منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers

(إسلامي.. ثقافي.. اجتماعي.. إعلامي.. علمي.. تاريخي.. دعوي.. تربوي.. طبي.. رياضي.. أدبي..)
 
الرئيسيةالأحداثأحدث الصورالتسجيل
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

IZHAR UL-HAQ

(Truth Revealed) By: Rahmatullah Kairanvi
قال الفيلسوف توماس كارليل في كتابه الأبطال عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لقد أصبح من أكبر العار على أي فرد مُتمدين من أبناء هذا العصر؛ أن يُصْغِي إلى ما يظن من أنَّ دِينَ الإسلام كَذِبٌ، وأنَّ مُحَمَّداً -صلى الله عليه وسلم- خَدَّاعٌ مُزُوِّرٌ، وآنَ لنا أنْ نُحارب ما يُشَاعُ من مثل هذه الأقوال السَّخيفة المُخْجِلَةِ؛ فإنَّ الرِّسَالة التي أدَّاهَا ذلك الرَّسُولُ ما زالت السِّراج المُنير مُدَّةَ اثني عشر قرناً، لنحو مائتي مليون من الناس أمثالنا، خلقهم اللهُ الذي خلقنا، (وقت كتابة الفيلسوف توماس كارليل لهذا الكتاب)، إقرأ بقية كتاب الفيلسوف توماس كارليل عن سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-، على هذا الرابط: محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم-.

يقول المستشرق الإسباني جان ليك في كتاب (العرب): "لا يمكن أن توصف حياة محمد بأحسن مما وصفها الله بقوله: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِين) فكان محمدٌ رحمة حقيقية، وإني أصلي عليه بلهفة وشوق".
فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ على سائر البُلدان، كما فَضَّلَ بعض الناس على بعض والأيام والليالي بعضها على بعض، والفضلُ على ضربين: في دِينٍ أو دُنْيَا، أو فيهما جميعاً، وقد فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ وشَهِدَ لها في كتابهِ بالكَرَمِ وعِظَم المَنزلة وذَكَرَهَا باسمها وخَصَّهَا دُونَ غيرها، وكَرَّرَ ذِكْرَهَا، وأبَانَ فضلها في آياتٍ تُتْلَى من القرآن العظيم.
المهندس حسن فتحي فيلسوف العمارة ومهندس الفقراء: هو معماري مصري بارز، من مواليد مدينة الأسكندرية، وتخرَّجَ من المُهندس خانة بجامعة فؤاد الأول، اشْتُهِرَ بطرازهِ المعماري الفريد الذي استمَدَّ مَصَادِرَهُ مِنَ العِمَارَةِ الريفية النوبية المَبنية بالطوب اللبن، ومن البيوت والقصور بالقاهرة القديمة في العصرين المملوكي والعُثماني.
رُبَّ ضَارَّةٍ نَافِعَةٍ.. فوائدُ فيروس كورونا غير المتوقعة للبشرية أنَّه لم يكن يَخطرُ على بال أحَدِنَا منذ أن ظهر وباء فيروس كورونا المُستجد، أنْ يكونَ لهذه الجائحة فوائدُ وإيجابيات ملموسة أفادَت كوكب الأرض.. فكيف حدث ذلك؟!...
تخليص الإبريز في تلخيص باريز: هو الكتاب الذي ألّفَهُ الشيخ "رفاعة رافع الطهطاوي" رائد التنوير في العصر الحديث كما يُلَقَّب، ويُمَثِّلُ هذا الكتاب علامة بارزة من علامات التاريخ الثقافي المصري والعربي الحديث.
الشيخ علي الجرجاوي (رحمه الله) قَامَ برحلةٍ إلى اليابان العام 1906م لحُضُورِ مؤتمر الأديان بطوكيو، الذي دعا إليه الإمبراطور الياباني عُلَمَاءَ الأديان لعرض عقائد دينهم على الشعب الياباني، وقد أنفق على رحلته الشَّاقَّةِ من مَالِهِ الخاص، وكان رُكُوبُ البحر وسيلته؛ مِمَّا أتَاحَ لَهُ مُشَاهَدَةَ العَدِيدِ مِنَ المُدُنِ السَّاحِلِيَّةِ في أنحاء العالم، ويُعَدُّ أوَّلَ دَاعِيَةٍ للإسلام في بلاد اليابان في العصر الحديث.

أحْـلامٌ مِـنْ أبِـي (باراك أوباما) ***

 

 سورة الأنبياء الآيات من 101-105

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

سورة الأنبياء الآيات من 101-105 Empty
مُساهمةموضوع: سورة الأنبياء الآيات من 101-105   سورة الأنبياء الآيات من 101-105 Emptyالأربعاء 01 يوليو 2020, 6:48 pm

إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَىٰ أُولَٰئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ (١٠١)
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

بعد أن ذكر سبحانه جزاء الكافرين في النار ذكر المقابل، وذِكْر المقابل يوضح المعنى، اقرأ قوله تعالى: (إِنَّ ٱلأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ * وَإِنَّ ٱلْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ) (الانفطار: 13 - 14).

ويقول: (فَلْيَضْحَكُواْ قَلِيلاً وَلْيَبْكُواْ كَثِيراً..) (التوبة: 82) ؛ لذلك تظل المقارنة حيَّة في الذِّهْن.

ومعنى: (سَبَقَتْ لَهُمْ مِّنَّا ٱلْحُسْنَىٰ..) (الأنبياء: 101) الحُسْنى: مؤنث الأحسن، تقول: هذا حَسَن، وهذه حسنة، فإنْ أردتَ المبالغة تقول: هذا أحسن، وهذه حُسْنى.

مثل: أكبر وكُبْرى.

ومعنى: (سَبَقَتْ لَهُمْ مِّنَّا ٱلْحُسْنَىٰ..) (الأنبياء: 101) أنهم من أهل الطاعة، ومن أهل الجنة، فهكذا حُكْم الله لهم، وقد أخذ الله تعالى جزءاً من خَلْقه وقال: "هؤلاء للجنة ولا أبالي، وهؤلاء للنار ولا أبالي".

ولا تقُلْ: ما ذنب هؤلاء؟

لأنه سبحانه حكم بسابق عِلْمه بطاعة هؤلاء، ومعصية هؤلاء.

وقوله: (أُوْلَـٰئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ) (الأنبياء: 101) أي: مبعدون عن النار.

ثم يقول الحق تبارك وتعالى: (لاَ يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا وَهُمْ فِي مَا ٱشْتَهَتْ...).



سورة الأنبياء الآيات من 101-105 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

سورة الأنبياء الآيات من 101-105 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة الأنبياء الآيات من 101-105   سورة الأنبياء الآيات من 101-105 Emptyالأربعاء 01 يوليو 2020, 6:52 pm

لَا يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنْفُسُهُمْ خَالِدُونَ (١٠٢)
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

حسيس النار: أزيزها، وما ينبعث منها من أصوات أول ما تشتعل (وَهُمْ فِي مَا ٱشْتَهَتْ أَنفُسُهُمْ خَالِدُونَ) (الأنبياء: 102) فلم يقُلْ مثلاً: وهم بما اشتهتْ أنفسهم، إنما (فِي مَا ٱشْتَهَتْ أَنفُسُهُمْ..) (الأنبياء: 102) كأنهم غارقون في النعيم مِمَّا اشتهتْ أنفسهم، كأن شهوات أنفسهم ظرف يحتويهم ويشملهم.

وهذا يُشوِّق أهل الخير والصلاح للجنة ونعيمها، حتى نعمل لها، ونُعِد العُدَّة لهذا النعيم.

وسبق أن قلنا: إن الإنسان يتعب في أول حياته، ويتعلم صنعة، أو يأخذ شهادة لينتفع بها فيما بعد ويرتاح في مستقبل حياته، وعلى قَدْر تعبك ومجهودك تكون راحتك، فكل ثمرة لابُدَّ لها من حَرْث ومجهود، والله عز وجل لا يُضيع أجرَ مَنْ أحسن عملاً.

وكنا نرى بعض الفلاحين يقضي يومه في حقله، مهملَ الثياب، رثَّ الهيئة، لا يشغله إلا العمل في زرعه، وآخر تراه مُهنْدماً نظيفاً يجلس على المقهى سعيداً بهذه الراحة، وربما يتندر على صاحبه الذي يُشقِى نفسه في العمل، حتى إذا ما جاء وقت الحصاد وجد العامل ثمرة تعبه، ولم يجد الكسول غير الحسرة والندم.

إذن: ربك -عز وجل- أعطاك الطاقة والجوارح، ويريد منك الحركة، وفي الحركة بركة، فلو أن الفلاح جلس يُقلِّب في أرضه ويُثير تربتها دون أنْ يزرعها لَعوَّضه الله وأثمر تعبه، ولو أن يجد شيئاً في الأرض ينتفع به مثل خاتم ذهب أو غيره.

وترف الإنسان وراحته بحسب تَعبه في بداية حياته، فالذي يتعب ويعرق مثلاً عَشْر سنين يرتاح طوال عمره، فإنْ تعب عشرين سنة يرتاح ويرتاح أولاده من بعده، وإنْ تعِب ثلاثين سنة يرتاح أحفاده وهكذا.

وترَف المتعلم يكون بحسب شهادته: فهذا شهادة متوسطة، وهذا عُلْيا، وهذا أخذ الدكتوراة، ليكون له مركز ومكانة في مجتمعه.

لكن مهما أعَدَّ الإنسانُ لنفسه من نعيم الحياة وترفها فإنه نعيم بِقَدْر إمكانياته وطاقاته؛ لذلك ذكرنا أننا حين سافرنا إلى سان فرانسيسكو رأينا أحَدَ الفنادق الفخمة وقالوا: إن الملك فيصل -رحمه الله- كان ينزل فيه، فأردنا أنْ نتجوّل فيه، وفعلاً أخذنا بما فيه من مظاهر التَّرف والأُبَّهة وروعة الهندسة، وكان معي ناس من عِلْيَةِ القوم فقلتُ لهم: هذا ما أعَدَّهُ العبادُ للعبادِ، فما بالكم بما أعَدَّهُ رَبُّ العبادِ للعبادِ؟

فإذا ما رأيتَ أهل النعيم والترف في الدنيا فلا تحقد عليهم؛ لأن نعيمهم يُذكِّرك ويُشوِّقك لنعيم الآخرة.

ثم يقول الحق سبحانه: (لاَ يَحْزُنُهُمُ ٱلْفَزَعُ ٱلأَكْبَرُ...).



سورة الأنبياء الآيات من 101-105 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

سورة الأنبياء الآيات من 101-105 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة الأنبياء الآيات من 101-105   سورة الأنبياء الآيات من 101-105 Emptyالأربعاء 01 يوليو 2020, 6:54 pm

لَا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ هَٰذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ (١٠٣)
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

ذلك لأنهم في نعيم دائم لا ينقطع، وعطاء غير مجذوذ، لا يفوتك بالفقر ولا تفوته بالموت؛ لذلك: (لاَ يَحْزُنُهُمُ ٱلْفَزَعُ ٱلأَكْبَرُ..) (الأنبياء: 103) وأيُّ فزع مع هذه النعمة الباقية؟أو: لا يحزنهم فزع القيامة وأهوالها.

وقوله: (وَتَتَلَقَّاهُمُ ٱلْمَلاَئِكَةُ هَـٰذَا يَوْمُكُمُ ٱلَّذِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ) (الأنبياء: 103) فقد صَدَقكم الله وَعْده، وأنجزَ لكم ما وعدكم به من نعيم الآخرة.

ثم يقول الحق سبحانه: (يَوْمَ نَطْوِي ٱلسَّمَآءَ كَطَيِّ ٱلسِّجِلِّ لِلْكُتُبِ كَمَا بَدَأْنَآ...).



سورة الأنبياء الآيات من 101-105 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

سورة الأنبياء الآيات من 101-105 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة الأنبياء الآيات من 101-105   سورة الأنبياء الآيات من 101-105 Emptyالأربعاء 01 يوليو 2020, 6:58 pm

يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ (١٠٤)
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

أي: ما يحدث من عذاب الكفار وتنعيم المؤمنين سيكون (يَوْمَ نَطْوِي ٱلسَّمَآءَ كَطَيِّ ٱلسِّجِلِّ لِلْكُتُبِ..) (الأنبياء: 104) و (يَوْمَ): زمن وظَرْف للأحداث، فكأن ما يحدث للكافرين من العذاب والتنكيل، وما يحدث للمؤمنين من الخلود في النعيم يتم في هذا اليوم.

والسِّجَلِّ: هو القرطاس، والورق الذي نكتب فيه يُسمَّى سجلاً؛ ولذلك الناس يقولون: نسجل كذا، أي: نكتبه في ورقة حتى يكون محفوظاً، والكتاب: هو المكتوب.

والحق سبحانه يقول في آية أخرى: (وَٱلسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ..) (الزمر: 67) يطويها بقدرته؛ لأن اليمين عندنا هي الفاعلة في الأشياء، ولكن لا نأخذ الطي أنه الطي المعروف، بل نأخذه في إطار(لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ..) (الشورى: 11).

وقوله تعالى: (كَمَا بَدَأْنَآ أَوَّلَ خَلْقٍ نُّعِيدُهُ..) (الأنبياء: 104) يدلنا على أن الحق سبحانه يتكلم عن الخَلْق الأول و (نُّعِيدُهُ..) (الأنبياء: 104) تدل على وجود خَلْق ثَان.

إذن: فقوله تعالى في موضع آخر: (يَوْمَ تُبَدَّلُ ٱلأَرْضُ غَيْرَ ٱلأَرْضِ وَٱلسَّمَاوَاتُ وَبَرَزُواْ للَّهِ ٱلْوَاحِدِ الْقَهَّارِ) (إبراهيم: 48) دليل على أن الخَلْق الأول خَلْق فيه الأسباب وفيه المسبّب، فالحق سبحانه أعطاك في الدنيا مُقوِّمات الحياة من: الشمس والقمر والمطر والأرض والماء... الخ، وهذه أمور لا دَخْل لك فيها، وكل ما عليك أنْ تستخدمَ عقلك الذي خلقه الله في الترقي بهذه الأشياء والترف بها.

أما في الخلق الثاني فأنت فقط تستقبل النعيم من الله دون أَخْذ بالأسباب التي تعرفها في الدنيا؛ لأن الآخرة لا تقوم بالأسباب إنما بالمسبِّب سبحانه، وحين ترى في الجنة ما لا عين رأت، ولا أذن سمعتْ، ولا خطر على قلب بشر تعلم أن فِعْل ربك لك أعظم من فِعْلك لنفسك.

ومهما ارتقتْ أسباب الترف في الدنيا، ومهما تفنَّن الخَلْق في أسباب الراحة والخدمة الراقية، فقصارى ما عندهم أن تضغط على زِرٍّ يفتح لك الباب، أو يُحضِر لك الطعام أو القهوة، لكن أتحدَّى العالم بما لدية من تقدُّم وتكنولوجيا أنْ يُقدم لي ما يخطر ببالي من طعام أو شراب، فأراه أمامي دون أنْ أتكلم؛ لأن هذه مسألة لا يقدر عليها إلا الله عز وجل.

فقوله: (كَمَا بَدَأْنَآ أَوَّلَ خَلْقٍ نُّعِيدُهُ..) (الأنبياء: 103) فالمعنى ليستْ مجرد إعادته كما كان، إنما نعيده على أَرْقى وأفضل مما كان بحيث يصل بك النعيم أنْ يخطرَ الشيء ببالك فتجده بين يديك، بل إنَّ المؤمن في الجنة يتناول الصنف من الفاكهة فيقول: لقد أكلْتُ مثل هذا من قبل فيُقال له: ليس كذلك بل هو أفضل مما أكلْتَ، وأهنأ مما تذوقتَ.

فلو تناولتَ مثلاً تفاح الدنيا تراه خاضعاً لنوعية التُّرْبة والماء والجو المحيط به والمبيدات التي لا يستغني عنها الزرع هذه الأيام... إلخ.

أمّا تفاح الآخرة فهو شيء آخر تماماً، إنه صَنْعة ربانية وإعداد إلهيّ.

وكأن الحق سبحانه يلفت عباده إلى أن عنايته بهم أفضل من عنايتهم بأنفسهم؛ لأنه سبحانه أوْلَى بنا من أنفسنا، ولكي نعلم الفرق بين الشيء في أيدينا والشيء في يده عز وجل.

ثم يقول تعالى: (وَعْداً عَلَيْنَآ إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ) (الأنبياء: 104) أي: لا يُخرِجنا شيء عمَّا وعدنا به، ولا يخالفنا أحد.

ثم يقول الحق سبحانه: (وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي ٱلزَّبُورِ مِن بَعْدِ ٱلذِّكْرِ أَنَّ...).



سورة الأنبياء الآيات من 101-105 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

سورة الأنبياء الآيات من 101-105 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة الأنبياء الآيات من 101-105   سورة الأنبياء الآيات من 101-105 Emptyالأربعاء 01 يوليو 2020, 7:09 pm

وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ (١٠٥)
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

والكَتْبُ: التسجيل، لكن علم الله أزليٌّ لا يحتاج إلى تسجيل، إنما التسجيل من أجلنا نحن حتى نطمئن، كما لو أخذتَ من صاحبك قَرْضاً وبينكما ثقة، ويأمن بعضكم بعضاً، لكن مع هذا نكتب القَرْض ونُسجِّله حتى تطمئن النفس.

ومعنى: (كَتَبْنَا فِي ٱلزَّبُورِ..) (الأنبياء: 105) الزبور: الكتاب الذي أُنزِل على نبي الله داود، ومعنى الزبور: الشيء المكتوب، فإنْ أطلقتَها على عمومها تُطلَق على كل كتاب أنزله الله، ومعنى: (مِن بَعْدِ ٱلذِّكْرِ..) (الأنبياء: 105) الذِكْر: يُطلَق مرة على القرآن، ومرة على الكتب السابقة.

وما دام الزَبور يُطلَق على كل كتاب أنزله الله فلابُدَّ أن للذكر معنى أوسع؛ لذلك يُطلَق الذكر على اللوح المحفوظ، لأنه ذكْر الذكْر، وفيه كل شيء.

فمعنى: (كَتَبْنَا فِي ٱلزَّبُورِ..) (الأنبياء: 105) أي: في الكتب التي أُنزلَتْ على الأنبياء ما كتبناه في اللوح المحفوظ، أو ما كتبناه في الزبور، لا أنّ سيدنا داود أعطاه الله فوق ما أعطى الآخرين.

ومعنى: (مِن بَعْدِ ٱلذِّكْرِ..) (الأنبياء: 105) هذه تدل على أن واحداً أسبق من الآخر، نقول: القرآن هو كلام الله القديم، ليس في الكتب السماوية أقدم منه، والمراد هنا (مِن بَعْدِ ٱلذِّكْرِ..) (الأنبياء: 105) بعدية ذِكْرية، لا بعدية زمنية.

فما الذي كتبه الله لداود في الزبور؟

كتب له (أَنَّ ٱلأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ ٱلصَّالِحُونَ) (الأنبياء: 105) كلمة الأرض إذا أُطلقَتْ عموماً يُراد بها الكرة الأرضية كلها.

وقد تُقيَّد بوصف معين.

كما في: (الأَرْضَ المُقَدَّسَةَ..) (المائدة: 21).

وفي: (فَلَنْ أَبْرَحَ ٱلأَرْضَ..) (يوسف: 80) أي: التي كان بها.

وهنا يقول تعالى: (أَنَّ ٱلأَرْضَ..) (الأنبياء: 105) أي: الأرض عموماً (يَرِثُهَا..) (الأنبياء: 105) أي: تكون حقاً رسمياً لعبادي الصالحين.

فأيُّ أرض هذه؟

أهي الأرض التي نحن عليها الآن؟

أم الأرض المبدلة؟

ما دُمْنَا نتكلّم عن بَدْء الخَلْق وإعادته، فيكون المراد الأرض المبدلَة المعادة في الآخرة، والتي يرثها عباد الله الصالحون، والإرْث هنا كما في قوله تعالى: (تِلْكُمُ ٱلْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ) (الأعراف: 43).

فعن مَنْ ورثوا هذه الأرض؟

الحق سبحانه وتعالى حينما خلق الخَلْق أعدَّ الجنة لِتسعَ كلَّ بني آدم إنْ آمنوا، وأعدَّ النار لتسع كُلَّ بني آدم إنْ كفروا، فليس في المسألة زحام على أيِّ حال.

فإذا ما دخل أهلُ الجنةِ الجنةَ، ودخل أهلُ النارِ النارَ ظلَّتْ أماكن أهل النار في الجنة خالية فيُورثها الله لأهل الجنة ويُقسِّمها بينهم، ويُفسح لهم أماكنهم التي حُرِم منها أهل الكفر.

أو نقول: الأرض يُراد بها أرض الدنيا.

ويكون المعنى أن الله يُمكِّن الصالح من الأرض، الصالح الذي يَعْمُرها ولو كان كافراً؛ لأن الله تعالى لا يحرم الإنسان ثمار عمله، حتى وإنْ كان كافراً، يقول تعالى(مَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ ٱلآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ ٱلدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي ٱلآخِرَةِ مِن نَّصِيبٍ) (الشورى: 20).

لكن عمارة الكفار للأرض وتكوينهم للحضارة سَرْعان ما تنزل بهم النكبات، وتنقلب عليهم حضارتهم، وها نحن نرى نكبات الأمم المرتقية والمتقدمة وما تعانيه من أمراض اجتماعية مستعصية، فليست عمارة الأرض اقتصاداً وطعاماً وشراباً وترفاً.

ففي السويد -مثلاً- وهي من أعلى دول العالم دَخْلاً ومع ذلك بها أعلى نسبة انتحار، وأعلى نسبة شذوذ، وهذه هي المعيشة الضَّنْك التي تحدَّث عنها القرآن الكريم في قوله تعالى: (وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ ٱلْقِيامَةِ أَعْمَىٰ) (طه: 124).

فالضَّنْك لا يعني فقط الفقر والحاجة، إنما له صور أخرى كثيرة.

إذن: لا تَقِسْ مستوى التحضُّر بالماديات فحسب، إنما خُذْ في حُسبانك كُلَّ النواحي الأخرى، فمَنْ أتقن النواحي المادية الدنيوية أخذها وترف بها في الدنيا، أمّا الصلاح الديني والخُلقي والقِيَمي فهو سبيل لترف الدنيا ونعيم الآخرة.

وهكذا تشمل الآية: (يَرِثُهَا عِبَادِيَ ٱلصَّالِحُونَ) (الأنبياء: 105) الصلاح المادي الدنيوي، والصلاح المعنوي الأخروي، فإنْ أخذتَ الصلاح مُطلقاً بلا إيمان، فإنك ستجد ثمرته إلى حين، ثم ينقلب عليك، فأين أصحاب الحضارات القديمة من عاد وثمود والفراعنة؟

إن كُلَّ هذه الحضارات مع ما وصلتْ إليه ما أمكنها أن تحتفظ لنفسها بالدوام، فزالتْ وبادتْ.

يقول تعالى: (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ * إِرَمَ ذَاتِ ٱلْعِمَادِ * ٱلَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي ٱلْبِلاَدِ * وَثَمُودَ ٱلَّذِينَ جَابُواْ ٱلصَّخْرَ بِٱلْوَادِ * وَفِرْعَوْنَ ذِى ٱلأَوْتَادِ) (الفجر: 6-10).

إنها حضارات راقية دُفِنَتْ تحت أطباق التراب، لا نعرف حتى أماكنها.

أمّا إنْ أخذت الصلاح المعنوي، الصلاح المنهجي من الله عز وجل فسوف تحوز به الدنيا والآخرة؛ ذلك لأن حركة الحياة تحتاج إلى منهج يُنظِّمها: افعل كذا ولا تفعل كذا.

وهذا لا يقوم به البشر أمّا ربُّ البشر فهو الذي يعلم ما يُصلحهم ويُشرِّع لهم ما يُسعدهم.

إن منهج الله وحده هو الذي يأمرنا وينهانا، ويخبرنا بالحلال والحرام، وعلينا نحن التنفيذ، وعلى الحكام وأولياء الأمر الممسكين بميزان العدل أنْ يراقبوا مسألة التنفيذ هذه، فيُولُّوا مَنْ يصلُح للمهمة، ويقوم بها على أكمل وجه، وإلا فسد حال المجتمع، الحاكم يُشرف ويُراقِب، يُشجِّع العامل ويُعاقب الخامل، ويضع الرجل المناسب في مكانه المناسب.

فعناصر الصلاح في المجتمع: علماء يُخططون، وحكام يُنفّذون، ويديرون الأمور، وكلمة حاكم مأخوذة من الحكَمة (بالفتح) وهي: اللجام الذي يكبح الفَرس ويُوجِّهها.

لذلك جاء في الحديث الشريف: "مَنْ ولَّى أحداً على جماعة، وفي الناس خير منه لا يشم رائحة الجنة".

لماذا؟

لأن ذلك يُشيع الفساد في الأرض، ويُثبِّط العزائم العالية والهمم القوية حين ترى مَنْ هو أقلّ منك كفاءة يتولّى الأمر، وتُستبعد أنت.

أما حين تعتد كِفَة الميزان فسوف يجتهد كُلٌّ مِنّا ليصل إلى مكانه المناسب.

إذن: مهمة الحكام وولاة الأمر ترقية المجتمع، فلا نقول لحاكم مثلاً يُعِدُّ لنا طعاماً، أو يصنع لنا آلة، فليستْ هذه مهمته، ولقد رأينا أحد الأمراء وكان له أرض يزرعها، يتولاها أحد الموظفين يقولون له (الخُولي) ومهمة الخولي الإشراف والمراقبة.

وفي يوم جاء الأمير ليباشر أرضه ويتفقد أحوالها في صُحْبة الخولي، وفي أثناء جولتهما بالأرض رأى الخولي قناةً ينسابُ منها الماء حتى أغرق الزرع فنزل وسَدَّ القناة بنفسه.

وعندها غضب الأمير وفصله من عمله؛ لأنه عمل بيده في حين أن مهمته الإشراف ولديه من العمال مَنْ يقوم بمثل هذا العمل.

لكن لماذا هذه النظرة في إدارة الأعمال؟

قالوا: لإنك إنْ عملتَ بيدك فأنت واحد، لكن إنْ أشرفتَ فيمكن أنْ تُشرِف على آلاف من العمال.

ومن هنا جاءت مسألة التخصُّص في الأعمال.

وعلى الحاكم ووليّ الأمر أنْ يحافظ على منهج الله، ويتابع تطبيق الناس له، فيقف أمام أي فساد، ويأخذ على يد صاحبه، ويثيب المجتهد العامل، كما جاءَ في قوله تعالى في قصة القرنين: (قَالَ أَمَّا مَن ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إِلَىٰ رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذَاباً نُّكْراً * وَأَمَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً فَلَهُ جَزَآءً ٱلْحُسْنَىٰ وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يُسْراً) (الكهف: 87-88).

ذلك، لأن الله تعالى يزَعُ بالسلطان مَا لا يزع بالقرآن، ولو تركنا أهل الفساد والمنحرفين لجزاء القيامة لفسد المجتمع، لابُدَّ من قوة تصون صلاح المجتمع، وتضرب على أيدي المفسدين، لابُدَّ من قوة تمنع مَنْ يتجرؤون علينا ويطالبون بتغيير نظامنا الإسلامي.

لذلك يقول تعالى: (وَأَعِدُّواْ لَهُمْ مَّا ٱسْتَطَعْتُمْ مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ ٱلْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ ٱللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ..) (الأنفال: 60) لابُدَّ أن يعلم العدو أن لديك الرادعَ الذي يَردعه إنِ اعتدى عليك أو حاول إفساد صلاح المجتمع.

لذلك، فالنبي -صلى الله عليه وسلم- يقول في الحديث إن السهم الذي يُرمى في سبيل الله، لكل مَنْ شارك في إعداده ورمية جزء من الثواب، فالذي قطعه من الشجرة والذي براه، والذي وضعه في القوس ورمى به؛ لأن في ذلك صيانةً للحق وصيانة للصلاح حتى يدوم، ولا يفسده أحد.

والمسئولية هنا لا تقتصر على الحكام وولاة الأمر، إنما هي مسئولية كل فرد فيمن ولي أمراً من أمور المسلمين، كما جاء في الحديث: "كلكم راع، وكلكم مسئول عن رعيته: فالأمير الذي على الناس راعٍ وهو مسئول عن رعيته، والرجل راعٍ على أهل بيته وهو مسئول عنهم، والمرأة راعية على بيت بَعْلها وولده وهي مسئولة عنهم، والعبد راعٍ على مال سيده وهو مسئول عنه، ألا فكلكم راعٍ وكلكم مسئول عن رعيته".

وعلى العامل ألاّ ينظرَ إلى مراقبة صاحب العمل، وليكُنْ هو رقيباً على نفسه، والله عز وجل يراقب الجميع، وقد جاء في الحديث القدسي: "إن كنتم تعتقدون أَنِّي لا أراكم فالخَلل في إيمانكم، وإنْ كنتم تعتقدون أَنِّي أراكم فَلِمَ جعلتموني أهونَ الناظرين إليكم؟".

والمتأمل في حركة الحياة يجدها متداخلة، فمثلاً لو أردتَ بناء بيت، فالهندسة حركة، والبناء حركة، والكهرباء حركة، والنجارة حركة، وهكذا..، فلو قلنا: إن هذا العمل يتكون من مائة حركة مثلاً، فإنك لا تملك منها إلا حركة واحدة هي عملك الذي تتقنه، والباقي حركات لغيرك، فإنْ أخلصتَ فيما للناس عندك ألهمهم الله أنْ يخلصوا لك ولو عن غير قصد، فأنت أخلصتَ وأتقنتَ حركة واحدة، وأخلص الناس لك في تسع وتسعين حركة.

واعلم أن الخواطر والأفكار بيد الله سبحانه، فإنْ راقبتَ الله فيما للناس عندك راقبهم الله لك فيما لك عندهم، وكفاك مُؤْنة المراقبة، فقد يصنع لك الصانع شيئاً، ويريد أنْ يغشَّك فيه فيحول الله بينه وبين هذا؛ ربما يجلس معه أحد معارفه فيستحي أن يغش أمامه، أو لا يجد الشيء الذي يغشك به، أو غير ذلك من الأسباب التي يُسخِّرها الله لك، فيتقن لك الصانع صَنْعته، ولو رَغْماً عن إرادته.

إذن: إن أردتَ صلاحَ أمرك فأصلح أمور الآخرين.

ومن الأساسيات التي نُصلح بها ونرث الأرض أن ننظر إلى الناس جميعاً على أنهم سواسية، لا فضلَ لأحد على أحد إلا بالتقوى والعمل الصالح، فليس فينا مَنْ هو ابن لله عز وجل، وليس منا مَنْ بينه وبين الله قرابة، قال تعالى: (إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عَندَ ٱللَّهِ أَتْقَاكُمْ..) (الحجرات: 13).

والإسلام لا يعرف الطبقية إلا في إتقان العمل، فقيمة كل امرىء ما يُحسِنه، وقد ضربنا لذلك مثلاً، وما نزال نذكره مع أنه لرجل غير مسلم، إنه رجل فرنسي كان نقيباً للعُمَّال، وكان يُدافعُ عن حُقوقهم، ويطلب لهم زيادة الدَّخْل من ميزانية الوزارة، فلمَّا تولّى منصب الوزارة وتولّى المسئولية عَدَلَ عَمَّا كان يُطالبُ به، فَضَجَّ العُمَّالُ، وأراد أحَدُهُمْ أنْ يُغِيظَهُ فقال له: اذكر يا معالي الوزير أنك كُنْتَ في يوم من الأيام مَاسِحُ أحْذِيَةٍ، فما كان من الرَّجُلِ إلّا أنْ قال: نعم.. لكني كُنْتُ أجِيدُهَا.

وسبق أن ذكرنا أن الله تعالى وَزَّعَ المواهب والقُدُرَاتِ بين خَلْقه، فساعة ترى نفسك مُمَيَّزاً على غيرك في شيء فلا تغترَّ به، وابحثْ فيما مُيّز به عنك غيرُك؛ لأننا جميعاً عند الله سواء، لا يحابي منا أحداً على أحد، فأنت مُميز بعلمك أو قوتك، وغيرك أيضاً مُميز في سعادته مع أهله أو في أمانته وثقة الناس به، أو في رضاه بما قسم له أو في مقدرته على نفسه ورضاه بالقليل، وقد يُميَّز الواحد مِنَّا بالولد الصالح الذي يكون مِطْواعاً لأبيه، وقُرة عَيْن له.

إذن: هذه مسألة مُقدّرة محسوبة؛ لأن ربك سبحانه قيُّوم عليك، لا تخفى عليه منك خافية، وحين يُميّز بعضنا على بعض إنما ليدكّ فينا الغرور والكبرياء، وينزع من قلوبنا الحِقْد والغلَّ، وهكذا يتوازن المجتمع، ولا يكون التميز مثار حقدٍ؛ لأن تميزَ غيرك لصالحك، وسيعود عليك.

والحق -سبحانه وتعالى- يُحدِّثنا عن يوم القيامة، وكيف أن الشمس ستدنو من الرؤوس، ويشتدّ بالناس الكرب، إلا هؤلاء الذين يُظلُّهم الله في ظِلِّه يوم لا ظل إلا ظله، ذلك لأنهم كانوا مظلة أمان في الدنيا، فأظلهم الله في الآخرة.

كما جاء في الحديث الشريف: "سبعة يُظلهم الله في ظلِّه يوم لا ظلَّ إلا ظلُّه: إمام عادل، وشاب نشأ في عبادة الله، ورجل قلبه مُعلَّق في المساجد، ورجلان تحابَّا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه، ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال: إني أخاف الله، ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم يمينه ما تنفق شماله، ورجل ذكر الله خالياً ففاضت عيناه".

نعم، لقد صنع هؤلاء بسلوكهم القويم مظلَّة أمانٍ في الكون، فاستحقوا مظلَّة الله في الآخرة.

وبمثل هؤلاء يتوازن المجتمع المسلم ويَرْقَى إلى القمة، هذا المجتمع الذي نريده هو مجتمع غنيّه متواضع، وفقيره كريم شريف، وشابُّه طائع.

يقول رب العزة سبحانه في الحديث القدسي: "أحِبُّ ثلاثة وحُبِّي لثلاثة أشدُّ -فهؤلاء ستة نقسمهم إلى قسمين- أحِبُّ الفقير المتواضع، وحُبِّي للغني المُتواضع أشد -لأن عنده أسبابَ الكبر ومع ذلك يتواضع- وأحِبُّ الغنيِّ الكريم وحُبِّي للفقير الكريم أشَدّ، وأحِبُّ الشيخ الطائع وحُبِّي للشَّابِّ الطائع أشَدُّ".         

"وأكره ثلاثة وكُرْهي لثلاثة أشد: أكره الغني المتكبر، وكُرْهي للفقير المتكبر أشدّ، وأكره الفقير البخيل، وكُرْهي للغني البخيل أشد، وأكره الشاب العاصي وكرهي للشيخ العاصي أشد".
 
هؤلاء اثنا عشر نوعاً: ستة في المحبوبية، وستة في المكروهية، وكلما التزمنا بتطبيق هذا المنهج وجدنا مجتمعاً راقياً من الدرجة الأولى.



سورة الأنبياء الآيات من 101-105 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
 
سورة الأنبياء الآيات من 101-105
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» سورة الأنبياء الآيات من 021-025
» سورة الأنبياء الآيات من 106-112
» سورة الأنبياء الآيات من 026-030
» سورة الأنبياء الآيات من 031-035
» سورة الأنبياء الآيات من 036-040

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers :: (العربي) :: الشيخ محمد متولي الشعـراوي :: الأنبياء-
انتقل الى: