(32) القيام من سنجافورة إلى هنغ كونغ:
وصلنا إلى هنغ كونغ بعد ستة أيام وقد مررنا في الطريق على مدينة سيجون وطوران، ونرى أن الإفاضة في وصف هاتين المدينتين غير لائق في هذا المقام؛ إذ غاية ما يصل إليه الواصف هو أنهما من المُدُنِ التي لها حظٌّ من العمران، وقد امتاز أهل سيجون بدماثة الأخلاق ولطف السَّجايا وحُسْنِ مُعاملة الأجانب، رأيتُ منهم هذه الأخلاق الفاضلة فتمثَّلت بقول الشاعر:
لسان الفتى نصف ونصف فؤاده
فلم يبقَ إلَّا صورة اللحم والدم


أمَّا هنغ كونغ فهي واقعة في جزيرة من جزر الصين على مصبِّ نهر كانتون، وقد حفظ التاريخ لهذه المدينة حوادث عظمى في القرون الخالية وتقلَّبت في أطوارٍ شتى، حتى استولى عليها الإنكليز من سنة 1842 ميلادية، وهي عامرة بأنواع المتاجر الفاخرة والعمائر الضخمة وحسن انتظام طرقاتها ومسالكها، وماذا عساي أقول في وصف مدينة لم يقع نظري على شيء فيها إلَّا شاقه وأعجبه، وقد يُخيَّل للقادم عليها أنها بُنِيت على جبل أو هضبة لارتفاع منازلها، وإني أرى أن المقام يسمح لي بأن أذكر بعض شيء عن أحوال الصين الاجتماعية خصوصًا فيما يتعلق بالمُسْلِمين في هذه المملكة، وذلك مما عرفته من محادثةٍ جرت بيني وبين بعض فضلاء الصينيين، وهو حضرة الفاضل السيد سليمان الصيني الذي رافقني إلى اليابان.

أمَّا المُسْلِمون في الصين فليس لهم شعار مخصوص يميزهم عن باقي الأهالي من أهل الأديان الأخرى، كالبوذيين والبراهمة، فلا تكاد تعرف الواحد منهم حتى يعرِّفك هو بنفسه أنه مسلم، أو مسيحي، أو بوذي، وهم متحدون في الكلمة يُحِبُّ بعضهم بعضًا، ويسعون في المنافع المتبادلة بينهم، كما أنهم يَدٌ واحدة في كُلِّ ما يهمهم من أمور الدُّنْيَا والدِّين، وهم أبعد أهل الصين عن الفتن، والقلاقل المخلة بالأمن العام، وإذا اختلفوا في أمر ديني فمرجعهم إلى العلماء والفقهاء منهم، وإذا اختلفوا في أمر دنيوي فالحكومة هي التي تفصل بينهم في قضاياهم في هذا الخصوص.

وهُم يَعُدُّونَ أنفسهم أشرف أهل الصين ويفخرون بأنهم من الذين أنْعَمَ اللهُ عليهم بنعمة الإيمان والتوحيد؛ ولذلك لا تجد أحدًا منهم يأمن في المعاملة والمعاشرة إلا لأبناء دينه، ولا يخالط أحدًا من أهل الأديان الأخرى إلا المسيحي الكاثوليكي، ومع كثرة عددهم فهم متشتِّتون في أنحاء المملكة، ويوجد منهم عَدَدٌ عظيم في بكين عاصمة الصين، وبهذه الحالة يصعب عليهم أن يؤلِّفوا لهم جمهورية أو مملكة مستقلة، ومع هذه الحالة فهم يحترمون الحكومة أيُّمَا احترام ويسيرون في كُلِّ أحوالهم الاجتماعية على مقتضى القوانين التي سنَّتها لهم حكومتهم من غير مخالفة لها وحيادٍ عنها، غير ناظرين إلى أن الحاكم ليس من أهل دينهم، وإنما جُل مرغوبهم أن يعيشوا في هناء وصفاء، وقد يَسُومُهم العداء ويعاكسهم في عباداتهم كثيرون من الأرثوذكس، والبروتوستانت، والبوذيين من أهل الصين للعداوة المتأصِّلة في نفوسهم ضدَّ الإسلام والمُسْلِمين، كما أنهم يعتقدون مسلمي الصين ليسوا من الجنس الصيني وإلَّا لَمَا اعتنقوا دين الإسلام، والمُسْلِمون كلما رأوا منهم إهانة لهم أو معاكسة ينادونهم بقولهم “هوى هوى”، وقد سألت حضرة السيد سليمان عن معنى هذه الجملة، فقال لي: ليس لها معنًى في لغة أهل الصين الأصلية، وإنما المعنى المصطلح عليه عند المُسْلِمين هو “ارجعوا ارجعوا” والمُراد ارجعوا عن هذه المشاكل واتبعوا الإسلام.

والمُسْلِمُونَ في الصين هم أهل صناعة وصناعتهم هي أحسن ما تفخر به الصين قديمًا وحديثًا ويحمل منها إلى سائر أنحاء الكرة الأرضية، وأشهرها في مصنوعات الصوف والحرير؛ ولذلك فهم لا يميلون إلى الاستخدام في دوائر الحكومة بخلاف غيرهم، وهذه فضيلة من الفضائل التي يُغبَطون عليها.

وقد رَأَيْتُ أهلَ الصين على اختلاف المذهب والدِّين مُتَّفِقِينَ أغلبهم على إرسال شَعْرِ الرَّأسِ مَضْفُورًا ضفيرة واحدة وشواربهم ملوية إلى الأسفل مع طولها؛ ولذلك لا مميِّز بين المُسْلِم وغيره لاتفاق الكُلِّ في الزي والهندام، وإذا سمع العوام من الصينيين غير المُسْلِمين كلمة “هوى هوى” يجيبونهم بقولهم: “تسى” ومعنى هذه الكلمة اللص، ولكن المُسْلِمين يسخرون منهم ولا يلتفتون إلى قولهم هذا ويعتبرونه من القول الهُراء الذي لا معنى له ولا تأثير، ولو عامل مسلمو الصين هؤلاء بمثل ما يعاملونهم به، لأصبحت أرض الصين مرسحًا تمثل عليه أفظع روايات الحوادث الفظيعة، وقد سبق في الزَّمن الغابر أن المُسْلِمين ضاقوا ذرعًا بما يفعله البوذيون فجرت حوادث أقامت الصين وأقعدتها وجرت فيها الدماءُ أنهارًا، وخُرِّبت لأجلها مدائن فمنها ثورة في “كشوفر” وهي المشهورة عندهم التي حدثت سنة 1828 ميلادية، ومنها الثورة التي كانت سببًا في خراب مقاطعة يونان التي ابتدأت من سنة 1855 وانتهت في سنة 1873، والثورة التي حدثت في “كانس” وأُخمِدت نيرانها في سنة 1882، ومن عِظَمِ خَطْبِ هذه الثورات التي ارتجَّت لها الأرض، وزلزلت زلزالها، وتوقعت أوروبا وقوع حرب عأمَّة صليبية ولم تزل إلى الآن آثار هذه الثورات في بلاد الصين، وعلى الخصوص في مدينة “أنشى”، التي دُمِّرت في ذلك الحين، وأصبحت خاوية على عروشها، ولم يبقَ منها إلَّا أطلال بالية.

ولَمَّا حصلت هذه الثورات حظرت الحكومة على المُسْلِمين الخروج من بيوتهم ليلًا حذرًا من زيادة الاضطراب فلم يقبل المُسْلِمون ذلك.

وكَأنَّ المذهب الكاثوليكي أخرج المُتدينين به عن دائرة كُلِّ مسيحي يُعادي المُسْلِم، فهم يميلون إلى المُسْلِمين كُلَّ الميل، والذي قوَّى روابط هذا الوداد بينهم هو أنه لَمَّا حدثت حوادث سنة 1900، وهي حوادث البوكسر التي اشتركت الدول في إخمادها أظهر المُسْلِمون انعطافهم نحو البوكسر من غير أن ينضمُّوا إليهم أو يساعدوهم في الثورة، حتى إنهم لَمَّا رأوا هذا الانعطاف منهم طمعوا في أن يساعدوهم، فأبى المُسْلِمون أن يجيبوهم إلى رغبتهم، بل كانت مساعدتهم لهم هو نفس الانعطاف الذي أظهروه نحوهم، ومن العجيب المُدهش أن أوروبا تتهم المُسْلِمين بالتعصُّب تُهمة لا دليل عليها ولا نصيب لها من الصِّحةَّ، فلو كان المُسْلِمون مُتعصِّبين حقيقة لَمَا ظهر مسلمو الصين بمثل هذا المظهر نحو المسيحيين هناك، ونعود ونقول إنَّهُ لَمَّا حدثت الحوادث المتقدِّمة الذكر بين المُسْلِمين والوثنيين توجَّه أكابر المُسْلِمين إلى رؤساء الديانة المسيحية الكاثوليكية، وأخبروهم بأنهم يختارون علأمَّة مخصوصة لأبناء طائفتهم تُمَيِّزُهُمْ عن غيرهم خوفًا من الالتباس الذي يتسبَّبُ عنه إصابتهم بمثل ما أصيب به الوثنيون، فلينظر القارئ المُنصف إلى هذه الأفعال هل تَصْدُرُ من مُتَعَصِّبٍ أم من أمَّة دينُها يأمرها بعدم أذى مَنْ يُخلص لها المُعاملة؟

إنَّ الدِّينَ الإسلامي هو دِينُ السِّلمِ دِينُ حُسْن المُعاملة مع غير المُتدينينَ بهِ، دِينُ الحرِّية دِينُ العدالة التي هي أصْلُ كُلِّ خير وفلاح، دِينُ المُساواة بين الناس؛ إذ يستوي فيه الغني والفقير والحقير والأمير: "إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقَاكُمْ"، وإذا كانت عواطف مسلمي الصين هذه العواطف نحو المسيحيين فكيف إذن تكون عواطفهم مع بعضهم؟ بل كيف تكون عواطفهم نحو إخوانهم المُسْلِمين المتفرِّقين في سائر أقطار الأرض؟ وإذا كان هذا شعورهم نحو بعضهم ونحو إخوانهم وهم لم يباشروا المناسك الدِّينية التي من مقتضاها توثيق عُرَى الرابطة الدِّينية بين المُسْلِمين كالحج الذي يجتمع فيه المُسْلِمون من كُلِّ أطراف المعمورة فلو كان الطريق سهلًا، وأسباب السَّفر تيسَّرت لهم، وحَجَّ منهم أنَاسٌ عديدون في كُلِّ سَنَةٍ لَكُنَّا نرى منهم من الإحساس والشعور الدِّيني أضعاف ما نراه منهم الآن.

وإذا كانت أوروبا تتوقّع من حين لآخر خطرًا أصغر يَتَهَدَّدُهَا من الشرق، بسبب هذه الحركة الخفيفة التي أظهرها الشرقيون في سبيل الرُّقِي فكيف بها إذا أخذ المُسْلِمون الصينيون في أسباب التآلف بواسطة هذه العلاقات المذهبية والتعاليم الدِّينية؟ وهنا نقول إن أوروبا مُحِقَّة في تخوُّفِهَا هذا وغير مُحِقَّة في اتهام المُسْلِمين بالتَّعَصُّبِ.

هذا وبعد حوادث سنة 1900 رأى مولانا الخليفة الأعظم أن يبعث وفدًا إلى بلاد الصين؛ لينظر حالة المُسْلِمين هناك وليقوي العلائق بينهم وبين مركز الخلافة الإسلامية، فأرسل -حفظه الله- وفدًا مؤلَّفًا من نُخبة رجال الدولة الأمناء من علماء وكُتَّاب وغيرهم، وكان الرئيس على هذا الوفد هو سعادة “آور باشا” فسافر في شهر ديسمبر سنة 1900، وكان سفر سعادته سِرًّا من غير أن يعلم به أحد حتى نفس رجال المابين.

والذين على قلوبهم غشاوة من الجهل والحُمق والغباوة لَمَّا اتصل بهم نبأ هذا الوفد، أشاعوا وأذاعوا أنه لم يُفِدْ شيئًا، ولم يثُمَّر الثُمَّرَةَ المطلوبة من إرساله، والحقيقة أن هذا الوفد لَمَّا قام من الأستانة مباشرةً، ووصل إلى هاتيك البقاع أخذ يَتَجَوَّلُ في البلاد، حتى وصل إلى شنغاي، وفي أثناء تجوُّلِهِ ظهر له أنه ليس في الصين مَنْ يعرف اللغة العربية التي هي لغة القرآن ولا اللغة التركية، فخابر بذلك الباب العالي وبِمُجَرَّدِ عِلْمِهِ بذلك أرسل حفظه اللهُ رجلًا عالمًا فاضلًا متضلِّعًا في علوم الدِّين وله معرفة تأمَّة باللغة العربية، والتركية، والفرنسوية، كما كانت له معرفة ببعض الصينيين القاطنين في غرب المملكة الصينية من “كانسو”، على أنَّ الوفد نفسه أخذ في تَجَوُّلِهِ يُلقِي بعض مبادئ اللغة العربية على الصينيين ويُعَلّمَهُمْ حقيقة الدِّيانة الإسلامية وكيف يحفظون كتاب الله تعالى، ويعملون بما جاء فيه مع فهم المعاني؛ لأنهم يحفظون بعض آيات القرآن الشريف ولكنهم لا يعرفون ما تضمَّنتْه هذه الآيات الشريفة من العِظَاتِ البالغة والحِكَمِ النافعة، وقد عاد الوفد مُكُلَّلًا بأكاليل النجاح، وترك له أثرًا حميدًا في نفوس أهل الصين.
•••
واحتفالُ المُسْلِمينَ هناك بالعيدين بالغ حَدَّ الاعتناء، فهم لا يدعون مظهرًا من مظاهر الفرح والسرور إلَّا فعلوه إذا جاء وقت هذين الموسمين الدِّينيين، وإذا جاء شهر رمضان المُعَظَّمِ لا تكاد تجد واحدًا منهم مُفطرًا، ويبتعدون عن كُلِّ شيء يمس بكرأمَّة الدِّين حتى نفس الشبهات، وشهر رمضان يُسَمُّونَهُ “باتشاي” على أنهم في هذه الحالة من التمسُّكِ بقواعد الشرع الشريف، عندهم بعضُ بِدَعٍ وذلك أن أحَدَهُمْ إذا ارتقى إلى منصب من مناصب الحكومة مع عدم ميلهم إلى ذلك يذهب إلى معبود هناك يتقرَّبُ إليه البوذيون، ويتقرَّبُ إليه كما يفعل هؤلاء ولا أدري ما هو السَّبب الحامل لهم على التقرُّبِ سِوَى أنه يكون واسطة في إعطائهم المعونة على القيام بالوظيفة خير قيام، وهذا المعبود يُسمَّى عندهم “كونفوشيوس”.

ومن الأسف الشديد الذي لا أسف بعده أن نحو الخمسين مليونًا من المُسْلِمينَ في الصين لا يوجد بينهم علماء من الطبقة العالية ينفِّرُونَهُمْ عن هذه الخُرافات والبِدَعِ، وأنَّ من التقصير الفاحش أن العلماء من المُسْلِمين يعلمون بمثل هذه الأحوال ولا يُؤَلّفُونَ الوفود منهم للذهاب إلى الصين وبَثِّ العقائد الصحيحة الدِّينيَّة هناك.

وأوَّلُ مَنْ يُلاَمُ على هذا التقصير هم علماء الأزهر الشريف الذي ينظر إليه العالم الإسلامي بأجمعه نظر الاعتبار والاحترام؛ لأن الأزهر في نظر كُلِّ مسلم في العالم.

ولو أقام الوَفْدُ الذي أرسله جلالة الخليفة في بلاد الصين زمنًا طويلًا لأتى بنتائج حَسَنَةٍ، ولكنَّه لم يَمْكُثْ الزَّمَنَ الكافي لمعرفة هذه البِدَعِ والخُرافات حتى كان يسعى في إزالتها.

وأيضًا إن الذين يعرفون حقيقة الدِّين الإسلامي من أهل الصين يُعَدُّونَ على الأنامل، ولا يتجاوزون حركات العوامل، ومن هؤلاء حضرة العلأمَّة السيد سليمان الصيني الذي صحبني إلى اليابان.

سَأَلْتُ هذا الفاضل: لِمَ تسافر إلى اليابان لنشر لواء الإسلام مع أن بلادك أحْوَجُ إليك لنشر تعاليم هذا الدِّين؟ فما كان جوابه إلَّا أن قال: إن اليابان أحْوَجُ من الصين؛ لأن الدِّين الإسلامي سَيُقَدَّمُ إليها من جديد، بخلاف بلاد الصين وكوني أهْدِي وثنيًّا إلى الإسلام خيرٌ من أن أعَرِّفَ مُسلمًا حقيقة الدِّين، وقد أكَّدَ لي أنه عند عودته إلى بلاد الصين سيسعى جُهدهُ في إزالة هذه المُعتقدات الفاسدة من أذهان المُسْلِمين، فشكرتُ له هذه الأرْيَحِيَّةِ ودَعَوْتُ له بالنجاح في كُلِّ أعماله، وأكَّدْتُ له أنه بعمله هذا يكون قد خدم الدِّين والمُسْلِمينَ أجَلَّ وأعظمَ خدمة.

ولِأَهْلِ الصين اعتناءٌ زائدٌ بأمر الزِّراعة والفِلاحة، حتى إنه لا يوجد نوع من أنواع البُقول أو الفواكه أو غير ذلك من المزروعات الموجودة في العالم إلَّا عندهم خبرة بزراعته، ومن كثرة اعتنائهم بفلح الأرض واهتمامهم بشأن الزراعة يعملون احتفالًا باهرًا في كُلِّ سَنَةٍ يحضر فيه نفس الإمبراطور، ويُمْسِكُ بيده المِحراث ويَحْرُثُ قطعة من الأرض، وفي ذلك معنى جليل وهو أن الأهالي يجب عليهم أن يقتدوا به في أمر الزراعة، ولا يأنفون من مسك المحراث.

ومِنْ شِدَّةِ شغفهم بالزراعة وعدم وجُودِ الأرض الكافية الصالحة للزراعة؛ يصنعون ألواحًا من الخشب ويضعونها على الأنهر بعد تغطيتها بالطين، ويبذرون فيها البذر فتكون هذه الألواح بمنزلة الأرض العامرة الجيدة التربة.

والحيوانات التي يستخدمونها في الزراعة كالبقر والجاموس قَلَّ أن يُوجد مثلها في جميع بلاد العالم من حيث ضخأمَّة الجسم والقوى.
•••
وأهْلُ الصين يغلب عليهم طبيعة الكسل والفتور وذلك لأنَّ أكل الأفيون عندهم ضروري، وهو داعية الكسل والخُمُولِ، ولَمَّا عرف ذلك الإمبراطور أصدر أمرًا عاليًا في هذه السَّنَةِ بمنع زراعته، وهذا فِعْلٌ حَسَنٌ جدًّا؛ إذ في ذلك من الفائدة الصحية والأدبية ما لا يخفى.
•••
على أنَّ أهل الصين لو دأبوا على هذا النهج الذي هم ناهجوه الآن من الأخذ بأسباب الرُّقِيِّ مع ما وُجِدَ فيهم طبيعةً من الاستعداد لكانوا أمَّة حَيَّةً كما فعل اليابانيون،ٍ وهم أقربُ إليهم من جهة الشَّبَهِ في الجنس والموطن.