| سورة الأنبياء الآيات من 066-075 | |
|
|
كاتب الموضوع | رسالة |
---|
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| موضوع: سورة الأنبياء الآيات من 066-075 الثلاثاء 30 يونيو 2020, 11:53 pm | |
| قَالَ أَفَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكُمْ شَيْئًا وَلَا يَضُرُّكُمْ (٦٦) تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)
يعني: لا ينفعكم بشيء إنْ عبدتموه ولا يضرّكم بشيء إنْ تركتم عبادته.
عدل سابقا من قبل أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn في الأربعاء 01 يوليو 2020, 6:21 pm عدل 1 مرات |
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| موضوع: رد: سورة الأنبياء الآيات من 066-075 الثلاثاء 30 يونيو 2020, 11:54 pm | |
| أُفٍّ لَكُمْ وَلِمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (٦٧) تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)
أفٍّ: اسم فعل بمعنى أتضجر، فليس اسماً، ولا فعلاً، ولا حرفاً، إنما (أف) اسمٌ مدلوله فعل، ففيه من الاسمية، وفيه من الفعلية؛ لذلك يسمونها "الخالفة" لأن كلام العرب يدور على اسم أو فعل أو حرف، مثل هيهات: اسم فعل بمعنى بَعُدَ.
فإبراهيم -عليه السلام- يعبِّر بهذه الكلمة (أُفٍّ) عن ضيقه وتضجُّره مِمَّا يفعل قومه من عبادة الأصنام من دون الله. |
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| موضوع: رد: سورة الأنبياء الآيات من 066-075 الثلاثاء 30 يونيو 2020, 11:55 pm | |
| قَالُوا حَرِّقُوهُ وَانْصُرُوا آلِهَتَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ (٦٨) تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)
ونلحظ قولهم (حَرِّقُوهُ..) (الأنبياء: 68) بالتضعيف الدالّ على المبالغة، ولم يقولوا مثلاً: احْرٍقوه، وقد اجتمعوا على هذا الفعل فبنَوْا بناءً وضعوا فيه النار، ومكثوا أربعين يوماً يسجرونها بكل ما يمكن أن يشتعل، وبذلك اشتدت حرارة النار، حتى إن الطير الذي يمرُّ فوق هذه النار كان يسقط مشوياً من شدة حرها.
والدليل على ذلك أنهم لما أرادوا إلقاء إبراهيم في النار لم يستطيعوا الاقتراب منها لشدة لَفْحها، فصنعوا له منِجنيقاً لِيُلْقُوه به في النار من بعيد.
وقولهم: (وَٱنصُرُوۤاْ آلِهَتَكُمْ..) (الأنبياء: 68) حسب اعتقادهم كأن المعركةَ بين إبراهيم والآلهة، والحقيقة أن الآلهة التي يعبدونها مع إبراهيم وليست ضده، فالمعركة -إذن- بين إبراهيم وبين عُبَّاد الأصنام.
وقولهم: (إِن كُنتُمْ فَاعِلِينَ) (الأنبياء: 68) يعني: إنْ فعلتم شيئاً بإبراهيم فَحرِّقوه.
ثم يقول الحق سبحانه عن إنجائه لإبراهيم -عليه السلام- من هذه المَحْرقَة: (قُلْنَا يٰنَارُ كُونِي...). |
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| موضوع: رد: سورة الأنبياء الآيات من 066-075 الثلاثاء 30 يونيو 2020, 11:56 pm | |
| قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ (٦٩) تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)
جاء هذا الأمر من الحق الأعلى سبحانه؛ ليخرق بالمعجزة نواميس الكون السائدة، ولا يخرق الناموسَ إلا خالقُ الناموس، كما قلنا في قصة موسى عليه السلام: الماء قانونه السيولة والاستطراق، ولا يسلبه هذه الخاصية إلا خالقه؛ لذلك فَرَقه لموسى فُرْقاناً -كما قلنا- كلُّ فِرْق كالطَّوْد العظيم، فلا يُعطّل قانون الأشياء إلا خالقها؛ لأن الأشياء لم تُخلق لتكون لها القدرة على قيُّومية نفسها، بل مخلوقة تُؤدِّي مهمة، والذي خلقها للمهمة هو القادر أنْ يسلبَها خواصّها.
وفَرْق بين فِعْل العبد وفِعْل الحق سبحانه: فلو أنَّ في يدك مسدساً، وأنت تُحسِن التصويب، وأمامك الهدف، ثم أطلقتَ تجاه الهدف رصاصة، أَلَكَ تحكُّمٌ فيها بعد ذلك؟
أيمكن أنْ تأمرها أن تميلَ يميناً أو شمالاً؟
لكن الحق سبحانه يتحكّم فيها، ويُسيِّرها كيف يشاء، فالحق سبحانه خلق النار وخلق فيها خاصية الإحراق، وهو وحده القادر على سَلْب هذه الخاصية منها، فتكون ناراً بلا إحراق، فليس للنار قيومية بذاتها.
لذلك يقول البعض: بمجرد نْ صدر الأمر: (يٰنَارُ كُونِي بَرْداً وَسَلَٰماً..) (الأنبياء: 69) انطفأت كل نار في الدنيا، فلما قال: (عَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ) (الأنبياء: 69) أصبح الأمر خاصاً بنار إبراهيم دون غيرها، فاشتعلت نيران الدنيا عدا هذه النار.
ونلحظ أن الحق سبحانه قيَّد بَرْداً بسلام؛ لأن البرد المطلق يؤذي.
ثم يقول الحق سبحانه: (وَأَرَادُواْ بِهِ كَيْداً...). |
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| موضوع: رد: سورة الأنبياء الآيات من 066-075 الثلاثاء 30 يونيو 2020, 11:58 pm | |
| وَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَخْسَرِينَ (٧٠) تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)
والمراد بالكيد هنا مسألة الإحراق، ومعنى الكيد: تدبير خفيّ للعدو حتى لا يشعر بما يُدبَّر له، فيحتاط للأمر، والكيد يكون لصالح الشيء، ويكون ضده، ففي قوله تعالى: (كَذٰلِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ..) (يوسف: 76).
أي: لصالحه فلم يقُلْ: كِدْنا يوسف إنما كِدْنا له، وقالوا في الكيد: إنه دليل ضعف وعدم قدرة على المواجهة، فالذي يُدبِّر لغيره، ويتآمر عليه خُفْية ما فعل ذلك إلاّ لعدم قدرته على مواجهته.
لذلك يقولون: أعوذ بالله من قبضة الضعيف، فإنِّي قويٌّ على قبضة القوي.
فإذا ما تمكّن الضعيف من الفرصة لا يدعها؛ لأنه لا يضمنها في كل وقت، أما القوي فواثق من قوته يستطيع أن ينال خَصْمه في أيِّ وقت.
ومن هنا قال الشاعر: وَضَعِيفَةً فَإِذَا أَصَابَتْ فُرْصَة قتلتْ كَذلِكَ قْدْرَةُ الضُّعفَاءِ
لذلك استدلوا على ضعف النساء بقوله تعالى: (إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ) (يوسف: 28) وما دام أن كيدهن عظيم، فضعفُهن أيضاً عظيم أو حتى أعظم.
ثم قوله تعالى: (فَجَعَلْنَاهُمُ ٱلأَخْسَرِينَ) (الأنبياء: 70) والأخسرون جمع أخسر، على وزن أفعل؛ ليدل على المبالغة في الخُسْران، وقد كانت خسارتهم في مسألة حَرْق إبراهيم من عِدَّة وجوه: أولاً أن إبراهيم عليه السلام لم يُصِبْه سوء رغم إلقائه في النار، ثم إنهم لم يَسْلَموا من عداوته، وبعد ذلك سيُجازون على فِعْلهم، هذا في الآخرة، فأيُّ خُسْران بعد هذا؟
ثم يقول الحق تبارك وتعالى: (وَنَجَّيْنَاهُ وَلُوطاً إِلَى...). |
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| موضوع: رد: سورة الأنبياء الآيات من 066-075 الأربعاء 01 يوليو 2020, 2:49 am | |
| وَنَجَّيْنَاهُ وَلُوطًا إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ (٧١) تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)
(وَنَجَّيْنَاهُ..) (الأنبياء: 71) يعني: كان هناك شرٌّ يصيبه، وأذىً يلحق به، فنجّاه الله منه، وهذه النجاة مستمرة، فبعد أنْ أنجاه الله من النار أنجاه أيضاً مِمَّا تعرَّض له من أَذَاهم.
(وَلُوطاً..) (الأنبياء: 71) وكان لوط عليه السلام ابنَ أخ إبراهيم (إِلَى ٱلأَرْضِ ٱلَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ) (الأنبياء: 71) أي: قلنا لإبراهيم: اترك هذه الأرض -وهي أرض بابل من العراق- واذهب إلى الأرض المقدسة بالشام، وخُذْ معك ابن أخيك، فبعد أنْ نجاهما الله لم يتركهما في هذا المكان، بل اختار لهما هذا المكان المقدس.
والأرض حينما تُوصَف يُراد بها أرضاً مُحدَّدة مخصوصة، فإذا لم تُوصَف فتطلق على الأرض عامة إلا أن يعينها سياق الحال، فمثلاً لما قال أخو يوسف: (فَلَنْ أَبْرَحَ ٱلأَرْضَ حَتَّىٰ يَأْذَنَ لِيۤ أَبِيۤ..) (يوسف: 80) فالسياق يُوضِّح لنا أنها أرض مصر.
لكن قوله: (وَقُلْنَا مِن بَعْدِهِ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ ٱسْكُنُواْ ٱلأَرْضَ..) (الإسراء: 104) فلم تُعيَّن، فدلَّ ذلك على أنها الأرض عامة، اسكنوا كُلَّ الأرض، يعني: تبعثروا فيها، ليس لكم فيها وطن مستقل، كما قال في آية أخرى: (وَقَطَّعْنَاهُمْ فِي ٱلأَرْضِ أُمَماً..) (الأعراف: 168).
فإذا أراد الله تجمعوا من الشتات (فَإِذَا جَآءَ وَعْدُ ٱلآخِرَةِ..) (الإسراء: 104) أي: المرة التي سينتصرون فيها (جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفاً) (الإسراء: 104) وهكذا يتجمَّعون في مكان واحد، فيسْهُلُ القضاء عليهم.
ومعنى (بَارَكْنَا فِيهَا..) (الأنبياء: 71) البركة قد تكون مادية أو معنوية، وهي الزروع والثمار والأنهار والخيرات، أو بركة معنوية، وهي بركة القِيَم في الأرض المقدسة، وهي أرض الأنبياء، ومعالم النبوة والرسالات.
ثم يقول الحق سبحانه: (وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ...). |
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| موضوع: رد: سورة الأنبياء الآيات من 066-075 الأربعاء 01 يوليو 2020, 2:50 am | |
| وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ نَافِلَةً وَكُلًّا جَعَلْنَا صَالِحِينَ (٧٢) تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)
يعطينا الحق سبحانه هنا لقطةً من قصة إبراهيم لكن بعيدة عَمّا نحن بصدده من الحديث عنه، فقد وهب الله لإبراهيم إسحاق لما دعا الله قال: (رَبِّ هَبْ لِي مِنَ ٱلصَّالِحِينَ) (الصافات: 100) مع أنه كان عنده إسماعيل، لكن إسماعيل من هاجر، وقد تحركت مشاعر الغَيْرة لدى سارة، ووجدت في نفسها ما تجده النساء في مسألة الولد، وكيف يكون لإبراهيم ولد من هاجر التي زوَّجتها له دون أن يكون لها مِثْله.
لذلك ألحَّتْ سارة على إبراهيم أن يدعو الله أنْ يرزقها الولد، فدعا إبراهيم ربه، وأراد الحق سبحانه أن يجيب إبراهيم، وأن يُحقِّق له ما ترجوه زوجته، لكن أراد أن يعطيه هذا الولد في ملحظ عقدي يُسجَّل ولا يزول عن الأذهان أبداً، ويظلُّ الولد مقترناً بالحادثة.
فبداية قصة إسحاق لما أمر الله نبيه إبراهيم في الرؤيا أن يذبح ولده إسماعيل، فأخبره برؤياه: (يٰبُنَيَّ إِنِّيۤ أَرَىٰ فِي ٱلْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَٱنظُرْ مَاذَا تَرَىٰ..) (الصافات: 102).
أراد إبراهيم أنْ يُشرك ولده معه في هذا الاختبار، وألاَّ يأخذه على غِرَّة حتى لا تتغير نفسه نحو أبيه فيكرهه وهو لا يعلم ما حدث، وأراد أيضاً ألاَّ يحرم ولده من الثواب والأجر على هذه الطاعة وهذا الصبر على البلاء.
أمَّا إسماعيل فمن ناحيته لم يعارض، ولم يقُلْ مثلاً: يا أبت هذه مجرد رؤيا وليست وحياً، وكيف نبني عليها، بل نراه يقول: (يٰأَبَتِ ٱفْعَلْ مَا تُؤمَرُ..) (الصافات: 102) ولم يقُلْ: أفعل ما تقول، فما دام الأمر من الله فافعل ما أمرتَ به: (سَتَجِدُنِيۤ إِن شَآءَ ٱللَّهُ مِنَ ٱلصَّابِرِينَ) (الصافات: 102).
(فَلَمَّا أَسْلَمَا..) (الصافات: 103) أي: هما معاً إبراهيم وإسماعيل: (وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ..) (الصافات: 103) يقال: تله يعني جعل رأسه على التل، وهو المكان المرتفع من الأرض، و: (لِلْجَبِينِ) (الصافات: 103) يعني: جعل جبهته مباشرة للأرض، بحيث يذبحه من قفاه، وهذا هو الذَّبْح العاجل المثمر.
(وَنَادَيْنَاهُ أَن يٰإِبْرَاهِيمُ * قَدْ صَدَّقْتَ ٱلرُّؤْيَآ..) (الصافات: 104-105) وما دُمْتَ صدّقْتَ الرؤيا، فلكَ جزاء الإحسان؛ لأنك أسرعتَ بالتنفيذ مع أنها رؤيا، كان يمكنه أن يتراخى في تنفيذها، لكنه بمجرد أن جاء الأمر قام وولده بتنفيذه.
إذن: الحق سبحانه لا يريد من عبده إلا أنْ يُسلِّم بقضائه.
وصدق القائل: سَلِّم لربِّكَ حُكْمَهُ فلحكمةٍ يَقْضِيــه حتى تستريح وتنْعمَا واذْكُرْ خليلَ اللهِ في ذَبْحِ ابنهِ إذ قال خالقه فلما أسلمَا
لذلك لا يرفع الله قضاءً يقضيه على خلقه إلا إذا رُضِيَ به، فلا أحدَ يُجبر الله على شيء، وضربنا لذلك مثلاً -ولله المثل الأعلى- بالأب حين يدخل، فيجد ولده على أمر يكرهه، فيزجره أو يضربه ضربة خفيفة، تُعبِّر عن غضبه، فإنْ خضع الولد لأبيه واستكان عاد الوالد عطوفاً حانياً عليه وربما احتضنه وصالحه، أمّا لو عارض الولد وتبجَّح في وجه والده فإنه يشتد عليه ويُضاعِف له العقوبة، وتزداد قسوته عليه.
وهكذا الحال مع إبراهيم(وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ) (الصافات: 107) ففدينا له إسماعيل، ليس هذا وفقط بل: (وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ..) (الصافات: 112) ثم زاده بأنْ جعل إسحاق أيضاً نبياً مثل إسماعيل، هذه هي مناسبة الكلام عن إسحاق ويعقوب.
هنا يقول تعالى: (وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ نَافِلَةً..) (الأنبياء: 72) والنافلة: الزيادة، وقد طلب من ربه ولداً من الصالحين، فبشَّره الله بإسحاق ومن بعده يعقوب وجميعهم أنبياء؛ لذلك قال (نَافِلَةً..) (الأنبياء: 72) يعني: أمر زائد عما طلبتَ؛ فإجابة الدعاء بإسحاق، والزيادة بيعقوب، وسرور الإنسان بولده كبير، وبولد ولده أكبر، كما يقولون: "أعز من الوِلْد وِلْد الولد" والإنسان يضمن بقاء ذِكْره في ولده، فإن جاء ولد الولد ضَمِن ذِكْره لجيل آخر.
والهبة جاءت من الله؛ لأن المرأة لم تكُنْ صالحة للإنجاب، بدليل قوله تعالى: (فَأَقْبَلَتِ ٱمْرَأَتُهُ فِي صَرَّةٍ فَصَكَّتْ وَجْهَهَا وَقَالَتْ عَجُوزٌ عَقِيمٌ) (الذاريات: 29) فردَّ عليها: (قَالُوۤاْ أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ ٱللَّهِ..) (هود: 73) أي: أنه سبحانه قادر على كل شيء.
ويقول الحق سبحانه: (وَكُلاًّ جَعَلْنَا صَالِحِينَ) (الأنبياء: 72) فالحفيد نافلة وزيادة في عطاء الذرية، ومبالغة في الإكرام، ثم يمتن الله على الجميع بأن يجعلهم صالحين، ويجعلهم أنبياء، كما قال في آية أخرى: (وَكُلاًّ جَعَلْنَا نَبِيّاً) (مريم: 49). |
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| موضوع: رد: سورة الأنبياء الآيات من 066-075 الأربعاء 01 يوليو 2020, 2:51 am | |
| وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ (٧٣) تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)
أئمة: ليس المقصود بالإمامة هنا السُّلْطة الزمنية من باطنهم، إنما إمامة القدوة بأمر الله (يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا..) (الأنبياء: 73) فهم لا يصدرون في شيء إلا على هُدًى من الله.
وقوله تعالى: (وَأَوْحَيْنَآ إِلَيْهِمْ فِعْلَ ٱلْخَيْرَاتِ..) (الأنبياء: 73) أي: يفتح لهم أبواب الخير ويُيسِّر لهم ظروفه؛ لأن الموفّق الذي يتوفر لديه الاستعداد للخير يفتح الله له مصارف الخير ويُعينه عليه.
(وَإِقَامَ ٱلصَّلاَة وَإِيتَآءَ ٱلزَّكَـاةِ..) (الأنبياء: 73) وإقامة الصلاة هي: عَيْن الخيرات كلها؛ لأن الخيرات نعمة، لكن إقامة الصلاة حضرة في جانب المنعِم سبحانه، فالصلاة هي خَيْر الخَيْر.
ومع ذلك نجد مَنْ يتشاغل عن الصلاة، ويعتذر بالعمل وعدم الوقت... الخ وكلها أعذار واهية، فكنتُ أقول لبعض هؤلاء: بالله عليك لو احتجتَ دورة المياه أتجد وقتاً أم لا؟
يقول: أجد الوقت، فلماذا -إذن- تحتال في هذه المسألة وتدبر الوقت اللازم، ولا تحتال في وقت الصلاة؟
وربك عز وجل لو علم منك أنك تُجيب نداءه لَسهَّل لك الإجابة وقد رأينا الحق سبحانه يُسخِّر لك حتى الكافر ليعينك على أمر الصلاة.
ففي إحدى سفرياتنا إلى بلجيكا رأينا أن أولاد المسلمين هناك لا يدرسون شيئاً من الدين الإسلامي في المدارس، بل يُدرِّسون لهم الدين المسيحي، فطلبنا مقابلة وزير المعارف عندهم، وتكلمنا معه في هذا الأمر، وكانت حُجَّتنا أنكم قبلتُم وجود هؤلاء المسلمين في بلادكم لحاجتكم إليهم، وإسهامهم في حركة حياتكم، ومن مصلحتكم أن يكون عند هؤلاء المسلمين دين يراقبهم قبل مراقبتكم أنتم، وأنتم أوّلُ المستفيدين من تدريس الدين الإسلامي لأولاد المسلمين.
وفعلاً في اليوم التالي أصدروا قراراً بتدريس الدين الإسلامي في مدارسهم لأولاد المسلمين؛ ذلك لأن الإسلام دين مثمر، ودين إيجابي تضمنه وتأمنه.
فلأهمية الصلاة ذكرها الحق سبحانه في أول أفعال الخيرات، وفي مقدمتها، فقمّة الخيرات أنْ تتواجد مع الإله الذي يهبُكَ هذه الخيرات.
(وَإِيتَآءَ ٱلزَّكَـاةِ..) (الأنبياء: 73) والزكاة تطبيق عمليٌّ للاستجابة لله حين تُخرج جزءاً من مالك لله، والصلاة دائماً ما تُقرَن بالزكاة، فالعلاقة بينهما قوية، فالزكاة تضحية بجزء من المال، والمال في الحقيقة نتيجة العمل، والعمل فرع الوقت، أما الصلاة فهي تضحية بالوقت ذاته.
وقوله تعالى: (وَكَانُواْ لَنَا عَابِدِينَ) (الأنبياء: 73) أي: مطيعين لأوامرنا، مجتنبين لنواهينا، فالعبادة طاعة عابد لمعبوده.
ثم يقول الحق سبحانه: (وَلُوطاً آتَيْنَاهُ حُكْماً وَعِلْماً...). |
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| موضوع: رد: سورة الأنبياء الآيات من 066-075 الأربعاء 01 يوليو 2020, 2:51 am | |
| وَلُوطًا آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ تَعْمَلُ الْخَبَائِثَ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فَاسِقِينَ (٧٤) تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)
(وَلُوطاً..) (الأنبياء: 74) جاءتْ منصوبة؛ لأنها معطوفة على قوله تعالى: (وَلَقَدْ آتَيْنَآ إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ..) (الأنبياء: 51) وأيضاً: آتينا لوطاً رشده.
والحُكْم: يعني الحكمة، وأصله من الحكمة التي تُوضَع في حنك الفَرَس؛ لأن الفَرس قد يشرد بصاحبه أو يتجه إلى جهة غير مرادة لراكبه؛ لذلك يوضع في حنكه اللجام أو الحَكمة، وهي قطعة من الحديد لها طرفان، يتم توجيه الفرس منهما يميناً أو شمالاً.
ومن ذلك الحِكْمة، وهي وَضْع الشيء في موضعه، ومنه الحُكْم، وهو: وضع الحقَ في مَوْضعه من الشاكي أو المشكو أي: الخصمين.
(وَلُوطاً آتَيْنَاهُ حُكْماً وَعِلْماً..) (الأنبياء: 74) وفرْقٌ بين العِلْم والحكم: العلم أن تُحقِّق وتعرف، أمَّا الحكم فسلوك وتطبيق لما تعلم، فالعلم تحقيق والحكم تطبيق.
ثم يقول تعالى: (وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ ٱلْقَرْيَةِ ٱلَّتِي كَانَت تَّعْمَلُ ٱلْخَبَائِثَ..) (الأنبياء: 74) فقد نجَّى الله إبراهيم عليه السلام من النار، وكذلك نجَّى لوطاً من أهل القرية التي كانت تعمل الخبائث، والخبائث في قوم لوط معروفة.
لذلك يقول بعدها: (إِنَّهُمْ كَانُواْ قَوْمَ سَوْءٍ فَاسِقِينَ) (الأنبياء: 74) ورجل السَّوءْ هو الذي يسوء كل مَنْ يخالطه، لا يسوء البعض دون البعض، فكل مَنْ يخالطه أو يحتكّ به يسؤوه.
والفِسْق: الخروج عن أوامر التكليف، وهذا التعبير ككُلِّ التعابير القرآنية مأخوذ من واقعيات الحياة عند العرب، فأصل الفِسْق من فَسَقتِ الرُّطبة عن قشرتها حين تستوي البلحة فتنفصل عنها القشرة حتى تظهر منها الرُّطبة، وهذه القشرة جُعِلَتْ لتؤدي مهمة، وهي حِفْظ الثمرة، كذلك نقول في الفسق عن المنهج الديني الذي جاء ليؤدي مهمة في حياتنا، فمَنْ خرج عنه فهو فاسق.
ثم يقول الحق سبحانه: (وَأَدْخَلْنَاهُ فِي رَحْمَتِنَآ...). |
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| موضوع: رد: سورة الأنبياء الآيات من 066-075 الأربعاء 01 يوليو 2020, 2:52 am | |
| وَأَدْخَلْنَاهُ فِي رَحْمَتِنَا إِنَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ (٧٥) تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)
كيف؟
ألسنا جميعاً في رحمة الله؟
قالوا: لأن هناك رحمة عامة لجميع الخَلْق تشمل حتى الكافر، وهناك رحمة خاصة تعدي الرحمة منه إلى الغير، وهذه يعنُون بها النبوة، بدليل قول الله تعالى: (وَقَالُواْ لَوْلاَ نُزِّلَ هَـٰذَا ٱلْقُرْآنُ عَلَىٰ رَجُلٍ مِّنَ ٱلْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ) (الزخرف: 31) فردَّ الله عليهم: (أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ..) (الزخرف: 32) أي: النبوة: (نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَّعِيشَتَهُمْ فِي ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا..) (الزخرف: 32).
فكيف يقسمون رحمة الله التي هي النبوة، وهي قمة حياتهم، ونحن نقسم لهم أرزاقهم ومعايشهم في الدنيا؟
فمعنى (وَأَدْخَلْنَاهُ فِي رَحْمَتِنَآ..) (الأنبياء: 75) أي: في رَكْب النبوة (إِنَّهُ مِنَ ٱلصَّالِحِينَ) (الأنبياء: 75) أي: للنبوة، والله أعلم حيث يجعل رسالته، لكن قمة هذه الرحمة جاءت في النبي الخاتم والرسول الذي لا يُستْدرك عليه برسول بعده؛ لذلك خاطبه ربه بقوله: (وَمَآ أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ) (الأنبياء: 107).
فالرسل قبل محمد -صلى الله عليه وسلم- كانوا رحمة لأممهم، أمّا محمد فرحمة لجميع العالمين.
ثم يحدثنا الحق سبحانه عن رسول آخر من أولي العزم من الرسل: (وَنُوحاً إِذْ نَادَىٰ مِن قَبْلُ...). |
|
| |
| سورة الأنبياء الآيات من 066-075 | |
|