النبي -صلى الله عليه وسلم- يُمَازحُ امْرَأَةً
أتت إليه -صلى الله عليه وسلم- امرأةً فذكرت زوجها بشيء.
فقال: زَوْجُكِ الذي في عينه بياض.
قال: فمضت فجعلت تتأمَّل زوجها..
فقال: ما لكِ؟
قالت: قال لي النبي -صلى الله عليه وسلم-: إن في عينك بياضاً.
فقال: بياض عيني أكثر من سوادها.

التعليق:
قال ابن قتيبة الدينوري في كتابه مختلف الحديث: "كان الناس يأتسون برسول الله -صلى الله عليه وسلم- ويقتدون بهديه وشكله لقول الله تعالى: "لقد كان لكم في رسول الله أسوةٌ حسنةُ".. فلو ترك رسول الله -صلى الله عليه وسلم- طريق الطلاقة والهشاشة والدماثة إلى القُطُوبِ والعُبُوسِ والزَّمانة أخذ الناسُ أنفسهم بذلك على ما في مخالفة الغريزة من المشقة والعناء فَمَزَحَ -صلى الله عليه وسلم- ليَمْزَحُوا ووقف على أصحاب الدَّركلة وهم يلعبون فقال: "خذوا يا بني أرفدة ليعلم اليهود أن في ديننا فسحة"، يريد ما يكون في العرسات لإعلان النِّكاح وفي المآدب لإظهار السُّرور.
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
(1) - البخلاء للجاحظ.

وكان -صلى الله عليه وسلم- يمزح ولا يقول إلا حقاً وإذا لم يقل في مِزَاحِهِ إلا حقاً لم يكن ذلك المِزَاحُ باطلاً فقد قال -صلى الله عليه وسلم- لعجوز: "إن الجنة لا يدخلها العجز"، يريد أنهن يعدن شواب.. وقال -صلى الله عليه وسلم- لأخرى: "زوجك في عينيه بياض يريد ما حول الحدقة من بياض العين فظنَّت هي أنه البياض الذي يغشى الحدقة.. واستدبر رجلاً ورائه وقال: "مَنْ يشتري مني العبد"، يعني أنه عبد الله، ودِينُ اللهِ يُسْرٌ ليس فيه بحمد الله ونعمته حَرَجٌ، وأفضل العمل أدْوَمَهُ وإنْ قَلَّ. اهـ