منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers

(إسلامي.. ثقافي.. اجتماعي.. إعلامي.. علمي.. تاريخي.. دعوي.. تربوي.. طبي.. رياضي.. أدبي..)
 
الرئيسيةالأحداثأحدث الصورالتسجيل
(جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي المنتدى)
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه)

(فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

IZHAR UL-HAQ

(Truth Revealed) By: Rahmatullah Kairanvi
قال الفيلسوف توماس كارليل في كتابه الأبطال عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لقد أصبح من أكبر العار على أي فرد مُتمدين من أبناء هذا العصر؛ أن يُصْغِي إلى ما يظن من أنَّ دِينَ الإسلام كَذِبٌ، وأنَّ مُحَمَّداً -صلى الله عليه وسلم- خَدَّاعٌ مُزُوِّرٌ، وآنَ لنا أنْ نُحارب ما يُشَاعُ من مثل هذه الأقوال السَّخيفة المُخْجِلَةِ؛ فإنَّ الرِّسَالة التي أدَّاهَا ذلك الرَّسُولُ ما زالت السِّراج المُنير مُدَّةَ اثني عشر قرناً، لنحو مائتي مليون من الناس أمثالنا، خلقهم اللهُ الذي خلقنا، (وقت كتابة الفيلسوف توماس كارليل لهذا الكتاب)، إقرأ بقية كتاب الفيلسوف توماس كارليل عن سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-، على هذا الرابط: محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم-.

يقول المستشرق الإسباني جان ليك في كتاب (العرب): "لا يمكن أن توصف حياة محمد بأحسن مما وصفها الله بقوله: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِين) فكان محمدٌ رحمة حقيقية، وإني أصلي عليه بلهفة وشوق".
فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ على سائر البُلدان، كما فَضَّلَ بعض الناس على بعض والأيام والليالي بعضها على بعض، والفضلُ على ضربين: في دِينٍ أو دُنْيَا، أو فيهما جميعاً، وقد فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ وشَهِدَ لها في كتابهِ بالكَرَمِ وعِظَم المَنزلة وذَكَرَهَا باسمها وخَصَّهَا دُونَ غيرها، وكَرَّرَ ذِكْرَهَا، وأبَانَ فضلها في آياتٍ تُتْلَى من القرآن العظيم.
المهندس حسن فتحي فيلسوف العمارة ومهندس الفقراء: هو معماري مصري بارز، من مواليد مدينة الأسكندرية، وتخرَّجَ من المُهندس خانة بجامعة فؤاد الأول، اشْتُهِرَ بطرازهِ المعماري الفريد الذي استمَدَّ مَصَادِرَهُ مِنَ العِمَارَةِ الريفية النوبية المَبنية بالطوب اللبن، ومن البيوت والقصور بالقاهرة القديمة في العصرين المملوكي والعُثماني.
رُبَّ ضَارَّةٍ نَافِعَةٍ.. فوائدُ فيروس كورونا غير المتوقعة للبشرية أنَّه لم يكن يَخطرُ على بال أحَدِنَا منذ أن ظهر وباء فيروس كورونا المُستجد، أنْ يكونَ لهذه الجائحة فوائدُ وإيجابيات ملموسة أفادَت كوكب الأرض.. فكيف حدث ذلك؟!...
تخليص الإبريز في تلخيص باريز: هو الكتاب الذي ألّفَهُ الشيخ "رفاعة رافع الطهطاوي" رائد التنوير في العصر الحديث كما يُلَقَّب، ويُمَثِّلُ هذا الكتاب علامة بارزة من علامات التاريخ الثقافي المصري والعربي الحديث.
الشيخ علي الجرجاوي (رحمه الله) قَامَ برحلةٍ إلى اليابان العام 1906م لحُضُورِ مؤتمر الأديان بطوكيو، الذي دعا إليه الإمبراطور الياباني عُلَمَاءَ الأديان لعرض عقائد دينهم على الشعب الياباني، وقد أنفق على رحلته الشَّاقَّةِ من مَالِهِ الخاص، وكان رُكُوبُ البحر وسيلته؛ مِمَّا أتَاحَ لَهُ مُشَاهَدَةَ العَدِيدِ مِنَ المُدُنِ السَّاحِلِيَّةِ في أنحاء العالم، ويُعَدُّ أوَّلَ دَاعِيَةٍ للإسلام في بلاد اليابان في العصر الحديث.

أحْـلامٌ مِـنْ أبِـي (باراك أوباما) ***

 

 سورة الكهف الآيات من 026-030

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52879
العمر : 72

سورة الكهف الآيات من 026-030 Empty
مُساهمةموضوع: سورة الكهف الآيات من 026-030   سورة الكهف الآيات من 026-030 Emptyالإثنين 10 فبراير 2020, 11:36 pm

قُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثُوا لَهُ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَبْصِرْ بِهِ وَأَسْمِعْ مَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَدًا (٢٦)
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

الأسلوب في قوله تعالى: (أَبْصِرْ بِهِ وَأَسْمِعْ...) (الكهف: 26) وأسلوب تعجُّب أي: ما أشدّ بصره، وما أشدّ سمعه؛ لأنه البصر والسمع المستوعب لكلِّ شيء بلا قانون.

وقوله: (مَا لَهُم مِّن دُونِهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَداً) (الكهف: 26) كأن الحق سبحانه وتعالى يُطمئِن عباده بأن كلامه حَقٌّ لا يتغير ولا يتبدل؛ لأنه سبحانه واحد أحد لا شريك له يمكن أن يُغيّر كلامه.

ثم يقول الحق سبحانه لنبيه محمد -صلى الله عليه وسلم-: (وَٱتْلُ مَآ أُوْحِيَ إِلَيْكَ مِن كِتَابِ رَبِّكَ لاَ مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ...).



سورة الكهف الآيات من 026-030 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52879
العمر : 72

سورة الكهف الآيات من 026-030 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة الكهف الآيات من 026-030   سورة الكهف الآيات من 026-030 Emptyالإثنين 10 فبراير 2020, 11:37 pm

وَاتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ كِتَابِ رَبِّكَ لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَلَنْ تَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَدًا (٢٧)
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

أي بعد هذه الأسئلة التي سألك كفار مكة إياها، وأخبرك الله بها فأجبتهم، اعلم أن لك رباً رفيقاً بك، لا يتخلّى عنك ولا يتركك لكيدهم، فإنْ أرادوا أن يصنعوا لك مأزقاً أخرجك الله منه، وإياك أنْ تظنَّ أن العقبات التي يقيمها خصومك ستُؤثّر في أمر دعوتك.

وإنْ أبطأتْ نُصْرة الله لك فاعلم أن الله يريد أنْ يُمحِّص جنود الحق الذين يحملون الرسالة إلى أن تقوم الساعة، فلا يبقى في ساحة الإيمان إلا الأقوياء الناضجون، فالأحداث والشدائد التي تمرُّ بطريق الدعوة إنما لتغربل أهل الإيمان حتى لا يصمد فيها إلا مَنْ هو مأمون على حَمْل هذه العقيدة.

وقوله: (لاَ مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ...) (الكهف: 27) لأن كلمات الله لا يستطيع أحد أنْ يُبدِّلها إلا أنْ يكون معه سبحانه إله آخر، فما دام هو سبحانه إلهاً واحداً لا شريك له، فاعلم أن قوله الحق الذي لا يُبدّل ولا يُغيّر: (وَلَن تَجِدَ مِن دُونِهِ مُلْتَحَداً) (الكهف: 27) أي: ملجأ تذهب إليه؛ لأن حَسْبك الله وهو نِعْم الوكيل، كما قال تعالى: (أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّآ أَنزَلْنَا عَلَيْكَ ٱلْكِتَابَ يُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذٰلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَىٰ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) (العنكبوت: 51).

ثم يقول الحق سبحانه وتعالى: (وَٱصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ ٱلَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِٱلْغَدَوٰةِ وَٱلْعَشِيِّ...).



سورة الكهف الآيات من 026-030 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52879
العمر : 72

سورة الكهف الآيات من 026-030 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة الكهف الآيات من 026-030   سورة الكهف الآيات من 026-030 Emptyالإثنين 10 فبراير 2020, 11:38 pm

وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا (٢٨)
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

نزلتْ هذه الآية في “أهل الصُّفَّة” وهم جماعة من أهل الله انقطعوا للعبادة فتناولتهم ألسنة الناس واعترضوا عليهم، لماذا لا يعملون؟

ولماذا لا يشتغلون كباقي الناس؟

بل وذهبوا إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقولون: نريد أن تلتفت إلينا، وأن تترك هؤلاء المجاذيب، فأنزل الله تعالى: (وَٱصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ ٱلَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم...) (الكهف: 28).

لذلك علينا حينما نرى مثل هؤلاء الذين نُسمِّيهم المجاذيب الذين انقطعوا لعبادة الله أن لا نحتقرهم، ولا نُقلِّل من شأنهم أو نتهمهم؛ لأن الله تعالى جعلهم موازين للتكامل في الكون، ذلك أن صاحب الدنيا الذي انغمس فيها وعاش لها وباع دينه من أجل دُنْياه حينما يرى هذا العابد قد نفض يديه من الدنيا، وألقاها وراء ظهره، وراح يستند إلى حائط المسجد مُمدّداً رجلاً، لا تعنيه أمور الدنيا بما فيها.

ومن العجيب أن صاحب الدنيا هذا العظيم صاحب الجاه تراه إنْ أصابه مكروه أو نزلتْ به نازلة يُهْرَع إلى هذا الشيخ يُقبّل يديه ويطلب منه الدعاء، وكأن الخالق سبحانه جعل هؤلاء المجاذيب ليرد بهم جماح أهل الدنيا المنهمكين في دوامتها المغرورين بزهرتها.

وأيضاً، كثيراً ما ترى أهل الدنيا في خِدْمة هؤلاء العباد، ففي يوم من الأيام قُمْنا لصلاة المغرب في مسجد سيدنا الحسين، وكان معنا رجل كبير من رجال الاقتصاد، فإذا به يُخرج مبلغاً من المال ويطلب من العامل صرفه إلى جنيهات، فأتى العامل بالمبلغ في صورة جنيهات من الحجم الصغير، فإذا برجل الاقتصاد الكبير يقول له: لا، لابُدّ من جنيهات من الحجم الكبير؛ لأن فلاناً المجذوب على باب الحسين لا يأخذ إلا الجنيه الكبير، فقلت في نفسي: سبحان الله مجذوب على باب المسجد ويشغل أكبر رجل اقتصاد في مصر، ويحرص الرجل على إرضائه ويعطيه ما يريد.

ثم يقول تعالى: (وَلاَ تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ...) (الكهف: 28) أي: اجعل عينيك فيهم، ولا تصرفها عنهم إلى غيرهم من أهل الدنيا؛ لأن مَدد النظرة من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- زاد للمؤمن (تُرِيدُ زِينَةَ ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا...) (الكهف: 28) لأنك إنْ فعلتَ ذلك وانصرفتَ عنهم، فكأنك تريد زينة الحياة الدنيا وزخارفها.

وفي أمر الرسول -صلى الله عليه وسلم- بملازمة أهل الصُّفَّة وعدم الانصراف عنهم إلى أهل الدنيا ما يُقوِّي هؤلاء النفر من أهل الإيمان الذين جعلوا دَيْدنهم وشاغلهم الشاغل عبادة الله والتقرُّب إليه.

لكن، هل المطلوب أن يكون الناس جميعاً كأهل الصُّفَّة منقطعين للعبادة؟

بالطبع لا، فالحق سبحانه وتعالى جعلهم بين الناس قِلّة، في كل بلد واحد أو اثنان ليكونوا أُسْوة تُذكِّر الناس وتكبح جماح تطلّعاتهم إلى الدنيا.

ومن العجيب أن ترى البعض يدَّعي حال هؤلاء، ويُوهِم الناس أنه مجذوب، وأنه وَليٌّ نَصْباً واحتيالاً، والشيء لا يُدَّعَى إلا إذا كانت من ورائه فائدة، كالذي يدَّعي الطب أو يدَّعي العلم لما رأى من مَيْزات الطبيب والعالم.

فلما رأى البعض حال هؤلاء المجاذيب، وكيف أنهم عزفوا عن الدنيا فجاءتْ إليهم تدقُّ أبوابهم، وسعى إليهم أهلها بخيراتها، فضلاً عَمَّا لهم من مكانة ومنزلة في النفس ومحبة في القلوب.

فلماذا -إذن- لا يدعون هذه الحال؟

ولماذا لا ينعمون بكل هذه الخيرات دون أدنى مجهود؟

وما أفسد على هؤلاء العباد حالَهم، وما خاض الناس في سيرتهم إلا بسبب هذه الطبقة الدخيلة المدَّعية التي استمرأتْ حياة الكسل والهوان.

ثم يقول تعالى: (وَلاَ تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا...) (الكهف: 28) لأنه لا يأمرك بالانصراف عن هؤلاء والالتفات إلى أهل الدنيا إلا مَنْ غفل عن ذكر الله، أما مَن اطمأن قلبه إلى ذِكْرنا وذاق حلاوة الإيمان فإنه لا يأمر بمثل هذا الأمر، بل هو أقرب ما يكون إلى هؤلاء المجاذيب الأولياء من أهل الصُّفَّة، بل وربما تراوده نفسه أن يكون مثلهم، فكيف يأمر بالانصراف عنهم؟

وقد أوضح النبي -صلى الله عليه وسلم- الموقف من الدنيا في قوله: “أوحى الله إلى الدنيا: مَنْ خدمني فاخدميه، ومَنْ خدمك فاستخدميه...”.

فالدنيا بأهلها في خدمة المؤمن الذي يعمر الإيمانُ قلبه، وليس في باله إلا الله في كل ما يأتي أو يَدَع.

وقوله تعالى: (وَٱتَّبَعَ هَوَاهُ...) (الكهف: 28) أي: أن هذا الذي يُحرِّضك على أهل الصُّفَّة ما غفل قلبه عن ذكرنا إلا لأنه سار خلف هواه، فأخذه هواه وألهاه عن ذكر الله، فما دام قد انشغل بشيء يوافق هواه فلن يهتم بمطلوب الله، إنه مشغول بمطلوب نفسه؛ لذلك يقول -صلى الله عليه وسلم-: “لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تِبَعاً لما جئتُ به“.       

فالمؤمن الحق سليم الإيمان مَنْ كان هواه ورغبته موافقة لمنهج الله، لا يحيد عنه، وقد قال الحق سبحانه وتعالى: (وَلَوِ ٱتَّبَعَ ٱلْحَقُّ أَهْوَآءَهُمْ لَفَسَدَتِ ٱلسَّمَاوَاتُ وَٱلأَرْضُ) (المؤمنون: 71).

وقوله تعالى: (وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً) (الكهف: 28) أي: كان أمره ضياعاً وهباءً، فكأنه أضاع نفسه.

ثم يقول الحق سبحانه: (وَقُلِ ٱلْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَن شَآءَ فَلْيُؤْمِن...).



سورة الكهف الآيات من 026-030 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52879
العمر : 72

سورة الكهف الآيات من 026-030 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة الكهف الآيات من 026-030   سورة الكهف الآيات من 026-030 Emptyالإثنين 10 فبراير 2020, 11:40 pm

وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا (٢٩)
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

قوله تعالى: (وَقُلِ ٱلْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ...) (الكهف: 29) أي: قُلِ الحق جاء من ربكم، واختار كلمة الرب ولم يَقُلْ من الله، لأن الكل معتقد أن الرب هو الذي خلق، كما في قوله تعالى: (وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ ٱللَّهُ فَأَنَّىٰ يُؤْفَكُونَ) (الزخرف: 87).

وقوله: (وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ مَّنْ خَلَقَ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضَ لَيَقُولُنَّ ٱللَّهُ) (لقمان: 25).

فمعنى: (مِن رَّبِّكُمْ...) (الكهف: 29) أي: بإقراركم أنتم، فالذي خلقكم وربّاكم وتعهدكم هو الذي نزَّل لكم هذا الحق و (رَّبِّكُمْ...) (الكهف: 29) أي: ليس ربي وحدي، بل ربكم وربّ الناس جميعاً.

والحق: هو الشيء الثابت، وما دام من الله فلن يُغيِّره أحد؛ لأن الذي يتغير كلامه هو الذي يقضي شيئاً ويجهل شيئاً مُقبلاً، وبعد ذلك يُعدِّل، فالحق من الله لأنه سبحانه لا يَخْفَى عليه شيء ولا يَعْزُب عن علمه شيء، لذلك لا استدراك على حُكْم من أحكامه من أحد من خلقه.

فالربوبية عطاء، فربك الذي خلقك وأمدَّك بالنعم، وهو الذي يُربّيك كما يُربِّي الوالد ولده؛ لذلك لم يعترض على الربوبية أحد، أما الألوهية فمطلوبها تكليف: افعل كذا، ولا تفعل كذا، فخاطبهم بالربوبية التي فيها مصلحتهم، ولم يخاطبهم بالألوهية التي تُقيِّد اختياراتهم والإنسان بطبعه لا يميل إلى ما يُقيّد اختياراته؛ لذلك يلجأون إلى عبادة آلهة أخرى؛ لأنها ليس لها مطلوبات.

فالذي يعبد الشمس أو الصنم أو غيره: بماذا أمرك معبودك؟

وعَمَّا نهاك؟

فما العبادة إلا طاعة عابد لمعبود، إذن: فلهم أن يقولوا: نِعْمَ هذا الإله، ونِعْمَ هذا الدين؛ لأنه يتركني بحريتي أفعل ما أريد.

لذلك؛ نجد الذين يدَّعُون ألوهية، أو يدعون نُبوّة دائماً يميلون إلى تخفيف المناهج؛ لأنهم يعلمون أن المناهج السماوية تصعُب على الناس؛ لأن فيها حَجْراً على حرية حركتهم وحرية اختياراتهم، فلما ادَّعى مسيلمة النبوة رأى الناس تتبرم من الزكاة فأسقطها عنهم، وكذلك لما ادعتّ سجاح النبوة خففتْ الصلاة، وإلا، فكيف سيجمعون الناس من حولهم؟

وما أشبه مُدَّعي الأمس بمدعي اليوم الذين يبيعون الدين بعَرَضٍ من الدنيا، فيُفْتون الناس بتحليل ما حرَّم الله، مثل الاختلاط وغيره من القضايا حتى هان أمر الدين على الناس.

والدين وإنْ كان فطرياً في النفس الإنسانية إلا أن الإنسان يميل إلى مَنْ يُخفِّف عنه، وتعجب حين ترى بعض المثقفين وحملة الشهادات يذهبون إلى الدجالين ويُصدِّقونهم، وترى الواحد منهم يُكذِّب نفسه أنه على دين يريحه، ويفعل في ظله ما يريد.

إذن: ما دُمْتم مؤمنين بربوبية خلق وربوبية إمداد وإنعام، فعليكم أن تؤمنوا بما جاء من ربكم، كما نقول في المثل: (اللي يأكل لقمتي يسمع كلمتي) ، ومع ذلك ورغم فضل الله ونعمه عليهم قُلْ لهم: لا جبرَ في الإيمان (فَمَن شَآءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَآءَ فَلْيَكْفُرْ...) (الكهف: 29) لأن منفعة الإيمان عائدة عليكم أنتم.

وقد جاء في الحديث القدسي: “إنكم لن تملكوا نفعي فتنفعوني، ولن تملكوا ضُرّي فتضروني، ولو أن أوّلكم وآخركم، وحيكم وميتكم، وشاهدكم وغائبكم اجتمعوا على أتْقَى قلب رجل واحد منكم ما زاد ذلك في مُلْكي شيئاً، ولو أن أولكم وآخركم، وحيكم وميتكم، وشاهدكم وغائبكم اجتمعوا على أفجر قلب رجل واحد منكم ما نقص ذلك من ملكي شيئاً”.

“ولو أن أولكم وآخركم اجتمعوا في صعيد واحد، وسألني كُلٌّ مسألته فأعطيتها له ما نقص ذلك مما عندي إلا كمِغْرز إبرة إذا غمسها أحدكم في بحر، وذلك أَنَّي جواد واجد ماجد، عطائي كلام وعذابي كلام، إنما أمري لشيء إذا أردتُه أنْ أقولَ له كُنْ فيكون”.       

إذن: فائدة الإيمان تعود على المؤمن، كما قال تعالى: (مَّنْ عَمِلَ صَالِحاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَآءَ فَعَلَيْهَا) (فصلت: 46) لكني أحب لخَلْقي أن يكونوا دائماً على خير مني، فأنا أعطيهم خير الدنيا، وأحب أيضاً أن أعطيهم خير الآخرة.

جاءت هذه الآية بعد قوله تعالى: (وَٱصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ ٱلَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِٱلْغَدَاةِ وَٱلْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ) (الكهف: 28).

وكان خصوم الإسلام حينما يَرَوْنَ الدعوة تنتشر شيئاً فشيئاً يحاولون إيقافها، لا من جهتهم بالعدوان على مَنْ يؤمن، ولكن من جهته -صلى الله عليه وسلم-، فأرسلوا إليه وَفْداً، قالوا: يا محمد إنّا بعثنا إليك لنُعْذرَ فيك، لقد أدخلتَ على قومك ما لم يُدخِلْه أحد قبلك، شتمتَ آلهتنا وسفَّهْتَ أحلامنا وسبَبْت ديننا، فإنْ كنت تريد مالاً جمعنا لك المال حتى تصير أغنانا، وإنْ كنت تريد جاهاً سوَّدناكَ علينا، وجعلناك رئيسنا، وإنْ كنت تريد مُلْكاً ملكْناك.

فقال -صلى الله عليه وسلم-: “والله ما بي ما تقولون، ولكن ربي أرسلني بالحق إليكم، فإنْ أنتم أطعتُم فبها، وإلاَّ فإنَّ الله ناصري عليكم“.       

وكانت هذه المحاولة بينهم وبينه -صلى الله عليه وسلم- لعل الأمر حين يكون سِراً يتساهل فيه رسول الله، فلما لم يجدوا بُغْيتهم قالوا: نتوسل إليك بمَنْ يحب، فربما خجل أنْ يقبلَ منا ونحن خصومه، فلنرسل إليه مَنْ يحبه، فذهبوا إلى عمه أبي طالب، فلما كلَّمه عمه قال قولته المشهورة: “والله، يا عَمِّ لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في يساري على أن أتركَ هذا الأمر ما تركته، حتى يُظِهره الله، أو أَهْلِك دونه“.       

فلما فشلت هذه المحاولة أيضاً أتَوْهُ من ناحية ثالثة، فقالوا: ننتهي إلى أمر هو وسط بيننا وبينك: دَعْكَ من هؤلاء الفقراء، واصْرِف وجهك عنهم، ولا تربط نفسك بهم، ووجِّه وجهك إلينا، فأنزل الله: (وَٱصْبِرْ نَفْسَكَ) (الكهف: 28).

ثم بيَّن الحق سبحانه وتعالى أن الإسلام أو الدين الذي أنزله الله لا يأخذ أحكامه من القوم الذين أُنزِل عليهم؛ لأن رسول الله إنما أُرسِلَ ليضع لهم موازين الحق، ويدعو قومه إليها، فكيف يضعون هم هذه الموازين، فيأمرون رسول الله بأنْ يصرف وجهه عن الفقراء ويتوجّه إليهم؟

لذلك قال: (وَقُلِ ٱلْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ...) (الكهف: 29) لأنه بعثني بالحق رسولاً إليكم، وما جئت إلا لهدايتكم، فإنْ كنتم تريدون توجيهي حسْب أهوائكم فقد انقلبتْ المسألة، ودعوتكم لي أن أنصرف عن هؤلاء الذين يدعُون ربهم بالغداة والعشيّ وأتوجه إليكم، فهذا دليل على عدم صِدْق إيمانكم، وأنكم لستم جادِّين في اتباعي؛ لذلك فلا حاجة بي إليكم.

ثم يقول تعالى: (فَمَن شَآءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَآءَ فَلْيَكْفُرْ...) (الكهف: 29) أي: ادخلوا على هذا الأساس: أن كل حَقٍّ ينزل من الله، لا أن آخذ الحق منكم، ثم أردّه إليكم، بل الحق الذي أرسلني الله به إليكم، وعلى هذا مَنْ شاء فليؤمن ومَنْ شاء فليكفر.

والأمر في هذه الآية سبق أنْ أوضحناه فقلنا: إذا وجدنا أمراً بغير مطلوب فلنفهم أن الأمر استُعمِل في غير موضعه، كما يقول الوالد لولده المهمل: العب كما تريد، فهو لا يقصد أمر ولده باللعب بالطبع، بل يريد تهديده وتأنيبه.

وهكذا في: (فَمَن شَآءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَآءَ فَلْيَكْفُرْ...) (الكهف: 29) وإلا لو أخذتَ الآية على إطلاقها لَكانَ مَنْ آمن مطيعاً للأمر: (فَمَن شَآءَ فَلْيُؤْمِن...) (الكهف: 29) والعاصي أيضاً مطيع للأمر: (وَمَن شَآءَ فَلْيَكْفُرْ...) (الكهف: 29) فكلاهما -إذن- مطيع، فكيف تُعذِّب واحداً دون الآخر؟

فالأمر هنا ليس على حقيقته، وإنما هو للتسوية والتهديد، أي: سواء عليكم آمنتم أم لم تؤمنوا، فأنتم أحرار في هذه المسألة؛ لأن الإيمان حصيلته عائدة إليكم، فالله سبحانه غنيّ عنكم وعن إيمانكم، وكذلك خَلْق الله الذين آمنوا بمحمد هم أيضاً أغنياء عنكم، فاستغناء الله عنكم مَسْحوب على استغناء الرسول، وسوف ينتصر محمد وينتشر دين الله دونكم.

وقد أراد الحق سبحانه أن يصيح رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالدعوة في مكة ويجهر بها في أُذن صناديد الكفر وعُتَاة الجزيرة العربية الذين لا يخرج أحد عن رأيهم وأمرهم؛ لأن لهم مكانةً وسيادة بين قبائل العرب.

ولحكمة أرادها الحق سبحانه لم يأْتِ نصر الإسلام على يد هؤلاء، ولو جاء النصر على أيديهم لقيل: إنهم أَلِفُوا النصر وأَلِفُوا السيادة على العرب، وقد تعصَّبوا لواحد منهم ليسُودوا به الدنيا كلها، فالعصبية لمحمد لم تخلق الإيمان بمحمد، ولكن الإيمان بمحمد خلق العصبية لمحمد.

ثم يقول الحق سبحانه وتعالى: (إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَاراً أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا...) (الكهف: 29).

والعذاب هنا لمن اختار الكفر، لكن لماذا تُهوّل الآية وتُفخِّم أمر العذاب؟

لأن الإعلام بالعقاب وتهويله وتفظيعه والإنذار به لا ليقع الناس في موجبات العقاب، بل لينتهوا عن الجريمة، وينأوْا عن أسبابها، إذن: فتفظيع العقاب وتهويله رحمة من الله بالعباد؛ لأن خَوْف العذاب سيمنعهم من الجريمة.

ومعنى (أَعْتَدْنَا) أي: أعددنا، فالمسألة منتهية مُسْبقاً، فالجنة والنار مخلوقة فعلاً ومُعدَّة ومُجهّزة، لا أنها ستُعَدُّ في المستقبل، وقد أُعِدَّتْ إعداد قادر حكيم، فأعدَّ الله الجنة لتتسع لكل الخَلْق إنْ آمنوا، وأعدّ النار لتتسع لكل الخلق إنْ كفروا، فإنْ آمن بعض الخلق وكفر البعض، فالذي آمن وَفّر مكانه في النار، والذي كفر وفَّر مكانه في الجنة.

لذلك قال تعالى في هذه المسألة: (وَتِلْكَ ٱلْجَنَّةُ ٱلَّتِيۤ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ) (الزخرف: 72).

إذن: فخَلْق الله تعالى للجنة وللنار أمر منضبط تماماً، ولن يحدث فيهما أزمة أو زحام أبداً، بل لكلٍّ مكانه المعدّ المخصّص.

وقوله تعالى: (لِلظَّالِمِينَ...) (الكهف: 29) والظلم أن تأخذ حقاً وتعطيه للغير، وللظلم أشكال كثيرة، أفظعها وأعظمها الإشراك بالله، لأنك تأخذ حَقَّ الله في العبادة وتعطيه لغيره، وهذا قمة الظلم، ثم يأتي الظلم فيما دون ذلك، فيأخذ كل ظالم من العذاب على قَدْر ظُلْمه، إلا أن يكون مشركاً.

فهذا عذابه دائم ومستمر لا ينقطع ولا يفتُر عنه، فإنْ ظلم المؤمن ظلماً دون الشرك فإنه يُعذَّب به، ثم يُدخِله الله الجنة، إنْ لم يتُبْ، وإنْ لم يغفر الله له.

وقوله تعالى: (أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا...) (الكهف: 29) السرادق، كما نقول الآن: أقاموا السرادق أي: الخيمة.

ومعنى سرادق: أي محيط بهم، فكأن الله تعالى ضرب سرادقاً على النار يحيط بهم ويحجزهم، بحيث لا تمتد أعينهم إلى مكان خالٍ من النار؛ لأن رؤيته لمكان خَالٍ من النار قد تُوحي إليه بالأمل في الخروج، فالحق سبحانه يريد أنْ يؤيسَهم من الخروج.

ثم يقول تعالى: (وَإِن يَسْتَغِيثُواْ يُغَاثُواْ بِمَآءٍ كَٱلْمُهْلِ يَشْوِي ٱلْوجُوهَ بِئْسَ ٱلشَّرَابُ وَسَآءَتْ مُرْتَفَقاً) (الكهف: 29).

الاستغاثة: صَرْخة ألم من متألم لمن يدفع عنه ذلك الألم، كما قال في آية أخرى: (مَّآ أَنَاْ بِمُصْرِخِكُمْ وَمَآ أَنتُمْ بِمُصْرِخِيَّ) (إبراهيم: 22) أي: حين تصرخون من العذاب لا أستطيع أنْ أزيل صراخكم، وأنتم كذلك لا تزيلون صراخي.

فأهل النار حين يستغيثون من ألم العذاب (يُغَاثُواْ) يتبادر إلى الذِّهْن أنهم يُغَاثُون بشيء من رحمة الله، فتأتيهم نفحة من الرحمة أو يُخفّف عنهم العذابلا (يُغَاثُواْ بِمَآءٍ كَٱلْمُهْلِ...) (الكهف: 29) أي: فإنْ طلبوا الغَوْث بماء بارد يخفف عنهم ألم النار، فإذا بهم بماء كالمهل.

والمهْل هو عُكَارة الزيت المغلي الذي يسمونه الدُّرْدِيّ، أو هو المذاب من المعادن كالرصاص ونحوه، وهذا يحتاج إلى حرارة أعلى من غَلْي الماء، وهكذا يزدادون حرارةً فوق حرارة النار، ويُعذَّبون من حيث ينتظرون الرحمة.

وقوله تعالى هنا: (يُغَاثُواْ) أسلوب تهكميّ؛ لأن القاعدة في الأساليب اللغوية أنْ تخاطب المخاطب على مقتضى حاله، فتهنئه حال فرحه، وتعزيه حال حزنه بكلام موافق لمقتضى الحال، فإنْ أخرجتَ المقتضى عن الحال الذي يطلبه، فهذا ينافي البلاغة إلا إنْ أردتَ التهكُّمَ أو الاستهزاء.

إذن: فقوله تعالى عن الكفار: (وَإِن يَسْتَغِيثُواْ يُغَاثُواْ بِمَآءٍ كَٱلْمُهْلِ...) (الكهف: 29) تهكّم بهم، لأن الكلام فيه خرج عن مقتضى الحال، كما يقول الوالد لولده الذي أخفق في الامتحان: مبارك عليك السقوط.

ومعنى: (يَشْوِي ٱلْوجُوهَ...) (الكهف: 29) أن الماء من شدة حرارته يشوي وجوههم، قبل أن يدخل أجوافهم: (بِئْسَ ٱلشَّرَابُ...) (الكهف: 29) أي: الذي يغاثون به (وَسَآءَتْ مُرْتَفَقاً) (الكهف: 29) المرتفق هو الشيء الذي يضع الإنسان عليه مِرْفقه ليجلس مُستريحاً، لكن بالله هل هناك راحة في جهنم؟

إذن: فهذه أيضاً من التهكّم بهم وتبكيتهم، كما قال تعالى مخاطباً جبابرة الدنيا وأعزّتها وأصحاب العظمة فيها مِمَّنْ عَصَوْا الله: (ذُقْ إِنَّكَ أَنتَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْكَرِيمُ) (الدخان: 49).

والحق سبحانه وتعالى يتكلم في هذه المسألة بأساليب متعددة، منها استخدام كلمة (النُّزُل) وهو ما يُعد لإكرام الضيف، كما في قوله تعالى: (إِنَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ ٱلْفِرْدَوْسِ نُزُلاً) (الكهف: 107).

وقوله تعالى: (إِنَّ ٱلَّذِينَ قَالُواْ رَبُّنَا ٱللَّهُ ثُمَّ ٱسْتَقَامُواْ تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ ٱلْمَلاَئِكَةُ أَلاَّ تَخَافُواْ وَلاَ تَحْزَنُواْ وَأَبْشِرُواْ بِٱلْجَنَّةِ ٱلَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ * نَحْنُ أَوْلِيَآؤُكُمْ فِي ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا وَفِي ٱلآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِيۤ أَنفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ * نُزُلاً مِّنْ غَفُورٍ رَّحِيمٍ) (فصلت: 30-32).

فالذي أَعَدَّ هذا النُّزُل وهذه الضيافة هو الغفور الرحيم، والذي يُعِد نُزُلاً لضيفه يُعِدّه على قَدْر غِنَاه وبَسْطة كرمه، فما بالك بنُزل أعدّه الله لأحبابه وأوليائه؟

وذيّل الآية بقوله: (غَفُورٍ رَّحِيمٍ) (فصلت: 32) لأنه ما من مؤمن إلا وقد عمل سيئة، أو همَّ بها، وكأن الحق سبحانه يقول: إياك أنْ تذكرَ ما كان منك وأنت في هذا النُّزُل الكريم، فالله غفور لسيئتك، رحيم بك، يقبل توبتك، ويمحو أثر سيئتك.

والحديث عن النُّزل هنا في الجنة، فهي محلُّ الإكرام والضيافة، فإن استخدم في النار فهو للتهكُّم والسخرية من أهلها، كما قال تعالى: (وَأَمَّآ إِن كَانَ مِنَ ٱلْمُكَذِّبِينَ ٱلضَّآلِّينَ * فَنُزُلٌ مِّنْ حَمِيمٍ)
(الواقعة: 92-93) فقد استخدم النزل في غير مقتضاه.

بعد أن جاء الأمر الإلهي في قوله تعالى: (فَمَن شَآءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَآءَ فَلْيَكْفُرْ...) (الكهف: 29) أراد سبحانه أنْ يُبيّن حكم كُلٍّ من الاختيارين: الإيمان، والكفر على طريقة اللَّفِّ والنشر، وهو أسلوب معروف في العربية، وهو أن تذكر عدة أشياء، ثم تُورِد أحكامها حَسْب ترتيبها الأول، أو تذكرها مُشوَّشة دون ترتيب.

ومن النوع الأول الذي يأتي فيه اللَّفُّ والنشْر على الترتيب قوله تعالى: (وَمِن رَّحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ ٱلَّيلَ وَٱلنَّهَارَ لِتَسْكُنُواْ فِيهِ وَلِتَبتَغُواْ مِن فَضْلِهِ) (القصص: 73) أي: لتسكنوا في الليل، وتبتغوا من فضل الله في النهار.

فالترتيب إذا كان الحكم الأول للمحكوم عليه الأول، والحكم الثاني للمحكوم عليه الثاني وهكذا.

ومن ذلك قول الشاعر:
قَلْبِي وَجَفْنِي وَاللسان وخالقي

هذه أربع مُخْبر عنها، فما قصتها وبماذا أخبرنا عنها؟

يقول:
قَلْبِي وَجَفْنِي وَاللسَانُ وَخَالِقِي رَاضٍ وبَاكٍ شَاكِرٌ وغَفُورُ

فتكون على الترتيب: قلبي راضٍ، وجفني باكٍ، ولساني شاكر، وخالقي غفور.

ومرة يأتي اللف والنشر على التشويش ودون ترتيب ثقةً بأن نباهةَ السامع ستردُّ كل شيء إلى أصله كما في الآية التي نحن بصددها، فتلاحظ أن الحق سبحانه بعد أن قال: (فَمَن شَآءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَآءَ فَلْيَكْفُرْ...) (الكهف: 29) فبدأ باختيار الإيمان ثم ذكر الكفر، أما في الحكم على كل منهما فقد ذكر حكم الكفر أولاً: (إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَاراً...) (الكهف: 29) ثم ذكر بعده حكم المؤمنين: (إِنَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ إِنَّا لاَ نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً) (الكهف: 30).

وليكُنْ في الاعتبار أن المتكلم رَبٌّ حكيم، ما من حرف من كلامه إلا وله مغزى، ووراءه حكمة، ذلك أنهتعالى لما تكلّم عن الإيمان جعله اختياراً خاضعاً لمشيئة العبد، لكنهتعالى رجّح أن يكونَ الإيمانُ أولاً وأنْ يسبق الكفر.

أما حينما يتكلم عن حكم كل منهما، فقد بدأ بحكم الكفر من باب أنْ “دَرْءَ المفسدة مُقدَّم على جَلْب المنفعة”.

ثم يقول الحق سبحانه: (إِنَّ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ...).



سورة الكهف الآيات من 026-030 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52879
العمر : 72

سورة الكهف الآيات من 026-030 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة الكهف الآيات من 026-030   سورة الكهف الآيات من 026-030 Emptyالإثنين 10 فبراير 2020, 11:41 pm

إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا (٣٠)
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

وهنا نلاحظ أن الحق سبحانه عطف على الإيمان العملَ الصالح؛ لأن الإيمان هو العقيدة التي ينبع عن أصلها السلوك، فلا جدوى من الإيمان بلا عمل بمقتضى هذا الإيمان، وفائدة الإيمان أنْ تُوثّق الأمر أو النهي إلى الله الذي آمنتَ به؛ لذلك جاء الجمع بين الإيمان والعمل الصالح في مواضع عدّة من كتاب الله، منها قوله تعالى: (وَٱلْعَصْرِ * إِنَّ ٱلإِنسَانَ لَفِى خُسْرٍ * إِلاَّ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْاْ بِٱلْحَقِّ وَتَوَاصَوْاْ بِٱلصَّبْرِ) (العصر: 1-3).

ذلك لأن المؤمنين إذا ما أثمر فيهم الإيمانُ العملَ الصالح فإنهم سيتعرضون ولابُدّ لكثير من المتاعب والمشاق التي تحتاج إلى التواصي بالصبر والتواصي بالحق، ولنا أسوة في هذه المسألة بصحابة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الذين تحمّلوا عِبء الدعوة وصبروا على الأذى في سبيل إيمانهم بالله تعالى ثم يقول تعالى: (إِنَّا لاَ نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً) (الكهف: 30).

نلاحظ أن (مَنْ) هنا عامة للمؤمن والكافر؛ لذلك لم يَقُل سبحانه: إنَّا لا نضيع أجر مَنْ أحسن الإيمان؛ لأن العامل الذي يُحسِن العمل قد يكون كافراً، ومع ذلك لا يبخسه الله تعالى حَقّه، بل يعطيه حظه من الجزاء في الدنيا.

فالكافر إن اجتهد وأحسن في علم أو زراعة أو تجارة لا يُحرم ثمرة عمله واجتهاده، لكنها تُعجَّل له في الدنيا وتنتهي المسألة حيث لا حَظَّ له في الآخرة.

ويقول تبارك وتعالى: (وَقَدِمْنَآ إِلَىٰ مَا عَمِلُواْ مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَآءً مَّنثُوراً) (الفرقان: 23).

ويقول تعالى: (مَّن كَانَ يُرِيدُ ٱلْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَآءُ لِمَن نُّرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلاهَا مَذْمُوماً مَّدْحُوراً) (الإسراء: 18).

ويقول تعالى: (وَٱلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ ٱلظَّمْآنُ مَآءً حَتَّىٰ إِذَا جَآءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئاً وَوَجَدَ ٱللَّهَ عِندَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ وَٱللَّهُ سَرِيعُ ٱلْحِسَابِ) (النور: 39).

فهؤلاء قد استوفوا أجورهم، وأخذوا حظّهم في الدنيا ألواناً من النعيم والمدح والثناء، وخُلِّدتْ ذكراهم، وأقيمت لهم التماثيل والاحتفالات؛ لذلك يأتي في الآخرة فلا يجد إلا الحسرة والندامة حيث فُوجئ بوجود إله لم يكُنْ يؤمن به، والإنسان إنما يطلب أجره مِمَّن عمل من أجله، وهؤلاء ما عملوا لله بل للإنسانية وللمجتمع وللشهرة وقد نالوا هذا كله في الدنيا، ولم يَبْقَ لهم شيء في الآخرة.

ثم يقول الحق سبحانه: (أُوْلَـٰئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ...).



سورة الكهف الآيات من 026-030 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
 
سورة الكهف الآيات من 026-030
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» سورة الكهف الآيات من 071-075
» سورة الكهف الآيات من 076-080
» سورة الكهف الآيات من 001-005
» سورة الكهف الآيات من 081-085
» سورة الكهف الآيات من 006-010

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers :: (العربي) :: الشيخ محمد متولي الشعـراوي :: الكهف-
انتقل الى: