرجع كأن أمله في الدنيا يتقلص ، كأنه عريض جدًا وواسع جدًا ، وكان يريد أن يعمل ويفعل ، أمله تقلص ، واحد يقول معنى ذلك أن الواحد يترك الدنيا أقول له لا ، أراد أن يمدد أمله ، كان سيمدده على حساب أخيه ، كان يريد أن يأخذ قرض من البنك ، كان يريد أن يحضر بضاعة بالدين الكثير الذي يمكن أن يعجز عن سداده ، ما هو الأمل هكذا ، فقال: لا أنا أمشى على قدري ، أنا الحمد لله الذي عندي يكفيني ، وأنا سأتوسع من نفسي من رأس مالي ، لو خسرت أكون خسرت رأس مالي ، ولا أعمل بأموال الناس ، فيقوم يقلص أمله ويرجع أقرب إلى الآخرة .بينه وبين أخيه خصومة يرجع ويقول الله يسامحه المقابر لم تعد تقوم بهذا الدور الآن ،. حَثَّ الْشَّيْخِ حَفِظَهُ الْلَّهُ بِزِيَارَةِ الْمُسْتَشْفَيَاتِ لتَرَقِيقِ قَلْبِهِ: أنا أريد أن أقول لك على حاجة الذي يقوم بهذا الدور المستشفيات اذهب إلى المستشفى وادخل عنبر الطوارئ ، تجد أحد كان في حادثة وحضر الآن ، واسمع ما هناك ، تسمع صراخ المتألمين حتى أن بعضهم يقول كلامً لا يجوز ,دخلت مرة إلى عنبر الطوارئ سمعت واحد يقول يارب رحمتك أين ذهبت من شدة الألم وهو يتلوى من شدة الألم ، أنت لما تنظر إلى نفسك وأنك معافى والحمد لله سليم ، في الوقت الذي ابتلي فيه من هو مثلك ، ومن هو أصغر منك ، مبتلى ببلاءاتٍ كثيرة ، وأنت لم تقم بالشكر ، بل قد تكون ممن يعصي الله بنعم الله ربنا- عز وجل- أعطاك سيارة وأنت تضع فيها الفنانين والمطربين وتمشي والديسكو يصم الآذان .والآباء الذين يتركون أولادهم يأخذون السيارات ويذهبون لمعاكسة البنات ويقومون بتشغيل الديسكو في الشوارع ، هل هذا هو شكر النعمة ؟ أنت لا ترضاها بينك وبين نفسك مع واحد آخر ، تشتري له جهاز تليفون ليسبك فيها ، أنت كإنسان لا ترضى بهذه العملية . فَإِذَا لَحْظِ الْقَلْبِ الْنِّعْمَةِ يَسْتَيْقِظَ :هذه النعمة مع جنايتي ، أنت لست سالك لا أنت ولا أنا سالكين ، لنا ذنوب ، ذنوب خفية لا أحد يعرفها ولنا ذنوب ظاهرة ، ومع ذلك الله حلم عنا ولم يعاجلنا بالعقوبة ، وأنا عندي جناية ، ليس معنى أننا أمشي ومستور وجيد أنني جيد ، لا ، المسألة ليس كذلك .أنا لما ألحظ الجناية وأحاول التخلص منها يعينني على ذلك استدامة الشكر بلحظ القلب حتى لا أخرج من مقام الشكر ، وهذا الذي يعمل اليقظة في القلب ، وهذا هو الذي حدث بالنسبة لأهل الكهف يقول بن الجوزي- رحمه الله تعالي-:(وفي التفسير: أن كل واحدٍ مِنهم أَلفَىَ في قلبهِ يَقظةً فَقالَ: لا بُدَ لِهَذا الخلقِ مِن خَالقٍ )أنظر كلام بن الجوزي أحيانًا ينجز ويأتي بعبارات يدخلها في بعضها لكن معناها جميل . يقول: ( فَاشتَدَ كَربَ بَوَاطِنِهِم مِن وقُودِ نَارِ الحَذَر .)لما حصل عنده يقظة نفسه لم تتركه ، والنفوس أنواع ، منها نفس حلف الله بها﴿ لا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ وَلا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ ﴾(القيامة:2،1) . أقسام النفس: الْنَفَسِ اللَّوَّامَةِ: نفس يقظة ، لا تترك صاحبها أبدًا ، يفعل الشيء لا تجعله ينام ، لماذا عملت ؟ ولماذا فعلت ؟ ، أليست هذه خيانة ؟ كيف ستلقى الله ؟ ولو أن الناس اكتشفوا أنك تلعب عليهم ، ويعتقدون أنك إنسان فاضل ومخبت وعملت لهم جميل ، أين ستذهب بوجهك ، كيف تستطعم الطعام ؟ كيف تضع جنبك وتريد أن تنام؟ ، هذه هي النفس اللوامة ، لا تدعه أبدًا أن يستريح .النفس اللوامة: نفس إنسان يقظ مريض ، فلما تستيقظ النفس اللوامة يشتد كرب الباطن خوفًا من الحذر ، والحذر الذي هو أن يقع به ما يحذر بسبب جريمته ، وهذا معنى كلام بن الجوزي . قال: (فخَرجُوا إلى الصَّحراء فاجتَمِعُوا عن غيرِ مَوعدٍ فَكُلَ واحدٍ يَسألُ الآخَر ما الذِي أخرَجَكَ ؟ فتَصَادقُوا .)التقوا على هدف واحد لما أسر بعضهم إلى بعض أنا ما خرجت وفارقت قومي إلا لأنهم يعبدون غير الله ، قال: وأنا كذلك ، والآخر أنا كذلك ، وأنا كذلك فتصادقوا ، فلشرف هذه النخبة تبعهم كلب نوه اله بذكرهم لأنه صاحبهم أنظر الإنسان الفاضل فضله يمتد إلى الكلب الذي صاحبه ، فكيف تتخلى عن صحبة الصالحين ؟ كيف لا تبحث عنهم ؟ ، وقص عليهم كلب ، ونحن إلى هذا اليوم نقول:﴿ وَكَلْبُهُمْ بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ بِالْوَصِيدِ﴾(الكهف:18) حتى اليوم وإلى يوم القيامة حيث يتلي هذا القران سيكون الكلب موجود لأنه صاحب هؤلاء الصالحين .يقول: ( وَمِن النَّاسِ مَن يَجعَلُ الخالقُ- سُبحَانَهُ وتَعَالَى- عِندَهُ لِذَلك السَّبب الَّذي هُو الفِكرُ والنَّظَرُ سببًا ظَاهرًا .)هو الأول جاء الاهتداء بغير سبب ظاهر ، كما قلنا في قصة الفضيل بن عياض لا يوجد سبب معين يقول لنا لماذا انفتح قلبه ، هو طالع لمعشوقته ، لمن يحبها فأول ما يسمع:﴿ أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نزلَ مِنَ الْحَقِّ ﴾(الحديد:16) يقول: آن يارب ويقف مكانه ولا يتحرك ، ما الذي فتح قلبه ، لا نعرف ، وليس هناك سبب ظاهر ، وهنا جاء بالسبب الظاهر . الْيَقَظَةِ نَوْعَيْنِ: سبب ليس ظاهر: وهذا تفضل من الله على العبد أن فتح قلبه أو فتح قفل قلبه للإيمان . قال: ( وَمِن النَّاسِ مَن يَجعَلُ الخالقُ- سُبحَانَهُ وتَعَالَى- عِندَهُ لِذَلك السَّبب الَّذي هُو الفِكرُ والنَّظَرُ سببًا ظَاهرًا ، إمَّا مِن مَوعِظَةٍ يَسمَعُها أو يَراهَا فَيُحَرِكَ هَذَا السَّببُ الظَّاهِر فِكرَةَ القَلبِ البَاطِنة .)تتذكرون العمارة التي وقعت في زلزال واحد وتسعين ، كان هناك واحد اسمه أكثم نجا وأكثم كان معه أمه وابنته ، وتحت الأنقاض ماتت أمه وهو ينظر ابنته تعطش كان يسقيها من بوله ، كل هذا تحت الأنقاض ولا يوجد أحد يقدر أن يأتي بهم ، أول ما خرج من تحت الأنقاض قال أنا سأعيش طول عمري خادم في المسجد ، ما هذا سبب ، سبب ظاهر ، رأى الموت بعينه قال أنا سأعيش خادم طل عمري في المسجد ، وهذا نوع من اليقظة حدثت بسبب ظاهر .عامل الأسانسير من حوالي أربعة أو خمسة سنين الذي جاءت أخبار اليوم بخبره طالع بحبله في الدور العاشر في الزمالك أو في الدقي وهو في الدور العاشر انقطع الحبل هو في الصباح ذهب إلى أمه وقبل يدها وقال لها أدعو لي يا أمي قالت له: اذهب يا بني ربنا ينجيك ، وقع من الدور العاشر واقف على رجله لم يخدش ، واقف على رجله فهذا سبب ظاهر ، مع إن الإنسان ممكن يقع من علي السرير يموت ، كلها أسباب .أنا فاكر زمان كنا في الفناء وكان أيام حصاد القمح أو الأرز ، وجاء حمار صغير يريد أن يأكل من هذا القمح ، وهذا المنظر أنا رأيته بعيني ، أخي أخذ حصاة حجمها حجم حصاة الفول وألقاها عليه نزلت في رأسه خر صريعًا جحش خر صريعًا ، ما حبة الفول هذه أو حصاة لما تنزل في رأس جحش وأنت تعرفون متانة رأس الجحش ، عظم رأسه متين ، لا تقول كيف أو لما أنا أريد أن أقول فيه أسباب ظاهره ، فيه إنسان تعلم العلم لموقف محرج ، فتعلم العلم لذلك ، فهذا سبب من الأسباب ، فقد يكون السبب الظاهر إما موعظة يسمعها ، قفل قلب مغلق سمع مئات المواعظ من نفس الشيخ ، واحد يجلس يسمعني ليل نهار .أحيانًا بعض الأخوة أنا ممكن أكون أكرر المعاني ، ويكون فيه معنى معين أكرره كثير ، أجد بعض الأخوة عند قطعة معينة ويقول والله أنت قلت معلومة اليوم ممتازة ، مع أن هذا يجلس لأمامي على طول ، فكان المفروض أن لا يشد على يدي لهذه المعلومة التي أقولها كثيرًا ويقول أنها سابقة ، قلبه انفتح الآن بسبب موعظة . وهناك حكاية أنا ذكرتها أكثر من مرة أحكيها مرة أخري ربما لا يكون أحدًا سمعها ، ربما تفتح قفل قلبها وهي قصة البنت التي ربما حكيت حكايتها في بعض القنوات الفضائية ، البنت التي كانت راقصة وكانت تمشي في شارع الهرم وكانت تذهب إلى الملهي الليلي لتأخذ نمرتها ، وكان فيه مسجد في شارع الهرم معروف وكان فيه أسبوع علمي للمرأة المسلمة آنذاك ، كل واحد من الشيوخ يتناول جانبًا من حياة المرأة المسلمة ، واحد يتناول الحجاب واحد يتناول الحياء ، واحد يتناول العفة ، واحد يتناول خدمة الزوج ، أي موضوعات كهذه على مدار أسبوع كامل .فيه بعض المحاضرين كان يحاضر وبعض الشيوخ يجلس تحت رجل هذا الشيخ يتلقى الأسئلة ، بحيث أنه يأخذ الأسئلة الخاصة بالمحاضرة ، والأسئلة خارج الموضوع يضعها جانبًا ، فجاءته ورقة مكتوب فيها أنا راقصة وأريد أن أتوب الموضوع كان غريب بالنسبة له ، ترك المكان وخرج على باب المسجد ووجد ابن ثمانية عشر ربيعًا تقريبًا ، قال لها أنت الذي أرسلت هذه الورقة قالت: نعم ، قال لها: هذا رقم هاتفي كلميني الساعة العاشرة ليلًا وكنا في الشتاء .كلمته الساعة العاشرة ليلًا وحكت الحكاية الآتية ، هي لها أختين وهي الكبيرة أبوها طلق أمها ، أبوها تزوج وأمها تزوجت ، ووجدوا أنفسهم الثلاثة في عرض الشارع ، فوجدت نفسها أنها الكبيرة فلابد أن تقوم بدور الأم ذهبت تبحث عن عمل لم تجد بدأت تعمل في البيوت ، تكنس وتمسح ، ولكي تأتي بالفلوس كانت تعمل في البيوت الراقية ، لأن الفلوس عندهم ليس لها حساب لما تذهب وتعمل عند واحد مثلنا وتكد من التعب بخمسة جنيه مثلًا ، لا هذا على الأقل يخرج من القليل الذي في جيبه مائتان ، ثلاثمائة جنيه ، فتقدر تعيش فبدأت ترى ما لا تتخيله من المعاكسات ، تذهب إلى البيت ، فاكرين عند بعض الناس اللئام لأنها خادمة عرضها رخيص ، فقيرة مسكينة لو رأت المائة جنيه تصاب بالسكتة القلبية ، لا أنا سأعطيك خمسمائة وتمشي في الحرام ، وهو يعتقد أنها ممكن توافق إذا أعطاها ألف ، ألفين ، أربعة ممكن توافق ، فلما رأت هذه المعاكسات الكثيرة ، تطلع من بيت إلى بيت آخر ، وعلى ما تذهب للبيت الثاني تغيب حوالي شهر بدون عمل ، حتى يدلها أحد على بيت وغير ذلك .ففي لحظة من لحظات الضعف والانهيار قالت لها واحدة ، أنت تدورين وتتعبي لما ، تعالي إلى أي ملهى ليلي ، هم جماعة من أهل الخمر وفلوس لا يعرفون عنها شيء ، ممكن يخرج وهو سكران رزمة من المال مليون يعطيه لك وتقضي بها بقية حياتك ، فذهبت معها لأنها لم يكن معها أموال آنذاك مطلقًا .وبالفعل ذهبت هناك ووجدت الفلوس نهر منهمر ، بدئوا يعلموها الرقص حتى أتقنت هذه المهنة ، وأنت تعرف لما ترقص يطلع أهل الخمر ، هذا يحتك بها وهذا يلقي جسده عليها ، وغير ذلك ، وهناك بعض الناس يأتي وهذا حدث مرة وها من العجائب ، واحد صنع عِقدًا من المال ، بدل أن يصنع عقد من الخرز ، أتي بورق المائة جنيه وأخذ يثقبها هكذا حتى عمل عقد من المئات ، كل رزمة مائة ورقة ، فممكن يضع له ستين سبعين ألف في هذا العقد ويذهب ويلبسه للراقصة لكي يعمل أي حاجة من الحاجات إياها التي تحدث في الملاهي هذه .وجدت الدنيا فلوس ، فلوس لكنها زهقت ، مر عليها وقت زهقت وكرهت نفسها ، ففي هذا اليوم خرجت وهي تقول: أذهب أو لا أذهب ، وهي تذهب إلى الملهي الليلي سمعت في ميكرفون المسجد ، وقبل أن تسمع الميكرفون ، وهي تمشي على الطريق ، المسجد هنا وهي تمشي على الطريق الآخر ، عطشت ، فنظرت فوجدت بعض أواني الفخار موجودة على عمود حديد أمام المسجد ، عبرت الشارع وذهبت لكي تشرب ، وهي تشرب استمعت إلى كلمة من المحاضر أنا لا أعرف هذه الكلمة في الحقيقة ، الشيخ لم يقولها لي ، سمعت كلمةً من المحاضر استقرت في قلبها فعزمت على التوبة في الحال ، وكتبت هذه الورقة أنا راقصةً وأرد أن أتوب .ممكن يكون فيه بعض الأخوات جاءوا قبل المحاضرة بساعة ومعهم جهاز التسجيل ، ومعهم شريطين ، ثلاثة وكل قليل تمرر الشريط للخلف والأمام استعدادًا للتسجيل ، وتخرج هذه المسكينة ما استفادت بحرف من المحاضرة والتي استفادت وغيرت حياتها امرأة لم تعمل المحاضرة لها أصلًا ، ولم تكن من أهل المحاضرة ، إنما كانت عابر سبيل ، لكنها سبب ظاهر في الاهتداء بخلاف قصة الفضيل بن عياض الذي نقولها انفتح قلبه هكذا بدون سبب ظاهر والآية استقرت في قلبه مع أنه سمعها كثيرًا قبل ذلك ، كيف استفاد منها الآن ؟ ليس لها سبب ظاهر لنا .لكن المحور الثاني الذي يقوله بن الجوزي ، يقول: لو سمع موعظة أو رأى شيئًا مثل الذي نقوله مثل قصة أكثم أو قصة الولد الذي سقط من الدور العاشر فأول ما يحدث له ذلك يحرك فكرة القلب الباطنة ، أول ما الفكرة الباطنة تتحرك تحدث له يقظة ، ثم قال:( ثُّمَّ يَنقسمُ المُتَيَقِظُونَ .)سواء الذي استيقظ بدون سبب ظاهر ، أو الذي استيقظ بسبب ظاهر . قال: (فَمنهُم مَن يَغلِبَهُ هَوَاهُ ويَقتَضِيهِ طَبعُهُ مَا يَشتهِي مِمَّا قَد اعتَادَهُ فَيعُودِ القَهقَرَى ولا يَنفَعُهُ ما حَصَلَ لَه مِن الانتِباهِ فانتِبِاه مِثلَ هَذَا زِيَادةٌ في الحُجَةِ عَليه .)قال: صنف يستيقظ مثل كومة القش تشعل فيها ، تعمل شعلة وشعاع ، وبعد عشر دقائق تجدها انطفأت ، قليل المنة بخلاف الخشب تشعله يكون فيه تعب في الأول لكن تظل الجمرة متقدة أطول فترة ممكنة ، فقال: فيه ناس عندهم اندفاع لكن عندهم خفة ، ممكن تقول له كلمتين يقول لك أنا جاهز ، قل لي أين أذهب ، كلفني بأي عمل الآن وأنا أعمله فورًا ، ثم بعد قليل تبدأ أهواءه تغلبه وشيطانه يغلبه ، النفس الأمارة بالسوء لا تتركه ، ما الذي ورطك في هذا أنت كنت مستريح وكنت تدخل على النت والشاة ، ما الذي أدخلك مع هؤلاء وستذهب إلى السجن وطريقهم كله مشاكل وغير ذلك ، فيرجع القهقرى بعد فترة اليقظة هذه ,فيكون ذلك زيادة في الحجة عليه ، يا ليته جاهل لكنه ضل بعد هدى لماذا ؟ ، ليس عنده عوامل الثبات ، وهذا النوع الأول .قال: ( ومنهم من هو واقف في مَقَام المُجاهَدة بين صَفَين ، العَقلُ الآمِرُ بِالتَّقوَى والهَوَى المُتقَاضِى بالشَّهواتِ ، فمنهم من يُغلَبُ بَعد المُجَاهَدَاتِ الطَّوِيلَة فَيعودُ إلى الشَّرِ .)ليس مثل الأول ، الأول خفيف لما واحد خوفه رجع ، الثاني ظل واحد يخوفه لم يرجع ، فظل يكرر له ، ويكرر له ، وأنت تعرف القاعدة اليهودية: ما تكرر تقرر ، وهذه قاعدة عندهم ، يقول: أنت تريد أن تقنع الناس بالشيء التافه كرره ، وكرره وظل كرره ، هو نفسه سيقوله بعد ذلك ، بالرغم من أنه أول ما سمعه قال ما هؤلاء العالم المجانين ، هل هذا كلام يقال ، وأنت عارف مثل ماذا ، مثل حسنين ومحمدين ، أنتم لا تعرفون حسنين ومحمدين ربما شباب منكم لا يعرفهم ، هم أصحاب تنظيم الأسرة .حسنين ومحمدين حدوتة كانت قديمًا ، نريد أن نحدد النسل وهذا الكلام فطلعت حدوتة حسنين ومحمدين ، فأول ما طلعت قالوا ما هؤلاء الناس ، هم يخاطبون من بعض الرعاع أو السوقة ، ظل يكررها ويكررها لما هو نفسه قال حسنين ومحمدين ، لكن بعد فترة طويلة . فالشيء التافه إذا أردت أن يستقر ويكون له سوق كرره ، الذي هي ما تكرر تقرر .فقال: هذا واحد عنده مجاهدات ، عنده العقل الآمر الذي يحسن له مراضي الله- عز وجل- وعنده الشهوات القديمة ، جيشين يتقاتلان ، فظلوا يتشاحنون مع بعضهم البعض فترة طويلةً جدًا ، وفي الآخر غلب جيش الشهوات ، وهذا الذي قاله بن الجوزي . قال:( ومنهم من هو واقف في مَقَام المُجاهَدة بين صَفَين ، العَقلُ الآمِرُ بِالتَّقوَى والهَوَى المُتقَاضِى بالشَّهواتِ ، فمنهم من يُغلَبُ بَعد المُجَاهَدَاتِ الطَّوِيلَة فَيعودُ إلى الشَّرِ ، ويُختَمُ لَه به). يتبع إن شاء الله.. |
|
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52561 العمر : 72
| موضوع: رد: الحلققة (24) من مدرسة الحياة الجمعة 13 مايو 2011, 5:31 am | |
| وهذا حديث سهل بن سعد في الصحيحين :" إن العبد ليعمل الزمن الطويل بعمل أهل الجنة فيما يظهر للناس فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخل النار ، وإن العبد ليعمل الزمن الطويل بعمل أهل النار حتى إذا كان بينه وبين الموت قيد ذراع أو قال قيد شبر عمل بعمل أهل الجنة فدخل الجنة ألا إن الأعمال بالخواتيم " .الرجل الذي قتل تسعة وتسعين نفسًا وكمل بالراهب فصاروا مائة ، هذا الرجل فترة هدايته كم كانت ؟ لا شيء ، المسألة كلها لما الراهب الجاهل الأول الذي قال له ليس لك توبة فأكمل به المائة ، مَنَّ الله علي هذا القاتل بتوبة أخرى فقال دلوني على أعلم هذا الأرض فدلوه على راهب عالم فأعطاه النصيحة صح ، وأعطاه فتوى سليمة ، قال له هل لي توبة ؟ بعد أن قتل المائة نفس ، قال: نعم ومن يحجب عنك باب التوبة ؟ أخرج إلي أرض كذا وكذا فإن فيها قومًا يعملون الصالحات . فناء بصدره إلي الأرض التي أرشده الراهب إليها ، ناء بصدره، أي انتفخ صدره أمامه كناية عن المسارعة ، طلع فورًا لم يتلكأ ، مشي مسافة بسيطة جدًا قبض ، فاختصمت فيه ملائكة الرحمة وملائكة العذاب ، ملائكة العذاب تقول : قتل مائة نفس ، وأين حساب كل هؤلاء الضحايا ؟ وملائكة الرحمة تقول: أنه خرج تائبًا إلي الله بقلبه ، وطبعًا القلب طالما خرج تائبًا الجوارح تنفعل ، لأن القلب ملك الجوارح جنود فالله- عز وجل- أرسل إليهم ملكًا في صورة رجل أن قيسوا المسافة بين الأرضيين ، لو أنا قست المسافة بين الأرضيين هل هي أقرب إلي القرية التي عاش فيها ، ومارس الإجرام فيها ، لكن لأن الله- عز وجل- أراد أن يرحمه وأن يختم له بخير قال للأرض ، لهذه أن تقاربي وهذه أن تباعدي ، وحركت الأرض من تحته فقاسوا المسافة بين الأرضيين فوجدوه أقرب إلى أرض المغفرة بشبر واحد ، ﴿ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ ﴾(أل عمران:185) .زحزح ، أي هو على شفا النار فَحُرك حركة واحدة فقط وأن تعرف الفعل الرباعي الذي هو أصله حرفين ويتكرر فيه معنى المشقة ، زحزح الزاي والحاء تكررا ، زح ، زح ، فيه معنى المشقة ، أي حرك بالعافية ، مثل زلزل ، زل ، زل ، ولخلخ لخ ، لخ .اليوم إذا كان هناك وتدًا في الأرض وتريد أن تخلعه مرة واحدة لا يطلع معك يقول لك لخلخه ، ومعنى لخلخه أي حركه مرة يمينًا ومرة يسارًا ، وكل هذا يفيد الاضطراب ، أي يكون في جهتين متضادتين ، مثل كبكب ، ﴿ فَكُبْكِبُوا فِيهَا هُمْ وَالْغَاوُونَ ﴾(الشعراء:94) ، يقوم يقع على وجهه ، كلما قام وقع علي وجهه ، وهكذا .فانظر ربنا- عز وجل- يقول عن من زحزح فقط ، وليس أصحاب الدرجات العلي ولا إلي دخل قبل الناس بنصف يوم أو غير ذلك ، لا ، المهم ألا تدخل النار ،﴿ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ ﴾ ، لذلك هذا الإنسان الذي عرف الحق وترك جيش الشهوات يغلب جيش الحق ، يقول يرجع القهقرى لكن بعد مدة طويلة وممكن يظل على هذا الحال حتى يختم له بشر . قال: (ومنهُم من يَغلب تارةً و يُغلب أُخرَى فَجِرَاحَاتُهُ لا في مَقتَلٍ .)لم يقتل ، مرة يَضرِب ومرة يُضرَب ، المهم لم يأخذ ضربة قاتلة وهو يجادل .قال: (ومنهم مَن يَقهَر عَدوَه فَيسجُنهُ في حَبسٍ فًلا يَبقَى للعَدوِ مِن الحِيلةِ إلا الوَسَاوِس ).وهذا يتعرض له أناس كثيرون ، يجاهد لكنه يقع في قصة الوسواس القهري والوسواس القهري مع بشاعة صورته إلا أن دفعه بإذن الله من أيسر ما يكون لكنه يحتاح بعد الاستعانة بالله- عز وجل- إلى قوة إرادة المبتلي ، يسمع السب والشتم والقرءان وربنا والرسول والآذان والتشكيك ، كيف عرف أن هذا القرءان من عند ربنا أصلًا ، من الذي عرفك أنه كان فيه رسول ، ثم عندما يذكر اسم الله- عز وجل- يأتي له بصور وحاجات هو نفسه مرعوب منها ويخشى أن يموت على الكفر ، ثم من كيد الوسواس يقنعه أنها ليست وساوس ، ويقول له إياك أن تعتقد إن هذه وساوس .أنت الذي تعتقد ، هذه عقيدة عندك ، وتحاول أن تقنعه يا بني هذه وساوس يقول لك لا هو في قلبي ، فلماذا تشتكي إذا كان داخل قلبك ، المفترض أنها داخل قلبك ، وقلبك استراح لها تكون مبسوط ، وتكون سعيد وتأكل وتشرب وتعيش حياتك ، لكن أنت قابلتني وأنت جلد على عظم ، تدور حدقة عينك كالمغشي عليه من الموت ، وتقول أنا خائف أموت على الكفر أي انك لست راضي ، وأنت كاره ، فكيف تكون معتقد ؟ علاج الوسواس من الكتاب والسنة:أنظر يوصله إلى هذه الدرجة أن هذه ليست وساوس ، هذا اعتقاد عندك وحتى تقعد وتقنع فيه وغير هذا وتؤمنه ، لأن أصل القصة كلها أنه خائف أن يموت على الكفر ، نحن نقول لك آية وحديث وتستريح من هذه الحدوتة الآية: قول الله- عز وجل-:﴿ إِلا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا ﴾(النحل:106) ، فشرط أن ينشرح الصدر للكفر لكي يكون فيه مؤاخذة ، هل أنت صدرك منشرح ؟ لا ، مبسوط ؟ لا ، تحس أنك سعيد وتريد أن تدعو الناس لما في قلبك ؟ يقول: لا ، أنا أبكي ، هذا حول حياتي لجحيم ، فإذًا صدرك لم ينشرح للكفر ، هذا نص الآية إذا انشرح صدرك للكفر هذا الذي نقدر أن نقول أنت على شفا هلكة أو في هلكة لكن أنت الآن مريض ، فأنت لست منهم ، وهذه رقم واحد .أما الحديث: حديث أبي هريرة في صحيح مسلم لما جاء جماعة إلى النبي- صلي الله عليه وسلم- من الصحابة فقالوا يا رسول الله إنه ليرد علينا الشيء في ذات الله لأن يفر أحدنا من بعد ، ينزل من السماء على جذور رقبته خير له من أن يتكلم به ، هي هذه الوساوس ، يقول أنا أنزل على جذور رقبتي لكني لا أقول الذي بداخل قلبي ، فالنبي- عليه الصلاة والسلام- قال:" أو قد وجدتموه ذاك صريح الإيمان " هذا هو الإيمان العميق المتين ، كيف ذلك ؟ الذي عندي أنا هو الإيمان العميق ، قال: لا ، الذي حجزك أن تعتقد بهذا هو الإيمان .إن لم يكن فيه إيمان كنت اعتقدت الوساوس التي جاءت لك وانشرح الصدر بها ، لكن الصدر ضيق مثل ثقب الإبرة ، وأنت ترفضه ، ما السبب الذي يجعلك ترفضه ؟ الإيمان الذي عندك ولذلك قال: ذاك صريح الإيمان ، وفي لفظ احمد قال:" الحمد لله الذي رد كيده إلى الوسوسة " لم يقدر أن يفعل معه أكثر من أن يوسوس له لما يأس منه ، وأنتم تعرفون أن. فائدة : الوساوس محلها في الصدر ، فإذا أهملها صاحبها انتقلت إلى القلب انتبه إلى هذا الكلام لأنه مهم وغالي . ربنا- عز وجل- يقول:﴿ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ * مَلِكِ النَّاسِ * إِلَهِ النَّاسِ * مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ * الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ﴾(الناس:1-5) ولم يقل في قلوب الناس﴿ فِي صُدُورِ النَّاسِ* مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاس﴾(الناس:6) والصدر هو فناء القلب ، كما يكون هناك قصر وله فناء ، حديقة ومثل ذلك إذا هبت ريح عاصف كلها تراب ما الذي يردم ؟ الفناء ، أنت رجل نظيف وتحب النظافة وهذا الكلام ، أول ما العاصفة انتهت أتيت بالكناسين لينظفوا بأقل قدر بالمكنسة العادية نظفوا الفناء ، لو أنت صاحب يقظة تقول قم يا بني وأغلق الشبابيك . لما تغلق الشبابيك لا يدخل إلى القلب إلا أقل القليل الذي يمكن إزالته بذكر أو نحو ذلك ، لو الرجل مهمل وهبت عاصفة رمليه ردمت الفناء وجاءت أختها ردمت ، وجاءت أختها ردمت وهكذا ، فهل ينفع أن ينظف هذا العمال ، لا أنت تحتاج إلى ماكينات تحمل ذلك وكاسحات تحمل ، فقد تعجز عن دفع ركام الوساوس بعد هذا الإهمال ، والشيطان مع الوسوسة ، الشيطان يجلس خارج السور لا يستطيع أن يدخل الفناء ، صاحب الفناء ينظف على طول .فلما وجد العاصفة جاءت والثانية جاءت والثالثة جاءت ، قال هو أنا سأظل أجلس في الشارع فقفز وجلس بالداخل داخل الفناء ، وهو يجلس في الفناء لم يجد من يقول له لماذا تجلس ومن أين أتيت ، أو أين بطاقتك ؟ أو إثبات شخصيتك ، وهذا الكلام لا يوجد ، قال: يوجد هنا شباك أدخل منه ، أو باب مفتوح أدخل منه ، طالما لا توجد أي مقاومة وصاحبه غافل ، لا ينتبه لأي شيء ، وهذه المسألة تأتي هكذا﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ ﴾(الأحزاب:21) .خطوة وراء خطوة وراء خطوة ، إذا كان الرجل يقظاً لا يسمح له ، وتحدث نوع من المقاتلة بينه وبينه ، تنتهي بالظفر عادةً لأهل الحق ، قال الله- عز وجل- ﴿ الَّذِينَ آمَنُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا ﴾ (النساء:76) ، وسنقف إن شاء الله مع هذا المعنى وقفة أخرى حتى نبينه بأجلي من هذا . |
|