الوباء الأكثر فتكًا على مر التاريخ!
قصة الإسلام لايت

    تعرَّض العالم عبر تاريخه الطويل للعديد من الأوبئة المدمرة؛ منها: الطاعون والتيفود والجدري، والملاريا، وأنواع أخرى كثيرة آخرها ما اجتاح عالمنا الآن "الكورونا Covid – 19".. عافانا الله وإياكم والعالمين من كل مكروه وأزال عن عالمنا هذا البلاء..

    ولكن هناك واحدة منها تعد هي الأشرس على الإطلاق، ألا وهي: "الإنفلونزا الإسبانية"..

         لقد عُرِفَت الإنفلونزا الإسبانية أنَّها أكثر الأوبئة دمويَّةً في التاريخ..

    ومن خلال تقرير أعدَّه موقع "livescience" نجد أنَّه انتشر ذلك الوباء الفتاك بداية من عام 1918  عندما تسبَّبت سلالة من الإنفلونزا التي عرفت باسم الإنفلونزا الإسبانية في وفاة أعداد كبيرة من الأشخاص؛ حيث أصيب كلٌّ من الشباب والكبار والمرضى والأشخاص الأصحَّاء بالعدوى، وتُوفِّي ما لا يقل عن 10٪ من المصابين.

    وتختلف التقديرات حول العدد الدقيق للوفيات التي سبَّبها المرض، ولكن يُعتقد أنَّها أصابت ثلث سكان العالم، وقتلت ما لا يقل عن50  مليون شخص، ممَّا يجعلها أكثر الأوبئة فتكًا في التاريخ الحديث، وعلى الرغم من أنَّها اشتهرت بمسمى "الإنفلونزا الإسبانية" فإنها من غير المحتمل أن يكون الفيروس قد نشأ في إسبانيا.

    وقد بدأ تفشى المرض في عام 1918  خلال الأشهر الأخيرة من الحرب العالمية الأولى، ويعتقد المؤرخون أنَّ الحرب لها دورٌ رئيس في انتشار الفيروس.

    فأُصيب الجنود الذين يعيشون في ظروف ضيِّقة وبيئة غير نظيفة ورطبة بالمرض، وكان هذا نتيجة لضعف جهاز المناعة الناتج عن سوء التغذية، وانتشرت بين الرتب العليا في غضون ثلاثة أيام من المرض، وخلال صيف عام 1918 عندما بدأت القوات في العودة إلى ديارهم في إجازة، أحضروا معهم الفيروس غير المكتشف الذي جعلهم مرضى، وانتشر الفيروس عبر المدن والبلدات والقرى في البلدان الأصليَّة للجنود، ولم يتعافَ الكثير من المصابين بسرعة، فقد كان صعبًا حتى على الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 20  و30 سنة، وذوي الصحة الجيدة!    

    وأفادت "ناشيونال جيوغرافيك" أنه في عام 2014  ظهرت نظرية جديدة حول أصول الفيروس.. تأكد أنَّ ظهوره الأول كان في الصين، وربطت السجلات غير المكتشفة سابقًا الإنفلونزا بنقل العمَّال الصينيين عبر كندا فى عامى 1917 و1918، وكان العمال في الغالب مزارعين من مناطق نائية في الريف الصيني..    

    ووفقًا لكتاب مارك همفريز "الطاعون الأخير" فإنَّهم أمضوا ستَّة أيامٍ في حاويات القطارات المغلقة أثناء نقلهم عبر البلاد قبل الانتقال إلى فرنسا، وهناك طُلب منهم حفر الخنادق وتفريغ القطارات ووضع المسارات وبناء الطرق وإصلاح الدبابات التالفة، وشحن أكثر من 90.000  عامل إلى الجبهة الغربية.    

    ويوضح "همفريز" أنَّه من25000 عامل صيني في عام 1918 أنهى حوالي3000 رحلتهم الكندية في الحجر الصحي، بسبب الصور النمطيَّة العنصريَّة، وقد ألقي اللوم على مرضهم "الكسل الصيني" ولم يأخذ الأطبَّاء الكنديُّون أعراض العمال على محمل الجد، وبحلول الوقت الذي وصل فيه العمال إلى شمال فرنسا فى أوائل عام 1918 كان العديد منهم مريضًا، ومات المئات.

ما سبب التسمية "الإنفلونزا الإسبانية"؟!
    لقد كانت إسبانيا واحدة من أقدم البلدان التى ظهر فيها الوباء، لكنَّ المؤرخين يعتقدون أنَّ هذا ربَّما كان نتيجة للرقابة في زمن الحرب، كانت دولة محايدة خلال الحرب ولم تفرض رقابة صارمة على صحافتها، التى أمكنها بالتالي نشر الروايات المبكِّرة للمرض بحريَّة، ولهذا السبب سُمِّيَت بالإنفلونزا الإسبانية، لأنها أول من نشرت وأعلنت عنها..

كيف عُولِجَت الإنفلونزا الإسبانية؟
    احتار الأطباء وقتها بشأن ما ينصحون به المرضى، ولكنَّهم حثُّوا الناس على تجنُّب الأماكن المزدحمة، واقترح آخرون علاجات شملت تناول القرفة، وشرب النبيذ أو حتى شرب مرقة اللحم..

    كما طلب الأطباء من الناس ألَّا يحشروا أفواههم وأنوفهم في الأماكن العامَّة..

    وفي مرحلة ما ألقي اللوم على استخدام الأسبرين في التسبًّب في الوباء، في حين أنَّه ربَّما ساعد بالفعل بعض المصابين في الشفاء.

    وبحلول ربيع عام1919  كانت أعداد الوفيات بسبب الإنفلونزا الإسبانية في تناقص، وقد تركت البلدان مدمَّرة فى أعقاب تفشِّي المرض؛ حيث لم يتمكن المهنيُّون الطبِّيُّون من وقف انتشار المرض..

    ويشرح كتاب نانسي بريستو "الجائحة الأمريكية: عوالم وباء الأنفلونزا المفقودة لعام 1918" أنَّ الفيروس أصاب ما يصل إلى 500 مليون شخص حول العالم!

    وكان هذا يمثل ثلث سكَّان العالم؛ وتوفي منهم ما يصل عددهم إلى50  مليون شخص جراء فيروس الإنفلونزا الإسبانية، على الرغم من أنَّه يعتقد أنَّ الرقم الحقيقي أكثر من ذلك!

    حفظكم الله وحفظ العالمين من كل مكروه.. ومن الجدير بالذكر أننا ما ركزنا في هذا المقال أو غيره على تلك الأوبئة وتاريحها إلا لإحياء سنة الله في ذكر التاريخ والقصص، وهي كما يقول تعالى: {لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ} [يوسف: 111]، {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِمَنْ يَخْشَى} [النازعات: 26]..

    فالغرض الرئيس هو أن نتدبر في تلك الآيات السابقة ونعتبر بها ونعلم أنها ليست ببعيدة عنا –كما نرى- وأن نحاول أن نستفيد مما وقع فيه سابقونا من أخطاء ونصححها لنأخذ بأسباب النجاة بإذن الله تعالى..

    وبجانب الأسباب الدنيوية الضرورية كما حثنا الله تعالى ونبيه، هو أن نتضرع إلى الله تعالى ونتيقن أنه القادر وحده على كشف الكرب والظلمة في كل وقت وحين، يقول سبحانه وتعالى: {قُلْ مَنْ يُنَجِّيكُمْ مِنْ ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ تَدْعُونَهُ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً لَئِنْ أَنْجَانَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ (63) قُلِ اللَّهُ يُنَجِّيكُمْ مِنْهَا وَمِنْ كُلِّ كَرْبٍ} [الأنعام: 63، 64].

اللهم اجعلنا من الشاكرين..
    وصلِّ اللهم وسلِّم على نبيِّنا أشرف الخلق كلهم محمد بن عبد الله سيِّد العالمين وأفضل المرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين..

المصدر:
https://lite.islamstory.com/ar/artical/10929/