منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers

(إسلامي.. ثقافي.. اجتماعي.. إعلامي.. علمي.. تاريخي.. دعوي.. تربوي.. طبي.. رياضي.. أدبي..)
 
الرئيسيةالأحداثأحدث الصورالتسجيل
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

IZHAR UL-HAQ

(Truth Revealed) By: Rahmatullah Kairanvi
قال الفيلسوف توماس كارليل في كتابه الأبطال عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لقد أصبح من أكبر العار على أي فرد مُتمدين من أبناء هذا العصر؛ أن يُصْغِي إلى ما يظن من أنَّ دِينَ الإسلام كَذِبٌ، وأنَّ مُحَمَّداً -صلى الله عليه وسلم- خَدَّاعٌ مُزُوِّرٌ، وآنَ لنا أنْ نُحارب ما يُشَاعُ من مثل هذه الأقوال السَّخيفة المُخْجِلَةِ؛ فإنَّ الرِّسَالة التي أدَّاهَا ذلك الرَّسُولُ ما زالت السِّراج المُنير مُدَّةَ اثني عشر قرناً، لنحو مائتي مليون من الناس أمثالنا، خلقهم اللهُ الذي خلقنا، (وقت كتابة الفيلسوف توماس كارليل لهذا الكتاب)، إقرأ بقية كتاب الفيلسوف توماس كارليل عن سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-، على هذا الرابط: محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم-.

يقول المستشرق الإسباني جان ليك في كتاب (العرب): "لا يمكن أن توصف حياة محمد بأحسن مما وصفها الله بقوله: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِين) فكان محمدٌ رحمة حقيقية، وإني أصلي عليه بلهفة وشوق".
فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ على سائر البُلدان، كما فَضَّلَ بعض الناس على بعض والأيام والليالي بعضها على بعض، والفضلُ على ضربين: في دِينٍ أو دُنْيَا، أو فيهما جميعاً، وقد فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ وشَهِدَ لها في كتابهِ بالكَرَمِ وعِظَم المَنزلة وذَكَرَهَا باسمها وخَصَّهَا دُونَ غيرها، وكَرَّرَ ذِكْرَهَا، وأبَانَ فضلها في آياتٍ تُتْلَى من القرآن العظيم.
المهندس حسن فتحي فيلسوف العمارة ومهندس الفقراء: هو معماري مصري بارز، من مواليد مدينة الأسكندرية، وتخرَّجَ من المُهندس خانة بجامعة فؤاد الأول، اشْتُهِرَ بطرازهِ المعماري الفريد الذي استمَدَّ مَصَادِرَهُ مِنَ العِمَارَةِ الريفية النوبية المَبنية بالطوب اللبن، ومن البيوت والقصور بالقاهرة القديمة في العصرين المملوكي والعُثماني.
رُبَّ ضَارَّةٍ نَافِعَةٍ.. فوائدُ فيروس كورونا غير المتوقعة للبشرية أنَّه لم يكن يَخطرُ على بال أحَدِنَا منذ أن ظهر وباء فيروس كورونا المُستجد، أنْ يكونَ لهذه الجائحة فوائدُ وإيجابيات ملموسة أفادَت كوكب الأرض.. فكيف حدث ذلك؟!...
تخليص الإبريز في تلخيص باريز: هو الكتاب الذي ألّفَهُ الشيخ "رفاعة رافع الطهطاوي" رائد التنوير في العصر الحديث كما يُلَقَّب، ويُمَثِّلُ هذا الكتاب علامة بارزة من علامات التاريخ الثقافي المصري والعربي الحديث.
الشيخ علي الجرجاوي (رحمه الله) قَامَ برحلةٍ إلى اليابان العام 1906م لحُضُورِ مؤتمر الأديان بطوكيو، الذي دعا إليه الإمبراطور الياباني عُلَمَاءَ الأديان لعرض عقائد دينهم على الشعب الياباني، وقد أنفق على رحلته الشَّاقَّةِ من مَالِهِ الخاص، وكان رُكُوبُ البحر وسيلته؛ مِمَّا أتَاحَ لَهُ مُشَاهَدَةَ العَدِيدِ مِنَ المُدُنِ السَّاحِلِيَّةِ في أنحاء العالم، ويُعَدُّ أوَّلَ دَاعِيَةٍ للإسلام في بلاد اليابان في العصر الحديث.

أحْـلامٌ مِـنْ أبِـي (باراك أوباما) ***

 

 الباب الستون: في الكِهَانَة والقِيَافَة والزَّجْرِ والعِرَافَة والفَألِ والفِرَاسَة والنَّوْم والرُّؤْيَةِ وما أشبه ذلك

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

الباب الستون: في الكِهَانَة والقِيَافَة والزَّجْرِ والعِرَافَة والفَألِ والفِرَاسَة والنَّوْم والرُّؤْيَةِ وما أشبه ذلك Empty
مُساهمةموضوع: الباب الستون: في الكِهَانَة والقِيَافَة والزَّجْرِ والعِرَافَة والفَألِ والفِرَاسَة والنَّوْم والرُّؤْيَةِ وما أشبه ذلك   الباب الستون: في الكِهَانَة والقِيَافَة والزَّجْرِ والعِرَافَة والفَألِ والفِرَاسَة والنَّوْم والرُّؤْيَةِ وما أشبه ذلك Emptyالسبت 21 ديسمبر 2019, 8:36 pm

الباب الستون:
في الكِهَانَة والقِيَافَة والزَّجْرِ والعِرَافَة والفَألِ والفِرَاسَة والنَّوْم والرُّؤْيَةِ وما أشبه ذلك


أمَّا الكِهَانَة:
فكانت فاشية في الجاهلية حتى جاء الإسلام فلم يُسمع فيه بكاهن وكان ذلك من معجزات النُّبوَّة وآياتها، وللكهنة أخبار فمنهم سطيح ورد عليه عبد المسيح وهو يعالج الموت وأخبره على ما يزعمون بما جاء لأجله وذلك أن الموبذان رأى إبلاً صعاباً تقود خيلاً عراباً قد قطعت دجلة وانتشرت في بلادها فلمَّا أصبح أعلم كِسْرَى بذلك فتصبَّر كِسْرَى تشجعاً ثم رأى ان لا يكتم ذلك عن وزرائه ورؤساء مملكته فلبس تاجه وقعد على سريره وجمع وزراءه ورؤساء مملكته فأخبرهم بالخبر، فبينما هم كذلك اذ ورد عليهم كتاب بخمود النيران وارتجاس الإيوان فازدادوا غمًّا على غمِّهم، فكتب كِسْرَى كتاباً الى النُّعمان بن المُنذر: أمَّا بعد فوجِّه إلَيَّ رَجُلاً عالماً بما أريد أن أسأله عنه، فوجَّه اليه عبد المسيح الغسَّانِي، فقال له كسرى: أعندك علمٌ بما أريد ان أسألك عنه؟ قال: ليُخبرني الملك فإن كان عندي علمٌ منه وإلّا أخبرته بمَنْ يعلمه به، فأخبره بما رآه الموبذان، فقال: علمُ ذلك عند كاهن يسكن مشارف الشَّام يُقالُ له سطيح، قال: فأتِهِ فاسألهُ عمَّا سألتُك وائتني بالجواب، فركب عبد المسيح وتَوَجَّهَ الى سطيح، فوجده قد أشرف على الضريح، فسلّم عليه وحيَّاه، ولم يُخبر عبد المسيح بما جاء بسببه، غير أنه أنشدهُ شِعراً يذكر فيه أنه جاء برسالة من قِبَلِ مَلِكِ العَجَم، ولم يذكر له السَّبب، فرفع رأسه وقال: عبد المسيح على جمل يسيح الى سطيح بعثك ملك بني ساسان لارتجاس الإيوان وخمود النيران ورؤيا الموبذان رأى إبلاً صعاباً تقود خيلاً عراباً قطعت الدِّجلة وانتشرت في بلادها، يا عبد المسيح إذا كثُرت التلاوة وفاض وادي سماوة، وغاضت بحيرة ساوة، وخمدت نار فارس، فليس الشَّام لسطيح شاماً ولا العجم لعبد المسيح مقاماً، يرتفع أمْرُ العرب، وأظن أن وقت ولادة مُحَمَّدٍ قد اقترب، يملك منهم ملوكاً وملكات بعدد الشرافات وكل ما هو آت، آت، ثم قضى سطيح مكانه فثار عبد المسيح إلى راحلته وعاد فأخبر كسرى بذلك.

وحُكِيَ أن ربيعة بن مضر اللخمي رأى مناماً هاله، فأراد تفسيره فقال له أهل مملكته ما يفسره لك إلا شق وسطيح، فأحضرهما وقال لسطيح: إني رأيتُ مناماً هالني فإن عرفته فقد أصبحت تفسيره، فقال: رأيت جمجمة خرجت من ظلمة فوقعت بأرض نهمة فأكل منها كل ذات جمجمة فقال له الملك ما أخطأت شيئاً ما تفسره؟ قال: ليهبطن بأرضك الحبش وتملك ما بين أبين إلى جرش، فقال الملك: إن هذا لغائط موجع فمتى هو كائن أفي زماني أم بعده؟ قال: بل بعده بحين أكثر من ستين أو سبعين تمضي من السنين، ثم يقتتلون بها أجمعين ويخرجون منها هاربين، قال ومَنْ ذا الذي يملك بعدهم؟ قال أراه ذا يزن يخرج عليهم من عدن فما يترك منهم أحداً باليمن، قال الملك: فيدوم ذلك أم ينقطع؟ قال بل ينقطع، قال: ومَنْ يقطعه؟ قال: نبيٌ زكيٌ يأتيه الوحيُ من العَلِىِّ، قال: ومِمَّنْ يكون هذا النبي؟ قال: من ولد عدنان بن فهر بن مالك بن النضر، يكون في قومه المُلْكُ إلى آخر الدَّهر، قال: وهل للدَّهر من آخر؟ قال: نعم يوم يجمع فيه الأولون والآخرون، ويسعد فيه المحسنون ويشقى المسيئون، قال: أو حقٌ ما تُخْبِرُ، قال: والشفق والقمر إذا اتسق إن ما أنبأتك به لحقٌ، ثم دعا بشق فقال مثل ما قال سطيح.

ومن ذلك ما حُكِيَ أن أمية بن عبد شمس دعا هاشم بن عبد مناف إلى المُفاخَرة فقال له هاشم: أفاخرك على خمسين ناقة سُود الحدق تنحر بمكة، فرضي أمية بذلك وجعل بينهم الخزاعي الكاهن حكماً فخبؤا إليه شيئاً وخرجا إليه ومعهما جماعة من قومهما فقالوا قد خبأنا لك خبياً فإن علمته تحاكمنا إليك، وإن لم تعلمه تحاكمنا إلى غيرك، فقال لقد خبأتم لي كيت وكيت، قالوا صدقت، أحْكُمْ بين هاشم بن عبد مناف وبين أمية بن عبد شمس أيهما أشرف بيتاً ونسباً؟ فقال: والقمر الباهر والكوكب الزاهر والغمام الماطر وما بالجو طائر وما اهتدى بعلم مسافر، لقد سبق هاشم أمية إلى المآثر، ولأمية أواخر، فأخذ هاشم الإبل ونحرها وأطعهما مَنْ حَضَرَ وخرج أمية إلى الشام وأقام بها عشر سنين ويقال إنها أول عداوة وقعت بين بني هاشم وبني أمية.

وحُكِيَ أن هند بنت عتبة بن ربيعة كانت تحت الفاكه بن المغيرة وكان الفاكه من فتيان قريش وكان له بيت ضيافة خارجاً عن البيوت تغشاه الناس من غير إذن فخلا البيت ذات يوم واضطجع فيه هو وهند ثم نهض لحاجة فأقبل رجلٌ مِمَّنْ كان يغشى البيت، فولجه فلما رأى هنداً رجع هارباً، فلما نظره الفاكه دخل عليها فضربها برجله، وقال لها: مَنْ هذا الذي خرج من عِنْدِكِ؟ قالت: ما رأيتُ أحداً قط، وما انتبهت حتى أنبهتني، قال: فأرجعي إلى بيت أبيكِ، وتكلّم الناس فيها، فقال أبوها: يا بُنَيَّة إن الناس قد أكثروا فيكِ الكلام فإن يكن الرجلُ صادقاً دَسَسْتُ عليه مَنْ يقتله لينقطع كلام الناس، وإن يكُ كاذباً حَاكَمْتُهُ إلى بعض كُهَّانِ اليمن، فقالت له: لا والله ما هو عليَّ بصادق، فقال له: يا فاكه إنك قد رميت ابنتي بأمر عظيم فحاكمني إلى بعض كُهَّانِ اليمن، فخرج الفاكه في جماعة من بني مخزوم، وخرج أبوها في جماعة من بني عبد مناف، ومعهم هند ونسوة، فلمَّا شارفوا البلاد قالوا: غداً نَرِدُ على هذا الرجل، فتغيَّرَتْ حالة هند، فقال لها أبوها: إنِّي أرى حالكِ قد تغيَّر وما هذا إلا لمكروه عندكِ، فقالت: لا والله، ولكن أعرف أنكم تأتون بشراً يُخْطِئُ ويُصِيبُ ولا آمَنَهُ أن يَسُمَّنِي بسيما تكون عليَّ سَبَّة، فقال لها: لا تخشِي فسوف أختبرهُ، فصَفَّر لفرسه حتى أدلى ثم أدخل في إحليله حبة حنطة وربطه، فلمَّا أصبحوا قَدِمُوا على الرجل فأكرمهم ونَحَرَ لهم، فلمَّا تَغَدَّوْا قال له عتبة: قد جئناك في أمر وقد خبَّأنا لك خبيئة نختبرك بها، قال: خبأتم لي تمرة في كمدة، قال: إني أريد أن أبين من هذا، قال: حبَّة بُرٍ في أحليل مُهْرٍ، قال: فانظر في أمر هؤلاء النِّسْوَة، فجعل يأتي إلى كل واحدة منهن ويضرب بيده على كتفها، ويقول لها انهضي، حتى بلغ هنداً فقال: انهضي غير رسحاء ولا زانية وستلدين مَلِكاً اسمه مُعَاويَة، فنهض إليها الفاكه فأخذ بيدها فجذبت يدها من يده وقالت: إليك عني فوالله إني لأحرص أن يكون ذلك من غيرك، فتزوَّجها أبو سفيان، فولدت منه أمير المؤمنين مُعَاويَة رضي الله تعالى عنه.

وأما القيافة:
فهي على ضربين قيافة البشر وقيافة الأثر

فأما قيافة البشر:
فالاستدلال بصفات أعضاء الإنسان وتختصُّ بقوم من العرب يُقال لهم بنو مدلج يعرض على أحدهم مولود في عشرين نفراً فيُلحقه بأحدهم.

وحُكِيَ عن بعض أبناء التّجَّار أنه كان في بعض أسفاره راكباً على بعيره يقوده غلامٌ أسودٌ فمَرَّ بهؤلاء القبيلة فنظر إليه واحدٌ منهم وقال: ما أشبه الرّكبُ بالقائد، قال ولد التاجر: فوقع في نفسي من ذلك شيءٌ، فلمَّا رجعتُ إلى أمِّي ذكرتُ لها القِصَّة، فقالت يا ولدي إن أباك كان شيخاً كبيراً ذا مال وليس له ولد فخشيتُ أن يفوتنا ما له فمكَّنت هذا الغلام من نفسي فحملتُ بكَ، ولولا أن هذا شيء ستعلمه غداً في الدار الآخرة لما أعلمتُك به في الدنيا.

وأما قيافة الأثر:
فالاستدلال بالأقدام والحوافر والخِفَافِ، وقد اختصَّ به قومٌ من العرب أرضهم ذات رمل إذا هرب منهم هارب أو دخل عليهم سارق تتبَّعُوا آثار قَدَمِهِ حتى يظفروا به، ومن العجب أنهم يعرفون قدم الشاب من الشيخ والمرأة من الرجل والبكر من الثَّيب والغريب من المُستوطن، ويُذكَرُ أن في قطبة وثغر البرلس أقواماً بهذه الصفة، وقد وقعت من قريش حين خرج النبي -صلى الله عليه وسلم- وأبو بكر إلى الغار على صخر صلد وأحجار صُمٍّ ولا طين ولا تراب تُبِيَّنُ فيه الأقدام، فحجبهم الله تعالى عن نبيه بما كان من نسيج العنكبوت، وما لحق القائف من الحيرة، وقوله إلى ههنا انتهت الأقدام، هذا ومعهم الجماعة من قريش أبصارهم سليمة، ولولا أن هناك لطيفة لا يتساوى الانسان فيها يعني في علمها لما استأثر بعلم ذلك طائفة دون أخرى.

وقيل القيافة لبني مدلج في أحياء مُضَر واختلف رجلان من القافة في أمر بعير وهما بين مكة ومِنَى فقال أحدهما هو جمل وقال الآخر هي ناقة وقصدا يتبعان الأثر حتى دخلا شِعْبِ بني عامر فإذا بعيرٌ واقفٌ، فقال أحدهما لصاحبه: أهو ذا؟ قال: نعم، فوجداه خُنثى فأصابا جميعاً.

ومنهم مَنْ كان يَخُطُّ الرَّمْلَ في الأرض ويقول فيوافق قوله ما يأتي بعد، وقال رجل: شردت لي إبلٌ فجئت إلى خِرَاش فسألته عنها فأمر بنته أن تخُطَّ لي في الأرض فخطّت ثم قامت فضحك خِرَاشُ ثم قال: أتدري قيامُها لأي شيء؟ قلت: لا، قال: قد عَلِمَتْ أنَّكَ تجد إبلكَ وتتزوجها فاستحيت ثم خرجت فوجدت إبلي ثم تزوجتها.

وخرج عمرو بن عبد الله بن معمر ومعه مالك بن خراش الخزاعي غازيين فمرا بامرأة وهي تخط للناس في الأرض فضحك منها مالك هزواً وقال ما هذا؟ فقالت أما والله لا تخرجا من سجستان حتى تموت ويتزوج عمرو هذا زوجتك فكان كما ذَكَرَتْ.

وأما الزَّجر والعِرافة:
فأحسنه ما روي إن كسرى أبرويز بعث إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- حين بعث زاجراً ومصوراً فقال للزَّاجر: أنظر ما ترى في طريقك وعنده، وقال للمصور: أئتني بصورته، فلما عاد إليه أعطاه المصور صورته، فوضعها كسرى على وسادته، ثم قال للزاجر: ماذا رأيت؟ قال ما رأيت ما أزجر به إلا أنه سيعلوا أمره عليك لأنك وضعت صورته على وسادتك.

وبعث صاحب الروم إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- رسولاً وقال له أنظر إليه ومل إلى جانبه وانظر إلى ما بين كتفيه حتى ترى الخاتم والشَّامة فقدم الرسول فرأى النبي -صلى الله عليه وسلم- على نشز عال واضعاً قدميه في الماء وعن يمينه علي رضي الله عنه فلما رآه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال له: تحوَّل فانظر ما أمِرْتَ به فنظر، فلما رجع إلى صاحبه أخبره الخبر، فقال: ليعلون أمره وليملكن ما تحت قدمي.

فتفاءل بالنشز العلو وبالماء الحياة.

وقال المدايني:
وقع الطاعون بمصر في ولاية عبد العزيز بن مروان حين أتاها، فخرج هارباً ونزل بقرية من قرى الصعيد، فقدم عليه حين نزلها رسولٌ لعبد الملك بن مروان، فقال للرسول ما اسمك؟ قال طالب بن مدرك، فقال أواه ما أظن أني أرجع إلى الفسطاط، فمات ولم يرجع.

وكانت نائلة بنت عمَّار الكلبي تحت معاوية، فقال لفاختة بنت قرظة اذهبي فانظري إليها، فذهبت ونظرت فقالت ما رأيت مثلها ولكني رأيت تحت سرتها خالاً ليوضعن معه رأس زوجها في حجرها فطلّقها معاوية، وتزوَّجها بعده رجلان، حبيب ابن مسلمة، والنعمان بن بشير، فقتل أحدهما ووضع رأسه في حجرها، وبينما مروان بن محمد جالس في إيوانه يتفقّد الأمور، إذ تصدّعت زجاجة من الإيوان فوقعت منها الشمس على منكب مروان، وكان هناك عرَّافٌ وقيل قياف فقام فتبعه ثوبان مولى مروان، فسأله فقال صدع الزجاج صدع السلطان، ستذهب الشمس بمُلك مروان بقوم من التُّرك أو خراسان ذلك عندي واضح البرهان، فما مضى غير شهرين حتى مضى مُلكُ مروان.

وروى المدايني:
أن علياً رضي الله عنه بعث معقلاً في ثلاثة آلاف ليقيم بالرقة وذلك في وقعة صفين، فسار حتى نزل الحديبية فبينما هو ذات يوم جالس، إذ نظر إلى كبشين ينتطحان، فجاء رجلان فأخذ كل واحد منهما كبشاً، فذهب به، فقال شدَّاد بن أبي ربيعة الخثعمي الزَّاجر إنكم لتصرفون من موجهكم هذا لا تغلبون ولا تغلبون، أما ترى الكبشين كيف انتطحا حتى حجز بينهما فتفرقا، ولا فضل لأحدهما على الآخر.

وحُكِيَ ان الاسكندر ملك بعض البلاد فدخل فيها فوجد امرأة تنسج ثوباً، فلَمَّا رأته قالت له أيها الملك قد أعطيت مُلكاً ذا طول وعرض، ثم دخل عليها بعد ذلك، فقالت ستُعزل من المُلك، قال فغضب عند ذلك، فقالت له لا تغضب، فإنك في المرة الأولى دخلت عليَّ والشقة بيدي أدير طولها وعرضها، ودخلت عليَّ الآن والشقة في يدي أريد قطعها لأني قد فرغت من نسجها، فلا تغضب فإن النفوس تعلم أشياء بعلامات، قال الراوي فكان كذلك.

وحُكِي أن سيف بن ذي يزن لَمَّا استنجد كِسْرَى على قتال الحبشة بعث إليه بجيش عظيم فخرج إليهم ملك الحبشة وهو مسروق بن أبرهة في مائة ألف من الحبشة، وكان بين عينيه ياقوتة حمراء بعلّاقة من الذهب على تاجه تضيء كالنور، وهو على فيل عظيم، قال وكان في عسكر ذي يزن رجل يُقالُ له زهير، فتأمل ذلك منه ثم قال لأميره اصبر لتنظر ما يكون من أمره، فقال فتحوَّل مسروق من الفيل إلى جمل، فقال أصبر فتحوَّل بعد ذلك إلى فرس ثم إلى بغل ثم إلى حمار، وكأنه أنف من مقاتلتهم على شيء من ذلك إلا على حمار لَمَّا أنه استصغرهم وأستحقرهم، وتفرَّس ذلك الرجل فيه من الانتقال من أعلى إلى أدنى، وقال احملوا عليهم فإن مُلْكَهُم قد ذهب، فإنه انتقل من كبير إلى صغير فحملوا عليهم فكسروهم وقُتِلَ المَلِكْ.

وحُكِيَ أنه كان عرَّاف من الطرقيين ببغداد يخبر بما يُسْئَلُ عنه فلم يُخطئ، فسأله رجل عن شخص محبوس هل ينطلق؟ قال نعم ويُخلع عليه، قال فقلت له بأي شيء عرفت ذلك؟ فقال إنك لَمَّا سألتني التفتُ يميناً وشمالاً فوجدتُ رجلاً على ظهره قِرْبَةَ ماءٍ ففرغها ثم حملها على كتفه فأوَّلتُ الماء بالمحبوس وتفريق بالانطلاق ووضعها على كتفه بالخُلعة قال وكان الأمر كذلك.

وأمَّا الفألُ فقد رُوِيَ أنَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يُحِبُّ الفأل الصالح والاسم الحسن.

ورُوِيَ أنه لَمَّا نزل المدينة على كلثوم دعا غلامين له يا بشار ويا سالم فقال لأبي بكر رضي الله تعالى عنه أبشر يا أبا بكر فقد سلمت لنا الدار.

وقال الأصمعي:
سألت ابن عون عن الفأل فقال هو أن يكون مريض فيسمع يا سالم أو طالب حاجة فيسمع يا واجد وما أشبه ذلك.

وأما الطيرة:
فقد كان يحب الفال ويكره الطيرة وقيل ذُكِرَتْ الطيرة عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: "من عرض له من هذه الطيرة شيء فليقل اللهم لا طير إلا طيرك ولا خير إلا خيرك ولا إله غيرك ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم"، وعنه أنه قال ليس مِنَّا مَنْ تَطَيَّرَ أو تُطِيَّرَ لَهُ أو تَكَهَّنَ أو تُكِهُّنَ له.

وعن ابن عباس رضي الله عنهما (رفعه): من اقتبس علماً من النجوم اقتبس شُعبة من السِّحر.

وعن أبي هريرة رضي الله عنه: مَنْ أتى كاهناً فصدَّقهُ فيما يقول أو أتى امرأته حائضاً في دُبُرِهَا فقد برئ مِمَّا نزل على محمد.

وأنشد المبرد هذه الأبيات يقول:
( لا يعلم المرء ليلا ما يصبحه ... الا كواذب ما يجري به الفال )
( والفال والزجر والكهان كلهم ... مضللون ودون الغيب اقفال )

وقال لبيد:
( لعمري ما تدري الطوارق بالحصى ... ولا زاجرت الطير ما الله صانع )

وقال آخر:
( تعلم أنه لا طير إلا ... على متطير وهو الثبور )
( بلى شيء يوافق بعض شيء ... أحايينا وباطله كثير )

وكانت العرب تتطيَّر بأشياء كثيرة منها العطاس وسبب تطيرهم منه ان دابة يقال لها العاطوس كانوا يكرهونها وكانوا إذا ارادوا سفراً خرجوا من الغلس والطير في أوكارها على الشجر فيطيرونها فإن أخذت أخذوا يميناً وإن أخذوا شمالاً أخذوا شمالاً.

ومنه قوله امرئ القيس:
( وقد اغتدى والطير في وكناتها ... بمنجرد قيد الأوابد هيكل )
( مكر مفر مقبل مدبر معا ... كجلمود صخر حطه السيل من على )

والعرب أعظم ما يتطيَّرون منه الغراب فالقول فيه أكثر من أن يطلب عليه شاهد ويُسَمُّونَهُ حاتماً لأنه يحتم عندهم بالفراق ويُسَمًّونَهُ الأعور على جهة التطيّثر بصراً.

وفيه يقول بعضهم:
( إذا ما غراب البين صالح فقل به ... ترفق رماك الله يا طير بالبعد )
( لأنت على العشاق أقبح منظر ... وأبشع في الابصار من رؤية اللحد )
( تصيح ببين ثم تعثر ماشيا ... وتبرز في ثوب من الحزن مسود )
( متى صحت صح البين وانقطع الرجا ... كأنك من يوم الفراق على وعد )

وأعرض بعضهم عن الغراب وتطيَّر بالإبل وسبب ذلك لكونها تحمل أثقال مَنْ ارتحل.

وفي ذلك قال بعضهم مفرداً أجاد:
( زعموا بأن مطيهم سبب النوى ... والمؤذنات بفرقة الأحباب )

وقالوا من تطير من شيء وقع فيه.



الباب الستون: في الكِهَانَة والقِيَافَة والزَّجْرِ والعِرَافَة والفَألِ والفِرَاسَة والنَّوْم والرُّؤْيَةِ وما أشبه ذلك 2013_110


عدل سابقا من قبل أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn في الخميس 10 ديسمبر 2020, 7:58 pm عدل 2 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

الباب الستون: في الكِهَانَة والقِيَافَة والزَّجْرِ والعِرَافَة والفَألِ والفِرَاسَة والنَّوْم والرُّؤْيَةِ وما أشبه ذلك Empty
مُساهمةموضوع: رد: الباب الستون: في الكِهَانَة والقِيَافَة والزَّجْرِ والعِرَافَة والفَألِ والفِرَاسَة والنَّوْم والرُّؤْيَةِ وما أشبه ذلك   الباب الستون: في الكِهَانَة والقِيَافَة والزَّجْرِ والعِرَافَة والفَألِ والفِرَاسَة والنَّوْم والرُّؤْيَةِ وما أشبه ذلك Emptyالسبت 21 ديسمبر 2019, 8:40 pm

وحُكِيَ عن ابراهيم بن المهدي قال أرسل إلي محمد بن زبيدة في ليلة من ليالي الصيف مُقمرة يقول يا عم إني مشتاق إليك فاحضر الآن عندنا فجئته وقد بسط له على سطح زبيدة وعنده سليمان بن أبي جعفر وجاريته نعيم فقال لها غنينا شيئاً فقد سُررتُ بعمومتي فغنَّت وهي تقول هذه الأبيات:
( همو قتلوه كي يكونوا مكانه ... كما فعلت يوما بكسرى مرازبه )
( بني هاشم كيف التواصل بيننا ... وحبند أخيه سيفه ونجائبه )

قال فغضب وتطيَّر وقال لها ما قصتكِ ويحكِ انتبهي وغنِّي ما يسرُّنِي فغنَّت تقول:
( كليب لعمري كان أكثر ناصرا ... وأكثر حزما منك ضرج بالدم )

فقال لها ويحكِ ما هذا الغناءُ في هذه الليلة، غنِّي غيره فغنَّت تقول هذه الأبيات:
( ما زال يعدو عليهم ريب دهرهم ... حتى تفانوا وريب الدهر عداء )
( تبكي فراقهم عيني فأرقها ... إن التفرق للمشتاق بكاء )

قال فانتهرها وقال لها قومي إلى لعنة الله، فقالت والله يا مولاي لم يجر على لساني غير هذا، وما ظننت إلا أنك تحبه، ثم إنها قامت من بين يديه، وكان بين يديه قدح بلور وكان أبوه يحبه، فأصابه طرف ردائها فانكسر، قال إبراهيم بن المهدي فالتفتَ إلي وقال يا عمي أرى أن هذا آخر أمرنا، فقلت كلا بل يُبقيك اللهُ يا أمير المؤمنين ويسرك فسمعت هاتفاً يقول: "قضي الأمر الذي فيه تستفيان"، فقال لي أسمعت ما سمعت يا عَمِّ؟ فقلت ما سمعت شيئاً وما هذا إلا توهمٌ، فإذا الصوت قد علا، فقال يا عم إذهب إلى بيتك فمُحَالٌ أن يكون بعد هذا اجتماعٌ، قال فانصرفت من عنده وكان هذا آخر عهدي به.

وخرج أبو الشمقمق مع خالد بن يزيد بن مزيد وقد تقلّد الموصل فلما أراد الدخول إليها اندق لواؤه في أول درب منها فتطيَّر لذلك فأنشده أبو الشمقمق يقول:
( ما كان مندق اللواء لريبة ... تخشى ولا أمر يكون مبذلا )
( لكن هذا الرمح ضعف متنه ... صغر الولاية فاستقل الموصلا )

فسُرَّ خالد وأمر لأبي الشمقمق بعشرة آلاف درهم.

ودخل الحَجَّاجُ الكوفة متوجها إلى عبد الملك فصعد المنبر فانكسر تحت قدمه فعلم أنهم قد تطيَّروا له بذلك فالتفت إلى الناس قبل أن يحمد الله تعالى فقال شاهت الوجوه وتبت الأيدي ويؤتم بغضب من الله إذا انكسر عود جذع ضعيف تحت قدم أسد شديد تفاءلتم بالشؤم وإني على أعداء الله تعالى لأنكد من الغراب الأبقع وأشأم من يوم نحس مستمر وإني لأعجب من لوط وقوله: "لو أن لي بكم قوة أو آوي إلى ركن شديد"، فأي ركن أشد من الله تعالى أو ما علمتم ما أنا عليه من التوجه إلى أمير المؤمنين، وقد وليت عليكم أخي محمد بن يوسف، وأمرته بخلاف ما أمر به رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مُعَاذاً في أهل اليمن، فإنه أمره أن يُحْسِنَ إلى مُحسنهم ويتجاوز عن مُسيئهم، وقد أمرته أن يُسِيءَ إلى مُحسنكم وأن لا يتجاوز عن مُسيئكم، وأنا أعلم أنكم تقولون بعدي لا أحسن الله له الصحابة، وأنا معجل لكم الجواب، لا أحسن الله عليكم الخلافة، أقول قولي هذا واستغفر الله العظيم لي ولكم.

وخرج بعض ملوك الفرس إلى الصيد فأول من استقبله أعور فضربه وأمر بحبسه ثم ذهب للصيد فاصطاد صيداً كثيراً فلمَّا عاد استدعى بالأعور فأمر له بمال فقال لا حاجة لي به ولكن ائذن لي في الكلام، فقال تكلم، فقال أيها الملك إنك تلقيتني فضربتني وحبستني وتلقيتك وسلمت فأيُّنَا أشأم صباحاً على صاحبه؟ فضحك منه وأمر له بصلة.

وحُكِيَ أيضاً أن صاحب قرطبة أصابه وجع فأمر بعض جواريه أن تُغنيه ليلهو عن وجعه فقالت:
( هذي الليالي علمنا أن ستطوينا ... فشعشعينا بماء المزن واسقينا )

قال فتطيَّر من ذلك وأمرها بالانصراف ولم يقم بعد ذلك غير خمسة أيام ومات.

وحُكِيَ أن نور الدين محموداً وهمام الدين ركبا في يوم عيد وخرجا للتفرُّج فتجاولا في الكلام ثم قال محموداً يا من درى هل نعيش إلى مثل هذا اليوم؟ فقال له همام الدين قل هل نعيش إلى آخر هذا الشهر فإن العام كثير، قال فأجرى الله على منطقهما ما كان مُقدَّراً في الأزل فمات أحدهما قبل تمام الشهر ومات الآخر قبل تمام العام.

وأما الفراسة:
فقد قال الله تعالى: ( إن في ذلك لآيات للمتوسمين )، وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "اتقوا فراسة المؤمن فإنه ينظر بنور الله"، وقال عليٌ رضي الله تعالى عنه: ما أضمر أحَدٌ شيئاً إلا ظهر في فلتات لسانه وصفحات وجهه.

وقيل أشار ابن عباس رضي الله تعالى عنهما على علي رضي الله تعالى عنه بشيء فلم يعمل به ثم ندم، فقال يرحم الله ابن عباس كأنما ينظر إلى الغيب من ستر رقيق.

وحَكَى أبو سعيد الخرَّاز أنه كان في الحرم فقيرٌ ليس عليه إلا ما يستر عورته فأنِفَتْ نفسي منه فتفرَّس ذلك مِنِّي فقرأ: ( وأعلموا أن الله يعلم ما في أنفسكم فاحذروه )، فندمت واستغفرت الله في قلبي فتفرَّس ذلك أيضاً فقرأ: ( وهو الذي يقبل التوبة عن عباده ).

وحكي عن الشافعي ومحمد بن الحسن أنهما رأيا رَجُلاً فقال أحدهما إنه نجَّار وقال الآخر أنه حدَّاد فسأله عن صنعته، فقال كنت حداداً وأنا الآن نجار.

وحُكِيَ أن شخصاً من أهل القرآن سأل بعض العلماء مسألة فقال له اجلس فإني أشم من كلامك رائحة الكُفر فاتفق بعد ذلك أنه سافر السائل فوصل إلى القسطنطينية فدخل في دين النصرانية، قال مَنْ رآه ولقد رأيته مُتَكِئَاً على دِكَّةٍ وبيده مروحة يروح بها عليه فقلت السلام عليكم يا فلان، فسلّم عليَّ وتعارفنا، ثم قلت له بعد ذلك هل القرآن باق على حاله أم لا؟ فقال له لا أذكر منه إلا آية واحدة، وهي قوله تعالى: ( ربما يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين )، قال فبكيت عليه وتركته وانصرفت.

وكان الحسن ابن السَّقَّاء من موالي بني سليم ولم يكن في الأرض أحزر منه كان ينظر إلى السفينة فيحزر ما فيها فلا يُخطِئُ وكان حذره للمكيول والموزون والمعدود سواءٌ كان يقول في هذه الرمانة كذا وكذا حبة وزنتها كذا وكذا ويأخذ العود الآس فيقول فيه كذا وكذا ورقة فلا يُخطِئُ.

وقالوا إذا رأيت الرجل يخرج بالغداة ويقول لشيء ما عند الله خير وأبقى فاعلم إن جواره وليمة ولم يدع إليها وإذا رأيت قوماً يخرجون من عند قاض وهم يقولون ما شهدنا إلا بما علمنا فاعلم أن شهادتهم لم تقبل، وإذا قيل للمتزوج صبيحة البناء على أهله كيف ما تقدمت عليه؟ فقال الصلاح خير من كل شيء فاعلم أن امرأته قبيحة، وإذا رأيت إنساناً يمشي ويلتفت فاعلم أنه يريد أن يُحْدِثُ وإذا رأيت فقيراً يعدو ويهرول فاعلم أنه في حاجة غني، وإذا رأيت رجلاً خارجاً من عند الوالي وهو يقول يد الله فوق أيديهم فاعلم أنه صُفِعَ، ويقال عين المرء عنوان قلبه، وكانوا يقولون عظم الجبين يدل على البله وعرضه يدل على قلة العقل وصغره يدل على لطف الحركة، وإذا وقع الحاجب على العين دَلَّ على الحسد، والعين المتوسطة في حجمها دليل الفطنة وحُسْنُ الخُلُق والمُروءة، والتي يطول تحديقها يدل على السمع والأذن الكبيرة المنتصبة تدل على حمق وهذيان، وكانت الفرس إذ تقول فشا الموت في الوحوش دل على ضيقه، وإذا فشا في الفأر دل على الخصب، وإذا نعق غراب فجاوبته دجاجة عَمَّ الخراب، وإذا قوقت دجاجة فجاوبها غراب خرب العمار والله أعلم بكل شيء عالم الغيب فلا يُظهرُ على غيبه أحداً، وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو ويعلم ما في البر والبحر وما تسقط من ورقة إلا يعلمها ولا حبة في ظلمات الأرض ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين.

وأما النوم والسهر وما جاء فيهما:
فقد روي عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "أشراف أمتي حملة القرآن وأصحاب الليل".

وروي أن أم سليمان بن داود عليهما الصلاة والسلام قالت: يا بُني لا تُكثر النوم بالليل فإن صاحب النوم يجيء يوم القيامة مُفلساً.

وكان زمعة بن صالح يقوم ليلاً طويلاً فإذا أسحر نادى أهله:
( يا أيها الركب المعرسونا ... أكل هذا الليل ترقدونا )

فيتواثبون بين باك وداع ومُتضرِّع فإذا أصبح نادى عند الصباح يحمد القوم السرى

( وأنشدوا )
( يا أيها الراقد كم ترقد ... قم يا حبيبي قد دنا الموعد )
( وخذ من الليل وساعاته ... حظاً إذا ما هجع الرقد )
( من نام حتى ينقضي ليله ... لم يبلغ المنزل أو يجهد )
( قل لذوي الألباب أهل التقى ... قنطرة الحشر لكم موعد )

وقيل أن نومة الضحى تُورث الغم والخوف ونومة العصر تورث الجنون.

وأنشد بعضهم:
( إلا إن نومات الضحى تورث الفتى ... غموما ونومات العصير جنون )

وعن العباس بن عبد المطلب أنه مَرَّ يوماً بابنه وهو نائم نومة الضحى فوكزه برجله وقال له قم لا أنام الله عينك أتنام في ساعة يقسم الله تعالى فيها الرزق بين العباد؟ أو ما سمعت ما قالت العرب أنها مكسلة مهزلة منسية للحاجة.

والنوم على ثلاثة أنواع:
نومة الخرق ونومة الخلق ونومة الحمق.
فنومة الخرق نومة الضحى.
ونومة الخلق هي التي أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- بها أمَّته فقال: "قيلوا فإن الشياطين لا تقيل".
ونومة الحمق النومة بعد العصر لا ينامها إلا سكران أو مجنون.


وكان هشام بن عبد الملك يقول لولده: لا تصطبح بالنوم فإنه شؤم ونكد.

وقال الثوري لطبيب دلني على شيء إذا أردت النوم جاءني فقال ادهن رأسك وأكثر من ذلك واتق الله.

وكان طاوس يقول لأن تختلف السياط على ظهري أحب إلي من أن أنام يوم الجمعة والإمام يخطب.

وكان شداد بن أوس يتلوى على فراشه كالحبة على المقلى ويقول اللهم إن النار منعتني النوم.

وأنشدوا في المعنى:
( غيرت موضع مرقدي ... يوما ففارقني السكون )
( قل لي فأول ليلتي ... في حفرتي أني أكون )

وأنشد أبو دلف:
( أمالكتي ردي علي رقاديا ... ونومي فقد شردته عن وساديا )
( أما تتقين الله في قتل عاشق ... أمت الكرى عنه فأحيا اللياليا )

وأنشد أبو غانم الثقفي:
( رقدت رقاد الهيم حتى لو أنني ... يكون رقادي مغنماً لغنيت )

أن نوم عبود يضرب به المثل وكان عبود هذا عبداً أسود قيل إنه نام اسبوعاً، وقيل إنه تماوت على أهله، وقال اندبوني لأعلم كيف تندبوني إذا أنا مِتُّ فسجى ونام وندب فإذا هو قد مات.

وأما الرؤيا فقد قيل فيها أقاويل:
وهو أنهم قالوا أن النوم هو اجتماع الدم وانحداره إلى الكبد ومنهم من رأى أن ذلك هو سكون النفس وهدوء الروح ومنهم من زعم أن ما يجده الإنسان في نومه من الخواطر إنما هو من الأطعمة والأغذية والطبائع.

وذهب جمهور الأطباء إلى أن الأحلام من الأخلاط وأن ذلك بقدر مزاج كل واحد منها وقوته فالذي يغلب عليه الصفراء يرى بحوراً وعيوناً ومياهاً كثيرة ويرى أنه يسبح ويصيد سمكاً ومَنْ غلبت على مزاجه السوداء رأى في منامه أجداثاً وأمواتاً مُكفَّنِينَ بسوادٍ وبكاء وأشياء مفزعة ومَنْ غلب على مزاجه الدم رأى الخمر والرياحين وأنواع الملاهي والثياب المُصبغة والذي يقع عليه التحقيق أن الرؤيا الصالحة كما قد جاء جزء من ستين جزء من النبوة وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- أول ما بدئ به من الوحي الرؤيا الصالحة فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح.

والرؤيا على ضربين فمنهم مَنْ يرى رؤيا فتجيء على حالها لا تزيد ولا تنقص ومنهم مَنْ يرى الرؤيا في صورة مثل ضرب له.

فمن ذلك ما حكي أن النبي -صلى الله عليه وسلم- رأى في الجنة غرفاً فقال لمن هذه؟ فقيل أبي جهل بن هشام فقال ما لأبي جهل والجنة والله لا يدخلها أبداً قال فأتاه عكرمة ولده مسلماً فتأوَّلها به وكذلك تأوَّل في قتل الحسين لَمَّا رأى أن كلباً أبقع يلغ في دَمِهِ وكان ذلك بعد رؤياه عليه الصلاة و السلام بخمسين عاماً.

وكذلك حين قال بأبي بكر رضي الله تعالى عنه إني رأيت كأني رقيت أنا وأنت درجاً في الجنة فسبقتك بدرجتين ونصف فقال أبو بكر رضي الله تعالى عنه يا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أقبض بعدك بسنتين ونصف.

ورأت عائشة رضي الله تعالى عنها سقوط ثلاثة أقمار في حجرتها فأوَّلها أبوها بموته وموت النبي -صلى الله عليه وسلم- وموت عمر رضي الله تعالى عنهما ودفنهم في حجرتها فكان الأمر كذلك.

وحُكِيَ أن أمَّ الشافعي رضي الله تعالى عنه لَمَّا حملت به رأت كأن المُشتري خرج من فرجها وانقضَّ بمصر ثم تفرَّق في كل بلد قطعة فأوِّلَ بعالم يكون بمصر وينتشر علمه بأكثر البلاد فكان كذلك.

وحُكِيَ أيضاً أن عاملاً أتى عمر رضي الله تعالى عنه فقال رأيت الشمس والقمر اقتتلا فقال له عمر مع مَنْ كنت؟ قال مع القمر، فقال مع الآية الممحوَّة والله لا وليت لي عملاً فعزله، ثم اتفق أن علياً رضي الله تعالى عنه وقع بينه وبين معاوية ما وقع فكان ذلك الرجل مع معاوية.

وأما من مَهَرَ في تعبير الرؤيا فهو ابن سيرين جاءه رجل فقال له رأيت كأني أسقي شجرة زيتون زيتاً فاستوى جالساً فقال ما التي تحتك؟ قال عجلة اشتريتها وفي رواية جارية وأنا أطؤها فقال أخاف أن تكون أمَّكَ فكشف عنها فوجدها أمَّه.

وجاءه رَجُلٌ فقال رأيت كأن في يدي خاتماً أختم به فروج النساء وأفواه الرجال فقال له أنت مؤذنٌ تؤذنُ بالليل فتمنع الرجال والنساء من الأكل والوطئ.

وجاءه رَجُلٌ فقال رأيت جارة لي قد ذُبِحَتْ في بيتٍ من دارها فقال هي امرأة نُكِحَتْ في ذلك البيت وكانت امرأة لصديق ذلك الرجل فاغتمَّ لذلك ثم بلغه أن الرجل قدم في تلك الليلة وجامع زوجته في ذلك البيت.

وجاءه رجل معه جراب فقال له رأيت في النوم كأني أسُدُّ الزقاق سَدًّا وثيقاً شديداً فقال له أنت رأيت هذا؟ قال نعم فقال لِمَنْ حضره ينبغي أن يكون هذا الرجل يخنق الصبيان وربما تكون في جرابه آلة الخنق فوثبوا عليه وفتَّشُوا الجراب فوجدوا فيه أوتاراً وحِلَقاً فسلّمُوه إلى السلطان.

وجاءته امرأة وهو يتغدَّى فقالت له رأيت في النوم كأن القمر دخل في الثريا ونادى مُنَادٍ من خلق أن ائتي ابن سيرين فقصي عليه، فتقلّصت يده وقال ويلك كيف رأيتي هذا؟ فأعادت عليه فقال لأخته: هذه تزعم اني أموت لسبعة أيام وأمسك يده على فؤاده وقام يتوجَّع ومات بعد سبعة أيام.

وجاءه رجل فقال رأيت كأني آخذُ البيض وأقشره فآكل بياضه وألقي صفاره فقال إن صدق منامك فأنت نبَّاش الموتى فكان ذلك.

وحُكِيَ أن ابن سيرين رأى الجوزاء قد تقدَّمت على الثريا فجعل يُوصِي وقال يموت الحسن وأموت بعده وهو أشرف مني فمات الحسن ومات بعده بمائة يوم.

وحُكِىَ أن رجلاً رأى عيسى عليه السلام فقال له يا نبي الله صلبك حق؟ قال نعم، فعبره على بعضهم فقال تكذب رؤياك بقوله تعالى: ( وما قتلوه وما صلبوه ولكن شُبِّهَ لَهُمْ ) ولكن هو عائد على الرَّائِي فكان كذلك.

وأتى ابنة مغيث آت في المنام فقال لها:
( لك البشيرى بولد ... أشبه شيء بالأسد ... إذا الرجال في كبد )
( تغالبوا على بلد ... كان له حظ الأسد )

وقال رَجُلٌ لسعيد بن المسيب رأيت كأني بلت خلف المقام أربع مرات، قال كذبت لست صاحب هذه الرؤيا قال هو عبد الملك فقال يلي أربعة من صلبه الخلافة.

وقال الشافعي رضي الله تعالى عنه رأيت علياً رضي الله تعالى عنه في المنام فقال لي ناولني كتبك فناولته إيَّاها فأخذها وبدَّدَهَا فأصبحت أخا كآبةٍ فأتيتُ الجعد فأخبرته فقال سيرفع اللهُ شأنكَ وينشر علمك.

وعن ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "مَنْ رآني في منامه فقد رآني حقاً فإن الشيطان لا يتمثّل بي".

وجاء إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال رأيت كأن رأسي قد قُطِعَ وأنا أنظر إليه، فضحك رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وقال: بأي عين كنت تنظر إلى رأسك فلم يلبث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن تُوفِيَّ وأوَّلوا رأسه بنبيه ونظره إليه باتباع سُنَّتَهُ.

وقال رَجُلٌ لعلي بن الحسين رأيت كأنِّي أبول في يدي، فقال تحتك مَحْرَمٌ فنظروا فإذا بينه وبين امرأته رضاع.

وقال أبو حنيفة رضي الله عنه رأيتُ كأني نبشت قبر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فضممتُ عظامه إلى صدري فهالني ذلك فسألتُ ابن سيرين فقال ما ينبغي لأحدٍ من أهل هذا الزمان أن يرى هذه الرؤيا، قلت أنا رأيتها، قال إن صدقت رؤياك لتُحيِّيَّنَ سُنَّة نبيكَ.

وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "الرُّؤيا الصَّالحة بشارة للمؤمن بما له عند الله من الكرامة في الدنيا والآخرة".

وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال تضرَّعتُ إلى رَبِّيَ سَنَةً أن يُرِيَنِ أبِي في النَّومَ حتى رأيتُهُ وهو يمسحُ العرقَ عن جبينهِ، فَسَألتُهُ، فقال: لولا رحمة اللهِ لهلكَ أبوكَ، إنه سألني عن عِقَالِ بعير للصَّدقة، فسمع بذلك عمر بن عبد العزيز فصاح وضرب بيده على رأسه، وقال: فُعِلَ هذا بالتَّقِيِّ الطاهر فكيف بالمُقترف عمر بن عبد العزيز رضي الله عنهم أجمعين وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله صحبه وسلم.



الباب الستون: في الكِهَانَة والقِيَافَة والزَّجْرِ والعِرَافَة والفَألِ والفِرَاسَة والنَّوْم والرُّؤْيَةِ وما أشبه ذلك 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
 
الباب الستون: في الكِهَانَة والقِيَافَة والزَّجْرِ والعِرَافَة والفَألِ والفِرَاسَة والنَّوْم والرُّؤْيَةِ وما أشبه ذلك
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» الباب الخامس في الآداب والحِكَمْ وما أشبه ذلك
» الباب السادس عشر: في ذكر الوزراء وصفاتهم وأحوالهم وما أشبه ذلك
» الباب الثاني عشر في الوصايا الحسنة والمواعظ المُستحسنة وما أشبه ذلك
» الباب الرابع والخمسون: في ذِكْرِ الهدايا والتُّحَفِ وما أشبه ذلك
» الباب السابع والعشرون العجب والكبر والخيلاء وما أشبه

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers :: (العربي) :: اسـتراحــة الـمنتــدى الأدبيـــة :: المستطرف في كل فن-
انتقل الى: